رسالة في معنى حديث رواه أبو الاسود الدؤلي

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في معنى حديث رواه ابو الاسود الؤلي

عن امير المؤمنين (ع) في الكلام ورفع اشكال فيه

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلوة والسلام على مظهر لطفه محمد وآله اجمعين ( الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم الى يوم الدين خ‌ل )

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني المقيد بوثائق الآمال والاماني كاظم ابن قاسم الحسيني الرشتي انه قد اتتني مسائل عويصة مشكلة ضلت عندها احلام العلماء وافهام الحكماء وقد اتت في وقت تهجم الاشغال وتراكم دواعي الاختلال ووقوع حادثة عظيمة كادت ان تزال ( تزول خ‌ل ) لها الجبال وقد اوجبت بلبال البال واختلال الاحوال وحدوث الامراض المانعة من استقامة الحال واني يسعني في مثل هذه الحالة جواب السؤال وازالة الاشكال لاسيما جواب هذه المسائل التي هي من مكنونات علم امير المؤمنين عليه السلام المفضال ولاسيما في مثل هذا الزمان الذي سري الداء العضال في عامة الخلق من الناس والرجال وهو الجهل الذي هو داء لا دواء له والتعصب الذي هو مرض لا شفاء له وانا مع تلك الحالة وهذا الزمان وبين هذا الخلق الذين هم رجال ولا رجال المتخذين عادات واحوال ربات الحجال مع هذا المرض الذي لا يبرء على كل حال ما عسي ان اقول واشرح وابوح من المعقول والمنقول فان اقتصرت على ما عند الناس فمااستفاد السائل وان اجملت حقيقة المقال عاد الاشكال وان فصلت اخاف اباحة ما لم يؤذن لنا في ابانته وان سكت اخاف ان اكون مانعا للحكمة من اهلها فوالله لقد تحيرت غاية التحير حين ابتلائي بوقت قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعي الغي اتباعه فلبوه من كل جانب ومكان واجابوه باللسان والجنان الا اني آت بما هو الميسور من المقال واشير اشارة اجمالية الى حقيقة الحال بنحو لا تناله ايدي افهام اولئك الرجال ولا رجال ان يدعون من دونه الا اناثا وان يدعون الا شيطانا مريدا لعنه الله واني في سعة مع من اخاطب فانه سلمه الله تعالى وايده بكثرة خبره ودقة نظره يفك الرموز ويستخرج الكنوز نسئل الله التوفيق والهداية الى سواء الطريق ونعتذر من جنابه السامي البسط في المقال لما ذكرت له من حقيقة الحال وآت بما هو الميسور اذ لا يسقط بالمعسور والى الله ترجع الامور وجعلت كلامه سلمه الله متنا وجوابي كالشرح له كما هو عادتي في اجوبة المسائل و( الله خ‌ل ) المستعان وعليه التكلان

قال سلمه الله تعالى بعد البسمله : السلام على اولياء الله المنتجبين ثم على التابعين لهم باحسان وذكر بعض الابيات في التأسف على حصول تلك الواقعة العظمى والبلية الكبرى التي وقعت في ارض كربلاء من ما لا يسعنا الوقت والحال والاقبال لذكرها وبسط الكلام في شرحها فانها ولعمري ابيات تفتت الاكباد وتقدح الزناد مع اشتمالها على المعاني والدقايق التي ما احلت ( ما حلت خ‌ل ) الا في الفؤاد وما برزت الا لاهل المحبة والوداد ( وخ‌ل ) قال ثم المرجو الجواب عن هذه المسائل القليلة من جناب الاخ الجليل بل السيد النبيل بل نعم الخليل بل من حق لي ان اتمثل بقول من صدق قيلا :

قد تخللتَ مسلك الروح مني ولذا سمي الخليل خليلا

ومنه اسئل ذكرا لا كمثل ذكري بل شيئا فوق قدري

اقول في قوله اطال الله بقاه وايده وابقاه : ومنه اسأل ذكرا لا كمثل ذكري شيء رفيق ( دقيق خ‌ل ) وهو ان الجواب لا يكون الا مطابقا للسؤال على حسب مقام السائل ولقد قالوا عليهم السلام اذا زدتم في السؤال حرفا واحدا لزدنا في الجواب حرفا واحدا فلا يكون الجواب الا في مقام السائل والسؤال عند ذكرهم في الكون الاول والعالم الازل في مقام ( المقام خ‌ل ) الثاني ولذا قال عز وجل بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون وذلك الذكر جواب ما سألوا لما سئلهم ان يسئلوه بقوله ألست بربكم ومحمد نبيكم وعليّ والائمة الطيبون من ولده وفاطمة الزاكية ( الزكية خ‌ل ) الصديقة ( عليهم السلم خ‌ل ) اوليائكم فاجابوا اي سئلوا ان يعطيهم ما هو مدد بقائهم في اقبالهم وادبارهم فاعطاهم الله سبحانه وتعالى ما ذكروا له ان يعطيهم ثم نسوا ذكرهم الذي هو جواب سؤالهم في كونهم ووجودهم فمنهم من اعرض فعيرهم الله بقوله بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ومنهم من اقبل فاستعد لقبول الجواب اذا سئل فخاطبهم الله سبحانه بقوله تعالى فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون والجواب انثى والسؤال ذكر والانثى انما خلقت من فاضل طينة الذكر من ضلعه الايسر فلا يكون الذكر الا دون الذاكر سواء ذكره او ذكر من يذكر له فانه لا يذكر له الا ما فيه ومنه واليه فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد فالذكر لا يكون الا عند مقام الذاكر والمذكور والسائل والمسئول الا ان الخلق لما تنزلوا عن الخزانة الاولى العلياء وسروا في الخزائن السفلية نسوا مقاماتهم وجهلوا مراتبهم فالعالم يذكرهم ولكنه لا يسعه ان يذكر الا ما يناسب مقام السائل ومرتبته فاذا ذكر اعلى من تلك الرتبة وان كان مرتبة السائل في ( مرتبة خ‌ل ) العرض فقد فضح الحكمة واتى بما نهيه الله سبحانه ولم يؤد الامانة الى اهلها وانه سبحانه وتعالى يقول ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ويقول سبحانه لا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم منها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا فان الواقفين في مقام الجسم لو ذكر لهم شيء من احوال عالم النفوس لم يتحملوا والواقفين في عالم النفوس اذا ذكر لهم شيء من احوال عالم العقول لم يتحملوا ويأخذون في التكذيب والتبري وهكذا وهذا معنى درجات الايمان على ما فصل في الكافي برواية ثقة الاسلام باسناده الى ابي ‌عبد الله عليه السلام ( وخ‌ل ) الى هذه الدقيقة الانيقة يشير قول الشاعر :

ومستخبر عن سر ليلى اجبته بعمياء من ليلى بلا تعيين

يقولون خبرنا فانت امينها وما انا ان خبرتهم بامين

(وانا اقول خ‌ل ) خطابا لذلك الذكر الكريم والنبأ العظيم كما قال الشاعر :

اخاف عليك من غيري ومني ومنك ومن مكانك والزمان

فلو اني جعلتك في عيوني الى يوم القيمة ما كفاني

فعلى هذا لا يجوز الجواب الا بمثل ذكر السائل فاذا اردنا توجيه هذه العبارة فنحمل التفاوت والعدم المثلية كالتفاوت بين الاكسير والحجر وبين الشمس والقمر وتمكين القابلية وتصفية الطوية يكشف ( بكشف خ‌ل ) الغطاء لظهور قوله تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله والتقوى هو الانصاف والاصغاء والتجنب عن عدم التوجه وقلة المراجعة والاقبال بكله الى العالم المعلم والمجيب المبين فبعد هذه الشرائط يرد من الله سبحانه ببركة اوليائه التعليم ويظهر للسائل ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر حسب ما يؤدي اليه نظره والكلام في هذا المقام طويل والقلب كليل والبدن عليل والله سبحانه يقول الحق و( هو خ‌ل ) يهدي السبيل

وكذلك الكلام في قوله ايده الله بمدده : بل شيئا فوق قدري لان فوق قدر الشيء لا ذكر له ولا اشارة اليه ( ولا خ‌ل ) عبارة عنه ان اريد بالقدر كونه في السلسلة الطولية وكذلك في السلسلة العرضية ان كان المراد بالقدر مقام القدر ( القدور خ‌ل ) والحدود التي متوليها الناه ( المناة خ‌ل ) والاذواد والحفظة الرواة ( الرواد خ‌ل ) الذين بهم ملأ الله السموات والارض اي سموات المقبولات وارض القابليات في كل اطوار الممكنات والمكنونات ( المكونات خ‌ل ) حتى ظهر ان لا اله الا الله فان فوق القدر بمعنى الهندسة والحدود لا كلام ولا بيان ولا اشارة ولا تلويح ولا عبارة ولا تصريح ولا سكوت ولا حال من احوال ما يجري به القدر كيف ذلك ولكل نبأ مستقر كيف ذلك وما منا الا له مقام معلوم وانا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون كل صف قدرهم في صفه ولا يقال لهم شيء فوق قدرهم من احوال الصف المتقدم عليهم الا اذا تقدم عليهم فيكون في صفهم يجري عليه احوال ذلك الصف وكل صف متصل كأنه بنيان مرصوص فافهم الاشارة بصريح العبارة وتعيها اذن واعية

(واما خ‌ل ) الخليل فهي اربعة احرف والخل كالحب الا ان الفرق بينهما ان الخاء حرف جهوري من حروف الاستعلاء واللام حرف متوسط بالمعنيين وهو حرف رقيق لا يفخم الا في لفظ الجلالة اذا كان ما قبله مفتوحا او مضموما واما الحاء فهي من اواسط الخلق ( اوسط الحلق خ‌ل ) الذي هو اعلى الغيب والباء حرف من عالم الشهادة ولذا كان محمد صلى الله عليه وآله حبيبا وابراهيم خليلا مع ان الحب عشرة والخل ستة ‌مائة وثلاثين فافهم الفرق ان كنت من اهل الجمع وارق الى مقام التمكين وان سكنت مع اصحاب التلوين ولا يسع الكلام الا هكذا وليس وراء عبادان قرية

( قال ) سلمه الله تعالى : مسئلة - ما معنى حديث ابي ‌الاسود الدئلي الذي بعضه : الكلام كل ( كله خ‌ل ) اسم وفعل وحرف فالاسم ما انبأ عن المسمى والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف لما ( ما خ‌ل ) انبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل واعلم يا ابا الاسود ان الاشياء ثلثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر الى آخره وقد تلقته العلماء رواية ودراية حتى الراوي نفسه اساسا لعلم النحو وان الاسم فيه حروف واصوات قولية كزيد فحسب وان الفعل منبئ عن حركة الفاعل كقام وان الحرف رابطة لهما في اصطلاح التخاطب فما الدليل على الاستدلال بالحديث على غير ذلك

( اقول خ‌ل ) - الكلمة عند اهل البيت عليه السلام كالكلام على قسمين كلمة تدوينية وكلمة تكوينية وقد نطق بهما الكتاب والسنة اما الاول ( الاولى خ‌ل ) فظاهرة بينة لا خلف فيها ولا نكر يعرفها كل احد ولا ينكرها عاقل وامرها معلوم وحكمها مفهوم وليس السؤال عن ذلك واما الثانية فقد نطق بها القرآن وقال عز من قائل بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم فسماه سبحانه وتعالى كلمة وهي ( هو خ‌ل ) عين من الاعيان وحقيقة من الحقايق وذات من الذوات وقال تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات وقد طرق سمعك الاخبار الكثيرة الواردة في ان الكلمات هم الائمة السادات عليهم سلام الله ( السلم خ‌ل ) من رب البريات وهم اعيان الوجود وذوات الحقايق من اهل الغيب والشهود وقال تعالى ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله قال مولانا وسيدنا الكاظم عليه السلام في جواب سؤال يحيى بن اكثم قاضي بغداد ان الابحر السبعة ( سبعة خ‌ل ) عين اليمين وعين الكبريت وعين الطبرية وعين افريقية وجمة ماسيدان وجمة فاجروان ( ناجروان خ‌ل ) واما الكلمات فنحن الكلمات التي لا يستقصي فضلنا ولا يستحصى وقال تعالى واذ ابتلى ابرهيم ربه بكلمات فاتمهن وقد استفاضت الاخبار وتواردت ( تواترت خ‌ل ) ان الكلمات هم الائمة السادات سلام الله عليهم ما دامت الارضون والسموات في جميع اطوار المقبولات والقابليات وابتلى الله سبحانه ابرهيم عليه السلام بولايتهم فاتمهن اي اتى بما كلف به من طاعتهم والخضوع لهم والانقياد لامرهم والمتابعة ( لحكمهم الى ان يبلغ في الطاعة والانقياد والمتابعة خ‌ل ) والمشايعة الى ان خصه الله سبحانه بين جميع الانبياء والمرسلين والملائكة المقربين بل جميع الخلق اجمعين وسماه شيعة ( شيعته خ‌ل ) في قوله عز من قائل وان من شيعته لابرهيم اي من شيعة عليّ امير المؤمنين عليه السلام وقال تعالى ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون اي وصلنا لهم الامام بعد امام وماقطعنا الحجة وما اخفينا الحجة بل وصلنا الامامة ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها وقال تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه والقول هو اطوار الخلق واحسن القول ( هو خ‌ل ) آل محمد عليهم السلام فالذي يتبعهم فيتبع احسن القول وقال تعالى وحق عليهم القول والمراد به العذاب باتفاق من المفسرين وليس العذاب صوتا مصاغا على هيئة الالفاظ وقال تعالى واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ولا ريب ان هذا القول الواقع ليس هو اللفظ والعبارة بل هو حقيقة ذات ولاية وقد اشار اليها الله سبحانه بقوله الحق سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج وقد ورد عن ( طريق خ‌ل ) اهل البيت عليهم السلام واظن ان جنابك رأيته في تفسير عليّ بن ابراهيم بن هاشم القمي انه عليه السلام قال العذاب الواقع هو مولانا القائم ( عليه السلم وخ‌ل ) عجل الله فرجه وهو العذاب الواقع على الكفار ( الكافرين خ‌ل ) والمنافقين من الله سبحانه وهو القول الواقع الذي يتعقبه خروج دابة الارض وقد ورد مستفيضا كما هو المعلوم بالبراهين القطعية من العقلية والنقلية ان دابة الارض امير المؤمنين عليه السلام روحي له الفداء وهو الذي يتحرك ويدب في ارض الامكان لا سواه وحركة كل متحرك بفاضل حركته او بنورها وشعاعها وهذا هو السر في هذا التعبير والا كان يمكن ان يعبر باحسن منها الا ان التعبير بغيرها يفوت المراد لفهم اهل الاستعداد الناظرين بالفؤاد فافهم فما اسعدك لو وفقت لفهمها وقال عليه السلام في الزيارة اشهد انكم كلمة التقوى وباب الهدى وقال عليه السلام ما معناه نحن الكلمة العليا والمثل الاعلى والاسماء الحسنى وبالجملة اطلاق الكلمة على الذوات الحقيقة النورية في القرآن وفي احاديث امناء الرحمن اكثر من ان يسطر واجلى من ان ينكر وقد ذكرت لك شرذمة منها ودللتك عليها فاذا تعينتهما ( تعينتها خ‌ل ) وجدت الامر عيانا كالشمس في رابعة النهار ( وخ‌ل ) كذلك الكتاب على قسمين تكويني وتدويني اما سمعت قول امير المؤمنين عليه السلام انا كتاب الله الناطق وقال تعالى وترى كل امة جاثية كل امة تدعي الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وكتاب الله في هذه الاية امير المؤمنين عليه السلام كما وردت به الرواية وقوله تعالى وكل شيء احصيناه كتابا وقال تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين فاذا تبين لك ما ذكرنا من الدلائل الواضحات والآيات المحكمات ان الكلمة تطلق على الذوات وان هذا الاطلاق هو الغالب في تعبيرات ( اهل البيت خ‌ل ) الائمة عليهم السلام فحينئذ يصرف الكلام الى المعنيين والاطلاقين ولا ضير في ذلك ولم يبق هناك الا القول بعدم جواز اطلاق المشترك في اكثر من معنى واحد وقد ذكرنا في كثير من رسائلنا ومباحثاتنا واجوبتنا للمسائل جواز ذلك وانه هو الاصل لوجود المقتضى وارتفاع المانع فاذا كان كذلك وقد تبين لمن تتبع كلماتهم عليهم السلام وتصفح اطلاقاتهم ان كلماتهم لها وجوه كثيرة وجهات عديدة كلها مرادة لمن يفهم لغاتهم كلا ( كل خ‌ل ) بحسبه فلا يراد لمن لم يطلع على معنى ذلك المعنى الا بعد البيان فاذا كان اللفظ له اطلاقات كثيرة وورد ولم تكن هناك قرينة معينة يحمل على جميع المعاني كما هو الاصل في القرآن وكلمات امناء الرحمن الا ان ينصوا على مقصودهم ويبينوا مرادهم فيتعين ومن هذه الجهة تجد اختلاف التفاسير منهم عليهم السلام على اختلاف الجهات والكل هو المراد وقد قال عليه السلام اني لأتكلم بكلمة واريد منها احد ( وخ‌ل ) سبعين وجها لي لكل منها المخرج

فاذا تبين لك ما ذكرنا ووضح لديك ( لك خ‌ل ) ما سطرنا تبين لك ان المراد من الكلام في حديث امير المؤمنين عليه السلام برواية ابي ‌الاسود الدؤلي ما هو الاعم من الكلام التكويني والتدويني والاسم والفعل والحرف اعم من الاسم التدويني اللفظي والاسم التكويني المعنوي والفعل التدويني اللفظي والتكويني المعنوي والحرف كذلك ابقاء للكلام على عمومه فان الكلام اعم من المصطلح عليه عند النحويين من انه ما تضمن كلمتين بالاسناد ومن الكلام اللغوي الذي ما يتلفظ به الانسان اذ لو حمل على الكلام الاصطلاحي ماصح القول بان الكلام كله اسم وفعل وحرف بل هذا التقسيم للكلمة لا للكلام فان الكلام مركب من كلمتين مخصوصتين لا مطلقا فاذا حمل الكلام على ما هو المعروف عند العوام يلزم التجوز وهو خلاف الاصل لا سيما في مقام التعريف والتقسيم اللذين مبناهما على التوضيح والتبيين كما هو المعلوم عند اصحاب العلوم من اهل الحقايق والرسوم

فعلى هذا البيان تبين انه وجب حمل الكلام على حقيقة ايراد ( حقيقته ويراد خ‌ل ) العموم من ماهية اللفظ والقول بان الكلام موضوع للفظ الموضوع بشهادة اهل العرف واهل اللغة كما صرح به جنابك السامي بقولك وقد تلقته العلماء رواية ودراية حتى الراوي نفسه اساسا لعلم النحو الى آخره يعني ان هذا المعنى هو المتبادر عندهم حتى عرفوا ذلك من كلامه ضعيف جدا وباطل قطعا لان التبادر احد العلامات الدالة على الوضع والامور التي يثبت بها الوضع الالهي اللغوي ليست منحصرة في التبادر وعدم صحة السلب بل قالوا انها عشرة وعدوا منها العقل ولكنهم ذكروا ان مذهب سليمان بن عباد من القول بالمناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى لما كان باطلا ما جاز اثبات اللغة بالعقل المحض فعلى قولهم لو صح مذهب سليمان جاز اثبات اللغة بالعقل مع انهم في مسئلة الوجود انه في اطلاقه على الله سبحانه وعلى غيره هل هو بالاشتراك اللفظي او المعنوي او الحقيقة بعد الحقيقة او الحقيقة والمجاز وغيرها تمسكوا بادلة كلها عقلية فمن قائل بان الوجود لو كان مشتركا معنويا يلزم التركيب في الله سبحانه ومن قائل بان الاشتراك لو كان لفظيا يلزم ان يكون الله معدوما سبحانه وتعالى وان يكون البينونة بينه وبين خلقه بينونة ( عزلة لا بينونة خ‌ل ) صفة ومن قائل لو كان الاطلاق على الحقيقة والمجاز يلزم العلاقة والمرابطة الموجبة للتحديد في ذاته سبحانه وغيرها من اقوالهم التي يطول الكلام بذكرها وجنابك السامي احاط بها علما ولم يستند احد في هذه الاحوال الى التبادر والاطراد وعدم صحة السلب والاستصحاب والعقل الملفق بالنقل وامثالها من الامور التي يتمسكون بها عند اثبات اللغة وكذلك كلامهم في لفظ الجلالة انه موضوع لامر كلي ينحصر في الفرد او امر جزئي علم لذات الله سبحانه وتمسكوا في احتجاجاتهم بادلة عقلية ولم يستندوا الى الامور التي جعلوها مستندا عند اثبات اللغة مع انهم ينكرون المناسبة الذاتية وينكرون اثبات اللغة بالعقل

ولنا في هذا المقام تحقيق شريف اوضحناه في كثير من مباحثاتنا ومصنفاتنا ورسائلنا وذكرنا ان الممتنع من اثبات اللغة بالعقل هو ادراك العقل بان اللفظ الفلاني موضوع للمعني الفلاني اقتراحا من عنده من غير ما سمعه وعرفه من اطلاق اهل اللسان في الاصطلاح الذي يقع به التخاطب وهذا لا يتأتى لغير المعصوم عليه السلام ومن اشهده الله خلق السموات والارض من اتباعه واوليائه المخصوصين بامداداته وفيوضاته وان قلنا بالمناسبة الذاتية فان وجوه المناسبات عديدة والعلة الداعية للوضع من المناسبة المرجحة لا يعلمها الا واضعها او من له اطلاع على علم الغيب واما اذا كان الواضع هو الله سبحانه كما هو الحق في المسئلة عند اهل التحقيق من علماء الاصول وغيرهم فالعقل له طريق الى اثبات اللغة بملاحظة الحكمة فانه سبحانه حكيم يضع الاشياء في مواضعها وبفتح هذا الباب يفتح له في المقام الف باب ومن كل باب الف باب فيعلم بالبديهة ان الاسم اللفظي علامة للمعنى والحكيم لا يدع العلامة المناسبة ويعدل الى غيرها مع حصول الاختلاف فاذن لم يجعل الاشياء في مواضعها واتى بترجيح المرجوح او بالترجيح من غير مرجح فاذا كان الواضع حكيما لم يجعل الاصل في المعنى فرعا في اللفظ ولا الفرع في المعنى اصلا في اللفظ ولم يجعل المتساويين في المعنى مختلفين في اللفظ بالتابعية والمتبوعية والاصالة والفرعية فاذا كان كذلك واللفظ الواحد اذا اطلق على معنيين فصاعدا يكون للعقل ( العقل خ‌ل ) طريقا الى التمييز بين الاطلاقين من الاشتراك اللفظي والاشتراك المعنوي والحقيقة والمجاز والحقيقة بعد الحقيقة ويعرف ذلك بالمناسبات الحكمية التي تقتضيها حكمة الله سبحانه في خلق البرية فان امر الله واحد وحكمه واحد وصنعه متقن وامره محكم وله الحمد وله الشكر من رب ما اوضح امره وابين حكمه له الحكم واليه ترجعون فعلى هذا فلا ريب ان الطفرة في الوجود باطلة والذوات اشرف من الالفاظ والصفات التدوينية كما تقضي به الضرورة وتثبته قاعدة امكان الاشرف ولا شك ان الذات اصل والصفات فرع فلو كان اللفظ الذي يطلق على الذات مجازا واللفظ الدال على الصفات حقيقة لزم التخلف في الحكمة وكان الاصل في الحقيقة فرعا والفرع اصلا وهذا محال على الله سبحانه فوجب ان يكون اللفظ المطلق على الاصل حقيقة قطعا ولو لم تتبادر اليه الاذهان ولو لم تدركه افهام عامة اهل اللسان فيكون سبيله سبيل الحقيقة المهجورة والمجاز الراجح فكم من معاني للالفاظ كانت مخفية في وقت وظاهرة في وقت آخر ولو اردنا شرح حقيقة الحال وذكر الامثال لبيان هذا المقال لأدى بنا الى التطويل مع ما انا عليه من قلة الاقبال واختلال البال ولكنه يظهر لجنابك بادنى تأمل فحينئذ وجب ان يكون اطلاق الكلمة والكلام على الذوات والحقايق حقيقة وعلى الصفات والحدود اللفظية مجازا ولكن امارات الحقيقة حيث كانت موجودة في الاطلاق اللفظي تمنع عن مجازيته فيكون الاطلاق اما من باب الاشتراك اللفظي او المعنوي فحيث انه لا دليل على الاشتراك اللفظي وهنا جهة جامعة للمعنيين والوحدة اشرف من الكثرة والواضع هو الله سبحانه وفعله سبحانه على احسن الوجوه فوجب ان يكون الاشتراك معنويا لا لفظيا لوجود الجهة الجامعة وكونها هي الوحدة والاصل عدم التعدد والكثرة فوجب ( فوجد خ‌ل ) المقتضى وارتفع المانع ولما كان الفردان ليسا متساويين بل بينهما فرق عظيم في القوة والضعف وجب ان لا يكون الاطلاق على التواطي ولما كان الفرق ليس بالعلية والمعلولية ولا بالاثرية والمؤثرية لم يكن الاطلاق من باب الحقيقة بعد الحقيقة لضرورة ان الالفاظ ليست آثارا واشعة للحقايق والذوات فلم ‌يبق الا القول بالتشكيك فتكون الكلمة تطلق على الحقايق والذوات من التكوينيات وعلى الصفات والمعاني وسائر التدوينيات بالاشتراك المعنوي على التشكيك فوجب حمل ما ورد من قوله عليه السلام في حديث ابي ‌الاسود على ما هو الاعم من الحقايق والصفات اي الالفاظ التدوينية

فعلى هذا البيان المحقق المكرر المردد ظهر ان الاسم كل ما انبأ عن المسمى ذاتا كان او صفة لفظا كان او معنى فالشعاع اسم للسراج ونور الشمس اسم لها والقائم والقاعد وسائر الاسماء ( اسماء خ‌ل ) الفاعلين والمفعولين اي معاني هذه الالفاظ اسماء للشخص ولذا قال مولانا الرضا سلام الله عليه ( وآبائه وابنائه خ‌ل ) الاسم صفة الموصوف والعجب كل العجب انه يمر على مسامع الناس من الادعية والزيارات وغيرها من الاحاديث المحكمات ما هو صريح فيما اقول ولكنهم لا يلتفتون اليه وكأين من آية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون اما قرأوا في زيارة امير المؤمنين عليه السلام السلام على اسم الله الرضي هل هو عليه السلام لفظ من الالفاظ او صوت من الاصوات أما يبصرون ام كيف يحكمون وقال مولانا الصادق ابو عبد الله جعفر بن محمد عليه وعلى آبائه وابنائه السلم نحن الاسماء الحسني التي امركم الله ان تدعوه بها وقال عليه السلام روحي له الفداء في تفسير بعض فقرات خطب امير المؤمنين عليه السلام الى ان قال عليه السلام وهو المسمى ونحن اسماؤه وهو المحتجب ونحن حجبه وقال ايضا عليه السلام في حديث ما معناه نحن الاسماء الحسنى والامثال العلياء والنعم التي لا تحصى وهل ترخص نفسك ان تقول انهم سلام الله عليهم الفاظ وحروف واصوات صيغت على هيئات خاصة بالقرع والقمع ولا يقول به جاهل من الجهال ولا مجنون من المجانين وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله ( في الدعاء الذي علمه ابنته الطاهرة الصديقة سلام الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها الى ان قال (ص) خ‌ل ) وبالاسم الذي خلقت به عيسى بن مريم من روح القدس وبالاسم الذي خلقت به العرش وبالاسم الذي خلقت به الكرسي وبالاسم الذي خلقت به الروحانيين وبالاسم الذي خلقت به الجن والانس وبالاسم الذي خلقت به جميع الخلق وبالاسم الذي خلقت به جميع ما اردت من شيء وبالاسم الذي قدرت به على كل شيء الدعاء وقال صلى الله عليه وآله في دعاء علمه جبرائيل عن الله سبحانه وبالاسم الذي ينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده وبالاسم الذي كشف به ضر ايوب واستجاب ليونس عليه السلام في ظلمات ثلث وبالاسم الذي به وهب لزكريا يحيى نبيا الى ان قال صلى الله عليه وآله : وبالاسم الذي تطوى له ( به خ‌ل ) السموات كطي السجل للكتب الى ان قال صلى الله عليه وآله : وبالاسماء التي رفع بها ادريس عليه السلام مكانا عليا الى ان قال صلى الله عليه وآله : وبالاسم الذي خلقت به جبلات الخلق كلهم وقال صلى الله عليه وآله : وبالاسم الذي سمى نفسه واستوى به على عرشه فاستقر به على كرسيه وخلق به ملائكته وسمواته وارضه وجنته وناره وابتدع به خلقه الى ان قال صلى الله عليه وآله : وبالاسم الذي اشرقت به الشمس واضاء به القمر وبه جرت البحار ونصبت به الجبال وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي وقال صلى الله عليه وآله : وبالاسم الذي وضع على الجنة فازلفت وعلى الجحيم فسعرت وعلى النار فتوقدت وعلى السماء فاستقلت وقامت بلا عمد ولا سند وعلى النجوم فتزينت وعلى الشمس فاشرقت وعلى القمر فانار واضاء وعلى الارض فاستقرت وعلى الجبال فرست وعلى الرياح فذرت وعلى السحاب فامطرت وعلى الملائكة فسبحت وعلى الانس والجن فاجابت وعلى الطير والنمل فتكمت ( فتكلمت ظ ) وعلى الليل فاظلم وعلى النهار فاستنار وعلى كل شيء فسبح وبالاسم الذي استقرت به الارضون على قرارها والجبال على امكانها ( اماكنها ظ ) والبحار على جدودها ( حدودها خ‌ل ) والاشجار على عروقها والنجوم على مجاريها والسموات على بنائها وحملت الملائكة عرش الرحمن بقدرة ربها وامثال ذلك من الادعية والاحاديث والزيارات ما لا يحصيه قلم الاحصاء ويمكن ( لا يمكن خ‌ل ) ان يستقصى وهل هذه الاسماء التي خلق الله بها حقايق الموجودات وذوات الكائنات حروف هجائية صيغت عنها الفاظ من اصوات متولدة من جذب الهواء وادخاله في جوف القلب ثم اخراجه نفسا وتقطيعه في الحلق ووسط الفم والشفة حروفا وهل تجوز ان يكون هذا علة وسببا لخلق العرش والكرسي والسموات وهل الهواء الا مخلوق من العرش والكرسي ومتفرع عن ( السموات والكرة خ‌ل ) الاثيرية واين هذا من ذاك ( ذلك خ‌ل ) والا فجائت الطفرة وكان الخلق على غير الرؤية ( روية خ‌ل ) ووجدت الموجودات على خلاف احكام الصنعة والضرورة تقضي بفساد التوالي ولا يستريبه ذو فهم مستقيم

فظهر لك مما ذكرناه وتلوناه عليك من الاحاديث والادعية والزيارات ان الاسم على قسمين تكويني وجودي ذاتي حقيقي ووصفي وتدويني ولفظي فالاسم التكويني فرد وقسم من الكلمة التكوينية والاسم التدويني قسم وفرد من الكلمة التدوينية فالكلمة مطلقا تكوينية كانت ام تدوينية ان انبأت عن المسمى فهي اسم وان انبأت عن حركة المسمى فهي فعل والفعل اصله المشيئة الكلية وهو قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ولفظة ان يأول ما بعده الى المصدر فتقدير الكلام انما امره قول كن وقال عليه السلام يا من قوله فعل وفعله امر وامره ماض على ما يشاء وهذا الامر ليس بلفظي وانما هو كوني من غير لفظ وحدود لقول مولانا الرضا عليه السلام في الارادة الى ان قال عليه السلام ارادته احداثه لا غير لانه لا يهم ولا يروي ولا يفكر وانما يقول للشيء كن فيكون من غير لفظ ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له وكيف يكون ذلك هو الفعل التدويني مع ان النحاة قالوا ان الفعل هو الدال على المعنى المستقل المقترن باحد الازمنة الثلاثة واين الاقتران باحد الازمنة من مقام اللاكيف وكيف يكون علة الحقايق والذوات المجردة والغير المجردة من الجواهر والاعراض اضعف الموجودات التي هي الالفاظ التي عدت من مقام الاعراض لقد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها والمشيئة هي الفعل التكويني الذي استفادت الذوات من ذاتها تذوتاتها والصفات من صفاتها تذوتاتها وكيف يكون ذلك لفظ من الالفاظ المؤلف من الحروف من الاصوات وذلك لا يكون ابدا فالفعل يكون تكوينيا وتدوينيا وكل منها فرد وقسم للكلمة بحسبها وان انبأت الكلمة عن معنى رابطي نسبي ظهوره في غيرها لا في نفس الكلمة تكوينية ام تدوينية فهو الحرف فالحرف التكويني قسم من الكلمة التكوينية والحرف التدويني قسم من الكلمة التدوينية وحيث ان الكتاب انما يكون بالكلمة والكلام فيكون الكتاب ايضا على قسمين تكويني وتدويني فاذا كان الكتاب كذلك فيكون السور القرآنية التي تألف الكتاب منها على قسمين تكوينية وتدوينية وتكون الآيات التي تألفت منها السور القرآنية على قسمين تكوينية وتدوينية فعلي هذا تكون فاتحة الكتاب المشتملة على الآيات السبع المثاني على قسمين تكوينية وتدوينية والسبع المثاني على قسمين تكويني وتدويني والبسملة على قسمين تكوينية وتدوينية فمن هذا البيان التام تبين ( يبين خ‌ل ) لك معنى قول امير المؤمنين عليه السلام وروحي له الفداء انا النقطة تحت الباء من غير تجوز اذ لو اريد البسملة التدوينية يلزم ارتكاب التجوزات بمزيد التكلفات والله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله قل وما انا من المتكلفين ما ادري ما اقول

ضاع الكلام فلا كلام ولا سكوت معجب

لو اذن لي بالبيان لاريتكم من عجائب المطالب وغرائب المقاصد ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولكن الحكم لله وانا اليه راجعون

فيتبين ( فتبين خ‌ل ) لك الدليل الواضح والبيان اللائح على ارادة غير ما عرفه الناس من هذا الحديث الشريف ومعرفة الناس للوجه المعروف عندهم وعدم معرفتهم للوجوه الاخر المطوية في كلامهم عليه السلام لا يوجب بطلانها وعن رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله امرء سمع مقالتي فوعاها واداها كما سمع فرب حامل فقه الى من هو افقه منه ورب حامل فقه وليس بفقيه ولو صح ما ذكر لزم ان يكون ما يأتي به مولانا الحجة عليه وعلى آبائه السلام من غرائب الامور وعجائبها وخفيات المطالب ومكنوناتها باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار وما فهموا مما ذكر جنابك لا يتم الا بتجوزات وتكلفات وتخصصات كلها خلاف قواعد اهل اللغة واهل اللسان لانه يجب ان يحمل الكلام على الكلمة لان الكلام ( عندهم خ‌ل ) ليس باسم ولا فعل ولا حرف بل انما هو مركب من اسمين او من اسم وفعل لا غير ذلك فوجب ارتكاب التجوز وجعل الكلام بمعني الكلمة وهذا اقل ما يتفق في كلام العرب نعم يطلق الكلمة على الكلام كثيرا كقولهم كلمة التوحيد وبخلاف اطلاق الكلام على الكلمة فانه نادر جدا ان لم‌ننف الاطلاق بالمرة وثانيا ان العلماء قد اجمعوا ان ما من ادوات العموم وان اختلفوا في ان الدلالة على العموم من اصل الوضع ام لا فاذا خصصت قول امير المؤمنين عليه السلام ان الاسم ما انبأ عن المسمى بالمنبئات اللفظية التدوينية ويكون ذلك تخصيصا على خلاف الاصل وقولهم ما من عام الا وقد خص مع ان هذه الكلية ان صدقت كذبت لا يوجب ذلك وكذلك عدم فهم عامة الناس لما ( ما خ‌ل ) ذكرنا لك فان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود مع ورود ما ذكرنا ( ذكرناه خ‌ل ) في الكتاب والسنة واستعمالات العلماء والحكماء من اهل دليل الموعظة الحسنة والحكمة فان فهمت واتقنت ما ذكرناه فاشكر الله على هذه النعمة العظمى والا فاسئل الله ان يصلح وجدانك ويتمم عليك احسانا باحسانك

( قال ) : ( وخ‌ل ) ايضا فيلزم على ذلك التأويل نفي القسمة وتأخير البيان عن وقت الحاجة وكون الثلاثة اسما او فعلا وعليه سم وعليه فتجد ( فعلا وعليه يتحد خ‌ل ) الثلاث والمسمى حتى اذا قلنا ان الاسم حروف واصوات فهي اسم او فعل اسم ولا حرف وقد دل حديث هشام على ان الاسم غير المسمى وعلى ما قلناه يلزم ان يكون هو هو

( اقول ) اما قولكم : وايضا فيلزم على ذلك التاويل نفي القسمة وفيه ( ففيه خ‌ل ) ان القسمة ثابتة بحالها الا ان في كل مقام بحسبه لان الكلمة التكوينية انما تقسم ( تنقسم خ‌ل ) على حسب مراتبها وافرادها في الذوات والصفات الحقيقية والكلمة التدوينية الى اقسامها اللفظية كما ذكروها وان صدق ذلك التعريف عليه فالفعل والحرف من جهة انهما حادثان مخلوقان ممكنان ينبئان عن المبدء الحق سبحانه وتعالى فيكونا ( فيكونان خ‌ل ) اسمين الهيين من جهة ملاحظة الدلالة بالاستقلال وعدمه والاقتران وعدمه يتولد منها اقسام فيكون الاسم من حيث عدم الاقتران مع الاستقلال والفعل من حيث الاقتران والاستقلال والحرف من حيث عدم الاقتران وعدم الاستقلال فلا منافات اذن فصح ان تقول كل الموجودات تكوينية وتدوينية من حيث انبائها عن الحق سبحانه اسم وبهذا المعنى يقال لامير المؤمنين عليه السلام واولاده الطيبين الطاهرين ( عليهم السلم خ‌ل ) انهم اسماء الله سبحانه لتمحضهم سلام الله عليهم في هذا الانباء وعدم ظهور ما يوجب الاعراض والحجب منهم عليهم السلام وليس موجود من الموجودات بهذه المثابة في الانباء والدلالة بالمعصية في غالب الموجودات وترك الاولى في الانبياء وغيرهم من الملائكة واما الاربعة ‌عشر معصومون ( المعصومون خ‌ل ) سلام الله عليهم من حيث انهم السابقون الاولون الذين يسبحون الله بالليل والنهار اي في الغيب والشهادة لا يفترون فلا يتركون الاولى ففي كل احوالهم هم المنبئون عن الله سبحانه من الذوات والصفات والجواهر والاعراض فهم الاسماء في كل الاحوال بخلاف غيرهم فانهم حين المعصية وترك الاولى لا ينبئون عن الله سبحانه ففي حال التجرد عن جلباب الانية اسماء وعند مشاهدتها والتوجه اليها حجب فالاسم على كل الاحوال هم سلام الله عليهم وغيرهم اسماء في حال الانباء والاخبار وهو حين التوجه الى الله سبحانه في الحال والمقال او عند التجرد عن حدود الانية وهم سلام الله عليهم يختلفون في الاعظمية وغيرها وقد اشار عليه السلام في دعاء بعد كل ركعتين من صلوة الليل الى هذه الدقيقة والاختلافات بقوله عليه السلام متصاعدا وباسمائك الحسني وامثالك العليا ونعمك التي لا تحصى هؤلاء هم الائمة عليهم السلام غير امير المؤمنين ورسول الله صلى الله عليهما ثم عطف القول عليّ امير المؤمنين عليه السلام بقوله : وباكرم اسمائك عليك واحبها لديك واقربها منك وسيلة واشرفها عندك منزلة واجزلها لديك ثوابا واسرعها في الامور اجابة وهذه الصفات نسبة امير المؤمنين عليه السلام مع ان الائمة ( مع الائمة خ‌ل) عليهم السلام ثم اشار الى الاعظم الاقدم رسول الله صلى الله عليه وآله في مقام الحقيقة بقوله عليه السلام : وباسمك المكنون والمخزون الاكبر الاعز الاجل الذي تحبه وتهواه وترضى به عمن دعاك فاستجبت له دعائه وحق عليك ان لا ترد سائله وهذه الصفات نسبة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لما فرغ عن بيان تلك الرتبة العليا الاولي الفائزة درجة السبق على كل الحوادث وذكر مراتبهم في الاسمية اشار الى الرتبة الثانية من مراتب الوجود فقال عليه السلام على وجه الاجمال : وبكل اسم هو لك في التوراة والانجيل والزبور والفرقان اشار الى اعظم الاسماء في هذه الرتبة وهم اولوا العزم وذكر القرآن في مقام الاجتماع الحقيقة الاولية ثم اشار الى باقي الاسماء من اسماء الحسنى بقوله عليه السلام : وبكل اسم دعاك به حملة عرشك وملائكتك وانبيائك ورسلك واهل الكرامة عليك من خلقك وقد فصلنا هذا المعنى وكثيرا ( في كثير خ‌ل ) من مباحثاتنا ورسائلنا باكمل بسط وبيان واوضح تفصيل وتبيان

وبالجملة فالموجودات كلها من العلويات والسفليات والذوات والصفات والجواهر والاعراض اسماء الله سبحانه فلا قسمة في هذا النظر وهذا اللحاظ فان الكلمة الكلية الكبرى التي انزجر لها العمق الاكبر الله سبحانه بهذا المعنى واليه الاشارة في الدعاء : واسمك ( باسمك خ‌ل ) المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره فاي قسمة بهذا النظر فان القسمة تقتضي وجود امور متعددة وهي المقسم والقسم والقسيم ولا يصح ان يكون كل منها عين الآخر والا بطلت القسمة فبهذا النظر فالكل اسم حتى المقسم والقسم والقسيم واذا نظرت الى ان الموجودات كلها مخترعة مبتدعة وكلها تنبئ عن الحركة التكوينية الالهية المعبر عنها بالحركة بنفسها واحداثها للموجودات واختراعها وابتداعها كانباء قام على الحركة الصادر عنها القيام فيكون الكائنات والممكنات والحادثات فعل باعتبار انبائها عن الحركة التي بها وجدت الكائنات اي المشيئة الكبرى التي هي الفعل بانصدارها عنها وباصدارها لاشعتها وانوارها وآثارها حيث تكون يدا لها فالخلق بهذا اللحاظ فعل يصدق عليه قوله عليه السلام والفعل ما انبأ عن حركة المسمى فالمشية الكلية فعل والحقيقة المحمدية صلى الله عليها ( عليه وآله خ‌ل ) فعل وحقايق الانبياء فعل والرعية فعل واصل الحقيقة فعل وافرادها من حيث دلالتها وانبائها بانها محدثة عن الحركة فوجودها انباء عن الحركة فعل وهكذا ساير الموجودات الحادثات والفقراء الممكنات الا ان منها افعال تامة ومنها افعال ناقصة كما ذكرنا في الاسم فافهم فلا قسمة في هذا النظر ايضا محصول ( لحصول خ‌ل ) هذا الانباء في كل حادث فاين الاسم في هذا النظر وهذا اللحاظ واين القسمة ح فلا قسمة واذا نظرت الى ان الكائنات والممكنات والمكنونات كلها متلاشية مضمحلة لا استقلال بها ولا تذوت ولا تحقق ولا تأصل ولا استقلال ولا اقتران فتكون بهذا المعنى حروفا لا اسم ولا فعل ( حرفا لا اسما ولا فعلا خ‌ل ) وهذا الحكم جار في كل شيء وان عظم رجل ( وجل خ‌ل ) فاذا قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله الذي لا خلق ولا ممكن اشرف واقوى واعظم واجل منه ليس لك من الامر شيء ( وخ‌ل ) ما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فما ظنك بساير الخلق فعلى هذا اللحاظ والنظر يكون كل شيء من الكلمات المعنوية واللفظية حرفا فاين القسمة اذن لعدم المقسم والقسم والقسيم فظهر لك من هذا البيان المكرر المردد ان كل شيء من الاشياء اسم في لحاظ وهو فعل في لحاظ وهو حرف في لحاظ والمقسم هي الحقيقة اللابشرط المجرد عن جميع الجهات الكاشفة عنها السبحات بلا كيف ولا اشارة المجرد عن لحاظ كونها دليل ( دليلا خ‌ل ) وآية او انها منبئة او انها شيء ( وانها منبئة او شيء خ‌ل ) من الاشياء وهو قول امير المؤمنين عليه السلام في الحقيقة انها كشف سبحات الجلال من غير اشارة فتلك الحقيقة المجردة هي المقسم فمن جهة دلالتها على الحق سبحانه الذي هو المسمى يكون اسما ومن جهة دلالتها على الحركة الايجادية التي هي الفعل يكون فعلا ومن جهة اضمحلالها وتلاشيها وفنائها وعدم استقلالها في الدلالة على معنى في نفسها بل دلالتها في غيرها بمدد متصل يأتيها من بحر الفيض بلا كيف ولا اشارة يكون حرف ( حرفا خ‌ل ) ولما كانت الموجودات في القوس النزولية نسيت مبدئها في الغالب ووقفت في كل مرتبة من المراتب تظهر آثار تلك المرتبة عليها وتدعى بها وتسمى باسمها بحكم الغلب ( الغالب خ‌ل ) كما تقول لمن غلب عليه المرة الصفراء صفراوي وان كان فيه الدم والبلغم والسوداء ولمن غلب عليه الدم دموي وهكذا مع وجود باقي الطبايع فيه كانت الموجودات منها الغالب عليه ظهور الاسمية فيقال انه اسم ومنها الغالب عليه ظهور الفعلية يقال انه فعل ومنها الغالب عليه ظهور الحرفية فيقال انه حرف والا فكل شيء اسم في مقام وفعل في مقام وحرف في مقام لظهور صدق تعريف مولانا وسيدنا امير المؤمنين عليه السلام وروحي له الفداء عليه من قوله الاسم ما انبأ عن المسمى والفعل ما انبأ عن حركة المسمى والحرف ما انبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ولك ان تقول لا قسمة ولك ان تقول تصح القسمة فيكون الاسم والفعل والحرف امورا ثابتة في كل شيء بالجهات والاعتبارات ولك ان تقول بعض الاشياء اسم ليس بفعل من جهة الظهور وبعضها فعل ليس باسم ولا حرف وبعضها حرف ليس باسم ولا فعل والمثال للثاني في عالم اللفظ والتدوين لفظ عليّ فانه يكون اسما جامدا لكونه علما لامير المؤمنين عليه السلام ويكون اسما مشتقا لانه مبالغة وهي صيغة فعيل ويكون فعل ماض من على يعلو ويكون حرفا من الحروف الجارة التي يجر ما سوى احمد وعمر اما احمد فمن جهة وزن الفعل واما عمر فمن جهة العدل التقديري ولولا تقدير العدالة كان مجرورا بعلى لان تقدير العدل منعه عن الصرف وحيث ان هذا التقدير ماثبت فيكون عند طائفة مجرورا مكسورا مخفوضا (ظ) فافهم وفقك الله لما يحب ويرضي ويسعدك بالتقوى

واما قول جنابك السامي : وتأخير البيان عن وقت صدور الخطاب اذا كان المخاطب لا يعرف المقصود والمراد لاجمال في الكلام واغلاق يصعب فهمه على العوام او لارادة معنى غير معروف عند غالب الانام وتأخير المتكلم مراده عن وقت صدور الخطاب جايز بلا اشكال وقد صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث المتقدم ذكره رحم الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمع رب حامل فقه الى من هو افقه منه ورب حامل فقه وليس بفقيه واما تأخير البيان عن وقت حاجة المخاطب او المكلف اذا لم يكن الكلام جاريا مجري الخطاب فذلك لا يجوز قطعا بلا اشكال والا يلزم العبث والاغراء بالباطل وهما بديهي البطلان الا ان حاجة الناس في تعليماتهم والبيان لهم مختلفة فقد يكون الشيء ثابتا موجودا متحققا ولكن المصلحة تقتضي عدم ذكره وبيانه حتى يأتي وقت ( وقته خ‌ل ) وقد قال مولانا الصادق عليه السلام ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله ألا ترى ان ولاية امير المؤمنين عليه السلام كانت ثابتة موجودة متحققة يجب على الكل الاذعان لها والانقياد والاعتقاد بها وقد ذكر الله سبحانه اياها في القرآن في مواضع عديدة مثل آية وانفسنا وانفسكم وآية التطهير وقوله تعالى يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وقوله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه وقوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون وقوله تعالى ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول الى قوله تعالى ويسلموا تسليما وقوله تعالى وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم وقوله تعالى قال هذا صراط عليّ مستقيم وامثالها من الآيات الدالة على خلافته ووصايته عليه السلام وكذلك الاحاديث النبوية مثل قوله صلى الله عليه وآله يا عليّ لحمك لحمي ودمك دمي وحربك حربي وسلمك سلمي والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وقوله صلى الله عليه وآله انت مني بمنزلة هرون من موسي وقوله صلى الله عليه وآله يا عليّ انت تقضي ديني وتنجز عداتي وانت الخليفة بعدي وامثالها من الاحاديث التي لو ذكرناها كالآيات يقتضي ان يكون مجلدا ضخيم الحجم وبالجملة فهذه الآيات والروايات على كثرتها كلها وردت وما التفت الناس اليها وماعرفوا المقصود منها معرفة واضحة ولا تبين لهم حقيقة الامر الى ان امر ( امره خ‌ل ) الله سبحانه وتعالى في حجة الوداع بما امر وذلك بعد مضي ثلاثة وعشرين من بعثته صلى الله عليه وآله فتبين ( فبين خ‌ل ) يوم الغدير واعلن وشرح واتقن واوضح الامر فاذا كان هذا الامر العظيم اقتضت المصلحة تأخير بيانها فيما ورد به الكتاب والسنة فغيره اعظم واعظم وكما ان الانسان وغيره من الحيوان والنبات تتدرج شيئا فشيئا وعند كل مقام يظهر لها احكام وآثار فالشخص حين كونه في مقام النطفة اي حاجة له في بيان تفسير سورة البقره مثلا وكذلك اذا كان في مقام العلقة والمضغة والعظام واكتساء اللحم الى ان يلج فيه الروح الى ان يخرج الى هذه الدنيا الى ان يجعل له التمييز والرشد فهناك يجب البيان له على مقتضي مقامه بعض البيان لا كل البيان مع ان القرآن موجود ومعانيه معلومة قبل ان تخلق نطفته فضلا عن غيرها من المراتب وبالجملة لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولكن الكلام في تحققها وحصولها فلو كان كلما يدل عليه الكتاب والسنة يجب شرحهما وتفسيرهما لزم النقص في حكمة الله والنقص في الائمة سلام الله عليهم حيث انهم لم يذكروا لعامة الناس جميع ما في القرآن والاحاديث النبوية على قائلها آلاف الثناء والتحية وقد قالوا عليهم السلام انا نعلم اهل جابلقا وجابلسا من معاني القرآن ما لو ذكرنا لكم حرفا واحدا منها لكفرتم وهكذا ما يظهر في كل زمن بعد زمن وقرنا بعد قرن من المعاني المكنونة في الكتاب والسنة ما لم تكن ظاهرة في الزمن المتقدم ولم تزل العلوم تظهر من مكنونات العلوم المستودعة في الفاظ الكتاب والسنة ما لم تكن ظاهرة ( من خ‌ل ) قبل الى ظهور مولانا وسيدنا عجل الله فرجه وجعلنا الله فداه فانه يظهر المعاني الغريبة العجيبة من كتاب الله ما تستوحش منها العلماء العظام والفضلاء الفخام فهل تجوز وترخص نفسك ( لنفسك خ‌ل ) ان تقول هذا المعنى الذي لم يكن ظاهرا من القرآن قبل ظهوره عليه السلام ان تكون باطلة وغير مقصودة لانه يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهذا كلام ضعيف جدا لا يلتفت اليه ولا يعرج عليه وكذلك ما بيناه من تفسير قوله عليه السلام في حديث ابي‌الاسود من ان الكلام اعم من التكويني والتدويني وجعلنا الاسم اعم من التكويني والتدويني كالفعل والحروف ( الحرف خ‌ل ) فان الناس ما نضجت طبايعهم ولا بلغت مقدار تحمل هذه المعاني الدقيقة الى هذا الزمان الذي هو مبدء المائة في الكون الثاني اي الكون الغيبي فان كل كون يدور على اثني‌ عشر مائة فلما تم المائة الثاني ( الثانية خ‌ل ) عشر من الهجرة تمت الاحكام المتعلقة بالقشور والظواهر وآن اوان الاحكام الغيبية في مبدء المائة الثالث ‌عشرة ( الثالثة ‌عشر خ‌ل ) التي هي اول الدورة الثاني فعرفنا الله سبحانه المراد منه بدلائل الكتاب والسنة ودلالة العقل المستنير كما شرحت لك من الآيات القرآنية والاحاديث المعصومية ما تبين لك المقال واتضح لك الحال وقبل هذا الوقت لم تكن الحاجة اي حاجة الخلق في اظهار هذه المعاني الدقيقة والمطالب الخفية المستودعة في طي عبارات الكتاب والسنة فضلا عن اشاراتها كما بينا لك واوضحنا ولم يكن لهذا المعنى الآخر ذكر من قبل يعني لم يكونوا ملتفتين ولا متوجهين والا فالامر ظاهر والحكم بين والآن تبين ان الذي كانوا يتكلفونه ويجعلونه مجازات تفسير كلام الائمة السادات (ع) وتصحيحها والآن ببركة هداية اهل الذكر تبين الامر واستراحوا من تلك التكلفات والتجوزات واظن جنابك السامي قد اطلع على اقوالهم وتفسيراتهم واختلاف توجيهاتهم وتكلف ارتكاب التجوزات في قول امير المؤمنين عليه السلام كلما في القرآن في الحمد وكلما في الحمد في البسملة وكلما في البسملة في الباء وكلما في الباء في النقطة وانا النقطة تحت الباء ولكن الآن بهذا البيان المكرر المردد حصلت الراحة ببيان ان الكتاب تكويني وتدويني والبسملة تدوينية وتكوينية والباء تكوينية وتدوينية والسورة تكوينية وتدوينية والآيات تكوينية وتدوينية فتقول انه عليه السلام النقطة تحت باء البسملة التكوينية كما ان النقطة المدونة تحت الباء البسملة التدوينية ولكن لا يراد بها النقطة التمييزية ( التميزية خ‌ل ) بل يراد بها النقطة العلية وهي الالف اللينية فمنهم ( منهم خ‌ل ) سلام الله عليهم فاتحة الكتاب التكونية وهم السبع المثاني والقرآن العظيم في التكوين كما ان الحمد سبع آيات ثني في كل صلوة فيقال لها السبع المثاني في التدوين وهكذا الكلام في غيرها من المطالب والاحكام فانها قبل ذلك كانوا يجدوها المشقة والزحمة والآن بعون الله ومنه اتضح الامر وحصلت الراحة والله الموفق للهداية والرشاد

واما قولكم السامي : وكون الثلاثة اسما او فعلا فاعلم انه لا منافات بين كون الثلاثة اسما او فعلا وبين التقسيم الى الفعل والاسم والحرف لما بينا لك من شأن الامكان فانه يحتمل كل شيء وكل جهة يكون منشأ حكم من الاحكام ولقد ذكرنا في كثير من مباحثاتنا ان في الامكان لم يكن جامد وكل ما فيه مشتق ومحال ان يكون الحادث جامدا بل يجب ان يكون مشتقا لان الحادث اما اسم فاعل او اسم مفعول والمفعول اما مفعول مطلق او مفعول به او مفعول له او مفعول فيه او مفعول معه فلا يخلو حادث من الحوادث من واحد منها وهذه كلها مشتقات فاين الجامد اذن فاسماء الفاعلين ( وخ‌ل ) المفعولين كلها مشتقة والافعال مشتقة فلا جامد في الوجود الامكان ( الامكاني خ‌ل ) ابدا ومع ذلك صححنا ما قالته النحاة ان الاسم على قسمين مشتق وجامد وبينا وجه عدم المنافات من ان الحادث له جهتان جهة اثرية وحدوث وانصدار ومفعولية ومربوبية وجهة انية وحجاب وظلمة فبالجهة الاولى كلها مشتقات وبالجهة الثانية جوامد الا ان الموجودات منها ما غلبت ( غلب خ‌ل ) عليه جهة المبدء والحدوث ( وخ‌ل ) مشاهدة الفاعل فيسمى مشتقات ومنها ما غلبت عليه جهة الانية من اصحاب الظلمات الغاسقات المدلهمات فيسمى جامدا فالموجودات كلها مشتقة من حيث صدورها واقتطاعها عن فعل الله سبحانه وكلها جوامد من حيث الانية الساجدة للشمس من دون الله ومنها مشتقات وهي الناظرة ( الى خ‌ل ) المبدء الحق مثل الانبياء والملائكة والاولياء ومنها جوامد وهي الناظرة الى الانية الكفار ( كالكفار خ‌ل ) والمخالفين والسلم

( واضاف الكاتب في آخر النسخة : وهذه آخر مصنفاته في سر من ‌رأى وآخر رسائله وآخر زيارته لائمته عليهم السلام)

المصادر
المحتوى