رسالة اللوامع (اللمعات) الحسينية (الرسالة غير كاملة)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة اللوامع الحسينية

(الرسالة غير كاملة)

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الاول

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

حمدا لمن خلق الانسان وعلمه القران الناسخ لجميع الاديان واظهر له اسرار المعاني ببدايع البيان وكشف له عن حقائق الحكم باكمل تبيان وصلوة على من استقامت بنوره كل الاركان واستضائت بوجوده جميع الاعيان وسلاما على المرشدين الى السبيل باوضح برهان والهادين الى الدليل باحسن ميزان

اما بعد فيا ايها الصالح الصفي والفاضل الزكي قد اجبنا دعوتك واسعفنا اجابتك فخذ ما ابرزنا لك اليك وع ما القينا عليك ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك اذ قد وقفت على كنوز كانت مخزونة في الخزائن الغيبية ما اطلع عليها الا الاقلون وعثرت على رموز كانت مطوية في الاشارات الالهية قد حرم عنها الاكثرون فاعرف قدرها واغل مهرها واكتمها الا عن اهلها فانا لله وانا اليه راجعون فستذكرون ما اقول لكم اذا نشرت اجنحة الطاووس ونعق الغراب في ارض النفوس وغردت الحمامة على الافنان وصاح الديك بفنون الالحان عند طلوع صبح الظهور واشراق شمس النور على الطور فلمثل هذا فليعمل العاملون وافوض امري الى الله انه بصير بما تعملون ولما كانت الكتابة عند استشراق شوارق الانوار الحسينية على جده وابيه وامه واخيه وعليه وبنيه الاف الثناء والتحية سميناها باللوامع الحسينية ورتبناها على مقدمة وبابين وخاتمة ونسئل الله حسن الخاتمة الكاشفة عن الفاتحة انه ولي بالبداية والنهاية والفاتحة والعاقبة اقول وانا الفقير الى رحمة الله الوفي الملي القوي ابن محمد قاسم محمد كاظم الهاشمي النبوي العلوي الفاطمي الحسيني الموسوي حشرهما الله مع ابائهما بمحمد (ص) وعلي عليه السلام :

اما المقدمة - ففيها لمعات :

اللمعة الاولى فيما يتوقف عليه الشروع في المقصود اما على الحقيقة او لزيادة البصيرة اللمعة الثانية في ان ( بيان خ ) الادلة حسب حال المستدلين والمستدل لهم وعليهم اللمعة الثالثة في ذكر الميزان القويم والقسطاس المستقيم ليتميز به الصحيح و( من خ ) السقيم ولكل لمعة اشراقات

اللمعة الاولى - فيما يتوقف عليه الشروع في العلم ولها اشراقات :

الاشراق الاول - في فائدة علم الحكمة الحقة قال تعالى ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا اعلم هديك الله وايانا السبيل وعرفنا واياك المدلول والدليل ان فائدتها اعلى من ان يحتاج الى البيان واجلى من التذكار والتبيان كفاها شاهدا ودليلا قوله تعالى ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا اذ لا يراد به المال كما هو احد اطلاقاته في الاستعمال لكونه مما لا يعتني به اهل الكمال فكيف الحي القيوم القادر المتعال فلا يبقى فيه مجال المقال لسرعته في الفناء والزوال بل المراد به ما هو الثابت الدائم ( القائم خ ) الباقي في الاحوال وهو لا يمكن من جهة الحكمة الا بالاعمال لكونه تعالى ابى ان يجري الاشياء الا بالاسباب في الافعال وهي يستلزم العلم بالكيفية في التكاليف الشرعية ( الشرعية الفرعية خ‌ل ) وحيث كانت هي الفرع فالعلم بالاصل سابق فكل شيء دونه لاحق وهو علم المعرفة التي كانت لخلق الخلق غاية كيف يعبد من لم يعرف كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فهي الاصل والمقصود في الحقيقة والمتكفل لها ولفروعها علم الحكمة الحقة فعالمها حصل الاصل الثابت الذي لا يضره التقصير في الفرعية وهو قوله عليه السلام حب على حسنة لا يضر معها سيئة من غير عكسه ابدا لان بغضه سيئة لا ينفع معها حسنة وحب علي عليه السلام يستلزم حب النبي المستلزم لحب الله للملازمة الحقيقية بل هو عين حب الله على الحقيقة الواقعية قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فثبت بالبرهان ان المراد بالحكمة في الاية الشريفة هي علم المعرفة الحاصلة بمعرفة حقائق الموجودات كما قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقال الصادق عليه السلام في تفسيره العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال تعالى سنريهم الحديث الاية وقال امير المؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه ولا يبعد اشتمال هذه الاية الشريفة لساير العلوم حسب مقدارها من الفرعية والتبعية كاشتمالها عليها بالاصالة والذاتية فافهم ولان الحكمة توصل ايضا الى الاطلاع على حقائق الاشياء وذوات الموجودات ومقهوريتها تحت سلطنة القهار ذو ( ذي خ‌ل ) المجد والاقتدار وخضوعها وخشوعها وانكسارها وتذللها لربها الكريم الجبار وتسبيحها وتقديسها وتنزيهها اياه عن شوايب النقص والاعتبار بالعشي والابكار فتعرف بعد ما شاهدت هذا الامر العظيم وتحققت هذا الخطب الجسيم ان ليس الا الله ولا تذوت الا له والكل مضمحلون دون جلال كبريائه معدومون عند سطوع نوره وبهائه فتشهد بلسان مقالك كما انت شاهد بلسان حالك على الحقيقة والواقع كما انت عليه على التبعية والظاهر ان كل شيء مما دون عرشه الى ارضيه ( الى قرار ارضه خ ) السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدى وجهه الكريم ( القديم خ ) فتستقيم في هذا الميدان وتستقهر تحت عظمة هذا السلطان فتقطع التفاتك عن كل ما سواه وتزيل اعتبارك عن كل ما عداه وتقول كما سبق اللهم اني اخلصت بانقطاعي اليك واقبلت بكلي عليك فيجيبك الله ويحبك فكان سمعك وبصرك فيقذف في صدرك العلم ويشرق ( يشرف خ ) في قلبك نور اليقين وتكون من المؤمن الممتحن ثالث الثلثة بل ثالث اثنين فتفوز بالمضاهئة وتتشرف بالمناسبة وتتقوى في طريق السداد وتشارك السبع الشداد فتعاند الحيوانات في جميع الاحوال ويطابق معناك اسمك في كل الاعمال وتكون كالكبريت الاحمر واقل القليلين ( الاقلين خ ) فانت اذا القرية الظاهرة للسير الى القرية المباركة فتكون من المختصين بهم والواردين حوضهم والشاربين من كاسهم والمكرين في رجعتهم والمحسوبين منهم اذ لا يكر الا من عرفهم بالنورانية ولا يعرفهم كذلك الا الراسخ في الحكمة الحقيقية ( الحقيقة خ ) فتعرف بها الحيث والكيف والم ( الكم خ ) ومفصوله وموصوله وما يؤل اليه اموره وليس اعلى من هذا المقام مقام ولا دونه مطلب ومرام ولا خير اكثر من هذا الا ترى ان الله سبحانه ذكر اعظم ما اعطى لقمان في مقام الامتنان بقوله ولقد اتينا لقمان الحكمة وداود انه اتاه الحكمة وفصل الخطاب وهي كما قلنا معرفة حقائق الاشياء الم تر ان نبينا صلى الله عليه واله كيف طلب ذلك وقال اللهم ارني الاشياء كما هي اذ بها يحصل التحير التام المسئول عنه بقوله صلى الله عليه واله اللهم زدني فيك تحيرا فان حصل لك ذلك ووفقك الله لما هنالك فاعرف قدرها واغل مهرها فان ما لم ‌تسمع من منافعها وفوائدها اكثر واعظم مما سمعت ومجمل القول انه يفتح لك عند ممارسة هذا العلم ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فشمر عن ساق الجد في طلبه واسئل الله التوفيق لعمله فانه تمام الامر نسئل الله التوفيق لنا ولك انه ذو الفضل العظيم لكن اياك ان تقع في الضلالة وتسلك مسلك اهل الجهالة اذ ليس كلما تسمى الحكمة حكمة ولا كلما يقال له العلم علما ما كل من حاز الجمال بيوسف وستميز انشاء الله تعالى بين المحق والمبطل عند ذكر الميزان

الاشراق الثاني - في تعريف العلم قالوا الحكمة هي العلم باحوال اعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الامر بقدر الطاقة البشرية اقول والمراد باحوال الاعيان ما يعم الكل والبعض في الكل ليشمل الكل ويصدق الحد طردا وعكسا هذا هو المختار ( من خ‌ل ) بين الشقوق المحتملة الحاصلة من تربيع الثلثة بشرط ان تضم اليه بقدر الطاقة البشرية فشمل الحد الحكماء مطلقا ولا معنى للتخصيص بالبعض في الكل لاخراج الانبياء والملائكة لكونهم الحكماء حقيقة ومنهم نشات الحكمة وعنهم برزت وبهم تحققت واستعملت فيهم شرعا وعرفا ولغة قيل ان التقييد باعيان الموجودات احتراز عن المنطق لكون المبحوث عنه فيه المعقولات الثانية وهي ليست باعيان موجودة اذ المراد منها الموجود الخارجي المتحقق الوجود ولا كذلك هناك وفيه ما فيه والاعيان تجب ( يجب خ ) ان تكون عامة شاملة لكل افرادها من الملك والملكوت والجبروت واللاهوت ليكون البحث عن احوالها منها والا لم يكن العلم على ما هي عليه لانه لا يتصور الا بعد الاحاطة بجميع مراتبها في جميع مراتبها وكذلك يجب ان يعم الاعيان الموجودة بالموجود المقابل للمعدوم الصرف ليعم الموجودات الممكنة الغير المعينة ايضا وان كان خلاف المتبادر في العرف والا لخرج كثير من المسائل عنها كالبحث عن الامكان والممكن نفسه والاعيان الثابتة في العلم الامكاني المعدومة في العلم الاعياني وعن الامور المحتومة المقدرة او المشروطة وكيفية البداء وامثال ذلك من المسائل في هذا الشان فيجب العموم لادراك الخصوص وكم من خبايا في زوايا

اشراق نور وازهاق ظلمة : لعلك تتوهم ان بعض الجهال من اهل المكر والضلال الذين يكثرون المقال ويطيلون القيل والقال داخلون في الحد لكونهم من الباحثين عن الاشياء على ما هي عليه حاشا ان يكونوا كذلك وان يصدق عليهم اسم الحكيم في الحقيقة وان الحدوا في الاسماء بمجرد الدعوى بالكذب والافتراء لان قولنا على ما هي عليه في نفس الامر يخرجهم ويبعدهم اذ ليس ما يبحثون مما هو عليه في الواقع بل مما انطبع في اذهانهم واوهامهم من الصور المعوجة المغيرة لاعوجاج المحل فتبا لهم وسحقا

تمثيل نوري : انظر في نفسك اذا نظرت في المراة العوجاء هل ترى في وجهك استقامة او في الحمراء هل ترى فيه بياضا مع ان وجهك ما تغير عما هو عليه فلا يقال لمن رءاك في المراة العوجاء وحكم عليك باعوجاج الصورة انه ادركك كما انت عليه لا بل على ما المراة عليه بخلاف ما اذا رءاك في المراة الصافية المستقيمة فانه يقال له انه ادركك كما انت عليه لحكاية المراة اياك كذلك ولا كذلك في حال الاعوجاج ومن هنا تعتبر حال المحق والمبطل فالمبطل خارج عن مهية الحد ابدا وتعرف ذلك حين العرض فان طابق وافق لا تصاله بالشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء والا فاضربه بالحائط فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون وسنزيدك ( انشاء الله خ ) في الميزان

تقسيم احوال الاعيان اما ان تكون بقدرتنا واختيارنا ام لا فان كان الاول فهي الحكمة العملية وان كان الثاني فهي الحكمة النظرية والاول لا يخلو اما ان يكون علما لما يتعلق بالتدبير الذي يختص بالنفس من حيث تحليها بالفواضل وتخليتها من الرذائل فهو علم الاخلاق والا فهو علم تدبير المنزل ان كان مما لا يتم الا بالاجتماع المنزلي وعلم السياسة المدنية ان كان مما لا يتم الا بالاجتماع المدني ان تعلق بامر السلطنة وتدبير امر الرعية وعلم النواميس المعروف عند المتشرعة بعلم الفقه ان تعلق بالسياسات الالهية والحكمة النظرية لا يخلو اما ان يكون البحث فيها عن احوال اعيان ( الاعيان خ ) لا تكون مخالطة المادة شرطا لوجودها ولا لتعقلها ( لتعلقها خ ) اولا فالاول فهو المسمى بالعلم الالهي والفلسفة الاولى والعلم الاعلى وعلم ما بعد الطبيعة والثاني لا يخلو اما ان تكون تلك المخالطة شرطا لوجودها خارجا دون تعلقها وتصورها او شرطا لهما معا فالاول هو العلم الاوسط والرياضي والثاني هو العلم الاسفل الاول والطبيعي والمقصود من الاول في الثاني الشكل المقداري مطلقا وان كان لا يوجد الا في المادة الجسمية وهي المراد منها في هذا التقسيم لا مطلقا وان كان لا يوجد لعدم ( لا مطلقا لعدم خ ) خلو شيء منها مطلقا سوى الواجب الحق سبحانه وتعالى فاندفع الاشكال فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال والظاهر من هذا التقسيم المتعارف لتحقق الصدق بدون المجموع ولا كذلك في غيره وان امكنك القول بان الصدق عرفي ظاهري لا حقيقي واقعي كما هو المطلوب هنا

الاشراق الثالث - في الموضوع اعلم ان الموضوع ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية اي الذي يعرض ذاته لذاته او لامر يساويه او لجزئه وهو في هذا العلم اعيان الموجودات مطلقا على ما قلنا لكون البحث فيه عن احوالها فموضوع العلم الاول الاعلى الالهي الوجود بما هو وجود على ما قيل فان كان البحث فيه عن الاله واحواله وصفاته وما يخصه من الصفات الجلالية والجمالية فهو الالهي بالمعنى الاخص وان كان مطلقا فهو الالهي بالمعنى الاعم وفيه ما لا يخفى اذ الاله الواجب القديم تعالى شانه وعظم برهانه ليس فردا من الوجود المطلق كما ستعلم الا ان يراد به اللفظ فالاولى ان يقال ان موضوع العلم الالهي هو ما يعبر عنه بالوجود فان كان عبارة عما يخص ( يختص خ ) الاله فهو الاخص والا فهو الاعم وموضوع علم الرياضي هو الشكل المقداري اي الجسم التعليمي وموضوع علم الطبيعي هو الجسم الطبيعي الظاهر في الجسم التعليمي فتفهم وتبصر وفقك الله

ايقاظ وتنبيه : موضوع كل علم لا يبحث عنه في ذلك العلم اذ المقصود من وضعه اثبات نسب محمولاته له كما في موضوع المسئلة فلا يبحث عنه فيه لكونه خارجا عن المقصود فيجب اما ان يكون بينا او مبينا في العلم الاعلى اذ قد يكون الشيء موضوعا لشيء ومحمولا لاخر كما جبل عليه الوجود في اطواره فموضوع علم الرياضي والطبيعي محمول لعلم ( للعلم خ‌ل ) الالهي لكونه من عوارضه الذاتية الاولية كالبحث عن الجواهر والاعراض واما موضوع العلم الالهي فالحق انه بين بديهي بالاجمال وان كان نظريا على التحقيق والتفصيل وذلك يكفي في موضع ( موضوع خ ) البحث اذ لا يشترط العلم بجميع حقيقته المفصلة عند البحث عن احواله الذاتية وهذا معنى قولهم ان موضوع العلم يجب ان يكون بينا او مبينا في العلم الاعلى

تحقيق موضوع الالهي الخاص هو الوجود الحق عندهم وعند المتكلمين القشريين الظاهريين ذات الحق سبحانه وتعالى والامران واحد والفرق كما قلنا والحق انه فيه المثال لاشتراط العلم فيه ولو بوجه ما وهو منتف فيما قالوا لكونه المجهول المطلق فلا يصح طلبه والتوجه نحوه لان الطريق مسدود والطلب مردود والمثال هو المنتهى اليه الخلق انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها وهو المثال على التحقيق وليس كمثله شيء ولله المثل الاعلى

الاشراق الرابع - علمنا هذا علم يبحث فيه عن المعارف الالهية والحقائق اللاهوتية والامثلة الملقاة في هويات الاشياء على ما هي عليه في نفس الامر بقدر الطاقة البشرية على النهج المقرر من مبادينا واوائل جواهر عللنا فشمل الحد المراتب باسرها اذا عممت الحقائق اللاهوتية بما يشمل المراتب المتنزلة كينوناتها واسباب ترقياتها ودوامها وثباتها وحفظها عن اعدامها وخرجت الحكمة المصطلحة عندهم بالاخير لكونهم لا يلاحظون ذلك وان لم يلاحظوا عدمه ايضا وكذلك ايضا بقيد المثال الملقى فانهم يبحثون عن الوجود مطلقا في العام والحق في الخاص وخرج الكلام بالقيد الثاني المعمم ودخل الطبيعي والرياضي في المعمم بالكينونة و( في خ ) تنزلها الى المواد الجسمية وان كانت بنفسها ليست منهما وهي وما فوقها تدخل في الالهي بالمعنى الاعم ودخل بالمعمم باسباب الترقي اقسام الحكمة العملية والاخلاق ( فالاخلاق خ ) والنواميس باسباب الترقي في الالهي وان كان في الطبيعي والسياسة المدنية وتدبير المنزل بالدوام والثبات وعلم الطب واضرابه بالحفظ عن الاعدام الظاهري كذلك ساير العلوم يمكنك تستنبط من الحد كما تستنبط من الاصل على الفرعية بل كلما في الوجود باي نحو منه يدخل فيها بالفرعية وكذلك ايضا علم الصناعة الفلسفية والسيميا والريميا والهيميا والليميا ويدخل علم القيافة والكف والكتف بالكينونة وكذلك البحث عن الالفاظ صورتها ومادتها ودلالتها والاحكام الحاصلة من اقتران بعضها من ( مع خ ) بعض تدخل فيها بالكينونة الصفاتية ( الصفتية خ ) ومجمل القول ان كل علم من العلوم وكل رسم من الرسوم انما هو متشعب ( منشعب خ ) منها اذ البحث في العلوم لا يخلو اما ان يكون عن كينونات ذواتها او كينونات صفاتها او ما يحصل به ثباتها او ترقيها او تنزلها على كلا الاعتبارين والجامع لها الحكمة الالهية الحقة فلمثلها فليعمل العاملون ولادراكها فليتنافس المتنافسون

بيان واقعي : موضوعها مطلقا هي الحقائق الخلقية والاعيان الوجودية كما سبق واما موضوع ما خصصناه بالذكر في هذه الاوراق الذي هو الالهي بالمعنى الاخص هو المثال والتجلي المشار اليهما في الحديث تجلى لها فاشرقت وطالعها فتلالات والقى في هويتها مثاله واظهر عنها افعاله او المقامات والعلامات المشار اليها في الدعاء فجعلتهم معادن لكلماتك واركانا لتوحيدك واياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك وهو ما قلنا لك من المثال الا ان المثال اصطلح في المقام الخامس والعلامة الخامسة كما سياتي ان شاء الله تعالى ( وهو خ‌ل ) وان كان من الموضوع الا انه على التفصيل من المحمول فافهم وتيقن

نور : قد سمينا هذا العلم زائدا على انه الاخص للاخص وقد يشمل الخاص في بعض مراتبه المتنزلة بالبيان كما سماه الحق سبحانه بقوله : خلق الانسان علمه البيان اذ ليس هو المعروف وان كان هو المعروف وليس المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير وان كان هو كذلك بل هو التوحيد كما عن اهل بيت التمجيد زائدا على ما دل عليه العقل السديد قال : وما البيان والمعاني قال قال علي عليه السلام : اما البيان فهو ان تعرف ان الله واحد ليس كمثله شيء فتعبده ولا تشرك به شيئا فيكون المحمول هو المعاني اي الصفات الخلقية الفعلية الظاهرة في المجالي الامكانية قال عليه السلام : اما المعاني فنحن معانيه ونحن علمه ونحن عينه ونحن حكمه ونحن جنبه ونحن يده الحديث فهي اركان التوحيد اللهم اني اسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك الى ان قال : فجعلتهم معادن لكلماتك واركانا لتوحيدك الدعا فتم العلم بالمعاني والبيان فسميناه بهما تبعا لمبدئنا كما شرطنا في الحد لانا لا نلحد انشاء الله في الاسماء ولا نخاطب بان هي الا اسماء سميتموها انتم وابائكم ما انزل الله بها من سلطان كما يخاطب به غيرنا وقد نسميه بعلم المعرفة اذ به تحصل المعرفة الكاملة بقدر الطاقة البشرية فاعرف ذلك

اللمعة الثانية - في الادلة قال الله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ولها اشراقات :

الاشراق الاول - الدليل يختلف باختلاف المدلول وجود الشيء في الخزائن الغيبية التي مفتاحها عند الله يطلع من ارتضى بالترجمان وهي وان كانت تسعة الا ان ثمانية منها تجمعها مراتب ثلثة وواحدة منها لا يحاط به ( بها خ ) علما فلا دليل وهو لله سبحانه وتعالى قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ولكل مرتبة منها دليل للواقفين فيها اما المستدل والمستدل له فتثلثت الادلة كما اخبر الحق عنها ولكل دليل اهل وكل اهل له مقام ومنزل ونشير الى المجموع على التفصيل بالاجمال

الاشراق الثاني - في الدليل الاول وهو الحكمة وللمستدل والمستدل له بهذا الدليل موقفان : الموقف الاول في الحجاب الابيض الاعلى ومقام السر المقنع بالسر ومقام الظاهر من حيث الظهور بالظهور وللواقف في هذا الموقف مقامات المقام الاول في المقام الاول اول المقامات والعلامات وهو الباطن الظاهر باول ظهور والصبح الطالع الصادق بعد كشف ظلمة العماء المقام الثاني في المقام الثاني ثاني المقامات والعلامات وهو الباطن من حيث الظهور لكونه تاكيدا للباطن من حيث البطون المقام الثالث في المقام الثالث ثالث المقامات والعلامات وهو العماء وباطن الظاهر وحق الحق والظاهر المقام الرابع في المقام الرابع وهو رابع المقامات والعلامات وهو الظاهر من حيث الظهور والحق والسر المقنع بالسر وفي هذه المقامات المستدل والمستدل له والمستدل عليه واحد لا اختلاف بينها الا بالاعتبار الواقعي الا ان تقول ان الاول يستدل للثاني وهكذا وادلة اهل هذا المقام كلها دليل الحكمة لكنه لا يقتدي الى كيفية ذلك الا من جهة الاثار وذكرها هنا من جهة البيان والا فهي مما هو خارج عن المقام لعدم فارس يجول في هذا الميدان فتدبر فانها ( من خ‌ل ) اغمض ما يرد على الانسان لا يدركها الا اوحدي الزمان الموقف الثاني في المداد الاول والدوات الاولى وهذا مقام المستدل والمستدل عليه والمستدل له بدليل الحكمة في كل الموجودات والمفعولات المقيدة وهذا مقام اولى الافئدة والمتوسمين الناظرين بنور الله الحق المبين ومنشا الحكمة ودليلها هذا الموقف فافهم

تبيين : دليل الحكمة معرفة الشيء حقيقة كما هي بالمشاهدة العيانية وهو معنى الاستدلال بها والمشاهدة على اقسام تجمعها مشاهدة العلة معلولها وبالعكس والمتساويان فالاول يستدل بنحو الاحاطة والثاني بنحو الحكاية والمثلية والثالث بنحو المناسبة والمشابهة المثلية اعتبر بحال الاشعة ( ومشاهدتها للسراج خ‌ل ) ومشاهدته اياها وادراك المقصود على التفصيل فافهم فانه دقيق

شرط : لا بد لصاحب هذا المقام ان لا يعرض عن الحق العلام وينصف ربه لانه يحاكمه اليه ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ويقف عند بيانه وتبينه وتبيينه عند قوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم لانه يخبر عن المشاهدة وليخف ربه عن المنازعة بل عن المشاركة هذا اعتباره في نفسه في اصابته وستعلم حال الغير بالنسبة اليه

تبصرة : يعرف الحق بدليل الحكمة بالمعرفة الكاملة الحقيقية وهي المسئول عنها في حديث كميل ويعرف ايضا به حقائق الاشياء كما هي ان راعي الشرط والا فكما مر انه عليه وفي الاول يخرج من ظلمة الشك والجهل الى نور المعرفة والمشاهدة كما انه يخرج في الثاني عن ظلمة الجهل الى ظلمة الانكار والعناد والجحود ظلمات بعضها فوق بعض

الاشراق الثالث - في الدليل الثاني وهو الموعظة الحسنة وهو لاهل القلوب وللمستدل والمستدل له بهذا الدليل موقفان الموقف الاول في الدرة البيضاء والحجاب الابيض الثاني والكون الجوهري والطور والقلم واول غصن اخذ من شجرة الخلد واول من ذاق الباكورة في جنان الصاقورة وهذا اول مقام المستدل وهو ينبوع المعاني ولا يوصل الا اليها الموقف الثاني في الحجاب الاصفر وعالم الاظلة وينبوع الرقائق وهذا ثاني مقام المستدل الا ان هنا وجهه الاعلى الى الاعلى والاسفل الى المجادلة

تحقيق انيق : دليل الموعظة الحسنة هو ان تردد الخصم بين الحق المقطوع به والباطل المشكوك فيه وتنتج الحق المقطوع به كما جاء في الخطابات الالهية كالاخبار من ( عن خ ) مؤمن ال فرعون ان كان كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم

شرط : من له قلب لا بد ان ينصف عقله يعني ان لا يظلمه فيما يستحقه ليصح استدلاله بالنسبة الى نفسه

تنبيه : يوصل دليل الموعظة ( الحسنة خ‌ل ) الى علم الاخلاق والطريقة ويورد صاحبه مورد اليقين ويعرفه معنى الشيء وباطنه على جهة التمكين ولا تفارقه بشرطه لانه اجلى منار في الدين اذا لم تتمكن من دليل الحكمة والا فخذه وكن من الشاكرين ( وليس وراء عبادان قرية خ‌ل )

الاشراق الرابع - في الدليل الثالث وهو المجادلة بالتي هي احسن وهو لاهل العلوم والصور وللمستدل وللمستدل له بهذا الدليل عشرون موقفا اعلاها الصور المجردة وادناها الترب المؤصدة وبينهما دركات كثيرة الحيات والعقارب فيها ظلمات ورعد وبرق قل من ادرك بها الصواب ووصل بها الحكمة وفصل الخطاب وان فرض ذلك في هذا الطريق الوعر المسالك فانها وصل الى القشر والصورة وبينه وبين الشيء كما هي فراسخ بعيدة فاعتبر حال الحكمة الظاهرية المعروفة ان فرض حقيقتها اذ ما مطلوبك ( يطلبون خ ) به الغاية دليل المجادلة وما له سبيل الا الى الصورة فاين انتم يا اهل الحقيقة اخرجوا عن جلباب الخمول واطلعوا عن المحاق والافول لينظروا ( لتنظروا خ‌ل ) ما لا تدركه العقول واذ لم ‌يهتدوا بهذا فيقولون ( فسيقولون خ‌ل ) هذا افك قديم

اشعار : قال تعالى ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا لكم ومتاعا الى حين اهل الصورة في مراتبهم العشرين تجمعهم ثلث مراتب عند مداركهم الاولى مقام الوبر لب اللب يدركونه في عوالمهم الغيبية الصورية متنازلة المراتب متفاوتة المدارك الى العرش والكرسي الثانية مقام الصوف اللب يدركونه في السموات السبع متنزلة المراتب متقاربة المدارك الى العناصر البسيطة الثالثة مقام الشعر القشر الخالص يدركونه في الارض المعروفة مظهر اسم الله المميت

ولكل رايت منهم مقاما شرحه في الكلام مما يطول

توبيخ ( توضيح خ‌ل ) : ما انزل مقام من فسر الحكمة في الكلام الالهي بالبرهان المنطقي والموعظة الحسنة بالخطابة والمجادلة بالتي هي احسن بها فيه وليت شعري اليس ما ليس له صورة فاين الاشكال او يكون غير ما ذكر فلم لم يذكره القادر المتعال اترى ان القران فيه اهمال او يدرك بها فاين الانفعال اعرفوا الله بالله لان الادوات انما تحد انفسها بل بك عرفتك يا الهي وانت دللتني عليك ودعوتني اليك ولولا انت لم ادر ما انت

ارشاد : من له علم لا بد ان يخشى ربه ومنها ان ينصف خصمه والا لم تكن هي حسنة وان يعرض عن المراء والجدال ولا يستدل بباطل على حق في عرض المقال او بعكس الامر او ينقلب في الاحوال ويدور مدار الحق في المبدء والمال ولا يقول اذا ما عرف ان هذا ضلال اياك والخصومات فانها تحبط الاعمال فاسلك سبل ربك ذللا

اللمعة الثالثة - في الميزان قال الله تعالى واوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير واحسن تاويلا وقال تعالى واقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان وفيها اشراقات :

الاشراق الاول - ان علمت المنطق ببدايع البيان علمت ان كل شيء يقبل الزيادة والنقصان اذ قد يتداخل الكتابات ( الكتابان خ ) بل هو الواقع فاحتيج الى الميزان اذ الشمس والقمر بحسبان مع انهما من اكبر ايات الحق ( الملك خ‌ل ) المنان فاعرف ان كنت من سنخ الانسان فكل حق له باطل مقابل وكل صحيح له قبيح مماثل فكيف تعرف الحق من الباطل فكيف تميز بين الدائم والزائل الا بالميزان المعادل وهو يجري من صرف الحكمة الى المجادلة والميزان اربعة متناسبة اذ يجري في كل ما لا يجري في الكل فيجب اعتبار المجموع لينفجر لك من ارض الحقيقة ينبوع

الاشراق الثاني - في الاول منها وهو العقل الصحيح المستقيم والطبع الصافي السليم وطرفاه في طرفي المتفرد به من الدليل والمدلول اذ لا يصغي الى من فقد المشعر فانه طلب المحال وهذا في كل شيء في كل الاحوال فاذا اردت علم ذلك فاسئله عن المدرك ان اخبرك بان ليس هناك جهة وجهة وحيث وحيث بل يسمع كما يرى من الجهات الست فاعلم انه الاعلى ان كان المدرك مما لا ياباه والا فلا فانه الثاني الاوسط ان ادعى انه ( معنى خ ) مجرد كذلك والثالث ان اعترف بالعلم وهو كذلك الا ان يكون على غير بصيرة فيدخل الثريا في الثرى كما هو حال اهل النوى فميز بين الصدق والكذب اولا بالسؤال عن المشعر والعقل بمعنى التميز المطلق الصحيح يعم الجميع على التحقيق لكنه دقيق دقيق

تكميل : العقل في القلب والمعرفة في الفؤاد والعلم في الصدر انما هو رشح ترشح عليك من بحر فيض المبدء الاول وقطرة قطرت من العشر الاقدم الاكمل فقطر الاول من الابيض والثالث من الاخضر ولا لون للثاني لاستلزامه الجهة المنفية عنه وهل رايت القطرة تخالف ما قطرت عنه والرشح ينافي ما ترشح منه فصح الاعتبار عند اهل الاعتبار الا ان القطرة لما كانت تتكيف بكيفية المحل ما اقتصرنا على كل من الثلاثة حال انفراده في الحكم الا اذا كان معصوما ولذا جعلناه مصدرا وحكمنا بالاتحاد حال الاتفاق

الاشراق الثالث - في الثاني وهو كتاب الله الثقل الاكبر لكونه طبق الركن الايمن الاعلى من العرش في مراتب التوصيف الظاهر بالتدوين فالمطابقة واضحة والموافقة بينة والا لما تحققت الوصفية وانعدمت جهة الاسمية فانتفى الاختلاف دقيقا وجليلا ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولذا لا يروم عند الوزن الى غيره الاصحاب لكنه سر خفي ما يتذكر الا اولوا الالباب وهو تمام الامر لمن عرف الفصل من الوصل والحركة من السكون وورد ماء المزن وشرب من نون

اغماض : القران مشتمل على ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه ومطلق ومقيد وخاص وعام ومجمل ومفصل واضمار واظهار وكنايات واستعارات وحقايق ومجازات بل على تغييرات وتبديلات ومقدم ومؤخر ومنقطع ومعطوف وحرف مكان حرف والفاظ عامة لها معاني خاصة والعكس ومطايب ( مطالب خ ) ومقاصد بعضها في سورة وتمامها في الاخرى وايات نصفها منسوخة وباقيها باقية وايات تاويلها قبل تنزيلها وما هو بالعكس والمعية وايات نصفها خطاب لقوم والباقي لاخرين وايات لفظها لقوم ومعناها لاخرين وايات على نحو اياك اعني واسمعي يا جارة وايات لفظها مفرد ومعناها جمع والعكس وايات يخص بها امير المؤمنين عليه السلام بالخطاب وما يعمه عليه السلام واولاده الطيبين عليهم السلام وما في ذم اعدائهم والغاصبين لحقهم وما يشير الى رجعتهم (ع) وعود دولتهم في كرتهم ونحوها مما يطول بذكره الكلام من الامور الظاهرية

كشف غطاء : ويشتمل على الظاهر بمراتبه الثلثة وظاهر الظاهر الى السبعة والباطن وباطن الباطن اليها او الى تنزلها بمرتبة والتاويل وتاويل التاويل كذلك وباطن التاويل كذلك واشارات وتلويحات ولطايف وحقايق ورموز عددية ورقمية وحرفية واسرار حقيقية ينكشف بها للعارف اسرار الالوهية ( لاهوتية خ ) وبالكل يستدل وعن الكل يستنبط فحيث كان كذلك لا يمكنك الاقتصار بذلك الا اذا احطت بما هنالك والا تضل المسالك او تورد المهالك من التسليم او الانكار وكلاهما لا يلايمان طبايع الابرار وان كان كل منهما مما لا يلايم فان طابق ( مما لا يلايمه فان تطابق الكل خ‌ل ) وافق اذ ليس وراء عبادان قرية اذ فيه تفصيل كل شيء ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين

تحقيق انيق : وان كان العقل نبيا باطنيا الا ان السلطان الجابر الكافر همته قتل الانبياء واخراجهم لاطفاء نور الله فاذا هرب النبي لم يبق الا النكراء وهي مثله في الصورة وان كان في الضدية الم تر قوله تعالى كلمة طيبة كشجرة طيبة وقوله تعالى كلمة خبيثة كشجرة خبيثة وقوله تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم وقوله تعالى ثم رددناه اسفل سافلين وقوله تعالى ووصينا الانسان بوالديه احسانا وقوله تعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم وامثالها من الايات فاين التميز وكلا ( كل خ‌ل ) يدعي وصلا بليلى فلا بد لك من الميزان وهو كما قلنا القران

تبصرة : امر القران كما دريت ان كنت ظاهريا او باطنيا قلبيا او فؤاديا بجميع المراتب فلا يمكنك الوقوف عليه مطلقا ان كنت من الاول وتفهمها ان انت ( تفهيما ان كنت خ ) من الثاني بالاجمال ان وردت الماء الصاد الصافي الزلال والا فقف في كل الاحوال الم ‌تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار وحرفوا الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء فاختلفوا ولا يزالون مختلفين الا من رحم الله فقف وتثبت في مجاري الاحوال واعلم ان العلم نقطة كثرها الجهال وقد اشرنا الى بعض هذه الاختلافات في جواب بعض المسائل وانت ان عرفت لحن القول تعرف ذلك

الاشراق الرابع - في الثالث منها وهي سنة النبي والعترة الطاهرة وقد تكاثرت بذلك الاخبار بل تواترت الاثار وانعقد عليه اتفاق المسلمين من المقرين والمنكرين عند عدم التفاتهم الى جهة المعاندة والمخالفة اما رايت كلام ابن ‌العاص لعنه الله :

بآل محمد عرف الصواب وفي ابياتهم نزل الكتاب

الابيات والشافعي :

وسائلي عن حب اهل البيت هل اقر اعلانا بهم ام اجحد

والله مخلوط بلحمي ودمي حبهم هم الهدى والرشد

الى اخر ابياته وغيرهم من المعاندين وتكفيك شهادتهم عن ذكرنا كما قال يزيد لعنه الله عند قول ابن ‌العاص :

ومليحة شهدت لها ضرائها والحسن ( الفضل خ ) ما تشهد به الضراء

لما قال معاوية عليه اللعنة والهاوية :

خير الخليفة بعد احمد حيدر والناس ارض والوصي سماء

قال يزيد لعنه الله :

ومناقب شهد العدو بفضله ( لفضلها خ‌ل ) والفضل ما شهدت به الاعداء

فاعتبر حالك ايها الشيعة في ائمتك الذين يقر بفضلهم المنكر والمعاند والمقر والجاحد فزن كلما عندك من العلوم والمدارك بميزانهم فان طابق فخذه والا فاضربه بالحائط فماذا بعد الحق الا الضلال فانت يا مدعي العلم ان اردت الفهم والمعرفة والبصيرة فهم معدنه ولبه وعندهم اصله وفرعه وان اردت التقليد فهم ايضا اولى بذلك من غيرهم لتنزههم عن الخطا والزلل والسهو ولا تمل الى غيرهم فانهم ما احوجوا شيعتهم الى غيرهم كيف وهم الحجج البالغة واغنوهم عن اعدائهم كيف وهم الانعم الظاهرة ولا تقل ان هذه امور عقلية لا تحتاج ( لا نحتاج خ ) اليهم الا الى الشرعية فان هذا زور وكذب مع ما ثبت من اتحاد العقل والشرع وهل ما عندك الا رشح ما عندهم

اذا شئت ان تختر لنفسك مذهبا ينجيك يوم الحشر من لهب النار

فدع عنك قول الشافعي ومالك واحمد والمروي عن كعب الاحبار

ووال اناسا نقلهم وحديثهم روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

نصيحة : يا اخي تمسك بحبلهم واستضا عن نورهم ورد حوضهم واسلك طريقتهم ( طريقهم خ ) واهتد بهديهم وانقطع اليهم وادخل في شدايد الامور عليهم فانهم والله الركن الاعظم والعماد الاقوم وعين التوحيد وحقيقة التقديس والتفريد لا يسلك الى الله الا بهم ولا يعرف الحق المعبود الا منهم ولا يظهر الحق الا عنهم وانقطع السبيل والطريق الى الله دونهم فلا يغرنك تزوير الاباطيل ولا يضلنك تمويه اصحاب الضلال والتضليل ولا تتوهمن انهم يرشدونك الى السبيل اذ الطريق منحصرة ( منحصر خ ) في اثنين ليس لهما ثالث فريق في الجنة وفريق في السعير فزن كلما يرد عليك بميزانهم فاقبل ما وافق واترك ما خالف قال عليه السلام ذهب من ذهب الينا الى عيون صافية تجري بنور الله وذهب من ذهب الى غيرنا الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض وبهذا القدر كفاية لمن له فهم ودراية

سر ( خفي خ ) : كلماتهم عليهم السلام طبق عقولهم الذي هو ( التي هي خ‌ل ) الاصل وكلما سواهم ( سواها خ‌ل ) هو الفرع وهو ( هي خ‌ل ) بصورة الجمع ولكنه ( ولكنها خ‌ل ) مفرد والقران صفته والموجودات اشعته اذ كان سراجا وهاجا فاين الاختلاف وانما مثل اصحاب القال والقيل مثل العميان والفيل فافهم تفهم ان كنت من القليل والا فرده الى اهله فهذه ( تهتدي خ ) السبيل

هداية : اذ قد علمت الاختلاف وعرفت انقطاع الايتلاف وتكثر اصحاب الزور وتوفر تصرفاتهم في كلماتهم وتزايد الكذابين وصرف تلك الكلمات الشريفة الى وجوه سبعين وتاديتها بالاشارة والتلويح لتسلم عن تصرف اهل الظن والتخمين وبالتقية التي هي اعظم اركان الدين وكونها كالقران في الاجمال والتبيين فلا تقف عند ملاحظتها ايضا على اليقين واما اهل القلوب واولوا الافئدة من المرحومين فلا يختلفون في الدين وفي احاديث ساداتهم الاطيبين الا انهم يحتاجون للتفهيم والتبيين الى رابع ليتم التوافق ويظهر التطابق ويتميز الكاذب من الصادق

الاشراق الخامس - في الرابع منها الكتاب التكويني والالواح الافاقية والانفسية المكتوبة فيها ايات الحق سبحانه وصفات افعاله وكينونات اثاره التي من شاهدها او قرءها وقف على اليقين ونجى من الظن والتخمين وهو على بصيرة من امره في كل امور الدين وقد نطق به كلام الحق بلسان عربي مبين سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون وكاين من اية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون واولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم وكذلك نرى ابرهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين ان في ذلك لايات لقوم يوقنون ان في ذلك لايات للمتوسمين الى غير ذلك من الخطابات الالهية وكذلك الاخبار المعصومية كما في قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه وقوله عليه السلام اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه وقوله عليه السلام في الدعاء الهي امرتني بالرجوع الى الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير الى غيرها منها

تبصرة : والاعتبار في ذلك ان كلما في القران والاخبار وصف الحق الذي وصف نفسه به للعباد لجهلهم واحتياجهم والوصف الحالي اجلى فيجب لابطال الحجة والاقتران بالمقالي اكمل واعلى فينبغي اكمالا للنعمة فالثاني دليل الاول وعلامة وجوده فثبت بالبرهان ان كلما في الاكوان من احوال الامكان المجتمعة في حقيقة الانسان مثال وصف الحق للخلق بالخلق فكلما في التدوين من الذوات والصفات والعادات والعبادات كلها مبينة مشروحة مفصلة في التكوين بحيث لا يحتمل الظن والتخمين الا من لم يعرف قرائة تلك الكتابة الواضحة ولذا قال مولينا الصادق عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية كما قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق اولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد اي موجود في غيبتك وحضرتك الحديث العبودية هي الاثر والربوبية صفة المؤثر فالحكاية ظاهرة وكلما في القران وما جرى بلسان الانبياء والاولياء من احكام الاكوان بيان لتلك الحكاية كما يعرفه اهل الدراية فصح التطابق وصدق التوافق فخذه وكن من الشاكرين

حكمة سماوية : كل العالم بالمعنى الواحد البسيط اي ما سوى الله بما فيه من الامكان والاعيان في جميع اطواره لوح واحد جلي يقرء منه كلما في التدوين بل هو صفته على معنى التنزل وفي هذا اللوح الكلي الواح صغار جزئية غير متناهية مكتوب في كل منها بخط خفي جدا كلما هو في اللوح الكلي واجلاها واشرفها واظهرها لوحان اظهرهما اخت النبوة وعصمة المروة التي الناس يعلمون ظاهرها ويعلم علي امير المؤمنين واهل بيته الطاهرين الطيبين ( الطيبون الطاهرون خ‌ل ) ظاهرها وباطنها والمسمى عند الحكماء بمراة الحكماء وعند طائفة بعبد الكريم وعبد الواسع وعندنا بعبد الله لمفارقته الاضداد ومشاركته السبع الشداد وهي مقتضى كمال العبودية اياك نعبد واياك نستعين ولكونه مثالا لذلك المسمى ومنه يظهر تغريد الورقاء وهذا هو الولد العزيز وقرة عين اهل التميز العالم الحكيم يحيي العظام وهي رميم والشجاع الذي يهزم الصفوف ولا يكترث بالالوف مقامه في جبل سيناء خزانته ( خزائنه خ ) في الارض المقدسة سريره على عشرة جبال موضوع هو لعين الحكمة والاسرار ينبوع في مملكته يوجد كل مخفي ومبروز وطومار سلطنته نسخة من اللوح المحفوظ في كمال التوافق وغاية التطابق واني في ذلك والله لصادق ان وجد طبيب حاذق وبالحق والصدق ناطق وقد يدرك في هذا اللوح ما خفي في الاعلى ولذا سموه بمراة الحكماء وهو الكتاب الاوسط ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وهذا اظهر الالواح ثم بعده اللوح الصغير الذي هو الكبير اي الشخص الانساني الذي كملت فيه جميع مراتب البيان والمعاني لكن مهب الرياح الاربعة من الركن اليماني كما في الكبير حرفا بحرف فكلما تطلب عندك فلا تقرء الا حروف نفسك والتدوين انما هو وصفك تهتد اليه ان نثرت نظمك ولا تكمل الا عند معرفة الاثنين فيرتفع البين من البين وهكذا حال ساير الالواح لكنه من الخفاء لا يكاد يبين يعرفه اصحاب التمكين المتجاوزين عن مقام التلوين والتمرين ان في ذلك لايات للمتوسمين وتوكل على الله انك على الحق المبين اعرف التطابق وافهم التوافق وكن من الشاكرين

تنبيه : تعرف ما قلنا بوحدانية الحق القديم ( وخ ) وجوب اجزاء فعله على احسن تقويم ان لم‌ يؤد الى الجبر السقيم اين الاتفاق من الاختلاف واين الانقطاع من الايتلاف واين الوحدة من الكثرة وما امرنا الا واحدة واين الكثير من الواحد اذ الكل لعظمة جلاله راكع ساجد فوجب ما قلنا والا لزم ما لوحنا

تذكرة : هذا هو الميزان القويم والقسطاس المستقيم والباب الذي امرنا ان ناتي البيوت منه وسبيل الرب الذي يحب ان نسلكه ذللا والدليل الحق الذي لا بد ان نتبعه رشدا ليمكننا ان نعيش عيشا رغدا والا كانت المعيشة ضنكا ويحشر في ( يوم خ ) القيمة اعمى لانه هنا اعمى ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور هذا اذا ما راعيت الوزن واما عند عدم مراعاة هذا الميزان المستقيم فويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا بل ران على قلوبهم بما كانوا يفعلون وانهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين بقية الله خير لكم ان كنتم تعلمون

ارشاد : قد نبهناك بحول الله على احسن الطريق وارشدناك الى الحق الصحيح ( الصحيح الحقيق خ‌ل ) بالتصديق والتحقيق ودعوتك الى الصراط المستقيم دعوة الوالد البر الشفيق فتمسك به وتثبت لديه فانه به حقيق ومع ذلك فليس انشاء الله تعالى الى الخطا طريق واركب هذه السفينة فان البحر عميق عميق واستعمل هذه المنظرة فان الخط دقيق دقيق وصاحب هذا الرفيق فانه صديق صديق يداريك على الحق فانه رفيق رفيق وما اريد ان اخالفكم الى ما انهيكم عنه ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب

الباب الاول

في الوجود وفيه لمعات :

اللمعة الاولى - في اقسامه ولها اشراقات :

الاشراق الاول - في نفس التقسيم قال الله تعالى ليس كمثله شيء فاعلم انه لا اله الا هو فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا وقال الرضا عليه السلام حق وخلق لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما

تحقيق : اعتبار المقسم في التقسيم الحقيقي لازم فالتركيب في الاقسام متحتم والتضاد بينهما ( بينها خ ) ثابت دائم فاين المهرب من هذا الطمطام المتلاطم ان قلت بان الحق في التقسيم واقع فاختر لنفسك واحدا منها اذ ليس لك عنها عنده دافع ان قلت بانه الاول فقد اتيت بالمناسبة يكذبك حكم المباينة وعدم تحقق الكمال التام اذا صلح لالتحاق القصور والنقصان وان كان في الامكان هذا مع ان الشريعة تبطله ويحيله البرهان لا يقبله ايضا الوجدان وهو معلوم لمن له عينان والثاني والثالث يستلزم التركيب والتضاد ولانزال ننزهه عن التركيب ونرفع عند الانداد مع ان التركيب بجميع اقسامه فاسد واللازم منه هنا الواقعي

الاشراق الثاني - المقسم غير الاقسام عند الاطلاق وان كان داخلا في حقيقتها عند التقييد والقيد خارج عن حقيقة المتقيد وان كان المجموع حقيقة ثانية للمجموع وهو قولهم ان نسبة الفصل الى الجنس نسبة الخاصة الى العرض العام فاذا تحقق الخروج فاي شيء هو اذا حصرت الاقسام في الواجب والممكن فاذا اخترت احدهما فجاء التضاد فلا يعتبر في الضد الاخر هذا خلف وان قلت غيرهما فليس الا الليس فلا يعتبر في الايس اذ المفهومات على زعمك ثلثة وان قلت ان هذا التقسيم فينا وليس الا التعبير والتفهيم لعدم انتهاء المخلوق الا الى مثله قلت دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان وليس الحق كما زعمت ايها الانسان اليس تقول ان الواجب ليس بمركب وهل تخبر عن الذات البحت جل شانها او عما عندك فان كان الثاني فما عندك الا الامكان وهو نفس التركيب فكيف السلب تنبه عن سنة الغفلة وتجرد عن صفة الجهلة واعلم ان الوجه توصفه بالصفات اللايقة بالقديم فلا تلاحظ حين الوجه جهة الامكان الست تقول كل شيء هالك الا وجهه اليس الامكان نفس الهلاك فافهم فانه دقيق

تعليم الهي : الوجه عندك فانظره واعرفه وصف معبودك جل شانه بما وصف لك بك فنزهه عن ان يكون مقسما وقسما وقسيما ولا تقايس ربك بنفسك بل اعرف الله بالله والا يصدق عليك ما قال مولينا الصادق على جده ( وجدته خ‌ل ) وابائه وعليه وابنائه الاف التحية والثناء في المناجاة بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة فشبهوك يا سيدي وجعلوا بعض اياتك يا الهي اربابا فمن ثم لا يعرفوك واعلم ان ما تصورته وسميته مفهوما هو ما انطبع في مراة خيالك عند مقابلتها للخزاين الامكانية فلا يصلح ان يكون مقسما معتبرا في الوجوب والوجود كما زعموا مطلقا وان جعلناها قسمة تعبيرية وتفهيمية حيث ان صفاته تعبير واسمائه تفهيم وذاته حقاقة ( حقاقته خ ) وكنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه فانهدم ما اسسوا وانعدم ما شيدوا واضطرب ما اصلوا وتزلزل ما احكموا من تقسيم الوجود ان جعلناه حقيقيا على كلا الاعتبارين

الاشراق الثالث - حيث علمت بطلان التقسيم من اصله وراسه علمت بطلان ما ذكروا من الاقسام مع اضطرابهم فيها وتشتت اهوائهم في بيانها كانه ما طرقت اسماعهم قول ولي الملك المتعال العلم نقطة كثرها الجهال فقيل ان الوجود ان اخذ بشرط لا فهو الوجود الحق وان اخذ لا بشرط فهو الوجود المنبسط وقد يطلقون عليه المطلق وان اخذ بشرط شيء فهو الوجود المقيد وقيل ان الوجود ان اخذ بشرط شيء فهو الوجود المقيد وان اخذ بشرط لا فهو الوجود العام البديهي وان اخذ بلا شرط شيء فهو الوجود المطلق وهو الذي يطلق على الله دون الاولين وقيل ان الوجود ان اخذ بشرط شيء فهو الوجود المقيد والممكن والا فهو الوجود المطلق الواجب الحق القديم وقد قيل هنا كلمات اخر ترجع اليها وانت خبير بان التقسيم مع انه فاسد من اصله يلزم على الاول التحديد والتعيين والتركيب وعلى الثانيين الكفر الصريح المبين يعرفه الوارد على هذا الماء المعين وان لم تصدقنا فزنه بالميزان القويم والقسطاس المستقيم

الاشراق الرابع - اما نحن فنقول ليس هنا مقسم ولا قسم ولا قسيم كما قال مولينا الرضا الصادق الامين حق وخلق لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما وقال تعالى له الخلق والامر فعلمنا ان الخلق اثنان فتنقح لنا ان ثلثة يعبر عن كل منها لا مطلقا عند طلب معرفتها بالوجود الاول هو الوجود الحق لا كما قال الاول الثاني الوجود المطلق لا كما قال الثاني ولا الثالث بل كما قال ائمتنا سلام الله عليهم كما نبين انشاء الله تعالى عند قوله عليه السلام خلق المشية بنفسها بملاحظة قوله تعالى لا شرقية ولا غربية الثالث الوجود المقيد لا كما قالوا بل كما ياتي انشاء الله تعالى فليس هناك تقسيم ولو فرض فانما هو في اللفظ فقط واين هو من المعنى واين من التركيب اللازم

كشف غطاء : لما تدبرنا الكون وجدناه مثلثا لا بل وجدنا اثنين وثالثا فاعلا وفعلا ومفعولا فالوسط وان كان من الاخير لكنه مطلق فاخيريته بنفسه لكنه هو الاول حيث اقمنا البرهان على ان الفاعل متاخر عن الذات فلم‌ يبق الا الكينونة او قل نورها وظلها فاجتمعت المراتب كلها وان افترقت ولذا قلنا مثلثا واليه اشرنا الى بعض ما اشرنا لما ظهر ما ظهر كما ظهر بما ظهر لما ظهر تثلث ما ظهر بما ستر كما ظهر ه‍ واما سر الاضراب فان تقول حق وخلق ومخلوق على العبارة الظاهرة واما العبارة الحقيقية فكتمانها اولى من اظهارها اذ الحيطان لها اذان لكنك تدركه ان كنت من سنخ الانسان لما لوحنا على البصيرة والايقان ومن هنا يظهر بطلان التقسيم هداك الله وايانا الى الحق الواضح المستقيم

الاشراق الخامس - المفهوم من المفهوم ان كان هو المفهوم فلا قسم ولا قسيم ولا مقسوم وهو المفهوم ايضا عند اهل الرسوم او يختلط الاحوال كما هو المعلوم من جعل الاقسام نفس المقسوم والا فلا شيء ولا لا شيء ويجب ان يكون كذلك لكون الاقسام تعين المقسوم لانهم حصروا الليس واللاليس في الاقسام فاين يذهبون وان كان المقسم شيئا فما بال احد اقسامه يكون لا شيئا بحتا وعدما باتا صرفا وليسا ساذجا لضرورة الاعتبار وان كان النقيض فما بال النقيض ولا تقل هذا باعتبار الوجه كما قلت في الاول لانا نقول ان الوجه في الاول لا وجه له اذ الوجه فرع وجود ما يتوجه اليه وفي الثاني يجري عليه حكم ذي الوجه كما دريت سابقا ثم ان الوجوب بالغير ليس الا اللفظ والا فهو في قبضة الغير ان شاء ادامها ( ادامه خ‌ل ) وان شاء اعدمها ( اعدمه وكذا الامتناع بالغير فانه امكان بالذات خ‌ل ) واما الامكان بالذات فهو بالغير لان الغير امكنها ثم كونها فعينها فقدرها فقضاها فامضاها ( امكنه ثم كونه فعينه فقدره فقضاه فامضاه خ‌ل ) فاين ذاتيتها ( ذاتيته خ‌ل ) فلا شيء الا بالغير الا نفس الغير الذي غيوره تحديد لما سواه ان ارادوا بالذات نقيض ما قلنا كما هو المعلوم منهم لقولهم ان الامكان ليس شيئا ولا تعلق عليه جعل فان هذا غلط فاحش اذ كلما يصدق عليه اسم الشيئية فهو مخلوق ما سوى الله فبقي الحق القديم الحي القيوم واسمه وصفته الا له الخلق والامر لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما والاسم هو المنبئ عن المسمى وهو حقيقة الخلق الامكان والممكن وسنزيدك انشاء الله تعالى مبرهنا بالبراهين الحقية الحقيقية ولا حول ولا قوة الا بالله

اللمعة الثانية - في اشتراك الوجود قال الله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى هل تعلم له سميا وليس كمثله شيء لا اله الا هو الحي القيوم وحده لا شريك له ولها اشراقات :

الاشراق الاول - اعلم ان المرابطة الحقيقية والمناسبة الذاتية المستدعية لنسبة كل اسم الى مسماه ولازم الى ملزومه ترفع جهة الاسمية وتعدم جهة المدلولية بالنسبة الى ذات الحق جل شانه وعظم برهانه وسلطانه والمناسبة بكل انواعها واحوالها واطوارها منتفية مع استلزام جهة وجهة وحيث وحيث وهي تنافي كونه ذاتا بحتا وغيبا مطلقا ومجهولا مطلقا فلا مسمى ولا اسم وان ابيت الا الجمود على الخلاف ومنعت المناسبة بين الاسم والمسمى مع انك كانك حينئذ تنكر الضرورة مع استلزام ما سبق يسئل ( تسئل خ‌ل ) عن الواضع للاسم للذات وعلته فان قلت ان الثاني هي اقتضاء الذات فقد اتيت بالكذب البحت البات فيتعين التعريف وعن الاول فان نسبت الى الخلق فقد افسدت رايك لما دل على العموم وفي الخصوص اني للخلق وادراك الذات وتصورها فتتعين النسبة الى الحق للتعريف ولما كان الجهل بمقام الذات هو العلم فكان الاسم لجهة التعريف وهو مقام القايم في زيد قايم فلا اسم في رتبة الذات فحيث لا اسم لا اشتراك لانه على احد الوجهين يستلزم احد الوجهين فلا كلام هناك ولا مقام يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا فقولنا الوجود الحق انما هو تعبير رجع من الوصف الى الوصف لانك ان قلت هو هو فالهاء والواو كلامه وان قلت الهواء صفته فالهواء من صنعه فعمي القلب عن الفهم والفهم عن الادراك والادراك عن الاستنباط وانتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله وهجم له الفحص الى العجز والبيان على الفقد والجهد على الياس والبلاغ على القطع والسبيل مسدود والطلب مردود دليله اياته ووجوده اثباته فدع عنك بحرا ضل فيه السوابح

الاشراق الثاني - حيث لا علم كيف يتاتي الحكم والقول بالعدم لنعدم العدم والا فاني لنا ذلك القدم لاستلزامه القدم لضرورة التجانس وهو لمطلوبنا معاكس والذي كتب فينا من ذلك الوصف الجلي بالكتابة الواضحة عدم التسمية فانظر لوح نفسك وشاهدها بالمشاهدة الجلية فاذن كيف تثبت الاسم ولم تجد منه فيك لا حقيقة ولا رسما واما مقام الاسماء فهي مقام الواحدية ولا دخل لها بالاحدية وهي تمام بسم الله الرحمن الرحيم اعني الكاف المستديرة على نفسها على خلاف التوالي الدايرة نفسها عليها على التوالي وهي الحقيقة المعبر عنها عند طلب معرفتها بالوجود المطلق

سر خفي : لو تامل الشارب من رحيق التحقيق بالتامل الصادق الدقيق والفكر التام العميق عرف ان هذا المقام ايضا مما لا اسم لها ( له خ‌ل ) على الحقيقة الواقعية وهذا واضح لو قلنا بان الواضع هو الخلق لامتناع ما يعتبر عند الوضع واما على ان الواضع هو الله سبحانه كما هو الحق فلما هو المعلوم من انه انما هو بهذه الحقيقة الشريفة لمكان الواضعية المستدعية للفاعلية ولا يجري عليها ما هو ( هي خ ) اجرته اذ لا يلحق السافل الا الرشح والنور ان كان من جنسهما والا فلا نصيب له الا المثال الصوري واين هو من الممثل لانه المستقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره فكل شيء في مقامه هو وامتنع غيره فجاء الحقيقة وفي مقام التوصيف لا هو في عين ما هو فجاء المجاز الذي هو قنطرة الحقيقة فتثبت الكينونة حين ما تنفيها واليه يشير قول مولينا علي عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظايرها فاين الاسم

الاشراق الثالث - لعلك تذكر ما سبق ان الذي يعبر عنه لا مطلقا بل عند طلب معرفته بالوجود وان كان ظاهر الكلام يشير الى الوجود الحق لكن التحقيق ان المراتب الثلثة كذلك لقد ظهر الامر في الاولين واما في الثالث فهو وان كان محل استبعاد للقاصرين الا ان من ورد الماء الصافي الزلال المعين وشرب من حوض ولا ية امير المؤمنين واولاده الانجبين (ع) عرف ان الثالث كالاولين فيما ذكرنا خاصة لا مطلقا ان عرف المشار اليه بالباء في بسم الله الرحمن الرحيم وسر الاشارة لان الاسم يستدعي المسمى وهو محدود واين هو مما اردنا من الوجود المقيد قبل التقييد والتحديد فكل عبارة لا توصل الا الى ما هو من سنخها وجنسها على انا نقول ان المعنى انما يتولد من اللفظ ولم يكن قبل ذلك شيء الا عقلك ونفسك وخيالك وحاستك الجسمية او الامر الخارجي ان انت من الذي فتح الله قلبك تعرفه على الحقيقة مما لوحنا اليه فاذا انعدمت جهة الاسمية الحقيقية جاء التعبير عند طلب المعرفة الحقيقية الواقعية فاين الاشتراك بالنسبة الى الذوات واين المعنوي بالنسبة الى التعبير وانما هو امور ثلثة مختلفة الحقايق نسميها باسماء ثلثة لئن تعرفها فافهم

الاشراق الرابع - وما اسسوا لتشييد القول بالاشتراك المعنوي في الوجود من القول بوحدة الوجود وانه الكل في وحدته وان بسيط الحقيقة كل الاشياء وتقسيم الوجود الى الواجب والممكن وعدم المباينة وان اعتقاد الوجود لا يزول بزوال اعتقاد الافراد والمشخصات وان مفهوم الوجود المعبر عنه بالفارسية بهستي متحد الصدق على الواجب والممكن وافراد الممكنات وتكرار القافية لو تكرر لفظ الوجود فيها في بيتين او اكثر الى غير ذلك من الادلة ليس بشيء اما الثلثة الاول مع انها لا تستلزم المدعي فلما ثبت من بطلانها وسخافتها وكفرها وقد اقر بذلك من هو منهم والوارد ماءهم فقال في حاشية الفتوحات بعد ما خاطب صاحبها بقوله ايها الصديق ايها المقرب ايها الولي ايها العارف الرباني الحقاني وامثالها منها لكنه بعد ما وصل الى قوله سبحان من اظهر الاشياء وهو عينها قال ان الله لا يستحيي من الحق يا ( ايها خ ) الشيخ لو سمعت من احد انه يقول فضلة الشيخ عين وجود الشيخ لا تسامحه ( البتة خ ) بل تغضب عليه فكيف يسوغ ذلك ( لك خ‌ل ) ان تنسب هذا الهذيان الى الملك الديان تب الى الله توبة نصوحا لتنجو من هذه الورطة الوعرة التي تستنكف منها الدهريون والطبيعيون وتكفي شهادته عن ذكرنا مع انا نذكر انشاء الله تعالى في هذا المرام ما يغنيك عن الكلام واما الرابع فللمنع عنه مع ما دل القاطع على بطلانه يقينا لكون المنع اعم واما الخامس فلعدم الموافقة والمناسبة والاتحاد المشروطة كعدم المباينة اذ في الاولين ينقلب الحدوث الى الازل او العكس ان كانت ذاتية والفعلية لا دخل لها في الازل لكون الفعل في الحدوث فهي بنفس الفعل وفي الثالث ان كان المراد مدلوله المطابقي فالاولين ( فكان الاولين خ ) والا فالثلثة واما السادس فعلى تقدير تماميته انما هو في بعض الصور في المقيدات وهو غير منكور عندنا نعم يقدح ادعاء الكل كما ستعلم واما السابع فلا نسلم اتحاد الصدق الا من جهة النقيض وهو العدم المعبر عنه بالفارسية بنيستي وقد اجمع العقلاء على ان لا تشارك في الاعدام فلا يقال الله موجود ويراد به الهستية المعروفة ويراد الصدق على الذات البحت فاذا اين المجهولية المطلقة التي هي ضروري مذهب الشيعة وهكذا في ساير الصفات الثبوتية فان مرجعها الى السلوب لا كما قاله اصحاب السلوب ( بل كما قال عليه السلام خ‌ل ) كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة الصفة والموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث مع ان الحمل سقط في هذه المقامات كقولك الله الله موجود والله عالم وقادر وحي وامثال ذلك واما الثامن فان اتحد المراد فالتكرار لاجله وان اختلف فلا نسلم التكرار وانما هو تجنيس

ازالة وهم : قال بعض القاصرين الذين اعمي الله اعينهم عن ابصار الحق المبين في هذا المقام انا نجد من المناسبة بين وجود الواجب والممكن ما لا نجد بين الوجود والعدم وهو دليل الاشتراك المعنوي لكن من ذاق حلاوة المعرفة يعلم ان هذا الكلام مما لا سبيل له الى الحق اذ لا يدرك الوجود الحق حتى يعلم انه مناسب ام لا وهو فرع المعرفة واذ ليست فليس كانه ما قرع سمعه قول ولي الملك المتعال انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود فلا دليل لهم على الاشتراك المعنوي وحجتهم داحضة عند ربهم فلا سبيل الى هذا القول بوجه حذرا من الكفر الصريح البحت فلا اقل من الشرك اعاذنا الله منه بمحمد واله الطاهرين

الاشراق الخامس - حق القول ان لا اشتراك بين ( ذوات خ ) هذه الثلثة مطلقا لا يغرنك صدق المعبر عنه بالفارسية بهستي على الثلثة اذ في الاولين ليس الا سلب النقيض الممنوع عن الاشتراك فاختلفا مع الثالث لطف قريحتك تجد لطيفتك مع ان المفهوم من المفهوم ليس الا الامر الانتزاعي والله تعالى صمد لم يلد ولم يولد وجهة الفاعلية لا يلحقها المفعول كما ذكر غير مرة وحكاية الوجه ليس لها وجه اذ لا يجري عليه الا ما يجري في ذيه واذ لم يجز لم يجز مع ان الامر كذلك لو كشفت السبحات وازلت الاعتبارات وتجلى لك الحق بك واما في التعبير واللفظ فحقيقة بعد حقيقة في الثاني وفي ( مع خ ) الثالث واما في الاول بالتعبير المحض لا الحقيقة ولا المجاز اذ لا يتصور المجاز قبل الوضع ولا تاخير المستحق اولا عن المستحق ثانيا فيما يستحقان له لان الحكيم انما يضع الاشياء في مواضعها وقد صح عندنا ان الواضع هو الله سبحانه وان كان لا بذاته واما العكس فكذلك لعدم صحة السلب وفساد العلاقة والرابطة اللازمة فيهما في الطرفين فاين المجاز واما في افراد الثالث لنا ان نقول انه بالاشتراك على التفصيل بالاجمال والقاعدة في ذلك ان الموجودات ان كانت النسبة بينها بالاثرية والمؤثرية فلا تجمعها حقيقة واحدة وان اشتركت في الاسم بوضع واحد من قبيل الوضع الخاص والموضوع له العام فما لم يكن كذلك فتشكيك ان كان الاختلاف بالعلو والسفل والترقي والتنزل ( كما خ ) في السلسلة العرضية المرتبة والا فمتواط تعرف كلما ذكرنا من السراج والاشعة العرضية المرتبة والعرضية المحضة

تنبيه : فما وافقنا القائلين بالاشتراك المعنوي مطلقا ولا القائلين بالاشتراك اللفظي مطلقا ولا القائلين بالحقيقة والمجاز الا على معنى لا ينافي الحقيقة في عين المجاز ولا المجاز في عين الحقيقة على مقتضي حكم الحقيقة بل اخترنا الحق بين هذه الاراء اذ الحق لم ‌يخف على ذي حجى وان اخذ منه ضغث ومن الباطل ضغث فامتزجا فاختلطا فافترقا وتمايزا

اللمعة الثالثة - في ان الوجود حقيقة متاصلة ولها اشراقات :

الاشراق الاول - الوجود ما به قوام الشيء وتحققه فان كان ذلك لا بامر خارج ولا داخل غيره فوجوده لذاته فهويته بهويته فيقال له هو هو وهو المطلق وان كان بغيره فليست هويته بهويته وانما هي بغيره فالهوية ثابتة وان لم تكن ثابتة وهذا لا ينبغي التشكيك فيه فتاصل الوجود في الوجود الحق امر متاصل وكذا في الوجود المطلق لكونه ذات الذوات والذات في الذوات للذات وهو ادم الاكبر والعرش الاعظم الاعلى والصاقورة التي ذاق روح القدس من جنانها الباكورة الا ان تاصل وجوده ليس بذاته وانما هو بغيره بنفسه فنفسه جهة تاصلية الغير اياه وهو جهة تاصل نفسه بذلك التاصيل الاصلي فهو ماصل نفسه المتاصلة بذلك التاصيل بالله سبحانه ذلك تقدير العزيز العليم قال تعالى لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار والوجود المقيد كذلك ايضا لانا نجد بعد ازالة القيود والتعينات شيئا واحدا ساريا في الكل بالاجمال لا كما يقوله اهل الضلال واذا دققت النظر رايت ان تلك الحدود صور وهيئات واعراض وان كانت بالقيام التحققي لا تذوت لها ولا تحقق الا بذلك الامر الوحداني الساري الجاري في اعيان الممكنات وان كان في كل مرتبة يخصها ففي جوهر الجواهر ذات ومنير وفي الاعراض الاولية نور والثانية نور النور وهكذا الى نهاية المراتب واخر المطالب وهذا هو الوجود المقيد وهو الاصل وغيره في تلك المرتبة الفرع وان كان اصلا بالاصالة الفرعية وهذا التاصل ايضا تاصل غيري كما في الوسط وان كان ذلك بذلك وياتي انشاء الله تحقيق القول فيه

الاشراق الثاني - الوجود له لحاظان احدهما ضد العدم وهذا المعنى يصدق على كل شيء فلا فرق اذا بين الوجود والموجود لان المشتق ان لم يكن عين المبدء كان نقيضه وهو لا يصلح لصدق اصلا بوجه من الوجوه لان العدم عدم فصدق ما قلنا والا لم يكن مشتقا فلا ترى الا الوجود في الغيبة والشهود فلا متاصل الا هو وان كان في المتاصل ( التاصل خ‌ل ) الفرعي وعدم التاصلي اذ الغير المتاصل متاصل في الحقيقة وما لا تاصل له اصلا وان كان في العدم لا وجود له اصلا وما لا وجود له اصلا كان عدما محضا وما كان عدما محضا لا اشارة اليه ولا عبارة عنه وما كان كذلك فلا حكم له وما لا حكم له فلا يتوجه نحوه الطلب اما الاول فلظهوره لما سبق في معناه واما الثاني فلمكان التناقض المستلزم صدق احدهما عند رفع الاخر واما الثالث فلان المشار اليه والمعبر عنه ان لم يكونا شيئا لم يكونا كذلك ولا شك انهما وجوديان فلا ينتج عنهما العدم المحض وهو ظاهر واما الرابع فلان الحكم فرع ثبوت الموضوع واما الخامس فلان العبث قبيح فلا يلتزمه العاقل اللبيب وثانيهما ما ذكرنا من الحقيقة الثابتة الباقية بعد ازالة التعينات والتقيدات وفي هذا المقام لك ان تفرق بين المشتق والمبدء بان الاول هو مجموع الاول والثاني والثاني هو نفس الاول مع قطع النظر عن الثاني والثاني في الاول وجوده بالاول قيام تحقق لانه حدوده وصورته وقابله وتعينه كما ان الاول اصله ومادته واسه واسطقسه ومقبوله فكلاهما متاصلان الا ان تاصل الثاني بفاضل تاصل الاول وشعاعه اذ لا معنى ان يكون الشيء موجودا ولا تذوت له فعم الموجودات كلها فالاعراض والالوان والهيئات والاضواء والانوار لها تذوتات عرضية وتاصلات صفتية بالنسبة الى مقامها فلا تقل ان هنا شيء موجود باي نحو من انحائه وطور من اطواره وان كان ضعيفا في الغاية والنهاية ولا تذوت له ولا تاصل كلا بل كلما يصدق عليه اسم الشيئية من ذات او صفة جوهر او عرض مجرد او مادي وغيرها ذات لها تجوهر وتذوت وتاصل بنسبة مقامه فلا شيء الا وهو اصيل وان كانت الاشياء تتبع بعضها بعضا في التكوين والتشريع فالفرع اصل في مقامه والعرض جوهر في رتبته ولا شيء ايضا الا وقد تعلق عليه جعل بسيط فليكن على ذكر منك

الاشراق الثالث - الذي زعم ان الوجود ليس بمتاصل ان اراد به المفهوم الذهني المنتزع عن الامور الخارجية المعبر عنه بالفارسية بهستى ان اراد به العدم مطلقا ولو تاصلا ذهنيا فقد اخطا الصواب لما لوحنا اليه لكنه ما يتذكر الا اولوا الالباب وان اراد به التاصل المخلوق ( المخلوقي خ ) الحقيقي فقد اخطا ايضا وان اراد به التاصل الخارجي اي الاضافي لا مطلقا فقد اصاب لكنه لا ينبغي للعالم التعريض ( التعرض خ ) لهذه الامور الدنية الخسيسة اذ مال الامر ان ما في الذهن غير ما في الخارج وهذا لا يشك فيه جاهل فضلا عن العاقل فضلا عن العالم فضلا عن الحكيم وان اراد به مطلقا فقد خبط خبط عشواء لان المنتزع لا بد له ما ينتزع عنه وهو الامر الخارجي لما تقرر عندنا ان الذهني مثال للامر الخارجي فما في الذهن ظل وصورة وهو مقرر ومحقق لوجوده في الخارج وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم والذهن خزانة واحدة منها فاين باقيها هل في الخارج الاضافي او ليس والثاني يكذب الحق نعوذ بالله والاول مطلوبنا فما ذهب اليه المخالف اثبات لما ذهبنا اليه

تنبيه نوري : كل متحقق في كل وعاء من الاوعية السرمدية والدهرية المعنوية والرقائقية والصورية والمقدارية والزمانية الفلكية والعنصرية في جميع اطوارها واحوالها لا بد له مما يتقوم به والا فلا يتحقق هذا خلف وما به القوام هو الوجود فتاصل كل متاصل وتذوت كل متذوت انما هو بالوجود فكيف لم يكن له تاصل وشهود وما استدلوا على عدم تاصل الوجود وعدم وجوده بانه لو كان موجودا لكان موجودا بوجود اخر وننقل الكلام اليه اما دار او تسلسل هو دليل على وجوده وتاصله بنفسه وتاصل الاشياء به لا على ما ادعاه كما ادعاه اذ المبدء في المتبوع الاول لتصحيح الاشتقاق بنفس ذلك المشتق بفاعله الحق والا فيبطل الاختراع ويعدم الابتداع ولم يكن خلق الشيء لا من شيء شيئا والتوالي كلها باطلة والملازمة بينة واذا نظرت وامعنت وتاملت فاتقنت وجدت ان كل متكون انما تكون بالقابل والمقبول وهو يكون عند ورود قول كن وظهور اثره الذي هو المقبول والثاني انما تقوم بنفسه في المادة في عين لا تقوميته بحكم الاختراع الثاني البرزخ ( البرزخي خ ) بين الاختراع الاول في المطلق والثاني في المقيد وافتقر الى المقوم والتقويم فهما خارجان عنه وهذا بخلاف الوجود المطلق فانه اسبق منه وهو ثانيه فافتقاره الى واحد فحسب ولذا كان راجحا مطلقا يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار والاول انما تقوم بنفسه في العلة الصورية مطلقا لعدم الجامع في الصور لكونها محض الاعتبار ( الامتياز خ ) ومداره فلو فرض فيه الاشتراك يلزم الخلف والدور او تترامى السلسلة الى ما لا نهاية له في الطولية وان كانت على احتذاء اخرى واتوا به متشابها الا انها قد ارتفعت في الصورة الاولى بحكم الابتداع فافتقر الى الثاني في اصل التحقق والوجود والتاصل والى ما يفتقر الثاني اليه ايضا لانحطاط مرتبته منه فتوقف وجوده على ما يتوقف عليه وجود المتوقف وجود القابل عليه فبالثلثة صاح الديك ونعق الغراب وهدرت الحمامة وانتشرت اجنحة الطاووس فتحققت الاربعة ولذا صارت الثلثة اول الاعداد والسبعة اكملها فظهر ما كان وما يكون بيديه المبسوطتين وباسميه الجواد والوهاب اي السبع المثاني الذي اعطاه الله تعالى نبينا صلى الله عليه واله ومن هذا التحقيق يتبين لك ان كل شيء انما ظاهر ( اقيم خ ) بنفسه في عين قيامه بغيره فاذا اعرف قول مولينا الصادق عليه السلام اقام الاشياء باظلتها واجمعه مع ما هو المتيقن الثابت ان الشيء انما تشيا والذات انما تذوتت والاعراض انما تجوهرت بمباديها واوائل جواهر عللها قال مولينا الصادق عليه السلام كل شيء سواك قام بامرك فاعرف قدر حقيقة الجواب من هذا الخطاب المستطاب

ازالة وهم : لعلك تستشعر كما توهم غيرك بانا لا نعني بالواجب الوجود الا الوجود القائم بنفسه وهو عين ما ادعيت في الوجود مطلقا فهو عين وحدة الوجود الكفر الباطل لكنك لو تاملت فيما لوحنا واشرنا ظهر لك قبح هذا المقال بما لا مزيد عليه فان الفرق بين القائم بنفسه لنفسه والقائم بنفسه بغيره لغيره واضح جدا والمنسوب الى القديم تبارك وتعالى هو الاول لا الثاني فتبصر

الاشراق الرابع - قد استدلوا على اعتبارية الوجود ان فرضنا النزاع حقيقيا بوجوه منها ما سبق وسر افراده شدة التصاقه بالمراد منها استلزام عدم صدق الموجود على الوجود وغيره بالاشتراك المعنوي لان معنى الاول هو نفس الوجود بخلاف الثاني فيجب اما جعل الموجود في الوجود بمعنى ما في الموجود او بالعكس او القول باعتباريته وعدمه والاولان باطلان اما الاول فلاستلزام الدور او التسلسل واما الثاني فلقضاء الضرورة والبداهة على خلافه فتعين الثالث وهو المطلوب منها لو فرض وجود الوجود فان تقدم على الماهية كانت الصفة متقدمة وان تاخر يلزم وجود ما فرضنا وجوده متاخرا من حيث هو كذلك فان كانت المعية ارتفعت حكم السببية فلم تكن الماهية بالوجود موجودة وحيث بطلت الاحتمالات جاء العدم البحت البات منها قد يتصور الوجود ويشك في موجوديته فثبت ان له وجودا زايدا وينقل الكلام فيه فلا سبيل الا الى العدم الاعتباري تفصيا من الدور والتسلسل منها لو فرض الوجود في الاعيان لم يكن جوهرا لمكان الصفتية فكان كيفا فيعم الكيف الاشياء كلها فكان العرض مقوما للجوهر ومحصلا له واللازم باطل والملازمة على ما زعموا بينة منها لو فرض الوجود في غير الفرض فله نسبة الى الماهية البتة ولها وجود وله نسبة الى الماهية وهكذا الكلام في وجود نسبة النسبة فتترامى السلسلة الى ما لا نهاية له وهذه الوجوه ان فتح الله عين بصيرتك رايتها لا تسمن ولا تغني من جوع لانهم ان ارادوا بالوجود في هذه الايرادات الحقيقة المتحققة الثابتة فيجاب عن كل ذلك بالمنع والرد اذ ليس من لوازم الوجود والتحقق ( الوجود المتحقق خ‌ل ) الثابت شيء مما الزموه وان ارادوا المعنى المصدري الانتزاعي فنقبل الملازمة اجمالا لكنه ليس بمحل النزاع فتسقط الاعتراضات باسرها فهذا جواب موجز واما التفصيل اما الثاني فنقول بموجبه ونمنع الاشتراك كما عرفت معتقدنا ولئن تنزلنا وقلنا به مطلقا نصرة لغيرنا او نحن على التفصيل في الوجود المقيد نقول ان وضع المشتقات من الاوضاع النوعية لا يتميز فيه خصوص مادة من المواد بل المراد الذات الحاصل لها المبدء اعم من ان يكون ذلك الثبوت والحصول بنفسه او بغيره بواسطة او بوسائط وهذا لا يقدح في اصل الوضع لانطواء الخصوصيات فيها كالقائم والقاعد والمتكلم لو قلنا بان الموضوع له هو النوع كما هو الحق المعتمد وان قلنا بانه الافراد المندرجة كما هو معتقد من لا يعتمد عليه فيصح ايضا لتاتيه وامكانه للواضع لكن لا على جهة الاشتراك الذي زعموه لضرورة الاختلاف المنافي للوحدة المطلوبة فيه وان استحال ( كل خ‌ل ) هذا في حق الوجود الحق لاستلزام فرض المغايرة كما احلنا الاشتراك فيه بجميع الوجوه من جميع الوجوه والحق ان الوجود والماهية متساوقان فيما قلنا بالاشتراك فيه فموجودية الوجود انما هي بالماهية وموجوديتها بالوجود لكونها انفعاله ولا يتم فعل الفاعل القادر الا بالفعل والانفعال والمقبول والقبول وان كان احدهما مقدما على الاخر تقدما ذاتيا كما نبرهن عليه فيما ياتي انشاء الله تعالى فافهم فانه دقيق جدا فبطل مدعاهم ولا يحتاج الى ارتكاب التجوز في الجزء واما الثالث فليس الوجود المتنازع فيه صفة الماهية ولا عارضا لها ولا منتزعا عنها وانما هو ذات تذوتت به الماهية وهو بمنزلة الفعل للانفعال والمقبول للقابل وهو مقدم عليها في اصل تعلق الجعل وان كان مساوقا معها في الظهور والوجود الذي هو الصفة انما هو الذي ينتزع عن هذه الحقيقة في الذهن على طبقها وهو غير متنازع فيه وهذا الحكم يخص الوجود المقيد وكذا المطلق على نحو اشرف واما في الوجود الحق فليس هناك مهية حتى يفرض فيه الاحتمالات واما الرابع فانه شك قد اتفق لمن اعوج فطرته وقال بوجود الاشياء بحقائقها في الذهن واما من شرح الله صدره للاسلام وعرف ان التصور ظل وشبح للعين الخارجي ولم يتصور احد شيئا الا وقد خلقه الله قبل ذلك فلا يتفق له هذا الشك فكلما يجد في ذهنه يقطع بانه ماخوذ ومنتزع من اصل قد وجد في احدى الخزائن للشيء الواحد فيقطع التسلسل ولا يكون وجوده زائدا على ذاته كما في الاستدلال فان الثاني مبناه ذلك الاصل الغير الاصيل والكلام فيه طويل والمدركون لذاك قليل اذ الفهم لتعقله عليل واما الخامس فمبدء الزام الكيفية التزام الصفتية وقد عرفت انا ما الزمناها فيما نحن فيه فبطل تقوم الجوهر بالعرض لا لان الوجود ليس بعرض بل لان العالي لا يتقوم بالسافل فان الوجود عرض قائم بمبدئه قيام صدور كما مضى وياتي انشاء الله تعالى والكيف انما هو المعنى الانتزاعي المصدري لانه من التصورات التي هي الكيفيات النفسانية واين هذا من ذاك فالملازمة بينة البطلان قاصرة البرهان واما السادس فلانقطاع السلسلة بوجود النسبة الاولية والا فلا يتحقق عندهم نسبة اصلا فبنسبة ( فنسبة خ ) النسبة هي نفسها فافهم راشدا موفقا وكل هذه الاجوبة مرجعها ما اجملنا في الجواب لاهل الخطاب ووضع هذا الاشراق لتنبيه الغافلين الذين يرون رفع المانع من تتمة المقتضي والا فالامر اوضح من ان يقال لمن اعرض عن الجدال وتجاوز عن مرتبة القيل والقال وعلى الله التوكل في المبدء والمال

الاشراق الخامس - علك تذكر ما سبق منا في معنى الوجود فتستظهر وتقول ان الوجود ما به قوام الشيء فذلك الشيء المتقوم ماشم رايحة الوجود في مرتبة ذاته وان وجد مصاحبا للوجود ومتقوما به فنقول ان ذلك الذي ماشم رايحة الوجود ان كان عدما محضا فماتقوم فان العدم لا يصلح للتقويم والتقوم فان لم يكن عدما محضا فقد توسط شيء بين الوجود والعدم وهو خلاف مذهب مولاك الصادق عليه السلام اذ ليس بين النفي والاثبات منزلة وخلاف مدرك عقلك لعدم تمكنه من ذلك كما سيظهر انشاء الله تعالى فما معنى هذا البيان قلت لك ان الذي ذكر هو معناه بالملاحظة الثانية وكون الاشياء وجودات انما هو بالملاحظة الاولى لكن الله سبحانه من صنعه المبرم وحكمه المتقن حكم ان يحكم في الاشياء الممكنة والمكونة على كلا النحوين بالاختيار والا لم يكن فاعلا حال كونه فاعلا هذا خلف وهو يستدعي الاسباب والعلل والشرايط والمعدات والوسايط والمتممات والمكملات والاجزاء والافراد والاوصاف فلولا الاختيار ما اقتضى الايجاد هذه الاختلافات الناشية عن تكثر الاقتضاءات والا فالذات واحدة والفاعل واحد والفعل واحد والكثرة انما هي لداع خارجي اذ الذاتي يكشف عن خلاف المفروض او لسفاهة وجهالة وعبث وتلك الدواعي المستلزمة لهذه الامور في اصل تحقق فعل الحق سبحانه هي القابليات المنتسبة اليها الاقتضاءات وهي الصور والحدود المعينة للشيء حين وجود الشيء وبعبارة اخرى هي انفعال ذلك الفعل الواحد الغير المتكثر بالذات المتكثر بالوجوه ( بالوجود خ ) والتعلقات المتحققة حال اختلاف اقتضاء القابليات الموجودة حال وجود المقبول لا قبله ولا بعده اذ بعد ما وجد تعين واقتضى وما بقي شيء وقبل ان يوجد لم يكن شيئا والا يلزم وجود الشيء من حيث عدمه وعدمه من حيث وجوده وهذا من الخرافات التي لا يتفوه بها العاقل فضلا عن الحكيم الفاضل فاختلفت الاشياء بالتابعية والمتبوعية على تفاوت مراتبها فيهما فبعضها لصفاء قابليته وشدة نوريته انفعل بمجرد الفعل والايجاد وما افتقر الى غير العلة الصدورية اذ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار فقام بفاعله قيام صدور فحسب فلذا كان مطلقا اذ لم يقيد وجوده ولا ظهور ذاته بشيء غير مصدره وبعضها لانحطاط مرتبته في الشدة والصفا احتاج مضافا الى احتياجه الى العلة الصدورية الى العلة الظهورية اذ ما ظهرت ذاته بمجرد صدوره عن مبدئه كالاول بل افتقرت للظهور الى حدود وهي الهندسة الايجادية فاحتاج الثاني الى امرين مصدر ومظهر فقام بالاول قيام صدور وبالثاني قيام ظهور وتلك الهندسة لانحطاط درجتها وتسافل مرتبتها افتقرت لكمال تابعية ذاتها وتسافل حقيقتها مضافا الى احتياجها الى مصدر تقوم به قيام صدور الى عضد وركن تقوم به قيام تحقق فذلك الشيء هو ركنه وعلة تحققه بفاعله المصدر وذلك لضعف قابليتها وطلب ذلك الحكم لها بسؤاله اياه وهي قائمة بثلثة علل مضافا الى العلل الاربعة العلة الصدورية يقوم به ( بها خ‌ل ) نفس صدورها ووجودها بعد ما لم تكن ولا ذكر لها بنحو من الانحاء والعلة الركنية والعضدية يقوم بها اصل تحققها وتحصلها بعد ما صدرت اي حين الصدور والفرق بينهما توضيحا بالايجاد والوجود ومنه قوله تعالى الم تر الى ربك كيف مد الظل وهو في الظاهر الظلال والعكوس الحاصلة من الشمس وفي التاويل والباطن ما يحاذيها في المراتب الغيبية كما ان بيت المعمور يحاذي الكعبة بيت الله الحرام والعرش يحاذي البيت المعمور في السماء الرابعة وعلى هذا القياس فالاظلة مخلوقة لله عز وجل وهي قائمة به تعالى قيام صدور ولا دخل للشمس في اصل صدور الظل اذ لو شاء الله لجعله ساكنا غير تابع للشمس ثم من جهة انجاح مطالب السائلين بالسنة الاستعدادات جعلنا الشمس عليه دليلا اي جعلناه تابعا لها وجعلناها عضدا له بحيث لا يتحقق بدونها نظرا الى الاسباب والا فالله تعالى قادر على ما يشاء كما يشاء بما يشاء لما يشاء لكنه ذلك تقدير العزيز العليم ثم بعد هاتين العلتين لم يكمل كون الظل وما يضاهيه وان تم وقضي لكنه يحتاج في امضائه واظهاره الى ثالث وهو العلة المظهرة وهي الارض في مثال الشمس فقام بها قيام ظهور وبعضها من جهة ضعف قابليتها تحتاج الى رابع وهو محل يقوم به حسا كالالوان او ما يقوم مقامه كالامور الغيبية في بعض مواضعها فقام بها قيام عروض وحلول فافهم واتقن واعلم اني خرجت عما بنيت امري عليه من وضع هذه الرسالة الشريفة الا اني احببت ان اشرح واوضح هذا المطلب وانقح هذا المسلك اذ لم يسطر في كتاب ولم يذكر في خطاب ولو هذبت العبارة واقتصرت على الاشارة لكلت البصائر وانسدت المذاهب الى هذه المطالب ومع ذلك ان ( فان خ ) عرفته فانت انت

تكرير وتنبيه : فظهر لك الجواب عن جميع السؤال ولم يبق لمحتج حجة في المقال ان اعرض المراء والجدال واصغى الى قول ولي الملك المتعال انظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال وتفطن الى معنى ان الماهيات موجودة ومع ذلك ما شمت رايحة الوجود من غير تناقض ولا توسط بين الموجود والمعدوم وكيفية اقترانها به ليظهر لك انها ليست بمجعولة في عين كونها مجعولة وعلى الله قصد السبيل وهو الهادي الى خير برهان ودليل

اللمعة الرابعة - في مساوقية الوجود للشيئية وتساوقهما قال مولينا امير المؤمنين على اخيه وعليه وزوجته وبنيه الاحد عشر المعصومين سلام الله رب العالمين في خطبته وهو منشئ الشيء اذ لا شيء اذ كان الشيء من مشيته وقال الله تبارك وتعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وقال تعالى قل الله خالق كل شيء ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك وقال مولينا الصادق عليه السلام كل شيء سواك قام بامرك ولها اشراقات :

الاشراق الاول - اطلاق لفظ الشيء على الاشياء بعينه كاطلاق لفظ الوجود على الوجودات ففي الاشياء الثلثة الشيئية الالهية الحقية ( الحقة خ‌ل ) والشيئية المطلقة والشيئية المقيدة ذواتها كذوات الوجودات الثلثة واطلاقاته كاطلاقاته وافراده كافراده حرفا بحرف فلا تتوهمن الفرق في عدم صدق الاشتراك على ما فصل في الوجود وصدقه في الشيء بوجه ابدا والى هذا يشير ما ورد عن مولينا الصادق عليه السلام شيء لا كالاشياء وانه شيء بحقيقة الشيئية ارجع بقولي شيء الى اثبات معنى ه‍ وكيف تصدق الشيئية التي في الاشياء على خالق الاشياء اذن لا يعرف الخالق من المخلوق ولا المشيء من المشاء ضرورة انك ماكونت نفسك ولا كونك من هو مثلك فبطلت الوحدة الحقيقية العينية ان جعلتها مناطا للاشتراك وان جعلتها المفهومية الاعتبارية الانتزاعية الكائنة في الاذهان فان كان محض الاعتبار الذهني من غير الصدق العيني فال الامر الى العدم الباطل فان كان مع الصدق الخارجي فان كان على معنى الشبح والظل الصوري كما هو المختار فلا يقع على القديم تبارك وتعالى لاستلزامه الاكتناه وكونه ذي ( ذا خ‌ل ) مراتب ان جعلنا الصدق حقيقيا فحصل التوليد والتشبيه واثبات الصورة والهيئة ضرورة وجوب تطابق العلم مع المعلوم والا لم يكن ما فرضنا اياه ( اياه هو خ ) هذا خلف هذا اذا كان انتزاعا صوريا كما هو المعلوم المقرر عندهم لعدم اطلاعهم على الغير فان كان ادراكا معنويا وعلما قلبيا ونقشا وحدانيا ونورا كليا فلا يقع على الواقع ايضا لعدم الجامع لاستحالة السنخية بل العينية فيما يستحيل ( فيه خ‌ل ) الغيرية والضدية الواجب السنخية والعينية لو فرضنا وجوده وهما يستلزمان عدم التفرقة الواجب وجودها عند من له فهم وروية فان كان دركا فؤاديا وعلما سريا وجوديا ونورا كشفيا شهوديا وفهما ذوقيا وجدانيا ولبا الهيا ونقشا فهوانيا وجمالا ربانيا وقدسا صمدانيا فظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وان كان على معنى تحقق الماهية بناء على الوحدة الحقيقية بين الخارجية والذهنية الا بالترتيب وعدمه المعلولان للعوارض الخارجية كما هو مختار القوم فاسوء حالا واعظم عيبا لاستلزام التركيب في البسيط المحض المستلزم لعدم عينية الوجود وزيادته فيما هو صرف البروز والشهود لنفسه بنفسه فبقي الكلام في هذا المقام مما لا يعقل كما عقلت ودريت لان كلام العاقل على مقتضي عقله واذ ليس فليس ولو انخلعت عن قيد التقليد لصدقت بالعلم الثابت السديد الا ان تقول ان الشيء ليس بشيء اي ليس بموجود ولا يسعك هذا الكلام لما ستعرف بعون الله الملك العلام

الاشراق الثاني - لما جرت صنعة الحق في الافاضة والابداع على اعطاء كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه اقتضت تسبيب الاسباب وتحقق الشرايط والاداب فاختلف الاشياء بالقوة والضعف والكثافة واللطف والدنو والعلو وضعف ( فضعف خ ) الضعف الى ان سمى بالعدم لكن من كان له في العلم قدم علم ان ما ذهبوا اليه عدم ولذا لما اختلف زرارة وهشام في النفي هل هو شيء ام لا اشار الامام الصادق عليه صلوات الله الملك الخالق الرازق الى زرارة ان قل بقول هشام في هذه المسئلة لما حكم بان النفي شيء

تبيين : هذا المقال في غاية الاجمال ما انكشف لك حقيقة الحال فلاشرح لك على هذا المنوال فاقول مستعينا بالملك المتعال ان الجعل الالهي والفيض الابداعي حسب ما بينا من اقتضاء الدواعي له تعلقات حسب تحقق شرايط المتعلقات من اللوازم والمتممات فمنها تعلق عرضي وهذا اخر ادوارها فليست بعدها دائرة لها تعلق بذلك القطب للاستدارة فانتهت الدوائر اليها ومنها تعلق جسمي بمراتبه العالية والسافلة والمتوسطة وهذا اول ادواره لانه اخر مراتب الادبار وطبعه طبع الموت ولونه لونه ولذا كان الاسم المربي له المميت ومنها تعلق شبحي مقداري مثالي ظلي هذا اخر اكواره في اول ادواره هناك ملتقى البحرين وعنده سر العالمين ولذا كان لونه كلون عزرائيل ومنها تعلق هبائي وبحر لجي وهذا اخر الاكوار وليس فيه اثر من الادوار فانقلبت الدائرة كرة كما تنزلت الكرة الى الدائرة وقد عدم فيه المراتب التحتية اصلا مطلقا والفوقية اسما ورسما ومنها تعلق طبعي من مراتب اكواره قد عدمت الدوران والكور فيه تحققا وعينا ومنها تعلق ظلي ملكوتي اول الكور الوسطاني قد عدمت عنده المراتب السفلية والعلوية ظهورا واسما ومنها تعلق روحي برزخي رقائقي اخر الاكوار الاولية الممتزج باول الاكوار الوسطية ليس عنده الا نفسه وظهور عاليه ومنها تعلق نوري عقلي معنوي واحدى اول الاكوار او ( وخ ) ثانيه وعنده النور من عالم السرور وقد فقدت عنده الغيور الا من تحقق به الظهور فافهم فانه من ادق الامور ومنها تعلق سري لبي عيني ظهوري عيني وجودي كشفي شهودي نوري فؤادي ولا يقال له فيم بم لم علي‌ م مم عم الا عند التنزل فعدمت عنده المراتب كلها من في ومن والى وعلى وعن وقد ومذ وسوف بحيث لا وجود لها عنده لا حقيقة ولا ذكرا ولا اسما ولا رسما الى هنا كملت المراتب العينية المقامات المتحققة الوقوعية المستدعية للعلل والشرايط والمتممات والمكملات واللوازم والمعدات الى غير ذلك من احكام الماهيات فليس الخارج عن هذه المقامات وجودا عينيا ولا بروزا كونيا والدليل على كل ما ذكر قاعدة امكان الاشرف وبطلان الطفرة وكون فعل الحق سبحانه على اكمل نظام وتحقق الاختيار في الاكوار والادوار وان ليس فوق التعين الا اللاتعين وليس فوقهما الا الجاعل المبدء فانقطع الامر على جهة التحقق دونه نعم هنا مقام اخر لا يحتاج الى شيء من الاسباب والعلل الخارجية عن ذاته لعدم ما يقتضيه من الكون العيني وانما هو صلوح تلك المراتب كلياتها وجزئياتها علوياتها وسفلياتها وخيراتها وشرورها وذكرها واحتمال وجودها باحد الامور المكونة قبل تكونها ووجودها عينا وانما هو صلوح محض واعتبار صرف قد تعلق الجعل الالهي بذلك الصلوح فقط لا الكون الصالح وليس في ايجاد هذا الصلوح والاحتمالات ترتيب وتقديم وتاخير بوجه من الوجوه من الشرافة والدنائة بل صلوح الخير وصلوح الشر اي ذكرهما انما وجدا دفعة وهذا الصلوح وتلك الصلاحيات هو المسمى بالامكان الراجح عندنا والمطلق عند غيرنا وذلك انما حصل عند تحقق فعل الحق سبحانه فلما وجد وجد ذكر كلما يمكن ان يتعلق قدرة الحق عليه وهو الذكر والعلم الحادث والفيض الاقدس والاعيان الثابتة الحادثة الامكانية لا الازلية ووجودها ذكرى محض وهو مساوق لوجود الفعل تساوقا حقيقيا تساوق الحال بالمحل وبينهما تحاو ايضا وكل منهما على طبق الاخر الا ان الفعل على الجهة العليا منه كالمحدد اي محدبه للجسم والزمان والمكان وكل الاحتمالات والاعتباريات والفرضيات والتجويزيات والتقديريات من الخيرات والشرور والصالحة والطالحة مما وجدت اكوانها ومما لم توجد سيوجد او لن يوجد انما هو من ذلك الذكر الموجود والامكان المخلوق المتحقق بنفس الفعل وكلما لم يوجد عينه اما لم يوجد فرضه واعتباره وتصوره ايضا لاستحالته فهو عدم محض فان وجد تصوره واعتباره وتقديره دون كونه فهو ممكن معدوم العين فعدمه امكاني وهو وجود وموجود كذلك فكلما نتصوره ونتخيله ونتعقله ونتحققه ونتكلم به ونعبر عنه من نفي واثبات وسلب وايجاب ووجود وعدم ولا ونعم ومن التقدير والتجويز كل ذلك شيء موجود متحقق بمعنى الذكر والصلوح من غير عين وكون تحقيقي فيصح عدمه كما صح وجوده فلم يكن اجتماع النقيضين لمكان اختلاف الموضوع فثبت ما افاد مولينا الامام عليه السلام النفي شيء فلا تقل ان هنا شيء ليس بموجود ليكون الشيء اعم من الوجود نعم لو قالوا كما قلنا وعممنا لامكن القول بالتعميم توسعا وتسامحا او حقيقة وما ادعينا تساوق ذلك مع الشيئية والتعميم لا ينافي التساوق تدركه ان كنت حكيما حاذقا

الاشراق الثالث - قد علمت ان القول بليسية الامكان ليس محض وعدم ساذج ونفي بحت الا ان يريدوا بها الليسية العينية ولا شك فيها بل كل شيء موجود غيره عدم وليس عنده وان ارادوا الليسية الذكرية فباطل الا ان يقولوا بليسية الفعل الصادر عن الفاعل بنفس ذلك الفعل قبل ان يتعلق بالمفعول الكوني العيني ولا ينكره الا من لم يفرق بين التقدمين او يقولوا باتحاد رتبتي الفعل والمفعول فاذن لم يكن الفعل من حيث هو فعل ولا المفعول كذلك كذلك فيجب بذلك ابطال الفاعلية فيعدم الكون والضرورة تقضي ببطلانه فاذا صح قبلية الفعل فحين تحققه وقبل تعينه بالتعلق المخصوص امكن فيه التعلق بجميع ما يمكن ان يصدر من ذلك الفاعل لكنه محض الذكر والصلوح ولم يخرج من حيطة تعلق ذلك الفعل الا الذي يستحيل انفعاله له وذات الفاعل من حيث هو والا فكلما عداهما ( عداها خ‌ل ) انزجر له وقام به والا لم يكن اثرا حين كونه كذلك او كان الفعل غير سنخ الحركة مع كونهما متشاركين في الفعلية ففعل الله سبحانه هو كلمة انزجر لها العمق الاكبر كما ياتي بيانه انشاء الله تعالى

ارائة طريق : انظر في نفسك وفيما تريد ان تفعل اذا اوجدت حركة قبل ان تتعلق بشيء من افعالك واثارك فانها تصلح للتعلق بكل ما يصلح ان يصدر منك فقد ذكر في تلك المرتبة القيام والقعود والاكل والشرب والتكلم وامثالها وامتنع طيرانك مع ثقلك وخلقك نفسك وايجادك كون مثل السماء والارض فقد وجد امكان اثارك عند فعلك قبل ان يتحقق بحكم المساوقة وقبل فعلك ما كان الا ذاتك ولم يكن لشيء ذكر لامتناع الفعل في الذات وما منا الا له مقام معلوم فاذا قرات هذا النقش في هذا اللوح عرفت الحق في حق الحق لانه ارى اياته اياك في نفسك وفي الافاق حتى يتبين لك انه الحق الا انه بكل شيء محيط وقد ابنت لك الامر بالدليلين

الاشراق الرابع - العلم يطابق المعلوم لما هو المعلوم والا لم يكن العلم ولا المعلوم من حيث هما كذلك او كل شيء يعلم كل شيء والتطابق عيني كما هو معتقد القوم وظلي انتزاعي كما هو معتقدنا ولا ثالث لهما وكلاهما يستلزمان وجود المعلوم والا لم يكونا كذلك فالمعدوم المعلوم المتصور ان كان عين ذلك العلم والتصور لتقول باتحاد العلم والمعلوم فلم يبق لمعدوميته الا الاسم او بالقياس والاضافة الى الكون على تقدير صحة ذلك الاصل فلا تنف الوجود اصلا بل ذكره موجود وهو معلومك وان كان غير ما في الذهن فان كان بالعينية فوجوده اثبت واشد وان كان بالظل على جهة الانتزاع فله وجوه ذا ( وجود ذو خ‌ل ) جهات عديدة فاين العدم واين النفي واين الليس واين الممتنع بل كلها وجودات وموجودات لكنها متفاوتة المراتب فيحصل اسم العدم بالاضافة وفي صورة الاضافة يجب عليك الحكم بالعدم الحاضر ان تساوي طرفاه او مطلقا نظرا الى ترجيح العدم بالامور الخارجية كالجبر والظلم وامثالهما ولا تتوهم انك تتصور شيئا وتعلمه لم تتعلق به القدرة الربانية والهيمنة السبحانية كلا وحاشا فانك اذن خرجت عن طورك وتعديت عن زيك ومنه يلزم ان يصدر كل شيء من كل شيء ومن خرج عن زيه فدمه هدر بل لم تتصور الا ما قد وجد ( ذكر خ‌ل ) في الذكر الاول والا ففعلك اقوى من فعل الله سبحانه وتعالى فلا شيء الا والوجود معه فيكون مساوقا

الاشراق الخامس - قد سبق الى بعض الاوهام واشتهر بين العوام اشباه الناس ان الشيء غير الوجود في مرتبة ذاته يجوز ان يسلب منه الوجود ونقيضه ولذا ذاع وشاع عندهم ان الماهية من حيث هي ليست الا هي واجروا الحكم في المفاهيم الكلية كالانسانية والحيوانية والجنسية والفصلية والجسمية وامثالها فانهم يقولون انها وامثالها في رتبة ذاتها ليست موجودة ولا معدومة زعما منهم بان الوجود فيها يستلزم خلاف المفروض والعدم المحض يستلزم عدم الحكم فتكون منزلة بينهما فهنالك يفارق الشيء الوجود ولكنك لو فتح الله عين بصيرتك وعرفت ما سبق في معنى اصالة الوجود علمت بان فرض الوجود فيها لا يستلزم خلاف المفروض ولا يستلزم عدم افتقاره كما نقول في صرف الوجود الذي جعلناه اصلا متاصلا ونحكم بافتقاره مرتين فما ظنك بالماهيات وقد سبق فلا نعيده وبطل ايضا قولهم ان الشيء غير الوجود حكمه كذا فانه لا يتم الا بالملاحظة الثانية ولا ينحصر الامر فيها واما القول برفع النقيضين فكلام ماخرج عن حقيقة التحقيق والتدقيق وما صدر عن الفكر العميق الا اذا ارادوا بالنقيضين ما لم يستجمع شرايطهما والا فهو مما يجعله ( يحيله خ‌ل ) العقل مطلقا ولا فرق بين جمع النقيضين ورفعهما بل رفعهما هو جمعهما وهذا مما لا يتصور في الذهن فضلا عن ثبوته في الخارج لكونه لا يكون الا بالحصول بالصورة ( بحصول الصورة خ‌ل ) فاذا تصور صورة الوجود والتحقق امتنع ان يتصور صورة رفعه من تلك الجهة والحيثية والا يجب ان يوجد الشيء حين كونه لاشيئا ويوجد اللاشيء حين كونه شيئا من حيث هو شيء وليس الوجود الذهني الا وجود الصورة وحصولهما ( حصولها خ ) في النفس نعم يمكن التصور بالتفاتين فلا يتحقق اذا التناقض فلو صح هذا للنفس فللرب سبحانه بالطريق الاولى لانه خالق النفس وتصوراتها وادراكاتها فهل ترخص في نفسك ان تتعلق القدرة بالشيء ورفعه من حيث هو فيكون وجود ذلك الشيء من حيث عدمه وعدمه من حيث وجوده ولا وجوده من حيث لا عدمه ولا عدمه من حيث لا وجوده فان جاز تعلق القدرة بالمحالات جاز تعلقها بخلق شريك لها وله سبحانه وتعالى عما يشركون فاذا امتنع تعلق القدرة بالمحالات لعدم القابلية لا لنقص في القدرة فكيف لا يمتنع للنفس ذلك اذ الموجود في الذهن هو صورة النفي والاثبات المستحيل في العين فعلة الاستحالة موجودة في كلا الطرفين وما اظنك تقول ان النفس اقوى واقدر من الرب سبحانه وتعالى مع ان ذمامها بيده يفعل بها ما يشاء كما يشاء اما قرع سمعك قوله تعالى واسروا قولكم او اجهروا به انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فاذا كيف يتاتى للنفس ما يستحيل للرب لعدم ذلك لا للقصور وهو قول مولانا امير المؤمنين عليه السلام في جواب سؤال البيضة وادخال الدنيا فيها بحيث لا تكبر ولا تصغر ويحك ان الله لا يوصف بالعجز والذي تقول لا يكون

تحقيق : وانما ادخل الشيطان امثال هذه الشبهات في القلوب ليدعو اصحابه الى النار وبئس المصير فاخسا الشيطان واستعذ بالله الرحمن وتفهم انك تصور ( الشيء خ‌ل ) كالوجود او كالبيضة بصغرهما ( بصغرها خ ) في مكانهما ثم تلتفت ثانيا الى العدم الامكاني الصورة الموجودة والدنيا بكبرها في مكانهما ثم الاجتماع المطلق ثالثا ثم هذه التسمية رابعا الحادا وافكا وكذبا والا فليس هذا من جهة انه ادركه واحاط به علما وانما هو كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب ان هي الا اسماء سميتموها انتم وابائكم ما انزل الله بها من سلطان ان الحكم الا لله امر ان لا تعبدوا الا اياه ذلك الدين القيم ولا تكونن من المشركين فقولهم الماهية من حيث هي ليست الا هي ان ارادوا به اثبات الهوية لكل شيء في ذاته وامتناع غيره فيها وان اشترك معه في مراتبه فصحيح لكن الاختصاص لا وجه له اذ الامر في الوجود كذلك فانه من حيث هو ليس الا هو وان ارادوا كما اشتهر عندهم من ارتفاع النقيضين فكلام لا محصل له كما دريت

تنقيح : خروج الشيء عن الظرفين ممتنع والدخول في الاضعف يمتنع عن الامتناع والا لم يكن ما فرضناه هو هذا خلف ففي الاقوي بالطريق الاولى على الوجه الاعلى وان امكنك القول بما لم تشعر ولم تفهم فقل ما شئت كما اخبر الحق ام بظاهر من القول بل زين للذين كفروا سوء اعمالهم

تاصيل اصل : املكك بيتا تاوي اليه عند تراكم الاوهام مما اوحى الحق سبحانه الى النحل وامره باتخاذه من الجبال والشجر ومما يعرشون لكن فهم تلك الكلية والماوى في ذلك البنيان المحكم المتقن كانه بنيان مرصوص نصيب اهل الافئدة فاذا اويت اليه فكل من كل الثمرات سالكا سبل ربك ذللا ليخرج من بطن ادراكك شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس وهدى ورحمة لقوم يؤمنون فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وهو ان الشيء لا ياتيك بما ليس عنده مطلقا وان ادعي انه ليس عنده فهو مما عنده واعتقاد الخلاف والتسمية الالحادية مما شاعت وتزكية مثل هذا الشاهد قد قبلت وماردت فان الرد يرد الى المردود وهو لا يناسب الحق المعبود ولذا اثبت ونفي في قوله الحق سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

تمثيل : ارايت الماء يخبرك عن اليبوسة والنار عن الرطوبة والحوض عن البحر وان قال لك انه الذي تريد لكنك تقطع انه ليس الا ما عنده الا انه اتى بجميع مجهوده اذ عندك شهوده

والميزان : اما سمعت قول مولاك في اليتيمية رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وانتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله وقوله عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها وقوله عليه السلام كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم اي مرده اليكم فلا تطلب من النور الظلمة ولا العكس فكيف تطلب من الوجود العدم وانت الذي لا تتناقض وقد عدمت العدم ورسخ لك في الوجود قدم ومن دخله كان امنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين

اصل اصيل : ومن الابواب التي يفتح منها الف باب تناسب المدرك والمدرك والا لجاز ادراك كل شيء كل شيء فان قدرت ان تغمض عينك وتبصر يمكنك التخلف والا فثبت

تفريع : ومما تثمر هاتان الشجرتان محالية ادراك المحال او الغني بالاستقلال لعدم الانموذج من الجانبين وفقدان التناسب من الطرفين وكون النتيجة من سنخ المقدمتين وتابعة لاخسهما في البين فتقدس الوجوب بالثاني وامتنع الممتنع بالاول فتحقق من هذا المقال على هذا المنوال ان فرض المحال محال وما بقي للانكار ( للمقال خ‌ل ) مجال ولو فرضناك من اهل الجلال فابن عليه امرك في المبدء والمال ولا تقل انا نتصور الممتنع فانه من اسخف الاقوال ونعني بالمحال ما لم يكن متعلقا لقدرة الكريم المتعال اذ تصورك محاط لك وانت محاط لفعل الحي اللا يزال

قاعدة كلية : ومن الابواب في هذا الباب لاولي الالباب بطلان الطفرة واستقلال المخلوق بالمرة وما تشاؤن الا ان يشاء الله فاذا وجدت حدثا عن محدث فلا تستقله مفوضا بل انما كان بالله سبحانه وتعالى فالفعل الالهي للشرافة الاصلية لم يتعلق بلا واسطة بذلك الحدث بل بالمحل الاولى ومنه حتى تتصل الوسايط بذلك فالذي اتاك اما عين خارجي او ادراك ذهني ليس ابتدائيا بل هو مذكور في الخزائن الالهية الغيبية التي مفتاحها عند الولي لقوله تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو فخرج منها متنزلا في كل خزينة وماكثا فيها وخارجا منها خروجا رشحيا عرقيا فاضليا ام انجماديا انعقاديا بتدبير المدبرات وتسخير المسخرات الى ان وصل اليك

تبيين : ما وصل اليك ما وصل الا بمشية وارادة وقدر وقضاء واذن واجل وكتاب فمن زعم انه يقدر على نقص واحدة منها فقد اشرك او كفر ومعلوم ان المشية لا تعلق لها اوليا الا باول متعلقاتها واجلى مجاليها واقدم مظاهرها وهو قصبة الياقوت النابتة في اجمة اللاهوت المضمحلة عندها الملك والملكوت بل الجبروت ثم بالملائكة العالين اعلى عليين ثم بالملائكة الكروبيين ارباب الانبياء بالله اجمعين وهم قوم من شيعة ال محمد الطاهرين عليهم سلام الله ابد الابدين ثم بالانبياء على جهة الاجتماع ولا يلزم ان يحصل للكل اطلاع ولم نجد في البعض امتناع ثم بالافلاك بارواحها وباجسامها على التفصيل ثم ان كان ادراكات نفسانية تنقسم في فلك عطارد الى الملائكة شمعون وسيمون وزيتون فيدخلونها باعوانهم في القوي المتخيلة فيتصور المتصور ذلك الشيء ان كان حقا وان كان باطلا كان الحكم في المقابلة والمضادة وان كان التحقق عينيا حسيا فكذلك الا انه يزيد على العيني الذهني بخمس خزائن ان لم يظهر مغيباته اما مطلقا ام لا والا يزيد بسبعة ( لسبع خ‌ل ) خزائن ان كان الظهور على حد التمام بل الكمال لظهور الجامعية المطلقة في الازلية الثانية وان ظهر مقام الاكملية المطلقة صاعدا يزيد على الكل بثمانية وعشرين خزينة على اعتبار فالمجموع مائة وثلاث وخمسون مقاما غير الزوايد خزائن الصور الذهنية وهو قوله الحق جل وعلا واسروا قولكم او اجهروا به انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فمن عرف هذه الدقيقة في هذه اللطيفة عرف سخافة القول بتصور الواجب والممتنع والاول وان انكروا ظاهرا ولكنهم اقروا باطنا لاقرارهم الثاني وان انكروه لاقرارهم الاول فكان اقرارهم في عين انكارهم وانكارهم في عين اقرارهم كذلك حكم الله في استنطاق الطبايع اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون فتقرا الواح الواحدية ( الوحدانية خ ) في عين الشرك فافهم

توضيح : فعلمت ان العبارات والاشارات لا تقع الا على العنوانات وهي الامور المتحققة الثابتة في الاعيان النفس الامرية او الاذهان عند تقابل مرءاة النفس وجهها من العليين او السجين فتنطبع فيها صورة ما يحاذيها حقا كان ام باطلا وقد يكون المقابل حقا الا ان اعوجاج المرءاة اخرجتها عن الاستقامة فالعدم المحض والليس البحت لا يشار اليه بالاشارة ولا يعبر عنها ( عنه خ ) بالعبارة ولا تدركه الادوات ولا تحده الالات لانه ليس شيئا فلم يكن متعلق العلم ام تنبؤنه بما لا يعلم ام بظاهر من القول سيما اذا قلنا بالمناسبة الذاتية بين الاسم والمسمى كما هو الحق المحقق الثابت المقرر عندنا

شك وازالة ( ازالة شك خ‌ل ) : لعلك تقول فما هذه العبارات وما تلك الاحكام والاشارات من النفي والاثبات والليس البحت والنفي البات فان كان من حيث لا يشعر فقد ساويت القوم فيما الزمت عليهم والا ففيما تحقق لديهم فان توقف التصديق على التصور ضروري وانكاره كلام شعري سفسطي واني اقول ان الحكم انما هو بالنسبة اليك والى ما تصوره من افكك وكذبك واني انفي قصدك مقتديا لقول ربي جل وعلا حتى اذا جاءه لم يجده شيئا فالنفي بالقياس الى ما تصوروا وقصدوا لا المطلق فان شيئية السراب مما لا يخفى على اولى الالباب واما العبارات كلا شريك له فانما هي للمتوهمات كذلك فسمي موجودا بمعدوم الحادا وكذبا وهذه العبارة وامثالها مكنسة لغبار الاوهام ومزيلة لصداء الافهام لئلا تتراكم الظلام ويضل عن المقصد والمرام ويحصل له في الجهل والغواية مقام ذلك تقدير العزيز الحكيم العلام

اللمعة الخامسة - في ان الوجود هل يتجزي وينقسم ام لا ينقسم الحمد لله الذي لا من شيء كان ولا من شيء كون ما قد كان ولها اشراقات :

الاشراق الاول - اذا اقتضى شيء شيئا لذاته فان كان مع ذلك بذاته في ذاته لذاته اي لكماله قبل تمامه وتحققه فيكون المقتضى عين المقتضي اذ الاختلاف المستلزم للاختلال يورث الاضمحلال وينفي الاستقلال وهو خلاف ما ابتدءنا به المقال وهذا هو الاقتضاء الذاتي العيني فان كان لذاته لكماله بعد تمامه وتذوته فيختلف الحكمان في عين ايتلافهما وهذا هو اللزوم الذاتي والتلازم ان كان من الطرفين فان كان الاقتضاء في مرتبة من مراتبه ومقام من مقاماته فهو اللزوم التقييدي وان كان في فعله بفعله فهو اللزوم الفعلي والحكم الايجادي هذه المذكورات اقسام المستقل التام الكامل ولا كلام لنا الان في الناقص المستدعي للشرايط والمعدات والمتممات والمقومات وامثال ذلك من شرايط القابليات

الاشراق الثاني - فالاقتضاء الاول والاخر ينبئ عن الكمال فان طويت الواسطة لكونها غير معقولة فيظهر الكمال المطلق الذي له حكم الاولية والاخرية فهو الاول والاخر والباطن والظاهر بحكم ظاهر الظاهر اذ الاقتضاء الذاتي من حيث هي للغير لو سلم لا يكون الا عند التناسب بينهما وذلك يستلزم الاشتراك المستلزم للامتياز المستلزم للتركيب المستلزم للفقر والحاجة المستلزم للعدم المستلزم بخلاف المفروض والاقتضاء الثاني والثالث المستدعيين للغيرية فلا كمال فيهما الا بالاضافة لما ذكرنا من حكم التناسب والتشارك المستلزم لحصول الكثرة في المقتضى مع قطع النظر عن وجود المقتضى وفي صورة وجوده فالخطب اعظم واشد والقول باعتباريتها لا اعتبار له لصدوره عمن لا اعتبار له والا فهو مما لا غبار عليه كما لا يخفى على من له قلب او القى السمع وهو شهيد

الاشراق الثالث - قد كذب وافترى وضل وغوى من ادعى ان الوجود يتوحد او يتقسم او يتجزى فان الاول يسئل عن الوجود فان قال بانه هو الذي اقتضى ذاته لذاته بذاته في ذاته فيسئل عن الكثرات المحسوسة فان قال انها منه كالموج للبحر او كالحروف للمداد او كالاشعة للسراج او كالشجرة للنواة فيناقض قوله اعتقاده لاستلزام الكل الكثرة الحقيقية الغير الظاهرة المستلزمة للعلة الموجبة المقتضية لعدم العينية وانكار ذلك سفسطة ظاهرة ومكابرة باهرة وحجتهم على ذي المرام داحضة والله ولي العاقبة والثاني يجعله مقسما فالاقسام ان كانت عين المقسم فلا تقسيم ويرجع الامر الى القول الاول مع اشتراكه فيما نورده على فرض الغيرية مع ما فيه كما علمت وان كانت غير المقسم فهل غير الوجود سوى العدم والتخصيص خلاف المقدر وعلى تقديره يسئل كما سئل الاول ويجاب عنه كما اجيب عنه والثالث ان اطلق القول في الوجود فالمجموع واحد يحتاج الى علة ومؤثر او الكل وجدوا من غير موجد ويسئل ايضا كما سئل الاول فان اجاب بمثل جوابه يكذبه الوجدان بل الضرورة لمشاهدة التغير والتبدل والزوال والزيادة والنقصان والتحول والانتقال من مكان الى مكان تعرفه ان كنت من سنخ الانسان وان اجاب بالمغايرة يلزمه حكمها من المباينة فماصحت الوحدة ولا القسمة ولا التجزية

الاشراق الرابع - الحق الحقيق بالتصديق والتحقيق الذي لا مناص عنه عند اولى النظر الدقيق والفكر العميق ان الواحد الاحد الذي تذوته وتحققه وكينونته من عين ذاته بل هو عين ذاته هو واجب الوجود وهو الذي نعبر عنه عند طلب معرفته بالوجود الحق والمجهول المطلق ثم لما احب ان يعرف خلق تلك المحبة بنفس تلك المحبة بها جميع شرايطها ومقوماتها وقابلها ومقبولها وتاثرها وتاثيرها بنفس تلك الامور كلها لا من شيء ولا على شيء ولا كشيء ولا بشيء بل اخترعها اختراعا وابتدعها ابتداعا لعموم قدرته وشمول رحمته كذلك الله ربي وهو المعبر عنه بالوجود المطلق والكاف المستديرة على نفسها على خلاف التوالي ثم ظهر من تلك الحقيقة المقدسة اثر وقطر من ذلك السحاب ماء وانبعث من ذلك المنير نور وهو الامر الذي قامت الاشياء به وهو نور السموات والارض وهو الماء الذي به حيوة كل شيء وهو المداد والدوات وبه الداء والدواء وهو النون والصاد ومنه البدء واليه المعاد وهذا هو الواحد الساري في الكل وبه تقوم ( وتحقق خ‌ل ) الجل والقل وعنده النهل والعل وهذا هو الوجود المقيد يعني ما يصلح لذلك ومن شانه ذلك من حيث هو كذلك تعرفه ان قويت لك المدارك وهو قائم بالوجود المطلق قيام صدور بالله سبحانه وقائم بنفسه قيام تحقق وقائم بحدوده وتعينه قيام ظهور فلا عروض ولا معروض في عين كونه عرضا ومعروضا فالكثرات والاضافات والاعتبارات والاختلافات انما هي اغصان هذه الشجرة الكلية التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم

الاشراق الخامس - قد بزغ لك النور الحق من هذه المشارق وعلمت عيانات الاشياء ( عيانا ان الاشياء خ‌ل ) مختلفة الحقائق فمن اين الوحدة والقسمة ايها الناطق فات ببرهانك ان كنت الصادق لكنك لو شممت زهر الحقائق من تلك الحدائق لعلمت ان ما قلنا لك مطابق وبالحق والصدق مطابق ( موافق خ‌ل ) لكنه سر مقنع بالسر من اعظم الدقائق نعم ان قلت ان الوجود المقتضي ذاته لذاته بذاته في ذاته واحد لا تعدد فيه ولا اختلال وغيره موجود وقائم به على حكم الاضمحلال وعدم الاستقلال لصدقتك في المقال وهو الحق الثابت الذي لا سبيل له الى الزوال لانه الاول الاخر القديم المتعال وان زعمت غير ذلك فهو باطل في كل حال وسياتي انشاء الله تعالى شرح هذه الاحوال على التفصيل والاجمال رزقنا الله واياكم شرب الزلال من حوض القرب والوصال والانغماس في لجة بحر احدية الحي اللا يزال وطمطام يم وحدانيته بالاتصال وعصمنا واياكم من ان نروم اتصال ذاته وادراك كنهه في حال من الاحوال وسددنا عن الغواية والضلالة والاضلال وحفظنا بعينه في المبدء والمال هذا ما تيسر لنا في المقام من المقال مع بلبال البال وتوفر الاختلال وتزايد الامور المانعة عن استقامة الحال وانا لا ابرء نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي ذو العطية والافضال وهو ولي التوفيق والتسديد

الباب الثاني

في الوجود الحق والغيب المطلق والواجب الحق والمجهول المطلق والذات البحت والمجهول النعت وعين الكافور وشمس الازل ومنقطع الاشارات واللاتعين ( اللاتعيين خ ) والكنز المخفي والمنقطع الوجداني وذات ساذج والنور الازلي والهوية الاحدية والهوية المطلقة والازلية الاولية ابطن كل باطن غيب الهوية والذات الاحدية والغيب المسكوت عنه غيب الغيوب الغيب المكنون الغيب المطلق ازل الازال وراء الليس بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير وليس كمثله شيء وهو السميع البصير لا اله الا هو العلي الكبير هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وتظهر من افق هذا الباب لاولي الافئدة واولي الالباب لمعات من الانوار المشرقة من صبح الازل ولكل لمعة اشراقات :

اللمعة الاولى - في وجوده واثبات تحققه وثبوته ولها اشراقات :

الاشراق الاول - من اكتحل عيناه بنور الايمان وانشرح صدره بحقيقة العلم والايقان يعلم بالوجدان بل وبالمشاهدة والعيان في السر والاعلان انه ليس مستقل في الاعيان ولا متذوتا في الاكوان ولا يحتاج ذلك الى البرهان وكفي العيان عن مؤنة البيان واغنت جلية الشان عن اقامة الحجة والبرهان فتذوتها من حيث الذات يستلزم التناقض وعدمها مع وجودها يورث التعارض فوجب ما هو لذاته بذاته في ذاته بالضرورة والا لم يكن ما كان كما كان حين كان

تاييد وميزان : والى ما ذكرنا يشير قول سيدنا ومولانا الرضا روحنا له الفداء لمن سئل عن حدوث العالم انك لم تكن ثم كنت وقد علمت انك ما كونت نفسك ولا كونك من هو مثلك ه‍ فتم الامر ودار الدور على الكور لان ما لا يسد فقر نفسه يمتنع ان يسد فقر غيره وسد فقر نفسه مع فقر نفسه من نفسه لنفسه متناقض لمكان العدم والوجود في مكان واحد فصح ان الذي يسد فقر غيره غير مفتقر في نفسه وانكار الفقر مكابرة واضحة وصحة الغني المطلق ظاهرة باهرة وهو المعبر عنه بواجب الوجود افي الله شك فاطر السموات والارض وهو يطعم ولا يطعم

الاشراق الثاني - قد غلط الذي جعل المفهوم ثلاثة بل خمسة كما سبق لما سبق بل ليس الا اثنان ونحن لانشاهد الا الواحد ونقطع بانه المتاصل غير واجد والدور المصرح والمضمر باطلان لاستلزامهما تقدم الشيء على نفسه بمرتبة او بمرتبتين والدور المعي المعبر عنه بالتساوق والتحاوي من غير الاستناد الى الغير مستحيل اما في الشيء الواحد فواضح اذ الاعتبارات امور خارجية وذات الشيء اما فقير لذاته او غني لذاته والمنزلة ممتنعة واثباتها مكابرة واما الشيئان المتساوقان فمن جهة الفقر والغناء متساويان فاذا فرض ثالث مقوم لهما احدهما بالثاني والعكس فهو المطلوب والا لم يوجدا قط لان امداد احدهما الاخر فرع تذوت الممد والمفروض انه متوقف على المستمد فيلزم وجوده قبل وجوده والتسلسل ايضا باطل في السلسلة الطولية لان تحقق المعلوم الاخير موقوف بتحقق جميع شرايط وجوده ومتممات قابلياته ومن الشرايط والمتممات وجود العلل السابقة فوجود المعلول الاخير يستلزم العلة الاولية والا يمتنع لامتناع سابقه الممتنع لامتناع سابقه وهكذا فهو ينبئ عن الانقطاع فعدم اللاتناهي في السلسلة بلا نزاع ينكشف لك القناع ان حصل لك على مدركات الفؤاد اطلاع

الاشراق الثالث - عندك لوح جلي محفوظ عن التغير والدثور مكتوب فيه كل الامور اوله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق الظلمات والنور وجعل الظل والحرور فانظر اليه لا بعنوان ( بعين خ‌ل ) الكبر والغرور فانه تجارة لن تبور فان جسمك القائم بجزئيه فالصورة قائمة بالمادة القائمة بالطبيعة المربية للمادة المدبرة لها القائمة بالروح النباتي القائم بالروح الحيواني القائم بالروح الانساني القائم بالروح الملكوتي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة الماوى القائم بالبراق الاصفر والنور الازهر الاخذ ذمامه العقل الالهي والنور الرباني الصمداني القائم بمن ينادي ليلا ونهارا اعلانا واسرارا عشيا وابكارا لا اله الا الله الدائم الباقي الازلي الابدي القائم بالشجرة الكلية والازلية الثانية والرحمة الواسعة القائم بالله قيام صدور فانقطعت السلسلة وجه ( وجهة خ ) الاستدلال عدم الاستقلال ضرورة عدم الفعل الا بالفاعل الذي هو صفة الكينونة القائمة بها قيام صدور وعدم المثال المنادي بلا اله الا الله الا بالممثل وعدم صلوحية العقل للاستقلال لمكان التحديد المستلزم للانفعال وعدمها في الارواح الاربعة بالطريق الاولى لجمعيتها ما يوجب لها سرعة الزوال وتبدل الاحوال فما ظنك بالجسم والمادة والصورة لافتقار الثالث وتاثر الثاني وزوال الاول في المال فلم يبق للديمومية والقيومية الا الواحد الكريم المتعال الذي هو لم يزل ولا يزال يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني وفصل الضمير لمبالغة الحصر وكذا ادخال اللام على الجنس ( الخبر خ ) وعلى الجمع يفيد العموم الافرادي فصح ما دل عليه العقل المستنير من النور الفؤادي

الاشراق الرابع - لا يتوهمن متوهم ان الفقر انما هو في الابراز والاظهار و( او خ‌ل ) احداث الهيئات بالاقترانات ليمكن القول بعدم المظهر والمصور مع بقاء الظاهر والصورة كما توهمه الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكر ربهم فان هذا يستدعي بقاء الذات والاصل والمادة المعتورة عليها الصور والتشخصات بالغير فتحقق القديمان وهو مما يحيله البرهان فان زعمت انه لا حاجة الى الثالث بل تكفيه المادة فهو مع انه فاسد من اصله يبطل المدعى فوجد ما انكروه اصلا وراسا

تنبيه : اذ قد عرفت ذلك عرفت ان الاستدارة على وجه المبدء بكل جهة لا الى جهة فاذا انعدم المذوت عدم المتذوت لان تحققه به ولئلا يكون المعلوم اقوى من علته بوجه ويصح السبعين ويظهر الحق المبين لتعلم ان ليس بين الواجب والممكن نسبة لا سبعونية ولا عشرونية ومع ذلك به تذوتت المتذوتات وتحققت الكاينات سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره

الاشراق الخامس - الاثر لم يزل ولا يزال اضعف من المؤثر والا بطل المقدر وجاء حكم التساوي هذا خلف وهو حكم الفقير الى الغني فالدهر الذي يستندون التاثيرات اليه وتنتهي الدوائر والكرات اليه وما يهلكنا الا الدهر فان كان هو الواجب الحق فلا يضر التسمية لوروده في اسماء الله سبحانه يا دهر يا ديهور وان كان هو الطبيعة المضطرة الموجبة الغير الشاعرة فيكون الاثر اشرف من المؤثر فضلا عن التساوي لمكان الاختيار والادراك وتدبير الامور والنظم والترتيب الدالة على وجودها في الصانع على اكمل وجه لا من باب التشكيك ثم ان الارتباطات والتوقفات والعلل والاسباب والشرايط والمكملات والمتممات في الاثار بينة فان زعمتم ان الطبيعة واحدة فقد كذبتم وتناقضتم لعدم تمكن الغير المختار من تعدد الاثار وهو المختار عند من له اعتبار فصح الاختلاف فبطلت الاقتضاءات الذاتية لها للوجود لذاتها بذاتها في ذاتها كما هو شان واجب الوجود لمكان الفقدان ( وتحقق الفقدان خ‌ل ) والوجدان وهو التناقض الواضح يشاهده من له عينان والجهات والحيثيات لازمة للنسب والاضافات ولا مدخلية لها في الذات البحت البات فهي ان اقتضت الوجود لذاتها امتنع عن الفقدان فلما شاهدناه قطعنا بالعدم الذاتي والوجود الغيري فوجد الاحتياج والفقر وليس لك عن الاستناد الى الغير مهرب ولا مفر

تحقيق : ان الارتباطات من العلل والاسباب والمتممات في الاثار اما ينبئ عن وحدة المؤثر الفاعل المختار القادر القاهر الجبار يجعل ( بجعل خ‌ل ) الشيء دليلا على شيء ومدلولا عليه وسببا لشيء ومسببا عن اخر ومتمما لشيء ويتممه شيء اخر وشرطا لشيء ومشروطا لاخر وجوهرا لشيء وعرضا لاخر ونحو ذلك واما ينبئ عن اختلاف المؤثرات وتحقق هذه الارتباطات فيها اذ الاثر كذلك يشابه ( صفة خ‌ل ) مؤثره فاذا صحت الارتباطات فيها تحققت حدوثها واحتياجها لان الحكم الذاتي لا يتوقف على شيء وشرط فبطل القول بالاستناد الى الدهر الذي هو الطبيعة كما وصفنا فان كني بها من ( عن خ ) الله سبحانه فغلط لعدم الصدق على الحقيقة وعدم العلاقة المصححة مع كون الاسماء توقيفية

تذنيب : الثنوية ان قالوا باهرمن ويزدان من جهة ان الخير والشر والنور والظلمة ضدان فان ارادوا من جهة التضاد عدم اجتماع احدهما مع الاخر فالاضداد بهذا المعنى كثيرة فلم لم يثبتوا لكل ضد الها وموجدا فلم اقتصروا بالاثنين وخصوا بالتاثير والتاثر الضدين مع انه لو سلم فانما هو في الفاعل الموجب واما المختار فلا فان فعله الذي هو الحركة الايجادية يناسب كل مفعول وعمومه وخصوصه حسب عموم القدرة وعدمها وهو حسب الاستغناء شدة وضعفا وتسليم الموجبة ( الموجبية خ ) في الغني بالذات مع تحقق الاضداد يستلزم التناقض كما اشرنا انفا ثم ان الضدين متعاكسان يدور كل منهما على خلاف جهة الاخر دورة ضدية فلا يقتضيان الامتزاج والاختلاط وكون كل مع صاحبه فاذا راينا التداخل بين الكرتين المتعاكستين علمنا ان غيرهما قارن بينهما ليدل على كمال صنعه وتمام قدرته وتنزهه عما يجريه في الخلق ولا يجري عليه ما هو اجراه فصح النظام وبطل الكلام

تكميل : عبدة الافلاك والشمس والقمر والزهرة والمشتري والشعري والسهيل وساير الكواكب وعبدة النيران والمياه والاوثان والاشجار والاحجار وظلمة الليل ونور النهار والبقر والثور والصور وامثال ذلك فان ارادوا بها الغني بالذات فان انكروا جسميتها كابروا الحس والا كابروا العقل بل الضرورة فان عنوا بها الذات تعالى وتقدس وجعلوها من باب الاسماء فكما ذكرنا وان ارادوا بها حكم التوجه والالتفات والشفاعة لدي الحق الثابت البحت البات فسيجيء الكلام عنه فيما بعد انشاء الله تعالى

اللمعة الثانية - في توحيد الحق جل وعلا من حيث الذات قال الله تعالى الله لا اله الا هو الحي القيوم ولا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد لا اله الا هو العزيز الحكيم ولها اشراقات :

الاشراق الاول - من له عقل سديد وبصر حديد او القى السمع وهو شهيد يعرف مما سبق في حقيقة التوحيد ما ليس له مزيد فاذا كان تصور الشريك من المحال فلا يبقى في المقام مجال المقال اذ نفى وقوع تصور الغير يحتاج الى الاستدلال واذ ليس فدع عنك القيل والقال واخرج عن حيرة اهل الضلال واطلب الوصال وخف الزوال واقرء الواح الاحوال وتمكن في مقام الاضمحلال واعرف مقامك في المبدء والمال وشاهد ربك بالاستقلال ولاحظ وحدته في كل حال فاعبده بالغدو والاصال وهو معنى ما قال الولي ( ولي نسخة ٢٤ خ ) الملك المتعال :

فوا عجبا كيف يعصى الاله ام كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد

فاذا تمكنت في هذا المقام ورسخت في ذا المرام قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون

الاشراق الثاني - اهل الجدال واصحاب القيل والقال لا يغنون عن الاستدلال فدليل الفرجة والتمانع لهم كفاية يفهمهما من كان منهم من اهل الدراية اذ الاول يرفع الاشتراك من حيث الذات عن الذات والثاني يرفعه عنها من حيث الافعال والصفات وبيان الاول بالاجمال ان الاثنينية تستلزم الامتياز فان انتفي الاشتراك ولم يبق الا صرف الافتراق جاء حكم الوجوب والامكان وليسية الامتناع غير محوجة الى البرهان فان بقي حكم الاشتراك فوجب ما به الامتياز فكان ثالث بينهما ولا يعقل فرض حدوثه لامتناع التاثير فيه فصح القدم فكان وجوده لذاته بذاته في ذاته فكان الها ثالثا معهما ولا ريب في امتياز الثلاثة فثبت الخمسة وهي تستدعي التسعة وهكذا الى ما لا نهاية واستلزامه في المخلوق مسلم وحسية القسمة ممنوعة وعقليتها بمعنى الاحضار مرة غير معقولة وبمعنى الا يقف متحققة موجودة وبيان الثاني كالاول ان تحقق الالهين ( الالهان خ‌ل ) ان لم تتحقق الارادة لهما تحقق عدمهما فان تحققت فالاقتضاء الاتفاقي مطلقا ممتنع الا اذا ارتفعت الاثنينية وهو المطلوب فان اختلفت واراد احدهما ما يخالف الاخر اي يناقضه فان قلت بوقوعهما معا كذبت للامتناع الذاتي وان قلت بعدمه اخرجتهما عما قصدت لهما وان قلت بوقوع احديهما دون الاخرى فالنافذ الارادة هو المستقل وحكاية الاصطلاح هي الكذب الثابت البات القراح مع فقدانه كمال التفرد والاستقلال بالامر اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحانه وتعالى عما يشركون

الاشراق الثالث - لو فرضت قديما اخر لكان ازليا فوجب محاطية كل منهما والمحيط هو الاعلى ( الاعلى على خ ) الاولى والا وجب حدوث المفروض والقول بالعينية الازلية حال التعدد من جزاف المقال فثبت ما قلنا على كل حال

تنبيه : الم تعلم ان ما تفرض عندك وتقديرك كتجويزك تقديرك وتدبيرك ونسبته اليك كالواحد بالسبعين فكيف يقع على الواجب الحق القديم المبين اعاذنا الله واياك من شر الشياطين وان ابيت الا الجمود على المخالفة وضربت صفحا عن الموافقة قلت لك ان توارد العلتين على المعلول الواحد ممتنع فالواحد عن الامكان الواحد منقطع فان لم يمكنه الفعل لمانع ثبت عجزه وهو ينبئ فقده ثم اين المهرب من التركيب اللازم والتحديد المتراكم والقول بان ما به الاشتراك عين ما به الامتياز كلام سوفسطائي لتناقض الاشتراك مع الامتياز فيمتنع اجتماعهما واختلاف الجهات لا يجدي نفعا لكونها امورا خارجة عن الذات فينقل الكلام فيها مع امتناع هذا القول عند التعدد الواقعي الحقيقي كما هو المفروض فان نفيت القدم الواقعي والوجوب الذاتي الحقيقي عنهما او عن احدهما فقد ابطلتهما او واحدا منهما والا فكما قلنا من اللزوم وان لم يعرفه اصحاب الرسوم واعتبار الاعتبارات ان كان محض الكذب او الصدق الذهني لو سلم عدم استلزام التطابق الاصلي والشبحي فبمعزل عن التحقيق عند اهل النظر الدقيق فالتكلم عنها بوجه لا يليق وان كان باعتبار الصدق الواقعي فيتحقق فيه ما تحقق في الذهن من الوحدة او الكثرة الا انها قد تكون غير ظاهرة في الواقعي كالكثرات الواحدية فافهم فبطل ما توهموا وانهدم ما شيدوا واسسوا من تجويز صدق المفاهيم العرضية على الذات فانها ان كانت خارجة فليست الا حادثة والا لزم ما اصلنا وشيدنا وان كانت حادثة لا تصدق على القديم بوجه لا عرضية ولا ذاتية مع انه لا يعتبر في الذات الا الذاتية والانتزاعيات لمختلفي الجهات ومتعددي الاعتبارات وهو هنا كذب بحت بات

الاشراق الرابع - قد غلط الذي جعل الواجب الوجود مفهوما كليا ممتنع الافراد الا واحد ( الواحد خ‌ل ) الذي هو ذات الحق جل وعلا فانه يستلزم ان يكون الحق سبحانه متقوما ضرورة ان المميز مقوم للفرد ومقسم للكلي والفرد اعم من ان يكون حقيقيا ام اضافيا والتفرقة مكابرة اذ لولا المميز للفرد لما كان ورجع الى الكل ( الكلي خ‌ل ) وهو لا يتحقق الا بالمميز كما انه لولا الفصل لما كان النوع ورجع الى الجنس وهو ظاهر لمن اراد الحق ويكون الحق مركبا لتركب الفرد من الكلي المشترك ومن التشخص والتعين المميز وهو يستدعي تقدم الغير الموجب للاولية والاولوية للمعبودية وعرضيته للغير وتقومه به قيام تحقق وجاعلية الغير اياه لا يقاعه في هذا التحديد الخاص والمقام المعلوم وكل ذلك ينافي عينية الوجود ويناقض الحق القديم المعبود لا اله الا هو الحي الصمد الودود

ارشاد : دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ولا تتوهم ان المفهوم امر ذهني اعتباري كلية وجزئية ( كليته وجزئيته خ‌ل ) لا يضر في حقيقة الواجب لما ذكرنا مكررا مرددا تنبيها للغافلين وارشادا للمسترشدين بان الذهني ان لم يكن له مطابقا خارجيا فنسبته اليه كذب محض وزور باطل فان صحت المطابقة فهي كما قلنا وكذلك الكلام في قولهم ان شريك الباري كلي ممتنع الافراد هيهات ما ابعدهم عن السداد واخطاهم عن طريق الرشاد ولم يدروا ان ذلك ممتنع لانتهاء المخلوق الى مثله والجائه الطلب الى شكله ما للممتنع وادراك الممكن اياه فان كان الذي في اذهانهم هو الذات فما امتنع شريك الباري فهو ذا موجود في الذهن ان كنتم تعقلون فادلة النفي ليست عامة فان قلت ان ما في الذهن ليس ذاك فاذن ما ادركت ذاك ولا تصورته فاين الكلي فان قلت اقول وان لم اشعر فقد جئت بسيرة المجانين فان قلت كما اقول في الواجب واتكلم فيه فقد اخطات المقايسة فان اثره يدلك عليه وان لم تدركه والاسماء لجهات الظهورات والتوجهات وليس لغيره ذلك فلم يصح الاثبات فان قلت اتصور وافرض لها الاثار واسميه من جهتها المفروضة فقد حاولت الامتناع لان تصورك من جنس مخلوقات الواجب الموجود ( الوجود خ‌ل ) فصانعها واحد وليس بعضها لمصنوعية الغير اولى من الاخر وما يمكنك ذلك فان قلت غاية ما في الباب انه المحال وفرض المحال ليس بمحال فقد افسدت رايك وادعيت فوق مقام الربوبية لان المحال ما لم‌ يقبل جعل الحق المتعال فاذا تمكنت من ذلك واوجدت صورة المحال في الذهن فقد اوجدت ما ليس لله وقد تقدم فراجع ولا فرق في اصل الوجود بين الصورة المعقولة وبين العين الخارجي في اصل تعلق الجعل بهما فان الصورة موجودة والخارجي هو تلك الصورة مع التعين المخصوص على الوجه المخصوص فاذا صح تعلق الجعل بها صح تعلقه به من غير فرق والفارق مكابر جدا والعارف يراه عيانا ومشاهدة فالمجوز للاول دون الثاني للنفس دون الرب اما ان يجعلها اقوى او غلبت عليه السفاهة والجنون وان كانت هي ثابتة في كلا الحالين فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم

تكميل : قد بطلت جزئية المعبود سبحانه وتعالى كما قد بطلت كلية الواجب فبطلت فائدة قولهم في حد الكلي والجزئي من انهما ما لا يمنع نفس تصوره عن وقوع الشركة وما يمنع سواء قلنا بان الجزئي الاضافي اعم مطلقا من الحقيقي او من وجه والاول قد عرف مما سبق والثاني لكونها من عوارض الامكان المتحققة في الاعيان والعوارض ليست مناسبة الا ( الا مناسبة خ ) لمعروضاتها والا جاء الترجيح من غير مرجح وصحة عروض كل شيء لكل شيء فما يناسب الفقير المطلق لا يناسب الغني المطلق بل يمتنع ان يناسب ذات الغني المطلق جهة من تطورات الفقير المطلق يعني تكون الذات عرضا للفقير المطلق فان ابيت الا عن العبارة الاولى جاء حكم التركيب الا ان تقول ان الجزئي في الازل يراد منه معنى اخر غير ما في الامكان كما رسخ في الاذهان ويكون الصدق لفظيا ان قلنا بان الاسماء توقيفية منعنا ذلك والا فشانك في الاصطلاح اذ لسنا في هذا الكتاب بصدد الالفاظ ولنفرد لها انشاء الله كتابا اخر وقد عرفت ايضا من ذلك ان الممتنع ليس بشيء حتى يحكم عليه بالكلية والجزئية كما فعلوا وحجتهم داحضة عند ربهم لا يسمن ولا يغني من جوع فبطل حكم التثليث وجاء التوحيد والاسماء ايات التفريد

الاشراق الخامس - قد تصعبت على الاذهان الشبهة المشهورة المنسوبة الى ابن‌ كمونة وهي لعمري من افحش الاغلاط الا ان الذي حاول الاعتبار وجانب عن الاعتبار يتفوه بما ينشا عنه الاعتبار وهي انه يجوز ان يكون الهين مستقلين متباينين ومتمايزين من غير تحقق شركة ويكون صدق الوجود والوجوب عليهما صدقا عرضيا ومفهوما انتزاعيا ولا يلزم من ذلك تركيب فصحت الاثنينية وبطل ما الزموا من تحقق التركيب ولست ادري ما السبب في هذا الاستصعاب ولم الاضطراب في هذا الباب ولم ‌يتاملوا في قوله العرضي العرضي فان الوجوب والوجود لو لم‌ يكونا ذاتيين يكونا خارجيين فبقى الاله من حيث هو ليس بموجود ولا واجب فيكون من حيث هو هو معدوما وممكنا لعدم المنزلة بين المنزلتين كما حققناه مرارا فلا نعيد ثم ان وجوب الوجود يقتضي العينية والا لم يكن اياه هذا خلف فكيف يصح الصدق العرضي وايضا لو لم يكن بين المنتزع والمنتزع عنه ارتباط ونسبة لم يصح الانتزاع والا لانتزع كل شيء من كل شيء فبطل انتزاع الامر الواحد من المتباينين اللذين لا يكون بينهما تصادق اصلا لا جنسا ولا نوعا ولا كيفا ولا غير ذلك وهو معلوم بالبديهة وايضا من له فهم سديد يعلم يقينا ان الانتزاع نوع من التوليد ولا يصح ذلك ابدا عند من القى السمع وهو شهيد وايضا اذا صح الانتزاع صح الادراك اذ لا معنى لادراك عدم المحيط العالي ولا المشاهد بالشهود العياني الا انتزاع صورة المدرك وحفظها في خزانة الخيال فهو باق ما دام بقائها في تلك الخزانة فاذا انمحت ذهب الى ان تعود فان كان هذا الانتزاع باحدى الحواس الظاهرية والباطنية فجاء حكم الصورة وان كان بالكشف والشهود والبصر الذاتي جاء حكم الاحاطة او تساوي الرتبة ولم يتحقق الانتزاع ايضا وان كان على جهة المثال فلا يحكي الا عن الممثل حسب المقابلة فافهم ذلك فانه من اصعب ما يرد على العلماء

تذكير : على القول بامتناع انتزاع الامر الواحد من الامرين الغير المتصادقين كما ذكروا في رد الشبهة نقول اليس الوجوب والامكان لا يتصادقان بوجه من الوجوه فان قلتم بلى كما هو مفاد كلامكم في رد الشبهة فما بالكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ولم لا تقولون ذلك في صدق الوجود على الواجب والممكن وتذهبون الى الاشتراك المعنوي وتزعمون ان المفهوم الواحد ينتزع امر من ( ينتزع من خ‌ل ) الامرين الغير المتصادقين بوجه فان نوقضتم بذلك فما جوابكم فهو مردود عليكم مع لزوم ما ذكرنا من انواع القبايح في صورة الانتزاع وان قلتم نعم فليس الوجوب والامكان الا حقيقة واحدة مختلفة بالفصول والمشخصات ولزم التركيب في كل من الواجب والممكن بعين ما ذكروا في الالهين بعين ما ذكرنا من بطلان كون ما به الاشتراك عين ما به الامتياز مطلقا سواء كان في المتواطي او المشكك فبطل حكم العلية والمعلولية والاثرية والمؤثرية اذ لا يعقل ذلك في الحقيقة الواحدة فان المعلول ممتنع وعدم في رتبة العلة فكيف اتحد الحقيقة والمفهوم انما هو تابع الاصل ( لا اصل خ )

اشارة : الاسم عند الحاجة الى التسمية والواضع هو الله تعالى ومن شانه ان لا يمنع المستحق حقه ولما بطلت الطفرة اختلفت الموجودات بالعلية والمعلولية والسببية والمسببية وحكم استواء الرحمن على العرش يقتضي ان لا يجعل اسم السبب والمسبب والعلة والمعلول واحدا والا لاختل الامر وبطل الاستواء وان كان لفظ واحد فانما هو في مرتبتين بل في مراتب لتصحيح الحقيقة بعد الحقيقة وتشييد المجاز والحقيقة فاذا اين الصدق الواحد الحقيقي

تلويح : ان عرفت حدود ما ذكرنا عرفت صدق الانسان علينا وعلى الانبياء وعليهم وعلى محمد واله عليه وعليهم السلام وكذا صدق الحيوان على المجموع والبهائم وحشرات الارض فان قلت هنا صدق حقيقي فقد احلت لتباين تلك الحقائق وتخالفها بالعلية والمعلولية كما دل عليه العقل على الابهام والنقل على التعيين فلا يرد النقض لمن عرف هذه الحقيقة في صدق الوجود ( فافهم نسخة ٦٢ خ ) ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم فان قلت ليس هنا صدق حقيقي فقد اختل عليك امر الجنس والنوع ووحدتهما وسياتي الكلام فيه انشاء الله وانما اتينا به استطرادا

حقيقة : يطلب الدليل من اصحاب القال والقيل من ليس له الى المعرفة سبيل والا فمن له ادنى مسكة يعرف ان الممكن لا ينتهي الا الى مثله ولا ينتهي اليه الا مثله والثاني ضعيف جدا بعكس الاول في الرتبة الامكانية فكيف يفرض ما يفرضه ازليا اذ حيطته الى مثله وادون منه ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما فلا يفرض الا مثله ولا يعد الى نفسه الم تنظر الى الاشعة فانها لو فرضت الف سراج لا يقع الا على شعاع مثله والسراج بمعزل عن ذلك كله فاذا لم يمكن ذلك فكيف يطلب الدليل

اغماض : الا ان المنغمسين في بحر الصور لما لم يلجئوا الى تلك السفن الجارية في بحر القمقام لجة الاحدية وطمطام يم الوحدانية تصوروا فاحتملوا وخاضوا فقالوا وان لم يقعوا الا على المخلوق لكن ذلك كان يفسد امرهم ليعرضوا عن ربهم بمشاعرهم وان توجهوا اليه بكلهم فيحرمون بذلك عن حظوظهم التي خلقوا لاجلها باسرهم فيعكس سيرهم ويعدم نورهم ويسيرون قهقري ثم رددناه اسفل سافلين اراد الحق سبحانه ان ينبئهم ( ينبههم خ‌ل ) على اصل مقتضي ايجادهم فاتى لهم بحسب ما يدركون من امثال اشباحهم لتنزيل تلك الشبهات اتماما لقابلياتهم واكمالا لاستعداداتهم وليكون كل ميسر لما خلق له ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة فاشار سبحانه الى بعض الادلة ( على خ ) حسب ذلك المقتضي وان كان هو الدليل على مقتضى الواقع اجراء له على الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن ليعلم كل اناس مشربهم وينال كل احد مطلبهم ولكن المدركون لذلك قليل

تبيين : قال تعالى لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا والاثنينية لسماء المقبولات وارض القابليات المعبر عنهما باربعين ليلة لميقات موسى الملوح اليهما في الم وثلثي الاخر من الربع الاول من بسم الله الرحمن الرحيم واخيري العلم المطلق المجموعين في الاوائل ( سيما في العين خ ) والجامع لهما الالف والباء ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم ومنشا الفساد تعاند الالهين بالفرض فيلزم من ذلك عدم المقبول حيث عدم القابل مع وجوده حيث وجود المقبول لحكم التساوق والتضايف فيهما ومرجعهما الى واحد والثاني يتبع الاول وكلاهما يتبعان الفعل المتقوم بالذات قيام صدور فيفعل كل منهما حين عدم فعله حين فعله فيفسد القابليات والمقبولات وتبطل بل تعدم ولم يتحقق فعل وتعلق اذ توارد الضدين على محل لا يمكن الا عند الغلبة فالورود ينبئ عن ذلك والمغلوب لا يصلح لذلك فتم الامر ودار الدور على الكور فبطل المقدم لبطلان التالي واجرى سبحانه الاستدلال على الطرق الثلثة اما طريق الحكمة فقد لوح عليه بالفساد فان الوحدة السارية في الاشياء بعد اتمام قابلياتها ومقبولاتها تفسد وتتبدل بالكثرة لو كانا الهين وهي شهادة كل شيء بالوحدانية كما في الحديث المتقدم تنكشف لك حقيقة المقال اذا توارد السراجان على شاخص واحد ترى ظلين ناقصين فاسدين فافهم واعتبر امرك منه والله ولي التوفيق واما طريق الموعظة الحسنة فبان الكثرة تستلزم التعارض المستلزم للفقدان المستلزم لفساد ما ينسب اليها مستقلا وانتفاء الكل في الوحدة مع استلزامها لعين الكمال وعينية الوجود فالوحدة عند اهل الوحدة بالقبول احرى بل هي المتعينة الثابتة دون غيرها واما المجادلة فقد ظهرت مما سبق وان اردت تخصيص حكم السموات والارض بما هو المعروف المتبادر عند العوام فعلت والكلام الكلام والحكم الحكم الا ان الاحكام تتطابق والعوالم تتوافق كل شيء فيه معنى كل شيء واما الوجه فيما مهدنا من المقدمة فلان فرض الالهين لا يمكن الا في الازل فهو يسعهما والقول بان ازلية كل عين ذاته شعري لا يلتفت اليه فكيف يمكن الفرض حتى تترتب عليه المفسدة يعرفه اهل الافئدة الا ان الله سبحانه لما صب الماء صبا وشق الارض شقا فانبت فيها عنبا وحبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وابا اقتضى الحكم ما ذكرنا واصلنا فافهم

توضيح : قال الله تعالى ما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ( قل لو كان معه الهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا خ‌ل ) والفرض لذلك الفرض الاستقلال والانفراد هو المطلوب بل هو الركن والعمدة فان فقده احدهما تعين الواحد والا فوجب تفرد احدهما ولا يمكن الا بما ذكره سبحانه وهذه الاية بيان لما سبق وان كانت قبلها في الترتيب لينبئ عن الاحتواء والانطواء ويصح حكم التكوين من تطابق الذوات والصفات فان بطلان التالي في هذا القياس الاستثنائي يتصور من امرين احدهما المنطوق وثانيهما المفهوم المعقول فان الضدين المتعارضين لا يكونان الا كذلك واما التلويح الى الحكمة فمن ( ففي خ‌ل ) الشطر الاول من الشطرين المنحل اليهما الاية اذ الاثر يتبع مؤثره فلا يمكن بشيء ( لشيء خ‌ل ) ان يقول انا بل يجب ان يقول نحن والامكان لا يتجزي ولا يتباين من حيث هو الا بالعلية والمعلولية فيعدم عند رتبتها وهو يقرر مطلوبنا ويمتنع بغير ذلك فالتوارد على الواحد يقتضي ذلك كما مر واما الى الموعظة الحسنة ففي الشطر الثاني منها اذ المتفرد المستقل لا شك في تعينه وسكون النفس عنده واما ( الى خ‌ل ) المجادلة بالتي هي احسن فمن ( ففي خ‌ل ) الشطرين وهذا حكم الظاهر في الايتين واما الباطن والتاويل وحكم الحقيقة فيؤل الى ذلك بالكناية التي هي ابلغ من التصريح فانهما تدلان على ظاهر الالهين فتستدير منهما الكرتان المتعاكستان المتقابلتان المتحاذيا السطوح على وجه مبدئهما فجاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا فاثبت بهما ما شاء كما شاء بما شاء لما شاء في امر التكوين والتدوين وحكمي الذات والصفات في الوجودي والتشريعي كذلك صنع ربنا الذي اتقن كل شيء وهو العليم الحكيم وهو اقوى دليل واوضح برهان لمن له عينان ولسان وشفتان في هذا المقام

اللمعة الثالثة - في الاستدلال على التوحيد بالافاق والانفس قال الله سبحانه وفي انفسكم افلا تبصرون سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق الا انه بكل شيء محيط ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون اولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون اولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين وكاين من اية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت فذكر انما انت مذكر وقال النبي صلى الله عليه واله اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه اللهم ارني الاشياء كما هي اللهم زدني فيك تحيرا وقال امير المؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه وقال مولينا الحسين عليه السلام في دعاء الهي امرتني بالرجوع الى الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير وقال الصادق عليه السلام لمن سئله عن الدليل على التوحيد اتصال التدبير وتمام الصنع واكثر استدلالات اهل البيت عليهم السلام في مقام التوحيد من هذا القبيل وما ذكرنا انموذج منها وبهذا القدر كفاية لاهل الدراية ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - ظهور الذات على ضربين ظهورها لذاتها بذاتها ولمن هو اعلى منها وظهورها لغيرها لاثارها او متقوماتها بالتحقق او لما يساويها حال عدم التفاته فالاول يكون الظهور بالذات على الحقيقة لمحاطيتها لديه وحضورها عند نفسها وشان المحاط لدي المحيط والشيء عند نفسه معلوم جدا كالاشعة للسراج وكعلم الشيء لنفسه ( بنفسه خ ) بنفسه حال المكاشفة السرية والمشاهدة العينية ( الغيبية خ ) والثاني لا يكون الا بالاثر والفعل والا يلزم ما لم يكن هو اياه وفسدت الاعيان والاكوان كالسراج للاشعة وكالوجود للماهية وكالذي لم تره ولم تعلم به وهو يريد ان يعرفك نفسه فليس لك منه الا ما ظهر لك به وكثيرا ما يخالف الواقع على الظاهر وقد علمت غاية ايجادك انها مقتضى المحبة الاولية الثانوية ولست من القسم الاول فلا سبيل لك الى المعرفة الا بما وصف لك نفسه اعرفوا الله بالله يا من دل على ذاته بذاته ان الله اجل ان يعرف بخلقه فاطلب ذلك الوصف وقف على ذلك الحد ليس على العباد ان يعلموا حتى يعلمهم الله فان وجدت الى ذلك سبيل فاعلم انه خير برهان ودليل والا فاعرض عن القال والقيل فانه اصل الضلال والتضليل وادراكك في هذا المقام عليل وعلى الله قصد السبيل والمدركون لذاك قليل

الاشراق الثاني - اعرف ربك بالفطرة لا بالاوهام المغيرة والخيالات السوفسطائية والمقالات الشعرية والمقدمات الجدلية فانها لا تثمر الا الحرمان ولا تزيد الا الخسران ولا توصل الا الى المفاهيم الذهنية والانتزاعات العقلية المشوبة بالف شك وشبهة وكلها منتفية اذا عرفت ذلك الوصف الذي هو الفطرة اذ كل مولود يولد على الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون

تلويح في تصريح : العبارات ( العبارة خ‌ل ) الظاهرة في هذه اللطيفة الذوقية الوجدانية هي ان الوصف وصفان حالي ومقالي والفرق بينهما في الجلاء وعدمه بين وحيث اراد الحق سبحانه من الخلق المعرفة وامتنعت لهم لمخلوقيتهم وجب عليه التعريف ولا يمكن الا بالتوصيف والاول اجلى فوجب اتماما للخلقة واقترانه بالثاني اولى ففعل اتماما للحجة واكمالا للنعمة ومع عدم الاقتران يورث النقصان تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا وكلما كان الوصف اقرب اليك يكون في التعريف ادل وفي الدلالة اكمل وتطرق الخلل الى الفهم اقل في كلما قل وجل وليس اقرب اليك منك الا الواصف فهو اقرب اليك منك بما لا يتناهى كبعده عنك كذلك فجعلك وله الحمد والمنة ذلك الوصف فوصف نفسه لك بنفسك فوا سواتاه لو غفلت عنك وجهلت وصفك ووصفته بما لا يليق بجلال قدسه وعظم شانه وان كان سبحان ربك رب العزة عما يصفون لكنه سلام على المرسلين حيث وصفوه كما وصفه لهم والحمد لله رب العالمين فعندك كلما يراد منك مما يراد لذاته او ما لا يراد كذلك ومما يراد لما يراد وما لا يراد لما لا يراد من الكينونات ولوازم الاقتضاءات قد نقشها الله تعالى في لوح حقيقتك واثبتها في هويتك وماهيتك وجعلك وصفه وصفته كما يحب لما يحب بما يحب فقد ظهر لك بك لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها واحتجبت ( احتجب خ ) عنك بك وبها امتنع عنها وحاكمك اليك واليها حاكمها اذ ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب واستتر بغير ستر مستور والراحل اليه قريب المسافة وانه لا يحتجب عن خلقه الا ان تحجبهم الامال دونه فكينونتك هي الكتاب المبين الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصيها

دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك وما تبصر

وانت الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر

وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

ازالة وهم : لا يتوهمن ان ما ذكرنا ينافي محكم ليس كمثله شيء وما انعقد عليه الاجماع الضروري ان الله تعالى لا يشبهه شيء وقوله تعالى فلا تضربوا لله الامثال ان الله يعلم وانتم لا تعلمون فانا ماخرجنا عن النصوص المحكمة والشواهد العقلية والاجماعات الضرورية بل المحققة المحصلة بل والمنقولة بل ذلك اثبات لعدم التشبيه نعم لو ادعي ان المثال والاية والوصف للذات البحت سبحانه توجه الكلام لكنه ليس كذلك فان التوصيف لاجل التعريف وهو بالنسبة الى الذات سخيف بل لا يتصور ولا يتعقل فيلزم من ذلك العبث فالوصف لغاية الايجاد وهو على حسب قابليات العباد فيختلف لاختلافهم في الاستعداد والا لما تعدد مع امتناع الاتحاد ولذا نقول ان شهادة الحق للحق بالحق حق وشهادته للخلق بالخلق خلق ورسم ونحن تلك الشهادة حين قال عز من قائل شهد الله انه لا اله الا هو لكنك لا تدرك ما ذكرنا الا اذا لطفت قريحتك وصفت سريرتك وطابت سجيتك وسنزيدك بما ينبغي كما ينبغي انشاء الله تعالى وبالجملة لا فرق بين قوله تعالى حين تقراه انت انا الله الذي لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلوة لذكري ان الساعة اتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى وبين حقيقتك وذاتك وكينونتك كما ان ليست تلك الالفاظ ولا معناها هو الله ولا انت حين تقراها ولا تشبهه ولا تناسبه كذلك ذاتك وحقيقتك بالنسبة اليه تعالى فان المظهر لا حقيقة له الا ظهور الظاهر له به فلا يجد الا الظاهر من حيث فقدانه فوجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب فلو ثبت حقيقة غير محض الظهور لم يكن مظهرا هذا خلف والمشابهة لا تكون الا بين الحقيقتين المتشاركتين في الصفة فحيث لا حقيقة لا مشابهة وانما هي الصفة توحيده تمييزه وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة

تنبيه : فكل العالم كلمة واحدة وهي كلمة التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله وكل الحروف هي شرح وبيان لتلك الكلمة بل كلها كلمة تامة يجري فيها حكم الكل اي ذلك الوصف وتلك الشهادة الا ان الفرق في الخفاء والظهور وهي شهادة الحق للخلق بانه لا اله الا هو فاذا قسمتها الى اربعة احرف واستنطقتها يظهر لك الاسم الاعظم واذا قسمت الاربعة الى الاربعة واستنطقتها يظهر لك اركان الاسم الاعظم واذا بسطت الاسم يظهر لك املاكه وموكلوه واذا بسطت اسماء الموكلين واستنطقته ( استنتطقتها خ‌ل ) يظهر لك الاعوان وهكذا وكلما ازداد بسطا يزداد كثرة واعوانا وليس رجوع الامر الا الى واحد واليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون

الاشراق الثالث - حقيقة الامر ان السافل ليس الا مثال العالي وهو اما ان يحكي عن ذات الممثل بالقاء ما يشابهها فيه وان كان بفعله كنور الشمس والسراج بالنسبة اليهما ومعنى ذلك ان الاشعة يمكنها ان تخبر عن سنخ الذات وان لم تقدر الوصول اليها لكونها عندها العدم البات فلا تطلع الا ما عندها بقدر سم الابرة واما ان يكون الممثل الفعل والمدلول هو الذات ولا ثالث ولا يخلو السافل عن الامرين ابدا فكل سافل هو مثال العالي وايته بالكينونة والحقيقة وهو معنى التوصيف لحكم التعريف الا ان ما نحن بصدد بيانه ليس كالاول لمكان التشبيه الموجب للايجاب الرافع للاختيار المستدعي لتحقق الكثرات في الذات البحت لتصحيح المناسبة الذاتية ولبطلان الحكاية كذلك عند المباينة فلم يبق الا القسم الثاني وعليه مدار علم البيان والمعاني وهو معنى قول امير المؤمنين عليه السلام فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله ه‍ وهذا المثال يكون نقشا فهوانيا بل خطابا شفاهيا يطابق هيئة الفعل من حيث تعلقه بذلك المتعلق لا مطلقا ولا الذات بل يدل عليها دلالة غير كشفية الا انها قد غيبت بظهورها كل الصفات وجميع الشئونات والسبحات ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك فالحكاية انما هي لوجه المبدء لا لذاته ولا لما قام به المبدء لانه فوق ذكره وليس هناك الا امتناعه فلا ذكر ولا ذاكر ولا مذكور للشيء فوق مبدئه كما نبين لك انشاء الله تعالى فهذا هو الوصف الحالي والتجلي الخلقي فاذن اعرف قوله عز وجل سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين بالرسالة الوجودية والمبعوثين على حقائق الاكوان بالبعثة الكونية الاشراقية ومترجمي التوحيد بالترجمة الحقيقية الامكانية وانت لو كان لك بصر حديد و( او خ‌ل ) القيت السمع وانت شهيد علمت ان الترجمان صفة الاصل وحكاية عنه والترجمة صفة المترجم له وهو انما يعرف ما القي عليه بالترجمة وهي كما ترى فاكتم ما يقتضي الكلام في هذا المقام لئلا يرتاب المبطلون ويستظهر المعاندون ويستقهر العادون والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين

تحقيق انيق : فصح ان الوصف الاصلي والبيان الحالي انما هو على قدر الطاقة الامكانية والا يلزم العبث او التكليف بالمحال تعالى ربنا عن ذلك في كل حال هذا على ظاهر المقال واما في الحقيقة فان الوصف محال لا يتعلق به القدرة ابدا اذ الشيء يساوق وقته ورتبته وكمه وكيفه فلو فرض وجوده قبل رتبته فانما هو لفظ لا معنى له كما تقول افرض شريك الباري فانه يستلزم ان لا يكون الشيء اياه مع كونه اياه فكيف يتاتي فرضه في التصور فان قلت كلامك ايضا من حيث لا يشعر وايرادك غير معتبر قلت اني تصورت كل شيء في مكانه ولفقت بينها لازالة وهمك كما اني استدل على نفي شريك الباري وبطلان اجتماع النقيضين فاذا عرفت ان كل شيء لا يتعدى مقامه ورتبته وما منا الا له مقام معلوم فلا يتوجه اليه مبدئه في تكوينه الا في رتبته وانت تشاهد الاختلافات والكثرات والعلو والسفل فيكون وصف كل شيء في مقامه بحسبه رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله فاختلف الامثلة الملقاة وتكثرت التوصيفات والتعريفات الى ان بلغ الامر الى ان النملة تزعم ان لله زبانيتين لما راتهما كمالا لما اتصف بهما فتحققت الامثال العليا التي هي الاسماء الحسنى في مقامين ومع ذلك فلله المثل الاعلى ان الى ربك المنتهى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الاشراق الرابع - اذا نظرت الى الاشياء كلها مجملها ومفصلها مطلقها ومقيدها ظاهرها وباطنها سرها وسر سرها وكلما لها بها منها عليها فيها اليها لديها من حيث الاثرية لا من حيث انها هي فاذا انقطعت وتاصلت فاجتثت ورايتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون فبالنظر الاول لم تر الاشياء ( لم تر الا شيئا خ ) واحدا بسيطا لا تكثر فيها ولا تعدد ولا اختلاف ولا تعارض ولا تمانع ولا ائتلاف ولا التصور ولا التخيل ولا انكشاف فانها امور تعرضها من حيث انفسها وهي غير ملحوظة ولا منظورة بل الموهومة وفي الانظار مسلوبة فترى شيئا واحدا احدا من جميع الجهات ليس كمثله شيء يدلك ويدعوك الى موجده ومبدئه ومكونه فهو اسم بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور والاسم ليس الا صفة لموصوفه ( لموصوف خ ) والاسم ما انبا عن المسمى فاذا شاهدت هذه الوحدة الحقيقية الغير العددية في الاثر فما تظن في المؤثر تحتمل ( اتحتمل خ‌ل ) فيه كثرة وتعدد بوجه من الوجوه فاذا اردت ان تزداد بصيرة لاحظ هذه الملاحظة في كل جزء من اجزاء العالم وفي جزء ذلك الجزء وفي جزء جزئه ينتج لك المطلوب بحكم واحد فتيقن وصدق عن بصيرة قوله تعالى وما امرنا الا واحدة وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا

ازالة وهم : فان اختلج ببالك انه يمكن ارجاع الاثار المختلفة لمؤثرات مختلفة الى شيء واحد بملاحظة الاثرية المحضة من غير امور اخر ولا يلزم من ذلك وحدة المؤثر كالسرج الكثيرة المنبعث عن كل منها نور وشعاع فادفعه بان ارجاع الكثرات في الاثار الى الوحدة يستلزم ارجاع المؤثرات كذلك والا لما ارجعت الاثر ولم يتصور ذلك ايضا فضلا عن البطلان فاذا ارجعت المؤثر الى واحد وتم لك الامر دل على ان ما سوى ذلك الواحد امور خارجة عن حقيقة المؤثرية وزائدة عنها بل امور عرضية يصح سلبها ونفيها وهذا ينافي القدم اذ الذي وجوده لذاته لا سبيل الى العدم اليه لمكان اجتماع النقيضين مع تحقق الشرايط مع ما يلزم منه ان سلمناه وقلنا بقدم الزوايد من التركيب والتحديد والزيادة والنقصان تعالى القديم عن ذلك علوا كبيرا فان قلت ان هذه الوحدة امر اعتباري قلت نعم لكنه اعتبار صحيح واقعي مطابق والا فكذب فان الاعتبار لا يكون الا بالانتزاع لكنه قد يكون منتزعا عن الخزائن السوء في ( السوءي في خ‌ل ) الكواذب ولا اعتبار له لاولي الاعتبار وليس هو مما نحن فيه فثبت الوحدة وظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين

اشارة برهانية : الم تنظر الى قوله عز وجل افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت انظر الى الجسم مع كثراته واختلافاته قائم بالروح وهي من حيث المقومية واحدة بسيطة وان كانت متكثرة لكنها على جهة البسط وطور اعلى والروح بكثراتها وشئوناتها وتطوراتها متقومة بالعقل وهي شيء واحد بسيط وان كانت فيه كثرة غير متمايزة والعقل مع واحديته متقوم بالوجود الواحد البسيط رتبة الاحدية فتقوم الكل مع الكثرات المتباينة به تقوما ركنيا عضديا ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره كل شيء سواك قام بامرك وهذا اعظم اية ضربها الله لكم ان كنتم تعلمون

تنبيه : الم تنظروا الى عالم الاعداد في مراتبها الاربعة كيف تقوم وتاصل الاسفل مع كثرته وتعدده وتباينه بالاعلي مع وحدته في كل بحسبه فتقومت الالوف بالمئات وهي بالعشرات وهي بالاحاد وهي بالواحد وهو بالاحد ولا كثرة فيها بوجه ولو عقلا وفرضا

تنبيه : الم تنظروا الى عالم الحروف كيف بدءت كل اللغات على اختلافاتها باي انحائها عن ثمانية وعشرين حرفا ورجعت اليها وهي انما بدءت من الالف المبسوط الابتداع الثاني وهي من الالف القائم الاختراع الثاني الذي طوله الف الف ذراع وهو من الالف اللين مبدء المبادي واسطقس الاسطقسات وهيولي الهيوليات وهو من النقطة فانظر مبدئها باي وحدة من الوحدة الحقيقية ومنتهاها باي كثرة فاعرف بهذا الوصف ربك

تنبيه : الم تنظروا الى عالم الشمس والسراج واشعتهما قد اخذا بناصية الانوار المشرقة عنهما مع كثرتها واختلافها وتغيرها وتبدلها ووحدتها ثم دققوا النظر وعمقوا الفكر واعلموا ان هذه الامثلة كلها لوحدة المبدء المتطور بالاطوار المختلفة والمتشان بالشئون المتفاوتة وكل الكثرات اغصان لتلك الشجرة وان كان كل غصن مشتملا على اغصان وذلك ( تلك خ ) كذلك وعلى اوراق لا يتناهى لكن مرجع الكل الى ذلك الواحد وهو لا يمكن ان يصدر من الكثير والا لم يكن واحدا وانعكست القضية وليس المراد بالمبدء المصدر بل هو مثاله الملقى في هويات الكثرات ليكون اية ودليلا عليه وتلك الايات نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون

اصل : كلما يجمعه معنى واحد متواطيا كان او مشككا فلا ينسب الا الى الواحد والا لم يكن واحدا وكلما يجمعه لفظ واحد فان ال الى معنى واحد بالترتيب والارجاع كرجوع الاعراض المتقومة بمعروضاتها اليها بالقيامات الاربعة فهو المطلوب والصحيح والا فهو مستحيل ممتنع التصور اذ عدم الثاني في المقام الاول يوجب الترتب مع حصول التشابه المثالي المعبر عنه بلا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فيرى الجاهل بالامر حكما واحدا وهو غلط منهم والا فشيئان متغايران متباينان من كل جهة ولا تصادق بينهما بوجه لا يكونان الا الواجب والممكن لا هو والممتنع لا الوجود والعدم لانتفاء الشيئية الموجبة للاسم وفي المثال ايضا حكموا بالاشتراك في المعنى فضلا في غيره فافهم واية ذلك في السراج والاشعة في صدق النور عليهما وانتساب الكل الى ( الواحد خ‌ل ) الذي هو النار فان زعمت ان اية المخالف صدق النور على النورين المنبعثين من السراجين لاختلاف حقيقتهما لانتساب كل الى مؤثر اخر ولا ارجاع ولا ترتب فما احسنت قراءة اللوح فان السراجين ليس الا شيء واحد وطينة واحدة والانوار ليست الا حقيقة واحدة ولا انتساب لها الا الى واحد اي النار لان لها ظهور وحداني في الكل اما قرع سمعك انا من محمد كالضوء من الضوء اما علمت انهما حقيقة واحدة كلنا محمد صلى الله عليه واله اما علمت صحة انتساب كلام كل منهم سلام الله عليهم الى الاخر فتقول ما قال الصادق عليه السلام قال الباقر عليه السلام عمدا وما قالهما عليهما السلام قال النبي صلى الله عليه واله وقال علي عليه السلام والكلام نور المتكلم كالاشعة للسراج قال عليه السلام كل شيء سواك قام بامرك

الاشراق الخامس - اذا نظرت الى الاثر دلك على ثلثة اشياء الاثر والمؤثر والتاثير وهو اول مقام الفرق واول نشو الغير واول التزويج المستلزم للتثليث المستلزم للتسبيع وهو سر اياك نعبد وكون الثلثة اول الاعداد والسبعة اكملها وليس هذا هو المثال والوصف والحكاية لمكان التركيب من التاثير المستند الى الفاعل والتاثر المستند الى القابل ولولا ذلك لما كان اثرا فدلالته على وحدة المصدر اقتضائية استدلالية ولا هكذا المثال فان دلالته حكاية كشفية حقيقية حسب ما هو عليه من المقام فالتجلي انما هو ذكر وظهور للمتجلي لا من حيث هو كذلك فهناك لا غيرية فاذا اردت ذلك فامح الاثرية والمؤثرية ايضا وانظر اليه لا بالاشارة واخرق حجب العبارة فاذن هو شيء لا كالاشياء وليس كمثله شيء وهو ما ظهر لك بك في مقامك وهيكل تعريفه وجهة توصيفه وهو نظرك الى نور العظمة بقدر سم الابرة ولما كان التجلي حسب مقام المتجلي له وقوابلهم اودية لذلك الماء النازل من سماء المتجلي بنفس التجلي وانزلنا من السماء ماء فسالت اودية بقدرها اقتضى كل مقام نوع خاص ( نوعا خاصا نسخة ٢٤ خ ) من الوصف فلزمت تلك المعرفة اهله ولما كان ذلك التجلي المثالي اي اول متعلق المشية متطورا باطوار مختلفة متنازلة وقد خلقكم اطوارا وكانت الاطوار متطابقة كانت المعرفة في كل طور حسب ظهور ذلك المثال بذلك الطور الى ادنى الاطوار فلزم المكلف من ذلك النوع على العموم حكمه وذلك بما اقتضت كينونته في اطوارها

كشف غطاء : ولما كان الوصف الكلي المعبر عنه بالتوحيد الحقيقي والحقيقة المسئول عنها في حديث كميل هو مقتضي الكينونة مع حفظ المقام والمنزلة وهو المقام والعلامة والاية كانت كل الاسماء والصفات الحسنى الالهية على حسب تجلياته في مرايا القوابل المستدعية للكثرة فبكل تجلي ظهر اسم من اسمائه سبحانه وبكل اشراق في مرءاة تحقق صفة فكانت الاسماء هي ظهورات ذلك النور الرباني والنقش الفهواني والخطاب الشفاهي فكانت الحقيقة الانسانية هي مجمع الظهورات الالهية من الاسمية والصفتية والواحدية والاحدية واللاهوتية ( الالوهية خ ) والرحمانية والقدسية والاضافية والعظمة والكبرياء والجلالة والبهاء وباعتبار استمداد تلك القوابل من تلك الاسماء الامدادات الوجودية على حسب اقتضاء الكينونة ظهرت مرتبة الغنا وحكم الاستجابة للدعاء وباعتبار تعين ذلك النور بتعيين القوابل وتحديده بحدودها والاشارة اليها والعبارة عنها وتحقق الميل لها والركون اليها ظهرت الذنوب وانجلي سر علام الغيوب

فقد قلت ما اذنبت قالت مجيبة وجودك ذنب لا يقاس به ذنب

وانكشفت التوبة وهو التواب الرحيم بجذب الاحدية لصفة التوحيد بعد ما كانت في حكم التقييد وهو سر المحبة ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين والمحبة حجاب بين المحب والمحبوب فمن رجع اليه تعالى وهو قريب وان الراحل اليه قريب المسافة وذلك بنزع جلباب التقييد والاتصال بذلك النور الذي هو هيكل التوحيد واية التفريد ولما تنزلت الاحدية اي النور والصفة الى مظاهر الواحدية ومقامات الرحمانية فتعددت الشؤن وتكثرت فاقتضت النسب والاضافات من المقارنات والمناسبات والمنافيات والاتصال والانفصال وظهور الاضداد واجتماع الانداد اختلفت جهات المطالبة والسؤال واستحقاق الكرامة والنوال فاستدعت الشرايط والاسباب والموانع والمتممات لتلقي الفيض من الله رب السموات وبقاء الكينونة على الاستمرار ( الاستقرار خ ) والثبات فظهر في هذا المقام اسم الشارع لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا فعرفت من هذا الكلام ان كنت ذا بصر حديد وفكر سديد انك ان كنت كلا او جزءا او مطابقا وجزءك ومثلك وكلك مجمع الاسماء الالهية من المتوافقة والمتقابلة ومهبط الاحكام الحقية ومقر المقامات الخلقية سبحان من ظهر لك بك واحتجب بك عنك فعرفك نفسه بذاتك وابان لك وصفه بكينونتك اعرف نفسك تعرف ربك وفي الانجيل ظاهرك للفناء وباطنك انا ولقد صرحت في التعريف يعرفه من كان ذا فهم صحيح

تتميم : لما هبط ذلك النور الى دار الغرور واحتجب بالغيور وارتفع عنه ذلك السرور فاحتبس عن الموطن ومنع عن الرجوع الى المسكن

حتى اذا اتصلت بهاء هبوطها عن ميم مركزها بذات الاجرع

علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت بين المعالم والطلول الخضع

تبكي اذا ذكرت عهودا بالحمى بمدامع تهوى ولم تتقطع

فلزمه حكم ذلك المنزل ونسي الحكم الاول فظهر في خفائه وخفي في ظهوره فتلاطمت امواج الفضل من بحر الرحمانية وتراكمت سحب اللطف من سماء الوحدانية فثنى ذلك الوصف وكمل به اللطف والعطف باظهر ما يقتضيه الحال وهو الوصف بالمقال فجاء حكم الظاهر والتاويل باتم برهان ودليل ولذا كان سبع المثاني فافهم ان كنت من اهل المعاني فلما حصلت المقارنة جاء حكم المطابقة فكان الاخر بيان الاول بل صفته فصارت تلك الاسماء لفظية والاسم يناسب المسمى وقد علمت حكم الفرعية في التثنية فكان الثاني اسم الاسم وصفة الصفة والاسم غير المسمى في الاول وكذا الصفة تشهد بانها غير الموصوف هناك كما ياتي لقد تم الكلام والمقام وما بقي الا الاظهار

اخاف عليك من غيري ومني ومنك ومن زمانك والمكان

فلو اني جعلتك في عيوني الى يوم القيامة ما كفاني

تبيين : قد تبين الرشد من الغي وعلمت ان ما نطق به القران وامناء الله الملك الديان هو ما انت عليه من صفة الكينونة وشرح قولي لما شرحه حالك اذ الشيء ليس ( ليس الا نسخة ٢٤ خ ) عين ظهوره وتجليه والا لما كان كذلك هذا خلف مثلا اذا ظهر لك المقابل في المرءاة ليس هو فيها ولا هي فيه بل ليست تلك الصورة اي هيكل التوحيد قد برزت من ( عن خ ) مقابلة الفعل الا ظهوره احدثها بما احدث من نوره ليعرف به فاذا عرفت حقيقة تلك الصورة استدللت بها بالمقابل بما اظهر نوره لك في الصورة بها والخلق هو تلك الصورة اي هيكل التوحيد قد برزت من ( عن خ ) مقابلة الفعل لا الذات كما قال مولينا الرضا عليه السلام لعمران الصابي فلا يتعدون عن حقائقهم وذواتهم وكينوناتهم ومباديهم اذ ليس لهم ذكر فوق مبدئهم فهم اعدام وامتناع هناك فثبت ان المخلوق قد انتهى الى مثله فاتحد الظاهر والمظهر والظهور لان الظاهر ليس عين المقابل بل انما هي تلك الصورة فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم ان افتريته فعلي اجرامي وانا بريء مما تفترون ( تجرمون خ‌ل ) والجاهل بالامر لما تفطن في نفسه وعرف الحكاية والمطابقة الوصفية وما عرف انها حكاية واية تجري بالمقال جهلا له بحقيقة الحال اذ لم يشرب من الماء الصافي الزلال ولم يتمكن في ولا ية امير المؤمنين عليه السلام في جميع الاحوال فوقع فيما وقع من الضلال وادعوا انهم هم الله من غير الحدود والتعينات كالموج والبحر وقد قال شاعرهم :

الرب حق والعبد حق يا ليت شعري من المكلف

ان قلت عبد فذاك ميت ان قلت رب اني يكلف

وقد قال انا الله بلا انا وكل ذلك الحاد في الاسماء اذ حفظوا شيئا وغابت عنهم اشياء فجرى عليهم ما قال سيدنا ومولانا في الدعاء بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة فشبهوك وجعلوا بعض اياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم يعرفوك يا سيدي ه‍ فجعلوا الخلق حقا والوجه اصلا والمثال ممثلا فضلوا واضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل فافهم واحفظ ما ذكرنا لك من سر التوحيد فان عثرت عليه فانت المؤمن الممتحن قلبه للايمان والله ولي التوفيق

تكميل : الوجه لا يزال يطلب ذو ( ذا خ‌ل ) الوجه والمثال الممثل فهو دائما يسير الى ما فوقه لكونه اية ذلك مع تناهي وجوده وانقطاع ذكره ولما لم يكن له السبيل رجع الى ذاته مع غيبته عنها فيستدير على نفسها ويرجو ما يطلب عندها مما هو فوقها فيرجع عندها بالدوران عليها حيث فقدانها فهو دائما يسير ويستدير ولا تناهي لذلك قال الشاعر :

قد ضلت النقطة في الدايرة ولم تزل في ذاتها حائرة

محجوبة الادراك عنها بها منها لها جارحة ناظرة

سمت على الاسماء حتى لقد فوضت الدنيا مع الاخرة

وهو قول مولينا وسيدنا امير المؤمنين عليه السلام وروحي فداه رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وانتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله اياته ووجوده اثباته وانما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها وقول ابنه سيدالشهداء عليه الاف التحية والثناء الهي امرتني بالرجوع الى الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها ونزيد لك بيانا فيما ياتي انشاء الله تعالى والحمد لله وحده

اللمعة الرابعة - في توحيد الصفات ( قال الله تعالى ليس كمثله شيء خ‌ل ) ولها اشراقات :

الاشراق الاول - المعنى الاول فيه هو تنزيهك الحق سبحانه عن معاني المحدثات وصفاتهم فلا تثبت لله سبحانه ما اثبت لهم وبالعكس لان كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه والا للزم الفقر في الغنا من حيث غنائه او بطلان احديته لو اختلفت الجهة وتطرق العدم في ذاته لو لم يجتمع النقيضان من جهة النقصان وكون الغني المحض عرضا للفقير المحض ومنه يلزم الاثبات حال النفي والنفي حال الاثبات او قدم الممكن او حدوث القديم فلا اشتراك لاحد من الممكنات مع القديم في صفة من الصفات حيث بطل تعدد القدماء ومقتضي ذلك ان لا تحكم بالاشتراك المعنوي بين اسماء الله وصفاته واسماء المخلوقين وصفاتهم فان فعلت فلست بموحد الم تنظر بعين بصيرتك الى ما قال مولينا امير المؤمنين عليه السلام لا يقال كان بعد ان لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ولا يكون بينها وبينه فصل ولا له عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع ويتكافي المبتدع والبديع الحديث وقول مولينا الصادق عليه السلام في معنى الله اكبر فيكون ثمة شيء فيكون الله اكبر منه وقولهم عليهم السلام كان الله ولم يكن معه شيء والان على ما عليه كان

الاشراق الثاني - كل ما سوى الذات فهو عدم محض ولا شيء بحت وممتنع صرف عندها ولا فرق بينها هناك وبين الشريك وقد قال تعالى ام تنبؤنه بما لا يعلم في الارض ام بظاهر من القول فاذا اتحد الحكمان فكيف يتحد الصدقان فالصفات ان كانت رتبتها هي الذات فهي هي ليس هناك شيء الا الازل عز وجل وان كانت رتبتها هي الفعل فكذلك بالنسبة الى المخلوق لان ذواتهم صفات لتلك اذ بها تاصلت وتحققت واليها رجعت وعادت ولا اجتماع في الحقيقة بين الذات والصفة لعدمها عندها والاشتراك لا يكون الا كذلك وقوله عليه السلام ولا له عليها فضل فيستوي اه انما هو في هذا المقام اي الثاني لدلالة الصنع لان الحقيقة اذا اتحدت جاء حكم التساوي فكون البعض الصانع تحكم وترجح بلا مرجح ومجرد الفضل لا يستلزم ذلك واما قوله تعالى احسن الخالقين وخير الرازقين فانما هو على الظاهر المعروف في التسمية والمتعارف بين العوام في معنى الخلق ولتشابه المصنوع مع صنع الصانع وهذه المشابهة صورية لا معنوية كقولك ان السراج انور من الاشعة

اصل : والاصل في ذلك ان كلما لم يكن مع الاخر في صقع واحد فلا جامع بينهما ان انعدم احدهما في صقع الاخر واحاط ذلك به احاطة ايجاد واصدار فاذ لا جامع لا اشتراك وكون المحاط اية المحيط ومثاله لا يستلزم الاشتراك في الذات بل يستحيل واذ لم يفرقوا بين الامرين قالوا ما قالوا على مجرد الوهم والتخييل واما اذا تعددت الاصقاع وترتبت وللسافل ذكر بل وجود في العالي على جهة اشرف وطور اعلى فهناك يصح اتحاد الصدق اذ ليس التعدد الا تطورات الواحد وشؤنه ففي كل مرتبة هو هو الا ان الصدق على جهة التشكيك كالايام السبعة التي خلق الله فيها الشيء من ايام الشان وان لم يكن تعدد في الاصقاع جاء حكم الصحة مع التواطي فان فرقت بين هذه الاحوال ارتفع عنك الاشكال والا فلا تكثر المقال فان الحق لا يعرف بالجدال ولا الباطل بالمثال

الاشراق الثالث - قيل ولقد تعالت الذات المقدسة وتقدست عن اشتراك ( الاشتراك خ ) اللفظي والمعنوي وعما يظنون سبحان ربك رب العزة عما يصفون واما اللفظي فلان معانيها باهرة للعقلاء في الافاق وفي انفسهم بالمشاهدات العقلية ولا ايمان الا باثبات هذه المعاني الوجودية له سبحانه منزهة عن الشوائب الامكانية وغيرها اوهام واعدام لا يليق بحضرة ( بحضرته خ‌ل ) الصمدية ولقد كفر من عبد الله بالتوهم وانما عبادته عند عارفيه فيما بين التشبيه والتنزيه الى ان قال ولئن لم يكن لنا بد من التعبير وصدقهما عليهما اشبه بالحقيقة والمجاز عند العارف الخبير ولكنهما ليسا باصطلاحهم لانهما من اقسام المتكثر المعنى ه‍ وهذا الكلام عند العرفاء الكرام غير متجه المرام اذ الايمان وكل الايمان عدم اثبات هذه المعاني الوجودية للذات تعالى وتقدس انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله وليس فيما نعرف ونعقل بل ما لا نعرف مما برز في عالم الوجود بنور الكينونة بجميع احوالها واطوارها وانظارها وملاحظاتها ما يمكن تخليصه عن الشوايب الامكانية ولا هو مما يتخلص ويبقى ما يصلح للقديم تعالى عن ذلك علوا كبيرا الم تعلم ان كلما برز في الاكوان والامكان انما هو مثال لفعله واشراق لنوره وله سبحانه المثل الاعلى فلا تضربوا لله الامثال ان الله يعلم وانتم لا تعلمون واين الفعل من الذات والنور من المنير مع ان الفاعل والمنير ليس الا نفس الفعل والنور يستدير على نفسه ويحوم حول مركزه ولا يتعدى طوره ولا يتجاوز مقامه وما منا الا له مقام معلوم رجع من الوصف الى الوصف واما اثباتنا الاوصاف فعلى تاويل نفي النقص واثبات الكمال لا اثبات ما وصفناه منزهة عن الشوايب الامكانية هيهات فانها عين النقصان ولعل النمل الصغار تزعم ان لله زبانتين ( زبانيتين خ‌ل ) لما راتهما كمالا لما اتصف بهما ان هو الا الواحد القهار وانما عبادته تعالى بتنزيهه عن كل الامكانات واثارها واحوالها ومقتضياتها وعاليها وسافلها وكمالها ونقصها ومبدءها ومعادها ونورها وظلمتها وشريفها ولطيفها وكثيفها وليس في الامكان ما يشبهه ويناسبه ويصلح له وليس شيء مما ينكشف لنا بالاحساس والتخيل والتصور والتعقل والمشاهدة والحضور ومما ينسب الينا والى الله سبحانه خارجا عن الامكان وكل حمل سقط وكل مغايرة باطلة وكل عبارة واشارة فاسدة هو هو سبحان من لا يعلم كيف هو الا هو ان قلت هو هو فالهاء والواو كلامه صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له وليس لنا طريق الى معرفته الا بالعجز عن معرفته فلا تشبيه بوجه ان شبهته بغيره كفرت وان شبهته بنفسه كفرت لتجويزك الجهات فيه سبحانه والا فهو عين نفسه وهو هو لا غيره فمن اين التشبيه وسنزيدك بيانا انشاء الله تعالى واما الحقيقة والمجاز فلا يصح في الاطلاق اما في الصورة الظاهرة فلظهوره لعدم مساعدة القواعد اللفظية ذلك واما في الحقيقة الواقعية فللمجاز ذكر في الحقيقة ويذكر معها وله تاصل يتبعها ولا كذلك الاكوان عند الحق سبحانه ولذا قال عليه السلام وكان ثمة شيء فيكون الله اكبر منه وقال مولينا الرضا عليه السلام اما الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شيء معه بلا حدود ولا اعراض ولا يزال كذلك فاذا كانت الاشياء هذه حالها فكيف تتصف بالمجازية لمذكوريتها فيها ووجودها بالتبع اذ لو فقدت جهة المجازية تبطل حكم الحقيقة ولا كذلك الحق سبحانه اذ لا يذكر معه تعالى ولا فيه غيره لا بالاصالة ولا بالتبعية ثم يذكر الامكان في مكانه ورتبته ولذا قال عليه السلام للرجل لما قال ما شاء الله وشاء محمد صلى الله عليه واله وما شاء الله وشاء علي عليه السلام قل ما شاء الله ثم شاء محمد (ص) وما شاء الله ثم شاء علي (ع) فاطلاق الاسماء على السوي بوزان حقيقته في الدعوى قال عليه السلام فمن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا يكون دعاويه دعاوي ولا يبعد اجراء حكم الحقيقة والمجاز في الاسماء الفعلية بالنسبة الى مجاليها ومراياها الخلقية وهو بعد على تكلف فتوحيد الصفات ان لا تجعل مع اسماء الله وصفاته الذاتية شيئا ممكنا لا ذكرا ولا عينا ولا تشارك مع صفاته واسمائه الحسنى صفة من الصفات ولا ذاتا من الذوات ولا تطلق الالفاظ ومعانيها عليه تعالى وعلى غيره بالاشتراك بقسميه ولا الحقيقة والمجاز بل ولا اشتراك ابدا كما مر ولئن لم يكن لنا بد في التعبير في مقام العنوان والمقامات والعلامات فالحقيقة بعد الحقيقة اقرب واولى

الاشراق الرابع - كلما اجاب داعي الوجود خرج على مثاله في الشهود وهو الاسم عند اهل الشهود والمثال عين المجيب بل لا حقيقة له الا هو ولا يزال يستدير على وجه مبدئه وهو في مقامه معلنا لثنائه مظهرا لكماله مبينا لجماله حسب ما له ولما ثبت ان كلمة كن هي الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وخضعت لها السموات اي المقبولات وارض القابليات وركدت لها بحر الوجود وتموج بالاعيان في قوسي النزول والصعود وجرت بها انهار الامدادات على ارض الاستعدادات واستسلمت لها الخلائق كلها هي مادتها نور التفريد والتمجيد وصورتها هيكل التوحيد خرج كل الاكوان حاكيا لذلك المثال وواقفا بباب الحق ذي الجلال وهو قول ولي الملك المتعال نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره وانت تعلم ان المثال اية الممثل وعلامته وصفته ونوره واسمه فظهر ان كل شيء اسم لتلك الكلمة التامة دال عليها راجع اليها هالك لديها ممهور عندها قائم بها ولما كانت جهات انصدار المكونات عنها حسب سؤلاتها ( سؤالاتها خ ) بميولاتها الذاتية مختلفة كانت الامثال الملقاة منها الى هوياتها متفاوتة فتعددت الاسماء والصفات واختلفت وتكثرت ومع كثراتها لا تدل الا على واحد ولا تحكي الا عن واحد فليس في الامكان الا تلك الحقيقة وصفاتها واسمائها انا الذات انا ذات الذوات انا الذات في الذوات للذات ولما كانت تلك الحقيقة ليست الا الاسم لا حقيقة لها سوى الرسم قائمة بفاعلية الذات التي هي نفسها ودائرة على قطب وجهها انمحق نورها وانمحي ظهورها واحترقت عند جبروت الذات وقد غيبت كل الصفات فاستندت الاشياء اليها ودلت عليها ولا يقصد بها سويها لان الوجه عند الاصل باطل والكلام لدي سلطان المتكلم هالك زائل فلا يشار بلا اشارة ولا كيف بالكلام الا الى الذات وان كان قائما بالمتكلم لكنه ليس الا وجه الذات فرجع الى الذات كل الصفات والاضافات في اماكنها ومقاماتها مع تنزهها عنها بقضها وقضيضها فكل الاسماء اسماء الله وكل الصفات صفاته وكل الشؤن شؤنه وكل التجليات تجلياته وكل الاثار اثاره وهو المؤثر في الوجود والاخذ بناصية كل موجود ومفقود وهو هو لا هو الا هو قال تعالى ما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ولما تجلى ربه للجبل فجعله دكا هنالك الولاية لله الحق مع ان الوسط منسوب الى رجل من الكروبيين والاول الى حامل لواء الحمد والثالث الى الطائف حول جلال القدرة ثمانين‌الف سنة الى ان بلغ الى جلال العظمة فافهم واغتنم فرجع كل شيء الى الله سبحانه انا لله وانا اليه راجعون فكل الامكان وما حواه والممكن وما تخصص وتعين اسماء الله سبحانه وصفاته كما قال مولينا الرضا عليه السلام فليس الا الله واسمائه وصفاته بعد ما حكم ان الموجود حق وخلق لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما فاذا عرفت هذه الدقيقة اللطيفة عرفت معنى توحيد الصفات وفرقت بينها وبين توحيد الذات وعلمت ان ليس الا ذات واحدة وما سواه صفات فاين الاشتراك اذ لا يتصور بين الشيء وصفته فافهم هذا الكلام المكرر المردد بالفهم المسدد والله ولي التوفيق

الاشراق الخامس - قال عليه السلام لا يرى فيه نور الا نورك والنور صفة المنير وايته ودليله لكونه اثره الا ان النور لما كان متقوما في ظهوره بالتاثر الذي هو الكينونة العرضية الدائرة على قطبها المجتث على خلاف التوالي من جهة التعاكس والاشياء كلها مركبة من هاتين الكرتين المتعاكستين في كل ما لهما وعليهما واليهما وكانت لها ( لهما خ‌ل ) حركتان ذاتية وعرضية ولكل منهما حالتان سرعة وبطؤ وللمجموع ثلث ( اربع خ‌ل ) حالات تعارف وتناكر وتساوي وتغاير في الذات دون الصفات وبالعكس كما ياتي انشاء الله تعالى اختلفت الصفات باختلاف موصوفاتها العرضية والذاتية وانقسمت الامثال والاسماء والكلمات الى الحسنى والسوءي والطيبة والخبيثة ورجعت كل الى مباديها واصولها واوائل جواهر عللها مع شهادة الكل لله سبحانه بالوحدانية والاقرار لعز جلاله بالفردانية والصمدانية واظهار صفاته الجلالية والجمالية والكمالية والتنزهية واعلان توحيده وتمجيده بالالسنة الخلقية واثبات تقديسه بالماهيات المظلة ( المظلمة خ ) والغواسق المدلهمة قال تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا وليس المستمد الا اية الممد وظهوره الا انه تختلف باختلاف القابليات ودواعي الانيات فافهم معنى توحيد الصفات بالمعنى الثاني مع اختلاف الموجودات بالنورانية والظلمانية فهمك الله وايانا من مكنون العلم

اللمعة الخامسة - في توحيد الافعال قال الله تعالى قل الله خالق كل شيء اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السموات ولا يشرك في حكمه احدا له الحكم واليه ترجعون فالحكم لله العلي الكبير الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض قال مولينا علي بن الحسين عليه السلام كلهم صائرون الى حكمك وامورهم ائلة الى امرك وقال مولينا الصادق عليه السلام لا يخالف شيء منها محبتك كل شيء سواك قام بامرك ولا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة الحديث ولها اشراقات :

الاشراق الاول - الكلام في هذا المقام طويل الذيل ممتد السيل ننعقد له بابا فيما ياتي انشاء الله تعالى الا انا نشير هنا الى المراد اشارة اجمالية اقناعية اعلم انه اذا صح للممكن ان يستقل بايجاد شيء من دون الله فقد استغني عن الله ومن استغني ( عنه تعالى خ‌ل ) في حال استغني في كل حال اذ العلة مشتركة اذ الوجود الغيري لا يتذوت الا بوجهه فلو فرض تذوته بدونه لكانت لذاته لعدم المنزلة وما كان لذاته يستحيل ان يكون لغيره فان وحدته فهو المطلوب والا فيتوجه ما سبق فاذا صح ذلك فلا يشارك الحق في ملكه ولا راد لقضائه الا قدره ولا مانع لحكمه الا حكمه يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب وهذا احد معنيي توحيد الافعال فبطل بذلك ما توهمه جماعة من ان الصور الذهنية انما هي مخلوقة من النفس ومخترعة عنها وكانهم قد غفلوا عن قوله تعالى واسروا قولكم او اجهروا به انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ودعوى تعلق الخلق بالاعيان ينفيها اقتضاء المقام تدركه ان كنت من سنخ الانسان وقوله تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فلاحظ ما قدمنا في هذا المرام وترقب لما سياتي انشاء الله العلام

الاشراق الثاني - فان قيل ان المراد باختراع النفس اختراعها اياه بما جعل الله عز وجل فيها من القوة والاقتدار فهي في فعلها مستندة لا مستقلة قلنا جوابه هو المعنى الثاني لهذا التوحيد وهو ان القوة المدعاة ان اعتزلت عن الحق وفوض الامر اليها فقد عدمت وبطلت وزالت واضمحلت ولم تكن شيئا او كما قلنا وان كانت في يده تعالى بعد الاعطاء كما كانت بيده قبله بل ما اختلفت الحالة فما بقي لها هل لها النفوذ فيما تريد او هي معلقة في تعلقها وعدمه باذنه تعالى باجل وكتاب فالاول يورث الاول والثاني يثبت قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فما رجع الامر الا اليه تعالى وما خلق شيئا الا هو قل الله خالق كل شيء والعبارة الظاهرة هي ان تقول ان الله سبحانه ابى ان يجري الاشياء على مقتضى فعله والا لما جاء كما يحب ولما حصلت المعرفة كما احب ولما اختلف ( لما اختلفت خ‌ل ) كما وجب فخلق ما احب كما احب لما احب بما احب وهو جعلهم كما هم عليه بمقتضى ما سئلوا حين اجابوا ما سئلوا بان يسئلوا ادعوني استجب لكم فلما ثبت ذلك اجرى فيهم ما سبق علمه بهم من مقتضيات كينوناتهم المستدعية لتعدد ذلك الامر الواحد المنسوب اليه تعالى المتقوم به تلك الكينونات المستجنة فيها الطبايع والمقتضيات المخالفة لذلك الامر الواحد الذي به اقام كل شيء وهو الروح المذكور في الكافي في عالم الذر كما قال الله تعالى لادم روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي فان كينونة الحق هو عالم المحبة التي هي على هيكل التوحيد وهو المثال او قبله من المقامات كما في الدعاء وانا احب ( ان خ‌ل ) اذكر حديثا في هذا المقام فانه واف لاولي الافهام ومنه يظهر حقيقة هذا التوحيد لكنه يحتاج الى بسط تام في شرحه ولا يقتضيه المقام فنكتفي بالاشارة يعرفها من تخلص عن قيد العبارة وهو ما في الكافي عن ابي جعفر عليه السلام ان الله عز وجل لما اخرج ذرية ادم عليه السلام من ظهره لياخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي فكان اول من اخذ له عليهم الميثاق بنبوته محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله ثم قال الله تعالى لادم انظر ماذا ترى قال فنظر ادم (ع) الى ذريته وهم ذر قد ملئوا السماء قال ادم يا رب ما اكثر ذريتي ولامر ما خلقتهم فما تريد منهم باخذك الميثاق عليهم قال الله عز وجل يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم قال ادم (ع) يا رب فما بالي ( فما لي ارى خ‌ل ) بعض الذر اعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور فقال الله عز وجل كذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم قال ادم (ع) يا رب فتاذن لي في الكلام فاتكلم قال الله عز وجل تكلم فان روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي قال ادم عليه السلام يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة واعمار واحدة وارزاق سوى لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شيء من الاشياء قال الله تعالى يا ادم بروحي نطقت وبضعف قوتك تكلفت ما لا علم لك به وانا الخالق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيتي يمضي فيهم امري والى تدبيري وتقديري صائرون لا تبديل لخلقي وانما خلقت الجن والانس ليعبدون وخلقت الجنة لمن عبدني واطاعني منهم واتبع رسلي ولا ابالي وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي وخلقتك وخلقت ذريتك في غير فاقة بي اليك واليهم وانما خلقتك وخلقتهم لابلوك وابلوهم ايهم احسن عملا في دار الدنيا في حيوتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدنيا والاخرة والحيوة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار وكذلك اردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم واجسامهم والوانهم واعمارهم وارزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والاعمي والقصير والطويل والجميل والذميم والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة والعاهة ومن لا عاهة به فينظر الصحيح الى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته وينظر الذي به العاهة الى الصحيح فيدعوني ويسئلني ان اعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي وينظر الغني الى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر الفقير الى الغني فيدعوني ويسئلني وينظر المؤمن الى الكافر فيحمدني على هدايته ( ما هديته خ‌ل ) فلذلك خلقتهم لابلوهم في السراء والضراء وفيما اعافيهم وفيما ابتليهم وفيما اعطيهم وفيما امنعهم وانا الله الملك القادر ولي ان امضى جميع ما قدرت وما دبرت ولي ان اغير من ذلك ما شئت الى ما شئت واقدم من ذلك ما اخرت واؤخر ما قدمت من ذلك وانا الله الفعال لما اريد لا اسئل عما افعل وانا اسئل خلقي عما هم فاعلون تدبر هذا الحديث الشريف وافيا تجده في بيان هذا التوحيد كافيا والله الموفق للصواب

الاشراق الثالث ( الرابع خ‌ل ) - فما وحد الواحد بهذا التوحيد من زعم ان الله تعالى ما جعل المشمش مشمشا بل جعله موجودا فان ما لم يتعلق به الجعل ان كان مطلقا فيختل التوحيد الذاتي ولقضاء الضرورة ببطلانه لتجدده وتصرمه او جعل الحق سبحانه فحينئذ ان كان شيئا كان له جاعلا ومشاركا له تعالى في افعاله وان لم يكن شيئا لا يترتب عليه اثر هذا خلف اماطرق اسماعهم هو اين الاين وكيف الكيف وامثاله وما شملهم عموم قوله تعالى خالق كل شيء وما نظروا الى الحديث المتقدم وما رجعوا ( ما راجعوا خ ) وجدانهم ام تامرهم بهذا احلامهم سبحانه وتعالى عما يشركون وكذا من زعم ان في اللازم والملزوم الذاتي والعارض والمعروض والوجود والماهية ليس الا جعل واحد اذ الجعل الواحد يقتضي المجعول كذلك والبواقي من الثواني والملازمات والمرابطات والالزامات ان انكرت شيئيتها وغيريتها كذبتك الضرورة والا فقد اثبت لها جاعلا سوى الله سبحانه بعد ما علمت من صحة المناسبة بين الجعل والمجعول ليخصص التعلق ويصححه من غير ترجيح بلا مرجح فبطل توحيدك في الافعال والثالث هو الذي نقول وعليه الحق يدور الم تسمع الى قوله تعالى الم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا وقوله تعالى الم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون وقوله تعالى وجعل بينكم مودة ورحمة وكذا من زعم ان الماهيات اي الفيض الاقدس والاعيان الثابتة ليست بمجعولة وانما هي انيات وذاتيات الحق مستجنة في غيبها ومندرجة فيها اندراج الشجرة في النواة او اللوازم في الملزومات فانه يخل بالتوحيدين توحيد الذات والافعال كما قال :

فلولاه ولولانا لما كان الذي كانا

الى ان قال :

فاعطيناه ما يبدو به فينا واعطانا

وكنا فيه اكوانا واعيانا وازمانا

وليس بدائم فينا ولكن كان احيانا

فصار الامر مقسوما باياه وايانا

وكذا من زعم ان العبد مستقل في فعله مطلقا كما عليه القدرية مجوس هذه الامة ومن زعم ان فاعل الخير هو الله وفاعل الشر هو العبد لا بمعنى الاولوية المستفادة من قوله تعالى وذلك اني اولى بحسناتك منك وانت اولى بسيئاتك مني مع حفظ قوله الحق قل الله خالق كل شيء انا الله الذي لا اله الا انا خلقت الخير فطوبي لمن اجريته على يديه وانا الله الذي لا اله الا انا خلقت الشر فويل لمن اجريته على يديه وكذا من زعم ان الشرور اعدام وان الظلمة عدم والموت عدم لما شاهد في الاخيرين من الفقدان وفي الاول تنزيها للحق عن ايجاد القبايح والعصيان ومع ان كل ذلك باطل بحكم القران قال تعالى قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا وجعل الظلمات والنور والذي خلق الموت والحيوة لا يتم لهم التقريب اذ لا يريدون به الممتنع بل الممكن وقد حكم مولينا الصادق عليه السلام بشيئية الاعدام عند اختلاف زرارة وهشام في النفي والاول كان ينفي والثاني كان يثبت فرجح الثاني على الاول وقد دل عليه العقل القاطع وقدمها حينئذ بديهي البطلان لتجددها انا فانا في الزمان فجاعلها ان كان هو الله كما نطق به القران فوقعوا فيما فروا منه والا فقد اشركوا معه غيره

الاشراق الرابع ( الخامس خ ) - يا اخي اخسا عنك الشيطان واقطع ( انقطع خ‌ل ) الى الرحمن واترك هذه السبل فانها طرق الغي والطغيان وتمسك بمحكم القران على قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى وما تشاؤن الا ان يشاء الله لانه سبحانه هو المالك لما ملكك والقادر على ما اقدرك عليه وانت في كل حال بعينه التي لا تنام وبحفظه الذي لا يرام له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله لا تعدم بره ولا تفقد وجهه وانما يجيبك حين تسئله لما اجبته حين سالك امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء فانت ابدا توافق محبته وهو تعالى يطلب رضاك وان كنت تخالف محبته لترقيك الى جهة مقام القرب والوصال وشرب الرحيق الزلال وان كان يخالف محبتك المجازية الظاهرة ويحبون ان يحمدوا بما لم‌ يفعلوا بالزام مقتضي ميولاتك على مقتضياتها فكانت المشية مشيتان مشية حتم ومشية عزم شاء ولم‌ يحب واحب ولم‌ يشا مع ملاحظة لا يخالف شيء منها محبتك وبهما معا ظهر سر الامر بين الامرين لقد اوضحت لك الامر وكشف ( كشفت خ‌ل ) السر ومع ذلك فان عرفت فانت انت هذا حدود توحيد الافعال وبعض من لم يذق من رحيق المعرفة ولم‌ يرد شرايع المصافات والمحبة ولم يظهر له مقام الامر والناهي في التكاليف الكونية الوجودية توهم ان القول بهذا التوحيد يستلزم الاجبار والاضطرار لكنه ما التفت الى ان سلبه يستلزم سلب الاقتدار وبالله العجب كيف يتصور في الايجاد والانشاء الاضطرار وكيف يمكن سلب الاختيار عمن خاطبه الله تعالى لا بلسان الاجبار وسئله ان يفعل فعله فقال له كن فيكون فالمتكون هو فاعل فعل الفاعل حال التكوين فلا شيء قبله ولا حكم بعده بل الاجابة حين السؤال بالسؤال بل ليس الا الاجابة والسؤال فاجاب حين سئله بنفس ذلك السؤال ثم سئل فاجابه الله تعالى بنفس ذلك السؤال فاين الاضطرار بل ليس الا الاختيار لكن ما يفهمه الا اهل الاعتبار فظهر لك ان لا فرق بين التكوين والتشريع بوجه ابدا فاذا صح التكوين مع الاختيار يصح في التشريع بالطريق الاولى على الوجه الاعلى لكن معرفة هذه الدقيقة صعب مستصعب لانه من اسرار الامر بين الامرين لا يعلمه الا العالم او من يعلمه ( علمه خ‌ل ) اياه العالم عليه السلام وسنوضح لك الامر فيما بعد انشاء الله وانما اتينا بهذه الكلمات استطرادا لبيان المقام

اللمعة السادسة - في توحيد العبادة قال الله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا قل اني امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين وقضي ربك ان لا تعبدوا الا اياه لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - العبادة هي فعل ما يرضي والعبودية هي رضي ما يفعل وكلا الامرين على قسمين تكويني وتشريعي فالاول هو سير الكينونات الى رب الارضين والسموات وتوجهها اليه بمرايا التجليات وتلقيها الفيض عن فوارة النور بسفارة المقبولات وسؤالها وطلبها اياه منه تعالى بقوابل الانيات ودواعي الاستعدادات وان من شيء الا يسبح بحمده فلا توجه الا اليه ولا طلب الا منه ولا سير الا الى جهته لانها ملات الافاق ولم تزل شمس وجهها في الاشراق فلو ادليتم بحبل الى الارض السابعة السفلى لهبطتم الى الله فكل الكينونات باقتضاءاتها واثارها واسبابها وعللها وشرايطها ومكملاتها ومتمماتها الى نهايات اشعتها ومقادير حقيقتها كلها خاضعة لله خاشعة له عابدة له مطيعة لامره منزجرة عن نهيه سائرة لديه ومنقطعة اليه طالبة لما عنده واقفة ببابه لائذة بجنابه لا تسئل الا منه وحده لا شريك له فلا التفات لها الى السوي وكلها في الفقر متساوية الاجزاء فدارت الدائرة ولا انقطاع لها ابديتها في ازليتها وازليتها في ابديتها وهي في مقامها ظاهرها في باطنها وسرها في علانيتها وهي حقائق مترتبة على المجازات الهي وقف السائلون ببابك ومجازات متوقفة على الحقائق ولاذ الفقراء بجنابك فانقطعت الابواب الى الباب الاعظم والجناب الى الجناب المكرم وذلك الباب مجاز لغيره منقطع عند نفسه اقامه بنفسه وامسكه بظله وهو هيكل التوحيد فرجع الكل الى الله انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فتوحيد الكينونات لا شرك فيها كلهم صائرون الى حكمك وامورهم ائلة الى امرك لو كشف لكم الغطاء لما اخترتم الا الواقع لكونه اختيار الكينونة وهو احق بالاختيار عند التصادم والتعارض وهذه هي عبادتها من جهة فقرها الى باب غنائها ويصح هناك فعل ما يرضى على الاطلاق وكذا العبودية التي هي رضي ما يفعل فانها راضية بما فعل المحبوب ومحبة له لا يخالف شيء منها محبتك واما الكينونة من حيث نفسها من جهة دورانها العرضية على نفسها دورة غير متوالية فهي مشركة ابدا لكونها ساجدة للشمس من دون الله وهي في تلك الحالة يوحد ( لا يوحد نسخة ٦٢ خ ) الله عز وجل في العبادة الا ان تؤمن بالله وتتبع الوجه في حركته وتقوي عرضيته الى ان تكون من الاعراض اللازمة فان تابوا واقاموا الصلوة واتوا الزكوة فاخوانكم في الدين ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قالت اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين فهنالك وان توحدت في العبادة ودارت على التوالي بالحركة التبعية ولحقت بالموحدين العابدين المخلصين وخمدت نيران هويتها بالتحاقها بالصالحين الا ان فيها رايحة من الشرك اذ ما انعدمت اصلا وما اضمحلت كلا ففيها ذكر للسوي ولم يخلص منها ابدا وهو الشرك الخفي في هذه الامة وهي اخفي مما وصف صلى الله عليه واله اذ الحركة الذاتية باقية والاستمداد موجودة وان احترقت اثارها واحترقت نفسها بانزال نويرة من النار فافهم ولا يجبر هذا الكسر الا بالتوحيد التشريعي وهو ايضا كما قال سيد الساجدين عليه سلام الله ابد الابدين الهي وعزتك وجلالك لو اني منذ بدعت فطرتي من اول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك سرمد الابد بكل شعرة في كل طرفة عين لكنت مقصرا في اداء بلوغ شكر خفي نعمة من نعمك على الى اخر الدعاء فظهر لك ان الاكوان لها ثلث حالات حالة توحيد محض وحالة شرك محض فاذا امتزجت الحالتان حصلت ثلث حركات ذاتية كل منهما وعرضيتهما والعرضيتان حركتان فيخلص التوحيد الا لله الدين الخالص ولكن كما وصفنا لك وهو النقطة والحجاب الذي يتلالا بخفق او يخلص الشرك ولكن بعكس ما وصفنا ولئن سئلتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله او بين بين وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وهذه المراتب بالنظر الثاني اما بالنظر الاول فليس الا الله لا يسمع فيها صوت الا صوتك ولا يرى نور الا نورك فالسنة الكل ناطقة بان لا معبود سواه ولا اله غيره وحده لا شريك له اذ كل صفة تدور على موصوفه وكل اسم على مسماه فاين الشرك سبحان من دانت له السموات والارض بالعبودية واقرت له بالوحدانية وان من شيء الا يسبح بحمده فافهم ما القينا عليك من اسرار الحق والكبريت الاحمر وكن به ضنينا

الاشراق الثاني - قال الله عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون والمراد به كل من ذاق ثمرة الوجود واكتسي بحلة الشهود في كل بحسبه لقوله كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وقد ابان وجه العبادة في الاولى المشتملة على ما في الثانية الامام عليه السلام باكمل بيان واوضح تبيان لمن يعرف في قوله الشريف العلم يهتف بالعمل فان اجابه والا ارتحل فالعلم هو الماء الذي به حيوة كل شيء الذي استقر عليه عرش الرحمان وكان عرشه على الماء وهو الاستواء الحقيقي اول فايض من الفياض وهو في ظهوره وبقائه في الاكوان ينادي قابليات الاعيان فان اجابته بالاعمال بدواعي الاحوال وقابليات الاقبال بحدود العبودية للرب المتعال ثبت واستقر وتاصل واستمر ونما فانتشر وافاض فاكثر ولم يزل في ازدياد وما له من نفاد وهذا هو السؤال والاجابة كما مر فهو اول مقام العبودية واعلاه واشرفه واسناه في عالم الانوار فلولا العبادة لم يكن شيء اذ العلم لا يثبت في عالم السوي الا به وهو معنى ما نقول لولا التكليف لم يحسن الايجاد يعني يمتنع فاول المقامات هي العبادة وهو قوله تعالى اياك نعبد في اول مراتب الخلق بعد التنزل عن الوحدة المطلقة بالذكر على جهة الاطلاق فالعمل هو قابلية العلم بالله والعلم نقطة كثرها الجاهلون حيث الهاهم كثرة تطوراتها في قوابل الاعمال ومنعتهم عن مشاهدة ذلك الجمال بعين الجلال بنظر الوصال فماتوا وخمدوا وجمدوا في مواطن الطريق الهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون اذ امتاز الاخيار من الاشرار وحالت الاحوال وهالت الاهوال وقرب المحسنون وبعد المسيئون ووفيت كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون وذلك عند مشاهدة ذلك العلم المطلق متجليا في الصور كيف شاء الله كما قيل لطلحة حين رءاه يجود بنفسه وقد رمي بسهم من رماك يا طلحة قال علي بن ابيطالب (ع) قال ويحك انه ما يرمي بنبل بل يقاتل بالسيف فقال طلحة هيهات اما تراه كيف يصعد الى السماء وينزل وكيف يخرق الارض ويقتل بالسيف وبالنبل ويقول مت يا عدو الله فيموت في ساعته وكان الرامي له مروان بن الحكم الحمار من الحمر المستنفرة ان انكر الاصوات لصوت الحمير ولكن حين ما حجبه قوابل الاعمال ونظر اهل الاختلال الى تلك الاحوال فوقفوا ( فوقعوا خ‌ل ) في مقام التضيع ( التضييع خ‌ل ) والاهمال وانت لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك ففي العبادة وان كانت كثرة وفرق الا ان ملاحظتها فيها نصيب الجاهلين فالاكوان بقول مطلق كلها عمل ذلك العلم ليظهر في كل عمل ما يناسبه ويعطي كل ذي حق حقه ويسوق الى كل مخلوق رزقه ولما تكثرت الاعمال تكثرت وجوه ذلك العلم في مرايا الاحوال وهو واحد في كل حال فان جاء العمل على وفق العلم كان هدى ونورا والا كان غيا وضلالة اذا كان بحكم العكس المستوي والا اخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فامتزجا وحكم الاغلبية يؤثر في الالتحاق فتربعت القسمة في الانفس والافاق فحدث من المجموع شكلان مخروطان راس كل منهما عند قاعدة الاخر واشبه ما يكونان بالاستدارة كما ياتي انشاء الله تعالى واما الخامس فلم اجد له في الكينونة الكونية سبيل ( سبيلا خ‌ل ) ولم يقم عليه برهان ولا دليل بل الامر بالعكس لقوله عز وجل هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن واية النور وثلث ايات بعدها بحكم التربيع بل في الشرعية له وجه وجيه ونشير اليه للتنبيه وهذه المربعة هي اصول الكثرات ورؤس الاعمال وكلها راجعة الى الواحد الذي هو عمل الاحد الا ان الكثرات كما قال ذات الذوات منبئا عن مقامه الشريف ومعلنا لوصفه المنيف ومظهرا لرشحه لمن له نظر لطيف باكمل التوصيف واحسن المقال العلم نقطة كثرها الجهال وهو الذي يهتف بالعمل فان اجابه والا ارتحل فتوحيد الكينونات من الاولية والثانوية والثالثية لا شرك فيها ابدا فلا عبادة الا لله ولا توجه الا اليه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وهذا هو عبادة الكينونات فافهم هذا السر المخزون والدر المكنون وعه واكتمه انا لله وانا اليه راجعون

الاشراق الثالث - واذ قد احطت خبرا ببعض ما وصفنا لك من عبادة الكينونات في الاكوان والتكوين فاستمع لما يتلي عليك من عبادتها في التشريع واعلم انك بعد ما وحدت الحق سبحانه في الذات والصفات والافعال فلا مناص لك عن توحيده في العبادة فان مرجع العبد الى سيده ومؤل المولى الى المولى ومرد الصفات الى موصوفها والافعال الى فاعلها والمخلوق الى خالقها فما اسخف رايك واقل عقلك وانقص حظك واسوء حالك لو قصدت في عبادتك غيره اذ هو الذي اخرجك من بحر الامكان الى ساحل الاكوان واقامك في الحجاب الزبرجد وغشك ( غشاك خ‌ل ) بالنور المسدد واوقفك في الاظلة تحت الحجاب الاخضر ونجاك عن اجمة الطبيعة ورقاك بمعنى انزلك الى عالم الشهود مشروح العلل مبين الاسباب ليبين لك اتماما للحجة واكمالا للنعمة والان بيده محفوظ المراتب في كل العوالم يرزقك من الدرة البيضاء ويحييك في الحجاب الاصفر ويخلقك وما بك ولك وعليك ولديك ومنك واليك وفيك تحت الحجاب الاحمر ويصفيك لبقائك ابدا دائما سرمدا في الحجاب الاخضر ويحفظ حركاتك وسكناتك وخطواتك ولحظاتك وكلماتك وما يكنه صدرك ويجنه قلبك وينكشف لفؤادك بحيث لو خلاك ونفسك في اقل من لمح البصر لفنيت ولعدمت لم يبق لك اثر ويعدم منك ذكر وخبر لا تعدم بره ولا تفقد احسانه ولا تجد الا خيره ومع ذلك كله توقع عبادتك في قصدك لغيره والا فاين يفقده شيء واين يرجع الاشياء واليه يرجع الامر كله اظهرت ثناءه ومجده وعلاه في عبادتك للغير ومانفع الغير وخسرت خسرانا مبينا فالمطلوب في كلا الحالين حاصل الا انك حال التفاتك الى السوي غافل فماربحت تجارتك وخسرت صفقتك ولو توجهت اليه كما لا يمكنك الا هو لقد فزت فوزا عظيما وربحت من تجارة منه اصلها وفرعها واليه نشوها ونماها ويجعلها لك تفضلا منه ورحمة وهل تقصد الى اللاشيء وتتوجه الى العدم وتميل الى الباطل وتركن الى الزائل مع انك في قصدك فقير اليه مضطر الى كرمه ما اقبح ما فعلنا واشنع ما عملنا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا على الصراط وانصرنا على القوم الكافرين

الاشراق الرابع - ومن الناس اشباه البهائم وفي مقام الجهل هائم قد اوقعوا عبادتهم للاصنام التي ينحتونها ويعملونها بايديهم تبت يدا ابي ‌لهب وتب من انواع الجمادات من الاحجار والمعادن والعناصر وغيرها من الافلاك والكواكب ومنهم من اوقعها لبعض البهائم والحشرات والاجنة والملائكة ومنهم من اوقعها لبعض افراد الانسان سبحان سبحان سبحان سبحان ربي ما ابعدهم عن الرحمن واشد انغماسهم في بحر الطغيان الم ‌يدروا ان كل ذلك امثالهم واقل رتبة منهم كيف يعبد العالي للسافل ويخضع المحيط للمحاط وان جعلوها شفعاء مع بطلان هذا القول بالمرة فلا ينبغي العبادة للشافع ولا يجوز وانما هي للحق سبحانه ويتقرب اليه به مع ان الشافع ان لم يكن اعلى جاءت الطفرة الم ‌يعلموا نسبة الانسان مع الجماد والنبات والجن والملائكة والانسان وان كان مستاهلا لذلك الا ان اهل الحق منهم تبرءوا من عابديهم واهل الباطل منهم لم ‌يروا لهم معبودا كما في فرعون ونمرود ومنهم من اوقعوا العبادة لغيره تعالى لانكارهم الواسطة كالبراهمة ومنهم من اوقعوها لغيره تعالى لانكارهم الولي حين سئلهم الست بربكم ومحمد نبيكم وعلي وليكم والائمة من ولده اوليائكم فبعد ما اتفقوا اختلفوا لكراهتهم الاخر فانكروا الاول والوسط لهم ومنهم اقتصروا على انكاره وهو النبا العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه يسئلون يا على ما اختلف في الله ولا في وانما الاختلاف فيك فوقعت كل عبادتهم لغير الله اذ الفيض لا ينزل الا من الباب ولا يصعد الا منه فانكار الباب يستلزم انكار المدينة المستلزم لانكار صاحبها فحيث جعلوا الباب غير الباب فجعلوا المدينة غيرها وكذا صاحب المدينة فحيث اقروا بالمدينة في ظاهر دعويهم المجتث فوقعت اعمالهم كلها لغير الله ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون حتى اذا جائنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين فهم المشركون الكافرون حقيقة كما قال مولينا ابو جعفر عليه السلام ان الله عز وجل نصب عليا علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا ومن جاء بولايته دخل الجنة وعنه عليه السلام ان عليا (ع) باب فتحه الله تعالى فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل ولم يخرج كان في الطبقة الذين قال الله فيهم المشية وياتي شرح هذه الجملة فيما بعد انشاء الله تعالى ومنهم من اوقعوا العبادة لغيره تعالى بايمانهم ببعض الكتاب وكفرهم بالاخر وفرقوا الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء وقالوا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك الذي لعنهم الله واعد لهم جهنم وسائت مصيرا والوجه هنا كما ذكرنا ومنهم من لم يصدقوا الواسطة والسفير في كل ما اتى به وانكروا ما صحت روايته عنه عنادا والحادا وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعتوا يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها فجعلوا الههم هويهم واضلهم الله على علم وختم على سمعهم وجعل على ابصارهم غشاوة ومنهم من كذبوا بالحق لما جائهم واعرضوا بعد ما تبين لهم الهدى وان لم يكن كالقسم الاول في الظهور والجلاء لان العبرة الجحود بعد ظهور الحق نعوذ بالله منه وكذا كل من تبع احدا فيما لا يحبه الله اذ من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان الم‌ اعهد اليكم يا بني ادم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم وان هذا صراط علي مستقيما صراط علي جق نمسكه فظهر المقصود من القران الملوح اليه باوائل السور بعد الاستنطاق بحذف المكرر يظهر الابواب الاربعة ‌عشر مهبطا لجود الجواد الوهاب مفاضا عليه بيد القدرة رحمة الرحمن المستوية على العرش فتحقق الوجه فاينما تولوا فثم وجه الله وظهر ذلك في المسجد الحرام عند تقلب وجهه في السماء فتجلي هو في الاسماء وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم وغاب في الله فكان وجه المعبودية وقد اشار اليه الحق سبحانه في السبع المثاني بقوله اياك نعبد في مقابلة الله فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم فلا توحيد الا بهذا الوجه الوجيه فمن عدل عنه الى غيره كائنا ما كان فهو شرك محض وكفر صرف ضل اصحاب الثلثة وتاهوا تيها بعيدا ان الله تبارك وتعالى لا يقبل الا العمل الصالح ولا يقبل الله الا الوفاء بالشروط هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل ان يهتدوا وظنوا انهم امنوا واشركوا من حيث لا يعلمون انه من اتى البيوت من ابوابها اهتدى ومن اخذ في غيرها سلك طريق الردى تاه من جهل واهتدى من ابصر وعقل فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور كيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم يتدبر اتبعوا رسول الله واهل بيته واقروا بما انزل من عند الله واتبعوا اثار الهدى فانهم علامات الامانة والتقى واعلموا انه لو انكر رجل عيسى بن مريم عليه السلام واقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن اقتصدوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الاثار تستكملوا امر دينكم تؤمنوا بالله ربكم هذا هو طريق النجاة وما عداه سبيل الهلاك وسبب الخلود في النار

الاشراق الخامس - ما ذكرنا مراتب الهالكين ودركات الضالين والمضلين والمنافقين الذين في اسفل درك من السجين لا تنالهم شفاعة الشافعين لكونهم من المشركين ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء استغفرت لهم ام لم تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم الا المرجون لامر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم واما الموحدون فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال الله سبحانه لاعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل امام جابر ( جائر خ‌ل ) ليس من الله وان كانت الرعية في اعمالها برة تقية ولاعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل امام عادل من الله وان كانت الرعية في اعمالها ظالمة مسيئة هذا حكم المقابلة كرامة منه تعالى للعترة الطاهرة لكن في هذه الفرقة الناجية مراتب عديدة ومقامات كثيرة يطول بذكره ( بذكرها خ‌ل ) المقال يتفاوت توحيد كل مقام ويترتب عليه مقتضاه من باب الحكم الوضعي وان الله سبحانه يعطي كل ذي حق حقه لاستوائه على العرش بالرحمانية الا اني اشير الى بعضها والوح الى الاخر ليكون كتابنا هذا منهلا لكل وارد ومشرعا لكل خائض والله ولي التوفيق والهادي الى سواء الطريق والسلم

تلويح في اشارة : قد عرفت السلسلة الطولية وستعرف ايضا وفي كل مقام ثلث مقامات :

الاول اعلاها واشرفها واسناها وابهاها ما قال عليه السلام ان العبد ثلثة احرف فالعين علمه بالله والباء بونه عن الخلق والدال دنوه من الخالق بلا كيف ولا اشارة فالزبر هو المسمى والبينات هو الاسم وما ذكره عليه السلام اعظم شاهد لهذا الرسم لان العين جهة الفقر والمعلولية من حيث هي لاشارة باطنها على ظاهرها من حكم الاستدارة الحقيقية وهو العلم الهاتف بالعمل الذي به كل شيء حي وهو اللطيفة الالهية في الحقائق الكونية وهو تجلي الحق للخلق وهو ظاهريته لهم وشهادته لهم بلا اله الا انت وطريق الوصول اليه هو ما ابان ذلك ( لك خ ) تعالى شانه بلسان وليه الحق بالوضع ان الباء بونه عن الخلق وهم الحجب وهي الاعمال التي تحجب عن ظهور العلم الذي هو ظاهرية الحق سبحانه فاذا حصلت البينونة الصفتية حصل الدنو المشار اليه بالدال اذ لا واسطة بينهما لانه تعالى تجلي للخلق بالخلق واحتجب عنه به فالعابد في هذا المقام غفل عنها ونفسها ولا يشاهد سوى وجه المعبود جل وعلا من غير ملاحظة ولا كيف ولا اشارة وهو كما اتفق لمولينا الصادق عليه السلام حين قوله اياك نعبد واياك نستعين فكررها حتى وقع مغشيا عليه فقال بعد الصحو لازلت اكرر هذه الكلمة حتى سمعت من قائلها وهذه هي العبادة الخالصة فلا تتعجب حين تقرء دعاء سيد العابدين الى ان قال ولو اني كربت معادن حديد الدنيا بانيابي وحرثت ارضها باشفار عيني وبكيت من خشيتك مثل بحور السموات والارض دما وصديدا كان ذلك قليلا من كثير ما يجب من حقك على ولو انك يا الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق اجمعين وعظمت للنار خلقي وجسمي وملات طبقات جهنم مني بحيث لا يكون في النار معذب غيري ولا لجهنم حطب سواي لكان ذلك بعدلك قليلا من كثير ما استوجبه من عقوبتك ه‍ وهو كما قال روحي فداه لان العبد لو وجد نفسه وشعر به فهو متحقق ومتاصل لا يستاهل شيئا الا تفضلا نعم اذا فني في بقائه ومحى في صحوه كان هناك مقام العبودية كما يشهد به اسمه ولذا تقدمت على كل كمال وبهاء وجمال فكان اعظم نعوت سيد المرسلين عليه واله سلام الله ابد الابدين قبل كل كمال لانه اول من حاز السبق في هذا الميدان وخوطب بقوله تعالى فاستقم كما امرت وقد اشار الى هذا المقام لمن يعقل بقوله روحي فداه شيبتني هذه الاية ولذا وسع قلبه الشريف التجلي الاعظم والظهور الاقدم الذي ما وسعه شيء ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن وهو الايمان الخالص يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا ان تقولوا على الله ما لا تعلمون اي ما تقولون بالكينونة من كمال العبودية كما مر ولا تفعلون بالاعمال اي لا يطابقون المقال مع الحال ولا تكذب بما لم تحط به علما ولما ياتك تاويله وتقول ان هذه تاويلات فانها والله لقطعية عندي لا اشك فيها وعرفتها من الايات والاخبار المتواترة والادعية الماثورة كقوله تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده وترى الجبال انا عرضنا الامانة سبحان من دانت له السموات لا يخالف شيء منها محبتك وامثالها ان افتريته فعلي اجرامي وانا بريء مما تجرمون وكم من خبايا في زوايا اخفيه ( اخفيته خ ) خوفا من فرعون وملائه وينافي هذه المرتبة ملاحظة السوي ولو بالاضمحلال فان الاغيار يستلزم الاكدار ومنه كان توبة المعصومين والانبياء والمرسلين سلام الله عليهم اجمعين وبكائهم وابتهالهم وخضوعهم وتضرعهم خوفا من ان تجري عليهم مقتضياتها من احوال الامكان قد دفعها الله عنهم بفضله ورحمته فافهم واعرف مقامك وهذا توحيد اولي الافئدة في العبادة

الثاني مقام الخواص اهل القلوب في العبادة بفعل ما يراد وان كان ما يراد لذاته و( او خ ) لما يراد كذلك وترك ما لا يراد وان كان لذاته او لما لا يراد وهم الابرار الذين حسناتهم سيئات المقربين

الثالث مقام العوام فيكتفي منهم في توحيدهم فعل الراجحات الذاتية وترك المرجوحات كذلك وهذا مجمل القول فيها والى هذا التفصيل اشار صلى الله عليه واله بقوله ان الشرك في هذه الامة له دبيب اخفي من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وهو المراد في قوله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فان الايمان يختص بالفرقة المحقة في الشريعة وان استعمل في غيره مجازا وان كان لا يستعمل الا فيه ودعوى المجاز لا حقيقة لها الا مجازا كما عرفت مما سبق فتحصل الاقسام المذكورة

تذنيب : لو فتح الله تعالى بصيرتك بدليل الحكمة ونور المعرفة علمت ان تعدد مراتب التوحيد تكثير في المقال ويرجع الكل الى الواحد في المال لكن القسمة انما تربعت لاصحاب القيل والقال وقد عرفت في الجملة عدم الاستلزام في بعض الاحوال على ظاهر الحال والا فالامر اعظم من ان يقال والخطب اصعب من ان تناولته ايدي الامال فانه لعمري بعيد المنال واين الثريا من يد المتناول والا فمن صدق في توحيد الذات جمع المراتب كلها وكذا غيرها في الاجتماع اذ اذا تحققت وحدة الذات بجميع الوجوه وكل الاعتبارات لم يبق للسوي عندها التحقق والثبات فلا يستحق شيء شيئا بعد ذلك اذ الغناء الذاتي تستلزم الانفراد والاستقلال فاين الصفة واين العبادة واين الافعال تعرف المقال ان انت من اهل الكمال والا فدع المراء والجدال والله يحفظ لك وعليك في كل حال

اللمعة السابعة - في تقسيم مراتب التوحيد قال الله تعالى لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد وقال مولينا الصادق عليه السلام ولله تسع ( تسعة خ ) وتسعون اسما ولو كان الاسم عين المسمى لكان لكل اسم اله وقال الله تعالى ليس كمثله شيء قل الله خالق كل شيء قل اني امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين وامرت لان اكون اول المسلمين شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم وقال رسول الله صلى الله عليه واله انا لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك وما عرفناك حق معرفتك يا علي ما عرف الله الا انا وانت كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف قال امير المؤمنين عليه السلام الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة الحديث وقال سيد الشهداء عليه الاف التحية والثناء ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك سئل امير المؤمنين عليه السلام بم عرفت ربك قال عليه السلام بفسخ العزائم ونقض الهمم فاذا هممت فحيل بيني وبين عزمي واذا عزمت فخالف القضاء والقدر عزمي علمت ان المدبر غيري وقال رسول الله صلى الله عليه واله عليكم بدين العجايز ولها اشراقات :

الاشراق الاول - اعلم ان الماء الذي به حيوة كل شيء لم ‌يكمل ظهوره بل ولم يتم الا مربعا فابت الاشياء الا ان تكون كذلك لانها ما تشيات الا بالاعمال وتعدد الاحوال فلم ‌تقدر من حيث هي ان ترى كل شيء في كل شيء بلا كيف ولا اشارة بل لا ترى الاشياء اذ ليست فامتنع لهم الادراك الا متعدد الجهات ولما كان ذلك هو مجلي الاحدية الظاهرة في الواحدية فجرى ذلك الحكم فيها بنظر العقل وما بعده من المشاعر اذ لا يمكنهم الا ذلك الجنس مع الجنس يميل فتربعت مراتب التوحيد من حيث هو اذ الشيء مضافا على ما ذكرنا فيه اربعة انظار تختلف الاحكام فيها في الواقع نظر في نفسه وفي صفته وفي فعله المقترن بمفعوله وفي نظر المفعول اليه من جهة استمداده ولما كان حكم بعضها لا يستلزم الاخر كان الاحد ظاهرا في اربع وحدات وحدة الذات ووحدة الصفات ووحدة الافعال ووحدة العبادة على ما فصلنا مشروحا مبينا وهو سر القسمة الاولية عند المحجوب والا فليس الا الواحد الاحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد

الاشراق الثاني - لما كانت الطرق الى الله سبحانه بعدد انفاس الخلائق لتجدد تجليه سبحانه المنبئ عن كمال ظهوره في المتجلي بنفسه في كل نفس اختلفت مراتب الاربعة من جهة اختلاف الموحدين ولا حصر لها حقيقة

وفي كل شيء له اية دليل ( تدل خ ) على انه واحد

وهو اعم من الثابتات المتجددات ومن المتجددات الثابتات من اللحظات واللمحات والخطرات والبدوات والخطوات والحركات والسكنات اذ لا يرى العارف شيئا الا ويرى الله قبله ما رايت شيئا الا ورايت الله قبله تعرفت الى في كل شيء فرايتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء بكل شيء لكن كليات تلك المراتب ربما تنحصر في عشرة مراتب وقد يكون اكثر وهم اولوا العلم في قوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم فاذا ظهرت الاربعة في العشرة يتصل نهاية العلم ببدايته وتنتهي اوليته باخريته وهي اربعون ليلة لميقات موسى وهي نهاية الكور الاول من اكوار بسم الله الرحمن الرحيم وشمول الاحدية المتممة للواحدية في العالمين ونضع لك في بيانه شكلا ليرتفع الاشكال من البين والله ولي التوفيق انظر مليا تجده كاملا وفيا

71 وهذه كلها مقامات اولى العلم والسنة الكل ناطقة بتحميده وتمجيده في المراتب كلها وتوحيدها كما وصفت لك على اختلافاته الا ان الكل لا يتوجهون الا الى واحد سبحانه وتعالى

الاشراق الثالث - توحيد الحق سبحانه على قسمين احدهما توحيده كما يليق لذاته وتستحق كينونته على ما هو عليه في مستسر الغيوب في حجاب المجهول المطلق وهو عين ذاته لا يمكن للسوي ولا يتاتي للغير كما قال عليه السلام اللهم فت ابصار الخلائق وفهم خيرتك من خلقك عن ادراك ذاتك الدعاء فانقطع الكلام عن هذا المقام اذ خيرة الخلق في اعلى مدارج الامكان فان عجز فغيره احق واولى ولا ينبغي التشكيك في ذلك فانه عند العارف شك في البديهي وعند العامة خرق الاجماع الضروري وقد سبق منا تلويح في ذلك والاشارة الى ذلك ان الادراك في مقامات المدرك في عوالم مذكوريته فاذا انقطعت ذاته انقطع ذكره فانتهى وجوده فانعدم ادراكه فادراك الشيء لذاته انما يكون في مقام ذلك الشيء والا فلا يكون ادراكه فاذا ادركه في مقامه اي رتبة نفسه وكينونته فقد عرف نفسه وقرء حروف ذاته باشراق ظهور ذلك الشيء في احدى مراياه وليست الصورة في المرءاة الا عينها وهذا لعمري من القطعيات والضروريات عندي فاذا صح هذا فاخبرني عنك هل تجد نفسك في الازل لم يزل ام لا فان لم تجد فقد انقطعت لن تصل اليه لاحتراقك عنده وفنائك لديه وامتناعك في مقامه فلا ذكر ولا ذاكر ولا مذكور بنسبة مقامك ولا شهود ولا شاهد ولا مشهود ولا محب ولا محبة ولا محبوب فليس عندك الا ما اوقعه فيك من توصيفه انتهى المخلوق الى مثله وان الى ربك المنتهى فان وجدت نفسك في الازل فان كان مع كونك انت ام بغير ذلك بل الانية عرض كقوله انا الله بلا انا سبحاني سبحاني ما اعظم شاني سبحان من اظهر الاشياء وهو عينها فان اخترت الاول لم تكن حادثا ولم تكن قديما والثاني لان عينية الوجود تقطع التركيب لان التركيب انما احتيج لعدم استقلال المركب بدون الاقتران فيستقل فهو امر ثانوي فاذا تاصل الشيء بذاته لم يكن ذلك الا لعدم الانتظار فلو حصل افتقر في تاصله الى ذلك فاذا وجد كان بايجاد الغير لمكان الافتقار الموجب للاضطرار الى الموجب فلم يكن قديما ولا منزلة بينهما اذ ليس بين النفي والاثبات منزلة ولو سلمنا فانت غير مدرك ولا شاعر الا بالوجود الحادث اذ لو كان هو القديم هل كان منجمدا فانبسط او حصل التغير في ذاته بان نقص واما لو كان باقيا واستنار غيره به مع عدم حصول التغير فان ذلك كان بانارة احدثها المنير عند وجود المستنير بلا شك فان اخترت الحدوث فما وقع ادراكك على القديم وان كنت قديما لانقطاع الضوء والنور الوجود الذي به كان ادراكك فاذا انقطع عنك نور السراج لم تر في الظلمة شيئ وان كنت ذا بصر حديد مع ان هذا الفرض باطل لما قدمنا ولا نعيد وان اخترت الثاني كما هو مختار اكثر ابناء الزمان اسئلك بالله اليس تلك الحدود والتعينات اعراض تعرض ذلك الواحد وتحصصه مع حفظ وحدته في الكل كالمداد في الحروف وكالبحر في الامواج فان قلت بلى اليس الحدود حالة في محالها ولا تحل الا فيما يناسبها الم تلزم الكثرة الحقيقية العقلية الواقعية الغير المحسوسة كالواحد الم تستلزم تلك التركيب يا ايها اللبيب اليس المحل متاثرا من الحال ( المحال خ ) بحيث كثره وفصله بعد ما كان مجملا واحدا اليست الحالتان متغايرتان دع عنك تلك الخصوصيات الخارجة بل لاحظ التهيؤ والصلوح والاقتران مع قطع النظر عن المقارن معه اليست تلك الحدود نواقص واعدام وقد صح ان لا تعلق لها الا فيما يناسبها والا لصلح حد كل شيء لكل شيء ايصلح الماء للانجماد والنار للسيلان والحجر للغليان من حيث هي هي فهل ترخص نفسك في اثبات مناسبة الغني المطلق الكامل المحض مع النواقص والاعدام وعروضها له فاذن اخرجته عن الوحدة المطلقة الحقة واثبت له الوحدة الانبساطية وهي عند العارف بالله كثرة كالعددي والشخصي ما هذا دين الله الذي اتى به سيد المرسلين (ص) وكلام الوارد على حوض امير المؤمنين عليه واله سلام الله ابد الابدين فان قلت نعم فهناك انقطع الكلام اذ ليس في محال القول حجة ولا في المسئلة عنه جواب ولا في معناه لله تعظيم فبطل الادراك بقول مطلق بجميع انحائه فلا تلتفت الى من جعل هذا التوحيد من خصائص الانبياء والمرسلين فانه زندقة واخراج القديم عن ازله

تقسيم وتحقيق : العلم ثلثة : ١ ( الاول خ ) علم العالي بالسافل من حيث هو وهو بالاحاطة في مكانه وكونه وزمانه وجهته ومرتبته ٢ ( الثاني خ ) وعلم السافل بالعالي من حيث هو وهو بمشاهدة تجليه في ذاته ومعرفة نفسه ٣ ( الثالث خ ) وعلم المساوي بمساويه وهو في مراتب اشراقاته بامثاله في كينونات عوالمه فخذه اصلا كليا فانه باب ينفتح منه الف باب والله الموفق للصواب

الاشراق الرابع - لا حظ للسافل الا مشاهدة ظهورات العالي في مقامات وجوده ونهايات حدوده وكونه فكان توحيده هو الوصفي ولما كان الوصف الذي هو الظهور على حسب تلقي المظهر وقابليته وكان له مراتب كان الوصف ايضا كذلك فاختلف التوصيف مع وحدة الموصوف ولما كانت المراتب كلياتها منحصرة في اربعة على ما وصفت لك وهي مواقف الخلق ومقامات السلاك الى الحق في صعودهم الثالثي بعد نزولهم وصعودهم ونزولهم كان التوحيد التوصيفي على اربعة مراتب مترتبة ولا احد من اهل الحق الا في احد المقامات ولا يخرج منها احد وكذا اهل الباطل في جهات معاكساتها وقد تجتمع المراتب الحقة لموفق للحق والباطلة لمستدرج في الباطل وقد تختلف فتنبث ( فتثبت خ ) فمنهم من هو في الاولى فحسب او في الثانية ولا يتعداها او في الثالثة واغلب من وصل الى الثالثة وصل الى الرابعة وان لم يستقر فيها بخلاف الاولى والثانية والا لكان كل احد من الكملين مع ان المقام الثالث اقل ما قسم الله بين العباد فضلا عن الرابع واين الثريا من يد المتناول اذ السالك يطهر ويصفى عن كل كدورة في مقامه ويفارق ( لا يفارق خ ) الاضداد في هذه المراتب الى الثالثة فيخلص الا عن تسعة رهط يفسدون ولا يصلحون فتخرج ثلاثتهم في السقي الثالث والباقي في الرابع ومن فاز بقلب الاعيان يحكم كما يشاء في الاكوان فهو صاحب الاكسير فافهم الاولى اول مقام السالكين ومقدمة سفر المسافرين وقد ظهر الحق سبحانه للسائلين الواقفين ببابه والفقراء اللائذين بجنابه في هذا المقام بصفة المعبودية لا الحقيقية بل المجازية فتوحيدهم انما هو ظاهر لا حقيقة له ويقفون عند ادنى شبهة ولا يجوز القائها عليهم لانها تكسرهم فعليه ان يجبرهم لانهم في اخر المراتب وادنى المقامات عالم الملك ومحتجبون بسبعة حجب عن الظهور المطلق وهذا الحجاب مشتمل على ثلثة حجب متفاوتة في الرقة والغلظ فاذا كان الواقف ممن سبقت له من الله العناية يخرق هذه الحجب الثلثة وعند خرق حجاب يفتح له باب من المعرفة ويلمع له نور من افق الظهور فاذا استقر واستمر في هذا المقام صاعدا الى اعلاه طالبا وصل مولاه بالانقطاع اليه ورغبته ما لديه وذلك كالقاء النار على الماء بعد عصر الشجرة الطورية واخذ مائها وتصفيتها بتكرر التعفين والتصعيد الى ان تنحل نصف اليبوسة ويتم به ربع العمل فيترقي الى المرتبة الثانية والربع الثاني فينظر في الالواح التي فيها تفصيل كل شيء ليستدل ( فيستدل خ‌ل ) بالان وتظهر له اثار العظمة وتجتمع مع ظهور الكبرياء في المقام الاول وتورث الخشية ولتحقق ( يتحقق خ ) العلم بالله فيوحد الحق سبحانه في مراتبه الاربعة على جهة الثبات والاستقرار لكنه بعد في كثرة مدلهمة الا انها الطف واصفى من المقام الاول لكونه من ( في خ ) عالم الاظلة في حجاب الزمردة الخضراء وعلامتهم الخشية وعلامتها الهرب وعلامته ان لا يجد نفسه فيما نهاه الله سبحانه اقلا وانما يثبت ويستقر اذا خلص من الاهوال العظيمة والشدائد المهلكة والوعرة المستنكرة من تعاكس النظر من ( النظرين خ‌ل ) الاعلى والاسفل من جهة العقل ومن جهة الجهل والاستقرار في النظر الثاني او عدم الاستقرار في شيء او الغالب لتحصل الوسوسة والريبة والشك والوهم والظن والجهل المركب والصورة الزائلة الغير المثبتة فان كل ذلك في مقام التوحيد درجات الهالكين ودركات الخاسرين فاذا خلص من الكل واستمر التفاته الى جهة العقل فكان من اخوانه ومانظر الى جهة الجهل وتاب عن ذلك فان تابوا واقاموا الصلوة واتوا الزكوة فاخوانكم في الدين فهنالك تجيئ الخشية ويتحقق العلم فلا بد من العلامة وهي كما مر فاذا استقام في هذا المقام ولم تشغله الكثرة عن ملاحظة الوحدة وخرق الحجب الثلثة هنا ايضا ووقف على اعلاها وواظب الاعمال الصالحة التي هي القاء النار على الماء بعد انحلال اليبوسة وتكرير التعفين والتصعيد الى ان انقلب الماء نارا وبالعكس فيسقى اربع سقيات الى ان يبلغ مقام الاطمينان فاذا وصل الى هذا المقام الشريف يخرج من بطنه شراب مختلف الوانه هو الطيار والطلقا وشيء يشبه البرقا فكانت النفس حينئذ هي الارض المقدسة الصالحة لاستشراقها باشراقات الانوار الجبروتية واللاهوتية فهناك المرتبة الثالثة اي ظهور نور الجلال المتلاليء من صفحات الجمال فينادي كل شيء بالزوال والاضمحلال وهو التوحيد الشهودي فيشاهد الحق عند تجليه على قلبه بحيث لم يبق مكان الا وقد نفذ فيه ذلك النور وملاه فلا يرى شيئا ولا يلتفت الى شيء بل لا يسمع صوت الا صوته ولا يرى نور الا نوره قال الحسين عليه السلام ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا ما رايت شيئا الا ورايت الله قبله وان الله اجل ان يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به فتبين الفرق بين هذا المقام والمقام الاول والقول بان الدليل على الله سبحانه على قسمين اني ولمي غلط في الثاني بل كفر فانه يستلزم ان يكون الحق معلولا تعالى ربي وتقدس وكانهم ارادوا بالثاني معرفة الخلق واثبات هذا المقام فغلطوا في العبارة فقالوا لمعرفة الله طريقان طريق ان ولم فتبصر فاذا لم يقف السالك في هذا المقام بان ترقى وسقى المركب من تلك المياه تسعة سقيات ويوضعه في الجبال العشرة فهناك يحيي يعني يموت اي يذبح الموت بصورة كبش املح وهو المرتبة الرابعة مقام التوحيد الحقيقي وهو المنزل ومقام الفناء والبقاء والصحو والسكر والوجود والعدم ومقام هو نحن ونحن هو وهو السفر الثاني من الاربعة اي الموطن وهو مقام المحبة التي هي حجاب بين المحب والمحبوب والجلال والمعلوم والسر المقنع بالسر وعالم ليس كمثله شيء والنور الذي اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره والصبح الطالع من ظهور شمس الازلي وهو النور الالهي والقدس السبحاني والازل الثالث او الثاني والنقطة الجوهرية والالف اللينية وعالم اللانهاية منتهى امل الاملين وغاية مطلب الطالبين مهبط التجليات السرمدية وباب الفيوضات الابدية ومقام رجوع الوصف الى الوصف ودوام الملك بالملك ( في الملك خ ) وانتهاء المخلوق الى مثله والجائه الطلب الى شكله مقام اتحاد الظاهر والمظهر والظهور والشاهد والمشهود والشهود والتجلي والمتجلي والمتجلى له والوصف والموصوف والصفة من غير اسم وصفة وظهور وتجلي ومحبة فانها حجاب بين المحب والمحبوب ودخل المدينة على حين غفلة من اهلها وقد سبق منا ما يكسر سورة استبعادك من هذه الكلمات فنكتفي به اعلم ان العبد دائما يطلب الرب والسافل العالي فاذا ترقى من مقام ادنى الى مقام اعلى من مقاماته في التوحيد يرى ان الاول كان مقام شرك الى ان وصل الى هذا المنزل ونظر الى الظهور الكلي بعين اول المشعر ولما لم يجد لنفسه ذكرا اعلى فيرجع البصر خاسئا ويتحسر يطلب ( بطلب خ‌ل ) الاعلى وليس الا عند نفسه يستدير عليها بما لا نهاية له وبداية النظر بتلك العين من مثل سم الابرة ممتدا على ساقين متساويين وقاعدته قوس على هيئة قطاع اصغر فيمتد الساقان وتعظم درجات ذلك القوس حتى يتجاوز النهاية فاذا خرق حجاب النهاية واخذ في اللانهاية استدار كهيئة دايرة ويكون ذلك السم الذي نظر منه نقطة لها فتكون تلك النقطة صاعدة في ذاتها لا الى جهة سواها لا من حيث ذاتها فتكون تلك الدايرة كالكرة على تلك الممتدة كالمحور باستدارتها عليها فتكون الدايرة هي عين النقطة والكرة نفس محورها ظاهرها في باطنها وباطنها في ظاهرها وتلك هي الحقيقة المسئول عنها لا سواها قال رسول الله صلى الله عليه واله التوحيد ظاهره في باطنه وباطنه في ظاهره ظاهره موصوف لا يرى وباطنه موجود لا يخفى

غرة : قد ذكر الاستاد ادام الله ظلاله على رؤس العباد في بيان هذا المقام كلاما ما ابلغه واوفاه واني اذكره هنا بلفظه الشريف تيمنا وتبركا : قال في مقام ان العبد وصل الى هذا المقام : وكلما وصل العبد الى مقام ظهر له الجبار فيه حصل له المحو والصحو فهناك عرف ربه لانه عرف نفسه بالمحو والصحو فاذا استقام فيه كما قال سبحانه ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا حتى ظهر له الاثر ظهر له الجبار في مقام اعلى من الاول فيعرف فيه ربه بحكم المحو والصحو بطور اعلى ويتبين له ان المقام الاول مقام خلق قد تعرف له فيه به ثم تعرف له في الاعلى قال عليه السلام تدلج بين يدي المدلج من خلقك فاذا عرف ربه في الاعلى بظهوره له فيه به ونظر الى الاسفل ظهر له انه مقام خلق وجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب وهكذا ابدا يسير بلا نهاية قال تعالى في حديث الاسرار كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية وهذه المشار اليها هي المقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها اليك وقال مولينا الصادق عليه السلام لنا مع الله حالات هو فيها نحن ونحن فيها هو الا انه هو هو ونحن نحن انتهى كلامه الشريف جعلني الله فداه وسيجيء زيادة بيان لهذا المقام انشاء الله تعالى فاذا تحققت هذه المراتب لكل موجود فليلاحظ تلك المراتب الاربعة فيها الا ان في المرتبة الرابعة على نهج الاضمحلال بل العدم وضعنا هذا الشكل توضيحا ولغاية عندي فافهم

109 فاذا تحققت هذه المراتب فلتضربها في العشرة المتقدمة فهناك تحصل المراد ويظهر لك تغريد الورقاء على الافنان بفنون الالحان

الاشراق الخامس - قال عليه السلام في قل هو الله احد ان الهاء اشارة الى تثبيت الثابت والواو اشارة الى الغايب عن درك الحواس ولمس الناس قال عليه السلام توحيده اثباته ه‍ وهو ما تعرف لك بك وهذا التعرف قد يكون نقطة هي كرة مصمتة تدور على نفسها قطبها ومحورها وقطرها ومركزها هي نفسها مرتفع الحكم عن التوالي وعدمه وقد يكون كذلك الا انها مجوفة وان كان الكل بمعنى واحد الا ان قطب تلك النقطة اي الكرة ومديرها غيرها يعني انها تحكي عنه وتستند اليه من غير ان يلاحظ ويذكر فان ذكر الغير انقطع التوحيد اذ شرطه الصحو بعد المحو لكن تلك النقطة ( النقط خ‌ل ) والاقطاب كلها دوائر على الغير محورها تنزله بالمدد اليها فجاء حكم الحكاية وحكاية الحكاية والمثال ومثال المثال فان الكرة هي مثال قطبها لا تدور ولا تذكر في ناحيتها الا عليه وهو للغير الى ان انتهت الاكوار والادوار ومواقع التجليات والانوار الى النقطة الحقيقية التي لا كرة قبلها ولا استدارة فوقها وهي الثابت الذي اشار الهاء الى تثبيته وهو التوحيد الذي ظاهره في باطنه وباطنه في ظاهره فان صورة ظاهر الهاء عين صورة باطنها فجرى التوافق بحكم التطابق فاشار الى الكثرة الملوح اليها بالهاء المشار اليها بالايات والمقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك الخ المصرح بها بقوله صلى الله عليه واله يا علي ما عرف الله الا انا وانت على الحصر الحقيقي لكشف حقيقة قوله تعالى ولكل وجهة هو موليها ووحد الامر لتبيان اينما تكونوا يات بكم الله جميعا لاظهار قوله الحق ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب فعلمنا ان المقامات خمسة التي ملا الامكان والكون وهو قوله (ع) فبهم ملات سماءك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت والواو هي الايام الستة التي خلق الله فيها السموات والارض وامتلاتا من ظهور لا اله الا انت فالايام من ايام الشان فهي من شئون السموات والارض فترجع اليها وتبقي الغيبة المحضة فصحت الاشارة بمختصر العبارة والمقامات التي امتلات بها هي الكلمة التامة التي انزجر لها العمق الاكبر وليس غيرها الا المعاني المستحصلة المتنزلة من دلالتها فهي وجه المعاني من المتكلم وليس له ظهور فيها الا هي فالتكثر من كثرة المقابلات وتوارد الانتقاشات فالمعاني توحيدها هي نفس الدلالة المتنزلة في كل واحد منها على جهة الخصوص فهي حظ المعاني واما الكلمة فهي نفس ظهوره لها بها وللدلالة بالدلالة فالظهور للنقطة هي الغيب المحض والعماء المطلق وهو الظاهر ابطن كل باطن وغيب الغيوب والسر المحجوب وبها ظهر ما ظهر وبطن ما بطن فهي اول ظاهر باول ظهور بمظهريته ( بمظهرية خ‌ل ) نفسها فتوحيدها لن تناله الايدي وانقطعت عنه الامال والظهور للالف والنفس الرحماني الاول ( الاولى خ ) هو الباطن الظاهر من حيث هو كذلك السر المستسر بالسر محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور والظهور للحروف العاليات هو الظاهر والعماء الاول وثالث مظهر باول ظهور وثالث المقامات والظهور للكلمة التامة السحاب المتراكم هو الظاهر من حيث هو ظاهر والسر المجلل بالسر ورابع مظهر باول ظهور فهو بالحروف ولها بالالف ولها بالنقطة ولها بنفسها استدارت عليها بلا قطب غيرها فتوحيد كل يخص به لا دخل لاحد فيه الا للعالي منها بالنسبة الى السافل منها فاذا تربع الشيء الكامل ظهر فكان الظهور للغير هو الخامس وذلك يختلف حسب مقامات الغير ودرجاته فكل السوي هو معاني دلالة تلك الكلمة الكلية وحينئذ تنحصر ظهور المتكلم في مقامات خمسة كما شرحت لك ولما عرفت ان الظاهر عين الظهور وهو عين المظهر علمت ان المقامات هي العنوانات للذات ومتعلق الاسماء والصفات ومدار المقاصد والتعلقات لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك لا يجد المخلوق لنفسه ذكرا فوقها بل يمتنع عندها ولا يجد الا ما ظهر له به وماظهر الا في حروف نفسه ومقامات كونه فاين هو من الذات تعالى شانها اين اين ليس وراء الله وورائكم يا سادتي منتهى اعرف يا مسكين مقامك ثم صدق بقلب خاشع خاضع بقوله (ع) نزلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا بالنفي بالتابيد ويعضده قوله عز وجل وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وهي المبادي واوائل جواهر العلل ويزيده بيانا قوله الحق ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله ويشيده اركانا قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

تبصرة : قال رسول الله صلى الله عليه واله يا علي ما عرف الله الا انا وانت ه‍ والاشارة الى بيانه انه لما انقطعت ايدي الامكان عن تناول رتبة الوجوب وجب التعرف ولما كان هو عبارة عن صرف الظهور والتجلي والقاء المثال واختلفت المظاهر كان اول من اختص بذلك الحقيقة المقدسة المحمدية سلام الله عليها الزيت الذي يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار الظهور فاستقر فيها وملاها ولم يكن له تعالى ظهور وتجلي سواها على المعنى الاعم وهذه تشعبت بسبعة شعب استقر ذلك الظهور فيها على الترتيب فتوحيد كل هو ما اختص به بذلك الظهور الاولى الاسم العلي الاعلى الذي يحبه ويهواه في عالم فاحببت ان اعرف وقد كان حاملا لذلك الظهور ومهبطا لذلك النور ومقابلا للوجه الكلي والمثال الاعظم بحكم الاتحاد وكان موحدا لله سبحانه وطائفا حول جلال القدرة ثمانين‌الف سنة ولم يكن هناك لشيء ذكرا فسبق كلما خلق بتلك المدة وكان اول موحد لربه ومجيب لدعوة مولاه فقد سبق كما سبق لما سبق بما سبق الثانية الاسم الاعظم الاعظم الاجل الاكرم لقد تجلى له الحق المسمى بذلك التجلي بالاسم العلي لما وصل في طوافه حول جلال العظمة فبرز ذلك النور من مشرق الظهور وطاف حول جلال القدرة وبقي الاسم الاعلى طائفا حول جلال العظمة الثالثة والرابعة الاسمان الاعلان ( الاعليان خ‌ل ) اللذان اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا فقد ظهر فيهما ذلك النور بذلك الظهور وتجلى لهما شمس الازل في ذلك العالم عالم السرور بالاسم الثاني بالاسم الاول كالضوء من الضوء فعندهما من اسرار التوحيد ما لم يصل الى من دونهما الخامسة الواقف بين الطتنجين والقائم بين العالمين وقد حمل ذلك الظهور بعين ذلك التجلي والنور الا انه بما تقدمه فلهم الفضل عليه في درجة التوحيد السادسة الحروف العاليات والاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والالاء فظهر ذلك التجلي فيهم بواسطة ما تقدم كالضوء من الضوء السابعة الكلمة الطيبة وليلة القدر التي هي خير من الف شهر فحملت ذلك التجلي الاعظم بما تقدم كما تقدم فثنيت هذه السبعة في عالم الظهور والكثرة فكان كما قال سبحانه ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقران العظيم فاستخرج من ذلك ما ارشدنا الله اليه في اوايل السور صراط علي جق نمسكه فابان ذلك عليه السلام بقوله نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا اي بمعرفتنا وصرح به الحجة المنتظر جعلني الله فداه لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك الى ان قال فبهم ملات سمائك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت اللهم صلى على محمد وال محمد واخلصنا في معرفتهم واذقنا حلاوة محبتهم بحقهم يا ارحم الراحمين

تذنيب : فلما تمت هذه الدورة وكملت العدة وتحقق الوجه وبدا ( يد خ ) القدرة تجلي الحق سبحانه بتجليه لهم للعرش واركانه وحملته فتوحيدهم هو ما برز منهم اليهم ثم بفاضل تجليه لهم لاولي العزم من الرسل ثم لسائر الانبياء والمرسلين ثم للانسان ثم للملائكة والجن ثم للبهائم ثم للنباتات ثم للجمادات فانتهى الوجود وسيجيء تفصيل القول فيهم انشاء الله مبينا مشروحا فترقب

تفريع : فلا اله الا الله اختص بكل مقام ففي العدد الكامل السبع هو قول واحد الا ان الثاني يرث الاول ويتعلم منه فاذ استقر فحكم واحد الا ان له فضل التقدم ولذلك نقص التاخر فقط واما فيما سواهم من الانبياء وما بعدهم فلا اله الا الله الذي للسافل من فاضل لا اله الا الله الذي للعالي بل لا يرى الا ذلك ولذا لما استشعرت الملائكة لذلك استشعروا فعلموهم وقالوا لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فافهم فاني لوحت في هذه الاشارة امرا غامضا بعيد المنال لم يصل ولن يصل اليه الا اهل الوصال ومنه تنكشف اسرار البواطن القرانية وياتلف مختلفات الاخبار المعصومية عليهم سلام الله ما دامت الدنيا والاخرة اقول كما قال سلمان يا قتيل كوفان لولا قال الناس لسلمان واه واش رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك كلاما اشمازت منه القلوب يا محنة ايوب قال عليه السلام اتدري ما محنة ايوب قال لا قال عليه السلام لما كان عند الانبعاث عند المنطق شك وبكى قال هذا امر عظيم وخطب جسيم فاوحى الله تعالى اليه اتشك في صورة انا اقمته اني ابتليت ادم بالبلاء فوهبت له بالتسليم له بامرة المؤمنين وانت تقول امر عظيم وخطب جسيم فوالله لاذيقنك من عذابي او تتوب الي بالطاعة لامير المؤمنين عليه السلام ثم ادركته السعادة بي

اللمعة الثامنة - في ازليته وابديته واوليته واخريته وظهوره وخفائه قال عليه السلام وجوده قبل القبل في ازل الازال وبقاءه بعد البعد من غير انتقال ولا زوال ان قيل كان فعلى تاويل ازلية الوجود وان قيل لم يزل فعلى تاويل نفي العدم لم تسبق له حال حالا ليكون اولا قبل ان يكون اخرا ويكون ظاهرا قبل ان يكون باطنا هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ولها اشراقات :

الاشراق الاول - كلما ذاق ثمرة الوجود استمر في البقاء والخلود ومن دخله كان امنا فلا نهاية لدوامه واستمراره فلا بداية في احداثه واصداره اذ كل من سبقه العدم لحقه العدم وكلما له اول له اخر فاذا انعدم لحوق العدم بدوام الجنة والنار بلا نهاية انعدم سبقه والا بطلت الاستدارة وخالف العود البدء كما بدءكم تعودون ولما كان ما كان في الامكان يا ذا الملك المتابد بالدوام والخلود وبملكك القديم ولا كان خلوا من الملك قبل انشائه اذ الاعدام بعد الايجاد مما لا يليق برب العباد والا لكان عابثا ويحب الفساد ولا يتصوره من ادرك المراد اذ الاعدام ان كان بفعل فهو الايجاد ولا يتم الا بالانوجاد والا لم يكن كذلك عند من عرف الامر بالفؤاد فان رحمة الله باقية دائمة وخزانته ما لها من نفاد الا ان هذه الازال كراة مجوفة تدور على قطبها اي وجه مبدئها بامتداد محور تنزله بمبدئها وحقيقتها التي هي استدارته عليها على التوالي كما انها تستدير عليه على خلاف التوالي الى ان انتهت الكرات والدوائر وانقطعت لدى ازل الازال فهو فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى فلا تنتهي اليه النهايات لتجيئ الاتصال المستدعي للمشابهة في الملتقى او التحديد المستلزم للنقص الشديد في عين الانتهاء وان الى ربك المنتهى فلا استدارة هناك ولا تحرك ولا انتقال ولا انتساب بل هو هو في احدية ذاته ولما كانت الاوقات من اول محدد الجهات الامكانية الى ما لا يزال مع الدثور والزوال والتغير والانتقال امورا مغايرة لذواتها واكوانها بل هي كغيرها من حدود كينوناتها لتصحيح حكم التركيب لبيان حكم المثال والامتثال ليصدق روحك من روحي وطبيعتك من خلاف كينونتي وكانت تلك الاحكام لازمة لانخلاق ( للانخلاق خ‌ل ) اللازم للخلق والايجاد تقدس الازل لم يزل عز وجل عن حكم الاثنينية ولو في الجهات والاعتبارات اذ لو كان لك بصر حديد ان جل الاختلافات وكلها في القابلية والعمل والامتثال فاذا انتفت انتفت فلم يبق الا الواحد القديم المتعال فازله اذا هو ذاته تعالى وتقدس ومكانه ذاته من غير شوب مغايرة في الفرض والاحتمال والتجويز والامكان اذ كلها احوال الامكان وكل من عليها فان فازله على العبارة حسب العنوان استمرار وجوده تعالى منقطع النهاية والغاية منعدم البداية والنهاية لا في وقت ولا زمان ولا دهر ولا سرمد سوى ذاته المقدسة اذ كل من ثناه فقد جزاه فازليته هو ذاته وهو عين ازله وهو عين ابده بعين ابديته والمنسوب والمنسوب اليه والنسبة كلها بمعنى واحد وانما هذه عبارات للتفهيم اسماؤه تعبير وصفاته تفهيم وذاته حقاقة وكنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه

ازالة وهم : لا تنظر ولا تلتفت الى مقال بعض اهل الجدال ان الازل هو استمرار ابتدائي لا الى نهاية والابد هو الانتهائي كذلك والسرمد هو بينهما فتطلق على الحق سبحانه بهذه الاعتبارات اذ ليس لانهاية الحق الا عين لابدايته ( ليس نهاية الحق الا عين بدايته خ ) وبالعكس ولا واسطة ولا منزلة ليستدعي اسما اخر انما الله اله واحد واوليته عين اخريته ولا اوليته عين لا اخريته واما السرمد فهو ازل ثانوي لا اولي كما تشهد به الاخبار وصحيح الاعتبار واما توصيف الحق سبحانه به فكقوله تعالى هو الله الخالق البارئ المصور يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد وسياتي الكلام فيه في الوجود المطلق انشاء الله تعالى فترقب

الاشراق الثاني - الاول اثنان اول هو عين الاخر واول غيره والثاني اثنان اول عددي ورتبي فثاني الاول الثاني والمجموع اثنان واحدهما ثاني اثنين فكفر من قال ان الله ثالث ثلثة وما من اله الا الله الواحد القهار وثاني الثاني العشرة مثلا وثالثه الماة ورابعه الالف كالنفس فانها ثاني العقل وثالثه الطبيعة ورابعه المادة وخامسه الشكل وسادسه الجسم ومنه ما قال امير المؤمنين عليه السلام انا اصغر من ربي بسنتين وكفر ايضا من قال بان اول الوجود هو الله سبحانه واخره الهيولي والمتوسطات ثواني متوسطات والاول ايضا اثنان اول هو عاد العدد فاوليته انبساطية وهي عين الاخرية اذ ليس هو الا الاول المتعين بذلك الحد واول هو علة لا الصورية فانها ثانية ولا الغائية فانها متغاير الحكم فيهما ولا المادية فانها هي الاول فانحصر الامر بالمراد فاوليتها عين اخريتها اذ بدو وجود المعلول وعوده منقطعان عندها فاخريتها هي عين اوليتها وهما لا ثاني لهما ولا ثالث اذ ما له ثاني لم يكن عين اخره ونسبتهما اليهما بالاضافة الى المعلول والتعينات والا فهو ليس باول ولا باخر ودليله صحة السلب فافهم واولية الواجب سبحانه اولية الهية حقة لا سبيل اليها ولا عبارة عنها ولا اشارة اليها فهو اول بعين كونه اخرا وليس باول ولا اخر لكن لا كما ندركه ونعرفه ونحيط به

الاشراق الثالث - اعلم ان كثيرا ممن لم يذوقوا حلاوة المعرفة ولم يردوا شريعة المحبة توهموا ان الاولية المنسوبة الى الله سبحانه هو ما كان من الاول او الثاني من الثاني لقد خبطوا خبط عشواء اما الاولون فلابتنائه على القول بوحدة الوجود لقد ابطلناه هنا وفي ساير ما كتبنا بما لا مزيد عليه اما الاخرون فلما اخذتهم العلة زعموا ان ذات الحق سبحانه هو العلة ولم يعلموا انها تنافي الذات البحت لكونها اسما حدث ولم يكن ولا يدخل فيه تعالى شيء ولا يخرج عنه شيء سبحان من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بل العلة هو الفاعل وهو ظهور الذات القائم بها قيام صدور الم تسمعهم يقولون ان القائم والضارب اسم الفاعل لا اسم الذات والفرق بينهما في غاية الظهور لمن اعرض عن الغيور وقرء الكتاب المسطور في الرق المنشور اذ لو كانت الذات هي العلة والفاعل لزم ان تكون حادثة وبطل القدم اذ الايجاد حركة فان اعتبرتها في الذات لزم ما قلنا فانها من الاكوان الدالة على الحدوث وياتي بيانه انشاء الله مشروحا مبينا فترقب فاذا بطلت العلية بطلت اعتبار ازليتها في الحق سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا وليس فينا مثال يكشف لنا عن حقيقة الامر وهذا القدر كفاية اذ ليس لنا طريق الى معرفته الا بالعجز عن معرفته وهنا كلام كتمانه عن المحجوبين اولى من اظهاره والله ولي التوفيق فاوليته حقية الهية هي عين اخريته وكذا لا اوليته ولا اخريته فهو اول ولا ثاني له وهو ثاني كل شيء ما يكون من نجوى ثلثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا اكثر من ذلك ولا ادنى الا وهو معهم اينما كانوا

الاشراق الرابع - ظهور الذات سبحانه وتعالى لذاتها بذاتها هو عين ذاتها ولا يتصور الخفاء فيها اذ الغير ممتنع والغيبية والاحتجاب منعدمة فهو هو والكلام منقطع وظهورها لغيرها بغيرها هو عين غيرها فليس الغير الا عين ذلك الظهور فلا اظهر من ذلك شيء اذ لا اظهر للشيء من نفسه وهو تعالى اظهر له من نفسه لانها انما تاصلت وتشيات بذلك الظهور فهو اخفى من كل شيء لانه اظهر من كل شيء اذ لا يصل الى ذلك الظهور الا اذا خفى عن نفسه ولو وجد نفسه احتجب عن ذلك الظهور بنفسه فهو اي الظهور اخفى من كل شيء لان الاشياء انما هو ( هي خ‌ل ) ظواهره وحجبه ولا يظهر الا بخرقها وهي ذاته وكينونته فظهر له به واحتجب عنه به فظهر له بما لا يتناهى واحتجب عنه كذلك وهذا اعلى المعاني وايضا الاشياء انما تعرف باضدادها وبما يطرء عليها من الاحوال والانتقالات والاوصاف العدمية فاذا استمر بدون تغير وزوال وتحول وانتقال ابدا ازلا جهل حاله وخفي امره ولا يكون ذلك الا لفرط ظهوره وعظم نوره فخفاؤه عين ظهوره وظهوره عين خفائه على حد قوله عليه السلام اعرفوا الله بالله على حد قوله عليه السلام وليس لنا طريق الى معرفته الا بالعجز عن معرفته كنهه تفريق بينه وبين خلقه يا من استوى برحمانيته على العرش فصار العرش غيبا في رحمانيته كما صارت العوالم غيبا في عرشه محقت الاثار بالاثار ومحوت الاغيار بمحيطات افلاك الانوار قال الشاعر :

خفي لافراط الظهور تعرضت لادراكه ابصار قوم اخافش

وحظ عيون النجل من نور وجهه لادراكه حظ العيون الاعامش

فخفاؤه لشدة ظهوره واحتجابه لعظم نوره فافهم واحفظ فحقيقتنا هي عين الظهور وانياتنا هي ظهور الظهور ونور النور ونحن في حجاب الخفاء مستور لكوننا الكتاب المسطور في الرق المنشور

الاشراق الخامس - قرب العلة الى معلولها ليس عين بعدها عنه وان امكن القول به فان العلة لا بد من ملاحظة نسبتها الى المعلول لتصحيح اختصاصه بها دون غيره حذرا من الترجيح من غير مرجح فما اعتبرت فيه الجهات تطرقت فيه الكثرات وعلى الثاني نعم لكن حيثية القرب هي حيثية العلية والبعد من تلك الحيثية بعينها وعلى الاول نعم لكن حيثية القرب فيها هي حيثية الافاضة المستدعية للنسبة وحيثية البعد حيثية الانقطاع وعدم النسبة وان كان من جهة العلية لكن فيها جهتان فاختلف الحكمان واما الحديث الوارد في استواء الرحمن على العرش انه ليس شيء اقرب اليه من شيء في مقام العلية فليس من جهة قرب العلية وبعدها بل المعلولات وتفاوت درجاتها وقربها وبعدها الى علتها والكلام في المعلول المطلق فان المعلولات كلها باجمعها كرة واحدة متساوية الاجزاء من المركز الى المحيط فاختلاف الكرات ليس من جهة اختلاف الاقطاب وان كان من جهتها فظهر ان قرب العلة ليس عين بعدها بنظر التدقيق وان كان كذلك بحسب الظاهر بل الذي يتساوي فيه الامران هو ذات العلة اذ لا جهة لها ولا اعتبار حتى يلاحظ ولا شك انه قريب اذ المعلول بها تقوم وتحقق ولا شك انه بعيد اذ المعلول جزء من سبعين جزء من علته والعلة هي كلمة الذات وكلامه واي نسبة لهما مع المتكلم وليس في الذات جهة واعتبار اذ ليس هناك نسبة فصح ان قربه عين بعده بلا اختلاف جهة واضافة ونسبة والان حصحص الحق وبطل ما كانوا يعملون من اعتبار اختلاف الجهة في القرب والبعد

احقاق حق وابطال باطل : قال الله تعالى واذا سئلك عبادي عني فاني قريب ونحن اقرب اليه من حبل الوريد ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون الله معكم وهو معهم اينما كانوا وهذا ليس قرب الوقت الى الموقت ولا المكان الى المتمكن ولا الاجزاء الى المركب ولا البسيط الى المؤلف ولا المواد الى الاشكال ولا الملزوم الى اللازم ولا المستجن فيه الى المستجن ولا المطلق الى المقيد ولا الباطن الى الظاهر ولا المتساوقان ولا المتحاويان الى الاخر ولا السراج الى الاشعة ولا الاصل الى الظل ولا المقابل الى الصورة اما الاول والثاني فللزوم التاثر وكونه القابلية المستلزمة للمقبول المستلزم للايجاد المستلزم للموجد المستلزم للذات المستدعية للقدم والازلية وعكسهما للزوم التحديد والتقييد كما ياتي انشاء الله تعالى واما الثالث فللزوم التعدد فلو فرض الوحدة بطل مع استلزامه الاقتران المستلزم للحدوث الممتنع من الازل واما الرابع فلما قلنا واما الخامس فللزوم الاقتران والانفعال وتاثير الغير فيه واما السادس فللزوم التركيب من ذاته ومن صحة ارتباطه باللازم واما السابع فللزوم التغيير والتوليد والحركة من القوة الى الفعل واما الثامن فلما شرحنا واثبتنا من المحذورات العظيمة والمفاسد المنكرة واما التاسع فللزومه الاقتران والتنزل واما العاشر فللزوم الافتقار تعالى ربي وتقدس عن كل ذلك علوا كبيرا واما سر الاضراب فلاستلزام ذلك عدم حجب الذات سبحانه وتعالى عن مشاعر الخلق مع انه تعالى فقد الاسم الاعظم منها ( عنها خ‌ل ) فما ظنك فيه سبحانه وتعالى واما اية التعريف والعنوان فيمكن جعلها كذلك مع قطع النظر عما ذكرنا فان المثال مقرب من وجه ومبعد من كل الوجوه

تحقيق : فالحق في المقام ان يقال ان ذلك القرب قربا ربانيا وتلك المعية معية الهية قيومية لا يفقد خلقه ولا يزول عن ملكه وليس خلوا من خلقه ناصية كل شيء بيده وما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم فلو انك اعرضت وجهك عن المراة انعدمت الصورة فهي شيء ما دام بشيئيتها ( شيئيتها خ ) بمقابلتك اياها والا فعدم وكذا السراج لو حجبت الاشعة عنه لذهبت فافهم ولا تفهم التناقض بايراد النفي والاثبات فانهما في مقامين فلاحظ ما قدمنا

تبيين : لعلك تتوهم من قوله عليه السلام في قوله تعالى وهو معهم اي معهم في العلم لا الذات انه العلم الذاتي كما قاله بعض القاصرين اذ لا شك في بطلانه اذ العلم هو الذات والفارق اما من المعطلة او من القائلين بتعدد القدماء والاول ايضا لا يصح لخروجه عن المقام ولا اظنك تجعله مذهب امامك عليه السلام فيجب ان يراد به معنى غير ما عرفوا اذ ليس عناه قطعا فالمراد به العلم الحادث وهو عين المعلوم فاذا صح ان الاشياء كلها علمه تعالى بها فلا يفقد العالم من حيث هو علمه فعلمه عنده وهو تعالى معه في رتبة مقامه وليس شيء اقرب الى شيء من قرب العالم الى علمه ونسبة الاشياء نفسها اليه تعالى نسبة العلم الى العالم بل هو عين ذلك ولا انكشاف اعلى من ذلك وكل ذلك في مقام العنوان والتعريف ومقام المقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان والا فهو تعالى وحده لا شريك له لا شيء معه ولا احد سواه كان الله ولم يكن معه شيء والان كما عليه كان

تنبيه : ثم اعلم انه تعالى اقرب اليك منك بما لا نهاية له كبعده عنك كذلك اذ في كل مقام من مقامات ذاتك تريه سبحانه وقد سبقك فيها بما لا نهاية له ولذا قال عليه السلام ما رايت شيئا الا ورايت الله قبله لكونه سابقا عليه به لان كينونة الشيء انما تاصلت مع الانتهاء وهو سبحانه معه قبل تاصلها بالكينونة بلا انتهاء وهو وجهه الى السرمد الذي لا يفنى وهو تعالى قد سبق كل شيء من انفسهم ولا يسبقه شيء ولا غاية لهذا السبق ولا نهاية له لكونه مساوق المحبة وقد اخبر انه لا غاية لها وهو قوله تعالى ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون وهكذا حكم الظهور والخفاء فافهم راشدا واشرب صافيا

اللمعة التاسعة - في دخوله سبحانه في الاشياء وخروجه عنها وبينونته عن الخلق ومعنى اجتماع النقيضين فيه سبحانه وارتفاعهما عنه قال امير المؤمنين عليه السلام داخل في الاشياء لا كدخول شيء في شيء وخارج عنها لا كخروج شيء عن شيء وقال عليه السلام مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة وقال عليه السلام توحيده تمييزه وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة وقال عليه السلام قريب في بعده عال في دنوه ظاهر في خفائه ولها اشراقات:

الاشراق الاول - دخول الشيء في الشيء يتصور على انحاء شتى وكذا خروجه عنه اما الاول فلا يخلو اما ان يكون عين الاخر او جزءه او لازمه او حالا فيه على اقسامه من حلول المتمكن في المكان والموقت في الوقت والالوان والاعراض في محالها واماكنها من الماديات والمجرديات ( المجردات خ‌ل ) والسرمديات او مظروفا له كالماء في الكوز او تنزيلا ( متنزلا خ‌ل ) اليه كالروح الى الجسد والعقل الى الروح والفؤاد الى العقل او متعلقا به كالفعل للمفعول والفاعل بالفعل والاقسام كلها حدود الممكن وجهاته فلا يوصف القديم سبحانه به والا لكان ممكنا او الممكن قديما اذ التوصيف في مقام الموصوف ونحن صفاته تعالى لا من حيث نحن والا لشابهنا وليس كمثله شيء بل من حيث ظهوره كما سبق وتلك الصفة ايضا في مقامات الخلق كما مر فافهم رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك بالملك ( في الملك خ ) واما الثاني فلا يخلو اما ان لا تناسب بينهما بوجه اصلا ام لا والثاني اما ان تكون في الهيئة فهما المتشابهان او في الذات وهو لا يخلو اما في الجزء الاخص فهما المتماثلان او في الاعم فمتجانسان والاول ان لم يجتمعا ولم يفترقا فمتناقضان فان افترقا فالضدان فان اجتمعا فان كان ابدا من الطرفين فمتلازمان او متضايفان و( او خ ) متساوقان او من طرف فلازم وملزوم والا فمتخالفان اصطلاحا ومعناه لغة واقعا فاذا علمت هذه الاقسام علمت انها ايضا كلها مقامات الخلق وحدودهم واحوالهم فلا يعرف الله تعالى به اذ الادوات انما تحد انفسها والالات تشير الى نظائرها فاعرفوا الله بالله فنزهه اذن عن الدخول والخروج بجميع اقسامهما وانحائهما مما يتصور في المراتب الامكانية اذ الخروج فرع الدخول ولو فرضا واعتبارا وصلوحا فهو تعالى لا يدخل في شيء ولا يخرج عن شيء وهما متناقضان لاستلزام كل عدم الاخر فهو داخل وخارج فداخل بعين كونه خارجا وخارج بعين كونه داخلا من غير اعتبار كثرة وجهة وجهة وحيث وحيث اما حقيقة الامر في ذلك فلا يعلمه الا الله سبحانه العالم بذاته وكينونته واما المثال الاعظم والتجلي الاقدم والظهور الاول الاكبر فلا يحكيه ولا يقابله الا التعين الاول والمجلي الكلي واليه اشار مولينا الرضا عليه السلام ان هذا لا يعلمه الا الله ومن اطلعه على غيبه من اوصيائه وحججه واما العنوان والتعريف لنا بنا فاية ذلك انت اذا قابلت المرءاة فانك لست في المرءاة ولا المرءاة فيك ولست بخارج عنها والا لما استدل عليك بها وليست الصورة الا ظهورك ومظهرك فكيف تكون خارجا عنه وكيف تكون داخلا فيه كما قال مولينا الرضا عليه السلام لعمران الصابي كما في التوحيد فليعلم ان دخولك في المرءاة هو عين خروجك لانه عبارة عن ظهورك لها بها وهو جهة خروجك عنها بلا فرق فافهم

الاشراق الثاني - الصفة لا يزال مباينة عن موصوفها وبعيدة عن مقامه ومرتبته بل هي عدم عنده ولا شيء لديه فلا تجتمع معه ابدا قال عليه السلام لشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة كل صفة على انها غير الموصوف ولكن الصفة ليست شيئا الا بيان الموصوف واظهاره وتبيانه وكماله وجماله وجلاله فلا تدل الا على الموصوف ولا تستند الا اليه ولا تحكي الا عنه بل لا فرق بينها وبينه في التعريف والتعرف الا انها حكاية عنه ومستندة اليه بل عبده وخلقه فتقها ورتقها بيده بدءها منه وعودها اليه فالحقيقتان متباينتان بل هذه العبارة مسامحة بل لا حقيقة لها وامتنعت عنده لكنها لا تدل على سواه بل لم ترها الا حاكية لغيرها فتستدل عليه بها فهي لا تزال بائنة بل لا شيء ودليل وحكاية انما كررت العبارة للتفهيم فاذا قلنا بين الشيئين بينونة عزلة فيفهم منه الاستقلال فيورث التضاد اذ لولاه لم يعزل عن صاحبه فاعتزاله عنه دليل على منعه له وهو دليل على استقلاله فمن لم يجد هذا فليسئل الله ان يصلح وجدانه بخلاف ما اذا قلنا ان بينهما بينونة صفة فانه يدل على اضمحلال احدهما عند الاخر وحكايته عنه ودلالته عليه والبينونة بينهما في الصفتية والموصوفية والشيئية واللاشيئية والاستقلال والاضمحلال لكنها صفة له دالة عليه حاكية عنه مستندة اليه حاضرة لديه مفتقرة اليه فافهم هذا البيان المردد بالفهم المسدد فاذا فهمته وتحققت ما بينا لك سابقا عرفت ان هذا نسبة الخلق الى الحق سبحانه وان الممكنات كائنة ما كانت كلها صفات الحق وجهات تعريفه لهم بهم وهم عدم صرف ولا شيء بحت وممتنع محض عند الذات وفي رتبة الاستقلال لكنها دالة عليه سبحانه باكمل الدلالة واوضحها واعمها واشملها بل لا تجد شيئا الا وتجد برهانا قاطعا على توحيده وبدرا لامعا لتحميده وتمجيده قد ضجت اليه اللغات وخشعت له الاصوات ودل كل شيء عليه دلالة واضحة شافية كاملة سبحان من خلق الخلق على هيكل توحيده ومثال تمجيده وتفريده وان من شيء الا يسبح بحمده او لم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون فهذا هو المراد من قوله عليه السلام بينونة صفة لا بينونة عزلة

الاشراق الثالث - قد طغى بعض الاوهام واعوج اكثر الافهام في معنى هذا الحديث ومثله كالاول فاولوه بغير المراد وعدلوا عن الرشاد والسداد واتبعوا متشابهات المقال في اغلب الاحوال فضلوا واضلوا كثيرا وصدوا عن سواء الصراط وزعموا ان مراد الامام عليه السلام ببينونة العزلة نفي المغايرة الحقيقية الواقعية واثبات الوحدة الكاملة وان التباين بالصفات الامكانية والحدود الخلقية والمقامات الرسمية والا فالحقيقة واحدة والاوصاف متباينة لتطورها بالاطوار المختلفة وتشانها بالشئون المتضادة المتقابلة كالواحد في الاعداد وكالبحر في الامواج فعند الحدود امكان وعند السلوب ازل فهو هي ومنه استظهروا للقول بان بسيط الحقيقة كل الاشياء على احد الوجوه واليه اولوا ايضا قوله عليه السلام داخل في الاشياء الخ وقوله تعالى وكان الله بكل شيء محيطا وقوله عليه السلام لنا مع الله حالات هو فيها نحن ونحن فيها هو وقوله عليه السلام تعرفت الى في كل شيء فرايتك ظاهرا في كل شيء وقوله عليه السلام ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك اه وامثالها من الاخبار المتشابهة الواردة لاستنطاق صامت الامكان واظهار غيب الاكوان للتيسير الى ما خلقوا له ليميز الله الخبيث من الطيب فاتبعوا ما تشابه منه ابتغاء الفتنة اذ لو صح ما ذكروا لكان التوحيد عن ال محمد سلام الله عليهم مرتفعا ولكان معبودهم ناقصا لاستلزام ذلك الاقتران ودخول شيء في شيء المنفي عنه اذ لا اختصاص له بالمظروف بل ما هو اعم واستجنان الصلوح والذكر الذي هو الامكان الذي هو الاعيان الثابتة عندهم والتركيب وصلوح طريان النقص وائمتنا عليهم السلام اعلى شانا من ذلك كيف لا وهم عين التوحيد ومنبع التفريد اذن لا يصح قولهم ان الانبياء من شعاع انوارنا الا ان تقول يعني نحن التعين الاول وهم تعيننا لكنه يكذبك الشعاع لانه ليس تعين السراج بل هو اثره الا ان تحمله على المجاز ولا داعي الى ذلك مع شهادة صحيح الاعتبار على نفيه فحمل المتشابهات على المحكمات متعين وبطلان عكسه بين فالمراد بالاحاطة الاحاطة الازلية الظاهرة بالاحاطة القيومية بل محيط بها بما لا يتناهى وهو نحن في مقام الحديدة المحماة ومقام من احبكم فقد احب الله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وتعرفه في كل شيء ما سبق من القاء مثاله في هوية كل شيء وكون البينونة بينونة صفة لا بينونة عزلة والكلام في الظهور ما عرفت قريبا فلا نعيد

الاشراق الرابع - ان الله سبحانه لا يوافقه شيء ولا يخالفه شيء ولا يضاده شيء ولا يدانيه شيء ولا يساويه شيء ولا يناسبه شيء ولا يباينه شيء ولا هو من شيء ولا منه شيء ولا يتصل بشيء ولا ينفصل منه شيء ولا يفارق شيئا ولا يقارن بشيء ولا هو كشيء ولا على شيء ولا الى شيء ولا في شيء ولا بشيء ولا من شيء ولا عن شيء ولا لشيء ولا مع شيء ولا عند شيء ولا يقارنه قد ولا يدانيه اذ ولا يقال له مذ انقطع دونه متى وفني اين واني كان الله ولم يكن معه شيء والان على ما عليه كان قد سبق كل شيء فلا يوصف به فانتفى النفي والاثبات ولا يبقى سوى الحق الثابت البحت البات فهناك مجمع النقيضين اما الاول فلمكان التعدد والكثرة في المتوافقين في جهة التوافق والتخالف اذ بدون الثاني ترفع الاثنينية واما الثاني فلما مر واما الثالث فلوجود الاثر وللزوم الكثرة والمشابهة ولانه ان كان قديما يتعدد القدماء وان كان ممكنا لم يصح ايجاده ابدا وان كان ممتنعا لم يكن ضدا لانه شيء والممتنع ممتنع واما الرابع فلان المداناة تبطل العلية والمعلولية واما الخامس فلما ذكرنا ولزوم تعدد القدماء واما السادس فلان النسبة تستدعي ذكر المنسوب في المنسوب اليه واما السابع فلانها من النسب وتستلزم المضادة وترتفع حكم العلية والمعلولية واما الثامن فلانه حكم التوحيد ويستلزم اصلا قويا اقوى واما التاسع فلانه حكم العلة المادية واما العاشر فلاستدعائه المناسبة في الملتقى ويلزم حدوث القديم والعكس واما الحادي عشر فللزوم الاعتزال ونقل القول في المنفصل فان حدث يدور او يتسلسل وان قدم فان كان هو الله جاء ما قلنا والا فيتعدد القدماء واما الثاني عشر فلاستلزامه ابطال الكون او ان لا يتقوم به شيء واما الثالث‌عشر فلكونه اية الحادث لحصول الافتقار الى اربعة امور واما الرابع ‌عشر فللزوم التركيب وعدم صحة العلية اذ لا يجري على الشيء ما هو اجراه واما الخامس ‌عشر فلوجود النقصان وكذا الكلام في غير ما ذكرنا مما ذكرنا اذ الكل يستلزم النقصان ولا يليق بالله القادر السبحان واما انه لم يكن معه شيء والان على ما عليه كان فلانه ان كان معه شيء في الازل فكان قديما مثله ولا يجري عليه الايجاد وان كان في الحدوث والامكان فليس الله سبحانه الا في الازل فهو وحده يمتنع عنده الممكن كامتناع الشريك بل هذا هو عين الشريك لمن يعقل قال عليه السلام اما الواحد فلم يزل كان واحدا كائنا لا شيء معه بلا حدود ولا اعراض ولا يزال كذلك وقال عليه السلام هل كان ثمة شيء فيكون الله اكبر منه واما قولنا قد سبق كل شيء فلا يوصف به فلان الصفة من مقتضيات الموصوف فان كان هو الذات لزمتها حيث وجودها ولما لم تلحظ فيها جهة كثرة واعتبار فكانت هي عين الذات وعبارة اخرى لها كما ياتي فان كان هو الفعل فيعدم عند عدمه اي في مقام الذات فلا ذكر لها فيها اذ لا تتجاوز عن موصوفها ولا تتعداه فهي عدم ونفي وليس في الذات فاذا صح هذا فلا شك ان الممكن من حيث هو واحواله ومقتضياته وشؤنه واطواره كلها حادث فصح ان لا ذكر لها في الازل ولا اتصاف هناك وان كانت الصفة لا ذكر لها في رتبة الموصوف فاذا بطل الاتصاف بطل كلما في الامكان من نفي او اثبات او وجود او عدم اسم ذات او اسم معنى قول او فعل لفظ او معنى جنس او نوع كل او جزء استقامة او استدارة لطف او غلظ حركة او سكون ذوبان او جمود تساوق وافتراق واتصال وانفصال ووحدة وكثرة ونور وظلمة ووجود وماهية ونسبة وبينونة كلي او جزئي ذاتي او عرضي مجرد او مادي موقت او مطلق فلكي او عنصري طبيعي او تطبعي حرارة او برودة يبوسة او رطوبة علو او دنو مباينة ومناسبة عزلة ومقارنة وغير ذلك من احوال الامكان مما له وعليه وبه ومنه وعنه واليه وله وفيه ومعه وعنده ولديه من النسب والاضافات كلها وتنزه الحق سبحانه عن الاتصاف بها لانه اجراه عليها فلا يجري عليه ما هو اجراه فصح ان كلما في الامكان يمتنع في الازل وكلما في الازل يمتنع في الامكان ودليل الاصل والعكس واحد قال عليه السلام كلما في المخلوق يمتنع في خالقه فالصفات السلبية عند العارف بالله ليس الا ما قلنا من سلب جميع احوال الامكان ولا تنحصر في سبعة كما زعموا ولذا وقعوا فيما وقعوا والسلم

الاشراق الخامس - الاحوال الثابتة في الامكان التي لا تجتمع بعضها مع الاخر فانما هي لقصوره عن ذلك وهو سبب امتناعه ( امتناعها خ ) فيه كذلك وذلك لكثرة جهاتها وتعدد الاعتبارات فيه وعدم اقتداره على السريان في الكل وذلك على اطوار وانحاء ويجمع الكل السافل والعالي اذ الاحوال الغير المجتمعة في السافل مجتمعة في العالي الا ترى الاوقات الزمانية مستحيلة الاجتماع والقرار في الملك وهي مجتمعة في الملكوت على نهج امتناعه والاحوال والصور والهيئات الشخصية مستحيلة الاجتماع في محل واحد في الملكوت وهي مجتمعة في الجبروت والاحوال والمعاني النوعية الكلية غير مجتمعة في الجبروت ومجتمعة كلها في اللاهوت عالم الحقائق والمواد وهيولي الهيولات وهذا هو السر فيما ذكروا ان الكثرة الشخصية لا تنافي الوحدة النوعية وكثرتها وحدة الشخصية الجنسية مع التناقض العظيم بين الوحدة والكثرة وكذا الاحوال المستحيلة في الاكوان والاعيان وهي مجتمعة في الامكان والعلم والفيض الاقدس فعلمنا ان ذلك مداره النقص والغلظة والكثافة والسفل وذلك مداره اللطف والكمال والعلو ولذا ترى الامكان الراجح لعلوه وشرافته ولطفه وكماله يجمع المختلفات والمتضادات والمتناقضات الاكوانية وعلى هذا القياس ما ذكرنا من المراتب حسب حظها في الرفعة والشرافة من عالم اللاهوت والجبروت والملكوت مع اختلافها ايضا حسب الشرف في ذلك فكلما جاز في شيء ولم يجتمع معه فهو دليل النقص فالكمال هو ان يكون كلما جاز بكل طور وعلى اي وجه في الشيء حضر لديه مجتمعا بحيث لا يفقده وان كان بعض تلك الاحوال متنافية ومتناقضة عند السافل والا فهو ناقص فلا يمنع السافل اذا صح اثباته للعالي عن اثباته له لاجتماع النقيضين او الضدين لما قلنا فاذا صح ذلك فاذا ثبت صحة استناد كمال لله سبحانه وورد به الشرع اولم تجد فيه شيئا الا عدم ادراكك له وتناقضه عندك فاثبته لله سبحانه وتعالى اذ كلما يجوز له يجب ولا يصح فرض الكثرة فيه سبحانه فقل به في حال واحد ولا تخف التناقض اذ ما اقل وسعك ومقامك في الازل فلا يلزم فيما اذا تناقض عندك في الامكان فهو متناقض عند الله في الازل فقد ساوى الازل والامكان حينئذ كما انك لست بمتساو في مراتبك في الاجتماع والافتراق بل يجب ان يجتمع في العالي ما تفرق في السافل على الشروط الا ترى انك لا يمكنك ان ترى وجود زيد حال عدمه وبالعكس ولا يمكنك تصور ذلك لكنه لا يتفاوت الحال عند الله سبحانه فانه يرى وجودك حين ما يرى عدمك بلا تفاوت ولا يقال ان النقيضين هو الوجود والعدم لا الرؤية لانا نقول بلى ولكن الرؤية ايضا عندك كذلك ويصح عند الله سبحانه واما الوجود والعدم فهما راجعان الى الممكن فلا يصح فيه واما في الله سبحانه فلا يتطرق العدم فيه بخلاف القرب والبعد والخفاء والظهور والدنو والعلو والاولية والاخرية وامثالها مما هو يثبت له تعالى فصح اجتماع النقيضين في الازل فيما يصح اثباته له سبحانه لا مطلقا لتثبت له صفات النقصان والناقصين فافهم فان ما ذكرنا من دليل الحكمة وهو حظ اولي الافئدة فان اردت الجدال فاعلم ان العلم نقطة كثرها الجهال

ازالة وهم : لا تغتر بما ذكرنا فتثبت ما لا يليق بجلال قدسه فانك لا يجوز لك ذلك الا اذا اخبرت بذلك او لم تجد لك مناصا عن ذلك لاستلزام غيره النقص والعجز او الفقدان فصح الامر وحصحص الحق والحمد لله الملك المنان الديان

اللمعة العاشرة - في انه تعالى احدى الذات احدى المعنى وانه بسيط الحقيقة لا تركيب فيه سبحانه بوجه لا حسا ولا خيالا ولا وهما ولا عقلا ولا كشفا ابدا وانه لا شيء معه وبطلان القول بان بسيط الحقيقة كل الاشياء قال الله سبحانه قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ولها اشراقات :

الاشراق الاول - سلب الشيء عن الاخر يدل على صحة الاثبات ولو فرضا واعتبارا بجهة من الجهات اذ السلب انما يجري على الاثبات لانه ظله وعكسه وضده فيتفرع عليه في كل الحالات لانه اتيان صورة المخالف خلقه الله سبحانه اتماما لقابلية الاثبات فمتمم القابلية انما هو مؤخر عن المقبول بكل الاعتبارات ولا ريب انه لولا السلب لم يكن للاثبات ثبات فعرفنا الاثبات بالسلب كما تحقق السلب بالاثبات فان تعجب من قولنا بانه كيف يكون للسلب ثبات مع انه عدم ولا يتعلق به جعل بارئ السموات فلا تعجب بل اعجب منكم حيث تقولون ما لا تعلمون وكاين من اية تمرون عليها وانتم عنها معرضون وتقولون انا سلبنا هذا الشيء عن الاخر او نفينا عنه انا اسلبه عنه وانفيه والمعنى الفلاني ينفى المعنى الاخر وهذا لا شك فيه فيكون السلب اثر فعلكم لكونه المبدء في سلب والمصدر اثر الفعل ومفعوله المطلق وكل اثر يشابه صفة مؤثره فان سلبت وجودك فاثبتت حكم السلب بزعمك والا فاثر فعلك موجود الا انه ضد للاثر الاخر وكلاهما وجوديان الم تسمع قول مولينا الصادق عليه السلام في النفي انه شيء اسئلك هل الاثبات شيء ام لا فان قلت لا جاء السلب وان قلت نعم فاين ضده وظله وكل شيء لا بد له من ذلك ولا يمكنك انكار ذلك لقيام الادلة الثلثة من الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن على ذلك والضد لو لم يكن وجوديا لم يكن ضدا واسئلك ايضا انك هل تعلم النفي والسلب وتدركهما ام لا والثاني باطل لاثبات الاحكام لهما واثباتهما والحكم من حيث لا يشعر قبيح نعم والاول فالعلم امر وجودي فان كان عين المعلوم فهو والا فهو في احدى خزائنك فيجب ان يكون المعلوم خارجا عنه ليصح حكم الانتزاع فيكون اثبت في الوجود فان قلت الضدان لو لم يكن متغايرا ( لو لم يتغايرا خ‌ل ) لم يكونا كذلك فالنفي لو كان شيئا لم يكن ضدا للاثبات الذي هو مساوقه بل هو هو قلت الضد هنا بمعنى الظل وهو العكس كالماهية للوجود وفي العكس يشترط بقاء الكيف والعدم الصرف والممتنع واللاشيء المحض لم تصلح للضدية ولا الظلية ولا ان تجري الاحكام عليها ولا ان يتفوه بها كما سبق فثبت ان النفي ظل للاثبات وضده ومتفرع عليه وجزء لتقومه ومتمم لقابليته فلا ينفك عنه ويكون بعده عنده فلا سلب الا بعد اثبات ولا اثبات في الامكان الا بصحة السلب لتصحيح المجازية واللاتاصلية وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى وما تشاؤن الا ان يشاء الله ٔانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون ءانتم انشاتم شجرتها ام نحن المنشئون ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون فاذا تتبعت الوجود لم تر اثباتا الا ويصح سلبه ولا ترى سلبا الا وقد سبقه اثبات واما قولهم في السالبة بانتفاع الموضوع فان المراد به العين الخارجي لا الحضور الذهني المنبئ عن الحضور الامكاني فانه لا بد منه وهذا هو سر الاستثناء اذ ال مستثنى منه منفي الحكم في العين قطعا بخلاف التصور

الاشراق الثاني - فاذ قد علمت ان السلب متقوم بالاثبات وهو ظاهر به لا يسلب احدهما عن الاخر فهناك تاصل اصلان احدهما صحة كون المسلوب في رتبة المسلوب عنه والا لم يصح الا مجازا او تسامحا او بيانا لمن تصور الاتحاد فلا يقول العارف بحقيقة الاشعة والسراج بالسلب الا مجازا لبيان من توهمهما كذلك واما الحقيقة فلا يقع السلب لامتناع الاثبات فافهم وثانيهما كون الاثبات مما يجري فيه السلب اي يصح ان يكون من الزوج التركيبي فاذا كان الاثبات هو الثبات البات لذاته بذاته اي حقيقة متاصلة دون المجاز فلا سلب ولا نفي بوجه لعدم كون الاثبات غيريا ونقشا فهوانيا وخطابا شفاهيا لعينية الوجود وذاتية الشهود وهو الاثبات المحض الذي لا نفي فيه فيكون بسيطا من كل الجهات والا لتطرق عليه السلب فلا يمكن فرض ذلك لذاتية الاثبات فالذات هي الاثبات البات والنفي يرجع الى الاعتبارات والا لبطلت الذات او اجتمع النقيضان يعرفه من كان له عينان فبسيط الحقيقة لا يصح السلب فيه بوجه من الوجوه كما بينا والمنكر مكابر او هو جاهل فواجب الوجود سبحانه وتعالى يجب ان يكون هو البسيط في الحقيقة وحده اذ ليس الوجود الا عين ذاته المقدسة فلا عدم هناك فلا سلب ولا تركيب بوجه لا حسا لكونه مع ذلك متنزلا الى ادنى المقامات واخس المراتب ولا وهما ولا خيالا لانه يستلزم الكثرات الامكانية والكونية والجبروتية والملكوتية المستلزمة لسلب كثرة ( لسلوب كثيرة خ‌ل ) المنافية للعينية ولا عقلا لاستلزامه التحديد المعنوي ولما ذكرنا ولا غير ذلك من المشاعر ومختصر القول في الكل بعد الاغماض عن القبايح المفصلة الخاصة ان التركيب يستلزم السلب الممتنع لعينية الوجود فاذا ثبت ان وجود الحق سبحانه لذاته بذاته في ذاته ارتفع السلب لانه لتمام قابلية الاثبات لنقصانه فاذا تنزه عن السلب والنفي والعدم تنزه عن كل جهة وحيثية واعتبار وتقارن وتناسب وتباين واول واخر وظاهر وباطن وامثال ذلك فهو البسيط ولا بسيط سواه ولا ثابت غيره لا اله الا هو فان الغير محدث ولا يثبت الا بانخلاق وانحداث وكل ثبات ( ثابت خ ) لا يثبت الا بالنفي فانحصرت البساطة به تعالى وكل ممكن فهو زوج تركيبي فافهم وقد يطلق البسيط اضافيا على الممكن اعتبارا لقلة الوسايط بينه وبين الفعل وكثرة الجهات النورية وقلة الشرايط والاسباب والمتممات فابسطها ما لا شرائط له سوى ذاته ولا يتقوم الا بذاته بالله سبحانه وبعده الاقرب اليه ثم الاقرب الى نهاية الوجود فاول البسائط هو الفعل ثم الماء ثم الارض الجرز ثم العقل الكلي ثم الروح الكلي ثم النفس الكلية ثم الطبيعة الكلية ثم المادة الكلية مادة المواد واسطقس الاسطقسات ثم الشكل الكلي ثم الجسم الكلي ثم العرش ثم الكرسي ثم الشمس الى اخر المراتب وياتي بيانها انشاء الله تعالى وهذه كلها بسائط وكلها مركبات ولا بسيط في الحقيقة الا الله تعالى وتبارك وتقدس فصح ان الله سبحانه احدى الذات واحدى المعنى

الاشراق الثالث - واذ قد اتقنت واحكمت هذين الاصلين في السلب علمت ان الله سبحانه وحده لا شيء معه ابدا وهو على ما هو عليه في عز جلاله قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق ما تفاوت له الاحوال فكلما هو غيره في رتبة الحدوث فهو غيره وهذه العبارة تجوز ومسامحة للتفهيم والتبيين حيث ان العوام يتصورون ذلك بل ليس هناك شيء بمعنى يمتنع غيره عنده ولا يصح الاثبات ولا يستقر فكيف يمكن السلب مع انه متاخر عن الاثبات فكل شيء اذا بلغ رتبة الفعل احترق وعند الذات امتنع امتناعا صرفا كحكم شريك الباري فلا ذكر لشيء هناك لا نفيا ولا اثباتا بحكم الاصل الاول وهو مقتضي البساطة الاولية الازلية الالهية وانت لو راجعت وجدانك ترى ما نقول بديهيا ولا تتوهم من سلب السلب في البسيط المطلق جل وعلا اثبات كل شيء فيه تعالى ربي عن ذلك بل المراد ما القينا عليك من السر المخفي انه ليس هناك اثبات حتى يصح السلب بل الاشياء كلها ممتنعة في ذلك الصقع ليس الا هو لا يلحقه شيء ولا يدانيه شيء ولا يقارنه شيء وكل هذه العبارات لمقامات التعريف والعنوان على جهة التجوز مكنسة لغبار الاوهام والاذهان وايماء الى هذه الدقيقة الشريفة واللطيفة الالهية الذوقية الم تنظر الى قوله تعالى ام تنبئونه بما لا يعلم وقوله عليه السلام ( كان نسخة ٦٢ خ ) ربنا عز وجل عالما والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع وقوله عليه السلام والان على ما عليه كان وهل يكون ثمة شيء فيكون الله اكبر منه وقوله عليه السلام فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع وقوله عليه السلام ما كان الله خلوا من ملكه قبل انشائه تستخرج لالى المراد من اصداف هذه الالفاظ اذا ربطتها ونظرت اليها نظر المتعلم الى العلم ( المعلم خ‌ل ) والا فهيهات واين الثريا من يد المتناول فظهر لك ان كل ما سوى الله مما احاطته الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر عند الله سبحانه ليس بحت وعدم صرف ولا شيء محض وليس لها ذكر هناك حتى يتوجه اليه النفي والاثبات وهو سبحانه وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى وهو على كل شيء محيط فافهم واتقن واضبط والله خليفتي عليك

الاشراق الرابع - واذ قد عرفت ما سطرنا وزبرنا علمت ان بسيط الحقيقة لا ذكر لشيء فيها ولا شيء معها وهي هي لا سواها والنفي منفي عنها والسلب مسلوب لديها كما كان اثبات من سواها عندها لكنه قد زعم بعض الناس ان بسيط الحقيقة كل الاشياء وزعموا انه ذات الحق سبحانه وتعالى للاتفاق بان كل ممكن زوج تركيبي لكن قد عمموا الحكم فقالوا العقل كل الاشياء وقال الاول العقل وما فوقه كل الموجودات وليس فوقه الا الله على زعمهم وقال ما لفظه : اعلم ان الواجب البسيط الحقيقة وكل بسيط الحقيقة فهو بوحدته كل الامور لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا هو احصيها واحاط بها الا ما هو من باب الاعدام والنقايص فانك اذا فرضت بسيطا هو ج وقلت ج ليس ب فحيثية انه ج ان كانت بعينها حيثية انه ليس ب حتى تكون ذاته بذاته مصداقا لهذا السلب فيكون الايجاب والسلب شيئا واحدا ولزم ان يكون من عقل الانسان مثلا ليس بفرس ان يكون نفس عقله الانسان نفس عقله ليس بفرس لكن اللازم باطل فالملزوم كذلك فظهر وتحقق ان موضع الجيمية مغاير لموضع انه ليس ب ولو بحسب الذهن فعلم ان كل موجود سلب عنه امر وجودي فهو ليس بسيط الحقيقة بل ذاته مركبة من جهتين جهة بها هو كذا وجهة هو بها ليس كذا فبعكس النقيض كل بسيط الحقيقة هو كل الاشياء فاحتفظ بهذا اذا كنت من اهله انتهى كلامه وانت لو كان لك بصر حديد وعرفت ما ذكرنا عرفت وجه التهافت في هذا الكلام اذ لو ذكر شيء في البسيط غير ذاته لارتفعت عنه البساطة اذا كان في ذاته وان كان في رتبة امكانه فلا مدخلية للبسيط فيه وان كان هو ذاته فلا دخل للاشياء فيه وكذا الكمال ان كان لغيره فيثبت له فلم يكن بسيطا لمكان ذكر الغير وان كان لذاته فهو هو والاشياء امتناع واما السلب فقد علمت حكمه من انه لا يجري الا بعد الاثبات فحيث لا اثبات لا سلب نعم لو امكن الاشياء في الذات بمذكوريتها فيها يستلزم السلب ما ذكر ولكنه اين الاشياء واين الواجب سبحانه وتعالى والنسبة كما ذكرنا وقوله كل موجود سلب عنه امر وجودي فهو ليس بسيط الحقيقة اه صحيح لكنه قشري بل كلما ذكر فيه السلب مركب مطلقا الا انه وقع فيما فر منه في حكمه بعكس النقيض لانه يكون كل بسيط الحقيقة موجود لا يسلب عنه امر وجودي وهو عين التركيب والتحديد لاختلاف جهة الوجود من حيث هو وجهة عدم سلب الامر الوجودي فاجتمعا في بسيط الحقيقة فاين البساطة وان هي الا بسط وتكثير وكان هذا القائل مافرق بين الاثبات المحض والسلب ولم يضع الاشياء في مواضعها فبطلت حكمته والعجب كل العجب من قوله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الخ هل هذه من الممكنات ام من الازل في الازل او في الامكان فان كان الاول فقد قدمت الاشياء او حدث الازل وان كان الثاني فجاء التركيب وصح السلب وان كان الرابع فلا دخل لها في الذات الا انهم لما قالوا بوحدة الوجود وغرقوا في لجة الجمود والخمود تشبثوا باذيال مثل هذه الامور الواهية والكلمات المموهة لان الغريق يتشبث بكل حشيش فغرقوا من حيث لا يشعرون ويحسبون انهم يحسنون صنعا ولم يدروا ان القول بوحدة الوجود تاسيس اساس التركيب وتهديم بنيان البساطة كما سبق وياتي انشاء الله واما جريان الحكم في العقل فاسوء حالا فانه مركب لكونه ممكنا بعد مراتب عديدة فهناك اربع جعلات واضافات وكثرات واقترانات واختلافات ومتضادات فاين البساطة فلو قيل بالاضافة فلا يتم التقريب اذ الدليل ينبئ عن فقد التركيب ولو بجهة اعتبارية وهناك كثرات حقيقية الا ان ينكروا حدوث العقل كما فعل هذا القائل الا انهم حملوه على الزماني والا فالامكان لا يخلو عن التركيب ابدا وقد دل عليه الادلة جميعا كما نبين لك انشاء الله تعالى

الاشراق الخامس - واحتجوا ايضا بان الواجب كامل مطلق وما يكون كذلك فلا يفقده ( فلا يفقد خ‌ل ) كمالا والا لا يكون اياه هذا خلف ولا شك ان الوجود من حيث هو كمال والنقص انما هو للماهيات والعدميات والوهميات والا فالاشياء من حيث وجوداتها كمال مطلق فوجب ان يكون الله سبحانه جامعا له والا لما كان ما ادعينا فكان كل الاشياء والجواب ان الوجود من حيث هو لا يعم الواجب والممكن ولا نسلم ما ادعيتم من حكم الوحدة السارية بل حقيقة الامكان عدم وممتنع عند حقيقة الوجوب ووجود الممكن عين النقصان والزوال بل يمتنع ان يصل الى الازل ان كان لك عقل وكمال الوجوب لا يتعدد وانما هو شيء واحد فبطل قولهم كل الاشياء واحتجوا ايضا بما يشمل العقل بان المبدء لو كان فاقدا لمراتب الاثار والافعال لم يكن مبدء انظر الى قاعدتهم ان معطي الشيء لا يكون فاقدا له ولما كان العقل هو المبدء و( في خ ) ما تحته من المراتب وهي انما تاصلت به وتحققت بنوره وتشيات باقباله وادباره فكان كل ما عندهم على التفصيل في العقل على الاجمال والجواب ليس كونه كل الاشياء حينئذ من جهة بساطته مع ان تلك القاعدة ممنوعة كما ياتي ( بيانه خ‌ل ) مشروحا مفصلا انشاء الله والقدر المسلم في العلة المادية وما اظنكم تعتقدونها في العقل واما الفاعل المختار فالواجب فيه العلم بالمصنوع والقدرة عليه لا وجوده فيه حتى يلزم ما ذكرتم واثبات هذا المعنى في الواجب سبحانه كفر صريح واما في العقل فلا يضر لا من جهة ما قالوا كما قالوا بل من جهة انه شيء مخلوق بفعله تعالى ومشيته

كل شيء فيه معنى كل شيء فتفطن واصرف الذهن الي

كثرة لا تتناهى عددا قد طوتها وحدة الواحد طي

فاذن لا فرق بين العقل وغيره من المراتب الامكانية حتى الجماد في هذا المعنى واعلم ان الذي ذكرنا من باب الالزام والاحتجاج واما حقيقة الامر في ذلك فسنذكرها انشاء الله تعالى

اللمعة الحادية ‌عشرة - في الصفات والاسماء قال الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وقال امير المؤمنين عليه السلام كمال معرفته توحيده وكمال توحيده نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الازل فمن وصف الله فقد حده فمن حده فقد عده ومن عده فقد ابطل ازله قال له اتقول انه سميع بصير فقال ابو عبد الله هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير الة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي انه سميع بنفسه انه شيء والنفس شيء اخر ولكني اردت عبارة عن نفسي اذ كنت مسؤلا وافهاما لك اذ كنت سائلا فاقول يسمع بكله لا ان كله له بعض لان الكل لنا بعض ولكن اردت افهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في كله الا الى انه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات والمعنى وقال عليه السلام الاسم صفة لموصوف وقال عليه السلام الاسم ما دل على المسمى والفعل ما دل على حركة المسمى والحرف ما دل على ما ليس باسم ولا مسمى ولها اشراقات :

الاشراق الاول - لما كانت البينونة بين الحق وخلقه بينونة صفة لا بينونة عزلة وكانت حقائق الاكوان على هيكل التوحيد جرى حكم الصفات على طبق كينونات الذوات ولما كانت الذات قد ظهرت بتجلياتها في مجالي المكونات والامكانات فرقت بين الذات والصفات فاذا رجعت الاشياء الى مباديها واوائل جواهر عللها لم يبق الا الذات البحت البات وانمحقت بنورها كل الصفات فليس الا هو كمال التوحيد نفي الصفات عنه ومن وصفه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزاه فهناك اصلان واقعيان حقيقيان قد اشرنا اليهما اما الاول فاعلم ان البينونة الصفتية هي حكم المثال الملقى في هويات المحدثات فيحكي عن الحق سبحانه بقدر مقابلتها الوجه الاعظم من التجلي الاول على حسب المقابلة فان وقعت المقابلة على المطابقة حكى على ما هو عليه يا علي ما عرف الله الا انا وانت والا فعلي قدرها على مقتضي قبولها فاضطربت التعبيرات والافهام في ذكر الصفات حتى ان النملة تزعم ان لله زبانيتين فالصفات عبارة عن الاسماء وهي عبارة عن ظهور نور التجلي الواحد في المظاهر والمرايا فالموصوف واحد والصفات مختلفة والاسماء اذا وقعت واستقرت وثبتت فالاسماء للمخلوقين والمعنى هو الله سبحانه وهو واحد وهو معنى سبحان ربك رب العزة عما يصفون والى هذه الدقيقة اشار مولينا الصادق عليه السلام ما معناه وان النملة لتزعم ان لله زبانيتين لما راتهما كمالا لما اتصف بهما واصرح من ذلك ما اشار اليه عليه السلام ان المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل القران من صفات الله جل جلاله فانف عن الله البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القران فتضلوا بعد البيان ه‍ فان القران حكاية عما اقتضته كينونة الانسان من اسرار الايمان وهي البيان في قوله تعالى الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان والقران بيان قولي لذلك البيان الحالي الفعلي فالصفات هي ما دلت عليه الكينونات من تجلي نور الذات على حسب القابليات وما حصل من احكام الاقترانات

تبيين : اذا عرفت نفسك بكونها اثرا عرفت ان لك مؤثرا موجودا حيا وانه عالم بي وقادر على وحكيم حيث اوجدني على صنع محكم وخلق متقن وسميع يسمع نجواي وضجيجي وبصير يرى حالي وفقري وما عملته يدي وفاعل عند فعله حيث اوجدني ومريد لما فعل غير موجب ومشيئ لما اراد ومقدر لما اراد ومقضي لما قدر وممض لما اقتضى ( اقضي خ‌ل ) وكل هذه الامور انما تتوجه الى شيء واحد وهو تجليه لك بك وتنقطع كلها عنده وهو منقطع عند المتجلي وهو قائم بالذات قيام صدور ومنقطع اليها فعادت الكثرات الى الملك والقديم تبارك وتعالى وحده لا شريك لا تكثر فيه ولا تعدد ولا اختلاف ولا ايتلاف فان الهياكل رجعت الى اصولها بل اصلها وهي انما استدارت على نفسها والذات ورائها بما لا يتناهى فيما لا يتناهى فافهم هذا البيان المردد بالفهم المسدد ولا تتوهم اني انكر الصفات الذاتية واجعلها كلها فعلية بل اقول لا كثرة في الذات ولا جهات لها ولا اعتبارات سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا

الاشراق الثاني - رتبة الاحدية هي الذات البحت لا اسم لها ولا رسم ولا اشارة اليها ولا تعبير عنها ولا ذكر فيها ولا تحقق للسوي عندها وليس فيها غيرها وهي هي فالصفات هنا منقطعة والاوصاف غيرها ممتنعة والا لما كانت اياها ( ولا اهتداء اليها لانها مقام العماء خ‌ل ) وهو يستلزم السلب المستلزم للحدث واما رتبة الواحدية فهي محل الاسماء والصفات ومبدء الاضافات والتجليات وهي التعين الاول والظهور والتجلي الاول فهناك تظهر كمالات الذات وتنجلي الاسماء والصفات فان الاسماء هي جهات ظهورات الذات والصفات هياكل الموصوفات فظهر ما للذات من الصفات والكمالات في تلك الرتبة بتلك الرتبة وليس في الذات الا امر واحد فظهر اسم هو مستترا في اسم الله الظاهر به اسم القدوس والسبحان والعالم القادر الحي السميع البصير الخالق الرازق المحيي المميت الى اخر الاسماء فالظهور هو الاسم والظاهر هو المسمى والمعنى هو الذات سبحانه وتعالى ولما كانت الصفات منها ما يسلب عن الذات ومنها ما لا يسلب اختص الثاني بصفات الذات والاول بصفات الافعال ولما كانت بعضها ما لا تعلق لها بشيء ابدا سوى التنزيه وبعضها لها تعلق بحسب المفهوم وبعضها لها اقتران بالخلق سمى الاول بصفات القدس كالقدوس والعزيز والسبحان وسمى الثاني بصفات الاضافة كالعالم والقادر وسمى الثالث بصفات الخلق كالخالق والرازق والمريد والمشيئ فالصفات الذاتية قديمة بمعنى انها هي الذات من غير فرق ولا فرق بين المبدء والمشتق والمنسوب والمنسوب اليه والنسبة وكلها واحد بلا اختلاف فهو علم وعالم وازل وازلي والصفات الاضافية والخلقية مع اقتران الاول حادثة ومن غير اقتران يرجع الاضافة عند الانقطاع الى الازل وبقي الثاني كائنا ما كان في مقام الحدوث

الاشراق الثالث - الاسم انما هو ظهور المسمى والصفة تجلي الموصوف والظهور يختلف لكونه لا يتحقق الا بالمظهر والتعلق وذلك قد يكون مطلقا عاما وقد يكون خاصا وبينهما مراتب في الخصوص والعموم فالظهور المتقوم بالتعلق هو اسم الظاهر به الذي هو اسم الذات وهو علامته وايته ومقام ظهوره وتجليه اذ لا فرق بينه وبين الذات في جهة المعرفة والتفهيم والتعبير الا انه اثره وتلك المتعلقات هي معانيه واركانه متقومة بذلك الظهور قيام صدور وذلك متقوم به قيام تحقق واليه اشار الحجة عليه السلام في الدعاء اللهم اني اسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك ه‍ وهو اسماؤه الحسنى وصفاته العليا امتثالا لامره حيث قال ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها فالمعاني هي اركان ذلك الاسم وما يتقوم به كالالوهية في الله والعلم في العالم والرحمة في الرحمن الى ان قال فجعلتهم اي المعاني معادن لكلماتك اسمك الاعظم واسمائك الحسنى لانها هي الكلمات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر واركانا لتوحيدك ما تعرفت للخلق بالخلق من ظهوراتك وتجلياتك بدليل قوله واياتك في سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم ومقاماتك اي محال ظهورك ومهابط تجلياتك التي هي اسماء ذاتك لا تعطيل لها في كل مكان لانها الوجه فاينما تولوا فثم وجه الله يعرفك بها من عرفك اذ الذات لا تعرف من حيث نفسها الا للمحيط والواصل الى مقامه وانما يعرف بما تعرف ( تعرفت خ‌ل ) من ظهوراتها لا فرق بينك وبينها في المعرفة اذ الصفة دليل الموصوف وايته الا انهم عبادك وخلقك اي تلك المقامات هي ظهوراتك واثارك فاذا صح هذا صح ان الصفات والاسماء انما تنتهي الى المقامات والعبارات والاشارات والعنوانات كلها انما تقع عليها والالفاظ اي الاسماء الملفوظة انما تدل عليها وتشير اليها وهي واحدة والاختلاف انما هو لاجل المتعلقات فاذا ظهر بالالوهية سمى بالله وبالرحمانية بالرحمن وبالعلم بالعالم وبالقدرة بالقادر وبالكرم بالكريم وبالجود بالجواد وبالموهبة بالوهاب وهكذا الى نهاية الصفات الى ما لا نهاية له فالاسم العام بعموم التعلق ( المتعلق خ‌ل ) فيصير سببا لخصوصه والعكس العكس وكل ذلك يدل على تحقق الكمال في الذات بل هي عين الكمال بلا اختلاف ولا تعدد والاختلاف انما هو في الظهورات واما الذات فهي ينبوع الكمالات وبها تاصلت وتحققت فاذا اعتبرت في الذات من غير اعتبار فلا يلاحظ فيها تعدد وتمايز واختلاف فيقال يسمع بما يبصر به ويبصر بما يسمع به ويعلم بما يقدر عليه وبالعكس في كل ذلك ويتساوي الامر اذا قلت ذات او علم او عالم وكذا قدرة وقادر وذات كاملة وهو ما قلنا لك من حكم الاحدية ومعرفة ذلك من حكم الواحدية وهي التي ظهرت مظاهرها في البسملة فتمت الكاف المستديرة على نفسها فلما دارت على نفسها من غير قطب غير ذاتها وانزجر لها العمق الاكبر ظهر اسم الله فهو اسم للذات المستجمع لجميع الكمالات والصفات من القدس والاضافة والخلق المنزه عن صفات النقص فلما ظهرت بالتجلي والاضافة ( الافاضة خ‌ل ) وبسط الجود بيد القدرة ظهر اسم الرحمن فاستوى على العرش فليس شيء اقرب اليه من شيء فاعطى كل ذي حق حقه وساق الى كل مخلوق رزقه فهو اسم للذات المستجمع لجميع الكمالات من الاضافة والخلق وكل الاسماء والصفات انما تحققت وتكونت من هذين التجليين فهي اسماء لهما والثاني اسم لله فمرجع الكل الى الله سبحانه وهو قوله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى فافهم وثبت ثبتك الله بالقول الثابت

الاشراق الرابع - قد عرفت ان الصفات الذاتية هي الذات من غير تفاوت ولا فرق وتعبيرنا بهذه الصفات لئلا يلزم التعطيل ولئلا يفهم اصحاب القال والقيل ان الذات محضة معراة عن الصفات الكمالية قياسا لهم على اصلهم حيث يجردون الذات عن كل ما عداها من الصفات والاضافات وقد غلطوا في قياسهم واصلهم بل لا يمكن تجريد الذات عن الكمالات بوجه وانه محال في المخلوق ففي الخالق بالطريق الاولى لان المخلوق بعد التجريد عن كل الاعتبارات والجهات يبقى بوجوده ( نوره خ‌ل ) الذي خلق منه وهو عين الكمال ومنبع الجلال والجمال لانه اقرب الاشياء الى مبدئه فاشرف كل شريف وكل شرف في الشيء في مقاماته ودرجاته فانما هو بفاضل شرافة ذلك النور فالكمالات التي لك كلها عين ذاتك من غير تعدد وكثرة ( تكثر خ‌ل ) وانما هو عند التعلق في المجالي والاثار فيحصل الاسماء المتعددة وليس في ذاتك الا شيء ( وجه خ ) واحد والتعلقات والمتعلقات والظهورات والمظاهر كلها خارجة عن ذاتك فذاتك ان شئت سميتها علم وان شئت سميتها قدرة او عالم او قادر او ذات او كامل لانها واحد فيها وان اختلفت باختلاف المظاهر فلك ان تنفي الصفة ولك ان تثبتها والمعنى في كلا الحالين واحد وهذا اية الحق سبحانه فيك اراها اياك في نفسك فاذا ما اسخف راى من جعل الصفات زائدة وقائمة بها وقديمة ليكون الله تعالى تاسع تسعة لا ثمانية ولقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلثة وهذا لعمري لا يتصور فان الوجود اذا كان لذاته فلا يكون الا كاملا من جهتها وحيثيتها فلو كان مجردا عنه كان ناقصا لعدم المنزلة فلا يتاتي للناقص التذوت لذاته فان ابيت الا الجمود على الجحود قلت لك ان الكمال الذي به كمل الحق كما تزعمون من انه عالم يعلم وهكذا ان كان غير ( عين خ ) الذات فان تمايزت جاء التركيب المستلزم لعدم الاستقلال والا جاء ما نقول والا كان ناقصا بذاته كاملا بالعرض وان قدم الغير على زعمك لانه لا يدخل في الذات مع ما يلزم من التركيب والتحديد وتعدد القدماء وبطلان عينية الوجود تعالى ربي المعبود عن ذلك علوا كبيرا وكذا من ارجع كل الصفات الذاتية الى السلوب الا بمعنى حظ المخلوق عن ادراكها لا مطلقا فان هؤلاء كالاولين الا انهم ينقصون ( ينقضون نسخة ٢٤ خ ) بعدم اثبات تعدد القدماء لكنهم نفوا كمالاته العرضية كالاولين تعالى عن ذلك ربي وكذا من جعل الصفات الفعلية من حيث المبادي عين الذات ومن حيث التعلق غيرها فان الصفات الذاتية مبدئها ( من حيث المبادي فانها مبدئها خ ) هو الذات كالعالم والقادر بخلاف الفعلية فان المبدء غيرها اذ لا يصح القول بان الارادة هو الله او الكلام كما ياتي انشاء الله وان ارادوا بالمبدء المصدر يعني مرجعها الى العلم والقدرة فمع انه لا يصح ذلك يلزمهم القول بان الحوادث كلها ذات الله من جهة المبدء يعني هو قادر عليها عالم بها ولا يقول به حقيقة الا من كابر عقله بل حسه واما المجاز ففيه اثبات النقصان في الذات من غير حاجة اليه واما الاول فلان صدق المشتق انما يكون بتحقق المبدء وان كان صلوحا وذكرا وقبله لا يصح بوجه بل هو كذب بحت فاذا كان المبدء هو الذات اشتققنا له الاسم للتعبير وهو عين المبدء وان كان هو الفعل المتقوم ظهوره باثره كالقائم فلا دخل للذات فيه وهو اذن اسم الفاعل واين هو من الذات فالاسم الفعلي ان قطعت ارتباطه بالتعلق يخفى ظهوره بل يبقى في مستسر حجب الغيوب بحسب العبارة ولا يصل الى الذات ابدا ابدا فلا معنى لاستناده اليها فالاسم الفعلي قبل التعلق لا يلحق بالذاتي بل ليس شيئا عندها قبله وان ارادوا قبل التعلق قبل الايجاد ليس الا الذات اي العلم والقدرة فالذات ليس لها جهة وجهة وحيث وحيث ولا تتعلق بشيء ولا ترتبط ولا تثبت فهو على ما هو عليه قبل الايجاد وبعد الايجاد ومع الايجاد ولم يتغير بتغير المخلوقين فلا معنى ان الصفات الفعلية من حيث المبدء عين الذات ومن حيث المتعلق غيرها ولعمري ان الشيء لا يوصف بالقدم والحدوث فان ارادوا ان حقيقة واحدة من حيث هي قديم وحادث فغلط وان ارادوا بالاعتبار فنتكلم في الذات المعتورة عليه صفة القدم والحدوث فان كان ليس باحدهما فغلط لانه اجتماع النقيضين اي ارتفاعهما والقول بالجواز كلام اهل المجاز وان كان قديما فان كان هو الله تعالى فطريان الحدوث يجعله محلا له وان كان غيره يلزم مع ذلك تعدد القدماء وان كان حادثا فيستحيل ان يطراه القدم واختلاف الشيء بالحيثية لا يكون الا كما ذكرنا فافهم ولا تغتر بكلام اهل الغرور

تنبيه : الصفات الذاتية هي الذات فلا تتعلق بها الادراك ولا تعرف ولا تكيف ولا يقال كيف وماذا او ( وخ‌ل ) لا ي شيء فلا عبارة عنها ولا اشارة اليها ولا بيان لها ضل دونها تحبير اللغات وانقطعت عندها الالفاظ والاشارات فلا تسئل عن كيفية القدرة ولا العلم ولا السمع ولا البصر اذ من وصف الله فقد حده ومن حده فقد عده ومن عده فقد ابطل ازله ومن قال كيف فقد استوصفه ومن قال فيم فقد ضمنه ومن قال علي‌م فقد حمله ومن قال اين فقد اخلى منه ومن قال ما هو فقد نعته ومن قال الى ‌م فقد غاياه عالم اذ لا معلوم وخالق اذ لا مخلوق ورب اذ لا مربوب وكذلك يوصف ربنا فوق ما يصفه الواصفون فالمتكلم في علمه وساير صفاته خبط خبط عشواء والله ولي التوفيق

الاشراق الخامس - انما علمنا الصفات الذاتية مع انها هي الذات سبحانه وتعالى من جهة الاثار فما وقع علمنا الا على المخلوق لحكم انتهى المخلوق الى مثله كما علمنا الذات بالاثار وفرقنا بينها وبين الفعلية مع اشتراكهما في الكمال بالسلب والاثبات فما صح سلبه دل على مجازيته فكان في صقع غير صقع الحقيقة وما لم يصح فهو الحقيقة ولما بطلت الكثرة فهو هي وهي هو كما ذكر غير مرة وعلمنا عدم صحة السلب بالاستقراء في الوجدان بان سلبه يستلزم النقصان على ما نطق به البيان المستودع في سر الانسان

تذنيب : الاسم هو علامة المسمى وهو ظهور من ظهورات ذاته لغيره بغيره من حيث تعلقه بمظاهره ومتعلقاته المستدعية لكثرة اسمائه وصفاته وهي لا تكون الا الكينونات المتحققة بظهوره والحقائق المستنيرة بتجليه ونوره فالاسم الاعظم هو اول الظهور وما ظهر عنه به فهو اسم الاسم وهكذا الى اخر المراتب والاسماء اللفظية المتقطعة من الحروف الهجائية كلها اسماء الاسماء من الدوال على صفات التنزيه والقدس والدوال على الاضافة والدوال على الخلق والايجاد والتكوين وعلى هذا يسهل عليك معرفة محل النزاع بين القائلين بان الاسم عين المسمى او غيره والنزاع بينهم مشهور واستدلال الطرفين من الفريقين معروف ومسطور وقد استدل على النفي مولينا الصادق عليه السلام استدلالا عجيبا وهو مصرح لمن عرفه بما قلنا فانه عليه السلام قال والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد افهمت يا هشام قال قلت زدني قال لله تسعة وتسعون اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان لكل اسم منها اله ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره ه‍ ولا احد يدعي ان الالفاظ هي الاله نعم قالوا جهات ظهورات الذات وتطوراتها مع التعلقات هي عين الذات كما هو مذهب الاشاعرة فنفاه الامام عليه السلام وابطله بانه لو كان كذلك لكان لكل اسم اله لان القديم يستحيل ان يكون تابعا لان التابع ناقص وهو لا يكون وجوده لذاته فاذا كان كذلك فلا يكون المتبوع متبوعا ولا التابع تابعا فكان الجميع مستقلا مع ان الله وحده لا شريك له لا يشاركه في ذاته وفي صفاته وفي افعاله وفي عبادته احد

اللمعة الثانية ‌عشرة - في علم الله سبحانه وتعالى قال الله تعالى الا انه بكل شيء عليم ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين قال فما بال القرون الاولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى وكل شيء احصيناه في امام مبين تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض قل رب زدني علما ام تنبئونه بما لا يعلم ام بظاهر من القول قال انا اعلم ما لا يعلمه الله قال عليه السلام يعلم الشريك والله لا يعلم ذلك قال مولانا الصادق عليه السلام لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور الحديث قال عليه السلام كان الله ولا شيء غيره ولم يزل عالما بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه قال كتب الى ابي ‌الحسن عليه السلام يسئله عن الله عز وجل كان يعلم الاشياء قبل ان خلق الاشياء وكونها او لم يعلم ذلك حتى خلقها واراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عند ما خلق وما كون عند ما كون فوقع بخطه لم يزل الله عالما بالاشياء قبل ان يخلق الاشياء كعلمه بالاشياء بعد ما خلق الاشياء ه‍ وقال كتبت الى الرجل عليه السلام اسئله ان مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم لم يزل الله عالما قبل فعل الاشياء وقال بعضهم لا نقول لم يزل عالما لان معنى يعلم يفعل فان اثبتنا العلم فقد اثبتنا معه في الازل شيئا فان رايت جعلني الله فداك ان تعلمني من ذلك ما اقف ( به خ‌ل ) عليه ولا اجوزه فكتب بخطه عليه السلام لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره قال قلت لابي جعفر عليه السلام جعلت فداك ان رايت ان تعلمني هل كان الله جل وجهه يعلم قبل ان يخلق الخلق انه وحده فقد اختلف مواليك الى ان قال فكتب ما زال الله عالما تبارك وتعالى ذكره قال في الخطبة وكل عالم فمن بعد جهل تعلم والله لم يجهل ولم يتعلم احاط بالاشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما علمه بها قبل ان يكونها كعلمه بها بعد تكوينها الى ان قال خلق علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكير في علم حادث اصاب ما خلق ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق لكن قضاء مبرم وعلم محكم وامر متقن قال سئلت اباالحسن الرضا عليه السلام ايعلم الله الشيء الذي كان ان لو كان كيف كان يكون او لا يعلم الا ما يكون فقال ان الله تعالى هو العالم بالاشياء قبل كون الاشياء قال عز وجل انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وقال لاهل النار ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون فقد علم عز وجل انه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه وقال للملائكة لما قالت اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للاشياء قديما قبل ان يخلقها تبارك وتعالى وقال عليه السلام لما سئله المامون عن قوله تعالى ليبلوكم ايكم احسن عملا انه عز وجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لانه لم يزل عليما بكل شيء قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ارايت ما كان وما هو كائن الى يوم القيمة اليس كان في علم الله تعالى فقال بلى قبل ان يخلق السموات والارض وقال سئلت اباعبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شيء ما لم يكن في علم الله قال لا بل كان في علمه قبل ان ينشئ السموات والارض وقال سئلت اباعبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالامس قال لا من قال هذا فاخزاه الله قلت ارايت وما هو كائن الى يوم القيمة اليس في علم الله قال بلى قبل ان يخلق الخلق قال سئلت اباعبد الله عليه السلام فقلت لم يزل الله يعلم قال اني يكون يعلم ولا معلوم قال قلت فلم يزل الله يسمع قال اني يكون ذلك ولا مسموع قال قلت فلم يزل الله يبصر قال اني يكون ذلك ولا مبصر ثم قال لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة بصيرة وقال عليه السلام من زعم ان الله عز وجل يبدو له في شيء لم يعلمه امس فابرء منه وقال عليه السلام في تفسير قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب قال لكل امر يريد الله فهو في علمه قبل ان يصنعه وليس شيء يبدو له الا وقد كان في علمه ان الله لا يبدو له من جهل قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل او لم ير الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا قال فقال لا مقدرا ولا مكونا قال وسئلته عن قول الله تعالى هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال كان مقدرا غير مذكور وقال عليه السلام وعلم الله السابق المشية قال عليه السلام فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الارادة الى ان قال والعلم متقدم والمشية ثانية قال عليه السلام اتدري ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول اتدري ما الارادة قال لا قال هي العزيمة على ما يشاء الحديث واجمع المليون على علمه سبحانه والمسلمون على احاطته بكل كلي وجزئي وذاتي وعرضي وحقير وكبير ودقيق وجليل ومجمل ومفصل والفرقة المحقة على ان العلم هو ذاته سبحانه وهو مذهب اهل البيت عليهم السلام قطعا والشاك فيه كالشاك في الضروريات فاذا علمت هذه الاخبار المتخالفة فاعلم ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد والمتعدد من المتعدد والشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها تثمر بالثمرات المختلفة الوانها والمتحدة حقيقتها فاذا ذاقها المؤمن تجد ( يجد خ‌ل ) حلاوة كل منها في كل منها فاستمع لما يتلي عليك من الكلام فانه من اسرار الملك العلام المستنبط من كلمات الائمة (ع) الكرام حفظنا الله واياك من شر الاوهام وزلل الاقلام ودنائة اللئام ويلمع من هذه اللمعة المنيرة اشراقات من الانوار المشرقة من صبح الازل :

الاشراق الاول - اذا صح ان العلم هو الذات تبارك وتعالى فانقطع الكلام وخاب المرام وبطل ما اقترحه بعض الاوهام ان علمه تعالى حصولي او حضوري او فعلي او كشفي او انكشافي فيكون من مقولة الكيف او الفعل او الانفعال او الاضافة تعالى ربي وتقدس عن ذلك فانه تعالى كيف الكيف بلا كيف واوجد الفعل وجعل بين الزوجين مودة ورحمة والف بين قلوبهما وادار الانفعال على الفعل والتاثر بالتاثير وفيكون بكن ولا يجري عليه ما هو اجراه سبق العدم وجوده والاشياء كونه وامتنع غيره عنده فلا يلحقه شيء من احوال الامكان وليس عندك الا الاكوان فاذن بطل اقتضاء المعلوم للعلم الذاتي لانه السابق على الاقتضاء فكان عالما ولا معلوم لانه هو وهويته لا يطلب بهوية غيرها واثبات العلم بوزان اثبات الذات والوجود فكما ان ازلية الوجود عندنا على تاويل نفي العدم كذلك عالميته على تاويل نفي الجهل وهو قوله عليه السلام نور لا ظلمة فيه علم لا جهل له وحيوة لا موت فيها فمهما جعلت علمه سبحانه من باب الاضافة المستدعية للمضاف والمضاف اليه فقد ابطلت ازله او وحدته فاذن لا اضافة ولا مضاف ولا مضاف اليه ونتيجة ذلك انه علم بحت ونور صرف لا تعلق ولا استنارة اذ لا انارة في الكنز المخفي والنور الازلي وشمس الازل اذ الانارة في الصبح وهو صبح الازل فصح انه عالم ولا معلوم وقادر ولا مقدور وسميع ولا مسموع وبصير ولا مبصر كما قال مولينا وسيدنا الصادق الامين عليه السلام ومن قال غير هذا فهو خارج عن زمرة المسلمين بل ولئن لم يكن لنا بد من التعبير فقلنا ان علمه هو عين المعلوم فاتحد العلم والعالم والمعلوم بمعنى واحد من غير اعتبار فرض المغايرة فانقطعت مادة ما بنوا عليه امرهم في اثبات الاعيان لانها ان ذكرت في رتبة الذات جاءت الاقتضاء وهي تستلزم الكثرة وان لم تكن موجودة مكونة لكنها ذكرية صلوحية وهو الامكان ويمتنع من الازل فاشتمل ما ذكرنا ضروري المذهب والاخبار المتواترة المؤل اليها ما يخالفها لو فرض ذلك

الاشراق الثاني - تذوت الشيء بما تقومت به ذاته وتحصلت به وتاصلت عنده فان كان ( كانت خ‌ل ) امورا شتى فتتوقف الكينونة عليها مجتمعة وتعدم بدون جزء منها والا فعلى ذلك الواحد فهو ان كان في رتبة الاحد فليس الا ذاك ولا يدخل في العدد وان كان في رتبة الواحد فالذات متقومة بذلك والكثرات المستجنة الصلوحية الذكرية فالتئمت ماهيته منها فالذوات اما احد او واحد كالوحدة الانبساطية كالهيوليات والاسطقسات ومجامع الصفات او مركب اي واحد شخصي ولا رابع لانه مقتضي الحضرات الخلقية المنبئة عن الفعلية وكلما يذكر مع الشيء بعد تذوته وتاصله وتحققه مطلقا كاللوازم مطلقا والشرايط والاعراض والصفات فهي خارجة زائدة وعلامتها ان لا تذكر مع الذات في رتبتها فكلما يذكر معها فيها فهو هي وخلافه خلافه فيها وان اجتمع معه في مرتبة من مراتبها ومقام من مقاماتها فاذا اثبت صفة في الذات فانما هي الذات او جزء الذات كالناطق في مثل جاء زيد الناطق والتسمية بالصفة انما هي للتعبير والتفهيم والا فليس الا الذات وحدها ولذا قالوا واتفقوا ان علم الشيء بنفسه عين نفسه وهناك اتحد العلم والعالم والمعلوم فكلما في الذات عينها وان عبرته بالف تعبير فاذا صح هذا فالعلم بالغير ليس الا ذكره للعالم اي مذكوريته وتلك المذكورية على انحاء منها مذكورية عينية احاطية عيانية بجميع اطوارها واحوالها واوطارها وشئونها وصفاتها ومراتبها ومقاماتها وبداياتها ونهاياتها وعللها واسبابها وشرايطها واعراضها وكلما لها وهو علم الاحاطة و( او خ ) مشاهدته دون العلل والاسباب وهو علم الاعيان منها مذكورية جبروتية معنوية غيبية منها مذكورية صورية ملكوتية ظلية شبحية منها مذكورية ملكية صورية جسمية وما بينها من المراتب اذ الغير لا يخلو عن ذلك والعالم لا يخلو عن العلو والسفل والتساوي والمذكورية لا تخلو اما انها في رتبة الذاكر ومقامه او في رتبة المذكور والاول اما بكونه بعينه في رتبة الذاكر او بمثاله وشبحه وايته ودليله والمذكورية اما حال وجود المذكور المعلوم او عدمه والثاني اما بالاضافة او الامتناع الصرف او مطلقا فلا يتصور قسم اخر بوجه ابدا فان كان حال وجوده في رتبة الذاكر بعينه في احدى المراتب جاء المحال البديهي الاستحالة اما في الخالق الواجب فيكون كل ممكن ومكون باجماله وتفصيله وكماله ونقصانه وخيره وشره هو عين الواجب سبحانه سبحانه سبحانه ولا يقول به احد حتى من قال بان بسيط الحقيقة كل الاشياء والاعراض عن بيان قبحه اولى واما في المخلوق فاظهر وان كان حال وجوده بشبحه في رتبة الذاكر ففي المخلوق الغير المحيط ممكن بل متحقق من سعته من النقصان واما في الواجب سبحانه وتعالى فممتنع لاستلزام عدم الاحاطة لكون الانتزاع الشبحي لا يصار اليه الا بعد العجز عن الاحاطة العينية قطعا مع ما يلزم من الكثرات الغير المتناهية على الاوضاع المختلفة فيبطل الوجوب مع ما يلزم على فرض حدوثها مع ( من خ ) كونه تعالى محلا ومتاثرا منفعلا وعلى فرض قدمه من تعدد القدماء والالهة الغير المتناهية مع ذلك كله وان كان حال عدمه بالاضافة في رتبة الذاكر فممتنع في الواجب ايضا لان الامور الاضافية وجودية كما برهنا سابقا فيلزم ما لزم من الثاني من الترديد وان كان حال عدمه مطلقا فممتنع مطلقا اذ المذكورية صفة وجودية موصوفها يجب ان يكون اقوى واشد والنسبة بينهما نسبة السبعين والمعدوم الصرف لا يصلح لذلك بل الامر بالعكس وان كان العكس ايضا لا يمكن فرضه ولان العلم ان لم يطابق المعلوم لم يكن كذلك وعدم المطابقة بين الوجود والعدم المحض مما قضت الضرورة به وقد قال تعالى ام تنبئونه بما لا يعلم والقول باجتماع النقيضين وصحتهما في حق الحق سبحانه لا يتوجه هناك لان المعلوم المذكور غيره من الامكان فلا يجري فيه كما سبق ولانه لو كان مذكورا حال عدمه في رتبة الذاكر فلا يخلو اما ان يذكر فيها من حيث عدميته او وجوده فالاول لا يخرج عن القسمين اما بالعين او بالظل والثاني يستلزم خلاف المفروض لاستدعاء الظل ذي الظل وعلى الاول يكون العدم عين حقيقة الوجود الصرف وذلك غير معقول ونقص محض ولا مكان للعدم المحض لانه الحد ولا تمايز في الاعدام ولعمري ان اجراء الاحكام الوجودية على العدم المحض مما لا يرتكبه الجاهل فضلا عن العاقل فضلا عن الفاضل فضلا عن الحكيم فضلا عن العارف وهو ظاهر وليس هذا بجهل لانه انما يكون اذا صلح للمعلومية لكونه ضد العلم يجب تحققهما معا في الظهور وتاخر الجهل في الواقع فلو فتحت هذا الباب لزمك ان تثبت العجز لله تعالى العياذ بالله حيث لم تتعلق القدرة بخلق الشريك واجتماع النقيضين وارتفاعهما وما اظنك ترضي به ولا فرق بين العلم والقدرة مع ان وجود العلم لا يستدعي المعلوم ليلزم من عدمه الجهل كالقدرة فهو جل وعلا لم يزل عالما والعلم ذاته ولا معلوم فلما بطلت هذه الشقوق فلم يبق الا الواحد وهو ان تكون مذكورية الغير في رتبة الغير لا في رتبة العالم الذاكر فهو سبحانه عالم وذاكر قبل المذكورين المعلومين

الاشراق الثالث - اذ قد علمت ان وجود الغير يمتنع في رتبة الاخر والا لم يكن اياه بل هو غيره او هو هو والغير ليس بغير وكلاهما خلاف المفروض فلم يثبت الغير الا بعد تاصل غيره وتحققه فكذلك ذكر الغير لا يتحقق الا متاخرا عن ذكر نفسه والا يكون ذكره في ذاته عين ذكر غيره ولا يتصور ذلك الا في السافل للسافل لانه عين ذكر الغير فثبت ان يكون ذكر الغير متاخرا عن ذكر الذات والثاني لا يكون الا فيها والاول يكون فيما بعدها فاذا صح القدم للذات سبحانه وتعالى لم يكن ذكر الغير الا في الحدوث والا فيلزم ما اجمع المسلمون على فساده وذلك لان الممكنات المفروضة الذكر في ذاته سبحانه هل هي مذكورة بذكر ذاته ( بذكر ذاته مع ذكر ذاته خ‌ل ) حين ذكر ذاته بما يذكر ذاته ام متاخرة عنه فعلى الاول يكون ذكر الممكنات عين ذكر الواجب سبحانه لانه يذكر نفسه ويذكر غيره فان كان ذكر غيره هو بعينه ذكر نفسه فلم يكن هو اياه بل غيره ولم يكن غيره اياه بل هو هو بل هو وغيره بل هو وغيره هو بل غيره وهو غيره والنقض بالشمس فانها تذكر الاشعة حين ذكر نفسها باطل جدا الا انها ( لانها خ ) تذكر نفسها قبل اشعتها بسبعين‌الف سنة ثم تذكرها في مراتبها كما لا يخفى على اولي الحجى الا اذا ادعى بان الاشعة عين الشمس ولا يدعيه الا جاهل بالامر اذ لم يتغير الشمس بتغيرها ولو سلم فليس الذاكر حينئذ الا اجمالا وهو مخالف لذكر التفصيل من حيث هو وان ذكر الاجمال في التفصيل والعكس فافهم فبطل القول بان الله يعلم الاشياء ويذكرها بعين ذكر نفسه فيجب بعد ذكر ذاته فان ادعيت انه يذكرها ايضا بذاته اي بعلم ذاته فقد جزاته تعالى وجعلت له حالتين مع انه يستحيل ذلك عقلا في البسيط اذ حين ذكر ذاته بذاته وعدم غيره هل كان متحققا ثابتا ام لا والثاني يبطل القدم والازلية وعلى الاول يقع في رتبة غير رتبة الازل والذات لمكان التخلف والذاتي لا يتخلف عن تاصل الذات الا ما كان من باب اللوازم الذاتية وهي غير الملزوم حقيقة فثبت بالبرهان الذي لا يرده الا جاهل بالامر ان ذكر الغير خارج عن حقيقة ذاته المقدسة وغيره ايضا حيث جعله اية لتوحيده من هياكل التوحيد فاذا نقول ذكر الغير او ( اي خ ) معلوميته لله سبحانه الخارج عن حقيقة ذاته المقدسة هل هو عارض لذاته ام مستقل بنفسه ام موجود بفعله حين فعله فان اخترت الاول جعلته محلا وهو يستلزم التاثر فان كان الحال حادثا فما اقبحه وان كان قديما فاشد ويلزم ان يكون الحق محاطا لسعة وقته له وتلك ( لتلك نسخة ٦٢ خ ) المعلومات المذكورة وهو الازل وان اخترت الثاني فلا يصح لان المعلوم تابع للعالم في وقوع علمه عليه فان قدم كان ما مر وان حدث لا يكون مستقلا فتعين الثالث وهو ان يكون ذلك الذكر الثاني بفعل منه فكان ذكره تعالى للحادث بعين وجوده فيكون العلم الثاني هو عين المعلوم اذ العلم لو لم يكن مطابقا وواقعا على المعلوم لم يكن علما فاذا صحت المطابقة لزم مضافا على ما قلنا ان يكون الذات تعالى وتقدس محدودا بحدود الخلايق ومتغيرا بتغيراتهم فان اختلج ببالك ان حكم الازل وراء حكم الامكان والمطابقة شرط في الامكان فينفي عن الازل قلت لك ان حكم الازل على الامكان بحكم الامكان وما اقتضته كينونات الممكنات فلا يحكم عليهم بما استحال عندهم الا اذا ادخلهم في حكم الوجوب واخرجهم عن الامكان الم تتامل في القدرة فانها كالعلم عين ذاته تعالى مع ان المقدور حادث مع انها لم تتعلق بالمحال كما مر فاذن ما بالكم تجوزون المعلوم في حقيقة ذاته تعالى وما تجوزون المقدور مع ان العلم عين القدرة وهي عين العلم فكما امتنع القدرة بالمحال امتنع العلم قال تعالى ام تنبئونه بما لا يعلم والممكنات باسرها ممتنعة في رتبة القديم تعالى شانه فحكمها حكم شريك الباري هناك فالله سبحانه عالم اذ لا معلوم وقادر اذ لا مقدور وسميع اذ لا مسموع وهو الان على ما عليه كان لم يسبق له حال حالا ليكون اولا قبل ان يكون اخرا ويكون ظاهرا بعد ان يكون باطنا فاذا ما اشنع قول من جعل العلم اعم من القدرة بادعائه ان الله يعلم ما لا تتعلق القدرة به مخالفا لصريح قوله تعالى ام تنبئونه بما لا يعلم فان القدرة ان كانت ذاتية فقد اختلفت الذات بالعموم والخصوص وان كانت فعلية فان جردت الذات عنها كفرت وان جعلتها قسمين فليكن العلم ايضا كذلك لان حكم القدرة الذاتية عين حكم العلم الذاتي بلا فرق واذا صح التقسيم فيتساوقان ايضا في الفعلية اذ كل ممكن معلوم فهو مقدور نعم ينقسم الامكان باعتبار اقتضاء الحكمة في اظهاره في عالم الاكوان الى خمسة وهو ليس من جهة عدم عموم القدرة بل لفعل ما ينبغي كما ينبغي فما عم العلم وخصت القدرة فان الذات لم تختلف والظهور حسب المظاهر فاذا خفي لعدم المظاهر لا يحكم بخصوصه وعموم ما وجدت له فافهم فاذا صح عدم تعلق القدرة بشيء صح عدم تعلق العلم والا وقع الاختلاف فيما يجب الايتلاف فان قلت نحن نعلم المحال والعدم المحض والله سبحانه اولى بذلك قلت قال امامك ومولاك كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم ( مردود اليكم خ ) ولكنك تكذب بشهادة ام بظاهر من القول والله سبحانه بريء عنه وتخلق افكا لشهادة وتخلقون افكا وتلحدون في الاسماء وهو لا يناسب القديم الغني بالذات فظهر جليا بعون الله ان ذكر الحق للاشياء انما هو متاخر عن ذكره نفسه كما صرح به الامام عليه السلام فلما وجدت الاشياء وقع العلم منه على المعلوم والوقوع لا يصلح للذاتية والا تاخر من تقدم من حيث تاخره وبالعكس وقوله عليه السلام كما سبق قلت لم يزل الله يعلم قال اني يكون يعلم ولا معلوم الى ان قال لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة بصيرة ه‍ فافهم النفي والاثبات ان كان لك في العلم ثبات فليس غير الله الا خلقه واسمه وصفته فهو عالم ولا معلوم ولا تقل ان الصدق حينئذ مجازي وهو يصح السلب عنه لانا نقول بل العلم الاضافي الثاني مجاز بالاضافة الى الاول وان كان حقيقة بالاضافة الى ذاته اذ الارتباط متاخر والاستحقاق حاصل للمتقدم والحكم من الحكيم على المستحق اولا فافهم وعلى ما ذكرنا صريح الاخبار المتقدمة في هذا الشان تدركه ان كنت من سنخ الانسان بقي الكلام في كيفية تعلق علمه سبحانه بالاشياء قبل الايجاد وبعد الايجاد وبيان ان الايجاد بعلم واختيار لا بايجاب واضطرار كما يتوهم من ليس له اعتبار لكونه من اهل الاعتبار لكن معرفة ذلك من اصعب ما يرد على العلماء الابرار اذ كم زلت فيه الانظار وكم حاموا حول الاغيار وكم مزجوا الصفو بالاكدار ولانه لا يدرك الا بالحكمة وهم طلبوا بالمجادلة فظهر لهم ما طلبوا بمقتضي ما اتوا به من الشرايط لانه المعطي للسؤال امن يجيب المضطر اذا دعاه

الاشراق الرابع - قال شيخنا واستادنا اطال الله بقاه وجعلني فداه لما سئل عن قوله صلى الله عليه واله اللهم زدني فيك تحيرا :

ولي في مثل هذا المقام كلام في بيان هياكل التوحيد واثر تعلق العلم بالمعلوم اذا استخرجت الكنز منه عرفت ان ما طلبه صلى الله عليه واله لا غاية له بل هو وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى وان الامكان المطلوب الذي هو ظل الكينونة التي هي علمه بخلقه هو منشا الحيرة المطلوبة فابذل جهدك في فهمه لتحظي بمكنون علمه فان العاثر عليه اعز من الكبريت الاحمر ولا تعد عيناك عنه فليس وراء عبادان قرية وهو:

بسم الله الرحمن الرحيم - قال العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين في بيان ما يمكن العبارة عنه في ( من خ ) صفة تعلق علم الله بالمعلومات من حيث هي معلومات اذ بدون تلك الحيثية لا سبيل للممكن اليه وتلك الصفة صفة رسم لا صفة قدم فان القدم يتعالى عن الحدوث بكل اعتبار والعبارات تعبير وتفهيم وان كان ذلك النظر بعين منه فان ذلك النظر وتلك العين من المعاني وهي فينا من المعاني السفلى وهي من المعاني العليا كالشعاع من المنير وتلك العليا هي التعين الاول وهو اول مظاهر للذات فافهم فاقول اعلم ان الله سبحانه علم المعلومات بعلمه الذي هو ذاته اذ لا شيء غيره بما يمكن في ذواتها وما يمتنع في رتبة الامكان وهو اذ ذاك عالم اذ لا معلوم وعلمه بها هي كينونة الذات على ما هي عليه مما له لذاته بلا اختلاف ولا تكثر وهو الربوبية اذ لا مربوب فاقتضت ذواتها بما هي مذكورة ( به خ ) في كل رتبة من مراتب الوجود والجواز من الازل الى الحدث الى الابد الذي هو ذلك الازل ما يمكن لها ويمتنع في الامكان في كل رتبة بحسبها من صفة الكينونة التي هي ربوبية تلك الاقتضاءات وتلك الصفة هي نور الكينونة وظلها وتلك الاقتضاءات هي سؤال المعلومات ما لها من تلك الصفة فحكم لها ثانيا حين سئلها بسؤالها بما سئلته في كل رتبة بما لها فيها وهذا الحكم هو تلك الصفة التي هي ظل الكينونة وهو الربوبية اذ مربوب وبها قام كل مربوب في كل رتبة بحسبها وتلك المعلومات بكل اعتبار لا شيء الا انها لا شيء في الازل بمعنى الامتناع الا بما هي شيء والحدوث بمعنى الامكان في الامكان واما في الامكان فهي ( فهو خ ) شيء بما شاء كما شاء يعني انها شيء بذلك الحكم وهو ظل الكينونة فاعطاها بحكمه ومشيته ما سئلته من الوجود وامكن فيها ما اقتضته من الامكان وان لم‌ تقتضه في الوجود فما لم تقتض وجوده في الوجود يقتضي وجوده في الامكان وهاتان الرتبتان اقتضاء ما يمكن لها من تلك الصفة المذكورة لانه اذا شاء اقتضت ما في الوجود في الامكان وما في الامكان في الوجود لان ذلك هو ما لها من تلك الصفة التي هي المشية التي بها الاقتضاء وذلك هو حكم الاقتضاء الربوبي فلم‌ تقتض الا ما شاء لان مشيته هي الربوبية اذ مربوب وهي صفة الربوبية اذ لا مربوب كما مر ولم ‌يشا الا ما اقتضته من مشيته وتلازمهما في التحقق الظهوري وتقدم المشية على الاقتضاء ذاتا كمثل تلازم الفعل والانفعال في التحقق الظهوري كالكسر والانكسار وتقدم الكسر على الانكسار ذاتا وان تساوقا في التحقق الظهوري وتلك الربوبية اذ لا مربوب التي هي الكينونة كما مر هي علمه بمخلوقاته اولا وصفتها التي هي ظل الكينونة وظل الربوبية اذ لا مربوب علمه بمخلوقاته ثانيا قال تعالى اشارة الى المرتبتين ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فما شاء من علمه يحيطون بشيء منه كما شاء فافهم وهذا العلم الذي لا يحيطون بشيء منه اي الكينونة هو من علمه بذاته الذي هو ذاته كيدك منك كما في رواية حمران بن اعين عن ابي ‌جعفر عليه السلام وكما في رواية هشام بن الحكم عن ابي ‌عبد الله عليه السلام وله المثل الاعلى في السموات والارض وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين فتفهم هذا الكلام راشدا موفقا

انتهى كلامه اعلى الله مقامه ورفع الله ( ورفع في الدارين خ‌ل ) اعلامه وهو كلام جامع لكل ما اردنا بيانه في كيفية تعلق العلم بالمعلومات قبل ( خلق خ ) المعلومات باحسن عبارة والطف اشارة وعلى هذا فافهم ما ورد في الاخبار انه تعالى عالم بالاشياء قبل كونها وعلمه بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها وما ورد ان الله لا يبدو له عن جهل فان الايجاد على حسب الارادة الاولية والمحبة فعل المحب والارادة اثر المراد والشهود اثر الغيب فتتحرك النقطة بنفسها بفاعلها الذي هو نفسها بالذات فتمتد الفا فتقطع حروفا فتجتمع كلمة فتظهر منها الدلالة وكل ذلك لا ارتباط للذات بها الا انها اخذت بناصيتها فاين الجهل لكونه متاخرا عن العلم فاذا صح ان ذكر النفس بها يمتنع ان يكون ذكر الغير فتاخر الذكر وقال مولينا الرضا عليه السلام اتدري ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول فاين يذهبون فان كان الذكر الاول في المشية فاين في الذات ذكر للغير والتجوز هنا ليس علمه ( محله خ ) لعدم القرينة وكون العلم مستدعيا والاجماع على تحققه في الذات لا يصلح لذلك للمنع من كونه تعالى اضافة واضافيا والعلم ليس الا هو سبحانه وتعالى وهو لا يستدعي سواه والقول بقدم المشية مما يكذبه العقل والنقل كما سيجيء انشاء الله تعالى مع ما يلزم من الكثرة والقول بانه الكل في وحدته فيعلم كل الاشياء عند علمه بنفسه على ما هو عليه وعلى ما هم عليه كلام قد علمت فساده وبطلانه مع ان هذا كلام شعري سوفسطائي فان ما عليه الحق الغنا والاستقلال والتفرد والوجوب والكمال وما عليه الممكن الفقر والاضمحلال والكثرة والمشاركة والحدوث والنقص هل ترخص نفسك في تجويزها بان العلم باحدهما عين العلم بالاخر مع شرط المطابقة بين العلم والمعلوم فان قلت به فقد اضحكت الثكلي وان قلت لا فقد عددت القدماء وان قلت احدهما في الازل والثاني في الحدوث فقد قلت بالحق وان قلت ذكر الاشياء في الذات بالاجمال لا التفصيل ليلزم ما ذكرت فان قلت ان الاجمال من حيث هو هو عين التفصيل من حيث هو هو من كثرة الاختلاف والتغير والتعدد والتكثر فقد كابرت عقلك بل حسك فلو سلمنا فهل الكثير من حيث هو واحد ام بالعكس كذلك قل ما شئت وان قلت بالفرق بين الاجمال والتفصيل كما هو المشاهد فلزم الجهل على زعمك في خصوصيات تلك الخصوصيات التي في التفصيل وان التزمت بذلك فقد خرجت عن ضرورة الاسلام وكفرت كفر الجاهلية الاولى

الاشراق الخامس - قال رسول الله صلى الله عليه واله جف القلم بما هو كائن اعلم ايدك الله ان جميع احوال السافل حاضرة لدى العالي من ابتداء وجوده الى فناء حدوده من الاول الى الاخر الذي هو ذلك الاول فالتقدم والتاخر في السافل لا يرجع الى العالي فاذا قلت لك زيد قائم فقد سمعت صوتي المخصوص الواقع على طبل اذنك في ساعتك هذه وادخلت صورة معناه في الحس المشترك قبل خلق السموات والارض بالف سنة وتصورته في نفسك اي صدرك قبل خلقهما باربعة ‌الاف سنة او بالفي سنة على اختلاف الروايتين وادركت معناه بعقلك قبل خلقهما بستة‌ الاف سنة او بسبعة‌ الاف سنة وادركت حقيقته بسرك فيما لا يتناهى بما لا يتناهى وذلك لان ظهور العالي شيء واحد فليس حيث اختلفت المظاهر اختلف الظهور فما وقع في زمان ادم مثلا وما يقع عند النفخة عند النفس هو يوم واحد ومشهد واحد فليس عند النفس امس وغد ومستقبل وحال وكذا التقدم والتاخر الذي لها بالاضافة الى عاليها الى ما لا نهاية له فلما كان الحق سبحانه وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى فيما لا يتناهى كانت الاشياء كلها حاضرة لديه وموجودة عنده لا يفقده في ملكه وملكوته وجبروته ولاهوته وامكانه فليس عنده تقدم ولا تاخر ولا اولية ولا اخرية ولا ظهور ولا بطون ولا ارتباط ولا نسبة لا قبل الخلق ولا بعد الخلق ولا مع الخلق والازمنة الثلاثة انما تعتبر بالنسبة الى المخلوقين المربوبين وهو معنى قوله عليه السلام علمه قبل كونه اه وقوله لا كان خلوا من الملك قبل انشائه ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه فان القبلية والبعدية راجعة اليها والينا فان ما سيكون بعد الف سنة لم يكن عندنا الان زمانه لانا لم نصل اليه ونحن سائرون الى الاخرة ولا بد ان نصل اليه احياء وامواتا لانا في سفينة المكان وهي في نهر الزمان فهو يسير بنا ونحن قاعدون اما اشعرت ان امس الماضي كان هو يومنا ويومنا هذا والامس هو غدنا فسار بنا نهر الزمان عن يومنا حتى كان امس الى غدنا حتى كان يومنا فالمستقبل عندنا لم يكن وكان عند الله سبحانه في وقته ومكانه وحدوده انهم يرونه بعيدا ونريه قريبا فالمراد من قبل انشائه كالغد عندنا وبذهابه كامس عندنا لا ان المراد انه يذهب اين يذهب ومن دخله كان امنا وليس حيث لم يدخله عادما وليس حيث لم ‌يعدم ازلا فالحق حق على ما هو عليه في القدم والازل لا بمعنى المكان والخلق خلق على ما هو عليه في الحدوث والحق خلو من خلقه وخلقه خلو من الحق سبحانه مع انه مع كل شيء لا يفقده شيء ولا يفقد هو شيئا وليس حيث لم ‌يفقد يوجد في ذاته تعالى ربي وتقدس بل لما ( كما خ‌ل ) قال موسى على نبينا وعليه السلام علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى وقد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ وقال عيسى (ع) تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب اثبت العلم المتعلق من قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول وهو ما شاء ان يحيطوا به في قوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء والعلم الاول هو الشمس المضيئة في قعر بحر القدر لا ينبغي ان يطلع عليه الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه وباء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير ومنه امر نبينا صلى الله عليه واله بالاستزادة في قوله تعالى قل رب زدني علما ومنه حصل له التحير اللهم زدني فيك تحيرا لانه بحر لا ساحل له وبه بدت القدرة بل هو عين القدرة الظاهرة في قوله عليه السلام بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة فشبهوك وهو العلم السابق الذكر الاول للاشياء بل اتيناهم بذكرهم

تذنيب : اعلم ان العلم من حيث هو ليس الا هو لانه نور محض وذات بحت فلا يعتبر معه غيره الا ترى الشمس والسراج فان نورهما ليس الا ذاتهما فلا يستدعي النور من حيث هو مستنيرا ومستضيئا ولا يقتضي اتصالا ولا اقترانا ولا تطابقا ولا توافقا ولا وقوعا ولا اتحادا وهذا ضروري والعلم من حيث تعلقه بالمعلوم اي العلم بالشيء يجب ان يكون مطابقا له وواقعا عليه ومقترنا به ومتحدا معه فلولا الاول يجب ان يعلم كل شيء بكل شيء ولولا الثاني والثالث يجب ان يعلم كل احد كل شيء بنسبة مقامه وان لم يلتفت ولولا الرابع يجب ان يعلم الشيء بكل احواله بالتغيير اذا علم بحال والتوالي كلها باطلة والملازمة ظاهرة وانكار الامرين مكابرة واضحة واحدهما مناقشة فاسدة وانا اريك تعلم ذاتك وحقيقتك التي انت بها انت من غير انت وتعلم المعاني والكليات والرقائق والصور والجزئيات والاشباح والجسمانيات والفلكيات والعنصريات والجواهر والاعراض فاخبرني عن حقيقة علمك بهذه الامور المختلفة هل هو الذي علمت ذاتك به ( او علمت المعاني او الرقائق او الصور او غيرها خ ) او هو عينها علمتها بها ام بشيء غيرها فاختيار الاول يورث المحذور الاول واختيار الثاني يوصلك الى المنزل واختيار الثالث يحتاج الى البيان الكامل وهو اما ان يكون ادراكك اياها او فعلك لها فالاول ما المراد منه اما ان يراد به قبول النفس لارتسام الصورة او نفس الصورة او حضور المعلوم لدي العالم وحصوله عنده او اشراق العالم عليه فان كان الاول فهناك امور ثلثة انفعال وصورة ومقابل خارجي فالعلم اي منها وما نسبته الى المعلوم فان قلت هو الانفعال فلم‌ تطابق ( فلم يتطابق خ‌ل ) لعمومه وهو كلام قشري والحقيقة هي ان الانفعال هي القابلية ولا تكون الا بعد وجود المقبول وهي ليست شيئا الا به وهي جهة الاختلاف والتضاد لا الايتلاف والاتحاد والعلم ليس الا ظهور المعلوم للعالم وهو واحد والاختلاف انما هو لقوابل ذلك الظهور فالانفعال والقابلية هي جهة احتجاب المعلوم عن العالم فلا يكون علما به لانه انكشاف المعلوم وظهوره لا احتجابه ولكن ذلك الظهور والانكشاف لما لم يتم ظهورا الا بالانفعال فاعتبر ذلك في الصورة فلا يكون العلم الا الصورة لا من جهة الانفعال وليس الانفعال الا الصورة من جهة نفسها فاذن ما اسخف ما ( من خ ) ذهب الى الفرق بين الانفعال والصورة وجعل العلم من مقولته وان كان فرق لكن لا من جهة ما نحن بصدده فان الانفعال حجاب وغطاء لا كشف وهو ليس الا الظهور والصورة حاكية لها من غير الاشارة التي نشات من جهة القبول والانفعال كررنا لتفهم المراد فانه طريق الرشاد وان قلت هو الصورة فهل هي المعلوم ام لا فان قلت بلى فهل هو مطلقا ام يخص بالمعلوم الذهني حيث الجاك الدور والتسلسل الى القول به فان قلت بالاول فقد نطقت صدقا وقلت عدلا وحقا وان قلت بالثاني فاذا غاب عنك المقابل فما معلومك ان كان ذلك فما بالك لا تعلمه اذا تغير فاذا ما طابق العلم المعلوم وما اقترن به وبطلانه ضروري كما مر فما بقي الا القول بان الصورة هي المعلومة وهي العلم بها وهي ليست الصورة المتصلة بالمقابل وانما هي المنفصلة التي هي كتابك من اللوح المحفوظ المكتوب المنقوش في رق مكان تلك المقابلة وزمانها وجهتها ورتبتها والتي عندك هي شبح ذلك الشبح ولذا يتغير ويتبدل ما عندك وعند غيرك من ذلك الشبح من جهة القبول مع بقاء الكتاب على حاله وانتزاعكما عنه حيث التفتما مثلا اليه في زمانه ومكانه فمعلومكما هو ما عندكما ولذا تختلفان في العلم بذلك الشبح والواحد لا يختلف واما الصورة المتصلة فلا سبيل لك اليها لانها من مشخصات المقابل وحدوده فلا ينفك عنه ما دام وجوده في الظهور فمعلومك هو شبح الشبح وهو علمك به فاتحد العلم والمعلوم فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم وان قلت هو المقابل فهل هو عندك في الخارج حين وجوده فيه عندك او عندك في الذهن او العقل فان قلت بالاول فقد اتيت بالحق الواقع وان قلت بالثاني فلا يصح قطعا لان صقعه صقع الصورة المجردة عن المادة الجسمانية فلا تقع المواد الجسمانية والصور المقارنة فيه فلولا ذلك لم لم تبصر وتدرك اذا غمضت عينك ولا تحس اذا بطلت احدى حواسك مع ان النفس موجودة بوجود العقل فكلما لم ‌يدخل ( لا يدخل خ ) في الشيء بذاته لا يدخل الواسطة ( بالواسطة خ‌ل ) قطعا ولا ينبغي التشكيك فيه ابدا فافهم وان كان حضور المعلوم لدي العالم وحصوله لديه فان كان المعنى العام فلم ‌يتطابق لعدم المطابقة بين الخاص والعام فلا يتميز علم من علم وهو باطل كما مر وان كان الخاص فلا يكون الا عين ذلك الحاضر وهو حكم الاشراق لدي اهل الاذواق فالحصول هو عين الحضور والعكس والفرق للجهل بالواقع فان حصول الصورة في الذهن ليس الا حضورها لديه فثبت بدليل الحكمة والمجادلة بالتي هي احسن هو ان العلم عين المعلوم ونزيدك بيانا فنقول ان المغايرة على اقسام تغاير التضاد والتناقض وتغاير التباين من التناسب والتجانس والتماثل والتشاكل او تغاير الاثرية والمؤثرية او تغاير التحاوي والتساوق والتضائق والتلازم او الملازمة او الشرط والمشروط او التتمة و( او خ ) التكملة واشباه ذلك ولا يصح كل ذلك في العلم والمعلوم اما الاول والثاني فظاهر واما الثاني فلعدم اولوية احدهما بكونه علما والاخر معلوما لعدم كشف احدهما عن الاخر وكذا الثالث والرابع واما الخامس فيلزم من تاثر المعلوم الجبر في الله سبحانه ومن تاثيره حدوث العلم وكون المعلوم غير معلوم وتكون الرؤس اسفل والارجل اعلى والبواقي كلها تستلزم عدم المطابقة والموافقة المشروطتان في العلم فاين اللازم من الملزوم واين الوجود من الماهية واين المكان من الزمان وكلاهما من الجسم فبطلت المغايرة بجميع انحائها وجاء الاتحاد وهو حكم الله على العباد

اشارة قرانية : قال الله تعالى وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن هو منها في شك ولو اخذ بظاهر الاية لزم تقدم العلم المعلوم الحادث على العلم القديم والقول بتاويلها على المطابقة غير مطابق لان المطابقة ان كانت حادثة جاء ما قلنا او على المطابق غير لائق لان العلم المطابق ان كان نفس العلم السابق جاء ما اردنا وان كان غيره فهو ان كان حادثا فهو معلوم وفيه الكلام وان كان قديما وهو غيره تعددت القدماء على ان المطابق عند القائل مسبوق فهو معلوم فهو نفس العلم ولو كان غيره جرى ما قلنا فافهم فهمك الله وايانا من مكنون العلم

تكميل : فاذ قد علمت ان العلم هو نفس المعلوم فالعلم الازلي هو الذات البحت لم يزل عز وجل والعلم المتعلق الواقع هو نفس الحوادث فله مراتب اعلاها العلم الامكاني في اعلى الخزائن من خزائن الشيء الواحد وبعده العلم العيني وبعده العلم الجوهري وبعده العلم الهوائي وبعده العلم المائي وبعده العلم الناري وبعده العلم الهبائي وبعده العلم الظلي وبعده العلم المادي وبعده العلم الفلكي وبعده العلم العنصري وبعده العلم الترابي وبعده العلم الجمادي وبعده العلم النباتي وبعده العلم الحيواني وبعده العلم الانساني وبعده العلم الجمعي وبعده وقبله العلم الاسمي الوجودي وهكذا غيرها من المراتب كل ذلك دفعة واحدة ليس علمه تعالى باحدها اسبق بالنسبة الى الاخرى لانه استوى على العرش فليس شيء اقرب اليه من الاخر بل هو اقرب الى كل شيء في مكانه وزمانه وجهته ورتبته من نفسه قربا لا يتناهى فاحاط بكل شيء علما لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا يشغله علم شيء عن علم شيء والجزئي والكلي والمجمل والمفصل والذاتي والعرضي كلها عنده سبحانه في العلم سواء اذ عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين فليس في علمه غد ولا امس ولا متى ولا الان وعلمه بالاشياء قبل كونها كعلمه بها بعد كونها لانه لم يفقد خلقه ولم يخل من مكان واحاط بكل شيء علما في مكانه ووقته قبل ان يكون وبعد ان يكون ( كان خ ) وبعد ان يفنى فيوم فنائه عند الله تعالى هو يوم بقائه وهو يوم قبل اصداره فحكم على الاشياء على ما هي عليه كما سئلته وطلبت منه بما سئلهم ان يسئلوه حين سؤالهم وطلبهم واختيارهم حكم التكوين والتشريع قبل ان يخلقهم ويذراهم وهو قوله عليه السلام لكنه حين كفر كان في ارادة الله ان يكفر فافهم هذا السر المكنون والدر المخزون فاعلم منه قوله عليه السلام جف القلم بما هو كائن وسنوضحه فيما بعد انشاء الله تعالى فعلى ما ذكرنا جمعت الاخبار المختلفة كما في اول اللمعة فلنقطع الكلام وان اطلنا لكنه من جهة عظم هذه المسئلة وكثرة الشبهات وزلة كثير من الاقدام وطغيان الاقلام والعلة في ذلك انهم ما مشوا على طريقة اهل الحق عليهم السلام واختاروا على النور والهدى الظلام اعاذنا الله واياكم من شر الاوهام وجعلنا من المقتفين لاثار ائمة الانام فانه خير مصير ومقام

اللمعة الثالثة ‌عشر - في صفات الافعال قال الله تعالى ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله لم ‌يرد الله ان يطهر قلوبهم للتقوى (كذا) وكلم الله موسى تكليما لا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم افمن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا قال مولينا الرضا عليه السلام ان المشية والارادة من صفات الافعال فمن زعم ان الله لم يزل شائيا مريدا فليس بموحد وقال عليه السلام ان الارادة من الخلق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل واما ارادة الله فاحداثه لا غير لانه لا يروي ولا يهم ولا يفكر بل يقول للشيء كن فيكون بلا لفظ ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له وقال عليه السلام ان المشية والارادة والاختراع معناها واحد واسماؤها ثلثة وقال عليه السلام العلم غير الارادة الا ترى انك تقول سافعل كذا انشاء الله ولا تقول سافعل كذا ان علم الله فقولك انشاء الله دليل على انه لم يشا وقال عليه السلام لم يزل الله عالما قادرا ثم اراد ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - اعلم ان الصفة من مقتضيات الموصوف فان كان هو الذات كانت ذاتية وان كان هو الفعل كانت فعلية ودليل الاول عدم المفارقة مع بقاء الذات والثاني مع بقاء الفعل دون الذات ولما اضمحل اعتبار الفعل بالنسبة الى الذات اتصفت الذات بها وبضدها فتقول زيد قائم وقاعد مع ان هذا لا يحمل على الذات قطعا فان الذات من حيث هي قد سبقت القيام والقعود اي القائمية والقاعدية فلا يلحقها اللاحق والا لكان سابقا لما مر ان كل شيء في مقامه فيلزم من ذلك سبق اللاحق ولحوق السابق فلما بطل ذلك فلا شك ان القائم انما صدق عند صدور القيام بفعله فان قلت انه اسم للذات المتصفة بالقيام ليكون مدلوله مركبا كما توهم فهو باطل لاستحالة تركيب الشيء من نفسه ومن اثره او اثر اثره ليصدق على المجموع اسم واحد مع ان الذات على ما هي عليه لا يتغير بتغير الاثار ولا يتقلب بتقلبها بل يمتنع فرض ذلك لكونها في صقع غير صقع الاثر والثاني عدم عند الاول فاين التركيب ومع ذلك كله يستلزم المقارنة وهي تستدعي المناسبة في الملتقى والمشابهة والا لامتنع الاتصال فيكون الاثر من حيث هو ذاتا والعكس فاذا لم يكن الاسم في رتبة الذات ثم حصل في رتبة الفعل فالاسم للفعل ولذا حكم النحاة في المشتقات القائم بها المبدء انها اسم الفاعل وقد قالوا عليهم السلام انها من صفات الافعال كالحديث المتقدم وقد قالوا عليهم السلام ان الاسم صفة لموصوف فكان القائم صفة الفعل واسم الفاعل والفاعل ليس هو الذات للحوقه فاتحدت العبارات لان الفاعل هو ظهور الذات بالفعل وان كان الظهور عين الظاهر فالفاعل هو موصوف كل هذه الصفات ومسمى لتلك الاعتبارات ومدار المتعلقات ووجه الذات الثابت البات واستنادها الى الذات من باب ان الذات قد غيبت الصفات فكان القائم في جاء زيد القائم صفة زيد تابعا له في اعرابه فمرفوعيته بفاضل مرفوعيته ومن شعاعه وهو المقامات والعلامات والايات فانتهت الاثار الى الفاعل وهو انتهى الى نفسه رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وليس الله غاية شيء ابدا وان الى ربك المنتهى لان الغاية موصوفة وكل موصوف مصنوع وصانع الاشياء غير موصوف بحد مسمى لم يتكون فيعرف كينونته بصنع غيره ولم يتناه الى غاية الا كانت غيره لا يذل ( لا يزل خ ) من فهم هذا الحكم ابدا وهو التوحيد الخالص فادعوه وصدقوه وتفهموه وليس بين الخالق والمخلوق شيء والله خالق كل الاشياء لا من شيء كان والله يسمى باسمائه وهو غير اسمائه والاسماء غيره فافهم موفقا فالاثر المفعول يقف على باب المؤثر الفاعل فيدعو الله سبحانه بما جعل لهم من اسمائه من ذلك الباب الهي وقف السائلون ببابك ولاذ الفقراء بجنابك يسبح الله باسمائه جميع خلقه

الاشراق الثاني - كلما يدخله الفاء حصل هناك الصقعان لبداهة عدم تاخر الشيء عن نفسه وكلما هو كينونته للارتباط ولاجل الاخر فليس بذاتي وكلما يثبت وينفي غير حقيقي وكلما يحتاج الى ملاحظة زائدة فغير متاصل ذاتي او اضافي والكل معلوم ومحقق بعلم بديهي ولا يحتاج الى دليل لا اني ولا لمي فالمشية ان كانت هي ما هو المعروف المعقول عند ذوي العقول من انها مبدء المشاء ومدار الايجاد فلا شك في صدق جميع ما ذكرنا من الاصول عليه قال تعالى ولو شاء الله لجمعكم على الهدى ولو شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك مع انه سبحانه ماشاء وقال ايضا اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم وقول الصادق عليه السلام فقولك ان شاء الله دليل على انه لم يشا مع انه قال ( عليه السلام خ ) خلق المشية بنفسها وتقول علم وقدر ثم اراد وبعلمه كانت المشية ولا تقول علم فقدر او فسمع وبصر لعدم الترتيب ( الترتب خ ) بخلاف العلم والقدرة مع الارادة اذ لا يذكر الا بعد ثم او الفاء لفظا او معنا ولا ريب ان الارادة في رتبة الذات مستغن عنها وانما هي عند الايجاد فالذات عند اثرها وتاثيرها تريد وتشاء لا مطلقا ولذا قالوا ان كل حادث مسبوق بالارادة فاثبتوا بذلك قدمها مع انه صريح في حدوثها وكذا الارادة لا تكون الا والمراد معها واي حدوث اعظم من ذلك فانها قد جمع اغلب احوالها ( احواله خ ) من الترتيب والتعقيب والاقتران والانتفاء والاثبات وامثال ذلك والفرق بين المشية والارادة بجعل الاول قديما والثاني حادثا من استخف الاقوال واقبحها واشنعها وقد قال مولينا الرضا عليه السلام المشية والارادة والاختراع معناها واحد واسماءها ثلثة فافهم واتقن فان ارادوا بها العلم بالاصلح فباطل ايضا لما علمت ان العلم بالشيء لا يكون في رتبة الذات سلمنا فهل هي العلم الازلي الذي تثبتونه له تعالى ام غيره فان كان هو فقد نفيتم العلم بغير الاصلح عن الله سبحانه وهو بزعمكم الجهل ولا شك فيه والتفصي بالعدم محال لوجوده في الامكان ومع ذلك كله رجع القول بقدم المشية الى اللفظ وسميتم العلم مشية ولا نزاع في ذلك نعم لنا المؤاخذة في التسمية والسبب الموجب لتكرر اسم العلم مع كون الاسماء توقيفية فان كان العلم هو المطلق والارادة هي العلم بالاصلح وكلاهما عين الذات فقد جعلتم الذات سبحانه عاما وخاصا وهما صفة الحدوث مع لزوم الكثرة وان كان هو العلم المطلق وسميتم ( سميتموه خ‌ل ) الارادة اذا كان بالاصلح فقد سبق الكلام فيه وان كان هو العلم مطلقا فرجع الحكم ايضا الى اللفظ والكلام الكلام فما لكم كيف تحكمون والقول بلزوم الدور والتسلسل لولا قدمها مدفوع لقوله عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها فما احتاج ايجادها الى مشية اخرى كما تقولون في الزمان والوجود والقول بانها صفة فهي ان تقومت بغير موصوفها لم تكن صفة له وان تقومت به يكون الحق محلا للحوادث لو لم تكن قديمة باطل ايضا لتسليم الصفتية وتقومها بموصوفها ولا يلزم ان يكون التقوم بقيام العروض ليلزم ذلك ولا التحقق ليلزم المقارنة وانما هو بقيام الصدور فليس بين المقوم والمتقوم اتصال ولا اقتران ولا افتراق ولا انفصال ولا حلول ولا اتحاد كالكلام للمتكلم مع قيامه بالهواء قيام تحقق وقيام عروض وقيامه بالشخص قيام صدور كالضارب وامثال ذلك مع انه صفة للشخص لا لما يتقوم به بالتحقق او بالعروض فالقول بقدم المشية والارادة قول ما صدر عن ذي لب راجح وزناد في العلم قادح بل اقتصر على العبارات وحجبته عن ادراك الاشارات وقد اجمع اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام على ذلك والمفصل بجعل المشية المنصوص عليها بالحدوث في الاخبار بالمشية الفعلية لا الذاتية من اين عرف ذلك ان كان من الاخبار فكذب محض اذ ليس فيها ما يومئ الى ذلك الا موضوعا وان كان من العقل فهو لا يحيط بذات الحق سبحانه ليعرفها ويخبر عما هي عليه فان كان ادرك ( ادراك خ ) ذلك من جهة الوصف والاثار فهي لا تشهد الا بذاتية العلم والقدرة والحيوة وامثالها مما لا يصح سلبها عنه وتشهد بحدوث الارادة والمشية شهادة قطعية يقينية فالاثر يدل على ارادة المؤثر اياه حين احداثه لا حين لم يكن كما تعرفه العقول وان قيل بان القول بالقدم قول من حيث لا يشعر قلنا ان جاءك خبر من الله سبحانه وتعالى فقل كما في القرب والبعد والظهور والخفاء بجهة واحدة والا فقل ما شئت لانك مجنون وكذا الكلام في الكلام وكلما يتعلق بالغير كالعلم اذ معلوم والقدرة اذ مقدور والسمع اذ مسموع والبصر اذ مبصر الى غير ذلك من الاحوال والصفات فافهم

الاشراق الثالث - الاسم هو الصفة لانه من السمة قال عليه السلام الاسم صفة لموصوف وكمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة الصفة والموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدوث ( بالحدث خ ) الممتنع من الازل الممتنع من الحدث وبيانه ان التسمية لحاجة الدعوة والاسم عند التجلي للغير بالغير والذات هي هي فهناك الاحدية وهنا الواحدية فلو كان الاسم عين الذات لكانت مقترنة لاقتران التجلي مع المتجلي واقتضائه اياه فهما مقترنان فاذا حصل الاقتران حصلت الكثرة فجاء الحدوث فالمسمي المقترن بالاسم حادث والمعنى المتحصل من اللفظ مخلوق والذات الظاهرة في المظاهر والمرايا والقوابل مصنوعة والله سبحانه فوق ذلك كله ولا يصل اليه شيء جله او قله سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره فالمسمى على ضربين مسمى هو عين الاسم وهو المقترن بمعنى انه لا يحكي ولا يدل الا على ما ظهر به فيه وهو كما ترى ومسمى هو الغير المقترن والتسمية تعبيرية والاول وجه للثاني ولما كان الوجه مضمحلا ( وخ ) مستقهرا لدي ذي الوجه يتبادر الاطلاق اليه نفي ذلك بقوله عليه السلام والاسم غير المسمى كما في الحديث المتقدم لان ارادة ذلك كفر ولما كان المستفاد من قوله انتهى المخلوق الى مثله هو ما ذكرنا اشار اليه بقوله اسم الله غير الله وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ماخلا الله فاما ما عبرته الالسن او عملت الايدي فهو مخلوق والله غاية من غاياته والمعنى غير الغاية والغاية ( موصوفة وكل خ ) موصوف مصنوع وصانع الاشياء غير موصوف بحد مسمى لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره ولم يتناه الى غاية الا كانت غيره ولا يذل من فهم هذا الحكم ابدا وهو التوحيد الخالص فادعوه وصدقوه وتفهموه باذن الله فظهر ان المسمى ثلثة والعبارة الحقيقية الظاهرة ان المعنى بالاسم هو الذات وان المسمى هو التاثير والكلمة التامة التي لا يجاوزها بر ولا فاجر والاسم هو الاثر اي الدلالة الناشية من تلك الكلمة المتحصل ( منها خ ) المعاني الكثيرة والعبارة الحقيقي ( الحقيقية خ ) الظاهرة هو ما ذكرنا ان المسمى ثلثة فالمقترن هو عين الاسم والمحكي عنه بالنقش هو المسمى الثاني والمقصود بالتعبير من غير اشارة هو الاول ولا اول ولما كان الثاني هو صرف ظهور الاول بنفسه ولا ترى له جهة انية وهوية اختص باسم الاسم المطلق والثالث مع انه الاسم حقيقة لما ظهرت انيته وبرزت هويته وخفيت مائيته لم يطلق عليه الاسم على جهة الاطلاق والاول لما كان هو الظاهر الذي لا شيء اظهر منه لانه لا شيء ابطن منه وهو المغيب لكل السوي اختص بمسمي الاسم كالقائم اذا اطلق لا يراد به الا ذات زيد مع انه ليس موضوعا لذاك وهذا سر الاثبات والنفي فالمسمي هو الله والاسم هو تجليه وظهوره وهو غير المسمى والموجودات هي المستضيئة بذلك الاسم فقام باسمه ما كان وما يكون الى انتهاء الوجود ولا انتهاء ما عندكم ينفد وما عند الله باق فافهم

الاشراق الرابع - قال الله عز وجل فلله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه لما كانت البينونة هي بينونة صفة لا العزلة وقد علمت ان الصفة هي الاسم كان توجه المعلول الى علته والاثر الى مؤثره بما جعله فيه من ظهوره وتجليه الذي هو اسمه وقد علمت ان التجلي والظهور بنفس المظهر والمتجلي له كما عن امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها فكان توجه الكل اليه تعالى باسمه الذي هو باب فيضه اليه وباب فقره الى الله ومقام غناه وهو صفة الله واسمه ووجهه الذي يتوجه به اليه الاولياء الباقي الذي لا يفنى والدائم الذي لا يبلي فكان الداعي عين المدعو به والواصف حقيقة الصفة والمخاطب نفس الخطاب كما اشار الى الاول مولينا الحجة صاحب‌الزمان عجل الله فرجه اللهم اني اسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك والمعاني هي الصفات القائمة بالغير وولاة الامر هم اولوا الامر المقرون طاعتهم بطاعة الله ورسوله في قوله تعالى اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وما دعوا الله به هي اسماءه الحسنى وامثاله العليا وبكل اسم دعاك به ملك مقرب الدعاء ثم قال عليه السلام فجعلتهم اي ولاة الامر معادن لكلماتك اي محال ومواقع الكلمات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وتلك هي التي انزجر لها العمق الاكبر وخضعت لها السموات والارض وهي فاعلية الحق سبحانه في الاشياء الموصوف لكل الاسماء الواحد المتعدد بالوجوه حسب تعدد المتعلقات في الاداء كما تقول قائم وقاعد واكل وشارب ونائم ويقظان وهذه المعادن هي المعاني كالقيام للقائم والقعود للقاعد والحركة للمتحرك والاكل للاكل واركانا لتوحيدك واياتك التي اراها الله سبحانه ايانا في الافاق وفي انفسهم ويوضحه الاتيان بالسين الاستقبالية في سنريهم اياتنا الاية والجمع للفرق والوصل ( الفصل خ ) في عين الجمع لتكون الكثرة في الوحدة كالنقطة والالف والحروف العاليات المجتمعة في الكلمة الكلية بعين الوحدة كما نبين لك انشاء الله تعالى ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان فاينما تولوا فثم وجه الله ولو ادليتم بحبل الى الارض السابعة السفلى لهبطتم الى الله ولما اثبت ان المعاني هي ولاة الامر الداعين باسمائه جعلهم نفس تلك الاسماء فقال عليه السلام لا فرق بينك وبينها اي المقامات في التعريف والتعرف والمعرفة فمن عرف قائما عرف زيدا الا انهم اي تلك المقامات التي هي الذوات المتاصلة والحقائق المستقلة ذات الذوات والذات في الذوات للذات قال امير المؤمنين عليه السلام نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا اي بمعرفتنا وقد علمت ان الصفة هي الاسم فكان الداعي عين المدعو به فاذا ثبت ذلك في الكلي يثبت ايضا في الجزئي لانه مثاله لا فرق بينه وبينه الا انه تابعه ونوره فمن توجه في عبادته الى ذات الحق سبحانه وتعالى بدون الاسم فقد رجع الى نفسه المجتثة من اراد الله بدء بكم نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان يدعوه بها ومن توجه فيها الى نفس الاسم والوجوه ( الوجه خ ) بايقاعها عليه فقد كفر ولم يعبد شيئا اذ الوجه بدون الاصل والاسم من غير المسمى ليس بشيء ومن توجه فيها الى الاسم والمسمى فقد اشرك وجعل الاسم اصلا هذا خلف ومن توجه فيها الى الله سبحانه وحده بالوجه والاسم الذي امره الله ان يدعوه به فذلك التوحيد الخالص وهو معنى قوله عليه السلام من عبد الله بالتوهم فقد كفر ومن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ومن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك ومن عبد المعنى بايقاع الاسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر امره وعلانيته فاولئك اصحاب امير المؤمنين حقا وهنا كلام اخر يضيق صدري باظهاره ولا يضيق بكتمانه

الاشراق الخامس - اذا قلت اياك نعبد واياك نستعين فاعلم ان الخطاب هو عين المخاطب بالكسر والمخاطب هو ظهور المعبود عز وجل لك بك وذلك الظهور هي جهة توجهك اليك وتجليه لك فان نسيت نفسك وذاتك وغيرك والتفت الى الظاهر بل الحق سبحانه بلا كيف ولا اشارة صح قولك وخطابك فان وجدت لك انية ولاحظت الوجه او الخطاب او المخاطب من حيث هو كذلك فقد بعدت عن ساحل القرب ووقعت في لجة البون والبعد بل الشرك فاذا قطعت الالتفات عن كل ذلك تريه قد دخل المدينة على حين غفلة من اهلها فانت اذن كالحديدة المحماة بالنار فيتجلى لك الحق سبحانه بلسانك فتسمع الكلام من الفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والقدام وهو سماعك اياه من قائله وهو المراد بما ورد ان مولينا الصادق عليه السلام كان يصلي فاذا وصل في القرائة الى قوله اياك نعبد واياك نستعين وقع مغشيا عليه فلما افاق سئل عن ذلك قال عليه السلام لا زلت اكرر هذه الاية حتى سمعت من قائلها صدق والله ابن رسول الله صلى الله عليه واله فان القائل ماظهر له بذاته لامتناعه واستحالته لكونه شان العالي مع السافل او المتساويين وانما ظهوره بقوله وهو التجلي الاعظم ( الذي خ ) تجلي سبحانه بفعله له به فنسي نفسه واندكت جبل انيته فبقي في الوجدان بجهة واحدة فبطل التماسك لانه انما يكون بجهتين فخر مغشيا عليه غيبني اذا بدا اما انه خر لانه ساجد تحت عرش ربه حينئذ وهو حالهم مع الله التي هو فيها هو وهو هو بمعنى الظهور والتجلي الفعلي لانه حينئذ هو هو وهو هو لا كما زعمه بعض اهل الضلال من عين الاتصال لانه كفر وزندقة ومحال وما قيل ان لسان مولينا الصادق عليه السلام ذلك الوقت كان كشجرة الطور قد اخطا في التشبيه ولو عكس الامر لكان له وجه مع ان الامر اعظم من ذلك لان المكلم في الشجرة حكاية عن الحق سبحانه انما كان رجلا من الكروبيين من شيعته عليه السلام من الخلق الاول وذلك الرجل كان يحكي عنه عن الله سبحانه قال عليه السلام انا مكلم موسى في الشجرة قال ابن ابي الحديد عليه مقامع من حديد في هذا المعنى شعرا :

يا ايها النار التي شب السنا منها لموسى والظلام مجلل

يا فلك نوح حيث كل بسيطة بحر يموج وكل بحر جدول

فافهم وثبت فاذا عرفت ذلك عرفت ان المخاطب ليس هو المقصود بالخطاب لانه ليس هو الذات البحت والا لكانت له حالتان فيثبت به الحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث نعم لا تتوجه اليه سبحانه الا بذلك فهو الوصلة والسبب كما اذا قلت يا قائم او يا قاعد يا متكلم فتوجه اليه سبحانه بالاسماء من غير نظر والتفات اليها فلا ترجع الى الله الا بها ولم تزل تقطع التفاتك عنها وهو قوله عليه السلام حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها

تنبيه : اعلم ان الاسماء الالهية كلها مشتقة ومباديها هي الفعل لكونه الاصل في الاشتقاق ولان الاسماء له والقول بجامدية اسم الجلالة سخيف ولا يلزم من ذلك عمومها وعدم افادتها التوحيد اذ الوضع ليس للمفهوم الذهني حتى يعم ولا يشترك المخلوق معه سبحانه في الصفات والاسماء وان كانت فعلية كما اشرنا اليه وقد اشار مولينا الصادق عليه السلام الى هذا وما ذكرنا قبل ذلك على التفصيل فهو اولى بالذكر والقبول وقد سئله هشام الله مما هو مشتق قال عليه السلام الله مشتق من اله والاله يقتضي مالوها والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد افهمت يا هشام قال زدني بيانا قال عليه السلام ان لله تسعة وتسعون اسما فلو كان الاسم عين المسمى لكان لكل اسم منها الها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره يا هشام الخبز اسم للماكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق افهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به اعدائنا والملحدين مع الله جل وعز غيره قلت نعم قال فقال نفعك الله به وثبتك يا هشام قال هشام فوالله ما قهرني احد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا

اللمعة الرابعة ‌عشر - في زيادة القول في الاسماء وتحقيق القول فيها قال الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه قال عليه السلام نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان يدعوه بها وقال عليه السلام اللهم اني اسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم وقال عليه السلام يا واحد يا احد يا قل هو الله احد وقال عليه السلام يا كهيعص ويا حمعسق وقال عليه السلام ان البسملة اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضه وقال عليه السلام ان الاسم الاعظم في ثلثة مواضع من القران في اية الكرسي قوله تعالى الله لا اله الا هو الحي القيوم وفي ال‌عمران في قوله تعالى الم الله لا اله الا هو الحي القيوم وفي طه في قوله تعالى وعنت الوجوه للحي القيوم ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - كلما خرج في عالم الكون والوجود فحكى ( حكي خ ) مبدءه في البروز والشهود بالانحاء المختلفة على اطوار متفاوتة فكل سافل اسم للعالي كما مر وهو على قسمين جزئي ( كل خ ) وكلي ولما كان العالم هو كرة واحدة متساوية الاجزاء في الفقر والاستدارة على القطب كانت لها استدارة واحدة بسيطة على مبدئه ولما كان واقفا على باب فقره الذي هو جهة غناه كان دليلا عليه وواصفا له بما وصف نفسه له فكان الكل اسما واحدا بخلاف ما لو كان واقفا على باب استغنائه الذي هو جهة فقره فانه حينئذ ليس اسما وانما هو عكس وحجاب نعم يدل دلالة التعاكس والتضاد فذلك الاسم الواحد الكلي مشتملة ( مشتمل خ ) على اجزائه كل منها اسم تام وقد اشار سيدنا ومولينا الصادق عليه السلام الى ذلك واجزائه واركانه وحدوده اشارة لطيفة دقيقة قل العاثر عليها والمهتدي اليها وانا اذكره هنا مع قليل من البيان ليظهر لك معنى الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان قال عليه السلام ان الله خلق اسما وهو الكلمة التامة والشجرة الكلية والكرة المحيطة وهي العالم من حيث هو اي ما سوى الله المدلول عليه بعين العلم وبلامه وميمه المتفرد بعلمه الحق سبحانه وهو علمه سبحانه بخلقه على ما هم عليه وهو شيء واحد بسيط بالحروف غير متصوت اذ الحروف بعض من افعاله ( احواله خ ) فلا يجري على الكل ما يجري على الجزء وكذا باللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ لان منه ما لا صبغ له لانه نور محض منفي عنه الاقطار اي الابعاد مبعد عنه الحدود لكونها من لوازم القابليات والمقبول بمعزل عنها محجوب عنه حس كل متوهم وهو اعم المشاعر فالاجسام تنتهي الى الاشباح وهي تنتهي الى الارواح وهي تنتهي الى الانوار وهي تنتهي الى الاسرار وهي تنتهي الى الامكان فلا غاية له ولا نهاية انما هو ابدا دائما سرمدا قائم بمدده تعالى من نفسه فانقطع عنه كل حس حتى نبينا صلى الله عليه واله امر بالاستزادة منها في قل رب زدني علما اللهم زدني فيك تحيرا مستترا غير مستور اذ لشدة ظهوره استتر ولكمال استتاره ظهر فاستتر عن الاوهام لانقطاعها لديه وهو اظهر من كل شيء فجعله كلمة تامة يتم بها الوجود ويتميز الشاهد من المشهود ويظهر بها الحق المعبود على اربعة اجزاء وهي بسم الله الرحمن الرحيم وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والله البديع الباعث الظاهر والعبارة الظاهرة ان اولها هي عالم الوجود المطلق وصبح شمس الازل والحق المخلوق به وعالم الامر والسر المقنع بالسر وفلك الولاية المطلقة والازلية الثانية والكاف المستديرة على نفسها والكينونة الاولية وثانيها عالم الجبروت وحجاب اللاهوت ونور الله في الملك والملكوت وثالثها عالم الملكوت وحجاب الجبروت ورابعها عالم الاجسام محل النقش والارتسام وكل واحد منها حرف لذلك الاسم وتلك الكلمة وتلك الاجزاء انما كانت معا ليس منها واحد قبل الاخر في الظهور وفي الزمان والا فالتقدم والتاخر الذاتي مما لا شك فيه فاظهر منها ثلثة اسماء وهو الله العلي العظيم لفاقة الخلق اليها في مدار معاشهم في الصعود والنزول في التكوين والتشريع ولولا ظهورها لبطل النظام وعدم القوام ولم يكن الايجاد بتام بل لا يتصور بدون المجموع ولا بواحد منها الا اذا ارتفعت القوابل من حيث هي كذلك وحجب واحدا منها وهو الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره وهو الاسم الاعظم الذي تفرد به الحق سبحانه ليس لمخلوق منه ( فيه خ ) نصيب وانما حجبه لعدم احتمال الناس اياه وعدم فاقتهم اليه في عين الاحتياج اليه فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو الله وهو الاسم الاول منها تبارك وهو الثالث وتعالى وهو الثاني وانما اتى بهذه الاسماء ليورث التقديم والتاخير لبيان ما يعرفه العوام كالخصيص ( للخصيص خ ) ان الظاهر في الكل هو الله سبحانه وتعالى اما انه المعنى بالاسم ليكون ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك واما انه المسمى فيكون الثاني والثالث ظهوره ومظاهره وليكون كل ميسر لما خلق له ولبيان ان احدهما هو عين الاخر وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء ( الثلثة خ ) اربعة اركان وهي ما به قوام هذه الاسماء الثلثة من ركن الخلق الموكل به جبرائيل المستمد من الركن الاسفل الايسر من العرش النور الاحمر الذي احمرت منه الحمرة وركن الرزق الموكل به ميكائيل المستمد من الركن الايمن الاعلى من العرش النور الابيض الذي منه البياض ومنه ضوء النهار وركن الحيوة الموكل به اسرافيل المستمد من الركن الاسفل الايمن من العرش النور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة وركن الممات الموكل به عزرائيل المستمد من الركن الايسر الاعلى من العرش النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة فلكل من الملائكة الثلثة اجنحة ثلثة فذلك اثني عشر ركنا ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا اليها لان كل ركن انما خلق في عشر قبضات ودارت كل قبضة منها ثلاثة دورات وكل من كلها بتربية بديع الارضين والسموات فحصل ثلاثون اسما وهي الفعل اي وجوه الفعل المشية المنسوب الى تلك المراتب المتعلق بها فافهم وتلك الاسماء هو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصور الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم العليم الخبير السميع البصير الحكيم العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الاسماء وما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلثماة وستون اسما وذلك بملاحظة ثلاثين في اثني عشر فكان لكل واحد من الاركان الاربعة تسعون اسما فهي نسبة لهذه الاسماء الثلثة اي منسوبة اليها ومستندة اليها ومعتمدة عليها وهذه الاسماء الثلثة اركان بها قوام الخلق والعالم من الموجودات المقيدة فلولاها لفنيت وعدمت ولا قوة الا بالله العلي العظيم وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلثة فظهر بها لما ظهر كما ظهر فان السافل حجاب للعالي وهو غيب فيه لا كالشجرة في النواة فافهم وذلك قوله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وهو مقام الجمع لانهما الاسمين الاعلين الذين اذا افترقا اجتمعا واذا اجتمعا افترقا فاذا قلت النقطة الوجودية والنقطة تحت الباء فالمراد بها ذلك الاسم المحجوب المكنون المخزون وكذا النفس الرحماني الاولى فاذا قلت النقطة والنفس جاء الفرق لكنه في عين الجمع فلاسمي الله والرحمن هيمنة وتسلط على كل الاسامي ما من اسم الا وهو مقهور تحت سلطنتهما وهيمنتها وسنزيدك بيانا انشاء الله تعالى فترقب

الاشراق الثاني - قال الله عز وجل قل هو الله احد فقدم الهوية على الالوهية وقدمها على الاحدية لانه هو اسم الله الاعظم وقيل انه المسمى ولذا لم يعد من الاسماء الحسنى وقد قال امير المؤمنين عليه السلام في يا هو يا من لا هو الا هو انه قال ( له خ ) رسول الله صلى الله عليه واله انه الاسم الاعظم ه‍ لانه متمم للاسماء ومقوم لها وقد ظهر به القاف الجبل المحيط بالدنيا فاتصل الاول بالاخر والظاهر بالباطن فهو الاول والاخر والظاهر والباطن وقد قالت الشمس السلام عليك يا اول ويا اخر بعد ما قال تعالى وهو العلي العظيم وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم فظهر طائفا حول جلال القدرة وقد وجد عند جلال العظمة فهو معنى الله وغيب فيه وهو حجابه كما ان الله غيب في العلي ومعناه وهو حجابه قال الحجة روحنا فداه وعجل الله فرجه وصلى الله على محمد المنتجب وعلى اوصيائه الحجب وقد اشار الى ما ذكرنا مولينا الرضا عليه السلام بقوله الى ان قال ولكنه اختار لنفسه اسماء لغيره يدعوه بها لانه اذا لم يدع باسمه لم يعرف فاول ما اختار لنفسه العلي العظيم لانه اعلى الاشياء كلها فمعناه الله واسمه العلي العظيم هو اول اسمائه علا على كل شيء وبيانه مجملا هو انك اذا جردت اسم الله لم يبق الا هو لانك ان جردت الالف يكون لله الخلق والامر فيظهر مفاد الله منه وهو كونه جامعا لجميع الكمالات ومنزها عن جميع النقايص وظاهرا بالالوهية المطلقة فاذا جردته عن اللام يكون له ما في السموات و ( ما في خ ) الارض فاذا جردت اللام ايضا يكون ه وهو تثبيت الثابت المحض والتوحيد المطلق الذي ظاهره في باطنه وباطنه في ظاهره لشهادة الهاء الصوري على ذلك وهو اول الرتبة الثانية في مقام الفاعلية فيشار بها الى كونها ازلية ثانية وحامل الولاية المطلقة هنالك الولاية لله ولما انه مقام العلم اذ معلوم والسمع اذ مسموع والقدرة اذ مقدور والمحبة اذ محبوب اشبعت الهاء اي اكدت فحصلت من ذلك الواو فهي اشباع الهاء من جنس حركتها فهي تاكيدها فوجد المقدور ( وخ ) المعلوم حين ظهر بل وجد العلم والقدرة لان العلم يقتضي معلوما والقدرة مقدورا وقد علمت ان الاثر ليس الا تاكيد المؤثر كما تقول في ضربت ضربا وقعدت قعودا ام جلوسا فتكون الواو في المقام ناشئة عن الهاء ولذا كانت من اخر العوالم الحرفية بعكس الهاء وكانت ستة لبيان المراتب الاثرية وقوامها بمؤثرها لانها العدد التام وقد تم التكوين في ستة ايام والتشريع في ستة شرايع لتطابق الذات والصفة ولان يتصل اخر الهاء بها لكونه محض الارتباط وقد لحق بالاول لفنائه في بقائه وحيوته في موته والا فهو في الحقيقة متصل بالواو فيكون العدد الكامل الجامع بين اول الفرد اي الثلثة واول الزوج اي الاربعة وهو السبع المثاني الذي اعطي نبينا صلى الله عليه واله لتحقيق علم البيان والمعاني فكان هو هو الاسم الاعظم لكونه المظهر الكلي الاقدم المحيط بكل وجود وعدم بل هو المسمى حقيقة فلما تم اظهر كلمة كن فغاب الواو لانمحاق الاثر عند سلطان المؤثر وظهرت العين بعين ظهور كن ففصلت الاسماء الحسنى الى ما فصلت فتمت فظهر القاف الجبل المحيط بالعالم فاستخرجت الميم ففصلت الحاء كما ان السين فصلت العين فاستنطقت منها حمعسق وقد ورد ان علم علي عليه السلام كله في عسق وقد برهنا سابقا ان العلم هو عين المعلوم وعدوله عليه السلام عن اللقب المشهور الذي لقبه الله سبحانه به الى الاسم الشريف لسر خفي يظهر لك بعد التعمق فيما ذكرنا ونذكره الان بان هو لما تنزل من عالم الوحدة الى الكثرة ومن المسمى الى الاسم ظهر العلي العظيم حاملا للواء الحمد ومستويا على العرش بالمدد ومعطيا كل ذي حق حقه وسائقا الى كل مخلوق رزقه فهو اول الاسماء في مقام الاسماء لانه اعلى كل شيء وعلا على كل شيء وقام به كل شيء وهو قائم بالله القائم بالهوية فلا تعجب ان الثاني هو الاول فهو الاول والاخر والظاهر والباطن وهذا ليس تكريرا لما ذكرنا اولا بل هو تاسيس فالعلي هو اسم لله والله هو اسم لهو وكل عال هو مسمى لسافله فلا يوصف الله سبحانه بهو كما لا يوصف العلي بالله فتقول هو الله العلي العظيم من غير عكس ابدا وهو قوله تعالى وهو الله العلي الكبير فاذن فافهم معنى قوله تعالى واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون وقال امير المؤمنين عليه السلام علمني رسول الله صلى الله عليه واله الف الف باب من العلم يفتح من كل باب الف باب غير ان الناس يقرؤن اية في كتاب الله ولا يعرفونها وهو قوله تعالى واذا وقع القول الاية وهذا سر التقديم في قل هو الله احد قال عليه السلام الهاء اشارة الى تثبيت الثابت والواو اشارة الى الغايب عن درك الحواس ولمس الناس فاشار بابي وامي اشارة لطيفة شريفة دقيقة الى ان هو كرة مجوفة اي الواو كرة والهاء خمسة اربعة منها وهي الكلمة اي الباطن والباطن من حيث هو باطن والظاهر والظاهر من حيث هو ظاهر قطب لتلك الكرة بالخامس ولا محور لها والكرة تنقسم الى ستة كرات متطابقات مقعر كل منها يماس محدب الاخرى ومركز الكل وقطبها واحد في الحركات الذاتية واما العرضية فقد تختلف فتبلغ القسمة الى اقسام كثيرة نشير اليها فيما بعد انشاء الله تعالى واما الهاء فهي وان كانت قطبا الا انها ايضا كرة مركزها الخامس والاربعة قطب وتلك الاربعة كرات متطابقات عاليها قطب لسافلها وقطب الاعلى هو نفسها لانها قد استقرت في ظلها فلا يخرج منها الى غيرها والاربعة هي واحد لا اختلاف بينها والعدة مختلفة فالهاء هي حرف ليلة القدر ولها حكم العماء وتحفظ صورتها عند التربيع والتكعيب وان علمت ( علت خ ) المراتب لانها سر الوحدة السارية في الاكوان والاعيان والامكان وان كثرت وتزايدت وتعاليت وتسافلت فهي ما ورد في الدعاء يا ابا الخمس بحق الخمس واباء الخمس وابناء الخمس فالاول هو النون والثاني لي خمسة اطفي بهم حر الجحيم الحاطمة والثالث هو قوي الهاء لانه ادم الاول من الالف الف والرابع هو كف الحكيم اي يد القدرة الظاهرة في مظاهرها الخمسة لكونها العيون المنفجرة والبروج المزينة بها السماء فاذا اضيف اليها العرش والكرسي اي ظهور موسى بعصاه تمت الكلمة بالحروف النورانية فظهر الوجه فاينما تولوا فثم وجه الله فقام المنادي من اعلى الوادي فوق مقام او ادنى ان هذا صراط على مستقيما فاتبعوه فاجابته القوابل بدواعي الاقتضاءات والسنة الاستعدادات مجتمعة الكلمة متفقة اللغات بان صراط علي جق نمسكه يا بارئ السموات يا داحي المدحوات فافيض عليهم من الفيوضات الوهابية والعطايا الجوادية والايادي الرحمانية عن يمين الخزائن الغيبية فاستقرت واتصلت القابليات بالمقبولات والصور بالهيوليات فقامت بالامر الكاينات فهو الاسم الذي اشرقت به السموات والارضون وصلح به الاولون والاخرون فكانت المراتب الاربعة في الدعاء رتبة واحدة والعيون عينا غير متعددة وهو قوله تعالى رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده فهم من فهم والله ولي التوفيق فكان هو اول الاسماء واخرها وظاهرها وباطنها وسرها ولبها وهو الاول والاخر والظاهر والباطن

الاشراق الثالث - فالله حجاب هو واول ظهوره في الالوهية الظاهرة بالمعبودية فتوجهت اليه العباد في اياك نعبد في مناجاتهم ودعائهم في تذللهم وانكسارهم ولاشيئيتهم فظهر صفات القدس وفي تسميتهم اياه سبحانه باسمائهم ( باسمائه خ ) اللايقة بجلال قدسه مما وصفه لهم بهم فظهرت صفات الاضافة وفي طلبهم العلم المنادي بالعمل والهاتف به بلسان قابلية الاعمال فظهرت صفات الخلق فاستقرت كل هذه الصفات الثلثة على اطوارها تحت هيمنة الله فكان جامعا لها فكان اعلى الاسماء واشرفها واعظمها مسمى لما سواها اذ ليس وراء الله وورائكم يا سادتي منتهى ما شاء الله كان وما لم يشا لم يكن فلما استولت سلطان الاولوهية وملات الامكان احتجب بالرحمانية واقيم العباد في مقام اياك نستعين استوى على العرش خاصة فلا شيء اقرب اليه من شيء فاجاب ما سئلهم في الالوهية ان يسئلوه بالعبودية بطلب العلم الهاتف بالعمل في العبودية فاعطى كل ذي حق حقه وساق الى كل مخلوق رزقه اي المضاف اليه وهو قوله تعالى الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى فجاء ما قال سيدي ومولاي روحي فداه يا من استوى برحمانيته على العرش فصار العرش غيبا في رحمانيته كما كانت العوالم غيبا في عرشه محقت الاثار بالاثار ومحوت الاغيار بمحيطات افلاك الانوار فاعان كل مستعين واجاب كل مضطر واقام الكل على الصراط المستقيم فقبض قبضة بيمينه واخرى بشماله وان كان كلتا يديه يمين المبين في قوله تعالى افمن يرد الله ان يهديه الاية ومن يرد ان يضله الاية وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الايات لقوم يعلمون فكان استقامة المعوج في الاعوجاج والمظلم في الظلمة قلب المؤمن بين اصبعي الرحمن فطلب السائلون الواقفون ببابه الفقراء اللائذون بجنابه الصراط المستقيم لانه مقتضى الرحمن فوسع الكافر في الجحيم والمؤمن في النعيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فتوجهت العباد اليه تعالى في هذا المقام بالاستمداد والاستعانة فظهرت الصفات الاضافية والخلقية فكل الاسماء على اختلاف جهتها ( جهاتها خ ) تحت هيمنة هذين الاسمين الاعلين الذين اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا قال الله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى فلذا اختصا بالله سبحانه واجابهم لما قالوا وما الرحمن انسجد لما تامرنا بقوله الحق الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان فالاحدية هي صفة الاحد وهو الحق المحتجب عن خلقه بظهوره لهم بالالوهية فهي الحجاب الابيض الاعلى والواحدية هي صفة الواحد وهو الحق المحتجب عن خلقه بظهوره لهم بالرحمانية وهي الحجاب الاصفر والنور المشرق في جهة الشرق فبعد حجاب الرحمانية تكثرت الحجب وتقابلت الاسماء لتقابل جهات الرحمانية فظهر اسم الرحيم والمنتقم ومالك يوم الدين وهو قوله تعالى نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الاليم فلذا اقيم الخلق في مقام الرجاء صراط الذين انعمت عليهم وبمقتضي الرحيم والخوف غير المغضوب عليهم ولا الضالين بمقتضي مالك يوم الدين فظهر بهما اسم الجمال والجلال والغفار والقهار والمحيي والمميت والموجد والمهلك والمنور والمظلم وامثالها من الاسماء المتقابلة وكلها جداول تجري من عين ( الرحمن خ ) هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج وهما الطتنجان ومن كل تاكلون لحما طريا لبقاء وجودكم وكينونتكم وتستخرجوا ( تستخرجون خ ) حلية تلبسونها لصبغ ظاهركم وزين صورتكم على الجهتين اما على مقتضى الاصالة والتبعية اي ملاحظة التتميم لحكم التكميل ليكون اللحم الطري من الماء المالح الاجاج المعاني الكلية والرقائق المعنوية والهياكل الصورية والاشباح البرزخية يتغذى به الانسان السالك الى عالم المعاني والبيان في سفره واثناء طريقه ليتقوى الى الوصول ولم ‌يسكن في زاوية الخمول ليكون له بمنزلة البرقة والبراق والرفرف فافهم والحلية كتابتة ( كتابته خ ) في كتاب الابرار في عليين في الاجسام والاشباح والاظلة والارواح والانوار والاسرار في الملك والملكوت والجبروت واللاهوت او على مقتضى الاستقلال الذي هو عين الاضمحلال بالركون على الشجرة المجتثة التي ما لها ( من خ ) قرار فيما لا يزال ليكون اللحم الطري الاغتذاء بعكوسات تلك المراتب اي احكام الانكار والشك والجهل والريبة والوسوسة والسفسطة والحلية هيكل النفاق المتكونة من الابخرة الصاعدة من طينة خبال جهنم بل من السجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين فتمت الفاتحة والخاتمة والماضية والاتية من الاسماء المتقابلة المتعادية باتمام الفاتحة وعلى من يعرف الكلام الفاتحة فدار الدور على الكور والكور على الدور والحمد لله رب العالمين الى اخر السورة فافهم

الاشراق الرابع - قد هان الخطب علي وسهل الامر في ابداء الاسرار واظهار مكنونات الانوار لكنها بعبارة يبعد عنها الاغيار وتنجلي بها عنها الاكدار فان وفق احد لفهمها من الابرار فقد اديت الامانة امتثالا لامر ربي الكريم الستار والا فهي مخفية تحت الحجب والاستار فابذل جهدك وشمر عن ساق جدك ربما تخطب واحدة من تلك الابكار واسئل الله التوفيق لذلك بالعشي والابكار اذ قد علمت مبدء الاسماء والصفات ومنشا التجليات والشئون ونسبة مراتب الاسماء في الدرجات وانها تدور على واحد في كل الحالات بجميع الحالات ( الجهات خ ) مع اختلاف الحيثيات والاعتبارات لانه الحافظ صورته في التربيعات والتكعيبات اللتين هما منشا تكثر الوحدات لكن له وجوه على حسب المتعلقات ولها اختلفت التطورات وهو قوله عز وجل وما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم على ظاهر الظاهر وعلى الظاهر ايضا وهو القائم على كل نفس بما كسبت فلم تجد موجودا او معدوما مكونا او مذكورا ذاتا او صفة اسما او معنى جوهرا او عرضا مجردا او ماديا بجميع جهاته وحيثياته واعتباراته وكمياته وكيفياته وحقائقه ومجازاته وحقائق حقائقه ومجازات مجازاته وكلما له وبه ومنه واليه وفيه وعنه ( عنه وعليه خ ) ولديه وبالجملة كل حادث في كل حاله الا ومتقوما باسم من اسمائه تعالى يربيه وينشاه ويقيمه في مكانه وزمانه وجهته ورتبته وكيفه وكمه وذلك الاسم هو باب فيضه من استمداداته عن مبدئه وامداده اياه فالاسماء تختلف حسب اختلاف المتعلقات على قسمين كلي وجزئي وهما حقيقيان واضافيان وان كان الحقيقي من قبل الجزئي لا يكاد يتحقق فتكثرت الاسماء فكل جنس يخص باسم وكل نوع يخص باسم وكل صنف يخص باسم وكل شخص يخص باسم فالاسم المختص بالجنس لها هيمنة وتسلط على كل الاسامي المختصة بذلك النوع والصنف والشخص الى ما لا نهاية له وكذا المختص بالنوع كلي وقيم على ما تحته وهكذا وهو قوله عليه السلام في الدعاء وباسمك الذي رفعت به السموات وباسمك المكنون المخزون المكتوب الظاهر ( الطاهر خ ) الذي اه وباسمك السبوح القدوس البرهان الذي اه وباسمك الذي ترتعد منه فرائص ملائكتك وبالاسم الذي مشي به الخضر الخ وباسمك الذي فلقت به البحر وباسمك الذي به احيي عيسى بن مريم الموتى وباسمك الذي دعاك به حملة عرشك وباسمك الذي دعاك به ذو النون وباسمك الذي دعتك به اسية وباسمك الذي دعاك به ايوب وباسمك الذي دعاك به يعقوب وباسمك الذي دعاك به سليمان وباسمك الذي سخرت به البراق لمحمد صلى الله عليه واله الى غير ذلك من الاسماء وهذه الاسماء اجمالية وتفصيلية وقد شرح ذلك بما لا مزيد عليه في مقام الاجمال في مقام التفصيل في الدعاء بعد كل ركعتين في صلوة الليل اسئلك يا الله يا رحمن يا رحيم وباسماءك الحسنى وامثالك العليا ونعمك التي لا تحصى وباكرم اسمائك عليك واحبها اليك واقربها منك وسيلة واشرفها عندك منزلة واجزلها لديك ثوابا واسرعها في الامور اجابة وباسمك الذي المكنون المخزون الاكبر الاعز الاجل الاعظم الاكرم الذي تحبه وتهواه وترضي به عمن دعاك فاستجبت له دعائه وحق عليك ان لا تحرم سائلك وبكل اسم هو لك في التورية والانجيل والزبور والفرقان العظيم وبكل اسم دعاك به حملة عرشك وملائكتك وانبيائك ورسلك واهل طاعتك من خلقك ان تصلي على محمد وال محمد وان تعجل فرج وليك وابن اوليائك وتعجل خزي اعدائه فاشار الى الكل بعبارة مختصرة مجملة بابي هو وامي

تبيين : ونحن نشير الى بعض الاسماء مفصلا لتعلم منه الباقي لكن اجهد في معرفة الاشارات ولا تجمد على العبارات فانها لا توصل الا الى المجازات فنقول ان ( الاسم خ ) الاعظم الاعظم الاعظم الاجل الاكرم ( على جهة الاطلاق خ ) هو هو لما اشرنا والمراد به هو ( هنا خ ) ما لوحنا في حكم الكرة وهو المدار في كل الاغيار وبه يدور الليل والنهار من ايام الشان والايلاج والادوار والاكوار في الاطوار والاوطار واليه انتهت محيطات افلاك الانوار ما ادري ما اقول وهو هو في الاعلان والاسرار وهو السر المقنع بالسر المجلل بالسر المستسر بالاسرار وهو الكلي القيم القيوم المحيط على الكل في عالم الاغيار ودام الملك في الملك ثم بعده في الاحاطة والكلية اسم الجلالة الله الظاهر بالمعبودية التي هي اول الفرق في اياك نعبد واشهد ان محمدا عبده ورسوله فاحاط بكل الاسماء والصفات وهو العظيم الاعظم بالاضافة الى باقي التجليات في عالم الامكان والاكوان والاسرار والانوار والارواح والاشباح والاجسام والاعراض قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ثم بعده في الاحاطة الرحمن على ما مر من البيان ثم تقابلت به الاكوان فتقابلت الاسماء ولما استدارت الاكوان على كرتين متعاندتين متخالفتين احدهما على التوالي والثانية على التعاكس كانت قطب الدايرة على التوالي الاسم الاعظم المقوم لها في رتبتها وما بعدها من الكرات النورية منتسبة اليه لكونها الكلمة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء فتستند الى الله تبارك وتعالى وقطب الدائرة على خلاف التوالي اي التعاكس نفسها من حيث هي لكونها ساجدة للشمس من دون الله فلنظرها الى نفسها استقلت فاجتثت فلا تستند الا الى نفسها فالكرات الدايرة بعدها بها واليها والاسماء تنسب اليها فانقسمت الاسماء تحت حجاب الرحمانية الى قسمين اسماء حسنى فهي لله والى الله ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وكلمة الله هي العليا ولله المثل الاعلى واسماء سوءي فهي للجهل واليه وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وذر الذين يلحدون في اسمائه ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباءكم ما انزل الله بها من سلطان وذلك كما ان تلك الذوات الخبيثة والمجتثة عكس تلك الذوات الطيبة النورية كذلك تلك الاسماء الخبيثة ظل لتلك الاسماء الطيبة وكلاهما كليان وجزئيان والثانية لا تتناهى فلا نحيط بها فلنذكر الاول من القسمين وهو البديع ويقابله المرتاب في الالف والباعث ويقابله المتوهم في الباء والباطن ويقابله المجتث في الجيم والاخر ويقابله الاسفل في الدال والظاهر ويقابله المتخيل في الهاء والحكيم ويقابله العابث في الواو والمحيط ويقابله المختال في الزاء والشكور ويقابله الكفور في الحاء وغني الدهر ويقابله فقر الزمان في الطاء والمقتدر ويقابله العاجز في الياء والرب ويقابله المفسد في الكاف والعليم ويقابله الجهول في اللام والقاهر ويقابله المهين في الميم والنور ويقابله الظلمة في النون والمصور ويقابله المهمل في السين والمحصي ويقابله الناسي في العين والمبين ويقابله المنكر في الفاء والقابض ويقابله السئول في الصاد والحي ويقابله الميت في القاف والمحيي ( المحق خ ) ويقابله المبطل في الراء والمميت ويقابله النكد في الشين والعزيز ويقابله الذليل في التاء والرازق ويقابله الحادم ( الخادم خ ) في الثاء والمذل ويقابله الفاسق في الحاء والقوي ويقابله الضعيف في الذال واللطيف ويقابله الغليظ في الضاد والجامع ويقابله الناقص في الظاء ورفيع الدرجات ويقابله اسفل السافلين في الغين هذا اخر مراتب الاسماء الكلية ومقابلاتها وكل اسم كلي وتحته من الاسماء ما لا يتناهى واما كونها تسعة وتسعين فمن جهة ظهور القاف المتنزلة من مراتب الكاف كما مر وكذا مقابلاتها واما كونها ثلاثماة وستين فلا تمام دور القمر في الجوزهر بعكس مقابلاتها واما كونها الالف فلتمام الالف وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون الم تر ان الالف هي الالف وهو مراتب تطورات الاسم الاعظم في مراتب الاسماء ويشير اليه اسمها اي بيناتها فافهم ان كنت تفهم ولذا قال امير المؤمنين عليه السلام انا الذي كتب اسمي على البرق فلمع وعلى الودق فهمع وعلى الليل فاظلم وعلى النهار فاضاء وتبسم وقال في الزيارة فما احلى اسماءكم وقال نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها قال الله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه بسيرهم في المراتب المعكوسة ناكسوا رؤسهم عند ربهم الواقفين في مقام السراب المغرقين او السابحين في البحر اللجي الذي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض قال مولينا الباقر عليه السلام ما معناه من امن بان سبيل الله هو علي عليه السلام والقتل في سبيل الله هو القتل في سبيل علي الا له ( علي له خ ) ميتة وقتلة واوضح من ذلك قوله تعالى قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون بملاحظة بينات الاسم الشريف فافهم التلويحات في طي الاشارات في طي العبارات تاخذ النصيب من المعلي والرقيب قال مولينا عليه السلام :

اني لاكتم من علمي جواهره كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا

وقد تقدم في هذا ابو حسن الى الحسين ووصى قبله الحسنا

يا رب جوهر علم لو ابوح به لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما ياتونه حسنا

ومما يشير الى ما ذكرنا قول سلمان يا قتيل كوفان لولا قال الناس لسلمان واه واش رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك كلاما اشمازت منه القلوب يا محنة ايوب قال له عليه السلام اتدري ما محنة ايوب قال لا قال لما كان عند الانبعاث عند المنطق شك وبكى قال هذا امر عظيم وخطب جسيم فاوحى الله تعالى اليه يا ايوب اتشك في صورة انا اقمته اني ابتليت ادم بالبلاء فوهبت له بالتسليم له لامرة ( بامرة خ‌ل ) المؤمنين وانت تقول امر عظيم وخطب جسيم فوالله لاذيقنك من عذابي او تتوب الي بالطاعة لامير المؤمنين وهو سر شك يونس ويعقوب وثبات عزم اولى العزم اذ لما ظهر سر الاسماء في القائم مقام الحق في الاداء عظم ذلك على الانبياء والملائكة السعداء حيث فقدوا الجهات من القدام والوراء فثبت من ثبت وعصى من عصى ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما فتركوا الراجح والاولى لامتثال امر الامر في المقام الاعلى فافهم ان وفقت لهذا واعرف سر التسبيح في الركوع والسجود بسبحان ربي العظيم وسبحان ربي الاعلى سبحان من خضعت له الاشياء لا اله الا هو العزيز الحكيم

الاشراق الخامس - الاسم الاعظم الاعلى على اقسام وهي معنوية ولفظية وكذا الاسماء كلها فالاول على انحاء قد علمت بعضا منها ولا نعيد ومنها الكلمة التامة المؤلفة من اربعة احرف غيبية وشهودية وهي سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر كما اشار اليها مولينا الكاظم عليه السلام والاسماء اللفظية صور وشبح للمعنوية واسم لها لا تدل الا عليها فلفظ الله اسم للظاهر بالالوهية الذي هو اسم الله وهكذا الرحمن فاعرف مسماهما ان كنت من سنخ الانسان كما اوضحت لك باكمل تبيان ولما كانت الاسماء تناسب مسمياتها كان كل اسم لما يناسبه ولما كانت اللغات على انحاء شتى ماظهر لنا الا قليل منها اختلفت جهة المناسبات فمنها ما تناسب باللغة الحقيقية ومنها ما تناسب باللغة الحقية فيصرف اهلها الى ما يانس به منها لا غيرها فيشمئز اذا سمع غيرها في ذلك المعنى لانكم ما اوتيتم العلم الا قليلا واما العارف باللغتين والواقف بين الطتنجين يعرفهما واسرارهما ويتكلم بهما لمن سبقت له العناية منهما فيراهما الشخصان متعارضين فيحتاج الى طرح ما ينافيه من البين او ارتكاب تاويل بعيد شين وسر ذلك ما استجن في القلوب من الرين والمين وان كانا عرضيين لكنهما جعلا في الاكثر ذاتيين حفظنا الله واياك بالائمة المصطفين ومنه قوله عليه السلام يا قل هو الله احد واسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم ويا كهيعص ويا حمعسق فاضطربوا في المراد منها وما علموا ان ذلك هو مفاد ساير الاسماء كقولك يا الله يا رحمن يا رباه على اللغة الحقية الالهية فان مجموع الكلمة الاولى اسم تام ان قلت من الاسم الاعظم صدقت اذ القاف اشارة الى القدرة الكاملة المبدءة بالكاف او اسم الله الجامع للاسماء كلها على جهة الشمول والاحاطة الظاهرية عند تمام الاسماء الحسنى واللام اسم لذلك الاسم الاعظم الاضافي الكلي الجامع للاسماء الثلاثين كما مر في الحديث او ان القاف هو اسم الله الحي واللام اسم الله العليم فيكون الاسم الشريف قل هو الله جامعا لجميع مراتب الاسماء في الصعودية والنزولية معينا لمواظبه ومداومه على السفرين السفر من الخلق الى الحق بقل والسفر في الحق بالحق بهو والسفر من الحق الى الخلق بالله والسفر في الخلق بالحق بالاحد اي ملاحظة الوحدة في الكثرة كما ( هو خ ) شان الاحد الذي به قوام الكثرات فافهم وكن من اهل الثبات ويدل على ما ذكرنا لفظ القاف واللام اذ قد تم بهما الاسفار الاربعة ودل الاسم على مسماه لكمال المناسبة فكان القاف هي اسم رفيع الدرجات واللام هو الجامع فافهم فهمك الله واما البسملة ففيها روايتان احديهما يشهد ( تشعر خ ) بانها الاسم الاعظم في عالم التدوين وثانيهما عن الرضا عليه السلام انها اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضه واجرى كلامه بابي هو وامي ( في التشبيه خ ) مجرى ظاهر الظاهر على مقتضى الطبيعة من غير ملاحظة الامور الخارجية فشبه الاسم الاعظم بالبياض والبسملة بالسواد لكونه لون الحيوة والمماة المناسب للروح والجسد فان الاسم الاول الحي والثاني المميت ولان البياض لون الماء الذي به حيوة كل شيء في مقابلة الارض وان البياض بسيط والسواد مركب فناسب التشبيه بحكم ( ظاهر الظاهر خ ) ويحتمل العكس فيجري مجرى الباطن واما الاقرب من الملاصقة فقرب المداخلة والغيبوبة كما ان الانطباع اقرب من لمح البصر فيكون البسملة ظاهر الاسم الاعظم وهو سرها ولبها وذلك هو ( هي خ ) الالفات المحتجبة في البسم والله والرحمن فالالف الاولى هي اللينية التي طولها الف الف قامة وبها قوام الحروف كلها وهي مطوية في النقش والخط واللفظ والاشارة الى امرين احدهما الى الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره المحتجب من ( عن خ ) الخلق لعدم فاقتهم اليه في عين افتقارهم اليه كما مر وهذه الاشارة بالمظهر اي المحل اي موقع النجم مهبط التجلي والهيكل الالهي وثانيهما الى الاحدية المحضة الظاهرة للخلق بالخلق والمتجلية لهم بهم وهو الاسم الاعظم للمقيدات وقطب تلك الكرات الدائرات ووجه الذات البحت البات وهو وان لم يفقد الا انه لا يجد نفسه ولم يوجد عند من يجد نفسه لانه دخل المدينة على حين غفلة من اهلها فلا يمكن الوصول اليها الا بما قال امير المؤمنين عليه السلام كشف سبحات الجلال من غير اشارة ومحو الموهوم وصحو المعلوم فلذا انطوت الالف المشار اليه في البسملة لفظا وخطا وهو الاسم الاعظم الذي يدركه ويحصله الانسان بالرياضات والمجاهدات فيتصرف بها في الكائنات قال تعالى اطعني اجعلك مثلي انا اقول للشيء كن فيكون وانت تقول للشيء كن فيكون انا حي لا اموت تكون حيا لا تموت والالف الثاني هي الالف المتحركة القائمة الغائبة في الله خطا ونقشا لا لفظا وهي التي طولها الف الف ذراع وهي الوهية الحروف الاختراع الثاني كما ياتي انشاء الله تعالى وهي الاشارة الى الاسم الاعظم الثاني الظاهر وانما خفي خطا لا لفظا للاشارة الى ما قال مولينا الباقر عليه السلام في الصمد بمفهوم المخالفة فينظر الى ما قال سيد الشهداء روحي واهلي له الفداء وعليه الاف التحية والثناء يا من استوى برحمانيته على العرش فصار العرش غيبا في رحمانيته او انه خفي نقشا لئلا تصل اليه الاوهام والاذهان وظهر لفظا لمشاهدته العارفون بظهوره بحقائق الايمان والايقان لانه من الاسم الظاهر لا المكنون كالاول والالف الثالث هي المتحركة المبسوطة التي طولها الف الف شبر وهي المحتجبة في الرحمن خطا لا لفظا لما ذكر في الالف الثاني حرفا بحرف لكون الثاني نفس الاول قال الله تعالى وانفسنا وانفسكم فقال الم فالالف اشارة الى الاول القائم والذي في اللام هو ما نحن فيه قد ظهر فيها بصورته لكمال القرب بخلاف الميم فان الالف قد ظهر فيها راكدا لكمال بعده وهو الالف المذكور في الرحيم فتم الاسم الاعظم بالالفات الثلث وبالرابعة ايضا وهي صورة معنى البسملة فكان اقرب اليها من سواد العين الى بياضه فافهم اما الرواية الدالة على انها هي الاسم الاعظم او مطلقا فلما ثبت من تطابق التكوين والتدوين ولما كان الاسم الاعظم هو اول مظاهر الحق سبحانه في التكوين والبسملة اول مظاهره في التدوين لانه قد تجلى لعباده في كلامه وهي اول تجليه سبحانه في كلامه ولذا كل امر ذي بال لم يبدء فيه بها فهو ابتر عند ترتب الاثر كما انه لا شيء اذا لم يبدء بها مطلقا اذ الكمالات ( الكلمات خ ) والعبارات كلها ظهورات البسملة فلا تفقدها ابدا فافهم كان هو الاسم الاعظم وقد تم بها الحروف الاربعة المشار اليها في كلام مولينا الكاظم عليه السلام فكانت هي الكلمة التامة الكلية الحرف الاول هو لا اله الا الله اي سبحان الله اي التوحيد الحق في مراتبه الاربع بل الماة والستين وهو معنى بسم الله الرحمن الرحيم لكونه الاحدية الظاهرة في الواحدية والثاني هو محمد رسول الله (ص) اي الحمد لله اي القائم بالتوحيد وهو الالف القائم المحتجب في بسم الله الرحمن الرحيم والثالث علي ولي الله والائمة اولياء الله ( اي لا اله الا الله خ ) على حد قوله تعالى واذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون وقال الحجة عجل الله فرجه فبهم ملات سماءك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت وهو الالف المبسوط المحتجب في الرحمن قال تعالى وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا الاية وهم اصحاب اليمين وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وهو قوله تعالى الرحمن على العرش استوى واعطى كل شيء خلقه ثم هدى وامره اليكم انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فافهم والرابع اوالي من والوا اي الله اكبر من قوله عليه السلام عريض الكبرياء لكونها ظاهر العظمة وهي ظاهر الجلالة وهي ظاهر البهاء والجمال فيدخل فيه نور الستر المتجلي لموسى عليه السلام على جبل طور سيناء الى اخر المراتب وهو الالف الراكد المذكور في الرحيم وهو ظهور الالف القائم انما ركد هنا دون الرحمن ليدل على ان الثالث هو عين الاول بخلاف الثاني فانه ظهور من ظهوراته ولمعة من لمعاته فافهم او كن كما قال الشاعر :

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتاخذه عنا

وما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا

فاذا استنطقت البسملة خطا يخرج اسم ( الحي الذي هو الاسم الاعظم كما مر واذا استنطقتها لفظا يخرج خ ) الواحد فاذا تممتها بالاحد اي بالالف يظهر سر الاسم الاعظم فيخرج اسم الواسع والودود وينجلي عن وجه يا كهيعص حجاب المقصود واذا استنطقت كلماتها المفصلة تنطق بالسبع المثاني فيظهر وجه الله الباقي ويده العليا ويخرج اسم الوهاب والجواد فتنال بهما اعلى المراد واذا استنطقت تربيع الكلمة الاولى منها مع باقيها تنفجر لك العيون الاثني عشر وتخرج الاسماء الاثني عشر ( التي هي الاركان الاثني عشر للاسم الاعظم الاكبر الذي هو بالحروف غير مصوت كما مر خ ) واذا استنطقت حروفها باسمائها ومسمياتها تخرج يس والقران الحكيم وهو الاسم الاعظم وهو الالف المبسوط المحتجب في الرحمن المتجلي باثاره على كرة القمر على فلكه جوزهر فصارت له دورتان في احديهما تامة الظهور فلا يتزايد ويتناقص له النور نعم هو الزيادة من الدهور فتنجلي به كل الظلمات وتضمحل الغواسق المدلهمات واشار اليه بقوله تعالى واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون فافهم وفي اخريهما على الزيادة والنقصان الى ان انخسف عند حيلولة الارض بينه وبين الشمس فبقي في الحيلولة الى شهر رجب اي انتشار الالف القائم بين الواوين الواقفين ( الواقف خ ) بين الطتنجين فياخذ في الانجلاء فترد له الشمس مرة اخرى حتى تملا الارض نورا وضياء كما كانت ظلمة محضة اذا اخرج يده لم يكد يراها وهو قوله تعالى ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة نصف الستين واتممناها بعشر وهو قوله تعالى خ ) والفجر وليال عشر وهو لتمام الثلاثين فيكون المجموع ثمانين وهو الاشارة الى النسبتين في العود كالبدو كما بدءكم تعودون وهو مقدار طواف النور حول جلال القدرة الى ان وصل الى جلال العظمة ثمانين ‌الف سنة وهنا اسرار كثيرة طويناها وان ذكرناها لئلا يخرجنا عما نحن فيه فافهم راشدا واشرب عذبا صافيا واذا استنطقتها بعد رد فروعها الى اصولها والشئون الى مباديها باعتبار القوي اي الروح العددي مع ملاحظة النقطة التي هي تحت الباء تنطق بالعين وهو قوله تعالى كن فيكون فظهر الاسمان الاعلان المحتجبان في كن فتحققت الكاف فاستدارت على نفسها فجرت العيون الاربعة منها فعين الماء الغير الاسن من الميم في البسم واللبن الغير المتغير طعمه من الهاء في الله والعسل المصفى من النون في الرحمن والخمر الذي هو لذة للشاربين من الميم في الرحيم فظهر منه اسم العليم وفوق كل ذي علم عليم وقد علمت ان العلم عين المعلوم ففي العين اشارة وتلويح والاولى بيان الاسماء المندرجة تحت ذلك الاسم الاعظم او بيان مراتب نفس ذلك الاسم الاقدم والاول يعرف بمتعلقات الاسماء لما قال مولينا فما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال الله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق الا انه بكل شيء محيط اي موجود في حضرتك وغيبتك الحديث وذلك ان مراتب الموجودات سبعة وهي الايام السبعة والاصول السبعة وكل يوم تم بعشر ساعات اي كل اصل خلق من عشر قبضات فتم عدد بسم الله الرحمن الرحيم وكل اصل يربيه اسم فهذه الاسماء كلها تحت هيمنة ذلك الاسم الكلي والثاني ان اسم اليد والوهاب والجواد تطورات ذلك الاسم وتعيناته بل ومراتبه ولا شك ان الثابت المشار اليه بالهاء في هو له ظهور تام في كل هذه المراتب فتستنطق منها العين فيتولد منها كن ويصح الخبر عن فيكون والثاني التلويح هو بيان نسبة قوة وشرف ذلك الاسم الكلي العام على ما سواها من الاسماء وهي السبعون لقوله عليه السلام ان الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب والحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر ومعنى ذلك ان العلة هي الفاعل وهو ظهور الذات فلما ظهرت تثلث الظهور بالفاعل والفعل والمفعول فحدث من الفاعل الحرارة ومن المفعول البرودة ومن الاول والثاني الرطوبة ومن الثاني والاول اليبوسة فتسبع الفاعل فجرى الحكم في كل ما برز منه لكونه على مثاله قل كل يعمل على شاكلته والفاعل لا يوجد في رتبة ذاته وانما هو في رتبة فعله التي هي رتبة مفعوله والا لم يكن هو اياه فكان الفاعل مفعولا والمفعول فاعلا فاذا تنزل في الرتبة الثانية تزيد على المفعول بقوة سبعين فافهم ولكنه دقيق لا تهتدي اليه الا بالمشافهة او تطويل المقال وذكر المقدمات الكثيرة والان ليس لي ذلك الاقبال وليس الكتاب ايضا على ذلك المنوال حسبي الله في كل حال وبه اعتصم في المبدء والمال

تذنيب : اذ قد علمت ان الاسماء اللفظية هي اسماء الاسماء لا تدل الا على الحادث لان المخلوق انما ينتهي الى مثله ويلجاه الطلب الى شكله والادوات انما تحد انفسها والالات انما تشير الى نظائرها فاذا صح ذلك صحت المناسبة بين ذلك الاسم ومسماه لما تقرر عندنا من المناسبة بين الاسم والمسمى والمشابهة بين اللفظ والمعنى فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الحروف لها ملاحظتان :

الاولى ملاحظتها من حيث الافراد فهي اذا كل حرف اسم من اسماء الله تبارك وتعالى على المعنى الذي ذكرنا لك فافهم وقد اشرنا الى بعض ذلك بان الالف اسم للبديع والباء اسم للباعث والجيم اسم للباطن والدال اسم للاخر وعلى هذا القياس الى اخرها كما تقدم وابان عن ذلك الامام عليه السلام بقوله ا ب ت ث الالف الاء الله والباء بهجة الله والتاء تمام الامر بقائم ال محمد عليهم السلام والثاء ثواب المؤمنين على اعمالهم الصالحة ج ح خ فالجيم جمال الله وجلاله والحاء حلم الله عن المذنبين والخاء خمول ذكر اهل المعاصي عند الله د ذ الدال دين الله والذال من ذي الجلال ر ز فالراء من الرؤف الرحيم والزاء زلازل يوم القيمة س ش فالسين سناء الله والشين شاء الله ما شاء واراد ما اراد وما تشاؤن الا ان يشاء الله ص ض فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط وحبس الظالمين عند المرصاد والضاد ضل من خالف محمدا وال محمد عليهم السلام ط ظ فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن ماب والظاء ظن المؤمنين بالله خير وظن الكافرين به تعالى سوء ع غ فالعين من العالم والغين من الغني ف ق فالفاء فوج من افواج النار والقاف قران على الله جمعه وقرانه ك ل فالكاف من الكافي واللام لعن الله الكافرين في افترائهم على الله الكذب م ن فالميم ملك الله يوم لا مالك غيره ويقول عز وجل لمن الملك اليوم ثم تنطق ارواح انبيائه ورسله وحججه فيقولون لله الواحد القهار فيقول جل جلاله اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب والنون نوال الله للمؤمنين ونكاله بالكافرين وه‍ فالواو ويل لمن عصى الله والهاء هان على الله من عصاه لاي فلام ‌الف لا اله الا الله وهي كلمة الاخلاص ما من عبد قالها مخلصا الا وجبت له الجنة والياء يد الله فوق خلقه باسطة بالرزق سبحانه وتعالى عما يشركون وهذا تفسير الحروف في المزدوجة من حيث الاسمية وما تفسيره في ابجد ووجه كونها اسما فكما عن رسول الله صلى الله عليه واله ابجد الالف فالاء الله حرف من اسمائه واما الباء فبهجة الله واما الجيم فجنة الله وجماله وجلاله واما الدال فدين الله واما هوز فالهاء الهاوية ويل لمن هوى من ( في خ‌ل ) النار واما الواو فويل لاهل النار واما الزاء فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعني زوايا جهنم واما حطي فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبرئيل مع الملائكة الى مطلع الفجر واما الطاء فطوبي لهم وحسن ماب وهي شجرة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلي والحلل والثمار متدلية على افواههم واما الياء فيد الله فوق خلقه سبحان الله عما يشركون واما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا واما اللام فالمام اهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام وتلاوم اهل النار فيما بينهم واما الميم فملك الله الذي لا يزول ودوام الله الذي لا يفنى واما النون فنون والقلم وما يسطرون فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون فكفى بالله شهيدا واما سعفص فالصاد صاع بصاع وفص بفص يعني الجزاء بالجزاء كما تدين تدان ان الله لا يريد ظلما للعباد واما قرشت يعني قرشهم فحشرهم ونشرهم الى يوم القيمة وقضي بينهم بالحق فهم لا يظلمون ه‍ وهذا ما اشار اليه من بعض الاسماء الحسنى واما الاختلاف فمن جهة غيبها وشهادتها فانها اسم بصورتها ومعناها ومقامها فيختلف الاسماء المدلول عليها بها فالالف الاسم منه الله من حيث ظاهره ومن حيث باطنه كافي وهو غيب لا يدرك ومحيط بملك ولا يملك والباء ظاهره تسبيب وحكمه ترتيب والاسم منه من حيث ظاهره ( بديع ومن حيث باطنه جامع والجيم جلال وجمال وجمع واجمال والاسم منه من حيث ظاهره خ ) جليل ومن حيث باطنه موجد والدال الاسم منه الدائم وهكذا الى اخر الحروف ولما كان كل حرف اسما من اسمائه تعالى وهي المربية في العالم العلوي والسفلي كان كل حرف مؤثرا على ما استجن فيها من تاثير ذلك الاسم بحسبه اذا رتبت على مقتضى الوضع الواقعي وهو على انحاء كثيرة معلومة عند اهله ونشير اليها فيما بعد انشاء الله تعالى

والثانية وهي ملاحظة الاسماء اللفظية من حيث التركيب وهي على اللغة الظاهرية والباطنية فالاولى هي الاسماء الحسنى الماثورة عن ائمة الهدى عليهم السلام والثانية هي تلك لكنها على خلاف المتعارف مثل يا قل هو الله ( احد خ ) ويا كهيعص ويا حمعسق وباسمك بسم الله الرحمن الرحيم وامثال ذلك وكلا القسمين لها خواص مختلفة تنفعل لها الاشياء اذا استعملت على الوجه المقرر عند العلماء من كيفية ترتيبها واستعمالها وذكرها وحملها ونقشها باسمها او بمسماها او بقويها واعدادها وبسطها بالبسط الحرفي والبسط العددي وبسط التضارب وبسط الترفع باقسامه من الحرفي والعددي والطبيعي والبسط الغريزي والطبيعي وغير ذلك الى الاقسام الاثني عشر واستخراج الخدام العلوي والسفلي منها اما من نفس الاسماء بملاحظة قواها واستنطاقها والحاق الملحق العلوي والسفلي ففي الرتبة الاولى يخرج الملك الاول وفي الثانية الثاني وفي الثالثة الثالث وفي الرابعة الخليفة وفي الخامسة الرئيس الحاكم على الكل في الطرفين واما برسم ذلك الاسم في الشكل واخذ مفتاحه ومغلاقه وعدله ووفقه ومساحته وضابطه وغايته واصله الكلي المحمول عليه المراتب وهو البيت المتخذ من الجبال ومن الشجر ومما يعرشون واسقاط عدد الملحق من العلوي والسفلي والحاقه فبحمل المفتاح على الاصل واسقاط الملحق العلوي والسفلي والحاقهما واستنطاقه يخرج الملك الاول والشيطان المقابل مع الاسم المشاكل وبحمل مغلاقه على اصله الكلي والالحاق والاسقاط والاستنطاق يخرج الملك الثاني وشيطانه وبحمل عدله على اصله الكلي والاسقاط والالحاق والاستنطاق يخرج الملك الثالث ويقابله شيطانه وبحمل وفقه على اصله والاسقاط والالحاق والاستنطاق يخرج الملك الرابع وشيطانه السافل وبحمل مساحته عليه يخرج الملك الخامس وشيطانه وبحمل ضابطه عليه كذلك يخرج الملك السادس وشيطانه وبحمل غايته عليه يظهر الملك السابع وشيطانه وهو الحاكم على الجميع والرئيس عليهم ملكا وشيطانا فتم السبع طردا وعكسا فدارت السيارات على الاراضي السافلات ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقران العظيم من حشر في زمرة ولد السابع ادخله الله النار خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وهكذا في جميع الاسماء والاشكال وقد ذكر في محالها فليرجع اليه ونذكر انشاء الله تعالى بعض القواعد فيما ياتي لتكون على بصيرة فيما ذكرنا فافهم فاني قد اشرت الى اغلب الاسرار مما لا يتيسر الاظهار لانها ( الا انها خ ) تحت الحجب والاستار اوصيك ايها الناظر بالتامل والسكينة والوقار ولا تعجل اذا اظلم عليك بعض تلك الانوار ولا تسارع يا قرة عيني الى الانكار فان ما ذكرنا كلها قد استفدنا من اثار الائمة الاطهار عليهم سلام الله بالاعلان والاسرار ولو شافهتك لاريتك ما لا تدركه الابصار ببركة الاستضائة من تلك الانوار ما كتموها عن الاغيار وما مزجوا الصافي بالاكدار حفظا لها عن الاشرار عليهم سلام الله ما اختلف الليل والنهار

الباب الثالث

في الوجود المطلق والتعين الاول والرحمة الكلية والشجرة الكلية والنفس الرحماني الاولى والمشية والارادة والابداع والاختراع والكاف المستديرة على نفسها والكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر والحقيقة المحمدية صلى الله عليه واله والولاية المطلقة والازلية الثانية وعالم فاحببت ان اعرف والمحبة الحقيقية وحركة ( الحركة خ‌ل ) بنفسها وصبح الازل وعالم الامر العلم المطلق مجمع الذوات الاحدية ومقام الواحدية البرزخية الكبرى الغيب الثاني الرابطة بين الظهور والبطون غاية الغايات ونهاية النهايات ومرجع الذوات ومنتهى تعلقات الصفات حقيقة الحقائق الظاهر الاول والتجلي الاول والمتجلي بالتجلي القابلية الاولى والاسم الاعظم والاسم المكنون المخزون المستقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره النور الازلي مؤيس الايس مظهر الليس السر المقنع بالسر البحر المحيط الاول عالم اللانهاية قطب دواير البداية والنهاية القدرة الواسعة الرحمة الشاملة رتبة الواحدية مقام العلم اذ معلوم والسمع اذ مسموع والبصر اذ مبصر والقدرة اذ مقدور ينبوع الافاضة منبع الانارة ادم الاكبر الاول الواحد التام البسيط ( الكامل خ ) بسم الله الرحمن الرحيم الا له الخلق والامر تبارك الله احسن الخالقين انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة هو الذي جعل لكم من انفسكم ازواجا ومن الانعام ازواجا يذرؤكم فيه ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وما تشاؤن الا ان يشاء الله قال مولينا امير المؤمنين عليه السلام هو منشئ الشيء اذ كان الشيء من مشيته وقال مولينا الصادق عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها وقال مولينا الرضا عليه السلام الارادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل واما ارادة الله فاحداثه لا غير لانه لا يروي ولا يهم ولا يفكر وانما يقول للشيء كن فيكون بلا لفظ ولا نطق ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له وقال عليه السلام المشية والارادة والابداع معناها واحد واسماؤها ثلثة وقال عليه السلام المشية خلق ساكن لا يدرك بالسكون وقال الصادق عليه السلام كنا بكينونته كائنين غير مكونين ازليين ابديين قال الله تعالى عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون قال عليه السلام نحن محال مشية الله والسنة ارادته قال عليه السلام نزلونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا قال الله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقال مولينا الصادق عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال الله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق الاية الحديث وتظهر من افق هذا الباب لاولي الافئدة لمعات من الانوار المشرقة من صبح الازل ولكل لمعة اشراقات :

اللمعة الاولى - في الحدوث والقدم ونسبة الوجود الى العدم ومعنى السابق والمسبوق قال الله تعالى كل شيء هالك الا وجهه وقل الله خالق كل شيء قال عليه السلام كلما يصدق عليه اسم شيء ماخلا الله فهو مخلوق وقال عليه السلام كان الله ولم يكن معه شيء وتشير الاخبار الى انه الان على ما عليه كان وقال عليه السلام في الدعاء واسئلك باسمك العظيم وملكك القديم قال عليه السلام في الخطبة في النبي صلى الله عليه واله استخلصه الله في القدم على سائر الامم اقامه مقامه في عالمه في الاداء اذ كان لا تدركه الابصار وقال عليه السلام ولم يكن خلوا من ملكه قبل انشائه ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - قالوا الحادث ما سبقه العدم فهو مسبوق بالعدم اقول العدم ان كان شيئا فهو اما حادث او قديم فان كان الحادث قد سبقه العدم فيدور الكلام فيه على فرض وجوده وحدوثه فتذهب السلسلة الى ما لا نهاية له وان لم يكن شيئا لا يكون سابقا لكونه صفة وجودية بالبديهة فيفتقر الى موصوف تقوم به اما في الصدور او في التحقق او في الظهور او في العروض وكلها مستحيلة اذ الاول يستلزم الحدوث وكيفيته هي المتنازع فيها والبواقي تحتاج الى امور اقوى من نفسها وجودا وتحققا فان قلت اني اتصوره بعد ما وجد وتاصل سبق العدم قلت اثبات الشيء للاخر فرع ثبوت المثبت له فان كان المثبت له ثابتا فجاء ما قلنا والا بطل الاثبات على انا ذكرنا لك سابقا مكررا مرددا ان تصوره ممتنع لان الادراك اثر النفس والاثر لا يكون مناقضا لمؤثره والا لا يكون اثرا ولا يتعلق الشيء الا بما يناسبه ويصلح له ولا مناسبة بين الوجود والعدم المحض فيمتنع التصور فان كان قد وجد الاثر لا من شيء فلا تسمه عدما فان العدم لم يوجد ولن يوجد ولم يتعلق به جعل وهو سر قوله عليه السلام خلق الاشياء لا من شيء لا من لا شيء كما يزعمون ان الله خلق الوجود والموجود من العدم ولا من شيء كما يزعمون كما نبين لك ولعمري انهم بين افراط وتفريط مع عموم قول مولينا الصادق عليه السلام كلما ميزتموه باوهامكم بادق ( في ادق خ ) معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود عليكم ( اليكم خ ) وقوله عليه السلام في النفي انه شيء مع ان العدم ان لم يكن شيئا فلم يكن الحادث مسبوقا بشيء فلا يسبقه شيء فقد اثبتم معنى القدم للحادث من حيث لا تشعرون والسر في ذلك انهم ماميزوا بين الحق والخلق وما اثبتوا لكل شيء صفته فجعلوا بعض اياته اربابا واتخذوا بعض مصنوعاته صانعا وتوهموا الازل فراغا واسعا فجوزوا وقدروا الها اخر وانه كان واقفا ساكنا ثم تكلم ونطق وفعل ويتصورون بينهما فضاء واسعا خاليا ويسمونه عدما سابقا فقالوا ما قالوا وحكموا ما حكموا

ولو قلدوا الموصى اليه امورهم لزمت بمامون عن العثرات

وما ورد في بعض الخطب والادعية من انه تعالى خلق الموجودات من العدم كقولهم كلما سبقه العدم لحقه العدم وسبق الكون ازله والعدم وجوده وغيرها مما يوهم صحة ما ذهبوا اليه في معنى الحدوث فليس المراد منها كما توهموا اذ لا تناقض في اخبارهم صلى الله عليهم اذ الشيء الواحد لا يناقض نفسه بل المراد منها ما لا يخالف قولهم عليهم السلام ما تقدم ان كلما ميزتموه باوهامكم اه والنفي شيء ولم يتصور احد شيئا الا وقد خلقه قبل ذلك حتى لا يقال لم لم يخلق ذلك والعدم لا ذكر له ولا وصف له عندهم فكيف يوصفونه الا انهم عليهم السلام يطلقون العدم على العدم الامكاني كما قال عز وجل هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا قال مولينا الصادق عليه السلام كان مذكورا في العلم ولم يكن مكونا وهو الذكر المراد في قوله تعالى بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون وقوله تعالى اولا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا مع ثبوت مذكوريته في العلم فمرادهم عليهم السلام بالعدم ليس العدم المطلق لعدم تعلق العلم به مع ما برهنا عليه من ان العلم عين المعلوم وان العلم بالشيء انما يكون في مقام ذلك الشيء كيف وقد اخبر الحق سبحانه عن ذلك بقوله ام تنبئونه بما لا يعلم وما اظنك تدعي للامام مقام فوق ( مقاما فوق مقام نسخة ٢٤ خ ) الربوبية وان كنت تدعي لنفسك لانك اذا منقطع مجتث بخلاف المعصوم فانه اخذ بحجزة نبيهم وهو صلى الله عليه واله اخذ بحجزة الله

قاعدة : اذا اطلق العدم في كلمات هداة الامم فالمراد به احد الامرين بل هما معا في المال احدهما العدم الاضافي اي العدم في رتبة الاخر وان كان هو وجود مستقل ( وجودا مستقلا نسخة ٢٤ خ ) كالجسم عند الروح وهو عند العقل وهو عند الوجود البسيط اي الدلالة وهو عند المشية وهو عند الله سبحانه وتعالى فكل شيء وحده لا معه غيره والان على ما عليه كان فهو عدم وهو وجود فهو نور فهو ظلمة فالعدم جزء قابلية الوجود وبه تاصل في البروز والشهود فلولا العدم لم يثبت لشيء قدم ولولا الوجود لكان ذكر العدم ايضا عدم وهو قوله تعالى الذي خلق الموت والحيوة ليبلوكم ايكم احسن عملا فاذا تمت خلقته بقي في الكون رتبته وهو مخلوق وحادث والله سبحانه هو الباعث الوارث وثانيهما العالم العلمي الامكاني الاعيان الثابتة في العلم الحادث الخلقي فانه كما ذكرنا مكررا عدم بالنسبة الى العالم الكوني كيف لا وقد قال الامام عليه السلام ان الله لم يكن خلوا من خلقه قبل انشائه فحيث بطل ما زعموا فالمستفاد من اثار اهل بيت العصمة والطهارة ان الحادث ما سبقه الغير ومفتقر اليه ومعتمد عليه ومتقوم به موجود بايجاده وياتي الاشارة الى بيانه انشاء الله تعالى

الاشراق الثاني - القديم يطلق عند اهل البيت عليهم السلام على امور منها السابق بستة اشهر حتى عاد كالعرجون القديم ومنها السابق على الزمان والزمانيات اللهم اني اسئلك باسمك العظيم وملكك القديم اذا اريد المطلق يشمل الملكوت والجبروت او يخص بالاجسام ولا شك ان مباديها من عالم الغيب لامتناع اتصاف الجزئيات به ومنها السابق على المقيدات في وعاء الثابت البات استخلصه في القدم على ساير الامم وهو قبل ان يذوق روح القدس الباكورة في جنان الصاقورة وهو قبل الدهر فان مبدءه من العقل اول ما خلق الله ملك له رؤس بعدد رؤس الخلائق اول ما خلق ( الله خ ) القلم ووجه التاخر انه من الملائكة المنزل عليه وهو لا يكون الا عينه او انزل منه لامتناع تنزل العالي الى السافل لا بنفسه الذي هو كنه العالي له كنهه تفريق بينه وبين خلقه وانه قد ذاق الباكورة في الجنان الصاقورة من تلك الحديقة المعمورة فهو قبل القبل وله قبل فافهم ومنها المستقل الثابت المتحقق المتاصل الغير المستند الى شيء ( والغير المعتمد على شيء خ ) والغير المتقوم بشيء والغير الصادر عن شيء والغير الخارج من شيء والغير المنتهي الى شيء وهو القديم الحق الثابت الازلي الابدي فعرفنا من تلويحات كلماتهم سلام الله عليهم صحة اطلاق القديم على كل سابق بالنسبة الى لاحقه سبقا اضافيا ليكون القدم اضافيا ولما كان الاطلاق مجازيا احتاج الى قرينة وان كانت حقيقة بعد حقيقة فلا ينصرف الاطلاق الا الى القديم على الاطلاق ولا مانع من ذلك ولا دليل على امتناع ما هنالك ولما كانت الكرات الوجودية متطابقة مترتبة فلا ضير لو سميت العليا قديمة مع كونها حادثة مفتقرة زايلة هالكة وقولي قديمة اريد بها معناه الحقيقي المعروف مع حدوثها وفقرها ولا تنافي في ذلك لا ان يتوهم المجاز كما هو توهم اهل المجاز

الاشراق الثالث - دع عنك العبارات واعرض عن الالفاظ والمفهومات فانها لا توصل الى المعارف ولا تفتح بها ابواب الحقائق واللطائف ولا يدل الا الى الزخارف بل انظر الى المعاني الصرفة والحقائق المحضة واتخذ منها بيوتا فاسلك سبيل ربك ذللا يخرج من بطون مشاعرك شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس وهدى ورحمة لقوم يؤمنون انظر الى حقيقة الحق في الكون ان الموجود اثنان واجب وممكن ومن جهة الاصدار والايجاد فاعل ومفعول ولا يكون فاعلا الا بفعل ولما كانت صور الاعمال اي القابليات كما نبين لك انشاء الله تعالى مركبة من جهات ستة كما هو شان الفروع بالنسبة الى الاصول ومنها الوقت وهو امتداد الوجود كانت الاوقات مختلفة حسب اختلاف الموقتين فوقت للفعل ظهور الفاعل ووقت للحقائق المجردة ووقت للصور الجسمانية الملتئمة من المادة والصورة كذلك وانكار اختلاف هذه الثلاثة مكابرة وانكار اختلاف اوقاتها بعد ثبوت انها من العلة الصورية مجازفة فلم يبق الا ان تسمي ( نسمي خ ) كل وقت باسم لتظهر غاية الاسم وتتميز الاشياء فسمينا وقت الماديات زمانا ووقت المجردات دهرا ووقت الفعل سرمدا لما ظهر لنا من تلويحات الاخبار ودلالة صحيح الاعتبار كما نبرهن عليه في مقامه انشاء الله والنقض باطلاق السرمد على الله سبحانه مدفوع بارادة الفاعل كما تقول هو الله الخالق البارئ مع الاتفاق بانهما من صفات الافعال وانها غير الذات وحادثة بها ولا شك ان هذه الاوقات الثلثة كلها حادثة لكنها على الترتيب الوجودي الذي هو الشرع الكوني والكتاب الالهي فحدث السابق قبل وجود اللاحق وزمان كونه سبق زمان كونه فكان السابق قديما بالنسبة الى لاحقه فصار الحادث على اقسام كالقديم احدها الحدوث الزماني وهو حدوث عالم الملك من الاجسام بمراتبها الثلاثة من المحدد الجهات الى الارض السابعة السفلى ومعنى حدوثها في الزمان انها خرجت وحدثت مصاحبة له متصلة معه الاتصال الذاتي المساوقي لا ان الزمان كان قبل حدوث الجسم ولا ان الجسم كان قبل الزمان كما زعموا بالقول بان الزمان منتزع من حركة الفلك وثانيها الحدوث الدهري اي القديم الزماني وهو حدوث عالم المجردات بمراتبها الخمسة في مقاماتها وامكنتها وحدودها بنحو ما مر في الزمان لانه روحه وثالثها الحدوث السرمدي اي القديم الدهري وهو حدوث الفعل بمراتبه الاربعة في مقاماته الخمسة في درجاته الثلثة واركانه الاربعة في مقام المحبة ورتبة الولاية والحدوث الذاتي يشمل الجميع بجهتيه الحقي والحقيقي فالقديم الازلي هو المتفرد بالقدم وهو القديم السرمدي فانقطعت الحوادث دونه وعدمت الوجودات لديه وامتنعت الامكانات عنده كما امتنع شريكه فهو ابدا وحده في ديموميته وقيوميته وازليته ولا شيء معه كان الله ولم يكن معه شيء والان هو على ما عليه كان وقد يطلق الزمان على مطلق الوقت كما قيل في قوله تعالى وكان عرشه على الماء ان الماء هو الزمان وهو نهر يجري تحت جبل الازل ويسير الى ما لا نهاية له وقد يطلق الدهر على مطلق الوقت كما في قوله تعالى وما يهلكنا الا الدهر الا ان ما ذكرنا اولا هو المعروف المشهور وفي الكتب والدفاتر مزبور ومسطور وعليه تحمل الاخبار وتؤول الاثار واما السرمد فلا يعم ابدا ولا يطلق الا على ذلك الوجود وصرف الشهود كما نشرح لك انشاء الله تعالى فيما بعد فافهم ما ذكرنا وترقب لما سياتي

الاشراق الرابع - الذي يقول ان العالم حادث زماني ان اراد به الاجسام عالم الملك ان اراد اجزاءها وجزئياتها صدق ولا شك فيه وان اراد مجموعه من حيث هو هو فلم يصدق فانه من هذه الحيثية يدور على العلة البسيطة لا الى جهة فله من حيث ذوبانه واتحاد الاجزاء المتباينة دورة دهرية وسرمدية فحدوثه دهري بخلاف الاجزاء فان دورانها على جهاتها وتعلقاتها كالشجرة فلا يكون حدوثه زمانيا فيرجع الكلام في التفصيل الى ما تقدم من اختصاص كل حادث بما هو عليه في وقته من الزمان والدهر والسرمد وان اراد به العالم مطلقا من حيث انه كرة واحدة واراد بالزمان ما هو ظرف للاجسام المعروف بين العوام من المدد الجسمية فغلط فاحش وان اراد به الوقت مطلقا في عموم ارادة العالم فان اراد انه خلق في الوقت مصاحبا معه ومساوقا له في الظهور والبروز فحق لا شك فيه وان اراد به الوقت اي المدة الفاصلة بين الوجوب والامكان ثم اوجد الاشياء فذلك الوقت اما ان يكون ازلا او سرمدا او دهرا او زمانا فان كان الازل ( ازلا خ ) فهل هو الله سبحانه او غيره ظرف له فان كان الاول فما حصل فصل لانه ذاته تعالى ولا فصل بين الشيء وذاته وان كان الثاني كانت ذاته سبحانه مظروفة فغيرها احاط بها ووسعها ولقدمه تعدد القدماء ومنه حدث التركيب الموجب للفناء وان كان سرمدا كان حادثا ويسئل عن معنى حدوثه وكيفيته هل بفصل ( يفصل خ ) ام لا ولعمري ان ذلك لا يعقد بوجه ابدا الا لمن جعل الازل اوسع من الواجب سبحانه ولو فرض ذلك يلزم الاتصال المحال لاستلزامه زوال اللا يزال فالقول بان بين الله وبين خلقه فصل غلط على كل حال لان الفاصلة هي المانعة بالاستقلال والفرق بينه وبين الحجاب واضح لمن عرف المقال مع ما يلزم على فرض حدوث الفاصلة وقدمها من المحال والاختلال ولا تتوهم انا بعد ما منعنا الفصل اثبتنا الوصل كلا وليس هناك اتصال ولا انفصال فان الاول يورث التشبيه والثاني يستلزم الاعتزال وهذا شان القادر الجبار ذي الجلال مع ان كل اثر ثابت له تلك الحال الم تنظر الى السراج والاشعة والشخص وما يصدر منه من الافعال فان اتصلت انفصلت وان انفصلت امتنع له الانفعال تامل فيها فانها ايات الله تتلى عليكم بالغدو والاصال مع ان الاتصال يستلزم الاستقلال وكون المتصلين في صقع واحد في المبدء والمال والانفصال يحجب نفوذ النور في جميع جهات المعلول في كل الاحوال فانف عن ربك الاتصال والانفصال فانهما من صفات الحوادث ويورثان الاضمحلال فالحدوث الزماني بالمعنى المعروف عندهم من اسخف الاقوال وهو باطل في كل حال بل لا يتصور ولا يتعقل فضلا عن الاحتجاج والاستدلال

تبصرة : ولاجل هذا القول السخيف استظهر رئيس المشككين في المقال واورد عليهم شبهة حكموا بانها غير مندفعة ولا مرتفعة في حال من الاحوال وهي ان الحوادث والمخلوقات لا تخلو ان وجدت بعد القديم بازمنة متناهية او غير متناهية والاول يستلزم التحديد المستلزم للتركيب والثاني ان لا يوجد شيء الى الان والا يلزم تناهي الزمان هذا خلف فاضطربوا وتزلزلوا في حلها الى ان اقروا بالعجز وما قدروا ان يهيؤا لها حشوا من الراي وهي تلزمهم بعد القول بان بين الله وبين خلقه زمان فاصل كان الله فيه ولم يكن معه شيء ثم خلق الخلق في زمان اخر لكن على ما اصلناه وشيدناه وايدنا اندفاع ما قال هين جدا بالمنع من الاتصال اذ ليس بينه وبين خلقه وصل ولا له عليها فضل فاذا بطل الوصل بطل السؤال بالتناهي وعدم التناهي فالله سبحانه قبل الخلق وبعده بعين ذلك القبل وقبله بعين ذلك البعد فهو قبله بما لا يتناهى وبعده بما لا يتناهى ومعه بما لا يتناهى وخلقه في نفسه لا يتناهى وهو سبحانه قبل ما لا يتناهى بما لا يتناهى فان التناهي والابتداء والاولية والاخرية كلها من خلقه محدثة بصنعه فهو سبق النهاية وفعله سبق البداية التي هي عين النهاية فلا يوصف بها اذ لا يجري عليه ما هو اجراه اذن لا تحد الخالق والمخلوق والصانع والمصنوع والمنشئ والمنشاء تعالى ربنا وتقدس عن ذلك علوا كبيرا

الاشراق الخامس - الحق الحقيق بالتحقيق والتصديق هو ان الله سبحانه واحد احد في كينونة ذاته المقدسة الشريفة ولا شيء معه فيها ولا يستند اليها ولا يذكر فيها ثم احدث الكائنات من الممكنات والمكونات في مراتبها واماكنها واوقاتها من غير سبق رتبة ومكان ووقت والا كان قديما ( لكانت قديمة خ ) والقول بتخلل العدم بين الواجب والممكن سوفسطائي لان العدم الصرف لا يحصر بين حاصرين ( لا يحجز بين حاجزين خ ) ولا يتوسط بين وجودين ولا يتصل بالوجود ولا يناسب الفقدان المحض الشهود وانما هو عدم وامتناع في الازل وهو لا يتغير عما هو عليه فالعدم السابق هو الان باق ما اتاه لاحق ولن ياتيه والحادث هلاك محض وفناء صرف الا بالمحدث الموجد واقف ببابه سائل بفقره من جنابه لا شيئية له ولا تذوت ولا تحقق في حال من احواله من مبدئه ومعاده وامكانه ووجوده وماهيته وكلما له وبه ومنه وكل ذلك قائم به تعالى قيام صدور كالكلام للمتكلم فانه في كل حال وان لا شيء الا باصدار المحدث اياه لست اقول بقدم الاعيان الثابتة ولا بقدم المشية والارادة ولا بقدم الامكان ولا بقدم العدم وغيرها بل اقول بحدوث كلما سوى الله سبحانه لكنه بفعله في اماكنه واوقاته ولا كاللوازم الذاتية ولا كالاشراقات الشمسية والسراجية ولا كالتوليدات الاستجنانية ولا كالصور المراتية ولا كالامواج البحرية ولا كما يقوله ذوق المتالهين ولا كالصوفية المتعسفين بل لانه سبحانه خلقه لا من شيء ولا لشيء واخترعه اختراعا وابتدعه ابتداعا لا بفصل وقت وتخلل زمان وتوسط عدم ذلك تقدير العزيز الحكيم

ازالة وهم : ولا تتوهم اني اقول بقدم العالم حاشا ربي ان يكون له مشارك في القدم بل انما بينت معنى الحدوث وان لا معنى للحدوث الا هذا ولا يتصور الا هكذا الا ان تقول ( نقول خ ) بحدوث الاجسام الزمانية المفصلة وقدم غيرها او قدم تلك المدة وذلك الوقت او العدم المتصور اذ لم يتصور الا شيئا ( الاشياء خ ) فيتصورون قبل الخلق فضاء واسعا ويجعلون القديم في طرف منه ويسمونه العدم ثم يتصورون خلق الخلق في اخر نهايات ذلك الفضاء ولا ينبئك مثل خبير وهذه كلها امور وجودية ( موجودة خ ) والبراهين العقلية والنقلية عليها قائمة كما سبقت وتاتي انشاء الله

تعجب : وبعض منهم ضاق عليهم المنهج لما في القول بالفصل والوقت الموجود من القبايح تفصوا منها الى القول بالزمان الموهوم وليت شعري ما هذا هل هو شيء واقعي صدق حق ام كذب وانتزاع وهمي فان المتصور في الذهن حين انتسابه الى الخارج لا يخلو عنهما فان كان الاول فمانفعه هذا الوهم وان كان الثاني فكما نقول وكذا الذي زعم ان علة الحاجة الى العلة هي الحدوث وهو مسبوق بالعدم والعلة متقدمة على معلولها فانه فاسد لان الحاجة الى العلة ان كانت عدمية فلا تحتاج الى العلة في عدميتها لتحصيل الحاصل مع انه لا يتصور ابدا فان كانت وجودية فعلتها اولى بذلك ( فاذا كان الحدوث هو العلة فهل واجب ام لا والثاني حاجته علة الحاجة فان عدت الاول عدنا الى ان تنتهي الى نفس الحدوث خ ) فكان الحدوث وجوديا فهل هو واجب ام لا فان كان الاول فيتناقض وان كان الثاني فما علة حاجته الى العلة فان عدتم عدنا حتى يتسلسل او تقول ان العلة هي نفس الحدوث فاذن ما يضرك لو قلت بان علة الاحتياج نفس المعلول فان قلت انه عدم فلا يكون علة قلت كالحدوث حرفا بحرف وهذا كلام الزامي لا حقيقي وكذا قول من زعم انه ينصر القول بعدم الفصل بين الفاعل والمفعول بان علة الاحتياج هو نفس الامكان فان فيه ان الامكان ان لم يكن شيئا سقطت عليته ولا يصح فرض العلية والمعلولية في العدمين مع انه لا تمايز في الاعدام ولا اختلاف ولا تجري فيها الاحكام فان كان شيئا كان الكلام في حدوثه وقدمه كما ذكرنا انفا فان قلت انه شيء وهو اعم قلت قد سبق القول في مساوقيته للوجود بل عينيته ( عليته خ ) معه فلا نعيد وحقيقة الامر ان الاثر المعلول لا يملك لنفسه شيئا لا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حيوة ولا فقرا ولا غني لا كمالا ولا نقصانا بل كلما له وبه ومنه واليه وعنه من احواله وصفاته واعتباراته وجهاته وحيثياته كلها من العلة وعنها وبها والوجه في ذلك من العقل والنقل اما الاول فلان الاثر ليس شيئا الا ظهور المؤثر وهو قبل اشراق المؤثر وتجليه ليس شيئا ولا ذكر له ابدا ليقتضي الاقتضاء او الفقر او السؤال او الطلب فلما ظهر المؤثر بظهوره اختلف ظهوره بالاعمال والحدود المتاخرة عن الظهور والمساوقة معه في الظهور فلما تم الظهور بقابلية الحدود تم فقره وسؤاله مساوقا له ولذا ترانا نقول ان الله سبحانه امر الخلق ان يسئلوه اذ لو لم يكونهم امتنع سؤالهم وطلبهم لفقرهم فسئلوه ان يسئلهم فاجابهم وسئلهم لما اجابوه بان يسئلهم فقال لهم الست بربكم وهذا ظاهر انشاء الله واما الثاني فالايات والاخبار فيه لا تحصى كقوله تعالى ادعوني استجب لكم وقوله عليه السلام اللهم اني ادعوك كما امرتني فاستجب لي كما وعدتني وقوله عليه السلام وانا الفقير المسكين المستكين الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا وامثالها كثيرة فالعلة هي علة افتقار المعلول اليها ولا ضير فيه كما هو الواقع فالحق سبحانه هو الذي امكن وافقر وكون وعين وقدر وقضى وامضى فافهم واشرب عذبا صافيا هنيئا

عبرة : انظروا يا اولى الابصار الى الذين ما استمسكوا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها كيف تذهب بهم الريح يمينا وشمالا فذهب طائفة الى ان ما سوى الله سبحانه مسبوق بالعدم سبقا زمانيا فبقي الحق سبحانه لم يوجد شيئا ثم ابتدء واوجد العالم بارادة والا يلزم ان يوجد حوادث لا اول لها وهو يستلزم القول بفعلية الوجود الغير المتناهي المستحيل والزيادة فيما لا يتناهى اذا تجدد حادثا وهو يستلزم التناهي هذا خلف والجواب اما عن الاول فبالتزامها عند الله سبحانه وتعالى ومنعها عند انفسها وعند بعضها مع البعض فانها من الافراد الغير المتناهية وهي في نفسها ( غير نسخة ٢٤ خ ) متناهية اذ لا يستلزم تناهي زيد تناهي افراد الانسان لو فرض انها لا تتناهى والله سبحانه محيط بما لا يتناهى بما لا يتناهى الم تنظر الى قوله صلى الله عليه واله جف القلم بما هو كائن ولا ينافي هذا الجفاف جريانه ورطبيته بالنسبة الى بعضها مع بعض ومعرفته حظ المؤمنين الممتحنين وظهر لك من ذلك الجواب عن الثاني فان التجدد والزيادة انما هي في افراد اللاتناهي فان ما سيكون كائن عند الله سبحانه وهو سبحانه احاط بما كان وما هو كائن وما سيكون من الازل الى الابد الذي هو نفس ذلك الازل دفعة واحدة وان تجددت الاشياء وتزايدت بنسبة بعضها مع بعض وهو قوله صلى الله عليه واله بعد ما قال جف القلم وقال له السائل ففيم العمل قال اعملوا وكل ميسر لما خلق له وقال عليه السلام فان الدعاء من القدر فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم فتسلم ثم ان هذه الفرقة اذا طولبوا بعلة تخصيص حدوث العالم بالوقت الذي حدث فيه دون غيرها من الاوقات التي يمكن فرضها مما لا يتناهى قبله او بعده افترقوا الى قائل بالتخصيص لوجود علة لذلك التخصيص غير الفاعل وهي مصلحة تعود الى العالم فهو على جهة الاولوية دون الوجوب والى قائل بالتخصيص على سبيل الوجوب وامتناع الحدوث في غيره والى قائل بعدم التخصيص خوفا من العجز عن التعليل وهو غير مقيد بحين بل بفعل الفاعل ولا يسئل عن لم وكل هذه طرق الضلالة وسبل الغواية والجهالة وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله اما الاولى فلان تلك المصلحة اما موجودة او معدومة والاول يسئل عن حدوثه وقدمه وعن مبدء حدوثه فان تسلسل الجواب تسلسل السؤال والثاني هل هي من اقتضاء ذلك العدم او للعلم الازلي على زعمهم بوجودها هناك والاول ظاهر البطلان لان الاقتضاء وصف وجودي للمقتضي فيتناقض مع العدم الصرف ويستحيل والثاني اما ان يعلم انه يوجدها في ذلك الوقت فرجع الامر الى الفاعل هذا خلف مع انه ايضا يسئل عن علة التخصيص بذلك الوقت مع تساوي نسبته مع كل شيء او يعلم بحصولها هناك اذا اوجد العالم فان كان لا عن جعل فغلط فان كان عن جعل جاء الخلف وان كان بترتيب الاسباب ودوران بعضها على بعض فهو ايضا يرجع الى الفاعل الجاعل لانه جعل الاسباب اسبابا حتى ترتبت عليه المسببات وهو المالك لما ملكهم والقادر على ما اقدرهم عليه فافهم وتفطن الا ان يقول بان الوقت موجود فيقتضي فهو كما ذكرنا واما الثانية فتعرف مما قلنا بان علة الوجود ان كانت راجعة الى الفاعل فيلزم الترجيح من غير مرجح لتساوي النسبة بالنسبة الى الفاعل وان كانت الى العالي فيلزم وجوده حين عدمه ولا وجوده حين وجوده واما الثالثة فانهم قد استراحوا عن مؤنة النقض والابرام والجدال والالزام بعد ما جوزوا الترجيح من غير مرجح ونفوا الحسن والقبح العقليين وجوزوا التكليف بما لا يطاق لم يبق الا ان يقال لهم اذا ليس الحق سبحانه حكيما اذ وضع الشيء في موضعه يوجب ان يكون للاشياء اقتضاءات لان الرحمن على العرش استوى فتلك اما حسنة او قبيحة ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فافهم وسياتي الكلام فيه انشاء الله الرحمن وذهب طائفة اخرى بعدم السبق الزماني لكنهم قد التزموا بما هو اقبح من الاولى وقالوا ان واجب الوجود بذاته واجب الوجود في جميع صفاته واحواله الاولية وارادوا بها ما لا يتوقف وجوده على غير ذاته تعالى لكونه قادرا وفاعلا وعالما وهذا شرك بالله سبحانه لان صفة الفعل الذي هو اسم الفاعل قد جعلوه عين الذات تعالى وتقدس فتوجه اليهم ما قال مولينا الصادق روحنا له الفداء من عبد الاسم والمسمى فقد اشرك وعبد اثنين

تحقيق الحق : فالحق ان الله سبحانه خلق الخلق واحدث الحوادث لا من شيء ولا في شيء وانما اخترعها وابتدعها ولم يكن لها اصل من غير تخلل عدم بين الحق سبحانه وبين خلقه ولا اقتران ولا اتصال وقد قال عليه السلام لم يكن الله خلوا من ملكه قبل انشائه وقال عليه السلام في هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا اي كان مذكورا في العلم ولم يكن مكونا وقد سبق منا ان العلم الذاتي لا معلوم فيه وهذه المذكورية ليست الا في العلم الحادث اي العلم السابق بالاشياء الذي هو قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق وقد صرح بذلك انه المشية فقال عليه السلام ان علم الله السابق المشية وقد اثبتوا حدوثها ببراهين جدلية ولوحوا باشارات حكمية وقد قال مولينا الصادق عليه السلام كنا بكينونته كائنين غير مكونين ازليين ابديين وقد قال امير المؤمنين عليه السلام انا الازلية الثانية وصاحب الازلية الاولية وقال عليه السلام في الدعاء كان قديما قبل القبل في ازل الازال واسئلك باسمك العظيم وملكك القديم وقوله عليه السلام استخلصه الله في القدم على ساير الامم وقال عليه السلام ولا يقال كان بعد ان لم يكن فتجري عليه الصفات ( صفات خ ) المحدثات ولا يكون بينها وبينه فصل ولا له عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع ويتكافي المبتدع والبديع وامثالها من الاخبار كثيرة جدا مع ان العقل القاطع الضروري يشهد بامتناع الفاصلة واستحالتها وان يكون الازل غير ذاته سبحانه مع ما يلزم حينئذ من تعطيل الحق سبحانه عن الافاضة وبسط الجود من غير مانع اذ لا مانع للواجب في فعله بعد عدم المصلحة الا الشريك والمصلحة المسببة عن اقتضاءات الاسباب بما رتبها الله سبحانه قبل الخلق معدومة فلم يكن المانع الا الضد وهو سبحانه متعال عن ذلك ولعمري ان هذا هو القول بان يد الله مغلولة اذ لا فرق بين من يدعي ذلك في هذه الاوقات او قبلها من الاوقات للخلق والايجاد اسئلك يا هذا هل كان الله سبحانه قبل ذلك الوقت المدعي تعبانا فاستراح او ناقصا فكمل او منتظرا فانجز او ممنوعا فاهمل سبحانه سبحانه سبحانه عما يقوله الجاهلون رحمته واسعة وقدرته بالغة وجوده عظيم وخيره عميم لا يتفاوت له وقت دون وقت او زمان دون زمان او عدم فان نوره يمحق الظلمات وقدرته تطرد العدمات ما لكم لا تعقلون وكان منشا اشتباه بعض العلماء منا انما هو لظواهر بعض الاخبار والايات الدالة على سبق العدم واثبات الاولية لاول العالم مع انها كلها شرح لما ذكرنا وبيان لما اصلنا واستنادنا بعد العقل القاطع الضروري تلك الاخبار المتقدمة فان غيرها يؤل اليها ولا كذلك العكس والطرح بعد الصحة تكذيب ومنعها تكذيب اخر للقاعدة القطعية الالهية والتقية مما لا سبيل لها اليها وهي مثل قوله عليه السلام كان الله ولم يكن معه شيء وقال عليه السلام ان قيل كان فعلى تاويل الاولية ( تاويل ازلية الوجود فبطل الزمان الفاصل خ ) وقوله تعالى اولا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا وقوله تعالى هل اتى الاية فاثبت مذكوريته في الامكان ولاشيئية في الاكوان وامتناعه وعدمه في الازل فبطل الوقت الفاصل وقد قال مولينا الرضا عليه السلام اما الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شيء معه بلا حدود ولا اعراض ولا يزال كذلك وقال عليه السلام في تفسير الله اكبر هل ( وخ ) كان ثمة شيء فيكون الله اكبر منه وليتهم تاملوا في قوله عليه السلام كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد فلو كان بينه وبين خلقه زمان كان قبلا بذلك القبل ولم يصدق بلا قبل ولا يكون القبل عين البعد ومثل قوله عليه السلام ولا قوي بعد ما كون الاشياء ولا كان ضعيفا قبل ان يكون شيئا وقال عليه السلام في هذا الحديث الشريف ولا كان خلوا من الملك قبل انشائه ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه فاعتبروا يا اولى الابصار انكم خلقتم للبقاء لا للفناء وانما تنتقلون من دار الى دار والجنة والنار لا نفاد لهما ولا انقطاع ابدا دائما سرمدا لا اله الا هو العلي الكبير واما الاجماع المدعى فالقدر المسلم هو ان الخلق لم يكن ثم كان وان الله قبل الخلق وبعد الخلق واما هذا التفسير اي القبلية الزمانية فمما اخترعه بعض جهال المتكلمين وتبعهم في ذلك طائفة من العلماء من غير تعمق في كلمات الائمة الطاهرين الهادين فوقعوا فيما وقعوا من الظن والتخمين ولا يغرنك كثرة روايتهم الاخبار فان الرواية من غير الدراية مسقطة عن الاعتبار حديث تدريه خير من الف ترويه اذ رب حامل فقه وليس بفقيه ورب حامل فقه الى من هو افقه منه فان وفقت لمعرفة ما ذكرنا ووقفت على حدود ما اصلنا فقد اهتديت فان افتريته فعلي اجرامي وانا بريء مما تجرمون والا فلا تنكره وذره في سنبله ورده الى اهله لئلا تكون من قوله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما ياتهم ( تاويله خ‌ل )

اللمعة الثانية - في العلل الاربع والقيامات الاربعة قال الله سبحانه وتعالى اكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا وقوله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - لما اقتضت الاشياء مقتضياتها المسببة من هياكلها وهيئاتها القائمة باصولها وعناصرها واسطقساتها المتاصلة بمؤصلها وموجد ارتباطاتها حصلت ثلثة لا تتم الا بها ولذا تثلث لتثليث مباديها والمقتضي قسمان احدهما فرع والاخر اصل ودليلهما القوة والفعل فما اقتضاه من حيث فعليته وكماله فاثر معلول وما اقتضاه لمظهريته ومجليته ( محليته خ ) فعلة او شبه علة كالسراج للانارة والشجر للاثمار والثاني في الحقيقة ليس مقتضيا وانما هو ظهوره وهو غيره فال الامر الى واحد ولما كان الفعل لا يقصد الا لمقتضاه وترتبه عليه والا فهو هو وما يخصه يخصه لم يصل منه الى الغير شيء فلا يتصور فعله لولاه سيما من الفاعل المختار لا الذي يفعل بالاضطرار ان سلمناه بالفرض والاعتبار فتقوم ايجاده واحداثه بالاربعة وان تقوم وجوده بالثلثة والرابعة به ولما كان المفيد للشيء يكون علة له كانت العلل اربعة في كل ما يصدر عن الفاعل المختار ولا يمكن غير ذلك ودعوى امكانه غير مسموعة والتمثيل بالبسيط الصادر عن المختار للمتخلف عن العلتين غريب جدا بعد اتفاقهم بان الممكن كله زوج تركيبي وليس الا بالمادة والصورة وكلاهما حادثان ففاعله هو فاعل اجزائه فاين التخلف فثبت بالبرهان المعقول عند كل انسان ان كل ما برز في الوجود وخرج الى الشهود يكون مصاحبا بهذه الاربعة الحدود حد الى الشرق وحد الى الغرب وحد الى الجنوب وحد الى الشمال والمجموع علل وان كان احدها معلول وهي الفاعلية والمادية والصورية والغائية فافهم ولكل ( واحد خ ) منها اجزاء وشرايط ومتممات ومكملات على سبيل منع الخلو فيها كما ياتي بيانه انشاء الله تعالى

الاشراق الثاني - في العلة الفاعلية العلة ما بها افادة المعلول وقوامه وتمامه من حيث هو معلول في المراتب الاربعة فهي اعم من الفاعل مطلقا فكل فاعل علة وكل علة مرتبطة بالمعلول والمفعول مستند الى الفاعل فبينهما التساوق والتضايف وان كان احدهما متقدما بالذات الا ان له في عالم التقدم والعلو له التفات الى المتاخر السافل والعلو المطلق يقتضي بلا اقتضاء عدم المعلول السافل وان كان ذكرا اذ كل ما تنزه ذيل العالي عن لوث الغير على اي انحائه اكمل واعلى بل الكمال على الاطلاق لا يكون الا هذا والمخالف غافل ذاهل او معاند او جاهل فالذات المنزه عن كل شوب الكثرات منزهة عن الفاعلية والعلية في كل الحالات كيف لا وان الفاعلية مقام الواحدية ولا ريب انها متاخرة عن مقام الاحدية ومتفرعة عليه وثبوتها دونها لا يمكن ابدا ودعوى احدية الفاعل لا تصدر الا عن الجاهل الا ترى اني اذا سئلتك عن الفاعل اهو من صفات الذات ام لا ما يمكنك تختار الاول والا لماقلت لم يفعل كما مر فثبت ان العلة ليست هي الذات البحت الاول فلم يدع انه العلة الا من اخذته العلة شفاها الله سبحانه بالرافة والا بالرحمة الواسعة فالفاعل هو ظهور الذات بالفعل لا الذات فانك لا تسميها فاعلة الا حال الفعل وظهورها به كالكاتب والنجار فالاسم للظهور لان الاسم هو الظهور والاسم غير المسمى وعالم اللفظ طبق عالم المعنى اذ الذات ليست سهلة المؤنة حتى تختلف باختلاف الاثار بل الاسماء مختلفة باختلاف الاطوار والذات لم تزل واحدة في الاكوار والادوار والاسماء تتزايد ولا وقوف ما اختلف الليل والنهار من اليوم المتحقق من صبح الازل والليل من الغاسق المدبر المقبل فلا نهاية للاسماء لانه ما تجلى في صورة مرتين لان الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق والذات ليست الا واحدة بدونها فالفاعل هو ظهور الذات فاذا نسبت الظهور الى الظهور فيكون الاول نفس الثاني اذا لا ينتهي الظهور الى الذات قطعا والتسلسل باطل كذلك فلم يبق الا ما ذكرناه فظهور الذات لظهورها ليس الا بنفسها وهو لا يستند الى الذات ابدا اذ الشيء لا يستند الا الى مبدئه وهو ما ظهر له به فيه وليس للغير في الغير الا الغير فلو كان الشيء بذاته في غيره لم يكن اياه ولما كان الغير غيرا ايضا فالمستند هو الجهة التي بها الاستناد وليس الا ظهور ذات المستند بالفتح للمستند بالكسر لان الشيء انما ينتهي الى نفسه ولا ريب في انتهاء المستند الى المستند فلو كان هو الذات ماصح الانتهاء الى النفس ابدا فافهم هذا السر المكنون لكنه دقيق جدا وهو لعمري اوسع من الارض والسماء لا يعلمه الا العالم او من علمه اياه العالم فان قلت الفاعل هو الذات كذبت بل كفرت بل اشركت وان قلت غيره اعزلت واطلب الحق بينهما وهذا الذي ترك الاوهام حايرةو سير العالم النحرير زنديقا لكنك لو طلبت الحق من اهل الحق الذين ائتمنهم الله امر الخلق تجده واضحا ونورا لايحا وبرهانا قاطعا وبدرا لامعا والله ولي التوفيق وبيده ازمة التحقيق

تبيان : فاذا تاملت حق التامل وامعنت حق النظر وحددت البصر رايت ان ليس للذات ظهور سوى الفعل لكون الظهور حركة الى المظهر والمحرك هو الظاهر وهي ليست الا الفعل فلما ظهرت الذات فالظاهر بالظهور هو الفاعل والظهور هو الفعل والمظهر هو المفعول والمجموع في الظهور الاول متحد وانما هو شيء واحد فكان الظهور عين الظاهر وهو عين المظهر في الفاعل فكان الفاعل هو عين القابل لا كما يزعمون اهل الظن والتخمين من الكلية في كل فاعل وقابل ليجروا حكم الوحدة في كل ذرة بل هذا الذي ذكرناه لتصحيح حدوث الفاعل وبيان مخلوقيته في نفسه فاتحاده بجهة قبول ذاته وفاعلية الحق اياه تعالى ذكره وفعله تعالى له للمقرر الحق ( للمقر المحق خ ) من ان كل حادث له مؤثر وكل مؤثر له تاثير لان الفاعل هو عين المفعول ( مفعوله خ ) القابل لفعله بحكم الوحدة بل لنا ان نتمشى هذا الكلام بعمومه مع ملاحظة الصدق اللفظي بين الموجودات الواقعة في السلسلة الطولية الا ان الافهام لادراكه قاصرة وربما يفهمون خلاف المراد ( المرام خ ) ويستوجبون بذلك غضب الرحمن مع اني لوحت اليه سابقا وانفا ايضا يفهمه من امامه التسديد والتاييد

الاشراق الثالث - يا اخواني اسمعوا ما اتلو عليكم من غرايب الكلام لتعلموا وتشاهدوا ان من التمس غير باب الهدى بابا فكانما خر من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق فانهم قالوا الفاعل قسمان مختار ومضطر وكل منهما ثلثة اما الاول فالاول منها الفاعل بالقصد وهو الذي يصدر عنه الفعل مسبوقا بارادته المسبوقة بعلمه المتعلق بغرضه من ذلك الفعل ويكون نسبة اصل قدرته من دون انضمام الدواعي والصوارف الى فعله وتركه في درجة واحدة والثاني الفاعل بالعناية وهو الذي يتبع فعله علمه بوجه الخير فيه بحسب نفس الامر ويكون علمه بوجه الخير كافيا لصدوره عنه من غير قصد زايد على العلم وداعيه خارجة ( خارج خ ) عن ذات الفاعل والثالث الفاعل بالرضا وهو الذي يكون علمه بذاته الذي هو عين ذاته سببا لوجود افاعيله التي هي عين علومه ومعلوماته بوجه اي اضافة عالميته بها نفس اضافته لها من غير تعدد ولا تفاوت لا في الذات ولا في الاعتبار الا بحسب اللفظ والتعبير ومثلوا للثالث بالنفس بالقياس الى تصوراتها وتوهماتها وبالنسبة الى قواها الجزئية وتركيبها حتى تنتزع الطبايع من الشخصيات وتستنبط النتايج من المقدمات اذ ليس لتلك القوي ادراك ذواتها لكونها جسمية والتجسم من موانع الادراك وليس بالاستخدام لانه لا يتم الا بادراك جزئي لما يستخدم وما يستخدم فيه فالنفس يدرك الالات المنبعثة عنها بنفس ذاتها المدركة ومثلوا للثاني بفاعليتها بالقياس الى ما يحصل منها بمجرد التوهم والتصور كالسقوط من الجدار المرتفع الحاصل منها من تخييل السقوط والقبض الحاصل في جرم اللسان المعصر للرطوبة من تصورها للشيء الحامض وللاول بفاعليتها بالقياس الى ما يحصل منها بسبب البواعث الخارجية كالكتابة والمشي وغيرهما واما الثاني فالاول منها الفاعل بالطبيعة وهو الذي يصدر عنه فعل بلا علم منه به ولا اختيار ويكون فعله ملائما لطبعه والثاني الفاعل بالقسر وهو الذي يصدر عنه فعل بلا علم منه به ولا اختيار ويكون فعله على خلاف مقتضي طبيعته والثالث الفاعل بالتسخير وهو الذي يصدر عنه فعله بلا اختياره بعد ان يكون من شانه اختيار ذلك الفعل وعدمه ومثلوا للثالث بفاعلية النفس الصالحة الخيرة لفعل القبايح وللثاني بفاعليتها للحرارة الحمائية والمرض والسمن المفرط والهزال وللاول لفاعليتها لحفظ المزاج وافادة الحرارة الغريزية في البدن والصحة وامثال ذلك وهذا ملخص ما قالوا لكنهم اقتصروا على القشور وجمدوا على الظواهر مع ما يدعون من كونهم اصحاب الحقائق والمعارف ولم يفرقوا بين الاختيار واثره ولم ينظروا الى النبي صلى الله عليه واله وخبره ولا الى الامام واثره ولم يعرفوا ان الاختيار هو اثبات الميلين اي ثبوتهما المتعارضين المتخالفين في الشيء الواحد فان كانت قدرته قوية يظهر منه اثار الميلين والا فالغالب غالب والمغلوب يحتاج الى معين خارجي فالحجر ينزل باختياره ويصعد باختياره بلا فرق الا انه في صعوده يحتاج الى معين فيصعد حسب قوة المعين والفرق بين المعين والقاسر بين وسريان نور الوجود الذي هو عين الادراك والشعور والشهود في كل اقاليم الممكنات ظاهر فالاختيار في كل مخلوق متحقق الا انه على حسب القرب والبعد والخفاء والظهور ولما كان الجماد اخر مقامات النزول اختفى فيه ذلك النور فاحتجب عن الغيور وظهر منه فيه كما قال عليه السلام ان الرعد صوت ملك اكبر من الذباب واصغر من الزنبور فاين الاضطرار فكيف يمكن ان يكون الممكن مضطرا في التشريع والتكوين وسنشرح لك ذلك باوضح براهين فبطل التقسيم ولا يكون الفاعل الا مختارا ولا يكون القابل الا كذلك لكونه فاعل فعل الفاعل قال تعالى اذا اردنا شيئا ان نقول له كن فيكون فلا تحرق النار بالاختيار ولا يحترق الحطب الا بالاختيار ولا ينبعث منها الاحراق الا بالاختيار فلا جبر ولا قسر ولا اضطرار لا في الفاعل ولا في القابل قال الله تعالى يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم الا ان تقول انه مجاز لكنه لا يناسب اهل المجاز الناظرين الى الحقائق الواقفين بباب الجواز فلا تسمي المعين قاسرا ولا المظهر جابرا وكيف يمكن ان يجري في الشيء خلاف مقتضي طبعه ايمكنك ان تجري الانجماد في الماء مع السيلان والتبريد في النار مع الحرارة فان قدرت على الجبر فعلت مع انكم لا تجوزون قلب الحقائق وتحكمون باستحالته وعدم تعلق القدرة فان صح الجبر فما بال المنع والعلم والاختيار لا يجب ان يكونا مثل ما في الانسان او البهائم وكل فاعل انما يفعل بعلم منه به واختيار واما الفاعل بالطبيعة والاستخدام لا شك انهما بالاختيار وذلك الفعل اثر الغالب من تلك الطبيعة كما تقول ان العسل يؤثر الحرارة وكذا القرنفل لكونهما حاران مع تركيبهما ومثال اختيارهما كالجائع الذي لو لا ياكل يموت واختياره للاكل دون الترك مع استجماع الشرايط وفقد الموانع واما الفاعل بالقسر فهيهات ان يكون له اثر وخبر انما هو شيء يتفوهون به ولا يعقلون واما الفاعل بالعناية الذي يكون محض علمه سبب الايجاد ففيه ان العلم ان كان هو نفس العالم وعينه فلا يقتضي شيئا غير ذاته وقد علمت ان العلة مقتضية للمعلول ومرتبطة به وبينهما تناف ظاهر فلو صح فليقولوا ان الذات بذاتها تقتضي الايجاد ولا يصح ذلك لاستلزامه النسبة والارتباط وهو ينافي الذات البحت البات على انك علمت سابقا ان العلم بالشيء عين ذلك الشيء فلو ادعى ذلك يكون المصادرة ثم ان التقييد بوجه الخير ان كان تعليليا وقعوا فيما فروا منه وان كان بيانيا نسئل عن الشرور اكان عالما بها ام لا فان قلت لا كفرت وان قلت بلى فكيف يخلق ما يعلم انه يحصل به القبايح والمفاسد وليس هناك داع سوى العلم الا ان تقول ان العلم بالخلق كان مسبوقا فوجب فعله فاذن نفيت الاختيار لانه ما يقدر ان لا يخلق ما علم لا ما علم انه يخلق وقد دل القاطع على بطلانه اذن ما الفرق بينه وبين السراج الذي ما يقدر ان يكتم شيئا مما عنده من النور ولا يبرزه في الخارج مع ان ما برز هو عين ما كتم الا ان يكون الكل على جهة واحدة فاذن اين الاختيار ولم سميتموه مختارا والسراج موجبا ان كان الفرق بالعلم وهو فيه بمنزلة النور مع انا قد قلنا لك ان السراج لا يضيء الا عن علم بحسبه فان قلت يقدر ان لا يوجد بعض معلوماته فالترجيح لا بد من داع خارجي حيث استوى الحكمان في العلم ولم يتفاوت في حد ذاته فاذا لا معنى للفاعل بالعناية واما التمثيل بالواقع عن الجدار بمجرد التصور فليس في موقعه لان ذلك انما هو بسبب غلبة سلطان الوهم بحيث يحصر شعوره والتفاته فيه ويقبل عليه لانه نسي كلما عداه كالفريسة للاسد وليس هذا فعلا بالعناية واما الفاعل بالرضا فليس مما يتفوه به العقلاء لانه يقتضى اما ان يكون المفعول عين ذات الفاعل او يكون الفعل من غير علم لما برهنا سابقا ان علم الشيء بنفسه لا يجوز ان يكون عين العلم بغيره الا ان يكون كل غيره هذا خلف فاذن كان صدور الغير عنه كالفعل بالطبيعة كالسراج والاشعة والنار والاحراق مع ان هذا لا يعقل فان نظر الشمس الى ذاتها غير نظرها الى شعاعها والتفاتها اليها لوجوب تطابق العلم والمعلوم فاذا ادرك الذات يدركها بما هي عليه والصفات والاثار بما هي عليه وما هي عليه نقيض ما هي عليه او ضده وهو والفاعل بالرضا يستلزم اجتماع النقيضين او الضدين وهو باطل بلا ريب ومين ومخالف لما عليه الائمة المصطفين فليس الفاعل الا مختارا ولا اختيار الا مع الارادة ولا ارادة الا والمراد معه وتمام القول ياتي في اللمعة الثالثة انشاء الله تعالى

الاشراق الرابع - قيام الشيء بالاخر يتصور على اربعة انحاء : الاول القيام الصدوري فالمقوم له هي العلة الفاعلية وهو الذي يكون ظاهره ومظهره وصادر من اثر فعله بل لا شيء الا بظهور فعله الوحداني اما المنبسط على اعيان القوابل كالدلالة الناشئة عن الكلمة والصادرة عنها الواقعة على اراضي قابليات القلوب فتطور باطوارها وربما يناقضها كالماء النازل من سحاب الكلمة تحت سماء التكلم ( المتكلم خ ) الواقع على الاودية فسالت اودية بقدرها او الوحدة الحقيقية كقيام نفس الكلمة بالمتكلم وهذا القيام ليس له اتصال كالسراج والاشعة لضرورة كون المتصلين في سقع ( واحد خ ) ولا انفصال لمكان الصدور ولا التشابه والتجانس والتساوي والعزلة والبينونة والاقتران والاجتماع والافتراق ولا الحلول والاتحاد كالصورة بالمقابل الثاني القيام التحقيقي ( التحققي خ ) وهو اعم من العلة المادية ويشمل قيام اللوازم بالملزومات والماهيات بالوجودات والشرايط بالمشروطات وكلما افتقاره بالركنية والعضدية كالهواء للكلام والمرءاة للصورة والمعنى للدلالة وفيه الاقتران والانتساب والاتصال لا البينونة والعزلة بل البينونة والعزلة في بعض مواقعها وقيامه في وجوده لا ايجاده قبل انوجاده يقال له القيام العضدي والركني الثالث القيام الظهوري وهو قيام ظهور الشيء بالاخر لا ذاته وهو اما بسافله في الطولية المحضة او في الطولية العرضية كظهور الحقائق في المعاني وظهورها في الصور المجردة وظهورها في المواد الجسمية وظهورها في الاجسام التعليمية او بشرائطه كظهور نور الشمس بالجدار او بلوازمه الذاتية كظهور الوجود بالماهية ثم ان انواع الظهور مختلفة والقاعدة فيه ان المظهر ان كان اثرا هو عين الظهور وان كان تنزلا ذاتيا فهو كالمرءاة الحاكية للظهور المنفصل لا المتصل فان نسبته اليها نسبة الماء الى الثلج وانحصر الظهور فيهما ولا ظهور سواهما واما ظهور المتساويان ( المتساويين نسخة ٢٤ خ ) فلا قيام مما نحن بصدده الرابع القيام العروضي وهو التحقق ( التحققي خ ) الثانوي لا الاولى والفرق بينهما اذا ظاهر اذ الاول لتتميم الاول ولا وجود له في نفسه الا بتبعية ما قام به وكينونته تشهد بذلك كاللوازم للملزومات والماهيات للوجودات والشرايط بالمشروطات والهياكل بالاسطقسات بخلاف الثاني فان جزئيات افراده ليست بتلك المثابة ولا تتميم فيها بل ولا تكميل بحسب اللزوم والحتم ولا التبعية الكينونية لمكان التخلف وان كان الحكم ثابتا للكل من حيث هو كالالوان والمقادير الغير الذاتية والاضافات وغيرها من المقولات التسع المعروفة عندهم العرضية الغير الذاتية لانها على قسمين قسم قيامه تحقيقي ( تحققي خ ) والاخر عروضي والقاعدة هي ما اشرنا لك وهذه المراتب والقيامات كلها اعراض ومقومها جوهرها فاختلفت الجواهر وانتهت الى مبدء المبادي ونور الانوار وذات الذوات والاعراض منسوبة اليها فاستدارت على نفسها على خلاف التوالي وهي دارت عليها على التوالي والله سبحانه منزه عن ان يكون جوهرا او عرضا

تحقيق : ولا يجب ان يثبت هذه الاربعة في كل شيء حادث الا بنظر دقيق بملاحظة ان كل شيء فيه معنى كل شيء فما ثبت له القيام العروضي ثبت له كلها الا ان ظهوره بذاته لا بسافله لا يقال ان الظهور هو التجلي وهو فعل المتجلي فيكون بسافله او بشرايطه او بلوازمه لانا نقول ذلك ظهور العالي للسافل لا هو له والشرايط ان كانت للوجود فغير ما نحن بصدده وان كانت للظهور فللمشروط صقع اعلى هو ظاهر فيه ولا يتاتي ذلك للاعراض لتسافل رتبتها فشرط ظهورها هو عين شرط وجودها فافهم الا ان تجعلها عالما منفردا كعالم الاجسام وهو ظهور ( طور خ ) اخر وما ثبت له القيام الظهوري فلا يثبت له الا القيام الصدوري والتحققي الا ان في بعضها بنفسها وفي الاخر بجزئيها والثاني باوله والاول بنفسه وما ثبت له القيام التحققي والعضدي ثبت له الصدوري واما العروضي فعلى معناه اللغوي في مثل الماهية والوجود والصورة والمادة والفصل والجنس وما اشبه ذلك واما في اللوازم والشرايط فلا

الاشراق الخامس - في العلة المادية والصورية والمادة للشيء على جهة الاطلاق هو اثر كن اي الست بربكم ومحمد صلى الله عليه واله نبيكم وعلي امير المؤمنين عليه السلام وليكم والائمة الاحد عشر من ولده وفاطمة سلام الله عليها وعليهم اوليائكم وائمتكم والصورة هي فيكون وقولهم بلى في الظاهرية ونعم في بعض المراتب الباطنية وتلك المادة هي الحكم الجاري من الدرة الى الذرة في الكون الجوهري والكون المائي والكون الترابي والكون الهوائي والكون الناري في اطوارها واحوالها حسب صبغها بالرحمة فالاول الاول والثاني الثاني وهو قول رسول الله صلى الله عليه واله انما فضلت على الخلق لاني كنت اول من اجاب سؤال ربي حين قال الست بربكم فكان السائل هو المسئولون وهو قولهم عليهم السلام في سؤال الرب تعالى بين النفختين لمن الملك اليوم فاجاب لله الواحد القهار نحن السائلون ونحن المجيبون والمادة واحدة والاختلاف اما من صبغ الرحمة او عكسها وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب

كقطر الماء في الاصداف درو في بطن الافاعي صار سما

وهو قوله صلى الله عليه واله يا علي ما اختلف في الله ولا في وانما الاختلاف فيك يا علي وقال تعالى عم يتسائلون عن النبا العظيم الذي هم فيه مختلفون ولا شك ان المادة تختلف باختلاف الصور وهي مدار التمايز فالمادة هي النور وهي الاب والصورة هي الرحمة وهي الام قال عليه السلام ان الله خلق المؤمنين من نوره وصبغهم في رحمته فالمؤمن اخ المؤمن لابيه وامه ابوه النور وامه الرحمة قال رسول الله صلى الله عليه واله انا وعلي ابوا هذه الامة اي امة الدعوة لا الاجابة خاصة فافهم انشاء الله تعالى او من اختلاف المادة بالرشح والاصل فالخطاب الشفاهي الاولى الصادر من الحق بغير واسطة في السؤال والامر قبله محمد صلى الله عليه واله وكانت منه الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء اعلى عليين تؤتي اكلها كل حين من الرشحات الفائضة عن ذلك ( تلك خ ) اللجة الاحدية وطمطام يم الوحدانية والقطرات النازلة من تلك الشجرة شجرة البحر اي شجرة المزن فتمت بذلك الامر الاولى والخطاب السرمدي هياكل التوحيد اربعة عشر هيكلا قد اشار اليها الامام امير المؤمنين عليه السلام بقوله نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره ثم رشح من ذلك الخطاب خطاب اخر فكان مادة النبيين بصبغ الرحمة الرشحية قال اولست بصاحب سرك قال عليه السلام بلى ولكن يرشح عليك ما يطفح مني وهكذا الى نهايات الوجود وغايات اشعته وان لا غاية لها فالصورة صورتان الصورة الوحدانية هي الصورة الانسانية والصورة الشيطانية هي الصورة البهيمية والمادة واحدة بالرشح والاصل والرشح التكويني والتدويني والشرع الوجودي والوجود الشرعي فقد عم الحكم في كل شيء من الاكوان والاعيان من الطيب والخبيث والنور والظلمة والامر والنهي والتصفية والتنزيه والثواب والعقاب وكل فروعها واحوالها فالمادة واحدة والصورة واحدة والاصل والعكس والموافقة والمخالفة بها تكثرت الوجوه فافهم فقد اخبرتك بالسر المستسر بسر في حكم المادة والصورة من جهة الاصل والمبدء من حيث الجملة وبينت لك اصلهما ومبدئهما واوائل جواهر عللهما بطريق الباطن والتاويل والظاهر وما بقى الا جزئيات احكامهما نشير اليها فيما بعد انشاء الله تعالى

تنبيه : قد علمت منا سابقا ان الاسم ليس للشيء من حيث هو لانه هو والاسم جهة الغير فبطل ما قيل ان وضع الاسامي قد يكون باعتبار الذوات والماهيات كالانسان وباعتبار العوارض كالكاتب وربما لم يوضع لها بحسب جوهر ذاتها اسم فانه كلام خارج عن التحقيق وناظر الى ظاهر الامر المعروف بين العوام وقد سبق في الاسماء ما ينبهك على فساد هذا القول وان كان هو المتبادر الظاهر اذ لا فرق بين الكاتب والانسان فيما وضعا له الا بالعموم والخصوص وليست التسمية الا بالاضافة والقياس الا انها في الاعلام لا يلتفت اليها لشدة ظهورها فخفاءها لظهورها لا عدمها لعدمها ولكن قد يعبر عن ذات الشيء من حيث ظهورها ( ظهوره خ ) بعبارة في المرتبة الثالثة من الاطلاق والمادة من حيث هي ليست الا الاولى فلا يمكن التعبير عنها الا بالاضافات الملحوظة في حد ذاتها لان الاسم للصورة والمادة لا اسم لها فالاسماء التي يعبر عنها بها كلها من جهة الاضافات كالمادة والاصل والعنصر والاسطقس والركن والعضد والحقيقة من المبدء والموضوع والمحل والهيولي فمن حيث ( جهة خ ) صلوحها للاشكال والظهورات سميت هيولي ومن جهة انها حاملة للصور سميت موضوعا ومن حيث انها متحصصة بالصور سميت مادة ومن حيث انها اخر ما ينتهي اليه التحليل سميت اسطقسا ومن حيث انها اول ما يبتدء عنه ( عنها خ ) التركيب سميت عنصرا ومن حيث انها الجزء الاعظم المقوم للشيء سميت ركنا ومن حيث ان الصورة متقومة بها ومتحققة بعدها سميت عضدا ومن حيث انها مبدء الاشتراك في المختلفين سميت جنسا ومن حيث انها مبدء النشو والتخليق سميت ابا ومن حيث ان الشيء منها يتكون سميت اصلا ومن حيث وحدتها وبساطتها وحصول الكثرات بالصور سميت نورا ومن حيث تشعبها بالحدود والصور سميت شجرة ومن حيث ذوبانها وعدم تمايز اجزائها سميت بحرا ومن جهة التمايز المعنوي والحدود الغيبية سميت هباء ومن جهة تساوي نسبتها مع كل الصور سميت الحقيقة من المبدء وامثال ذلك مما يعبر عنها من جهة اضافتها وتلك الاضافات كثيرة ومنها تنشعب الاسماء الحقيقية واللفظية تابعة لها وما ذكرنا انموذج لتتمكن من التصرف في الباقي ومعرفتها عظيمة النفع لكونها مفتاح الابواب المغلقة والاحكام المعضلة في الاخبار والاصول الكلية ولعمري انها باب ينفتح منه الف باب ولكل باب ينفتح الف باب كما اشار اليه امير المؤمنين عليه السلام واعجب من الكل قوله عليه السلام غير انهم يقرؤن اية في كتاب الله ولا يعرفونها وهي قوله تعالى واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون

اللمعة الثالثة - في العلة الغائية وان الايجاد والاصدار لا يكون الا لغاية ومصلحة وابطال من زعم بالاتفاق ومن نفي الغاية ومن قال انها هي الذات او انها محض علمه وامثالها من الكلمات الواهية والاعتقادات السخيفة قال الله تعالى افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وقال سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء على ابيها وبعلها وبنيها وعليها الاف التحية والثناء في خطبتها الى ان قالت ابتدع الاشياء لا من شيء كان قبلها وانشاها بلا احتذاء مثال كونها بقدرته وذرءها بمشيته من غير حاجة منه الى تكوينها ولا فائدة له في تصويرها الا تثبيتا لحكمته وتنبيها على طاعته واظهارا لقدرته وتعبدا لبريته واعزازا لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته ووضع العقاب على معصيته زيادة لعباده عن نقمته وحياشة لهم الى جنته الخطبة ولها اشراقات :

الاشراق الاول - الغاية هي ما لاجله فعل فلا يخلو من احد الحالين المتقدمين ( الحالتين المتقدمتين خ ) والشيء كما ذكرنا بعد ما تحقق لا بد له من اقتضاء يترتب عليه مقتضاه والا لكان عدما ولا يترتب عليه شيء لا العدم الامكاني لمكان الترتب كذلك الا ان انحاء الترتب في القوة والضعف والخفاء والظهور والقلة والكثرة وتعلق الادراك به وعدمه مختلفة لان الموجود اما عال او سافل او مساو فالاول يقتضي الثاني والثاني يوصف الاول والثالث يؤثر المشخص فيه ما لا يؤثره غيره فالمجموع له اقتضاء غير الاجزاء وغير الاخر والمؤثر الوجودي لا يؤثر الا وجوديا وحصل المطلوب وما بقي في عدم الاقتضاء الا العدم هذا حال الشيء واما طالب الشيء فلا يخلو اما انه شاعر به ام لا والثاني غير ما نحن فيه والاول لا يخلو اما ان يطلبه للملائمة او للمنافرة او كليهما او لا هذا ولا ذاك فان كان الاول فهي الغاية وان كان الثاني والثالث فيستحيلان وان كانا هي الغاية ( هما الغائية نسخة ٢٤ خ ) ووجه الاستحالة لزوم اجتماع الضدين او النقيضين حيث لا واسطة جامعة اترى البرودة من حيث هي يطلب الحرارة كذلك وبالعكس واما ما يترائي منه ذلك بحيث سموه قسرا فهو وان كان خلاف المفروض لكنه بواسطة جامعة مصلحة كما ذكرنا ونذكر انشاء الله تعالى وان كان الرابع فهو في حيز الامكان والطلب لا بد له من مرجح وداعي ( داع خ‌ل ) وذلك لا تكون المنافرة فتكون الملائمة وان كانت بالعرض ليصح ما يخالف شيء ( شيئا خ ) منها محبتك المبين بقوله عليه السلام وكلتا يديه يمين فتكون المنافرة هنا عين الملايمة والموافقة لا تقل ان المرجح هو الارادة لانها لا تكون الا بالمراد ولا تتعلق الا بالمناسب الملايم دون المناكر المنافر فان قلت هب انها كذلك الا ان المريد لا يلتفت الى جهتها قلت ان نسبة الارادة واحدة والتعلق لا بد له من نسبة تخصصها به دون غيره وتلك ان كانت ذاتية امتنع غيره وان كانت عرضية فتلك ان كانت من ذات المراد ( المريد خ ) من حيث هي هي عادت الاستحالة وان كانت من نفس الارادة وليست فيها فثبت انها من جهة المراد وهو الغاية المطلوبة فثبت بالبرهان الذي لا يمنعه الا العميان ان كل ما يصدر من الفاعل المختار لا يصدر الا لغاية الا ان الغايات تختلف فالذي يفعله السفيه يتصور له غاية الا انه لا شيء بالنسبة الى العاقل فيراه عبثا واما الافعال الطبيعية والعادية فمن قال انها اختيارية اثبت لها غاية والمانع مانع وكانه مكابر

تقسيم : ثم ان الحركة الارادية المنبعثة عنها الشيء المراد ان كان مبدءها شوق فكري وطابق فهو الصحيح وان طابق الشوق التخيلي وهو العبث وان كان محض التخيل كان جزافا وان كان التخيل مع طبيعة او مزاج كان قصدا ضروريا او طبيعيا وان كان التخيل مع خلق وعادة وملكة نفسانية داعية الى ذلك الفعل من غير روية وهو العادة هكذا قيل ولا يخلو كل ذلك عن غاية الا ان الغايات على حسب مراتب الطالبين والفاعلين فافهم

الاشراق الثاني - اتفق لبعض القاصرين كلام بمحض الظن والتخمين وزعم ان وجود العالم انما يكون بالاتفاق وذلك لان مبادي العالم اجزاء صغار صلبة لا يتجزى لصلابتها وهي مبثوثة في خلاء غير متناه وهي متشاكلة الطبايع مختلفة الاشكال دائمة الحركة فاتفق ان تصادمت منها جملة واجتمعت على هيئة مخصوصة فتكون منها هذا العالم ولكنه زعم ان تكون الحيوان والنبات ليس بالاتفاق وزعم الاخر ان الاجرام الاسطقسية بالاتفاق فما اتفق ان كانت هيئة اجتماعية على وجه يصلح للبقاء والنسل بقي وما اتفق ان لم يكن كذلك لم يبق ولما اشتد انغمارهم في الامور السفلية حجبتهم الكثرة عن مشاهدة الوحدة وظهور الباري سبحانه في الايات الافاقية والانفسية فاحتجوا على مطلوبهم بحجج اوهن من بيت العنكبوت ولا يسمن ولا يغني من جوع منها ان الطبيعة لا روية لها فكيف يفعل لاجل غرض ومنها ان الفساد والموت والتشويهات والزوايد ليست مقصودة للطبيعة مع ان لها نظاما كاضدادها فعلم ان الجميع غير مقصودة للطبيعة ولما كان نظام الفساد كالذبول ضرورة المادة من دون ان يكون مقصودة للطبيعة فلا جرم نحكم بان نظام النشو والنمو ايضا بسبب ضرورة المادة من غير قصد وداعية كالمطر الذي نعلم جزما بانه كائن لضرورة المادة بتصعيد الشمس وثقل الماء ونزوله فاتفق ان يقع في مصالح فيظن ان الامطار كانت مقصودة لتلك المصالح وليس كذلك بل لضرورة المادة ومنها ان الطبيعة تفعل افعالا مختلفة كالحرارة التي تحل الشمع وتعقد الملح وتسود وجه القصار وتبيض وجه الثوب وامثال ذلك من الخرافات اما علموا انه لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة بمشية وارادة وقدر وقضاء واذن واجل وكتاب فمن زعم انه يقدر على نقص واحدة منها فقد كفر او اشرك فان اقروا بان للعالم صانعا وللكون مدبرا بيده ملكوت كل شيء لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا فماضرهم ان يجعلوه حكيما منزها عن السفه فاعلا للمصلحة هو الذي اعطي الطبايع فعلها وحباها قواها وتاثيرها ( تاثيراتها خ ) وهو المالك لما ملكها والقادر على ما اقدرها عليه وجعلها ( اسبابا يترتب عليها خ ) مسبباتها لا انه حيث سببها رفع يده عنها بل هي بعد واقفة بباب اذنه فان اذن لها ترتب عليها مقتضاها والا فلا فالقول بان الطبيعة لا روية لها غلط بل الطبيعة انما اختارت ما اختارت بما اختارت مع كمال الشعور لاجل اغراضها المتباينة وغاياتها المتخالفة فلا تفعل الا ذلك الفعل لغرضها وميلها ولا له حاجة سواها سواء طابقت نفع الغير كالنار للطبخ مثلا او خالفت كالنار لاحراق بيت المؤمن المسلم وهو معنى ان الله تعالى مسبب ( سبب خ ) الاسباب يعني اجابهم ما سئلوه ان يسئلهم بالمقبولات بقوابل الاعمال ودواعي الاحوال وهي بعد بيده لا تفعل الا باذنه وهو قوله عليه السلام للحمي الم يامرك امير المؤمنين (ع) الا تقربي الا عدوا او مذنبا لتكوني كفارة لذنوبه فما بال هذا الرجل فاذن كيف لا تكون لها روية بل انما تفعلها كما تحب لا كما تحب وان ضرك وهذا هو حقيقة الجواب وان لم تصل اليه لدقة ماخذه وصعوبة مسلكه فنقول ان الطبيعة ان عدمت الروية لكنه ما عدمها خالق الطبيعة والبرية فيجريها على ما يحب بما جعله فيها بامره فاذا اراد منعها ما اعطاها لا راد لقضائه ولا مانع لحكمه كما منع النار من الاحراق والماء من التبريد فالله سبحانه هو الذي يجريها حسب ما يرى من المصالح والاغراض ذلك تقدير العزيز العليم قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم صادقين سيقولون لله قل افلا تذكرون فكل اقتران وكل اتصال وكل انفصال وكل وضع وكل اضافة وكل طور انما هو لغرض ومصلحة وهي ايات الله تتلى عليكم وكاين من اية في السماء والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون يستنبط منها العارف احكاما الهية واوضاعا غيبية ومنها كان اغلب الهامات الانبياء ووحيهم يصدقني من عرف بعض احوال الكلام واقترانات الاشياء الا ان الجاهل بالامر لما اخطاه التسديد والتاييد يزعم انه بالاتفاق ولو شئت لاخبرتك ببعض الاستنباطات من الاتفاقيات بحيث حار عقلك وطار لبك وتقطع بانها صنع الحكيم القادر العليم واما القول بنظام الذبول والزيادات والتشويهات والموت الغير المقصودة للطبيعة الى اخره فغلط فاحش فان الجاعل كما جعلها تنمو بالمدد جعلها تذبل اذا نقص فهي حال اعطاء المدد غايتها النمو بفاعلها وخالقها وفي حال نقصانه الذبول بل الحق سبحانه ما خلق فردا قائما بذاته فماخلق شيئا الا ومكنه من ضده وان كان بالذات وبالعرض فخلق النمو ومكنها من الذبول وخلق الحيوة ومكنها من الموت وخلق الصحة ومكنها من الفساد وخلق الطاعة ومكنها من المعصية والضدان هما غاية الشيء المركب بجهتيهما وواقفان على باب المدد والاذن الا ان لكل منهما اجل محدود ووقت معلوم وما منا الا له مقام معلوم وهذا هو الحكم في السلب والايجاد والنفي والاثبات كما مر فتوجه الغاية الى النفي كما تتوجه الى الاثبات لان النفي شيء وهو ماهية الايجاب وقوام وجوده واما الزيادات والتشويهات فلا ريب انها مقصودة لكنها لا يلزم ان تكون مقصودة للاخري والتشويه حسب امداد الطبيعة واحكام الاتها كما هو المعلوم واما القول بفعل الطبيعة الواحدة افعالا مختلفة فهو شطط من الكلام ولا يليق بالعلماء الاعلام فان ( لان خ ) الطبيعة قد تكون مركبة فتنفعل بجهاتها كالنار والفاعل للاحراق والتيبيس والهواء الفاعل الواسط بين الضدين والماء الواسط بين الضدين والمركب المركب من هذه البسائط وربما اذا صفت تفعل في كل الطبايع كالمولود الفلسفي واما الطبيعة من حيث وحدتها لا تفعل الا في واحد واما هذه الاختلافات فمن جهة القابل دون الفاعل كاشراقك في المرايا قال الله تعالى وما امرنا الا واحدة وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت والكلام عليهم كثير والاعراض اولى وهذا كله لو اعترفوا بحدوث العالم واثبتوا الصانع والا فالكلام معهم قد تقدم في ابطال مذهب الدهرية

الاشراق الثالث - وطايفة اخرى نفوا العلة عن فعل الله سبحانه اصلا وراسا واثبتوا بالسنتهم الحالية عبثا وجوزوا الترجيح من غير مرجح او جعلوا الارادة هي المرجحة متمسكين بحجج واهية وادلة ضايعة باطلة ومرد الكل الى امثلة جزئية منها ان الفلك متشابه الاجزاء وتعينت فيه نقطتان للقطبية ودائرة لان يكون منطقة وخط لان يكون محورا دون ساير النقاط والدوائر والخطوط مع انه كان جايزا بحسب الذات ان يكون القطبان غير تينك النقطتين وكذا المحور والدايرة ومنها ان لكل فلك حركة خاصة الى جهة معينة مع جواز وقوعها الى كل واحدة منها وكذلك حدودها من السرعة والبطؤ مع تساوي النسبة ومنها اختصاص كل كوكب بموضع من الفلك مع تساوي المواضع في الطبيعة فالعقل يجوز وقوعه في موضع اخر ومنها اختصاص العالم بمقدار خاص دون ما هو اعظم منه واصغر مع جوازهما عند العقل وغير ذلك من الخرافات والسر في ذلك وقوفهم ولواذهم بباب الحق من جهة فقرهم لجهة غنائهم في مقام المجادلة وهم اصحاب الصور الشخصية الهائمون في مقامات عشرين فيها ظلمات ورعد وبرق فلاحظوا الجزئي واحتجبوا عن الكلي فالهاهم التكاثر حتى زاروا المقابر الم يعلموا ان تلك الامثلة الجزئية لا تثبت الحكم الكلي اذ لقائل ان يقول ربما تكون الحكم والمصالح في هذه الجزئيات خفية لم تصل اليها عقولكم مع انا نعارضكم بالامور الجزئية بل الكلية المترتبة على اكمل صنع واحسن نظام وابلغ حكمة فما المرجح وان الامر كما ذكرنا واين عقولهم الجزئية المغيرة بالنكراء والشيطنة وفهم اسرار الملكوت والاستضائة بانوار الجبروت ومجرد تشابه اجزاء الفلك لا يستلزم ذلك اذ لو سلمنا ذلك لعله من جهة الامور الخارجية العرضية او الذاتية الثانوية من ترتب العلل والمعلول والحركة وامثال ذلك مع ان التشابه ممنوع والبساطة المدعاة على اطلاقها غير مسلمة ووقوع الكيفيات فيها ثابت واختلاف الوان الكواكب لذلك شاهد واضح وبرهان لايح وكلية التسبيع في الكل متحققة واقعة والاثنينية ظاهرة باهرة ولو كان لي مجال وللقلب اقبال لاطلقت عنان القلم في هذا الميدان ولاديتك ( لاريتك نسخة ٢٤ خ ) من صنع الخالق الباري ما يدلك على كمال الاحكام والاتقان وقد ذكرنا شرذمة منه في بعض اجوبتنا للمسائل والله الموفق والهادي الى سواء الطريق وهذا الاجمال مغن عن تطويل المقال واما اختصاص العالم بالمقدار الخاص ان ارادوا حجم الافلاك وصغرها وكبرها فمن جهة الاسباب الالهية وادارة الاسباب على المسببات وحصول المقارنات والاوضاع والاضافات حسب ما استجنت في طبايع الارواح العاليات حسب ما استكنت في اسرار الحروف المقطعات حسب ما جرت الافاضة من بحر الجود وانتشرت بفوارة الوجود وقبلتها القوابل بالاعمال فسالت اودية بقدرها حسب ما اراد الحق سبحانه بارادة الحتم والابرام اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله وان ارادوا كمية اجزاء العالم وحدودها واوضاعها واضافاتها واقتراناتها فهيهات متى وقف ومتى سكن حتى يسئل عن وجه التخصيص وانما الكاتب الابداع بقلم الصنع والاختراع من دواة الجود والعلم في لوح الكاينات والمبدعات يكتب فيما لا يزال فلا جفاف لذلك المداد ولا انقطاع في اللوح من جهة الاستعداد ولا تعب للكاتب لسر الامداد وهذا رزقنا ما له من نفاد وهو رؤف بالعباد كل يوم هو في شان قالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق بهما كيف يشاء كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية ومع ذلك كله فقد جف القلم بما هو كائن واما ما مثلوا لهذا المذهب السخيف بطريقي الهارب ورغيفي الجائع وقدحي العطشان فليس كما توهموه اذ الاغلب يوجد المرجح للمختار في الاختيار من انواع الميولات سيما في هذه الامثلة ولو فرض اعدامه في نظره في عالم الشهادة فاين انت من ( في خ ) عالم الغيب من المرجحات الكونية والمناسبات الوجودية ولو لم يشعر لنقصانه في العلم بغواشي حجب الطبيعة والاعمال فنسي ما مضى عليه في الحال والاستقبال اتمه له جابر الكسير ومعطي الفقير ليتم له ما اختاره وهو عين اختياره قال الله سبحانه له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله وقال عليه السلام لو كشف لكم الغطاء لما اخترتم الا الواقع وقال رسول الله صلى الله عليه واله اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله والحاصل ان المختار متى كانت نسبة المعلول اليه امكانية من دون داع ومقتض لصدوره يكون صدوره عنه ممتنعا لامتناع رجحان المساوي فالتجويز ليس الا قولا باللسان دون تصديق بالقلب وذلك الداعي هو الغاية فافهم

الاشراق الرابع - وطايفة اخرى لما نظروا الى فساد تلك الدعوى ولم يجدوا بدا من اثبات الغاية قالوا انها هي الذات تبارك وتعالى لانه تام الفاعلية فلو احتاج في فعله الى خارج لكان ناقصا في الفاعلية وكلما يكون فاعلا اولا لا يكون لفعله غاية اولى غير ذاته اذ الغايات كساير الاسباب تستند ( وجودها خ‌ل ) اليه فلو كان لفعله غاية غير ذاته فان لم تستند وجودها اليه لكان خرق الفرض وان استند اليه فالكلام عائد فيما هو غاية داعية لصدور تلك الغاية المفروضة حتى ينتهي الى غاية هي عين ذاته فذاته تعالى غاية للجميع كما انه فاعل لها لان واجب الوجود اعظم مبتهج لذاته وذاته مصدر لجميع الاشياء وكل من ابتهج بشيء ابتهج بجميع ما يصدر عن ذلك الشيء من حيث كونها صادرة عنه فالواجب تعالى يريد الاشياء لا لاجل ذواتها من حيث هي بل من حيث انها صادرة عن ذاته فالغاية له في ايجاد العالم نفس ذاته المقدسة ولست ادري ان هذه الغاية كانت حاصلة له تعالى قبل الاحداث بالقبلية الذاتية ام لا فان حصلت فكان الاحداث تحصيلا للحاصل والا لكان مستكملا بايجاده وان كان من حيث الصدور والايجاد او ليس الا انبساط ذاته وقوله وذاته مصدر لجميع الاشياء وكل من ابتهج بشيء اه فيه ما مر ان الفاعل والمصدر كيف يكون عين الذات مع انهما لا يثبتان الا متاخرا عنها واسئلك هل يتحقق الفاعلية بدون الفعل ام لا ان قلت بلى فصدق المشتق بدون المبدء هذا خلف وليس هو كالعلم لمكان التخلف مع بقاء الكينونة وان قلت لا فاقول هل الفعل عين الذات او غيرها فان قلت عينها ناقضت وان قلت غيرها فقديم او حادث اختر ما تريد ولا تقل هب يكون الفعل حادثا لكن الفاعل قديم لانا نقول المشتق فرع المبدء والاصل في الاشتقاق هو الفعل فيكون الفاعل حادثا بالطريق الاولى والا لزاد الفرع على الاصل وهذا دليل المجادلة واما دليل الحكمة فهل تجد في رتبة الفعل الا ظهور الذات وهل تجد الا الذات الظاهرة فكيف ترخص نفسك ان تكون الذات هي الحركة لان الظهور هي الحركة وما هذا الا جزاف ( في خ ) المقال الا انك لا تدرك كيف يكون الفاعل حادثا وقائما بالمبدء لا انك تدرك خلافه وليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم فترقب لما نذكر انشاء الله في كيفية اصدار الصادر الاول وان لوحنا اليه سابقا واما الابتهاج المدعي فهل هو جديد او قديم فان اخترت الثاني يكون عابثا تعالى ربي وان اخترت الاول فوقعت فيما فررت منه فلا يكون ذات الشيء علة لفعله ( غاية لفعل خ ) لانها متاخرة والذات متقدمة فيجب ان تكون متاخرة حال كونها متقدمة والتقدم الذكري لا يترتب عليه شيء الا الانبعاث للفعل وقد سبق منا كما هو التحقيق ان الغاية هي مقتضى الشيء المعلول وما يترتب عليه وكيف يكون مقتضى الاثر في رتبة ذات المؤثر اذ الغاية هي ما لاجله فعل فان كانت مترتبة على ذلك الفعل فكما قلنا وما الزمنا وان لم يترتب بطل الفعل اصلا لعدم المدخلية فتعدم المعلولية هذا خلف فالغاية ابدا في نفس المعلول ومتاخر عنه والقول بانها منقسمة الى ما هو عين الفاعل او ( في خ ) نفس الفاعل كالفرح او في نفس القابل او في شيء اخر قول ماصدر عن معدن الحقيقة ولعدم النظر في الحقيقة والا فهي ليست الا في نفس المعلول الشيء ومن اقتضائه على المعنيين فهي في الحقيقة معلول من جهة وعلة من اخرى فالفرح انما حصل بوقوع الشيء على ما يلائم وكذا النوم والجلوس فانهما من مقتضيات السرير ومن لوازمه الذاتية من حيث الصلوح فجعل الغاية عين الفاعل من حيث هو من الغرائب واغرب منه بالنسبة الى الله سبحانه واغرب منه جعلها عين ذاته تعالى سبحانه سبحانه سبحانه عما يقولون بلى يجوز ان يتمشي هذا القول في الموجب على الظاهر كالاشعة للسراج والاحراق للنار ولعمري ان الذي ذكرنا في غاية الوضوح ونهاية الظهور اوضحت الامر لتبين الرشد من الغي

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتاخذه عنا

وما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا

ازالة وهم : لعلك تنظر في بعض الاخبار وتراه بظاهره يخالف هذا الاعتبار كقوله تعالى واصطنعتك لنفسي وقوله تعالى لولاك لماخلقت الافلاك ولولا علي لما خلقتك وقوله تعالى خلقتك لاجلي وخلقت الخلق لاجلك وقوله عليه السلام نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائع لنا وامثالها مما يدل بظاهرها على مراد القائل بانها عين الفاعل لكنك لو تاملت حق التامل وامعنت النظر وجدت ما ذكرنا لكنك بشرط ان تلاحظ قوله تعالى فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وتلاحظ ايضا قوله عز وجل ما زال العبد يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها الحديث وقوله عز وجل يا ابن ادم اطعني اجعلك مثلي وقوله عليه السلام في النفس الملكوتية الالهية انها هي ذات الله العليا وقوله عليه السلام اخترعنا من نور ذاته وفوض الينا امور عباده مع انا لله وانا اليه راجعون وعلى مراد القائل انه سبحانه صنعه لغاية ذاته فان اراد به ابتهاج الذات بحيث لولاها لم يحصل او انه من لوازم الذات ومقتضاءاته وكلا الحكمين باطلان اما الاول فللاستكمال واما الثاني فلبطلان الجعل والافتقار الى ثالث اذ المرتبط مفتقر الى ثالث فافهم فيكون الله سبحانه غاية له في انوجاده بايجاده تبعا لوجوده فاختصه الله سبحانه بنفسه الظاهرة له به ولا شك في ذلك فان الانيات ولوازم الماهيات من الخطاب والحضور والغيبة وغيرها من الحدود ولا غاية لها الا ذات الله ونفسه الظاهر الظاهرة ( الظاهرة خ ) فيها بها وكل ذلك على حد قوله عليه السلام رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وانتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله اياته ووجوده اثباته سبحان ربك رب العزة عما يصفون

الاشراق الخامس - كلما في الخلق له وكلما له اليه وكلما اليه عنه لا ينزل من القدم الى الحدوث شيء ولا يصعد منه اليه شيء انقطع الاتصال وانتفى الانفصال فعدم الخبر الا بالذكر والاثر وهو ذكر الذاكر ووصف المؤثر

قد طاشت النقطة في الدائرة ولم تزل في ذاتها حائرة

وكلما لغيره في غيره وكلما لم يثبت لشيء وقتا او حالا لم يثبت له ابدا لانه قد تم بدونه فيكون الاخر ثابتا في خارجه قال مولينا الرضا عليه السلام كلما في المخلوق يمتنع في خالقه فاذا عرفت هذا فاسئلك ان العلة الغائية من مبادي الكون واسبابه ام لا فان قلت لا كابرت الحس والوجدان والبرهان وان قلت بلى قلت هل هي مع الكون او قبله او بعده فان قلت قبله بالذات بحيث لها استغناء عن الكون والشيء لا ذكر له فيها بوجه من الوجوه فقد ابطلت قولك هذا خلف وان كان قبله في التعلق والذكر والتصور كالواحد قبل الاعداد في التقريب وان قلت انها بعده فقد ابطلت عليته فان قلت معه بحكم المساوقة من دون التحاوي مع الحواية فقد قلت حقا واثبت العلية فانها قبل المعلول لا تسمى وعنده جائت التسمية فان كانت منبئة عن تجدد وضع في المسمى فقد صح والا فكذب ولا وجه للمنع في الاول والاثبات في الثاني وقد قلنا لك ان الاسماء اللفظية بازاء الاسماء المعنوية فان قلت اسمي الذات علة مع قطع النظر عن المعلول كليا خالفت العقل والنقل وان قلت من حيث صدور المعلول عنه فقد اثبت الاضافة والمقارنة وهي في رتبة دون رتبة الذات لتاخرها وثبوت الذات فلم يبق الا التساوق والمعلول اعم من ان يكون ذكرا او عينا فتكون العلة متاخرة عن الذات والغائية وان كانت متقدمة في التصور لكنها متاخرة في الوجود والتحصل فانقطعت نسبتها عن الذات اللهم الا ان تكون الذات ناقصة تممها ( تتممها خ ) وهذا ايضا بالنسبة اليها مستحيل ومرجعها الى بعض الاضافات والاوضاع فان الطلب متاخر عن ذات الطالب وان تساوق مع نفسه فتكون الغاية راجعة الى الخلق والحق سبحانه منزه عن كل ما يستند الى الخلق ويرتبط به بالذات وبالعرض

تحقيق حق وترجيح صدق : ان العلة الغائية هي محبته ( محبة خ ) المعرفة اي المعروفية اي العلم الهاتف بالعمل ليتصلوا بذلك باعلى مقامات القرب ويكملوا في مراتب الحب وتسعهم عناية الرب ويصلوا به اعلى درجات الكمال وينتفعوا من الفيض الابدي والامر السرمدي والى اللايزال فالغاية هي اظهار الرحمة وبسط عوائد الكرم والمنة ليستكمل بها الناقصون ويستغني به المعدمون فهي خلق راجع الى خلق ولا يستند الى ذات الحق سبحانه شيء فهو اولى للخلق واحسن لهم لا له سبحانه وهو الجود المحض اذ الجود على ما اشار اليه صاحب الاشارات هو افادة ما ينبغي لا لعوض ولعل من يهب السكين لمن لا ينبغي له ليس بجواد والعوض يعم الثناء والمدح والتخلص من المذمة والتوصل الى ان يكون على الاحسن او على ما ينبغي فمن جاد ليشرف او ليحمد او ليحسن به ما يفعل فهو مستعيض غير جواد وكلامه الى هنا صحيح اذ الحق سبحانه ما تعلق به شيء بعد الخلق من الاحوال والصفات الذاتية زائدا على ما كان قبل الخلق قال مولينا امير المؤمنين عليه السلام ولم يكونها لتشديد سلطان ولا لخوف من زوال ونقصان ولا للاستعانة بها على ند مكاثر ولا للاحتراز بها من ضد مثاور ولا للازدياد بها في ملكه ولا لمكاثرة شريك في شركته ولا لوحشة كانت منه فاراد ان يستانس اليها ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسام دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ولا لراحة واصلة اليه ولا لثقل شيء منها عليه لا يمله طول بقائها فيدعوه الى سرعة افنائها لكنه سبحانه دبرها بلطفه وامسكها بامره واتقنها بقدرته ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه اليها ولا لاستعانة بشيء منها عليها ولا لانصراف من حال وحشة الى حال استيناس ولا من حال جهل وعمي الى علم والتماس ولا من فقر وحاجة الى غناء وكثرة ولا من ذل وضعة الى عز وقدرة الخطبة وهو لعمري كلام جامع وان اتى بما يفهمه العوام فان فيه اسرار لا يعلمه الا العلماء الاعلام واما قوله والعالي لا يكون طالبا امرا لاجل السافل حتى يكون ذلك منه جاريا مجرى الفرض ( الغرض خ ) فان ما هو غرض لقد يتميز عند الاختيار عن نقيضه ويكون عند المختار انه اولى واوجب حتى انه لو صح ان يقال فيه انه اولى في نفسه واحسن ثم لم يكن عند الفاعل لم يكن غرضا فاذا الجواد والملك الحق لا غرض له والعالي لا غرض له في السافل فليس بصحيح فان الغرض لم يتعلق بالشيء في ذات الله سبحانه وانما هو في خلقه بفعله وخلقه في ذاته بجميع شؤناته عدم محض وممتنع صرف ذكرا وعينا فلم يكن هناك شيء اولى من شيء لامتناع الاشياء فيها وهي انما كانت في الخلق للخلق بالخلق فصار البعض اولى عند الله واحسن وبعضها اقبح احب شيئا وكره اخر ورضي عن شيء وابغض الاخر فان انكرت اثبات هذه الاوصاف لله سبحانه كذبت الرسل والكتب وان اثبتها في ذاته تعالى كفرت كفر الجاهلية الاولى ولا يلزم من فعل الشيء للغير استكمال الفاعل به بل قد يكون ذلك عارا عليه وانما يفعله لمحض الجود ولا يلتفت الى شيء نعم اذا كان في الاختيار والفاعلية في مقام الذات فكما قال لكنه ليس كذلك لان الملك دام في الملك ورجع من الوصف الى الوصف وانتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود ومن العجب انه اراد تخليص نفسه من شوب الاستكمال وتوهمه اوقعها في قبح اعظم وقول اشنع وقال ان تمثل النظام الكلي في العلم السابق مع وقته الواجب اللائق يفيض منه ذلك النظام على ترتيبه في تفاصيله معقولا فيضانه وذلك هو العناية ( الغاية خ ) فمن لم يجعل الله له نورا فما له من نور الم يعلم ان الكثرات الغير المتناهية العلمية تقدح في الوحدة البسيطة والقول بان الوحدة في الكثرة ان كان كالشجرة في النواة او هي واغصانها هو قولنا انه كفر وزندقة والا فسفسطة صريحة

عود في التحقيق بطور انيق : دع عنك يا اخي هذه الاوهام الباطلة المظلمة الغير المستشرقة باشراقات انوار الائمة الطاهرة عليهم سلام الله ما دامت الدنيا والاخرة فانها كلها سبل الضلالة ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وانما اتينا بها هنا ارشادا للمسترشدين وهداية لهم في معرفة تحريف المبطلين وكيفية التخلص عنها بهداية الائمة الطاهرين والا فالقول واحد لكونه من الرب الواحد والعلم نقطة كثرها الجاهلون وهو كما قال سبحانه كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فالغاية هي المحبة والمعرفة الخلقيتان لا الابتهاج الذاتي الذي توهمه اشباه الانسان وهي خلق جعلها للخلق وغاية هذه الغاية نفسها ولا تنتهي الى الذات سبحانه وتعالى فانها ليست غاية لشيء والا لم يكن لا كالاشياء لوجوب تشابه المتصلين في الملتقى ان الى ربك المنتهى فهو لا يتناهى ويحيط بما لا يتناهى فالغاية في الايجاد والاحداث هو ظهور العالي للسافل بالقاء مثاله فيه ليهتدوا به اليها ( اليه خ ) ويريه بعينه فانها رؤية الحق ( حق خ ) فيفنى في بقائه ويسكر في صحوه فيبقى في فنائه ويصحو في سكره فيحيى بالحيوة الابدية ويقوى بالقوة السرمدية ويظهر مثالا له في العوالم الكونية والعينية والشرعية والوجودية فيخاطب باني سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها الى ان استهل ( استسهل خ ) للقول بانك ما رميت اذ رميت ولكن الله رمى الى ان ينتهي الى القول بان ظاهرك للفناء وباطنك انا فيقال له انه ذات الله العليا وشجرة طوبى اطعني اجعلك مثلي انا اقول للشيء كن فيكون وانت تقول للشيء كن فيكون انا حي لا اموت تكن حيا لا تموت وهذه هي الغاية القصوى والمقام الادنى والمقصد الاقصى ولما كان العود عين البدء كما بدءكم تعودون فتكون هي الغاية في البدء لكنها غاية الظهور في الظهور بالظاهر في مقام الفاعل والذات منزه عن ذلك كله سبحان ربك رب العزة ( عما يصفون خ ) وقد اشرنا الى الكل بقولنا في بعض الاشارات انه لما ظهر ما ظهر لما ظهر بما ظهر تثلث ما ظهر اه فالغاية للظهور وهي ما ذكرنا ولكنك اعلم ان السافل هو عين الظهور المحتجب بالظهور فالذات ابدا في غيبها والظهور في عمائها

سر خفي وعلم الهي : اعلم لو كنت تعلم ان العلة الفاعلية والغائية قد اتحدتا مطلقا في الفعل البدوي لا الالتي او مطلقا لان الفاعل ليس الا نفس الظهور للذات الظاهرة في الافاق والانفس والمظاهر انما اوتي بها لاجل ظهور ذلك الظهور وتشعشع لمعان ذلك النور وتلك هي حد الغيور واصطنعتك لنفسي وخلقتك لاجلي نحن صنائع ربنا لا ذات الله جل وعلا لتنزهها عن ان يكون غاية وان كان هو غاية كل ذي غاية فالغاية لظهور الظهور لا نفس الظهور وهو اي الثاني ظاهرية الحق سبحانه لما ظهر له به ولما كان كل يعمل على شاكلته كان كل السوافل والمظاهر على هيكل الظهور الذي هو هيكل التوحيد قال عليه السلام نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هيكل التوحيد اثاره فتحققت العلة الصورية فاقترنت واتصلت ولما كان السافل ليس الا العلم والعمل اذ قيمة كل امرء ما يحسنه من العمل فقوام العمل بالعلم وهو مادة المواد واسطقس الاسطقسات وليس الا علم العالي بالسافل الذي هو نفس السافل وعلم السافل بالعالي الذي هو نفس العالي وانما هو ذلك الظهور الهاتف بالعمل الطالب للمظهر كان ذلك مادة له فهو نور الانوار فهو ( فتحققت خ ) العلة المادية فاقترنت فاجتمعت الاربعة المتناسبة في الاكوار الثلثة والاكوار الثلثة في الادوار الاربعة فصاح الديك ونعق الغراب وهدرت الحمامة وانتشرت اجنحة الطاووس على الجبال العشرة فتم الامر بالباء ثم بالميم وظهر سر ذلك في الم ببيان ان الالف هي عين الباء فافهم

كشف غطاء : ونزيدك توضيحا لان المقام من مزال الاقدام فكم زلت للاعلام فيه الاقدام فاعلم ان الظهور هو الفاعل اي الظاهر اي الكلمة التامة وظهورها هي الغاية وهي الدلالة والودق الغدق المغدق الهاطل من سحاب التجلي الاول وظهور المقابل في المرءاة الاولى وذلك هي مادة المرءاة اي نفس الصورة والزجاجة محلها وتلك الصورة كهيئة الظهور الا انها تختلف بالقوابل نعم ما قال :

وعينك عيناها وجيدك جيدها ولكن عظم الساق منك دقيق

فافهم لئلا يشتبه عليك الامر ولو سئلتني عن حقيقة الامر

اخاف عليك من غيري ومني ومنك ومن زمانك والمكان

والتلويح اليه انك بعد ما علمت البيان من الرحمن في حقيقة الانسان يظهر لك سر العلة الفاعلية فاذا تفطنت لمعاني ذلك البيان سطع نور العلة الغائية فانها وان كانت متاخرة في الظهور لكنها متقدمة في الذكر فاذا اتيت المدينة وجدت العلة المادية فاذا ادخلتها ( دخلتها خ ) من بابها او من ظهرها تنكشف حقيقة العلة الصورية فانتهت الامور الى الواحد الا الى الله تصير الامور انا لله وانا اليه راجعون والخلق بعد صنائع لنا وخلقت الخلق لاجلك هنالك الولاية لله الحق وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا فافهم راشدا ما القينا عليك من اسرار الحق والكبريت الاحمر ولا تقل ان العلة الفاعلية هي عين العلة المادية مطلقا او الصورية كذلك فانه كفر وزندقة بل لما اشرنا اليه كما توهمه بعض الجهال من اهل العناد لما سمع ذلك من الاستاد ادام الله ظلاله على رؤس العباد والسلام

اللمعة الرابعة - في المحبة وبيان قوله تعالى فاحببت ان اعرف قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قال عليه السلام المحبة حجاب بين المحب والمحبوب وقال عليه السلام قلوب خلت عن ذكر الله فاذاقها الله حب غيره ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - اعلم ان الالفاظ والعبارات لا توصل الا الى المفاهيم الذهنية التي هي دلالة اللفظ المتشخصة بالعوارض الغيبية من الصفا والكدورة والمقابلة وعدمها وتمامها ونقصانها فتتكثر بعدد الالتفاتات الذهنية وليس المراد الا الواحد والعلم نقطة كثرها الجهال هذا حكم المقابلة الاولية في العوالم اللفظية فما ظنك بالذي قابل المقابل سيما بعد تعبيره باللفظ غير الاول مع القطع بان اكثر المعاني لا تعبر ولا كلما يعبر يقدر المعبر على التعبير على وجهه ولا كلما هكذا يصح ان يتلفظ ولا كلما يصح التلفظ يتضح المطلب وهكذا كلما بعد بعد وجه اصابة المراد فمن اقتصر على العبارات حرم عن الاشارات والتلويحات وما عرف الا قشور بعض الصفات واحتجب عن مشاهدة الذوات في حلية الصفات ولنعم ما قال ان اغلب الناس قتلاء العبارات ومن نظر الى حقيقة المعاني قاطعا التفاته عن المباني يقف على السر الالهي في اللب الانساني فاذا يدرك البيان ببدائع المعاني فبعد ما التفت الى اللفظ تتزايد له المعاني ويتصل بالامال والاماني فيعرف التلويحات والاشارات ويتفطن لدقائق الاوضاع والاضافات والاقترانات وكيفية اداء العبارات والى ما ذكرنا اشار رب البريات واوحى ربك الى النحل منتحلي العلم لكونه محله على معنى وكان عرشه على الماء في الحقيقة الاولية والحقائق بعد الحقائق الى اخر اكوارها في ادوارها ان اتخذي من الجبال الالفاظ لكونها محل المعاني وظاهرها ومحيط بها كالجبل المحيط بالدنيا ق والقران المجيد بيوتا اصولا وقوانين ومن الشجر المعاني لتشعبها بالجهات عن اصل واحد ومما يعرشون من الارتباطات والاضافات بين الالفاظ والمعاني بحكم المناسبة الذاتية او بين الالفاظ اي الكلمات بعضها مع بعض من المنطوق الصريح وغيره ودليل الاشارة ودليل الاقتضاء وفحوي الخطاب ولحن الخطاب لاحظا للمعاني راعيا الميزان القويم والقسطاس المستقيم ثم كلي من كل الثمرات بالنظر والتتبع في الكلمات والاشارات من اهل الحق والثبات او مطلقا اذ عندك الميزان البات فاسلكي سبل ربك ذللا بالنظر الى الميزان وربط المناسبات والنظر في الحقائق والتلويحات الكونية الوجودية واللفظية والملائمات البرزخية والمقارنات الحرفية والموافقات العددية والمرابطات التعبيرية ومقامات التادية من العبارة واقتضاء المقام يخرج من بطونها اي تلك الاحكام الكلية شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس وهدى ورحمة من امراض جهالتهم الى نور العلم الكلية من الابواب التي تنفتح منها الف باب فاذا فهمت هذه القاعدة الكلية في معرفة الاحكام اللفظية فاستعملها في كل مقام وانظر الى الحقيقة ثم اعمد الى اللفظ ثم في المرابطات سيما في معرفة مطالبنا فانها من الكتاب والسنة وما اجمعت عليه الامة ولا ينفتح ابواب الاحاديث الصعبة المستصعبة الا بهذا المفتاح القوي والا فكل يدعي وصلا بليلي وكاين من اية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون فنقول هل تجد في ذاتك تجدد وحركة ام لا فان قلت نعم فهل قبل التجدد كنت ام لا فان قلت لا صدقت وان قلت نعم كذبت فان الذات لا تتوقع شيئا من حيث الكينونة والتحقق غيرها فان تحققت ( توقعت خ ) فلم يكن ما فرضناه هو هذا خلف فاذا ليس في الذات الا هي وهي من حيث هي ليست الا هي وكلما يتاخر فهو المتاخر و( الا خ‌ل ) لا يكون الا المتاثر فان المتاخر تاكيد المتقدم في السلسلة الطولية كقولك ضربت ضربا وقعدت جلوسا فانت في كينونتك انت ثم تميل الى شيء بحركة قلبك اليه لكنها في غاية السرعة لانها في اعلى مراتب اللطافة بالنسبة اليك وهو اول ذكرك للشيء وذلك هو المشية قال عليه السلام اتدري ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول وهي الارادة قال عليه السلام الارادة من الخلق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل وهو الاختراع قال عليه السلام المشية والارادة والاختراع معناها واحد واسماؤها ثلثة ومن حيث ان الميل لا يكون الا للملائم ( الى الملائم خ ) واليه يسمى حبا ومحبة فالمحبة هي ذلك الذكر الاول وهي سر الوجود وظهور الحق المعبود فيعبر عنها حسب الارادات باسماء مختلفة

الاشراق الثاني - ولما كان هذا الذكر الاول المسمى بالارادة يختلف في الشدة والضعف والزيادة والنقصان وله مراتب كثيرة غير محصورة لكن كلياتها تجتمع في تسعة مرتبة اول بالتربيع ( مترتبة اول التربيع خ ) والجذر المستنطق بكمالي الظهوري والشعوري في احب الاسماء واكرمها سميت كل مرتبة باسم يغاير الاخرى وان اجتمعت في اسم المحبة وكل ذلك مظاهر ذلك الذكر ومقاماته حسب المذكورية فالاولى يسمى ميلا وهو انجذاب القلب الى مطلوبه والثانية تسمى ولعا وهو اذا قوي ودام ذلك الانجذاب والثالثة تسمى صبابة وهو اذا اخذ القلب في الاسترسال الى من يحب فكانه انصب كالماء اذا فرغ لا يجد بدا من الانصباب والرابعة تسمى شغفا وهو اذا تفرغ له بالكلية وتمكن ذلك منه والخامسة تسمى هوى وهو اذا استحكم في الفؤاد واخذه عن الاشياء والسادسة تسمى غراما وهو اذا استولى حكمه على الجسد والسابعة تسمى حبا وهو اذا نما وزالت العلل الموجبة للمنع للميل والثامنة تسمى ودا وهو اذا هاج حتى تفني المحب عن نفسه والتاسعة قيل انها تسمى عشقا وهو ما اذا طفح حتى فني المحب والمحبوب وفي هذا المقام يرى محبوبه ولا يعرفه والوجه في ذلك ان الشيء له شئون ذاتية وشئون عرضية وشئون اضافية ووضعية وحقيقة صرفة ولطيفة محضة المجردة عن الشئون المنزهة عن الاعتبارات صور الهية ومثل ربوبية خالية عن المواد عارية عن القوة والاستعداد تجلى لها بها فاشرقت وطالعها فتلالات والقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله وتلك الشئون هي سبحاتها وهياكل تنزلاتها واذا التفت اليها كانت في عوالم غربتها وهجرتها وعدم الوصول الى مسكنها وموطنها واذا غفلت عنها فهي في انسها وكمالها وذلك الذهول المطلوب لا يكون الا بالميل الى عاليها كما انها ليست الا هو فاذا مالت الى العالي ونظرت اليه اخذت تنجذب تلك السبحات وتنكشف الافاضات فاولا يذهل عن غيره من الشئون العرضية وبينها تلك المراتب الاولية عن الميل الى الهوى ثم ياخذ في الذهول عن نفسه بمراتبه من الغرام الى الود ثم يذهل عن العالي المنظور اليه ويتصل به اتصالا عيانيا من حيث فقدانه ودخل المدينة على حين غفلة من اهلها فان المحبة حجاب بين المحب والمحبوب لاقتضائه التثليث وهو ينافي الحبيب ففي الاول كان نظرها الى كرة كلية ذات حركات وضعية ولها دورات عرضية وفي ثخنها الافلاك والكرات الكلية والجزئية مع متمماتها وحواملها وتداويرها وقراناتها واوضاعها المستندة المتقومة باقطابها ومحاورها وفي الثاني نظرها الى نفسها من حيث متمماتها الحاوية والمحوية وفي الثالث نظرها الى القطب النقطة الحقيقية المقومة للكرة مع قطع النظر عن نفس الكرة ولواحقها الذاتية والعرضية وفي الرابع تخرق حجاب النقطة وتنظر من ( في خ ) اول نظرها من سم الابرة حتى تخرق حجاب النهاية واخذ في اللانهاية فلا غاية ولا نهاية ليس لمحبتي غاية ولا نهاية فلحق الاول بالاخر والباطن بالظاهر

الاشراق الثالث - حبك للشيء جهتك اليه واستدارتك عليه فان كانت ذاتية تدور لا الى جهة ولا وضع ولا محور لها فان كانت الاستدارة على خلاف التوالي كان ذلك عين محبوبك لك فانه قد تجلى لك بك فهو محبك ومحبوبك احبك بك واحببته به فنظرت اليه به ونظر اليك بك وهذه ولعمري هي المحبة الصادقة ولا زوال لها ولا اضمحلال بل هي باقية ببقاء المحبوب فيما لم يزل ولا يزال فلا يزال هو متجلي له به وجاذبه عنه وهو فان فيه ومنجذب اليه كانجذاب الحديد للمقناطيس بلا كيف ولا اشارة وهذا هو الاستيناس في ظلال المحبوب احب محبه فاحبه بعين محبته له فمحبة المحبوب لمحبه في هذه السلسلة اقدم احب جماله بجلاله فنظر جلاله الى جماله بعين جماله كما نظر الى جلاله بعين جماله ولست ادري عرفت مرادي من هذا البيان المردد المكرر ام لا وهذا عكس ما يزعمون فان جهة العالي وميله الى السافل لو كان في رتبة العالي لكان السافل عاليا فيجب ان يكون في رتبة السافل لا بحيث يلزم العكس من كون العالي سافلا بل العالي عال والسافل سافل فالظهور للسافل بالسافل من حيث كونه عاليا وهو المحبوب المتقدم محبته ( محبة خ ) لمحبه على محبه ومحبة السافل للعالي بالعالي من حيث كونه سافلا اعرفوا الله بالله وقال من قال ولقد اجاد في المقال :

رات قمر السماء فذكرتني ليالى وصلها ( وصلها خ ) بالرقمتين

كلانا ناظر قمرا ولكن رايت بعينها ورات بعيني

واما حب الشيء نفسه عين نفسه وهذا معنى محبة الحق للخلق ومحبة الخلق للحق يحبهم ويحبونه فتام المحبة من لا يرى سوى المحبوب وكاملها من يفقد المحبوب بالاشارة لانه دخل المدينة على حين غفلة من اهلها فاتحد المحب والمحبوب والمحبة الا انه هو هو ونحن نحن ولما كان الايجاد انما كان بالمحبة سرت وجرت المحبة في كل موجود ومكون غائب ومشهود فماتم شيء موجود او معدوم جوهر ام عرض لفظ او معنى الا بها فهي شمس عالم الوجود لانها نار الشجرة الغير الشرقية ولا الغربية الماسة زيت تلك الشجرة الصافي الذي يكاد يضيء ( في عالم الشهود خ ) ولو لم تمسسه تلك النار في فلك الاسم الودود فبحرارتها استقام كل مزاج وهي منشا كل سرور وابتهاج فهي مادة المواد وصورتها الاتصال بالمراد وببرودتها ظهر ذلك النور بما فيه من القابلية والاستعداد فكل محبة تستلزم الاتصال وكل اتصال يلزمه الانفصال فبالاتصال يسكن المحب وبالانفصال يتحرك سريعا فلولا الاتصال بطلت المحبة لكونها فرع مشاهدة الجلال والجمال فلا محب ولا محبوب ولولا الانفصال تمت وانتهت وليس لمحبتي غاية ولا نهاية فهو دائما يسير الى محبوبه ودائما يتجلي له محبوبه فاذا سكن عنده تجلى له في مقام اعلى فيشتد سيره ويعظم ميله

كلما جاء كاس ياس مري رجاء كاس من الرجا معسول

فبالحب سكن السواكن وتحركت المتحركات فالساكن لسرعته لا ترى لها حركة خلق ساكن لا يدرك بالسكون مع انه عين الحركة وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء وتلك الحركة لتلك الحرارة والداعية المشوقة السارية في كل الذرات من باب الايات وهي اثر حب الله قد سري في خلقه ليكمل به ميولاتهم اليه مع تباين اطوارهم وقد ضجت اليه الاصوات بفنون اللغات واجتمعت لديه العقول المتباينة المتخالفات وهو سر توحيده واية تفريده وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد وهي تلك المحبة السارية في كل اقطار الوجود وبها امتاز العابد من المعبود ولولاها لم يكن شيء موجودا وهي سر الايجاد وعلة الانوجاد وجهة الاتصال ومادة الانفصال تسرع الاشياء ( بالاشياء خ ) الى مباديها وتوصلها الى اصولها وجواهرها وتعرفها مقامها ورتبتها اجمل لك المقال بانها عين الكمال في المبدء والمال والسلام على اهل الوصال

تنبيه : العالي لا يزال يحب السافل ويلتفت اليه من حيث هو كذلك ولولاه لا سبيل للسافل اليه والسافل ليس الا عين محبة العالي ومحبوبيته له ومحبيته فالقول بان العالي لا يلتفت الى السافل بظاهره باطل اذ السافل ليس الا التفاته فوجوده نقض لقولهم نعم التفات الانتفاع منتف وكذا الذكر عند الذات هذا في السلسلة الطولية من الازل الى الابد الذي هو نفس ذلك الازل فكل سافل سائر الى جهة العالي ومشتاق اليه وراغب فيما لديه ومنقطع اليه ولا يريد سواه ولا يطلب غيره من حيث هو وكذا العالي بالنسبة اليه الا ان محبة العالي مقدمة فاحبه بما جعله فيه من محبته فاحبه بمحبته له لا العكس ومحبة السافل تقتضي الدوران والاستدارة الابدية على نفسها لانه يطلب العالي في سيره لفرط شوقه فكلما يصعد اليه يرجع قهقري عند نفسه فيطلب الغير في مقامه ولا يمكن الوصول اليه فلذا لم يزد ( لم يزدد خ ) الا حبا وشوقا وشغفا وغراما وولعا ولا يزال يتجدد له تجلي المحبوب ولا ينزل اليه ابدا

قذفتهم الى الرسوم فكل دمعه في طلولها مطلول

الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق وان الله لا يتجلى في صورة مرتين لا بذاته حاشا ربي بل بتجليه فهم من فهم وعرف من عرف ان جمال المحبوب له ظهورات حسب مراتب المحبين المشتاقين الولهين الفانين ثم لجماله جمال ولجمال جماله جمال وهكذا وللكل طالب ومشتاق لكن لا يطلب جماله الا جماله ولا يريد وصاله الا جلاله ولا يبصر نوره الا طرفه

اعارته طرفا رءاها به فكان البصير بها طرفها

ولو كان لك بصر حديد او القيت السمع وانت شهيد علمت عيانا وشاهدت احساسا انه ما احبه الا نفسه لا كما يقوله اهل الضلال فان كلمات اهل الحق والباطل متشابهة في ظاهر الحال بل لما ذكرنا واصلنا لا يرى فيها ( فيه خ ) نور الا نورك ولا يسمع صوت الا صوتك وتلك المحبة هي القطب الذي عليها مدار الاكوار والادوار في كل الاطوار لا الى جهة كما هو شان الاستدارة على القطب وهناك لا فرق بين دوران الاكوار والادوار فان كل ذلك دورة الهية سرمدية وذلك القطب كرة يدور على قطب محبوبه فانقلبت الدايرة كرة والكرة نقطة وهي دايرة على نفسها على التوالي وخلاف التوالي

الاشراق الخامس ( الرابع ظ ) - اذ قد علمت ان الوجود قام بالحب وعاد اليه فاعلم ان المحبة محبتان ذاتية وعرضية والذاتية ذاتيتان احديهما هو اللانهاية السائرة الدائرة على محبوبها بالاستدارة الحقيقية لا الى جهة وقد تقدم حكمها وثانيهما مقامات النهاية وكل نهاية سيرها الى جهة فلا تكون ( فلا يكون خ ) الدوران الى القطب بل على المحور فتختلف مراتبها في المحبة حسب ميولاتها التكوينية المحضية والوصفية فاعلاها المقامات العقلية فانها من حيث كينوناتها لا تسير الا الى جهة تلك المحبة وتميل الى الحدود الغيبية المعنوية والى المعاني الكلية ولقربها الى المحبة الحقيقية سريعة الوصول انحرق ( لخرق خ ) حجب النهاية الى اللانهاية ولذا لا يميل الى ما ينافيها ويضادها ولا يشتاق الا الى خدمة المحبوب وملازمته وامتثال اوامره ونواهيه وايثار محبوبه الحقيقي على ما سواه فهو لا ينظر الا الى تلك المحبة لكنها في حجاب رقيق يتلالؤ بخفق وهو من زبرجد واسفلها المقامات الصورية المترتبة الى العشرين وتجمعها الصور النفسية والجسمية والعرضية من الكيفيات والكميات والجهات والاوضاع وغيرها واعلاها الاعلى وهي الادنى فاقدة المحبة الحقيقية لكمال بعدها عنها واحتجابها بالغواشي حتى تشغله الكثرات وتلهيه الاضافات والميل في هذه المقامات لا تكون لذاته بل لجهة من الجهات وحيث من الحيثيات وذاتيتها الى الاخر ربما ينبئ عن ميل الاخر وتؤالفهما في العالم الاول الذر الثالث وتقابلهما وتواجههما وقد لا ينبئ لجواز ان يكون في ذلك العالم وجهه على ظهره هكذا دد او يكون الميل العرضي بدواعي اللطخ والخلط وقد ينبئ ذلك عن ميل الاخر اليه فالواقف في هذا المقام لم يزل في احتجاب وابدا على وجه مقصوده حجاب ونقاب فسيره العرضي المعكوس وشمس مدارجه في الافول والطموس واوسطها الاوسط وهو الحجاب الاسود لا تدور الا الى الجهة وهي الجهات الحسية والمدارج الرسمية حجاب غليظ وميلها عكس الميل الكلي فلا تميل الا الى الصور الجسمية ولا يشتاق الا اليها ولا يهوى الا اياها وتترقب عليها مقتضى محبتها ومودتها وفيها نسيان المحبوب الاول لان كينونتها على خلافه وان كان قوامها به ودلالتها عليه فشوقها الغريزي وميلها الذاتي الى الجهات وذوات الاوضاع والحدود وكذا الشوق الوجداني والشعوري فانهما قد يتخالفان عند احتجاب الواقفين بالحجب الظلمانية والا فلا اختلاف كاهل الجنة في درجاتهم ومقاماتهم حسب اقتضاء كينوناتهم باعمالهم ودواعي اقبالهم ولا يميلون الى ما ليس لهم ولا يشتاقون اليه ليكدر عليهم صافي شربهم ( مشربهم خ ) كما في الدنيا ام تحسدون الناس على ما اتيهم الله من فضله ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض وقال عليه السلام لو كشف لكم ( الغطاء خ ) لما اخترتم الا الواقع فالمحبة الكينونية هي المتقدمة ولها الحكم والتاثير في حال التخالف لانها ذاتية والاخرى عرضية واسفلها السفلى وتلك المحبة حجاب اسود غليظ كالليل الدامس كثير الحيات والعقارب فيه اهوال منكرة ومقامات مظلمة ولا تميل الا الى الحدود الكثيفة وهي عن المحبة الحقيقية بعيدة بعيدة وفي هذا المقام يحصل الميل الى الصور المقدارية الجميلة والشمائل المستحسنة كما هو معهود الان في ابناء هذا الزمان وغيره واما دعوى مجازية هذه المحبة وامثالها فاعلم ان الحدود من حيث هي حدود لا تكون مجازا اذ حركتها تبعية وسيرها لظهور الحقيقة وحركتها ضدية مجتثة فتدور على خلاف جهتها فبطلت المجازية نعم المحدود مجاز للمطلق والنور مجاز للمنير والحركة مجاز للمتحرك لا من حيث هي كذلك فاذا نظرت اليها لا من حيث هي بل من حيث ظهور العالي كان مجازا فاذن انطوت الحدود واضمحل لها الوجود والشهود فالواقف في مقام مجاز المجاز حيث لم يصل الى الحقيقة ان كان صادقا لم يكن نظره الا اليها فحيث لم يصل اليها بعد هو في مقام صحوه ورتبة فعله وعالم فرقه ففي عالم الفرق للمحبوب ذكر عند المحب كما في عالم الجمع محو وسكر واتحاد بل وحدة في مقام الحب الحقيقي الذي هو عين المجازي فاهل المجاز الواقفين في عالم الاغيار والاكدار حيث فقدتهم العين فاين لهم من الذكر ولما كان ذكر المحبوب اللائق له لا يمكن الا بعد الاتصال في مقام هو نحن ونحن هو ويتعذر ذلك لاهل المجاز حيث هم بعد طالبون للجواز ابان لهم المحبوب في مستسرات الغيوب وجعل لهم في عالم البين والفرق تلك الاذكار لتكون موصلة لهم الى تلك الديار اذ كما عرفت ان المحبة في الرتبة الاولى هي ذكر المحبوب وذلك الذكر هو ما اسس الشارع من انواع الطلب واقسام التذكر فاذكروا الله كما هديكم ومن المعلوم البين ان المحب ان حرم عن المشاهدة وهو صادق لم يزل في ذكر المحبوب وفكره فاذا نسي الذكر فهو كاذب في دعواه ومفتر في مدعاه

تعصي الاله وانت تظهر حبه هذا لعمرك في الفعال بديع

ان كنت فيه صادقا لاطعته ان المحب لمن احب مطيع

فالذي نظر الى الحدود واحتجب عن مشاهدة المعبود واشتغل بها عن الركوع والسجود ويدعي انه من اهل المجاز فهو كذب وزور وفرية وغرور فاذا اشتغل بذكر المحبوب ذكره المحبوب فاذكروني اذكركم فجذبه اليه واخرجه عن الحدود فلا يرى شيئا الا ويرى لمحبوبه فيه شهود فان كان من اهل المجاز يبكي ويشتد حزنه وبكائه وغلقه واضطرابه لفقدان الجلوس مع المحبوب على سرير القرب في عوالم الغيوب فاذن لا يتفاوت له مظهر دون مظهر واثر دون اثر اذ لا غاية له الا ملاحظة المؤثر المحبوب فكل الايام له يوم واحد وكل الاشياء عنده شيء واحد وهو ظهور المحبوب فلم يزل ناظرا في اثاره واياته ولاحظا في مقاماته وعلاماته وملتزما ذكره وفكره كما كان للاولياء الصديقين والاحباء الراشدين واهل العرفان واليقين مثل ذلك الهندي الذي كان ينظر الى السماء فيبكي والى الارض فيبكي والى الشرق فيبكي والى الغرب فيبكي والى الجنوب والى الشمال ولم يزل يشتغل بتلك الاحوال ومثل السلمان ( سلمان خ‌ل ) اعجوبة الزمان وهؤلاء لعمري قليلون وهم عظيمون جليلون فمن فرق بين مظهر ومظهر واثر واثر وقصر نظره في واحد دون الاخر فهو محدود ومحجوب لا يريد في قصده حقيقة المحبوب بل هو لا يقصد الا ذلك الشيء المطلوب وجعل قوله المجازي شبكة لصيد الجهال ومجازا الى الكفر والاضلال الم تنظر الى ما قاله اهل الاصول التي هي ظاهر الوصول وباطن الحصول ان استعمال الكلي في الفرد حقيقة اذا لم تلاحظ فيه الخصوصية بوجه والا فهو مجاز ومرادهم بالحقيقة هو المجاز وبالمجاز هو ظاهر الجواز وهو الحقيقة الثانية المجتثة

ارشاد : يا اخواني لا تغتروا باقوال بعض السفهاء المتسمين بالحكماء وهم اجهل الجهلاء حيث رخصوا اهل الدواعي النفسانية الشهوانية في عشق الصبيان والغلمان المردان وصرف بضاعة العمر في عشقهم الذي هو عين الطغيان بادعاء انه المجاز والمجاز قنطرة الحقيقة فاشتغلوا بها عن الصلوة والصيام والاقبال الى الله والخضوع والخشوع والتضرع له والابتهال اليه في السر والاعلان فلا يتوجه الى الصلوة لو وقف لاجل الناس اليها ولا يقوم لله بعبادة ونسك فلو وقف للصلوة فهو مشغول بذلك الغلام الامرد بل ربما يخاطبه فاذا ناداه وهو في الصلوة قطعها ولباه واذا راه شهق شهقة ونعق نعقة كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ولست ادري كيف يكون المجاز مخالفا للحقيقة وكيف يكون الطريق منافيا للطريقة وانت لو نظرت المرءاة وقصدتها في نظرك والتفت اليها في قصدك فقد احتجبت عن المقابل ومانظرت اليه ونظرك اذن في المرءاة غلط وعبث وهباء والاشياء كلها مرايا مستقيمة لكونها مخلوقة على الفطرة ولا ينظر العارف الى الشئونات المختلفة التي هي جهاتها وانياتها بل لا قصد له الا ملاحظة جهة المحبوب فصح عندي وعند العرفاء الكاملين المؤمنين الممتحنين الذين ميزوا الغث عن الثمين واشتغلوا بائمتهم المهتدين عن كل اهل الظن والتخمين وانت ايضا لو تاملت فيما ذكرنا واصلنا لك من الاصل الاصيل الذي هو اعظم برهان ودليل ان عشقهم هذا قبيح وهو والله من فعل البطالين والمعطلين لا دخل له في السلوك الى الحق المبين بل هو طريق الى الجهل الكلي بمعونة الشياطين وهو اغلظ الحجب واكثفها للسالكين وقد وقفنا بحول الله وقوته على ماهيته وعلله واسباب معانيه وغايته ولذا لما سئل مولينا الصادق عليه السلام عن العشق قال عليه السلام قلوب خلت عن ذكر الله فاذاقها حب غيره وهو في الحقيقة طرد وخذلان نعوذ بالله من غضب الله ومن فسره بالتنبيه ليس له وجه وجيه ولم‌ يطلع على السر الحقيقي الذي فيه وليس هو فضيلة نفسانية بل شبكة شيطانية وما اعجب ما استدلوا على هذا الطريق الباطل والمسلك الهائل بوجود هذا العشق في المبادي العالية مثل اهل الفارس واهل العراق واهل الشام والروم وكل قوم فيهم العلوم الدقيقة والاداب الحسنة والصنايع اللطيفة وفقدانه في مثل الاكراد والاعراب والترك يا سبحان الله ما عرف ان اكثر الناس لا يعلمون ولا تجد اكثرهم شاكرين وان اهل الحق قليلون وقليل ما هم وقليل من عبادي الشكور والسر في ذلك انه ما اطلع على حقيقة الامر وماخذه والا لم يتفوه به والاشارة اليه مجملا ان الله سبحانه لما امر اللطيفة الالهية والحقيقة السرمدية بالادبار لتصحيح الاقبال فنزل الى الجماد وكلما بالفعل كان بالقوة وخفيت المبادي العالية والعوالم الاولية فلما امرها بالاقبال لا تمام الادبار اخذ في الصعود فكل مقام وصل اليه راه حسنا وحسبه منزلا لنسيانه تلك الفسحات النورية والعوالم الغيبية وكل سافل يظهر في الصعود قبل العالي الى ان وصل في صعوده الى مقام النفس مقام الكثرة ومقام الاختلاف والصورة وراى فضاء واسعا وعالما فسيحا اقام فيها وتمكن النفس في مدينة حقيقتها واستولت على عرش سلطنتها واطاعتها الحواس والقوي والمشاعر وهي لا تشتهي الا المخالف وبرهانه ياتي انشاء الله تعالى فاذا ظهر العقل بعد تمكنها واستقرارها ودعي القوي ان تتوجه الى عالمه فانه احسن واوسع واشرف وفيه وجه المحبوب عصت النفس وصعبت على القوي اطاعته لتمكنها ومنعها فارسل الله الرسل معينا له وظهيرا فكلف يعني امر الناس بالتكلف والمشقة مع ان الطاعات كلها من مقتضيات العقل وراحة للملائكة العقليين ومشقتها لما بينا من سلب ما عادت النفس عليه ولذا طلب الاكثر الراحة وما تقلدوا بهذه القلادة واقلهم الذي قبلوا اكثرهم انكروا ما يدعوهم الى مخالفة النفس كثيرا كالولاية واقلهم الذي قبلوا اقتصروا على الظواهر وغمضوا عن البواطن وما قتلوا انفسهم الا قليل قليل قليل ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل واولئك هم الفاسقون ولست ادري كيف كان اهل الفارس والروم من المبادي العالية الا من جهة شيوع اشتغالهم بالكثرات وغلبة الفسق والكفر فيهم واما علومهم فليست مما يتعلق بالدين ولو فرض ذلك فانما هي صناعات العلم يهتف بالعمل ولا عمل الا ذكر الله وليس ذكر الله الا كما حدده الله في كتابه وبينه رسله وخلفاءه فمن تعدى ذلك الحد فقد استوجب الحد واستحق الرد واما الاكراد والاعراب الذين اشار اليهم اترى ذلك فيمن اشار اليهم فهم بعد ما ترقوا عن عالم الحس وهم كانهم خشب مسندة وما التفتوا الى ما التفت اولئك الاعلام من تسخير سلطان النفس وليتهم ( لانهم خ ) ايضا ما وصلوا اياهم وما ترقوا ليسلم الناس من شرهم اعلم ان الشرافة الكينونية هي الصورة الانسانية وهي حدودها التقوى والحب في الله والاشتغال بذكر المحبوب كما اراد منه واذكروه كما هديكم لعلكم تفلحون فاذا نقص شيئا منها نقصت انسانيته وجائت شيطانيته او ان الانبياء قد قصروا في الاداء وما اخبروا اممهم بذلك المقام الاعلى واما استدلالهم لغاية التربية فاسوء حالا واعظم عيبا الا ان يقولوا ان الله سبحانه ما اراد تربية من ليس له تلك الشمائل المستحسنة مع ان هذه كلها استحسانات شعرية واما دعوى ان الله سبحانه خلق تلك المحبة في قلوبهم فلا تحسنه لان الله خالق كل شيء كتب الايمان في قلوب المؤمنين بايمانهم وخلق الكفر فيها بكفرهم بل طبع الله عليها بكفرهم والغاية هي اختيارهم وطلبهم اياها من مفيض الخير والجود وتقابل اودية قابليات قلوبهم بفوارة النور كالشك والوهم والظن والوسوسة والعناد والريبة وكل ذلك مخلوق لله قل الله خالق كل شيء واما القول بانه يجعل الهموم هما واحدا فغريب جدا فان الشخص وان كان في عالم وقوفه له شئون لكنها ليست ثابتة بحيث تشغله عن كل شيء فالكثرة دليل عدم الثبات فتساقط حال التعارض ويتفق للشخص التخلية والاقبال الى الله في اغلب الاحوال لكنه في تلك الحالة الميشومة المسماة بالعشق لا يرى لغير معشوقه تحقق وتاصل ( تحققا وتاصلا نسخة ٢٤ خ ) لا يبرح في ذكره وفكره في الخلوات واوقات الصلوة بل لا يلتفت الى الله ابدا في تلك الحالات ويقطع الرحم وكل شيء يقطعه عن معشوقه وان كان طاعة الله جل شانه فيكون العاشق في كل تلك الاحوال مشركا الى ان يخرج منها وهو في محل الشك والغالب انه يرتحل الى الاخر وبقاءه الى حد التحاء معشوقه نعوذ بالله من غضب الله تعالى يا اخي تنبه عن سنة الغفلة واعلم ان الله سبحانه لا يتوجه اليه من جهة الغفلة عنه ولا سبيل اليه الا بما دلوا وامروا عن الله سبحانه وهم المعصومون المطهرون المنزهون عن الخطاء والزلل والسهو ودع غيرهم ان كنت امنت بهم فانهم الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتهم وطريق هدايتهم والله خليفتي عليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

تكميل : لما كانت المحبة هي الميل الى الاخر الموافق والتوجه اليه والممكن مركبا كانت كل حركاتهم واستداراتهم على جهة المحبة والشوق من الذاتيات والعرضيات والدورة المتوالية وغيرها ولما كانت هي الاختيار المحبوب لله سبحانه كانت المشية التي هي عين المحبة قسمين مشية حتم وعزم فالاولى على المقتضى الاول لا يخالف شيء منها محبتك وكلتا يديه يمين والثانية لكونها منه واليه امر ولم يشا وشاء ونهي وكلاهما على مقتضى المحبة وتلك هي عين الصنع لما ذكرنا ولصريح قوله تعالى فاحببت ان اعرف لان المتاخر يمتنع ان يكون عين المتقدم ولما كان الخلق متاخرا عنها وامتنع اتحاد الرتبتان ( الرتبتين خ ) فتكون الرتبة ثلثة بالعبارة الظاهرية المحب والمحبة والمحبوب والعبارة الحقيقية الاحدية والواحدية والرحمانية الذات والفعل والمفعول والوجود الحق والوجود المطلق والوجود المقيد المعبود والوجه والعابد والظاهر والظهور والمظهر وغيرها من العبارات لكن في الاولى والاخيرة تسامح واضح فافهم

اللمعة الخامسة - في تنقيح القول فيما اشتهر عندهم ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد قال الله عز وجل وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر او هو اقرب ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا قال عليه السلام لا يشغله علم شيء عن علم شيء ولا خلق شيء عن خلق شيء ولا حفظ شيء عن حفظ شيء ولا يساويه شيء ولا يعادله شيء وليس كمثله شيء وهو السميع العليم ولها اشراقات :

الاشراق الاول - الواحد حقي وحقيقي وانبساطي شمولي وجنسي ونوعي وشخصي بل ليس الا الحقيقي والحقي هو الاحد والاول هو السرمد والاصدار اظهار الاسماء والقاء الامثال ووجه البيان وظهور المعاني بباب الفيض الاقدس ولا يليق هذه الامور في الواحد الاحد اذ المسمى والموصوف معروف ومحدود وكل محدود معدود وكل معدود له عاد فيتناقض كل موصوف بنفسه معروف وكل قائم فيما سواه مصنوع فنزه ساحة الوجوب عن ذكر الغير وقدسه عن الاقتران والارتباط فانه هو الذات البحت البات كما مر غير مرة فاذن انقطع الكلام عن مقام الاحدية لانه مقام العماء واصل الخفاء انعدمت دونها الاسماء وبطل التعبير والاداء وبرهانه قد تقدم وهو من الضروريات فالمصدر الموجد الفاعل البارئ البديء ( البديع خ ) انما هو الواحد مقام الفيض الاقدس ومجمع الاعيان الثابتة والصور العلمية والظهورات الاسمائية والتجليات الالهية والعلوم المتعلقة المستدعية والنسب الارتباطية وام الكتاب الاولى والذكر الاول المحفوظ عن التغير والتبدل قال الحكيم ثالث الملطي كلاما ما احسنه وهو ان للعالم مبدعا لا تدرك صفته العقول من جهة هويته وانما تدرك من جهة اثاره وابداعه وتكوينه الاشياء ثم قال ان القول الذي لا مرد له هو ان المبدع ولا شيء مبدع فابدع ما ابدع ولا صورة له عنده في الذات لان قبل الابداع انما هو فقط فليس يقال حينئذ جهة وجهة حتى تكون هو والصورة او حيث وحيث حتى يكون هو وصورة والوحدة الخالصة تنافي هذين الوجهين والابداع تاييس الشيء ما ليس بشيء فاذا كان هو مؤيس الايسيات فالتاييس لا من شيء متقادم فمؤيس الاشياء لا يحتاج الى ان يكون عنده صورة الايس بالايسية لكنه عنده العنصر الذي فيه صور الموجودات والمعلومات كلها فانبعث منه كل صورة موجودة في العالم على المثال في العنصر الاول وهو محل الصور ومنبع الموجودات وما من وجود في العالم العقلي والعالم الحسي الا وفي ذات العنصر صورة ومثال عنه وهذا هو شرح ما قلنا لك فمبدعية الاشياء ( المبدع خ ) وفاعليته انما هي عند ذلك ( بذلك خ ) العنصر المخلوق وهو مقام الواحدية ورتبة اسم الحي ولا يشك عاقل في وقوع الاضافات والنسب في مقام الواحد وانتفاءها في الاحد فتكثرت الجهات وصحت صدور الكثرات بالاضافات والارتباطات وتلك صلوح ذكري لا كوني وعيني كما ياتي انشاء الله فوحدته من حيث الذات وكثرته بالوجوه والاعتبارات فبطل ما اسسوا واصلوا هذا الاصل لاجله من اثبات البسائط والعقول العشرة والعلل الفاعلية كما زعموا بما زعموا لكن الاهتداء اليه صعب جدا

الاشراق الثاني - بئس ما قايست وقبح ما حاولت في معرفة الوجوب بالامكان والعكس اما علمت ان الازل لو شابه الامكان كان الامكان من حيث هو امكان ازلا والازل كذلك كذلك وتنسد بذلك باب الايجاد والاصدار ولم يكن فرق بين المنشئ والمنشا والمكون والمكون والمبدع والمبدع والغنا والفقر وقد جمع الازل بين النقيضين وعجز الامكان عنه فما اقبح فهم من منع في الازل ما لم يجد في الامكان غير انه جعل المقامين متساويين والمكانين متحدين من جهة قلة تدبرهم وسوء تفكرهم واكتفوا بمجرد السماع وكانوا كما قال الشاعر :

قد يطرب القمري اسماعنا ونحن لا نفهم ألحانه

يا اخي نزه الحق عن لوازم الامكان ولا تثبت له ما تثبت للاكوان وقدسه عن كل مراتب النقصان فاذا قلت انه سبحانه وتعالى بذاته يخلق على زعمك فهو القادر على ما يشاء بما يشاء كيف يشاء لا يشغله علم شيء عن علم شيء ولا خلق شيء عن خلق شيء ولا يضاده شيء ولا يناده شيء فدليلهم على الامتناع لا يتم في الواجب سبحانه قالوا ان مفهوم ان كذا بحيث يصدر عنه ا غير مفهوم ان كذا بحيث يصدر عنه ب والمفهومان ان كانا داخلين في ماهية المصدر لم يكن المصدر فردا بل كان مركبا وان كانا خارجين كانا معلولين فيكون الكلام في كيفية صدورهما كالكلام في الاول فيفضي الى التسلسل وان كان احدهما داخلا والاخر خارجا كانت الماهية مركبة لان الداخل هو جزء الماهية وما له جزء كان مركبا وكان المعلول ايضا واحدا لان الداخل لا يكون معلولا وقرروا هذا الدليل بتقرير اخر زعما منهم بانه اتم وقالوا ان المفهومان المختلفان اما ان يكونا مقومين لتلك العلة واما ان يكونا لازمين لها واما ان يكون احدهما لازما والاخر مقوما وساقوا الكلام الى اخر ما ذكروا ( ذكر خ ) وانت تعلم ان الترديد ليس بحاصر لجواز ان يكون المفهومان عين العلة بلا اختلاف فان صعب عليك تصويره في الممكن فهو ذا في الواجب تقول ان مفهوم العلم غير مفهوم القدرة مع انهما عين الذات والمفهوم ان كان كذبا كان باطلا وان كان صدقا فيكون المصداقان عين الاخر والا لتكثرت الذات وبطل التوحيد فاذا ما ضرك ان تقول ان مصدرية هذا عين مصدرية ذاك بعد ما تقول انها بالذات فيكون خلقه ا عين خلقه ب والا لشغله خلق ا عن خلق ب واللازم باطل لقوله عليه السلام لا يشغله خلق شيء عن خلق شيء الذي هو علم شيء الذي لا يشغله عن علم شيء مع ما اتفقت الاراء والعقول على ان الله تعالى لا يشغله شان عن شان فبطل ما قالوا بما قالوا ثم ان قالوا ذلك من جهة ان المصدرية لا تكون الا بنسبة تصحح اختصاص معلوله به دون غيره فوجب ان تختلف باختلاف الاثار نقول لهم هل للذات نسبة مع المعلول الاول الواحد ام لا فان اخترت الثاني بطل مدعاك وصح صدور الكثرات من الواحد بجميع الجهات وان اخترت الاول فهل حيثية ذاته عين حيثية انتسابه الى المعلول ام لا بل الذات في مقام احديتها لا ذكر للغير فيها فان قلت بالاول جعلتها امرا نسبيا رابطيا وابطلت مقام احديتها وان قلت بالثاني فقد قلت بالتركيب والتكثر في المصدر الصادر الاول ايضا فوقعتم بما قد فررتم منه وما اقبح واشنع قول من قال ان المصدرية ليست صفة ثبوتية حتى يكون جزء الماهية او الخارج عنها فان النفي والاثبات ليس بينهما منزلة فاذا بطل احدهما صدق الاخر فالصفة العدمية هي اللاصفة فلم تكن الذات مؤثرة فبطلت الاشياء هذا خلف نعم انها ليست ذاتية بل هي فعلية

الاشراق الثالث - اذا قلت اثنين فدعوى واحديته اجتماع النقيضين والعقل قاطع به من غير مين وكذا اذا قلت واحدا وحاولت متعددا واذا قلت علة مباينة فقد اتيت بحكم المناقضة اذ لا يطلب وجود من يطلب عدمه فاربط هاتين الكليتين من الابواب المفتحة بمفتاح الائمة المصطفين ينتج لك الحق الواقع من البين والمناسبة ان لم تتوافق في الطرفين لم تكن هذا خلف فتتبع الوحدة والكثرة بحكم الوحدة في الجانبين فاذا وجد المعلول وجدت النسبة واذا تعدد تتعدد فافتقر الى علية اخرى وان شئت قلت الى علة والا بطلت المناسبة فتبطل العلية هذا خلف فهنا مقامان مقام العلية المطلقة من حيث هي اي بحيث تنشا عنه الاشياء مقام استوى على العرش فليس شيء اقرب اليه من اخر ( الاخر خ‌ل ) وما امرنا الا واحدة انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فتلك الكلمة واحدة وتمت ( دلالتها خ ) وهي جارية ومستمرة وواقعة على القلوب من غيب الغيوب الى نهاية الغروب الذي هو عين الشروق وهو تساوي نسبة الفاعل الى كل المفعولات ومقام علة كذا وهو مقام من مشيتك بامضاها وكل مشيتك ماضية اللهم اني اسئلك بمشيتك كلها فما بال هذا الاختلاف مع مطلوبية الوحدة والايتلاف فان كان لا عن اقتضاء القابلية بطلت حكم الاولية وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فان كان بها فمن حيث ما يشتهي هذا لا يمكن اعطاء اقتضاء الاخر والا لكان هذا عين ذلك اذ الشهوات خالفت بين المفعولات والا فالغذاء والمدد واحد في كل الحالات فما اجاب المضطر اذن سامع الدعوات وما كشف سوء العدم عمن ناجاه في الخلوات بدواعي القابليات امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء وكلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا فاذا طلب الالف والباء الظهور من فوارة النور فلا شك في اختلاف شهوتهما لصبغ الرحمة الواسعة من النور فان اعطي الالف ما يعطي الباء والعكس لم يكن الالف والباء او الالف عين الباء مع ان الالف تشتهي وتقتضي ان تكون غير الباء وابت الباء الا ان تكون انبساط الالف وهذا حكم الوجدان وضرورة الايقان تعرفه ان كنت من سنخ الانسان وهو حكم الامكان وذلك لضيق المكان وتصادم الاكوان والاعيان فثبت بالبرهان ان الواحد من حيث هو لا يصدر عنه الا الواحد في عالم الامكان فالذي عمم الحكم الى الوجوب كابر الوجدان ومانظر الى كتابة الملك المنان والذي نفي الحكم مطلقا فلا شك انه من العميان فمن اقتصر على ما حددناه فقد وقف على حد الايقان ومقام العرفان وهذا حكم قطعي لا سبيل اليه للبطلان فافهم

الاشراق الرابع - اعلم ان بعض اهل الجدال من اصحاب القيل والقال انكروا هذه القاعدة الشريفة بحجج واهية ضعيفة لا يسمن ولا يغني من جوع ولا باس بالاشارة الى بعض ذلك لارائة الطريق قيل العلة الواحد يجوز ان يصدر عنها اكثر من معلول واحد لان الجسمية يقتضي الحصول في المكان وقبول الاعراض وان الواحد قد يسلب عنه اشياء كثيرة كقولنا هذا الشيء ليس بحجر وليس بشجر وقد يوصف باشياء كثيرة كقولنا هذا الرجل قائم وقاعد وقد يقبل اشياء كثيرة كالجوهر الواحد يقبل السواد والحركة ولا شك في ان مفهومات سلب تلك الاشياء عنه واتصافه بتلك الاشياء وقبوله لتلك الاشياء مختلفة والجواب عن الاول بان الحصول في المكان من الاعراض التي تقتضيها الجسمية من حيث اقترانها بالمادة فالمكان كغيره من الحدود المشخصة صورة تقترن بالمادة بجهاتها المختلفة وحيثياته المتفاوتة والا لم تقتض الا الشكل الواحد فجهة احتياج الجسم الى المكان غير جهة الافتقار الى الزمان والا لكان الزمان عين المكان لما ذكر هذا اذا كان الاعراض هي الذاتية والا امتنع ان يكون جهة الحصول في المكان عين قبول الاعراض لاختلاف الصقعين ولزوم الترتب والترتيب في البين فاقتضت الحصول في المكان قبل قبول الاعراض العرضية الزايدة بسبعين‌ الف سنة وعن الثاني بان السلب فرع الايجاب ومتفرع عليه وثبت انه ماهية الاثبات فاذا لا يصلح ( لا يصح خ ) سلب شيء في مقام الاخر لعدم الثبوت هناك ولو فرضا فان قدرت ان تثبت الحجرية في مقام الشجرية قدرت ان تنفيهما عن كل واحد منهما وهذا قطعي لكنه دقيق وعن الثالث بان القائم غير القاعد حقيقة وموصوفهما متغايران ولا تعرض الذات الشيء الواحد بل تعرض صفة الذات كما مر وعن الرابع بانه قد تقرر كما ياتي ان القابلية مساوقة للمقبول والمقبول متقدم عليها لا يظهران الا دفعة ولا يوجدان الا معا ففي صورة عدم المقبول لم تكن القابلية وعند وجوده تخص كل قابلية بمقبوله فاين الوحدة ولانمنع صدور اكثر من واحد من اكثر من واحد

اثبات حق وابطال باطل : قال بعضهم في صورة الاعتراض انه اذا كان صدور المعلول عن العلة باعتبار الخصوصية والمناسبة فلا يكون العلة علة لذاتها بل باعتبار تلك الخصوصية فلا يكون واحدا حقيقيا لاشتمالها على امرين هما نفس الذات والخصوصية فاذن بطل صدور المعلول الواحد من العلة الواحدة اذ كل علة تكون لا محالة مركبة اقول هذا كلام صحيح متين قد نطق روح القدس على لسانه سالم عن الاعتراضات ولما كان هذا الكلام يبطل اصلهم فاضطربوا في جوابه حتى قيل بان تلك الخصوصية هي عين الذات وبطلانه واضح لانها ان كانت جهة الارتباط الى المعلول ومذكوريته عندها لا شك في تاخرها اذ الارتباط بعد تقوم الذات بالضرورة وذكر الغير متاخر عن ذكر النفس والا لكان الغير عين الشيء هذا خلف ثم ان المعلول ان كان في رتبة العلة بطلت العلية وجاءت العينية فوجب الة اخر ( فوجب التاخر خ ) والايجاد لا يتعلق الا في مقامه دونها والخصوصية ان كانت عين ذات العلة فلا تكون في رتبة المعلول فبطل الاتصال والارتباط فبطل الاحداث والايجاد ثم اين انت من قوله عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله ولعمري ان هذه الدعوى من البطلان بمكان وقد تنبه بعضهم الى قبحها فعدل الى ما هو مثلها وقال فاذن للعلة الصدورية معنيان غير اضافيين ومعنى ثالث اضافي والذي هو عين ذاته من الاوليين هو حيثية اضافة الخيرات المطلقة على الاطلاق لا الذي هو بخصوص ذات معلول خاص بخصوصه فالذي هو بحسب خصوصية ذات المعلول انما هو لازم لنفس ذاته لا انه عين مرتبة ذاته ولكنه ما تفطن الى ان الامرين مشتركان فيما يرد عليهما فان الاضافة والنسبة ان صحت في رتبة الذات فلا فرق في وجود التكثر بين الاطلاق والتقييد الا ان الاول اوسع فاعتبروا يا اولى الابصار وصدقوا بعين البصيرة قول مولينا امير المؤمنين عليه سلام الله ابد الابدين ذهب من ذهب الى غيرنا الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب الينا الى عيون صافية تجري بنور الله لا نفاد لها لان اكلها دائم تؤتي ( اكلها خ‌ل ) كل حين باذن ربها

الاشراق الخامس - قد تبين لك ان الواجب سبحانه وتعالى قادر على الاطلاق ولا نهاية لقدرته ولا غاية لها قد عجزت الاوهام عن ( ادراكها خ ) والعقول والافهام عن تصويرها ومعرفتها ولا ريب انه لا يشغله شان عن شان ولا خلق شيء عن خلق شيء ولا علم شيء عن علم شيء وكلما يمتنع في الامكان بدليل انه لا يقدر الممكن على ادراكه ويعجز عن معرفته فهو ان كان كمالا فواجب وان كان نقصا فممتنع اي لا شيء الا بالذكر ام بظاهر من القول وقد اقمنا عليه البرهان سابقا فراجع ولا تقل ان القدرة مفقودة او ان الله لا يقدر سبحانه سبحانه سبحانه بل هو القادر على كل شيء الم تعلم ان الله على كل شيء قدير وهذا حكم الوجوب والسلطان البالغ فصدور الكثير من الواحد ان امتنع في الامكان فهو واجب في الازل على ظاهر القول والتعبير ولكن الحكيم الكامل على الاطلاق جلت عظمته قد حكم ان يحكم على الممكنات على ما هم عليه اذ لا يقدرون على ما هو عليه فحملهم على ذلك كان اجبارا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وكان ما هم عليه ان لا يكون الصادر الاول الا واحدا بسيطا ليس في الامكان ابسط منه لانه حكم في الامكان وعليه به لا به رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وما ظهر في الامكان من قدرته الصالحة للظهور ليس الا جزء من ماة الف جزء من راس الشعير بل اقل واقل فعدم الظهور لضيق الفضاء والا فهو سبحانه على حال سواء فاذا لا يكون اول الصادر الا واحد والا اما ان يكون دفعة او بالترتيب والاول تبطله الطفرة والثاني يوجب خلق الواحد لما ذكر ولما كان هو اول صادر واقرب الاشياء الى المبدء فقد ملا المكان فان اوجد الثاني في المكان الاول كان عين الاول والمكان الثاني لا يكون الا بعده فان اوصله الفيض بدون الاول جائت الطفرة فوجب الاول ( بالاول خ ) فتحققت الوسائط فاختلفت المركبات والبسائط ولما كانت الوحدة سابقة على الكثرة فيكون الصادر الاول في كمال البساطة بحيث لا ابسط منه ثم ما يليه وهكذا وزيادة القول فيه ياتي فيما بعد انشاء الله تعالى فصح القول بان الواحد ماصدر عنه الا الواحد لا ما يصدر فصح ان هذه العبارة صحيحة وباطلة صحيحة في الامكان وباطلة في الازل والامر واقع في الواقع ولكن المصدر لا يكون الا واحدا وهو لا يكون الا متكثر الجهات ولما كان الشيء لا يمكن له الالتفات بجميع جهاته دفعة واحدة مفصلة متمايزة كان الحكم له عند كل جهة والتفات كالرجل الكاتب الصانع القاعد القائم الراكب الماشي الذاهب الجائي فمن جهة انه قائم لا يكون قاعدا فبطل بهذا الاصل ما زعموا من اثبات العقول العشرة كما ياتي انشاء الله تعالى

اللمعة السادسة - في تنقيح القول فيما اشتهر عندهم ان معطي الشيء لا يكون فاقدا له وبيان الارتباط والنسبة بين العلة والمعلول وبطلان صدور المباين عن المباين قال الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ولا تضربوا لله الامثال الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وقال عليه السلام لا تجري عليه ما هو اجراه اذن لا فرق بين المبدع والمبدع والمكون والمكون خلق الاشياء لا من شيء ولا لشيء ان الله سبحانه خلو من خلقه وخلقه خلو منه قال الله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون ولله المثل الاعلى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية صور عارية عن المواد خالية عن القوة والاستعداد تجلى لها فاشرقت وطالعها فتلالات فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله يعرفك بها من عرفك لا فرق بينها وبينك الا انهم عبادك وخلقك من عرف نفسه فقد عرف ربه نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - العطية اما ان تكون نفس الذات او جزءها او فعلها او اثر فعلها او اثرها من الاقتضاء الذاتي او مفعولها فانحصرت الاقسام ولم يبق هنا مقام ولما كان الاعطاء في الفعل المتعدي الى المفعول الثاني الذي هو المفعول به لا الفعل اللازم الغير المتعدي الا الى فاعله الذي هو مفعوله المطلق اما مطلقا لعدم اللطيفة الزايدة او في الفعل الاولي اي الايجاد الذاتي قبل التنزل الى المفعول كقولك ضربت ضربا وقعدت جلوسا وحسن زيد فاذا عرفت الجمع بين ان الفعل ينقسم الى لازم ومتعد وان الفعل ليس للذات وانما هو للمفعول فلولاه لم يكن وليس الا الارتباط بطل كون العطية نفس الذات او جزءها الا ان تكون المعطي غيرها لتكون اثره فان الفعل في الذات او فعل الذات مما يتناقض الا ان يكون ذلك عين الفعل في ايجاد نفسه بنفسه وليس ما نحن بصدده ولما كانت العطية راجعة الى المعطي من قبل المعطي ليكون مثاله فيعود الى المعطي لكنه عند المعطي بطل ان تكون هي الفعل فانه الاسم المكنون الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره والفعل في مقام الفرق يعود الى الفاعل لا المفعول والا جاء ما قال عليه السلام ان مشية الله تنكح وتشرب وتاكل ولما كانت العطية جهة المعطي الى المعطي ومثاله فيه بطل ان تكون هي المفعول الملتئم من الجهتين ولما كانت العطية هي جهة الظهور التفضلي المنبئ عن الجود والكرم بطل ان تكون من لوازم الذات فان اللازم ليست عطية الملزوم اذ ليس غيره والعطية تستدعي ثلثة الا ان تعتبر فيخرج عما نحن بصدده فلم يبق الا الشق الخامس فتكون اثر فعل المعطي وهذا الاثر ان كان عين ذات المؤثر اجتمع النقيضان وان كان كما يزعمون من حكم التنزل اذ على دعويهم يكون الاثر هي الحدود المشخصة كالانجماد في الثلج للماء وذلك لم يكن في رتبة الذات وحصل بالتنزل فاذن جاء ما قلنا وكذلك ايضا لازم الذات اي مقتضاها فانه شان الفاعل بالايجاب ظاهرا والعطية انما كانت عطية لصحة المنع وان ابيت الا الجمود على المخالفة وعممت الحكم قسمنا الحكم بين من لم يقدر على اظهار ما استجن فيه من الاختيار وبين من يقدر على ذلك فاذن صح بالبرهان القطعي عند كل انسان ان عطية المعطي ليست داخلة في ذاته ولا عين ذاته ولا هي في ذاته على نحو اشرف فان الاثر يمتنع في رتبة المؤثر والفعل في مقام الذات

مثال : احكام العطية كلها مجموعة في الفعل المتعدي لا اللازم تامل فيه بعين الحقيقة سالكا الطريقة اي سبل ربك ذللا هل تجد ذكرا للفعل والاثر والمفعول في رتبة ذات الفاعل فاذا قلت ضربت زيدا ونصرت عمرا هل تجد من الضرب والنصر المعطيان ذكرا في ذات الضارب والناصر والا لامتنع النقيض وليس كذلك وليس فيها الا العلم والقدرة واما العطية فمادتها لا من شيء وصورتها من المعطي القابل انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها

الاشراق الثاني - الذات من حيث هي في غيبها المطلق وعمائها الحق والاثار كلها دائرة عليها وواقفة لديها وهي تديرها على التوالي بالادارة الايجادية التي هي الحركة الكونية فهي علة الادارة وقوام الاستدارة المستديرة على نفسها المديرة اياها بالذات فالاثار مقامها بعد مقام تلك الحركة وهي انما تاصلت بها والحركة لا ارتباط بها بالذات ( في الذات خ ) في عين ارتباطها بها فيها بها لها فانقطع ذكرها فيها فضلا عن كونها ومثالها وهو من العيان بمكان لا يحتاج الى البرهان لما سبق ان في الذات ليست الا هي فذكرها ومذكوريتها وذاكريتها عينها فلو وقع هناك واقع كان هي والتناقض بين السكون المطلق الغير المدرك بالسكون والحركة المطلقة الغير المدركة بها ظاهر جدا فانقطاع الاثار وامتناعها فيها فبالطريق الاولى فالتجلي ليس الا عين تلك الحركة اي الظهور الاول والاثار مظاهر ذلك الظهور بانفسها ليجيئ الاتحاد وذلك الظهور هو الاسم المستقر في ظله الذي لا يخرج منه الى غيره فاين اذن وجود العطية في المعطي بل كلما يوجد ويتحقق من الشيء فانما هو في مقام ظهوره باثاره فلم يزل معطي الشيء فاقدا له في ذاته وواجدا له في ملكه ومحيطا عليه بعلمه ومتصرف ( متصرفا خ ) فيه بقدرته ومفيض عليه برحمته ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى فلو كان يظهر مثل ذاته امتنع الايجاد ولم يكن فرق بين المكون والمكون والمنشئ والمنشا والفاعل والمفعول فان توسط الفعل بطلت المماثلة فان الحركة ليست بذاتية ولا تدخل فيها وهي لا تدخل في الاثر فما ظهر بالتاثير فانما هو نفس تاثيره ومثال ظهوره وذلك هو الظل المنفصل وذلك هو ظهور الفاعل بالتاثير لا عين الفاعل ولا عين الذات وبالجملة لا يقع المخلوق الا على المخلوق ولا ينتهي الاثر الا اليه انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله لكن الامر المبرم والصنع المتقن اقتضى ان يكون الاثر على مثال صفة مؤثره لغيرها لا لذاتها ولا لذاته فيتوهم الجاهل انه مثال الذات او انه موجود فيها على نحو اشرف وليس كذلك بل الاثر على اي انحائه في رتبة الذات ممتنع لا يتعلق العلم به هناك ام تنبئونه بما لا يعلم فافهم واتقن

الاشراق الثالث - فقولهم معطي الشيء لا يكون فاقدا له ان ارادوا فقدان العلم به والقدرة عليه فموجه صحيح قال عليه السلام له معنى الخالقية اذ لا مخلوق ومعنى البرائية ( الربوبية خ ) اذ لا مربوب وان ارادوا ذلك الشيء بعينه فان ارادوا في ملكه فصحيح ايضا قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه وما من دابة الا هو اخذ بناصيتها فان ارادوا ذلك الشيء في ذاته فغلط لما قررنا وكررنا من ان الحركة الايجادية يمتنع ان تكون في الذات لمكان التناقض وكون القدرة فيها لا دخل لها بالاثر والعطية وقد علمت ان فاعلية الذات انما هي بتلك الحركة وليست في الاثر بوجه ولا الاثر فيها والقول بان مباين الشيء لا يصدر عنه فانما هو في حال الاصدار مع المصدر نسبة خارجية بعد ذكرها فيه عند التعلق ذكرا صلوحيا وقد دل العقل والنقل واتفقت العقول الصحيحة السليمة على ان النسبة باي انحائها ممتنعة في الذات فان قدم النسبة تستلزم قدم المنتسبين لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلثة فالنسبة اشراقية وهي عين المنسوب ولا ربط لها بالذات بوجه من الوجوه والذات ليست مباينة ولا مناسبة ولا مخالفة ولا مؤالفة وهي القدوس الذي لا تكثره جهات الخلق وحيثياتهم وشؤناتهم وهو سبحانه قد سبق الكل فلا يلحقه شيء بما لا يتناهى فيما لا يتناهى وكيف الغني بالذات تختلف جهاته بالفقير بالذات فكلما سبق فما يلحقه مما ينسب اليه من عوارض افعاله وتاثيراته وظهوراته تعالى ربي عما يقولون علوا كبيرا واما ما تمسكوا به من احراق النار واشراق الشمس وانارة السراج فيبطل عليه ( عليهم خ‌ل ) امرهم اذ دعوى كلية الحكم تبطله الحسن ( الحس خ ) ومخالفة اثار المختار كالهيئات التي يحدثها الكاتب بحركة يده فان زعمت ان الحركة في ذات الكاتب كذبت اذن كيف يسكن والذاتي لا يتخلف وان زعمت انها ليست من اثر الكاتب كذبت ايضا وان قلت ان تلك الهيئات المحدثة بها عين ذات الحركة كذبت ايضا فان الالف مستقيم والجيم معوج ولا تناقض في الذات فلم يبق الا مناسبة الاثر مع فعل المؤثر فيما هو عرضي له لا ذاتي وفقدانه في جميع مراتب ذاتيات العالي هذا حكم المختار واما ما مثلتم به فعلى زعمكم موجب لا مختار فبطل القياس فان كان ولا بد فالمختار بالمقايسة اولى بحكم سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم واما على ما هو عندنا من اتحاد الحكم في كل الذرات بحكم وما امرنا الا واحدة وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وبطلان الاضطرار فيرجع الحكم الى ما هو في المختار لانه سبحانه قال هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الا الله والراسخون في العلم ولما كان الحكم في الكل على جهة الاختيار فرد متشابهه الى محكمه لتصفي عن الاكدار في الكتاب التكويني كما في التدويني وهذا ظاهر الحال في المقال جريا على المجادلة في الاستدلال واما في الحقيقة فان السراج ليس مستقلا في احداث الاشعة وانما هو النار وليس فيها الاستضائة والاستنارة لا على نحو اشرف ولا على نحو اخس ( فلو كان ذلك اللازم وجب في كل حال لعدم الفرق بين اثر واثر فافهم خ‌ل ) واما ما ترى من الحرارة واليبوسة اللتين فيه فانما هما عرضيان ( عرضيتان خ ) مثالان لظهور تاثير النار الجوهري الغيبي الظاهرة بفعلها في مظاهر اثارها وذلك ظهور النار قبل الاثار فمارجعت الحرارة واليبوسة اللتان في السراج الا الى تاثير النار وظهورها باثارها فالاحراق رجع الى الفعل وليس ذلك في الذات بوجه من الوجوه نعم فيها العلم به والقدرة عليه في مقامه ورتبته ومجمل القول ان المؤثر لا يعرف باثره الا ببعض حدود فعله الظاهرة في المفعول واما الذات فقد ضرب دونها الف حجاب وسد على الاثار ذلك الباب والله الموفق للصواب

الاشراق الرابع - ولما كان تلقي رشحات الفيض المفاضة من فوارة القدر لا يتاتي الا بمقابلة وجه المستفيض بتلك الرشحة وتلك على حسب الاقبال عليها من جهته ليتم الاجتماع ويتحقق الاصقاع فلو ادبر موليا امتنع الاتصال فيرجع الى الاضمحلال والزوال وهذا حكم قطعي للعارف بالمقال وهذا الاقبال والادبار ليس ما هو المعروف بين اهل المقال بل هو ( بلى خ ) الذي يجتمع مع نعم في الاحوال المصحح لما يخالف شيء منها محبتك فكل متلق للفيض الوجودي او العدمي من النوراني او الظلماني مقبل وان كان مدبرا لا كالاقبال والادبار المخاطب بهما العقل الفعال والمقابلة هي المواجهة لا كالمواجهة والمناكرة اللتين لاهل عالم الذر فانهما قد تختلفان فلو كان لاحدهما الاقبال وللاخر الادبار انعدم القرار فال الامر الى العدم لعدم الاتصال وتحقق الزوجين المبني اساس الامكان عليهما لو فرض ذلك لكنه مستحيل اذ اقبال احدهما مساوق لاقبال الاخر وان كان احدهما مقدما بالذات من جهة الحق الثابت البات وجب على المفيض في مقام الافاضة ان اراد ذلك ان يجريها على حسب المستفيض اتماما لقابليته للاستفاضة وتمكينا له لقبول الافاضة فلولا ذلك لفسدت السموات والارض ومن فيهن فتعددت جهات الاستفاضة وتحققت المناسبة وتلك كلها امور خارجة عن ذات المفيض وفيضه الاولى المستقر في ظله ولاحقة لجهات الفيض والتفاتاته فكانت الافاضة على هيئة المستفيض عند ترجحه وقبوله لها من المبدا فالترجح منسوب الى المستفيض حين الترجيح فيرجحه المفيض على حسب ترجحه من غير مرجح غير ذاته فكانت حقيقة المستفيض هي تلك الهيئة التي سئلها ان يسئلها فيجيبها اياه بسؤاله اياه فتحقق الاثر على هيئة صفة المؤثر على حسب سؤاله وقابليته للتاثير وهذه هي النسب الاشراقية لا دخل لها في حقيقة ذات المفيض ولا الى حقيقة فعله بل هي حدود تعرض وجه الفعل للمفعول فيعود الوجه الى الفعل والحدود الى المفعول وبقي ذلك الوجه مصاحبا لتلك الحدود فكان اسما وتسبيحا يدعو الفاعل بل الذات به وهذه اسماء جزئية تعود الى الاسم الكلي الظاهر بتلك الحدود وهو الاسم الاعظم الذي لا يعلمه الا الله سبحانه

الاشراق الخامس - اذ قد علمت ان الفاعل جهة الذات بفعلها للمفعول فاعلم ان ظهور الفعل بالتاثير اي باحداث الاثر جهته الى المعلول وذاتي لتعلق الفعل وقبول المتاثر اياه بالاقتران والمصاحبة وتعلق الفعل به بمعنى تمكينه اياه للقبول عرضي له وهي جهات المعلول فان اردت الفاعل وجهته في المفعول فجرد وجهه عن الاقتران والتعلقات العرضية فهناك تجد الفاعل الظاهر بفعله الظاهر باثره فالنسبة نسبتان ذاتية وعرضية وان كانتا عرضيتان ( عرضيتين نسخة ٢٤ خ ) فالاولى في اصل الافاضة اي احداث الفيض اولا وبالذات وهذه تحكي عن الفعل من حيث هو جهة الفاعل بل هو عين فاعليته في المفعول وهذا هو ظهور الظهور وان شئت قلت ظهور الظاهر من حيث هو ظاهر وهذا الذي لا فرق بينه وبينه الا انه عبده وخلقه فتقه ورتقه بيده بدؤه منه وعوده اليه ثم هو عضد وشاهد ومان وزائد للمفعول وهو المالي حقيقة المفعول وجهاتها بظهور الفاعل فيه فبهم ملات سماءك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت وهذا هو جهة للتوحيد ( التوحيد خ ) ولما كان الفعل مادته هيكل التوحيد وصورته صفة التنزيه والتفريد ظهر ظله المنفصل النقش الفهواني والخطاب الشفاهي حين ظهوره بالتاثير في الاثر وهو ما حصل من قول كن من حرف الدلالة ومس النار الظاهرة في السراج للدهن وهذه هي النسبة الذاتية اي في الحكاية الصحيحة لا في الانتساب والثانية النسبة العرضية لتمكين القابل وهو جهات تنزه الفاعل عنه وعن صفاته ومقام جعلوا بعض اياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم يعرفوك ومقام المشية الحتمية كما كان الاولى مقام المشية العزمية فالثانية احوال المعلول والاولى مثال الفعل وهو جهة ربط الفاعل بالمفعول فمقام المشية والارادة والقضا والقدر والامضاء من الثانية اية كثرات الافعال لاجل المفاعيل وليس جهة الفاعل المنسوبة اليه بعين انتسابه الى المفعول وتلك هي كنه العبودية الذي هو صفة الربوبية في قوله عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية اي مثالها الذي هو نسبتها اليه وهو الربوبية للسافل وتلك العرضية هي الهوية التي القى العالي مثاله فيها في قوله عليه السلام فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله

تبيين : فاذ قد علمت هاتين النسبتين فاعلم ان كل شيء لا يستقل بنفسه بل انما هو بصنع الصانع فجهة الصنع من حيث الصانع هو نسبة الصانع اليه من جهة ظهوره وهو وهي ذاتيه ( ذاتية خ‌ل ) وجهة اضافية وجهة انصدار المصنوع عن الصانع بالصنع وهي جهة عرضية للصنع اكتبها ( البسها خ اكتسبها خ‌ل ) للمصنوع بالمصنوع فالنسبة من حيث الصنع هي هيكل التوحيد لانه ليس الا الظهور وانيته بنفسه كلا انيته فانعدم الزوج التركيبي الحقيقي فيه مع تركيبه وهي مثال الصانع في المصنوع وهذه النسبة حقيقتها ظهور التاثير بالاثر وهو الظل المنفصل ومثله ومثله لا فرق بينه وبينه فرجوعها اليه ومبدئها منه وتحققها في عالم الفرق والفصل في المعلول المفعول وهي حقيقته منه وهو جهة الاولية مع المدخلية وذلك اني اولى بحسناتك منك والنسبة من حيث المصنوع وان كانت ( متحققة خ ) في الصنع لتصحيح الاحداث والاصدار من مراتب الارادة والقدر والقضاء لكنها عرضية جهات البينونة والفرق وظهور اسماء القدس والتنزيه وغيبوبة الصانع عن درك الحواس ولمس الناس فالنسبة الاولية هي تثبيت الثابت والثانية الغايبة عن درك الحواس ولمس الناس فقام هو الحي فاذا تحققت النسبة الشمولية الاحاطية ظهر الله لا اله الا هو الحي القيوم فانحصرت النسبة في موجبة وسالبة والثانية موجبة والاولى سالبة ولما كانت النسبة السلبية هي الاجابة وطبيعتك خلاف كينونتي والايجابية هي المسئلة روحك من روحي كان الممكن جامعا بين النسبتين الايجابية والسلبية ولما كانتا متساوقتين في الوجود والظهور كانت السلبية عند عدم الايجابية معدومة والايجابية عند عدمها مفقوده فوجود المعلول انما يتم بالسلب والايجاب فالكثرات الحاصلة من النسبة السلبية في اصل الفعل من حيث الوجوه والالتفاتات العرضية وان كانت غير اصلية لكنها على نحو المعلول حسب قابليته بالاعمال على اختلاف مراتبه من قوة التركيب وضعفه وخفائه وظهوره وكثرته وقلته وفي كثرة التعدد وقلتها وظهوره وخفاءه كالمركبات العنصرية والفلكية والجسمية والمجردية الدهرية والمطلق والمقيد والاطوار الخلقية وقد خلقكم اطوارا مع اختلاف الموجودات في الاطوار وانما هي تلك النسب في الفعل على نحو اشرف ليس في الامكان ( نحو خ‌ل ) اشرف منه وتلك ليست ذاتية له كما مر مكررا وانما وجودها في مراتبها من النسب الخلقية الفعلية الثانوية التي هي الاسماء الجزئية المندرجة

تحقيق : فذات الفعل هي ظل الذات الظاهرة بالصنع والايجاد وصلوح التعلق بالمفاعيل الذكرية والكونية وذات المفعول هي ظل الفعل الظاهر بالتاثير في المفعول بالاثر وجهات الدواعي النفسية والاقتضاءات الشهوية السائلة للامداد على وفق المراد بما استجن فيها من الاستعداد فحكم الحق سبحانه ان لا يرد دعاء احد من خلقه دانه بموالاته وموالات رسوله والائمة من اهل بيت رسوله صلى الله عليهم اجمعين بالتكوين وبالتشريع في الكينونة او الاعتقاد فاجرى الفعل على ما يحبون كما يحب بالمحبة الحتمية فطابق الفعل دواعيهم بعد ما طابقت بالفعل في مقام الانوجاد فالفعل هو ادم الاول الاكبر من الالف الف وتلك النسبة السلبية والايجابية اولاده فالايجابية منه وله واليه والسلبية من المفعول واليه بالفعل وللمفعول وان كانت النسبتان في الحكم الواحد من حيث الذات الا ان في الاول الفعل اولى بها وفي الثانية المفعول كما مر ولما كان الفعل ليس الا صرف ظهور وهيكل النور انمحق فيه جهة الغيور فلا يدل المفعول من حيث تلك النسبة الا الى الذات لا بالتكشف فلا ذكر للغير هناك فاذا ظهر المفعول وتحقق حكي الفعل من حيث النسبة الثانية اذ كان مقام التعلق والتكثر الدال على تعدد الصفات الفعلية الايجادية فان الاثر تدل ( يدل خ‌ل ) على المؤثر فانت لك نظران احدهما نظر معرفة الصنع والايجاد وكيفية الافعال وتعلقاتها ونشوها وكليها وجزئيها تامها وناقصها واصل تكونها انظر اذن في المفعولات وجهاتها وتعددها واقتراناتها وتركيباتها وترتيباتها وذواتها وصفاتها فانها كتب قد نقشتها الافاعيل تبيانا لمقاماتها ومدارجها ومراتبها لحكم اجابة المضطرين وهو من المرادات المجازية من قوله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم والعبودية جوهرة الخ وثانيهما نظر معرفة الصانع لا الصنع وبالصنع اي بالنظر فيه مصون السر عن النظر اليه ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليه فهناك انظر الى المعلول لا من حيث هو كذلك بل من حيث الصانع فهناك تظهر الصفة الفعلية الحقيقية الاصلية ويتبين المراد الحقيقي من سنريهم اياتنا والعبودية جوهرة ولا فرق بينك وبينها قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ومن عرف نفسه فقد عرف ربه فمن سافر عن نفسه وشاهد حلول رمسه اتصل بذلك المثل فمن لم يتجاوز عن عالم فرقه ومقام فصله عرف المثل الثاني ولذا قال تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وهو مقام المستدلين بالان وحقيقة المعلول اولا وبالذات هي الاولى وثانيا وبالعرض هي النسبة الثانية وقولنا بالعرض بالاضافة الى الاولى بل كلتاهما ذاتيتين لو فتشته لم تجد غيرهما اذ لو كانتا او احدهما عرضيتين لساوى الفعل فلم يصح انفعاله من اثره هذا خلف

تنبيه : فبطل القول بان معطي الشيء ليس فاقدا له في ذاته بل في ملكه لا في فعله بل في مفعوله الذي هو هو وليس فاقدا في ذاته العلم والقدرة عليه وبطل ايضا لزوم النسبة والارتباط بين المعلول والذات اذ النسبة لا تخلو اما انها تتحقق بتوسط الفعل ام لا فعلى الاول لا يخلو ان التوسط اما ركنيا او عرضيا او ظهوريا او صدوريا وما سوى الاخير كله باطل اذ الشيء لا يتركب من الحركة والحدود والا لامتنع في حقه السكون وبطل قولك كسرته فانكسر واوجدته فانوجد فان المصدر اذن يكون عين الفعل فاذن ما المفعول فان كان هو الواقع عليه الفعل بذاته وجب ان يوجد الحركة فيه مع ان الواقع بخلافه ولان الحركة انتقال سيال تدريجي فمدة وجودها هي مدة صدورها فلا تبقى في الان الثاني والا لم يكن كذلك مع ان المفعول لو كانت هيئة على المادة القارة او المحل الثابت يبقى دالا عليها ومنبئا عنها فلا يكون اياها فان انكرت كون الفعل حركة قلت لك ان المفعول يمتنع في رتبة الفاعل والا لم يكن ما فرضناه هو هذا خلف فوجب ان يكون في مقام ذاته فكيف يمكن اتصاله بالفاعل الا بنقل اثره اليه وذلك يمتنع ان يكون بذاته فوجب ان يكون بحركة فعله وهذه عبارة لا تجمد عليها وتقول ان الاثر ليس في ذات المؤثر حتى يستدعي النقل واما التوسط العروضي والظهوري يوجبان التسلسل والتوسط الصدوري يوجب الاستناد الى نفسه والقول بالوسط لدفع وهم الاستقلال ورفع حكم الاعتزال فوجب الارتباط بينه وبين المفعول لا الذات لعدم استناده اليها والا بطلت الواسطة الصدورية وجائت العضدية واخويها فان نقلت الكلام الى الواسطة قلت ان كان النقل يرفع الواسطة اثبت في الذات الحركة وهي ممتنعة وان لم يرفعها فالحكم انما يرجع اليها فان قلت لم اتصورها قلت انظر الى حركة نفسك فان كانت بحركة اخرى او هي في الذات ثم خرجت والقول بالقوة والفعل غلط لانه الحركة فبطل بما ذكرنا شقي الترديد فان قلت ما ذكرت دل على عدم الوجوب لا وجوب العدم كما هو اعتقادك قلت لم نحتج الى ذلك لانه في مقابل من يدعي الايجاب الكلي ونحن اثبتنا بالسلب الكلي الذي هو السالبة الجزئية ليستلزم رفع ما قالوا بالنقيض مع انه قد دل على العدم لوجوب الواسطة فان المستقل بالارتباط لم يحتج اليها فانها حكم الضرورة مع انا نقول ان اثباتها في ذات الله سبحانه كفر وزندقة فان النسبة هي الجهة الجامعة والحالة الارتباطية فوجب ان تذكر في الطرفين والا لم تكن كذلك هذا خلف فلكل منهما جهة افتراق وجهة اتصال ثم انها ان كانت ذاتية كانت الثلثة قديمة ازلية ابدية فبطل حكم الايجاد والانوجاد فلم يكن المعلول معلولا لانه مذكور بعد ذكر العلة ومتاخر عنها بالذات وبالرتبة وممتنع عندها فلم تكن النسبة اذا ذاتية فانها تناقض الانفكاك فالمعلولية مع ذاتية النسبة بين العلة وبينها قول باجتماع النقيضين واما النسبة الفعلية فليست ذاتية للفعل كما ذكرنا لما ذكرنا فان قلت ان النسبة حادثة قلت انتسابها الى الذات ايضا قول باجتماع النقيضين الا ان تقول انها عارضة كالاعراض لموضوعاتها حتى يكون القديم محلا للحوادث ثم ان الحادث يفتقر الى علة فان قلت بالمناسبة لزمك التسلسل سبحانه سبحانه سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فان قلت انك بعد ( ما خ ) اثبت الواسطة قلت بها الا ان الفرق انهم اثبتوها بين المعلول والذات وانت بين الواسطة وبين الذات فان انكرت المناسبة انكرت الواسطة فاثباتها وانكارها قول باجتماع النقيضين قلت ان الواسطة في الصدور للفاعل لا للذات فان الفعل من حيث هو لم ينسب اليها لتصح النسبة بل الى الذات الظاهرة باثارها وليست هي الذات البحت بالنسبة للظاهر بالظهور لا الى الغائب المجهول المطلق وغيب الغيوب ابطن كل باطن انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها

تبصرة وتكميل : فعلى ما ذكرنا واصلنا ظهر لك حقيقة الامر في الشجرة المباركة الشجرة الكلية وان الغصون هي جهات المناسبات والمرابطات المتشعبة عن الاصل الواحد فاذا عرفت اغصان الشجرة الزيتونة شجرة الخلد من كونها الف الف الف الف الف الف الف غصن ( واربعمائة واربعون الف الف الف الف الف الف غصن خ‌ل ) واربعمائة الف الف الف الف الف غصن وسبعمائة وسبعة وعشرون الف الف الف الف ( غصن خ‌ل ) وسبعمائة وتسعة عشر الف الف الف غصن واربعمائة وتسعة وثلثون الف الف غصن وثلاثمائة وستون الف غصن عرفت كليات اغصان تلك الشجرة الا ان اغصانها اعظم واكبر واعلى واوسع وتلك الاغصان اصغر واقل سعة واحاطة ونسبتها اليه اقل من جزء من ماة الف الف الف الف الف الف الف جزء من مثقال الذر بالنسبة الى العالم الكبير واستغفر الله عن التحديد بالقليل وتلك الاغصان من الشجرتين كليات تندرج تحتها جزئيات اضافية وتحتها جزئيات وهكذا الى ما لا نهاية له كذلك صنع الله الذي اتقن كل شيء وهو الواحد القهار ولا حصر لجزئيات الاغصان فضلا عن الاوراق واوراق الاوراق وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فضلا عن المجموع والفهم يعجز عن ادراكها فضلا عن احصائها فضلا عن استقصائها وعليه على بعض ظواهر وجوه التاويل يحمل قوله تعالى ولو ان ما في الارض اي القابليات من شجرة ورود المقبولات عليها وتشعبها اغصانا واوراقا اقلام هي الجهات المتشعبة والحصص المتمايزة والبحر المحيط اي المداد بحر الصاد يمده من بعده سبعة ابحر وهي عين اليمين وعين الكبريت وعين ابرهوت وعين الطبرية وعين افريقية وجمة ماسيدان وجمة ناجروان مانفدت كلمات الله لكونها بعضا منها يعد نفسها وانت تعلم ان كثرة الشجرة ليست الا عرضية والا لم تكن اغصانا بل كانت اوراقا وهي شان النسبة العرضية ثم اعلم ان كل شجر من تلك الاشجار المعدودة التي هي الاغصان تشتمل على ثلاثة اشجار فيضرب المجموع فيها فيظهر ما اراد الحق سبحانه من قوله العزيز ولله يسجد من في السموات ومن في الارض وظلالهم بالغدو والاصال وهي شجرة الذات وشجرة الصفات وشجرة التوصيفات وكل منها يطابق الاخرى ومن راى واحدا منها فقد عرف الاخرى وهذه الاشجار منسوبة ومستمدة من الماء الجاري من سحاب تلك الاشجار وارض الاستعداد والتمكن المتحصلة بالتمكين من تلك الانوار كل في مقامه حسب ما دعاه من الاختيار فان اضفت اليها رابعة تمت لك الاربعة المتناسبة وهي شجرة الحكم والالزام فالشجرة الثانية ورقة للاولى وهي شجرة للثالثة وهي شجرة للرابعة فالاشجار الاولية انما غرسها ادم الاول الاكبر في جنان الصاقورة وقد ذاق روح القدس منها الباكورة والثانوية صفته بعد سبعين‌الف سنة والثالثية صفة الصفة بعد تلك المدة والرابعية صفة صفة الصفة بعدها بمعنى ظهور الموصوف في مقام الصفة من حيث هو لا من حيث هي وان كان من حيث المفعول صفة الصفة فلو انتسب الكل الى الموصوف الاول امتنع الاختلاف ووجب الائتلاف او لزم الطفرة ومخالفة الحكمة فوجب الترتيب اثباتا لسر المناسبة وابعادا لحكم المباينة فان المباين من حيث البينونة مدبر والاخذ المستفيض يجب ان يكون مقبلا نعم البينونة انما هي بينونة الصفة لا العزلة وقد اشار الحق سبحانه وتعالى الى الاشجار الاربعة بقوله الكريم ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة فاثبتت الرابعة بالكناية التي هي ابلغ من التصريح وادم الاول هنا المقامات والعلامات ليثبت ان الغرس لا يكون الا من هذا المقام وان لا يتكون السحاب المخرج منه الودق الغدق المغدق الا بابخرة مائية متصاعدة من بحر الرحمة باشراق شمس اسم الله القابض المتقومة بجزء من الهباء المتصاعد من لطيف ارض الامكان يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وهذا هو سر الحجاب المتلالؤ بخفق من زبرجد وعلى اوصيائه الحجب وكون الهباء جزءا والماء الاول اربعة اجزاء لاستهلاك المظهر عند ظهور غلبة سلطان الظاهر ووجوبه لحكم فلست تظهر لولاي لم اكن لولاك وهذا هو حكم المقام فلو انه وجد نفسه غلبت الاجزاء الارضية وقويت القوة الماسكة ومنعت الماء عن النفوذ في الغير وظهر الموت وغلبت الحيوة فاذا فقد نفسه ضعفت القوة ونفذ الماء وظهرت الحيوة واحاط بها فاذا القيها وهي حية تسعي وهنالك تظهر الشمس المدبرة اسم الله النور نور السموات والارض بما استجن فيه من اسم الله القابض على يده اليمنى القدرة الالهية فيجذب اليها المخالف ويقدمه ( يعدمه خ‌ل ) ويبرز منها الموافق لكنه هنا سر لا بد ان يعرفه العارف بالله المعرض عما سوى الله في اظهار الحق نور الشمس في يد بعض وامرها بالسلام اي الانقياد والتسليم للاخر وقولها له السلام عليك يا اول ويا اخر ويا ظاهر ويا باطن وهو لان تعرف جريان هذا الحكم في كل المبادي الطولية وظهورها في العرضية اذ كلما تتجزء العالم في الطول والعرض يحكي الكل برتبة مقامه فلما تراكم السحاب بعدد المادة الاولى انبعث منه الماء فوقع على الارض في رتبة الذوات تكونت منها اشجارها وكذا في الصفات ومما يعرشون ثم الالزامات والتنجيزات ثم في الرتبة الثانية من الصفات فتكونت منها شجرة الحروف باغصانها واوراقها كما ياتي ذكرها انشاء الله تعالى على حسب ما ساعدنا الوقت والتوفيق والى الله يرجع ( ترجع خ ) الامور

اللمعة السابعة - في بيان القيومية وبطلان القول بوحدة الوجود او الموجود على معانيه والقول بالسنخ او الرشح او الظل والكمون والبروز والقول بالاعيان الثابتة في الازل قال الله سبحانه الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون سيقولون لله افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم قل الله خالق كل شيء وليس كمثله شيء وهو السميع البصير لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد قال عليه السلام اقام الاشياء باظلتها وان الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - القيوم هو القائم على كل نفس مما انبسط عن النقطة الكونية الظاهرة بالانبساط في الالف اللينية المنبسطة بالالفات بانحاء الانبساطات في كل كون بنقطة مقامه نعم ( فعم خ‌ل ) الحكم الامكان والاعيان على اللغة الحقيقية اذ في كل مقام انبساط بعد انعقاد لا ما هو المعروف عندهم من الحلين والعقدين وان كانا ثابتين في كل عين وانما المراد به الابهام والتعيين وهذا لا ينفك عن شيء على البت واليقين فلو انفك انعدم لانعدام التمكن المتحصل بالتمكين فصحت ارادة النفس على معناها المتبادر المعروف وان كان المتبادر في المقام الذات من حيث هي ولما كانت هي مجمع البحرين وملتقى الحقيقتين فجاء الابهام والتعيين واقترن بين المعنيين وذلك لحكم المناسبة الثابتة في الفردين قد نظر اليها الواضع في المقامين واما حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه فالمراد بها البحر العذب الفرات وتصوير ما قلنا وان كان صعب المنال على ظاهر المقال الا ان فيها الابهام في الامكان والتعيين في الاكوان وهو معين الاكوان وكذا البحر المالح الاجاج فان له ذكر ابهامي في العذب الفرات من حيث الارتباط لا مطلقا والا لما عرف بها الذات الساذج البحت البات وبالجملة فالقائم على كل نفس في الصدور والاصدار والاحداث والايجاد على جهة الاختراع والابتداع هو القيوم اي اقامة الاشياء باظلتها ولما كان القيام هو جهة الافتقار والقيم في الصدور قيم في التحقق والعضدية والعروض والظهور في مقامات ظهوره للاشياء بظهوره وبظهور ظهوره وهكذا كان هو القيوم بخلاف القيوم ( القيم خ ) في الركنية واخويها في اللفظ والاستعمال فالقيوم اذا ليست صفة ذاتية والا لكانت الاشياء بجهات افتقارها مذكورة في الازل مع انه الصمت المحض والعماء المطلق فبعد ما صحت فعليته فيكون هو الفاعل والقائم ولما كانت الكيفيات والهيئات والاضافات والاوضاع والاقترانات والجهات والحيثيات والاعتبارات كلها في باب المفاعيل قد سبقها الفاعل فبقي هناك لا حيث ولا كيف ولا اضافة ولا اقتران ولا جهة والا لم يسبق هذا خلف لان الفاعل هو القدرة الظاهرة قال عليه السلام بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة ولما كان الشيء لا يعرف الا بما هو عليه لا بما لم يكن هو عليه عجزت المدارك والمشاعر عن ادراكه وصفة قيوميته لانغمارها في عالم الهيئات والحدود وتعاكسها من جهة المعبود كيف وقد امر امير المؤمنين عليه السلام في محاولة معرفة النور المشرق عنه الذي نسبته اليه نسبة الحادث الى القديم والامكان الى الوجوب باطفاء هذه السرج وسلب هذه الحدود وقال اطفا السراج فقد طلع الصبح فما ظنك في ادراك اصل معرفة الفاعل وكيفية قيام الاشياء به حتى ذلك النور فاضرب عنه صفحا واطو عنه كشحا كيف لا وهو الاسم المستقر في ظله الذي لم يخرج منه الى غيره وهو الاسم الذي تفرد الحق سبحانه به وهو الكينونة الالهية والهوية التي هي مبدء الالوهية والشمس المضيئة في قعر بحر القدر الذي لا ينبغي ان يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه وكشف عن ستره وسره وباء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير لا والله مشاعر الخلق اعجز من ذلك اذ الشيء لا يجاوز مبدءه انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله ولهذه العلة قال مولينا الرضا عليه السلام لما سئل عن مشية الله قال عليه السلام واما ارادة الله فاحداثه لا غير لانه لا يروي ولا يهم ولا يفكر بل يقول للشيء كن فيكون بلا لفظ ولا نطق ولا كيف لذلك كما انه تعالى لا كيف له فتطابقت الروايات المعصومية عليهم السلام ودل عليه العقل القاطع فثبت انه لا كيف له فبطل السؤال عن الكيف نعم هذا مشعر يدرك بلا كيف ولا جهة وهو محل فعل الفاعل ومتعلقه واول صادر منه وحكم النسبة الارتباطية بين المصدر والمصدر يقتضي القاء المثال في هوية المصدر فلا يبعد ان يتمكن ذلك المشعر لادراك نوع من جزئيات ذلك وسنتكلم عنه في هذا المقام انشاء الله الرحمن ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

الاشراق الثاني - قد سبق منا في صدر الكتاب ان الادلة ثلثة دليل يعرف به الصور والظواهر والحدود والجهات والرسوم وهو دليل المجادلة ودلالته كدلالة الالفاظ على المعاني ليست الا دلالة جزئية والحقيقة محجوبة عنها ودليل يعرف به الحدود الشريفة والرسوم المعنوية والمشخصات العقلية وهو دليل الموعظة الحسنة مقر اليقين ومحل التمكين ودليل يعرف به الاشياء كما هي مجردة عن الحدود والكيفيات والرسوم والاضافات والاقترانات والجهات والاوضاع والحيثيات والكميات وهو دليل الحكمة محل المعرفة ومقام المحبة وقد اشار الحق سبحانه الى الجميع بقوله ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ولما كانت المجادلة هي اخر جهات الدلالة فلم يكن فيها كثير فائدة اذ لا يوصل الى معرفة الشيء كما هو ما اجرى ائمتنا سلام الله عليهم كلماتهم على مقتضاها وانما نطقوا بمخ الحكمة واتوا بلباب المعرفة وهي لا تتم الا بدليل الحكمة او الموعظة الحسنة ولما كان الناس واقفين بباب فقرهم الذي هو جهة غناهم في عالم الصور والنقوش لم يتات لهم الا ادراك الصور المحدودة وهو لا تتم الا بالمجادلة فانحصر امرهم فيها وعادوا اليها فاوردوا كلما يرد عليهم بذلك الدليل ولذا ضاق بهم السبيل فوقعوا فيما وقعوا من الضلال والتضليل وزعموا ان الاحاديث والاخبار ليست برهانية تسكن اليها النفوس وتطمئن لديها القلوب وتوصل الى مقام القطع واليقين بل كلها خطابيات صدر على جهة الوعظ والتبيين فلم يدروا ان الذي لا صورة لها كيف يدرك بالصور فطلبوا المحال بكثرة المقال فصح ان العلم نقطة كثرها الجهال وحاولوا ان يدركوا حقائق المعرفة الالهية واللطائف الابدية السرمدية المنزهة المقدسة عن كل صورة وهيئة بالامور الوهمية والمقدمات الجدلية فاتوا البيوت من ظهورها وما ادركوا شيئا منها وكانوا كما قال مولينا الصادق عليه السلام بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة فشبهوك وجعلوا بعض اياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم يعرفوك يا سيدي فاذا اردت ان تعرف الشيء اعرفه كما هو عليه والا لم يكن اياه بل كان بخلافه وهو قوله عليه السلام اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة واولي الامر بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد جعل الله لكل شيء دليلا وحدا وجعل لمن تجاوز ذلك الحد حدا فلا ينفتح لك باب معرفة هذا المطلب الجليل الا بدليل الحكمة والموعظة الحسنة في بعض المقامات ولا يعرف بالمجادلة ابدا كما زعم القوم وفعلوا فاصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا يكسبون فلا تتوحش لو وجدت شيئا لم ينطبق بما قالوا من المقدمات من الصغرويات والكبرويات بالاقترانيات والاستثنائيات فان المقام الذي نحن فيه اعلى من ان تحوم حول حماه الصور او تطرق اليه الفكر والنظر ولا سبيل اليه الا لاعلى المشعر فان اهتديت اليه سبيلا فاحمد الله وكن من الشاكرين والا فرده الى اهله اهل العلم الذين يستنبطونه منهم

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتاخذه عنا

فما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا

الاشراق الثالث - انك حين تنظر اطو الوسائط واقطع الروابط ولا تنظر الا الى الذات البحت تعالى شانها ولا تقصد سواها ولا تطلب غيرها فان الاسماء حجاب المسمى ودليلها وظهورها فمن توجه الى الاسم فقد عبده ومن عبد الاسم والمسمى فقد اشرك ومن عبد الاسم دون المسمى فقد كفر ومن عبد المسمى بايقاع الاسماء عليه فذاك التوحيد فاذا سمعت منا نقول ان القيوم هو الفاعل وهو ظهور الذات الذي هو الفعل لا تتوهم الاستقلال بل لا تفهم الا حكم الاضمحلال فان قولنا ( قلنا خ ) الظهور يغني عن المقال ويكفي عن مؤنة الاستدلال والظهور اسم للظاهر فالمتقوم بالذات هو الذات وقيوميتها بظاهريتها للخلق والخلق قائمون بفاعليته قيام الكلام بالمتكلم والادراكات بالمشاعر لا على جهة الحلول ليتاثر عن معلوله ومفعوله ولا على الاتحاد ليمتنع تاثيره وايجاده ولا على جهة التعين ليكون ذوات المفعول هي الحركة ولا على نحو البروز والكمون ليصح التوليد بل كقيام الصورة بالمقابل فان المقابلة هي المؤثرة بالظهور فيها والظهور هو تاثير المقابل في الصورة وامره اليها ومثاله فيها والشبح المنفصل عن الشبح المنفصل عن الشبح المتصل الذي هو ظهور الشخص وتلك الظاهرية قائمة بالذات بنفسها فتستدير عليها دورة متوالية كاستدارتها عليها غير متوالية فاذا قلنا ان العلة عين المعلول لم نرد به الحقيقة ليلزم تقدم الشيء على نفسه وانما هو شيء واحد اوجده الواحد سبحانه بلا كيف واقامه بنفسه وامسكه في ظله فلا يخرج منه الى غيره فامده به عنه منه وكل ذلك مستند الى الفعل فان استند الى الذات كان حقيقة الذات ظهورا وحركة فيحدث في الذات حوادث كثيرة فان قلت ان القائم هو ذات زيد بطل كونه صفة وبطل كونه قاعدا فان قلت انه صفتها قلت من المقوم لها فان قلت هو الذات قلت ابقائميتها ام بنفسها فان قلت بالاول قلت هي ايضا صفة محدثة من المحدث ومن المقوم فان عدت في الجواب الاول عدنا في السؤال فان ذهبت الى اين تذهب ليس الا ايجاد ووجود وانوجاد فان قلت بالثاني رجعت الى الاول فبطل اذن مضطجعا لاجتماع النقيضين ولا كيفية لهذا التقويم تعبر مع ان الكتاب التكويني كل حرف منه يشهد بذلك ولا اثر عن مؤثر الا على مثال تلك القيومية لان الحكاية سارية في اقليم الظهور فالعبارة الظاهرة وان كانت لا عبارة ( الا نسخة ٢٤ خ ) على نهج التلويح والاشارة ان القائم قائم بغيبه قيام صدور وقائم بالقيام قيام ركن ظهوري وقائم بنفسه قيام تحققي وعضدي والذات هي المتصرفة في الكل والمدبرة لها بها والمستوية عليها المظهرة اثارها بها بلا كيف فان الكيف انما نشا وتحقق بالقائم فلا يجري عليه ما هو اجراه والا لشابهه ولكان مثله لكنك اعلم ان القائم اسم الفاعل وكذا الفاعل وقد اتفقوا على انه مشتق الاكثر على انه من المصدر وهو الاصل والحق انه من الفعل ولا شك في تاخر المشتق عن المشتق منه فيجب تاخر الفاعل عن الفعل مع تقوم الفعل به فما الفاعل اذا وما فاعلية الفعل اذ كان مفعولا وان المشتق منه ليس على جهة الاستجنان اذ ليس الضارب مستجنا في ضرب بالحركات على المختار او السكون على المشهور عند البصريين وليس على جهة التعين لما ذكر فهو على جهة التاثير والايجاد فيكون المشتق منه هو المفعول فيكون المفعول حينئذ عين الفاعل لا مطلقا وليس لك ان تقول ان المحكي من النحاة لا يجري على الحقائق فانما هو في الالفاظ لان الالفاظ قوالب المعاني وصور الحقائق والواضع هو الله سبحانه والنحوي هو الباحث عن احوال ما وضعه الله سبحانه وقرره سيما اذا كان حكيما سيما اذا كان هو الواضع في مقام المسمى والباحث في مقام الاسماء واذا قطعنا النظر عن ذلك ورجعنا الى الواقع لا يكون الا كما قالوا اذ بعد ما انسد الطرق عن جهة الله الذات البحت تعالى وتقدس ذكرها لم يبق الا ظهوراتها في مراتب المظاهر والمخلوقات ولا شك ان الفاعل كالقائم والقاعد ليس هو محض الظهور المطلق والا امتنع الاتصاف فيكون هو الظهور القائم بالمتعلق الذي هو الاثر قيام تحقق وقيام ركني ولا ريب ان هذا الظهور هو من فاضل الظهور المطلق لكونه ظهورا للغير ولا يكون الا بالغير فلا يكون عين الظهور الاول والا لكان الاول عين الثاني او الثاني تعين الاول وكلاهما ممتنعان مع انك لو فتحت بصر بصيرتك ونظرت الى صافي طويتك رايت ان الظهور للمتعلق بعين ذلك المتعلق وكل هذه المتعلقات تقومت بتلك الظهورات قيام صدور وتلك الظهورات تقومت بتلك المتعلقات قيام عضد وركن فتكون فاعلية الاشياء بانفسها اقام الاشياء باظلتها وهذه الفاعلية هي مشتقة من الفعل الكلي الذي هو الظهور الكلي قال امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها فالمتجلي هو الفاعل والمتجلي له هو المفعول والمتجلي له به هو ما ذكرنا من السر المكنون وشرح هذا الكلام بقوله الحق في اليتيمية علة ما خلق ( صنع خ‌ل ) صنعه وهو لا علة له وقال مولينا الصادق عليه السلام خلق المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية وانت تعلم ان الفعل لا يكون الا في رتبة المفعول فاذا كان هو عين الفعل كان الفعل عين المفعول فالفاعل هو مقام الذات وعلامتها وهو مشتق من الفعل ومركب من الفعل المتقوم بالذات قيام صدور ومن الاثر المفعول فكان كل فاعل مع المفعول المطلق بل هو المفعول المطلق ثم ان الاثر لو جردت ( جردته خ‌ل ) عن ظهور المؤثر كان هو المفعول المطلق فاذا غيبته في ظهور الذات كان هو الفاعل تقول ضربت ضربا فانا ضارب وذاك مضروب والقول بان ضربا تاكيد بمنزلة ضربت ضربت فحق فان قال بمنزلة زيد زيد فباطل الا ان جهات التوجيه متسعة وطرق الاعتبارات مختلفة وكونه تاكيدا له لكونه تقريره في مقام ظهوره باثره لكونه ظله ومثاله ثم ان هذا المفعول الذي هو جهة فاعلية الفاعل بل هو الفاعل ان بقي في مقام ذاته اي المثال والحكاية وظهور صرف الذات من غير نظر غيرية وبينونة وانفصال مقام لا فرق بينك وبينها هو فيها نحن ونحن فيها هو كان هو الفعل اللازم حيث لزمه الفاعل واختص برفعه ولا ذكر للغير فيه فان الغير انما هو ذكره فان لم يبق في مقامه بل تعدي الى الغير اي غير جهة الفعل بظهوره فيها بالاتصال والانفصال روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي كان هو الفعل المتعدي بالتاثير الى الغير وهو تعين الاثر المتاصل بالتاثير وظهوره في الغير كقولك ضربت زيدا فان الضرب المشتق المصدر الذي هو بالاضافة الى الفعل فاعل قد تعين بالوقوع والظهور في الحدود والتعينات ولما حصل الانفصال وذكر الغير وجاء السوي وتحقق الطرفان والتقي البحران وان الصبغة في الرحمة انما هو على حسب المقام وما استحق من الفعل ما كان يستحقه اللازم حيث البسه لباسه وعلاه بتعليته واقامه مقامه في الاداء وصورة ( صوره خ ) الرفع لبيان اجعلك مثلي كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ولما كان الانتساب الى الفعل ولا يذكر عنده الا هو لكونه حكم الاثر الدال على المؤثر بالان لم يستحق الا النصيب المتوسط بين الرفع اعلى مراتب القرب والاتصال والكسر ادنى دركات البعد والانفصال والفعل هو الاصل في العمل وهو المبني عليه الاحكام الوجودية والتشريعية والاصل في المبني ان يسكن ( يسكنا خ ) لكونه الخلق الساكن الذي لا يدرك بالسكون وانما تحرك لبيان الاصل فيه فاجتمع الامران وترتب الحكمان فالفعل المتعدي يفيد ما افاده اللازم وزيادة حكم الاسفار الاربعة او الستة بمنافعها الخمسة ‌عشر وشدائدها التسعة عشر ( الوجه فيه قوله عليه السلام السفر قطعة من السقر وقوله عليه السلام لولا قال خ ) وادراك الغرائب ومشاهدة العجائب بخلاف الفعل اللازم فانه الموطن والمسكن ولا مسافرة هناك ولا منافرة فافهم ما القينا عليك من الدقيقة في اشتقاق الفاعل من الفعل في الجزئيات المتعلقة واما في الكلية فاشتقاقه من نفسه كضرب بالتحريك فان ضربا بالسكون مشتق منه وهو ليس بجامد لكونه نسبة الغير فلم يزل يتحرك نحو المبدء المحرك اياه بنفسه

الاشراق الرابع - القيوم اوله حكم الاحاطة الظاهرية التي هي عين الباطنية واخره مقامات المحاط واوسطه من جهته ( جهة خ ) تفصيله في ستة ايام بعد استوائه على العرش ومن جهة المحيط اول اشراقاته وانواع احاطته والتضعيف اما للتاكيد لاستنطاق القاف واما لشرح كونه ثاني والمجموع شرح بسم الله الرحمن الرحيم لاستنطاق الواحد المتمم المقترن بالاحد المستنطق به الكاف في كن فهي القطب الكلي لحقائق استدارات الامكان والاكوان واليها يعود الزمان والمكان وهي منتهى تعلقات الصفات واستدارتها على نفسها وقيوميتها بنفسها كما ان قيومية النار للشعلة بالمس وللمس بالحرارة واليبوسة العرضيتين ولهما بنفسهما فالمتجلي كرة يدور عليها التجلي وهو كرة تدور عليها المتجلى له وهي ثلث كرات متطابقات محدب السافل على مقعر العالي وان جعلت اخرها خارج المركز صح الا ان فيها مقامان مقام مركزها عكس الممثل وضده ولا يرتبطان بالمتممين الحاوي والمحوي ومقام اخر كما ذكرنا فالعكس يدور على عكسه مدبرا موليا وهو يدور على قطبه المتجلي فحصل السائل والمجيب والسؤال والاجابة فلولا السائل لم يكن شيء ولولا السؤال لم تكن الاجابة ولولا الاجابة لم يكن المجيب وما من موجود الا وله من هذه الاربعة نصيب ففي كل مقام يكون السؤال عين الاجابة يكون السائل عين المجيب نحن السائلون ونحن المجيبون فاذا كانت الاجابة بالسؤال كان السؤال هو نفس السائل فكانت بينونة الصفة لا العزلة فقد سئل به لا بغيره والا لكان هو غيره وغيره هو والعبارة الظاهرة هو ان نقول ان المقامات الاربعة مختلفة الى رتبة الفعل الصادر الاول فتتحد والعبارة الحقيقية اكتمها مع كمال اظهاري اياها لك وما انا ان خبرتهم بامين وهو السر المعمي والرمز المنمنم ولكن اكثر الناس لا يعلمون وقد قال مولينا الصادق عليه السلام ان الله تعالى قد اقام الاشياء باظلتها فافهم

الاشراق الخامس - قد ظهر منا سابقا ابطال القول بوحدة الوجود بان تقوم الاشياء به تعالى كتقوم الامواج بالبحر والحروف بالالف فانه اخراج للقديم عن قدمه فان المقيد اذن له حالات ثلاثة حال اللابشرطية وصلوحه للشيء قبل الاقتران مع قطع النظر عن المقترن فان كان في الذات تلزمها وان كان في الفعل تلزمه وكذا في المفعول فاختر ايها شئت وانصف ان تغير الحالات وتكثرها ينافي القدم ام لا ولا يسعك انكار الحالات في حال الاطلاق والتقييد في مقام ذات المطلق ان كنت ذا فهم سديد ولست بجبار عنيد ممن القيت السمع وانت شهيد واما الكمون والبروز فهو القول بالتوليد واما الرشح والظلال والاشعة فهو قول بالتشبيه لمشابهة الاشعة والسراج والظل ذي الظل والرشح ما ترشح منه مع ان كل ذلك صفات الخلق واحوالهم وحدودهم يتعالى عن كل ذلك معبودهم ولم يكتب لك ما وصف نفسه لك بك في لوح حقيقتك تلك النسبة بل ما دمت لاحظا لها غير واصل اليها وغير متصل بها مع ان القائم لا يدرك الا والقيام معه والمنسوب لا يعقل الا مع المنسوب اليه وارى ذلك الوصف يحرق عند ظهوره كل النسب والاضافات والاحكام والارتباطات ولعمري ان حالهم يناقض مقالهم

كذبوا ان الذي زعموا خارج عن قوة البشر

وقد عرفوا الله بحدود انفسهم على التوهم كما قال ذات الاسم الباطن هو بعينه ذلك ( ذات خ ) الاسم الظاهر والفاعل بعينه هو القابل والاعيان الثابتة عينه الغير المجعولة والفعل والقبول له يدان فهو الفاعل باحدي يديه والقابل بالاخرى والذات واحدة والكثرة نقوش فصح انه ما اوجد شيئا الا نفسه وليس الا ظهوره ه‍ واسم الباطن هو الفاعل وهو الذات عندهم فاثبت له تعالى حالة التاثير والتاثر والفعل والانفعال او تقول انه تنفعل ذاته عن ذاته ولا ضير فيه بلى هكذا قول من اتى البيت عن ظهره واعرض عن معدن العلم واهله وقد قالوا ان الاعيان الثابتة مستجنة في غيب الذات فمنهم من قال انها ( كاستجنان الشجرة في النواة ومنهم من زعم انها خ ) كاندراج اللوازم في الملزومات وقد زعموا ان الازل فضاء واسع يسع الاشياء الكثيرة حتى اثبتوا فيها ما اثبتوا سيجزيهم وصفهم انه بهم حكيم عليم قل كل يعمل على شاكلته وربكم اعلم بكم

ارشاد : يا اخي ويا قرة عيني اعلم ان الله سبحانه وحده واحد احد صمد لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء ولا يساويه شيء ولا يعادله شيء ولا هو كشيء ولا لشيء ولا من شيء ولا عن شيء ولا على شيء ولا في شيء ولا منه شيء ولا عليه شيء ولا فيه شيء وكل نسبة وجهة واتصال وبينونة وانفصال واقتران وافتراق ووضع واضافة وحكم سلبي او ايجابي كلها في الخلق وهو تعالى منزه عن ذلك كله والا لكان ممكنا قال امامك ومقتداك كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه هذا هو التوحيد الخالص فان قلت اذن كيف مثلت القيومية بالقائم والمشتقات قلت ان ذلك حكم فعلى سرت امثلته في المفاعيل ولا دخل له في الازل عز وجل نعم قد وصف نفسه لنا في الكتابين التدويني والتكويني فتطابقا وينبئ احدهما عن صاحبه وقد قال لك فيهما ليس كمثله شيء ولا تضربوا لله الامثال والله يعلم وانتم لا تعلمون فاذن ( ما اقبح خ ) ما زعموا وايدوا وشيدوا وملاوا الدفاتر بالربط بين الحادث والقديم فيا ويلهم الويلات من هذا الكلام الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتهد له الجبال هدا فلو كان القديم مرتبطا كان مقترنا ويشهد كل اقتران على الحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث والا فاين الربط نعم الربط انما هو بين ظهوراته ومطارح تجلياته وشؤناته الفعلية واين هي من الذات الم تعلم ان النسبة والارتباط الى الناقص لو كانت ذاتية تنبئ عن النقص في المنسوب اليه والا بطلت هذا خلف نعم لما لم يعقلوا الاصدار والايجاد بلا كيف وهو لا كيف له انكروا ذلك مبلغهم من العلم والله ولي التوفيق وبيده ازمة التحقيق وما ذكرناه كفاية لاولي النظر الدقيق والفكر العميق هدانا الله واياك سواء الطريق

اللمعة الثامنة - في اول صادر عن الله سبحانه وبطلان القول بالعقول العشرة وان العقل اول صادر اضافي والجمع بين الروايات المختلفة في اول الصادر قال الله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وهو الذي ارسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء واخرجنا به من كل الثمرات والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا هو الذي يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها وقد سئل عليه السلام اين كان الله قبل السموات والارض قال في عماء فوقها هواء وتحتها هواء واول ما خلق الله الهواء واول ما خلق الله الماء واول ما خلق الله القلم واول ما خلق الله العقل واول ما خلق الله روحي واول ما خلق الله نوري واول ما خلق الله نور نبيك يا جابر كان طائفا حول جلال القدرة ثمانين الف سنة ولهذه اللمعة اشراقات :

الاشراق الاول - ان اقرب الاشياء الى الاحد هو الواحد ليس قبله لشيء ذكر ولا عدم ذكر لشيء فيه وهذا امر قطعي يشهد به الوجدان وصريح البرهان ولا يخفى ذلك على انسان ( الم تنظر خ ) الى النقطة الصرفة الغيبية حيث ظهرت بالالف فكان اول ظهورها وذكرت الحروف لديها حيث كانت منشا لها وقائما عليها ومحيطا بها فليس بعد النقطة الا الالف وما انبعث الحروف الا منه وقد علم اولوا الالباب ان ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا والبرهان على ذلك ان الذات من حيث هي ليست الا هي فلما ظهرت بنفس الظهور كان ذلك علمه المحيط بكل شيء وقدرته النافذة على كل ما يريد ولما كان الظهور غير متوسط بشيء سواه وغير متكثر بذاته صلح لاظهار كل المظاهر والمرايا وحيث ما صلح قد ذكر الجميع فيه ذكرا صلوحيا وصلوحا عدميا فكان ذلك هو كلمته وكل المظاهر دلالاتها فكان هو القدرة التي استطلت بها على كل شيء وعلمه الانفذ والنافذ بكل شيء فذكر المعلومات كلها والمقدورات باسرها عند ذلك النور الصبح الطالع من افق الظهور فكان هو الواحد ورتبته ( رتبة خ ) الواحدية ومقومها الاحدية ففي الواحد استجنت الاعيان الثابتة المعدومة الكون والعين فطوت وحدة الواحد الكثرات الغير المتناهية وهو اول ما برز عن الاحد باظهاره في رتبة مقامه وقد ذكر عنده الاعداد او ( وخ ) حصلت الاضافات والاوضاع اي الصلاحيات فقد جف القلم لديه ولم يبق الا اظهار المذكورات وانفاذ العلم بايجاد المقدورات وذلك على حسب قابليات الظهور وجهات الاستمداد من ذلك النور وهناك يتقدم المتقدم ويتاخر المتاخر ويسعد من سعد ويشقي من شقي فظهر ان اول ما صدر وظهر في مصدر التكوين هو العلم المتعلق اذ معلوم والقدرة اذ مقدور والسمع اذ مسموع والبصر اذ مبصر والحيوة والمشية والارادة اذ الاكوان انما هي صفات الاسماء والصفات وهي متقدمة على صفاتها لترتبها عليها اذ ما ظهر من الصفات في مواقع التجليات لا تنسب الى القديم لانتهاء كل شيء الى مثله فايجاد الموصوف قبل الصفة والمنسوب اليه قبل المنسوب من اللوازم لكونه متمم القابليات ودليل تمكين الفاعل القابل للتمكن وحصول الاستعدادات وان كان المنسوب والمنسوب اليه متضايفان ( متضايفين نسخة ٢٤ خ ) الا ان له تقدم على المنسوب بالذات والتحقق والدليل على ما ذكرنا وشاهد ( الشاهد على خ ) ما سطرنا في دعاء سحر من اثبات التشكيك ظاهرا في الصفات مثل قوله عليه السلام من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي ومن علمك بانفذه وكل علمك نافذ ومن قدرتك بالقدرة التي استطلت بها على كل شيء وكل قدرتك مستطيلة وامثالها من العبارات الشريفة فان الذات لا تقبل التشكيك فثبت المغايرة فوجب حدوثها والا يلزم قدمها وهو يستلزم عدمها فاين المهرب عن هذا المطلب فلما كانت هذه الصفات قد سبقت الاشياء والماهيات فتكون هي السابقة الغير المسبوقة وكلما سواها اللاحقة ولما كانت الصفات انما تتعدد وتختلف لاختلاف الجهات وتباين الحيثيات لا حقيقة الذات وجب ان تكون الذات المختلفة جهاتها بالاعتبارات واحدة وحادثة اما الاولى فهو المفروض واما الثانية فلان الجهات والحيثيات لا تتطرق في القديم الذات البحت البات ولما كانت هي الموصوف فتكون متقدمة على صفاتها فتكون هي المجعولة اولا والصادرة سابقا فتكون مع كل شيء لا بمقارنة وخارجا عنها لا بمزايلة فثبت بالبرهان ان اول ذائق ثمرة الكون المطلق في عالم الامكان هي الذات الدايرة عليها كل الصفات والمتعلقة بجميع الحيثيات والشؤنات الفعلية الخلقية مما انبثت رشحات امثالها في عالم الاكوان

الاشراق الثاني - وتلك الذات المقدسة الشريفة لها اسماء كثيرة قد استعملها سادات البرية سلام الله عليهم باعتبارات مختلفة وجهات متشتتة متفاوتة فمن حيث انها جهة الحق سبحانه وذكره ومذكوريته في الامكان سميت ظهورا وتجليا اوليا ومن حيث انها ظهوره لغيره وموصل فيضه الى ما يريد سمى فعلا وحركة ايجادية ومن حيث انها ظهوره لها بها ولغيرها على الظاهر سميت فاعلا ومن حيث انها اول الذكر والمذكور وبها نشات الاشياء وتاصلت سميت مشية ومن حيث انها مبدء الصور والاعيان سميت ارادة ومن حيث انها تكونت لا من شيء سميت اختراعا ولا لشيء ولا على احتذاء مثال سميت ابتداعا ومن حيث انه اول مظاهر الحق سبحانه وظهوراته في الامكان سميت التعين الاول ومن حيث انه الاصل المتشعب عنه الحدود والجهات والحيثيات سميت شجرة مباركة زيتونة ومن حيث انها مبدء الايجاد وعلته واول الميل سميت محبة ومن حيث انه بها الاحسان والامتنان او من اثره الماء الذي به كل شيء حي سميت رحمة ومن حيث انها تدبير الحق في الخلق والاخذة بذمام كل شيء وبناصية كل دابة سميت ولا ية مطلقة ومن حيث انها لا غاية لاولها ولا نهاية لامدها وانقطعت عند ربها وبارئها سميت ازلا ثانيا ومن حيث انه اول ظهور الحق سبحانه سميت صبحا الصبح الازل ومن حيث انها اول الاصول واصلها وغايتها سميت ادم الاول ومن حيث انها لا تتوقف في تكونها وانصدارها على شرط وسبب سوى ذاتها سميت الوجود المطلق ومن حيث ان كل الظهورات والتجليات الالهية انما هي بفاضل تجليه لها سميت اسم ( الاسم خ‌ل ) الاعظم ومن حيث انها متممة لحقائق الامكان والاكوان ومتممة لنفسها بنفسها بالله سبحانه سميت الكاف المستديرة على نفسها ومن حيث انها علة العلل ومبدء المبادي سميت السر المقنع بالسر والمجلل ومن حيث ان الماء الواقع على ارض الجرز انما نشا منها وصدر عنها وتاصل بها سميت سحابا ومن حيث انها اللفظ الصادر عن فعله بنفسه سميت كلمة ومن حيث انها حكم الله على الموجودات سميت امرا ومن حيث ( ان اللفظ خ ) انها مادة اللفظ الظاهرة بمحلها وصورتها الظهورية كالجسم التعليمي سميت الحقيقة المحمدية صلى الله عليه واله ومن حيث انها المستديرة على نفسها وقطب لما سواها سميت فلك الولاية المطلقة ومن حيث انها الذكر الاول للاشياء سميت علما وغيرها من الاسماء الموضوعة لها بحسب الاعتبارات الصحيحة وكلها حقائق لا مجازات ليصدق قوله تعالى الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة ضيزى وكون تعدد الاوضاع خلاف الاصل خلاف الاصل اذ ليست مشتركة ولا مترادفة ولا مجاز ولا نقل ولا ارتجال بل حقيقة ثابتة في كل الاحوال وقد اعطيتك اصلا كليا ينفتح لك به ابواب العلوم في المعاني والاقوال

الاشراق الثالث - قد اخبرتك في توحيد الافعال ان كل ما سوى الله قائم بامره قيام صدور وقيام عضد وركن وهذا عام لم يخصص ولن يخصص ابدا فما تسمعهم يقولون ان الامكان ذاتي واختلفوا في ان علة الافتقار الى العلة الحدوث او الامكان كلام مزخرف فان الامكان ان لم يكن شيئا فتوصيفه بالذاتية والعلية اللتان ( اللتين خ ) هما اصل الشيئية وحقيقتها غلط وتوصيف الموجودات بالامكان غلط فاحش اذ العدم الصرف واللاشئ البحت لا يدرك ولا يحكم عليه لانه قبيح لانه محاولة ادراك المحال وليس في محال القول حجة ولا في المسئلة عنه جواب فان كان شيئا فغير الله خالقه اختر ما شئت فان استصعب عليك معرفة ان الله خلق الامكان فاعلم ان الامكان ليس الا الصلوح والذكر المحض الكلي الشامل المنطبق على القدرة الظاهرة وذلك الذكر جزئيه كلي وحصصه مطلقة وقيوده عامة لا تفرض شيئا الا ورايته يسع الاشياء كلها ومبدء هذا الذكر انما هو تلك الذات المذكورة لانها لما ظهرت ذكر جميع مظاهرها حين ظهورها بقضها وقضيضها دقيقها وجليلها جلها وقلها ولم يبق الا الممتنع عن المظهرية وذلك الذكر هو اول مظاهر ذلك الظهور فكان على طبقه في الاحوال كلها فان الاثر لما كان على هيئة صفة المؤثر فلما كان الفعل الذي هو عموم قدرة الفاعل في غاية رتبة العموم من الازل الى الابد الذي هو عين ذلك الازل خرج اثره كعموم قدرة المؤثر فلا غاية لامده ولا نهاية لعدده بحر لا ساحل له مظلم كالليل الدامس كثير الحيتان لا يغوص في هذا البحر الا امر الله ولا يعلمه الا هو ومنه مصدر البداء وعلل الاشياء والامدادات الغير المتناهية لكل فرد من افراد الاكوان والمكونات من اللابداية الى اللانهاية وهذه هي الخزانة ( الجزئية خ ) العليا الاولى ومنها ينفق كيف يشاء ولا نفاد لها ولا انقطاع وهذا هو الامكان والفيض الاقدس وتلك الاذكار هي الاعيان الثابتة في العلم الازلي الثانوي ولما كان لكل مكون امدادات غير متناهية متوالية غير متفاصلة ولا ثابتة الا ما ذكرته ( ذكر له خ ) في العلم عند تلك الذات علمها عند ربي في كتاب بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون كان كل شيء دونه فلا يحاط لاحد الا الله ( لله خ ) سبحانه ويتساوي فيها العالي والداني والشريف والوضيع والملك المقرب والنبي المرسل والكروبين والعالين ( الكروبيون والعالون خ‌ل ) وخيرة الله على الخلق اجمعين اذ لو احاطوا بها لاستغنوا عن المدد وهو صفة الواحد الاحد الصمد الم تقرء قل رب زدني علما فالاستزادة عن الوجوب محال وتقوله كفر وطلبه الحاد وزندقة وعن ما عنده تحصيل للحاصل فلم يبق الا الممكن الغير الواصل وقد ذكر عند الذكر الاول وقد اتاه الله تعالى بذكره وهذا هو العلم الغيب المتفرد به الحق سبحانه لانه المتعلق للاسم الاعظم وهو الشمس المضيئة تحت بحر القدر هذا البحر وهو فوق القدر لا ينبغي ان يطلع عليها الا خالق البشر وهذا هو العمق الاكبر المنزجر للكلمة التامة تلك الذات وهي ينبوع مجاري الصفات ولما كان هذا الذكر يستحيل تبدله بالنسيان فلما ذكر حفظته الكتبة عن الزيادة والنقصان فتحقق فيه الرجحان اذ من دخله امن من الاعدام ومن دخله كان امنا لكونه هو بيت الله الحرام العالي البنيان الشامخ الاعلام وقد وسع كلما جرت به الاقلام من انحاء الوجودات والاعدام لكونه المحبوب الاول بالمحبة الحقيقية وتلك المحبة ايضا من الامكان الا انها اشرف مقاماته واعلى درجاته واسنى مراتبه كما ياتي ولما كان اي الذكر الاول لحقائق الاكوان والاعيان اول مظهر من مظاهر ظهورات الخالق المنان قد ظهر مظهرا لثنائه في الاسرار والاعلان منبئا لبسط علمه ونشر عوائده ومننه وعموم قدرته وتحقيق كل يوم هو في شان وتبيين قل الله خالق كل شيء وما عندكم ينفد وما عند الله باق والله يعلم وانتم لا تعلمون ليعلم انه من ينصره ورسله بالغيب باوضح بيان فكان هو في تاويل التاويل او باطن الباطن لا ما هو المعروف الظاهر عند اهل الباطل المراد من قوله عز وجل يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار فتحقق رجحانه وكمل تبيانه سبحانه سبحانه سبحانه ما اعظم شانه فافهم ولا تتوحش اذا سمعت منا الامكان الراجح فتلتفت الى ما قالوا وتزعم انه اجتماع النقيضين واذا قلنا الامكان الجائز فالمراد به كلما ( نزل خ‌ل ) من تلك الخزانة الواسعة الى الحدود الخلقية الكونية فانه اذا ارتفعت الحدود وتفسخت القيود عاد الى ذكره الاول قال عليه السلام وسبب فراقها تخلل الالات الجسمانية فاذا فارقت عادت الى ما منه بدئت عود ممازجة لا عود مجاورة نعم قد يرتفع التمازج ويعود العود بالمجاورة في السلسلة الطولية في الذكر الاول اذ ما ذكر به ال محمد سلام الله عليهم اجمعين غير ما ذكر به عندهم ( غيرهم خ ) فعند العود لا يلحقهم كما عند البدء ما سبقهم فيعود بالمجاورة فافهم ان كنت من اهل الدراية والا فاسلم تسلم وانت لو نظرت فيما كتب الله لك من انواع المعرفة في الافاق وفي نفسك شاهدت ما ذكرنا جليا واضحا ثم ان هذا الذكر الكلي العام الواسع العمق الاكبر ليس في افراده ومراتبه ترتب وتقدم وتاخر وعلية ومعلولية واسباب وعلل وشرايط واداب ومتممات ومكملات ولوازم ومقتضيات بل من شدة قابليته لا شرط له الا وجود الفاعل انظر الى الصور الخيالية فان الترتيب والتقديم والتاخير فيها مفقودة الا في الخارج عند الكتابة او التلفظ او غيرها

الاشراق الرابع - لما كان ظهور الظهور في المظاهر على حسبها لا على حسبه والمرايا منها مستقيمة ومنها معوجة ومنها صافية ومنها كدرة ومنها كبيرة ومنها صغيرة وقد لا يتحقق شرايط تكون المظاهر اما لعدم قابليته لذلك او لفقدان بعض علله الصورية وامثال ذلك من الموانع فيبقي في اصل الامكان كان الامكان على قسمين ونقول انه خزينتان احدهما العليا والاخرى السفلى اما الاولى ففيها ذكر الخيرات والطاعات والوجوديات والصور الحسنة والاعتبارات الصحيحة ( والذوات الطيبة والملكات النورية والانوار الوجودية والوحدانية ( الوجدانية خ‌ل ) وكلما يدرك ويحس ويخيل ويتصور ويتوهم ويتعقل ومما وجد كونه وما لم يوجد سواء يصح كونه ام لا مما يقدر الخلق على ادراكه وما لا يقدر واما الثانية فيها ذكر كل الشرور والمعاصي والعدميات والصور الباطلة والاعتبارات الفاسدة خ ) والذوات المنقية ( المنفية خ ) والامور الغير النفس الامرية والذوات الخبيثة والملكات الظلمانية والتاييدات الشيطانية والقذوف الافكية والامدادات العدمية والخذلانية وكلما يدرك ويحس ويجس ويتصور ويتخيل ويتوهم ويتعقل ويجد من الادراكات الباطلة والصور الكاذبة مما وجدت ولم توجد وسيوجد او لم يصح كونه ووجوده ومنها قولهم انا نتصور الشريك الباري والاعيان الثابتة في الازل واجتماع النقيضين وان فرض المحال ليس بمحال وان ارتفاع النقيضين واجتماعهما يصح في المرتبة ( الرتبة خ ) كاللاموجود واللامعدوم واللاحادث واللاقديم وان المفاهيم خمسة اقسام وان المشية عين ذات الله وان عليا عليه السلام افضل من رسول الله صلى الله عليه واله وغيرها من الامور الباطلة فانما هي من تلك الخزينة يدخلها الله سبحانه من رحمته الواسعة حسب سؤال المضطرين في مراتب مشاعرهم فالامكان شيء قد خلقه الله سبحانه بفعله واقامه بامره وهو الخزانة الاولى الاعلى للشيء الواحد وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم

الاشراق الرابع ( الخامس ظ ) - واذ قد علمت ان اول الصادر هو تلك الذات الشريفة المسماة بالاسماء المتقدمة وعلمت انها عامة واسعة لانها الرحمة الكلية التي وسعت كل شيء وحدثت بها الامكانات الغير المتناهية الازلية الابدية الثانوية بكثراتها وكلياتها ظهر لك بطلان ما اسسوا وشيدوا بقاعدة ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد من اثبات العقل الكلي الاول وانه الصادر الاول فان ذلك زخرف من القول وزورا فان الفعل عام واسع يسع كل مفعول الم تعتبر من حدوث الامكانات به ولولا ان الاكوان تنتظر الشروط لكان يحدث به كالامكان فعدم الاحداث من جهة القابل لا من طرف الفاعل الم تسمع قول امير المؤمنين عليه السلام ان الصورة الانسانية هي الصراط المستقيم وهي الصراط الممدود على جهة بين الجنة والنار وهي الشاهد على كل غائب والحجة على كل جاحد وهي المختصر من اللوح المحفوظ وقد اراك الله تعالى اياته فيها والمنطوي فيها العالم الاكبر فاذا نظرت الى نفسك بالنسبة الى اثارك وافعالك هل تجد اول صادرك الا حركتك النفسانية ثم الجسدانية ثم ما يظهر منك في الخارج بالترتيب بعد حضور صوره عندك في الذهن على حسب مساعدة الاسباب والشرايط شيئا فشيئا وليس عندك الا عقل واحد يدبر قواك ومشاعرك وظواهرك فاين العقول العشرة وان كان اثبتوها من جهة حصول الكثرة في الجهات الفاعلية فلم لم يكتفوا بالثلثة حيث زعموا ان الجهات قد تكثرت في العقل الثالث بحيث صار مبدء الثوابت والكرسي مع ان كل جزء من الفلك يحتاج الى مدبر يدبره لحكم مغايرة الاجزاء واشتراط المناسبة بين الجاعل والمجعول وهذا الكلام يتمشي في الفلك الاول مع ان العقل الثاني بعد لم تتكثر جهاته فما لهم اين يذهبون فان كان اثبات الكثرة لاجل ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد على فرض صحته وتسليمه فقد حصلت الكثرة في الثالث بل في الثاني فاذا قارنت الكثرتان وبسطتهما لم يصل الى حد من الكثرة فلا تحصى فلم احتاجوا الى غيرها ثم ان مقتضى الكثرة ان تتعدد المقتضيات فما بال الامر رجع قهقري في السابع الى التاسع والقول بالمباينة لا يجدي نفعا فان مبني الاثبات اثبات تكثر الجهات في المبدء حتى تكثرت المفاعيل وقد حصلت الكثرة فما الدليل على باقي العقول مع انا قد تتبعنا الوجود ودل عليه العقل المستنير بالشهود ان الشيء كلما تكثرت جهاته تكثرت شؤنه لانها من مقتضياتها ولا يتخلف والا يكون الشيء مهملا ولا تجوزونه سيما في العقول الفعالة فلا معنى لما ذهبوا اليه من اثبات العقول العشرة وسنزيدك انشاء الله تعالى

تبصرة : ثم ان ما اتفقت اراء الحكماء من ان اول الصادر هو العقل ويجعلونه البرزخية الكبرى ما الذي ارادوا منه ان ارادوا النور الالهي النبي الباطني الذي شعاعه فينا المدرك للمعاني الكلية فغلط فاحش فان المعاني محدودة والمركب مسبوق باجزائه انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظائرها وان ارادوا الوجود او ارادوا المشية فغلط ايضا الا ان يصطلحوا عليه ولا مشاحة فيه على الظاهر وان ارادوا الحقيقة المحمدية صلى الله عليه واله فلا يصح اذ المنسوب اليه مقدم على المنسوب واما ما ورد ان اول ما خلق الله عقلي وروحي والقلم فقد يفسر بحديث ان الله خلق العقل وهو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش وان القلم اول غصن اخذ من شجرة الخلد وان روح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة فقد سبقه الغارس والارض الجرز والماء والسماء والسحاب والدلالة او المعنى المسبوق بالدلالة المسبوقة بالكلمة المسبوقة بمراتبها فالاولية اضافية لا حقيقية وهي ما ذكرنا واصلنا

الاشراق الخامس ( السادس ظ ) -اعلم ان الابتدائية والاولية للشيء قد يطلق على ما هي له وقد يطلق على مباديه الفاعلية والمادية فاذا اشتبه عليك شيئا ( شيء خ‌ل ) ارجع الى هذه القاعدة الشريفة ولذا قال اول ما خلق الله العقل لكونه اول الاشياء المتاصلة الظاهرة الجارية عليها الاحكام من حيث هو وقد سئل امير المؤمنين عليه السلام عن اول ما خلق الله تبارك وتعالى قال عليه السلام اول ما خلق الله النور وقال ايضا عليه السلام ان الله تعالى اول ما خلق الخلق خلق نورا ابتدعه من غير شيء ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا ان يخلق الظلمة لا من شيء كما خلق النور من غير شيء ثم خلق من الظلمة نورا وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سموات وسبع ارضين ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماء مرتعدا الحديث والمراد بالنور هو الماء الذي به جعل كل شيء حي كما عن مولينا ابي جعفر عليه السلام ان الله كان اذ لا شيء غيره وخلق الشيء الذي جميع الاشياء منه وخلق الريح من الماء ثم سلط الريح على الماء فشقت الريح متن الماء حتى ثاره من زبد على قدر ما شاء الله ان يثور فخلق من ذلك الزبد ارضا بيضاء نقية صافية ليس فيها صدع ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة ثم طواها فوضعها فوق الماء ثم خلق الله النار من الماء فشقت النار متن الماء حتى ثار من الماء الدخان على قدر ما شاء الله ان يثور فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب وذلك قوله تعالى ام السماء بناها رفع سمكها فسويها واغطش ليلها واخرج ضحيها الحديث وهذا الماء هو النور العلة المادية للعقل والارض النقية الصافية هي العلة الصورية وهي الظلمة المخلوقة بالنور والعقل هو المجموع المركب وهو النور المخلوق من الظلمة اذ الاستناد الى الانية المضمحلة او المستقلة والنور المحمدي صلى الله عليه واله المخلوق اولا المخترع من نور الذات هو ذلك الماء وهو المعبر عنه بالحقيقة المحمدية صلى الله عليه واله وهو جنان الصاقورة الذائق روح القدس العقل الكلي منها الباكورة واما حديث ان الله تعالى كان في عماء فوقها هواء وتحتها هواء قبل خلق السموات والارض فاعلم ان المراد به الظهور والعماء هو السحاب الرقيق وهو السحاب المزجي في مراتب المشية والهواء هي الظلمة والفوق والتحت هي عبارة اللانهاية وانقطاع الادراك والاولية والاخرية عن العماء فعلى ما ذكرنا حصل التوفيق بين كل الروايات وتحقق الامر وعلمت ان اول الصادر هو عالم الامر عالم الابداع والاختراع والمشية والارادة والولاية المطلقة والازلية الثانية فاحببت ان اعرف المخلوق بنفسه الممسك في ظله خلق المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية وهي اول ما برز في عالم السوي واول المواد وهيولي الهيولات واسطقس الاسطقسات ومادة المواد هي الماء الذي به حيوة كل شيء واول الصور والقابليات هي ارض الجرز واول المكونات المقدرات المقضيات ( المقتضيات خ ) الممضيات في الكاينات من المقيدات هو العقل الذي تحقق الكون باقباله وادباره كما ياتي انشاء الله تعالى فلا تطرح الروايات ولا تنكرها اذ لم تحط بها خبرا ولا تكن ممن قال الله فيهم واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم وذروها في سنبلها وردوها الى اهلها واسلموا تسلموا فانها صعبة مستصعبة اجرد كريم ذكوان مقنع لا يحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او مؤمن امتحن الله قلبه للايمان وشرح صدره للاسلام

اللمعة التاسعة - في كيفية ايجاد الصادر الاول بنفسه وانصداره عنها بها ووجه تركيبه ومادة وجوده وتكوينه قال الله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق الا انه بكل شيء محيط ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ( خ‌ل ) في بيان كيفية ايجاد الصادر الاول والوجود المطلق والغيب الثاني الاول والازلية الثانية ظهور الاولية التي هي عين الثانية التي هي عين اللاهوية ( اللاهوتية خ‌ل ) التي هي حقيقة الهوية وذكر طبايعه وعناصره ومواد اجزائه ومادة نفسه وكيفية التركيب والمركب الاسمى المعبر عنه بالاسم الفاعل الذات الظاهرة في المشتقات صفة الفعل ومعموله وظهوره وفاعله ومفعوله ومبدئه وموجده قال تعالى وكان امر الله مفعولا خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة هو الذي ارسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من كل الثمرات سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ولها اشراقات :

الاشراق الاول - قوله تعالى وكان امر الله مفعولا وقوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون دل على ان الفعل مفعول كيف وهو من المشتقات وهي تستدعي اصلا ترجع اليه والمشتق فرع عرض قائم باصله قيام عضد وركن كقيام اصله به في الوجه الثاني وان كان قد يترائى في بادي ( النظر خ‌ل ) القيام الظهوري الا ان ذلك قيام ظهور الفاعل بنفس المفعول في الشعاع المنفصل والغالب في الاشتقاق الاشعاع المتصل وان كان الشعاع المنفصل من احد اقسام الاشتقاقات واسم الفعل مشتق فمعناه يكون كذلك بحكم التطابق بين الاسم والمسمى من حيث هو كذلك والتوافق بين عالم اللفظ والمعنى كما هو المطابق للحكمة الالهية في الكينونة الاولية ولما كان الاشتقاق اقتطاع فرع من اصل كان اجرائه في الذات محالا للانفعال الموجب للحدوث والتغيير الداعي الى الامكان فيكون ذلك الاصل ممكنا وحيث لم يسبق الفعل الا الذات كان مبدء الاشتقاق هو نفس الفعل فهو اذن الاصل القديم والفرع الكريم رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك

تحقيق وتزييف : لما كان وجود الفعل لا يقتضي سوى الفاعل اي الذات كان هو الوجود المطلق والغيب الثاني والظهور الاول وقولي الثاني تفهيم والا فهو الاول لان ذلك الاول لا ثاني له واليه يرجع الاضافات والجهات وعنه عبرت العباير واللغات واليه تنتهي ( انتهت ل‌خ ) الصفات والذوات والقول باعتبارية الفعل لا اعتبار له كيف والذوات به تحققت والحقائق به تشيئت والاسطقسات له وبه تاصلت مع انه يستلزم الطفرة وتنخرم به قاعدة امكان ( الامكان خ‌ل ) الاشرف والضرورة قد قضت بها فان لم يكن شيئا كيف سبق الموجودات كلها والذوات باسرها في الاطوار الامكانية فان السبق صفة وجودية ضرورة وان كان شيئا وقد سبق الموجودات كان اقويها واثبتها واعلاها فهو ذات الذوات والذات في الذوات للذات والاعتباري ان كان راجعا الى العدم فكما قلنا وان كان الى الوجود فكذلك وان كان الى الذهني دون الخارجي فمع استحالة الفرق عقلا ونقلا كما سبقت الاشارة اليها مجملا وتاتي مفصلا انشاء الله تعالى كذب محض وزور صرف اذ لا يراد به الا ما يدرك في الذهن وينسب اليه الافاعيل الخارجية ولم يكن كذلك فيه ثم ان الاعتبار في الذهن وهو وما فيه مخلوق بالفعل وان كان قبل الاعتبار لا وجود له كما هو شان الاعتباريات كزوجية الخمسة فيلزم ان لا يكون له سبحانه فعل الا بالتوهم والاعتبار وذلك ساقط عن محل الاعتبار قال عليه السلام في الصحيفة واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولم يبلغ ادنى ما استاثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين فالفعل ذات استفادت الذوات من صفاتها تذوتاتها والصفات من هيئات اشباحها تذوتاتها والظلال من عكوسات اشباحها تشيئها وتايسها فلا ذات سواه ولا متاصل غيره الا به واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون والاعتبار في اقرب الاشياء الى المبدء الحق ساقط عن الاعتبار ولكن القوم لما انجمدوا فقدوا الذوبان فظنوا الذائب المتلاشي عن جهات الانية اعتباريا والمنجمد ذائبا فجعلوا ما الاصل فيه الاشتقاق فرعا لما الاصل فيه الجمود ذلك مبلغهم من العلم ان هم الا يظنون فذرهم وما يفترون

تاييد : قال عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها والاشياء اعم من الاعتباريات والذوات والصفات والاضافات والنسب والكينونات والهويات واللاهوت والماهوت والناسوت والجبروت والملكوت والملك والقرانات والهيئات فموجد الكل كيف يتصور اعتباريته والواسطة تنسب اليها الفعل بل الفعل ينسب الى القريب المباشر وان كان يدا اما سمعت قوله تعالى انه لقول رسول كريم وقوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون ففي الفقرة الاولى نسب الفعل الى الاصل والثانية الى المباشر الغير المستقل بحال من الاحوال فالنسبة حقيقية وان كان ( كانت خ‌ل ) بعد حقيقة دون المجاز وان كانت مجازا عند اهل المجاز ولكنها حقيقية ( حقيقة خ‌ل ) عند اهل الحقائق فاهل المجاز يرونه حقيقة في مقام الخصوص بالعموم واهل الحقيقة يرونه مجازا في مقام العموم بالخصوص فليس هناك اشتراك ولا تواطؤ ولا تشكيك ولا مجاز ولا نقل ولا ارتجال فافهم فالفعل هو المشية كما قال عليه السلام الارادة من الخلق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل واما ارادة الله فاحداثه لا غير لانه لا يروي ولا يهم ولا يفكر وانما يقول للشيء كن فيكون بلا لفظ ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له فمبدء الوجود اصل لكل غيبة وشهود فلا يكون الا حقيقيا

الاشراق الثاني - قال تعالى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وهذه الشجرة قد فقدت الجهات لانها متلازمة فحيث انها فقدت في الجهتين وجب في الجميع وفقدها ينافي كونها شجرة لانها متحدة الاصل متفرعة الاغصان وهي دليل الكثرة وهي تكون بالجهات فاذا انتفت انتفت فاين الشجرة او اين كونها لا شرقية ولا غربية فهي ( ينافي خ‌ل ) وحدانية الذات متكثرة التعلقات وهي عوارض كينونتها ( كينوناتها خ‌ل ) الثانية رسما في الشبح المتصل واثرا في الشبح المنفصل فحقيقتها عند ظهور الكاف وحدانية ولذا ظهرت بالكاف المستديرة على نفسها تدور على نفسها على التوالي وتدور نفسها عليها على خلاف التوالي والعشرون لظهور سر ( ستر خ‌ل ) تسعة ‌عشر في الحجاب الثاني اي الاول اذ الاول لا ثاني له وذلك السر ( الستر خ‌ل ) اورث الوحدة والاستدارة والكينونة الثانية عند ظهور النون لانها قوس دائر على المحور المورث للكثرات والاختلافات في اطوار التعينات والنون ظهور الهاء في الياء وهي تكرار الهاء والجميع استنطاق العين فظهرت الكاف في العين فتقومت وتحققت الصاد فظهر قوله تعالى كهيعص فالاصل الكاف والفرع الصاد وما بينهما قرانات واستنطاقات فليست في الكاف جهة لا شرقية ولا غربية فلذا استدارت على نفسها وفي النون ظهرت الكثرة في الكينونة الثانية فكانت بها الشجرة وقولي الثانية في مقابلة الاولى في قوله تعالى خطابا لادم روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي فالاولى كينونة الله الظاهرة في الجبلات من قوله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم والثانية الاعيان الثابتة في العلم المحتجبة تحت حجاب النون وبها اصول الحقايق ومبادي الذوات فتمت الشجرة الالهية الكلية واحدة في عين الكثرة مسلوبة الجهات في عين الاتصاف بها فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم والله خليفتي عليك

حكمة نورانية : هذه الحقيقة البسيطة اول المبادي وجوهر جواهر العلل وذات المذوتات والمدبرات والذوات ومجوهرة القوابل والاستعدادات ومكونة الكينونات ومديرة ( مدبرة خ‌ل ) الدائرات ومسخرة القاهرات كما ذكرها الله سبحانه لا شرقية ولا غربية منزهة عن الحدود والجهات مبعد عنها الاقطار سالمة عن شوب الكيفيات والكميات مستترة غير مستورة لشدة ظهورها وكمال نورها ودقة خفائها لانها الواحدة التي صدرت من الواحد لا لان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد وهي الواحدة في قوله تعالى قل انما اعظكم بواحدة والتاء ليست ذاتية وانما هي مبالغة في الوحدة وهي قبل الاتصال واحدة وبعده كاف مستديرة على نفسها تدور على نفسها على خلاف التوالي ونفسها تدور عليها على التوالي فلا كثرة فيها لانها بها تحققت ولا جهة فيها لانها بها تاصلت ولا صفة لها في ذاتها لانها بها تشيات ولا اعتبار فيها في ذاتها لجهة ( بجهة خ‌ل ) الصفة والموصوف فتغايرت وقد سبقت الكثرات والجهات والحيثيات والا لما صح حدوثها بها اذ لا يعقل احداث المساوي للمساوي اذ احد المتساويين ليس اولى بان يكون علة والاخر معلولا فلا بد ان يكون ( تكون خ‌ل ) العلة منزهة عن جميع صفات المعلول والا لم تكن اياها اذ الصفة من مقتضيات الموصوف والا لم تكن الصفة لموصوفاتها ( لموصوفها خ‌ل ) ولصح اتصاف كل شيء بكل شيء والضرورة قاضية ببطلانه وهو قوله عليه السلام لا يجري عليه ما هو اجراه ولذا قال عليه السلام انما يقول للشيء كن بلا لفظ ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له لانه سبحانه انما كيف الكيف واين الاين واقام العين بتلك الحقيقة الوحدانية فهي سابقة عليها غير جار عليها حكمها كما سبق لما سبق

تحقيق فيه تبيين وتزييف : فقولهم بالربط بين الحادث والقديم ان كان مرادهم ان في الذات جهة اخرى غير حيثية الذات بها يقع الربط فذلك محال على اصول الموحدين المسلمين لمنافاته الوحدة ان كانت تلك الجهة ذاتية وبطلانه ان كانت فعلية لان الفعل اثر مخلوق ولا وجود له في الذات والا لم يكن اثرا اذا كان وجوده مساوقا لوجود الذات فاطلاق الاثر حينئذ مجاز بل هي الذات المنبسطة والاثر المتصل كما نقوله في السلسلة العرضية فتبطل السلسلة الطولية وبابطالها يكون نقصان القديم وان لا يكون وجوده لذاته بذاته في ذاته كما اسلفنا في الباب الثاني وان كان مرادهم ان الذات غير فاقدة لكمال المجعول فلا تعطي ما كان فاقدة له وذلك المعنى الموجود في الذات على الوجه الاشرف هو الربط ليلزم التشكيك فهو يستلزم اتحاد الرتبة اذ الاختلاف لو كان ذاتيا لا يسمى تشكيكا لبداهة انه من المتحد المعنى وان كان عرضيا فذاك التشكيك وهو يستلزم الشريك كما قال امير المؤمنين عليه السلام ليس بينه وبين خلقه فصل ولا له عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع والمشيء والمشاء ولا نعني بالشريك الا المتحد في الذات والمختلف بالجهات والصفات وان كان مرادهم ان الذات ليست فيها جهة غير حيثية الذات فما معنى للربط وان كان مرادهم ان الاثر شعاع والمؤثر منير والشعاع حكاية لذات ( للذات خ‌ل ) المنير فذلك هو الربط فان ارادوا ان الشعاع يحكي الذات البحت فباطل لانه يحكي المنير من حيث هو كذلك وهو جهة غير جهة الذات ضرورة ويلزم ما سبق من التكثر اذ الذات من حيث هي غيرها من حيث انها محكية وهو عين التركيب الممتنع من الازل الممتنع من الحدوث وان ارادوا ان الشعاع يحكي من حيث كونه صفة فعلية فلا ربط في الذات قطعا وليس لهم على ما زعموا دليل سوى الاستبعاد من ان الاثر كيف يصدر عن المؤثر بلا نسبة وارتباط والا لزم صدور كل شيء وهو في البطلان بمكان ولم يعلموا انه سبحانه اوجد الاشياء بكلمته وهي لا كيف لها من حيث ذاتها وانما النسب والاضافات والجهات والقرانات انما تنتهي الى عرضيات تلك الكلمة الطيبة والشجرة الالهية التي ليست بشرقية ولا غربية واما هي من حيث هي مصنوعة بما هي عليها من انها لا جهة ولا ربط ولا اشارة ولا عبارة فاذ لا ربط في الاثر فاين الربط في المؤثر مع استلزام الربط التثليث ( لتثليث خ‌ل ) المرتبطين والرابطة ولا تقولوا ثالث ثلثة انما الله اله واحد سبحانه وتعالى عما يشركون

تمثيل نوري : انظر الى ذاتك من حيث هي اذ لا ريب انها مخلوقة مربوبة ليست بازلية قديمة وهي من حيث هي ليست الا هي لان الكثرات على مراتبها ومقاماتها وصفاتها واضافاتها انما تنسب اليها والنسبة بين المنسوب والمنسوب اليه معلومة والمغايرة فيما يصح فيه النسبة ظاهرة لانها تقتضي الاثنينية اذ لا تعقل النسبة في الواحد من حيث هو ضرورة فذاتك غير جميع ما ينسب اليها من حيث هي وان كانت تتحد معه في محل الانتساب وذلك شان النسبة فهي اذن منزهة عن جميع ما سوى حيثيتها فلا كيف ولا اين ولا مع ولا متى ولا قد ولا ان ولا مذ ولا في ولا من ولا على ولا الى ولا مم ولا فيم ولا لم ولا على ‌م وهي التي قال الصادق (ع) ان الله خلق اسما بالحروف غير مصوت ولا باللفظ منطق ولا بالشخص مجسد ولا بالتشبيه موصوف ولا باللون مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وهي التي اشار اليها امير المؤمنين عليه السلام كشف سبحات الجلال من غير اشارة ومحو الموهوم وصحو المعلوم وهتك الستر لغلبة السر وجذب الاحدية لصفة التوحيد وياتي شرحها مفصلا في الباب الرابع انشاء الله تعالى وهذه الحقيقة هي ذاتك وسرك وكينونة الحق لك بك وايته فيك وربوبيته المودعة عندك وهي الربوبية التي كنهها العبودية التي هي الجوهرة وهي لا كيف لها لانها دليل معرفته تعالى لا من حيث هي وهي محدثة فكيف ربطها بمحدثها قل ما شئت تخصم وهي دليل عدم الربط بين الحادث والقديم عندك وهذه الحقيقة والذات انما هي اثر الحقيقة التي هي المشية التي هي الصادر الاول فوجد لا كيف من لا كيف بلا كيف انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله اياته ووجوده اثباته

الاشراق الثالث - الحرارة انما وجدت وتاصلت من حركة الفعل لانه تاثير من الغير الى الغير فبه يحصل الصعود الى جهة الغير فهي مفنية له وجاذبة الى مبدئه ولا نعني بالحرارة سواها والبرودة انما تحققت من سكون المفعول المكون اي متعلق الفعل اي الاثر الحاصل من الحركة من حيث هو اثر وهي ثاء الثقيل وهاء الهبوط وميم المركز والرطوبة انما حصلت وتحققت ونشات من الميل فان كان من ميل العالي الى السافل فرطوبة مع الحرارة والثانية اكتسبت من الانتساب والنسبة لطيفة يحدثها المنسوب اليه في المنسوب في امثال هذا المقام وان كان من ميل السافل الى العالي كما هو مقتضى تلقي الفيض ولا يحصل بدونه فرطوبة مع البرودة للنسبة ولما كان السافل من حيث هو حافظ وحامل لما يجري عليه من فيض العالي كانت برودته مع اليبوسة اما البرودة فلما ذكرنا واما اليبوسة فللحفظ والامساك ولما كان الفعل هو الاسم الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره فحدثت هناك يبوسة فهناك حرارة مع يبوسة فترتبت العناصر فاولها الحرارة واليبوسة وهي النار اي نار الشجرة الخضراء وثانيها الحرارة والرطوبة وهي الهواء المخروق والجو المرتوق المفتوق وثالثها البرودة والرطوبة وهي الماء الذي كان العرش عليه كون المفيض على المفاض عليه بظهوره له عليه وحاملية المفاض عليه بالتلقي منه والميل اليه به له ليكون حاملا للرسالة وهي الحرارة والرطوبة الله اعلم حيث يجعل رسالته وذلك الحيث انما يحصل بالميل فكان بذلك فرشا مقرا للعرش قبل سماء البسايط العلويات والمركبات السفليات بمدد لا نهاية لها شخصا وقد اشار امير المؤمنين عليه السلام الى جزء من مائة‌ الف جزء من راس الشعير من ذلك نوعا في الخبر المشهور ورابعها البرودة واليبوسة وهي الارض الماسكة والقابلية الحافظة لما يرد عليها من فوارة الفيض بقدر مقدور وامر مستقر وهذا الترتيب هو الاصل في الكينونة الاولى والمبدء الاعلى اذ السافل لا يصل اليه شيء الا بالتلقي والقبول وهما لا يكونان الا بالمتلقي ( بالتلقي خ‌ل ) والمقبول وهما لا يحصلان الا بالحركة الفعلية فالسافل تراب والتلقي ماء والمقبول هواء والفاعل نار وهو يد الافاضة للمفيض ولذا كان اسما مشتقا وهو فرع قطعا واللفظ على طبق المعنى والاسم على صفة المسمى وتخلف هذا الترتيب كما في بعض العلويات ظاهرا من تقديم التراب وتاخير الهواء واقترانهما الشبيه باقتران الضدين واجتماعهما كالحمل والثور مثلا ليس من جهة الاختلال في الترتيب لانه به يكون الشيء وباختلاله يختل ويضد الا ان المركب الموجود قد يغلب عليه جهة من جهات عنصر من هذه العناصر فينسب اليه وان كان معه غيره كما هو المحسوس المشاهد فنسب لذلك فان كل برج من هذه البروج تام التركيب وكامل الكينونة ولا ترتيب بينهما الا في العوارض الخارجية لا في الحقيقة الذاتية فنسب على خلاف الترتيب الكوني الوجودي وانما كان كذلك لان سواد نقطة الامكان لاولي المعالي اظهر من كل شيء بالاضافة الى ساير احوالها فيجد فقرها وموتها اولا اما تقرء في التشهد واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وال ‌محمد فالعبودية هي مقام التراب قد تقدمت على الرسالة التي هي مقام الهواء لمكان الربط المستدعي للرطوبة الالهية التي تستدعي الحرارة وهذا شان العلويات باسرها فيتقدم مقام ترابهم على هوائهم ولا يتقدم على نارهم لمكان حدوثهم وافتقارهم الى بارئهم وان كان الجميع في مقام واحد الا ان الدلالة على الاضمحلال والاستمداد والافتقار مقدمة البتة ليجري التكوين على اكمل ما يمكن في الحكمة فان الخلق للدلالة الاشراق اللهم سبيلك والاذواق اللهم دليلك ولقد فتحت لك بمنه تعالى بابا تعلم به ترتب الاسباب في المبدء والمئاب ان في ذلك لعبرة لاولي الالباب

ازالة وهم : لعلك تقول ان العنصر النار انما حصل بحرارة الفعل ويبوسته وهي دليل عدم وجوده في المفعول فالمفعول على هذا لا يجد النار لمساوقتها مع الفعل فلا تخرج منه الى غيره نقول نعم ولكن الفعل اظهر والقى مثاله في هوية المفعول ليظهر عنه افعاله وذلك المثال على ذلك المنوال هو العنصر المذكور فتربعت العناصر وترتبت في كلما تعلق به جعل الجاعل وفعل الفاعل في كل شيء بحسبه واختلاف المتولدات في كل عالم لاختلاف جهات القرانات مثاله في الرمل فانه اربع نقاط وهي العناصر نظرت الى نفسها وتفصلت في شكلها فكانت ستة‌ عشر فاقترنت وامتزجت وجملت وتفصلت فاستعلت واستفلت وتجردت واختلطت الى ان استخرجت منها الاشياء باسرها والاعيان بكلها كما ترى وهذه الاربعة موجودة في كل حادث فصح اذا معنى قولهم

كل شيء فيه معنى كل شيء فتفطن واصرف الذهن الى

الاشراق الرابع - لا شك ان المبدء له الشمول بالهيمنة والاستيلاء والاحاطة العامة فاول ما يحدث منه يظهر حاكيا لمثاله ودليلا على عموم انبساطه كما هو شان الحادث الذي هو الدليل والسبيل وحيث ان السافل بذاته حكاية ومثال كانت الاحاطة في ذاته والشمول في تعينات ( لتعينات خ‌ل ) اطواره ولما كانت الحكاية شان السافل فوجبت ان تكون دائمة ولما كان كلما اقرب الى المبدء اشرف كان ظهور تلك الحكاية في مبدء الوجود اتم واكمل ولما كان الحادث بانجعاله تربعت كما ذكرنا الا ان الاربعة لقربها من مبدء العز والعظمة ذابت وماعت فكان ماء حاملا للعرش على المعنى الاخر غير الذي ذكر فان الاول لبيان الطلب وهذا فيه سر الحكاية والعرش هو المبدء الاعلى والكلمة العليا فكان السافل مظهرا له مع ما هو عليه مما في بدو شانه من علم الغيب من الكثرة والطلب والمطلوب والنسبة والطالب وغير ذلك فلما توجهت اليه العناية وحصل النظر له بعين الهيبة انقطع عن نفسه ونظر الى ربه فكان ماء رجراجا وبحرا مواجا فلما اراد الله سبحانه ان يعرفه نفسه وثمرة الذوبان وان يظهر شئونه واطواره ويريه من بعض اياته مما اودعه في سر ذاته بامره وكلمته جعل لاظهار تلك الاحوال والشئون الخاصة به العامة في كل اطواره ولاظهار الاسماء والصفات والامثال والكينونات سببين وهما الحلان والعقدان فالحل الاول للصلوح للانجماد والانعقاد بما يتهيؤ من ذكر الانية فيه والا جائت الطفرة واجراء الامر على خلاف الحكمة فخصه بذكر التعين ليعم جميع اطواره ويختص بما تميز عن غيره ويحصل الغير ويتحقق ظهور الكثرة ويظهر ان هذه الكثرات كلها من ماء واحد وعين واحدة العلم نقطة كثرها الجاهلون ولما كان ذكر الانية مقام التراب وفيه اليبوسة التي شانها الانعقاد وكان شان الشمول والاحاطة شان السيلان والرطوبة قلنا ان الرطوبة في الحل الاول اربعة اجزاء واليبوسة جزء واحد واما خصوصية الاجزاء اما الواحد فلا يمكن الاقل في الصحيح والكسر نقص يجل عنه فعل الحكيم واما الاربعة فلبيان ذوبان الاربعة الاجزاء للشيء اي الزوجين في قوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون فالرطوبة في المبدء الاول دائما تكون اربعة اذا قايسته الى ما بعده من اعتبار الحل والعقد والا فهي واحد على كل حال فباليبوسة يحصل النظر الى النفس نظر الاضمحلال لا الاستقلال يجد نفسه كان لم يجد وهذا هو الحجاب الرقيق الذي نعبر عنه في بعض العبارات وهو ( مقام ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك خ‌ل ) ومقام وان كل معبود مما دون عرشك الى قرار ارضيك السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدى وجهك الكريم فهو يجد الغير ولا يجده الا بذلك الجزء وهذا هو الاصل وان ظهرت في الكينونات في كل عالم ومقام بمقتضى ذلك العالم والمقام الا ان المقام الذي نحن بصدد بيانه لا يجري الا الشيء على الواقعي الاولى قبل الشوب بالاعراض والاغراض فاذا نسبت اليبوسة الى الرطوبة اي النظر الى مقام الغير وذكر المبدء الحق تكون نسبة الواحد الى الاربعة فيغلب الظهور ويظهر النور على الطور ظاهرا غير مستور وهو مقام هنالك الولاية لله الحق ومقام الامر يومئذ لله والحكم يومئذ لله مع ان الامر والحكم لله دائما ابدا سرمدا لم يزل ولا يزول فالجزء الواحد من اليبوسة في بحر القمقام المعبر عنه باربعة اجزاء من الرطوبة لا يخرجه عن حقيقة الذوبان والسيلان وانما كان الاول ماء واحدا غير صالح للانعقاد والانجماد والثاني ماء واحد صالح للانعقاد ولمحض الصلوح ربما يعبر عنه بالماء الجامد كما نقول في الوجود المطلق فالنسبة المذكورة حل اول وتمام المزج والخلط الى ان مالت اليبوسة الى الذوبان والرطوبة الى الانجماد بحرارة ظهور القدرة بكر الكور على الدور والدور على الكور وصلصلهما وعركهما الى ان صارتا شيئا واحد ماء رجراجا وبحرا مواجا هو تمام العقد الاول فتم بهما العقد والحل الاولان ولما تم الامر فاستنطقه فشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له نفيا لذلك الجزء وسلبا لمقتضى ذلك الاسم واعلاما لحقيقة ذلك الرسم ثم امره الله سبحانه بالادبار لتمام الاقبال ولخروجه الى التفصيل من ذلك الاجمال ولاظهار الاسماء الجمالية والجلالية على حسب طتنجي العدل والفضل فكان الادبار هو الاقبال كما كان الاقبال حينئذ عين الادبار ولذا خاف المقبلون كخوف المدبرين بل هذا عين ذاك عند اصحاب التمكين الخارجين عن التلوين بقوة اليقين بل الداخلين في التلوين الخارجين عن التمكين عند المحبين العارفين فان الاغيار تستلزم الاكدار ان في ذلك لذكري للمتوسمين ولذا كانت حسنات الابرار سيئات المقربين فتنزل ثانيا ونظر الى شئونه ليفصل ذلك الاجمال فهناك جزءان لليبوسة احدهما النظر الاول الذي هو ذكر الانية وثانيهما ظهور مقتضاها من تكثر الشئون واختلاف الاحوال وان يكون حجابا بعد ان كان وجها ويكون مانعا بعد ان كان دليلا وفصلا بعد ان كان وصلا ومخاطبا بعد ان كان خطابا ومحورا بعد ان كان قطبا وكلمة بعد ان كان نقطة ودائرة بعد ان كان كرة وكثيرا بعد ان كان واحدا وجامدا بعد ان كان ذائبا ونكرة بعد ان كان معرفة ومفعولا به بعد ان كان مطلقا وممتنعا بعد ان كان مظهرا ونسبة هذين النظرين والجهتين الى الجهة العليا الاولى كانت نسبة الاثنين الى الاربعة ولما كان المقام مقام الانجماد والانعقاد وعدم السريان والذوبان والشمول والاحاطة كان الجزءان جزء يبوسة مع البرودة طبع الموت وخفاء الحيوة الازلية الابدية التي هي مقتضى وجه الحي اللايزال وبوجود وظهور ذلك الوجه في غيب هذه الحجب والاجزاء اليابسة صارت سبب بقائها واستمرارها وبكون هذه اليبوسة خلاف الكينونة وهي الطبيعة المطلقة المقيدة بالمبدا ( المطلقة لا المقيدة بالميل خ‌ل ) الجسماني كانت تتبدل وتتغير بلا ثبات ولا اتصال احوال فباليبوسة ياتيه الموت وبالرطوبة الحافظة الحاملة تكون الحيوة فبهما كانت الاشياء باقية مضمحلة دائمة فانية متبدلة في جميع ( الاطوار خ‌ل ) والاكوار والادوار والاوطار في الجنة والنار وذلك تقدير العزيز الغفار وهو سر استجنان الاحد الذي هو الربوبية اذمربوب الذي هو رسم الربوبية اذ لا مربوب في الواو فنسبة الجزئين الحاصلين من النظرين المعبر عنهما باليبوسة الى الاربعة الاولى هو الحل الثاني وتمام النسبة بصيرورة المنتسبين شيئا واحدا مسمى باسم واحد ومقتضى اقتضاء واحد هو العقد الثاني فظهر الشيء مشروح العلل مبين الاسباب تام الكينونة عام الاقتضاء قوى الاختيار وهذان الحلان والعقدان في كل شيء ممكن مركب مخاطب بالاقبال والادبار فلا يكون حادث الا بالخطاب ولا يتم الخطاب الا بخطاب الادبار ولا يثمر الا بتعقبه بخطاب الاقبال لتمام العدل والفضل وظهور احكام اليدين بالقبضتين

وحلان مع عقدين لا بد منهما وحلله واعقده واحلله واعقد

وصل وربط : الصادر الاول وان كان منزها عنه الحدود ومبعدا عنه الاقطار لكنه حيث كونه حادثا مجعولا وان كان الجاعل الظاهر بهذا الجعل انما جعله بنفسه لا بغيره فهو الكرة المصمتة لا المجوفة الا ان مقتضى الجعل والحدوث في كل مقام يفرض ما ذكرنا من حدوث الطبايع الاربع المقتضية لحدوث العناصر الاربع المقتضية لمحض المقارنة عند فرض حدوثها للحلين والعقدين على الوجه المذكور المخصوص ليعم الحوادث باسرها وجب اعتبارها على كمال التفصيل على كمال الاجمال والوحدة في الصادر الاول ليكون امر الله واحدا وصنعه متقنا وايجاده محكما ولا يكون في خلقه فيما يقتضيه الجعل اختلاف ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولا يضر وحدة الحكم اختلاف الموضوع فهو ثابت في كل شيء بحسب مقامه من الشرافة والدنائة واللطافة والكثافة والعلو والسفل والمجرد والمادي والبسيط والمركب

رفع ابهام : ما سوى الله سبحانه اذا قلنا انه بسيط نريد به ظهور حكم البساطة بغلبة الوحدة على الكثرة بحيث اسقطت اعتبارها واثارها لا انه بسيطة ( انها بسيط خ‌ل ) في الحقيقة والذات وانتفت الاجزاء كلها فيها (ظ) والصفات كلا فكل ممكن زوج تركيبي واقل ما يمكن فيه من نفي الكثرات الثلثة وهي لاول النظر بامر مستقر فان الوحدة من حيث هي ينافيها التركيب الثابت المحقق للشيء لامكانه والمركب اقل ما يفرض من اجزائه جزءان والهيئة الحاصلة من الاجتماع الثلثة فلا يمكن اقل منها الا ان تخرجه من الامكان اما بان تجعله وجها للقديم او يكون هو القديم وحده جل جلاله فالشكل المثلث كان بذلك ابا الاشكال واصلها وهو الفرد واوله والشكل المركب ( المربع خ‌ل ) بعده وهو الزوج واوله وهما المبدءان للكثرات كلها فالسبعة اكمل الاعداد واشرفها لاجتماع المبدئين فيها فاين البساطة والوحدة في الامكان على الحقيقة فالمثبت لها فيه عليها مكابر لعقله ومزاحم لوجدانه وعلى الله قصد السبيل فالصادر الاول متكثر في عين كونه واحدا

تحقيق رشيق : اعلم ان السافل اي بمادته وصورته لا بالثانية وحدها لا ذكر لوجوده اي صلوح كونه في رتبة العالي اي الفاعل المؤثر المنير اذ لو تساويا في المادة لم يكن السافل سافلا ولا العالي عاليا لمكان المساوات فاذا كان ذات السافل متاخرة في الحقيقة كان حظ السافل من العالي ظهور اثره بعد تمام انيته اذ الاثر لا يعقل وجوده الا بعد تمام تحقق المؤثر ثم الظهور بوجه واحد من الوجوه اللانهاية لها فلا يحكي الاثر المؤثر حينئذ بتمام حقيقته المركبة او البسيطة التي تحصل من عدم ملاحظة الاجزاء وقراناتها لا ملاحظة عدمها فانها لا يمكن في الامكان فلا يدل الاثر بذاته الا على وجه واحد من وجوه المؤثر من حيث انيته المركبة لكونها في الامكان اللابد له من التركيب فهو حاك عن ذلك الوجه الواحد من حيث ظهور المؤثر من حيث هو او لا من حيث هو اذا كان حكاية عن مبدء المؤثر ( الاثر خ‌ل ) فلما دل العقل المستنير ان الخلق اثر فعل الحق سبحانه المعبر عنه بالصادر الاول فذات كل اثر يحكي وجها واحدا من وجوه تلك الحقيقة الشريفة العالية ولما كان حقيقة الاشياء من حيث هي هي وجه المعرفة وهي الربوبية الظاهرة وهي المثال وهي المصدر الحامل للظهور بالاثر كانت هي الشبح وهي الصفة الاستدلالية لا التكشف في الجملة وان كانت الصفات العرضية كلها استدلاليات دون الذاتيات وهي هي وهي هي ومن المعلوم ان ذات كل شيء هي الاسم الذي بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وهي اقصى مقامات الوحدة وهي الاحدية التي يعرفها الممكن ويثبتها وبها يتوجه الى القديم وهي مقام اللانهاية واللاكيف واللاحد في الامكان فلا يمكن في تلك الحالة فرض تكثر لا تصورا ولا تخيلا ولا توهما ولا شهودا لانها فوق ما ذكر وفوق ما يقول القائلون وقد ثبت ان ذات الممكن اثر فعل الواجب ولم يوجد في مقام الفعل بل هي حكاية مقام الكثرة فيه لانها وجه واحد من عرضي وجوه الفعل الغير المتناهية ( من مراتب تعينه وكثراته الغير المتناهية خ‌ل ) التي قد طوتها وحدة الواحد طي فاين الطبايع والعناصر والحل والعقد والواحد والاثنان والتركيب والمزج والخلط والعرك والتعفين والهضم والجذب والقبض والبسط والدفع وغيرها في الفؤاد الذي هو الذات التي هي المثال فضلا عن نفس الصادر الاول الذي هو الفعل فلا يمكن لنا فرض تلك الجهات كلها في التعين الاول والحق المخلوق به ولكنا لما وجدنا المجعول الحادث لا يمكن حدوثه ولا انجعاله الا بتعلق الفعل والعناصر انما تحققت بهذا التعلق فتركبت وانبسطت فانحلت وانجمدت فانعقدت وعمت فخصت واطلقت فقيدت واحاطت فميزت وظهرت فبطنت وخفيت فظهرت وكانت فبانت فجرت هذه الاحكام على مقتضى كينونة الايجاد وعلى احسن النظام فاثبتناها للممكن الحادث من حيث هو كذلك فنجري حكم الكثرة في عين الوحدة بجهات عديدة ظهرت حين التعلق عند التعلق

الاشراق الخامس - اعلم ان الله سبحانه لما اراد احداث الاختراع والابتداع والمشية والارادة بنفسها لا بامر اخر سواها اخذ وقبض بالاسم القابض الحاصل من نفس ذلك الاخذ والقبض بنفسه من رطوبة الرحمة الحاصلة من نفس الاحداث بنفس الاحداث وحصولها بذوبان الياقوتة الحمراء التي هي نفس الاختراع لكمون النار في نفسها في شجرة نفسها التي ليست بشرقية ولا غربية فهي حمراء للنار ( وخ‌ل ) ياقوتة ليبسها وانعقادها ذابت بنظر العظمة التي هي نفسها فسالت برطوبة التوجه الى باريها بنفسها لانه قد تجلى لها بها فلما ذابت فسالت ورطبت حدثت الرحمة مساوقة للياقوتة والذوبان والسيلان فالجزاء قبل الشرط ومع ( الشرط خ‌ل ) وبالشرط والعبارة كما ذكرنا فاخذ سبحانه بذلك الاسم به من رطوبة الرحمة بالاضافة البيانية اربعة اجزاء بنفسها بها والاربعة واحدة وهي الطبايع الحاصلة بنفس الجعل بنفسه فالنار عين الماء وهو عين الهواء الذي هو عين التراب الذي هو عين النار التي هي عين الهواء

ومحمومة طبعا عدلت مزاجها الى ضدها لما علت زفراتها

بجنية انسية ملكية هوائية نارية نفحاتها

جنوبية غربية مشرقية شمالية كل الجهات جهاتها

والذي الجانا الى القول بان العلم عين القدرة وهي عين السمع والبصر والكل عين الذات بمعنى اثبات الكمال لا سلب النقص بلا تكثر ولا اختلاف في الواجب سبحانه هو الذي الجانا الى ما قلنا في الصادر الاول فانا لم ‌نصل الى عين الرتبة ويجب اثبات الوحدة فليس الا ما ذكرنا الا ان في الواجب لا كثرة في الصفات ولا في الذات معها لا وجودا ولا اعتبارا ولا ذكرا ولا جهة بحال من الاحوال وهي في مقام الحق المخلوق به واحدة في الكون والوجود الا انه تعتبر فيه الجهات والاعتبارات اي يصح ذلك لامكانه ولا يصح هناك لوجوبه ولا كيف لمعرفة الجميع فان الكيف هو الذي كيفه والكم هو الذي كونه والعدد هو الذي كثره ولا يجري عليه ما هو اجراه فافهم واما الرطوبة في الاربعة فلذوبانها وتوجهها الى بارئها حتى اعتدلت فذاب اليابس فالماء والهواء يابستان في الكينونة وان رطبا في الصورة فالكثرة انعقاد وانجماد والوحدة ذوبان وانبساط فالرطب في الصورة للانعقاد في الباطن ولما جمد ذكر الغير فيه فصار يميل اما الى الغير او الى مبدئه لاستمداد نفسه واصلاح شانه فهو متكثر انما يخشى الله من عباده العلماء فمنعقد فيابس فيذوب اذا هبت عليه نفحات الانس فينعقد ويستقل بما تحمل من المثال الملقى والصفة الحسنى فالانعقاد في الذوبان كما ان الذوبان في الانجماد وهو قوله عليه السلام وما هو الا ماء جامد وهواء راكد وارض سائلة ونار حايلة في وصف اخت النبوة وعصمة المروة فالذوبان والسيلان في هذا المقام ظهور الوحدة ونفي الكثرة فسال لما جمد وجمد لما سال وهو الجاري الراكد والسائل المنجمد والسائل المعطي والفقير المستغني

عود في التحقيق : قد ذكرنا انه سبحانه قد اخذ من رطوبة الرحمة نفسها بها اربعة اجزاء بها ومن هبائها جزء به وذلك في اول قوس الادبار لذكر الاغيار ولو لا انكم اذنبتم لذهب بكم واتى باناس يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ولما كان الامكان تدريجي الحصول لم يصلح ان يكون التنزل دفعة واحدة من اعلى مقامات الوحدة الى ادنى دركات الكثرة لمنافاته للحكمة وحصول الطفرة وشرافة الوحدة فاخذ سبحانه بالرطوبة نفسها جزء من هباء الرحمة بالاضافة البيانية وهو اليبوسة وهي عين الرطوبة بعين ما ذكرنا والجزء الواحد لانه مبدء العدد فيناسب مبدء المدد وانما قبض هذا الجزء بنفسه باسمه الباسط بنفسه بنفس ذلك الجزء بنفس الرطوبة ثم قدرهما بهما ومزجهما بهما بالاسم الحي ( به خ‌ل ) بهما فجعلهما في التعفين في القوة الهاضمة وحمام مارية بذلك الاسم الاعظم والحجر المكرم بنفس التعفين والخلط فسالت اليبوسة وانعقدت الرطوبة الى ان صارتا ماء رجراجا وبحرا مواجا بوجود النسبة بين الطرفين وتحقق الاجتماع مع الالفين فالنسبة المعبر عنها بالتعفين حل اول وتمام الاجتماع عقد اول وهو التراكم المذكور في القران

اشارة : كل حل وعقد لا يكملان الا في ستة ايام فيوم الاحد لخلق الرطوبة اربعة اجزاء على ما ذكرنا ويوم الاثنين لخلق الجزء الواحد من اليبوسة ويوم الثلثا لنسبة الرطوبة الى الجزء ويوم الاربعاء لنسبة الجزء اليها ويوم الخميس لاول الاجتماع المعبر عنها بيوم الايلاج واليوم ( يوم خ‌ل ) الجمعة لتمام الانعقاد والاجتماع ليكون الكل واحدا في كثرته يعني ( بمعنى خ‌ل ) وحدته بعد كثرته لا كما يزعمون بما يزعمون فالعقد في يومين والحل في يومين والاصل في يومين وتلك هي الستة ولذا كانت تامة صحيحة الاستدارة وهذه الايام الستة تدور على ثلثة ايام يوم الايلاج ويوم الغشيان ويوم الشان فالاول يوم التعفين والحل والثاني يوم الضم والعقد والثالث يوم الاصل وقد يطلق على الجميع وهو قوله تعالى كل يوم هو في شان وهذه الايام وان تغايرت حقيقة في الاكوان والاعيان الا انها في الصادر الاول على معنى واحد وحكم غير متعدد الا بصحة جهات الاعتبار من حيث التجويز في مقام العلم دون العمل لكونه في الامكان ومنه فالستة حينئذ ثلثة وهي واحدة كما زبرنا وذكرنا وهذه ايام الله نفصلها فيما بعد في الوجود المقيد انشاء الله تعالى ثم اخذ سبحانه من هذا الماء النازل المتقاطر من سحاب العقد الاول جزئين واخذ من هباء الرحمة في الوجه الانزل جزء ( جزئين خ‌ل ) فيكون مع الاربعة جزءان وذلك لتمام الصلوح للتعلق وتمام السبعة بظهور الكيان الثلثة في الطبايع الاربع والكل بنفسه لنفسه في نفسه لله سبحانه وهو قوله عليه السلام انا الذات في الذوات للذات ففعل بالرطوبة واليبوسة المقدرتين كما ذكرنا بما ذكرنا ما فعل بهما في الحل الاول والعقد الاول من التعفين والتقطير لتحقق السحاب وتمام البدو الذي اليه الاياب فتم بذلك الحل والعقد الثانيين ( الثانيان خ‌ل ) فكمل وتم وذلك تقدير العزيز العليم انا كل شيء خلقناه بقدر وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر والامر هو كلمة كن وهو الصادر الاول وهو واحد بلا كيف ولا اشارة وفرض الكثرة لامكانه لا لوجدانها ( لوجدانه خ‌ل ) وظهور امكانه بما جعل سبحانه به فينا بنا لنا في الوجه الثاني من مثال التوحيد المرفوع المضموم به والفعل هو الرافع للفاعل كما في نحو الحقيقة وصرف المجاز وهو الصادر الاول والحق المخلوق به المخلوق لله بنفسه والحوادث تنتهي اليه والاكوان والاعيان ترجع اليه وهو المخلوق الذي تنتهي اليه المخلوق والمثل الذي يلتجى اليه امثاله واشكاله والملك الذي دام الملك فيه وبه والوصف الذي رجع الوصف منه اليه وهو الملك المستعلي الذي سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولم يبلغ ادنى ما استاثر الله من ذلك من الوجه الاسفل اقصى نعت الناعتين ضلت فيه الصفات وتفسخت دونه النعوت وحارت في كبريائه لطائف الاوهام لانها به وجدت وعنه تاصلت واليه عادت وشابهته اذا كملت وهي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة الماوى اما انه ذات فلانه خلق ساكن لا يدرك بالسكون والاضافة الى الله سبحانه لامية فهي ملك مختص ظاهر فيها العبودية والاختصاص له سبحانه فلذا كانت عنده يسبح له بالليل والنهار في الحجاب ورفعه ولا تفتر ولا يعتريها القصور لانه النور على جبل الطور فطور يظهر فيها التجلي الاعظم ويخر صعقا ويندك الطور لظهور النور وطور هي على الجبل تناجي الرب عز وجل ولم يزل هذا دابها والثاني ليل والاول نهار فكانت ذاتا لله اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه واله ويلزم المحظور اذا كانت الاضافة بيانية على بعض الوجوه واما انه شجرة فلمكان التعلق كما سياتي انشاء الله تعالى واما انه جنة فلكونها المحبة التي تفرعت وتشعبت عنها الجنان الجسمانية والروحانية والعقلانية في عوالمها

اللمعة العاشرة - في بعض الملحقات بهذا الباب وما يرتبط بذلك الجناب قال الله تعالى وان الى ربك الرجعى ولله المثل الاعلى الم‌ تر ان الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما وانما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وقال مولينا امير المؤمنين عليه السلام رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله اياته ووجوده اثباته وقال علي بن الحسين عليهما السلام زين ‌العابدين في الصحيفة واستعلي ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولم يبلغ ادنى ما استاثرت من ذلك اقصى نعت الناعتين ضلت فيك الصفات وتفسخت دونك النعوت وحارت في كبريائك لطائف الاوهام ولها اشراقات :

الاشراق الاول - هذه الحقيقة المقدسة المخلوقة لله سبحانه بنفسها هي للصادر ( الصادر خ‌ل ) الاول وهو الاول الذي ليس له اخر لان الدهر به قسمت حدوده واليه انتهى غيبه وشهوده وعنه صدوره ووروده ولا يجري عليه ما هو اجراه ولا ينتهي الى ما هو ابداه فهو الاول بمعنى المبدئية لا القبلية لانه قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد فكما انه هو الاول يكون هو الاخر بعين كونه هو الاول لان الاثر ينقطع عند المؤثر فهو مبدء الاثر فيكون قبله في الذات ولا يزال كذلك وفي الصحيفة وانت الاول في اوليتك وعلى ذلك انت دائم لا تزول وهو خطاب الظاهر بالصفة الفعلية كقولك انت الخالق انت الرازق انت المحيي وانت المميت وكان بذلك اخرا لم يزل في اخريته وعلى ذلك هو دائم لا يزول لانقطاع الاثر بدوا وعودا ووجودا وكونا عند ظهور المؤثر بفعله وفرض الاولية والاخرية لمذكوريته في الفعل من مبدء شهوده الى انقطاع وجوده فكان اولا بعين كونه اخرا وظاهرا بعين كونه باطنا لانه الظاهر في عين الحقيقة التي لا تظهر الا بكشف السبحات وازالة حجب الانيات فالحقيقة غايبة في ذاتها عن عالم الحدود والحواس وتطرق القياس وهي كما ذكرنا مرارا الاسم الذي بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق المبرء عن الحدود والمنقطع عنه الاوهام والمحجوب عنه حس كل متوهم فهي في اعلى مقامات غيب الغيوب وهي الغيب الذي لا يعلمه الا الله على بعض الوجوه وهذا الغيب هو ظاهرية ( هوية خ‌ل ) الصادر الاول في اثاره فهو الظاهر في محل غيب الغيوب وسر الاسرار السر المقنع المجلل بالحجب والاستار وهو السر الذي لا يفيده الا سر وسر مقنع بالسر فهو اذن الظاهر الباطن هذا بالنسبة الى تعلق الظهور بالحجب والاستار واما بالنسبة اليه في نفسه فلان المؤثر اظهر للاثر من نفسه بنفسه لانه فوق رتبته فظهوره يتجاوز عن وجوده فافهم هذا بالنسبة الى ظاهريته في الاثر واما في مقام نفسه بنفسه فهو ظاهر ولا يكون ذلك الا ان يكون غائبا لانه اذا شهد نفسه خفي واذا غاب عن نفسه ظهر فظهوره لخفائه وخفاؤه لظهوره وهو الوجود المطلق لا على المعنى الذي يعرفون من انه المقسم لا بشرط شيء وبشرط لا بل بمعنى انه لا يفتقر في وجوده الى شرط غير فاعله وموجده فهو مطلق لا بشرط شيء لا ما يصلح للقيود والحدود وهو قوله صلى الله عليه واله الفقر فخري وبه افتخر وقوله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني والناس هم الاصول الحقيقية الذين قد وضع الله لهم الاسم حقيقة ولغيرهم حقيقة بعد حقيقة فالاطلاق لهذا الوفاق وهو غاية الغايات ونهاية النهايات اذ الاشياء ترجع في استمدادها الذي هو الغاية في ايجادها الى وجه مبدئها وهو الوجه والجناب والباب وعنه البدء واليه الاياب واليه تنتهي غاية كل ذي غاية ومطلوب كل ذي حاجة وهو مطلوب كل طالب ومامول كل امل ومقصود كل قاصد وامل كل مامول وسائل كل مسئول فلا وارد الا عنه يرد ولا صادر الا عنه يصدر بسر الامر بين الامرين وهو دابة الارض ارض الامكان فبه سكنت السواكن وتحركت المتحركات وجرت الجاريات ورست الراسيات بالمدبرات والمقدرات وهو لا شيء الا بالله ولا تذوت له الا بامر الله وله الولاية الكبرى والهيمنة العظمى وهي الغاية القصوى والمثل الاعلى لانه اول واقف على فوارة القدر بامر مستقر والفوارة نفسه والواقف شخصه وحظ ما سواه رشحة من رشحات تلك الفوارة وقبسة من شعلات تلك الجوالة فهو وجه كل متوجه وسبيل كل سالك ونجاة كل هالك واليه تنتهي المسالك بقواعد الشرايع والمدارك وهو الكاف المستديرة على نفسها تدور على نفسها على خلاف التوالي ونفسها تدور عليها على التوالي اما الكاف فلانه استنطاق الاحد اذا ظهر بالواحد وهو اول مقام الواحدية اي وحدانية العدد التي هي لله سبحانه وان لم تكن من العدد ومنه نشات الكثرات وعنه ظهرت الاسماء والصفات من المتوافقات والمتقابلات واما الاستدارة فهي الاستمداد والحاجة والمدد او الامداد ورفع الحاجة وباب الاستغناء ولما كان مدد الشيء من سنخه ما جاز ان يستمد من غير سنخه ويستدير على غير مزاجه ولما كان ليس ورائه الا القديم الحق سبحانه ما جاز الاستمداد منه سبحانه لتعاليه عن التغيير والسنخية وان كان عنه سبحانه ولما انه سبحانه انما خلقه بنفسه وجب ان يمده بنفسه ويديره على نفسه فهو كرة مصمتة لا مجوفة فيستدير على نفسه استدارة افتقار واستمداد ونفسه تدور عليه استدارة امداد ولا يلزم من ذلك تقديم الشيء على نفسه لانه تعبير وتفهيم اذ كنت مسؤلا وافهام لك اذ كنت سائلا والا فهو شيء واحد بلا تعدد ولا اختلاف وهذه العبارة لبيان انها كرة مصمتة لا مجوفة واما التوالي فهو الحركة من الاعلى الى الاسفل والافاضة من العالي الى الداني فلما فرض دانيا ونفسه عالية كانت استدارته على نفسه على خلاف التوالي ( واستدارة نفسه عليه على التوالي ( خ‌ل ) كما هو شان العالي والسافل وان كان في ( من خ‌ل ) التعبير وهو الشمس المضيئة تحت قعر بحر القدر التي لا يعلمها الا الله سبحانه ومن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه وباء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير لانه الغيب الذي لا يعلمه سواه سبحانه والاسم الواحد الاعظم الذي تفرد به الحق سبحانه ليس لاحد فيه نصيب لانه الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر عمق الامكان وكلمن سبح في لجة الامكان فهو في ناحية من نواحيها ولا يحيط به الا الخارج عنه المحيط ( المفيض خ‌ل ) اليه به وليس الا القديم الحق الازلي سبحانه وتعالى فاين الوصول والادراك فلا يطمع في ادراكه طامع ومن هذا الاسم شرح علل الاشياء وعلم الكيفوفة ( الكينونة خ‌ل ) وسر البداء ومبدء المحو والاثبات وبحر القدر سيجيء بيانه عن قريب انشاء الله تعالى وهو القلم الاعلى على احد الاطلاقات وذات الذات وعنصر العناصر وبه هيولي الهيوليات واسطقس الاسطقسات وعضد الاعضاد وركن الاركان والاسم الذي ملا اركان كل شيء وهو الرحمة التي وسعت كل شيء اما الرحمة فلانه محبة الحق في ايجاد الاشياء واما انها وسعت كل شيء لان الشيء انما اشتق من المشية فلا يكون حادث في الوجود مما يصدق عليه الشيء الا به ومنه وعنه واليه وفيه وعنده وهو القوة التي قهر الله بها كل شيء وهو القدرة التي استطال بها على كل شيء وهو السلطان الذي علا كل شيء اما سمعت قول مولينا الرضا عليه السلام اول ما اختاره لنفسه العلي العظيم لانه علا على كل شيء وهو العلم الانفذ المحيط بكل شيء وحاشا الله ان يكون في ذاته تشكيك وهو النور الذي اضاء به كل شيء اذ الاشياء كلها من اشراقات نوره وقبسات اشعة ظهوره وهو الوجه الباقي بعد فناء كل شيء لانه الوجود الراجح كما ياتي بيانه في الامكان الراجح وهو الاسم الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره اما انه اسم فلانه اعظم المظاهر والاسم ما انبا عن المسمى واما انه استقر في ظله اي في ذاته لان ما سواه اثاره وشؤنات اطواره والمؤثر لا يتنزل بذاته في رتبة الاثر والا لم يكن اياه وهو فلك الولاية المطلقة اما انه فلك لاستدارته لبساطته وحركته على القطب الذي هو نفسه وله الاحاطة على كل شيء وهو الذي مع الاشياء لا بمقارنة لا يكون من نجوي ثلثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا وهو معهم اينما كانوا وهو ظهور احاطة الحق سبحانه بالاشياء فهو محيط ومحاط في مقامين وهو سبحانه احاط بالاشياء بهذه الحقيقة المقدسة لتعاليه تعالى عن المقارنة الموجبة للمجانسة الموجبة لا تحاد الصقع الممتنع من الازل فحينئذ تكون له الولاية المطلقة قطعا وهو صبح الازل اول ظهور شمس الازل والاضافة بيانية في المقامين او في الثاني فقط وجعل الازل في الاول هو الذات اي ازل الازال وهو الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وعنده الاعيان الثابتة في العلم الامكاني لتعالي الازل القديم سبحانه كما ياتي بيانه ونوضح برهانه وهو مبدء الاشتقاق وماوى الاتفاق ومحل الاشتياق ( الاستباق خ‌ل ) والعرش الاعظم الاعظم الاعظم الاعلى والاسم الاعظم والذكر الاجل الاعلى الاعلى الاعلى

الاشراق الثاني - هذه الحقيقة وان كانت في الغاية من البساطة والوحدة الا انها من جهة امكانها وكون امر الله واحدا في الامكان من حيث هو هو ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا كانت لها اربع مراتب في التزييل الفؤادي لا الوجدان القلبي وهو ايضا في الوجه الاسفل منه من باب التعبير والتفهيم لا الحقيقة والتحقيق فانا لا ندرك تلك الحقيقة بوجه انها واحدة وحيث دل الدليل على حدوثها ثبتت الكثرة فيها ولسبقها للوحدة والكثرة نزهناها عنهما فقلنا هي منزهة عن الوحدة والكثرة والمتقابلان لا يكونان الا متكثرين فاثبتنا لها وحدة لا يقابلها كثرة لا وحدة القديم تعالى شانه بل امر اخر ووحدة حقيقية لا تعبير لنا عنها الا كما ذكرنا وهذه المراتب الاربع كل واحدة عين الاخرى وهي واحدة وهي اربعة :

الاولى النقطة لانها الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وهي اول مراتبها والرحمة لانها السحاب من قوله تعالى هو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته والسر المقنع بالسر والسر المجلل به وغيب الغيوب وسر المحبوب والباطن المحض لا من حيث هو محض فلا ذكر لغيره فيه وقد مرت الاشارة الى معانيها ووجه تسميتها وهي القطب والمركز في الوجود المطلق والامكان الراجح وهي الاصل الواحد لا من حيث تغييره الى الامثلة المختلفة ولا من حيث عدم تغييره ولا من حيث ذاك وحيث هذا

الثانية الالف في الكلمة الكبرى والنفس الرحماني الاولى بفتح الفاء في التكلم بتلك الكلمة والرياح المثار من شجر البحر في السحاب الشجر مبدء النسب والبحر بحر الامكان ولجة السرمد والسر المستسر بالسر وحق الحق وميل المحبوب الى الحبيب الذي هو نفس المحبوب والباطن من حيث هو باطن لانها مقام الظهور والتعين والحضور ولو على جهة البطون لذكر الغير واضمحلاله وغيبوبته قال سيدالشهداء روحي له الفداء يا من استوى برحمانيته على العرش فصار العرش غيبا في رحمانيته كما صارت العوالم غيبا في عرشه محقت الاثار بالاثار ومحوت الاغيار بمحيطات افلاك الانوار وهي المحور والوتر لتلك الدائرة العظيمة بل الكرة المستقيمة بل الفلك الاعظم والدائر الاقدم استدار على نفسه وفني في شهود وحيي عند حلول رمسه وهناك ظهور الاسم الحي من حيث الوجود والشهود لا من حيث التعلق والوقوع وهي اول المشتقات واول مقام المقامات والعلامات والايات في الذكر الاجمالي والا فالرتبة الاولى منها لكن لا من حيث الاجمال والتفصيل وهي اول المشتقات وصرف الاصل الواحد الى الجهات لحصول الصيغ المختلف المقامات وهي الاصل القديم والفرع الكريم وهي اصل الشجرة الكلية الزيتونة التي ليست بشرقية ولا غربية وهي الحل الاول كما ذكرنا لما ذكرنا وهي الهواء من العناصر الالهية عناصر الاخيار كما ان الاولى هي النار وهي الالف اللينية حرف العلة وهي اول ادبار في الكينونة الاولى التي هي عين الاقبال وهي مبدء الاذكار وسر الاسرار ونور الانوار وهيمنة الجبار وفيها ظهور قول سيد الشهداء روحي له الفداء ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك وابنه السجاد وان كل معبود مما دون عرشك الى قرار ارضيك السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدا وجهك الكريم على اعلى الوجوه والمعاني والمقامات

الثالثة الحروف في الكلمة الطيبة والتقطع في التكلم والسحاب المزجي وسر السر وباطن الظاهر وحق الحق وذكر الحبيب عند المحبوب والظاهر المحض اول مقام الظهور مبدء الظهور والذكر التفصيلي واول الكثرة وتحقق الاجزاء والعقد الاول للحل الاول وتمام العقد وتفصيل الاسم الواحد وظهور حجاب الرحمانية في الامكان الراجح واللوح المحفوظ الاول المصون عن التغير والتبدل وعنده جف القلم ولديه انتفي المحو والاثبات وفيها صاحب ( صاحت خ‌ل ) الحمامة وذكر الليل اي ليلة القدر وعندها مبدء الحل الثاني اي تحقق ( صحة خ‌ل ) الازدواج لظهور الفتاة الغربية لابسة اللباس الاخضر من السندس والاستبرق وظهور الفتى الكوشي لابسا القباء الاحمر ماشيا على الارض بالتذلل والتكسر مترديا بالرداء الاصفر ليشبه البرق وياتي بالفرق وهي الماء الذي كان العرش عليه قبل خلق سموات عالمها وارض ساكنها في الوجود الراجح عند ظهور الزناد القادح بالمدد الغير المتناهية والاوقات المتتالية المتوالية وهي الدائرة العظيمة المارة على القطب دون المركز وان كان المركز في هذا المقام عين القطب الا ان المركز عندنا غير القطب وليس هو الوسط ( القطب خ‌ل ) والقطب اثنان وهما طرفا خط المحور بل القطب هو الوسط والمركز هو المستمد الحامل والساكن الدائر المائل كما سنزيد بيانه ونوضح ( توضيح خ‌ل ) برهانه في الباب الرابع في الوجود المقيد وهي تمام الصيغة الاولى في الاشتقاق الثاني ولذا قلنا انها عقد اول وحل ثان وهي اغصان الشجرة الكلية الحقيقية وهي تمام الادبار في النزول الاول ومبداه في الثاني وهي ثاني المقامات الظاهرة في الكينونة الاولية وثالث المقامات في الكينونة على الحقيقة وفيها ظهور الاسم المحيي في التجلي الاول الظاهر باول الظهور في اول المظاهر وهي العماء الذي فوقه هواء وتحته هواء وقد كان الرب سبحانه وتعالى ظاهرا تجليه عليه قبل خلق السموات والارض كما عن النبي صلى الله عليه واله وسلم لما سئل اين كان الله قبل خلق السموات والارض قال (ص) كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء والعماء هو السحاب الرقيق وهي المزجي والهواء عندهم عليهم السلام كل شيء موجود غائب عن الحواس والمدارك والمشاعر وكونه سبحانه عبارة عن ظهوره باثره على التفصيل واول التفصيل في هذه المرتبة لان مقام الالف اجمال محض فلا ظهور ومقام ( النقطة خ‌ل ) لا اجمال ولا تفصيل ومقام ما تحت هذه المرتبة مقام الاجتماع وزوال الاحكام التفصيلية وظهور الحقيقة الاخرى للغاية الاخرى العظمى القصوى فكان هذا السحاب فوقه هواء وتحته هواء كما هو شان السحب كلها الا ترى السحاب الجسماني يكفهر في الجو وفوقه السحاب ( الهواء خ‌ل ) الصافي البارد المسمى بالكرة الزمهريرية وتحته الهواء المختلط الحافظ للحرارة النجومية في الجملة المسمى بالكرة البخارية وفي اعلاها نشو السحب والامطار وبوقوعها على الارض يتولد النبات والمعدن والحيوان وكذلك هذا العمام ( العماء خ‌ل ) فوقه الهواء الصافي الغير المشوب بكدر الاغيار الا انه ليس ببارد بل هو حار غايته ورطب نهايته لعدم الاعراض والاغراض والمقارنات والابدال والاعواض وتحته الهواء المقترن المختلط بكثرة النسب والروابط والتركيب وهو البخار ولطيف الغبار ومنه الامطار على اراضي الاسرار فتنفجر منها الانهار وينبت على حافتيها الاشجار الحاملة لفنون الثمار

الرابعة الكلمة التامة والهيمنة العامة والولاية المطلقة الخاصة والسحاب المتراكم والطمطام المتلاطم والسر والظاهر من حيث هو ظاهر لكونها تاكيدا للاولى لا على معنى الانفصال وتفصيلا لها على حقيقة الاتصال والحق المخلوق به وفلك التدبير والتسخير والقيومية والعنصر الاول الاعلى ولا ثاني بعدها من العناصر وهي النار في الشجرة ونفسها ولا يقابلها ( ماء خ‌ل ) ولا يتوسط هواء الا على المعنى الذي مضى تفسيره وهي النتيجة للصرف الى الامثلة المختلفة وهي الغيب والعرش والعقد الثاني بعد الحل الثاني وهي الوعاء الحاوي وهي الجامعة ومنها وعنها واليها تنتهي الحوادث والكائنات وهي المثل الاعلى ومبدء الاسماء الحسنى ومركز الصفات العليا ( الحسنى خ‌ل ) وهي اخر المقامات والايات الكبرى والغيب الذي لا يعلمه الا الله والسر الذي منه البيان والمعاني قد بدا والعلم الذي عنه البداء ومنه واليه المداء والحكم الذي به قضى الله ما قضى وامضى ما امضى وبه دار الكون والامكان والاعيان وما يرى وما لا يرى وهي الذات التي بها اقام الله الاشياء والامر الذي به قامت الارض والسماء وعنده العلم الامكاني الذي هو الاعيان الثابتة عند اهل الله وهي القدرة المستطيلة على العباد والعلم النافذ في البلاد والسلطان الساري حتى في القلب والفؤاد مسبب الاسباب ومربي الارباب ومالك الرقاب ومنشئ السحاب الذي هو نفسه في المبدء والمعاد وعنه ( منه خ‌ل ) البدء واليه الاياب اقامه الله في الوجود الراجح وجعله الزناد القادح فاوري النار وازال الاغيار واظهر سطوة الجبار وهي نار الشجرة الزيتونة التي لا شرقية ولا غربية والقادح تلك النار والزناد نفسها التاكيدية لا القيومية والشجرة تمامها اي الكلمة فغابت النار في لبها وسرت في طيها ثم ظهرت معلنة بحمد ربها حاكية عن باريها اني انا الله الواحد القهار او قل ان القادح هو النقطة في الرتبة العليا والزناد هو الالف والحجر هو الحروف والحرارة الحاصلة هي الشجرة وهي خضراء لمزج صفرة المرتبة الثالثة مع سواد الكثرة بتراكم النسب في نفسها وهي الزيتونة لاعتدال النضج في الحل والعقد فصارت الاجزاء متلززة متلاصقة غير منفكة وغير ممكنة لحلول الاغيار فاذا حلت احترقت بالنار وهي الدهن الصافي والحب الوافي يستحيل انفكاك محبه عن محبوبه فلا تزال النار متعلقة بالدهن والسراج الوهاج يضيء بالانوار ويظهر خفايا الاسرار ولذا قال عليه السلام شئون يبديها لا يبتديها ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار فالنار هي الشجرة وهي الدهن والدهن والنار والشجرة هي القادح والزناد والقدح والحجر بلا تكثر ولا اختلاف فقد طويت بظهور سلطان الوحدة وخفيت حقيقة الكثرة ونحن لم نزل نثبتها وننفيها فالنفي شيء والاثبات اخر وهو شيء والكل عند مبدئها منقطع الاول والاخر فان قلنا وحدة وسكتنا توهم فيه القدم وهو عبد خاضع وان قلنا كثيرة واثبتنا مقتضاها توهم ان الاحوال الجارية في الاكوان تجري عليه مع انها به تكونت وتحصلت وتشيئت ولا يجري عليه ما هو اجراه فيجب نفي الكثرة عنه وان قلنا كثرة في وحدة قال اصحاب وحدة الوجود هذا هو الذي قلنا وانكرتموه ونزهتم الحق عنه وان قلنا لا وحدة ولا كثرة فلم يكن امر الله واحدا فجاء الاختلاف وارتفع الايتلاف وقد نزه الله سبحانه نفسه عن الاختلاف وقال انه ليس من عنده بعد دلالة العقل الصريح عليه لانه نقص وفعله متعال عنه وهذا هو الداء العضال ومحنة الرجال وعلى ما شرحنا وبينا ارتفع الاشكال ولم يبق مجال المقال ( للمقال خ‌ل ) لمن عرف حقيقة الحال والا فلا يسبح في لجة لا تساحل وطمطام لا يطاول ولا يروم مقصدا هو عنه بمراحل فدع عنك بحرا ضل فيه السوابح

الاشراق الثالث - اذا احطت خبرا بالمراتب الاربع على الوجه الارفع فاعلم انه له ثلث مراتب اخر هي مقتضي الامكان والحدوث ولا يمكن خلو حادث ممكن عنها والا كان قديما الاولى وجهه الى مبدئه وهو المثال الملقى والوجه الاعلى والاية الكبرى وبه يعرف باريه وصانعه وبه يظهر التوحيد ويلوح التفريد على هيكل التجريد وهو الاية والعلامة والدلالة للشيء نفسه وما ذكرنا سابقا من انه الاية الكبرى فانما هي لغيره واثره الثانية وجهه الى نفسه وهي الحجاب بالمعنى الثاني وهي سكون الحركة وعندها صلوح ذكر الكثرة ولديها النفي والاثبات والسلب والايجاب وهي ما شمت رائحة الوجود لا بمعنى العدم المقابل والنفي الكامل بل بمعنى الليس والعدم المدركين وبها يتحقق الاولى وبنفيها تظهر وبالاولي تتحقق وبنفيها تعدم وكل منهما متعاضدان مترافعان متساوقان والفرق ما ذكرنا الثالثة جمع وايتلاف ورفع للاختلاف وظهور الوحدة في الكون الثاني وخفاء الكثرة في الكون الاول وهي وحدة تحت الاولى وتظهر عند بروز محلها وهو التركيب وحصول المودة بين المحبوب والحبيب فسرى في غيبه ومات في حبه واستجن في لبه وهكذا في كل تاليف فلا يقال ان الكل اعظم من الجزء فيكون اشرف منه فيكون اقدم وحصوله بعده ضروري وهو لاجله نظري فان الاجزاء جاذبة للمحبة وهي حجاب بين المحب والمحبوب فاذا ارتفع الحجاب ارتفع الطالب والمحتجب لرفع المنتسبين عند رفع النسبة من البين فاذا تمت هذه المراتب الثلث مبدء الفرد واجتمعت مع الاربعة مبدء الزوج فقامت السبعة معلنة بالثناء على الوجه الاكمل لخالق الاشياء واذا لوحظت هذه الثلثة في تلك الاربعة اذ لا ريب ان كل مرتبة منها اذا فرضتها متميزة مختلفة تستدعي الشيئية والجوهرية والعرضية فكل واحدة اذن ثلثة فكان الجميع اثني‌ عشر عدد الزايد فكان هو الجاري الجامد والمثني لتام العدد واذا ثنيت حالة الاجتماع في عالمي الجمع والفرق الذي هو الذكر لا الكون العيني الذي جمعه الكون الذكري كما هو المعلوم عند اهل الرسوم ظهر العدد الاربعة‌ عشر النجوم الزهر الحروف النورانية بالاقلام اليونانية في الكتابة السرمدية فجاء الايس وانتفى الليس فملا الوجود بالغيب والشهود وظهرت كلمة الاخلاص لاهل الاختصاص ولات حين مناص فبسطت اليد بالجزر والمد وظهر الجواد باسم بصفة الوهاب فاب ما غاب وانفتح الباب فجرى السيل من عالم الميل وانبسط على اراضي الامكان فسالت اودية بقدرها من فيض المنان فانتشرت الحمد باللواء والحمد لله الذي ذي الالاء والنعماء والفيض والعطاء فاشتق له الاسم من الحمد لانه مبدء الثناء والمجد فهو الحمد والحامد والحميد والمحمود واحمد ومحمد

تحقيق الهي : وهذه الاربعة‌ عشر هي بعينها الاثني‌ عشر وهي بعينها السبعة وهي بعينها الستة وهي بعينها الاربعة وهي بعينها الثلاثة وهي بعينها الواحد بلا اختلاف ولا تعدد بعين ما ذكرنا في الحل والعقد وشرحنا ان الرطوبة هي عين اليبوسة والاربعة هي عين الواحدة فاذا جاز ذلك في الاربعة جاز في الاربعة عشر وحيث قلنا انه الحق المخلوق به فكان هو اليد الباسطة بالانفاق والعطية ووجهه الناظرة اليها ساير الخليقة وهما في اللفظ اربعة ‌عشر بحكم المعنى لما برهنا عليه غير مرة الا انها قد غلبت عليه الوحدة الحقيقية بحيث ارتفع حكم البينونة فصارت واحدة في عين الكثرة وما يقوله اهل الوحدة من طي الكثرة فيها ان كان كل العالم فغلط لكونه نقصا في التدبير ودالا على ضعف الصانع تعالى العليم القدير وان كان في كثرة العدد المخصوص اي الاربعة عشر التي هي اقصى ما يفرض كونه في الكثرة لما ذكرنا في الحكمة لا في القدرة في الصادر الاول فصحيح لا غبار عليه لما عرفت

الاشراق الرابع - الصادر الاول من حيث نسبته الى غيره وصدور الاشياء بالله سبحانه عنه فعل ومشية وارادة واختراع وابتداع واصل ومحبة وصبح الازل وفلك الولاية المطلقة والازلية الثانية والكاف المستديرة على نفسها والملك المستعلي على كل شيء الذي لم يبلغ ادنى ما استاثر منه اقصى نعت الناعتين والكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر والامر القائم به كل شيء والرحمة الواسعة والحكمة البالغة والسلطان الدائم والملك الفاخر والقدرة المستطيلة على كل شيء والعلم النافذ في كل شيء والمشية الماضية والبهاء البهي والجلال الاجل والجمال الاجمل والنور الاسنى وامثالها من الاسماء والصفات مما عبر عنه به الوحي الالهي في التنزيل والتاويل بالكتاب الناطق والصامت ومن حيث نفسه خلق وانخلاق ووجود وانوجاد وفعل وانفعال فمن حيث صدوره ومن حيث انه انما اصدره الله بنفسه لا بغيره فهو فعل لنفسه بنفسه بالله سبحانه ومن حيث نفس صدوره من حيث هو مصدر ومن حيث انصداره قابل ومن حيث ان اصداره به اسم فاعل بالاضافة البيانية فهو اسم فاعل وهو اسم وهو صفة استدلال على الذات لا صفة تكشف لتعاليها عن ان تناله ايدي الامكان ومن حيث وقوع الصدور على القابل الحاصل عند الوقوع ( القبول خ‌ل ) وقبوله اي اوجده فانوجد وخلقه فالخلق مفعول مطلق منزه عن جميع ما سوى جهة كونه اثرا مخلوقا ومن حيث امكانه مفعول به ومن حيث انه خلق للتجلي وظهور القدرة مفعول له ومن حيث مصاحبته للسرمد والامكان مفعول معه ومن حيث انه صفة الاستدلال حال ومن حيث حدوثه وامكانه وتطرق الفناء ( الغناء خ‌ل ) والفقر والاستغناء فيه تميز يميز حال التمويه عن الصحيح ويظهر ما هو الحق الصريح ولذا لما عاينت الملائكة ما عاينت فظنت ما ظنت قيل لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فالعلي العظيم يقعان صفة لله لا ذاتان ليكون صفة لهما فان الذات محال ان تقع صفة والصفة من حيث هي محال ان تقع ذاتا يا ايها الذين امنوا لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القيها الى مريم وروح منه والتميز ايضا بالقاء المثال واشتقاق الاسم الفاعل ولذا قلنا في تعريف الاسم الفاعل ( انه خ‌ل ) حكاية الفعل للمفعول عدم استقلالية نفسه فاتى بمكنسة لغبار الاوهام ونار محرقة لصداء اغاليط الاحلام والا فلا جمع ولا اشتراك ليحتاج الى الفصل والامتياز ومن حيث القابل والمقبول والنسبة اجزاء ومن حيث الربط والتاليف تركيب ومركب ومن حيث ربط المقبول الى القابل والعالي الى الداني والاصل الى الفرع حل وعقد اول ومن حيث ربط القابل الى المقبول والسافل الى العالي حل وعقد ثاني ومن حيث العالي والسافل وظهور مقتضياتهما عناصر ومن حيث انه نفس ذلك الربط والاتصال طبايع ومن حيث حالة الاجزاء لان اقلها جزءان والتركيب مثلث ومن حيث الحلين والعقدين مربع ومن حيث المجموع مسبع ومن حيث التفصيل الاول عند الربط مسدس ومن حيث ملاحظة النسبة في التركيب مع الثلثة واجتماع الحلين والعقدين مثمن ومن حيث حصول الهيئة التاليفية في الثمانية او مجذور الثلثة متسع ومن حيث ظهور الاصل الواحد في التسعة معشر ومن حيث ظهور الخمسة اي الحلين والعقدين والهيئة الوحدانية الجامعة مع الستة التي بها كان مسدسا احد عشر ومن حيث تثنية العدد التام اثني عشر ومن حيث تثنية العدد الكامل اربعة عشر وللدلالة على ان الحقيقة المذكورة بها الافاضة في الاكوان والامكان وبهما تمت فيه نهاية العدد اذ ما سويها نقص لا يليق به فعل الواحد الاحد ومن حيث غلبة سلطان الوحدة وتلاشي الكثرة لجميع جهاتها بحيث انمحقت اثارها وانتفت اسرارها ( اثارها خ‌ل ) بسيط ومن حيث ان الواحد هو المقصود للايجاد لان الواجب الحق سبحانه لا ينبغي ان يصدر منه الا الواحد الامكاني لكمال شرفه وكماله وانه فوق الكمالات الامكانية لانها منه نشات واليه عادت كما انه عنه بدئت واحد قد اذهب سبحانه عنه لوازم الكثرات ولواحق الانيات لانه تعالى اذهب الرجس عن اهل البيت وطهرهم تطهيرا فالصادر الاول هو البيت واهله ما ذكرنا مفصلا من التثليث والتربيع الى اربعة ‌عشر والرجس في ذلك المكان عوارض الامكان فقد اذهب الله تعالى الكثرة التي هي تلك العوارض عنهم فقد حلاهم بتحليته وعلاهم بتعليته وسما بهم الى رتبته في الوصف الفهواني والخطاب الشفاهي والوحدة الحقيقية تخلقوا باخلاق الله اطعني اجعلك مثلي لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فالصادر الاول واحد قد زال عنه عوارض الكثرة ولواحق الفترة وطهره عن ذلك تطهيرا فكان ممكنا قد زال عنه احكام الامكان في المبدء الاول لم يزل في القديم الاول وواجبا في الامكان لا ان الممكن صار واجبا او العكس او الامكان حدود قد زالت فبقي الواجب تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل الممكن لا يزال ممكنا والواجب كذلك لكن الممكن اذا تمحض في النظر الى الواجب ولم ‌ينظر الى الجهات الامكانية فلم ‌يبق لها تاثير ويظهر فيه صفات الربوبية في المقامات الفعلية فطهره الله سبحانه عنه بذلك النظر مقتضى الجهات الامكانية وحلاه بصفة القيومية فاقامه مقامه واظهر عنه افعاله ولما كان في الصادر الاول ليس الا ذكر الكثرة فاذهبها عنه وطهره منها فجعله واحدا بلا كيف ولا اشارة ولا اسم ولا مسمى وهو قوله عليه السلام انا الذي لا يقع عليه اسم ولا صفة فكان بذلك الاسم الفاعل المرفوع ( مرفوعا خ‌ل ) اذا كان معربا والمضموم بعالم الصفة اذا كان مبنيا فحالة كونه مبنيا اعلى من حالة كونه معربا فهو المرفوع والمضموم وقد يكون رفعه بالواو لبيان المراد ونفي الاضداد واثبات الوحدانية للحق المنزه عن الانداد وقد يكون رفعه بالالف اللينية لبيان سر الوحدة التي حلاه الله تعالى اياها فقال عز من قائل قل انما اعظكم بواحدة وما امرنا الا واحدة واتيان التاء للمبالغة في الوحدة واثبات الانفعال والحدوث في الامر رفعا ( دفعا خ‌ل ) لتوهم الغلو والاستقلال بالامر فالصادر الاول اذن واحد وحدة حقيقية الهية اعلى ما يمكن في الامكان

تفصيل وتبيين : وحدته ليست عددية لا التي بعدها الثاني اي التي من الاعداد وتعد وتقول واحد اثنان ثلثة وهكذا ولا التي هي محصله الاعداد ومحققها وليست منها الا بمعنى انتهائها ورجوعها اليها ونسبتها بها كالالف اللينية في الحروف وهي منها وليست منها وليست منها وليست نوعية ولا شخصية ولا جنسية ولا انبساطية لانها كلها بالصادر الاول تحققت وبها وجدت ولا يجرى عليه ما هو اجراه لانه قد سبقه وكان متحققا دونه والاثر يحكي صفة المؤثر من الوجه المتعلق بالاثر من حيث الوجه الاسفل فلا يحكي ذاته فلا يوصف ذات المؤثر بما وصف به ذات الاثر فالصفات بطريق اولى وليست وحدته حقية ( حقيقة خ‌ل ) لانها وحدة الازل القديم لم يزل سبحانه وتعالى فلا يوصف بها الحادث وان كان الصادر الاول لتعاليه عن ذلك فكانت وحدته حقيقة لا تشبه الوحدات التي في المخلوقين ولا الخالق فبالاضافة الى الممكن في اقصى المراتب من الوحدة وبالاضافة الى القديم ولا اضافة فيها كثرة وهي كما قال تعالى لا شرقية ولا غربية غير محدودة الجهات فضاها وما ذكرنا فيه من الكثرات قد طوتها وحدة الواحد طي

الاشراق الخامس - لما كان كل ممكن لا بد له من وقت هو استمرار وجوده واستدامة شهوده ولا بد له من مكان وهو الفراغ الذي يشغله بالكون فيه وبه يمتاز في الجملة عن غيره ولكل اجل كتاب كما ياتي انشاء الله تعالى في الباب الرابع في الوجود المقيد مفصلا كان للصادر الاول وقت ومكان اما الوقت فهو السرمد استمرار منزه عن الحدود والقبلية والبعدية والنهاية والبداية والاولية والاخرية فهو قبل بلا قبل في عين كونه بعدا بلا بعد وهو الغير المتناهي في جهة الاستمرار ولا يلزم من ذلك قدمه لانه تعالى وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى فالسرمد اذن نسبة الثابت الى الثابت فهو وقت الفعل كما ان الدهر وقت المجردات والزمان وقت الماديات وانما قلنا لا نهاية له بدوا فلما تحقق عند العقلاء كافة ان ما لا اخر له لا اول له وكلما لحقه العدم سبقه العدم وكلما لم‌ يسبقه العدم لم‌ يلحقه العدم وقد دل الدليل العقلي والشرعي ان اثار الفعل التي منها الجنة والنار لم ‌يلحقهما العدم فهما باقيتان مستمرتان ابد الابد ودهر السرمد بلا انقطاع ولا انقضاء فوجب ان لا يسبقهما العدم لانهما صاعدتان الى ما منه خلقتا فلو كان في نزولهما لهما اول وقتي لكانتا في صعودهما واقفتين اليه فلا نهاية في الطرفين ( الطرفتين خ‌ل ) والمثال التقريبي العدد الغير المنتهى الى حد فكلما فرضت له مبتدا ترى قبله حدا من العدد وكلما فرضت له منتهى تجد بعده حدا منه ولا فرق بين عد الكسور والصحاح فان الكسر عدد كما ان الصحيح كذلك والحد الفاصل بينهما الواحد فما فوقه كسر وما بعده صحيح ( والكسر جزء للصحيح والواحد اول صحيح خ‌ل ) قام مثنيا على الله تعالى بعد تمام اجزائه ومتمماته وكذلك الجنة والنار باقيتان بلا نهاية بدوا وعودا اما الاول فللصعود ولا شك ان الصاعد ( انما خ‌ل ) يصعد الى ما منه بدا لا عنه فان ذلك محال وعدم الوقوف دليل عدم الوصول والوصول مستحيل واما النهاية للشيء في مقام الحدود فلا ينافي عدم التناهي من حيث الذات في الوجود الراجح فان النزول لا ريب ان له اولا وهو اول الحد في مقام الرسم وهي مقام العقل المرتفع بل اعلى مقامات الفؤاد من حيث هو المقابل للقلب والعقل وبذلك يتحقق النزول ولم يزل يتكرر ويتكثر الحدود الى تمام مقام الخفاء وموت المبادي الاعلى مقام التراب مظهر اسم الله المميت فالنزول في مقابلة الصعود وتمام حده الى التراب والصعود منه باظهار المستجنات وابداء الشئون المكنونات فالحد والنهاية لكل مرتبة واما الاستمرار في الجميع فمداره الفيض وهو غير منقطع فاستمرار الحدود بالحدود الشهودية الجسمانية يسمى زمانا والمحدود بالحدود الغيبية المعنوية او الصورية يسمى دهرا والغير المحدود سرمدا والكل لا نهاية له كالعدد الا ان الحد يوجب النهاية في مقام الحد واما الشيء من حيث هو فلا فاذا وجد الشيء فالحدود في مقامات اعراضه ورسومه فالشئ لا نهاية لاستمراره على كل حال وتبدل الصور لا ينافي الاستمرار مع ان تلك الصورة المتبدلة موجودة في وقت شهودها ورتبة حدودها فاذا كان هذا حال المفعولات واثار الفعل في البقاء والاستمرار والوقت فما ظنك بالمؤثر الاول الذي هو الفعل الصادر الاول فهو قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد لان الوقت والاولية والاخرية به وجدت وعنه صدرت واليه عادت انا لله وانا اليه راجعون فالصادر الاول اذن سرمدي ووقته السرمد فاذا وصف الله سبحانه به فانما هو للصفات الفعلية كما تقول هو الله الخالق البارئ المصور المحيي المميت الرازق الغافر المنتقم كما تقول انه سرمدي كل ذلك لاجل الظهورات الفعلية والذات غيبت الصفات فلا يلحظ الفعل حين الاتصاف والا فهو سبحانه في ذاته منزه عنها لانها توجب الاقتران والنسبة وتكثر الجهات وهو سبحانه متعال عنها واما الصفات الذاتية فهي واحدة على كل حال والتعدد لمحض التعبير والتفهيم لمحض الكمال لا اثبات تلك المفاهيم وتحقيق تلك المناطيق فالسرمد وقت مساوق للصادر الاول والامكان مكان له فهما متساوقان ومع الفعل متحدان واليه ينتهيان وعنه يصدران وبه متصلان وكل واحد حاو للاخر ومساوق له فلا امكان الا بالفعل ولا فعل الا في الامكان فلا يخرج الفعل الى الازل ولا يخرج الامكان عنه كالسرمد فالامكان حواؤه وهو ادم الاول والشيء مركب مما من الاب ومما من الام بل منهما والاب والام المعروفان هما مخلان ( محلان ظ ) للاب والام الحقيقيين فالمادة هي الاب والصورة هي الام ولا يمكن انفكاك الشيء منهما وهكذا الامكان والصادر الاول في التحاوي والتساوق وكل منهما حاو للاخر ومنته اليه ومساوق معه كما ذكرنا لما ذكرنا فمكانه الامكان ووقته السرمد وهما من حدوده الذاتية على جهة الوحدة بلا كيف ولا اشارة

تمثيل عرشي : مثاله في العالم السفلى الجسمي المكان والزمان الذي هو البعد المجرد الموجود والجسم وكل جسم لا يخلو منهما كما ياتي انشاء الله تعالى ولما كان الاجسام تنتهي الى الفلك الاطلس وهو ينتهي الى محدبه كذلك الزمان والمكان ينتهيان اليه ما دام الجسم موجودا فلا يكون الجسم الا في الزمان والمكان ولا يكونان الا بالجسم وكل واحد من الثلثة ينتهي الى الاخر وحاو له ولا يتحقق احدها الا بصاحبه الا انهما على حسب الجسم فكلما غلظ الجسم غلظ المكان والزمان الى ان ترى في الاجسام الارضية والمتولدات ما ترى في غاية الكثافة والغلظة في نفس جسمها وسعتها وضيقها وسرعة حركتها وبطؤها فان سريعها بطيء ومتحركها ساكن بالنسبة الى الافلاك السبعة وكلما رق الجسم رق الزمان والمكان الى ان ترى في العرش الذي هو الفلك الاطلس ما ترى من السرعة واللطافة الى ان يقطع الدورة بتلك السعة في اربعة وعشرين ساعة زمانية

تطبيق فيه تحقيق : الصادر الاول في اعلى درجة الامكان كالمحدد في الاجسام فالامكان ينتهي اليه كانتهائه اليه وكذلك السرمد وليس فوق محدد الجهات من الجسم شيء كما ان فوق الصادر الاول ليس من الامكان شيء وليس فوقه الا الوجوب الازل وحضرة الحق لم‌ تزل ولا اسم هناك ولا رسم ولا اشارة ولا عبارة ولما ان الصادر الاول انما وجد بنفسه فاعتبار نفسه اعتبار علية واعتباره اعتبار معلولية في مقام الاقتران اي تعبير لانتهاء المخلوق الى نفسه ( مثله خ‌ل ) والتجاء طلبه الى شكله فحينئذ نقول تعبيرا وتفهيما وبيانا لوحدة امر الله تعالى وعدم اختلاف حكمه في العالمين عالم الامر وعالم الخلق وعالم التكوين وعالم التشريع وعالم التدوين انه كلما قرب الفعل الذي هو الصادر الاول من نفسه والامكان والسرمد لطف ورق حتى لا يكاد يظهر ولا يكاد يخفى فيظهر في كل شيء ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم‌ تجعل له من حبك نصيبا تعرفت الى في كل شيء فرايتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء بكل شيء وهو عليه السلام وان اراد به الحق سبحانه من باب ان الذات غيبت الصفات الا ان الحكم جار في كل اثر مع مؤثره لانه اقرب اليه منه واظهر له منه به اليه لان وجوده وظهوره بفاضل ظهور المؤثر فاذن هو اقرب اليه منه وهذا المعنى في الممكن لا يمكن الا بسلب ( بسبب خ‌ل ) اعتباره من نفسه وتوجهه الى باريه وصانعه لا بالاقتران والاتصال والانفصال فان ذلك يوجب الذهول وهو عين الخفاء والافول ولهذا قلنا كلما قرب الفعل من نفسه لطف ورق لان نفسه جهة مبدئه وظهور ربه بلا كيف ولا اشارة والقرب اليه عزل النظر الا اليه من حيث انه اية وعلامة ودلالة في السفر الثاني للصادر الاول وهو السفر في الحق بالحق من عرف نفسه فقد عرف ربه اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه وعلى هذا كلما بعد عن نفسه والامكان والسرمد كثف وغلظ حتى يكاد يخفى عن نفسه ويكاد يظهر في المفعولات ويكون كاحدها ولذا افردناه بالذكر واثبتنا له جميع ما اثبتنا لجميع مراتب الوجود على جهة الوحدة والاتحاد على ما يعرفه الفؤاد فهو عالم مستقل ذو اعاجيب فيه اصول الخيرات وفروعها واليه مبدؤها ومنتهاها ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه وماويه ومنتهاه واشهد ان الحق لكم وفيكم ومنكم واليكم وانتم اهله ومعدنه وماويه والمخاطب اهل بيت وجود المطلق من المقامات والمراتب التي ذكرناها لك الا انها تظهر في كل عالم على حسب ذلك العالم من الوحدة والكثرة ففي عالم الوجود المطلق والتعين الاول والنفس الرحماني الاولى هي واحدة انما اعظكم بواحدة وما امرنا الا واحدة قد انطوت كثرة الاربعة عشر في طي وحدة المبدء الاول وفي العالم الثاني اي عالم المعاني ظهر منها اثنان وانطوت الكثرة في الباقين نبي وولي جمع وجمع الجمع لان الجمع تفصيل جمع الجمع وفي العالم الثالث عالم الجبروت ظهر منها خمسة بطي الباقين فيها اي في الخامس منها وهي تمام الكلمة والهيئة التركيبية والطبيعة الخامسة والخمسة كف الحكيم وقبضة القدير العليم والارض جميعا قبضته اي ارض الامكان والسموات وهو الصادر الاول لكثرته في وحدته وقد مر منا في التمثيل انه سماء عالم الامكان وعرش محدد لجهاته وهذه السموات مطويات بيمينه وهي اليد والسرمد وهي نفسه الوجه الاعلى منه سبحانه وتعالى عما يشركون لله سبحانه ( يشركون سبحانه خ‌ل ) باقترانه بمفعولاته بلسان اعمالهم واحوالهم وان كان بلسان مقالهم ينزهونه سبحانه عن الاقتران يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويفترون على الله الكذب وهم يعلمون وفي العالم الرابع عالم الرقايق ظهر منها سبعة قصبة الياقوت وباب الملك والملكوت وهي الكمال بتمام ايام الاسبوع فالاحد رسول الله صلى الله عليه واله والاثنين امير المؤمنين عليه السلام والثلثا الحسن عليه السلام والاربعا الحسين عليه السلام والخميس القائم المهدي عليه السلام وعجل الله فرجه والجمعة الائمة الثمانية عليهما السلام والسبت الزهراء عليها السلام لانها بها الكمال والتمام وقد روي ...

الرسالة غير كاملة

المصادر
المحتوى