
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الاكرمين وصحبه الانجبين
اما بعد فان العبد الفاني والاسير الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي يقول ممتثلا للامر مع قصور الباع وعدم الاطلاع قال صاحب كتاب الملل والنحل العالم النحرير والفاضل الخبير محمد الشهرستاني:
المقدمة الخامسة : في السبب الذي اوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب
وفيها اشارة الى مناهج الحساب و لما كان مبني الحساب على الحصر والاختصار وكان غرضي من تاليف هذا الكتاب حصر المذاهب مع الاختصار اخترت طريق الاستيفاء ترتيبا وقدرت اغراضي على مناهجه تقسيما وتبويبا واردت ان ابين كيفية طرق هذا العلم وكمية اقسامه لئلا يظن بي حيث انا فقيه ومتكلم اجنبي النظر في مسائله ومراسمه اعجمي العلم بمداركه ومعالمه فآثرت مع طرق الحساب احكمها واحسنها واقمت عليه من حجج البراهين اوضحها وامتنها وقدرتها على علم العدد وكأن الواضع الاول منه استمد المدد
اقول لما كانت الفطرة الانسانية والجبلة البشرية مقتضية بالكينونة للبصيرة واليقين والرسوخ والتمكين في كل شيء خصوصا في امر الدين لان به يصل الشخص الى اعلى مقامات القرب والوصال واسنى درجات الوحدة والاتصال ويدخل في لجة بحر الاحدية ويسبح في طمطام يم الوحدانية وجب في مقام الطلب والسلوك ان لا يقف على الظن والتخمين ولا يسكن ( لا يسكن في خل ) مقام التزلزل والتلوين ويترقى عن مقام الوهم والشك الى مقام اليقين ثم يترقى شيئا فشيئا عن علم اليقين وعين اليقين الى مرتبة حق اليقين فان الشكوك والظنون لواقح الفتن ومكدرة لصفو ( لصفوة خل ) المنايح والمنن ولما كان مبني العقايد الحقة وان كان على الدلائل القطعية والقياسات العقلية من غير توقف على نقل ناقل وقول قايل لاستلزامه التقليد المحظور في شرع اصحاب الحقيقة الا ان الاطلاع على الاقوال المختلفة والآراء المتشتتة والمذاهب المتفاوتة والاحاطة بها ورد الباطل واحقاق الحق منها مما يزيد تبصرة واطمينانا ورسوخا وتمكينا فيما هو عليه من القول الفصل والمذهب الجزل فيكون فيه كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف ولما كانت المذاهب متشتتة والآراء مختلفة متكثرة والاقوال متجددة متفاوتة لا تكاد تنضبط فشمر هذا الفاضل الجليل والعالم النبيل عن ساق الجد وجمع تلك المذاهب والآراء تسهيلا للامر وتحصيلا لهذه الغاية القصوى والدرجة الاسنى وطلبا لزيادة البصيرة واتماما للحجة ولما كانت تلك المذاهب كثيرة والآراء غير عديدة والاقوال متباينة ومع تباينها كادت تكون غير متناهية احتاج الى ترتيب جامع وتبويب نافع يحصر المذاهب ويرشد الطالب الراغب ولا يشذ عنه الطالب من غير تطويل ممل ولا اختصار مخل ولما كان علم الحساب انما وضع لامثال هذه الابواب وكان الاوفق لهذه الطريقة والاولى والانسب لتحصيل هذه الحقيقة طريق الاستيفاء وكان علمه وان كان عند اهل الدفتر وحساب الديوان معروفا مشهورا لكن عند غالب الناظرين الى هذا الكتاب من المتكلمين والحكماء من الطبيعيين والاشراقيين والالهيين وغيرهم مخفي مستور ولهذا ( لذا خل ) ترى الحكماء في علم الهندسة والرياضي قد ذكروا علم الحساب وطرقه واطواره واستخراجاته واصوله وفروعه ولم يذكروا هذه الطريقة في غالب كتبهم في هذا الباب لعدم احتياجهم كثيرا اليه نعم اهل الدفتر والديوان ضبطوا هذا الحساب وبنوا عليه حساب الخرج والجمع والاخذ والعطاء وضبط ساير ما يحتاج ضبطه لامر المملكة رتب المصنف كتابه على هذه الطريقة وهي لما كانت مخفية على اغلب الناس اراد ذكر قواعدها ومناهجها وبيان مسالكها وضوابطها وبراهينها وحججها ليدل على غزارة علمه وسعة باعه ويسهل تناول كل قسم من ابوابه بلا كلفة ولا مشقة ولذا ( لهذا خل ) وضع هذه المقدمة التي هي خاتم المقدمات لبيان السبب لهذا الترتيب وطريقه وبرهانه فقال :
المقدمة الخامسة : في السبب الذي اوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب وفيها اشارة الى مناهج الحساب
وقد ذكر في هذه المقدمة امرين احدهما السبب الموجب لترتيب ( ترتيب خل ) هذا الكتاب ( الكتاب على طريق الكتاب خل ) على طريق الحساب وثانيهما طريقة الحساب الذي بني عليه الكتاب وبيانها وشرحها بالاجمال وهنا امر ثالث يحتاج الى البيان وهو السبب الاصلي لوضع هذا الكتاب وقد ذكرنا آنفا ما يدل على الوجه الثالث وان المقصود زيادة البصيرة والرسوخ في المعرفة بعد ( بهذا خل ) الاطلاع على المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة ويكون آلة للولي الكامل الذي يجب وجوده كفاية لحفظ الدين ولئلا يستولي اوهام الكفار وشبهات المنافقين على المسلمين لان العارف الكامل والولي المطلق في مقام القطبية الجزئية لا بد وان يكون عالما بجميع العلوم وهذه المذاهب و( المذاهب من خل ) الآراء حتى يحتج على كل طايفة بما هم عليه من الطريقة فان ذلك اقطع للحجة وادحض للاباطيل واقرب لقطع شبه اهل الضلال والتضليل فلو اتاهم بخلاف ما هم عليه لما عرفوا ولا نكروا ولم يصدقوا وكذبوا وقالوا ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين والحساب في هذا الباب اشارة الى حساب اهل الاستيفاء لا مطلق الحساب فان المصنف ما رتب كتابه الا عليه والحُسّاب هم اهل الاستيفاء واصحاب الدفتر والديوان الذين يضبطون كميات التوجيه والتاريخ وساير ما يتعلق بضبط امر الملك
ثم اشار المصنف الى الامر الاول بقوله : لما كان مبني الحساب على الحصر والاختصار
والحساب في الاصطلاح علم يستعلم منه استخراج المجهولات العددية من معلومات مخصوصة وهذا وان كان ايضا مبناه على الحصر والاختصار اما الاول فلانه وضع للتحديد والتشخيص وتعين المعدودات واستخراج المجهولات وتعدادها ( بتعدادها خل ) بتعيين حال من الحالات بالاعداد المعلومة والعدود ( الحدود خل ) المرسومة واما الثاني فلانه يكتفي بارقام جزئية عن كلمات كثيرة ولكنه ليس هو المراد هنا بالمراد ( بل المراد خل ) بالحساب وضع اهل الاستيفاء فانه اقرب الى الحصر والاختصار من غيره لا سيما من الحساب المصطلح لانه لا يتجاوز عن السبعة بخلاف غيره وهو مدات معلومة بتقاسيم مضبوطة بخلاف الحساب المصطلح كما يأتي تفصيله انشاء الله تعالى
ثم شرع في بيان الامر الثاني وقال : واردت ان ابين كيفية طرق العلم وكمية طرق اقسامه الى ان قال فآثرت من طرق الحساب احكمها واحسنها
وهو علم الاستيفاء وهو علم يضبط به كليات الاصول الحسابية التي هي صدر الحساب ومنها المحقق والمطموس وجزئيات من ذلك المحقق والمطموس مبوبا ومفصلا لسهولة المأخذ ويسر الاطلاع وهو اضبط العلوم الحسابية واحكمها في حصر المعدودات ورد الجزئيات الى الكليات واستنباط الحدود والمشخصات وتنويع الاجناس وتصنيف الانواع وتشخيص الاصناف وجعل كل فرد مع كليه ( كلية خل ) وسهولة الاخذ في المعدودات الكثيرة وهذه الطريقة احكم من غيرها فيما ذكرنا واما ( ذكرنا ما خل ) في باقي الاحوال من الضرب والجذر واستخراج المجهولات من المعلومات ومعرفة النتايج والقرانات والنسب وساير الاضافات والحساب المصطلح المتداول بين العلماء الرياضيين هو الاضبط والاحكم والاتقن والاقرب ولذا قد اولوه ويطول الكلام بذكر هذه الاولوية ولسنا بصدده
ولما ان الناظرين في هذه الطريقة والمتكلمين في هذا العلم اقتصروا على ذكر محض القواعد ولم يتعرضوا لدليلها ولم يوضحوا سبيلها ولم يبينوا مأخذها ولم يصرحوا باصلها ومنشاها والمصنف ادعى انه وصلوا ( وصل خل ) الى تلك الادلة بوجوه متعددة واطوار مختلفة وحيث ان ذكر المجموع ( ان ذكره خل ) يؤدي الى التطويل ويخرجه عما هو عليه من تعداد المذاهب والآراء على وجه الاختصار اقتصر على ذكر احكم الادلة واتقنها واوضحها وامتنها وقال واقمت عليه من حجج البراهين اوضحها وامتنها واشار الى منشأ هذا العلم واصله وقال وقدرتها على علم العدد
والتقدير هو وضع الحدود والجهات والاوضاع اي حددت تلك البراهين او القواعد على مقتضى علم العدد وقواعده ومراتبه لان العدد روح اغلب العلوم الهندسية فاذا ظهر في شكل التثليث والتربيع والتخميس وغيرها فهو علم الاوفاق واذا ظهر في الحروف والاشكال الحرفية فهو علم البسط والتكسير ومنه الجفر وان كان في بعض الاحوال لها شرايط اخر وعلم السيميا وغيرها واذا ظهر في النقاط باعتبار ظهورها في الاربعة الاصول والستة عشر الفروع فهو علم الرمل واذا ظهر في الارقام المخصوصة للجمع والتفريق والتقسيم والضرب والجذر والكعب واستخراج المجهولات وساير النسب والاضافات فهو علم الحساب واذا ظهر بالمدات على الاوضاع المخصوصة فهو علم الاستيفاء ومدات هذا العلم ومراتبها على طبق مراتب العدد من الواحد الى السبعة حرفا بحرف فيما يقتضي الوحدة والكسرة ( الكثرة خل ) والقسمة وعدمها كما سيأتي فالعدد لكونه السر الناشى عن الوحدة الحاكية للوحدة الالهية ووحدة الواحدية ووحدة الاسمائية والصفاتية والكثرات الناشية عن تلك الوحدة هو الاصل والسر في جميع الاطوار الوجودية اذ لا موجود الا ( الا وخل ) سري العدد في باطنه وخافيه فهو ( نحو خل ) سر الاسرار ونور الانوار وغيب باطن وسر كامن يظهر بمظاهره وحدوده فكل حد ظهر على مقتضاه هو اشرف العلوم واقربها الى المبدء ويشتمل على خواص عجيبة وتاثيرات غريبة وكلما خفى فيه ذلك الاقتضاء ضعفت خواصه واسراره وقوله قدرتها ان كان المراد بها الضمير البراهين يصح الكلام اذ لعل مراده قدرتها اي رتبت تلك البراهين وقدرتها وحددتها على قواعد علم العدد واما اذا كان المشار اليه نفس القواعد فلا يصح لان المصنف ماقدرها وما رتبها ( مارتبها وانما رتبها خل ) الواضع الاول على الوضع المخصوص
ولما ذكر ان البراهين وحجج هذا العلم مرتبة مقدرة على علم العدد ومطابقة له طبق الظاهر والباطن والصورة للمعنى اراد ان يبين ان هذه ليست نكاتا بعد الوقوع واستحسانات سمحت بها القريحة الوقادة عند النظر بعد وضعها كما قيل في البراهين المذكورة للقواعد النحوية وساير العلوم النقلية الفرعية بل انما هي امور اولية ابتدائية صارت علة لوضع الواضع الاول ( الاول وخل ) علل حقيقية لهذا ( بهذا خل ) الترتيب الخاص ولما لم يكن قاطعا بالامر وجازما للحكم اتى بكأن وقال الواضع الاول منه استمد ( استمداد خل ) المدد
والواضع الاول لهذا العلم الشريف هو مولانا امير المؤمنين عليّ بن ابيطالب عليه الصلوة والسلام وضعه لضبط اموال المسلمين لما كثرت ثم انتشر الى الكتاب وارباب الدفاتر لاحتياجهم اليه والحفظ عندهم بخلاف غيرهم ونذكر ( غيرهم وقد ذكر خل ) ما هو القاطع الجازم في المقام من دون الاتيان بلفظ كأن
قال المصنف : فاقول مراتب الحساب تبتدي من واحد وتنتهي الى سبع
اقول اخذ في تفصيل بيان الامر الثاني وهو كيفية هذا العلم وهذا الحساب حتى يكون الناظر ( الناظرين خل ) في ترتيب كتابه على بصيرة ويعرف الدقايق التي لاحظها فقال مراتب الحساب واللام للعهد اي حساب الاستيفاء لا مطلق الحساب فان مراتبه اربعة وكل مرتبة عشرة واما هذا الحساب فمراتبه يبتدي من واحد وينتهي الى سبع وانما اختيرت السبعة لانها اول عدد تركب من اول الفرد واول البرزخ ( الزوج خل ) فان الواحد الحقيقي من جميع الجهات كما يأتي انشاء الله تعالى ليس من العدد بل لا يوجد في الامكان وانما مبدئه الثلثة وهي مبدء الفرد ويأتي ( باقي خل ) الافراد كلها يتفرع عنها وينتهي اليها والاربعة هي مبدء الزوج والازواج كلها متفرعة عنها منتهية اليها والعدد الجامع للمبدءين لا بد وان يكون كاملا مطلقا لان المعدودات والاشياء اما فرد واما زوج وكمالات الفروع كلها مجتمعة في الاصل على الوجه الاكمل فكمالات الافراد كلها تنتهي ( ينتهي خل ) الى الثلثة والازواج كلها تنتهي الى الاربعة فهما مجمع الكمالين والواقف على الطتنجين والاصل في العالمين والجامع لهما هو الاصل الذي يدور عليه الوجود واما الواحد فثلثة واما الاثنان فاربعة كما نفصله فيما بعد انشاء الله تعالى عند بيان المصنف فحيث ان السبعة اشرف الاعداد من حيث الجامعية والكمال ظهرت في المبادي الاولية في الكتابين التكويني والتدويني فكانت السموات والارضون سبعة والمشاعر سبعة والايام سبعة والسيارات سبعة وفاتحة الكتاب سبعة وغيرها من الاصول ولما كان علم الاستيفاء ايضا من العلوم التامة الكاملة قد وضعه الحكيم الحاذق العالم بكمية الاشياء وكيفيتها وظاهرها وباطنها ولوازمها ومتمماتها ومكملاتها وشرايطها وعللها واسبابها ومراتبها وكلما لها ومنها وعليها وفيها وعندها وعنها وبها لضبط الحساب من الجمع والتفريق في التاريخ والتوجيه رتبه على النظم الطبيعي الاولى الساري في مبادي الاصول ليكون المعنى على طبق اللفظ والباطن على نسق الظاهر فجعل عليه السلام لضبط المعدودات اصولا سبعة وهي مدات كل مدة حاكية لاصل من الاصول ولما كانت الاشياء كلما قرب الى المبدء لطف ورق في كل شيء بحسبه وظهر فيه سر السريان لرقته وذوبانه وكلما بعد كثف وغلظ كذلك وانعقد وجمد فكل قريب مطلق على حسب قربه وعام ذو سريان وكل بعيد مقيد كذلك منجمد منعقد متشخص ولذا كان جنس الاجناس اعم من كل شيء وكلما ( ولما كان خل ) بعده اخص حتى ينتهي الى الشخص وفيه ايضا عموم الى ان ينتهي في التشخص ( الشخص خل ) بما لا تشخص بعده فاذا لاحظت العام المطلق الاعم مع الخاص المطلق الاخص تجدها وما بينهما سبعة مقامات مختلفة في الاطلاق والتقييد الى آخر المقامات وكل مرتبة اصل وكل اصل بازائه مدة مسماة باسم خاص وها نحن الآن نشرح هذه المراتب السبع على وجه الاجمال لتكون على بصيرة ثم نفصلها عند كلام المصنف فنقول اعم الاجناس في المحسوس الجسم المطلق وهو بمنزلة الواحد عند اهل الحساب واخص منه برتبة واعم ماسواه الجسم النامي وهو بمنزلة الاثنين فان الجسم ينقسم اولا الى نام وغير نام ( تام وغير تام خل ) ولا ثالث واخص منه الجسم المتحرك بالارادة وهو بمنزلة الثلثة لان الجسم ينقسم الى غير نام ونام ( غير تام وتام خل ) وحساس ولا رابع واخص منه الناطق وهو بمنزلة الاربعة واخص منه ( منه وخل ) تقييده بضم عرض عام اليه وهو العلم مثلا وهو بمنزلة الخمسة واخص منه الفقيه ( الفقه خل ) مثلا وهو بمنزلة الستة واخص منه زيد الفقيه وهو بمنزلة ( بمنزلة السبعة خل ) وهو كمال التشخص والتقييد وهذه السبعة هي التي قلنا آنفا انها مرتبة بالاطلاق والتقييد ( التقيد خل ) وقد وضع الواضع الاول لهذا العلم اي الاستيفاء على هذا الترتيب الطبيعي وهو سبع مدات متخالفات بالكلية والجزئية والاطلاق والتقييد ( التقيد خل ) فاول الاجناس العالية صدر ( صدور خل ) الحساب وهو اعلى الخطوط والمدات وهي تمتد من الطرف الى الطرف وهو الاصل الاول الذي تنتهي ( ينتهي خل ) اليه جميع المراتب وهو بمنزلة الواحد في العدد وهو واحد ( الواحد خل ) لا اخت له تساويه والمدة الثانية اقصر ( احقر خل ) من الاولى وهي المسماة في عرفهم منها الاصل وهو اول التقسيم والقسمة هنا ثنائية لان الحساب اما تاريخ او توجيه يعني ( يغني خل ) لما يعطي وهو الاول او لما يؤخذ وهو الثاني وهذه المدة بمنزلة الاثنين كالجسم النامي المقسم للجسم المطلق قسمين والمدة الثالثة اقصر من الثانية وهي المسماة في عرفهم من ذلك الاصل وفيه بيان اقسام الاعطاء والاخذ هل هو مستمري ام اتفاقي ام حقوق وذلك بمنزلة الثلثة والمدة الرابعة اقصر مما ( فيما خل ) سبق وهي المسماة عندهم منها المطموس وفيه بيان اقسام كل واحد من الثلثة واقل تقاسيمه اربعة فما فوق مثل هذا المستمري من الواجب او الوظايف او الزكوة او الخمس او غيرها وذلك بمنزلة الاربعة والمدة الخامسة اقصر من المطموس وهي المسماة في عرفهم من ذلك المركب يعين اصناف ( اقسام خل ) كل قسم من اقسام الفرق والمدة الثالثة اقصر من سابقتها وهي المسماة عندهم منها المعوج يعين الفئة من الصنف واقسامها وهي بمنزلة الستة والمدة السابعة تمتد من الطرف الى الطرف في مقابلة الاولى صدر الحساب فالدفتر واحد وهو لاصل ( اصل خل ) الحساب وله شطران شطر التاريخ وشطر التوجيه ولكل شطر دواوين اقلها اثنان وثلثة الى اربعة وهي الابواب ولكل باب فصول غير معينة ولكل فصل اجزاء ولكل جزء افراد وكل فرد لشخص خاص ففرد زيد الفقيه مثلا من جزء الفقهاء من فصل العلماء من باب ارباب الوظايف من ديوان المستمريات من شطر التاريخ من دفتر الحساب وهكذا العمرو وبكر حتى يتغير الجزء او الفصل او الباب او الديوان او الشطر والدفتر دايم ابدا فمناط هذا العلم على هذه السبعة على هذا التفصيل ويكتب تحت كل مدة حشو وبارز على ما يأتي تفصيله هذا مجمل القول فيما لزم ذكره في هذا المرام ليكون الطالب على بصيرة ثم نفصل ما يقتضيه تحت كل كلام من كلمات المصنف ثم اخذ في ذكر تفاصيل تلك السبعة المذكورة بالاجمال وقال :
المرتبة الاولى : صدر الحساب وهو الموضوع الاول الذي يرد عليه التقسيم الاول وهو فرد لا زوج له باعتبار وجملة تقبل التقسيم والتفصيل باعتبار فمن حيث انه فرد فهو لا يستدعي اختا تساويه في الصورة والمدة ومن حيث هو جملة قابل للتفصيل حيث ينقسم الى قسمين وصورة المدة تجب ان تكون من الطرف الى الطرف ويكتب تحتها حشو مجملات التفاصيل ومرسلات التقدير والتقرير والنقل والتحويل وكليات وجوه المجموع وحكايات الالحاق والموضوع ويكتب تحتها بارز من الطرف الايسر كميات مبالغة المجموع
اقول لما كانت المدة الاولى تجب ان تكون اعم الاجناس ولما كان في مقام الاستيفاء ليس اعم من صدر الحساب شيء لانه جنس لجميع ما يتعلق به الحساب فوضعت المدة الاولى له وتسمى بصدر الحساب وفي بعض الدفاتر يصرحون بصدر الحساب وفي بعضها يكتفون بالمدة المطلقة في الجميع فكل مدة في كل مقام تسمي باسم ذلك المقام وتجري عليها احكامه وان لم يصرح ( لم يعرج خل ) باسمه وهذا حكم جميع المدات فصدر ( بصدر خل ) الحساب جنس الاجناس والموضوع الذي ( التي خل ) يرد عليه جميع التقاسيم فنقول الحساب اما تاريخ او توجيه كالواحد اما فرد واما زوج فهو من حيث عمومه وذوبانه وسريانه في جميع التقاسيم والافراد الحسابية واحد لا ثاني له كما تقول العالم واحد اي ما سوى الله الصادق على كل ممكن وهو بهذا المعنى واحد لا ثاني له ولا يساويه شيء لان كل ما عداه جزئياته وافراده ومصاديقه وليس امرا مساويا له في المرتبة ومباينا معه في الخصوصية ليكون ثانيا له وكما تقول الانسان بالنسبة الى افراده واحد لا ثاني له وكذلك صدر الحساب واحد لا ثاني له في مقام الحساب اذ كلما سواه افراده وظهوراته ومتعلقاته فهو من حيث هو واحد فلا يكون له اخ يساويه فيجب ان يكون مدته اطول المدات لبيان استطالته واحاطته وشموله وانبساطه على الجميع فلا تكون جهة من الحساب الا وهي تحته فلا تصح ان تكون مدة تساويها ولذا قال هو فرد لا زوج له باعتبار ولما كان الامر الواحد اذا كان له في نفسه شمول وانبساط واطلاق يجري في مظاهره وحدوده ويتحصص في الظهور بضم القيود المتخالفة والحدود المتباينة اليه كان تقبل القسمة لانها عبارة عن ضم القيود المتخالفة بالمقسم ليحصل بضم كل قيد قسم فمن حيث انه فرد لا زوج له يكون جملة تقبل التقسيم لاستلزام الامكان الكثرة وما لا كثرة له بوجه هو الله سبحانه وآيته وظهوره ثم فصل هذا المعنى بعبارة اخرى وقال فمن حيث انه فرد فهو لا يستدعي اختا تساويه في الصورة والمدة ومن حيث هو جملة قابل للتقسيم والتفصيل حيث ينقسم الى قسمين فنقول جمع وخرج او تاريخ وتوجيه او غير ذلك من الثنائيات المحصورة ولما كان اول الكثرات اثنين كانت القسمة الاولى اثنين وللعلة التي ذكرنا ( ذكرناها خل ) وشرحناها قال وصورة المدة يجب ان يكون من الطرف الى الطرف اعلم ان المستوفي اذا اراد تدوين حساب معين على النظم الطبيعي يجب ان يأخذ فردا من البياض ويجعل له هامشتين متساويتين يمينا وشمالا ثم يقسم المتن بعشر تقاسيم ويعلم ( تعليم خل ) على طول الفرد بما يؤثر فيه ( فيه من خل ) غير لون خطوطا متوازية فتصير الخطوط مع الهامشتين اثني عشر فيكتب صدر الحساب من الخط الاول الى الثاني عشر مدة واحدة فلما ذكر المصنف المدة اراد بيان ما يثبت تحتها ويكتب عندها مما يليق بمقامه فقال ويكتب تحتها حشوا ( حشوا من خل ) مجملات التفاصيل ومرسلات التقدير والتقرير والنقل والتحويل وكليات وجوه المجموع وحكايات الالحاق والموضوع المراد بالحشو ما يكتب تحت المدة وتحتشي به وهكذا كلما يكتب تحت كل مدة تسمى حشوا لاحتشاء تلك المدة بذلك المكتوب بالارقام الموضوعة اللايقة المناسبة لتلك المدة فيكتب في حشو المدة الاولى مجملات التفاصيل اي ( او خل ) مجمل الامور التي تفصل في ذلك الفرد من ذلك الدفتر ومرسلات التقدير اي مهملاتها ارسله اي اهمله والحديث مرسل اي مهمل التصريح باسم ذلك الرجل كان يقول بعض اصحابنا او عن رجل من غير تعيين ( تعين خل ) وتشخيص والارسال في هذا المقام كناية عن الابهام والاجمال لا الاهمال الذي هو ضد الحكمة والتقدير والتقرير هما المقدرات والمقررات اي الذي تقرر وتعين وتشخص لاربابه واصحابه من اهل الوظايف وغيرهم والنقل والتحويل في الحساب معلومان وكليات وجوه الجمع هو ما ذكره من مجملات التفاصيل فيذكر المجموع اولا في صدر الحساب ثم يفصل ويقدر كيف يشاء وكليات الالحاق هو ما يحكي الملحق اولا في صدر الحساب فان الموضوع مثلا هو النقود والحساب واقع عليه والدفتر له الا انه لحق به جنس آخر فيذكر ههنا والموضوع قد ذكر سابقا انه محل القسمة ومورد الحساب وهذه الامور هي التي تكتب حشو المدة الاولى التي هي صدر الحساب ولما كان كل حشو تحته بارزا اشار المصنف اليه بقوله ويكتب تحتها بارز من الطرف الايسر كميات مبالغة المجموع ( اما خل ) الحشو فانه يكتب تحت المدة برقوم موضوعة لضبط ( بضبط خل ) الحساب من كليات ما يذكر في الذيل تفاصيله ( يفصله خل ) واما البارز فيكتب بارزا تحت الحشو كما كان الحشو يكتب تحت المدة وانما سمي بارزا لكونه ظاهرا يقرئه الفريقان اي اصحاب الاصطلاح وغيرهم وانما يكتب بارزا للصون عن الخلل والدس والتحريف والحك ويكون اضبط للحساب وابعد عن تطرق الخلل والفساد والزيادة والنقصان فان الرقوم كثيرا ما يقع فيها الاشتباه بخلاف ما اذا كان الرقوم الاصطلاحية مع البارز فيبعد عن التغيير والتحريف وغير ذلك ولما كان البارز استنطاق الحشو وتاكيده يقتضي ان يكون تحت الحشو وفي الطرف الايسر منه لان التاكيد شانه التبعية والتابع في الجانب الايسر الذي هو الاضعف والادنى
قال : المرتبة الثانية منها الاصل وشكلها محقق وهو التقسيم الاول الذي ورد على المجموع الاول وهو زوج ليس بفرد ويجب حصره في قسمين لا يعدوان ثالثا وصورة المدة تجب ان تكون اقصر من الصدر بقليل اذ الجزء اقل من الكل ويكتب تحتها حشوا تساويها في المدة وان لم يجب ان تساويها في المقدار
اقول المرتبة الثانية تسمى منها الاصل فان من للتبعيض واول ما يتبعض الجمل المصدرية ( الصدرية خل ) في الحساب هذا التقسيم والتبعيض وشكلها محقق اي على هيئة الخط المتعارف بان يكون مفتوح الميم والهاء غير معوجة ولا مغيرة لانه اول اصل برز من المبدء فحكي ظهوره ولم يغيره تكثرات النزول والادبار فهو باق على ما هو عليه من الظهور الاصلي وعدم النقصان وعدم التغيير ( التغير خل ) فهو محقق ثابت على ما كان عليه من النور والظهور وهو التقسيم الاول الذي ورد على المجموع لانه اول مقام التفصيل واول ظهور الالف من النقطة الاصلية الاولية وتقسيم القطب في الظهور على طرفي المحور وهو اول تفصيل ذلك الاجمال الذي في صدر الحساب ولما كان مبدء القسمة واول الكثرة كان زوجا ليس بفرد ويجب ( بفرد يجب خل ) حصره في قسمين لانه بمنزلة الاثنين كما سيأتي وصورة المدة تجب ان ( صورة المدة الثانية خل ) تكون اقصر من الصدر بقليل اذ الجزء اقل من الكل فيكون ( الكل في خل ) الامتداد من الخط الثاني الى الخط الحادي عشر وانما ( ولك خل ) ذلك اذا اردت ان يكون لكل قسم منه له فرد خاص فيكتب القسم ( تقسيم خل ) الخاص في مدة واحدة كما ذكرنا وهو المتعارف عندهم لانهم يجعلون فرد التاريخ غير فرد التوجيه وان اردت جمعها في فرد فلك ذلك ولكن تجعل المدة اختين متقابلتين ( مقابلتين خل ) فالمدة الاولى من الثاني الى الخامس والمدة الثانية من الخامس الى الحادي عشر ويكتب ( تكتب خل ) تحتها حشوا تساويها في المدة ان كانت مدة واحدة والا فمدتان تحتها ولا يجب ان تساوي ( يساوي خل ) الحشو منها الاصل في المقدار لانه يكتب تحته مجمل ما في الشطر لا ( لما خل ) مطلق ما اخذ واعطى بخلاف الحشو في صدر الحساب فانه مجمل جميع الحساب وانما ذلك اذا جعل الدفتر شطرين والا يجب ان يساويها ( يجب ان يكون مساويا لها خل ) في المقدار ايضا وسنكتب صورتها فيما بعد انشاء الله تعالى
قال : المرتبة الثالثة : من ذلك الاصل وشكله ايضا محقق وهو التقسيم الثاني الذي ورد على الموضوع الاول والثاني وذلك لا يجوز ان ينقص من قسمين ولا يجوز ان يزيد على اربعة اقسام ومن جاوز من اهل الصنعة فقد اخطأ وما علم وضع الحساب وسنذكر السبب وصورة مدته اقصر من مدة منها الاصل بقليل وكذلك يكتب تحتها ما يليق بها حشوا وبارزا
اقول المرتبة الثالثة من المراتب السبع التي بني ( يبني خل ) عليها علم الاستيفاء تسمى ( يسمى خل ) من ذلك الاصل اي ما يكتب في هذه الرتبة ( المرتبة خل ) بعض الاصل الاول واجزائه وشكله ايضا محقق اي مفتوح الميم منفصلة الكلمة الاولى من الثانية بعين ما ذكرنا في منها ( هنا خل ) الاصل لقربه عن المبدء الاول المقتضى لعدم التغيير ( التغير خل ) وانما يبقي هذه المرتبة عن ذلك الاصل لبيان ان هذه المدة اجزاء للاصل الاول بخلاف المدة الثانية فانها هي الاصل في مقام التقسيم ( مقام التفصيل التقسيم خل ) والثالثة تفصيل هذا الاصل واجزائه وانما عدل في الاشارة اليه عن هذا الى ذلك وقيل من ذلك دون من هذا البيان استقلال هذا الاصل وانه وان كان جزءا لكنه اصل آخر يتفرع عليه اصل آخر وهو المرتبة الرابعة وهذا الاصل لا يجوز ان يكون او ( يكون اقل خل ) من قسمين للزوم حصول التقسيم ولا ان يكون اكثر من اربعة لان الرتبة الثالثة في الاعداد عندهم اربعة والواحد ليس من العدد ومن جهة مطابقة الروح العددي مع الجسد المدي ( مع الحساب الذي خل ) يجب ان لا يتجاوز هذه المدة عن ( من خل ) الاربعة في التقسيم ويكتب مدتها واحدة اذا جعلت لكل قسم فردا على حدة والا تكتب مدات بحسب القسمين ( القسمة خل ) تحت اقسام منها الاصل ويكتب تحتها الحشو والبارز بحسب ما يكون من الحساب ومدتها اقصر وهي يكون مبدءها من الخط الثالث الى الخط العاشر وحشوه حشو جميع ما في الدفتر ولا يجب ان يطابق ما في الفرد كما كان حشو ( حشوا خل ) منها الاصل جميع ما في الشطر وان كان مخالفا لما في الفرد وكذلك حشو صدر الحساب فانه موافق لتمام الدفتر فتدبر
قال : المرتبة الرابعة : منها المطموس وشكلها هكذا منها وذلك يجوز ان يجاوز الاربعة واحسن الطرق ان يقتصر على الاقل ومدتها اقصر مما مضى
اقول المرتبة الرابعة تسمى منها المطموس اي من جملة اجزاء من ذلك الاصل هذا الاصل المطموس اي يكتب منها مطموسا اي بعين غير مفتوحة كالهاء لبيان الفرق وان الادبار والبعد كلما كثر خفيت الظهورات الاولية فانطمست في هذا المقام آثار العين المعبر عنها بكلمة كن والهاء التي هي ميادين التوحيد فوجود العين والهاء دليل تحققهما وصدور الآثار عنهما وانطماسهما ( دليل تحققها وصدور الآثار عنها وانطماسها خل ) دليل خفاء امرهما بكثرة الغواشي والحجب والاستار حتى لا يكادان يوجدان وهذه المرتبة لتقسيم ( ينقسم خل ) من ذلك الاصل ومدلوله ابعاض الاصل الثالث وفي هذه المرتبة اقل اقسامه اربعة وربما تزيد لحصول الكثرة ومدتها واحدة ان كان يجعل لكل باب فردا والا فيكتب مدات متعددة تحت كل قسم من اقسام الفوق ويبدء لهذه المدة من الخط الرابع الى التاسع ويكتب حشوها تحتها مساويا لها والبارز تحته من طرف اليسار
وليعلم ان النسخة التي عندي من كتاب الملل والنحل قد سقط منها بيان المرتبة الخامسة وهي المدة التي تسمى في عرفهم من ذلك المطموس اي من ابعاض جملة منها المطموس نسبتها اليها نسبة من ذلك الاصل الى منها الاصل وانما يطمس للفرق ولحصول الكثرة الطامسة لانوار القدس الظاهرة بفتح الميم التي هي تمام ميقات موسى فافهم وهو يعين صنف المطموس ولما كان في مقام التكرار لا ينتهي الى حد فيجوز في اقسام من ذلك المطموس اي قسمة كانت باي حد يكون فتكتب مدته من ( في خل ) الخط الخامس الى الخط الثامن وتكتب مدة واحدة اذا جعل لكل فصل فرد والا فبعدد الفصول والتقسيمات
قال : المرتبة السادسة المعوج وشكله هكذا
وذلك ايضا يجوز الى حيث ينتهي التفصيل
اقول المرتبة السادسة من المراتب السبع تسمى منها المعوج وهي تقسيم من ذلك المطموس وتفصيل اجزائه وشكله المعوج للتميز والفرق وللبعد عن ( من خل ) المبدء الاول وكثرة الوسايط وحصول الاختلاف فخفي فيها ذلك النور الازهر الحاصل للقابلية فظهر بحسب القابلية البعيدة وهي مقام الستة ظهور الماهيات والحدود الستة وتلاحق الكثرة والاختلاف فيجوز فيها باي حد كان ومدتها اقصر من ذلك المطموس فتمتد من الخط السادس الى الخط السابع فيكتب ( ويكتب خل ) تحتها حشوا تساويها وبارزا من الطرف الايسر ومدتها واحدة ان كان لكل جزء فرد والا فبعد ( فبعدد خل ) الاجزاء وانما لم يذكر المصنف في هذه المراتب الاخيرة ما ذكرنا من الاحكام اتكالا على القانون الثابت الذي اشار اليه في المرتبة الاولى والثانية
قال : والمرتبة السابعة : من ذلك المعقد وشكله هكذا
ولكنه يمد من الطرف الى الطرف لا على انه اخت صدر الحساب بل من حيث انها النهاية التي تشاكل البداية فهذه كيفية صورة الحساب نقشا وكمية ابوابها جملة ولكل قسم من الابواب اخت تقابله وزوج يساويه في المدة ولا يجوز اغفال ذلك بحال والحساب تاريخ وتوجيه
اقول والمرتبة السابعة وبها ( عنها خل ) تمام مراتب كليات علم الاستيفاء من ذلك المعقد وصورته مغيرة معقدة لا يعرفها كل احد لما ذكرنا لزيادة التنزل ولحوق الكثرة والبعد عن ( من خل ) المبدء حتى خفيت الصورة الاصلية وما انحفطت الى ان صارت معقدة يحتاج ( تحتاج خل ) الى من يحلها بصافي كماله ولطيف سره وهذه المدة نهاية الاصول وعندها التفصيل وليس ورائها اصل آخر لعدم عموم وشمول وانبساط بعدها ليكون مؤسس اصل آخر ينقسم الى تقسيمات وصورتها تمتد من الطرف الى الطرف لا لانه اخت صدر الحساب بل لانه محل التقاسيم الكثيرة وذكر الاحوال والاوضاع العديدة فلا بد لها من سعة تسع لك التفاصيل ولذا تمد من الطرف الى الطرف وقول المصنف انها النهاية التي تشاكل البداية لا ينطبق على مذاق العارفين الكاملين لان النهاية التي تشاكل البداية هي التي تحكيها وتكون صفتها وحكايتها في العالم الادنى او يكون ظهور البداية في هذه النهاية ونهاية ( نهاية البداية خل ) نفس البداية واما هذه النهاية فليست نهاية البداية وانما هي نهاية الكثرات وتراكم الحدود والانيات ونسبتها الى صدر الحساب نسبة الجسم الى العقل الكلي واين الجسم من العقل في المشابهة فان العقل مقام الوحدة والجسم مقام الكثرة والعقل مقام التجرد والجسم مقام المادية والعقل مقام الرقة والجسم مقام الغلظة والعقل مقام السريان والذوبان والجسم مقام الانجماد والانعقاد وبالجملة فالبداية مقام الوحدة باعتراف المصنف ولذا قال انه فرد لا زوج وليس له اخت تساويه ومن ذلك المعقد مقام الكثرة واي مشابهة للكثرة ( لكثرة خل ) مع الوحدة والعالي مع الداني وقوله ولكل قسم من هذه الابواب اخت تقابله وزوج يساويه ليس على اطلاقه وعمومه بيانه ان الحساب تاريخ وتوجيه وبعبارة اخري جمع وخرج كما اشار اليه بقوله الحساب تاريخ وتوجيه لانه اما لما يعطي او لما يؤخذ والعطاء يسمي اوارجة وهي كلمة عجمية عربت ( اعربت خل ) لانها في الاصل اوارة وهي المتفرقة وسمي ديوان العطاء بالاوارجة لانه ديوان يضبط فيه ( فيه حساب خل ) ما فرق عند ارباب التحاويل والتحاصيل ثم صاغت العرب منها التاريخ بمعني التفريق والاخذ وسمي ديوان الاخذ بالتوجيه وذلك لانه يوجه الى كل واحد حوالات تؤخذ منه وكل واحد شطر من مهام الدفتر المصدر بالحساب فصدر الحساب واحد لا اخت له لان التاريخ والتوجيه كلاهما من اقسامه واما باقي الاصول الستة من مدة منها الاصل الى من ذلك المعقد يجري في كل من التاريخ والتوجيه وهما متساويان فكل مدة تقابلها مدة اخري وتساويها ( تساويا خل ) الا الاصل الاول اللهم الا ان يقال ان مراد المصنف من قوله ولكل قسم هو الاقسام الحاصلة من الصدر الاول وهو المقسم وهذه
اقسامه وح يسقط الاعتراض وصورة المدات السبعة هكذا 
وينبغي ان يكتب تحت كل حشو وبارز ما قررنا من الاجمال والتفصيل مما يقتضيه المقام وهذا الذي ذكرنا هو صورة القاعدة ودستور العمل والا فحين العمل والكتابة والحساب ربما لا يكتبون ( لا يكون خل ) هذه الاسماء ومرادنا بهذه المدات على هذه الصورة للتعليم والتعلم والافادة والاستفادة واما في وقت الحساب يكتبون مرادات هذه الابواب ومقاصدها في الحساب على حسب اقتضاء المقام فصورة العمل مثلا في
الحساب هكذا 
فاذا عرفت نوع هذا العلم وقانونه وانما قلنا نوع هذا العلم لان لهم تصرفات في جزئيات كتابة المدات والتقسيمات بحيث لو تصدينا لشرحها وبيانها لطال الكلام ومقصودنا حل العبارة بما تتضمنه من الاشارة فاعلم ان المصنف رتب كتابه على هذه الطريقة فجعل كتابه مثل فرد دفتر واحد وجعل المذاهب بمنزلة صدر الحساب لانها العالم الكلي في هذا الباب الجامع النحل والملل والآراء والاقوال وساير الاختلافات ولا يشذ منها شيء كالواحد في الاعداد وكالجسم في المحسوسات فهي المدة الاولى الاعلى التي لا اخت لها تساويها وفرد لا زوج له ثم ذكر بعدها منها الاصل وهو اول التقسيمات الواقعة على الموضع ( الموضوع خل ) الاول اي المذاهب وهو اثنان ارباب الديانات وارباب الاهواء وذكر تحت كل واحد منها من ذلك الاصل وهو كما ذكرنا اقله ثلثة فكتب تحت ارباب الديانات المسلمين واهل الكتاب ومن له شبه كتاب وتحت ارباب الاهواء المعطلة والمحصلة والصائبة ثم ذكر تحت كل واحد من هذه الست من ذلك الاصل اقساما تزيد على الاربعة وذكر تحت كل قسم منها المطموس اقساما صدرها بمنذلك المركب وكتب اقسام كل قسم من منذلك المركب تحته وصدرها بمنها ( عنها خل ) المعوج وكتب تحت اقسامه وصدر كل قسم بمنذلك وكتب تحت كل قسم من هذه الاقسام حشو مجملات الاحوال وكلياتها وبارز تفاصيلها وهو وان لم يصدر بمنها الاصل المحقق ومنها المطموس ومنها المعوج ومن ذلك المحقق والمطموس والمعقد بل اقتصر على منها ومن ذلك الا ان العارف البصير بالقواعد التي ذكرها يعرف ( يصرف خل ) منها ومن ذلك في كل مقام بما يقتضي ذلك المقام ولم يكرر صدر الحساب ومنها الاصل وساير الابواب على رأس كل شخص من المذاهب كما هو عادة كتاب الحساب لان الكتاب كله فرد واحد وهذه صورة ما اخترعه المصنف
من نظم الكتاب في الجملة 
واذا ( لذا خل ) تتبعت كتابه كله موضوعا على هذا القانون فراجع تجده ظاهرا ان شاء الله تعالى
قال : والآن نذكر كلية هذه الصور وانحصار الاقسام في السبع ولم صار الصدر الاول فردا لا زوج له في الصورة ولم انحصرت من ذلك الاصل في اربعة ولم خرجت الاقسام الاخرى عن الحصر
اقول لما ذكر المراتب السبع وشرح بعض احوالها وبين ترتيب الكتاب عليها اراد بيان ما وعده سابقا من الاستدلال عليها واقامة البرهان كما نبه عليه بقوله سابقا واقمت عليه من حجج البراهين اوضحها وامتنها فقال :
قال : فاقول : ان العقلاء الذين تكلموا في علم العدد والحساب اختلفوا في الواحد اهو من العدد ام هو مبدء العدد وليس داخلا في العدد وهذا الاختلاف انما نشأ من اشتراك لفظ واحد فالواحد يطلق ويراد به ما يتركب منه العدد فان الاثنين لا معنى له الا واحد مكرر واول مكرر وكذلك الثلثة والاربعة ويطلق ويراد به ما يحصل منه العدد اي علته ولا يدخل في العدد وقد تلازم الواحدية جميع الاعداد لا على ان العدد تركب منها بل كل موجود فهو جنسه او نوعه او شخصه واحد يقال انسان واحد وشخص واحد وفي العدد كذلك فان الثلثة ثلثة واحدة فالوحدة بالمعنى الاول داخلة في العدد وبالمعنى الثاني علة للعدد وبالمعنى الثالث ملازمة للعدد
اقول لما اراد ان يبين سر انحصار المدات في السبعة وان الصدر الاول فرد لا زوج له وان منها الاصل ينقسم الى اثنين وذلك يتم ببيان ان مبدء الفرد ثلثة ومبدء الزوج اربعة وان الواحد ليس من العدد وان السبعة منتهي الدور الاول لانها مجتمعة من المبدئين اخذ اولا في بيان الاختلاف في ان الواحد من العدد وقال ان العقلاء الذين تكلموا في علم العدد اختلفوا في الواحد اهو من العدد ام هو مبدء العدد وليس داخلا في العدد وهذا الخلاف بينهم قائم من اول الامر وقد نقل الخلاف في ذلك فيثاغورس الحكيم الذي كان في زمان النبي سليمان (ع) وقد اخذ الحكمة من معدن النبوة ونقل ايضا في المتاخر مولينا وسيدنا محمد الباقر (ع) في قوله في تفسير قل هو الله احد الى ان قال (ع) ومن ثم قالوا ان بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد لان العدد لا يقع على الواحد وانما يقع على الاثنين وانا الآن اخبرك بشيء معلوم عندك ضروري عند كل اهل النظر يتفرع عليه معرفة هذه المسالة بالضرورة ان شاء الله تعالى وهو ان المعلوم عند كل احد ( واحد خل ) من العقلاء ان الواحد في الحقيقة من جميع الجهات هو الله سبحانه القديم الازل وهو احدي المعنى لا تفرض فيه جهة الكثرة بحال من الاحوال وهو سبحانه هو الذي ليس فيه جهة وجهة وحيث وحيث وما سوى الله تعالى هو الامكان وهو من شانه الكثرة والاختلاف فلا يمكن ان يكون في الامكان شيء واحد بسيط غير متكثر بجميع الجهات والاعتبارات فالامكان شأنه الكثرة والقديم شأنه الوحدة من جميع الجهات فلا يمكن فرض الوحدة المطلقة في الامكان بحال من الاحوال ومن هذه الجهة ( الجهات خل ) قسمت الوحدة الى اقسام الوحدة الحقية وهي وحدة الله سبحانه من كل الجهات بلا كيف ولا اشارة ولا جهة ولا حيث ولا فرض والوحدة الحقيقية وهي وحدة الفعل الاختراع والابتداع وهو خلق ساكن لا يدرك بالسكون وفيها كثرة اعتبارية وهي المسماة عند العارفين المحققين بالاعيان الثابتة ومبدء الاسماء والصفات في مقام التجلي والظهور والبروز والوحدة الانبساطية الاطلاقية وهي وحدة الوجود المقيد اي المطلق الساري في حقايق الانيات ( الكاينات خل ) وذرات الموجودات سريان المطلق في المقيدات وسريان الذايب في المنعقدات والمنجمدات وفيها كثرة صلاحية ( صلوحية خل ) لعروض الحدود والماهيات والوحدة النوعية وهي كالجنسية بمراتبها من الجنس العالي الى الجنس السافل وفيها كثرة تركيبية وجودية وكثرة ذكرية بالنسبة الى افرادها العامة والوحدة النوعية وهي كالجنسية الا انها اخص واكثر قيودا ففيها كثرة صلوحية وامور وجودية والوحدة الشخصية وفيها كثرة التركيبية ( تركيبية خل ) وجودية ووحدة اضافية والوحدة العددية وفيها ايضا كثرة ذكرية الا ترى ان الصوفية لما اثبتوا الاعيان الثابتة في الازل مثلوا لها بالواحد فان فيه ذكر جميع الاعداد صلوحا قبل وجود الاعداد وكونا بعده فان الواحد هو نصف الاثنين وثلث الثلثة وربع الاربعة ( اربعة خل ) وخمس الخمسة وسدس الستة وسبع السبعة وثمن الثمانية وتسع التسعة وعشر العشرة وجزء من احدعشر جزء جزء ومن اثني عشر جزء وهكذا الى مائة الف جزء الى ما لا نهاية له وكلها مذكورة في الواحد الذي قبل الاثنين ومع هذه الكثرات كيف يكون واحدا حقيا ( حقيقيا خل ) فالوحدة الحقية مختصة بالقدم ولا وجود لها في الامكان ابدا بوجه من الوجوه وحال من الاحوال الا ان الممكن بكثرته يراعى فيه حال الغالب كما يقال ان فلانا صفراوي اي الغالب عليه ذلك وان كان فيه سوداء ودم وبلغم وكذا اذا قيل ان هذا واحد اي الغالب عليه جهة الوحدة والا فالكثرة موجودة متحققة ( محققة خل ) فاذا فهمت وايقنت ما تلونا عليك فاعلم ان الذي يقول ان الواحدة ( الواحد خل ) ليس من الاعداد فان كان يريد بالواحد هو الذات القديمة جلت عظمتها فحق لا شك فيه ولا ريب يعتريه لان تلك وحدة لا يقارنها اثنان ولا ثلثة ولا غيرهما وان كان يريد بالواحد هو الذي يقابله اثنان فذلك لا شك انه من الاعداد لوجود المقابلة وتحقق الكثرة لما ذكرنا ان الواحد الصرف لا يوجد في الامكان ولا ريب ان هذه الوحدة يقابلها اثنان والمجموع من سنخ واحد ( واحد وخل ) في صقع واحد وان كان يريد بالواحد هو الذي تركب الاعداد منه فيكون نسبته الى الاعداد كنسبة الاجزاء الى المركب كما اشار اليه المصنف بقوله يطلق ويراد به ما يتركب منه العدد فان الاثنين لا معنى له الا واحد مكرر وكذلك الثلثة والاربعة وغيرها فليس الواحد ح من الاعداد لضرورة ان الكل غير الجزء فما يوصف به الكل لا يوصف به الجزء قطعا والكل يوصف بالعددية قطعا فان الاثنين والثلثة والاربعة وغيرها لا شك انها من الاعداد وقد اعترفت ( عرفت خل ) ان الواحد جزء تركب منه الاعداد فلا يكون من العدد لان الجزء غير الكل ولكنك ينبغي ان تعلم ان الواحد الذي تركب منه الاعداد ليس هو الواحد الذي في مقابلة الاثنين لان ذلك ايضا عدد تألف من ( عن خل ) وحدة انبساطية محدودة بكونها قبل الاثنين ولا ريب ان هذه الوحدة من حيث هذا القيد لا يصح ان تكون جزء للاثنين والثلثة بل لا بد من ملاحظة الوحدة من حيث هي هي وهي الوحدة الانبساطية التي مر ذكرها كما قيل في الكلي ( الكل خل ) الطبيعي فانه من حيث كونه صحيح الصدق على الكثيرين لا يكون جزءا لفرد وموجودا ( موجود خل ) في ضمن شخص بل وجوده في الفرد من حيث هو هو وكذلك هذه الوحدة فانها من حيث القيود والحدود الخاصة ليست جزء الآخر بل من حيث الوحدة فانها مثلا من حيث التكرير مرة ليس جزء للثلثة ومن حيث التكرير مرتين ليس جزء للخمسة فكذلك من حيث كونها مبدء مقابلا للاثنين له حد خاص وقيد معين لا تصح ان تكون جزء لغيره والفرق بين الواحد الانبساطي والواحد العددي الذي هو قبل الاثنين هو الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس فالواحد بهذا المعنى اصل ومادة للاعداد واب لها ولا يدخل معها وهو عدد الالف اللينية التي هي مادة الحروف واصلها ومنشأها وهي ليست من المركبات الحرفية التي صيغت منها وكذلك الواحد بالوحدة ( بل الوحدة خل ) الانبساطية ولذا قال صاحب خلاصة الحساب ان الواحد ليس من الاعداد وان تركبت الاعداد منه كما ان الجزء الذي لا يتجزى عند مثبتيه ليس جسما وان تركبت الاجسام منه وقول المصنف الواحد يطلق ويراد به ما يحصل منه الاعداد وهو علة العدد لا يدخل في العدد وان كان المراد من العلة هي المادة فهي التي ذكرها بقوله ويطلق ويراد به ما يتركب منه العدد وهل مادة ( المادة خل ) المركب الا غير اجزائه فلم يكن ( ما لم يكن خل ) على هذا التقدير فرق بين المقامين والاطلاقين حتى يكون في الاول من العدد والثاني ليس من العدد وان كان المراد بها العلة الفاعلية والواحد الوحدة الالهية الحقية فهذا لا شك فيه ولكنه لا يقتضي ان يكون الواحد الذي قبل الاثنين ليس بعدد لانه لا يطلق على الله سبحانه وان اراد ان الواحد الذي قبل الاثنين هو العلة الفاعلية لباقي الاعداد فهو في محل المنع لانه ان كانت فاعلية لتوقف الاثنين عليه فيكون الاثنان ايضا علة فاعلية للثلاثة وهي للاربعة ( الاربعة خل ) فتخرج جميع الاعداد عن ( من خل ) كونها اعدادا وهذا لا يستريبه عاقل وبالجملة هذا الفرق وهذا القول في غاية السقوط والتحقيق ان الواحد الذي هو علة العدد فاعلية هو الواحد بالوحدة الحقيقية وهو باطن الواحد بالوحدة الانبساطية التي تالفت الاعداد وتركبت من قشورها وظواهرها وحدودها وذلك الواحد هو الاختراع والابتداع فاول مخترع بذلك الاختراع هو الواحد الانبساطي وهو شيء واحد ظهر بالحدود والهيئات والجهات فاول ( فاقل خل ) ما ظهر من تلك الحدود والقيود والتعينات هو الواحد الذي في اول الاعداد ( العدد خل ) لان عالم العدد عالم مطابق للكون فاول ما اخترع الاختراع الاول وهو الفعل وهو الواحدية بالوحدة الحقيقية ثم اوجد الله سبحانه المفعول المطلق على هيئته وصفته ولذا يقع المفعول المطلق تاكيدا للفعل ويكون على مثاله وهيئته فاذا قلت ضربت ضربا كان في قوة قولك ضربت ضربت فهذا المفعول المطلق في عالم العدد مبدئه ومادته هو الواحد الانبساطي وفي عالم الحروف مبدئها ومادتها واصلها هو الالف اللينية ثم انبسطت الوحدة الانبساطية فكانت عنها الاعداد وانبسطت الالف اللينية فكانت عنها الحروف واول الحدود العددية الواحد الذي قبل الاثنين واول الحدود الحرفية الالف التي قبل الباء المسماة في عرف علماء الجفر الالف المتحركة والقائمة فالواحد على ثلثة اوجه واحد هو علة العدد وواحد هو مبدء العدد وواحد هو من العدد فالاول والثاني ليسا من العدد والثالث منه وعلته ( عليه خل ) فابن امرك والمصنف جعل مناط اختلاف العلماء في الواحد اطلاق لفظ الواحد على ما هو العدد وغيره وقال وهذا الاختلاف انما نشأ من اشتراك لفظ الواحد فالواحد يطلق ويراد ما يتركب منه العدد وقد ذكرنا سابقا ما فيه بيان لهذا المقام من ان الواحد الذي تركب منه العدد هو الانبساطي لا الذي قبل الاثنين فانه محدود خاص وذلك مطلق عام والمادة هي المطلقة الى المختصة ( هي المطلقة لا المحضة خل ) كما هو المعلوم لدي كل عاقل وقد يطلق الواحد ويراد به ما يحصل منه العدد اي علته وليست العلة ( العدد خل ) هنا هو الله لانه يصرح فيما بعد ان هذه الاقسام ليس قسم منها يطلق على الباري تعالى معناه وذكر فيثاغورس ان هذه العلة هو العقل الاول ولكن الواحد الذي يطلق على العلة هل هو الواحد الذي قبل الاثنين ام غيره وقد علمت ان ذلك غيره فان المعلول عدم عند العلة فلا يعد معها قطعا والعلة واحد لا ثاني له والمعدودات في صقع واحد فلا تعد الشمس مع اشعتها والشخص مع آثاره من قيامه وقعوده وغير ذلك وذلك معلوم فظهر لك ان الواحد الذي هو علة العدد هو الواحد الحقيقي وهو الاختراع الاول والابتداع الاول ولا شك انه ليس من العدد لان ذلك الواحد واحد ابدا لا ثاني له بحال من الاحوال واطلاق الواحد على الذي يتركب منه العدد وعلى الذي يحصل منه العدد على التقسيم ( التفسير خل ) الذي ذكرنا ليس من باب الاشتراك المعنوي ولا اللفظي ولا الحقيقة والمجاز وانما هو من باب الحقيقة بعد الحقيقة وهذا الباب وان خفي على علماء الاصول واللغة ولكنا بحمد الله تعالى قد ملأنا مصنفاتنا واجوبتنا للمسايل من تحقيقه وبيانه وليس المقام مقام شرحه وبيانه لادائه الى التطويل
فلما ( قلنا خل ) ذكر المصنف الاطلاقين اراد ان يذكر هنا وحدة تجامع الاعداد والكثرات كلها وكل عدد وان كثر لا يأبى ان يقال له واحد فقال :
وقد تلازم الواحدية جميع الاعداد لا على ان العدد تركب منها بل وكل موجود فهو جنسه او نوعه او شخصه واحد وفي العدد كذلك فان الثلثة في انها ثلثة واحد لما كانت الاشياء كلها حكاية ظهوره تعالى وعلى ظهوره فكلها في كل حال تحكي تلك الوحدة وان اشتملت على الكثرات المختلفة
فنقول : العالم اي كل ما سوى الله واحد مع اشتماله على العوالم الكثيرة المتباينة المختلفة الف الف عالم وكل عالم مشتمل على افلاك وارضين وكاينات الجو والمواليد اذ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وكل عالم بما فيه من الكثرات واحد وكل بلدة بما فيها واحدة وكل بيت بما فيها واحدة وكل حجرة بما فيها واحدة وهكذا قال الشاعر :
كثرة لا تتناهى عددا قد طوتها وحدة الواحد طي
وهذا جار في كل شيء وهي باطن الوحدة الانبساطية الظاهرة بعد التركيب والتاليف وعلى كل حال واطلاق الواحد على الاول وعلى ( الاول على خل ) هذا القسم الثالث بالاشتراك المعنوي من باب التشكيك ثم فرع المصنف ( فرع المتن خل ) على ذكر اطلاق الواحد وقال فالوحدة بالمعنى الاول داخلة في العدد وبالمعنى الثاني علة للعدد وبالمعني الثالث فلازمة ( ملازمة خل ) للعدد وقد عرفت بطلان ما ذكر لانها على المعنى الاول ليست داخلة في العدد لان الجزء لا يجري عليه اسم الكل الا مجازا وعدم دخولها فيه بالمعنيين الاخيرين ( الآخرين خل ) بالطريق الاولى والحق هو الذي ذكرنا مكررا من ان الواحد الحقيقي علة للعدد والواحد الانبساطي مادة العدد والواحد العددي اول العدد
قال : وليس من الاقسام الثلثة قسم يطلق على الباري تعالى معناه فهو واحد كالآحاد اي هذه الوحدات والكثرات منه وجدت ويستحيل عليه الانقسام بوجه من وجوه القسمة
اقول هذا كله حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه وظاهر ( فظاهر خل ) لا خفاء فيه لانه سبحانه لا يجري عليه ما هو اجراه ووحدته خارجة ( خارجية خل ) عن هذه الوحدات كما ذكرنا وفصلنا فراجع
قال : واكثر اصحاب العدد على ان الواحد لا يدخل في العدد فالعدد مصدره الاول اثنان وهو ينقسم الى زوج وفرد فالفرد الاول ثلثة والزوج الاول اربعة وما وراء الاربعة فهو مكرر كالخمسة فانها مركبة من عدد وفرد ويسمى العدد الداير والستة مركبة من فردين ويسمى العدد التام والسبعة مركبة من فرد وزوج ويسمى العدد الكامل والثمانية من زوجين بداية اخرى
اقول لما قام البرهان القاطع على ان الواحد الحقي الذي ليس فيه جهة الكثرة بحال هو الله سبحانه فكل وحدة في الامكان ليست تخلو من الكثرة ولما كان اقل كثرة يمكن فرضها في الوجود اول متعلق الجعل والفعل ( العقل خل ) وهو وان كان قبل الكثرات كلها واقرب الاشياء الى الوحدة الحقيقية ولكنه حين انجعاله يتحقق فيه ثلاث جهات متساوقات احدها الجعل اي وجهه الى جاعله وثانيها الانجعال اي وجهه الى نفسه وثالثها المجعول اي الشيء من حيث هو وهذه اول ( اقل خل ) كثرة يمكن فرضها ولا يمكن فرض وحدة الحادث من حيث هو حادث بحال ابدا فكل حادث وان قرب الى مبدئه لا يخلو في ( من خل ) حد ذاته من هذه الوجوه الثلثة فالثلثة مبدء الوجود ومبدء الاعداد ولذا كان الشكل المثلث اول الاشكال وابوها وهو شكل آدم من آدم الاول الى آخر الآدميين الالف الف ولما كانت هذه الرتبة واقعة في المبدء الاول وفيه ظهور تجلي الاحدية فغلبت عليه الوحدة وخفيت جهات الكثرة فسمي بالواحد تغليبا لحكم الوحدة ونفي الكثرة كما يقال ان الزنجبيل حار والمراد الطبيعة الغالبة وهكذا في نظايرها فالواحد حقيقة ثلثة وقد غلبت عليها جهة الوحدة ولما كان كل ممكن زوج تركيبي والتركيب في اللحاظ بعد الجعل وهو انما يتحقق في اقل المراتب جزئين بينهما نسبة اي نسبة كل جزء مع الآخر فتحققت ( تحققت خل ) الاربعة ولما كانت النسبة امرا تبعيا والاصل اثنان غلبت جهة الاصل على جهة التابع فسمي بالاثنين تغليبا لجهة الاصل المتبوع على جهة الفرع التابع فالاثنان حقيقة اربعة والواحد حقيقة ثلاثة فالواحد اول الاعداد فاذا فصل كانت ثلثة فاذا لوحظت نسبة هذه الثلثة بعضها ببعض وهو المعبر عنه بالتجذير حصلت تسعة وهي تمام رتبة ( رتبة تمام خل ) الآحاد واذا لوحظ ظهور الوحدة الاصلية معها كانت عشرة كاملة فاذا جذرت العشرة كانت مائة واذا كعبت المائة كانت الفا وهكذا تترامى مرتبة الاعداد الى ما لا نهاية له واصلها ثلثة وهي مبدء الفرد وتتلوها اربعة وهي مبدء الزوج فعلى هذا فقول المصنف والاكثر على ان الواحد لا يدخل في العدد صحيح على التفصيل الذي ذكرنا فان الحكماء الاوليين ( الاولين خل ) كلماتهم محتوية على مقامات عالية يلوحون اليها في اثناء العبارات الظاهرة فالذي ماورد مائهم وما شرب من صافي مرامهم يحمل تلك العبارات على ما يظهر منها ويغفل عن تلك المقامات السنية والمراتب العلية فيخبط خبط عشواء وقوله فالعدد مصدره الاول اثنان ان اراد به ما ذكرنا من ان المبدء الاول جعل وانجعال فمن الجعل يحصل ثلثة ومن ظهور الجعل في المجعول تحصل اربعة فهو صحيح واني له ارادة هذا وان اراد الاثنين ( بالاثنين خل ) ما هو المتعارف عند العوام وهو الذي بعد الواحد فغير صحيح فان الاثنين لا شك انه زوج والفرد اشرف من الزوج فلا يصح ان يكون المبدء على قاعدة امكان الاشرف زوجا وامكان زوجية الاثنين وفردية الواحد كانه مكابرة وسفسطة وقوله فالفرد الاول ثلثة والزوج الاول اربعة صحيح بمعنى ان الثلثة لما غلبت عليه جهة الوحدة قيل واحدا والاربعة لما غلبت عليه جهة الاصلية قيل اثنان فالواحد هو الفرد الاول لانه ثلثة والثلثة تفصيله والاثنان هو الزوج الاول والاربعة تفصيله والاعداد كلها تحصلت منهما فالخمسة ( والخمسة خل ) مركبة من الفرد الاول واصل الزوج الاول ولذا كانت عددا دايرا تحفظ نفسها في جميع مراتب التجذير والتكعيب في كل المقامات والستة مركبة من ( في خل ) فردين وهي تفصيل الثلثة ولذا ( وان خل ) كانت عددا تاما ( ثابتا خل ) تساوي كسورها الصحيحة نفسها والسبعة مركبة من الفرد الاول والزوج الاول فكانت عددا كاملا لاجتماع كمالات الفرد والزوج بجميع مقاماتها لديها والثمانية مركبة من زوجين ( الزوجين خل ) بداية مرتبة اخرى لان السبعة بها الكمال فان اصول العدد على ما ذكرنا في مقام الاجمال والتفصيل اربعة الواحد والاثنان والثلثة والاربعة فاذا لاحظنا الواحد مع الاربعة كانت الخمسة واذا لاحظنا الاثنين مع الاربعة كانت الستة واذا لاحظنا الثلثة مع الاربعه كانت السبعة فهو تمام اول النسب فالثمانية مبدء مرتبة اخرى ولذا يزيدون واو الثمانية
قال : فصدر الحساب في مقابلة الواحد الذي هو علة العدد وليس يدخل فيه ولذلك هو فرد لا اخت له ولما كان العدد مصدره من اثنين صار منها المحقق محصورا في قسمين ولما كان العدد منقسما الى فرد وزوج صار من ذلك الاصل محصورا في اربعة فان الفرد الاول ثلثة والزوج الاول اربعة وهي النهاية وما عداها مركب منها فكان البسايط العام الكلية في العدد واحد واثنان وثلث واربع وهي الكمال وما زاد عليها فمركبات كلها ولا حصر لها فلذلك لا تنحصر الابواب الاخر في عدد معلوم بل تتناهى بما ينتهي به الحساب
اقول اخذ في نتيجة تلك المقدمات وبراهين ( وبراهين وخل ) خصوصيات المدات كما وعد سابقا فقال ان ( انما خل ) صدر الحساب انما كان واحدا يمد من الطرف الى الطرف وليس له اخت تساويه لانه في مقابلة الواحد الذي هو علة العدد ولما كان العدد على زعمه مصدره اثنان و( اثنان وهو خل ) تحت الواحد الذي هو علة العدد كان ينقسم منها الاصل الى قسمين لا اكثر ولما كان العدد ينتهي الى فرد وزوج ومبدء الزوج اربعة وفروعها كلها من ساير الازواج تنتهي اليها لا غير كان من ذلك الاصل منتهيا الى الاربعة لا غير ولما كان باقي الاعداد كلها مركبات من هذين المبدئين كان تقسيماتها لا حصر لها ولذا كانت الاربعة الاخيرة التي هي منها المطموس ومن ذلك ومنها المعوج ومن ذلك المعقد بل تنتهي بانتهاء الحساب هذا محصل كلامه ونتيجة استدلاله
واما قوله فصدر الحساب في مقابلة الواحد الذي هو علة العدد ففيه ان المراد بهذه العلة هي الفاعلية دون المادية كما صرح هو بذلك ولا ريب ان المفعول ليس قسما من الفاعل ( من الفاعل ولا ينقسم الفاعل خل ) الى مفعولاته ولا يتحصص فيها فان المفعول هو الذي اوجده الفاعل لا من شيء فاذا كان هو حصة من الفاعل ما تعلق به الجعل والايجاد اذ لا يعقل ايجاد الشيء نفسه وقد صرح العلماء ان المقسم لا بد من ان يكون معتبرا في الاقسام بل المقسم جزء للاقسام ولا يكون الفاعل من حيث انه فاعل جزء للمفعول ولا معتبرا فيه ولا ريب ان صدر الحساب هو محل فعل التقاسيم ومورد التفاصيل والمدات الستة كلها جزئياته وافراده وهو بالنسبة اليها جنس الاجناس وما تحتها انواع بالنسبة اليها واجناس بنسبة بعضها الى بعض فالسافل بالنسبة الى عاليه جزئي اضافي او حقيقي والعالي بالنسبة الى سافله جنس او نوع ولا شك ان الجنس الكلي ينقسم الى افراده وجزئياته وقد صرح المصنف بذلك فقال هو فرد لا زوج له باعتبار وجملة تقبل التقسيم والتفصيل الى ان قال فمن حيث هو جملة قابل للتفصيل حيث ينقسم الى قسمين انتهى فاذا كان صدر الحساب ينقسم الى قسمين وهما منها الاصل فكيف يكون في مقابلة الواحد الذي هو علة العدد فان العلة لا تنقسم ( لا ينقسم خل ) الى معلولاته والفاعل الى مفعولاته والحق ان صدر الحساب بمنزلة الواحد الذي هو مادة العدد وهو الواحد الانبساطي الجامع الكلي الذي يجمع الاعداد كلها كصدر الحساب الذي جمع المدات واحوالها كلها ومن جملة ( جهة خل ) احاطته وسريانه كان في الظاهر يمد من الطرف الى الطرف ولا يساويها شيء من المدات لانها تحتها الا المدة السابعة المسماة في عرفهم بمن ذلك المعقد فانها تمد من الطرف الى الطرف لا لعلة التساوي بل لاجل الكثرات الحاصلة في الحساب كما ذكرناها والكلام على فقرات كلام المصنف ( والكلام في فقرات المصنف خل ) كثير اعرضنا منه لاختلال البال وضيق المجال وتبليل الاحوال وموانع الاقبال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال والله المستعان وعليه التوكل في المبدء والمآل