
(معرّب عن الفارسية)
أن يا رسولّ! لو تسأل عن شمس سمآء المعنى، فإنّها كُسفت وغُطّيت في كسوف الحسد، وإنْ كنت تستخبر عن قمر البقآء القدسيّ، فقد خُشفَ وحُجبَ في خسوف البغضآء، ولو كنت تطلب الإطّلاع على نجم فُلك العمآء، إنّه آفل ومحجوب في أفول الغلّ. ثمّة حسينٌ واحد ومائة ألف شِمْر قائم عليه، وخليلٌ واحد ويحيط به النّمرود بالألوف، وثمّة روحٌ مقدّسٌ واحد ومائة ألف قابض، وخنجرٌ واحد وألف ألف خنجر.
لم أنعم ليلةً بالرّاحة طيلة عمري، وفي جميع أيّامي لم أنل الهدوءَ لحظةً. مرّةً تهادوا رأسي من ديار إلى ديار، ومرّةً علّقوني في الهوآء. في حينٍ كان سنان مصاحبي، وفي وقتٍ كان الخوليُّ مؤانسي. في كلّ صباح رفعت فيه الرّأس عن الفراش استقبلني بلاء جديد، وفي كلّ مسآء جلست فيه في محفل الوحدة تبدّت عقوبة. فلا تأخير في بلآئي، ولا تعويق في عقوبتي.
ومع ذلك، كان قيامي في وجه الأعدآء واضحًا كالشّمس، وكان ظهوري بين الملكوت وأهله لائحًا كالقمر، لم أسعَ في آنٍ إلى حفظ نفسي، ولم أنشد راحة روحي في أقلّ من حين. لقد أنفقت نفسي في سبيل المحبوب، وروحي فدآءُ للمقصود. كان حصني توكّلي، وحرزي التّوسّل بالمحبوب، ودرعي اعتمادي، وجندي رجائي فيه.
إلى أن صار ظهوري سببًا لحسد الأعدآء، وقيامي علّةٌ لغلّ أولي البغضآء. يا رسولي! لو تنظر بالبصر الحديد والنّظر الجديد لَتشاهد كلّ الأشيآء بل أهلَ المنظر الأعلى محزونين لحزني ومضطلابين لاضرابي. يا رسولي! لقد ظَلَّ الصّبح المنير الرّوحانيّ مستورًا في ظلمة الحسد الشّيطانيّ، واحتجبت شمس القدس الصّمدانيّة في حجاب الغِلّ الظّلمانيّ.
الآن أراد سلطان القِدم الخروج من بين اليأجوج، ولكن ليس معلومًا إنْ كان، بعد خروجي، سيبقى جوهرُ الرّحمن هذا محفوظًا من لدغ الثّعبان، مثلما بات هذا الموضوع واضحًا في الهجرة الأولى.
يا رسولي! كيف ترى حال المظلوم غريب يُبْتَلى ما بين الحزبين، لا يرحمه الأعدآء ولا يشفق به الأحبّآء. قسمًا بجمالي! إنّ ظلم الأعدآء أهون وأسهل مائة ألف مرّة. احمدِ اللهَ لأنّك لست مطّلعًا على حال سلطان البقآء وضرّه. في الواقع، هذه أيّامٌ لم تر عين الإبداع وبصر الاختراع شبهها.
اجهدْ حتّى تخرج عن سبيل الوهم والتّقليد وترد جبروت المشاهدة وملكوت المكاشفة. إذ إنّ الكلّ في هذه الأيّام مشدوهٌ في سكر الغفلة إلّا من شآء ربّك. يعتبر البعض أنّ السّرابَ بِقيعةٍ بحرٌ أغمر، ويعدّ ظلمةَ الدّيجور صبحًا أنورَ، واقتنع البعض وقنع بالفطرة الفانية بدلَ الكوثر الباقي. هذا هو حال العباد وأطوارهم، كذلك خلقنا النّفوس أطوارًا.
وأنت يا رسولي! لو تريد الطّيران في هوآئي فَطِرْ من ملكوت السّموات والأرض وممّا يوجد فيهما حتّى ترد رضوان رضآء السّبحان. فهنيئًا للواردين.