سورة القميص

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

سورة القميص – حضرة بهاءالله – آثار قلم اعلى، جلد ٢، ١٥٩ بديع، الصفحات ٣٧٠ - ٣٩٢

هذه سورة القميص قد نزّلناها بالحقّ وجعلناها مظهر هيكلي بين العالمين

﴿ بِسْمِ‌ اللّهِ ‌الأَقْدَسِ‌ الأَقْدَس وَبِسْمِهِ‌ البَهِيِّ ‌الأَبْهَى ﴾

أن يا أهل البقاء في الملأ الأعلى اسمعوا نداء اللّه عن هذا النّسيم المتحرّك في هذا الهواء الخفيف تحت هذا السّماء الرّفيق اللّطيف وإنّه لمؤذن النّاس بالحجّ الأعظم في هذه الكلمة الأكبر الّتي كانت على هيكل السّطر في هذا الكتاب من قلم العزّ بالفضل مسطورا قل إنّه لكتاب الأعظم الّذي كان مختوما بختام اللّه و‌مكنونا خلف حجبات الغيب و‌مخزونا في خزائن العزّ و‌قد ظهر بالفضل على هيئة العدل في أيّام الّتي كانت على الحقّ موعودا أن يا قرّة الرّوح فانزل على الممكنات من سماء فضلك ما يغنيهم عمّا بين الأرض و‌السّموات لأنّهم كانوا فقراء في سرّ السّرّ وعلى فناء هذا القباب عند مطلع هذا الجمال قد كانوا بإذنك موقوفا

أن يا قرّة الرّوح إنّ المشركين قد كانوا على ريب في أمرك بعد الّذي أنطقناك على لحن الذّكر عند مطلع النّور في هذا الظّهور الّذي أشرق في هذا الطّور الّذي قد ارتفع على هذين الإسمين في هذين الشّمسين المشرقين في الجمالين وإنّك لا تحزن فاصبر ثمّ اصطبر فإنّ ربّك الرّحمن يحرسك عن جنود الشّيطان وإنّه قد كان على العالمين حكيما أن اخرق الحجبات عن وجهك ثمّ السّبحات عن جمالك ثمّ اطلع عن مطلع الفردوس على هيكل النّور في هيئته الرّوح و‌لا توجّه إلى أحد و‌لا ترتد بصرك إلى وجوه المشركين و‌توجّه إلى جهة العرش شطر ربّك و‌إنّه يكفيك عن العالمين جميعا و‌إنّه ينصرك بالحقّ و‌يوّيّدك في كلّ حين كما أيّدك بالفضل بحيث أنطق الرّوح في صدرك و‌جعلك على العالمين ضياء منيرا قل تاللّه إنّي لمنظر الأكبر في الملأ الأعلى والجمال الأطهر في الأفق الأبهى و‌الكلمة الأظهر عند شجرة القصوى و‌النّبأ العظيم عند سدرة المنتهى و‌الطّلعة الغيب في جبروت القضا و‌سرّ ‌اللّه و‌أمره في ملكوت البَداء و‌بإشارة من قلمي قد ظهر حكم الكاف بين الأرض و‌السّماء وأمر النّون في مدائن الأسماء و‌إنّ ربّك الكريم قد فضّلك بالحقّ وجعلك على العالمين ركنا شديدا قل إنّي أنا الرّكن الأعظم و‌الكلمة الأتمّ و‌من تمسّك بي فقد تمسّك بحبل اللّه المتين في هذا النّبأ المبين الّذي كان خلف سرادق العصمة عن وراء حجبات العظمة بالحقّ مستورا

أن يا قرّة البقاء في مطلع السّناء تاللّه أنت الحاكم في هذا السّماء فاحكم كيف تشاء بما ثبت من عندك أحكام القضاء بالإمضاء فإنّ الشّموس و‌الأقمار مسخّرات بأمرك أَلَا لك الأمر في جبروت البقاء و‌لك الخلق في ملكوت الأرض و‌السّماء فإنّ ربّك الّذي لا إله إلّا هو قد جعلك للعالمين بالحقّ الخالص ناصرا وظهيرا أن يا ‌أهل الأرض أحسبتم أن تدخلوا الجنّة في هذا العدن الّذي قد ظهر على هيكل الرّضوان في هذا الجنان من غير حبّ هذا الغلام الأبديّ الأحديّ الأزليّ السّرمديّ العجميّ العربيّ الإلهيّ فبئس ما ظننتم في أنفسكم فإنّ مثوى الظّالمين قد كان في نار الّتي كانت في أسفل الحجيم بالعدل موقودا قل إنّا نزّلنا في قلوب المشركين الرّعب على العدل وفي قلوب الموحّدين سكينة بالفضل من هذا الكتاب الّذي كان عن سماء الغيب على العالمين بالفضل منزولا

أن يا أهل الإمكان اسمعوا نغمات اللّه في قطب جنّة الفردوس من سدرة القدس الّتي كانت في أرض الزَّعْفَرَان بأيدي الرّحمن مغروسا قل تاللّه بنغمة منها تجلّى النّور على الطّور الرّفيع في سيناء القدس خلف لجّة الأنس لموسى الكليم في رفرف البقاء عند شجرة القصوى من هذه النّار المشتعلة الصّفراء إنّي أنا اللّه ربّك و‌ربّ آبائك الأوّلين وإنّه قد كان على العالمين محيطا و‌بنغمة منها تحرّكت الأرواح في أجساد الممكنات و‌تغرّدت ديك العرش بين الأرض و‌السّموات و‌نطقت روح القدس بلسان بدع مليحا وبها ظهرت حكم الكاف و‌النّون و‌تمّت نعمة اللّه على من في السّموات و‌الأرض و‌ظهر جمال اللّه بطراز الّذي انصعق عنه كلّ من في الملك جميعا يا أهل الأرض إن لن ترضوا بهذا الجمال الاأهر في هذا الرّضوان الأكبر موتوا بغيظكم إنّه قد ظهر بالحقّ و‌قد جعله اللّه نورا للموحّدين و‌نارا للمشركين و‌إنّه كان بكلّ شيء بصيرا قل لن يرفع اليوم نداء أحد إلى اللّه إلّا من دخل في جنّة الخلد فِناء هذه الكلمة الّتي تنطق بالحقّ على هذا الطّور الّذي كان على الأمر رفيعا قل إنّه لكتاب اللّه و‌إنّه لصحيفة المختومة المهمورة الّتي كانت تحت كنائز القدرة في حجبات العصمة بالحقّ محفوظا يا ملأ الأرضين و‌السّموات هل تقدرون أن تنفذوا من أقطار هذا الحصن الّذي قد كان من زبر الحديد عن وراء جبل العزّ مرفوعا و‌هل تستطيعون أن تخرجوا من أرض اللّه لا فوالّذي لا إله إلّا هو لن تقدروا على النّفوذ و‌لن تستطيعوا على الخروج إذا تمسّكوا بهذا الخيط الصّفراء في هذا الهواء الّذي أشرق في هذا السّماء الّذي تجلّى على هذا العماء الّذي استظهر بلون الحمراء في قطب هذا البقاء الّذي ما أدركه عيون أهل السّناء لتكوننّ من أهل الفردوس في رضوان القدس من قلم اللّه مكتوبا

أن يا ملأ البيان أتقولون كما قالوا من قبل بأنّ يد اللّه مغلولة أم تظنّون في أنفسكم بأن سدّت أبواب الفضل بعد الّذي لم يزل كانت مفتوحة على وجه السّموات و‌الأرض قل تاللّه إذا قد فتح باب القدس عن يمين الفردوس و‌طلع عنه جمال القدم بسلطان مبينا و‌هذا هو الّذي جعله اللّه بشيرا للموحّدين و‌نذيرا للمشركين وإنّه لسراج اللّه بين السّموات و‌الأرض يوقد بذاته لذاته من دهن نفسه و‌ليستضيء منه أهل ملأ الأعلى ثمّ أهل لجّة الحمراء ثمّ أهل قُلْزُم القدس خلف لجج الكبريا و‌كذلك كان الأمر من قلم القضاء على لوح الإمضاء بالحقّ مكتوبا

أن يا قرّة البقاء لا تمنع بدايع فيضك عن الممكنات و‌لا تحتجب من حجبات الإشارات فاخرج عن غرف الياقوت ثمّ انفق خمر الحيوان في هذا الرّضوان من كاؤس الرّحمن عن يد هذا الغلمان الّذي كانا عن أفق القدس بطراز اللّه مشهودا إيّاك أن لا تغمض عيناك عن الفضل و‌لا تمنع كوثر الجود عن العباد و‌لا تنظر إليهم و‌لا بما عندهم فانظر بالمنظر الأكبر مقام عزّ محمودا فارحم عليهم ثمّ ارتفع في هذا السّماء سحاب العزّ و‌البقاء ثمّ أمطر على الممكنات أمطار فضل محبوبا‌‌ لأنّك أنت الكريم في ملكوت الأسماء و‌ذو الفضل القديم في جبروت البقاء و‌ذو الجود العظيم في لاهوت العماء و‌إنّك أنت قد كنت في الملأ الأعلى فوق العرش بالفضل مشهورا قل قد ظهر جمال الرّحمن و‌طلعة السّبحان في هيكل الإنسان فتبارك اللّه الّذي أرسله بالحقّ و‌علّم هذا القلم في سرّ السطر حكم البيان و‌انّه قد كان بكلّ شيء قديرا

أن يا قرّة الرّوح حدث النّاس بنعمة الّتي أعطيناك قبل الموجودات في ذرّ البقاء و‌قبل أن زيّنت هياكل الأشياء بقميص الأسماء حين الّذى‌كان آدم البقاء في طين القضاء بالأمر مكنونا و‌إن يرد عليك إعراض المشركين لا تحزن فسوف تقدّس ذيل ردائك عن الإشارات من مظاهر الأسماء و‌الصّفات كما طهّرناك عن عرفان كلّ مشرك شقيّا فاستقم على الأمر ثمّ انطق بين الأرض و‌السّماء بما أنطقنا الرّوح في صدرك فتوكّل على اللّه ربّك في عشيّ القدس وإشراق القرب فإنّه يكفيك بالحقّ عن كلّ ظالم أثيما فَاقْبِلْ إلى اللّه ربّك ثمّ أعرض عمّا سواه إنّا نحرسك بسلطان القدرة و‌القوّة و‌نحفظك بعصمة الّتي ما أدركها الخلائق جميعا فسوف يظهر أمرك و‌نرفع اسمك في الملأ الأسماء و‌نذكرك في ‌سرادق القدس بلسان صدق أمينا كذلك نلقى عليك من آيات الأمر و‌نصرّف لك الآيات لتكون الحجّة من عند ربّك بالغة على العالمين جميعا

أن يا ذكر اللّه الأكبر كيف اذكر بدايع ذكرك بما ألهمتني بعد الّذي أحاطتني المشركون من كلّ الأشطار و‌إنّك كنت بذلك شهيدا تاللّه قد ضلّت رأس الخيط في أمري و‌صرت متحيّرا لما بدت البغضاء في صدور الّذين ما آمنوا بك في طرفة عين و‌إنّك قد كنت بهم عليما و‌إذا انظر إلى بدايع مواهبك و‌عطاياك في حقّي و‌التّقرّب إلى نفسك يهتز روحي شوقا للقائك و‌إذا ارتدّ البصر إلى ابتلائي بين بريّتك يضطرب كينونتي خوفا لقضائك و‌أنت العالم بالحقّ في كلّ شيء و‌كنت بكلّ شيء خبيرا

أن يا قرّة البقاء لا تحزن من شيء و‌لا تخف من أحد ثمّ أنفق على أهل رفرف اللّاهوت من كأوس البقاء على ملأ قدس الجبروت من خمر الحمراء و‌على أهل سرادق الملك و‌الملكوت من كأوب البيضاء من هذا اللّبن الخالص الأصفى ثمّ على أهل النّاسوت من أباريق القضاء و‌على أهل البهاء ما ينقطعهم عن كلّ شيء و‌يجذبهم إلى مكمن قدس قديما إيّاك أن لا تنظر إلى المشركين و‌بما اكتسبت أيديهم ثمّ انظر بالنّظر الأعلى إلى جمالك القدميّ الأبديّ الّذي أشرق بالحقّ عن أفق إسم عليّا وإنّه يكفيك عن كلّ شيء و‌يحرسك عن رمي الشّياطين و‌يرفعك بالعدل إلى مقام عزّ بديعا لأنّك أنت الحسين في جبروت الأسماء و‌بالعليّ قد كنت في حول العرش مذكورا وإذا اشتدّ عليك الأمر لا تحزن في نفسك ثمّ اصطبر في سبيلي فإنّ أجر الصّابرين قد كان في أمّ الكتاب من قلم القدس مكتوبا قل قد جاء القضاء من هذا الإمضاء و‌يحكم ما يشاء على من في السّموات و‌الأرض من لدن عزيز حكيما يا أهل الأرض أتدعون أسماء الّتي سمّيتموها أنتم و‌آبائكم و‌ما جعل اللّه لها من سلطان و‌تذرون الّذي جائكم بسلطان عظيما اتّقوا اللّه و‌لا تتّبعوا ما يأمركم به أنفسكم فاتّبعوا أمر اللّه وسننه بما نزّل في البيان أن الحكم إلّا من عنده وإنّه كان على كلّ شيء عليما و‌لا تبخلوا بما آتاكم اللّه من فضله ثمّ انفقوا ما رزقتم به إن كنتم فقراء يغنيكم اللّه من فضله انّه كان على كلّ شيء قديرا فسوف يجزي اللّه الّذين آمنوا ثمّ أنفقوا أحسن الجزاء من عنده و‌يدخلهم في رضوان قدس قديما إنّا لمّا أردنا أن نختم القول سمعنا النّداء بين الأرض و‌السّماء بأن يا جمال الكبرياء في قمص الأبهى لا تمنع الآذان عن نغمات قدسك و‌لا الأبصار عن كحل عرفان جمالك و‌لا الشّموس عن بوارق أنوار افضالك و‌لا القلوب عن نفحات حبّك و‌لا الممكنات عن رشحات فيض رحمتك الّتي كانت على العالمين محيطا و‌إنّ حوريّات الفردوس و‌أهل حظائر الأنس ثمّ الّذينهم كانوا خلف العرش في مواقع القدس نزلوا عن غرف البقاء و‌وقفوا في الهواء فوق الرأس في هذا الفضاء الأقدس الأطهر و‌يريدن أن يسمعنّ تغرّداتك الأحلى في هذا المقام الأسنى تاللّه إنّ الصّمت محبوب إلّا عن نغماتك البديع و‌كان العصمة مطلوب إلّا في أمرك المنيع و‌الاصطبار ممدوح إلّا عن جمالك الدّرّيّ العزيز اللّميع و‌إنّك قد كنت بعلمك الحقّ على ما أقول عليما تاللّه الحقّ بربواتك المخزونة قد تشبّكت الأكباد من أولي الوداد و‌رجعت الآيات إلى جبروت السّداد و‌عرت هياكل الأسماء عن خلع الصّفات و‌حشرت الأشياء بأثواب الحزن بين الأرضين و‌السّموات و‌إنّك أنت القادر بالحكم تفعل ما تشاء بسلطانك و‌إنّك قد كنت على كلّ شيء قديرا

و‌إنّا لمّا سمعنا منادي الرّحمن عن جهة الرّضوان انتهينا لحن الأُولى ثمّ ابتدئنا بلحن أخرى لعلّ أهل السّكراء من أولي البغضاء ينصفون في هذا الأمر البديع الأبدع الأعلى أقلّ من ذرّة الّتي يتحرّك في هذا الهواء ويشهدنّ قدرة ربّهم في السّر والإجهار

فسبحان الّذي نزّل الآيات بالحقّ كما نزّل علىى عَلِيٍّ بالحقّ و‌من قبله على محمّد رسول اللّه و‌من قبله على الرّوح و‌من قبله على الكليم على أنّه لا إله إلّا هو له الأمر في جبروت البقاء يحيي و‌يميت ثمّ يميت و‌يحيي بأنّه هو باقي لا يفنى و‌سلطان لا يعلى و‌مليك لا يبلى و‌ظاهر لا يخفى وباطن لا يبدا بيده ملكوت كلّ شيء و‌إنّه لهو العزيز المختار يا قوم اتّقوا اللّه و‌لا تكفروا بآيات اللّه و‌لا بالّذي يفتخر بلقائه سكّان السّموات و‌الأرض و‌من دونهما أهل ملأ القرب الّذين يرزقون في كلّ حين بما يستشرق عليهم أنوار الجمال من وجه اللّه المقتدر النّوار قل يا قوم هذا نفس اللّه بينكم وسلطانه فيكم إيّاكم أن لا تجاحدوا بآيات اللّه بعد الّذي تنزل بالحقّ كما تنزل الأمطار وإنّ الأمطار يمطر و‌يسكن و‌لكنّ الآيات تنزل في كلّ حين بحيث لا ‌يأخذها النّفاد و‌الّذين أوتوا بصائر القدس يشهدون بأنّها نزلت من جبروت اللّه المهيمن الجبّار‌ يا قوم أن تكفروا بآيات اللّه فبأيّ حديث آمنتم باللّه في يوم الّذي فيه زلّت أقدام كلّ عارف و‌اقشعرّت جلود كلّ موقن و‌خطفت فيه الأبصار اتّقوا اللّه يا ملأ البيان و‌لا تجادلوا بالّذي آمنتم به من قبل فانصفوا في أنفسكم و‌لا تختلفوا في الّذي به رفعت أسمائكم و‌لا تعقّبوا كلّ مشرك مكار قل أتتّخذون لأنفسكم أَرْبَابًا من دون اللّه و‌تفعلون كما فعلوا أُمم الفرقان فويل لكم و‌بما اكتسبت أيديكم فسوف ترجعون إلى مثويٰكم فما مثوى الظّالمين إلّا النّار قل إنّ الّذين يصفون كلمة اللّه و‌ينصعقون شوقا لها أولئك يسقون رحيق القدس من يد هذا الغلام الأحديّ الأبديّ الأزليّ السّرمديّ الإلهيّ الّذي جائكم على سحاب الأمر بسلطنة و‌إقتدار يا ملأ البيان أتقرئون الآيات و‌تكفرون منزلها تاللّه الحقّ ما فعل أحد بمثل ما فعلتم و‌ما ارتكبت ملل مثل ما ‌ارتكبتم فويل لكم يا ملأ الأشرار وإنّكم خبتم في أنفسكم بحيث نسيتم عهد اللّه و‌نكثتم ميثاقه و‌أعرضتم عن الّذي بأمره خلقتم و‌خلقت السّموات و‌الأرض إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق و‌الأمر ينزل لمن يشاء ما يشاء و‌كلّ عنده بمقدار قل إنّا وصّيناكم في البيان بأن لا تكفروا بآيات اللّه إذا نزلت بالحقّ وإنّا ما نزّلنا البيان إلّا لهذا النّبأ الّذي كان مسطورا برحيق القدس على ألواح الّتي ما ارتدّت فيه الأبصار فلمّا جئناكم عن مشرق الرّوح تارة أخرى توليتم عن الصّراط و‌كفرتم بنعمة اللّه و‌اتّبعتم كلّ منكر مرتاب تاللّه الحقّ لن يعرفنا اليوم إلّا الّذين صفت مرآت قلوبهم وطهّرت أنظارهم عن النّظر إلى غير اللّه أولئك أصحاب الأعراف يعرفون بارئهم في كلّ شأن و‌يتمسّكون بعروة الوثقى في هذا الحبل المحكم الأصفى كذلك نصّرف الآيات و‌نلقى عليكم ما يغنيكم عن كلّ مشرك غدّار قل يا قوم إنّي لن أخاف من نفسي بل على الّذي يأتي من بعدي في يوم الّذي توقد فيه النّار وتستضيء فيه الأنوار تاللّه الحقّ يا ملأ البيان تفعلون به ما لا فعل أمّة الفرقان بعليّ و‌لا النّصارى بمحمّد و‌لا اليهود بعيسى و‌لا الّذينهم كانوا من قبل قبل رسل اللّه و‌يشهد بذلك ما فعلتم بهذا العبد بعد الّذي جائكم بسلطان الأمر و‌معه حجّة يعجز عنها كلّ ذي علم وإقتدار

أن يا ملأ البيان أنسيتم حين الّذي جائكم العليّ بسلطان من الأمر وأنكروه علماء الفرقان إلى أن أفتوا عليه وقتلوه بشأن بكت عليه السّموات و‌الأرض وناحت المقرّبون ثمّ أهل حجبات القرب و‌القدس و‌من ورائهم الأحجار و‌الأشجار و‌آمن به قليل منكم إذا رجع مرّة أخرى ليمتاز الصّادق عن الكاذب إِذًا كذّبتم و‌أنكرتم إلى أن كفرتم بما آمنتم به من قبل و‌كفى اللّه شهيدا بيننا و‌بينكم و‌من عنده علم الأسرار قل أنتم في ملأ الاعلى لمعروف بالكذب وفي جبروت البقاء بالشّك و‌في ملكوت الأسماء بالكفر لأنّكم كفرتم بآيات اللّه بعد الّذي استدللتم بها لدونكم كذلك يظهر اللّه خائنة النفوس وما تخفي الأصدار و‌من المشركين من قال هذه الآيات ما نزلت على الفطرة تاللّه الحقّ إنّ الفطرة حينئذ قد ظهرت على هيكل خادم وقامت لدى الباب بخضوع و‌أناب يضجّ و‌يقول فويل لكم يا معشر المغلّين تاللّه إنّي قد خلقت بأمر من لدنه كذلك تشهد لنفسها و‌لكن لا يفقهون هؤلاء الأشرار تاللّه إنّها لتفتخر بنسبتها إلى نفسنا الحقّ وإنّا لم يزل كنّا غنيّا عنها خلقناها و‌كلّ شيء بأمر من لدنّا و‌لا ينكر ذلك إلّا كلّ منكر كفّار كذلك صفت لهم ألسنتهم الكذبة بحيث يقولون ما لا يشعرون و‌يفترون على اللّه قل فمن أظلم ممّن افترى على اللّه و‌كذب بآياته بعد الّذي نزلت في اللّيالي و‌الأسحار قل موتوا بغيظكم لا مفرّ لكم اليوم إلّا بأن تنكروا بما عندكم أو تقرّوا بما نزل من جبروت الأمر من لدن عزيز مختار قل أتقولون كما قالوا علماء الفرقان أما تستحيون عن اللّه الّذي خلقكم و‌رزقكم و‌عرّفكم مظهر نفسه بآيات الّتي عجزت عنها العقول و‌الأفكار

أنتم يا جند اللّه طهّروا قلوبكم عن ذكر هؤلاء ثمّ قوموا على نصر اللّه و‌أمره ثمّ خذوا كتاب اللّه بقوّة من عندنا و‌لا تلتفتوا إلى المشركين و‌ما يقولون لأنّ اليوم ما بقى لهم من حجّة و‌لن ينفعهم شيء إلّا ضرب الأعناق من سيوف اللّه العزيز المقتدر السّخار تاللّه أنتم يا ملأ الاحباب لو تشربون من هذا الكأس الّتي تنقطع بها النّفوس عن كلّ ما سواه ويرفعهم إلى مقام لن يخافنّهم شيء عمّا في السّموات و‌الأرض و‌لن يضطربنّهم قلّتهم و‌لا كثرة الفجّار فو اللّه الّذي لا إله إلّا هو لو يقوم أحد منكم على نصرة أمرنا ليغلبه اللّه على مأة ألف و‌لو ازداد في حبّه ليغلبه اللّه على من في السّموات و‌الأرض كذلك نفخنا حينئذ روح القدرة في كلّ الأشطار ليستقرنّ به سكان الفردوس في أيّ شطر كان وينصرنّ اللّه بارئهم في كلّ ليالي وأنهار ثمّ اعلموا بأنّ الّذين كانت قلوبهم متعلّقة بشيء عمّا في السّموات والأرض لن يقدرنّ أن يدخلنّ ملكوتي لأنّ اللّه قدّس هذا المقام عن دونه وجعله موطن الأبرار إذا فاسعوا إلى هذا المقام ولا تحرموا أنفسكم عن هذا الفضل ولا تكوننّ أصحاب النّار إنّ الّذينهم كفروا باللّه وسلطانه أولئك ترهقهم ذلّة و‌ما لهم من اللّه من عاصم فسوف يأخذهم سياط القهر من لدى اللّه القادر القهّار كذلك نزلّنا لكم الآيات و‌صرّفنا الأمر وسخرّنا بما أظهرنا من هذا القلم الأعلى ليكون تذكرة للأحبار ثمّ اعلموا يا قوم بانّ اللّه قد جعل كلّ الحروفات من هذه الكلمات لرضوان أوسع عمّا يحصيه أهل الامكان ثمّ الّذينهم سكنوا عن خلف حجبات النّور عند ظهورات هذا الظّهور عمّا يتجلّى عليهم من أنوار السّبحان وجلس فيها حوريّات المعاني والبيان من أسرار هذا الفتى الإلهيّ الّذي استقرّ على عرش الغفران و‌لو تكشف الجمال واحدة منهنّ على أهل السّموات و‌الأرض كلّ ينصعقنّ بل ينعدمنّ إلّا من تمسّك بحبل هذا الجمال الّذي تفرّد في الأكوان بنفسه المنّان و‌ينطق جمال الغيب في صدره في كلّ الأحيان بأنّك أنت اللّه لا إله إلّا أنت المهيمن السّحار

و‌لمّا أردنا أن نختم القول قد سمعنا نداء الرّحٰمن مرّة أخرى عن جهة العرش فوق الرّضوان بأن يا جمال القدم أُقسمك بجمالي ثمّ ضيائي ثمّ أمري بأن لا تصمت عن نغماتك الأحلى ثمّ صرّف الآيات على لحنك الأخرى لأنّ أهل الغيب من عوالم العما يريدنّ أن يسمعنّ نغماتك الجذبا وإنّك أنت القادر على ما تشاء وإنّك أنت المقتدر العزيز المنيع

أن يا قرّة الأمر ذَكِّر في ظلل الأنوار عبادنا الأخيار في كلّ الأشطار لعلّ نغمة الجبّار يثبتنّهم على الأمر بحيث لا يبدّلنّ خلع المختار عن هياكلهم ويقومنّ على النّصر باسمي الناصر المقتدر الغالب القدير قل إنّ ذكر ‌اللّه أحبّائه ليكون أحلى عن كلّ حلو و‌أعزّ عن كلّ ما خلق بين السّموات و‌الأرضين فو اللّه لو يعرفون النّاس قدر ما ينزل عليهم من آيات اللّه المهيمن العزيز المنيع ليفدون أنفسهم و‌ينفقون أموالهم رجاه حرف من آثار ربّهم و‌كذلك نلقي عليكم من حكمة اللّه لتكوننّ من العارفين

أن يا اسمي اسمع نداء ربّك حين الّذي استوى على العرش بسلطان الّذي أحاط الممكنات لتستقيم على الأمر و‌تكون من الفائزين ثمّ اعلم بأنّا ابتلينا تحت مخاليب البغضاء و‌لن أجد لنفسي ناصرا إلّا اللّه ربّي و‌‌ربّ العالمين و‌ورد علينا ما لا ورد على الأصفياء اللّه من قبل و‌ما سمع شبهه أذن الخلائق أجمعين كذلك انبأناك من نبأ الرّوح لعلّ تنصره بما استطعت عليه و‌تكون في أمره لمن الرّاسخين قل إنّه لن يحتاج بأحد و‌إنّ النّصر كلّه في قبضته ينصر من يشاء بأمر من عنده وإنّه لهو العزيز المقتدر الحكيم و‌إنّه لو يأمر النّاس بالنّصر هذا من فضله عليهم ليبلّغهم إلى ما أراد وإنّه لغنيّ عن العالمين و‌بيده ملكوت كلّ شيء وفي يمينه جبروت الأمر من هذا النّبأ الاعظم العظيم بحيث يفرّون إلى اليمين و‌الشّمال و‌يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلّا يسمعوا نغمات الّتي بها استجذبت أفئدة ملأ أعلى و‌تحيّرت عقول الموحّدين كذلك أحصينا الأمر في ألواح القضاء عن خلف حجبات العصمة و‌أخبرناك به هذا اللّوح المبين قل يا قوم تلك رحمة اللّه عليكم الّتي أحاطت الذّرّات و‌هل رأيتم أبدع منها لا فوربّك الرّحمن و‌لكنّ النّاس أكثرهم في حجبات عظيم قل تلك نسمة القدس الّتي تهبّ عن مشرق الأمر و‌هل أحصيتم أحسن منها لا فونفسي المنّان إن أنتم من الموقنين قل يا ملأ البيان إنّا آمنّا بما نزل من عند اللّه في كلّ الأعصار و‌بعليّ و‌بما نزل عليه من آيات اللّه العزيز العالم العليم و‌من قبله بمحمّد رسول اللّه و‌من قبله بأصفياء اللّه و‌رسله الّذينهم خرقوا سبحات الأكوان و‌طلعوا عن أفق الرّحمن بسلطان مبين و‌برهان لائح منير قل إنّا آمنّا بهم و‌بما عندهم من سنن اللّه و‌دينه ثمّ شرايع اللّه وأمره إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق و‌الأمر و‌كلّ عنده في ألواح عزّ حفيظ كذلك شهد العبد لنفسه و‌يشهد على ذلك كلّ الوجود من الغيب و‌الشّهود إن أنتم من الشّاهدين قل يا قوم تاللّه هذا لعليّ بالحقّ قد ظهر بسلطان الّذي ما أدرك شبهه عيون الّذينهم اعتكفوا في خيام المجد عن وراء حجبات النّور فكيف أعين هؤلاء المستضعفين و‌قد جرت عن يمينه بحور الحيوان و‌عن يساره جنود الرّحمن فتعالى من هذا الإنسان الّذي ظهر في قطب الإمكان بجمال السّبحان فتعالى من هذا الجمال الأبدع الأمنع الأقدم القديم

أن يا جمال القدم ذكّر في الكتاب رضى الرّوح ليكون راضيا عن نفسه و‌عمّا رشحت على فؤاده سحاب القدس من أمطار عزّ بديع لعلّ يحترق الحجبات بنار الّتي تجلّت في قطب الإمكان ويخرق سبحات الوهم بسلطاني المقتدر العزيز القدير قل يا عبد لا تخف من أحد في سبيل ربّك خذ كأس الحيوان على كفّك اليمنى ثمّ أنفق بها على الّذين تجدهم على جهة الرّضوان في هذا الجنان الّذي ظهر عن يمين الرّحمن وإن شهدت نفسك عاجزا عن حمل الكلمة من هذا الثّقل الأكبر فاستقدر باسمي القادر العليم الخبير وإن أحصيت بصرك ضعيفا عن نقع الأوهام فاستبصر باسمي البصير النّاظر العليم الحكيم قم على الأمر ثمّ خذ عصاء الّذي أعطيناك في سرّ تلك الكلمات ثمّ أفلق بها بحر الأوهام في تلك الأيّام الّتي أخذت الرّخوة كلّ من في السّموات و‌الأرض إلّا من شاء ربّك الرّحمن و‌إنّه ليحفظ من يشاء و‌إنّه لعلى كلّ شيء قدير قل تاللّه قد ظهر جمال الأولى مرّة أخرى و‌تجلّى من نور من أنوار وجهه اقلّ من سمّ الإبرة على من في السّوات و‌الأرض إِذًا انصعقت الطّوريّون على الطّور الرّفيع من هذا الجمال المشرق المنيع بعد الّذي أخبرنا هم بهذا الأمر في ألواح عزّ حفيظ وإنّك أنت فاقرء ما نزل من جمالنا الأولى في قيّوم الأسماء لتعرف سرّ الأمر في هذا السّرّ الّذي تقنّع بالأسرار و‌كان خلف الأستار بما اكتسبت أيادي الظّلم من هؤلاء الأشرار و‌لا يعلم ذلك إلّا اللّه العزيز المنيع و‌إنّك إن اطّلعت في الكتاب من أسرار ربّك و‌عرفت حكم الكرّة بعد كرّة الأولى إيّاك أن لا تظهر لأحد و‌لا تحرّك به لسانك لأنّ أهل لجّة البقاء لن يقدرنّ أن يسمعنّ بل ينعدمنّ في الحين إيّاك إيّاك فاستر جمال الأمر عن الّذين هم كفروا وأشركوا و‌إنّك فاشهد جمال القدم في مرآت قلبك ثمّ استأنس به و‌كن من الشّاكرين فاستر جمال اللّه عن عيون المشركين ثمّ أسراره عن قلوب المغلّين تاللّه الحقّ تلك أيّام فيه امتحن اللّه كلّ النّبيّين و‌المرسلين ثمّ الّذينهم كانوا خلف سرادق العصمة و‌فسطاط العظمة و‌خباء العزة و‌كيف هؤلاء المشركين الّذين اتّخذوا إلههم أنفسهم و‌إذا يظهر عليهم سلطنة اللّه و‌إقتداره ثمّ عظمته وإجلاله يجعلون كفّ الإعراض على أبصارهم ثمّ يسرعون في المكر ليشتبهنّ على العباد كذلك نلقي عليك ما يحفظك عن رمي هؤلاء الشّياطين و‌إنّك إن تريد أن تشرب من هذه الشّرعة الّتي جرت عن يمين الفضل و‌بما وعدت به في قطب الرّضوان من الكافور و‌السّلسبيل فانقطع عن كلّ من في السّموات والأرض و‌عن كلّ ما جرى عليه حكم الأسماء في ملكوت البداء ليفتح على قلبك أبواب المعاني و‌البيان و‌تطّلع بأسرار الرّحمن في هذا الرّضوان و‌تكون من الموقنين أن يا رضى الرّوح تفكّر فيما نزل عليك من لدن عزيز عليم لعلّ تعرف ما أراد اللّه عرفانه لنفسك و‌تصل مقام الّذي قدّر لك في ألواح عزّ كريم وإنّا أرسلنا إليك هذا القميص الّذي كان مرشوشا بدم صادق لعلّ تطّلع بما هو المستور عن أنظر العالمين إلّا من شاء ربّك الّذين لا يمنعهم الحجبات و‌لا الإشارات و‌لا منع كلّ مانع و‌لو يظهر على صور الصّافين والكرّوبيّين لأنّهم ينظرون بالمنظر الأكبر في هذا الجمال الأطهر و‌يعرفون الحجّة بنفسها لا بغيرها لأنّ دليله آياته و‌وجوده إثباته كذلك كان الأمر من قبل و‌من بعد إن أنتم من العارفين

أن يا قرّة البقا قل تاللّه إنّا ما نزّلنا في الألواح كلمة على لحن البديع عمّا ألقينا على القلم من أسرار القدم لأنّا وجدنا ملأ البيان في سكر و‌غفله و‌وهم لن يقاس بملل الأخرى لذا ستر عنهم هيكل الكبرياء جماله الأنور الأعلى بألف الف حجاب من النّور لئلّا يرتد إليه الأبصار من هؤلاء الخائنين إذا فَابْكِ بما ورد عليّ من الّذينهم كفروا وأشركوا و‌كانوا في أنفسهم لمن المحتجبين فواللّه ما مسّنا من الأحباب لأشدّ و‌أعظم عمّا مسّتنا من الكافرين تكاد أن تنفطر السّماء و‌تنشقّ الأرض و‌تنسف الجبال و‌تنعدم قوائم العرش و‌تنهدم أركان الفردوس و‌تحرق أفئدة المقرّبين إذا يبكي قلم الأمر و‌تضجّ ورقاء البقاء و‌تصح حمامة العما بما أراد اللّه أن يثبت لعباده ايمانه بعد الّذي كلّ خلقوا بأمره و‌يشهد بذلك كلّ ما خلق بين السّموات و‌الأرضين قل يا قوم إنّا آمنّا برسل اللّه و‌صفوته وبما نزل عليهم من آيات اللّه العزيز المنزل الكريم فبأيّ ذنب أنكرتم هذا الفيض الّذي ما حمل مثله سحاب الأمر و‌لا ‌أدركه غمام الجود و‌ما أشهده عيون المقرّبين

أن يا قرّة البقاء صرّف القلم عن ذكر هؤلاء ولا تدخل الخائنين تحت سرادق ذكرك الأحلى تاللّه كلّما يجري من مدادك هو محبوب عند أهل ملأ الأعلى لذا عزيز عليّ بأن يحرّك أناملك العزيز على غير ذكرك البديع العظيم إذا فاختم ذكر المشركين ثمّ ابتدء بذكر الموحّدين من أحبّائك لعلّ يثبتنّهم بدائع لحناتك‌المنيع على صراطك العزيز الرّفيع لأنّ المشركين من أولي النّفاق أرادوا أن يدخلنّ البغضاء في قلوب الأحبّاء الّذين مرّ عليهم مرسلات البقاء عن شطر البهاء و‌كذلك أحصينا الأمر في كتاب المبين

أن يا رضى الرّوح ذكر أصفياء اللّه الّذينهم كانوا في أرضك هناك ليسرنّ في أنفسهم بما حرّك على أسمائهم قلم اللّه العزيز القادر العليم و‌منهم من سمّي بمحمّد ذكّره بذكر من لدنّا ليفتخر بذلك بين العالمين قل يا عبد فامح عن قلبك كلّ ذكر دون ذكري العزيز المنيع فاجعل حصنك حبّي ثمّ ردائك أمري ثمّ درعك ذكري ثمّ أنيسك جمالي ثمّ اقترافك التّوكّل على نفسي المنّان المقتدر المتعالي العليم

ثمّ ذكّر الّذي سمّي باسمي ليكون اسمه باقيا في جبروت العماء و‌ملكوت البقاء و‌يكون من المتذكّرين قل يا عبد فاشكر اللّه بما جعلك سمى نفسه و‌أرسل عليك نفحات الرّضوان حين الّذي كنت حاضرا بين يدي العرش على مقعد الصّدق عند مليك مقتدر قدير إذا فاجهد بأن يظهر منك في أيّامك ما يليق لهذا الإسم الظّاهر المرتفع المنيع ذكّر نفسك ثمّ ذكّر العباد بهذا الاسم المبارك المنير

ثمّ ذكّر الحاء والسّين بسلطان الذّكر ليخرّ بوجهه على التّراب لوجه اللّه ربك و‌ربّ من في الملك أجمعين قل يا حسن أَحْسِن كما أَحْسَنَ اللّه إليك ثمّ طهّر نفسك لتجلّي نفسه وقلبك عن خطوات المشركين دع الدّنيا و‌من فيها و‌عليها في ظلّك ثمّ استظلّ في ظلّى الّذي أحاط الممكنات و‌سكن في جواره ملأ المقدسين

ثمّ ذكّر الزّمان بآيات الرّحمن الّتي ينزل عن جهة عرش عظيم قل يا زمان أوّلا فانقطع عن الزّمان و‌ما فيه لتقدر أن تعرج إلى معارج السّبحان بين يدي ربّك المنّان العزيز المقتدر القديم تاللّه لن ينفعك اليوم شيء إلّا حبّي فتمسّك به و‌كن من الموقنين وإن يأخذك الذّلّة لاسمي لا تحزن فتوكّل على اللّه وإنّه يعصمك عن ضرّ الشّياطين أن استقم على حبّ موليٰك بحيث لا يزلّك شيء عمّا خلق و‌يخلق وإنّ هذا سجيّة المستقيمين ثمّ ذكّر ابنك من لدنّا ثمّ زيّن هامته بتاج القرب من هذا القلم الدّرّيّ المتين

ثمّ بشّر الرّضا ببشارات الرّوح الّذي استجار في ظلّ ربّه في شهور و‌سنين قل يا عبد لا تحزن عن الفراق و‌إنّا بعثناك بين يدينا و‌كتبنا اسمك في ألواح القرب مع المقرّبين إيّاك أن لا تنس نغمات ربّك ولا نفحاته ولا ‌أنوار جماله حين الّذي يستشرق بينكم و‌ليستضيء منه أهل ملأ العالين ثمّ ذكّر أبيه و‌ابنه ثمّ أخيه و‌من معه الّذينهم حضروا بين يدي ربهم و‌تجلّى عليهم الوجه بأنوار قدس لميع قل إنّا فجّرنا لكم من جبل القدس في سرّ هذا الرّضوان ينابيع من الكوثر و‌السّلسبيل

إذا أنتم يا ملأ البيان لا تحرموا أنفسكم ثمّ تقرّبوا إليه و‌لا تكوننّ من الصّابرين تاللّه الحقّ قد فزتم بما لا فاز أحد من قبلكم إن تعرفوا نعمة اللّه الّتي نزلت عليكم من غمام القدس و‌تكوننّ من الرّاسخين كذلك منّنا عليكم و‌أنزلنا عليكم الفضل من كلّ الجهات و‌عن هذا الشّطر ‌المقدّس المتعالي المنيع

أن يا قلم القدس ذكّر التّراب ليتذكّر في نفسه و‌يقبل إلى وجه ربّه ويكون من المنقطعين قل يا عبد قم عن التّراب و‌عمّا يخرج منه لتستطيع أن تعرف ربّك العليّ الأولى و‌تكون من الفائزين تاللّه الحقّ اليوم لم يكن لأحد مفرّ و‌لا مستقرّ إلّا في ظلّ وجهي العزيز المنير و‌على باب هذا الرّضوان ملئكة الأمر لموقوفون على اسمي الحافظ السّميع العليم وإن يجدن من أحد روائح الدّنيا و‌عمّا ظهر بين السّموات و‌الأرض يمنعنه عن الدّخول في هذا الرّضوان و‌عن الوقوف بين يدي ربّك المنّان القديم كذلك يعلّمك الورقاء و‌الّذينهم آمنوا باللّه العزيز المتوحّد الفريد

ثمّ ذكّر الحسين بما يذكره روح الأمين بآيات قدس مبين ليطيرنّ في هواء القرب و‌يعرفنّ الله ربّه و‌ربّ العالمين في تلك الأيّام الّتي ما خلّص وجهه أحد لوجه ربّه و‌كلّ يعبدون الأوهام كما عبدوا عباد قبلهم و‌كذلك كان و‌يكون و‌كان نفسي الرّحمن على ما أقول شهيد ثمّ اذكر في الكتاب ذكر عبادنا الأخرى في الملأ المقدّسين قل إنّ الحسن ثمّ عليّ قبل نبيل ثمّ الحسن كلّ من الصّالحين ثمّ محمّد قبل عليّ ثمّ العبد قبل عليّ ثمّ عليّ قبل رضا ثمّ عبادنا الأخيار كلّ من المخلصين و‌لكلّ قدّر في ألواح القدس ما لا يحصيه أحد من العالمين اللّه الّذي خلقهم وأيّدهم على أمره و‌عرّفهم مظهر نفسه و‌جعلهم من المؤمنين و‌يصلنّ إلى هذا المقام أن لن يغيّروا نعمة اللّه على أنفسهم وإن يغيّروا يغيّر اللّه عليهم إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق و‌الأمر و‌كلّ عنده في إمام عليم

قل أن يا أحبّاء الرّحمن أن اخرجوا عن خلف حجبات الإمكان و‌سبحات الأكوان بقوّة ربّكم المنّان ثمّ استقيموا على الأمر بين السّموات و‌الأرض بحيث لو يجتمعن عليكم كلّ ما كان و‌ما يكون بكلّ ما عندهم ليبدلنّكم على ما كنتم عليه لن يكوننّ قدراء بل يشهدنّ أنفسهم عجزاء عن ذلك كذلك يحقّق اللّه الحقّ بكلماته و‌يثبت الأمر بآياته إن أنتم من العارفين إذا خلّصوا مرايا قلوبكم لتجلّي الأنوار من هذا الجمال الّذي أشرق في قطب الاستجلال و‌ليستضيء في مركز الزّوال بضياء الّذي استضاء منه كلّ من في السّموات و‌الأرضين إلّا الّذينهم كفروا بآيات اللّه ثمّ أنكروا برهانه و‌جاحدوا آثاره و‌أعرضوا عن جماله و‌كانوا من المغلّين قل تاللّه قد انصعقت الطّوريّون على سيناء الأمر و‌فرّت العمائيّون عن هذا القسورة الإلهيّ و‌سيموتنّ الرّوحيّون في هذا الفزع الّذي فيه يجزع كلّ شيء إلّا من أخذه يد الفضل من لدن عزيز قدير قل يا قوم فاقرئوا كلمات اللّه على أحسن النغمات ليستجذب منها أهل الأرضين و‌السّموات تاللّه الحقّ لو أحد يتلو ما نزل من جبروت البقاء من جمال اللّه العليّ الأبهى فقد يبعث اللّه في جنّة الخُلْد على الجمال الّذي ليستضيء من أنوار وجهه أهل ملأ الأعلى ويزورنّه أهل سرادق القدس وأهل خباء الخفا الّذين ما وقعت على وجوههم أعين الّذينهم كفروا بآيات الرّحمن في هذا الزّمان الّذي استعلى على الممكنات بجبروته الّذي أحاط كلّ الذرّات إن أنتم من الشّاهدين كذلك قدّر اللّه لكلّ نفس يقرء آياته و‌من دون ذلك يبعثها عند مطلع كلّ ظهور ليتمّ نعمته عليه و‌على العالمين كذلك يجزي اللّه عباده الّذين يذكرونه أحسن الجزاء من عنده وإنّه وليّ المحسنين ثمّ اعلم بأنّ الّذينهم حضروا بين يدي العرش أولئك فازوا بما لا فاز به أحد دونهم كذلك يمنّ اللّه على من يشاء من خلقه إنّه ما من إله إلّا هو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد له الجود والفضل يختصّ من يشاء بفضله لا إله إلّا هو المعطى العزيز الجميل والّذين أذكرنا أسمائهم في اللّوح منهم من طار إلى مواقع القدس و‌منهم من وقف لدى عقبة الدّنيا لكلّ نصيب عند ربّهم و‌كلّ عنده في ألواح عزّ عظيم و‌الّذين ما أذكرنا أسمائهم أنت ذكّرهم بأذكار الرّوح من لدن ربّك العزيز الغالب القدير

و‌إنّك إن فزت بهذا اللّوح الّذي فيه فصّلت أسرار ما كان و‌ما يكون قم عن مقامك ثمّ ضعه على رأسك وقل:

سبحانك اللّهمّ يا إلهي أشهد بلساني و‌قلبي بأنّ نعمتك البديعة أحاطت كلّ الذرّات عمّا خلق بين الأرضين و‌السّموات بحيث ما بقى من شيء إلّا و‌قد تمّت عليه حجّتك و‌لاح له برهانك و‌بلغت به كلمتك و‌ظهر له سلطانك و‌نزّلت إليه آياتك و‌بدت له آثار فيضك إذا يا إلهي انقطعت عن كلّ ما سواك وقمت لدى خيام مجدك وخباء فضلك بحيث طهّرت قلبي ولساني عن حبّ غيرك وذكر دونك إذا يا إلهي فادخلني في ظلّ شجرة فردانيّتك و‌سدرة عزّ سلطان وحدانيّتك ثمّ ارزقني حلاوة آياتك و‌ما ستر فيها من لئالي علمك عمّا أردته لعبادك و‌لا تحرمني يا إلهي عن نفحات قدسك الّتي تهبّ على هيئة المبشّرات عن شطر لقائك وعلى صور الآيات عن منبع إفضالك وإنّك أنت المقتدر على ما تشاء و‌إنّك أنت المعطى العزيز الرّحيم ثمّ استقمني يا إلهي على أمرك الّذي لا يقوم عليه أحد إلّا الّذينهم انقطعوا عن كلّ ما في السّموات و‌الأرض ثمّ اجعل لي يا إلهي قدم صدق على حبّك و‌مقعد عزّ عند ظهور أنوار وجهك ثمّ ألحقني بعبادك المخلصين

كذلك علّمناك و‌عرّفناك بعد ما ألهمناك وأشهدناك بعد ما أنبأناك لتشكر اللّه ربّك في قلبك و‌تكون على فرح و‌جذب بديع فو‌جمالي لو يأخذك جذوة من نار الشّوق الّتي أوقدناها في سدرات القدس على سيناء تلك الكلمات ليجذبك إلى مقام الّذي تشهد في ظلّك ملكوت الأسماء و‌الصّفات و‌تجد نفسك في علوّ الّذي لن يبلغ إليه سكّان الأرضين و‌السّموات كذلك ألهمك قلم القدم في هذا الطّراز الأقدم لتكون من الثّابتين

أن يا حرف الجيم اذهب بقميصي هذا ثمّ ألق على وجه الممكنات لعلّ مطالع الصّفات يخرجنّ عن خلف الحجبات و‌يطلعنّ عن وراء السّبحات و‌يعرفنّ الّذي جائهم عن شطر البقا بسلطان مبين و‌إنّك أنت يا ذلك الحرف أوّلا طهّر نفسك ثمّ طهّر النّاس عن دنس الأكبر من هذا الكوثر الأطهر الّذي أجريناه من عيون المعاني لتكون مبشّرا من لدنّا على الخلائق أجمعين و‌كن خالصا للّه ربّك بحيث لن يجد منك أحد روائح دونه كذلك يأمرك لسان صدق عليم و‌إنّك لو تسمع نصح ربّك ليجرى اللّه من فمك ماء الحيوان و‌يحيي به كلّ عظم رميم كذلك منّنا عليك مرّة أخرى لتكون من المنقطعين و‌الحمد لمن يعرف مولاه في هذا القميص الدّرّيّ المبين

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV