جناب حاجي سيّد عليّ أكبر عليه 669 [بهاءالله] من دهِج
أَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَفَعَ سماء البيان وزيّنها بأنجم درّيّات ونوّر أفقها بشمس ذكر الإسم الأعظم الّذي به استضاء العلم فلمّا تموّج الهواء وتحرّكت السّماء ماج بحر العرفان وسرت عليها فلك الله باسمه الأبهى. طوبى لمن تمسّك بها وركب عليها بالإسم الّذي به انشقّت السّحاب وخرقت الحجبات. سبحان من أظهر ما أراد بكلمته العليا ونطق وأنطق الأشياء وما نطق به إنّه هو صراط الحقّ وميزان العدل وبه انجذب العشّاق وطاروا في هواء الإشتياق وبه قام المخلصون على أمر الله بين الأرض والسّماء وحملوا في حبّه من البلايا ما لا يحصيها إلّا الله مالك الأسماء وبه فتحت أبواب خزائن السّماء وظهر ملكوت الأسماء وبه نفخ في الصّور وارتفع النّداء بين ملأ الإنشاء وبه نسفت جبال الأوهام وانفطرت سموات الظّنون وانشقت أراضي العلوم بين الأنام. مرّةّ تراه سائلا كالماء على الوهاد وطورًا مشتعلا كالنّار على الأوتاد وبه احترقت أفئدة الأشقياء واستفرح الملأ الأعلى. هل ينتهي من القلم ذكره لا وسلطان الأسماء وهل يقدر القرطاس أن يحمله لا وفاطر السّماءإنّه لهو الّذي به ظهرت الأسماء وكلّ الأشياء ما من شيء إلّا وقد ذوّت بظهوره وبروزه وبه فاح عَرْف الله فيما سواه واهتزّ أهل القبور وقام يوم النّشور تعالى تعالى من أظهره وخلقه وجعله مبدء الأشياء ومربّيها تعالى تعالى من عرف نفسه وعلّم العباد ما أراد إنّه لهو المقتدر العزيز الوهّاب.
وبعد، قد فاز الخادم بما ظهر من قلمكم الّذي تجرّك على ذكر الله وثنائه ونعت الله وأسمائه، فلمّا فَتَحْتُ وَقَرَأْتُ وَاطَّلَعْتُ تَوَجَّهْتُ إلى سماء الأمر وعَرَضْتُ ما عرضته تلقاء العرش إذا نطق لسان العظمة بنا انبسط به العالم واهتزّت به الرّمم. قال جلّ وعزّ: يا عَلِيُّ قد كنّا مستويًا على العرش في السّجن الأعظم إذا دخل العبدُ الحاضر لدى الوجه بكتابك وَعَرَضَ ما فيه وأنا السّميع المجيب. قد سمعنا ندائك وعرفنا ما أنت عليه من حبّ مولاك. أَنِ اذْكُرْ إذ توجّهت إلى السّجن وقمت لدى الباب وسمعت نداء المظلوم الّذي نطق في أعلى المقام أنّه لا إله إلّا هو العزيز الحميد. يا عَلِيُّ أن استمع ما يقولون المشركون في هذا الظّهور الأعظم الّذي به ارتعدت فرائص الأمم إنّ ربّك لهو المبيّن بالحقّ وإنّه لهو العليم. قَالُوا أَنَّهُ ادَّعَى الأُولُوهِيَّة وهذا ما لا ينبغي أن يَعْتَرِفَ به أَحَدٌ من العباد كذلك قَسَتْ قلوبهم وَسَوَّلَتْ لهم أنفسهم وكذلك نَقُصُّ لك ما تكلّم به الغافلون وَأَنَا المُخْبِرُ الخَبِيرُ. قل تالله هذا يوم الله لا يُذْكَر فيه إلّا هو وإنّه لهو النّاطق في السّجن الأعظم والمنادي بين الأرض والسّماء ما من نَبِيٍّ إِلَّا وَبَشَّرَ العباد بهذا اليوم وما من كِتَابٍ إِلَّا وَقَدْ طُرِّزَ بِهَذَا الإِسْمِ الأَعْظَمِ.
قل لا يذكر في اليوم إلّا الله وأسمائه وما ظهر من عنده كذلك نزّل الأمر في كلّ الألواح ولكنّ القوم أكثرهم من الغافلين. قل هذا لهو البديع الّذي به أنار أفق الإبداع وظهر بكلمته ما كان مستورًا في كنائز عصمة الله المقتدر القدير. قل إنّه لو ينطق بغير ما نطق إذا ينبغي أن تعترضوا عليه؛ قل تفكّروا ولا تكوننّ من المعرضين. قل هذا لهو الّذي أتى من سماء العظمة بسلطان مبين ودعا الكلّ إلى الله على شأن ما منعته الصّفوف ولا الجنود ولا مقالات المشركين وملأ البيان الّذين كفروا بالرّحمن غفلوا عن كلّ ما وُعِدُوا به إذا يتكلّمون بما تكلّم به أهل الفرقان قل ويلٌ لهم ولكم يا معشر المريبين. قد اتّبعوا الأوهام كما اتّبع آبائهم كذلك ينطق لسان العظمة بالحقّ؛ أن اشكروا وقل لك الحمد يا إله العالمين. طوبى لقوّيّ نبذ الأوهام عن ورائه واستقام على هذا الأمر الّذي به زلّت أقدام العارفين. قل خافوا الله ولا تتّبعوا أهوائكم أن اتّبعوا من أتيكم ببرهان لا يقوم معه السّموات والأرضون. إنّك لا تحزن من شيء إنّه يسمع ويرى وأنا البصير. قد ذكرناك مرّة بعد مرّة وهذا كرّة أُخرى إذا وجدت نفحات آيات ربّك قم وقل:
لك الثّناء يا فاطر السّماء ولك البهاء يا من في قبضتك زمام العالمين أحمدك وأشكرك بما جعلتني مقبلا إلى أفقك الأعلى وَعَرَّفْتَنِي جمالك بعد الّذي أعرض عنه كلّ مشرك بعيد وَأَرَيْتَنِي وجهك بعد فناء الأشياء وَأَسْمَعْتَنِي ندائك الأحلى وَجَعَلْتَنِي فائزًا ببحر إسمك الأعظم وَسَقَيْتَنِي بأيادي العطاء كوثر البقاء يشهد كلّ جوارحي بفضلك وعطائك وجودك ومواهبك وإنّك أنت المعطي الكريم. فيا إلهي ترى بأنّ عيني مُتَوَجِّةً إلى أفق عنايتك وأُذُنِي مُتَرَصِّدَةً لإصغاء ندائك. أي ربّ إنّ المشتاق لا ينتهي شوقه وانجذابه ولا يبرد حبّه وناره. أسئلك بنفسك بأن تجعلني في كلّ الأحوال مُنْجَذِبًا بآياتك وَمُتَلَذِّذًا بنفحات قميصك وَمُتَشَبِّثًا بذيلك وَنَاطِقًا بثنائك بين خلقك إنّك أنت المقتدر المتعالي العليم الحكيم.
أن يا أكبر إنّ مالك القدر يناديك من شطر منظره الأكبر فضلاً من عنده عليك لتكون من الشاكرين إنّا نُكَبِّر من هذا المقام الأقدس على وجوه الّذين توجّهوا إلى وجه الله وأجابوا إذ ارتفع النّداء بين الأرض والسّماء واتّبعوا ما أنزله الرّحمن في لوح حفيظ. إنّا نذكرهم ونبشّرهم بما قدّر لهم في ملكوت الله ربّ العالمين. قل إيّاكم أن تمنعكم الدّنيا عن فاطر السّماء دعوا النّاس بأوهامكم وخذوا ما أتاكم من لدى الله العزيز العظيم. إنّه يحبّ مَن يحبّه ويذكر مَن ذكره ويرى من كان قائمًا على ذكره وخدمة أمره إنّه لهو السّميع الحكيم.
في آخر اللّوح نذكر من سُمِّىَ بالرّضا الّذي توجّه إلى الوجه وآمن بالله الفرد الواحد القدير. كَبِّرْ على وجهه من قِبَلِي وبشّره بما نُزِّلَ له من لدى الله المنزل القديم. ثمّ نذكر الإماء اللّائي توجّهن وأقبلن وعرفن وشربن رحيقي المنير. طوبى لَهُنَّ بما وفين بميثاق الله وعهده واستقمن على هذا الأمر البديع. البهاء عليك وعلى أهلك وعلى الّذين آمنوا بالله وتمسّكوا بكتابه الحكيم.