
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جماعة من الاحباب وخالصي الاصحاب الذين ميزوا الماء من السراب قد طلبوا من الفقير الحقير ( الحقير الفقير خل ) ان اكتب كلمات في كيفية السلوك الى الله تعالى وطلب قربه ورضاه وما ينبغي ان يكون السالك الطالب الراغب الى قربه ونجواه عليه في الاحوال والاخلاق والحركات والسكنات وسائر مجاري الحالات ليكون اعانة لهم للوصول الى مطلوبهم وتقر اعينهم بالنظر الى مشاهدة نور عظمة محبوبهم وكنت اسوف ذلك لما بي من تواتر افواج الهموم وتلاطم امواج الغموم الواردة على في كل حين واوان حتى اني :
عتبت على الدنيا وقلت الى متي اكابد هما بؤسه ليس يتجلى
أكل شريف من على جدوده حرام عليه العيش غير محلل
فقالت نعم يا بن الحسين رميتكم بسهم عنادي حين طلقني على
الى ان راجع في الالتماس اعز الاخوان لدي واحب الخلان الى قرة العين بلا مين اعزه الله واسعده وايده الله وسدده فأجبت مسئوله وبادرت الى مأموله مع ما بي من كمال الضعف والكلال وتبلبل البال راجيا من الله الاعانة والتوفيق والهداية الى سواء الطريق وان ينفع به عموم طلبة الحق والله المستعان وعليه التكلان
اعلم ان الله سبحانه هو الواحد الذي لا شريك له والحي الذي لا موت فيه ( له خل ) والنور الذي لا ظلمة فيه والغني الذي لا افتقار فيه والقادر الذي لا عجز فيه والكريم الذي لا بخل فيه والشاهد الذي لا يغيب عنه شيء والعالم الذي لا يجهل شيئا والعظيم الذي لا يتعاظمه شيء والمتسلط الذي لا يخيفه ( لا يحيفه خل ) شيء والمتفرد الذي لا يوازره شيء والقوي الذي لا يعجزه شيء والدائم الذي لا يفنيه شيء والموجود الذي ليس معه شيء وكلما سواه آثاره وشئونات افعاله تعالى نسبته اليه تعالى اي الى فيضه وابداعه نسبة اثارك من قيامك وقعودك وحركتك وسكونك اليك انظر الى هذه الاثار هل لها غناء عنك في حال من الاحوال ووقت من الاوقات في امر من الامور فانت ( وانت خل ) وذاتك وحقيقة كينونتك بالنسبة الى فعله تعالى مثل كلامك اي الهيئة المتقومة بالمادة الهوائية وتلك الهيئة لا تبقى ولا تستمر في الوجود الا بمدد جديد منك اليها فكذلك انت لا تستقل بشيء من احوالك واطوارك وذاتك وصفتك وفعلك واثرك وتوجهك واقبالك بدونه تعالى وكلما سواه مثلك في الحاجة والافتقار اليه تعالى فاذن سد باب نظرك والتفاتك ورفع حاجتك ورجائك وخوفك وطمعك الا اليه تعالى وهو قوله تعالى ولا يلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون فان الالتفات والنظر والتوجه الى غيره تعالى سفاهة وضلالة كما قال سيد الساجدين عليه السلام في دعاء الصحيفة اللهم اني اخلصت بانقطاعي اليك واقبلت بكلي عليك ( اليك خل ) وصرفت وجهي عمن يحتاج الى رفدك وقلبت مسئلتي عمن لا يستغني من فضلك ورأيت ان طلب المحتاج الى المحتاج سفه من رأيه وضلة من عقله فكم قد رأيت يا الهي من اناس طلبوا العز بغيرك فذلوا وراموا الثروة من سواك فافتقروا وحاولوا الارتفاع فاتضعوا فانت يا مولاي دون كل مسئول موضع مسئلتي ودون كل مطلوب اليه ولي حاجتي انت المخصوص قبل كل مدعو بدعوتي لا يشركك احد في رجائي ولا يتفق احد معك في دعائي ولا ينظمه واياك ندائي وقال مولانا سيد الشهداء عليه السلم في دعاء عرفة ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا وفي الدعاء ايضا لا يرى فيه نور الا نورك ولا يسمع ( لا يسمع فيها خل ) صوت الا صوتك فاذا كان كذلك فاين تذهبون ففروا الى الله بالخضوع والخشوع والذلة والمسكنة وفراغ القلب واجتماع الحواس والانقطاع عن الخلق والاخلاص في طاعة الله والشوق الى قربه واستشعار محبته ولما ان الخلق في عالم النزول اخذتهم برودة الادبار فانجمدت قرائحهم وانخمدت غرائزهم واستولت عليهم الهوى واستمكنت منهم الدنيا فانخمدت نار الشوق الى الله تعالى في مجمر قلوبهم او خفيت باستيلاء برودة اهوائهم ونفوسهم فلا بد من تهيج ( تهييج خل ) تلك النار وازالة ذلك الغبار ليصفو له التوجه الى الجبار ويجلس مجلس الانس والمحبة مع المحبوب خاليا عن الاغيار ويشرب شراب المؤانسة صافيا عن الاكدار وها انا اصف لك ما يهيج تلك النار اذا تأملت الى وصفي بنظر الاعتبار
واعلم ان اول ذلك اي اول ما يجب للطالب السالك ان يستشعر عظمة الله سبحانه دائما في قلبه وامثل لك مثالا واحدا في هذا المقام لتتمكن ( لتمكن خل ) من معرفة نوع المسئلة واعلم ان نسبة ظاهرك الى ظاهر هذا العالم هي نسبة باطنك الى باطنه فاذا عرفت احدهما فقس عليه الاخر لانهما بنهج واحد ولما كان الظاهر اقرب الى الناس فنقتصر عليه ونقول انك اذا نسبت نفسك الى جبل شامخ وجدتها بالنسبة اليه كالذرة ولذا اذا كنت على قلة جبل ترى الذي تحت الجبل صغيرا جدا ونسبة اعظم الجبال الى كل الارض كنسبة سبع عرض شعيرة الى كرة قطرها ذراع على ما برهن في علم الهندسة والارض اصغر من الشمس بمائة وثمانين مرة فكيف من فلكها فانها مركوزة في جزء من اجزاء الفلك وهي قطعة من الفلك ونسبة هذه القطعة الى كل الفلك لا تقاس من الصغر وكل كوكب من الكواكب العظام التي في المكوكب اي فلك الكرسي بقدر الارض مائة مرة واصغر الكواكب كالسها الذي لا يدركه غير حديد البصر بقدر الارض خمسة عشر مرة واذا كان حال الكوكب الذي هو للفلك بمنزلة النقطة فكيف يكون عظم كل الفلك وسعته وهذا الفلك بهذا العظم بالنسبة الى العرش كحلقة ملقاة في فلاة قي بل اقل واقل لان العرش له سبعونالف طبقة وكل طبقة غلظها بقدر ما بين العرش الى تحت الثري وله ثلثمائة الف وستين الف ركن وعلى كل ركن ثلث مائة وستين الف ملك اصغرهم لو امر بان يلتقم السموات والارض وما فيهما وما بينهما كان الجميع في لهواته ( لهاته خل ) كرمل صغير في البرية ثم بقدر المجموع احد عشر مرة وبين كل قائمتين من قوائم العرش مسيرة الطير الخفيف المسرع الف عام ونسبة الجميع ( المجموع خل ) الى الملئكة الكروبيين كنسبة الكلمة من ( الى خل ) المتكلم انظر الان الى عظم الكروبيين وسعتهم واحاطة نورهم وشروق ظهورهم وهؤلاء الملئكة نسبتهم الى الملئكة العالين كنسبة الكلام الى المتكلم ونسبة الجميع الى آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين كنسبة جزء من مائة الف الف الف الف الف الف الف الف جزء من رأس الشعير بالنسبة الى هذا العالم الاكبر ( الكبير خل ) ونسبة الكل ومحمد واله الطاهرين ( صلى الله عليهم اجمعين خل ) الى قدرة الله سبحانه كاللفظ الواحد الى اللافظ ولذا قال النبي صلى الله عليه واله لما قال الاعرابي ما شاء الله وشاء محمد صلى الله عليه واله ما شاء الله وشاء عليّ عليه السلم قال صلى الله عليه واله لا تقل هكذا بل قل ما شاء الله ثم شاء محمد صلى الله عليه واله فان مشية محمد صلى الله عليه واله في مشية الله كمثل الذبابة في هذه الدنيا وما شاء الله ثم شاء عليّ عليه السلم فان مشية عليّ عليه السلم ( ثم شاء عليّ عليه السلم ومشيته خل ) في مشية الله كمثل البعوضة في هذه الدنيا نقلت معنى الحديث فانظر الان نسبة نفسك الى عظمة الله تعالى فانك كنت مضمحلا عند الجبل المضمحل عند الارض المضمحلة عند الشمس المضمحلة عند فلكها المضمحل عند الكرسي المضمحل عند طبقة من طبقات العرش المضمحل مع كل طبقاته عند الملئكة الكروبيين المضمحل كلهم اجمعون عند الملئكة العالين المضمحلين عند آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين المضمحلون ( المضمحلين خل ) عند قدرة الله وسعة احاطة قيوميته وقهاريته وعند الذات كل شيء من الاعلى والاسفل ممتنع محال فما اصغر قدرك واحقر مقامك ( احقر صفاتك خل ) بالنسبة الى ساير مخلوقاته تعالى الفانية الصغيرة الزائلة في جنب عظمته وقهاريته فانصف في نفسك هل هذه العظمة تنسى وهل لك قدرا معها يرى حتى تعمد وتقصد الى مخالفة هذا العظيم الجبار القهار سبحانه وتعالى
ثم تفكر ثانيا في حقارة نفسك وخساسة ذاتك وقبائح كينونيتك ( كينونتك خل ) مع صغر قدرك وتأمل في ان ارذل الاصناف من الناس هو الكناس وارذل هذا الطايفة واخسهم من يكنس البالوعة الممتلية من الفضلات من البول والغايط وساير القاذورات ويجمعها ويحملها ويخرجها من البيت ويرميها من المحل اللائق بها وترى نفسه ( نفسك خل ) لا تحب مجالستهم ولا معاشرتهم ولا مؤاكلتهم ولا مؤانستهم ولا ساير انحاء المعاشرات وانظر الان في نفسك انك وان بلغت ما بلغت وان ترقيت في الدنيا وصرت ملكا فلا بد من ان تباشر الغائط والبول وتنظفها ( تنظفهما خل ) عنك بيدك وصرت قرين ذلك الرجل الذي تريه ارذل الطوايف والاصناف كل يوم ثلث مرات او اكثر او اقل ثم انظر في باطن جسدك وداخل جلدك هل تجد شيئا طاهرا طيبا فكلما يخرج منك اما نجس العين كالبول والغايط والدم والمني واشباه ذلك من القطعة المبانة وغيرها او كثيف ردي خبيث يتكره الانسان يباشره ( يتكرم الانسان من ان يباشره خل ) او يتناوله كالصديد والنخامة والبصاق وامثال تلك ( ذلك خل ) من الامور الرذيلة والاشياء الخسيسة الخبيثة واذا تناولت الطعام الطيب اللذيذ حسن الرايحة اذا صار في فمك ومضغته انظر كيف يؤل امره وحاله اذا اخرجته من فمك يحرم عليك بعد ذلك تناوله لانه من الخبائث وكل ذلك لمجاورتك دقيقة واحدة وكلما يمتد مدة ( يمتد مداء خل ) المجاورة يشتد خباثته ( خبثه خل ) ونجاسته الى ان يكون دما او منيا او يخرج من المثانة بولا فانصف الان في نفسك انه هل يحسن مع ذلك التكبر والتبختر وطلب اللذات والشهوات والافتخار على الغير
ثم تفكر ثالثا انك لا تطهر ولا تنجب الا بطاعة الله سبحانه والخضوع والخشوع لديه ولذا ترى المسلم لما اسلم بظاهر اقراره الجسدي طهر جسده وظاهره بخلاف الكافر فانه من جهة عدم الاسلام والخضوع للملك العلام بقي على نجاسته الاصلية الحقيقية والمعصوم عليه السلم لما اسلم بظاهر جسده وباطنه وسره وعلانيته طهر ظاهره وباطنه ولحمه ودمه وشعره وبشره وانت ايضا بقدر طاعتك وخضوعك وخشوعك لمعبودك تطهر فانظر الان ماذا ترضى لنفسك الطهارة ام النجاسة اي البقاء عليها وعند الموت يتبين لك رايحة النجاسات الظاهرية والباطنية لك ولامثالك وفي هذه الدنيا لكل مؤمن طاهر اذا شاهدك وانت قد اقترفت معصية يشم نتنها منك اخبث نتنا من الجيفة المنتنة ولا يحب مجالستك الا كرها ويفر منك كما تفر من الجيفة المنتنة ويرى سواد المعصية على وجهك فضلا عن نجاستك في نفسك ويرى اعوجاج صورتك وتغييرها بالمعصية والتكبر مع الله عز وجل بترك طاعته ومخالفته ويرى محو اسمك من عليين كتاب الابرار وثبتها في السجين كتاب الفجار وفي الدعاء رب لا تغير اسمي ولا تبدل جسمي ولا تشوه خلقي بالنار الا ان تتوب عن صدق ويقين وتتوجه الى خالق السموات والارضين فانظر الان في نفسك هل ترضى لنفسك ان تكون على تلك الهيئة القبيحة نعوذ بالله ونستجير بالله ونعتصم بالله ولا حول ولا قوة الا بالله
ثم تفكر ثالثا انك ( ثم تفكر انك خل ) بيت للادواء والمحن والالام والاسقام والاوجاع ومحل للطبايع الاربع الصفراء والسوداء والدم والبلغم وماتدري متى تهيج ( يهيج خل ) واحدة منها فيكون فيه هلاكك ولك جسد لا قوام له ولا امتناع به فالحر يذيبه والبرد يجمده والسموم يتخلله والماء يغرقه والشمس تحرقه والهواء تتقسمه والسباع تفترسه والطير تنقره والحديد يقطعه والصدم يحطمه ثم هو معجون بطينة من الوان الاسقام والاوجاع والامراض وانت مرتهن بها مترقب لها وجل منها طامع في السلامة منها وانت مقارن الافات السبع التي لا يتخلص منها ذو جسد وهي الجوع والظماء والحر والبرد والوجع والخوف والموت
ثم تفكر رابعا في نعم الله سبحانه عليك وترادف مننه والائه عليك وهي لا تحتاج الى البيان غنية عن التذكار والتبيان كفاها قوله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وتفكر ان الله سبحانه هو الذي اخرجك من بحر الامكان الى ساحل الاكوان واقامك في حجاب الذهب وغشك بالنور من غير نصب ولا تعب واوقفك في الاظلة تحت الحجاب الاخضر ونجاك عن اجمة الطبيعة ورقاك بمعنى انزلك الى عالم الشهود مشروح العلل مبين الاسباب ليبين لك اتماما للحجة واكمالا للنعمة والان انت بيده محفوظ المراتب في كل العوالم يرزقك من الدرة البيضاء ويحييك في الحجاب الاصفر ويخلقك وما بك ولك وعليك ولديك ومنك واليك وفيك تحت الحجاب الاحمر ويصفيك لبقائك ابدا دائما سرمدا في الحجاب الاخضر ويحفظ حركاتك وسكناتك وخطواتك ولحظاتك وكلماتك وما يكنه صدرك ويجنه ( يحبه خل ) قلبك وينكشف لفؤادك بحيث لو خلاك ونفسك اقل من لمح البصر لفنيت ولعدمت لم يبق ( ولم يبق خل ) لك اثر ويعدم منك ذكر وخبر لا تعدم بره ولا تفقد احسانه فلا تجد الا خيره ومع ذلك كله ترضى ان تلتفت الى غيره وتحب ان تتوجه الى سواه فكيف يطلب محتاج محتاجا واين يرغب معدم الى معدم فماربحت حينئذ تجارتك وخسرت صفقتك وضاعت سلعتك وهل تقصد الى اللاشيء وتتوجه الى العدم وتميل الى الباطل وتركن الى الزايل مع انك في قصدك الى الغير فقير اليه مضطر الى كرمه ما اقبح فعلك واشنع عملك
ثم تفكر خامسا في نفسك تجدها لا تميل الى المعصية والى مخالفة الله سبحانه عند واحد من افراد الناس وتكتم عنهم فكيف لا تنظر الى عظمة الله وقدرته واحاطة قيوميته وانه ناظر الى كل احوالك وحركاتك وسكناتك ولحظاتك وكلماتك ومنك ( وكلماتك وما منك خل ) واليك وعنك وفيك وعندك كيف تستخفي من الناس ولا تستخفي من الله وتلاحظ عظمة المخلوق ولا تلاحظ عظمة الخالق وتعصيه بمرئي منه ومسمع ثم ان رسول الله صلى الله عليه واله والائمة الطاهرين سلام الله عليهم هم الشهداء على الخلق واعين الله الناظرة في عباده وهم ناظرون ومطلعون عليك في جميع حركاتك وسكناتك فكيف تستحقر نظرهم واطلاعهم عليك وهم من قد عرفت وعظمتهم ما قد سمعت ثم ان الاركان والاوتاد والابدال والنقباء والنجباء ايضا ناظرون ومطلعون عليك وشاهدون لاعمالك فان الله عز وجل يقول قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم ان الملئكة حملة العرش والكرسي وملائكة السموات والارض ( الارضين خل ) وملائكة الهواء والعناصر والملائكة المدبرات والمعقبات والموكلون على اعضائك وجوارحك وقوائك ( قوتك خل ) ومشاعرك وكتبة اعمالك واقوالك ناظرون اليك مطلعون شاهدون على جميع اعمالك ثم ان مكانك وزمانك ويومك وساعتك ينقش ( ينتقش خل ) فيها صورة عملك وفي السموات والارضين والجبال والهواء والماء وكل شيء في الوجود ينقش ( ينتقش خل ) ويكتب عليه صورة اعمالك من الخير والشر ويبقى في اللوح المحفوظ في الكتاب الحفيظ الى يوم القيمة انظر الان في نفسك ان عصيت ( عصيته خل ) تفتضح في كل العالم عند الاكابر ويكتب في كل لوح هذا شقي فيدعو عليك كل شيء وان اطعت تمدح في كل تلك المقامات ومدار الطاعة والمعصية بالاقبال على الله تعالى والادبار عنه تعالى وفي كل شيء تريد فيه وجه الله مخلصا هو الطاعة وكلما لا تريد به وجه الله فهو المعصية الا ان مراتب هاتين المرتبتين مختلفة في الشدة والضعف فما ترضى لنفسك اختر لها واختر لها الخير والصلاح
وواظب على التفكر طول نهارك وليلك وقد قال امير المؤمنين عليه السلم نبه بالتفكر قلبك وجاف عن الليل جنبك واتق الله ربك وقال ايضا عليه السلم التفكر يدعو الى البر والعمل به وقال النبي صلى الله عليه وآله التفكر حيوة للقلب البصير تمشي به كما يمشي ( التفكر حيوة قلب البصير كما يمشي خل ) المستنير في الظلمات بالنور وقال الصادق عليه السلم الفكر مرءات الحسنات وكفارة السيئات وضياء القلوب ( القلب خل ) وفسحة للخلق واصابة في صلاح المعاد واطلاع على العواقب واستزادة في العلم وهي خصلة لا يعبد الله بمثلها قال النبي صلى الله عليه واله فكر ( فكرة خل ) ساعة خير من عبادة سنة ولا ينال منزلة التفكر الا من خصه الله بنور التوحيد والمعرفة وعنه صلى الله عليه واله افضل العبادة ادمان التفكر في الله وفي قدرته
فاذا تفكرت في هذه الامور في نفسك وتقلب احوال الدنيا واضمحلالها وعدم سكونها وثبات واستقرار عزتها وذلتها وفقرها وغناها وصحتها وسقمها وعدم وفاء الاخوان ونصيحة الخلان وعدم الانتفاع بالاولاد والبنين وامثال ذلك وداومت النظر والتفكر في ذلك واشباهه فلا بد ان تستولي عليك عظمة الله سبحانه ويحصل لك الانزعاج عن ( من خل ) الدنيا والرغبة في الاخرة وينصرف ( يصرف خل ) ذهنك وعقلك الى الملأ الاعلا فترد عليك الافاضات الالهية ويصير قلبك محلا للانوار القدسية والعلوم الحقيقية بشرط ان تلاحظ مع التفكر الاستقامة في الاحوال والاقوال والحركات والسكنات وانحاء المعاشرات وهي الاستقامة المأمور بها في قوله عز وجل واستقم كما امرت وقد قال النبي صلى الله عليه واله شيبتني هذه الاية على المعنيين اما لصعوبة الامتثال وعظمته بحيث تنهد به القوى والجوارح من خشية الله ( خشيته خل ) سبحانه واستشعار عظمته واما لان الامتثال بها مورث للكمال المطلق الذي هو مقتضى مقام الشيبة
اما الاستقامة في الاحوال :
اما في الاكل والشرب فبان لا تأكل ما استطعت الا الطيب وجانب الشبهات ما قدرت سيما في اول الامر قبل استقرار النفس في الاطمينان فان الشبهات تورث ( تحدث خل ) القساوة في القلب والبلادة والحمق وتحدث الظلمة في اقطار البدن في الظاهر والباطن او كل كما قال العسكري عليه السلم كل بحيث لو كان حلالا لا يزداد عليك طول الحساب يوم القيمة ولو كان حراما لما ضرك اذا اخذت منه بقدر سد الرمق وما يمسك به النفس لا ما زاد عليه الا ان ذلك درجة المقربين ومرتبة الصديقين الذين اكلهم ليس لللذة ( للذة خل ) ولا للقوة بل لحفظ بقاء البدن في هذه الدنيا مركبا للروح ليتزود بها منه الروح زادها ليوم معادها واما الراجون والخائفون فهم يأكلون للقوة والنشاط للعمل لما يرجون من مثوباته تعالى ويخافون من عذابه وعقابه واما المؤمنون من سائر العوام فلربما يأكلون لللذة ( للذة خل ) ليكسر نفوسهم عن الميولات التي تحصل بها اللذة بغير الحلال الطيب واما المتفكهون الهالكون فهم الذين يأكلون للتلذذ الجسداني والنشاط النفساني ولهم قال النبي صلى الله عليه واله من كان همته ( همه خل ) ما يدخل في بطنه كان قدره ما يخرج من بطنه وان كان لا يسلم منه على الحقيقة الا المقربون الصديقون واما قدر الاكل والشرب فانه ( فان خل ) لا يمتلي البطن منهما وعلامته الاكل بما دون الرغبة وشدة الاحتياج وكذلك الشرب فلا تأكل حتى تجوع فاذا اكلت فلا تشبع وعلامة ذلك انك بعد ما فرغت من الطعام تشتهي النفس اياه ولا تزال الشهوة الى ساعة وبعدها ترتفع مع ان هذا المقدار من الاكل يقوي الروح ويصفي الباطن ويقوي الجسد وينضج الطبيعة ويقوي الحرارة الغريزية كما ذكره الاطباء وذلك معلوم واضح انشاء الله ولا تشرب حتى تعطش فاذا شربت فلا ترو لان الشرب يجب ان يكون ثلثي الاكل والعطش في صحيح المزاج ينشئ ( ينبئ خل ) عن ذلك وسد العطش علامة الاكتفاء والزيادة فضول تورث ( تحدث خل ) الكدورة وهي تناسب الشياطين والجان الذين يسكنون في الماء فيتعلقون بها ويحدثون البلادة والحماقة في النفس ويهيجون المواد الباردة والرطبة ويتولد الصداع واللقوة والفالج وخللا في الرية وامثالها وعلامة الاكل للتفكه والتلذذ هي ان اذا لم يجد الطعام اللذيذ الموافق للطبيعة والماء البارد العذب يتألم ويتكدر خاطره او تتأثر نفسه او يتكلف في طلبه وامثالها من انحاء الاعتناء واما المؤمن العارف فليس بصدد ذلك فيتساوي عنده اللذيذ وغيره فان وجد اللذيذ اكله وان لم يجد لا يتأثر له ويأكل غيره بطيب الخاطر وسعة النفس كأن يأكل ( كما يأكل خل ) اللذيذ وان يشق عليه ( عليك خل ) هذا التساوي ينظر ( فانظر خل ) فيما يترتب عليهما فان الفائدة فيهما واحدة ومضار اللذيذ كثير ( كثيرة خل ) ونتن المدفوع منه ( عنه خل ) شديد قبيح والنتن من المعصية فلا بد ان يكون عند اكل غير اللذيذ اطيب خاطرا واوسع نفسا واقر عينا لا انه ترك ( يترك خل ) الطعام الطيب اللذيذ بالكلية واللحوم وساير ما احل الله من طيبات الرزق نعم يبالغ في تقليل الاكل لا بحيث تشغل النفس بطلبه عن التوجه اليه سبحانه والاشتغال بطاعته بل يأكل ويشرب بحيث ينسي البطن بالكلية وهو الحد الجامع
واما اللباس فيقتصر على ما يستر به عورته والزايد يكون وجوده وعدمه عنده على السوية لا انه يترك اللباس الحسن بالكلية الا اذا حصل للنفس عجب عند لبسه فح يجب تركه ولا انه يلبس اللباس الردي بحيث يمقت النفس ولا تميل الى الطاعة ابدا كل ذلك اذا حصل له من الحلال الطيب والا فيترك وجوبا ان كان من الحرام واستحبابا ان كان يريد وجه الله والدار الاخرة ان كان من الشبهة ووجوبا ان كان يريد الله سبحانه وحده كما في الدعاء انت لا غيرك مرادي ولك لا لسواك سهري وسهادي ولقاؤك قرة عيني ووصلك مني نفسي الدعاء ويتفكر عند لبس اللباس ان هذا اللباس يستر عورتي الجسماني وذلك دليل اللباس المعنوي الذي هو ساتر العورات المعنوية فلا بد من تحصيله والا يفتضح ( فيفتضح خل ) بكشف العورة فانها اقبح من العورة الجسدية وذلك اللباس لباس التقوي ذلك خير والعورة هي المعاصي التي لا ينفك عنها ممكن في كل مقام بحسبه
واما النوم فلا تنم ما لم يغلب عليك النوم وقلل النوم ما استطعت فان كثرة النوم يدع الرجل فقيرا يوم القيمة ولا تجعل همك النوم ولا تعين له وقتا فكلما استيقظت قم واقعد وتوضأ واسجد لله قبل ان تقوم من مضجعك وقل : الحمد لله الذي احياني بعد ما اماتني واليه البعث والنشور فاذا كان في الليل انظر الى افاق السماء واقرء الايات والادعية المأثورة وفكر في الكواكب وطلوعها وغروبها والافلاك وحركتها وسرعتها وبطؤها وفكر ان ذلك بعث بعد موت والليل مظلم والعيون هجع والاصوات مخفية فاغتنم الفرصة وناج مع محبوبك في الخلوة واشك عنده ضرك وبلواك واطلب منه ان يوصلك الى محبته وهواه وان غلب عليك النوم مرة اخرى فنم بقدر الضرورة ثم استيقظ وتطهر واعمل ما قلنا لك وتهجد واخضع وابك وتأمل ان ذلك بعث النشور بعد الموت في البرزخ وخذ اهبتك واستعدادك لذلك اليوم فان الدنيا خلقها الله سبحانه بلاغا للاخرة ودليلا عليها ولا تزال تفعل كذلك الى الصباح وعليك بقلة النوم في الليل فان المؤمن هو الذي يكون نهاره ليلا وليله نهارا يعني لا ينام في الليل كالنهار ولا يخرج من مسكنه ولا يعاشر الناس في النهار كالليل وقد قال عز وجل ان ناشئة الليل هي اشد وطأ واقوم قيلا والناشئة هي النفوس التي تنشأ وتنبعث في الليل وتعبد لربها في ظلمة الليل عند سكون ( سكوت خل ) الاصوات وهجوع العيون فاذا سهرت في الليل فنم في النهار نوم القيلولة فان النوم في النهار على خمسة اقسام كما عن النبي صلى الله عليه واله نوم العيلولة بالعين المهملة وهو النوم بين الطلوعين وهو نوم اللعنة وذلك النوم يورث المرض والعلة في البدن لزيادة برودة الليل الباقية الى الصباح وبرودة الهواء والارض وبرودة النوم ثم ان بين الطلوعين هو محل الافاضات وينبوع الخيرات وهي ساعة الجنة وفيها تقسم الارزاق وتقدر الاجال وساير الصفات والاحوال فاذا نام الشخص ينام عن حظه لان النائم ليس مقابلا لفوارة النور التي تنشأ عنها الحرارة والرطوبة وانما هو مقابل لفوارة البرودة واليبوسة التي عنها الموت ونوم الفيلولة بالفاء المعجمة اي الفتور والضعف وهي النوم بعد طلوع الشمس في صدر النهار وانما يحدث الفتور لان حرارة الشمس تدارك البرودة الا ان البرودة ايضا غالبة من جهة عدم اشتداد الحرارة وبرودة النوم فلايحصل النضج التام فيحصل الفتور والضعف الناشيان عن عدم نضج البنية وزيادة المادة البلغمية ونوم القيلولة بالقاف وهي نوم قبل الزوال بساعة لقوة الحرارة في ذلك الوقت واذا اعانته حرارة اليقظة تستلزم الضعف والنوم في ذلك الوقت مطلوب مرغوب فيه والقيلولة بمعنى زيادة العقل كما عنه صلى الله عليه واله وذلك النوم يعين للقيام في اخر الليل لصلوة التهجد والاستغفار فالمتهجد لا بد ان ينام في ذلك الوقت ليستريح بدنه ويسكن قلبه ويطيب ريحه ويتهيج وينعش حرارة ( حرارته خل ) الغريزية وبيان وجوه هذه الامور يطول به الكلام ولست بصدده ونوم الحيلولة وهو النوم بعد الزوال او حين الزوال فانه يحول بينه وبين الصلوة وظلمة تأخير الصلوة تعارض نفع النوم في ذلك الوقت فيكون مرجوحا ونوم الغيلولة بالغين المعجمة بمعني الهلاك وهو النوم في اخر النهار لانه يورث الامراض المهلكة في الظاهر والباطن ووقت انبثاث الشيطان جنوده وتفصيل المقال في هذه الاحوال غير ما نحن فيه ولا ينام بعد الغذاء في الفور بل يمهل ساعة حتى يستقر الغذاء في المعدة وينام اول الليل ان كان لا بد له من النوم ليقوم بعد النصف من الليل فاذا اوى الى فراشه يذكر مقدمات الموت فاذا نام اضطجع اولا فيذكر حالة الاحتضار وانه كان يتمني ان يمهله ملك الموت ولو ساعة ودقيقة ثم ينام الى جنبه الايمن فيذكر حالة كونه على السرير للغسل وتقلبه الى الجانب الايمن ثم ينام الى جنبه الايسر ملاحظا لتلك الحالة عند الغسل ثم يرد الى الجانب الايمن ورأسه الى المغرب ورجليه الى المشرق ليكون وجهه الى ناحية القبلة على هيئة دخوله في القبر ويتذكر تلك الحالات ويراجع ( يرجع خل ) الاعتقادات ويشهد الشهادتين ويتعوذ من الشيطان ثم يجعل يده اليمنى تحت رأسه اي وجنته اليمنى ويقول : اللهم اني اشهدك انك افترضت على طاعة امير المؤمنين عليّ بن ابيطالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والحجة بن الحسن ويقرأ الادعية المأثورة عنهم عليهم السلم عند المنام وليكن على طهارة من الوضوء او الغسل او التيمم لا اقل ويذكر الله بالتفكر والتدبر حتى يأخذه النوم فيكون ح نفسه تسبيحا بشرط ان لا يكون البطن ممتليا من الطعام والشراب ويرى المنامات الحسنة والمبشرات التي هي جزء من سبعين جزء من النبوة
واما القيام والقعود ففي وقت التفكر والنظر والعبرة يقعد على هيئة قعود النبي صلى الله عليه واله وهو قعود الواثب وتلك الصورة هي صورة محمد صلى الله عليه واله في الحروف المكتوبة وتلك جلسة الخدام لانها اقرب الجلسات الى القيام وهي اجمع للحواس واوفر للعقل وتميل بالفهم الى المدارك العالية وفي وقت الدعاء والمناجاة يجلس جلسة العبيد وهي صورة الجلوس للتشهد في الصلوة متوركا وهي على هيئة لا اله الا الله في الصورة اللفظية والتربيع جلسة الكسلان يجلس للاستراحة واحدى رجليه على الاخرى جلسة المتكبر ( التكبر خل ) فليجتنب الجلسات غير الاوليين ( الاولتين خل ) فانهما هي المحمودة الممدوحة فاذا جلس الجلسة الاولى يذكر اني عبد مترصد مترقب لخدمة مولاي فيما يأمرني به منتظر لها فيشتغل بالمولى وبعظمته ( تعظيمه خل ) وكبريائه وجلاله وعزته وانحاء خلقه الى ان يأمره ويأتي اوان امتثاله وفي الجلسة الثانية يجلس منتصبا ظهره غير مايل به الى التقويس يذكر اني عبد ذليل خاضع خاشع فقير محتاج باطل مضمحل عند جبروته وعظمته ادعوه ولاادعو غيره ويذكر في هذه الجلسة جلوسه في المحشر بين يدي الجبار للحساب وقرائة الكتاب وهو قوله تعالى وترى كل امة جاثية كل امة تدعي الى كتابها الاية والجاثية ( وجاثية خل ) هي القاعد متوركا فاذا ( واذا خل ) ذكر ان موقفه ومجلسه من ذلك الموقف والمجلس يشهد الشهادتين ويذكر الاعتقادات ويستعد للجواب في يوم الحساب ويجعل جلساته كلها منحصرة فيهما الا انه يلاحظ المناسبة في المقامات وعند القيام يقوم منتصبا بحيث يستقر جميع الاعضاء في المحل الذي خلقه الله سبحانه فيه ولا يميل بها عن الاستقامة ( الاستقامات خل ) والمحاذاة كالالف ولا يقوس ظهره فانه يفسد البنية سريعا فيما بعد فاذا قام يذكر انه عبد لله سبحانه قائم بخدمته ووجهه ناظر اليه ومعتمد عليه ثم يشكر الله سبحانه حيث لم يجعله منكس الرأس ومحدوب الظهر الذين هما من هياكل النفاق والشرك والكفر فاذا وجد ظاهره على هيكل التوحيد فليبذل جهده لان يجعل باطنه ايضا كذلك وعلامة كون الباطن عليه ان لا يغفل عن الله سبحانه ليكونه ( ليكون خل ) وجهه متوجها الى الاعلى وان يذكر فقره وفاقته وعجزه ليكون رجليه الى الارض وان لم يكن مشتغلا بذكر الله فوجهه متوجه الى الاسفل ويديه في الارض ( في الاسفل خل ) لان يأكل ويستمد من الاسفل لا الاعلى فيكون ح بهيمة من البهايم نستجير بالله من ذلك فقد صار موجودا بما هو حيوان دون ان يكون موجودا بما هو انسان كما قال امير المؤمنين عليه السلم ولا يقوم الا لامر ( لا يقوم لامر الا وخل ) فيه محبة الله سبحانه
واما المشي فيمشي سويا الى صراط مستقيم ويمشي على الاستقامة والاعتدال يعني لا يعوج الطريق بمشيه ولا يميل ببعض اعضائه الى جهة غير الجهة التي تمشي ( يمشي خل ) اليها والاعضاء الاخر متوجه الى الجهة التي يمشي اليها ويمشي مع السكينة والوقار فانهما علامة ( فانها علامتا خل ) الايمان فلا يلتفت الى اليمين والشمال بل يكون التفاته بين رجليه ويمشي مستقهرا تحت عظمة الله وكبريائه ومضمحلا لدى قهاريته وبهائه خاضعا ذليلا ولا يمشي الا الى الوجه الذي فيه رضى الله ومحبته ولا يمشي سريعا مفرطا ولا بطيئا كذلك بل متوسطا ويكون الى السرعة اقرب منه الى البطؤ ويذكر حال المشي حركته اليه تعالى بالاستدارة واستمداده منه وانه اذا لم يطلب لا يصل اليه الفيض والنور والعمل هو الطلب والحركة والعلم هو النور وهو قوله عليه السلم العلم يهتف بالعمل فان اجابه والا ارتحل
واما ساير الاحوال فابك كثيرا ما استطعت من خشية الله تعالى وذلتك وفقرك وفي مصيبة الامام المظلوم سيد شباب اهل الجنة فان البكاء في مصيبته افضل الطاعات والاعمال والقربات يجلب الرزق ويشرح الصدر وينور القلب ( القلوب خل ) ويورث العزة ويذهب بالفقر ( الفقر خل ) والفاقة وعليك بمجالسة من يذكر الحسين عليه السلام والجلوس في المجلس الذي يذكر فيه الائمة عليهم السلم فان نور الله الاعظم ظاهر في ذلك المجلس فالجالس فيه مغمور بكله من ظاهره وباطنه في نور الله تعالى وسعة رحمته والتفات جميع الانبياء والاولياء خصوصا اشرف الانبياء محمد واله صلى الله عليه واله فمن شملت ( شملته خل ) عنايتهم والتفاتهم فلا يشقى ابدا ولا تضحك كثيرا فان الضحك الكثير يميت القلب ويذهب بالبهاء والوقار والطمأنينة اللازمة للمؤمن وهي علامة الايمان وتأمل في قوله تعالى فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون واستشعر الحزن وجلبب الخوف ولا تكن عبوسا ولا ضحاكا بالقهقهة بل كن بشاشا واسع الخلق
واجعل لك وقتا في الخلوة في الليل و( او خل ) النهار تنظر فيه الى اثار الصنع وتتفكر في العالم وكيفية التفكر ان تجمع قلبك وحواسك وكيفية اجتماع القلب ان تترك الهموم والغموم الدنياوية فلا تهتم بشيء فاتك واسئل الله ان يبلغك احسن مما فاتك فانه ذو الفضل العظيم وان تستشعر عظمة الله سبحانه وقهاريته وسطوته واضمحلال ما سواه عنده فيجتمع القلب ح اذ لا يمكنه ح الا النظر الى نوره وبهائه وعظمته سبحانه فاذا اجتمع القلب فانظر في العالم بنظر العبرة ( الحيرة خل ) والاعتبار والتعجب وفي ( في خل ) كيفية خلق هذا الخلق العظيم على اختلاف مقاماتهم ودرجاتهم ومراتبهم وما الذي اراد من الخلق في ايجادهم وينظر الى اختلاف مراتب الجماد والنبات والحيوان واختلاف صفات كل جنس ونوع وشخص وفي هيئة الانسان واحوالها واوضاعها وامثالها من الاطوار والاحوال والحركات والسكنات ويتحير ( تتحير خل ) فيها فاذا استمر نظره ( نظرك خل ) هكذا مرة يجد ( مدة تجد خل ) امرا عجيبا غريبا ولا يمل ( لا تمل خل ) من طول الفكر النظر اذا لم يعرف ( لم تعرف خل ) شيئا فانك حين النظر والفكر متعلم عند الله تعالى فان اعطاك فله الحمد وان منعك فله الحمد وكن في الحالين راضيا شاكرا ولا تترك الطلب والفكر فان من قرع بابا ولج ولج وطلب وجد ( ومن طلب شيئا وجد خل ) وجد ووجه اخر للفكر هو ان تنظر ( ينظر خل ) الى العالم والاشياء مع اجتماع القلب من غير ان تذهب بوهمك الى شيء فانظر رحمة الله كيف ما اراد يجعل وقلبك متوجها اليه ويعرفك السر المستودع فيه واعلم يقينا ثابتا جازما انك لنتنال رتبة العلوم ولنتذوق حلاوة الحكم والاسرار الا بطول التفكر والنظر لا محض العمل وكثرة العبادة فانها من غير التفكر لا تفتح ( لا يفتح خل ) ابواب الحكمة واسرار حقيقة المعرفة والتفكر بدون العبادة لا توصل الى الحق بل يؤدي ( تؤدي خل ) الى مكائد الشيطان ودعوة النفس الامارة بالسوء فاذا ذهب وهمك حال التفكر الى امر اخر من امور الدنيا التفت الى عظمة الله سبحانه ولا تهتم ( لا تهم خل ) لما ذهب اليه وهمك فانه يزيد في تفرقة الحواس ووسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس وبالغ في التفكر كثيرا فاني اوصيك بذلك لتصل الى اعلى مقامات القرب واقصى مدارج العلم
ووظف اوقاتك ولا تضيعها بالبطالة واصرفها فيما خلقت لاجله فاذا اصبحت فصل النافلة اي نافلة الصبح في اول وقت طلوع الفجر الصادق ثم صل الفريضة في اول وقتها فان مراعات الاوقات ومحافظتها من اعظم القربات لان الصلوة في اول الوقت جزور وفي اخره ( في اخر الوقت خل ) عصفور وفي اول الوقت رضوان الله وفي اخر الوقت عفو الله وهو قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطي وقوموا لله قانتين ومحافظة الصلوة ( الصلوات خل ) ادائها في اول وقتها فان ذلك يدل على كمال اعتناء العبد بخدمة مولاه فاذا اصبحت وخرجت من ظلمة الليل اذكر حال خروجك من ظلمة العدم الامكاني الى مبدء الوجود الكوني ومن ظلمة البطن الى طلوع صبح هذا العالم وكنت لا تدرك ولا تعلم ولا تعقل ( ولا تعقل ولا تعلم خل ) ولا تعرف شيئا فاخضع واخشع وصل لمن رباك صغيرا في بطن الام وحفظك عن الالام والاسقام المهلكة حتى اخرجك الى هذه الدنيا وكنت لا تستطيع لنفسك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا ولا تقدر ان توصل اليك نفعا او تدفع عنك ضرا فاجلس ح جلسة العبد الخاضع الذليل الذي لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه اينما يوجهه لا يأت بخير وهي كما ذكرنا جلسة المتورك في حال التشهد واشتغل بذكر الله سبحانه وافضل الذكر بعد الصلوة تسبيح مولاتنا وسيدتنا الزهراء على ابيها وبعلها وبنيها وعليها الاف التحية والثناء ثم بعد ذلك اقرء دعاء الصباح والمساء المروي عن امير المؤمنين عليه السلم ليلة المبيت في الفراش وعن الصادق عليه السلام الا انه قال عليه السلم تجعل السبحة من طين قبر الحسين عليه السلم بيدك وتقرأ هذا الدعاء ثلثا ثم تقبل السبحة وتجعلها على عينيك وتقول : اللهم اني اسئلك بحق هذه التربة المباركة وبحق صاحبها وبحق جده وبحق ابيه وبحق امه وبحق اخيه وبحق ولده الطاهرين اجعلها شفاء من كل داء وامانا من كل خوف وحفظا من كل سوء ثم يقول ( تقول خل ) هذه الكلمات عشرا فقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله من قال هذه الكلمات كل يوم عشرا غفر الله له اربعةالاف كبيرة ووقاه من شر الموت وضغطة القبر والنشور والحساب والاهوال كلها وهي مائة الف هول اهونها الموت ووقي من شر ابليس وجنوده وقضي دينه وكشف همه وغمه وفرج كربه وهي هذه : اعددت لكل هول لا اله الا الله ولكل هم وغم ما شاء الله ولكل نعمة الحمد لله ولكل رخاء الشكر لله ولكل اعجوبة سبحان الله ولكل ذنب استغفر الله ولكل مصيبة انا لله وانا اليه راجعون ولكل ضيق حسبي الله ولكل قضاء وقدر توكلت على الله ولكل عدو اعتصمت بالله ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهذا دعاء عظيم مفتاح الكنوز وفتاح الرموز مشتمل على احدعشر فصلا كل فصل مبدء خير ومصدر نور فلو قرأته بعدد حرف كل فصل يكون فيه بلوغ ما تضمنه مثلا اذا دهتك داهية واصابك هول تذكر لا اله الا الله بعدده الكبير او بتنزيل العشرات الى الاحاد لكن بشرط التوجه التام والاقبال العظيم واذا اصابك هم وغم فقل ما شاء الله بعدده واذا انعم الله عليك نعمة دنيوية او اخروية فقل الحمد لله ليبقي لك اياها ويستمرها عليك ( وتستمر عليك خل ) واذا اذنبت فقل استغفر الله بعدده مع الندم وان اصابتك مصيبة في دنياك او في دينك العياذ بالله فقل انا لله وانا اليه راجعون بعدده ليقيك الله عن ( من خل ) شر كل مصيبة ويبدلها لك بنعمة كاملة شاملة باقية واذا ضاقت عليك الامور وتعسرت عليك المهمات واقبلت عليك الشدايد التي لا مهرب ولا مفر لك عنها فقل حسبي الله بعدده مع التوجه فان الله سبحانه يخلصك عن الضيق الذي انت عليه البتة انشاء الله تعالى واذا توجه اليك قضاء السوء وشر القدر فالجأ الى حصن ذكر توكلت على الله بعدده الكبير او غيره فان الله تعالى يكفيك و( او خل ) يدفع عنك ذلك القضاء والقدر بكرمه وفضله واذا قصدك عدو بسوء او خفت من احد فقل اعتصمت بالله بعدده فان الله تعالى يؤمنك وينجيك من عدوك البتة انشاء الله تعالى واذا عصيت او اطعت وخفت ان يدخلك عجب او لا يقبل منك فقل لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم بعدده فان الله سبحانه يغفر لك ذنبك ويوفقك للطاعة المقبولة وكذلك اذا خفت ان تقع في المعصية او لا توفق للطاعة فقل هذا القول ايضا بعدده فان الله سبحانه يقيك عن المعصية ويوفقك للطاعة وبالجملة ادع هذا الدعاء مجملا ومفصلا وواظب عليه في الحالات كلها فترى منه غرايب وعجايب ويقضي لك جميع مهمات الدنيا والاخرة وهذا لا اختصاص له بوقت الصبح وانما ذكرت في تعقيب الصبح لان الحواس في هذا الوقت اجمع وورود الافاضات والخير فيه اكثر لما قلنا من انه ( انها خل ) ساعة من ساعات الجنة وفيه خلق فلك جوزهر القمر وفيه كان عقد الصديقة الطاهرة لعليّ عليه السلم لانه قد وقع في الجنة وهذه الساعة ( الساعات خل ) منشأها ومظهرها وينبوعها في الدنيا ولذا ورد ان الجلوس على المصلي الى طلوع الشمس يوسع الرزق ويجلب المال وصل على محمد وآل محمد كل يوم الف مرة وان يصعب عليك صل كل يوم مائة مرة ويوم الجمعة الف مرة كما روي عنهم عليهم السلم وافضل اوقاتها اول الفجر واول طلوع الشمس واول الزوال وان استطعت ان تلعن اعدائهم بعد العصر وعند ( العصر عند خل ) الغروب الف مرة او مائة مرة فافعل فانه تمام الخير ولاحظ في هذه الاحوال كلها نفسك وفقرها وحاجتها وربك وغناه ( معناه خل ) وبابه فامح نفسك في وجدانك والتفت الى الواحد من غير اشارة ولا كيف
فاذا طلعت الشمس وظف اوقاتك واجعل لك وقتا معينا تتلو فيه القران كلام الله الذي فيه النور والنجاة والخير والبركة واقرأه في الخلوة ان استطعت بصوت حزين ورقة وخشوع واستشعر حال القرائة انه كلام الله الذي خاطبك بك فانت حين ما تقرء كلامه فانما تقرأه بمحضر منه ( فيه خل ) سبحانه واياك ان لا تقرأه كما انزل فانك ح مفتر على الله نعوذ بالله واحذر ان ( من ان خل ) تلحن في القرائة باللحن الخفي او الجلي فالثاني هو ان لا تؤدي الحروف عن مخارجها ولا تحافظ الوقوف بل اقرأه بالترتيل ولاحظ محسنات القراءة من الامور الخمسة عشر المذكورة في كتب القراءة واحذر من ( عن خل ) مقابلاتها من الامور الخمسةعشر التي هي من المستهجنات في القراءة والاول هو ان لا تلاحظ المعاني ولا تأتمر بالاوامر ولا تنزجر عن المناهي ( لا تزجر عن النواهي خل ) بل اذا وصلت الى الاوامر فاعقد قلبك امتثاله من جهة المحبة والشوق ومعرفة انه هو الفخر والعز والشرف واذا وصلت الى المناهي فاعقد قلبك كف نفسك عنها كذلك وانها هي الامور الردية ( المردية خل ) واذا وصلت الى ذكر الجنة فاطلب منه تعالى اياها واذا وصلت الى ذكر النار تعوذ بالله منها واطلب منه تعالى ان ينجيك عنها واذا وصلت الى ذكر مكائد الشيطان تعوذ بالله من شره وكيده ومكره واذا وصلت الى ذكر الامم الماضية فاعتبر منها وقس نفسك انها لو كانت معهم كانت منهم فيشملها الهلاك او النجاة بحسب اعمال ( الاعمال خل ) السوء التي اقترفوها او العمل الصالح الذي عملوه واذا وصلت الى ما حكى الله تعالى عن الكفار من الاقوال الباطلة التي قالوها كقولهم عزير بن الله و( او خل ) المسيح بن الله وان الله ثالث ثلثة وان الملئكة بنات الله وان يد الله مغلولة وامثالها من الكلمات اخفض صوتك ونزه ( تنزه خل ) الله سبحانه عنها وابرأ الى الله تعالى منهم ومن اقوالهم واعتقاداتهم وكل من يضاهيهم ويشابههم في امثال هذه الاعتقادات الفاسدة الباطلة واذا وصلت الى تكذيب الله سبحانه اياهم وتوعيدهم بالعذاب والنكال اجهر صوتك وشدد في القراءة مثلا اخفض صوتك عند قوله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة والعن اليهود بما قالوا ثم اجهر عند قوله تعالى غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا فالعنهم ثم توسط توسطا يقرب الى الشدة وقل بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وهكذا اجر ( وهذا جهر خل ) في القرائة واذا وصلت الى مقام الخطاب مثل يا ايها الذين امنوا ويا ايها الناس وامثالهما قل لبيك وسعديك واعلم انك من المخاطبين بالخطاب الشفاهي واذا وصلت الى ما يأمر الله سبحانه بالقول مثل قل هو الله ( احد خل ) وقل يا ايها الكافرون وامثالهما قل في نفسك هو الله احد ويا ايها الكافرون وعند قوله تعالى لكم دينكم ولي دين قل ديني الاسلام ثلاثا وعند قوله تعالى كفوا احد كذلك الله ربي ثلثا وهكذا في ساير الكلمات واذا وصلت عند ذكر محمد واله صلى الله عليهم باي نحو من انحائه من تفسير الظاهر مثل قوله تعالى ما كان محمد ابا احد الاية وقوله تعالى الذين يتبعون النبي الامي الاية وقوله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ( ويطهركم تطهيرا خل ) الاية وقوله تعالى قل تعالوا ندع ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم وامثالها من الايات التي تنزيلها فيهم صلى الله عليهم او تفسير الباطن مثل قوله تعالى وواعدنا موسى ثلثين ليلة واتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة فموسى هو النبي صلى الله عليه واله والثلثين ليلة هو عليّ عليه السلم والليالي العشر هي الحسن والتسعة من ولد الحسين عليهم السلم ومثل قوله تعالى والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل اذا يسر فالفجر هو الحسين عليه السلم والليالي العشر ما ذكرنا انفا والشفع عليّ عليه السلم لانه الزوج والوتر هو رسول الله صلى الله عليه واله والليل اذا يسر هي فاطمة عليها السلام وقوله تعالى حم والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم فحم هو النبي صلى الله عليه واله والكتاب المبين هو عليّ عليه السلم انا انزلناه اي عليا عليه السلم بالعقد والتزويج في ليلة مباركة هي فاطمة عليها السلام فيها يفرق كل امر حكيم اي يمتاز كل امام حكيم بعد امام حكيم ومثل قوله تعالى ان عدة الشهور عند الله اثناعشر شهرا في كتاب الله وهم الائمة عليهم السلام وقوله تعالى ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنتيعشرة اسباطا ( اسباطا امما خل ) وامثالها من الايات التي باطنها النبي والائمة عليهم السلم او تفسير باطن الباطن مثل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وامثالها او تفسير التأويل مثل قوله تعالى يغن الله كلا من سعته ذلك اذا خرج القائم المهدي عجل الله فرجه وانتشر العلم لا يحتاج احد الى علم صاحبه وامثالها او باطن التأويل مثل قوله تعالى الم تر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم عن القتال الى ان قال تعالى فلما كتب عليهم القتال فالذين قيل لهم كفوا ايديكم عن القتال هو الحسن بن عليّ عليهما السلام والذي كتب عليه القتال هو الحسين عليه السلم او تفسير ظاهر الظاهر مثل قوله تعالى هذا صراط علي مستقيم باضافة الصراط الى عليّ عليه السلم وقوله تعالى ان علينا للهدى بتشديد الياء اي علينا للهدى وقوله تعالى ان علينا جمعه وقرانه اي علينا جمعه وقرأه وقوله تعالى وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم وامثالها من الايات والحاصل في كل موضع من القران تجد فيه ذكر الائمة عليهم السلم فصل عليهم صلوة كاملة واسئل الله بحقهم ان يخلصك من الشكوك والشبهات والاوهام والخيالات وكذلك اذا وصلت الى ذكر اعدائهم ومخالفيهم وظالميهم بجميع الانحاء المذكورة والغير المذكورة والعنهم وادع عليهم واسئل الله ان يعذبهم عذابا لا انقطاع لأمده ولا نفاد لعدده واذا وصلت الى قوله تعالى يوم ندعوا كل اناس بامامهم فاذكر عقايدك ( عقايدهم خل ) والامام الذي تأتم به والائمة الماضين من ابائه الطاهرين عليه وعليهم سلام الله اجمعين واسئل الله ان يدعوك بهم ولا يفرق بينك وبينهم واعلم ان القران رفيق شفيق وحبيب صديق يطعمك من جوع ويؤمنك من خوف فاحسن مرافقته ومصاحبته واقرأه بالتدبر والتفكر في معانيه واسراره ومبانيه ولا تجعل همك اتمام السورة ولا الجزو بل اجعل همك معرفته واستشمام روايح ازهار بواطنه ولا تقل اني ماافهم فانك اذا داومت النظر والتدبر والتفكر يفتح لك باب فهمه ومعرفته واياك ان تستعين لفهم القران بكتب تفاسير المخالفين كالبيضاوي وما اشبهه الا من جهة معرفة اللغة الظاهرية مما اتفقت عليه فانهم مادخلوا باب مدينة العلم وليس لهم في ذلك من خلاق بل اطلب فهمه من نفسه ومن الاحاديث ( فهمه من تفسير الاحاديث خل ) والاخبار فانها متكفلة لجميع معاني القران واسراره من ظاهره وباطنه وتأويله فتمسك بحبلهم فانهم يعلمونك ويدلونك الى احسن السبيل وارشد الطريق لانك بمرئى منهم ومسمع وهو قوله تعالى وما كنا عن الخلق غافلين
فاذا فرغت من تلاوة القران كل شيئا ولو قليلا حتى لا تكون على الريق فيستولي عليك المرة الصفراء واحسن الاشياء للريق اللبان وهو الذي يسمونه بالكندر وهو يدفع الرطوبات والابخرة ويصفي الذهن ويقوي القوة الحافظة ويرقق القلب وينشط للطاعة ويذهب بالكسالة وكان مولانا الرضا عليه السلم يأكل منه بعد ما فرغ من تعقيب الصبح وكذلك كان اكل الانبياء ( عليهم السلام خل ) ولذا ورد انه ما تنبى نبي الا بالاقرار بامور منها ان يكون اللبان في ميراثه وكان امير المؤمنين عليه السلم يزيد عليه بقدره من القرنفل ويدق الجميع ناعما ويأكل على الريق فانه اقوى تأثيرا واشد عملا ( او اشد تحملا خل ) من اللبان وحده سيما لمن غلبت عليه المادة البلغمية والرطوبات الفضلية فان خفت من زيادة الحرارة فزد على اللبان بقدره من السكر او خذ المصطكي وقدره من القند وكله على الريق ثم بعد ذلك اشتغل بطلب العلم فانه افضل ما يعمله العاملون ولطلبه وتحصيله فليتنافس المتنافسون وقد روي ان الملئكة لتضع اجنحتها لطالب العلم وانه ليستغفر له كل من في السموات والارض حتى الحيتان في البحار لكنك اعلم ان العلم ليس في السماء فينزل اليكم ولا في الارض فيصعد اليكم بل هو مكنون فيكم مخزون في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين حتى يظهر لكم واخلاق الروحانيين هي ما اشار اليه النبي صلى الله عليه واله في قوله ليس العلم بكثرة التعلم بل هو نور يقذفه الله في قلب من يحب فينفسح فيشاهد الغيب وينشرح فيحتمل البلاء قيل هل لذلك من علامة يا رسول الله (ص) قال صلى الله عليه واله التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل حلوله وهذه المحبة المورثة لقذف العلم قد فسرها الله تعالى ( سبحانه خل ) في الحديث القدسي ما زال العبد يتقرب اليّ بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ان دعاني اجبته وان سئلني اعطيته وان سكت عني ابتدأته ه وفعل النوافل وما يقرب العبد الى الله تعالى ( سبحانه خل ) انما يكون بتحقق الانسانية وهي انما يتحقق بصفاء المزاج المسبب عن اعتدال الطبيعة على ما في الحديث عن امير المؤمنين عليه السلم في الفلسفة في جواب اليهودي قال (ع) وما تعني بالفلسفة اليس من اعتدل طباعه صفا مزاجه ومن صفا مزاجه قوي اثر النفس فيه ( فيه ومن قوي اثر النفس فيه خل ) فقد دخل في الباب الملكي الصوري وليس له عن هذه الغاية مغير فصار موجودا بما هو انسان دون ان يكون موجودا بما هو حيوان ه وقد قال عليه السلم في النفس الانسانية ان لها خمس قوي وخاصيتان اما القوي فعلم وحلم وذكر وفكر ونباهة واما الخاصيتان فالنزاهة والحكمة نقلت معاني هذه الاحاديث انظر الان من اين جعل منشأ العلم ومبناه ومنه افهم حقيقة العلم ومعناه اذ لا يسعني الان كل البيان ( تمام البيان خل ) واعلم ان العلم مخزون عند الله تعالى في خزائنه الغيبية وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين والكتاب المبين هو الامام عليه السلم عند العلماء الاعلام وصدره عليه السلم مخزن العلم ومنه ينزل اليك بقدر معلوم ورزق مقسوم وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فليس حق ونور وعلم ومعرفة الا عند الله تعالى في خزائنه فاطلب منه تعالى اذن واطرق باب الخزينة وقف عليها ربما ينزل ( يتنزل خل ) اليك شيئا منه بكرمه وجوده وانه تعالى كريم لا يخيب امليه ولا ييأس طالبيه وهو الرحيم الغفور فاقطع عن غيره واسلك سبيله ذللا ليخرج من بطن قواك ومشاعرك شرابا مختلفا الوانه من انحاء علوم المعرفة وعلوم المحبة وعلوم الوفاء وعلوم الصفا وعلوم الاداب وعلوم مؤانسة الاحباب وعلوم الشريعة وعلوم الطريقة ( وعلوم الطريقة وعلوم الشريعة خل ) وما يلازمها ويترتب عليها ويتفرع عنها وما يوصل اليها فيه شفاء للناس من امراض جهالاتهم وشبهاتهم وضلالاتهم فاذا سلكت سبيله فلا يلتفت منكم احد الى سواه وامضوا حيث تؤمرون وذلك هو المجاهدة فيه ( سبحانه وخل ) تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا واعلم ان الله تعالى ( سبحانه خل ) سبب كل ذي سبب ومسبب الاسباب من غير سبب فانظر الى المسبب لا الى الاسباب والمؤثر لا الى الاثار فاذن اصلح ظاهرك وقلبك وسرك فباصلاح الظاهر ينفتح لك باب علم الشريعة وباصلاح القلب ينفتح لك باب علم الطريقة وتهذيب الباطن وتزكيته وباصلاح السر ينفتح لك باب علم الحقيقة وبفتح هذه الباب تنفتح الابواب كلها وتنكشف العلوم باسرها اما اصلاح ظاهرك فكما ذكرنا من الاستقامة في الاحوال من نومك ويقظتك واكلك وشربك وصباحك ومسائك وقيامك وقعودك وفرحك وترحك فانظر فانه تمام الامر وسنامه
وبقي الكلام في ذكر الاقوال والمعاشرات
اما الاقوال فالزم الصمت والسكوت فان المرء يعرف عقله بكلامه فمن قل كلامه كثر عقله ومن كثر كلامه قل عقله كما عن امير المؤمنين (ع) ولو كان الكلام من الفضة فالصمت من الذهب وكثرة الكلام تورث البلادة والحمق وضعف النفس كما ان كثرة المسامات وفتحها في البدن تورث ضعف البدن واختلال القوى وفتور النفس وشرح هذه الاحوال يطول به الكلام وليس لي الان تلك السعة لأستقصي في المرام والعاقل تكفيه الاشارة ولا تتكلم الا بذكر الله تعالى فقد ورد ان المؤمن كلامه ذكر وهو ان تريد بكلامك امرا من الامور التي فيه رضى الله تعالى ( سبحانه خل ) فانه ذكر وان لم يكن من الاذكار المخصوصة واقتصر على قدر الكفاية وما يفيد المستمع ولا تطلب الزيادة فانها يقسي القلب واذا سئلت اجب على قدر السؤال وبقدر قناعة السائل ولا تزد حرفا واحدا كما قالوا عليهم السلم لو زدتم في السؤال حرفا واحدا لزدنا في الجواب وان نقصتم نقصنا فتأس بامامك ومقتداك روحي له الفداء واذا تكلمت فلا تجهر بكلامك جهرا لانه ليس علامة الخاضعين ودأب الخاشعين واذكر حين الكلام قوله تعالى وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا ولا تتكلم الا بما تراجعه في وجدانك مرتين او ثلث او اكثر حتى لا تتكلم بالعبث او بشيء مستهجن تظن انه حسن وتنبه على خطاء كلامك في نفسك قبل ان تظهره فينبهك الناس عليه واعلم ان المرء مخبوء تحت لسانه وقيمة المرء بقدر ما يحسنه من العمل واذا اتاك ات لا تتكلم باللهو ولا تبدئه ( لا تبدء خل ) بالكلام الا ان يكون فيه رضى الله تعالى واذا صمتت لا يكون صمتك وسكوتك عن الكلام الظاهري بل كن في صمتك متفكرا وفي سكوتك متدبرا في افاق العالم والانفس مرة في زوالها واضمحلالها ومرة في انقطاع الامال الا اليه تعالى ومرة في عظمة الله وقدرته ومرة في قيوميته تعالى وقهاريته واقتداره على الاشياء ومرة في توحيده تعالى في الذات والصفات والافعال وهكذا فارتع في رياض الحكمة وبساتين القرب والمعرفة ولا تبخس حظك من الدنيا وخذ النصيب الاوفى من الرقيب والمعلي وهو قوله عليه السلم في المؤمن وصمته فكر ونظره اعتبار واذا صمت وتوجه الى قلبه وينظر الى عظمة الله ( تعالى خل ) الظاهرة في قلبه ويتفكر في حال نفسه ومخالفته لربه وفقر نفسه ورجاء رحمة ربه واذا نظر الى عالم الشهود بعد الصمت والسكوت يعتبر بحال الماضين والباقين واطوار تنقلات العالم وتطوراته في احواله فيرد منهلا رويا ويشرب هنيئا مريئا
واما المعاشرات فان كنت طالبا لعلم التوحيد والمعرفة لتكون صادقا حين ما تقرء دعاء خمسةعشر انت لا غيرك مرادي ولك لا لسواك سهري وسهادي ولقاؤك قرة عيني ووصلك مني نفسي وفي مناجاتك ولهي والى رضاك صبابتي ( عنايتي خل ) الدعاء فاعتزل ( فاعزل خل ) عن الخلق ما استطعت فان الناس داء دفين لا دواء لهم واهل الدنيا معاشرتهم سم قاتل لا يسلم منهم احد الا من خصه الله بتوفيق الاعتزال عنهم ظاهرا وباطنا والمطلوب هو الاعتزال بالقلب لكن في هذا الزمان سيما لاصحاب التلوين الذين ما وصلوا مقام التمكين والاطمينان والتسلط على النفس الاعتزال القلبي مع المعاشرة البدنية مشكل جدا ولذا لا بد من الاعتزال الظاهري مهما امكن من باب المقدمة ولذا قال عليه السلم ان استطعت ان تكون على قلة جبل فافعل وقال ايضا عليه السلم ان استطعت ان لا تخرج من بيتك فافعل وقال ايضا (ع) فر من الناس فرارك ( كفرارك خل ) من الاسد لان الناس اهل الدنيا واهل الهوى والمعصية نجاسة ولا يخلو احد من ابناء الدنيا من الانهماك فيها فيتنجسون واذا باشرت المتنجس تتنجس سيما مع بقاء عين النجاسة هذا اذا كان ( كانت خل ) المباشرة بالرطوبة وهي عبارة عن الميل اليهم وميلهم اليك المقتضيان للسيلان واما اذا باشرتهم باليبوسة اي بعدم الميل القلبي فلا بأس الا انه ترك للاكمل او انه عندك ماء طاهر تغسل درن ما يصيبك منهم في الفور الا ان تكون النجاسة نجاسة الميت ( الميتة خل ) فانها عينية وان كان موضع الملاقات يابسا والاموات هم الكفرة الفجرة الصوفية ام الاخباث واصل الارجاس واياك ومعاشرتهم وان لم تمل ( وان تميل خل ) اليهم فينجسوك فلا يكفي الغسل وحده بل لا بد لك معه من الغسل والغسل بماء التوبة والندم والتضرع والغسل بضجر النفس بالاعمال والطاعات والعبادات وما ورد من الحث في معاشرة الاخوان وزيارة الاصحاب والخلان وضيافتهم وعيادة مرضاهم فانهم اخوان الصفا والاحباب ( الاخيار خل ) في الله الذين بمعاشرتهم يزيد نورك وبهائك ويكثر علمك وزهدك ويستنير قلبك ويدفع الشكوك والشبهات عن وهمك ويذهب غمك وهمك ويخرج حب الدنيا عن قلبك لا انه يزيدك حبا للدنيا وحرصا لطلب المال والجاه فان وجدت اصحابا كما وصفنا فعليك بملازمتهم ومصاحبتهم ولا تفارقهم البتة فانهم نور القلوب وضياء الصدور ولكن هؤلاء قليلون قليلون قليلون اقل من الكبريت الاحمر وسنوضح لك شرذمة من احوالهم ان تمكنت ووجدت المهلة والا فاستنبطه مما سطرنا واما رفقاء السوء وهم اهل الدنيا وهم الذين يحجبونك عن فعل نافلة من النوافل فاحذرهم واهرب عنهم هربك من الاسد الضاري ولا تظن باحد ظن السوء ولا تستحقر احدا فانك اذا لاقيت الناس لا يخلون معك من احد حالات ( من احوالات خل ) ثلث اما انهم اكبر سنا منك فعظمهم ووقرهم ولا تستحقرهم وقل انهم سبقوني في طاعة الله تعالى ( سبحانه خل ) فهم احسن شأنا مني عند الله تعالى ( سبحانه خل ) وانا اخس منهم فيجب لي توقيرهم ضرورة تعظيم الاخس للأشرف دون العكس او انهم مساوون معك في السن فقل اني على قطع بمعصيتي وشك في معصيته لعلهم ما عصوا الله سبحانه فصاروا بذلك انجب مني واحسن واذا رايتهم في معصية قل لعلهم بعد ذلك تابوا وانابوا وتاب الله عليهم كم من معصية توجب النجاة بكثرة التأسف والندم والألم ( الالام خل ) وكم من طاعة تورث الهلاك والوبار بالعجب والفخر او غيرهما من الرديات ( المرديات خل ) فلعل طاعتي من هذا القبيل ومعصيته من ذلك القبيل فلا تستحقره في نفسك وتريها انها احسن منه وان كان تجري عليه حكم الظاهر من عدم قبول شهادته قبل ان يتوب وعرفت منه صدق النية في التوبة وامثالها من ساير الاحكام الظاهرية او انهم اصغر منك سنا فلا تستحقرهم ايضا وقل اني سبقتهم ( قد سبقتهم خل ) في معصية الله تعالى وانا اكثر منهم معصية وهم اقل مني فيها فلهم الفضل عند الله على واذا نظرت ولاحظت هذه الأحوال واجريتها في محالها ومواقعها فانت في راحة دائمة وعافية باقية وان قابلوك بمكروه وسوء فلا تقابلهم بذلك بل ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ومايلقيها الا الذين صبروا ومايلقيها الا ذو حظ عظيم وقل في نفسك ان كنت تستحق هذا المكروه منه بسوء عملك وصنيعك معه فقد اخذ منك حقه ونجوت وسلمت من تبعته ( تبعة خل ) يوم القيمة وان لم تستحق منه بذلك فصار كفارة لساير ذنوبك وحصلت ثوابا من غير كد ولا تعب وان سولتك نفسك انك ماعصيت مع ان ذلك من المحالات العادية فقل لها هب ماعصيت لكنه يكون رفعا للدرجات ومزيدا للحسنات لانه لا يفوت عن بارئ السموات ولا يعزب عن علمه شيء مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وان شتموك وسبوك في وجهك فقل لهم يا اخواني ان كنت انا كما تقولون في وتنسبون الى فاسئل الله ان يغفر لي ويدفع عني هذه النكبات وان لم اكن كما تقولون فارجو من الله عز وجل ان يغفر لكم ولجميع المؤمنين وان اغتابوك فلا تغضب ولا تضمر العداوة وقل في نفسك انهم ان قالوا فيك ما هو موجود فيك فقالوا حقا ونطقوا صدقا والا فقد حصلت ثوابا وذخرا من غير كد ثم ان ربك لهم لبالمرصاد وان تعفوا اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم وان حقروك فقل في نفسك انك اهل لذلك وان عظموك فابتهل وتضرع الى الله عز وجل ان ينجيك من الكبر والعجب وان مدحك وعظمك احد في وجهك فقل رب لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تفرح بذلك المدح والتعظيم واذكر قوله تعالى ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولا تتكبر على احد واذكر اولك نطفة قذرة ( عذرة خل ) واخرك جيفة قذرة وانت بين ذلك حامل العذرة ومجمل المقال ومختصره عامل مع الناس كما تحب ان يعاملوا معك واحبب للناس ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لك ولا تمكن الناس من رقبتك ( وقتك خل ) فيذهب عليك دينك ودنياك واخرتك واولاك ولا تغضب عليهم اذا اضروك بشيء من حطام الدنيا واغضب عليهم اذا اضروك بشيء من دينك ليكون حبك في الله وغضبك وبغضك في الله
واجعل لك وقتا لتربية عيالك واطفالك واولادك ومن وجبت عليك مؤنتهم وعاشرهم بالعدل ووسع عليهم ان وسع الله عليك والا فما تستطيع ولا تتكلف بما ليس في وسعك الا بمشقة ولا تغضب على العيال ولا تعبس في وجههم وجامع كثيرا فان كثرة الطروقة من سنن الانبياء عليهم السلام ولا تجعل همك النساء ولا تلذذ النفس وانما هو لاجل تثقيل الارض بقائل لا اله الا الله ولكسر سورة النفس لتطمئن ويجتمع قلبك ويحصل لك الخضوع في طاعة الله ولا تبق عزبا فان اراذل موتاكم العزاب ولا تكدر خاطر النسوان ولا تضربهن ولا تعبس في وجوههن فان ( وجههن وان خل ) ائمتنا عليهم السلم قالوا ان اشدكم حبا لنا اشدكم حبا للنساء ومن اراد ان يعرف انه اهل ( من اهل خل ) الجنة فلينظر كيف محبته للنساء على الوجه الحلال ولا تجعل عنقك جسرا للنساء حتى يسلطن عليك بل عامل معهن على مقتضى الشرع والمروة والاحسان ولا تتبعهن ولا تشاورهن ولا تجالسهن اكثر من حد الضرورة فانها تورث الحماقة والبلادة وخسران الدنيا والاخرة فاذا تعددت الزوجات اعدل ( فاعدل خل ) بينهن يعني كلما تعمل لواحدة اعمل للاخري في كل شيء وان لم يجب عليك مطلقا لكنه اقرب للتقوي وافرغ لك ولحواسك والا تقع بينهن العداوة والشحناء ويظهرنها فتقع في تعب شديد ولا يمكنك التوجه الى ما انت بصدده من طلب الحق والمعارف الالهية
واجعل لك وقتا لتقعد فيه للناس ان كان لا بد لك منه والا فلا تقعد لهم ولا معهم ما استطعت
وانظر في كتب اخبار ائمتنا الاطهار عليهم سلام الله الملك المختار نظر المتعلم لا نظر العالم اي انظر فيها ( فيه خل ) مع اعتقادك بان الامام (ع) حي حاضر موجود والخلق كلهم بمرئى منه ومسمع وبين يديه فاذا نظرت الى كلماتهم المنسوبة اليهم وانت قاصر النظر اليهم وقاطع ان الحق لهم ومعهم وفيهم ومنهم واليهم فلا شك انهم عليهم السلم يسددونك ويؤيدونك ولا يدعونك في ضلالة فان كان الحديث منهم ويريدون منك العمل عليه يقرونك عليه وان لم يكن منهم او ( عنهم وخل ) لا يريدون منك العمل على مقتضاه يردعونك عنه بنصب قرينة وارشاد اثبات ( اثبات ارشاد خل ) وهداية واجعل فهمك وقاعدتك تابعا للحديث لا الحديث تابعا لفهمك وقاعدتك حتى تعمل عليه ان وافق قاعدتك وتطرحها ان خالفها فان هذا طريقة العلماء لا المتعلمون وقد قالوا عليهم السلام نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون ولا تقل ان الحديث فيه محكم ومتشابه وظاهر وباطن ومطلق ومقيد ومكذوب عليهم وموضوع ومغير ومبدل ومنقول بالمعني ومحرف ويراد بكل ( لكل خل ) لفظ احد سبعين وجها فكيف يحصل القطع بالمراد مع قيام هذه الاحتمالات المساوية فكيف تحصل منه القاعدة الكلية القطعية لانا نقول ان هذه الاحتمالات وان وقعت والمفاسد المذكورة وان جرت لكن بين اظهرنا امام يقرب البعيد ويسهل العسير وعليه تسديد رعاياه وحاشاه ان يهملهم ويدعهم واختياراتهم بل ينظر فيهم فالحديث الذي ليس منهم يرويه عنهم بقرينة صادقة ( صارفة خل ) من اشارة او عبارة او مثال او سكوت او نطق ( نظر خل ) او بلحن الخطاب او بفحوي الخطاب وامثالها لان ( ان خل ) الله سبحانه قد اكمل الدين واوضح سبيل اليقين والكفار قد يئسوا من ديننا لقوة حجتنا وعظم مستندنا وقد قال مولينا الباقر عليه السلم ما من عبد احبنا وزاد في حبنا واخلص في معرفتنا وسئل مسئلة ( عن مسئلة خل ) الا ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة وقالوا ايضا عليهم السلم ( عليهم السلام ايضا خل ) ان لنا مع كل ولي أذنا سامعة وقال مولينا الحجة المنتظر عجل الله فرجه انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الأعداء واذا غاب امامك عنك فانت ماغبت عنه (ع) فارجع الى كلماتهم فان عليهم التسديد ولا يدعونك تخبط خبط عشواء ان كنت قد انقطعت اليهم وصدقت في محبتهم والكلام ( فالكلام خل ) في هذا المقام كثير واسراره عجيبة اقتصرت على هذه الكلمات ارشادا للمسترشدين وايقاظا للغافلين
ثم لما انهم عليهم السلم قالوا ان احاديثنا تعرض على كتاب الله فخذوا ما وافق واتركوا ما خالف فكلما تجد من احاديثهم ان وجدته بصافي الاخلاص في محبتهم فلا بد ان يكون له شاهد في كتاب الله عز وجل تعالى دال على المراد صريح في المقصود محكم غير متشابه فابذل جهدك وشمر عن ساق جدك ( وشمر عن وجدك خل ) وتضرع الى الله عز وجل ان يعرفك الاية المحكمة شاهد صدق للحديث حتى لا يقولوا ان الحديث المدعي متشابه او انه تلبيس ( يلتبس خل ) فيكون في الاطمينان اشد وفي اليقين اثبت ولحجج المخالفين اقطع ولانكار المنكرين ادحض وذلك يحصل بتكرار ( بتكرر خل ) النظر في كلام الملك العلام وخلوص القلب عما ينافي محبة الله ذي الجلال والاكرام ودوام التلاوة مع التفكر والتدبر في الاسحار وفي آناء الليل واطراف النهار مع الشرايط المذكورة والاداب المسطورة فلا بد ح ان تقع على المراد والا قد خيب الكريم السائل عن بابه والامل عن جنابه وحاشاه ثم حاشاه ثم حاشاه
ثم لما ان الله سبحانه قد ذكر في محكم الكتاب سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ولا شك ان العلوم كلها والاسرار باسرها والشرايع بحذافيرها اياته وشاهدة على استقامة فعله وتدبيره وثناء ( الثناء خل ) عليه تعالى بالسنة حالية مقالية ( او مقالية خل ) وهي مرئية في الافاق وفي الانفس فان الايات هي الجمع المضاف المفيد للعموم الاستغراقي في اللغة ودل الدليل العقلي والشرعي ان القران جامع للعلوم كلها ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وجب ان يكون كلما في القران وفي احاديثهم عليهم السلم موجودا بمثاله بالبيان الحالي على النهج الاكمل والاوضح في العالم وفي انفس الخلايق ولذا قال تعالى وفي انفسكم افلاتبصرون فاطلب واسع حتى تجد المثال والبيان الحالي على ذلك المنوال الموجود في القران وفي احاديثهم عليهم السلم ليكون في مقام ( ليكون لمقام خل ) الاطمينان اثبت وفي اليقين اعظم واشد وذلك لا يحصل الا بطول التضرع والتفكر في العالم بقلب خالص عن جميع الشوايب وصاف عن كل المراتب والمطالب بشرط ان لا تكون معاندا لجوجا ولا صاحب قاعدة مأخوذة من غير هذه الطريقة التي هي سبيل الله ولا مأنوسا بطايفة ليميل قلبك الى موافقتهم لمكان الاستيناس والمودة فان حبك للشيء يعمي ويصم بل كن باقيا على الفطرة التي فطر الناس عليها طالبا رضاه وطامعا في قربه ونجواه وناظرا الى صنعه وكينونة العالم التي هي اثر فعله الدال على هيئة صفة مؤثره فح وجب على الله سبحانه في الحكمة ( للحكمة خل ) ان يوصلك الى ذلك المثال ويبين لك شرح تلك الاحوال لتكون ثلج الفؤاد مطمئن ( ومطمئن خل ) البال وتعرف بذلك ان الكتاب التدويني على طبق الكتاب التكويني ومن هذه المطابقة يظهر لك اسرار كثيرة من العلوم والانوار ان في ذلك لعبرة لأولي الابصار
ثم لما ان الله تعالى ( سبحانه خل ) حكم في محكم كتابه ودلت عليه شواهد صنعه انه تعالى يريد ان يعرفنا اسرار الكونين ويعلمنا اطوار النشأتين لنكون على بصيرة من ديننا في معرفة خالقنا وبارئنا فوجب ان يكون ما وجدناه في الكتاب والسنة والعالم شيئا نجده في وجداننا وندركه بعقولنا وحواسنا ومشاعرنا فابذل جهدك واسع سعيك وتضرع الى الله عز وجل والى الائمة الهداة عليهم السلم ابوابه ووسائل فيضه ان يدلوك الى ( على خل ) ذلك البرهان العقلي والشاهد الكشفي المطابق لما دلت عليه الايات الالهية من التدوينية والتكوينية لتكون اثبت في الاطمينان واضبط واقوى في الايمان والايقان وتكون كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف وتكون على بينة من ربك وهداية في دينك ونور في برهانك وانشراح في صدرك وضياء في قلبك واطلب كل ذلك من الله عز وجل ليفتح لك ( لك باب خل ) ما اعد لك في خزاين قلبك ومخازن صدرك واعرض عن مطالعة كتب القوم سيما العامة العمياء وكل كتاب قد اخذ منها وكن كأن الله تعالى ( سبحانه خل ) ما خلق سواك وماسطر كتاب ولا ذكر جواب ولا جري خطاب اترى انه تعالى يهملك ولا يبعث لك من يعلمك اما ظاهرا مشهودا ( مشهورا خل ) او غائبا مستورا ولا تقل ان الله ( تعالى خل ) جعل هذه الكتب والالات اسبابا ووصلة الى تحصيل العلوم لانا قد ذكرنا سابقا ان الله تعالى سبب كل ذي سبب ومسبب الاسباب من غير سبب وظهر لك من تلويحات كلامنا انه تعالى جعل لكل شيء سببين سبب عام وسبب خاص فاهل العموم يتمسكون باسباب خاصة واهل الخصوص يتمسكون بالسبب العام وذلك السبب العام الكافي لجميع المسببات والمناسب لها هو الانقطاع الى الله عز وجل بكلك وهو قوله تعالى اليس الله بكاف عبده وقوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه وقوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا وقوله تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله
واما اصلاح قلبك فبأن لا تثق الا بالله ولا ترجو سوى الله ولا تخاف الا من الله ولا تطمئن الا بذكر الله ولا تفرح الا بطاعة الله ولا تحزن الا عند معصية الله ولا تبك ( لا تبكي خل ) الا شوقا الى لقاء الله ولا تضجر الا عما يشغلك عن الله تعالى وان يكون طاعته ومناجاته احب الاشياء اليك ولا تغفل عن ذكر الله ولا تركن الى الدنيا واذا اردت ان تصلي تكون صلوتك صلوة المودع للدنيا والمسافر الى العقبى وتكون متوكلا على الله راجيا عناية الله فلا تفرح ( ولا تفرح خل ) ان وعدك احد من المخلوقين بخير ولا تحزن ان منعك وكن في هذه الحالة كما كتب اعرابي الى حاكم من الحكام يطلب منه شيئا فكتب بعد البسملة ان اعطيتني فالله هو المعطي وانما اجرى الخير على يدك ( يديك خل ) وان منعتني فالله هو المانع ولا بأس عليك فلا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ه واعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ولا تضمر في قلبك شيئا من الامور التي لا يحبها الله عز وجل ( سبحانه خل ) فاذا كنت كما وصفنا فقد ملكت سرير القلب واخليته عن الشيطان الفاسق الغادر واستضائت بنور القلب جميع القوى والمشاعر فعرفت بذلك طريق سد مكايد الشيطان وتلذذت بذكر الرحمن فابشر فانك ح انسان ولا يدخلك انشاء الله ( تعالى خل ) طغيان وهو سر علم الطريقة فاحذر ان ( واحذر من ان خل ) يكون مآلك الى ما قال الله تعالى ( عز وجل خل ) واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض واتبع هويه فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث الاية ختم الله لكم ولنا بالحسنى ولا يكلنا الى انفسنا طرفة عين ابدا ولا حول ولا قوة الا بالله
واما اصلاح السر فبأن لا يخطر ببالك ما يشغلك عن الله تعالى ( سبحانه خل ) او ما يشغلك عن التوحيد الصفاتي او ما يشغلك عن التوحيد الذاتي فالاولى بترك الخطرات المباحة وما لا يؤل الى الله تعالى ( سبحانه خل ) والثانية بترك ملاحظة غير الصفات حتى لا ترى الا نوره ولا تسمع الا صوته وانت تعلم ان كل اثر يكون مبدء اشتقاق اسم للمؤثر فانظر ولاحظ الاسماء في مبادي الاثار واخلص نفسك عن الاغيار فانها تستلزم الاكدار والثالثة في مقامين اسفلهما ملاحظة الواحد الجامع لتلك الصفات الشامل لتلك الشئون والاسماء الماحي بظهوره اياها كما في قولهم الذات غيبت الصفات و ح يفتح باب علم الحقيقة التي مفتاحها ( مفاتحها خل ) عند الواحد وتعرف اذا دخلت ذلك الباب الحيث والكيف والكم والمتى واذ ( اذا خل ) وقد وما واني وتعرف مفصولك وموصولك وما يؤل اليك امورك فترد الاختلافات الى شيء واحد وترتفع المعارضات والمناقضات وتنظر الى الكثرة بعين الوحدة وبالعكس والى العالي بعين السافل والقريب بعين البعيد فتعرف بذلك مواقع وضع الالفاظ والالغاز والعبارات والاشارات والضماير ويظهر لك سر الحقايق والمجازات والكنايات والاستعارات والتشبيهات وتنفي ما سوى الحقايق في الالفاظ في مقام وتثبتها في مقام وتنفي الحقائق اصلا في مقام وتعرف بذلك ان شيئا واحدا سماء وارض وجبل وبر وبحر وشجر وحجر من بدو الوجود الى اخر مراتب الشهود فيظهر لك ان لا فخر الا في طاعة الله سبحانه ولا شرف ولا عزة الا في الخضوع له والتذلل بين يديه وان العلم عنده لا عند غيره وان ما فهمته منه في قلبك علم وما سمعته من كتاب او خطاب كله كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى اذا جائه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب وهناك تصدق قوله تعالى وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر وقوله تعالى افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد فح اقطع سويه ولا ترجع قهقري واعلم ان حيوة الدنيا متاع والاخرة هي دار القرار ولو اردت ان اصف لك ما يظهر للمؤمن الواقف في هذا المقام لطار لبك وتحير عقلك وقلت انه كفر او ارتد ولكن فيما ذكرت عبرة لمن اعتبر وبصيرة لمن نظر واعلاهما هو ان تلاحظ الاحد الحق المعبود سبحانه وتعالى وتتوجه اليه بذاتك وحقيقتك ماحيا نفسك وناسيا ذاتك فتستغرق في بحر التوحيد وتسبح في لجة التفريد لا تشاهد سويه وتقطع النظر عن الصفات والاسماء وتطفي سرج القوى والمشاعر وهو غاية مقصد الطالبين وقاطع سفر المسافرين وهو مقام الاستيناس في ظلال المحبوب كما في قوله عليه السلام واذا انجلي ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة واستأنس في ظلال المحبوب واثر محبوبه على من سواه ه وفي هذا المقام يظهر له سر التوحيد فيعرف الله بالله اي بصفته لا بذاته وهو قوله عليه السلم في الدعاء بك عرفتك وانت دللتني عليك ودعوتني اليك ولولا انت لم ادر ما انت الى هنا اقطع الكلام اذ بلغت الغاية من المرام
يا اخي وفقك ( وفقك الله خل ) لخير الدارين وحباك بكل ما تقر به العين ورزقك الحسنى في النشأتين قد اوضحت لك اقرب الطريق ( الطرق خل ) الموصل الى الله عز وجل والى قربه ورضاه على ما وصل الينا من ائمتنا الهداة عليهم السلم وجربناه وشاهدنا صدقه وخيره وبركته فخذه وكن من الشاكرين ولا تعدل عما ذكرت لك الى الباطل ولا تلتفت الى هؤلاء الخداعين الكفرة الملحدين اعني الصوفية من تسويلهم الخلق بالرياضات الغير المشروعة ومرادهم ان يعبدوا من غير الله حيث اسوا ( اسسوا خل ) لهم تصوير صورة المرشد الخبيث واستعذ بالله منهم ولو لم اكن على اهبة السفر ومع قلب مشوش لبينت لك من فضائحهم ومثالبهم ما يكون تذكرة لاولي الالباب لكنك خذ الحق واعرض عن الباطل واحسن فان الله مع المحسنين وصلى الله على محمد واله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم ومخالفيهم وجاحديهم من الجن والانس اجمعين والحمد لله رب العالمين
قد فرغ من تسويدها منشئها يوم الاثنين لاحدى عشر ليلة مضين ( مضي خل ) من صفر المظفر في قرية سراوان ( سروان خل ) من قرى الرشت ( حامدا مصليا مستغفرا خل ) في سنة ١٢٣٨