الرسالة الجفرية (استخراج اسم اميرالمؤمنين من لفظ ولي الله بالجفر...)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

الرسالة الجفرية

في استخراج اسم الامير ع من لفظة ولي الله

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

أما بعد فيقول العبد الجاني والأسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني أن بعض من تجب علي طاعته وأوجبت على نفسي إجابته أطال الله بقائه وأعزه بهداه وأسعده بتقواه بالنبي وآله الهداة صلى الله عليهم ما أظلت الخضراء على الغبراء قد أمرني أن أملي كلمات في شرح كلام من استخراج اسم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكنيته ولقبه وبعض أسماء الله الحسنى من لفظ ولي الله على القاعدة الجفرية وإني وإن كنت قليل البضاعة ولست من أهل هذه الصناعة ولا مارست أهلها ولا عندي شيء من كتبها ولا أني تتبعت في مقاصدها كمال التتبع وأمعنت فيها النظر مع التدبر والتفكر إلا أني بعون الله تعالى أفهم من من ظاهر العبارة شيئا وأرجو أن يكون الواقع لأنه تعالى لا يخيب من قصده بالسؤال ولا يحرم من أتاه طالبا لعظيم النوال وتمسكا بالنبي والعترة والآل عليهم سلام الله الملك المتعال ولا يسعني استقصاء الكلام في المقام لما بي من كمال اختلال البال واغتشاش الأحوال وعروض مرض مزمن مانع من استقامة الحال لكني أكتب إن شاء الله تعالى ما هو الميسور إذ لا يسقط بالمعسور مع ما في افشاء هذه الرموز والأسرار من كمال المحذور إلا أني في سعة مع من أخاطب لأنه بدقة نظره يفك الرموز ويفتح مغلق الأبواب لإستخراج الكنوز ولولا أنه أهل للإجابة لما سارعت في الكتابة

قال سلمه الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم ولي الله عدده الكبير 112 حروفه ب ي ق الوسيط المجموعي 22 حروفه ب ك الوسيط الكبير 13 حروفه ج ي عدده الصغير 4 حرفه د عدد مراتب الاسم مع النقاط 24 حروفه د ك

أقول : يريد بالعدد الكبير قوى الحروف وأرواحها لأن لكل حرف قوة عددية بها قوامها وتأثيرها وتختلف تلك القوى للحروف بإختلاف ترتيبها وقران بعضها ببعض مثل ترتيب أبجد وأبتث وأحست وأمثالها فالمبدأ هو الأول الى التسعة : الأحرف كلها آحاد ومن العاشر لكل حرف يزيد عشرة الى كمال التسعة الثانية ثم بعد ذلك تزيد مائة مائة الى الألف وذلك معلوم ظاهر إنشاء الله تعالى

نعم سر هذا الترتيب ووجه اختلافهم فيه ووجه كون جميع الترتيبات منشأ للتأثير مع كمال التناقض والتضاد وعلة ترتيب القوى العددية على النظم المخصوص وأمثال ذلك من الأحوال من غامض العلوم وقد أشرت الى شيء من هذه الأمور في بعض مباحثاتنا تركت ذكرها هنا لكونها خارجا من المقصود لأدائها الى التطويل وذكر ما يجب صونه عن أصحاب القال والقيل

وإنما اقتضى أن يكون عدده الكبير على هذا المقدار لأن الولي هو المحيط الكلي المتصرف في الكرة الوجودية بالأركان الاثني عشر للإسم الأعظم الذي ليس بالحروف مصوت ولا باللفظ منطق ولا بالشخص مجسد فالمائة لاتمام دائرة القاف : الجبل بالدنيا! أي ما سوى الله لأن تمام الإحاطة الظاهرية المشار إليها بالقاف دليل تمام الإحاطة الباطنية لبطلان الطفرة وبقي الاثنانا عشر لبيان ظهور الولاية في الأركان الاثني عشر وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما فافهم

والمراد بالعدد الوسيط المجموعي : هو مجموع عدد الحروف المقطعة بزبرها وبيناتها في المجموع اللملفوظي والمكتوبي اذ لو اقتصر على المكتوبي فقط لما انطبق كالعكس وهو هنا :

وا وا ا م ي ا ا ل ف ل ا م ل ا م ا ل ف ه ا وعدد مجموع الحروف المذكورة 22 المستنطق : ب ك وسر اقتضاء هذا العدد الخاص نشير اليه فيما بعد ان شاء الله وجعل هذا النوع من العدد الوسيط على خلاف القاعدة المقررة عندهم عندهم لأنهم لا يريدون به هذا المعنى بل ما ذكر في الوسيط الكبير : ب ي ق وتبسيط الحروف أعداد هذه الحروف التي هي استنطاق العدد وهكذا يبلغ ما ذكر : ا ث ن ي ن ع ش ر ة م ا ي ة واستنطاقه : ج ي

وإنما اقتضى أن يكون هذا العدد للاشارة الى أن الولي سره الأحد وهو قوله عليه السلام : ظاهري ولاية وباطني غيب لا يدرك والأحد هو : ثلاثة عشر وهي باطن الواو فاذا أضيف ظاهر الواو على باطنها ظهر الواحد وهو مقام الأسماء والصفات وتجلي الكينونات

والمراد بالعدد الصغير هو ما بقي من الحروف بعد الاسقاط ولهم في ذلك أذواق وارادات فمنهم من يسقط تسعة تسعة بعدد الأفلاك ومنهم من يسقط سبعة سبعة بعدد الكواكب ومنهم من يسقط ثمانية ثمانية بعدد حملة العرش ومنهم من يسقط أربعة أربعة بعدد الطبايع ومنهم من يسقط اثني عشر اثني عشر بعدد البروج والشهور وربما يراعون المقام من الاسقاط كما في المقام فان المائة بعد 26 اسقاط اثني عشر يبقى أربعة وأما اثني عشر الآخر فمطروح فيكون العدد الصغير أربعة واستنطاقه : د

وإنما التقسيم هنا على اثني عشر لأن ذلك مقتضى حكم الولاية مع النبوة فللنبوة واحد وللولاية اثني عشر ألا ترى الشمس التي هي مثال النبوة والقمر الذي هو مثال الولاية فاذا تمت الشمس تمام الدورة كان قد تممها القمر اثني عشرة مرة وفيه سر ذكرناه في بعشض مسائلنا وانما وجب أن يكون الباقي أربعة ليظهر مثلث ع ل ي فيها لتمام الاثني عشر قال تعالى : ان عدة الشهور عند الله اثني عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم وهي الأربعة الباقية فافهم

وأما عدد مراتب الاسم مع النقاط فيزيد نقاط الحروف العددية هكذا : ا ث ن ي ن ع ش ر ة م ا ي ة ا ث ن ي ن ع ش ر ي ن ث ل ا ث ة ع ش ر ة ا ر ب ع ة والمراتب أربعة الا أن المقصود اثنتان لأن الاسم مؤلف من كلمتين وكل كلمة لا تزيد على مرتبتين : آحاد وعشرات والحروف المنقوطة اثنان وعشرون فيكون المجموع أربعا وعشرين واستنطاقه : د ك وانما كان كذلك لأنه مثنى الاثني عشر وهو غاية الظهور في الكمال ولذا قال تعالى : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم فافهم فقد استخرجت من لفظ ولي الله خمسة مقامات ومراتب :

الأولى : في العدد الكبير وقد أشار به الى اضمحلال الكون وفناء الوجود عند الولي الظاهر باثني عشر ركنا

الثانية : العدد الوسيط المجموعي وقد أشار الى أن الولي سر الهوية في المرتبة الثانية : وهو قوله تعالى : وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم

الثالثة : العدد الوسيط الحقيقي وقد أشار به الى أن الولي به ظهرت الأحدية قال : فبهم ملأت سمائك وأرضك حتى ظهر أن لا اله الا أنت

الرابعة : العدد الصغير وقد أشار به الى أن الولي هو الأصل في التأليف والتركيب ومقامه مقام الربوبية اذ مربوب ذكرا أو عينا فمقامه مقام المربع ومقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقام المثلث ولما كان الولي صاحب لواء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطي التثليث ع ل ي فظهر في التربيع الذي هو مقتضى مقامه فاستنطق باثني عشر ولذا كان هو عليه السلام تمام الاثني عشر ولما كان النبي وقف في مقام الطواف حول جلال العظمة بعد نزوله عن مقام الطواف حول جلال القدر صار مقامه مقام المربع وحكى اسمه مسماه ودل لفظه على معناه : م ح م د وكل حرف له مخرج المربع فافهم الاشارة ولا تقتصر على العبارة

الخامسة : عدد المراتب والنقاط والحروف المهملة وان كانت في حد ذاتها نظرا الى قربها من الوحدة واللا تعين أشرف من المعجمة المنقوطة الا أن المقام لما كان مقام التفصيل والحدود واظهار الأحكام المفصلة وكشف المغيبات المجملة لوحظ الحروف المنقوطة وقد أشار به الى الولي كما أنه بأركانه الاثني عشر ملاذ الخلق وملجأهم في الدنيا واليهم اياب الخلق وعليهم حسابهم في الآخرة كذلك والاثني عشر اذا ثني وكرر يكون أربعا وعشرين ولهذه الأسرار جرت وتحققت خصوصيات هذه الأطوار ان في ذلك لعبرة لأولي الأبصار

وهذه الخمسة الناشئة من ولي الله اذا استنطقت ظهرت الهاء التي ظاهرها عين باطنها الحافظة نفسها في جميع مقامات التربيع والتكعيب وهو قوله تعالى : انا نحن نزلنا الذكر وانا له الحافظون ولما كان أصل اقتضائها الرفع أشبعت عند ظهورها وبروزها حين ما أراد الكنز المخفي أن يعرف فحصل من الاشباع الواو فاقترنت بالهاء فكان هو وهو سر الهوية وهي في الرتبة الثانية : علي الولي ابن عم النبي كما يشهد عليه لفظ هو ويأتي ان شاء الله زيادة بيان لهذا بيان لهذا المدعى فترقب ولذا اعتبر في هذا المقام عند الاستخراج هذه المقامات الخمسة خاصة والا ففي سائر الأسماء والحروف لاستنطاق الجواب على وفق الصواب يحتاج الى ملاحظة أمور كثيرة زايدة على ما ذكر في هذه الزايرجة

واذا أردت أن تعرف الوجه في ذلك والسر فيما هنالك فاسمع لما يتلى واعلم أن الله عز وجل لكمال قدرته ونفاذ مشيته وجريان حكمته أبى الا أن يكون بالغ الحجة واضحة المحجة وأن يجعل الخلق ويوجدهم مشروح العلل مبين الأسباب فجعل سبحانه وله الحمد والشكر والمن كل ذرة من الذرات الوجودية الكونية لوحا تاما سويا حاكيا وشارحا لجميع أحوالها الكلية والجزئية والمجملة والمفصلة والظاهرة والباطنة والذاتية والعرضية والمبهمة والمعينة والضارة والنافعة من الأحوال الماضية والمستقبلة وما يرد عليها بالقضاء المحتوم والمشروط وغير ذلك من الأحوال مما جرى به قلم الابتداع فيما لا يزال ولما كان تمام الشيء بعلله وأسبابه ولوازمه وشرائطه وأركانه وساير متممات وجوده ومكملات شهوده ومراتب كونه من غيبه وشهادته واجماله وتفصيله وسكونه وحركته وساير مراتبه وكان الشيء بتمامه لوحا شارحا وكلاما واضحا ومنهلا صافيا كان لا يحصل الاطلاع الكامل بجميع أحواله الا بعد الاحاطة بتلك الشرايط والأسباب من المادية والصورية : كالزمان والمكان والجهة والرتبة والوضع وغير ذلك لأن كل ذلك أوراق كتاب الشيء وأسطر لوحه وحروف كلمته ولما دلت الأدلة القطعية من العقلية والنقلية أن بين الألفاظ والمعاني مناسبة ذاتية ومرابطة حقيقة وأن الألفاظ جواذب للمعاني وحاملها وحاكيها كالمرآة الجاذبة لصورة المقابل والأرض الجاذبة لنور الشمس أي القالبة لها بمقابلتها اياها فاللفظ للمعنى كالمرآة للصورة فاذا أردت أن تعرف حال شيء من الأشياء من الأحوال الماضية والمستقبلة فانظر الى اسمه واستخرج غيوبه أي أعداده وطبائعه وحروف أعداده وحروف الطبائع والزبر والبينات وحروفهما وأعداد حروفهما وحروف أعدادهما وطبايعها وحروف طبايعها وطبايع أعددادها وأنحاء الأعداد من الكسر الوسيط والصغير واستنطاقاتها ومناسبات الحروف من الحروف المتواخية والمتوالفة والمتوافقة من النورانية والظلمانية والعلوية والسفلية ومطلوبات كل حرف مما يناسبه في طبيعته أو مرتبته أو درجته وان اختلف الدرجات في العلو والسفل كالألف والياء والقاف والغين والباء والكاف والراء وهكذا أو فيما يقارب طبيعته أو درجته أو مرتبته كالهاء والخاء مثلا أو فيما يوافقه في ساير صفاته من الجهر والهمس والشدة والرخوة والاطباق والانفتاح والاستعلاء والاستفلاء وأمثالها أو فيما يقاربه فيها مع اختلاف المخرج أو مع اتحاده والا ختلاف في الصفات وهكذا

وكذلك القول في بسط الحروف وتكسيرها بالبسط العددي والحرفي والغريزي والجمعي والطبيعي وبسط التضارب والتجامع والتفوق والتضاعف والتمازج والتواخي والرتفع بأقسامه الثلاثة والتقوي ضرب حرف من حروف الطالب في حرف من حروف المطلوب واستحصال الحروف الأخرى المستنطقة من حاصل الضرب

1 بسط التجامع : وهو بأن تجمع حرفا من اسم الطالب مع حرف من اسم المطلوب في العدد وتستنطقهما مثلا : علي ومحمد تأخذ ع من علي وم من محمد وتجمع عدديهما هكذا : 40 + 70 = 100 ويستنطق هذا الحاصل : ق

2 بسط التضاعف : هو تضعيف الحرف أو أخذ ضعفه كأخذ الحاء للدال

3 بسط التمازج : وهو صغير ووسط وكبير وهو نفس التكسير وسيأتي بيانه

4 بسط التواخي : وهو في الحروف المزدوجة خاصة كأخذ التاء للباء والخاء للحاء

5 البسط الترفعي أو بسط الترفع ينقسم الى ثلاثة أقسام :

1 بسط الترفع العددي : رفع كل حرف من حروف المطلوب مثلا من رتبة الى ما فوقها وأخذ سميه من تلك المرتبة العليا كرفع ميم محمد الى المئات فتأخذ التاء ورفع الحاء الى العشرات فتأخذ الميم فمحصل ذلك : تفتم

2 بسط الترفع الحرفي : أخذ الحرف الذي يلي حرف المطلوب من الحروف الأبجدية فمثلا : محمد يؤخذ للميم نون وللحاء طاء وللميم نون وللدال هاء غيكون نطنه

3 بسط الترفع الطبيعي : وهو أن تأخذ للحرف الترابي حرفا مائيا وللحرف المائي حرفا هوائيا وللحرف الهوائي حرفا ناريا وتترك الناري بحاله فمثلا : محمد الميم ناري والحاء ترابي وكذلك الدال فتترك الميم بحالها وتبدل الحاء بالزاي والدال بالجيم فتقول : مزمج وأمثالها من الأقسام مما هو مشروح عند أهل الفن والتكسير الكبير والوسيط والصغير وأخذ نظاير الحروف بأقسامها المخلتفة في الترتيب مثل : أبجد أبتث أيقغ أهطمفشذ كما نشير اليه فيما بعد انشالله ونظاير نظايرها والحروف الطالبة والحروف المطلوبة وبسطها وأخذ الزمام وتضمين الحروف المسماة بقطب الأمثال وهي : ل ع م ر ك م ا ت د ر ي ا ل ض و ا ر ب ب ا ل ح ص ي و ل ا ز ا ج ر ا ت ا ل ي ر م ا ا ل ه ص ا ن ع والحروف المسماة بقطب الأقاويل وهي : س وا ل ع ظ ي م ا ل خ ل ق ح ز ت ف ص ن ا ذ ا غ ر ا ي ب ش ك ض ب ط ه ا ل ج د د م ث ث ل ا ولو أردنا شرح هذه الأحوال لطال بنا الكلام ومرادنا الاشارة الى نوع المسألة فاذا انخفضت الكليات فاستخرج الجزئيات منها في غاية السهولة

وبالجملة هذه الأحوال بواطن الاسم وغيوبه وألواحه الغيبية المكتوبة فيها بقلم الابتداع أحوال الشيء وهي للاسم اللفظي كالأرواح والنفوس للشخص الجسدي وهذه هي الأمور المتعلقة بالقابل ولابد من الأحوال المتعلقة بالفاعل اذ بهما تتم الحكاية بتتميم النظام فلا بد حينئذ من ملاحظة طالع المسمى من البروج والأوتاد الأربعة وهي : الطالع ورابعه وسابعه وعاشره وملاحظة طالع المسألة أي حين السؤال أي برج طالع في الدنيا ؟ وملاحظة طالع المسألة حروف الأوتاد وملاحظة رب الطالع في الحالين وشرفه وهبوطه وأوجه وحضيضه وحروف كسور الحروف من النصف والثلث إلى التسع وملاحظة الساعة التي يقع فيها السؤال تتريلا للألواح الغيبية الى الألواح الحسية الشهودية اللفظية فلا بد من أن يكون صحيحا لأنه قد انتزع من اللوح المحفوظ الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلقه تنزيل من حكيم حميد لكن بشرط أن تنتظم المرآة على نهج الاستقامة والميزان الطبيعي حتى تنطبع فيها صور الكتاب المستودع في عليين كتاب الأبرار والا فلا يحكي أي لا يأتي الجواب على الصواب الواقع في أم الكتاب هذا ان أردت أن تستبصر جميع الأحوال للشئ لغير المعصومين عليهم السلام لأن الاحاطة بجميع القرانات من الأسباب الفاعلية والقابلية واستخراج حروفها ونظمها على الميزان المستقيم لا تتأتي الا لهم لأنهم عليهم السلام الذين أشهدهم الله خلق السماوات والأرض وخلق أنفسهم

وأما اذا كان السؤال عن الأحوال الجزئية فقد يحصل بدون كل تلك الأمور وقد لا يحصل لصحة الارتباط الواقع في الأشياء كلها لأن لكل شيء له ربط بكل شيء ولذا تجد من ليست له الاحاطة الكلية اذا سئل سؤالا ورتب الحروف ببعض الوجوه الناقصة قد يحصل الجواب الصواب لأن ذلك كان قريبا من عالم الشهود وقد يحصل الجواب لكنه ليس بصواب لأنه ما قابل اللوح الأصلي الحقيقي لفقدان بعض الشرايط والأصول التي لها المدخلية في تحصيل الجواب ولم تكن حاضرة عنده فلا يصح وقد لا يحصل الجواب أبدا لخلط الأسباب والعلل وتغييرها وتبديلها فلا تحكي المرآة اذا كانت موضوعة في المكان الأول والقاعدة الأولى

ومن هذه الجهة لا اعتناء بما قاله المنجمون فيما يحكمون من الحوادث وسعادات الأوقات ونحوساتها اذ جميع المبادي العالية من الأفلاك والكواكب لها اتصال ونظر في تربية الشيء الواحد ومن أين له تلك الاحاطة الكلية بجميع تلك النظرات؟ وقد سمع أن بعض النظرات تورث النحوسة وجربها مرارا فاذا رأى تلك النظرات حكم بالنحوسة وهو في غفلة أنه قد يكون هناك نظرات سعيدة أقوى تدفع تلك النحوسات ولذا تجده قد يصيب والأغلب يخطئ ولذا قال الصادق عليه السلام في علم النجوم : قليله لا ينفع وكثيره ليس عندهم وكذلك الكلام في الجفر وقد علمت منشأه وأصله ومبدأه ومنتهاه وتعلم بذلك أن الذي لا احاطة له بكل أنواع قرانات الحروف واقتضاءاتها وأحكامها لا يتيسر له تحصيل الجواب الصواب وان حصل له بعض الأوقات وفي بعض الحالات اذا اتفق جريان الأسباب أو العلل على مقتضى تلك القاعدة وليست هذه بكليته ولذا ترانا ما تصدينا لتنقيح مطالب هذا العلم ولا تفرغنا له لعدم الفائدة المعتد بها ولو خضنا فيه لشاهدت أمرا غريبا ومع ذلك كما ترى ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

نعم قد يحصل للعارف بالله المنقطع الى الله قاعدة قلما تتخلف وذلك بتأييد من اللهبواسطة أهل العصمة والطهارة عليهم السلام ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقد تحصل لغيره من باب سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم ان كيدي متين كما تعلم ابليس الاسم الأعظم فافهم

قال سلمه الله تعالى نقلا ما ترجمته : وزبر وبينات المداخل الأربعة مع الأصل الخامس هي الحروف المستحضرة : ب ا ي ا ق ا ف ب ا ك ا ف ج ي م د ا ل د ك ونظاير هذه الحروف هذه : ع س خ س ه س ه س ج ع س ذ س ج ف خ س ص س ض ص ذ

أقول : الزبر هو أول الحرف المكتوب والباقي الملفوظ هو البينات ووجه التسمية ظاهرة والزبر هو الأصل في الحرف وهو المسمى والبينات هي الاسم والصفة لأنهم لما أرادوا أن يضعوا لكل حرف اسما يمتاز به عن غيره ولما كان الاسم للتمايز بينه وبين مسماه مناسبة ذاتية جعلوا كل حرف في أول اسمه وتمموه لكمال التمايز فلب قالوا : باء ولج قاوا : جيم وهكذا ولما كانت الألف ساكنة ولا يصح الابتداء به استعاروا لها الهمزة لأنها حركة لا صورة كما أن الألف صورة لا حركة لها الهاء لأنها أقرب الحروف اليها ظاهرا وباطنا فجعلوها في مبدأ اسمها وذلك معلوم ان شاء الله

وانما اعتبر الزبر والبينات كلاهما هنا وفي ساير مباحث البسط والتكسير لكون مقام البسط مقام التفصيل ومقام اظهار مستجنات الغيوب والبينات اسم وصفة للزبر فيها تفصيل أحكام الحرف وشرح أوضاعها ولذا كانت الحروف من جهة البينات ثلاثة أقسام : ملفوظ ومكتوب ومسرود فالثلاثي المردود الصدر الى العجز ملفوظ كالواو والميم والنون والثلاثي المختلف مكتوب والثنائي مسرود واختلاف خصوصيات البينات دليل على اختلاف مستجنات الزبر الظاهرة في البينات فكم من أسرار غيبية كامنة في الزبر قد ظهرت في البينات ولولا خوف الاطالة لبينت لك شطرا من ذلك لكنه موكول الى ذلك الفهم العالي والادراك المتعالي والاشارة كافية لأهلها

والمداخل الأربعة هي حروف الأعداد الأربعة التي هي بمنزلة الطبايع الأربع بل هي بنفسها :

فالمدخل الأول : مظهر النار لأن له الفاعلية والتأثير وله الهيمنة وبه التقدير وهو الوضع الأول الذي وضعه العليم الخبير لأنه أول ما جرى به قلم الاختراع

والمدخل الثاني : وهو العدد الوسيط المجموعي مظهر الهواء لوقوعه تلوه وأقرب ما عداه اليه

والمدخل الثالث : وهو العدد الوسيط الحقيقي مظهر الماء لكونه تحت الثاني في العدد والكم كالماء بالنسبة الى الهواء

والمدخل الرابع : وهو العدد الصغير مظهر التراب لكونه أقل رتبة وأقل عددا بالنسبة الى غيره

والمدخل الخامس : هو المتحصل من الكل والحاوي للكل بمنزلة الطبيعة الخامسة : الطبيعة الواحدة الحاصلة من ضم الطبايع الأربع هذا على قاعدة المشهور من جعل الأول النار والثاني الهواء والثالث والرابع على الترتيب باختلاف أنظارهم من نظر البروج أو العناصر

الا أن لي هنا مسلكا آخر وهو ملاحظة البطون والظهور في ترتيب الطبايع

فالعدد الصغير : حينئذ هو طبع النار لأنه الأصل الباقي بعد اسقاط الاضافات والوجه الباقي هو النار لا غير وقد أقمنا عليه براهين قطعية في ساير رسائلنا وأجوبتنا للمسائل

والعدد الوسيط الحقيقي : هو مظهر الهواء لأنه أبطن من غيره لأنه كان باطن العدد الذي كان باطن الحروف

والعدد الوسيط المجموعي : هو مظهر الماء لأنه كان أقرب الى البساطة والوحدة من الكبير بل فيه سر القاعدة وباقي العمل كله يجري على هذا العدد كما سيظهر لك ان شاء الله وهو الماء الذي به كل شيء حي لأنه سر الأشياء كلها والعدد الكبير هو مظهر التراب لمكان الكثرة المستلزمة للسواد المقتضية للبرودة واليبوسة التي هي طبع الموت وهنا وجوه أخر تركتها خوفا للتطويل

وبالجملة فالوجوه كلها تصلح ولما كان الشيء لا يتم الا بمزج هذه الطبايع ولا تكمل الا بقران بعضها ببعض وجب مزج هذه لكن التركيب الالهي الأولي يقتضي أن يكون مع المزج لا يخرج كل منها عن صرافة تأثيره ومكانه فالحرارة عالية متقدمة وهي رأس الانسان والهواء بعدها وهو صدر الانسان والماء بعده هو المعدة والبطن في الانسان والتراب متصل بسنخه وهو ماتحت العورتين الى أسفل الرجلين

فاقتضى أن يكون الترتيب الحرفي في الطبايع على هذا النسق سيما اذا أردت أن تجعلها مرآة لجذب الصور المكتوبة من اللوح المحفوظ فلا بد من مراعة المناسبة في التركيب الالهي والنفس الرحماني سيما في هذا المقام الذي هو ظهور الولاية المطلقة ومقام اعطاء كل ذي حق حقه وان جرت عادتهم في بعض القواعد بالمزج التام الا أن هذا سر ذاك فافهم

ولذا رتب الحروف على النسق المقرر بالبينات والزبر وقال : ب ا ي ا ق ا ف ب ا ك ا ف ج ي م ي ا د ا ل د ك ولم يأت في الأصل الخامس بالزبر والبينات لكونه محصل تلك وسره لوصله ولئلا يزيد على عدد بسم الله الرحمن الرحيم الذي هو ولي الله في التدوين مع ملاحظة الألفات الثلاث المحتجبة في بسم والله والرحمن التي هي الاسم الأعظم وانما خص هذا العدد الخاص أعني الاثنين والعشرين لأنه مثنى أحد عشر الذي هو سر الهوية فان هو أحد عشر فاذا ثني بظهوره وتطوره في العالم في مقام فأحببت أن أعرف تم الاثنان والعشرون

ولما كان الولاية مقام التدبير والتعلق والربوبية اذ مربوب كان في الرتبة الثانية فوجب أن يظهر بهذا العدد المبارك فان الرتبة المتنزلة هو علي لأن الأحد عشر في رتبة التترل مائة وعشرة وهو عدد علي عليه السلام وهو قوله تعالى : وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم وهو العلي العظيم وهو العلي الكبير وهو العلي الحكيم وأمثالها

ولذا جرى حكم التقدير بحكم اللطيف الخبير أن يجري عدد مراتب ولي الله على مثنى عدد هو ولما لم يظهر الجواب من هذه الحروف وبقي في مقام الاحتجاب كان أقرب المناسبات اليها النظاير التي يحناج اليها وهي سبعة نظاير : أيقغ وأبجد وأهطم وأحست وأفسح وأبهش وأبتث وهي مشروحة في كتب القوم وها أنا أشير الى نظاير أبجد كما هي المقصود في هذا المقام دون الباقية حذرا من التطويل وهي : أ ب ج د ه وز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ وما ذكره من النظاير يطابق على هذا الترتيب

قال سلمه الله تعالى نقلا ما ترجمته : وهذه الحروف أي نظاير المستحضرة كل حرفين منها يطلبان حرفين من الحروف على ماهو المذكور في صفايح الجفر وهي بمنزلة الصفحة والبيت للجفر الجامع وبمنزلة الجزو والسطر للنظاير نسبة الجزو والسطر وبهما وبالجمع يتم حروف كل بيت وكيفية وقوعها في البيوت هكذا :

البيت الأول : ع ع س ح

الثاني : خ س س س

الثالث : ه ح س س

الرابع : ج ظ ع ظ

الخامس : س خ ذ ب

السادس : س ح ج ض

السابع : ف غ خ غ

الثامن : ظ ر خ ض

التاسع : س ف ص ظ

العاشر : س ع ض و

الحادي عشر : ص ر ذ س

أقول : لما لم ينطق الجواب الصواب من النظاير نظروا الى مناسباتها وملائماتها من الحروف لاستجماع جميع ظهور المتممات والمكملات الكونية والوجودية واظهار مستجنات البواطن والأسرار الكونية الحقيقية كاستخراج اللطيفة الاكسيرية من أنحاء التعفينات والتقطيرات الأصلية لأن كلمة الوجود تجري على أسلوب واحد ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة

فاذا فهمت هذه الدقيقة فاعلم أن كل مناسب يميل الى مناسبه وكل مناسب يطلب مناسبه وان كل من المناسبين أقوى من الآخر مثلا الحروف النارية تطلب الهوائية وبالعكس والمائية تطلب الترابية وبالعكس وقد يقال أيضا : النارية تطلب الترابية لما بينهما من المناسبة في الرطوبة ولذا ترى أهل الحروف في دواير الطبايع يجعلون التراب مقدما على الهواء وتاليا للنار ويجعلون الماء تاليا للهواء على ترتيب البروج فالأول هو الناري كالحمل والثاني الترابي كالثور والثالث هو الهوائي كالجوزاء والرابع هو المائي كالسرطان وهكذا

وهذه الحروف هي التي تطلب بعضها بعضا وكالحروف المتواخية أيضا في الصورة كالباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء : ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز وهكذا وكالمتواخية في المرتبة كالميم والدال وهكذا ساير المناسبات يظهر لك من تتبع كتب أهل هذا الفن ولا يسعني الآن ذكر جميع الأمثال والعاقل تكفيه الاشارة

ومن المناسبات والملائمات بل أعظمها وأقواها الحروف المتوافقة المتلائمة في بيوت الجفر الجامع فكل أربعة أحرف في تلك البيوت بينها تحاب وتصادق وتوافق وكل واحد وكل واحد منها يطلب الآخر وقد يتوافقان في الصورة الا أن كلا من الصورتين لها جهة غير الأخرى كالحرارة الموجودة في الكرسي والموجودة في الشمس والموجودة في النار الكرة الأثيرية والموجودة في الهواء فان الحرارة وان كانت في الصورة متحدة الا أنها تختلف وتتعدد ومع الاختلاف والتعدد كل واحد منها يطلب الآخر والمائل الى جهة الآخر وكاتحاد صورة ضرب الفعل الماضي و الضرب المصدر وان اتحدتا الا أن الثاني شعاع الأول وعلى مزاجه وطبيعته فاذا كان كذلك فاذا وجدت حرفين متماثلين أو أحرف متماثلة في البيوت الجفرية مثل : ا ا ا ا ع ع ع ع س س ك ك فكل منها لها حكم غير حكم الآخر وطبيعته وساير أحكامه وأوضاعه ولما كانت المناسبة الحاصلة للحروف التي في كل بيت من البيوت أقوى المناسبات وأعلاها وأعظمها لو حظت في الحروف المطلوبة الحروف المقترنة بحروف هذه النظاير حروفها اثنين وعشرين وجبت ملاحظة الحرفين أيضا من الحروف المطلوبة لتمام الاثنين والعشرين اذ الحكمة – كما ذكرنا – لا تقتضي أن تكون عدد بسايط حروف ولي الله عند استخراج المطلوبة والمراد منه الذي هو : علي أمير المؤمنين أبو تراب عليه السلام انقص من الاثنين والعشرين لما ذكرنا من السر المعمى والرمز المنمنم – كما سبق

ولما كان الولي سر الهوية ومظهر الألوهية وصاحب الأزلية وجب أن يكون البيوتات والصفحات الملتقطة منها هذه الحروف العاليات أحد عشر صفحة وأحد عشر بيتا واذا أردت التقاط تلك الحروف العاليات أحد عشر صفحة وأحد عشر بيتا واذا أردت التقاط تلك الحروف وثانيها وثالثها ورابعها لا من جهة الرتبة مبتديا من الواحد الى الثمانية والعشرين والرابع الى البيت لأن الأصل في وضع الجفر كما روي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مع علي عليه السلام على جبل فاران اذ أتاه جبريل عليه السلام ومعه بقرة صفراء بكر تسمى بالجفر فذبحها علي عليه السلام بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلخ جلدها فلما انسلخ كان مدبوغا ثم جزأه بثمانية وعشرين جزءا وكل جزء بثمانية وعشرين ورقة وكل ورقة بصفحتين يمنى ويسرى وكل صفحة بثمانية وعشرين سطرا وكل سطر بثمانية وعشرين بيتا وكل بيت مشتمل على أربعة أحرف فالبيت الأول من السطر الأول من الجزء الأول : ا ا ا ا والبيت الثاني كذلك : ا ا ا ب وهكذا فقس البواقي ورتب على ترتيب حروف النظيرة وان كان على خلاف ترتيب الصفحات الجفرية الا أن الآخر أول بالنسبة الى هذا النظم من الترتيب ويعرف ذلك من وضع بيوت الرمل ويطول الكلام بذكر تلك الكيفيات والأحوال ألا ترى أنا نقول – كما استنبطنا من الأخبار بل هو صريح بعض الروايات : أن الباء في بسم الله الرحمن الرحيم اشارة الى العقل والسين اشارة النفس مع أن في الترتيب الأولي الحرفي غير ذلك بل الباء اشارة الى النفس والألف اشارة الى العقل فافهم ذلك راشدا موفقا ان شاء الله تعالى

وفي هذا الترتيب غلط فاحش يظهر فيما بعد عند بيان التقاط المستحصلة من المستحضرة لأن اذا عملنا بما هو المكتوب لم ينطق الجواب وانما ينطق على الترتيب المذكور في المستحصلة وهذا الالتقاط سهل جدا لمن عنده صفحات الجفر بتمامها أو للمقتدر المتسلط على رسم البيوت والدواير الجفرية على النهج الذي ذكرنا هذا هو المعروف عند أهل هذا الفن

وأما سر خصوصيات وقوع هذه الحروف المخصوصة في هذه المطلوبات زاختصاص كل حرف بما اختص في تلك الصفحة مع أنها ليست من الحروف المطلوبة لها على القواعد المقررة عندهم والمتحققة لديهم فأمر أبى الله الا كتمانه واخفائه في الصدور ولا يمكن ابرازه في السطور الا اني أجبت – لمقام السائل عندي واشفاقي ومحبتي – أن أظهر له بعض تلك الخفايا أن أورد بعضها له هناك الا أن لاغتشاش قلبي واضطربات لبي وكوني على جناح السفر ما يمكنني أن أؤدي ما أريد كما أريد لكنك أعلم أن كل شيء مربع لقوله تعالى : ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون وتلك الأربعة هي الأربعة المتناسبة فكل شيء له مناسبة خاصة ومرابطة حقيقية بأربعة لا تتم كينونته وخصوصية ذاته ووجوده الا به

فاذن كل أربعة أحرف بينها توافق تام وتناسب حقيقي بها تمام شرح كينونته وسر حقيقته ولذا وجب أن يكون بيوت الجفر مربعة لتمام التأليف والتمكين لهيئة التشريف وقد يعتبر وجه الملائمة بطور آخر في المربعات وهو ملاحظة يمين الحرف ويساره وفوقه وتحته مثلا أ لها يمين وهو حرف غ ويسار وهو ب وفوق وهو ي وتحت وهو ق فترسم الألف على هذه الصورة :

ي ك ل

غ أ ب وترسم الباء هكذا : أ ب ج وترسم الجيم هكذا : ب ج د

ق ر ش

وهكذا بواقي الحروف وترتيب المربعات الحرفية والعددية وعلى هذا القياس جميع السلسلة الوجودية الكونية وعلى هذا بنيت بيوت الرمل وصارت ستة عشر التي جذر الأربعة وبيوت أيضا بنيت على هذا النظم وأما اقتضاء العين العين العين في البيت الأول فاشارة الى كلمة كن فانها في البدو الأول يطلب تلك الكلمة في الرتبة الثانية في القران الأول واستنطاق تلك الكلمة ع والأخرى أيضا ع والثانية فرع لأولولى مثل ضرب الفعل الماضي والضرب المصدر فكلمة المشي ظهرت في الأثر وهو كلمة أيضا تأكيد له وهو معنى قول النحاة : ان المصدر تأكيد للفعل وهو المفعول المطلق فافهم

وأما اقتضاء السين الحاء فان شكل السين المثلث والحاء شكل المربع والمثلث يطلب المربع لأنهما أول شكل برزا في الوجود فكان قد ظهر بذلك الاقتران الاثني عشر وهو هيئة المبدأ الأول وقد جرت عليه كلمة التوحيد والسين هو علي عليه السلام لأنها تكرير اللام وهي اسم علي عليه السلام لما تقرر عندي عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له جعلت فداك الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية عم يتساءلون عن النبأ العظيم قال : ذلك الي ان شئت أخبرهم وان شئت لم أخبرهم ثم قال : لكني أخبرك بتفسيرها قلت : عم يتسائلون ؟ قال : فقال : هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول :مالله عز وجل آية هي أكبر مني ولا لله من نبأ أعظم مني وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي عليه السلام ومااختلف في الله ولا في وانما الاختلاف فيك وانما الاختلاف فيك يا علي من أصل الاسم في الوسط أي الحرف الأوسط ولذا وردت الأخبار : أن السين هو علي عليه السلام وهو اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنها تكرير الدال وهو أيضا من وسط اسمه صلى الله عليه وآله وسلم مع الميم ولذا وردت الأخبار أن حم اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومحمد وعلي عليهما السلام هما الذين يطلب كل واحد منهما الآخر والكلام في أسرار هذه الحروف كثير وعظيم والاشارة كافية لأهل الدراية

ولو أن لي مجالا لأسمعتك من غرايب الكلام ماتحار فيه العقول والأحلام واختصاص الطالب بالحرف الأكثر والمطلوب بالحرف الأقل لسر : علمته علمي وعلمني علمه فافهم

وأما اقتضاء السين للاشارة الى سر المرتبة فان الخاء في رتبة المئات هو السين في رتبة العشرات كطلب الهواء النار

وأما اقتضاء السين السين كما ذكرنا في العين وهو اشارة الى وصايا الحسن عليه السلام لسر ذكره لا يناسب المقام ومختصر الاشارة أن السين هو علي عليه السلام لكنه حين طوافه حول جلال العظمة فظهر باللام حين طوافه حول جلال القدرة ولما كان أولهم الحسن عليه السلام ظهر بالسين لكونه تكرير اللام فعلي عليه السلام السين في مقامه الأول ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم في مقامه الثاني فافهم واغتنم

وأما اقتضاء الهاء الخاء واو في الآحاد والواو من مقتضيات الهاء لاستنطاق هو ومن مطلوباتها وشرح هذه الجملة مفصل في شرح الخطبة الطتنجية وتفسير آية الكرسي وانما اقتضى الخاء لأن المقام مقام الكثرة ولانبساط والتفصيل فكلما تزيد القوى كان أدخل في المطلوبية الواقعية مع تحقق المناسبة الوجودية وذلك معلوم ان شاء الله تعالى

وأما اقتضاء السين السين في البيت الثالث فلأن السين في الرتبة الثالثة هو الحسين عليه السلام كما أن السين في البيت الثاني الحسن عليه السلام وفي البيت الأول أمير المؤمنين عليه السلام والحسين عليه السلام ثالث غصن من شجرة الولاية فاقتضى سين الحسن سين الحسين وقد بينا وجه اقتضاء الحسن والحسين السين في أجوبة المسائل العاملية فليطلب من هناك وهذه البيوت ظهورات ولي الله اللفظي الكاشف عن الولي المعنوي : المعنى في اللفظ كالروح في الجسد فافهم

وأما اقتضاء الجيم الظاء فلأن الجيم مبدأ الأشكال وأول ما ظهر من القدير المتعال وأول ظهور هذا الشكل المعبر عنه بالجذر التسعة فالجيم يطلب الطاء ولما أن المقام مقام الكثرة اقتضى الظاء الذي هو في رتبة المئات طاء في رتبة الآحاد ولذا اشترك معه في الصورة وامتاز عنه بنقطة الفقر والسواد الذي هو عالم الكثرة ولأن الجيم هو الأول والظاء هو الآخر في رتبة الطبايع فإن الجيم مرتبة في الهواء أو في الماء والظاء خامسة في أحدهما والمراتب سبعة وحروفها معروفة مشهورة وقد فصلناها في أجوبة المسائل الكاظمية عليه السلام

وأما اقتضاء العين الظاء في البيت الرابع فلأن العين في البيت الرابع هو كلمة القضاء اللازم له الامضاء : مقام التفصيل والظهور مشروح العلل مبين الأسباب ولما كان متعلق كلمة المشية الشكل المثلث في كل عالم اقتضى العين الظاء في المقام الرابع اشارة الى هذه الدقيقة اللطيفة فإن الظاء مجذور اللام واللام مطلوب العين والكثرة اقتضت الظاء دون اللام فافهم فكم من خبايا في زوايا

وأما اقتضاء السين الخاء فلما ذكرنا من طلب المجانس للمجانس فان السين هو الخاء في رتبة العشرات والخاء هو السين في رتبة المئات وقد تقدم طلب الخاء السين في مبدأ البيت الثاني وهنا انعكست القضية للطريقة المرضية

وأما اقتضاء الذال الباء فلأن الذال خامسة في النار والباء مرتبة في التراب أو الهواء وكل واحد منهما يطلب الآخر وانما اختص الذال من الحروف النارية والباء من الترابية أو الهوائية لسر التعديل وبيان شرحه وكيفيته مع اختلاف الكيفيات لا يسعني الآن

وأما اقتضاء السين الخاء في البيت السادس فلما ذكرنا ولما في البيت السادس من المناسبة مع هذا الاقتضاء وتكرر السين وطلبه للخاء لأن السين أشرف الحروف وأحسنها لمساواة زبره مع بيناته ولأنه أقرب الحروف المناسبة للولي كما هو المراد والمقصود في هذا المقام

وأما اقتضاء الجيم الضاد فلسر التأليف فن المثلث لا يظهر ولا يوجد الا بالمربع فالمثلث دائما للظهور يطلب المربع وبيان هذا الطلب والاقتضاء على التفصيل يطلب في شرحنا على الخطبة والمثلث هو الجيم والمربع هو الحاء المتكرر من الدال والضاد في المئات هو الحاء في الآحاء ولأن الجيم مع الحاء هو تمام بيوت الولاية أي الأحد عشر لأن الأولية والآخرية إنما حصلتا وظهرتا بالولاية فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وهو أحد عشر هكذا خاطبت الشمس مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حين سلمت عليه فافهم

وأما اقتضاء الفاء الغين فلأن الفاء ميمان وكل ميم تمام ميقات موسى في ظهور البادي : أحرف التوراة التي فيها تفصيل كل شيء وتمام الكون بعالمين : عالم الغيب وعالم الشهادة وهما منشأ الكثرات وظهور لوازم الانيات والحجب والسرادقات من النورانية والظلمانية وأعظم الحروف دلالة على الكثرة أو التفصيل الغين فاختاره وطلبه

وأما اقتضاء الخاء الغين فلأن الخاء من حروف عالم الكثرة والتفصيل لأنه بازاء السين وهو بازاء السين وهو بازاء الواو وهو من حروف الكثرة كالهاء للوحدة فطلبت الخاء حرفا من حروف الكثرة ولم يكن في الحروف أكثر قوة من الغين فطلبه فافهم إن شاء الله تعالى

وأما اقتضاء الظاء للراء فلأن الظاء خامسة في الهواء والراء ثالثة في الماء لما بينهما من المناسبة في اليبوسة من المناسبة في اليبوسة واختلاف الرتبة في الطبيعة لسر التعديل

وأما اقتضاء الخاء للضاد فلأن الخاء رابعة في الماء والضاد خامسة في التراب والماء يطلب التراب والتعديل اقتضى الاختلاف في الرتبة

وأما اقتضاء السين الواو فلما ذكرنا : أن السين في العشرات والواو في الآحاد فمال ذو الرتبة السفلى الى ذي الرتبة العليا وطلب السافل العالي ولأن السين ثانية في الماء والواو درجة في الهواء يطلب الماء الهواء لما ذكرنا

وأما اقتضاء الصاد الظاء فلأن الصاد في العشرات والظاء في المئات ولأن الصاد ثالثة في الهواء والظاء خامسة في الماء كما ذكرنا والاختلاف لما ذكرنا

وأما اقتضاء السين العين فلأن كلا منهما من حروف الثانية من حروف الميزان الا أن السين مائي والعين ترابي وبينهما ميل وأحدهما يطلب الآخر ولأن السين في الباطن هو محل العين كما قالوا : نحن محال مشيئة الله

وأما اقتضاء الضاد الواو فلأنهما هوائيان الا أن الواو في مقام الدرجة والضاد في الخامسة فيقوى ضعف الخامسة بقوة الدرجة وكل جنس يطلب ويميل الى مماثلة

وأما اقتضاء الصاد الراء فلأن الصاد بحر تحت العرش يجري فينزل على جبل القاف والقاف اذا كرر في العالمين : عالم الاجمال والتفصيل عالم الغيب والشهادة يستنطق الراء فالصاد لكمال الظهور يطلب الراء

وأما اقتضاء الذال للسين فلأن الذال خامسة النار وهي طبع الذكر والسين ميزان الماء طبع الأنثى والذكر يطلب الأنثى وهذا الذي ذكرنا لك هو وجه من وجوه المناسبات الكثيرة التي للحروف وما طوينا أكثر خوفا من أشباه العلماء وهذه الوجوه والأسرار لا توجد عند أهل الحروف ولا يلاحظون عن معرفة هذه المناسبات لكنها جرت من الفيض الأقدس على هذا الترتيب والاقتضاء في بيوت الجفر فمن وفق لادراك السر فاز بالنصيب الأعلى من الرقيب والمعلى ومن لم يوفق لذلك أجرى الكلام على النهج المرتب ويستنطق الجواب ان شاء الله على نهج الصدق والصواب والله الموفق في كل باب

ومن هذا البيان يظهر لك الأغلاط التي ذكرناها في البيوت على حسب المسطور في نسخة السائل وفقه الله تعالى وسدده ولقد كتبت على ما في النسخة وأشرت الى الغلط فإذا دققت النظر وأمعنت الفكر وجدت الأمر كما ذكرت لك والله الموفق للصواب وعليه التوكل في المبدأ والمآب

قال سلمه الله تعالى نقلا ما ترجمته : فاذا حصلنا البيوت الأحد عشر من صفايح الجفر الجامع التي هي نظيرة المستحصلة لهذا العمل فنعمد في تحصيل حروف المستحصلة من هذه البيوت بأخذ الثاني والرابع من كل بيت فكانت هذه الحروف :

ع ح س س خ س ظ ظ خ ب خ ض غ غ ر ض و ظ ع و ر س

أقول : اذا أردت تحصيل هذه البيوت

فللبيت الأول اعمد الى البيت الثامن من السطر الخامس عشر من الورقة السادسة عشرة من الجزء السادس عشر

وللثاني الى البيت الخامس عشر من السطر الخمس عشر من الورقة الخامسة عشرة من الجزء الرابع والعشرين

وللثالث الى البيت الخامس عشر من السطر الخامس عشر من الورقة الثامن من الجزء الخامس

وللرابع الى البيت السابع والعشرين من السطر السادس عشر من الورقة السابعة والعشرين من الجزء الثالث وهكذا الى آخر البيوت وكذلك ساير الأسماء

مثلا : اذا أردت أن تلتقط اسم محمد وجعفر من بيوت الجفر تعمد للأول الى البيت الرابع من السطر الثالث عشر من الورقة الثامنة من الجزء الثالث عشر وللثاني الى البيت والعشرين من السطر السابع عشر من الورقة السادسة عشرة من الجزء الثالث واذا أردت استخراج هذه الحروف من تلك البيوت وعندك الحروف المستحضرة فاجعل كل حرفين من الذي عندك الأول والثالث أي منزلة الجزء والسطر فاذا حصلت الجزء والسطر فاعمد الى الحروف المقترنة بهما من حروف الصفحة والبيت وتمم البيوت وخذ النظاير واعمل الصدر والمؤخر فان نطق الجواب فهو والا فلاحظ الحروف الأخر حتى ينطق الجواب ولابد من أن ينطق إن شاء الله تعالى وإن كان الناظر عارفا بأسرار الحروف وأخذ نظايرها والترديد حتى ينطق الجواب الصواب

وقوله : نظيرة المستحصة الظاهر أنه غلط لأن ما ذكر هو نظيرة المستحضرة والمستحصلة هي الحروف الاثنين والعشرين المأخوذة من البيوت من الثاني والثالث أي الحروف التي بمنزلة الصفحة والبيت والحروف ظاهرة وهي المستحصلة من تلك البيوت

قال سلمه الله تعالى ما ترجمته : ومن هذه الحروف لما طلبوا النظاير وعملوا الصدر والمؤخر مرة واحدة ظهرت الكنية واللقب والاسم ونظاير المستحصلة هذه : ب ت ا ا ي ا م م ب ع ي ل ن ن ول ر م ب ر وا ولما عملوا الصدر والمؤخر ظهرت هذه العبارة : أبو تراب أمير المؤمنين علي

أقول : لما كان أصل الحروف المستحصلة : ع ح س س خ س ظ ظ خ ب خ ض غ غ ر ض ظ ع ور س كانت نظايرها : ب ت ا ا ي ا م م ي ع ي ل ن ن ول ر م ب ر وا فاذا جعلت الصدر والمؤخر مبتدئا من الآخر وهو الألف ثم الأول ب وهكذا تأخذ حرفا من الآخر وحرفا من الأول فيكون المحصل من الصدر والمؤخر هكذا : ا ب وت ر ا ب م ي ر ر ا ل م وم ن ي ن ع ل ي فظهر مما ذكرنا أن ب قبل ع وبعد م غلط وانما موضعه ي لأنه ظيرة خ وذلك ظاهر معلوم والباقي واضح صحيح لا شك فيه و ب نظيرة ع و ت نظيرة ح ولا ينطق الجواب بهما الا بما ذكرنا فاغتنم راشدا موفقا

قال سلمه الله تعالى نقلا ما ترجمته : ومن نفس هذه الحروف يركب ستة أسماء من الأسماء الحسنى : تواب باري أمين مؤمن علي آلر

أقول : هذا آخر كلامه وصورة تلك الأسماء المباركة هكذا : ب ا ري ت وا ب ا م ي ن م وم ن ع ل ي ي ا ل ر وهو تمام الاثنين والعشرين حرفا وهذه الأسماء الستة هي ظهورات الولي في العوالم الستة وهي مقامات الواو التي هي الأمر بين الكاف والنون قد ظهر بها الولي بأطواره وأوطاره فالباري في عالم العقول والتواب في عالم النفوس والأمين في عالم الطبيعة ولذا كان جبرائيل الموكل بعالم الطبيعة روح الأمين والمؤمن في عالم المثال والعلي من عالم الأجسام من حيث اشتماله للعوالم كلها ولذا كان عليا لا من حيث هو جسم وآلر جامع للعوالم والشؤون والأطوار كلها فالألف إشارة الى سر المبدأ واللام الى المنتهى والراء الى جهة الجامعة الشاملة للمراتب كلها فهو عليه السلام الاسم الباري في مقام الابتداع والتواب في مقام : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما والأمين في مقام الأبواب وكونه خزانة لجميع العلل والأسباب والمؤمن في مقام : إنما أنا بشر مثلكم وعلي في المقامات كلها آلر فالألف شرح مبدأيته واللام اثبات كونه محلا للمشية والراء تقرير وتأكيد لبشريته في عالم الدنيا والرجعة أو عالم الدنيا والآخرة

فليكن هذا آخر ما أردنا ايراده في هذه العجالة مع توفر الملال واختلال الأحوال وأنا يعلم الله معتذر بهذه الحالة لبسط المقال وتحقيق المحال بما يستجن في الخاطكر والبال وعلى الله التوكل في المبدأ والمآل وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

*******************

قد فرغ من تسويدها منشئها حامدا مصليا مسلما مستغفرا

المصادر
المحتوى