رسالة في بقاء أجساد الأئمة عليهم السلام

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في بقاء أجساد الائمة عليهم السلام

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثامن

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

المسئلة في اختلاف الروايات في بقاء اجسادهم عليهم السلام في القبور ( القبر خ‌ل ) منها ما يدل على ان اجسادهم في حفرهم ومنها ما يدل على انهم لا يبقون في قبورهم الا ساعة او ثلاثة ايام قال الشيخ قدس سره في الجواب : والذي اعرف واعتقد ان مدلول النوعين من الاخبار صحيحان وانما الاشكال والصعوبة في الجمع بينهما مع تنافيهما ظاهرا الى ان قال (ره) : اعلم ان اجسادهم واجسامهم في غاية اللطافة بحيث لا تدركها الابصار والبصائر فقد روي عنهم عليهم السلام ان الله خلق قلوب شيعتهم من فاضل اجسامهم وفي رواية خلق ارواح شيعتهم من فاضل طينتهم او اجسامهم وخلق ارواحهم من فوق ذلك وخلق ارواح شيعتهم من دون ذلك وقد تقدمت الاشارة مرارا وانما ظهروا للناس بما لبسوا من صورة البشرية وهي محل التغير والتبدل وهي صورة كثيفة من العناصر الاربعة التي تحت فلك القمر وانما لبسوها ليتم ما اراد الله من انتفاع المكلفين بهم ولولاها لماقدر احد من الخلق ان يراهم او يدركهم او ينتفع بهم من قوله تعالي ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون وكانت الصورة البشرية وان كانت لهم عرضية لانها ليست منهم وانما هي من آثار آثارهم ولما انتهت الحاجة اليها وانقضت ولم ‌يكن لها فايدة ولا مصلحة القوها في اصولها الاربعة كل في اصله فلما القوها كشف منهم ما اخفته البشرية بكثافتها ظاهرا فكانوا كما كانوا في عالي عالم الانوار معلقين في اوائل عللهم من الامر الذي قام به كل شيء ومثال ظهورهم بالبشرية وما بعده مما اشرنا اليه هو الصورة التي ظهرت منك في المرآة فان جرم الشيشة الصقيل للصورة بمنزلة الصورة البشرية لهم اي لظهورهم عليهم السلام اذ لولا جرم الشيشة وصقالته لما ظهرت الصورة مع انها موجودة في ظلك وانما توقف ظهورها على الصورة البشرية التي هي الشيء الصقيل كالمرآة والماء وما اشبههما فالصورة شبحك معلق بك مستقر في ظلك عارضي لك لا ذاتي لانه نورك وشعاعك واذا ذهبت المرآة خفي الشبح لعدم شرط ظهوره فكان كما كان في اعالي عالم ظهورك الذي هو عالم انوارك اي انوار افعالك معلقا في اوايل علله من الامر الذي من فعلك اي ظهورك الذي قام به كل شيء من آثار ذلك الفعل فافهم هذا بيان الجواب على كشف جميع الاسباب واما قشر الجواب فاعلم انهم انوار الى كثافة في اجسامهم بوجه بحيث لا تدركها الابصار بل اكثر البصائر وحينئذ في رتبة لطائف العرش فاذا زالت الكثافة البشرية التي هي علة الادراك قلنا انهم معلقون بالعرش وهم في حفرهم كما قد تقرر عند علماء الفن ان الصورة التي ترى ( تراها خ‌ل ) في المرآة في ( من خ‌ل ) عالم المثال وهو يعني عالم المثال في الاقليم الثامن اسفله على اعلى محدد الجهات يعني ان الصورة المرئية اذا نسبت في الرتبة واللطافة تكون فوق محدب محدد الجهات لانه الطف الاجسام والصورة اي عالم المثال فوقه في الرتبة لا الجهة اذ ليس وراء محدب محدد الجهات شيء محدث وقول الحكماء الاوليين ( الاولين خ‌ل ) المستمدين من مشكوة الوحي والنبوة ليس ورائه خلأ ولا ملأ يريدون انه لم‌ يخلق الله سبحانه من الاشياء خارجا عن المكان والشيئية عن المحدد فلا وراء له لا انه له وراء خال او لا خال ولا ممتل كما توهم بعضهم ان ورائه المجردات وهي لا توصف بالخلأ والملأ بل المراد انه ليس له وراء واذا اردت ان ترى آيته ومثاله فانظر الى نفسك فترى انه ليس ورائك شيء منك فاذا قلت ان الروح وراء هذا الجسد لا تريد به الا انها غيبت فيه بلا تحيز لا انها خارجة عنه ليكون وراء جسمك شيء منك لك فافهم التمثيل فاجسادهم عليهم السلام قبورهم في رتبة الاجساد من اللطافة وهو معنى تعلقها بالعرش اي في الرتبة واللطافة فلو وجدت الصورة البشرية الآن وجدتهم في قبورهم فلما خلعوها في اصولهم ( اصولها خ‌ل ) لم ‌يجدهم في قبورهم احد الا ان يكون واحدا منهم فانه يدرك ذلك لكونه من هنالك ولا يمنعه ما فيه من الصورة التي بها تجده لانها اذا نسبت الى نوريته كانت كالذرة في هذا العالم ولهذا صعد النبي ليلة المعراج بجسمه الشريف مع ما فيه من البشرية الكثيفة وبثيابه التي عليه ولم‌ يمنعه ذلك عن اختراق السموات والحجب حجب الانوار ولقلة ما فيه من الكثافة الاتراه (ص) يقف في الشمس ولا يكون له ( له ظل خ‌ل ) مع ان ثيابه عليه لاضمحلالها في عظم نوريته وكذلك حكم اهل بيته الثلاثة ‌العشر المعصوم عليهم السلام ومثال ذلك انك لو وضعت مثقالا من التراب في مثقال من الماء او اقل او اكثر بقليل كان الماء كدرا لكدورة كثافة التراب ولو وضعت مثقال التراب المذكورة في البحر المحيط لم ‌يظهر لمثقال التراب اثر بل يكون وضعه وعدمه بالنسبة الى البحر المحيط سواء نعم لو نظرت الى المثقال التراب في قدره من البحر المحيط قبل تموجه واستهلاكه ادركته كذلك هم عليهم السلام حال تعلق البشرية تدرك منهم ما تلبست به الكثافة البشرية حال ارادتهم التلبس والآن لم‌ يريدوا ( لا يريدوا خ‌ل ) التلبس واخلعوها في اصولها فاجسادهم في قبورهم وحفرهم معلقون بالعرش وعبارة اخرى اجسادهم في السماء في قبورهم وحفرهم المعلومة التي تأتي اليها زوار شيعتهم المؤمنين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

المصادر
المحتوى