الرسالة الاسطرلابية (في ما كتبه الشيخ البهائي في علم الاسطرلاب؟)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

الرسالة الاسطرلابية

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الرابع

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلوة على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم ومخالفيهم والمنحرفين عنهم والشاكين فيهم ( فيهم والمنكرين لفضائلهم خ‌ل ) اجمعين ابد الآبدين ودهر الداهرين

اما بعد فيقول العبد الفقير الجاني الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه العجالة ( عجالة خ‌ل ) كتبتها شرحا على الرسالة الوجيزة التي صنفها العالم العامل الشيخ الممجد محمد بهاء الدين العاملي عامله الله بلطفه الخفي والجلي في علم الاسطرلاب لا على جهة البسط والاطناب واذكر فيه ان شاء الله تعالى ما لم يذكر في كتاب ولم يجر ذكره في خطاب لان اهل هذا العلم وغيره انما نظروا فيه من الوجه الواحد الظاهر من السبعين الف باب وما عثروا على النقطة من العلم التي اليها البدء ( المبدء خ‌ل ) واليها الاياب ولما كان فتح ذلك الباب لا يمكن الا لاهل الخطاب الذين ميزوا بين الماء والسراب ولم يمزجوا الصفو بالتراب وكان اولئك الاحباب معدومين بين هؤلاء الطلاب لفقت بين ظاهر ما قالوا والاشارة الى سر ما نقول من الكلام المحكم وفصل الخطاب ليتنبه ( لتنبه خ‌ل ) الغافل بظهور المطلوب من وراء الحجاب وعلى الله التوكل في المبدء والمآب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال رحمه الله تعالى : غرة الاسطرلاب آلة مشتملة على اجزاء يتحرك بعضها فتحكي الاوضاع الفلكية وستعلم بها بعض الاحوال العلوية والساعات المستوية والزمانية ويستنتج منها بعض الامور السفلية

اقول الاسطرلاب قيل انه لغة يونانية واصله اسطرلابون اي مرآة الكواكب وقيل ان اسطر بمعنى الميزان ولاب بمعنى الشمس اي ميزان الشمس وقيل ان لاب اسم لابن هرمس الحكيم وهو منسوب الى اهل اللغة كما عن شارح مقامات الحريري انه ذكر ان لاب رسم الدواير الفلكية على سطح مستوي فسئله ابوه من سطر هذا فقال سطره لاب فقيل اسطرلاب واصله سطره لاب وفي القاموس رجل سطر اسطرا وبني عليها حسابا فقيل اسطرلاب ثم مزجا ونزعت الاضافة فقيل الاسطرلاب معرفة والاسطرلاب لتقدم السين على الطاء فاذا سمعت هذه الكلمات المختلفة فاعلم ان الله سبحانه ( وتعالى خ‌ل ) يقول فما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله وقال عز وجل فاطر السموات والارض انت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون وقد جعل الله سبحانه لنا حكما بين العباد وقال عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما والمخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله في الظاهر وامير المؤمنين عليه السلم في الباطن وهما معا في التأويل وهما نفسهما في باطن التأويل فاذا نصبهما الله سبحانه حكما بين العباد فلا معدل عنهما وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا بن عباس لن‌ تجد حقا في يد احد من الخلق الا بتعليمي وتعليم عليّ وقال في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه ولكنهم عليهم السلم يجرون الاشياء على نمط اسبابها وقد تقتضي المصلحة لامور كثيرة يطول الكلام بذكرها نسبة ذلك الشيء الى السبب القريب كما في قوله فاردت ان اعيبها واذ تخلق من الطين وقد لا تقتضي كقوله تعالى خلق الله السموات والارض انا فتحنا لك فتحا مبينا وعلى هذا القياس نسبة اوائل جواهر العلل الى غيرها من ساير العلل والمبادي اذ لا فرق بينهم وبينه تعالى الا انهم عباده وخلقه فاذا ارادوا بمقتضى المصلحة النسبة الى الاسباب القريبة ابانوا عن ذلك وعرفوا الناس اياه بنحو من انحاء المعرفة فاذا ارادوا جريان النسبة على جهة الكلية بالنسبة الى كل احد اوقعوا الاجماع بينهم حتّى لا يختلفوا وان لم يريدوا ذلك فان كان ذلك الشيء وتلك النسبة مما لا ينفر طبايع العلة عن ذلك اظهروا ذلك ونسبوا الى انفسهم الشريفة على جهة الوضوح والظهور والبيان وذلك من الاحوال الناشئة عنهم عليهم السلم في مقام الامامة ومرتبة انما انا بشر مثلكم وان كان في المقامات الاخر كالابواب والمعاني والبيان في مراتبها الثلثة في الابواب العشرة فيظهرون ذلك على جهة الاختلاف اي في افهام الخلق من العوام ويسكتون ( يسلكون خ‌ل ) عليهم السلم عن ترجيح احد الطرفين فيعلم العارف بسلوكهم بعد ما سلك سبيلهم ذللا انهم المعينون بذلك من وراء الحجاب فهم من فهم وفي هذا المقام لما كانت المناسبة بين اللفظ والمعنى معتبرة ولا شك ان كل عمل واثر منسوب الى عامله ومؤثره فوجب في الاسم ما يدل على ذلك ان لم يكن امر اقوى يقتضي الصرف وذلك الامر غلبة الجهات وذكرها يفضي ( يقتضي خ‌ل ) الى التطويل فان كان مقتضى الصرف موجودا فلا يسكتون عنه ( عنهم خ‌ل ) فسكوتهم عليهم السلم تقرير لعدم ( تقديرا لعدم خ‌ل ) المانع الصارف ولما كان الفاعل والمؤثر من حيث هو كذلك ليس مستقلا وانما هو واقف بباب الاذن من الذات بنفس ذلك المؤثر وجب ان يكون في الاسم اللفظي ما يدل على ذلك لوجود المقتضي ورفع المانع والثاني علمنا بالتقرير ولما كان الاسم دليلا على المسمى فيحكيه على ما هو عليه من الاجمال والتفصيل والبساطة والتركيب وجب ان يكون اسم هذه الآلة التي هي معدة لاستعلام احوال العالم برسم الخطوط والنقوش والدواير عليها على جهة البسط والتفصيل وكان مؤسسها وعاملها الذي اسس السموات والارضين والملئكة والجن والانس اجمعين وهو متقوم بالله وواقف بباب اذنه ومستمد منه في كل حال من الاحوال اسطرلاب فلاب يحتمل ان يكون اسم الرجل كما ذكره صاحب القاموس وهو ابن هرمس الحكيم حتّى كان بذلك الفرع الكريم مع كونه هو الاصل القديم واسطر فعل امر من مادة التسطير من الحي القيوم جرى على الاسم الحي القيوم فحكت ( فحكمت خ‌ل ) هذه الآلة المعمولة كالصدا ذلك الصوت وارتفعت الغرايب المانعة عن ظهور تلك الحكاية كما منعت الانسان وساير المكونات بل هذه الآلة ايضا عن حكاية كن فيكون فابقوا الاصل على ما هو عليه ودلوا الناس عليه ويحتمل ان يكون لاب في الاصل لابة حذفت الهاء للتخفيف والمراد بها الحرة ( الحرمة خ‌ل ) كما في الحديث حرم المدينة لابتيها وهي الحرتان المكتنفتان ( الحرفان المكشفان خ‌ل ) بها والمراد في هذا المقام لابة السموات والارض كما في الدعاء بكت عليه السماء ومن فيها والارض ومن عليها ولما يطأ لابتيها فامر الآمر بتسطير احوالهما فيكون الاسم لهذه الآلة لانها المأمورة بل تجلى لها بها اقام الاشياء باظلتها وقد حققنا في محله ان المفعول هو فاعل فعل الفاعل فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم ولا تكذب بما لم‌ تحط به علما فيشملك قوله عز وجل واذ لم يهتدوا بهذا فسيقولون هذا افك قديم وانما خصوا لاب لبيان ان المذكور فيها دائرة الفلك المنقسمة الى ثلثمائة وستين قسما فاللام ثلثون والالف والباء ثلثة فاذا ضربت اللام فيهما ظهر ربع الدورة وهو حرف الصاد ( حرف القياس خ‌ل ) في كهيعص وذلك هو الاصل وساير الصور حدود وخطوط عليه وذكرنا شرح هذه الكلمة في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا وانما اختار التثليث ( المثلث خ‌ل ) في هذه الحروف لبيان ان المذكور فيها شرح الافلاك وهيئاتها وهي المبادي وكل مبدء مثلث ولذا كانت الافلاك تسعة لانها مجذور الثلثة والتسعة اذا وضعتها في المثلث الناري يظهر آدم وهو ابو البشر ومن ضلعه الايسر يظهر حوا لان كل ضلع من المثلث خمسة ‌عشر وهي عدد حوا فثبت ان المبدء مثلث ثم ان المذكور في الاسطرلاب احوال الافلاك والليل والنهار والارض ولا شك ان الليل والنهار انما يحصلان بحركة الشمس مع كثافة الارض فالشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل والارض خادمة لهما فما من الشمس المادة وما من القمر الصورة والارض مسكن النورين فوجب تقاطع الشمس والقمر فاللام للقمر لان دورته ثلثين والالف المقاطعة لها للشمس لكونها المبدء في الافلاك السبعة والباء اشارة الى الارض وانما قدم اللام لان ما في الاسطرلاب خطوط وحدود تفصيلية كما هي شأن القمر فناسب تقديم اللام فاللام ( واللام خ‌ل ) عليّ عليه السلم والباء فاطمة عليها السلم لانها مقام الانبساط والكثرة وهي ليلة القدر وهما البحران يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان وهو الالف وهو محمد صلى الله عليه وآله والاسطرلاب يحكي تفاصيل احوالهم الشريفة المقدسة فلولا ان همي الاختصار وان الناس اشباه العلماء ديدنهم الانكار لاظهرت في هذا المقام من غرايب الاسرار لكن فيما ذكرنا ( ذكرت خ‌ل ) لعبرة لاولي الابصار

وقوله (ره) وهو آلة الخ اعلم انه نور ذائب كان في حجاب العز يسبح الله ويقدسه بالف لسان وفي كل لسان الف لغة فلما استشعر بنفسه وشاهد عظمة ربه استبطن الخوف وغلبت عليه شدة برد الخوف فانجمد فكان الماسا فانغمس في بحر الهيبة وتردى بالخشوع وتأزر بالخضوع فقام منتصبا للقيام بالخدمة فظهر له مقام القدرة والقهر والجلال فبكى من هيبة القهار اربعمائة‌الف عام دما عبيطا بقوة حرارة قلبه ومزجها ببرودة خوفه المتحصل منهما الدم العبيط حتّى غرق في ذلك البحر ومات ( البحر دما خ‌ل ) من شدة الوجد ثم افاق من غشوته دخل في حوصلة الطاير ( الطير خ‌ل ) الاخضر من طير القدس فطار به الى عالم الانس فلما اسوفى ( استوفى خ‌ل ) حظه فخرج يطلب مركزه فالتقمه الحوت فسار به في ظلمات ثلث حتّى اتى به الى ساحل البحر الاخضر اطلعه من بطنه فتناثرت اعضاؤه ( اغصانه خ‌ل ) فصادته الطيور ولحقته الى الطاير الاول الاخضر فرمى به في ارض الزعفران فتقوى واستقام فحكى صنع الملك العلام فظهر في كل شيء يحكي آية الله سبحانه في ملكه وملكوته وهو قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم الآية حتّى ظهرت مفصلة في النفوس فظهرت الافلاك و وجدت على هيكلها وهيئتها ثم دارت الافلاك على الارض ومن عليها من الجماد والنبات والحيوان فحكى تلك ( حكي فتلك خ‌ل ) الهيئات كل شيء بالكينونة الاولية فلا تنظر الى شيء بتلك الكينونة وبتلك العين الا وتجدها حاكيا لكل شيء لكن لما انجمدت القرايح والطبايع وغلبت البرودة واليبوسة والرطوبة وتولدت منها الامراض المزمنة وظهر المرض في كل جزء من اجزاء الاكوان السفلية الارضية فكانوا لا يبصرون تلك الخطوط الدقيقة فامر هرمس الحكيم ابنه ان ينقش لهم بعض صور ذلك النور بالخط الجلي لعلهم يتوصلون به الى العالم العلوي ويستخبرون بعض احوال العالم السفلي فيتوجهون الى بارئهم ويكون بذلك شفاء مادة امراض جهالتهم ( جلالتهم خ‌ل ) وحماقتهم واليه الاشارة في قوله تعالى وفي انفسكم افلا تبصرون وهذه الآلة هي نفس تلك الخطوط وهي الكتاب المسطور في رق منشور فالرق ( والرق خ‌ل ) ليس داخلا في حقيقة الكتاب وانما هو محل لظهوره في الجملة كالمرآة فانها هي الصورة واما الزجاجة فهي محل لظهورها وهذه الآلة هي اثر ظهور ( ظهور تلك خ‌ل ) الكتاب الذي فيه تفصيل كل شيء وتبيان كل شيء الا ان اهل هذا الفن عثروا على وجه واحد من تلك الوجوه الكثيرة فافهم

قوله (ره) مشتملة على اجزاء يتحرك بعضها اه اعلم ان اجزاء الاسطرلاب على قسمين اجزاء كلية واجزاء جزئية والمراد بالجزء الكلي هو الذي لا يكون جزء لجزو ( جزءا لجزء خ‌ل ) آخر والجزئي بخلاف ذلك وهذا التقسيم لابتناء الوجود عليه اذ كل اصل لا بد له من فرع وكل متبوع لا بد له من تابع وكل اجمال لا بد له من تفصيل الا ان ظهور تلك الفروع والتوابع على حسب المقامات والاقتضاءات يختلف وربما لا يظهر ( يظهر خ‌ل ) في بعض المواضع لعدم مسيس الحاجة اليها وتظهر فيما تتوفر ( تتوافر خ‌ل ) الدواعي اليه كما لم يظهر في الفلس والفرس والقطب ( القصب خ‌ل ) في هذا المقام

قال : والاجزاء الكلية على قسمين

احدهما ما لا يقوم ولا يتم الاسطرلاب الا به وهي ستة ( الستة خ‌ل )

وهي العدد التام الذي ساوي فرعه اصله لا يزيد عليه ولا ينقص فظهر الاسم على طبق المسمى واللفظ على وفق المعنى وهي الستة الايام التي خلق الله فيها السموات والارض وهي الستة الايام التي تعد الشهور وهي تعد السنين وهي تعد الدهر وهي الستة المراتب التي يتم بها الجنين ويكمل خلقته ويلج فيه الروح وانما كانت الستة هي العدد الكامل لتمام المبدء الاول به لان التمام في كل رتبة اجتماع رتبتي الاجمال والتفصيل ولما كان التفصيل تكرير وتأكيد للجمل وكان المبدء ثلثة فتكريرها ستة وهي الواو التي هي سر الواحد وحقيقته ( حقيقة خ‌ل ) الاحد وظهوره في السرمد

الاول من الاجزاء الكلية الحجرة وتسمى ايضا بالام

ووجه التسمية ظاهرة ( ظاهر خ‌ل ) لا اشكال فيه وهي اعظم الاجزاء واكبرها وهي على جهة الاجمال مشتملة على علاقة وحلقة وعروة وكرسي وحجرة اما فائدة العلاقة فقد ذكروا انها بمنزلة الخط الذي يميل به الاسطرلاب الى مركز العالم لان سطح الاسطرلاب يجب ان يكون قائما على سطح الافق على زوايا قوائم ( زوايا قائمة خ‌ل ) والا لما صحت الحكاية المطلوبة عند ملاحظة الاوضاع الفلكية ومشاهدة الكواكب ولا شك ان الجسم الثقيل يميل بطبعه الى المركز بخط مستقيم يكون عمودا على سطح الافق

الخط قطبا له فوجب ان يكون العلاقة لتكون نازلة منزلة ذلك الخط المستقيم ولما ان سطح الاسطرلاب وجب تقاطعها مع دائرة الافق على زوايا قوائم مارة بمركز الكوكب ( الكواكب خ‌ل ) وكان الاسطرلاب جسما ثقيلا مسطحا فلو لم ‌تكن العلاقة وخلى وطبعه لانطبق سطحه على سطح الافق ولم يحصل منه المطلوب وحينئذ كان بمنزلة دائرة الافق لا الارتفاع فاذا جعل في اليد لما خلى وطبعه لانها اقوى منه عند الاتصال الادنى ولو نصب على الارض بقاسر فكذلك ايضا فلم يبق الا وجود ( الوجود خ‌ل ) العلاقة ليكون له بمنزلة ذلك الخط ويقوم سطحه على الافق كما ذكرنا واما فائدة الحلقة والعروة فهي ان لا يتشبث ( يتشبث خ‌ل ) الاسطرلاب بالعلاقة ولم ‌تحصل التخلية المطلوبة وبهما معا يحصل المطلوب على اكمل ما ينبغي واما فائدة الكرسي فهي ان لا يحتجب بعض اجزاء الحجرة بالعروة لان الحجرة هي دائرة معدل النهار وهي المنقسمة الى الدرجات فلو احتجب ( احتجت خ‌ل ) بعض اجزائها لفات المقصود هذا ملخص ظاهر الامر في هذا المقام واما حقيقة الامر فاعلم انا قد ذكرنا ان الاسطرلاب هو حكاية ظهور المبادي الغيبية في عالم الشهود ولا شك ان الشهادة مرتبطة بالغيب وقائمة به قيام تحقق بحيث لا يمنع مقتضى احدهما مقتضي الآخر وهذا الارتباط لاجل امساك الوجود ووصول الفيض والجود من سماء القدر الى ارض التقدير ولا شك ان مبدء الوجود المقيد ( مقيد خ‌ل ) هو الالف القائمة الظاهرة بكمال البساطة وخط العلاقة دليلها بل هي هنا ولذا لا يقوم على الوجه المطلوب الا به والمراد به العقل في كل مقام بحسبه ثم لما تنزل العقل الى الدرجة الثانية حدث عنه الروح فيها فتكون دائرة على ذلك الخط الذي هو المحور الذي ظهر على هذا الوجه لغرض يطول الكلام بذكره وفي التنزل الثالث حدثت النفس وهي المقترنة المرتبطة بالوجه الاسفل على الوجه الاعلى فالوجه الاعلى ( فالوجه له لاعلى خ‌ل ) منها مرتبط بالروح وهي الحلقة وهي الدائرة وان شئت قلتها كرة والعروة هي دليل النفس فالوجه المتصل بالحلقة دليل تفردها بشانها وسعة عالمها وفسحة فضائها والوجه الاسفل المرتبط بالكرسي بالمسمار دليل ارتباطها بعالم الضيق والحرج وعدم السعة والاحاطة ولذا ترى قد صغروا رأس الكرسي المتصل بالعروة وبين النفس والجسم عالم المثال وهو البرزخ الذي قد اتصل وجهه الاعلى بعالم النفس ووجهه الاسفل بعالم الجسم اوله اي اول الملتقى محدد الجهات فالوجه المتعلق بعالم المجرد بسيط بالاضافة والوجه المتعلق بعالم الجسم مركب ( مركب اي اول الملتقى خ‌ل ) كذلك فالوجه البسيط مستدق والمركب منفرج والكرسي دليل هذا العالم وعلى هيئته ولذا تجدهم رسموا في ملتقى الكرسي دائرة معدل النهار فعالم الاجسام كلا هو ما حوته الحجرة وهو مرتبط بعالم المثال ومتقوم به كالكرسي وهو متقوم بالنفس كالعروة وهي متقومة ( متقوم خ‌ل ) بالروح كالحلقة وهو متقوم بالعقل كالعلاقة وهي الخط المستقيم ولذا نقول ان شكله القيام وصفته الركوع ولهذا جعل واضع الاسطرلاب هذا الترتيب ليكون الظاهر على طبق الباطن ودليله كما قال عليه السلم قد علم اولوا الالباب ان ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا ولما كان الاسطرلاب لبيان الاحوال في عالم المتولدات من العناصر المعروفة الكثيفة لا اللطايف ( للطايف خ‌ل ) من الاجسام والارواح كما ذكرنا فهو يحكي تلك الاوضاع في هذا المقام فيكون العلاقة حينئذ دليل النار واستقامتها لكمال بساطتها وشدة ميلها الى المبدء ( المبدء ولكونها خ‌ل ) شكل المبدء والنار هي المبدء والحلقة دليل الهواء استدار ( استدر خ‌ل ) لما به وفيه من الرطوبات المقتضية للسيلان والذوبان ولقربه الى المبدء استدار ( استدارا خ‌ل ) على نفسه فكان دائرة وهي الحلقة والعروة دليل الماء وهي ( هو خ‌ل ) لشدة اتصاله بالارض غلظ وجهه الاسفل ورق وجهه الاعلى كالعروة والكرسي دليل الارض لانها مهبط الانوار ومعدن الاسرار فالوجه المتصل بتلك الانوار المشرقة عليها المستودعة في سرها ولبها الطف ( لطف خ‌ل ) ورق كالهباء المنبث في الجو المنتشر في سبعة‌ عشر فرسخا تقريبا والوجه النائي عنها كثف وغلظ كشكل الكرسي الذي في الاسطرلاب ( الكرسي في الاسطرلاب ونفس الاسطرلاب خ‌ل ) هو المتحصل من المجموع المتاخر عنها الشارح لاحوالها واوضاعها وفي هذا المقام ينفتح باب عظيم من العلم في معرفة الطبايع والامزجة وتعديلها والالوان والطعوم والروايح وامثالها ولو اردت اشرت الى نبذة منها ولكن اهل هذا الفن غفلوا عنها كغيرها ومن اراد ذلك لا بد ان يرتب ( يترتب خ‌ل ) على الترتيب الطبيعي بان يجعل العلاقة من كل صنف على الطبيعة المقتضية واللايقة بها على اللون اللايق والوضع اللايق وكذا غيرها ولسنا الآن بصدد بيانها وشرح احوالها وانما مرادي الاشارة الى نوع المسئلة والله الموفق وقولي عناصر هذه الدنيا مسامحة والا ففي كل عالم ترتيب اسطرلاب ( الاسطرلاب خ‌ل ) ذلك العالم على هذه الهيئة للاشارة الى الطبايع ولهذه الاجزاء وجوه اخر تركتها خوفا للتطويل وصونا عن اصحاب القال والقيل ( وقيل خ‌ل )

الثاني من الاجزاء الكلية العضادة

وهي بكسر العين وتخفيف الضاد مأخوذة من عضادتي الباب وهذه العضادة تناسبهما فاستعاروا لها اسمهما ( اسمها خ‌ل ) وقيل انها بفتح العين وتشديد الضاد مأخوذ ( مأخوذة خ‌ل ) من العضد سميت بها لانها ( سميت لانها خ‌ل ) عضد المنجم في معرفة ارتفاع الكواكب والنجوم والاطلاع على مواضع درجاتها في افلاكها ونسبتها الى الفلكين الاعظمين وعلى كل تقدير هي آلة موضوعة على ظهر الحجرة وشكلها على هيئة المسطرة وهي مشتملة على اربعة اجزاء شظيتان ولبنتان وتسمى الشظية ايضا مرى الارتفاع اذ بها يرى ويعرف ( يرى وبون خ‌ل ) درجات ارتفاع الكواكب والبروج وانما تعددت الشظية وكانت اثنتين لان كل كوكب له نور يمر منه على الخط المستقيم ( نور عرضه على المستقيم خ‌ل ) الى الموضع الذي ينتهي فيه فان ( وان خ‌ل ) كان محاذيه جسم كثيف يحدث ظل مخروطي على تلك الجهة اي عكسها ومقابلها فيكون ظل كل كوكب عكس ارتفاع درجة ذلك الكوكب ( عكس درجة ارتفاع ذلك الكواكب خ‌ل ) او انحطاطه فاذن يجب ان تكون الشظية متعددة حتّى يكون احديهما ( ان تكون احدهما خ‌ل ) يعلم بها القسم الاعلى من الارتفاع وغيره والثانية يعلم بها القسم الاسفل من الظل وشبهه ويجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) الشظيتان متقابلتان ويجب تساوي نسبتهما الى كل الدورة اذ كل جزء يفرض الاعلى يكون مقابله هو الاسفل فوجب ان تكونا كالقطر المار بمركز الحجرة وكل شظية نصف القطر واما اللبنتان فهما موضوعتان على طرفي الشظيتين ووجه التسمية ظاهرة لانهما على مثال اللبنة وعليهما ثقبتان وسياتي ان شاء الله تعالى بيان العلة في وجود اللبنة والثقبة على الوجه الظاهر والباطن عند بيان معرفة ارتفاع الشمس وغيرها من الكواكب واما الوجه الحقيقي في الشظيتين فاعلم ان الفلك الاعظم الاعلى المحيط على الكل هو الذي عليه مدار العالم من العلويات والسفليات فاذا تحرك على المحور يحصل لكل جزء منه مدار وترسم له ( به خ‌ل ) دائرة الا ان اعظم الدوائر واعلاها هي الدائرة العظيمة التي تمر على القطب على اصطلاحنا فكانت فائقة على جميع المدارات ومستولية عليها ومستعلية عليها وهي التي ورد في الاخبار انها على سواء الجبل ليست بشرقية ولا غربية كما قال عز وجل شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية وساير المدارات حينئذ مستمدة ( مستمد خ‌ل ) منها فساير الكواكب والافلاك بالطريق الاولي ولما جري التقدير الالهي والحكم الرباني ان تنقسم الى ثلثمائة وستين قسما كانت الكواكب يرقى تلك المدارج والمراقي فياخذ نصيبه منها على مقدار حاله فاذا اريد استعلام حال كوكب مع ذلك الفلك احتجنا الى مقدر يثبت ويقدر تلك الحركات ويحفظها في اللوح الموضوع لها وذلك المقدر والكاتب الذي مهما طلبت منه ذلك المقدار اوصلك اليه هو الشظية وذلك كالملائكة الحملة والحفظة والذين عندهم لوح المحو والاثبات وساير المقدرات والمدبرات الذين يعلمون الانبياء والاولياء نسب استمداد الخلق وما يقتضون من ذلك الاستمداد وكعروق الشرائين النابتة من القلب المتحركة ( المتحرك خ‌ل ) فاذا اريد استعلام حال البدن والقوى والاعضاء ينظر الى تلك العروق المتحركة المسماة عند الاطباء بالشرائين وهي النبض الذي يستعلمون ( يستعملون خ‌ل ) بها احوال المريض ونسبة اعضاءه الى قلبه ولذا كانت الشظية متحركة وتلك العروق كلياتها قسمان قسم متوجه الى جانب الراس والرقبة وقسم الى جانب اليدين والرجلين وغيرهما من الاعضاء السفلية وكذلك الملائكة على قسمين ملئكة سماوية وملئكة ارضية وليلية ونهارية فظهرت الشظية بالكينونة الاصلية فوجب ان تكون واحدا لها وجهان ورأسان واذنان وعينان فافهم فهمك الله ( تعالى خ‌ل )

الثالث الصفايح

وهي متعددة لكنها بمنزلة جزو ( جزء خ‌ل ) واحد لان بواحد منها يتم الاسطرلاب ويصح العمل بل حين العمل لا يحتاجون الا الى واحد ابدا وباقي الصفايح يحتاجون اليها على التعاقب ففي الحقيقة يكون الجزء الحقيقي واحدا منها وذلك معلوم والصفيحة لاثبات المقنطرات وعرض كل بلد وامثالهما مما يأتي وهي في جوف الحجرة حتّى يكون مع الحجرة كرة واحدة تامة متحركة بحركة واحدة واما في الاسطرلاب الكروي فلا حاجة الى تعدد الصفحات كما يأتي ان شاء الله تعالى وقد ذكر المصنف ( رحمه الله خ‌ل ) في بعض رسائله ان عدد الصفحات في اغلب الاسطرلابات بين الاثنين والسبعة واما الوجه الحقيقي في الصفيحة وتعددها هو ما ورد في باطن قوله تعالى وترى كل امة جاثية كل امة تدعي الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وقوله تعالى وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيمة كتابا يلقيه منشورا اقرء كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فافهم

الرابع العنكبوت ويسمى ايضا مشبكة

ووجه التسمية في المقامين ظاهر وهو صفحة مشبكة مشتملة على اجزاء منها منطقة البروج وهي الجزء الاعظم واغلب الامور المهمة انما تظهر بها ومنها المدير وهي نقطة زايدة مرتفعة عن سطح العنكبوت على طرف ( طرق خ‌ل ) القطر يديرون بها العنكبوت حيث شاؤا ويجوز وضعها ايضا في كل موضع لان المطلوب منها الادارة خاصة ومنها المري وهو في الاسطرلابات الشمالية واقع على مدار رأس الجدي لانه فيها اعظم ( لانه اعظم فيها خ‌ل ) المدارات والمري لاستعلام درجات معدل النهار فلا محل له الا هناك وفي الجنوبية واقع على مدار رأس السرطان لانه فيها اعظم المدارات كما سياتي ان شاء الله تعالى ومنها شظايا الكواكب وهي الكواكب الثابتة في فلك البروج لاستعلام احوالها اما لذاتها او لما يترتب عليها من معرفة الساعات المستوية ( المسوية خ‌ل ) والزمانية الليلية والداير ( الدوائر خ‌ل ) في الليل وامثال ذلك وقيل ان هذه الشظايا في اغلب الاسطرلابات بين الاثني ‌عشر والعشرين اما الوجه في كون العنكبوت شبكة ( شبة خ‌ل ) فللتمكن من معرفة الارتفاع ومقداره ومعرفة ( ومقدار خ‌ل ) الطالع والداير وغير ذلك لانها ما تعرف الا بان يوضع الكوكب او البرج في مقنطرة ارتفاعه في البلد المذكور في الصفيحة ( الصفحة خ‌ل ) فيجب ان يكون شبكة لتظهر الصفيحة ( الصفحة خ‌ل ) من تحته فيعلم المقنطرات على حسب البلد واما الوجه الحقيقي في الظاهر فهو ان العنكبوت هو فلك الثوابت المشتمل على فلك البروج والمنازل وساير الثوابت ولما كان مرجع الحكم فيه الى نفس الكوكب وهو الاصل في الافلاك وبه قامت الافلاك فهي ( فهو خ‌ل ) فرع يخفى عند ظهور الاصل ومن هذا الوجه في ان ( وهذا من الوجه في ان خ‌ل ) الكواكب ترى ولا ترى الافلاك والذي ذكروا في هذا الباب فبمعزل عن الصواب واما الوجه الباطني فما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله في سبب تسمية الخليل عليه السلم به من ان ( به انه خ‌ل ) محبة الله سبحانه تخللت ( تخلت خ‌ل ) في كل اجزائه وقواه ومشاعره حتّى لا يبقى منه مكان لم ‌تتخلل فيه محبته ( محبة الله خ‌ل ) سبحانه فسمي بذلك خليلا فكان بذلك اماما والامام باطن الكرسي فلك الثوابت واما الذي احترقت في محبة الله ولم يبق له مكان يتخلل فيه فهو الحبيب فكان بذلك باطن العرش الفلك الاعظم فلنقبض العنان فللحيطان آذان ولو لم ‌اخف الاطالة وما في الناس من العجلة وسرعة المبادرة الى الانكار لشرحت اصل هذا العنكبوت ومنشاه ومبداه ومنتهاه وكينونته وصفته وصورته وهيئته وشكله ومزاجه ودليله وكلامه ودليله وجهاته الا ان التأسي باكابر الدين والائمة المصطفين عليهم السلم من الواجبات المحتومة فقد قالوا عليهم السلم لا تتكلم بما تسارع العقول في انكاره وان كان عندك اعتذاره

الخامس الفرس

وهو الشكل الذي يجعلونه في ثقبة القطب ليمسكه عن النزول وترتبط به الشظية ولولا ذلك لما استقرت الشظية ولفات المقصود وانما سمي فرسا لان الوجه الاعلى من القطب كأنه ركب عليه وربما يصاغ ( يضاع خ‌ل ) على تلك الهيئة

السادس القطب

وهو الاصل الذي عليه المدار وهو المسمار الوسطائي ( الوسطاني خ‌ل ) الذي صار بمنزلة المركز لجميع الدواير من الحجرة والصفايح وصار ايضا مركزا للشظية والقطب هو هذه النقطة التي في الوسط كقطب الرحى لا ما اصطلحوا عليه فان ذلك خلاف الحقيقة والواقع وسياتي البحث عنه ان شاء الله تعالى وقال امير المؤمنين عليه السلم لقد تقمصها فلان وهو يعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى الى الطير وقال ايضا عليه السلم والعقل وسط الكل وفي القرآن وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وقال عز وجل يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء وليس المراد انها جنوبية او شمالية بنفي المشرقية والمغربية ( الشرقية والغربية خ‌ل ) لانها صفة نوره تعالى وهو لا جهة ( وهو جهة خ‌ل ) له وقد فسر الآية عليه السلم بانه على سواء الجبل وبالجملة لا يشك فيما اقول عاقل الا ان القوم صاروا كما قال الشاعر :

قد يطرب القمري اسماعنا ونحن لا نفهم الحانه

والوجه الباطني في القطب لا يحتاج الى البيان فانه في الظهور بمكان فلولا هذا القطب لفسد الاسطرلاب وكذلك القطب الحقيقي لو لم يكن لفسد العالم وبطل النظام وذلك معلوم عند اولي الافهام وفي الدعاء لا فرق بينك وبينها ( بينها وبينك خ‌ل ) الا انهم عبادك وخلقك الدعاء هذا هو تمام ( هذا تمام خ‌ل ) الاجزاء الستة التي بها تمام الاسطرلاب وقام شارحا لكل باب على الصواب وبالواو تمت مراتب الواحدية بظهورات الاحدية

والقسم الثاني

مقام الكمال وهو جزء واحد يكمل به الاسطرلاب غاية الكمال وذلك هو الفلس وهو حلقة صغيرة يجعلونها بين الفرس والعنكبوت حتّى لا تنسحق بالفرس خطوط العنكبوت والشظايا المكتوب عليها ( الشظايا عليها خ‌ل ) اسماء الكواكب واسماء البروج على المنطقة ( النقطة خ‌ل ) وغيرها حتّى يكون على وجه الكمال فيه كماله وبالستة ( بالنسبة خ‌ل ) تمامه فالستة هي الايام والسابع هو السبت الذي به كمال الاسبوع ( به الاسبوع خ‌ل ) وكمال الشيء فالستة مقام انشاناه خلقا آخر والسابع بلوغه مقام العقل والتميز ( التمييز خ‌ل ) والستة تمام تحقق الاكسير في العالم الكبير والصغير والسابع سقيه بماء المزن الجاري من تحت جبل الازل الى ما ( الازل ما خ‌ل ) لا نهاية له منه ليشتد ( لينشد خ‌ل ) بذلك فعله ويكمل به عمله ذلك تقدير العزيز العليم

ثم اعلم ان الحكيم الكريم واضع هذا اللوح بالمعنى الاعم رسم على بعض الاجزاء خطوطا لاستعلام الاحوال العلوية والسفلية لا بأس بالاشارة اليها اما القطب فلم يرسم عليه خط لانه النقطة التي لا تقبل الانقسام ورسم الخط قسمة ومعني ذلك ان القطب جهة الاجمال والوحدة والبساطة والدائرة وما فيها وعليها كلها تفاصيل شئوناته الذاتية والعرضية فيجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) الخطوط في الشئونات لا في اصل الذات وذلك ظاهر واما الفلس والفرس فكذلك والوجه الظاهر ظاهر واما الباطن فلكونهما قريبان للقطب ومتصلان به فحييا بحيوته ( فجيئا يحبونه خ‌ل ) وتلبسا بلباسه وذلك كالواو والياء الساكنتين ( الساكنين خ‌ل ) اذا كان ما قبلهما متحركا من جنس حركتهما ( حركتها خ‌ل ) فيلحقان الالف حينئذ فكانتا حرفي لين ( فكانتا حرفين من حروف لين خ‌ل ) لانهما خلصا من شرك المخرج فلحقتا بالاصل فجرى عليهما حكم الاصل فلذا كانت حروف العلة ثلثة وحروف اللين ثلثة مع ان الاصل واحد وهو الالف فافهم وباقي الاجزاء ( واما وما في الاجزاء خ‌ل ) كلها مخطوطة منقوشة

اما الحجرة فعلى ظهرها خطوط منها خط وسط السماء وخط نصف النهار وخط العلاقة وهو الخط المستقيم المار بالمركز المتصل بالمحيط من جهة العلاقة والكرسي فتنصفت ( فتصفت خ‌ل ) به ظهر الحجرة نصفين ومنها خط الافق وخط المشرق والمغرب وهو مقاطع للخط المذكور على زوايا قوائم ومار بالمركز الى المحيط فانقسم ظهر الحجرة بهما اربعة اقسام وظهر بها الشمال والجنوب والمغرب والمشرق فالنصف من هذه الاربعة دائما نوراني والنصف الآخر ظلماني والوجه الظاهري لهذا التقسيم ظاهر فان استعلام احوال الكواكب في الليل والنهار ومعرفة الظل باقسامه وكذا ساير الاعمال لا يمكن الا بهذا التقسيم كما سيظهر لك عند العمل واما في الحقيقة فاعلم ان هذا اول تقسيم وقع في الوجود فامتاز به الشاهد من المشهود ( من الشاهد خ‌ل ) والعابد من المعبود وهو بدو الايجاد كما قال عز وجل ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون فبذلك كان العرش مربعا والبيت المعمور مربعا والكعبة مربعة ( مربعا خ‌ل ) والكلمات التي بنى عليها الاسلام مربعة والزوجات المخلوقة من طينة كل واحد اربعة والمثلث القائم الزاوية اربعة ومربع وهكذا ( اربعة وهكذا خ‌ل ) ولاستقصاء الكلام مقام ( والاستقصاء مقام خ‌ل ) آخر

ومنها الخطوط الصغار المرسومة في احد ربعي الفوقاني مما يلي الكرسي لقسمة ذلك الربع وهي تسعون والمراد قسمة ذلك الربع الى تسعين قسما لمعرفة الارتفاع فان غايته تسعون درجة وهو ربع الثلثمائة والستين ورسم الخط مثال ولو قسم بغيره كالنقاط مثلا جاز ويسمى تلك الاقسام اجزاء ( تلك الاجزاء خ‌ل ) الارتفاع

والربع ( الرابع خ‌ل ) المقابل لهذا الربع ايضا ينقسم الى اقسام مختلفة وتسمى اجزاء الظل اما الظل فلكونه مقابلا للشمس وغيرها من الكواكب في محل الارتفاع واما الاختلاف فلما سيجيء وقد اشتهر عندهم ان الظل بعد طلوع الشمس ان كان بقدر ثمانية وعشرين قدما من الشاخص فهي الساعة ( للساعة خ‌ل ) الاولى فاذا صار مقدار ثمانية‌عشر قدما فالساعة الثانية واذا صار اثني‌ عشر قدما فهي الثالثة واذا صار سبعة اقدام فهي الرابعة واذا صار ثلثة اقدام فهي الخامسة فعند التمام او عند غاية النقصان هي ( فهي خ‌ل ) السادسة وهكذا الى آخر النهار فيعود الظل كما بدء والظاهر ان اختلاف اجزاء الظل في ظهر الحجرة في الربع المقابل على هذه النسبة ويأتي البحث عنه ان شاء الله تعالى مشروحا واما الوجه الحقيقي في هذا التقسيم فاعلم ان كل واحد ( واحدة خ‌ل ) من الملئكة الاربعة المقربين اعني جبرئيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل موكل بربع ( من كل يربع خ‌ل ) من العالم ولكل تسعين جندا من الجنود الكلية لان التسعين ربع الثلثمائة والستين وهي انما ( والستين انما خ‌ل ) حصلت بضرب الاسماء الثلثين في الاركان الاثني ‌عشر فربع جبرئيل مقابل لربع ميكائيل وربع عزرائيل مقابل لربع اسرافيل فافهم هذا الكلام المجمل ولا تقتصر على العبارة فتفوتك الحقايق واللطايف واما الظل والنور في الحقيقة فذلك ( وذلك خ‌ل ) حكم العليين والسجين فالربع المتصاعد من ايلاج النهار و( في خ‌ل ) الليل وعند البلوغ الى غاية الارتفاع حكم الغشيان فيعدم ( فينعدم خ‌ل ) الظل بالكلية او ينقص حدا بالاضافة ومن اول الانحطاط ذكر ايلاج الليل في النهار فيحدث الظل الى مبدء الايلاج وهو غاية الانحطاط الى الافق ( افق خ‌ل ) الغربي فاذا غاب استولى الظل وجاء حكم الغشيان وهو قوله تعالى يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا فافهم ان كنت تفهم

ثم ان الظل على قسمين احدهما الظل المستوي وهو ما اذا كان الشاخص على دائرة الافق فاذا طلعت الشمس من الافق كان له ظل طويل بل لا نهاية له ( بل لا نهاية خ‌ل ) فكلما ارتفعت الشمس نقص الظل الى الزوال الثاني الظل المعكوس وهو ما اذا كان الشاخص على دائرة الارتفاع فعند طلوع الشمس لم يكن له ظل فكلما ارتفعت الشمس حدث الظل قليلا تحت الشاخص ولذا سمي معكوسا فاذا ارتفعت الشمس شمس الدورة ( عن الدورة خ‌ل ) يصير الظل ( ظله خ‌ل ) مثل الشاخص وكذا غيره لما سيجيء ان شاء الله تعالى فاذا ارتفعت اكثر يزيد الظل هنا وينقص في المستوي الى الزوال فنهاية الزيادة هنا ونهاية النقصان هناك وبعد الزوال يشرع في الزيادة في المستوي والنقصان في المعكوس الى ان رجع ( يرجع خ‌ل ( كل شيء الى اصله ( شيء اصله خ‌ل )

ثم ان كلا من القسمين قسموه قسمين احدهما ظل الاصابع وهو ما اذا قسموه الى اثني ‌عشر قسما وهو تمام القدم وهو والشبر مقدار واحد وثانيهما ظل الاقدام وهو ما اذا قسموه سبعة اقسام وسيأتي الكلام فيهما ( فيها خ‌ل ) ان شاء الله تعالى

ويرسمون في ظهر الاسطرلاب خطوط الظل المستوي والمعكوس والاصابع والاقدام ويرسمون رقوم ( وقدم خ‌ل ) الاقسام المختلفة والمتوازية كل ذلك في الربعين التحتانيين واما الوجه الحقيقي في ذلك فيعرف مما ذكرنا آنفا من كان حديد البصر وسليم النظر

واما العضادة فيرسمون عليها خطوط ظل الساعات المعوجة بخطوط مختلفة وربما يقسمون سطح العضادة كلها اثني ‌عشر قسما على الاختلاف ( اختلاف خ‌ل ) فيرسمون على كل خط رقم الساعة هذا اذا وضعوا اللبنة بحيث ظله عند طلوع الشمس يشمل تمام سطحها فيكون حينئذ رقم الزوال على المركز وربما يقسمون نصف سطحها هذا اذا وضعوا اللبنة بحيث يكون الظل في اول الطلوع ( طلوع خ‌ل ) على المركز فيقسمون حينئذ النصف على ستة اقسام مختلفة لان قوس الدائرة اذا تحركت فالخطوط الخارجة منها الى المركز تحدث زوايا متساوية فاذا رسمت تلك الخطوط على سطح مستقيم فلا محالة تكون تلك الخطوط المرسومة في ذلك السطح مختلفة ولذا تريهم يقسمون سطح العضادة باقسام متفاوتة فاذا قسموا نصف العضادة لخطوط الساعات المعوجة فربما يقسمون النصف الآخر بستين قسما ويسمونه الظل الستيني وهذا ايضا قسم من اقسام الظل وهو ما اذا فرضوا ( فرض خ‌ل ) الشاخص درجة ويقسمونها على ستين قسما على قياس ظل الاصابع والاقدام

واما الصفايح فكل صفحة يرسمون على مركزها خطين متقاطعين على زوايا قوائم على مثال ظهر الحجرة كما ذكرنا حتّى تكون الصفحة بهما اربعة ارباع فالخط الذي من جهة العلاقة يسمى خط وسط السماء وخط نصف النهار والآخر يسمى خط المشرق والمغرب والذي عن المركز في جهة المشرق يسمى خط المشرق والذي في الجانب ( المشرق والجانب خ‌ل ) الآخر يسمى الخط ( خط خ‌ل ) المغرب ويرسمون على الطرفين علامة المشرق والمغرب وعلى كل من وجهي الصفيحة ( كل من الصفحة خ‌ل ) يرسمون عرض البلد وساعة اطول ايامه ويرسمون ايضا ثلثة دواير متوازيات ففي الاسطرلاب الشمالي يسمى الاصغر مدار رأس السرطان والاوسط مدار رأس الحمل والميزان والاكبر مدار رأس الجدي وانما اقتصروا على هذه الثلثة لكونها هي العمدة وغيرها يعرف بالمقايسة اليها لان مدار رأس الجدي غاية بعد المنطقتين العظيمتين ( العظمتين خ‌ل ) من جهة الجنوب ومدار رأس السرطان غاية بعدهما من جهة الشمال وبعد كل منهما في المنطقة والقطب بمقدار ( بمدار خ‌ل ) الميل الكلي واما مدار الحمل والميزان فهما واحد وهو مدار المعدل واصل منطقة الفلك الاعظم واما الوجه ( وجه خ‌ل ) الحقيقي فلأن بها تمام ( اتمام خ‌ل ) التربيع المتولد منه اسرار الكاينات وذرات الموجودات وبه حصل الاعتدال الحقيقي في الوجود فان مدار رأس الجدي وهو اعظم المدارات في الاسطرلاب الشمالي ( الشمال خ‌ل ) لتحصيل المواد وتمكين القابلية والاستعداد ومنشأ اصل الايجاد بسر الانوجاد مقام ابطان الحرارة واعلان البرودة وهو قوله عليه السلم خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية ما دامت الامرة صبيانية ولما قال عز وجل ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا وقال سيدنا ومولينا الباقر عليه السلم الناس كلهم بهايم الا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل والبهايم بالنسبة الى الانسان الغالب عليها البرودة بل اذا قايستها الى الانسان تكون باردة ( بارادة خ‌ل ) الطبيعة كما صرح به الاطباء ولذا كان مدار رأس الجدي واسعا بالنسبة الى المدارين الآخرين لانه يسع ما لا يسع غيره فافهم واما من جهة الجنوب فتنعكس القضية فيكون ما يترتب على مدار رأس الجدي في جانب الشمال يترتب على مدار رأس السرطان في جانب الجنوب فالعلة واحدة والموضوع مختلف والوضع واحد واما مدار رأس الحمل فلميل القابليات الى جهة المقبولات وذوبان الاستعدادات ونسبتها في مقامها في اخذ حظها من بارئ المسموكات ( المسكمات خ‌ل ) وداحي المدحوات ولما قال عز وجل من اقبل الى شبرا اقبلت اليه ذرعا قلت البرودات وغلبت الحرارات وكثرت الرطوبات بانزال الماء الذي به حيوة كل شيء اجابة للسؤلات واعطاء للطلبات ولما كان اهل الوقوف اكثر من اهل السلوك كان هذا المدار اصغر من مدار رأس الجدي وهذا لا يتفاوت في الشمالي ولا في الجنوبي لانهما بالاضافة الى معدل النهار ومدار الحمل هو مدار معدل النهار كما ذكرنا آنفا فراجع واما مدار رأس السرطان فللايصال الى المطلوب وابلاغ المأمول وفيه حقيقة الوصول ونضج الثمار وظهور الاسرار ومقام اعلان الحرارة وابطان البرودة وهو مقام الواصلين ومرتبة الكاملين فيجب ان يكون اصغرهما لان الكاملين الواصلين قليلون وما آمن معه الا قليل قال الشاعر :

خليلي قطاع الفيافي الى الحمى كثير واما الواصلون قليل

واما مدار رأس الميزان فيجب ان يكون متحدا مع مدار رأس الحمل والتفرقة بحسب المتعلق لانهما نقطة الاعتدالين في الظاهر ولكن هنا دقيقة لطيفة اراد الله سبحانه ان يظهرها لمن له لطيفة نورانية وهي انه تعالى باتحاد المدارين والاعتدالين وتناقضهما في الطبيعة وتضادهما في الفعل فان الربيع حار ( حارة خ‌ل ) رطب والخريف بارد يابس كالهواء والارض بين ان كل ( بين كل خ‌ل ) شيء مركب من اجتماع الضدين بحيث يكون الفرق مرتفعا من البين ومع ذلك كله يبقى كل واحد منهما على صرافة فعلهما واثرهما ذلك تقدير العزيز الحكيم ( العليم خ‌ل ) فقد جمع سبحانه بين مركب اسرافيل ملك الحيوة وعزرائيل ملك الموت في محل واحد ومدار رأس السرطان مركب جبرائيل ( جبرئيل خ‌ل ) ومدار رأس الجدي مركب ميكائيل وهما ايضا وان كانا ضدين في الجملة لكنهما ليسا ( لكنها ليس خ‌ل ) في ظهور التضاد مثل الموت والحيوة فافهم

ويرسمون ايضا على الصفيحة ( الصفحة خ‌ل ) فوق دائرة الافق دواير من غير اتحاد ( دواير غير متوازية بعضها في بعض من اتحاد خ‌ل ) في المركز الا في ارض التسعين فان مركزها هناك مركز الصفيحة ( الصفحة خ‌ل ) وهو قطب المعدل واما في غيره فيكون مركزها خارجا عن مركزها وكذلك مركز بعضها مع الآخر مختلف غير متوازية بعضها في بعض وتسمى ( مختلف وتسمى خ‌ل ) تلك الدوائر الصغار مقنطرات ويبلغ عددها تسعون لانها دواير حدثت من النقاط المفروضة في الربع الفوقاني من الافق الى غاية الارتفاع وهي تمام الربع فان كانت الصفيحة في عرض ( ارض خ‌ل ) التسعين تكون المقنطرات كلها دواير تامة سواء كان الاسطرلاب شماليا او جنوبيا وان كانت لبلد له عرض ( لبلد عرض خ‌ل ) لكنه لا يبلغ التسعين تكون الدواير منها تامة ومنها غير تامة كما يأتي بيانه ان شاء الله ( تعالى خ‌ل ) مشروحا مفصلا

والدائرة ( الدوائر خ‌ل ) الصغيرة التي رسم فيها رقم ص تسمى سمت الرأس والدائرة الاولى الخارجة عن الدواير كلها المرسومة عند الافق تسمى افق المشرق والمغرب وتسمى ايضا بالمقنطرة وعدد المقنطرات في الاسطرلاب التام تسعون وفي النصفي خمسة واربعون وفي الثلثي ثلثون وفي السدسي خمسة‌ عشر ويرسمون رقوم اعداد ( الاعداد خ‌ل ) المقنطرات بين الدوائر وتزايد العدد ففي التام يكتب واحدا واحدا وفي النصفي اثنين واثنين وفي الثلثي ثلثة ثلثة وفي السدسي ستة ستة وتحت المقنطرات اي تحت الافق وقسم تحت الارض يرسمون عشرة قسي ( قسمي خ‌ل ) حتّى ينقسم ذلك القوس بتلك القسي ( القسمي خ‌ل ) مع خط وسط السماء وخط طرفي الافق اي الشرقي والغربي الى اثني ‌عشر قسما ( قسما قسما خ‌ل ) ويرسمون على كل قسم ( على قسم خ‌ل ) عدده الخاص به من الاول الى اثني ‌عشر اي يب وتسمى تلك الاقسام خطوط الساعات المعوجة وربما يرسمون قسيا تمر ( قسما يمر خ‌ل ) على مركز ص ...

( الى هنا كان في النسخ )

المصادر
المحتوى