رسالة أصولية في جواب الآقا محمد تقي (في التسديد)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة أصولية

في جواب الآقا محمد تقي

في التسديد

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد التاسع

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه اتوكل

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الانجد الامجد ذا الفهم والوقار والفكر النقاد اللوزعي الالمعي راقي مراق المعرفة وسالك مسالك المحبة احب الاخوان الروحاني واصدق الاخلاء الايماني التقي النقي الآقا محمد تقي سلمه الله تعالى قد سئلني عن مسئلة طال ما تنازع فيه علمائنا الاعلام وتشاجر فيها فقهائنا الكرام واكثروا فيها من النقض ( النقص خ‌ل ) والابرام وتغوصوا في هذا اليم الهائل ولم يصلوا بتصادم امواج الشكوك والشبهات الى الساحل ( الاصل خ‌ل ) واراد من الحقير حقيقة الجواب والاشارة الى مخ الحق والصواب مما وصل الى من تصفح طريقة الائمة الاطياب عليهم سلام ( صلوات خ‌ل ) الله في المبدء والمأب وانا مع قصور باعي وقلة اطلاعي وفكري الكليل وفهمي العليل ومتاعي القليل ما يسعني ايراد كلما اعلم واثبات كلما افهم اذ ابتليت بزمان قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعي الغي اتباعه فكثر ملبوه وشاع مجيبوه ولكني مورد لا يسع ( ما يسع خ‌ل ) بيانه ولا يصعب برهانه لمقام السائل عندي وركوز محبته في قلبي وكونه اهلا للجواب وان لا يمنع الحكمة وفصل الخطاب والله الموفق للصواب وجعلت كلامه ايده الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له كما هو عادتي في اجوبة المسائل مراعيا لحصول كمال الانطباق وتحقق غاية المطابقة والوفاق والله المستعان وعليه التكلان

قال سلمه الله تعالى : مولينا ومقتدانا من الله بوجودكم علينا ما نجد اليوم في المعارف مثلكم شرح الله صدوركم بانواره واطلعكم على كثير من اسراره فمنوا على كالسائل الناقص بالجواب المبين الازهر واما السائل فلا تنهر اني ما وجدت منهلا اعذب وموردا اطيب من شرع افاداتكم ولا يكون للظمآن ماء احلى واهنى ( اهلي خ‌ل ) من زلال افاضاتكم تشفعوا ببيان الجواب بدليل النقل وبرهان العقل حتّى تكشف عني حجب الحيرة والا عمى بصير على البصيرة

اقول قوله ايده الله : شرح صدركم ( شرح الله صدوركم خ‌ل ) بانواره المراد بهذه الانوار انوار تشعشعت وتلألأت من باطن الكرسي من اللوح المحفوظ الى ظاهره الى سر الشمس وغيبها ومنها الى غيب النيران المستجنة في باطن الكواكب لاسيما الى السماء الثانية ( سماء الثالثة خ‌ل ) عند الملائكة الثلاثة شمعون وسيمون وزيتون الواقعة منها الى مواقع الحواس المبثوثة في الدماغ عن الصدر فافهم وقوله على كثير من اسراره وهي اربعة نوعا ( انواع خ‌ل ) وسبعة صنفا ( اصناف خ‌ل ) وسبعون شخصا في مقامات الاضافة والا فمراتبها لا تتناهى قال الله تعالى في حديث القدسي كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ( علما خ‌ل ) ليس لمحبتي غاية ولا نهاية وقال تعالى خطابا لنبيه صلى الله عليه وآله وقل رب زدني علما وهو علم الاسرار الخارجة عن معدن الغيب بسر عظمة الجبار القهار والاشارة الى الاربعة المصرح بها في الاول في كلام مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه الصفار في بصائر الدرجات انه قال عليه السلام ان امرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر والسر المستسر والسر المقنع بالسر

وقوله سلمه الله ومنوا على السائل ( عليه كالسائل خ‌ل ) الناقص المراد به سر الحاجة وحقيقة انصافه ( الفاقة خ‌ل ) وتزايد الاستعدادات المفيضة لتزايد الامدادات فالممكن دائما هو الزايد الناقص وهو الحار ( الجار خ‌ل ) المنجمد فلا يقف عن الطلب ولا يخلو ( لا يخطو خ‌ل ) عن المدد وهما البحران الملتقيان بينهما برزخ لا يبغيان والمؤمن دائما لسان اعماله واقواله ( اقباله خ‌ل ) مطابق للسان كينونته وحاله وهو دائما نصف الشيء ناقص عن التمام فضلا عن الكمال لان الشيء انما يتم بسلطانين سلطان الليل وسلطان النهار فالاول من نفسه دائما والثاني من ربه مستمرا فهو ابدا بما هو طالب ما عند ربه وان كان ما عنده بربه وهو قوله تعالى ادعوني استجب لكم وفي الدعاء اللهم اني ادعوك كما امرتني فاستجب لي كما وعدتني والكافر حيث انه يرى نفسه مستقلة فكانت بذلك مضمحلة كان تاما افرأيت من اتخذ الهه هواه والى ما ذكرنا الاشارة بقول امير المؤمنين عليه السلام لما سئل الجاثليق عن تمام الشيء ونصفه قال عليه السلام اما تمام الشيء فكافر مثلك واما نصفه فمؤمن مثلي

قوله سلمه الله بالجواب المبين الازهر يريد ما زهر نوره عند الملائكة الكروبيين والمقدسين ( الكروبيين المقدسين خ‌ل ) والروحانيين لا ما تداوله ايدي الاقيسة والبراهين مما عند الناس من الحكماء والمتفلسفين والمأخوذة من كلمات العامة العمياء الملحدين وقد قال عليه السلام على ما في ( ما رواه في خ‌ل ) الكافي ما معناه ذهب من ذهب الى غيرنا الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب الينا الى عيون صافية تجري بنور الله ولا يحسن الكلام على التفصيل خوفا من اصحاب القال والقيل وانا اقول اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون

قال سلمه الله : السؤال الاول - هل يمكن حصول العلم في الشرعيات وفتح الباب لمن جاهد في الله وتوجه اليه بالتصفية والتزكية والرياضات الشرعية كما اخبر بعض علمائنا اعلى الله درجاتهم يفتح الباب لانفسهم وصرح بامتناع حصول الظن في الشرعيات لكون لأن الظنون منتوجة عن العاديات والتجربيات والطبيعيات وليس بناء الشرع على شيء من ذلك

اقول اما امكان حصول العلم في الشرعيات فلا شك انه ثابت اذ لا استحالة في ذلك ولا نزاع فيه ولا احد انكر امكان العلم نعم انما الكلام في الوجود والتحقق في عالم الكون والوجود اما وجوده ( في وجوده خ‌ل ) في الجملة فلا كلام فيه ايضا ولا نزاع لاتفاق كلمتهم عليه اما في الجميع كما هو مذهب طائفة من العلماء او في البعض مثل الاجماعيات الضرورية والمحققة الخاصة والعامة وما يستفاد من الاخبار المحفوفة بالقرائن القطعية ومن العقل المقطوع به الموزون بالموازين الشرعية ولا شك في استفادة العلم من هذه الاسباب والوجوه ولا يستريب فيه احد من العقلاء فضلا عن الفضلاء وكذا لا شك ولا ريب في حصول العلم في الشرعيات لمن جاهد في الله وتوجه اليه بالتصفية والرياضات الشرعية وفروغ ( فرغ خ‌ل ) فؤاده لمحبته واخلى قلبه لسلوك سبيل هدايته وصدره لتلاوة كتابه وآياته ونظر بصافي طويته وخالص سريرته في الامثال المضروبة في الآفاق والانفس وجمع حواسه لارتفاع معارج مقامات القدس والوصول الى مراتب الانس واتصل بالملائكة الكروبيين والملائكة المقربين وسكنة السموات والارضين كما قال عز وجل الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اوليائكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة فاذا كانوا اوليائه في الحيوة الدنيا فيحدثون اليه ( فيتحدثون خ‌ل ) الانوار ويعلمونه الاسرار ويعرفون ( يعلمون خ‌ل ) الحيث والكيف والكم ويفهمونه مفصوله وموصوله وما يؤل اليه اموره وقد قال امير المؤمنين عليه السلام على ما في الكافي ما معناه المتتبعون ( المتبعون خ‌ل ) لقادة الدين والائمة الهادين الذين يتأدبون بآدابهم وينهجون منهجهم يهجم بهم العلم على حقيقة الايمان فيستلينون من احاديثهم ما استوعر على غيرهم ويأنسون بما استوحش منه المكذبون واباه المسرفون اولئك اتباع العلماء حقا الحديث وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس العلم بكثرة التعلم بل هو نور يقذفه الله في قلب من يحب فينفتح ويشاهد الغيب وينشرح فيحتمل البلاء الحديث فهؤلاء الابدال وذكور الرجال ولا شك انه يحصل لهم العلم في جميع الاحوال بلا فرق في حال دون حال وهؤلاء قليلون اعز من الكبريت الاحمر كما قال مولينا الباقر عليه السلام فهم على بصيرة وقطع في جميع احوالهم واقوالهم وافعالهم وليس الكلام في هؤلاء العظام في ميدان النقض والابرام وانما الكلام في غيرهم من الاعلام من الخواص والعوام في حصول العلم وتحققه لهم في جميع الاحكام وجميع مسائل الحلال والحرام في كل مسئلة مسئلة فقد انكره جماعة من العلماء فاكتفوا بالظن فيما لم يحصل فيه العلم وهم المعروفون باهل الاصول والاجتهاد الذين يستفرغون الوسع في تحصيل الحكم الظني وجماعة آخرون انكروا جواز العمل بالظن واستقبحوه ومنعوا من التعبد في دين الله بدليل ظني وحكم غير قطعي وهم المعروفون باهل الاخبار والمحدثين الذين يزعمون اختصارهم على الرواية ولا يتعدون عنه فيحصل لهم بها ( لهم العلم بها خ‌ل ) بمعونة القرائن في جميع الاحكام المحتاج اليها فيعملوا بالعلم واذا لم يحصل يتوقفون او يرجعون الى القواعد الشرعية والاصول المرعية

فاما ( واما خ‌ل ) الحقير الفقير كثير الذنب والتقصير فلي كلام في هذا المقام لم يسبقني اليه احد من الاعلام فيما اعلم كتبته في هذه الايام ( في هذا الامر خ‌ل ) امتثالا لامر شيخنا الممجد ومولانا المسدد ومخدومنا المؤيد الشيخ محمد بن عبد الجبار القطيفي ايده الله وسدده وقد اجريت الكلام فيه على طور انيق وطرز وثيق وليس بعده كلام لانه غاية القصد والمرام وانا احب ان اذكره ( ان اسره خ‌ل ) لك في هذه الوريقات لتتبين لك حقيقة الحال وتعرف بذلك نمط الاستدلال على وجه المرغوب عند آل‌ محمد المفضال عليه وعليهم صلوات الله بالغدو والآصال وهو :

اعلم ان الله سبحانه كامل من جميع الجهات بكل الحيثيات والاعتبارات وكماله المطلق يقتضي ان يجري فعله سبحانه على احسن استقامة واكمل ما تستحسنه العقول المستقيمة المستنيرة بنور المعرفة والبصيرة فلا يفعل المرجوح ولا يترك الراجح في افعاله ومفعولاته ابدا ولا يعدل من الاحسن الى الحسن ولا يصح ان يقال في امضاء فعله تعالى لو كان كذا لكان احسن كيف وهو سبحانه عاتب الانبياء وعاقبهم بترك الاولي وهو يفعله سبحانه القائل اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وحاشا وكلا تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا

فاذا عرفت هذه المقدمة الشريفة التي هي من الابواب التي يفتح منها الف باب فاعلم ان الثبات والاستقرار ( الاستقراء خ‌ل ) والاطمينان والوقوف على حد العلم لكل ( اكمل خ‌ل ) من الاضطراب والتزلزل وعدم الاستقرار بل لا يقال ( بل الاطمينان يقال خ‌ل ) انه اكمل لعدم الحد الجامع فاذن وجب على الخلق ( الحق خ‌ل ) الحكيم ان يوفق الخلق لا على الاضطراب والتزلزل لنقصانهما وزوالهما واضمحلالهما وهذه النسبة جارية في كل شيء وبكل وضع وبكل رسم ولا شك ان الثبات والاطمينان وعدم التزلزل انما يكون في العلم والقطع واليقين دون الوهم والشك والظن والتخمين فوجب ان لا يختار سبحانه لعبده على القطع واليقين شيئا من مقابلاتهما لانه نقصان في الحكمة وهو سبحانه وتعالى اجل من ان يطا ( يطاء خ‌ل ) النقص في فعله فلما كان كلما جاز على الله من الخير والنور في فعله وجب لعدم ( بعدم خ‌ل ) القوة والانتظار في متعلقات افعاله على وجه الحقيقة وجب ان يجري فعله على ما اختاره كما اختار بما اختار وقلنا ان ذلك هو العلم فكان مدار الكاينات في جميع احوالها من التكوينية والتشريعية والذاتية والتوصيفية على العلم والقطع فعليه جرت الشريعة واياه طلبت اصحاب الحقيقة فكان هو الامر اللازم والحكم المبرم سبق به القضاء وجرى عليه الامضاء وثبت في الالواح ومضت على حكمه الحقائق والاشباح فتبين لك انه يقبح على الله تعالى ان يتعبد الخلق في الاحكام الشرعية التكليفية وغيرها الا على القطع واليقين دون الظن والتخمين وهذا الاصل مسلم عند الكافة الخاصة والعامة لا يشك فيه مسلم موحد الا ان بعضهم جعله اصلا اوليا وقالوا قد طرء اصل آخر اخفى حكمه وغير اسمه ورسمه لاختلاف المقتضيات وهو التعبد بالظن عند سد باب العلم وقالوا ان باب العلم منسد لوجوه اختلالات الادلة من الكتاب والسنة من الوجوه الكثيرة التي ذكروها في المطولات والمفصلات والاجماع اما لم يحصل اصلا في هذا الزمان كما هو رأي جماعة او قليل الوجود نادر حصوله ووقوعه كما هو رأي الآخرين والتكليف ثابت فوجب العمل بالظن الا ما اخرجه الدليل القاطع والظن ( وهو الظن خ‌ل ) الحاصل من القياس والرأي والاستحسان والرمل والجفر وامثال ذلك وما ( ذلك مما خ‌ل ) لم يدل عليه دليل قاطع فيدخل تحت الاصل الثانوي الذي هو وجوب العمل بالظن ولولا القول بوجوب العمل بالظن لزم التكليف بالمحال وهو التكليف بما لا يطاق والله سبحانه منزه عن ذلك وقد قال عز وجل من قائل لا يكلف الله نفسا الا وسعها ومعاذ الله ان ناخذ الا من وجدنا متاعنا عنده ولا يكلف الله نفسا الا ما آتيها وغيرها من الآيات والروايات الواردة المواردة في ( الواردة في خ‌ل ) هذا الباب فاثبتوا بذلك على زعمهم حجية مطلق الظنون وانه اصل مستقل طار على الاصل الاول وان باب العلم مسدود والطريق الى العلم مفقود فوجب العمل ( العلم خ‌ل ) بكل ظن راجح عنده ويترك المرجوح لئلا يرجح المرجوح المتفق على بطلانه الا ما قام الدليل القاطع والبرهان الساطع على عدم جواز العمل به مثل ما مر واشباهه وهذا القول عند اهل التحقيق العارفين بالله سبحانه على جهة التصديق فاسد باطل ومجتث زائل لعدم الموجب لانتقال الاصل الاول واجراء حكمة الله على سابق مشيته وماضي ارادته ونافذ كلمته فانه تعالى لم ‌يعجز عن ايصال الخلق الى اليقين حتّى يكلفه بالظن والتخمين والاسباب الموصلة الى العلم والقطع حيث ان الله تعالى اجرى الاشياء باسبابها لم ‌تنقطع ومادة العلم لم ‌تنعدم ( لم‌ ينعدم خ‌ل ) ولم ‌تضمحل ليضطر المكلفون الى العمل بالظن الا على القول بخلو الارض من الحجة والاكتفاء بالآثار النبوية (ص) وعدم القول بلزوم وجود حجة من الله سبحانه حي حاضر اما ظاهر مشهور او خايف مستور يتمشى هذا القول وهو عند الشيعة بمعزل عن القبول فاذا كان الامام عليه السلام حيا حاضرا بين ظهراني الخلق والمكلفين عالما باحوالهم محيطا باسرارهم وامثالهم وشهودهم وغيبهم وهم بمرئي منه او ( وخ‌ل ) مسمع فما الذي يمنعه عن هدايتهم وارائهم ( ارائتهم خ‌ل ) السبيل وهم محتاجون جهال لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا واذا غاب شخصه عليه السلام وروحي له الفداء عنهم لم يغيبوا عنه وليس شرط التدبير والتصرف الرؤية الا ترى الملائكة المدبرات امرا فانهم يتصرفون في الخلق ولا يرونهم والجان يتصرفون في بني آدم ولا يرونهم والله من ورائهم محيط وهو المتصرف المدبر في الاشياء كيف يشاء لا اله الا هو الحكم ( هو له الحكم خ‌ل ) واليه ترجعون والامام عليه السلام وجه الله الذي اليه يتوجه الاولياء والملائكة خدامهم والجان تحت حيطتهم وتصرفهم في الحكمين على مقتضى المشيتين الحتمية والفرعية ( العزمية خ‌ل ) كل ذلك بنص الروايات المتواترة والعقول المستنيرة فاذا لا مانع من الهداية ولا مخل من الارائة فان كان المانع عدم علمه واطلاعه على احوال المكلفين فالكتاب والسنة واجماع الفرقة ( الفرقة المحقة خ‌ل ) على اثبات علمه واحاطته وقال تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وهم الائمة عليهم السلام اجماعا وان اعمال العباد تعرض على الامام (ع) من ما شاع وذاع عند جميع الشيعة كافة والروايات في ذلك كانت تبلغ حد التواتر وفي زيارته ( ع خ‌ل ) السلام على صاحب المرئي والمسمع وان كان من جهة عدم تمكنه واقتداره للهداية والارشاد مع غيبته ونائبه عليه السلام فانه باطل لان هدايته للخلق وايصاله اياهم على القطع واليقين لا يحتاج الى المشافهة والمشاهدة قطعا كما في غيره من المبادي العالية والسافلة بل له ان يوصل المستحقين الى حقوقهم باطوار مختلفة وانحاء متشتتة من جهات التعريف بالقاء الاصول والقواعد او ( وخ‌ل ) جزئيات الاحكام بانحاء الدلالات على حسب ما يرى المصلحة فمنها بالتصريح ومنها بالتلويح ومنها بلحن المقال ومنها بلحن الخطاب ومنها بدليل التنبيه والاشارة ومنها بدليل الخطاب ومنها بالفحوى ومنها بالمثال ومنها بالبيان ومنها بالسؤال ومنها بالجواب ومنها بالسكوت ومنها بالاعراض والاهمال ومنها من قبيل اياك أعني واسمعي يا جارة ومنها بالجمع ومنها بالتفريق ومنها بالاعلان ومنها بالاخفاء ومنها بالناسخ والمنسوخ ومنها بالاجمال ومنها بالتفصيل ومنها بالكناية ومنها بالتشبيه ومنها يقذف ( بقذف خ‌ل ) في القلوب ومنها بواسطة اوعية السوء ومنها بروايات ضعيفة لها قرائن ومنها باخبار صحيحة ومنها باجماع الطائفة ومنها بالشهرة المقبولة ومنها بدلالة عقل موزون ومنها بتنبيه هو بالتسديد يجريها بعموم او بخصوص او اطلاق او تقييد او جمع او وحدة كل ذلك بالادلة الثلثة المحكمة دليل الحكمة ودليل الموعظة الحسنة ودليل المجادلة بالتي هي احسن وغيرها من اطوار التأييد وانحاء التسديد وجهات التعريف وهو لا يعجزه تدبير رعيته ولا اصلاح غنمه ولا حفظ الشريعة التي هو شارحها ومبينها ولا يصح ان يغفل عن جميع رعيته فان الله تعالى اجل من ان يجعل حجته على الخلق ثم يخفي علمهم عنه فلم‌ تكن الحجة ح بالغة وكان ذلك نقصا وعيبا في الحقيقة ( الخليفة خ‌ل ) وضعفا في انفاذ المشية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وان كان المانع تقيته (ع) فلا يصح ايضا لانه ان كانت التقية عن نفسه فلا معنى لذلك بعد اخفاء شخصه وغيبته لعدم فرض الاستيلاء عليه وان كانت عن ( من خ‌ل ) رعيته فذلك ايضا حكم ثانوي من احكام الله تجب الديانة به الى ان يتغير الموضوع فيرتفع حكم التقية ح

واما الاختلافات الواقعة بين علماء الفرقة فليست لاجل اختلاف انظارهم وخطاء ظنونهم وافكارهم بل لعدم ( لعدم تمكن خ‌ل ) وصولهم الى الامام عليه السلام فلا تمكنوا ( فلو تمكنوا خ‌ل ) من الوصول او السؤال مشافهة لما اختلفوا لان الاختلاف هو المطلوب عنده في زمانه كما كان مطلوبا في زمن آبائه (ع) اما سمعت قولهم نحن اوقعنا الخلاف بينكم وقولهم راعيكم الذي استرعاه الله امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء جمع بينها لتسلم وان شاء فرق بينها لتسلم والحكمة الالهية المستودعة عندهم اقتضت الاختلاف عند فرج ( مزج خ‌ل ) اهل الحق بالباطل واهل الصلاح مع اهل الفساد وسنة الخلاف باقية الا ان تزيلوا لعذبنا الذين كفروا الآية وذلك التنزيل ( التزييل خ‌ل ) سبب ظهوره عجل الله فرجه كما ان المزج سبب خفائه فالاختلاف هو المطلوب الآن وقبله الا ترى المشافهين لهم (ع) يختلفون حسب اختلافات بيناتهم لهم ( بنياتهم خ‌ل ) ولذا قالوا ان هذا الاختلاف اسلم لنا ولكم ولو اجتمعتم لاخذ برقابكم واما شيوع الفساد وانكباب الخلق على المعاصي فلا ينافي تسديد الامام عليه السلام لان تسديده (ع) للتعريف والتبيين لا للعمل ( العمل خ‌ل ) والالجاء على الفعل وقد قال تعالى لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فالبيان شأن الحجة لا الالجاء والاكراه قال الله تعالى وما على الرسول الا البلاغ ( البلاغ المبين خ‌ل ) مثلا على الحجة ان يبين انه ( ان الزنا خ‌ل ) حرام ومعصية فاذا حصل المانع لهذا الفهم والبيان عليه ان يزيله لان البيان من الله سبحانه وعلى الله قصد السبيل ان علينا جمعه وقرانه فاذا قرأناه ( فاتبع قرانه خ‌ل ) ثم ان علينا بيانه فالاهمال في البيان التام نقض ( نقص خ‌ل ) في الحكمة والايجاد واما اذا عصى وزنى فليس على الله ان يمنعه والا لكان ظالما تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا فشيوع الفساد ان كان عن جهل بالفساد فذلك لا يجوز بل لا يقال ( لا يقال له خ‌ل ) فساد ايضا لان الناس في سعة ما لم يعلمون ( مما لا يعلمون خ‌ل ) كل شيء لك مطلق ( شيء مطلق خ‌ل ) حتّى يرد فيه نهي فقبل وصول النهي الى المكلف هو في سعة من الفعل فلا يقال ح له مفسد وان كان بعد العلم فيما كسبت وليس على الله ردعهم بعد اقامة الحجة وايضاح الدليل ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة واما تعطيل الحدود فذلك لشريعة التقية فان اقامتها لا يكون الا بظهوره عليه السلام وظهوره روحي فداه مما يأبى الله ما دام الخلط والمزج فلا تقام الحدود ما دام الامام غائبا لشيوع الفساد وظهوره في البر والبحر وعدم تحمل الناس الوقوف على الحدود الشرعية الالهية وعدم بسط يد ولي الامر ليوقفهم على الحد الحقيقي فلا تزداد اقامة الحدود الا فسادا وفتنة وايقاعا لهذه ( ايقاع لهذا خ‌ل ) الفرقة المحقة الى موارد الهلكة ( التهلكة خ‌ل ) فمنع اقامة الحدود في وقت الغيبة وشدة المحنة من اقامة الحدود فافهم راشدا

وبالجملة فبعد ما انعم الله سبحانه علينا بوجود امام حق عادل رؤف عطوف عالم مطاع شاهد علينا في غيبتنا وشهودنا وظاهرنا وباطنا ( باطننا خ‌ل ) قد اكمل الله تعالى بذلك النعمة كما قال سبحانه اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فلا معنى لسد باب العلم في الاحكام علينا لان هادينا ومرشدنا وولينا معنا اينما كنا ولا تمنعه غيبته عن رعايتنا وحمايتنا لرأفته ( رأفة خ‌ل ) بنا ورحمته ( رحمة خ‌ل ) علينا ولا تصغ الى قول من قال فيه (ع) وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا فان الجمع بين اللطفين ارجح واكمل بالضرورة وقد سبق منا ان الله لا يترك الارجح والاولى وان ائمتنا سلام الله عليهم لا يتركون الاولى بخلاف ساير الانبياء فانهم قد يتركون الراجح الاولى واما نبينا وائمتنا عليهم السلام فمنزهون ومبرؤن عن جميع ذلك فان قلت ان التصرف يستلزم المفسدة قلت مطلقا ممنوع اشد المنع فيفتقر على ما هو المصلحة من اجراء رعيته على ما تقتضيه كينونتهم واصلاح ذات بينهم على اي جهة كانت من الاتفاق والاختلاف والتقية واحكامها واما جهل ( اما ما جعل خ‌ل ) الرعية مهمل الناصية مخلي السرب ( على السرب خ‌ل ) يختارون لانفسهم ما يشاقون ( يشاؤن خ‌ل ) ويتركون ما يشاقون ( يشاؤن خ‌ل ) بين ايات وروايات ( الآيات والروايات خ‌ل ) ما يعرفون حقايقها ولا مبانيها ( نفسها ولا مبينها خ‌ل ) ولا معانيها ولا تصاريفها ولا وجوهها ولا دقائقها بكلهم ( يكلهم خ ) على ارائهم ليعتمدوا ( ليعقدوا خ‌ل ) على اهوائهم ويرجحوا بينها من انفسهم فلا يكون ذلك ابدا ويأباه عدل الله سبحانه وحكمته وقيوميته وقوله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم وفي هذا ابطال الدين رأسا اذ لو جاز هذه التخلية في وقت جاز في كل الاوقات وقوله وعدمه منا ان اراد به المكذبين فما تقصير المصدقين الذين يطلبون دينه وشرعه ويتبرؤن من اعدائهم نعم من جهة الخلط مع المخالفين حصل لهم الضعف عن ادراكه وملاقاته مثل الارمد بالنسبة الى نور الشمس واما الشمس فلا تقصر عن الاشراق والاضائة والتدبير والتجفيف والتخمين ( التسخين خ‌ل ) وغيرها ومثل الطبيب بالنسبة الى الارمد فانه اذا عجز عن مشاهدة الطبيب والاصم اذا عجز عن كلام ( استماع كلام خ‌ل ) الطبيب فلا يقصر الطبيب عن معالجته ومداواته لاصلاحه وتدبيره كيف والامام هو يد الله الباسطة واذنه الواعية ورحمته الواسعة فلا تقل يد الله مغلولة لئلا يشملك تأويل قوله تعالى

فاذا نظر الفقيه العادل الجامع للشرايط المتأهل للاستيضاح وان يطرق الباب ليرد عليه الجواب في حكم المسئلة وتأمل في دليلها من كتاب او رواية او شهرة او اجماع فاذا وقف على اجماع محقق حصل له القطع بدخول الحجة في المجمعين قولا او رضي او تصحيحا او غير ذلك فذلك هو العلم عند الكل بالاتفاق الا ان نزاعهم في الحصول ( الاصول خ‌ل ) وعدمه والا فبعد حصول العلم لا نزاع في انه العلم القاطع وهو الحجة المقطوع بها وان وقف على شهرة تكون اجماعا فكالاجماع وان وقف على ما ليس له معارض وعليه قراين تفيد القطع فكما مر ايضا وان وقف على ما له معارض مانع عن افادة القطع فليطلب المرجحات المنصوصة في الكتاب والسنة ثم ان الامام عليه السلام ناظر الى نظره في تلك المسئلة وناظر الى حاله وكينونته من حيث نفسه ومن حيث قراناته بالامور الداخلة والخارجة من احكام التقية وغيرها وناظر الى كل من يقلده فيها واحوالهم وما يقتضيه اطوارهم واوطارهم يسبب له الاسباب المرجحات على مقتضى تلك الاسباب حتّى تترجح ( ترجح خ‌ل ) عنده ما هو اللائق بحاله وحال مقلده ( مقلديه خ‌ل ) ويضعف الجانب الآخر فلا يلتفت اليه فتكون ( فيكون خ‌ل ) صلوة الجمعة بالنسبة الى بعض على حسب ( بحسب خ‌ل ) المصالح واجبة وعلى آخر محرمة وعلى آخر مستحبة وهكذا على ما تقتضيه كينوناتهم فهؤلاء المختلفون لو شافهوا الامام عليه السلام بالسؤال في هذا الوقت ما زاد لهم عما يسر لهم الطريق اليه حرفا بحرف

واما طريق القطع وسبيله فانك اذا وقف ( وقفت خ‌ل ) على دليل مسئلة من آية او رواية فيجب ان تحملها على ما هو الظاهر من المعاني الحقيقية واللغوية والشرعية والعرفية ( الفرعية خ‌ل ) فلا تصرفها على المجاز لان الحكيم هو الذي يضع الاشياء في مواضعها ومواقعها فاذا وضع اللفظ لمعنى معين فمقتضى الحكمة استعماله فيه ان يكون مانع ( مانعا خ‌ل ) عن ارادة المعنى الحقيقي فيجب ح على الحكيم البيان ونصب القرائن وشهادة العيان او الوجدان فاذا لم يجد شيئا من هذه الموانع وكان الكلام كلام الحكيم علمنا يقينا انه ما اراد الا ما وضع اللفظ بازائه وسبيل القطع اطباق ( اتباع خ‌ل ) اهل اللغة او عدم المعارض واما اذا اختلفوا فلا بد من التماس دليل منهم عليهم السلام في تعين احد القولين او الاقوال فاذا وجدت اية او رواية فاحملها على المتعارف عند اهل اللسان فانه هو المراد قطعا والا لم يكن حكيما وكان مغريا بالباطل فان كان ذلك المعروف هو الحكم الذي يريد الله سبحانه وتعالى من ذلك سكت عنه ولم يردعه وخلاه والا ردعه ونصب القراين بخلاف المدلول المعروف بين اهل اللسان فحيث سكت ولم يردع علمنا ان ذلك هو حكم الله تعالى يقينا بحكم التقرير فانهم قد جمعوا ( اجمعوا خ‌ل ) ان التقرير يورث العلم اذا عمل عملا او ذكر قولا او حديثا في محضر المعصوم عليه السلام ولم يردعه وسكت عنه ولم يكن محل التقية فذلك هو الحقيقي الذي يجب العمل به وليس شرط التقرير مشاهدة المقرر للمقرر او العكس او الجميع بل علم المقرر وتمكنه من الردع كاف قطعا وهذا المقدار في هذا الزمان حاصل يقينا فان العالم كله للامام عليه السلام بمنزلة واحد ( بمنزلة بيت واحد وشخص واحد خ‌ل ) والخلق كلهم بمنزلة العيال الواجبين النفقة والكل بمرأي منه ومسمع فانت اذا طلبت دينه وحكمه وشرعه وعثرت على دليله من كتاب وسنة وتتلوه بمرئي وهو يري ان ذلك مخالف لطريقته وسنته ثم يسكت عنك ولم ‌يدلك على الصواب ولا يوصلك الى فصل الخطاب فاين اذا محل التقرير وموقعه فان كان استنادك الى الروايات الدالة الناهية عن القول بغير العلم وعن قبول غير الفاسق وامثالها فهي موجودة في مقام التقرير على المعنى الذي تزعمون من حضور مجلس المعصوم عليه السلام ومشاهدته له فالجواب الجواب فاذا حصل التقرير حصل العلم القطعي بان هذا هو التكليف فاين الظن

فان قلت ان التقرير انما تكون ( يكون خ‌ل ) عند عدم احتمال التقية والخوف فاذا احتملنا التقية فلا قطع بان هذا هو الحكم التكليفي قلت وهذه التقية لا تجري عند الغيبة ابدا لان التقية ان كانت في القول خاصة ربما يتمشى هذا القول وان كان لغيره كما هو المفروض فيكون ذلك هو حكمنا الآن لان التقية ايضا عندنا من احد الاحكام كما ورد في حديث عليّ بن يقطين عن الكاظم عليه السلام في الخبر المشهور من تعلم الوضوء على طريق المخالفين ثم نهيه عنه وردعه الى طريقتنا المعروف فان كان سكوته من جهة التقية على الرعية فلا شك انه لا يريد الا العمل بذلك اذ ليس هذا حكم مقالي ظاهري حتّى يبقى من استماع احد من المخالفين بل انما هو تقية بالفعل فوجب فعله الى ان يتغير الموضوع فيرفع الحكم بنصب قرينة فحكم التقرير في الزمانين والحالين واحد بلا خلاف وفي الدعاء ما ضرني غيبتي ولا نفعهم حضورهم وفي التوقيع الخارج عن الناحية المقدسة حرسها الله تعالى الى المفيد (ره) ما معناه انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء وعن الصادق عليه السلام ان لنا مع كل ولي اذن سامعة والروايات الواردة على مضمونها اكثر من ان تحصى

فاذا صح التقرير وجب لردع ( ردع خ‌ل ) الامام عليه السلام واكمل الله لنا الدين واتم علينا النعمة بنصب الامام عليه السلام واستحفاظه لامر الانام ( لامر الدين خ‌ل ) الى يوم القيام فاي طريق الى الظن ح الا ان يكون الله سبحانه قد قصر في ابلاغ حجة الله البالغة ( الحجة البالغة خ‌ل ) او الرسول صلى الله عليه وآله قصر في نصب وصي حافظ بصير مطلع ناظر الى مصالح الرعية كافة او الامام (ع) قصر في الاداء والتبليغ والحفظ والرياسة فما اعطى كل ذي حق حقه وترك المصدقين المخلصين من الخلق في جهل وظن وشك مع قدرته على ايصالهم الى طريق العلم وتمكنه منه وان لم يتمكن كان عاجزا وان تمكن ولم يفعل اما ان يكون آثما او تاركا للاولى وكل هذه على مذهب الامامية في البطلان بمكان فلم‌ يبق ( ولم يبق خ‌ل ) الا النظر والسياسة على مقتضى مصالح الرعية وقد قال عليه السلام ان الله لا يخلو الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم والمؤمنون جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي كل ( في كل خ‌ل ) فرد فرد كما قيل اكرم العلماء فان المراد به كل فرد فرد لا المجموع من حيث هو المجموع وذلك معلوم واضح فاذا لا يحصل ( فاذن ما يحصل خ ) للفقيه بعد كمال الاستيضاح واستفراغ الوسع هو الحكم الالهي الحقيقي الذي لو شافه الامام عليه السلام وهو على تلك الحالة مازاده عليه قطعا الا ان هذا الحكم لا يلزم ان يكون اوليا بل قد يكون ثانويا ولاجل التقية وغيرها

بالجملة حكم هذا اليوم وحكم المشاهدة والمشافهة واحد وحكم القريب والبعيد سواء وحكم الحاضر في مجلسه والغائب عن مجلسه في الغيبة والحضور واحد في بلوغ كل احد الحكم الذي يحتاج وقد يكون حكمه الاحتياط وقد يكون حكمه التخيير والاخير قد يقتضي المصلحة عدم الاستمرار وعدم الدوام فان كان الاول اي الاستمرار ففي الغالب يكفي الحكم عليه ( اليه خ‌ل ) بالاجماعات المحققة اما عامة او خاصة او الادلة المفيدة للقطع اولا وبالذات لا بانضمام مقدمة التقرير وقاعدة حصوله فلولا هذه القاعدة كان الحكم ظنيا ولكن اذا انضمت هذه المقدمة المباركة كان الحكم قطعيا وان كان الثاني اي المطلوب عدم الاستمرار فالغالب يلقي الحكم اليه بالقسم الثاني ( الثالث خ‌ل ) من الادلة الراجحة التي لولا ( لولا ملاحظة خ‌ل ) مقدمة التقرير كان الحكم ظنيا كما مر آنفا وذلك بسهولة النقل والانتقال بخلاف الاجماعيات وغيرها فان الانتقال الذي يسمونه بتجدد الرأي قد يتفق هناك الا انه قليل وان كانت المصلحة التخيير يتعارض الادلة في نظره حتّى لا يسعه الترجيح ولا يمكنه الارجاء والتاخير ولا يمكنه طرح الجميع ولا البعض لمكان التكافؤ ولا يسع التساقط عند التعارض لثبوت احد الحكمين قطعا والتميز قد خص فبايها قد اخذ ( اخذه خ‌ل ) من باب التسليم او سعة ( التسليم وسعه خ ) وان كانت المصلحة الاحتياط يجعل له طريقا اليه والفقيه عند النظر في المسئلة لا يخلو عن الحالات الثلثة المذكورة وكلها بنظر الامام عليه السلام الحجة عجل الله فرجه وروحي له الفداء فحينئذ فاين الظن الذي يدعون وبه يصلون وعليه يتعولون ان هو الا كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتّى اذا جائه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب

فان قلت اذا كان للامر ( الامر خ‌ل ) كما ذكرت من نظر الامام عليه السلام فوجب ان لا يختلفوا لان الاختلاف ليس من الله تعالى لقوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا دل مفهوم الشرط على ان ما عند الله ليس فيه اختلاف ومفهوم الشرط حجة كما هو مذهب المحققين وقال الله تعالى ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وقال تعالى ايضا فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم فاذا كان الناظر والمسدد هو الامام عليه السلام فلا يجوز ان يختلفوا لانه ليس حكم الله قلت نعم الاختلاف ليس هو الحكم الاول ولكنه من الاحكام الثانوية كالتقية وامثالها فيجب اذا اقتضت المصلحة ذلك كما تقدم ولذا قالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينكم وراعيكم الذي استرعاه الله امر غنمه فهو اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم وان شاء جمع لتسلم وغيرهما من الروايات الواردة على وقوع الاختلاف كثيرة لا تحصى ثم انا نقول كل اختلاف مذموما ليس من عند الله ( نقول ليس كل اختلاف مذموما عند الله كل اختلاف مذموما ليس من عند الله خ‌ل ) بل الاختلاف المذموم هو الذي اخبره الله سبحانه في كتابه العزيز بقوله فما اختلفوا الا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم وليس اختلاف الفقهاء واحاديث اهل البيت عليهم السلام من هذا القبيل كما هو المعلوم

فان قلت لو كان الامر يجري بتسديد الامام عليه السلام يجب ان لا يجوز التقليد اذ المدار ليس على فهمه بل على ما يجري اليه ( عليه خ‌ل ) الامام عليه السلام حسب ما ترى من المصلحة من التاييد والتسديد وهذا الحكم يساوي فيه المجتهد والمقلد قلت ليس كل احد قابلا لنظر الامام عليه السلام اهل ( اهلا خ ) لتحمل عنايته والا لما صح بعثة الانبياء واختيار الاوصياء عليهم السلام لان نسبته تعالى الى جميع المخلوقين سواء وتسديده الى الكل واحد ولكنه سبحانه حيث يجري الاشياء باسبابها يجريها اذا تحققت شرائط القبول فوجب بعثها الانبياء وكذلك الامام عليه السلام بالنسبة الى رعيته فانه عليه السلام يوجه عنايته الى القابل المتحمل ( التحمل خ‌ل ) هو العارف باحكامه المانوس بطريقتهم واطوارهم في جهات مخاطباتهم وكلماتهم والقائهم وتلقياتهم المكلفين منهم وانحاء الاصول الملقاة اليهم حتّى يصح قوله تعالى الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والمجتهد هو العارف بطريق المجاهدة للاهتداء لتلقي الاحكام الالهية الشرعية الفرعية فيهديه الله سبحانه بتسديد الامام وتأييده عليه السلام وسبل فيه نكتة لفظية لطيفة وهي ان عدده اللفظي يطابق عدد محمد صلى الله عليه وآله فافهم الاشارة فالهداية متوقفة على المجاهدة واهل المجاهدة هم المجتهدون مثلا الشمس لها اشراق على كل من في الارض ولا يحكيها مثالها وصورتها وحرارتها الا الزجاجة والبلور فافهم ضرب المثل فان نور الشمس تسديد الامام عليه السلام وتاييده ورعايته وحمايته وقلوب ( قلوب الشيعة خ ) ارض حاملة ( حاملة له خ‌ل ) فالمجتهد كالزجاجة والبلور وساير الرعية كالاجسام ( كساير الاجسام خ‌ل ) الغاسقة والله سبحانه تعالى يقول ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون

فان قلت فعلى ما ذكرت يلزم مذهب ( بطلان مذهب خ‌ل ) التخطئة ويصح مذهب التصويب فان هذه الاحكام انما تجري بنظر الامام عليه السلام فلما يكون صوابا فاين الخطأ ح مع ان الامامية مجتمعة على بطلان مذهب التصويب وصحة مذهب المخطئة ( التخطئة خ‌ل ) قلت ان المصوبة يزعمون انه ليس لله في الواقع حكم وانما الاحكام تابعة لرأي المجتهد فما ادى اليه ظنه فذلك حكم الله الواقعي وليس له سبحانه حكم غير ذلك ولا شك ان هذا باطل فاسد قطعا فان حكم الله امر واقعي حقيقي ولا يصح ان يكون تابعا او متجددا يتجدد ( بتجدد خ ) الاراء ( لاراء خ‌ل ) الناقصة والافهام الغاسقة الباطلة وانما الاحكام الالهية تجري على حسب المصالح الواقعية الحقيقية التي عليه الكينونة الاولى العليا التي خلقها الله سبحانه يوم كان طالع الدنيا السرطان والكواكب كانت في اشراقها ثم لما تحركت الافلاك واختلطت ( اختلفت خ‌ل ) الطبايع ومزجت العليا بالسفلى والسفلى بالعليا تغيرت الموضوعات فاستدعت احكاما اخر وهي ثانوية الهية وقد تسمى ظاهرية ونفس الامرية وغيرها من الاسامي فالخطأ اذا حصل فانما هو في الاولى ولم يحصل في الثانية مثاله المريض له غذاء في حال الصحة من الاطعمة اللذيذة والاغذية الطيبة واما في حال المرض فلا يصلح له تلك الاغذية والاطعمة فانها تفسده ولا تصلحه بل المناسب له العقاقير والادوية المصلحة للمرض فالاولى هي الاحكام الواقعية الاولية والثانية هي الاحكام الواقعية الثانوية وكل هذه الاحكام عند الله سبحانه ثابتة في اللوح المحفوظ الا ان الاولى في الورقة العليا الاولى والثانية في الورقة الثانية والكل عند الله محفوظ في خزائنه واعظم الخزائن واشرفها واعلاها قلب الامام عليه السلام وهو العبد المؤمن الذي وسع قلبه والاحكام ( الاحكام خ‌ل ) الالهية باسرها وقد ضاقت عنها السموات السبع والارضون السبع كما في الحديث القدسي فالذي يقول ان الحكم الثانوي الذي ادى اليه نظر الفقيه المسمي عندهم بالحكم الظاهري قد يكون محض الخطأ وخلاف الواقع بحيث لو شافه الامام عليه السلام كان الحكم غير هذا وانما ساغ له العمل بذلك من قبيل اكل الميتة والجيفة فقد اخطأ الصواب وتعدى في الجواب بل الله سبحانه اجل من ان يكل الخلق الى آرائهم ( رايهم خ‌ل ) حتّى يقولوا في الاحكام العملية التي عليها مدار الفروج والدماء والنسل وترقيات الدنيا والآخرة على مظنوناتهم ثم تخير ( يجيز خ‌ل ) الله تعالى بهم تلك الظنونات الكاذبة والآراء الفاسدة والاوهام الكاسدة فمن نسب الى الله تعالى ذلك فقد اخرج الله عن سلطانه وعزله عن حكمته وازاله عن قيوميته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا

فان قلت ان الخطأ والوهم في الموضوعات قد يتفق يقينا فان المكلف ربما يباشر النجاسة ويتصرف في الحرام والمغصوب وغير ذلك ولم يعلمه بها وقد اجاز الله تعالى له ذلك وصح عمله ولم يكلفه بما هو الواقع فليكن تلك الاحكام المظنونة التي تقع فيها الخطأ من هذه القبيل فان الضرورات تبيح المحذورات قلت هذا قياس سيما مع الفارق فان امر الموضوعات ومعرفتها راجعة الى المكلفين وهم الذين عليهم معرفتها وتميزها وتشخيصها والمداقة فيها حتّى يميزها كما هو الواقع ليجتنب من النجس والحرام والمغصوب وغير ذلك ولكن الله سبحانه لما كان يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر سهل عليهم ذلك وقال كل شيء نظيف حتّى تعلم انه قذر وكل شيء حلال حتّى تعلم الحرام بعينه فتدعه وذلك من اوسع الاحكام واما نفس الاحكام فبيانها راجع الى الله سبحانه وتعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرانه فاذا قرأناه فاتبع قرانه ثم ان علينا بيانه فاذا كان بيان الاحكام راجعا الى الله سبحانه وهو لا يعجزه شيء فكيف يكل فهمها الى الخلق انفسهم فهل انزل الله تعالى دينا ناقصا فاستعان به على آرائهم ام قصر الرسول واوصيائه عليهم السلام في التبليغ والاداء ام هم شركاء لله فلهم ( فيهم خ‌ل ) ان يقولوا وعليه ( عليهم خ‌ل ) ان يقبل فما هو من الله سبحانه قد اوضح طريقه وابان سبيله الا ان الخلق متفاوتون في معرفة تلك الجهات وانحاء التلقيات فمنهم من يتلقون من حيث يشعرون والا فامرهم سلام الله عليهم في هدايتهم وارائتهم وايصالهم كل احد الى ما يقتضيه ذاته وكينونته وعمله اوضح الاشياء بل اظهر من الشمس وابين من الامس كما في حديث المفضل وقد قال امير المؤمنين عليه السلام على ما في نهج ‌البلاغة اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم ام اين تذهبون ورايات الحق منصوبة واعلام الهداية ظاهرة الحديث وتخصيص هذه الاعلام والرايات بالاصول دون الفروع قول بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ( مبين خ‌ل ) وفي الزيارة عن عليّ بن الحسين زين ‌العابدين عليهما السلام اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة وسبل ( سبيل خ‌ل ) الراغبين اليك شارعة واعلام القاصدين اليك واضحة الزيارة والجمع المحلي باللام يفيد العموم فيعم القاصدين اليه في الاصول والفروع وفي الزيارة الجامعة الكبيرة عن الهادي عليه السلام حتّى اعلنتم دعوته وبينتم فرائضه واقمتم حدوده ونشرتم شرايع احكامه وسننتم سنته والجمع المضاف يفيد العموم عند المحققين فيكون قد بينوا عليهم السلام جميع الفرايض واقاموا جميع الحدود ونشروا جميع شرايع جميع الاحكام وهنا تنافي ( ينافي خ‌ل ) قولهم ما بينوا ما وصل اليهم حتّى احتاجوا الى استنباط الاحكام الالهية بالظنون الضعيفة والاوهام الباطلة والاحلام الفاسدة الا ان ذلك البيان والنشر واقامة الحدود ليس على ما يعرفون بل انما هو على ما فسرت لك من جريان احكام الاقتضاءات على نهج المقتضيات من النور والظلمة والخير والشر وهو قوله تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا والامام ( في الامام خ‌ل ) عليه السلام حامل ذلك العطاء بما حمله الله تعالى كما اشار اليه بقوله تعالى هذا عطاءنا فامنن او امسك بغير حساب وفيما ذكرنا يجري قوله تعالى وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال فافهم راشدا واشرب عذبا صافيا

فظهر لك مما ذكرنا ان الاحكام على قسمين احكاما اولية وهي لا تتغير ولا تتبدل ولا تزيد ولا تنقص ولا يختلف ( لا تختلف خ‌ل ) ولا يجري عليها النسخ والاختلاف واحكاما ثانوية وهي التي مقتضي ( على مقتضي خ‌ل ) كينونة الثانية وهي تختلف وتتغير وتزيد وتنقص والناس في زمان الغيبة وخفاء الحجة بل عند مزج الطينتين مطلقا مكلفون بالعمل بالثانية وقد يتصادفون الاولى وقد يخطئونها ولا يصادفونها فيكون فرضهم العمل بالثانية لا الاولى فمن قال غير هذا المعنى فقد اخطأ الحق واتى بالجور والباطل اذ لا تصح ان يجعل الله سبحانه ما هو راجع الى غيره وغير ابوابه وخزان امره ونهيه حتّى يقول الناس بظنونهم وآرائهم ما يشاؤن ان هو الا كذب مفتري والله سبحانه اجل من ذلك واعلى تعالى عما يقولون علوا كبيرا

فان قلت ان جل علماء الشيعة والشريعة بعد دقتهم وبذل مجهودهم واستفراغ وسعهم وسعيهم وطول نظرهم وفكرهم ومجاهدتهم قد اعترفوا بعدم حصول العلم في كل ما يحتاج اليه المكلف فبنوا امرهم على ( الى خ‌ل ) العمل بالظن والا يلزم الخروج من الدين فعملوا بالراجح وتركوا المرجوح لما راوا من كثرة الامور المانعة من العلم على ما فصلوه في كتبهم المفصلة وزبرهم المدونة في الاجتهاد والتقليد وغير ذلك فلو كان الامام عليه السلام مسددا مؤديا ( مؤيدا خ‌ل ) هاديا موصلا الى العلم فلم لم‌ يوصلهم وخلاهم فان كان هؤلاء الاساطين والاكابر الاعاظم لم ‌يستأهلوا النظر ( لنظر خ‌ل ) الامام عليه السلام وعنايته وتوجهه فعدم استيهال غيرهم بالطريق الاولى اذ ليس لغيرهم مزية عليهم في العلم والعمل والآداب والاخلاق فاذا يكون وجود المجتهد كوجود العنقاء وفي ذلك تضييع للشريعة وتعطيل لاحكام الملة السهلة وذلك في البطلان بمكان قلت ان هؤلاء الاساطين لم ‌ينكروا استفادة العلم من الاجماع والاخبار المحفوفة بقرائن القطع وفي غيرها اتوا بغاية ما عندهم بعد استفراغ وسعهم وبذل مجهودهم وسعيهم وذلك ( فذلك خ‌ل ) الذي نقول انه هو حكم الامام عليه السلام اذ لو لم ‌يكن ذلك حكمه لناقض دليله وردعه عنه ولم ‌يتركه على حاله والا لكان مغريا بالباطل ومقصرا في اداء حق الله سبحانه وتعالى ولماكان كما قال عليه السلام ان الله لا يخلو الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتم ( اتمه خ‌ل ) لهم فاذا انحصر لهم الدليل بما وجدوا واذا ( اذا خ‌ل ) كانوا سالكين سبيل الحق ولم ‌يخرجوا الى الاستحسانات العقلية والاستنباطات الظنية الغير الماخوذة عن اهل البيت عليهم السلام كان ذلك تقريرا من المعصوم عليه السلام على الحكم المراد منه وقد سبق منا سابقا انه لا يشترط في التقرير مشاهدة المقرر له للمقرر فاذا حصل التقرير حصل العلم فهؤلاء العلماء عملهم على الحق وفعلهم على الصواب وان لم يستشعروا بحقيقة ( لحقيقة خ‌ل ) الامر وحكموا بان ما ادركوا هو الظن ورتبوا مقدمة لصحة العمل عليه وقالوا هذا ما ادى اليه ظني وكلما ادى اليه ظني فهو حكم الله في حقي وحق من قلدني ولم يعلموا ان ذلك هو حكم الله الثانوي الواقعي الذي سبيل حصوله وتحصيله سبيل حصول الاجماع المحصل والخبر المحفوف بقرائن القطع نعم يحتاج ذلك الى العلم بحصول التقرير في هذا الزمان فاذا ثبت ذلك فقد تم الامر واتضح الحق وحصل العلم القطعي بالحكم الثانوي وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر

فان قلت انهم عليهم السلام قد قرروا لنا قواعد بانكم ان علمتم فقولوا والا فها وقالوا عليهم السلام ان الناس قد كذبوا علينا وان لا تقبلوا خبر الفاسق الا بعد البيان فاذا ورد علينا شيء يخالف الاصول المتلقاة منهم فلا تخصصها به بل لا بد من قرينة واضحة تدل على التخصيص قلت نحن ايضا نقول بموجبه ونتكلم على حسبه ونقول على الامام عليه السلام نصب القرائن الحالية والمقالية على الحكم المناسب للفقيه المستوضح ومن هذه الجهة ترى علمائنا رضوان الله عليهم يخالفون في الفقه بعض ما قرر ففي ( قرروا في خ‌ل ) الاصول من القواعد الا ترى ان صاحب المدارك لا يرى حجية الاجماع المنقول ولا يعتقد حصول الاجماع المحقق وفي بعض المواضع يتمسك بالاجماع كما في مسئلة التراوح ذكر رواية عمار بن موسى الساباطي وهو فطحي لا يرى العمل بالموثقات وتمسك بها وقال ان المحقق ادعى الاجماع على روايات عمار مع انه ( انه في اغلب الموارد يرد رواية عمار لكونها موثقة وكذا في الشهرة فانه لا يرى العمل بها مع انه خ‌ل ) يتردد في بعض المقامات لاجلها كما قال في موضع مخالفة الاصحاب مشكلة ( مشكل خ‌ل ) والقول بغير دليل اشكل وكذلك غيره ولولا ان ورائنا من يسددنا على ما يجب فاي وجه للجماعة يخالفون قواعدهم المقررة التي اثبتوها في اصول الفقه ولا يفعله عاقل ولو اردت ان اعدد لك مخالفاتهم في الفقه ( الفقه لقواعدهم خ‌ل ) في الاصول لطال بنا الكلام مع ما انا عليه من استيلاء الضعف فمن تتبع كتبهم ادنى تتبع وجد ما اقول واضحا صريحا فالامام عليه السلام هو الذي يسدده ويؤيد بنصب القرائن وايضاح الدلائل بحيث لا يبقى للفقيه تأمل فيقول به وان كان يخالف قاعدته الروايات في ان الامام عليه السلام هو الذي يعرف الحق والباطل ويميز بين الخطأ والصواب اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا اكثر من ان تحصى فمنها ما رواه الصدوق (ره) عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج قال قلت لابي عبد الله عليه السلام تبقى الارض بلا عالم حي ظاهر يفزع اليه الناس في حلالهم وحرامهم فقال لي اذا لا يعبد الله يا ابا يوسف ( بايوسف خ‌ل ) ومنها ما رواه في الصحيح عن ابن‌ مسكان عن ابي ‌بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله لا يدع الارض الا وفيها عالم ( امام خ‌ل ) يعلم الزيادة والنقصان فاذا زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين امرهم ولم يفرق بين الحق والباطل ومنها ما رواه ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام ان جبرئيل نزل على محمد صلى الله عليه وآله يخبر عن ربه عز وجل فقال له يا محمد صلى الله عليه وآله لم اترك الارض الا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي ويكون نجاة فيما بين قبض النبي صلى الله عليه وآله والى خروج النبي صلى الله عليه وآله ولم اكن اترك الابليس يضل الناس وليس في الارض حجة داع الى وهاد الى سبيلي وعارف بامري واني قد قضيت لكل قوم هاد ( هاديا خ‌ل ) اهدي به السعداء ويكون حجة على الاشقياء ومنها ما رواه عن ابي عبد الله عليه السلام قال ( قال الارض لا تكون الا وفيها عالم يصلحهم ولا يصلح الا ذلك ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال خ‌ل ) سمعته يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا اتمه لهم ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الارض لا تخلو من ان يكون فيها من يعلم الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها واذا جاؤا بنقصان اكمله لهم فلولا ذلك اختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي ‌حمزة الثمالي قال ابو عبد الله عليه السلام لن‌ تبقى الارض الا وفيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا واذا انقصوا ( نقصوا خ‌ل ) منه قال قد انقصوا ( نقصوا خ‌ل ) واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من ( عن خ‌ل ) الباطل ومنها ما رواه عن ابي ‌حمزة الثمالي عن ابي‌ جعفر عليه السلام قال ان الارض لا تبقى الا ومنا فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس قال قد زادوا واذا نقصوا قال قد نقصوا ولولا ان ذلك كذلك لم يعرف الحق من الباطل ومنها ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابي‌ جعفر عليه السلام قال ان الله تعالى لم يدع الارض الا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان من دين الله عز وجل فاذا زاد ( كلما زاد خ‌ل ) المؤمنون شيئا ردهم واذا انقصوا ( نقصوا خ‌ل ) اكمله لهم ولولا ذلك لالتبس على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين امورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وكلما نقصوا شيئا تممه لهم ومنها ما رواه عن تغلبة بن ميمون عن اسحق بن عمار قال قال ابو عبد الله عليه السلام ان الارض لا تخلو من ان يكون فيها من نعيم ( يعلم خ ) الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها واذا جاؤا بالنقصان اكمله ولولا ذلك لاختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي‌حمزة الثمالي قال قال ابو عبد الله عليه السلام لن‌ تبقى الارض الا وفيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيها قال قد زادوا واذا نقصوا قال قد نقصوا واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من ( عن خ‌ل ) الباطل ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين امورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل ومنها ما رواه عنه قال قال ابو عبد الله عليه السلام ان الارض لا تخلو من ان يكون فيها من يعلم الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون ( بالزيادة خ‌ل ) طرحها واذا جاؤا بالنقصان اكمله لهم ولولا ذلك لاختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي‌ حمزة الثمالي قال قال ابو عبد الله عليه السلام لم ‌تبق الارض الا وفيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا واذا نقصوا قال قد نقصوا واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل ومنها ما رواه عن عبد الاعلى مولى آل سام عن ابي ‌جعفر عليه السلام قال سمعته يقول ما ترك ( الله خ‌ل ) الارض بغير عالم ينقص ما زاد ( الناس خ‌ل ) ويزيد ما نقصوا ولولا ذلك لاختلط على الناس امورهم و( منها خ‌ل ) ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ان لكل بدعة من بعدي يكاد به الايمان وليا من اهل بيتي موكلا يذب عنه ويعين الحق ويرد كيد الكائدين ومنها عن امير المؤمنين عليه السلام في عدة طرق اللهم انك لا تخلو الارض من قائم وحجة اما ظاهر مشهور او خائف مغمور لئلا تبطل حجتك ( حججك خ‌ل ) وبيناتك وفي بعضها اللهم لا بد لارضك من حجة لك على خلقك يهديهم الى دينك ويعلمهم علمك لئلا تبطل حجتك ولا يضل متبع اوليائك بعد اذ هديتهم اما ظاهر ليس بالمطاع ( بمطاع خ‌ل ) او مكتتم مترقب ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة وهم بها عاملون ومنها على تفسير قوله تعالى انما انت منذر ولكل قوم هاد في عدة روايات ان المنذر رسول الله صلى الله عليه وآله وفي كل زمان امام منا يهديهم الى ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وفي بعضهم والله ما ذهبت منا وما زالت فينا الى الساعة ومنها عن ابي عبد الله عليه السلام قال ولم‌ تخلو الارض منذ خلق الله آدم عليه السلام من حجة له فيها ظاهر مشهور او غائب مستور ولم ‌تخلو الى ان تقوم الساعة ولولا ذلك لم يعبد الله قيل كيف ينتفع الناس بالغائب المستور قال كما ينتفعون بالشمس اذا استرها ( اسرها خ‌ل ) السحاب ومنها عن حجة القائم عليه السلام عجل الله فرجه واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبتها عن ( على خ‌ل ) الانظار السحاب واني لامان اهل ( لاهل خ‌ل ) الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء ومنها ما في التوقيع الى المفيد (ره) الى ان قال انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء ومنها عن امير المؤمنين عليه السلام على ما في نهج‌ البلاغة اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم ام اين تذهبون ورايات الحق منصوبة واعلام الهداية واضحة

هذا ما حضرني من الاخبار في تصرف الامام عليه السلام في حال الغيبة والحضور وغيرها ( غيرهما خ‌ل ) مما لم ‌نذكر اكثر من ان تحصى يجدها المتتبع في كلماتهم والناظر في احاديثهم وآثارهم فمن نظر بعين الاعتبار وجاس خلال تلك الديار لم يبق له شك ولا غبار في انه عليه السلام متصرف في جميع الامصار وفي جميع الاعصار لكل واحد من الابرار بل والاشرار وهو قوله عز وجل كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فالامام عليه السلام هو حامل العطاء للفريقين كما يشهد به قوله تعالى هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وهذا وان كان في النبي سليمان عليه السلام الا انهم سبقوه وغيره في كل خير وكمال لما في الزيارة الجامعة ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه وفيها واشهد ان الحق لكم ومعكم وفيكم ومنكم واليكم وانتم اهله ومعدنه ومأويه ومنتهاه قال الله تعالى فماذا بعد الحق الا الضلال فاني تصرفون فافهم

واما تخصيص تسديده عليه السلام بالنسبة الى كافة المؤمنين باجمعهم دون فرد فرد فدعوى بلا بينة مع ان قوله عليه السلام كيما ان زاد المؤمنون يأبى ذلك فان المؤمنين جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الشامل على كل فرد فرد لا المجموع من حيث هو فانه اذا قيل اكرم العلماء لا يراد به اكرم الجميع من حيث هو هو ( حيث هو خ‌ل ) كما هو الظاهر المعلوم بل يراد اكرم كل فرد فرد كذلك في قوله زاد المؤمنون ردهم فيكون تسديده عليه السلام لكل فرد من المؤمنين جاريا وخذلانه لكل فرد من المنافقين ثابتا فان تسديده لطف فهو اما واجب عليه او مستحب له فان كان الاول فهو لا يخل بالواجب وان كان الثاني فهو لا يخل بالمندوب ولا يترك الراجح مع انهم الهداة لكل قوم والهداية منصبهم والارشاد طريقتهم فلا يتركون ما بعثوا لاجله ولا يدعون الخلق عن الحق يتيهون ولا عن الصواب يعمهون اذا سلكوا مسلكهم وطلبوا هدايتهم ورغبوا الى ما عندهم فان لهم مع كل ولي اذن سامعة كما قالوا وفي الحديث ما من عبد احبنا وزاد في محبتنا فاخلص في معرفتنا وسئل مسئلة الا ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة

واما وقوع الحيرة في زمن الغيبة حاشا من وقوعها لان الله تعالى اجل من ذلك وما ورد التعيين في بعض الروايات بها فالمراد كثرة الاختلافات ووقوع الفتن وتوارد الحوادث مع عدم امام ظاهر يلجأ اليه ظاهرا واما من طلبه على الوجه المقرر والنهج فيجده والله عند ظن كل امرء فافهم وعلى من يفهم الكلام السلام

وقد ذكر المولى الماهر الآقا محمد باقر بن محمد اكمل كلاما موافقا لما اقول وان كان في مبحث الاجماع لكن كلامه يصلح للعموم قال (ره) في رسالة الاجماع واعلم انه تأمل بعض في الاجماع الذي نقله الشيخ واعتذر بان الشيخ يعتقد حجية الاجماع بوجه فاسد وهو انه اذا اتفق جميع الفقهاء وكان خطاء وجب على الامام ان يظهر ويبين الحق بنفسه او بسفيره اذ يرد عليه منع دليل على ذلك مع امكان ان يكون عدم الاظهار للتقية او مصلحة مع ان الشيخ لا يقول بانه يجب على الامام عليه السلام ان يعرف نفسه فامكن ان يقال لولا حديثنا على خلاف ما اجمعوا عليه او مجتهد قائل بخلافه يكفي اذ لا فرق ظاهرا بين ذلك وبين ان يظهر نفسه وايضا ترى خلافات كثيرة لم يظهر الامام عليه السلام ولم يبين الحق فيها اقول وساق الكلام الى ان قال رحمه الله ان ما ذكره الشيخ هو المستفاد من الاخبار المتواترة الدالة على ان الزمان لا يخلو من حجة لهداية الناس ورد اضلال المضلين وانتحال المبطلين بل هو اجماعي الشيعة بل ومن ضروريات مذهبهم والنزاع في ذلك بينهم وبين العامة مشهور ومعروف واستدلالهم بالعقل والنقل في كتبهم الكلامية ظاهر مع انه لا نزاع في كون تقرير الامام عليه السلام حجة فاذا كان تقريرهم بالنسبة الى شخص واحد حجة فكيف لا يكون حجة الى جميع الامة او الشيعة وخصوصا يرونهم يفتون والى الشرع ينسبون والايراد على ما ذكره الشيخ (ره) وعلى الله ( وعلى ادلته خ‌ل ) بما مر بانه قد يكون عدم الاظهار لمصلحة او تقية او غير ذلك مما ذكر لعله عين ما ذكره العامة في الرد على الشيعة والطعن عليهم في قولهم بان الزمان لا يخلو عن حجة وفي استدلالهم على ذلك بان المصلحة ربما اقتضت خلو الزمان عن الحجة الى آخر ما ذكر وفي الحقيقة هذه الايرادات تهدم بنيان مذهب الشيعة في ان الزمان لا يخلو عن الحجة وتصح مذهب العامة لانها تضر باجماع الشيعة وطريقته فيه فقط بل وربما تهدم بنيان كون التقرير حجة ايضا على انا نقول اذا لم يظهر الامام عليه السلام الخلاف من جهة المصلحة فلا جرم يكون راضيا بما اتفقوا عليه وان كان من جهة المصلحة بمقتضي ادلة الشيخ والامامية ومقتضى كون التقرير حجة وغير ذلك فلا جرم يكون حكم الله تعالى في شأنهم هو ما اتفقوا عليه الا ان يتغير بمصلحة فيظهر خلافه وحكم الله تعالى يختلف بحسب المصالح فتامل واما التقية فمعلوم انهم عليهم السلام اظهروها غاية الاظهار كاللعن على الثلاثة ومن تبعهم والمطاعن الشديدة وحكمهم عليهم السلام بكفرهم ونفاقهم وغير ذلك مما لا يخفى واي شيء بقي بعد ذلك مع انه لا وجه للتقية مع فقهاء الشيعة سيما عن جميعهم واذا كان التقية عن ( من خ‌ل ) غيرهم فحكمه حكم المصلحة وقد عرفت وساق الكلام الى ان قال (ره) واما الخلاف بين الفقهاء فكل فقيه لا يكون قاصرا ولا مقصرا مثل فقهاء الشيعة فلا شك في ان بعد استفراغ وسعه يكون الامام عليه السلام راضيا بما ادى اليه اجتهاده بالقياس الى نفسه ومقلديه لا بالقياس الى ما ادى اليه اجتهاده الى خلافه او الى التوقف فيه او لم ‌يجتهد بعد فيه وليس بمقلد فيكون راضيا به غير راض به بخلاف المتفق عليه فليس ( وليس خ‌ل ) فيه عدم الرضا اصلا ولم‌ يظهر منه غير الرضاء به مطلقا فيكون الحكم كذلك الى ان يظهر الامام عليه السلام خلاف ذلك كما اشرنا انتهى كلامه وهذا الكلام كما يجري في الاجماع والمجمعين كذلك يجري في كل فرد فرد من المؤمنين المجتهدين اذ بعد القول بالتصرف في زمان فاثباته في مقام ونفيه في اخر قول بلا بينة ودعوى بلا دليل

وقد سلك ايضا هذا المسلك السيد السند المهتدي السيد مهدي الطباطبائي (ره) في فوائده قال وثانيها حصول العلم بقوله للعلم باتفاق غيره من علماء الطائفة وفيه مسلكان الاول استفادة الموافقة من عدم الرد ( عدم الرواية الرد خ‌ل ) وفيه وجهان الاول البناء على قاعدة اللطف التي لاجلها وجب على الله نصب الامام لانها مقتضي ردهم لو اتفقوا على الباطل فانه من اعظم الالطاف فان امتنع حصوله بالطرق الظاهرة فبالاسباب ( بالاسباب خ‌ل ) حيث انتفى الرد مطلقا علم موافقة بل ( موافقته لما خ‌ل ) اجمعوا عليه فيكون حجة وحجية وان كان متوقفة على وجوب الرد لا يتوقف على حجية فلا يلزم الدور كما ظن ولا يلزم على ذلك ثبوت الحيرة في زمن الغيبة لان وقوع الجميع فيها وشمولها الكل في الحكم الواحد غير مقطوع به ولا نقص الا بامر بين الا عن ( بين على ان خ‌ل ) الرد عن الباطل ( عن الرجل خ‌ل ) لا يستلزم دفع الحيرة اذ مع التردد والاشتباه يحصل التخلص بالتوقف في الحكم والاحتياط في العمل بخلاف ما لو اتفقوا على الباطل وهذه الطريقة قد سلكها الشيخ في العدة وراى ان العلم باجماع الطائفة لا يحصل الا لها واختارها جماعة منهم الكليني (ره) في ظاهر الكافي وزيفها المرتضى في الذريعة واحتمل اختصاص اللطف المذكور بزمان الحضور قال واذا كنا نحن السبب في غيبته فقد اتينا من قبلنا لا من ( الا من خ‌ل ) قبله وفي العدة ان هذا هو الذي ذهب اليه المرتضى اخيرا ويفهم منه ارتضائه لها اولا وقد ينتصر لها بان وجود الامام عليه السلام في زمان ( زمن خ‌ل ) الغيبة لطف قطعا فيثبت فيه كل ما امكن لوجود المقتضى وانتفاء المانع وان هذا اللطف قد يثبت وجوبه قبل الغيبة فيبقى بعدها بمقتضى الاصل وان النقل المتواتر قد دل على بقائه بما ورد بعض ما اردناه ( اوردناه خ‌ل ) من الروايات المتقدمة ثم قال والاخبار في هذا المعنى اكثر من ان تحصى ومقتضاها تحقق الرد من الباطل والهداية الى الحق من الامام في زمان الغيبة والمراد حصولهما بالاسباب الخفية كما يشعر به حديث السحاب دون الظاهرة فانها منتفية بالضرورة ولا ينافي ذلك تضمن بعضها الاعلان بالحق فانه من باب الاسناد الى السبب والاحتجاج مبني على ان المراد حصول الرد والارشاد قبل الاتفاق والا لكانت خلاف المطلوب وكان الاكثر حملوها على بيان الالطاف من اجلها وجب نصب الامام عليه السلام وان تخلفت عنه في زمن الغيبة لوجود المانع وصراحة بعضها في التحقق مع وضوح الدلالة في الباقي يابي ذلك الثاني ودلالة التقرير والامساك عن النكير على اصابة المجمعين فان تقرير المعصوم عليه السلام حجة في فعل الواحد فكيف بالجمع الكثير والجمع ( الجم خ‌ل ) الغفير ولا يمنع منه الغيبة مع العلم بالحال والتمكن من الرد فانه وان غاب ( غاب عنا خ‌ل ) الا انه عليه السلام بين اظهرنا نراه ويرانا ونلقاه ويلقانا وان كنا لا نعرفه بعينه فانه يعرفنا ويرعانا ويطلع على احوالنا وتعرض عليه اعمالنا ولا يلزم من ذلك وجوب الانكار مع الاختلاف لوجوده من المحقق ولا وجوبه في شأن العصاة لجواز الاكتفاء بالوضوح ( بوضوح خ‌ل ) الحق ولا وجوب الانكار على المستتر بالمعصية حال الظهور لانه انما يلزم لو انحصر الوجه في السبب الخفي كحديث عرض العمل وهذا الوجه قد اعتمده بعض المتاخرين ويحتمله كلام ابي ‌الصلاح وهو مبني على وجوب التنبيه على الخطأ مطلقا او مع العلم دون الظن ولو خص بالامام لما يلزمه من وجوب الهداية عاد الى قاعدة اللطف انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وهو كما ترى صريح في ان التقرير بعدم الرد والردع والامساك عن النكير واقع وحاصل في زمان الغيبة

فاذا جوزنا وقوعه للادلة العقلية والشواهد النقلية فلا فرق ح بين الواحد والكل لان لطفه وحمايته ورعايته شاملة للجميع وحاشاه ان يراعي الكل ويهمل البعض فان ذلك ليس من دأب الكاملين فضلا عن الامام عليه السلام المبعوث لهداية الخلق اجمعين ممن يقبل منه الهداية ولا يعرض عنه وقد نص الله تعالى عليه في قوله لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم امن الرأفة والرحمة ان يدع المؤمنين في الشدة والحيرة مع قدرته على استفادهم ( استنقاذهم خ‌ل ) منها بنفسه او بدله صلى الله عليه وآله مايغير (ظ) عليهم هذا العنت الشديد وقد قال تعالى ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فكيف يتصور ان الله سبحانه يجعل حكما للخلق ليرجعوا اليه عند التشاجر والتنازع ثم يرفعه عنهم ويهملهم ويتركهم حيارى فلا يجدون حاكما ولا يلقون هاديا مرشدا ويأبى عن ذلك حكمة الله سبحانه ورأفته ورحمته وقدرته وقيوميته وعزته وغناه ولا يشترط في الحكم المشاهدة بل يكفي التقرير او الرد والردع بالاسباب الظاهرية او الخفية وهذا الحكم ليس خاصا بطائفة دون اخرين بل يعم جميع المؤمنين من في شرق الارض وغربها فكل من تنبه للحق وطلبه فلا بد من ان يجد ما هو حكمه عن الله تعالى لقوله عز وجل والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وانما جمع السبل لاختلاف الاحكام حسب اقتضاء كينونات المكلفين واحوالهم وصفاتهم فكل احد اذا بذل مجهوده واستفراغ ( استفرغ خ‌ل ) وسعه فلا بد ان يناله بهداية الله سبحانه اياه البتة بهؤلاء الائمة سلام الله عليهم دون غيرهم لانهم باب الله وخزان امره ونهيه وارشاده وفي الزيارة الجامعة من اراد الله بدء بكم ومن قصده توجه اليكم ومن وحده قبل عنكم الزيارة فهم عليهم السلام المؤدون ( مؤدون خ‌ل ) عن الله سبحانه جميع ما اراد من خلقه اما على وجه الظهور والبروز او على جهة الخفاء والاستتار فكل احد يأخذ حقه وحكمه اذا طلبهم من الوجه الذي هم امروا به والا فيأخذ اضداده وعكوسه وتلك ح حكمه من الله تعالى كما قال عز وجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الايات لقوم يؤمنون والامام عليه السلام هو علة السعادة والشقاوة واليه ترجع احكامها فاذا فما طلبه المجتهد المستوضح المستفرغ وسعه الباذل مجهوده فهو حكم الله سبحانه حقيقة اما في الواقع الاولي او الثانوي بحيث لو شافه الامام عليه السلام وواجهه والحال هذه ما زاد عنه قطعا يقينا وهو حكم الله سبحانه الذي نزل به الروح الامين عن الله سبحانه على ما بينه ( على نبيه خ‌ل ) صلى الله عليه وآله واودع النبي صلى الله عليه وآله عند وصيه عليهما السلام ليظهره في كل وقت وزمان على ما امره الله سبحانه ونقض في صحيفة الامام عليه السلام في كل عصر واوان وهو حكم الله يقينا بتقرير من الامام عليه السلام وعدم رده وردعه فالامر معلوم والحكم مقطوع به فاين الظن الذي به يصولون وفي ميدان المكابرة يجولون وعنه يقولون وعليه يعولون ان هم الا يظنون وقد ظهر الامر بعون الله تعالى كالنور على الطور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور والله المستعان

ثم اني اقول ان ما تنوله السنتهم وتقوله افواههم من ان باب العلم كان مفتوحا في زمن الحضور للمشافهين الحاضرين ولما حصلت الغيبة انسد باب العلم وانفتح باب الظن لست ادري ما يريدون من متعلق العلم والظن بل هو ( هل هو خ‌ل ) العلم بالاحكام الواقعية الاولية التي نقيضه ( تقتضي خ‌ل ) كينونة الاولي العليا ام العلم بالاحكام الثانوية التي نقيضه الكينونة الثانية فان كان الاول اي العلم بالاحكام الواقعية الاولية فذلك الباب قد انسد لما اهبط ( هبط خ‌ل ) الادم (ع) والحوا الى الارض وقتل قابيل هابيل ووقعت الفتنة وظهر الفساد وشاعت المعاصي وبرز القبايح وحصل الخلط باللطخ بين الطينتين وفقد التميز من البين فسد الله سبحانه باب العلم بها اذ لم تكن المصلحة في ابرازها واظهارها الا نادرا ولذا وقع النسخ في الشرايع وظهر الاختلاف في الاحكام وتغير امر الحلال والحرام فصار الشيء حلالا في وقت بالنسبة الى شخص او اشخاص ثم انقلب وصار حراما وهكذا ساير الامور والاوضاع كلها يجري على هذا المنوال فاذا حكم النبي او الامام صلى الله عليهما بحكم لم يحصل القطع بان هذا هو ثابت لم يتغير ولم يتبدل نعم كان عندهم القطع بان هذا هو حكم الله في حقهم فاذا تغير واختلف كانوا يعدلون من حق الى حق ومن خير الى خير ومن حكم الله تعالى الى حكم الله تعالى فان كان مرادهم بسد باب العلم بالاحكام الشرعية الاولية هذا فذلك الباب ما انفتحت ابدا في هذه الدنيا وتبقى مسدودة الى ان يظهر القائم من آل ‌محمد عليه وعليهم السلام لامور يطول الكلام بذكرها وقد شرحناها وفصلناها في ساير رسائلنا ومباحثاتنا واجوبتنا للمسائل وان كان مرادهم بالاحكام الثانوية فهي ماانسدت منذ فتحت ولا يسدها ايضا الا مولانا وسيدنا الامام المنتظر عجل الله فرجه وجعلني الله فداه وعليه وعلى آبائه افضل التحية والسلام مع انهم يقولون انا نعمل بالقطع واليقين ( اليقين على ان هذا هو حكم الله في حقي فاذا حصل لهم العلم واليقين خ‌ل ) فاي شيء انسد عليهم الا ان يقولوا ان هذا ليس بحكم الله تعالى لانه تعالى ما اراد لعباده وان الامام عليه السلام لو كان متمكنا بالمشاهدة ما كان يرضى لهم بهذا الحكم وانه ليس بعالم بذلك الحكم المخصوص او ليس بقادر على الرد والمنع او انه غضب عليهم او انه تركهم سدى مهملين ما دامت الغيبة وهم نظروا الى الكتاب والسنة مع كمال الاضطراب اما الكتاب فانه لفظ ولا يحصل القطع الا بنفي عشرة مقدمات كلها ظنية اي نفيها ( نفسها خ‌ل ) ظني كاصل عدم المجاز وعدم التخصيص وعدم النقل وعدم الاشتراك وهكذا امثالها ومع ذلك مشتمل على وجوه ومعاني كثيرة وبطون وتأويلات واشارات وتلويحات وتصريحات وكنايات واستعارات وتشبيهات وفحوى الخطاب ولحن الخطاب ودليل الخطاب والخطاب من قبيل اياك اعني واسمعي يا جارة وغيرها من امثالها فاني يحصل العلم مع هذا الامور بان المراد ليس الا هذا حتّى ذهب جماعة من اهل العلم الى ان القرآن ليس بحجة وكله متشابه يتوقف علمه على بيان الامام المعصوم عليه السلام واما الاحاديث ففيها هذه الوجوه وزيادة السند والطرق الموصلة الى الامام عليه السلام والاحتمالات الجارية عليه من كذب ووضع ودس وفسق ولم ‌نعلم وامثال ذلك مما سطروه في مبحث حجية الظن ومبحث الاجتهاد والتقليد ولا نطول الكلام بذكرها

ثم انهم لما رأوا ان الاجماع قام على بقاء التكليف ورأوا ان العلم بالمكلف به مع غيبة الامام عليه السلام وشيوع هذه الاضطرابات والاختلالات ( الاختلافات خ‌ل ) في الكتاب والسنة حتّى ان كل فرقة يتمسك بهما في حقية مذهبهم لا يحصل فالتكليف به والحال هذه تكليف بما لا يطاق وسقوط التكليف بالمرة مخالف لاجماع المسلمين ومستلزم للخروج من الدين فالتجاؤا الى المرجحات الظنية فاذا قوي الظن ولم يجدوا ( فلا يجدوا خ‌ل ) اقوى منه ووقفوا عنده وقالوا ان هذا غاية الوسع فوجب ان لا يريد الله سبحانه منا ازيد من هذا فحتموا على الله بالقبول فامضى الله حتمهم مع عدم رضاه به وعدم جريه لهم في الحقيقة وانما صار هذا حكمهم من باب اكل الجيفة عند الاضطرار فالحكم في الواقعي الاولي الثانوي ( والثانوي خ‌ل ) خطاء محض وباطل صرف الا انه سبحانه اجرى لهم ذلك حيث كان غاية ادراكهم ومبلغ علمهم وردوا ( ورووا خ‌ل ) في ذلك رواية رواها عمرو بن العاص ( عن النبي ص خ‌ل ) لتصحيح اجتهاد الخلفاء وحرب معاوية مع امير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ان المجتهد اذا اصاب فله اجران وان اخطأ فله اجر واحد فيكون حاصل الكلام في الحكمين ان الحكم الواقعي هو الذي يدركه عند مواجهة الامام عليه السلام مواجهة ظاهرية او ما دل عليه الدليل القطعي وان كان مختلفا متغيرا متعددا والحكم الثانوي الظاهري هو الحكم الذي يحصله المجتهد بظنه بعد استفراغ وسعه وهو ليس حكم الامام عليه السلام الا من باب الرضا الجاء حيث لم يجد ملجأ الى غير هذا بحيث لو تمكن من اعلامهم لما كان هذا حكمهم وانما كان ذلك من باب الالجاء والضرورة وهذا القول لا يصح على اصول الامامية ولا يجتمع مع مذهب الاثني ‌عشرية لانه انما يصح اذا قلنا بان الامام عليه السلام لم ‌يتصرف في زمن الغيبة والخلق ليس لهم راع يرعيهم ولا سائس يسيسهم فوجوده في ايصال الاحكام الشرعية وعدمه سواء فان الامر فيها موكول الى ظنونهم الكاذبة وارائهم الفاسدة واحلامهم الكاسدة فلا فرق على هذا القول من الشيعة ( بين الشيعة خ‌ل ) والعامة في تجويزهم خلو الارض من حجة فان الفريقين مستغنيين عنه عليه السلام في الاحكام الشرعية وان كان الله ببركته يقيم هذا الخلق عن الاضمحلال والدثور واما الاحكام الشرعية فلا وقد سمعت من بعض من يدعي انه من اكابر المجتهدين والناس كانوا يصدقونه في دعواه وهو على المنبر في مجلس الدرس سمعته سمعت باذني والا صمتا يقول لولا الاحكام الشرعية ما احتجنا الى نبي ولا امام لان ( فان خ‌ل ) العقليات لا يجوز فيها التقليد والكون بقيمة ( تقيمه خ‌ل ) الله تعالى ولا يحتاج الى احد نعم في الشرعيات حيث ان العقول لا تصل الى دقائقها احتجنا الى الامام عليه السلام وهو ايضا من ( ممن خ‌ل ) يقول بسد باب العلم وفتح باب الظن المطلق فعلى مذهبه لا فرق بين الشيعة والعامة في جواز خلو الارض من الحجة فان الحجة للاظهار والبيان والا فاي فائدة فيه واني لعمري متحير في جواب ترهاتهم والكلام على شبهاتهم فالسكوت اولى والاعراض احسن وقد بينا سابقا وجوب ( في وجوب خ‌ل ) تصرف الامام عليه السلام وانه هو الناظر في رعيته والحامي لهم عن الزيادة ( على الزيادة خ‌ل ) والنقصان وعن الوقوع في الحيرة والاختلاف والحافظ لهذا ( حافظ هذا خ‌ل ) الدين عن ( من خ‌ل ) تحريف الغالين وانتحال المبطلين ولا يعجزه عن الهداية شيء ولا يعيقه عن الارشاد واحد ( احد خ‌ل ) وهو الحجة البالغة وقد قال تعالى لما نصب امير المؤمنين عليه السلام للخلافة وابان امره للناس اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الآية فاذا كان الكفار قد يئسوا من ديننا بنصب امام حافظ وولي ناصح فلا يضرنا ح الاختلافات الواقعة في الكتاب والسنة من الامور التي ذكروها فانهما من دون حافظ مبين لا يكفيان لقد كذب من قال حسبنا كتاب الله وكذب ايضا من قال حسبنا الكتاب والسنة عن الامام ( عن الائمة خ‌ل ) الماضين سلام الله عليهم فلا نحتاج الى الامام الحي الحاضر للارشاد والتبيين بل الكتاب والعترة مقرونان لن‌ يفترقا حتّى يردا على الحوض فيؤل اتصال الى اتصال ويظهر كل منهما على الحقيقة على احسن الاحوال فاذا كان الكتاب والعترة لا يفترقان ويجب وجود الامام عليه السلام فلا نبالي بدس الداسين ووضع المفترين وتحريف المبطلين ( المفترين خ‌ل ) وتغيير الظالمين وان الامام عليه السلام يرد عن الزيادة والنقصان ويبين الصلاح من الفساد ويعرف الحق من الضلال ويصفى كلام آبائه وحكمه عن شبهات اهل الجدال وقد نص الله سبحانه عليه في كتابه بقوله وما ارسلنا من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم وفي بعض الروايات ما ارسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث الا اذا تمنى الآية والمحدث هو الامام عليه السلام يقينا وتمنى بمعنى قرء والقاء الشيطان الاحتمالات الباطلة والتغيرات الحاصلة ونسخها ابطالها بنصب القرائن وايضاح الدلائل بالحجة على الخلق والحافظ لهذا الدين وهو المعصوم عليه السلام فاذن كلما ذكروا من الامور المانعة عن العلم انما تجري اذا لم يوجد الامام ( عليه السلام خ‌ل ) القادر العالم او انه لم يتصرف فاذا وجد وتصرف كما سمعت منا ومن الفاضلين اللذين ذكرت كلامهما وما اوردنا من الروايات المستفيضة بل المتواترة وان ذلك مقتضى حكمة الحكيم وبلاغ الحجة واكمال الدين واتمام النعمة فهو (ع) يبينها ويوضحها ويوصل الينا صافية نقية ويهدي الكل الى حكمه اللائق به وعلى مقتضى كينونته وحقيقته فالكل على البصيرة واليقين في حكم الله تعالى الا منهم من حيث يشعر ومنهم من حيث لا يشعر وعلى الله قصد السبيل

فظهر لك من هذا البيان التام ان التقرير في هذا الزمان هو العمدة في استنباط الحلال والحرام واستيضاح الاحكام من امناء ملك العلام وانه يجري لكل فقيه مستوضح بطرق الاستيضاح بصير بمواقع جهات الاستنباط في الاجماع والاختلاف وفي كل حال هو المحفوظ بعين الله التي لا ينام ( لا تنام خ‌ل ) والمستمد بركنه الذي لا يرام وما ربك بغافل عما يعملون والاخباري ان ادعى العلم على وفق ما ذكرنا وشرحنا فقد اصاب الحق ونطق بالصواب والا فقد خبط ( فقد خطأ خ‌ل ) خبط عشواء والمجتهد ان انكر ما ذكرناه فما الذي يبقي له من الطريق الالهي في وجه الاستنباط الا ان الكل اذا سلكوا سبيل ربهم ذللا يمدون ويوقفون على ما هو تكليفهم من عند الله بالرعي ( بالراعي خ‌ل ) الذي استرعاه الله امر غنمه فان شاء فرق بينها لتسلم وان شاء جمع بينها لتسلم والكل بمرئي منه ومسمع وهو صلوات الله عليه صاحب المرئي والمسمع فهم في العمل ( العلم خ‌ل ) مصيبون احكامهم الظاهرية وان اخطأوا في العلم ولذا تريهم يخالفون قواعدهم في كثير من المواضع وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية وقد احببت ان ابسط الكلام في هذا المقام ولكني في وقت قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعى الغي اتباعه فلبوه من كل جانب ومكان فلا يستطيعون صبرا على الحق الصريح والبيان التام الصحيح فاكتفيت بالاشارة لاهلها فاشرت الى نمط الاستدلال واوضحت السبيل ودللت على ما كان مختفيا على اصحاب القال والقيل وعلى الله قصد السبيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

وفيما ذكرنا كفاية لكل عاقل منصف واما الجاهل المتعسف فلا يكفيه البيان وان كان مع الف برهان وقد ذكرت ما كان مخفيا على اغلب الناس ولم يحم حولهما معرفته ( حولها معرفة خ‌ل ) الا الخواص فافهم راشدا واشرب صافيا

قال سلمه الله تعالى : وهو عليه السلام ان غاب عن الناس شخصه لم يغب عنهم علمه وآدابه في قلوب شيعته مثبتة وبتقصير الناس سد باب العلم على الخواص مغاير للطف ( لللطف خ‌ل ) ام لا وكيف تكون طريقه ( طريقته خ‌ل ) المبتنية على الظن بحيث يختلف وتتكرر ( يتكرر خ‌ل ) قضية واحدة شخصية منها بانظار متكررة الصراط المستقيم غير ذي عوج مع انه لا يتصور خط المستقيم من الواحدي التشخصي ( الشخص خ‌ل ) الى الواحد الحقيقي غير واحد وقال الله تعالى اعبدوا الله مخلصا له الدين والاخلاص تمحيض العبادة ولا يمكن الاخلاص من غير ( على غير خ‌ل ) اليقين والمعرفة والعلم بامر المعبود والعمل متفرع على العلم

اقول اما قوله سلمه الله تعالى : ان غاب عن الناس شخصه عليه السلام الى آخره ( آخر كلامه خ‌ل ) فكلام متين وجوهر ثمين يليق ان يكتب بالنور على وجنات الحور وقد شرحت فيما تقدم في المسئلة الاولى حقيقة الامر وما ابقيت لذي مقال مقالا نعم بنوره عليه السلام معرفتنا وادراكنا وهدايتنا واستبصارنا فلولاه ولو ( لولا خ‌ل ) تسديده (ع) لكنا من الهالكين وقول القائل وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا ليس بصحيح لان وجودهم لا ينفك عنه فهم (ع) الا ان التصرف على انحاء واطوار اشرنا الى بعضها فيما تقدم فراجع قوله وبتقصير الناس الى آخره فاعلم ان الله تبارك ( وتعالى خ‌ل ) يقول واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة وهذا التعميم لمن هو راض بفعل الظالم لا مطلقا واما غير الظالم المخلص في الولاء فلا يعمه ابدا كيف وقد اخبر الامام عليه السلام ان لنا مع كل ولي اذن سامعة وقال عليه السلام ما من عبد احبنا وزاد في حبنا واخلص في معرفتنا وسئل مسئلة الا ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة وقال الحجة عليه السلام انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء فلا يمنعون الطالب عن مطلبه ولا يترددون ( ولا يذودون خ‌ل ) الوارد عن مورده فلا يتفاوت الحال بالنسبة اليهم في تدبير رعيتهم في الغيبة والحضور وقد قال امير المؤمنين عليه السلام اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم ام اين تذهبون ورايات الحق واضحة واعلام الهداية منصوبة فالعلم لا يخرج عن مقره ولا يتعدى عن اهله واللطف لمن طلبه واراده عام غير ممنوع وقوله كيف يكون طريقته المبتنية على الظن الى آخره اعلم ان الاختلاف في الحكم الثانوي ( الثانوي دون الحكم الاولي فانه لا يسع فيه الاختلاف وهو في الحكم الثانوي خ‌ل ) ثابت محتوم وليس مناطه الظن كما زعموا بل الاختلاف سنة سنوها عليهم السلام ما دام دولة الباطل كما قالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينكم وراعيكم الذي استرعاه الله تعالى امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم وان شاء جمع بينهما لتسلم فاذا كان المناط ما ذكرناه فلا بد من الاختلاف فاذن هو الصراط المستقيم غير ذي عوج والاتفاق والحال هذه هو الطريق المعوج فان الحكيم وضع كل شيء في موضعه نعم ليس هو الحكم الواقعي الاولي وانما هو حكم ( الحكم خ‌ل ) الثانوي ولذا ترى الذين يزعمون حصول العلم في الاحكام مختلفين غاية الاختلاف ولو اردنا احصائها لطال بنا الكلام وهذا الاختلاف ليس بمذموم في الشرع بل الاختلاف المذموم هو الاختلاف مع العمد والعناد نعوذ بالله كما قال عز وجل فما اختلفوا الا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم ففي الحقيقة سبيل الاختلافات بين علمائنا في الاحكام الشرعية الفرعية سبيل جداول المنشعبة عن عين واحد والكل يجري من تلك ( ذلك خ‌ل ) العين وليس فيه قصور ولا باس فليس كل اختلاف ينافي استقامة الصراط انظر الى قوله عز وجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يعقلون وقال تعالى اعبدوا الله مخلصا له الدين الى آخره هذا الاعتراض لا يرد ( لم‌ يرد خ‌ل ) عليهم لانهم لا يعملون بالظن ابتداءا حتّى يصح ( حتّى لا يصح خ‌ل ) الامتثال ولا يتحقق العبادة وانما يعملون به بعد ما قام الدليل القاطع بان الله سبحانه اراد منكم ذلك فيكون العمل ح على العلم واليقين دون الظن والتخمين الا ترى انه بعد ما قامت الادلة على اعتبار قبول قول العدلين في الشهادة فيكفي به وان لم يحصل العلم بل ولا الظن ايضا وكذلك يحكم على الشيء بالطهارة عند عدم القطع والعلم وان حصل الظن بالنجاسة فلا يقال ح انا نعمل بالموهوم حيث ان الطهارة موهومة والنجاسة مظنونة فرجحنا الوهم على الظن وذلك عند الفضلاء ( العقلاء خ‌ل ) كافة لان العمل ليس على الوهم والظن وانما هو على ما دل الدليل بان كل شيء نظيف حتّى تعلم انه قذر وامثال ذلك في الشريعة كثيرة جدا والجواب الجواب فاذا تم دليلهم الذين ( الذي خ‌ل ) يزعمون انه الدليل الرابع في اثبات حجية الظن وثبت ان ذلك هو الذي يريد الله سبحانه منهم تمت دعويهم فلا يرد عليهم انهم زكوا العمل بالقطع وعملوا بالظن بل يكون عملهم ايضا على القطع فيصح اخلاصهم في العبادة وتمحيض الطاعة لان المطاع اذا رضي بالظن فلا كلام فان كان اعتراض فانما هو على اصل الدليل وتماميته واعتباره لا على انهم يعملون بالظن وجميع الآيات والروايات الناهية عن العمل بالظن غير واردة عليهم فانهم على قطع وبصيرة وهم يقولون بموجبها ويعملون بمضمونها وقد صدر هذا الاعتراض عن كثير من الاخباريين غفلة منهم عن حقيقة الامر

قال سلمه الله تعالى : وان جاز في عدل الله تكليف العباد بظنونهم في الشرعيات وصاروا بذلك معذورين ( معذورين في عدل الله خ‌ل ) في الخطأ بعد الاجتهادات فلم لم يجز في عدله الاكتفاء بالظن في الاعتقادات وان نصب الدليل القطعي في الاصول فلم لم ينصبه ( لم ينصب خ‌ل ) في الفروع من منقول او معقول مع ان الامر يمكن ( ممكن خ‌ل ) ان يتعلق به قدرة الله سبحانه ان ارادوا نسبة قبح التعبد بالخطأ والاختلاف والفساد ومنافاته لغرض تكليف العباد سواء اليه اصولا وفروعا مع انه عليه السلام قال الايمان كله عمل وان صار اختلاف الدليل وتفاوت الانظار علة لاعذار المخطي في الفروع فهذا موجود في المخطي في الاصول وهناك الاختلافات وتصادم الادلة موجودة فكيف يخص مخطي الاصول بالتقصير دون مخطي الفروع وقال عليه السلام فاما ( واما خ‌ل ) الهالكون فحائر حار معتمدا ومجتهد اخطأ وهل تقبل العبادة مع ريب وتردد بينوا توجروا

اقول لا يجوز في عدل الله وحكمته تكليف عباده بالظنون مطلقا اصولا وفروعا فان الظن لا يغني من الحق شيئا والظن لا يصح معه التوجه والاقبال ولا العمل والامتثال لان جهة المخالف وان كان ضعيفة تمنعه عن الاستقرار والثبات المقصود في العبادة وهذا لا اشكال فيه ولم يكلف الله سبحانه عبدا بشيء الا ونصب له الدليل القاطع لئلا يكون على حيرة وتردد الا ان الاصول لما كانت ادلتها واضحة ظاهرة يعرفها كل ( كلها خ‌ل ) من نظر اليها اذا لم يكن مسبوقا بشبهة اكتفي بها والفروع لما كانت شعبتها وجهاتها واحوالها وصفات احوال المكلفين وذواتهم صعبة الوصول عزيزة المنال وهي منوطة على تلك الصفات وتتغير بتغيراتها وكانت معرفتها لا يتيسر لكل احد ومبني الدين على السهولة واليسر لا على الصعوبة والعسر جعل الله سبحانه وله الحمد والشكر بلطف حكمته ونافذ مشيته للخلق امينا عالما عارفا بمواقع تلك الاحكام ومطلعا على مبادي الحلال والحرام وناظرا الى تلك الصفات وشاهدا على ارتباطاتها في اطوارها بالذوات ومؤيدا من عنده تعالى بالنفس اللاهوتية والملكة الالهية معصوما مطهرا عن جميع الصفات الردية والاخلاق الغير المرضية وامر الخلق باتباعه فهو الدليل القاطع والبرهان الساطع لجميع الاحكام الشرعية الفرعية التكليفية ثم ندب الخلق اليه وامرهم بالطاعة له بقوله الحق ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا فوجب على الخلق ان يأخذوا احكامهم وحلالهم وحرامهم من ذلك الدليل الجليل ويقلدوه في كل ما يقول ولا بد ان لا يكون الارض خالية منه ومن بدله ومن مثله والا لكان الله سبحانه معرفا ( مغريا خ‌ل ) بالباطل وفي ذلك فساد النظام وانهدام الاكوان والاعيان وذلك الدليل اما ظاهر مشهور او خائف مغمور مستور و( وهو خ‌ل ) على كل الاحوال يدل على سبيل الحق والصواب ويهدي الى طريق النور والرشاد ولا تنقطع موارد العلم ولا تنمحي الحكم والله سبحانه يقول انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وقد فصلت هذه المسئلة فيما سبق فراجع

فالفرق بين الاصول والفروع ليس بجواز الاكتفاء بالظن وعدمه كما سبق الى بعض الاوهام وانما الفرق بجواز التقليد وعدمه وجواز الاختلاف وعدمه فان الفروع يجوز فيه تقليد النبي والامام عليه السلام في كل ما يقول من غير سؤال دليل زائد بخلاف الاصول فانه لا يكفي فيه التقليد اذ لا يسع لاحد ان يقول ان الله واحد لان النبي (ص) قال هكذا او ان الله ليس بجسم لان الامام (ع) قال هكذا بل لا بد من برهان وميزان وشرح ذلك وبيان اسبابه يطول به الكلام بخلاف احكام التكليفية فانهم في سعة منها ويكفي منهم بان يقولوا انما صلينا لان النبي (ص) امرنا وهكذا في باقي الاحوال ويجب ان يكونوا في الجميع على بصيرة ويقين ان اليقين في الفروع بدليل اجمالي وفي الاصول بدليل تفصيلي ( الاصول بتفصيلي خ‌ل ) الا ان الفروع يجوز فيها الاكتفاء بالظن دون الاصول فان هذا الكلام لا يصدر عن محصل فضلا عن عالم محقق الا ان اهل الاصول الذين فتحوا باب الظن لهم ان يدفعوا عن انفسهم هذا الاعراض ( الاعتراض خ‌ل ) بانا في جميع الاحكام الفرعية على قطع ويقين ونعلم ان هذا هو حكم الله في حقنا لكن هذا الظن من الاسباب التي تستنبط ( يستنبط خ‌ل ) منها الحكم الشرعي كشهادة العدلين فانها سبب جعله الشارع لاداء الحقوق والحكم في المقامين ( المقابلين خ‌ل ) واحد فلولا امر الشارع ما اكتفينا بمحض الشهادة الى ان يثبت ويتحقق العلم وكذلك في حكم الطهارة والنجاسة والحلية والحرمة وتصرفات المسلم واخبار ذي اليد وكون الولد للفراش وامثالها كلها يكتفي بمجرد الظن بل الشك بل الوهم بخلاف مسايل الاصول الدينية فانها لا يكتفي فيها بامثال هذه المذكورات وكذلك حكم العقل القاطع بجواز العمل بالظن في الفروع فهو ح عالم في الاحكام الفرعية من غير فرق بينها وبين الاصولية لان ( الا ان خ‌ل ) الشارع اعتبر الظن في الفروع دون الاصول وامثال هذه الاعتراضات لا ترد عليه نعم يجري الكلام في الملتهم في اثبات هذا الظن وان الامام عليه السلام هو الذي امرهم بالعمل على هذه الظنون كما امر في احكام الشهادة والطهارة والنجاسة والحلية والحرمة فان اتوا ببرهان قاطع ساد لجميع الاحتمالات تم لهم الامر فلا يعترض عليهم بمثل ما ذكر وغيره والا فهو في البطلان غني عن اقامة البرهان فان الظن من سبل الشيطان واما المخطي في الفروع فليس خطاؤه في الحكم الظاهري التكليفي الذي يجب ان يعمل في هذا الوقت وانما خطائه في الحكم الواقعي الاولي وذلك لا يضر اذا اصاب بدله ولا بد من ان يصيب بتسديد الامام عليه السلام الدليل وهذا لا يقال انه اخطأ ( خطاء خ‌ل ) وان صح ذلك بالنسبة الى الاولي فهذا مثاب مأجور قد جرى عليه الحكم في الورقة السفلي من اللوح المحفوظ لان زمان التقية لا يسع فيه الاتفاق قطعا فكيف يكون الاختلاف حكم الله الواقعي الاولي واذا كان الاختلاف بامر الامام عليه السلام وحكمه فيكون ذلك حكم الله الثانوي فالمجتهد المستوضح ان سلك سبيل ذللا ( سبيل ذلك خ‌ل ) ولم يخرج عن الاصول قررها الشارع عليه السلام له فلا بد ان يصيب حكمه الظاهري الثانوي فاذا اصاب لماذا يعاقب بل انما يثاب ويوجر واما اذا اجتهد على خلاف وجه ( وجهه خ‌ل ) الذي امره الامام عليه السلام وخلاف الاصول التي قررها له فذلك الذي ورد في حقه ان اصبت لم توجر وان اخطأت عاقبك الله وهو المجتهد المذكور في الحديث الذي في السؤال فاما الهالكون فحائر حار معتمدا ومجتهد اخطأ واما اذا اجتهد على القواعد التي قررت واصلت عنهم عليهم السلام كما قالوا علينا ان نلقي اليكم الاصول وعليكم ان تفرعوا فذلك لا يخطى حكمه الثانوي الظاهري لانه ح محفوظ بعين الله التي لا تنام ومكلوءا بحفظ الله الذي لا يرام فسبيل هذه الاحكام في زمان ( زمن خ‌ل ) الغيبة واختلاف المجتهدين فيها سبيل احكام التقية في زمان الحضور واختلاف الاصحاب والروايات فيها حرفا بحرف كما قررنا سابقا وقلنا ان هذا ليس تصويبا باطلا كما زعمه فرقة من العامة العمياء واما المخطي في الاصول فلا يخطى الا اذا خالف ما نصبه الله تعالى من الادلة كالفروع حرفا بحرف فلا شك انه لا يعذر في الفروع اذا خالف فافهم وخذ صريح الحق ولا تذهب يمينا وشمالا فتكون من الهالكين واما العبادة فاذا وقعت مع ريب وتردد فلا شك انها باطلة ترد على صاحبها وهذا لا اشكال فيه

قال سلمه الله تعالى : لا خلاف بين الامامية في اشتراط العصمة في الخليفة وانحصار طريق العلم في نص المعصوم (ع) وكذلك لا خلاف عندهم في وجوب العلل والاعراض ( الاغراض خ‌ل ) بفعل الله تعالى سبحانه واشتراطهم اعتبار العصمة اما ليس لغرض فهو نقص لمذهبهم وان كان هو فهو يحفظ دين الله القويم ام لا وقال ابو عبد الله عليه السلام ان الارض لا تخلو الا وفيها امام كيما ان زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا شيئا اتمه لهم وقال عليه السلام ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين وانتحال المبطلين والله تعالى اراد حفظ الدين الكامل واكمله واتم نعمته كرامة لرسول الله صلى الله عليه وآله والرسول (ص) جاهد في اظهاره والائمة عليهم السلام قتلوا وغابوا لاظهار الدين والقائم عجل الله فرجه يتصرف ويحفظه مع هذه المقدمات كون الدين غير محفوظ بحيث لا يحصل العلم للمكلف بتكاليفه هل هو نقص للدين الكامل ام لا وان كان الدين كاملا بحقيقته من غير ان يكون بابا للمكلفين لتحصيل العلم بتكاليف الله تعالى فاتمت النعمة عليهم والظن بالتكاليف كيف جرى في هذه الامة المرحومة دون الامم الماضية مع ان الله سبحانه وتعالى اكمل دين نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم

اقول المقدمات المذكورة كلها مسلمة لا شك فيها ولا ريب يعتريها والامام عليه السلام حاضر موجود بين ظهراني الخلق يسددهم ويحفظهم ويتصرف فيهم كيف شاء الله واراد ولا يدع الخلق في ظلمة بهماء ولا في ظلمة عمياء بل يدلهم على السبيل ويوضح لهم الدليل ويردعهم عن الباطل ويوصلهم الى الحق على ما قررنا سابقا فاذا لا سبيل للظن والشك والوهم فانما هو العلم فان الله عز وجل يقول اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ولا شك ان اكمال الدين ينافي عدم ايصالهم الى اليقين وحصول هذا اليقين انما يكون بتقرير الامام عليه السلام وعدم ردعه كما فصلنا سابقا فلا نعيدها لاحقا اذ ليس دونه كلام وانقطع عنده كل نقض وابرام وعلى من يفهم الكلام السلام

قال سلمه الله : وهل يكون القواعد الاصولية كلها مسلمة عندكم او بعضها مردودة وصرحوا بالقواعد المردودة واذكروا اساميها بالاجمال واخاف من تطويل السؤال الظني ( لظني خ‌ل ) ان في هذه الايام لا يكون لكم الفراغ والمجال

اقول القواعد الاصولية المعروفة مشتبهة غثها بثمينها وخفيفها بوزينها ولو اردنا ان نبين ونميز لطال زمام الكلام بل يحتاج الى تصنيف كتاب كبير الحجم فنذكر لكم اسماء القواعد المقبولة عليها بناء علمنا من دون التفصيل والتبيين واثبات القال والقيل وهي محكمات الكتاب والسنة والاجماع المحقق العام والخاص والمركب والسكوتي ان ثبت والضروريات والمنقول عن المحقق العام والمشهوري دون المنقول عن المركب والمحقق الخاص والسكوتي واما الضروريات فلا نقل فيها والاستصحاب واصالة البرائة واصالة الاباحة والشهرة بشروطها والعقل المعتضد بالنقل او بالاجماع وملاحظة القرائن التي هي من تسديد حافظ الشريعة على ما يجب بما يجب وتفصيل الامر يطلب من ساير رسائلنا واجوبتنا للمسائل في هذا العلم ولولا خوفي ان تقولوا جن او ارتد لاخبرتكم بامور عجيبة غريبة يقصر دونها الاحلام ويحسر عن ادراكها الافهام ولكن قال امير المؤمنين عليه السلام ما كل ما يعلم العالم يقدر ان يفسره فان من العلوم ما تحتمل ومنها ما لا تحتمل ومن الناس من يحتمل ومنهم من لا يحتمل والا ان فيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية والله الموفق للصواب

( تمت الرسالة التسديدية بعون الله الملك الوهاب خ‌ل )

المصادر
المحتوى