رسالة في رد إيراد بعض علماء طهران اسمه علي

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في رد ايراد بعض علماء طهران اسمه عليّ

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد السابع

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله منور قلوب المؤمنين باشراق نور اليقين وشارح صدور العالمين لتلاوة كتابه الحق المبين والصلوة على من هو النور في السموات والارضين بل هو نور السموات والارضين وآله واصحابه مقومي وجود العالمين

اما بعد فيقول الغريب في البلدان البعيد عن الاهالي والاوطان والقريب اليهما في كل اوان وزمان ومكان اقل الناس جرما وعملا واكثرهم جرما وزللا المبتلي بفراق الاحبة والاخوان والمقيد بسلاسل الهجرة والحرمان الذي قد انحل جسمه الفراق واسبل دموعه الاشتياق العبد الفاني الجاني ابن محمد قاسم محمد كاظم الهاشمي النبوي العلوي الفاطمي الحسيني الموسوي بلغه الله الى ما يتمناه وجعل خير يوميه غده وخير داريه عقباه اني بعد ما شاهدت بعين اليقين وبتوفيق الله الملك الحق المبين في مقام التمكين في ريعان العمر وعنفوان الشباب الذي هو مقام التلوين والتمرين لكن الله ذو فضل ومن عظيم على عباده المؤمنين كلام سيد الشهداء والصديقين على جده وابيه وامه واخيه وبنيه صلوات المصلين ابدا الآبدين في المناجات في مقام التوحيد الشهودي : أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتيى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم ‌تجعل له من حبك نصيبا بعد ما عرفت انطباقه مع قوله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني صار لسان حالي ومقالي ناطقا بهذا المقال الذي هو ثمرة تلك الشجرة الطيبة المباركة الزيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لم ‌تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم اللهم اني اخلصت بانقطاعي اليك واقبلت بكلي عليك وصرفت وجهي عمن يحتاج الى رفدك وقلبت مسئلتي عمن لم‌ يستغن من فضلك ورايت ان طلب المحتاج الى المحتاج سفه من رايه وضعة من عقله فكم قد رايت يا الهي من اناس طلبوا العز بغيرك فذلوا وراموا الثروة من سواك فافتقروا وحاولوا الارتفاع فاتضعوا فصح بمعاينة امثالهم حازم بضعة اعتباره وارشده الى طريق صوابه اختباره فانت يا مولاي دون كل مسئول موضع مسئلتي ودون كل مطلوب اليه ولي حاجتي انت المخصوص قبل كل مدعو بدعوتي لا يشركك احد في رجائي ولا يتفق احد معك في دعائي ولا ينظمه واياك ندائي ولما كان الدعا من المضطر الداعي باللسانين اجابه الله تعالى أمن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء فاعرض بقلبي عن الدنيا وزخرفها وعرفني مكرها وغرورها واراني القبايح التي عليها اهلها وهي في الحقيقة جيفة منتنة وميتة قذرة لم‌ يطلبها الا الكلاب ولم ‌يرغب اليها الا العاري عن العلم والآداب وسئلت الله سبحانه العصمة عن الميل اليها والركون الى زخارفها لاني ما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء ودعوته ان يوفقني لتحصيل المعرفة الحقيقية لانها هي الغاية الالهية لايجاد العوالم اللاهوتية والناسوتية وان يهديني الى القرى الظاهرة للسير الى القرى المباركة اذ لا طريق اليها الا منها ولكن البر من اتقيى واتوا البيوت من ابوابها فاجاب دعوتي ورحم ذلتي ومسكنتي فبلغني الى مرادي ومطلوبي وما لم ‌استحق لذلك ولكنه المتفضل والرازق لمن يشاء بغير حساب فوفقت للسير في القرى الظاهرة وعرفتها وعلائمها ومنازلها وقصورها ودرجاتها والطريق الموصل اليها بفضل الله تعالى وحوله وقوته فلا حاجة لي الى الناس ولا لي طمع في رياستهم وميل اليى مناصبهم لعلمي بمبدئها ومنتهاها وبدؤها وعودها وحقيقتها ومجازها وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد الا ان الفقير المذنب الخاطي المقصر في طاعة ربه التزمت على نفسي قربة الى الله وطلبا لمرضاته وابتغاء لوجهه على حد الامكان الارائة الى الطريق الموصل الى القري الظاهرة الموصلة الى القري المباركة وارشاد السلاك اكمل رشد حتى لا يضلوا الطريق فيقعوا في فج عميق كما وقعوا فضلوا واضلوا كثيرا وصدوا عن سواء السبيل

فرأيت في اوقات اقامتنا في طهران اخرجنا الله تعالى منها عاجلا بالنبي وآله سادة الانس والجان كلمات شريفة وعبارات لطيفة واشارات دقيقة صدرت عن معدن العلم والكمال وينبوع الفضل والافضال صاحب الاخلاق الحسنة الجميلة وجامع الآداب الكريمة الجليلة ذي الفهم السليم والذوق المستقيم المؤيد من عند الله الملك العلي مولينا من كاسمه لم ‌يزل على وفقه الله لمراضيه وجعل مستقبل حاله خيرا من ماضيه لما التمس من الفقير النظر اليها والتعمق الصحيح فيما فيها فوجدتها في الحقيقة جامعة للباب مطالب اهل العرفان ومشتملة لاصول قواعد اهل الحقيقة والايقان متحلية بحلل الحقيقة متزينة بزينة الطريقة لكنها كانت عارية عن لب اللب وخلية عن الحقيقة فوق الحقيقة حيث كانت العلوم على ثلثة مراتب كما اخبر الحق سبحانه عنها بقوله الحق ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا لكم ومتاعا الى حين وكانت فيها بعض العبارات الغير اللايقة بالمقام حيث شرطنا اقتفاء الائمة الاعلام عليهم آلاف الصلوة والسلام وكانت توهم المطالب الصوفية قبحهم الله تعالى وبعضها كانت غير تامة الا بالضميمة وبعضها كانت قاصرة عن تأدية المراد والفقير هذه المراتب الاخيرة ما حملتها الا من جهة طغيان القلم وعدم الالتفات اليها حال الكتابة لان الله ما جعل لرجل من قلبين في جوفه فاوجبت على نفسي نظرا الى المقدمة السابقة ولان الاخوة والمحبة تقتضي النصيحة لا الخدعة والخيانة العياذ بالله ان اشير له سلمه الله تعالى من غير تطويل في العبارة الى الاخيرة والوح الى الاولى من غير تصريح بالاشارة نظرا الى فهمه الزكي وطبعه العلي وذهنه الوفي ففعلت اظهارا للنصيحة وتعريضا عن الخديعة فلما رأى تلك الاشارات وحسبها عبارات وما التفت الى التلويحات نقول انه كان من جهة اختلال البال واغتشاش الحواس والا فهو اجل من ان ينسب اليه عدم التفطن وتوهم ان مرادي كغيري من الجهال الجدل واظهار الفضيلة وبنائي على الخصومة والمباحثة والمناظرة فمنعه ذلك عن التأمل التام في اصل المرام فنظر الى ظاهر العبارة وما التفت الى الاشارة فضلا عن التلويح مع اني وصيته مرارا بانك لا تقتصر على العبارة فانها حجاب للاولى ولانها القطرات النازلة من بحر الصاد قد اودعتها في اصداف هذه الالفاظ والنقوش فصارت درة ثمينة لكنها في الصدف ويحتاج الى خرقه فتعرض للرد والمحاجة وتصدي للنقض والمناقشة فقال ما لفظه :

اقول جرى بقلم العبد من غير فصل تأمل نقوش هي في الحقيقة استار ابكار او سطور هي قناع خدور او قباب نواهد من الحور والمقصود رفع الحجاب وكشف النقاب عن تلك المخدرات الاتراب ليشافهها ويلثمها من ارادها بلا احتجاب لكن بعض السادة الاجلاء نظر الى الساطر والمسطور والساتر والمستور بنظر الازدراء فلم ‌يشافه بميسور النظر الا على وجه منكر ولم‌ يصادف بلحظ الطرف الا الوجه المنكر فحسب انه لم‌ يرى الصور الجميلة

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا

والعبارات المنظور فيها حين ثبت هذه الكلمات كانت عنده ولم‌ تكن حاضرة لدي حتى اذكرها او اتذكرها توضيحا للقال والقيل فانا اذكر عباراته دام فضله في المناقشة واورد في ذيلها ما يقتضي المقام

اقول هذا آخر كلامه في المقدمة والعجب كل العجب انه وفقه الله تعالى بعد ان عرفني واطلع على اني لست من ساير الناس ولا من الذين يرون الفضل في تكثير الكلام وتطويل المقال وايراد المناقشات وذكر النقوض التي لا فائدة فيها بل مرجع الكل الى الاول بل عاهدت بحول الله وقوته على نفسي ان لا اتكلم انشاء الله تعالى الا اذا سئلت او في مقام يجب او في مقام يكون فيه نفع الآخرة ومع ذلك ادخل نفسي في هذه الامور الردية الرذيلة وما ادري انه سلمه الله تعالى كيف ارضى نفسه ان ينسب اليّ هذه النسبة التي لا يرضيها من امتحن قلبه للايمان لنفسه ولغيره وكيف انظر الى الساطر والمسطور بنظر الازدراء واشافهه على الوجه المنكر وانا الذي انادي باعلى صوتي في جميع رسائلي ومباحثاتي بل على المنابر ان المقال لا يعرف بالرجال ولا تنظروا الى من قال وانظروا الى ما قال فان العلم ليس بارث من اب ولا ام ولا الخال له مدخلية في الحال ولا عم بل نور يقذفه الله في قلب من يحب وينفسح ويشاهد الغيب وينشرح فيحتمل البلاء فكيف يسوغ لي ما نسب الى مخدومنا الاعظم وملاذنا الاقدم واشهد الله وملائكته اني ما اردت ما توهمه بل اردت التنبيه الى ما ذكرنا من الدقيقة اللطيفة والتلويح الى اللب والحقيقة والاشارة الى بعض العبارات اللائقة والغير اللائقة والعجب انه سلمه الله اعترف بان العبارات المنظور فيها عند ثبت هذه الكلمات ما كانت حاضرة لدي حتى اذكرها فاذا كان كك فكيف يتعرض لدفع الايراد مما ليس حاضرا عنده وفي خاطره وكيف تصح العبارات التي هو ناسيها اذ تصحيحها متوقف على احضارها في الذهن والنظر فيها وقبلها وبعدها والارتباطات التي بينها بنظر الدقة واذ ليس فليس وهل يمكنني الآن ان ادفع العيوب التي يقال لجدران الهند وهو محلاتها وبيوتاتها وهذا لا يجوزه عاقل واستغفر الله عن نسبة المكابرة والجدال بغير التي هي احسن الى ذلك العالي الجناب ولب الالباب حيث تعرض لبيان المجهول وتعقل الغير المعقول وعلى هذا لا يناسبني ان اقول كلما ذكر سلمه الله من اوله الى آخره

وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما ان عين السخط تبدي المساويا

مع ان ما ذكرت الفقير الحقير كله مستند الى كلام المعصوم عليه السلام او ما اجمعت عليه الاصحاب وليس مجرد اعتبار العقل وحده اذ لا اعتبار لمجرد الاعتبار عند من له اعتبار والا لا ينتهي الكلام الى حد فان العقل يحكم اشياء كثيرة في الشيء الواحد اذ قد صح ان كل شيء فيه معنى كل شيء ويمكن ايضا ان ادعي اعتبار صحتها جميعا لكني ما احب اذكرها لوجوه عديدة فان ما يرد على الفقير الحقير من الواردات بفضل الله وقوته واعانته وحسن توفيقه على قسمين قسم من القطعيات التي في نظر الفقير من البديهيات وقسم ليس على هذا الحد والفقير انما اذكر القسم الاول دون الثاني وان كان صحيحا وان ذكرت المجموع مثنوي هفتاد من كاغذ شود والاول هو الكلمة الطيبة التي هي كالشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء فيحتاج الى التامل والنظر والدقة مرتين ثلث فصاعدا حتى ينكشف حقيقة المراد لا النقض والمناقشة باول النظر وهذا معلوم لمن له معرفة بطريقة الائمة عليهم السلام في الكلام والبحث والمناظرة والمجادلة بالتي هي احسن كما لا يخفى على من له قلب او القى السمع فهو شهيد

قال وفقه الله نقلا عن كلام الفقير : قال السيد السند الاجل الانبل المذكور حاكيا لقول العبد : قوله ادام الله توفيقه اعلم ان شواهد الكتاب والسنة الى ان قال تدل على ان الحب الذاتي اقتضى الظهور الكوني والعلمي للاكوان قال : اقول وبالله التوفيق ان المحبة ان كانت من الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والحيوة وغيرها منها فهي لا تقتضي محبوبا اصلا كما ان العلم الذاتي والقدرة الذاتية والسمع الذاتي والبصر الذاتي لا يستدعي ويقتضي معلوما ومسموعا ومبصرا بل اطلاق الصفات من جهة اثبات الكمال وسلب النقص والا كمال التوحيد نفي الصفات عنه كما ان الذات البحت لا تقتضي شيئا غيرها كك الصفة لكونها عينها بلا فرق حقيقي ولا اعتباري قال وفي الكافي لم ‌يزل ربنا عز وجل عالما والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والقدرة ذاته ولا مقدور فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع الحديث ولا يشك عاقل ان الوقوع هو الفعل وهو الادراك نعم الاقتضاءات والتجليات انما هي للفعل في مرتبة الوجود المطلق والا لم ‌تكن الذات بحتا ضرورة ان المقتضي يقتضي الاقتضاء والمقتضي لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلثة وما من اله الا اله واحد فعلى هذا التقرير لا مجال للقول بان الحب الذاتي اقتضى الظهور اه ولا مجال ايضا لجعل المحبة من الصفة الذاتية لمنافاته لقوله تعالى كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فانه بصريحه يدل على ان المحبة متأخرة عن الذات مساوقة للفعل والخلق للايجاد وان كانت المحبة من الصفات الفعلية كما هو الحق فلا مجال ايضا للقول بان الحب الذاتي اقتضى كذا لان صفات الافعال لا تنسب الا الى الفعل ولاتنسب الى الذات الا على سبيل الاضمحلال وعدم الالتفات وليس كك فيما نحن فيه اقول وبالله التوفيق ان الاولى بشأن ذلك السيد الجليل محو السيئة ان فرض تحققها بالحسنة وحمل الالفاظ على الظواهر من المعاني التي لا غايلة فيها لو لم ‌تكن صريحة لكن لما سن المناقشة فنحن نقتفي اثره

هذا كلامه نقلا عن الحقير مع زوايد ما قال سلمه الله تعالى من اقول لكنه اقول ما انصف سلمه الله فان الكلام الذي ذكرنا في غاية المتانة والصحة وما كان مرادي الا محو السيئة بالحسنة وما سننت المناقشة فانها شغل البطالين والمعطلين الذين يكثرون العلم بايراد الامور من النقوض والمناقشات التي لا اصل لها فيرجع الكلام الى الاول قال امير المؤمنين روحي فداه العلم نقطة كثرها الجاهلون واما الذين استشموا رايحة الحقيقة وسكروا من شراب المعرفة اي الصحو الحاصل حال السكر فكان احدهما عين الآخر فلا يلتفتون الى هذه الامور لانها من الزيادات التي امروا بالكف والصمت عنها ولا يلتفت اليها الا اهل المجادلة الذين اعلا مراتبهم الصور المجردة وادنى مراتبهم الترب الموصدة ولهم بينهما ثمانية ‌عشر مراتب ظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم ‌يكد يريها ومن لم ‌يجعل الله له نورا فما له من نور وهي ظلمة الطبيعة وظلمة المثال وظلمة المادة وظلمة الجسم الى آخرها ( لم ‌يقرأ ) ونحن ما خلقنا للوقوف في تلك الظلمات فان الله اجل ان يجعل الغاية للايجاد اياها بل للسير فيها مع عدم الالتفات اليها وقطع النظر عنها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها وهي الظلمات والظلمات الثلث التي في القرآن على التأويل بل للوصول الى تلك النقطة التي كثرها الجاهلون واجلك ان تنسب الينا هذا المقام الذي لا يرضيه العوام العارفين بالكلام نعم يرضيه الجاهل بالمقام لكن الفقير مع ذلك لا امن على نفسي عن الخطاء والسهو فان الانسان يساوق السهو والنسيان الا من عصمه الرحمن ولا حول ولا قوة الا به ولا يمكنني ابرء نفسي عنه فانه مقام لا يناله الا المعصوم عليه السلام فلا ينبغي الاغترار بما عند الانسان من الفهم القليل وادعاء هذا الامر العظيم كما فعله حرسه الله حيث قال محو السيئة ان فرض تحققها بالحسنة وهو كما ترى وانه لامر عظيم وخطب جسيم ولذا وقع فيما وقع من الزلل عصمنا الله واياك منه بمحمد خير الرسل وآله هداة السبل

قال سلمه الله تعالى : ونقول قوله فهي لا تقتضي محبوبا اصلا محل مناقشة ظاهره لان اعتبار الحب من الصفات الذاتية كالعلم يقتضي اعتبار الاقتضاء والمقتضي لكن الاقتضاء هناك عين المقتضي والمقتضي عين المقتضي فهو الحبيب والمحبوب اذ لا محبوب سواه بحب هو عين ذاته اذ لا معلوم سواه فقوله عليه السلام عالم اذ لا معلوم ليس نفيا للمعلوم مطلقا اذ هو الظاهر بنفسه لنفسه فهو المعلوم لنفسه بنفسه فجعل الحب صفة ذاتية لا يقتضي نفي المحبوب رأسا واصلا كما هو صريح عبارته فضلا عن ظاهره والقول بانه قابل للتأويل باعتبار محبوب سواه مشترك الورود بيننا وبينه ان سامحناه في عدم ظهور عبارتنا وبالجملة اعتبار الحب صفة ذاتية يجتمع مع اعتبار المحبوب على ما اشرنا واومأنا اليه

اقول معتصما بالله القوي العزيز ولا حول ولا قوة الا بالله انه يجب اولا ان يعرف الشخص نفسه وربه ويميز بينهما لئلا يشتبه عليه الامر ويثبت احكام احدهما للآخر ولا يقع عبادته للخلق وهو قول مولاي الصادق على جده وجدته وآبائه وابنائه آلاف السلام والثنا والتحية بدت قدرتك يا الهي ولم ‌تبد هيئة فشبهوك وجعلوا بعض آياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم ‌يعرفوك يا سيدي والعمدة في هذا المقام هذا المرام وبعد تنقيح هذا المطلب لا يبقى مجال للمناقشة ولا للمعارضة فان الحق لا يخفى بهذه المناقشات كما ان الشمس لا تحتجب بالغيم فنقول اعلم ان الحق هو الغني المطلق بحيث لا شايبة للفقر فيه بوجه من الوجوه والممكن الذي هو الخلق فقير مطلق بحيث لا شايبة للغنا فيه بوجه من الوجوه ابدا وهو قوله الحق يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني فلا يقتضي الممكن بجميع جهاته وحيثياته واعتباراته وملاحظاته واحواله واطواره وشئوناته الا ما يناسب ذاته من الفقر والحاجة والافتقار والعدم والنفي لان الصفات مقامها كك دون مرتبة الذات ولا مجال للعقل ان يحكم بالفقر للذات والغناء للصفات فكلما تجد في الخلق من الذوات والصفات يجب عليك ان تنفي عن الحق بكل الجهات وجميع الحيثيات والاعتبارات فلا يصدق احدهما على الآخر في وجه من الوجوه بوجه من الوجوه قال مولينا الرضا عليه السلام على ما رواه في العيون في توحد الحق سبحانه كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه وقال ايضا عليه السلام وكلما في الخلق لا يوجد في خالقه وكلما يمكن فيه يمتنع في صانعه الحديث فاجعل هذا الكلام الشريف قاعدة كلية فانف كلما تراه وتجده في المخلوقين عن الذات البحت تعالى وتقدس ولما نظرنا في المخلوق رأينا علمه يقتضي المعلوم وقدرته تقتضي المقدور وسمعه يقتضي المسموع ومحبته تقتضي المحبوب نفينا هذا الاقتضاء عن الحق سبحانه وتعالى والا لا يصدق قوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال شيء لا كالاشياء فله السمع والبصر لكن لا كاسماعنا وابصارنا وعلومنا وادراكاتنا في جميع ما لها من الاقتضاءات والا لشابهنا فيها ومجرد المشابهة يستلزم التركيب المستلزم للحدوث المستلزم للفقر فقول الامام عليه السلام كان الله عز وجل ربنا عالما والعلم ذاته ولا معلوم مبني على ما قلنا لا على ما قال ان العلم يقتضي المعلوم الذي هو ذاته ولا يمكن اعتبار الاقتضاء في ذات الحق عز وجل اصلا لانه القبول والمطاوعة فلا يمكن نسبة الانفعال المستلزم للحدوث الى القديم ان قلت ان الاقتضاء ليس على معناه الظاهري بل على معنى يناسب القديم فلا ضير في اثباته للذات قلت هل تعرف ذلك المعنى ام لا فان قلت بالاول فاسئلك هل هو عين الذات ام غيرها فان قلت بالاول فقد عرفت الذات واحطت بها علما اذ ليس غيرها وان قلت بالثاني فقد اثبت معه في الازل شيئا آخر وان قلت بالثاني فكيف تثبت ما لم ‌تعرف وما وصف لك الحق نفسه بذلك وما قال لك ان ذاتي هو الاقتضاء وليس لك ان تسميه بما لم‌ يسم به نفسه وان قلت اثبات الاقتضاء للذات من قبيل اثبات العلم والقدرة لها وان لم ‌نعرف حقيقتها قلنا هذا قياس مع الفارق لانا لما رأينا عدم العلم وعدم القدرة وعدم الحيوة نقصا فقد اثبتناها لله تعالى فاذا قلنا الله عالم نعني بذلك انه ليس بجاهل وليس بعاجز وليس بميت لا اثبات العلم والقدرة والحيوة التي نعرفها وندركها تعالى ربي وتقدس عن ذلك وليس كك الاقتضاء والمقتضي والمقتضي اذ ليس في عدمها نقص بوجه من الوجوه بل هو كمال من جهة تنزيه الخالق عن صفات المخلوقين ضرورة ان الاقتضاء وطرفيه من شأنهم واحوالهم فلا يجري على الحق ما هو اجراه فلا نثبت الاقتضاء لذات الحق عز وجل فانه كفر وشرك والفقير ادري ان اعتقادكم بخلاف هذا وانما دعتكم المعارضة والمناقشة الى ذكر هذا الكلام وقوله ولكن الاقتضاء هناك عين المقتضي والمقتضي عين المقتضي فيه انه ان اراد بالعينية هو ان احدهما هو الثاني بلا فرق فمعنى الاقتضاء هو المقتضي ومعناه هو المقتضي كالعلم والقدرة قلنا ما الوجه في اثبات هذه الثلثة ان قلت الوجه اثبات الكمال فقد عرفت بطلانه وليس لك شق ثان صحيح وان اراد بالعينية هو ان هذه الثلثة امور مختلفة كما هو الظاهر لكن مصداقها ذات واحدة نعتبر فيها تلك الجهات الثلثة كما نقول في العلم انه عين المعلوم وفي العقل انه عين المعقول وفي الظاهر انه عين المظهر فسخافة هذا القول اظهر من الشمس وابين من الامس لا يحتاج الى البيان نعم هذه الثلثة نعتبر عينيتها في كن اي الكاف المستديرة على نفسها وفي رتبة المخلوق المفعول المحدث فاشتبه الامر على مولانا وتوهم انه يمكن اعتبارها في الازل او ان العلم مطلقا يقتضي المعلوم والمحبة مطلقا تقتضي المحبوب وماالتفت الى ما اشتهر بين العرب ان كل مقال له مقام هر سخن جائي وهر نكته مكاني ( مقامي ) دارد ومن جهة هذا الالتباس قال مولينا في الدعاء المتقدم : وجعلوا بعض آياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم ‌يعرفوك يا سيدي من عرف نفسه فقد عرف ربه

وقوله وفقه الله فهو الحبيب والمحبوب اذ لا محبوب سواه بحب هو عين ذاته كما انه العالم والمعلوم بعلم هو عين ذاته فيه انه ان كان مراده واعتقاده ما تدل عليه هذه الالفاظ فنعوذ بالله ونستجير به منه حيث جعل اعتبار عالميته غير اعتبار علمه واعتبار علمه غير اعتبار معلوميته وان كانت الذات واحدة وجعل العلم آلة لعالميته وان كان بالذات وتبرء الامام عليّ بن موسى الرضا على جده وجدته وآبائه وعليه وابنائه آلاف التحية والثناء عن هذا الاعتقاد كما في التوحيد والعيون عن الحسن بن خالد قال سمعت الرضا عليه السلام يقول لم ‌يزل الله عز وجل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له يا بن رسول الله ان قوما يقولون لم ‌يزل الله عز وجل عالما بعلم وقادرا بقدرة وحيا بحيوة وقديما بقدم وسميعا بسمع وبصيرا ببصر فقال عليه السلام من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى وليس من ولايتنا على شيء ثم قال عليه السلام لم ‌يزل الله عز وجل عليما قادرا حيا سميعا بصيرا لذاته تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا فان قلت ان المراد بالعلم المنفي العلم الذي هو غير ذاته بدليل قوله عليه السلام فقد اتخذ مع الله آلهة ولا يمكن فرض ذلك في الذات الواحدة وليس كك فيما نحن فيه فانه صرح بان العلم عين ذاته قلت المغايرة اعم من ان تكون حقيقية او اعتبارية وكلا القسمين منفيان عن الحق سبحانه وصفاته وفي هذا المقام وان لم ‌يكن القسم الاول ولكنه القسم الثاني حيث قال وهو العالم والمعلوم بعلم هو عين ذاته وهو قولهم في معرفة النفس يتحد الشاهد والمشهود والشهود لان العالم في هذا المقام ان كان هو عين العلم وهو عين المعلوم وهو عين العالم بلا فرق حقيقي ولا اعتباري بوجه فلا معنى لهذه العبارة انه العالم والمعلوم بعلم عين هو ذاته فلا يناسب ايضا ما ذكر من ان العلم يقتضي المعلوم فاذا قلت ان المعلوم هو عين العلم بلا فرق ولو اعتبارا فكيف يبقى مجال للقول بالاقتضاء لان الاقتضاء هو النسبة وهي تستدعي الطرفين وان كان بالاعتبار والا فلا يصح ابدا ولا معنى له بوجه اصلا ولذا رددنا على القائلين بان الحمل الغير المتعارف اي حمل الشيء على نفسه لا اعتبار للمغايرة فيه اصلا بان الحمل يقتضي النسبة وهي لا تتحقق الا بين الشيئين فاذا صح التغاير الاعتباري جاء الشركة فيتوجه قول الامام عليه السلام من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى وليس في ولايتنا على شيء اعيذك مولانا ان يكون هذا اعتقادك نعم ليس مرادك ولكنك اردت المناقشة والمعارضة ولا بأس عند ظهور المقصود بل لا يقال هنالك معلوم ولا تنسب اليه المعلومية لما توهم من المغايرة ولا بأس فيما اذا لم‌توهم ذلك كما ذكر مولينا الرضا عليه السلام ذلك في جواب عمران الصابي لما سئله عن ذلك فقال عمران يا سيدي هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسه قال الرضا عليه السلام انما تكون المعلمة بالشيء لنفي خلافه وليكون الشيء نفسه بما نفي عنه موجودا ولم ‌يكن هناك شيء يخالفه فتدعوه الحاجة الى نفي ذلك الشيء عن نفسه بتجديد ما علم منها أفهمت يا عمران قال نعم والله يا سيدي فجعل الحب صفة ذاتية تقتضي نفي المحبوب رأسا واصلا كما هو صريح عبارتنا ولا نحتاج الى التأويل حتى يكون مشترك الورود بيننا وبينكم وهذا التوهم انما نشا من عدم وجود الكتاب عنده وعدم حضور العبارة بباله وهو بالمسامحة اولى وبالجملة اعتبار الحب صفة ذاتية لا يجتمع مع اعتبار المحبوب على ما اشرنا واومانا اليه فافهم وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى والسلام على تابع الهدى

قال وفقه الله تعالى لمراضيه : لكن مآل هذا الكلام الى نفي التعدد بوجه واثبات الذات البحت والذات من حيث هي ليست الا هي فثمة لا شيء سوى الذات ولا حكاية ولا عبارة ولا اعتبار فكلها كغيرها مما لم ‌يذكر واقع على مقاماته التي لا تعطيل لها في كل مكان فكما ان لا صفة في مرتبة الذات والعلم الذي هو من صفات الذات مع اعتبار الصفتية المقتضية للمغايرة فشهادة كل صفة انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف انه غير الصفة ه‍ منفي اول معرفة الله نفي الصفات عنه كذا اعتبار الصفتية من حيث الصفتية تقتضي صحة اعتبارها دون مرتبة الذات اي في مرتبة الحدوث والخلق اذ لا واسطة بين القديم والحادث اذ لا صفة في مرتبة الذات ودون مرتبة الذات مرتبة المفعول الحادث القائم بالفعل الحادث القائم بنفسه لكن لا بمعنى استقلال الفعل في القيام بالنفس من دون مدخلية للمقيم له القايم بذاته والا لكان واجبا وقديما ولزم التعطيل المنفي عقلا ونقلا فالفعل وان كان غير مسبوق بغيره من الفعل او المفاعيل لكنه قائم بالفاعل واعتبار الفاعلية فيه كالمفعولية على وجه لكونه مركبا من الكون والعين قصر استنادها اليه بل الفعل المستند اليه لكونه غير مسبوق بفعل آخر في الحقيقة فعل بالله ومجمل الكلام انه لم‌ يقم نفسه بنفسه بل ربه اقامه بنفسه لا بشيء آخر فصح استناد الفعل الى الله وان كان الفعل مستندا الى الفعل بنفسه وهذا المقام صعب المنال دقيق جدا عصمنا الله فيه من الزلل قال وكذا الحب الواقع في مرتبة الفعل لما علمت من صحة استناد الفعل اليه تعالى فمعنى الحب الذاتي استناده الى الذات بوسط كما في المفاعيل او بلا وسط كالفعل لا ثبوته في مرتبة الذات وشتان بينهما

اقول ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم اما قوله وفقه الله لكن مآل هذا الكلام الى نفي التعدد بوجه واثبات الذات البحت اه فقد عرفت خلافه وهو ان مآل الكلام الى اثبات التعدد على وجه الاعتبار ونفي الذات البحت التي ليست ثمة شيء لا عبارة ولا حكاية ولا اعتبار لاثباته الاقتضاء والمقتضي والمقتضى بقوله علمه يقتضي المعلوم و ما ادري ان العلم في هذا المقام ان كان هو عين المعلوم فيكون العلم عبارة اخرى للمعلوم فيكون العلم والمعلوم اسمان لشيء واحد وهو ذات الواجب سبحانه فاين الاقتضاء لانه النسبة والرابطة بين المقتضي والمقتضى ولا شك انه يجب ان يكونا معنيين ولو بالاعتبار لا لفظين وهل يتفوه عاقل بان الانسان يقتضي البشر او بالعكس فلا بد من اعتبار التغاير ولو بالاعتبار والذي تسمع نقول ان العلم عين المعلوم نقصد به التغاير الاعتباري فجهة العلمية غير جهة المعلومية ولا احد يقول ان الشيء من حيث هو علم معلوم او بالعكس الا في ذات الحق سبحانه لانا نقول هناك انه تعالى من حيث هو قريب بعيد ومن حيث هو ظاهر باطن ومن حيث هو خفي ظاهر ومن حيث هو عالم علم ومن حيث هو علم معلوم ولا نعرف كيف ذلك حيث كان الكيف مخلوقا وممكنا فلا اقتضاء لصفاته على هذا البيان كما انه لا اقتضاء لذاته او ان اعتبار العلم غير اعتبار المعلوم حتى يصح توسط الاقتضاء وان كان احدهما عين الآخر كما نقول في الفعل انه فاعل ومفعول وفعل فاين الوحدة ونفي التعدد بوجه الا انك تقول بان الكثرة الاعتبارية لا يضر بالوحدة الحقيقية ولا يستلزم الكثرة كما قالوا لكني ما اظنك تدعي ذلك القول السخيف المستنكف الباطل في بادي الرأي

وقوله ايده الله فكلها كغيرها مما لم ‌يذكر واقع على مقاماته التي لا تعطيل لها في كل مكان يعني انها مدلولات هذه الالفاظ ومسميات تلك الاسامي فلا يقع على الذات البحت القديم عبارة ولا اشارة ولكنا نقصد بتلك الالفاظ الذات البحت وان لم ‌تكن مدلولا لها فاعتبر فيها ما تعتبر فيها اذ لا فرق بينها وبينها الا انها عبدها وخلقها فتقها ورتقها بيدها بدؤها منها عودها اليها على ما قال الامام الحجة المنتظر عجل الله فرجه وروح العالمين له فداه في دعاء كل شهر من شهر رجب اللهم اني اسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك المأمونون على سرك الى ان قال فجعلتهم معادن لكلماتك واركانا لتوحيدك وآياتك وعلاماتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها اليك الدعاء فاذا كان كك فانف عنها ما تنفي عنها لانها الوجه وملاحظتها من حيث الوجهية لا من حيث النفسية ففي الرتبة الاولى لا فرق بينك وبينها وفي الثانية الا انهم عبادك وخلقك فافهم

وقوله فمعنى الحب الذاتي استناده الى الذات اما بوسط كما في المفاعيل او بلا وسط كما في الفعل لا بثبوته في مرتبة الذات وشتان بينهما فيه انه وفقه الله اختار الشق الثاني من الترديد الذي رددنا في الايراد اي في بيان المراد وما ذكر اولا كان مناقشة لفظية وقد عرفت فسادها واما هذا الشق فهو صحيح كما ذكرنا وصححنا اولا لكن الكلام في تصحيح العبارة فانها قاصرة بعد ان صح ان الصفة على قسمين ذاتية وفعلية والفارق بينهما ليس الا انتساب الاول الى الذات والثاني الى الفعل تقول علم ذاتي وقدرة ذاتية وسمع ذاتي وتقول علم اذ معلوم وقدرة اذ مقدور وسمع اذ مسموع وقد صح ان الصفة الذاتية قديمة اذ ليست شيئا غير الذات واثبات هذه العبارات التفهيمية والنقوش الفهوانية بعدم استلزام التعطيل والا فكمال التوحيد نفي الصفات عنه كما ذكر غير مرة وان الصفة الفعلية حادثة مخلوقة لانها مظاهر ظهورات الحق ومجالي تجلياته كالالوهية والربوبية والخالقية والرازقية وامثال ذلك ولا يكون الظهور في مرتبة الظاهر قط وان كان عينه لكن المراد ما يقوم به الظهور قيام صدور لا ما يقوم به قيام تحقق ولا ما يقوم به قيام عروض ولا ما يقوم به قيام ظهور فاذا قلت العلم الذاتي وقصدت به الحادث الفعلي فقد جئت بالمكابرة الواضحة ولا يعرف الناظر من تلك العبارة الا العلم الذي هو ذاته اذ ليس الفارق بين الامرين الا الامرين في جميع الاصطلاحات وكلمات الائمة عليهم السلام شاهد صدق لهذا المدعا فيظن الحادث قديما واما ان يعتقده ويجعله اعتقادا فيكفر وتكون انت حامل اوزاره او يطعن فيك وينسبك الى الكفر ففي الصورتين تتوجه الملامة اليك سيما في هذا المقام الذي هو من مزال الاقدام حيث ان الصوفية اعتقادهم ان الحب الذي صار علة الخلق والكون هو الحب الذاتي الذي هو عين ذاته ولا يعرفون ان المراد بالحب في الحديث مرتبة الفعل والوجود المطلق ول ايمكن جعله اصطلاحا جديدا لوقوع الالتباس والاشتباه التام في الكلام كما لا يخفى على اولي البصاير والافهام

واما قوله اما بوسط كالمفاعيل او بغير وسط كالفعل ففيه ان الظاهر من العبارة نفي الواسطة في ايجاد الفعل وهذا لا يصح ابدا والا لمااستدارت الكاف على نفسها وماحصل التوالي وخلاف التوالي وفيه جعل الذات فعلا وجعل الفعل ذاتا وهو مما لا يجوزه عاقل ويمكن تأويل الكلام بارادة الوسط الذي هو غير ذاته على وفق قوله تعالى لا شرقية اي لا قديمة ولا غربية اي ولا حادثة وحمله على هذا الوجه اولى من الرد على خلاف ديدنه وفقه الله حيث بناؤه على الرد كيف ما كان والكلام في كيفية اثبات الوسط وتحقيق معناه وتبين المراد طويل الذيل ممتد السبل وانا لا احب التطويل فاقتصر على الاشارة واومى الى محل الاشتباه والالتباس ولا يمكن استقصاء هذه المطالب الا بالمشافهة والمشاهدة ثبتك الله وايانا من الزلل بمحمد خير الرسل وآله هداة السبل والحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين الاكرمين الانجبين

قال وفقه الله تعالى وايده : ولما كانت الحكاية في كنت كنزا مخفيا اه من جانب الفاعل يضمحل المناقشة في نسبة الحب الى الذات لما علمت من كون الحب مخلوقا بظهور الفعل بعين ظهوره والفعل منسوب الى الذات بالمعنى الصحيح السابق فلا مجال لقوله لا مجال للقول بان الحب الذاتي اقتضى الظهور اه ولا مجال لقوله ايضا ولا مجال ايضا لجعل المحبة من الصفة الذاتية لقوله تعالى فاحببت ان اعرف اه اذ قد عرفت ان الحب الذاتي في الذات عين الذات فهو بذاته حبيب لذاته اذ لا محبوب سواه فنفي المحبة في الجملة في مرتبة الذات لا دليل عليه ولفظه فاحببت ان اعرف اه لا دليل عليه واثبات الصفتية وهو في دون مرتبة الذات اذ لا صفة في مرتبة الذات لا ينافي التبعية الظاهرة من فاحببت ان اعرف ومما ذكرنا وفصلنا ظهر ان لا مجال لقوله فلا مجال ايضا للقول بان الحب الذاتي اقتضى كذا اذ قد علمت صحة كون الوسايط مطوية اذا وقع الحكاية من الفاعل تفطن

اقول ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم انك قد عرفت مما اسلفنا ان الايراد باق بحاله والمراد لا يدفع الايراد والحب ليس منسوبا الى الذات لما عرفت من وقوع التشبيه المستلزم للشركة المستلزمة للتركيب المستلزم للحدوث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث بل الحب منسوب الى المحب وهو الذات الظاهرة بالحب الذي هو عين الظهور الذي هو عين المظهر فالمحب عين الحب الذي هو عين المحبوب اولا المعبر عنه عندنا بالمفعول المطلق وكذا الفعل لا ينسب الا الى الفاعل بالمعنى الصحيح وكل ذلك اقامه الله تعالى بالقيام الصدوري لا على نحو المشابهة ولا المماثلة ولا الاتحاد ولا الاقتران ولا النسبة ولا كالمقابل والصورة ولا كالشمس والاشعة ولا كالنور والظل ولا كغيرها من انواع الاصدار والايجاد اذ كل ذلك من احوال الخلق وصفاتهم وهو منزه عنها اعرفوا الله بالله اذ كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه ولا كيف لتلك الاقامة كما انه لا كيف لذاته تعالى فمن ادعى كيفية اصدار الخلق الاول الا على نحو ما اشرنا اليه فقد كذب وافترى قال مولينا الرضا عليه الصلوة والسلام ما معناه ان ارادة الله احداثه لا غير لانه لا يروي ولا يهتم ولا يفكر انما يقول للشيء كن فيكون بلا نطق ولا لفظ ولا اشارة ولا كيف لذلك كما انه لا كيف لذاته فلا معنى لانتساب الفعل الى الذات البحت تعالى وتقدس بل الفعل منسوب الى الفاعل الذي هو عين ظهور الذات بنفس الفاعل بلا كيف ولا جهة بالمعنى الصحيح مع ان الذات قد غيبت (ظ) جميع الصفات أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك اه فلا تعطيل ابدا عند العارف (ظ) فلا مجال لقوله فلا مجال لقوله لا مجال للقول بان الحب الذاتي اقتضى الظهور اه وايضا لا مجال لقوله ايضا ولا مجال لقوله ايضا ولا مجال ايضا لجعل المحبة من الصفة الذاتية لان الصفة الذاتية كما هو الاعتقاد الحق بل لااجد احدا يخالفه الا الاشاعرة انها عين الذات بلا اعتبار مغايرة واعتبار وفرض فكيف يمكن جعل المحبة من الصفة الذاتية وجعلها متأخرة عن الذات مساوقة للايجاد والخلق فلا مجال لصحة هذا القول بوجه ابدا كما لا يخفى على من له ادنى مسكة واستشهادنا بحديث الايجاد صريح في المراد

وقوله وفقه الله فنفى المحبة في الجملة في مرتبة الذات لا دليل عليه ولفظة فاحببت ان اعرف لا دليل عليه فيه انا ما نفينا المحبة الذاتية مطلقا بل نفينا المحبة التي تقتضي المحبوب والمحبة الذاتية لا اقتضاء لها بوجه من الوجوه كما عرفت بل المحبة المقتضية هي المحبة في قوله تعالى فاحببت ان اعرف فلفظة احببت ان اعرف دليل على ما ادعينا باكمل الدلالة واتمها ومما ذكرنا وفصلنا ظهر ان لا مجال لقوله لا مجال لقوله فلا مجال لقوله ايضا للقول بان الحب الذاتي اقتضى كذا لانك علمت ان الوسائط لا بد من اعتبارها اذا وقع الحكاية من الفاعل على ان الفاعل هو الواسطة بين الذات وبين الفعل ولا حكاية في الذات البحت وعن الذات البحت ولا اشارة ولا عبارة ولا كلام اذا بلغ الكلام الى الله فامسكوا فان الى ربك المنتهى ولا مؤثر في الوجود الا الله ولا خالق الا الله ولا رازق الا الله ولا محيي الا الله ولا مميت الا الله هو الله الواحد القهار

هذا اعتقادي قد كشفت قناعه سيضر معتقدي له او ينفع

تأمل في حدود كلماتي واشاراتي وترديد عباراتي لتعرف سر الامر بين الامرين وتفوز الى معرفة قيومية الحق للاشياء وقد كتبت هذا المطلب بما لا مزيد عليه في تفسير آية الكرسي في الحي القيوم في بيان حقيقة معنى زيد قائم فاطلبه ليظهر لك المراد ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال وفقه الله

( الى هنا كان في النسخة الاصلية )

المصادر
المحتوى