
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الحقير الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات قليلة واشارات جليلة في بيان مقامات الظاهر والباطن والتأويل في القرآن وفي اخبار اهل البيت عليهم السلم بل في كل لفظ وكلام لان سر الله هو الواحد الساري في كل ذرة في كل مقام كتبتها اجابة لالتماس من تجب عليّ رعايته والاعتناء به مستعينا بالله المتعال ومتوكلا عليه في كل حال
اعلم ان بيان هذه المقامات والمراتب مما ابى الله الا كتمانه في القلوب وغطاه بحجب الغيوب لان الخلق في الصعود الثاني بعد في رتبة الانجماد وهذه مراتب الذوبان والاتحاد ومشاهدة الاشياء بسر الفؤاد فاين الثريا من يد المتناول ولو تصدينا لشرح تلك المراتب بلسان اهل العوالم الجسمانية لماادينا تلك المطالب فان السر لا يفيده الا السر لان الادوات انما تحد انفسها والآلات انما تشير الى نظايرها والا فالبيان لا يزيده الا غموضا
فاذا فهمت ذلك فاعلم ان الظاهر اذا اطلق في مقابلة الباطن والتأويل في مقام الالفاظ يراد به ما ظهر تفسيره وبيانه لاهل ذلك اللسان من ادنى المراتب مثلا في القرآن هو متفاهم العرب من اللغة الظاهرية المعروفة المتداولة الوجه الواحد من وجوه السبعين التي للعربية على مقتضى القواعد النحوية والصرفية وساير المقدمات والآلات المتعارفة وجريان احكام الحقايق والمجازات وانواع الاستعارات والكنايات والتشبيهات والاستخدامات وساير الاوضاع والقرانات مما هو المتعارف بين الواقفين مقام الاجسام واللائذين بباب الملك في عالم الملك والسائلين من الله سبحانه المدد تحت حجاب الكبرياء ولهم مراتب كثيرة ومقامات عديدة لكنها تجمعها ثلثة مقامات وهو قوله تعالى ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا لكم ومتاعا الى حين وهذه مراتب ظاهر الجلد المشار به الى عالم ( علم خل ) الظاهر وذلك على حسب مراتب عالم الاجسام ومراتب المقيمين في ذلك العالم فاشرفها واعلاها والطفها الافلاك على حسب تفاوت درجاتها في اللطافة والكثافة واليها الاشارة بالوبر وهو مقام المؤمنين الممتحنين بعد النزول بعد الصعود في السفر الرابع ذلك لسان اهل الجنة واوسطها العناصر وكائنات الجو وذلك لاولي الالباب اذا تنزلوا الى عالم الزمانيات والزمان وهو الصوف واغلظها واكثفها رتبة الجماد وذلك لاهل العلم اذا تنزلوا فعندهم الاختلافات والمناقضات وتبدل الآراء والاهواء وظاهر الظاهر ان تأخذ مادة الكلام من حيث هي وتتصرف في ما شئت من غير ملاحظة انطباقها على القواعد النحوية والصرفية واللغوية كما اذا قيل لك فهمت تقول همت هيام الصب وهو التحير والوله لاجل المحبة وهكذا ترتقى مراتب التصرف الى السبعة او الى السبعين على حسب سعة الناظر في علوم الالفاظ والاعداد والحروف وعلم الطبيعة والاوفاق والجفر وملاحظة الاعراب من الحركات والسكنات والحروف المهملة والمعجمة والنورانية والظلمانية واحكام التقديم والتأخير و التقليل والتكثير وهذا باب واسع عظيم ينكشف به للعارف سر قوله عز وجل وفيه تفصيل كل شيء الا انه لا يجوز التصرف والتكلم في هذا المقام وفي المقامات الآتية كلها من مراتب الباطن والتأويل الا بعد نص المعصوم عليه السلم اما بعموم او بخصوص او اشارة او تلويح او مثل او ارشاد او تكلم او سكوت او من فحوى الخطاب او لحن الخطاب وامثال ذلك من الاحوال الجارية في الالفاظ والذوات ولما كان مقام الظاهر مقام الكثرة والاختلاف ومرتبة الانجماد وضع ( وضع له خل ) الاسم الذي اصله مأخوذ من حرف اسم محمد صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلم وهو الالف والهاء فالاولى اسمه الاول والثانية للثاني عليهما السلم وهو قوله عليه السلم يا عليّ مااختلف في الله ولا في وانما الاختلاف فيك يا عليّ وقوله تعالى عم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ولذا جعل في اوله الذي هو وجهه الظاء الذي هو آخر مرتبة الكثرة والاختلاف وآخره الراء الذي هو تكرير القاف الذي هو الجبل من الزمردة الخضراء وهو ظاهر جسده عليه السلم والتكرار اشارة الى ظهوره عليه السلم في العالمين عالم الغيب والشهادة على المعاني كلها فلنقبض العنان فللحيطان آذان
والباطن حيث يطلق يراد به ما كان في آل محمد عليهم السلم مما لا يتبادر الى افهام اهل الظاهر كما تقول ان العرش هو محمد والكرسي هو عليّ عليهما السلم والشمس هي النبوة والقمر هو الولاية والافلاك الاخر جهات تعلقاتهما الخمسة والنار هي الحسين عليه السلم لقوة الحرارة والهواء هو الحسن عليه السلم لمكان النضج والتعفين والماء هي فاطمة عليها السلم لقوة البرودة التي هي منشأ العلة الصورية والتراب هو امير المؤمنين عليه السلم وفي مقام الباطن ترتفع احكام المجازات والكنايات والاستعارات والتشبيهات ولا يبقى عندهم في كل لفظ الا صرف الحقيقة فعندهم الالفاظ التي ذكرناها بتفاسيرها حقايق فيهم عليهم السلم وفي معانيها المتداولة بين الناس ايضا حقايق لا من باب الاشتراك وانما هو من باب الحقيقة بعد الحقيقة ولما كان الباطن خاصة احكامهم عليهم السلم وضع له الاسم الذي اصله حرف من اسم محمد صلى الله عليه وآله وهو الالف وهو الاول وحرف من اسم فاطمة عليها السلم وهو الطاء وهو الآخر لان الطاء آخر مراتب الآحاد التي هي المبادي للآحاد ( للاعداد خل ) كلها كفاطمة عليها السلم ولذا كانت وعاء حافظة فافهم وجعل في الاول والآخر حرفا من اسم عليّ عليه السلم وهو الباء والنون وباطن الباطن بمراتبه الى السبعة او الى السبعين هو ملاحظة مراتبهم ودرجاتهم سلام الله عليهم من ( في خل ) رتبة الابواب والمعاني والبيان بمراتبها هذا قول قشري واما القول الحقيقي فملاحظة الوسائط من البعيدة والقريبة في جعل الاشياء من الذوات والصفات ولايصح الكلام في هذا المقام اصرح مما ذكرنا وهذا ايضا فضح للحكمة الا انه لا يسعني الا البيان
والتأويل حيث يطلق يراد به ما كان في العالمين اي العالم الاوسط والعالم الاصغر الانساني كما تقول ان العرش هو القلب والكرسي هو الصدر والشمس هي مادة الوجود الجسماني والقمر هو الحيوة والصورة الجسمانية المقارنة للمادة والمدة والنار طبع الفاعل والهواء هو الاثر اي المفعول المطلق والماء هو قابلية المفعول وميله الى الفاعل للاستفاضة والتراب هو انيته الحافظة لما يرد عليها من فيض الفاعل واما في الاوسط فالعرش هو مادة الاكسير الاحمر والكرسي هو مادة الاكسير الابيض والشمس هي الصبغ الاحمر والقمر هو الزيبق المعهود عندهم والنار هو الفتي الكوشي ( في بعض النسخ : الكرشي ) اي الماء الاحمر والهواء هو الاصفر الشرقي والمجموع شيء يشبه البرقا والماء هو الفتاة الغربية اي الماء الابيض الغليظ والتراب هو الثفل الباقي وهي الارض المقدسة وهكذا ساير التصاريف
وقد يطلق التأويل ويراد به ما اذا اخذ بعض الكلام من غير ملاحظة مقدمه او مؤخره وصرف الى المعنى الغير المعروف عند اهل الظاهر سواء كان في اهل البيت عليهم السلم او في غيرهم عليهم السلم كما في قوله عليه السلم ما معناه ان في زمان القائم عليه السلم تنتشر العلوم والمعارف حتى لا يحتاج احد الى علم الآخر وهو تأويل قوله تعالى يغن الله كلا من سعته وقوله عليه السلم في تأويل قوله تعالى واخذنا منهم ميثاقا غليظا ان الميثاق هو العقد والغليظ هو النطفة ويحتمل ان يكون الثاني من باب ظاهر الظاهر ( الظاهر ايضا خل )
وقد يطلق الباطن ويراد به ما يخالف التأويل على هذا التفسير فيكون هو ملاحظة الكلام على الاتصال والهيئة الظاهرية وارادة معنى غير ما هو المعروف عند العوام مطلقا اي سواء كان في اهل البيت عليهم السلم او في غيرهم في العالم الاوسط او في العالم الاصغر كما في قوله تعالى حم والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين فحم هو محمد صلى الله عليه وآله والكتاب المبين هو عليّ عليه السلم ظاهر نوره بين رشده او هو المميز والمفصل وهو فصل الخطاب انا انزلناه اي عليّا عليه السلم في ليلة مباركة وهي فاطمة عليها السلم اي زوجناها منه انا كنا منذرين الخلق بمحمد وعليّ وفاطمة عليهم السلم فيها اي في فاطمة عليها السلم يفرق كل امر حكيم يمتاز كل امام حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين رحمة من ربك اماما من عندنا والباقي ظاهر او تقول ان حم هو العقل والكتاب المبين هو النفس والنزول في الليلة المباركة تنزل العقل الى النفس المطمئنة للانذار المستلزم للخوف الحاصل من كثرة النفس فيها يفرق كل امر الخ اي في النفس يمتاز ما كان مجملا في العقل من الامور المحكمة من الذوات والصفات والوجوديات والشرعيات والواقع الاولي والثانوي وهكذا او تقول ان حم هو الصبغ الاحمر والكتاب المبين هو الزيبق المسمى عندهم بهرمس الحكيم والليلة المباركة هي الارض المقدسة والانذار لتطهير تلك الارض عن القوم الجبارين بذلك الكتاب الذي هو يوشع بن نون عليه السلم فيها يفرق الخ امتياز المياه الخمسة او امتياز الشمس والقمر او امتياز مراتبهما في القوة والشدة بتكاثر السقي هذا كله من وجوه الباطن على التفسير الثاني لا الاول
ولما كان التأويل على الاطلاق في العالمين كما ذكرنا جعل في اصل اسمه حرف العالم الانساني صغيرا كان او وسيطا او كبيرا وهو الواو ولما كان النظر فيه اليه من حيث المبدء صدر بالالف الذي هو حرف المبدء اعلم انه قد تحقق عندنا ان حقيقة الاسم في الحرف الاوسط والطرفان وجوه ذلك وتفاصيله كالقلب بالنسبة الى الرأس والرجلين فان كان الاسم فردا فالاصل واحد وان كان زوجا فهو اثنان ولا ينافي ذلك ما اشتهر عندهم ان الاسم اي اصله في الحرف الاول لان الحرف الاول وجه الاصل يظهر حكمه فيه ولا يناسب هذا المقام بسط الكلام فيه
وباطن التأويل ملاحظة الظهورات الالهية في الصنع والايجاد كما في باطن الباطن حرفا بحرف الا ان كلا في مقامه ومرتبته
فها انا امثل لك مثالا يجمع المقامات كلها تستنبط منه نوع المسئلة فاقول الكتاب مثلا في قوله تعالى وكل شيء احصيناه كتابا هو في الظاهر القرآن او اللوح المحفوظ وفي ظاهر الظاهر هو جمع المختلفات وهو كينونة العالم في عالم الجمع والاجمال والوحدة وفي التأويل هو النفس كلية كانت او جزئية والصدر وباطن الكرسي وظاهره وفي الباطن هو الامام امير المؤمنين عليه السلم او فاطمة (ع) او الولي مطلقا وفي باطن الباطن على المعنى الاول فالامام عليه السلم قلم الكاتب لكتابة الكتاب وفي الثاني ( وفي الثالث خل ) الامام مداد الكتاب وفي البطن الرابع فالامام يد الكاتب وفي البطن الخامس فالامام هو القدرة والقوة اللتان بهما تقوت اليد وقدرت للكتابة ( على الكتابة خل ) وفي السادس فالامام (ع) هو الكاتب وفي السابع فالامام عليه السلم هو المبدء الذي تنتهي اليه تعلقات الصفات وهو مقام لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك والدليل على ان مراتب البواطن ما ذكرنا هو قوله عليه السلم علي ما رواه الصفار في بصائر الدرجات ان امرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر والباطن وباطن الباطن وهو السر وسر السر والسر المستسر والسر المقنع بالسر فافهم وانما قلت ان هذا الكلام قشري لان هذه المراتب من البواطن عند اولي الافئدة حين وقوفهم في مقام المفعول المطلق بالعقل المرتفع واما المجاوزون عن ذلك المقام فعندهم يكون البطن السابع هو الثاني واما البطون الاخر فمما لا ينطق بها فمي ولا يجري لذكرها قلمي مع اني لم احط باكثرها علما والسلام على تابع الهدى وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين
قد فرغ من تسويدها منشيها في يوم الاربعاء سادس شهر شوال المكرم سنة ١٢٣٧ حامدا مصليا مستغفرا