
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
فاما الناسخ والمنسوخ فان عدة النساء كانت في الجاهلية اذا مات الرجل تعتد امرأته سنة فلما بعث الله رسوله (ص) لم ينقلهم عن ذلك وتركهم على عاداتهم وانزل الله في ذلك قرآنا فقال والذين يتوفون منهم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فكانت العدة حولا فلما قوي الاسلام انزل الله تبارك وتعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا فنسخت قوله متاعا الى الحول غير اخراج ومثله ان المرأة كانت في الجاهلية اذا زنت كانت تحبس في بيتها حتى تموت والرّجل يؤذا فانزل الله ذلك واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا ومنه اللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا واصلحا فاعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما فلما قوي الاسلام انزل الله الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فنسخت تلك ومثله كثير
واما المتشابه فمما لفظه واحد ومعناه مختلف ومنها الفتنة التي ذكرها الله تعالى في القرآن فمنها عذاب وهو قوله تعالى يوم هم على النار يفتنون اي يعذبون ومنه الكفر وهو قوله والفتنة اكبر من القتل اي الكفر ومنه الحب وهو قوله تعالى انما اموالكم واولادكم فتنة يعني به الحب ومنه اختبار وهو قوله تعالى الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون اي لايختبرون ومثله كثير
واما ما لفظه عام وهو خاص مثل قوله تعالى يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين لفظه عام ومعناه خاص لانه فضّلهم على عالمي زمانهم باشياء خصصهم بها وقوله تعالى واوتيت من كل شيء يعني بلقيس فلفظه عام ومعناه خاص لانها لم تؤت اشياء كثيرة منها الذكر واللحية وقوله ريح فيها عذاب اليم تدمر كل شيء باذن ربها فلفظه عام ومعناه خاص لانها تركت اشياء كثيرة لم تدمّرها
واما ما لفظه خاص ومعناه عام فقوله من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا الآية فلفظه خاص ومعناه عام في الناس كلهم
واما التقديم والتأخير فان آية عدة النساء الناسخة تقدمت على المنسوخة لان في التأليف قد قدّمت آية عدة النساء اربعة اشهر وعشرا على آية عدة سنة وكان يجب اولا ان تقرء المنسوخة التي نزلت قبل ثم الناسخة بعد وقوله افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى اماما ورحمة فقال الصادق عليه السلم انما انزل افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه اماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى وقوله ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وهو انما نحيا ونموت لان الدهرية لم يقروا بالبعث بعد الموت وانما قالوا انما نحيا ونموت فقدّموا حرفا على حرف وقوله يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي وانما هو اركعي واسجدي وقوله تعالى لعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا وانما هو فلعلك باخع نفسك على آثارهم اسفا ان لم يؤمنوا بهذا الحديث ومثله كثير
واما المنقطع المعطوف وهي آيات نزلت في خبر ثم انقطعت قبل تمامها وجاءت آيات غيرها ثم عطف بعد ذلك على الخبر الاول مثل قوله تعالى وابرهيم اذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون انما تعبدون من دون الله اوثانا وتخلقون افكا ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون ثم انقطع خبر ابراهيم فقال مخاطبة لامة محمد صلي الله عليه وآله وان يكذبوك فقد كذب امم من قبلكم وما على الرسول الا البلاغ المبين اولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ان ذلك على الله يسير الى قوله اولئك يئسوا من رحمتي واولئك لهم عذاب اليم ثم عطف بعد هذه الآيات على قصة ابرهيم فقال فما كان جواب قومه الا ان قالوا اقتلوه او حرقوه فانجاه الله من النار ومثله في قصة لقمان
واما ما هو حرف مكان حرف فقوله تعالى لئلا يكون لله على الناس حجة الا الذين ظلموا منهم يعني ولا الذين ظلموا منهم وقوله يا موسى لا تخف انه لا يخاف لدى المرسلون الا من ظلم يعني ولا من ظلم وقوله تعالى وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ يعني ولا خطأ قوله ولا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم يعني حتى تقطع ومثله كثير
واما ما هو على خلاف ما انزل الله فهو قوله كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله فقال ابو عبد الله عليه السلم للقاري خير امة تقتلون امير المؤمنين والحسن والحسين ابني عليّ صلوات الله عليهم فقيل له عليه السلم كيف انزلت يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انما انزلت كنتم خير ائمة اخرجت للناس الا ترى مدح الله لهم في آخر الآية تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ومثله انه قرئ على ابي عبد الله عليه السلم يقولون هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما فقال ابو عبد الله عليه السلم لقد سألوا الله عظيما ان تجعلهم ( يجعلهم خل ) للمتقين اماما فقيل له يا بن رسول الله كيف نزلت هذه الآية فقال انما نزلت ان الذين يقولون ربنا هب لنا الآية وقوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله فقال ابو عبد الله عليه السلم كيف يحفظه النبي من امر الله وكيف يكون العقب من بين يديه فقيل وكيف ( فقيل كيف خل ) يكون ذلك يا بن رسول الله صلي الله عليه وآله فقال عليه السلم انما انزلت ( فقال له انما نزلت خل ) له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه ويحفظونه بامر الله ومثله كثير
واما ما هو محرف فهو قوله لكن الله يشهد بما انزل اليك ( اليك من ربك خل ) في عليّ كذا نزلت انزله بعلمه والملائكة يشهدون وقوله يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك في عليّ فان لم تفعل فما بلغت رسالته وقوله ان الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم وقوله وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم اي منقلب ينقلبون وقوله تعالى ولو يرى الذين ظلموا آل محمد في غمرات الموت ومثله كثير
واما ما لفظه جمع ومعناه واحد فقوله يا ايها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم نزلت في ابي لبابة بن عبد الله بن المنذر خاصة وقوله يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء نزلت في حاطب بن ابي بلتعة وقوله ان الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم نزلت في نعيم بن مسعود الاشجعي وقوله ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم نزلت في عبد الله بن نفيل خاصة ومثله كثير
واما ما لفظه واحد ومعناه جمع فقوله وجاء ربك والملك صفا صفا فاسم الملك واحد ومعناه جمع وقوله الم تر ان الله يسجد له من في السموات والارض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب فلفظ الشجر واحد ومعناه جمع
واما ما لفظه ماض وهو مستقبل فقوله يوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله وكل اتوه داخرين وقوله ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون واشرقت الارض بنور ربها الآية ووفيت كل نفس الآيات
واما الآيات التي في سورة وتمامها في سورة اخرى فقوله في سورة البقرة في قصة بني اسرائيل حين عبر بهم موسى البحر وغرق الله فرعون واصحابه وانزل الله على بني اسرائيل المن والسلوى فقالوا لن نصبر على طعام واحد الى ان قال اهبطوا مصرا فان لكم ما سألتم فقالوا له يا موسى ان فيها قوما جبارين الآيات وقوله اكتتبها وهي تملى عليه بكرة واصيلا فرد الله عليهم وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون فنصف الآية في سورة الفرقان ولنصفها ( نصفها خل ) في سورة القصص
واما الآية التي نصفها منسوخة ونصفها متروكة على حالها فقوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن وذلك ان المسلمين كانوا ينكحون اهل الكتاب من اليهود والنصاري وينكحونهم فانزل الله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم فنهى الله ان ينكح المسلم المشركة ولا ينكح ( ينكح خل ) المشرك المسلمة ثم نسخ قوله ولا تنكحوا المشركات الآية بقوله في سورة المائدة فاليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا آتيتموهن اجورهن فنسخت هذه الآية قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن وترك قوله ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا لم ينسخ لانه لا يحل للمسلمة ( للمسلم خل ) ان ينكح المشرك ويحل له ان يتزوج المشركة من اليهود والنصارى وقوله وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص ثم نسخت هذه الآية بقوله كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فنسخت قوله النفس بالنفس الى قوله السن ولم ينسخ قوله والجروح قصاص فنصف الآية منسوخة ونصفها متروك
واما ما تأويله في تنزيله فكل آية نزلت في حلال او في حرام مما لايحتاج فيها الى تأويل مثل قوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم الآية وهو من المحكم
واما ما تأويله قبل تنزيله فالامور التي حدثت في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله مما لم يكن عند النبي صلى الله عليه وآله فيها حكم مثل الظهار فان العرب في الجاهلية كانوا اذا ظاهر الرجل من امرأته حرمت عليه على الابد فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله الى المدينة ظاهر رجل من امرأته يقال له اوس بن الصامت فجاءت امرأته الى رسول الله صلى الله عليه وآله فاخبرته بذلك فانتظر النبي صلى الله عليه وآله الحكم من الله تبارك وتعالى فانزل الله تعالى الذين يظاهرون الآية ومثله ما نزل في اللعان وغيره مما لم يكن عند النبي صلى الله عليه وآله فيها حكم ( حكم فيها خل ) حتى نزل عليه القرآن به من الله عز وجل فكان التأويل قد تقدم التنزيل
واما ما تأويله بعد تنزيله الامور التي حدثت في عصر النبي صلى الله عليه وآله وبعده في غصب آل محمد عليهم السلم ما وعدهم الله من النصر على اعدائهم وما اخبر الله ( الله به خل ) نبيه صلى الله عليه وآله من اخبار القائم عليه السلم وخروجه واخبار الرجعة والساعة
واما ما تأويله مع تنزيله فمثل قوله تعالى اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فلم يستغن الناس تنزيل الآية حتى فسر لهم رسول الله صلى الله عليه وآله من اولي الامر وقوله واتقوا الله وكونوا مع الصادقين والآيات في الصلوة والزكوة والصوم
واما ما لفظه خبر ومعناه حكاية فقوله ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا وهذا حكاية عنهم والدليل على انه حكاية ما رد الله عليهم في قوله قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السموات والارض وقوله يحكي عن قول قريش ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فهو على معنى الخبر ومعناه حكاية
واما ما هو مخاطبة للنبي والمعنى امته فقوله يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن فالمخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى لامته وامثال ذلك كثيرة وقد قال الصادق عليه السلم ان الله بعث نبيه باياك اعني واسمعي يا جارة
واما ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لآخرين فقوله وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن انتم يا معشر امة محمد صلى الله عليه وآله في الارض مرتين ولتعلن علوا كبيرا
( الى هنا كان في النسخ )