تلك آيات الله المهيمن القيّوم إلى الّذينهم آمنوا بالله وآياته وهو من فزع الشّرك هم آمنون قل يا قوم لِمَ تنكرونني وقد تشهدون بأنّي قد جئتكم بآيات الّتي تنصق عنها أفئدة الّذينهم آمنوا وتذهل عنها العقول ويا قوم أنسيتم حكم الله بما نزل في البيان من لدن عزيز محبوب وأخذ عنكم العهد في كلّ كتاب بل في كلّ رقّ منشور بأن لا تجادلوا بآيات الله إذا نزلت بالحقّ ولا تجادلوا بالّذي يأتيكم بألواح عزّ محبوب وإن لن تؤمنوا به لا تعترضوا عليه خافوا عن الله ثمّ بجماله لا تكفرون ولقد نزّلنا من قبلُ على محمّد رسول الله إن أنتم تفقهون لا يجادل في آيات الله إلّا الّذينهم كفروا كذلك نزل من قبل من لدى الله المهيمن القيّوم قل يا قوم اتّقوا الله ولا تستكبروا على الّذي كلّ الآيات من سطوته مشفقون أيّاكم أن لا تبطلوا أعمالكم ولا تتمسّكوا بما عندكم بل بما نزل بالحقّ من لدى عزيز قيّوم قَدِّسْ نفسك ثم ذَكِّر العباد بما ألقى الرّوح عليك ولا تخف من أحد ولا تحزن عمّا أصابتك البأساء والضّرّاء وتوكّل على الله ربّك ولا تكن من الّذينهم في آيات الله لا يتفكّرون فوالله لو تقوم بنفسك على حبّ الله وغلامه لينصرك الله على من في الأرض كلّها إنّه ما من إله إلّا هو ينصر من يشاء بقوله كن فيكون كذلك نتلي عليكم من آيات الله ونلقي ما تطمئن به قلوبکم وقلوب الّذينهم لن ينظرون إلّا بالمنظر الأكبر في هذا الجمال الدّرّيّ المكنون وإنّك أنت فاخرق حجبات الوهم ثمّ اطلع من خلف السّحاب بقوّة من عندنا وقدرة من لدنّا لتشهد ما لا شهد أحد من الخلق وهذا ما أشهدناك بالحقّ في هذا المقام المقدّس المحمود إيّاك أن لا تكن بمثل الّذينهم ما يتّبعون إلّا هواهم وهم في وادي الوهم یحبرون
وأمّا ما سئلت عن الفطرة فاعلم بأنّ النّاس قد خلقوا على فطرة الله المهيمن القيّوم وقدّر لكلّ نفس مقادير الأمر على ما رقم في ألواح عزّ محفوظ ولكن يظهر ذلك بإرادات أنفسكم كما أنتم في أعمالكم تشهدون مثلا فانظر فيما حرّم على العباد في الكتاب من شيء كما أنتم في البيان تنظرون بحيث أحلّ الله فيه ما أراد بأمره وحرّم ما شاء بسلطانه قل كلّ ذلك في الكتاب أفلا تشهدون ولكنّ النّاس بعد علمهم عمّا نهوا عنه هم يرتكبون هل ينسب هذا إلى الله أو إلى أنفسهم إن أنتم تنصفون قل ما من حسنة إلّا من عند الله وما من سيئة إلّا من أنفسكم أفلا تعرفون وهذا ما نزل في كلّ الألواح إن أنتم تعلمون بلى إنّه عالم بأعمالكم قبل ظهورها كما هو عالم بعد ظهورها وإنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ عنده في ألواح قدس مكنون وهذا العلم لم يكن علّة الفعل في خلقه كما أنّ علمكم بشيء لم يكن علّة لظهوره فيما أردتم لو تريدون وعلمتم أو تعلمون كذلك نلقي عليكم من آيات البدع ونصرّفها بالحقّ لعلّ النّاس كانوا بآيات ربّهم موقنون إِذًا تفكّر في نفسك فيما سئلت لعلّ يفتح الله على قلبك أبواب العلم والحكمة ويشهدك خلق كلّ شيء ويعرّفك أسرار ما كان وما يكون فوالله كلّ ذلك عنده لأسهل عن كلّ شيء يعطي من يشاء من خلقه بأمر من عنده وإنّه لهو المقتدر العزيز المحبوب وإنّك أنت طير في فضاء القدس في هذا الهواء الّذي فيه يتحرّك نسائم الحيّ الحيوان إيّاك أن تكن من أهل الوقوف فاسع في نفسك بأن ترتقي في كلّ حين إلى سماء أخرى وفضاء أخرى لتطّلع في كلّ آن بأسرار بدع مستور لأن لم يكن لسماء فضله من نهاية ولا لأرض فيضه من بداية ليتمّ بالقدم أو بالجناح أو بالإدراك والعقول فاخرق الحجبات باسمي العزيز المحبوب ولا تلتفت إلى أحد إلّا الله ربّك وتوجّه إلى وجهي الدّرّيّ المشهود بحيث لن يمنعك كبر العمائم عن الدّخول في حرم الله المهيمن العزيز القدّوس لأنّا وجدنا ملأ البيان بمثل ملأ الفرقان با أشدّ حجابا إن أنتم تعلمون بحيث يقولون بمثل ما قالوا ويفعلون كما فعلوا أمم القبل فسوف تعرفون وإنّك فاجهد في نفسك لئلّا تمشي على قدمهم بل على قدم الله ربّك في هذا الصّراط المنير المبارك الممدود ولو سئل عنهم ما الفرق بينكم وبينهم إِذًا يقولون ما لا يشعرون كذلك سوّلت أنفسهم وهتكت قلوبهم بما كانوا أن يكسبون
وأمّا ما سئلت عنّي فاعلم بأنّي عبد آمنت باللّه وآياته ورسله وكتبه ولا نفرّق بين أحد منهم وبذلك أُمرت من لدى اللّه المهيمن القيّوم وآمنت بكلّ ما نزل من عنده وما ينزل حينئذ من سماء قدس محبوب واتّبع ما أُمرت به في الكتاب بحول اللّه وقوّته ولن أحب أن اتجاوز عن حرف منه ويشهد بذلك ذاتي وكينونتي ثمّ لساني إن أنتم تشهدون وأحلّ على نفسي كلّ ما أحلّه اللّه في البيان وأُحرّم ما حرّم من لدنه واعتقد بكلّ ما نزل فيه إن أنتم تعتقدون إنّ الّذين يحلّلون ما حرّم اللّه عليهم ويحرّمون ما أحلّه اللّه في الكتاب أُولئك لا يفقهون شيئا ولا يعرفون ولكنّ هذا السّؤال لا ينبغي لأحد من النّاس لأنّ هذا مقام لن يحرّك عليه القلم ولن يجري عليه المداد إن أنتم تعرفون ولو كان هذا السُّؤال من غيرك ما أجبناه بحرف ولكن لمّا أردنا لك شأنا من الشُّؤن لذا أجبناك لعلّ تستدرك في نفسك وتكون من الّذينهم مهتدون في هذه الأيّام الّتي أخذت كلّ نفس سكرها وكلّ كانوا عن جماله معرضون إلّا الّذين هم انقطعوا بكلّهم عن كلّ ما سمعوا وكانوا بعين القدس هم يشهدون ثمّ ينظرون تاللّه الحقّ قد سئلت عن مقام الّذي كان أكبر عن خلق السّموات والأرض وجعله اللّه فوق شهادات عباده ولن يعقلها إلّا العارفون بلى إنّ النّاس يعرفون على قدر مراتبهم ومقدارهم لا على ما قدّر له فسبحانه سبحانه عمّا أنتم تسئلون وإنّك إن تكشف الحجاب عن بصرك وتصعد إلى هواء القدس في هذا الهواء الّذي يهبّ في هذا السّماء وتنقطع عن كلّ من في السّموات والأرض وعن كلّ أمر محدود ليلقي الرّوح في صدرك من هذا المقام الّذي يغنيك عن كلّ ما خلق ويخلق ويكفيك من كلّ شيء عمّا كان وعمّا يكون كذلك يتلوا عليك قلم الأمر عن حكمة اللّه المهيمن القيّوم ويلقي عليك ما يقرّبك إلى مقام عزّ محمود الّذي منعت عن الدّخول في فِنَائِهِ أكثر العباد ولن يصل إليه أحد إلّا الّذين هم كانوا على أَرَائِك الخُلد هم متّكئون
وأمّا ما سئلت عن ابني فاعلم بأنّ أبنائي إن يتّبعون أحكام اللّه ولا يتجاوزون عمّا حدّد في البيان كتاب اللّه المهيمن القيّوم ويأمرون أنفسهم وأنفس العباد بالمعروف وينهون عن المنكر ويشهدون بما شهد اللّه في محكم آياته المبرم المحتوم ويؤمنون بمن يظهره اللّه في يوم الّذي فيه يحصى زمن الأوّلين والآخرين وفيه كُلٌّ على اللّه ربّهم يعرضون ولن يختلفوا في أمر اللّه ولن يبعدوا عن شرعه المقدّر المسطور إِذًا فاعلموا بأنّهم أوراق شجرة التّوحيد وأثماره وبهم تمطر السّحاب وترفع الغمام بالفضل إن أنتم توقنون وهم عترة اللّه بينكم وأهل بيته فيكم ورحمته على العالمين إن أنتم تعلمون ومنهم تهبّ نسمة اللّه عليكم وتمرّ على المقرّبين أرياح عزّ محبوب وهم قلم اللّه وأمره وكلمته بين بريّته وبهم يأخذ ويعطي إن أنتم تفقهون وبهم أشرقت الأرض بنور ربّك وظهرت آيات فضله على الّذين هم بآيات اللّه لا يحجدون الا من آذاهم فقد آذاني فمن آذاني فقد أعرض عن صراط اللّه المهيمن القيّوم فسوف تجد إعراض المعرضين واستكبارهم علينا وبغيهم على أنفسنا من دون بيّنة ولا كتاب محفوظ قل يا قوم إنّهم آيات اللّه فيكم إيّاكم أن لا تجادلوا بهم ولا تقتلوهم ولا تكوننّ من الّذينهم يظلمون ولا يشعرون وهم أسراء اللّه في الأرض وردوا تحت أيدي الظّالمين في هذه الأرض الّتي وقعت خلف جبال مرفوع كلّ ذلك ورد عليهم حين الّذي كانوا صغراء في الملك ولم يكن لهم ذنب بل في سبيل اللّه القادر المقتدر العزيز المحبوب والّذي منهم يظهر بالفطرة ويجري اللّه من لسانه آيات قدرته وهو ممّن اختصه اللّه على أمره إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وإنّا كلّ بأمره آمِرُون ونسئل اللّه بأن يوفّقهم على طاعته ويرزقهم ما يرضي به فؤادهم وأفئدة الّذين هم يتوارثون جنّة الفردوس من لدى اللّه العزيز المهيمن القيّوم كذلك مننّا عليك في هذا اللّوح وكشفنا لك ما ستر عن دونك فضلا من لدنّا عليك وعلى الّذينهم بهداية اللّه في هذا الفجر هم مهتدون وإنّك أنت فاحفظ هذا اللّوح كعينيك إيّاك أن لا تكشف لأحد إلّا لأهله كذلك يأمرك أمر الله بما هو المكنون ولا تجاوز عمّا أُمرت به لأنّا وجدنا ملأ البيان أشدّ احتجابا عن ملل الأرض إلّا من شاء ربّك وكذلك أحصينا الأمر إن أنتم تحصون ونسئل الله بأن يوفّقهم على أمره ليخرقوا الحجبات ويخرجوا عن خلف السّبحات بسلطان من لدى الله المقتدر القدّوس ثمّ اعلم بأنّا أجبنا مسائلك حين الّذي حضر بين يدينا كتابك بلسان عجميّ مبين فلمّا ما وجدنا من رسول لنرسله إليك محوناه في اليمّ بأمر من لدنّا لئلّا يرتفع به ضوضاء المشركين وبيده ملكوت كلّ شيء يمحوا ما يشاء ويثبت وعنده ألواح قدس حفيظ إِذًا أجبناك في ثلاثة منها بلسان عربيّ بديع وأمسكنا القلم عن الإثنين لحكمة الّتي لا ينبغي أن يطّلع بها أحد إلّا الله ربّك وربّ العالمين ونجري القلم في حينه إذا جاء الأمر من أفق قدس منيع إذا شاء الله وأراد إنّه لا إله إلّا هو يحكم ما يشاء ويظهر ما يريد كلّ الرّوح والتّكبير والبقاء عليك إن تكون في أمر ربّك لمن الرّاسخين.