سورة السلطان

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

سورة السلطان – حضرة بهاءالله – آثار قلم اعلى، ١٥٩ بديع، جلد ٢، الصفحات ٤٧٩ – ٤٩٩

هذا ما نزل من جبروت البقاء لعباده ومنهم من طار إلى سماء الأمر ومنهم من وقف و‌كذلك نزّلنا الأمر رحمة من لدنّا لعبادنا المموقنين

هذه سورة السّلطان قد نزّلت من جبروت الرّحمن بآيات مهيمن مبرم قديم

﴿ هو الأقدس الأبهى ﴾

تلك آيات اللّه قد نزّلت بالحقّ من جبروت البقاء وجعلها اللّه حجّة من عنده وبرهانا من لدنه على من في السّموات والأرض من يومئذ إلى يوم الّذي فيه تنعدم رايات النّفاق ويستضيء نيّر الآفاق عن مشرق اسمه الرّحمن الرّحيم إذا يخطف أبصار الّذينهم كفروا وأشركوا ويضطرب النّفوس ويأخذ السّكر كلّ من في ملكوت الأمر والخلق بحيث يضع أنامل الحيرة بين أنيابهم كلّ ما كان وما يكون وفيه تبلي السّرائر من كلّ ذي روح إن أنتم من العالمين

قل يا قوم خافوا عن الله الّذي خلقكم ورزقكم وجعلكم كبراء في الأرض وأرسل عليكم من السّماء ما ينبت منه الأرض بفواكه قدس منيع إيّاكم يا ملأ الأرض لا تكفروا بنعمة اللّه ولا تختلفوا في أمر أن اتّبعوا ما نزّل عليكم من سماء الأمر آيات عزّ بديع ويا قوم قد جائكم الفرج من عند اللّه ربّكم ويأمركم بالبرّ والتّقوى ويمنعكم عن كلّ ما يأمركم إلى الهوى اتّقو اللّه وكونوا من المتّقين قل إنّ فرجكم في استواء هذا الجمال على عرش عزّ مبين إن أنتم من العارفين قل إنّه قد ظهر بشأن تحيّرت عن سلطانه كلّ العالمين وإنّكم أنتم ما عرفتم فرج الّذي وعدتم به في كلّ الألواح وكنتم من الغافلين قل تاللّه لو أنتم تتفكّرون في أمر الّذي ظهر بالحقّ لتشاهدوا فرج ربّكم الرّحمن فيما يظهر من هذا القلم الدّرّيّ العزيز المنيع إذا يا قوم فاستشعروا في أنفسكم لعلّ تعرفون بارئكم في تلك الأيّام الّتي ما عرفه أحد من الممكنات إلّا من شاء ربّكم المقتدر العزيز القدير بل قاموا المشركون عليه ويجادلون معه في آيات اللّه ويعترضون على ما نزّل عليه كما اعترضوا أمّة الفرقان على اللّه العزيز الممتنع الرّفيع حين الّذي شقّت سحاب الفضل وطلع جمال القدم عن خلفها على اسم عليّ بالحقّ بآيات عزّ مبين ويا قوم تاللّه إنّ الّذي خلقتها بكفّ إرادتي قد بغى عليّ بمثل ما بغى الفرعون بين يدي الله ربّكم وربّ الخلائق أجمعين وقال أنا ربّكم الأعلى بعد الّذي ما كان قادرا بأن يخلق الذّباب في الأرض ويشهد بذلك كلّ ذي بصر منير ومن خلق بقولي اعترض عليّ بشأن بكت السّموات والأرض ثمّ عيون الّذينهم طافوا حول حرم الكبرياء بمدامع الحمراء وعن ورائهم عيون المقدّسين قل إنّ ابن مريم صعد إلى جبل الأمر وغطَاه غمام القدس إذا شهد رشحات الدّمّ على قميصه تحيّر في نفسه وسئل منه كان من السّائلين فأخبره الغمام عمّا يرد على الغلام إذا صاح في ذاته وانقطع عن العالم وما فيه وصعد إلى مقرّ القدس بين يدي اللّه ربّه وربّ كلّ شيء وربّ العالمين وإنّى لو أنطق بكلمة عمّا ورد عليه لينشقّ ستر حجاب العظمة وتنعدم أركان البيت وتضطرب قوائم عرش عظيم ولكن سترنا وصبرنا إلى أن يأتي اللّه بسلطان نصره ويعرّف جماله بين السّموات والأرضين ثمّ اعلم بأنّ المشركين لمّا شهدوا آيات اللّه اعترضوا عليها وكفروا بما آمنوا به من قبل وبذلك حبطت أعمالهم وما استشعروا بذلك وكانوا من الغافلين وبذلك يلعنهم كلّ الذّرّات وكلّ ما كان وخلف حجبات القدرة وهم على مقاعدهم يلعبون‌ ويكوننّ من الفرحين كذلك يظهر اللّه خافية القلوب وخائنة الّذينهم يدّعون الإيمان بألسنتهم ويكفرون بالّذي بأمره قدّر مقادير الإيمان من لدن عزيز حكيم ومنهم من أعرض وطغى في نفسه وبغى على اللّه جهرا وكان من المشركين ومنهم من أراد بأن يمكر في أمر اللّه وبه يدخل غلّ الغلام في صدور الّذينهم آمنوا ليزلّهم عن الصّراط ويبعّدهم عن هذا الشّاطئ المقدّس المنير وبذلك اجتمعوا على ما وسوس الشّيطان في صدورهم ومكروا مكرا فسوف يظهر اللّه مكرهم لمن يتّبع أمر ربّه ويكون على بصيرة من اللّه المقتدر القدير ومنهم من اطمئنّ بأنّه لو يعترض على الغلام ليعترض عليه الّذين اتّبعوه في غلّه لأنّه يشهد في نفسه الرّياسة قل فويل لكم يا معشر المنكرين وللّه عباد لن يمنعهم الإشارات ولا الدّلالات ولا يصدّهم منع مانع ولا إعراض معرض ولو يجتمع عليهم الخلائق أجمعين أولئك الّذين ما صدّهم إشارات القبل في ذكر القيمة وما منعهم ما نزّل في الفرقان ولكنّه رسول اللّه وخاتم النّبيّين وخرقوا تلك الحجبات بسلطان القدرة من لدنّا ودخلوا حرم القدس مقرّ ربّهم العليّ الأعلى بصدق مبين واعترفوا في أنفسهم بأن لا ينقطع النّبوّة من حينئذ إلى آخر الّذي لا آخر له وكذلك نفخ الرّوح في صدورهم روح الإطمينان من لدن عزيز جميل أولئك يعرفون اللّه باللّه وبما يظهر من عنده ويمنعون آذان القدس عن نعاق المشركين ولو يكوننّ من عظماء القوم وأشرافهم لأنّ شرفهم في اتّباعهم أمر بارئهم والسّجود بين يدي اللّه العزيز العالم العليم قل يا قوم خافوا عن اللّه ولا تجادلوا بآيات اللّه ولا تدحضوا الحقّ بما عندكم فاستحيوا عن الّذي خلقكم بقوله اتّقوا اللّه يا قوم ولا تكوننّ من الظّالمين وإن لن تؤمنوا بالّذي جائكم عن مشرق الرّوح بآيات الّتي بها تثبت ما عندكم لا تفتروا عليه ولا تكوننّ من المفترين

أن يا ملأ البيان تاللّه هذا لعليّ بالحقّ ويتلي عليكم من آيات اللّه اتّقوا اللّه يا ملأ الأرض وكونوا من المنصفين أن تعترضوا بما نزّل عليكم حينئذ فبأيّ برهان تسكن أنفسكم وتكوننّ من المستريحين قل لن يقبل اليوم إيمان أحد ولا عمل نفس إلّا بأن تتّبع هذا الأمر المبرم العزيز الحكيم وأنتم إن لن تؤمنوا فسوف يبعث اللّه قوما ويسمعهم نغمات الأمر ويدخلهم في هذا الرّضوان الّذي جعله اللّه آية كبريائه بين السّموات والأرضين أولئك يعرفون بارئهم بنفسه وبما نزّل من عنده من آيات اللّه المهيمن العزيز الغالب المنير ويدعون كلّ ما عند النّاس عن ورائهم ولو يكون كتب الأوّلين والآخرين إنّ الّذينهم عرفوا سلطنة البحر وغمراته ولئاليه هل يلتفتون إلى الأمواج لا فو‌ربّك العزيز المنّان لو أنتم من العارفين والّذي شرب من كوثر القدس عن يد الغلمان هل يقنع بملح أُجاج لا فو ربّكم الرّحمن لو أنتم من الموقنين ومن عرف الشّمس لن يشتغل باظلالها كذلك نلقي على أفئدتكم ما يقرّبكم إلى اللّه موليكم العزيز المتعالي المنيع لعلّ أهل الفؤاد يرتقون عن التّراب ويصعدنّ إلى جبروت السّداد مقرّ عزّ مكين وإنّك إذا وردت أرضك مدينة الّتي سميّت باسمي السّلطان بشّرها وأهلها من الّذين آمنوا بما حرّك عليهم قلم القدس من إصبع اللّه لتكوننّ من المستبشرين قل يا قوم أنتم كنتم رقداء على وسائد السّكون وكان هيكل الأمر في صريخ وحنين ويا قوم أن انصروا اللّه وأمره في تلك الأيّام ولا توقّفوا في شيء وكونوا من النّاصرين وإنّ نصره هو تبليغ أمره على العباد والاستقرار على حبّه في تلك الأيّام الّتي اضطربت فيها أركان العارفين ويا قوم لا تبدّلوا نعمة اللّه بينكم ولا تنكروا ما يثبت به إيمانكم باللّه المقتدر المهيمن العزيز القدير اتّقوا اللّه يا قوم ولا تدعوا أمر اللّه عن ورائكم ولا تتّبعوا خطوات الشّياطين ويا قوم أن تكفروا بسلطان الأمر فبأيّ وجه أنتم تتوجّهون في هذه الأيّام الّتي غشت غبرة النّار أكثر العباد وأخذ السّكر سكّان السّموات والأرضين إلّا الّذين هم اتّكلوا على اللّه وانقطعوا عن كلّ نسبة وتمسّكوا بحبل اللّه العزيز الجميل

أن يا روح الأعظم ذكّر في الكتاب أبو ‌القاسم الّذي سافر إلى اللّه ومسّته في السّبيل شدائد الغربة ليستبشر في نفسه ويستقيم على أمر ربّه حين الّذي تزلّ فيه أقدام كلّ عارف بصير أن يا عبد لا تحزن عن شيء ولا تلتفت إلى الّذينهم كفروا وأعرضوا وكانوا على غفلة مبين أن اصبر فيما ورد عليك ثمّ توكّل على اللّه ربّك وربّ كلّ شيء وربّ العالمين

أن يا فرج إنّك إن لن تمرّ على ديارك فأرسل هذا اللّوح لعبادنا المقرّبين إنّا جعلنا هذا اللّوح قميص الأمر ليهبّ منه رائحة الغلام على الممكنات لعلّ بذلك يبعث اللّه قوما لا ينظرون إلّا إلى اللّه ربّهم ولا يحجبهم إشارات المعرضين لعلّ يجد عبدنا إبراهيم عن هذا القميص روائح التّقديس ويقوم على الأمر بين السّموات والأرضين

أن يا إبراهيم فاخرج عن خلف السّكوت باسمي النّاطق المتكلّم العليم الحكيم أن يا خليل قدّس نفسك عن الإشارات ثمّ ناد بنداء الرّوح بين الأرض والسّموات لعلّ بذلك تشتعل النّار في صدور الأبرار ويقومنّ على الأمر بسلطان من لدنّا وأمر من عندنا وأنا المقتدر على ما أشاء وأنا المعطي المتعالي العزيز الرّحيم قم على خدمة اللّه ونصره ولا تخف من أحد وإنّ هذا أمر اللّه عليك وقضي من قلم عزّ مبين قل اليوم لا ينفع أحدا شيء ولو يأتي بصحف السّموات والأرض إلّا بأن يدخل في ظلّ ربّه العليّ الأعلى في ظهوره الأخرى تاللّه هذا لجماله بالحقّ ثمّ ظهوره في ملكوت الأمر والخلق وسلطانه بين الخلائق أجمعين قل يا قوم أتكتبون البيان وتكفرون منزله فويل لكم يا معشر الغافلين أتذكرون اللّه ثمّ تقتلون نفسه فوا ‌حسرتا عليكم يا ملأ المشركين قل إنّه ظهر في تلك الأيّام على شأن ذلّت له رقاب كلّ شيء إن أنتم من العارفين وظهر أمر اللّه بنفسه وحده كما أنتم سمعتم وكنتم من السّامعين قل تاللّه قد أشرق الأمر كالشّمس في وسط الزّوال ولن ينكره إلّا كلّ أكمة رجيم أن يا خليل عَرِّ نفسك عن إشارات القوم ثمّ زيّن هيكلك برداء عزَ منير إنّا جعلناك منادي أمرنا هناك لتبلّغ النّاس بما ألهمك الرّوح من لدنّا وتكون على ذكر بديع فوجمالي من قلبه حبّ شيء عمّا خلق بين السّموات والأرض لن يقدر أن يحمل هذا الأمر المبرم العزيز المنيع طهّر من هذا التّسنيم الّذي جرى عن معين القدم ثمّ طهّر به أفئدة المريدين إذا بشّر في نفسك بما سمّيناك بمنادي الأمر ثمّ أدر خمر الحمراء باسمي الأبهى بين الأرض والسّماء ليحيى بها أرواح الّذين إذا يتلى عليهم من آيات ربّهم العليّ الأعلى يخرّنّ بوجوههم على التّراب خضّعا للّه المهيمن العزيز القدير ثمّ اعلم بأنّ كلّما سمعت في هذا الأمر قد ظهر بأمري وما دوني خلق بقولي وما اطّلع بذلك إلّا نفسي العليم الخبير وإنّا لمّا أردنا إعزاز الأمر بين ملل القبل لذا أشرنا في الكلمات إلى غيرنا حكمة من لدنّا وإنّا كنّا حاكمين وأرفعنا الأمر إلى مقام الّذي سمعتم انتشاره واعلائه إلى أن ملئت الكلمة وذكرها بين السّموات والأرضين فلمّا ظهر الأمر وبرز ثمّ لاح وأشرق قاموا عليّ عباد الّذينهم خلقوا بأمري وكذلك كانوا من المعتدين

أن يا منادي الأمر إنّ الّذينهم كانوا أن يقنعوا وجوههم خلف القناع خوفا لأنفسهم فلمّا هبّت رائحة الإطمينان خرجوا كالثّعبان وكذلك نقصّ عليك ما هو المستور عن أعين النّاظرين ولتطّلع بما ورد على جمالي وتكون على بصيرة من اللّه وتكون من العالمين فهنيئا لك يا منادي الأمر بما حضرت بين يدي العرش حين الّذي أشرقت شمس الآفاق عن شطر العراق تاللّه بذلك فزت بما لا فاز به أحد وهذا تنزيل من لدن عزيز عليم فاشكر اللّه بما رزقك لقائه وأيّدك بزيارة مظهر نفسه في أيّام الّتي ما عرفها أحد من العباد وبما أخذتهم الأوهام وكانوا على غفلة مبين ثمّ اعلم بأن يأتيكم الشّيطان عن شطر الطّغيان ومعه ما يمنعكم به عن جمال الرّحمن ثمّ قم على الأمر ودع ما عنده عن ورائك ثمّ اعرض عنه ثمّ أقبل إلى وجهي المشرق العزيز المنير قل يا أيّها الشّيطان فاخرج عن بين ملأ الرّوح لأنّا وجدنا منك روائح البغضاء من اللّه العزيز الكريم وحملت يا أيّها الملعون ما يلعنك به كلّ من في السّموات والأرض وسكّان ملكوت الأمر والخلق وكلّ ما كان وما يكون ولكن أنت غفلت عن ذلك وكنت من الغافلين تاللّه ما مررت على شيء إلّا هو لعنك بلسان سرّه وإنّك لمّا كنت صمّأ ماسمعت ندائه وكنت من الجاهلين وكذلك نقّص عليكم من أنباء الغيب لتوقننّ بأنّ عندنا علم السّموات والأرض وعلم كلّ شيء في ألواح عزّ حفيظ

أن يا لسان القدم ذكّر الحسين في الكتاب ثمّ بشّره بأنوار العرش ليقلّبه إلى شطر البقاء منظر ربّه العليّ الأعلى ويقرّبه إلى شاطئ الفردوس مقرّ الّذي توقد فيه النّار عن سدرة المختار وينطق بأنّه لا إله إلّا أنا الرّحمن الرّحيم أن يا عبد إلى متى تكسل في نفسك إذا فاشتعل بهذه النّار ثمّ ناد بين الأخيار بما علّمك ربّك العزيز الغالب القدير إيّاكم أن لا تختلفوا بينكم ولا تدعوا أمر اللّه عن ورائكم وكونوا بين النّاس كأنوار الشّمس بحيث يستضيء وجوهكم بين العالمين فو‌اللّه يا عبد لو تطّلع على ما مسّني البأساء لتبكي وتنوح بدوام عمرك وإنّ هذا لحقّ مبين ولكن إنّا سترنا الأمر لئلّا يحيط الأحزان مظاهر مظاهر الرّحمن ويحترق به أكباد المقرّبين لذا صبرنا وسترنا الأمر لئلّا يشقّ ستر الحجاب عن وجه العالمين

أن يا منادي الأمر ذكّر عبدنا الّذي سمّي بكلمة الأوّل من اسمي ليشكر في نفسه ويكون من الشّاكرين قل يا ابن فاشكر اللّه بما استشهد أبيك في سبيله وكان من المستشهدين تاللّه الحقّ حين الّذي ارتقى روحه إلى الرّفيق الأعلى إذا استقبله أهل ملأ الأعلى بأباريق القدس وأكواب من رحيق الفردوس ويستبرك بلقائه جنود غيبنا العالمين ولو نكشف الغطاء عن أبصر النّاس ويشهدنّ مقامه في رضوان الأبهى ليفدين أنفسهم ليصلنّ إلى مقامه المتعالي اللّميع المنير إذا يستبقن حوريّات الفردوس على خدمته وإنّه كان جالسا عن يمين الرّضوان وعلى رأسه تاج البقاء من اسمي الأعظم الأبهى وكذلك أحاطه فضل ربّه الغفور الرّحيم وإنّك يا ابن لا تحرم نصيبك لأنّ لك شأن من الشّأن عند ربّك العزيز المقتدر القدير فامش على أثر أبيك ثمّ اقتد بهداه لأنّه لو يقطع أركانه لن يجد أحد فيها إلّا حبّي كما شهدتم وكنتم من الشّاهدين وكذلك أخبرناك بما هو المستور عن أفئدة النّاس لتستقرّ على أمر ربّك وتكون في أمره لمن الرّاسخين

ثمّ ذكّر الّذي سمّي بمحمّد قبل عليّ ثمّ بشّره من لدنّا بما أذكره اللّه في اللّوح وجرى اسمه من إصبع القدس وهذا من فضل لن يعادله فضل الأوّلين والآخرين وكلّ من فاز بذلك فقد فاز بكلّ الخير من لدن ربّه العزيز الكريم أن يا عبد لا تحزن عن الدّنيا وشدائدها لأنّ كلّما يقضي على العباد من أسطر القضاء ولو يكون من السّوء هو خير لهم إن تكون من العارفين لأنّ اللّه قد ستر عواقب الأُمور عن أنظر النّاس وإنّه ما من إله إلّا هو يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد وكم من شدّة يصل العبد إلى الرّخاء وكم من رخاء يصله إلى الشّدّة إن أنتم من الشّاهدين مثلا إنّك لو كنت على ما كان عليه جدّك من العزّة والإقتدار لعلّ الرّياسة يمنعك عن الهداية وكذلك يلقيك جمال الأحديّة لتكون في كلّ الأحوال على سرور فرح بديع فاشكر اللّه بما أخذ عنك ما يحجبك عن عرفانه لأنّ ما ينفع العبد هذا ومن دون ذلك لن ينفعه ولو يكون ملأ السّموات والأرض من قطعات ياقوت ثمين أو لؤلؤ قدس منير تاللّه ما يغنى به العباد في تلك الأيّام هو عرفان ربّهم ثمّ حبّ الغلام ومن دونهما لا يسمن ولا يغني ولو يكون عندهم خزائن السّموات والأرضين كذلك يغطك قلم الأمر لتستقيم على حبّي بحيث لن يضطربك شيء ولو تضرب بسيوف شاحذ حديد إيّاك قم على خدمة اللّه على استقامة لو يقوم عليك كلّ من في السّموات والأرض لن يزلّ قدماك عن صراط اللّه العزيز الحميد تاللّه لو يقوم أحد في تلك الأيّام على حبّي ويجادله كلّ من على الأرض ليغلبه اللّه عليهم لأنّ روح القدرة قد هبّت عن شطر الإقتدار على الموحّدين ثمّ بلّغ أمر ربّك برَوح وريحان بحيث لا تحدث الفتنة على الأرض لأنّها ترجع إلى أصل الشّجرة لو أنتم من العارفين

ثمّ ذكّر اليعقوب ببدايع الذّكر من ربّه العليم الحكيم قل إنّ بصر اليعقوب قد ارتد من روائح القميص عن يوسف العزيز وكان من النّاظرين وإنّا أرسلنا إليك قميص ربّك العليّ الأعلى على هيئة اللّوح لتجد منه روائح القدس وتقرّ بصر قلبك بحيث تشهد أنوار عرش عظيم وتستقرّ على حبّ موليك في أيّام الّتي تضطرب فيها نفس السّكون والإستقرار وتندكّ جبال الأوهام وتنشقّ حجاب المتوهّمين إذا تجد ملأ البيان في سكران من الأمر ويأخذهم سياط الأمر من كلّ الأشطار وهم يفرحون في أنفسهم ويكوننّ من الغافلين إذا أنتم لا تلتفتوا إليهم ففرّوا إلى اللّه الّذي خلقكم وسوّاكم ثمّ اتّخذوا على شطر الأيمن مقعد عزّ أمين أن يا أحبّائي زيّنوا أجسادكم برداء الأدب والإنصاف ولا تفعلوا ما يكرهه عقولكم ورضاكم اتّقوا اللّه وكونوا من المتّقين وإنّك أنت يا يعقوب لو تشهد بعين القلب قميص ربّك الرّحمن لتجده محمّرا بدم البغضاء بما ورد عليه سهام الأشقياء وكان اللّه يشهد ما أنتم عنه لمن الغافلين ثمّ أرسلنا رحمتنا عن شطر القدم إلى الّذي سمّي برحمة اللّه ليسترحم في نفسه ويكون من الرّاحمين وإنّ رحمته على نفسه هو عرفان ربّه وهذا أصل الرّحمة وهل رأيتم أحسن منها لا فونفس البهاء لو أنتم من الموقنين أن يا عبد لا تمنع هبوب رحمة ربّك على نفسك ولا عن ذاتك نفحات ربّك الرّحمن الرّحيم دع كلّ ذكر عن ورائك ثمّ تمسّك بذكر ربّك العليّ العليم وأن يمسّك من ضرّ لا تحزن ثمّ تفكّر في ضرّي وقل كما أقول أي ربّ قد مسّني الضّرّ وإنّك أنت أرحم الرّاحمين وأن يمسّك من اضطرار فاصبر وقل كما أقول أي ربّ فافرغ عليّ صبرا وإنّك خير النّاصرين وأن يصبك من قضاء فاصطبر وقل أي ربّ فأنزل عليّ رحمة وإنّك انت خير المنزلين

أن يا جمال القدم فاستشرق عن شطر البقاء بإشراق اسمك الأبهى على من سمّي بمحمّد في ملكوت الأسماء ليستجذب في نفسه بما أخذه تجلّي الأمر عن شطر اللّه المهيمن العزيز القدير أن يا عبد لو يكون لك ألف روح وتفديها بما جرى اسمك من قلم اللّه ليكون أحقر من كلّ شيء في جنب هذا الفضل العظيم وإنّك لو تدقّ بصرك لتشهد بأن لا يعادله شيء عمّا خلق بين السّموات والأرض إيّاك أن لا تنس فضل ربّك ولا تكن في دين ربّك لمن الممترين أن استقم على الأمر ثمّ اثبت ولا تضطرب عن نعيق المشركين فسوف يرفع ضجيج السّامري ثمّ صريخ العجل بين العالمين كذلك نخبركم بالحقّ لتطلعوا بما يظهر في الخلق ولا يحجبكم نفحات المشركين

ثمّ استشرق بإشراق أخرى على الّذي سمّي بإسمعيل ليستروح بروحات ربّه ويكون من الفرحين أن يا ذبيح فاحفظ نفسك عن كلّ ما يكرهه ربّك العزيز العليم ولا تلتفت إلى الدّنيا وزخرفها وما قدّر فيها لأنّها لن ينفعك في شيء وما ينفعك ما قدّر لنفسك على ألواح عزّ عظيم إيّاك أن لا تحرم ذاتك عن حرم القدس ولا نفسك عن كعبة الأُنس ولا لسانك عن ذكر اللّه الغالب المقتدر القدير أن يا عبد فَابْكِ على نفس اللّه ووحدته ثمّ ابتلائه وغربته في هذا الأرض الّتي انقطعت عن ورودها أرجل القاصدين قل يا‌ قوم فارحموا على الّذي نصركم حين الّذي كنتم في ذلّة وخوف مبين وقام بنفسه بين الأعداء ونصركم بجنود الغيب وكذلك كان نصره على الموقنين قريب إيّاكم يا قوم لمّا اطمئنتم من أنفسكم لا تجاوزوا عن حدّكم ولا تحاربوا مع ربّكم الرّحمن ولا تجادلوا بما نزّل عليكم من سماء اسم عظيم ويا قوم لا تدحضوا الحقّ بما عندكم تاللّه كلّما أنتم به تستدلّون به لغيركم قد خرج عن لساني ثمّ جرى من قلمي العليم الحكيم إيّاكم أن لا تأخذوني بذلك لأنّ روح الأعظم تنطق في صدري وروح البقاء يحرّك قلم البهاء كيف يشاء إنّ هذا من عنده بل من لدن عليم خبير تاللّه لو كان الأمر بيدي لسترت وجهي عن كلّ من في الأرضين وخرجت عن بين هؤلاء وسكنت على جبل لن يذكر ذكري بين أحبّائي فكيف هؤلاء المغلّين فو‌اللّه كلّما أُريد أن اصمت عن بدايع الذّكر روح الذّكر ينطق في أركاني ويقوّمني على امره ويؤيّدني في كلّ حين

أن يا أخي الّذي افتريت عليّ بما كنت مقتدرا في نفسك بعد الّذي ربّيتك بنفسي وحفظتك عن ضرّ العالمين فكم من ليالي أنت كنت مستريحا على الفراش وإنّي قد كنت في حول بيتك لمن الحافظين فكم من أيّام أنت كنت في العيش مع أزواجك وإنّي كنت حاضرا على محضر الظّالمين لئلّا يمسّك من ضرّ ولا يرد عليك ما يحزنك وتكون من المحزونين وإنّك مع كلّ ذلك لكنت في سرّ السّرّ عن ورائي لكي تجد فرصة عليّ وتفعل ما ينعدم عنه أركان عرش عظيم وإنّا كنّا أن نرسل إلى الدّيار ليحضر بين يديك ما يسّر به نفسك ويفرح ذاتك وتكون من الفرحين وإنّك في كلّ حين قد كنت في ضرّي بحيث لو تجد من نفس لتلقي في قلبه ما أحترقت عنه أكباد ملأ العالين تاللّه إنّي قد كنت عالما بكلّ ذلك ولكن سترنا بعد علمنا على ما أنت عليه وكذلك كان ربّك لغفور رحيم تاللّه بما جرى من قلمك في الأخلاق قد خرّت وجوه العزّ على تراب الأرض وشقّت ستر حجب الكبرياء في رضوان البقاء وتشبّكت أحشاء المقرّبين إلى أن سافرت معي في هذا السّفر الّذي به جرت دموع أهل غرف العزّ على خدود عزّ منير مع كلّما سئلت منّي واستأذنت عنّي ما تكلّمت بحرف لأنّي اطّلعت منك ما لا اطّلع به أحد من العالمين إلى أن سافرت ودخلت في هذه الأرض إذا قمت عليّ في كلّ يوم بل في كلّ حين تاللّه ما بقي في جسدي من محلّ إلّا وقد ورد عليه سهما من سهام تدبيرك وإنّك لو تنكر في نفسك ليشهد لسان اللّه الملك العليم إلى أن افتيت عليّ من دون بيّنة ولا كتاب منير فلمّا اطّلعوا بذلك هؤلاء المهاجرين قد ارتفعت ضجيجهم ثمّ صريخهم وإنّك كنت في بيتك على رَوح وريحان عظيم فلمّا أشهدنا فعلك وما خرج من قلمك إذا خرجت عن بينكم وحدة من دون ناصر ومعين حتّى لم يكن عندي من يخدمني أو ‌يطبخ لهؤلاء الأطفال ما قدّر لهم من ملكوت ربّهم المعطي الباذل الرّحيم وإنّك بعد ذلك ما استرحت في نفسك ثمّ انتشرت في البلاد فعلك باسمي لتدخل عليّ في صدور المحبّين وخرج من لسانك وقلمك ما يستحيي أن يذكره قلم العالين فاسمع ما نزّل من قبل وإنّك لو تبسط يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتلك وكان اللّه على ما أقول شهيد

أن يا أخي تاللّه ستفنى أنت ومن معك وترجع إلى التّراب ويبقى الملك للّه المقتدر القدير تاللّه يا أخي لم يكن في قلبي بغضك ولا بغض أحد من الممكنات فاسمع قولي ثمّ طهّر نفسك ولا تكن من الغافلين وإنّك لو تكون على ما كنت عليه ويسجدك كلّ من في السّموات والأرض هل يغنيك في شيء لا فونفسي العليم الحكيم ولو يبغضني كلّ العباد بقولك هل ينفعك ذلك في أمر لا فو ربّك المهيمن العزيز القديم إذا يبكي قلمي وعيني ثمّ كلّ شيء لو أنت من الشّاهدين دع الدّنيا وزخرفها عن ورائك ولا يغرّنك الرّياسة عن ذكر ربّك وعن الخضوع لعباد اللّه المتّقين ومع كلّ ذلك ما اكتفيت إلى أن كتبت إلى رئيس المدينة بالذّلّة الّتي بها ضيّعت حرمتي بين الخلائق أجمعين ثمّ الّفت مع الّذي تبغضه وهو يبغضك وسمعت منه بأُذنك ما اشتكيت به تلقاء وجهي وكنت من الشّاكين فلمّا قام على بغضي واشتعلت في قلبه نار الغلّ إذا اتّخذته لنفسك معينا وكذلك كنت من الفاعلين فسوف يظهر لك ما في قلبه وقد حتم اللّه بأن يظهره بالحقّ وإنّه لهو الفاعل لما يريد تاللّه

يا أخي لو تنصف لتبكي على نفسك ثمّ على نفسي وتنوح في أيّامك وتكون من التّائبين إلى اللّه الّذي خلقك بأمر من عنده إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ عنده في ألواح قدس منيع فانظر إلى أوّل الدّهر إنّ الّذي قتل أخيه الأكبر الّذي سمّي بهابيل هل بقي على الأرض لا فواللّه الملك العزيز الحكيم بل رجع إلى التّراب ثمّ بعثه اللّه بالحقّ وسئل عمّا فعل ثمّ أرجعه إلى مقرّه وكذلك فانظر في الأمر ثمّ تفكّر فيه وكن من المتفكّرين إيّاك أن لا تحتجب عمّا أعطيناك من ملكوت الأسماء لأنّها قد خلق بأمر عندنا وإنّا كنّا على كلّ شيء لمن الآمرين

أن يا جمال الأعظم حرّك القلم على ذكر ربّك ثمّ طهّره عن ذكر ما سواه إيّاك أن لا تشتغل بأحد وكن في ذكر ربّك العليّ المقتدر العليم ثمّ انظر الّذي كان واقفا تلقاء الأمر بلحظات عزّ رأفتك العزيز المهيمن المحيط الّذي سمّي بعليّ بعد الشّعبان ليقوم عن رقده ويكون من الذّاكرين قل يا عبد قد ارتفعت سدرة الذّكر في ‌هذا الذّكر الحكيم وتنطق الورقات المعلّقات المتحرّكات على أغصانها بأنّه لا إله إلّا أنا العزيز الفريد وإنّ هذا لبهاء اللّه بين السّموات والأرض وضيائه في جبروت الأمر والخلق وسلطانه على ما كان وما يكون إن أنتم من العارفين وبه أشرقت شمس العزّة والجلال واستضائت وجوه المقرّبين لولاه ما ظهر في الإبداع من شيء وما نطق الرّوح على غصن البقاء بأنّه لا إله إلّا أنا العزيز المقتدر العليم أن يا عبد تَخَلَّق بأخلاقي ثمّ امش على أثري وإنّ هذا لفضل لن يقابله فضل العالمين ثمّ زيّن لسانك بالصّدق ثمّ هيكلك برداء الإنصاف إن أنت من العالمين كذلك علّمك شديد القدرة من آيات ربّك العزيز الحكيم ثمّ زيّن هيكل الخليل برداء ذكر ربّك الجليل لعلّ يكسّر أصنام الهوى بسلطاني العليّ الأعلى ويكون من المستقيمين في أيّام الّتي تضطرب فيها نفوس الّذينهم استقرّوا على سرر الأسماء ويضع كلّ ذي أمر أمره وترى النّاس سكراء من صاعقة الأمر وكذلك نلقي عليك من آيات القدس لتكون من العارفين أن استقم يا عبدي على حبّ اللّه ومظهر نفسه وإنّ هذا أصل الدّين إن أنت من العاملين دع النّفس والهوى ثمّ طير بقوادم القدس إلى هذا الهواء الّذي انبسط في هذا السّماء الّتي أحاطت العالمين إيّاك أن لا تحتجب لسانك بحجاب الكذب لأنّه يخزي الإنسان بين الخلائق أجمعين قل يا قوم وفوا بما عاهدتم ولا تحرموا الفقراء عمّا عندكم لأنّ بذلك تمنع الخير من سحاب فضل رفيع ثمّ اتّبعوا ما قدّر لكم في الكتاب وكونوا في الفعل أزيد من القول تاللّه هذا سجيّتي وسجيّته المقدّسين قل يا قوم قد ارتدت إليكم لحظات اللّه وأنتم لا ترتدون البصر إليه إذا تكوننّ في غفلة عظيم وقد أشرق وجه اللّه فوق رؤسكم إيّاكم لا تمنعوا أبصاركم عن النّظر إليه وإنّ هذا فضل قد كان لدى العرش كبير وقامت ملكوت اللّه أمام وجوهكم إيّاكم أن لا تحرموا أنفسكم عن ظلّها ولا تكوننّ من الغافلين كذلك يأمركم سلطان الأمر بما هو خير لكم عمّا خلق في العالمين

أن يا منادي الأمر فأمر الّذي سمّي بالرّضا ليوجّه مرآت قلبه إلى منظر اللّه الأكبر هذا المقام الأطهر الأطهر ويكون من الموقنين قل يا عبد أن أخرق حجبات الظّنّ بقدرة من لدنّا ثمّ ادخل شريعة اليقين ثمّ اعلموا بأنّ كلّ الملك احتجبوا بحجاب الوهم في أزل الآزال فلمّا أردنا خرقها أرسلنا مظهرا من مظاهر نفسنا ليخرق سبحات الأكوان بقدرة الرّحمن إذا ارتفعت الضّجيج عن بين السّموات والأرض وفزعت أنفس المشركين إلى أن حقّق اللّه الحقّ بآياته وبطل أعمال الّذينهم احتجبوا عن جمال الأمر وكانوا من الغافلين ومع لم يكن بينهم إلّا الوهم كبّر عليهم خرقه وكانوا من الصّارخين وفي تلك الأيّام بعثنا كلّ الأوهام على هيكل بشر وزيّناه بقميص اسم من أسمائنا ثمّ اشتهرنا ذكره بين العباد وكذلك كنّا فاعلين فلمّا استكبر على اللّه ربّه وحارب معه وجادل به نزعنا عنه ثوب الأسماء وأشهدناه ككفّ من الطّين فطوبى لمن يخرق هذا الحجاب الأعظم الّذي ما ظهر شبهه في جبروت العالمين فيا بشرى لنفس ما أحجبه كبر الوهم ويشقّه بأنامل القدرة من لدن عزيز قدير فيا روحي لمن لا يمنعه سبحات الجلال عن الدّخول في ظلّ ربّه العليّ المتعال ويكون من الّذينهم دعوا عن ورائهم كلّ ما يحجبهم عن ذكر ربّهم العزيز القادر الحكيم

أن يا قلم القدم في جبروت الأعظم حرّك بإذن ربّك على ذكر من سمّي بعليّ قبل خان ليجذبه نفحات الرّحمن من هذا الرّضوان الّذي ينطق ورقاتها بأنّه لا إله إلّا أنا الغالب العادل الفرد الحكيم أن استمع ما يغنّ روح الأعظم في جبروت القدم لعلّ يستريح بذلك نفسك وتكون من الّذين أخذهم فرح الأمر من كلّ الجهات ويكون من الفرحين يا قوم كونوا من أنوار الوجه بين العباد ومظاهر الأمر في البلاد ليظهر منكم آثار اللّه بين بريّته واقتداره بين الخلائق أجمعين إيّاكم زيّنوا أنفسكم بآداب اللّه وأمره وكونوا ممتازا عن دونكم إذا يصدق عليكم انتسابكم إلى ربّكم الرّحمن الرّحيم ومن دون ذلك لن يصدق على نفس حكم الوجود فكيف هذا المقام المرتفع الرّفيع‌ كذلك ينصحكم قلم النّصح من لدن عزيز كريم

أن يا منادي ناد من لدنّا عبدنا السّليمان وبشّره بنفس الرّحمن ليكون من المستبشرين أن يا سليمان فاحفظ نفسك من مظاهر الشّيطان ثمّ ابْنِ مسجد الأقصى بزبر الحبّ من هذا الغلام الأبهى ثمّ عمّره بأيدي الانقطاع ثمّ زيّنه بذهب الذّكر في ذكر هذا الجمال الّذي ارتفعت راية الاستجلال على سماء الاستقلال وبذلك ورد عليه ما بكت عنه عيون الأوّلين والآخرين يا قوم فادخلوا مسجد الأقصى الّذي بنأه اللّه بأيدي الفضل في قلوبكم إيّاكم أن لا تخربوه بجنود النّفس والهوى ثمّ اخفظوه من ذكر الشّياطين قل تاللّه إنّي لمسجد الأقصى في ملأ الأعلى وبيت المعمور في ملأ الظّهور وحرم الكبرياء عند سدرة المنتهى وحلّ الأمر على مشعر البقاء ومقام القدس في هذا الفردوس الرّفيع المنيع قل يا ملأ البيان اتّقوا اللّه ولا تخربوا بيت أمره بأيادي البغضاء ولا تنعدموا أركانها بوساوس النّفس والهوى خافوا عن اللّه الّذي خلقكم بمظهر نفسه وأرسل إليكم ما قرّت بجماله عيون القدم ولكن أنتم في حجبات أنفسكم لمن الميّتين ويا قوم لا تنقضوا ميثاق اللّه ولا تدعوا عهده من ورائكم ولا تكوننّ بآياته لمن المستهزئين كما استهزئوا في تلك الأيّام عباد الّذين خلقت حقائقهم بأثر من قلمه وكذلك كانوا من المعتدين

ثمّ ذكّر في الكتاب مهدي ليهتدي بهدى اللّه ربّه ويكون من المهتدين أن يا مهديّ خذ هداية اللّه بقوّة من عندنا ودع وراء ظهرك هداية الّذين يذكرون اللّه بألسنهم ويعترضون بنفسه ويحاربون بذاته ولا يكوننّ من الشّاعرين وإذا يدخل عليهم أحد يقعدون مربّعا ثمّ يخرجنّ رؤس أناملهم من عبّهم ويتحرّكنّ ألسنهم بالوقار في ذكر ربّك المختار وهذا ما يفعلون على ظاهر الأمر وفي الباطن يفتون على اللّه حفظا لرياساتهم ولا يبالون في ذلك أقلّ من النّقير قل تاللّه الحقّ لو تذكرون اللّه على قدر الّذي يقطع ألسنكم وتعبدونه على شأن الّذي ينحني إظهاركم لن ينفعكم إلّا بعد حبّي وكذلك نزل الأمر من جبروت عزّ قدير هل ينفع الّذين أوتوا الفرقان لو يعبدون اللّه بعبادة الثّقلين لا فوربّ العالمين وكذلك فانظر اليوم في الملأ البيان إن أنتم من العارفين وكذلك شقّت أنامل القدرة ستر الحجاب ويظهر الحقّ وينطق الرّوح بالصّدق الخالص بين السّموات والأرضين لعلّ النّاس يعرفنّ بارئهم ولا يحجبنّ عمّا يكون بين العباد عن ذكر ربّهم الرّحمن الرّحيم

ثمّ أراد قلم الأمر بأن يذكر الرّسول في اللّوح ليكون فعله مطابقا باسمه ويكون من العاملين أن يا رسول بلّغ رسالات ربّك أوّلا على نفسك ثمّ بلّغ النّاس ليؤثّر قولك في قلوب القاصدين ثمّ أرسل على العباد ما أرسلناه إليك من شطر الرّحمن روائح السّبحان لعلّ يجذبهم إلى عرش الرّضوان هذا المقرّ المقدّس المنير قل يا قوم فاصغوا كلمة اللّه ثمّ اقرئوها في أيّامكم وقد قدّر اللّه لتاليه خير الدّنيا والآخرة ويبعثه في الجنان على جمال يستضيء منه كلّ من في العالمين فهنيئا لمن يقرء آيات ربّه ويتفكّر في أسرارها ويطلع بما كنز فيها من جواهر علم حفيظ ثمّ ذكر الّذي زار بيت العتيق ليستبشر بما ذكر من أثر اللّه في هذا الخطاب المبرم المحكم المتين قل تاللّه إنّا بعثنا الحرم على هيكل التّعظيم في هيئة التّكريم على صورة الغلام في هذه الأيّام فتبارك اللّه أحسن الخالقين ومن يطوف في حوله فقد يطوفنّه أهل ملأ الأعلى ثمّ هياكل المسبّحين ولكن اللّه قبل من أحبّائه ما فات عنهم فضلا من عنده وإنّه لأرحم الرّاحمين فسوف ينزل جنود سلطنة اللّه في هناك وينصرنّ أمره ويرفعنّ ذكره ويقرئنّ آياته في كلّ بكور وأصيل

أن يا منادى الأمر ذكّر من لدنّا عباد الّذين ما حرّك قلم اللّه على أسمائهم ليأخذهم نفحات الذّكر من لدن غفور رحيم قل إنّا أثبتنا أسمائكم في ألواح القدس الّذي كان مكنونا تحت حجبات الأمر ومخزونا في كنائز عصمة ربّك الحاكم الحكيم أن اجتمع أحبّاء اللّه على أمره على شأن لا يحدث بينهم ما يختلفهم ويكوننّ كنفس واحده كذلك‌ أمرناك وأيّاهم لتكوننّ من العاملين ثمّ ذكر أماء اللّه اللّواتي آمنّ باللّه بارئهنّ ثمّ اللّواتي أصابهنّ المصائب قل أن اصبرنّ ولا تحزن بذلك لأنّ اللّه قدّر لَكُنَّ وللّذين استشهدوا في سبيله ما لا يدركه عقول العاقلين والرّوح والعزّ والبهاء عليكم يا جنود اللّه في الأرضين إن أنتم في أمر ربّكم لمن الرّاسخين.

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV