
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الفقير الحقير الجاني كاظم ابن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات دقيقة رشيقة انيقة كتبتها في بعض الاسفار على كمال اشتغال البال بمعاناة الحل والارتحال واردت بذلك بيان نوع معرفة هيئة الافلاك بدليل الحكمة لا استقصاء المسائل فان ذلك يحتاج الى بسط طويل في المقال وليس لي الآن ذلك الاقبال وبذلك يتيسر المراد لمن حصل له ادراك الفؤاد والله الموفق في كل حال
بسم الله الرحمن الرحيم
ان قلت اخبرني عن المبادي العالية
قلت ان المبادي لها مقامان احدهما مقام المبدئية من حيث هي هي وثانيهما مقامها من حيث خصوصيات المحل وها انا اخبرك ان شاء الله تعالى عن المقامين اما الاول فاعلم انه لما ظهرت نقطة المحبة ودارت تسع دورات حتى وصلت مقام الذين آمنوا اشد حبا لله فظهر لها وجه المحبوبية فكانت عين المحبة التي هي عين المحب فتثلث المقام في عين الاتحاد في مقام رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله آياته ووجوده اثباته الاول مقام المحب الظاهر بالمحبة المعبر عنه بعنوان كنت فاحببت اه فهذا اللفظ عنوان العنوان الثاني نفس المحبة المتحققة في احببت ان اعرف وهي الوصلة وباء التعدية والصلة التي هي حجاب بين المحب والمحبوب الثالث حقيقة المحبوب ولا حقيقة له الا عين تلك المحبة التي هي الرابطة بينهما اذ المنافر لا يكون محبوبا وطبيعتك خلاف كينونتي فاذا ارتفعت المخالفة بقيت نفس الكينونة وهي قوله تعالى روحك من روحي وهو عين تلك المحبة فافهم وهو قولي في بعض رموزاتي انه لما ظهر ما ظهر كما ظهر بما ظهر لما ظهر تثلث ما ظهر بما خفي كما ستر فهذه الثلثة لا تتم وتظهر الا بالتجذير اذ لا غيرها في نظرنا هذا والا فالغير متحقق فمجذورها هي تمام المبادي اذ الفيض اول مقامه الاجمال في ثلثة احوال حال مبدء التلقي من عالم اللانهاية وحال تمام مقام النهاية الاجمالية وحال ميله وابتداء نزوله الى التفصيل وقبل ذلك وثاني مقامه التفصيل على جهة اشرف وطور اعلى في السحاب المزجي في الاحوال الثلثة وثالث مقامه الظهور مشروح العلل مبين الاسباب مقام السحاب المتراكم وهذا حكم عام وكلام تام يجري في كل مراتب المقام الثاني على اكمل تفصيل واحسن بسط من اول نقطة الاسمائية من العنوان وغيره الى ما لا نهاية له ولكن معرفته دقيقة ففي اصل الولاية المطلقة هذه الاحكام جارية لما قلنا من الدليل القاطع الذوقي الوجداني ولقوله تعالى سنريهم آياتنا الآية لقول الصادق عليه السلم العبودية جوهرة كنهها الربوبية اه ولقول مولينا الرضا عليه السلم قد علم اولوا الالباب ان ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا فافهم وهذا كلام موجز جامع واوضح من ذلك نقول ان المبادي العالية هي الافلاك التسعة
ان قلت لِمَ قلت ذلك
قلت لمشاهدة وبرهان اما الاولى فلانا نشاهد ان العلويات اذا تغيرت اوضاعها تتغير احوال السفليات الم تنظر الى الاختلاف البين الواضح في الفصول الاربعة وذلك ليس الا بقرب الشمس وبعدها وسيرها في منازلها وفي اليوم والليل واول اليوم واوسطه وآخره وكذا الليل وفي الاقاليم السبعة وامثالها من الامور التي لا يشك العاقل انها بتأثير العلويات على جهة الاجمال بامر الله سبحانه قال الله تعالى ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر يدبر الامر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون واما الثاني فلان الطفرة في الوجود لا شك انها باطلة وقضت الضرورة به ولا شك ان هذه المركبات والارض التي نحن عليها في غاية الكثافة بحيث لا يتصور اغلظ واكثف منها فلا تصلح لتعلق الجعل الاولى فان الجاعل والمجعول لا بد بينهما من المناسبة الذاتية والمرابطة الحقيقية وهذا ظاهر فيجب ان يصل الفيض اولا الى العلويات ثم ينشأ منها الى السفليات وهكذا الحكم في كل عالم اذ الشيء لا بد ان ينظر فيه من حيث عاليه ومن حيث سافله ومن حيث نفسه الا ان الاشياء تختلف بالتفصيل والاجمال والقوة والضعف والخفاء والظهور والكثرة والقلة
ان قلت لم كانت تسعة
قلت لانها مجذور اول الاعداد وتمام رتبة الآحاد ( الايجاد خل ) التي بها تقومت الاعداد وهي المبادي لها في التكون والايجاد واليها ترجع يوم الرجوع والمعاد
ان قلت لم كان مجذور اول الاعداد هو المبادي
قلت لا مذهب ( لا يذهب خل ) عنها في مقام التفصيل فان الثلثة لما كانت هي اول الاعداد واول ما برز من الايجاد فلا شيء سواه فلاينسب الا الى نفسه لتحقق الكثرات فاول المنسوبات في مقام التفصيل هو التسعة وحيث كانت اول مراتب التفصيل واقرب الاحوال الى البساطة ظهرت العلة التي هي مبدء المبادي وعلة العلل بمثالها وظهورها في كل التسعة لانها صور عارية ( عالية خل ) عن المواد خالية عن القوة والاستعداد تجلى لها فاشرقت وطالعها فتلألأت فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فظهر لك ان كل تسعة في حكم واحد ومرتبة واحدة وخلقت من طينة واحدة لانها المتحصلة من ملاحظة الشيء مع نفسه قال عليه السلم انا الشجرة وعلي اصلها وفاطمة لقاحها والائمة عليهم السلم اغصانها ولذا ظهرت الطاء مع كماليها الظهوري والشعوري في اسم مهبط الانوار الالهية ومجمع الشئونات الصمدانية والعنوانات الازلية الثانية والكلمة التامة وليلة القدر التي هي خير من الف شهر بحكم المناسبة الذاتية بين الاسم والمسمى والرابطة الحقيقية بين اللفظ والمعنى فافهم هذه الدقيقة واعلم منه ان الواحد ليس من الاعداد وكذا الاثنان اذ حكم الطفرة يبطل كون اول الخلق زوجا فان التسعة التي هي آخر مراتب الآحاد تحققت من ملاحظة الثلثة في نفسها لا الاثنين والوجه الآخر لكون الافلاك تسعة ان الانسان المستقر في الارض له مقامان مقام الاجمال ومقام التفصيل ولكل من المقامين وجه وجهة وللمجموع حيوة ووجود فمقام الاجمال القلب والعقل ومقام التفصيل الصدر والنفس ووجه القلب ( القطب خل ) العقل وهو في ( في الدماغ ووجه الصدر العلم الذي هو في خل ) الدماغ والوهم والخيال والفكر فصار المجموع مع ملاحظة الحيوة والوجود تسعة وهو العالم الصغير فيجب ان يكون على طبق العالم الاكبر ( الكبير خل ) قال عليه السلم :
وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر
وانت الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر
وشهد له الانسان الوسيط وذلك معنى قولهم ان واحدا سيغلب تسعا من بنات البطارق
وايضا كل ما في العالم السفلي يستمد من العلوي فاذا رأينا الاختلاف والتعدد في الآثار يدلنا على الاختلاف في المبادي والمؤثرات لضرورة المشابهة والمناسبة فثبت ان الافلاك يجب ان تكون تسعة فكان مقام الاجمال هو العرش بلسان اهل الشرع وفلك الاطلس بلسان الحكماء ومقام التفصيل فلك الكرسي وفلك الثوابت والبروج على اللسانين ووجه القلب هو فلك زحل ووجه النفس الصدر هو فلك المشتري ووجه الوهم هو فلك المريخ والخيال الزهرة والفكر هو فلك عطارد والوجود فلك الشمس والحيوة هو فلك القمر قال الله تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل الآية
ان قلت صف لي هذه الافلاك وبين احوالها
قلت انها على هيئة الاستدارة ولها حركات ابدية ولكل واحد منها قطبان ومحور وقطر ومركز وحركات بعضها تخالف الآخر وتحدث من تلك الحركات دوائر منها عظام ومنها صغار والعظيمتان المختلفان يتقاطعان ولا يتحاذيان ابدا والصغار والصغيرتان قد يتحاذيان ولا يتقاطعان ولكل فلك ما سوى الاطلس حركات مختلفة منبئة عن افلاك جزئية وفي بعضها لا يثبت الا التداوير كفلك الثوابت على ما هو الحق وفي بعضها لا يثبت الا الحامل وحده كفلك الشمس وفي بعضها يثبت مع الحامل التدوير كفلك زحل وفلك المشتري وفلك المريخ وفلك الزهرة وفي بعضها يزاد على مجموع ( المجموع خل ) المدير كفلك عطارد وفي الآخر الجوزهر كفلك القمر
ان قلت من اين لك الطريق الى هذه الاحوال ومن اين ظهرت لك هذه الآثار
قلت الطريق ( الطرق خل ) اليها كثيرة لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فان كل شيء دليل على كل شيء وكل شيء يحكي كل شيء ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولكنا لضعفنا ما نقدر على قرائة تلك الالواح لغموضها ودقة مأخذها وخفائها الا ان بعض الالواح اجلى من بعض فظهرت تفاصيل تلك المجملات على اكمل ما ينبغي في الانسان الصغير والوسيط قال عليه السلم الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب والحجة على كل جاحد وهي الصراط المستقيم الحديث قال عليه السلم في الانسان الوسيط لما سئل ( سئل عنه خل ) قال عليه السلم سألتموني عن اخت النبوة وعصمة المروة الحديث وهي الولاية الظاهرة حدودها في الانسان وفي بسم الله الرحمن الرحيم من الحروف المقطعة قال عليه السلم ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم ففي الحروف لذلك ادلة واضحة ولما كانت الاعداد هي روح الحروف وقواها والغيب على طبق الشهادة كانت فيها استدلالات عجيبة واستشهادات غريبة توصل العالم بها الى درجة اليقين وكذا في جزئيات العالم السفلي ولا شك ان كل ذلك تام في الاستدلال على جميع ما ذكرنا بما لا يحتمل الشك والانكار الا انا لم نقدر على استنباط الجميع من الجميع فنأخذ من كل شيء شيئا فنحصل علما تاما من المجموع وما لم يظهر لنا وجهه لقلة بصيرتنا بقرائة تلك الالواح ننظر بفطرتنا الى مقتضيات الاشياء فنعرفها فان قصرت بنا عن ذلك لمكان التغيير نرجع الى القواعد اليقينية والبراهين القطعية فنتخذها بيوتا ونجمع فيها كل الثمرات مما يناسب كل بيت من الجزئيات الخاصة به فيخرج منه شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس وهدى ورحمة لقوم يعلمون فان قصرت بنا هذه الادلة كلها نرجع الى المجادلة بالتي هي احسن فنستدل بالان دون اللم والله الهادي الى سواء الطريق والحمد لله رب العالمين
ان قلت لم كانت الافلاك على هيئة الاستدارة
قلت لانها احسن الاشكال واشرفها لقلة وقوع الكثرة فيها وقربها من الوحدة الحقيقية فاختصاص المبادي بها اولى من اختصاص غيرها بها فان وجدت في غيرها فانما هو لمشابهته اياها ومناسبة لها وقربه اليها
ان قلت ان هذا الكلام لا يفتح منه الف باب اذكر لي حقيقة الامر في استدعائها شكل الاستدارة
قلت حقيقة الامر ان الاستدارة هي شكل الاحاطة من كل جهة بحيث لا يكون جزء اولى بها من الآخر وهي صفة اللانهاية من جهة البدو والعود وهي مقتضى الولاية من حيث العلية ومن حيث المعلولية وهي صفة الكينونة فان العلة محيطة بجميع جهات المعلول احاطة حقيقية ونسبتها الى المعلول نسبة واحدة متساوية ولا يكون ذلك الا بالاستدارة فان سائر الاشكال المستلزمة للزوايا من القائمة او الحادة او المنفرجة لا تتساوى نسبته الى من ( ما خل ) دونه قطعا والمعلول يجب ان يتساوي جميع اجزائه في الافتقار الى العلة التي يستمد منها فالصورة الحقيقية والصفة الواقعية الثابتة للاثر والمؤثر لا تكون الا الاستدارة ثم المخروط ثم ما هو اقرب اليهما وهذا مقتضى الكينونات والصورة الواقعية لكل البريات والصور الاخر من سائر الاشكال انما هو ( هي خل ) لمانع من كثرة التركيب ولما كانت الموانع المقتضية لتغير ( لتغيير خل ) الصورة الاصلية الذاتية الحقيقية في الافلاك مبادي العوالم الجسمانية مرتفعة بقيت على استدارتها كما هي عليه ولذا ترانا ( ترى انا خل ) نقول ان كل شيء مستدير وان العالم كرة واحدة او كرات متطابقة والانسان كرة والحيوان كرة وامثالهما وانما نريد الاستدارة الواقعية لا الظاهرية لحصول الموانع وهي في الافلاك مرتفعة
ان قلت لم كانت متحركة ابدية
قلت لما قلنا في الصورة ووجه الاستدارة فان الاشياء مما احاط به علم الله سبحانه من العلل والمعلولات لها حركات ذاتية وتنقلات حقيقية واستدارات وضعية اما المعلول فيستدير على وجه علته ويتحرك اليها ويستمد منها ويشتاق اليها فلو كان ساكنا لم يكن شيئا قال الله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء كيف ولو سكن المعلول ووقف عن الطلب وخمدت الحرارة الغريزية ( الغريزية فيها خل ) من نار الشوق والميل الى علته لم يظهر للعلة نظر اليه والتفات لديه وحظ الموجودات من الفيوضات والاستفاضات بمقدار ما لها من المحبة والميل المنبعثين من نار الشوق الموقدة من ظهور المبدء ومثاله فكل من طلب وجد وجد هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور طلب العلم فريضة العلم يهتف بالعمل فان اجابه والا ارتحل ( فارتحل خل ) اطلبوا العلم من المهد الى اللحد وهذه وان كانت في الظاهر لتحصيل الصفات لكنها منبعثة في الباطن عن الذوات فان الصفات لو خالفت الذوات انقطعت واجتثت فكل الاشياء لها سير وحركة الى مباديها وعللها لا تسكن ولا تقف ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا واما العلة فلا بد لها من الافاضة والامداد الى معلولاتها والمستمد منها والافاضة تستدعي الحركة بل يمتنع ذلك بدونها كما برهن عليه في موضعه وهو ( ذلك خل ) ظاهر ايضا لا يحتاج الى البرهان فكل شيء يتحرك ويسير الى الله تعالى سيرا حثيثا اما على التوالي او على خلاف التوالي كما يأتي ان شاء الله تعالى وتختلف الحركات باعتبار المتحركات وتختلف باعتبار القرب والبعد فكل من هو اقرب الى المبدء وابعد من لحوق الاعراض والغرائب فهو اسرع سيرا واشد حركة وقد علمت ان داعي الحركة هي الحرارة الغريزية المنبعثة من نار الشوق الموقدة من شجرة المحبة المغروسة في ارض المعرفة فكلما زادت المعرفة زادت المحبة وكلما ازدادت المحبة هاج ريح الشوق والميل واشتعلت نايرة الطلب فاذا احترقت نفس الطالب فكانت كالحديدة المحماة جائه حكم الولاية ومقام اسئل تعط واطعني اجعلك مثلي تقول للشيء كن فيكون فهو يمد ويستمد وحركته بالنسبة الى حركة من دونه المستمد منه مثل الواحد بالنسبة الى سبعين الف الف واستغفر الله عن التحديد بالقليل فمن جهة سرعة الحركة وكمالها خفيت ونسبت اليه السكون كما اشتهر عندهم ان القطب ساكن وقد روي ان الاختراع هو خلق ساكن لا يدرك بالسكون فكل من بعد عن المبدء ابطأ في المسير نال نصيبه من حكم التقدير الى ان خفيت الحركة واحتجب الاكثر عن مشاهدتها عن ( في خل ) كل ذرات الوجود وعبادتها للحق المعبود سبحان الله ذي الملك والملكوت يسبح الله باسمائه جميع خلقه لا اله الا هو فاذا عرفت عرفت ان الافلاك يجب ان تكون متحركة دائمة لعدم لحوق الاعراض والغرائب المانعة عن الحركة بحسب الظاهر كقوة التركيب وغلبة الرطوبات وزيادة الاشتغال وامثال ذلك فلها في حركتها ( حركاتها خل ) حركتان حركة للاستفاضة والاستمداد لهيجان نايرة المحبة والوداد وحركة للافاضة والامداد وحركتها يجب ان تكون سريعة جدا ويأتي وجه التخلف لمكان الاختلاف في المكوكب ( الكواكب خل ) وغيره قال نعم ما قال الاشراق اللهم سبيلك والاشواق اللهم دليلك
ان قلت لم كانت الحركات وضعية
قلت لانها مقتضى الحركة الدورية ولان التقدير لما جرى من فوارة التدبير بحكم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ان تكون الاشياء في العوالم السفلية مختلفة متفاوتة متكثرة لتدل على وحدة المؤثر القيوم جل جلاله وليعرفوا وجه الحكمة وليظهر الامر مشروح العلل مبين الاسباب كما نطقت به الآيات القرآنية والشواهد الفرقانية والدلائل الوجدانية والمشاهدات الذوقانية ( الذوقية خل ) العرفانية وتأثير الافلاك في السفليات بايقاع الاشعة لا يمكن ذلك الا بالمحاذات فلو لم تتحرك كانت الاوضاع على حالة واحدة ولم يتحصل بذلك ما جري عليه قلم التقدير ولم يعرف الله عز وجل ولما قامت الحجة على البرية لو انكروا حدوث الاشياء وقالوا بقدمها وادعوا لانفسهم الربوبية وان كانت الحجة قائمة الا ان المراد بها الحجة البالغة فوجبت الحركة الوضعية لاختلاف الاوضاع في المحاذات وعدمها فاذا اختلفت الاوضاع بلغت الحجة وكملت النعمة وجرت الاشياء لما خلقت لاجله واستجيبت القابليات والاستعدادات لاستدعائها ضروب الاختلافات وصنوف الكثرات وهو معنى قولنا بحكم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فافهم
ان قلت لم كان تأثير الافلاك بايقاع الاشعة والمحاذات كما ادعيت آنفا
قلت ان السافل لو لم يقابل فيض العالي لم يقع عليه قطعا الم تنظر الى صورتك في المرآة فلو لم تقابلك ( لم تقابل خل ) المرآة لم تظهر صورة تجليك فيها وهذا حكم يجري في كل الذرات من الدرة الى الذرة الا ان جهات المقابلة في بعضها بلا جهة كما في السرمد وجهة معنوية كما في اوائل الدهر وجهة صورية مجردة غيبية كما في اواخره وجهة مقدارية شبحية كما في البرزخ وجهة حسية جسمية كما في الاجسام ولما كان تأثير الافلاك بجسمها في ( على خل ) الاجسام وبروحها في الارواح وجبت في الاجسام المحاذات الجسمية والتأثير لعدم تنزل الفلك عن مكانه لا يكون الا برابطة وهي اشعة تلك الاجزاء وتغريد تلك الورقاء
ان قلت لم كان لكل فلك قطبان ومحور
قلت ان الجسم ( الجسم من خل ) حيث هو جسم لا بد ان يتحرك الى جهة اذ لا يسع مقامه عدم النهاية والحركة بكل جهة الا من حيث هو اثر ومعلول ومخلوق فانه حينئذ يتحرك بكل جهة والا بطلت معلوليته فافهم فاذا تحرك الكرة الى جهة تحدث باعتبار حركة كل جزء دائرة تتحرك بحركة ذلك الجزء وبتلك الدائرة تعرف حركة ذلك الجزء فعلى تلك الجهة فالدائرة التي تقطع المركز هي العظيمة وهي المنطقة وكلما تبعد عن طرفي المنطقة تصغر الدائرة الى ان تصل الى جزء وتقف عليه ولم تحدث هناك دائرة ابدا فيكون ذلك الجزء ساكنا غير متحرك وان يتبدل ( تبدل خل ) وضعه لكنه لا ينتقل من مكانه فيكون ساكنا وهذان الجزءان يقابلان المركز فقوام الكرة بتينك النقطتين وبسكونهما تقومت بهما الكرة وقد عرفت ان سكونهما لشدة حركتهما وسرعتهما وهما وجه العلة لتلك الكرة والنقطتان حقيقة واحدة ظهرت في المقامين ليتصل الاول بالآخر ويتحد المبدء والمنتهى فهو ساكن لا يدرك بالسكون ولذا اذا تحركت الكرة على القطب تكون الاستدارة بكل الجهات بخلاف ما اذا تحركت على المحور فانه تحدث دوائر وتكون الحركة على جهة ولا تتم الاستدارة الحقيقية فان المحور هو الخط الواصل بين القطبين ويسمى ذلك قطرا وهو عبارة عن النسبة الارتباطية بين وجه العلة وبين ما يستمد منها والنقطة من حيث هي هي لا بعد لها وان قلت لا جهة لها ايضا صدقت فاول ظهورها في الخط ولذا كان اول ما ظهر من النقطة الحقيقية الالف القائمة فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم الا ترى في لفظ الجلالة كيف ظهرت الالف القائمة في الابتداء وظهرت في الوسط لكنها طويت نقشا وذكرت خطا وكذلك في الرحمن فان هذا الظاهر هو عين الاول فلا يحجبنك النقوش فان التسمية باعتبار الظهور والظاهر والمظهر والظهور واحد فافهم
ان قلت بين لي حقيقة الافلاك واين منشأها ومنتهاها
قلت ان الله سبحانه وتعالى خلق ياقوتة حمراء من جزء من صفو النار وجزئين من صفو الماء بيبوسة ارض القابلية فنظر اليها بعين الهيبة فماعت وصارت ماء رجراجا وبحرا عظيما يضرب امواجا فاشرق على ذلك البحر شمس اسم الله القابض فظهر اسم الله الحي والرحمن بريح الجنوب فتموج البحر واضطرب بتصفيق الرياح الشديدة فصعدت الابخرة المختلطة بالاجزاء النارية والترابية المستجنة في زبد البحر فكانت تلك الابخرة بل الادخنة مادة السموات السبع والافلاك التسعة وبقي الزبد على وجه الماء فجعله سبحانه مادة للارضين فبعد ما دحى الارض واستوت واستقرت في يومين يوم المادة والصورة استوى الى السماء فهي دخان فسويهن سموات وافلاك فاول ما ظهر فلك الشمس فدارت الافلاك فوقها وتحتها بها حسب ما فيها من القوى الالهية لكونها مهبط الاسماء الفعلية والانوار الاربعة القدسية ثم لما كانت تلك الابخرة متفاوتة في الغلظة والتصفية رتبت الافلاك على ذلك ( تلك خل ) الترتيب فكل ما كان اصفى بقي اعلى وعلى هذا القياس وكل ما كان اسفل بقي مكانه فملأ ذلك البحر الوجود الجسماني بدخانه وزبده ومائه وظهرت تلك الشعلات المستجنة في زبد البحر متصاعدة في البخار والدخان فكانت قوى لتلك الافلاك بتسخير الاملاك فظهرت في كل فلك حسب ما قدر الله سبحانه في اللوح المحفوظ وآتى كلا نصيبه من الكتاب فالكواكب هي القوى والافلاك محال ومهابط لتلك وهي كانت مستجنة في الافلاك اي الابخرة فظهرت بعد ما فصلت الافلاك على تفاصيلها المعروفة فلما طلعت الشمس بنورها اظهرت تلك الكواكب الاجسام الكثيفة لكون الشمس هي النيرة بذاتها والمشعشعة ( المتشعشعة خل ) بنورها وهي الوجود الثاني في العالم الجسماني وتستضيئ الكواكب بنورها واثرت في العوالم السفلية بايقاع اشعتها فتستدير الادوار بالليل والنهار هذا كلام جار على الحقيقة بالاجمال والاشارة وفصل القول في ذلك ان النون اي بحر الصاد اول المداد الماء الذي كان عليه عرش الرحمن والماء الذي منه كل شيء حي وبه قام كل شيء لما كان متمم ظهور الهاء عن الكاف لا كتتميم الهاء المشبع الذي هو هو للاسماء ( الاسماء خل ) الحسنى وتتميم الاحد للواحد بل كتتميم الصفة لظهور الموصوف وتتميم الفرع لجهات تعريف الاصل ظهر مثالا للظاهر وحاكيا له بذاته فكان حافظا لوجوده في جميع مراتب التربيع والتكعيب فاحكم قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا فظهر حافظا لنفسه في كل الاطوار من الاكوار والادوار فصار به كل شيء حي في الاعلان والاسرار من الاكوان الستة التي عليها المدار اما الكون الاول فنوراني لا غير واما الكون الثاني فجوهر لا غير واما الكون الثالث فهوائي لا غير واما الكون الرابع فمائي لا غير واما الكون الخامس فناري لا غير واما الكون السادس فاظلة وذر ثم سماء مبنية وارض مدحية وانا احب ان اوقفك على مبدء هذا الماء فاعلم ان التكوين اقتضى الحرارة لانه الحركة بنفسها من الظاهر بالفعل الى المكون والتكون اقتضى البرودة لانه السكون المنتهي اليه الحركة ومقام الجمود والوقوف ولما كان التكوين هو المستقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره اقتضى مع الحرارة اليبوسة لثبات الاستقرار وتحقق القرار ولما كان التكون هو الحامل لاثر التكوين والماسك له اقتضى ايضا اليبوسة والا لما استقر ولما كان المكون هو المتحقق بالتكوين ولا يكون ذلك الا بالارتباط وقد لا يكون ذلك لاستقراره في ظله فلا يخرج منه الى غيره الا بالقاء الاثر فيه ولا يكون ذلك الا حارا لتحقق المثلية والا لم يكن كذلك هف ويجب ان يقتضي الرطوبة لملاحظة ارتباطه بالتكون وتعلقه به واتحاده معه فيجب الحل والا لامتنع الاتحاد الذي هو العقد ولما كان التكون لا يكون الا بالقبول لاثر التكوين وذلك لا يكون الا بالاقبال الى المقبول والارتباط من جهة القابل اقتضى من هذه الجهة الرطوبة ولما كان من جهة القابل كان باردا رطبا فتحقق هناك اربعة عناصر الاول الحار اليابس وهو النار اي الفاعل الثاني الحار الرطب وهو الهواء وهو اثر الفاعل اي المصدر المفعول المطلق اي المادة الثالث البارد الرطب وهو الماء وهو جهة القابلية المحضة الرابع الارض البارد اليابس وهو جهة حفظ القابل فعل الفاعل وامساكه اياه هذا في اصل الكون عند التكوين الاول في ثاني الازل فلما اقترنت هذه العناصر الاربعة واتصلت بهذا الترتيب المخصوص المعين ووقع اثر الفاعل على القابل واستجنت الحرارة الفاعلية في الاجزاء الارضية القابلة وكانت الحرارة الاصلية الاولية دائمة الاشراق على الاراضي القابلة تهيجت تلك الحرارة المستجنة في الاجزاء الارضية واقبلت الى مبدءها باعانة الامدادات الفائضة من الاشراق وصحبت معها الاجزاء المائية اللطيفة المستجنة فيها الاجزاء اللطيفة الارضية بحكم المشابهة والمناسبة الذاتية فان تابوا واقاموا الصلوة وآتوا الزكوة فاخوانكم في الدين لكن الاجزاء الارضية مضمحلة مستهلكة يتلألأ بخفق والاجزاء المائية اللطيفة التي هي محض القابلية والاستعداد والمقابلة لفوارة النور بسر الامداد مضاعفة فاصابه برد التكون بالتكوين ثانيا فانجمد وانعقد في سماء تحت سماء التكوين فثقل وتقاطر لحصول النسب والاضافات المستدعية للنزول عن مقام البساطة الحقيقية فكان ماء رجراجا وبحرا مواجا فهذا هو الماء الاول وان كان المصطلح عليه هو الماء الذي به حيوة الموجودات المقيدة الا انه لو كان لك بصر حديد علمت ان هذا القول يجري في كل ما تلاحظ مخلوقيته من السرمد الى الزمان وبالجملة نحن نحكم حكما كليا فان قدرت ان تجريه في جميع الجزئيات فعلت ملاحظا للصدق اللفظي دون المعنوي والا فاجر ما ذكرنا على ما هو المعروف ( المعروف عند ( في ) خل ) الظاهر ولما تحقق ذلك البحر المواج والماء الرجراج وقابلته نار التكوين صعدت بها الابخرة وزبد البحر وبقي الزبد على وجه الماء فتراكمت الابخرة وتطابقت وظهرت على هيئة اللطافة والبساطة التي هي هيئة الاستدارة ودارت للاتصال على المبدء بحكم المناسبة لوجود المثال الملقى في الهوية وهي الافلاك والكواكب هي الشعلات النارية المستجنة في الاجزاء البخارية قد ظهرت عند عود الاشياء الى مباديها واستقرت في مواضعها ومواقفها فالكوكب بمنزلة القوة والفلك بمثابة الحامل فلما اختلفت مظاهر ذلك الماء ومراتبها باللطافة والشرافة والكثافة والغلظة والقرب والبعد وبطلت الطفرة جري الفيض الاختراعي والابتداعي عليها على ذلك الترتيب فدارت العلويات على السفليات واحاطت على الجزئيات فاعطى الله بها كل ذي حق حقه وساق الى كل مخلوق رزقه وهذا الحكم يجري في كل دور وكور وعالم من العوالم الالف الالف فيكون الف الف فلك والف الف ارض فافهم هذا منشأ الافلاك واما منتهاها فاعلم انها لا تنتهي الى حد في حركتها وسيرها بل هي سائرة دائمة ( قائمة خل ) الى الابد وان سكنت وتفككت عند ظهور سلطان الجبار وخلوص الامر لله الواحد القهار وطي الوسائط ومحو الاغيار باذهاب الغرائب والاعراض واندكاك جبال الانية لخلوص التوحيد في الذات والصفات والافعال والعبادة الا لله الدين الخالص ثم تعود الى ما كان ( كانت خل ) عليه من الصفاء وتتحرك حركة شوقية الى خالق الاشياء ولا نهاية لذلك انما خلقتم للبقاء وما خلقتم للفناء وانما تنتقلون من دار الى دار فاذا ذهبت صفوة الافلاك والاملاك وبقيت القشور والاعراض فتستدير ذلك دورة عرضية تبعية وتربي سوافلها المحيطة بها من القشر والعرض وهكذا الى ان يصفوا ( تصفوا خل ) تلك وهكذا الى ما لا نهاية له سبحانه من هو ملكه دائم وسلطانه قديم لا اله الا هو الحي القيوم قال مولينا الباقر عليه السلم ما معناه ان الله اذا ادخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار يخلق خلقا من غير فحولة ولا اناث يعبدون الله في الارض وهو قوله تعالى افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد واما العبارة الظاهرة في هذه الاحوال فلا يسعني ( فلم يسعني خل ) الآن بيانها لتطويل المقال وبلبال البال وعدم الاقبال الا انه يظهر مما ذكرنا من دليل الحكمة فافهم راشدا موفقا ان شاء الله تعالى
فان قلت لم كانت الافلاك على هذا الترتيب المخصوص من السموات السبع والعرش والكرسي
قلت ذلك امر ( لامر خل ) محكم وحكم متقن وهو ان المبدء لا بد ان يكون عرشا لاستواء الرحمن وخزانة لجميع ما تستحق السوافل من الاركان والاكوان والاعيان والا لم يكن واقفا بالباب بل ضرب بينهما الف حجاب ولما كان الباب واقفا مقام اجعلك مثلي وروحك من روحي وجب ان يكون كاملا في رتبة البساطة لمكان التشابه على ان الفيض لا يجوز ان يصدر جزئيا لعدم سعته بل يجب ان يكون كليا معنويا يحيط بكل الاجزاء والجزئيات فاقتضى ان يكون هنا فلك كلي محيط ( فلكا كليا محيطا خل ) بجميع المراتب السفلية ومهبطا لجميع الانوار وخزانة لكل الاسرار وذلك هو العرش مستوي الرحمن فهو اول الافلاك واعظمها واشرفها واقدمها والطفها ثم لما كانت الفيوضات المستقرة في الفلك الاعلى معنوية كلية غيبية مجملة ولا استيهال للسوافل ان تتلقيها كذلك لقصورها وتباين احوالها واختلاف اوضاعها فوجب ان يكون لتلك الاجمالات مقام تفصيل وتلك المغيبات رتبة ظهور لتمييز ( لتتميز خل ) الاسماء الالهية وتتبين النعم الغير المتناهية ليعلم كل اناس مشربهم ويصل كل احد مطلبهم ولما كان هذا المقام تحت المقام الاول وهو قد ظهر بفلك ( بالفلك خل ) المحيط الدوار وجب ان يكون رتبة التفصيل ايضا ظاهرة في فلك تحت الفلك الاول وهو الفلك الثاني وذلك هو الكرسي فظهرت فيه القوي الجزئية الاسمية المستمدة من تلك المعاني الكلية فتم الفيض الاول مجملة ومفصلة وهو رتبة المقبول ثم لما كانت الافاضة لا تتم الا بتمكين القابل وتهيئه للقبول والا لم يتحقق الفيض ولم يوجد الشيء وذلك التمكين يجب ان يكون من جهة المكون المفيض لكن بآلات واسباب يناسب المفاض عليه ويوافقه ولما كانت تلك الآلات هي جهات التدبير والتقدير وجب ان تكون محيطة فتكون افلاكا دائرة على القابليات ومهيئة اياها لقبول الفيض الاول ووصلة بينها وبين المفيض فاقتضى الكون افلاكا اخر تحت الفلكين المذكورين ثم لما كانت الافلاك ( الاكوان خل ) خرجت مسبعة متمايزة في التسبيع ولا يتم الفيض الا اذا تمت قابلية تلك المراتب ولا يتم ذلك الا ان يكون منها مبدء متميز فان الاثر يشابه صفة المؤثر وجهتها فالمجمل يؤثر المجمل والمفصل المفصل وجب ان تكون تلك الافلاك التي هي روابط ايصال الفيض ومتمم قابليات المفاض عليه سبعة فخلق الله السموات السبع فاذا اضفتها الى الفلكين المذكورين كانت الافلاك تسعة فافهم فهمك الله وايانا من مكنون العلم
فان قلت ما بال الكواكب ترى والافلاك لا ترى ودعوى كثافتها مدخولة مردودة باستلزام الطفرة وخروج الاشياء عن اماكنها الطبيعية فان كل كثيف مقامه المركز فاذن يلزم ان يكون الهواء اشرف من الكواكب وهو باطل للادلة القطعية
قلت ان مدار الابصار ليس الثقل والكثافة الا ترى الاشباح الظاهرة في المرايا وغيرها من الاجسام الصيقلية مع ان رتبتها فوق محدد الجهات وكذا الارواح المتنزلة الى مقام البشرية مثل جبرئيل عليه السلم على صورة دحية الكلبي وامثال ذلك فان المقادير والهيئات لا وزن لها ولا ثقل والماء الصافي اذا حركته يتكدر وليس ذلك من جهة ثقله وامثال ذلك فمقتضى الرؤية وعلتها قوة التركيب وهو لا يستلزم الثقل المستلزم للنزول والا جاء حكم الطفرة فالكواكب هي قوى نورانية صيغت بقدرة الله تعالى صيغة اشد واقوى من صوغ الافلاك فلها تركيب اقوى من تركيب الافلاك وقد ورد في الاخبار ان الشمس لها سبع طبقات وكذا القمر ويفهم منه المؤمنون الممتحنون ان كل كوكب هكذا ولذا ترى التأثير في الكواكب اكثر واشد بل لا يحس تأثير الافلاك باجرامها الا قليلا وكذا اذا غرب بالشمس يبرد الهواء مع وجود فلك الشمس وكذلك القمر وسائر الكواكب وهذا معلوم وفي الحديث ان النجوم امان لاهل السماء وليس ذلك الا لقوة التركيب وشدة ظهور تلك القوة فلذا ترى فان اراد القائل بالكثافة هذا المعني الذي اردنا فهو حق وصواب فان الكواكب لها رتبة تساوي فيها جرم الافلاك وزيادة ولذا لما انشق القمر ما انخرق الافلاك ( الفلك خل ) ولما نزل الى حبيب ( جيب خل ) النبي صلى الله عليه وآله حصلت ( ما حصلت خل ) في الفلك ثقبة الا ترى ( الا ترى ان خل ) الجسم المطهر النبوي صلى الله عليه وآله مع انه يرى لم يكن له ظل لشدة نورانيته وصفائه وانه اعلى من عقول النبيين عليه وآله وعليهم صلى الله ابد الآبدين وقد صعد بجسمه الشريف المحسوس الى السماء وما حصل منه خرق ولا التيام وهكذا الكواكب وان كانت لها اجرام لكنها ليست بثقيلة وان اراد القائل بالكثافة الثقل وانه اكثف من الهواء فيتوجه اليه ما ذكر وهو لعمري من افحش الاغلاط
فان قلت اين مواضع الكواكب واين مستقرها وموقفها من الافلاك
قلت اما الكواكب الثابتة من البروج والمنازل وغيرها من الكواكب المحسوسة فكلها في فلك الكرسي واما الشمس فهي في الفلك الرابع واما القمر ففي التاسع واما زحل ففي السابع واما عطارد ففي الثاني واما المشتري ففي السادس واما الزهرة ففي الثالث واما المريخ ففي الخامس كذلك صنع الله ربنا الذي اتقن كل شيء وهو الواحد القهار
فان قلت لم كانت الكواكب كلها في الكرسي والسبعة متفرقة
قلت لان الكواكب هي مظاهر التدبير ومحال مشية الله المتعلقة بالعوالم الجسمانية ومهابط التجليات الروحانية ومواقع الفيوضات الرحمانية في المقامات التفصيلية ولما كان الكرسي هو محل التفصيل ومظهر الانوار العرشية من الجليل والقليل ظهرت الكواكب التي هي محال تلك الانوار ومجالي تلك الآثار على التفصيل فيه فليس للكوكب موقع ومحل الا هناك والا لم يكن الكواكب اسباب التأثير او لا يكون الكرسي مقام التفصيل وقد دل الدليل العقلي والنقلي على الامرين من غير شك ومين وقد مضت الاشارة اليه باخصر عبارة فافهم وهو مثال اللوح المحفوظ والنفس الكلية والظاهر طبق الباطن كما ان العرش مثال القلم والعقل واما السبعة فلما ( فكلما خل ) كانت اسباب التمكين وآلات التكوين وبدونها لم تتحقق ( لم يتحقق خل ) الفيوضات والوجودات في العالم السفلي وقد قلنا ان المؤثر في الحقيقة هو الكوكب والفلك هو محل لذلك وان كان له ايضا تأثير من نوع تأثير الكوكب ونظيرهما في العالم الصغير هو القوى الاربع بالنسبة الى كل البدن من الجاذبة والهاضمة والدافعة والماسكة وجب ان يكون كل فلك من السبعة محلا لكوكب لما ذكرنا فافهم
فان قلت لم انقسم الكرسي الى البروج والمنازل والدرج ولم خصت هذه الكواكب باغلب التأثيرات بل جل التأثيرات مستندة اليها بمحاذاتها الكواكب التحتية من السبعة بل لا تستند الا اليها على الظاهر
قلت اما الثمانية والعشرون فان النفس الرحماني الاولي او الثانوي لما تعلق بالايجاد على جهة الابتداع ظهر منهما اي من كل واحد منهما على جهة الترتيب ثمانية وعشرون اسما من اسماء الله سبحانه بها قوام الاكوان والاعيان والانقلابات التي تقع في الزمان والمكان ولذا جرت الحروف التدوينية التي هي اصول الصفات الحرفية والاشباح المنفصلة في كل التأثيرات والتركيبات الغير المتناهية على ذلك العدد فلتلك الاسماء مظاهر ومجالي يظهر في كل عالم بحسبه فظهرت في الصفات الحاكية التدوينية حروفا وفي العوالم الغيبية حقايق وفي العوالم الشهودية كواكب ولذا انقسمت منطقة البروج الى هذه الاقسام الثمانية والعشرين لانها المبادي والعلل في الجسمانيات وهو مقام الباء في البسملة قال عليه السلم ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم وهنا وجه آخر لكنه دقيق يحتاج الى لطف قريحة وهي ( هو خل ) ان الاربعة عشر لما تكررت تكون ثمانية وعشرين والوجه الآخر هو ان لكل نور ضدا ظلمانيا ولما ان الحروف النورانية الكونية اربعة عشر فتكون الظلمانية ايضا كذلك فالمجموع يبلغ هذا المقدار ولذا ترى اربعة عشر منزلا تكون ابدا ظلمانية تحت الارض فافهم واما البروج فاعلم ان الاسماء الكلية التي عليها مدار الكون اثني عشر اسما وهو قوله عليه السلم ان الله خلق اسما الى ان قال عليه السلم فجعله اربعة اجزاء ليس واحد منها قبل الآخر وحجب واحدا منها وهو المكنون المخزون واظهر ثلثة منها لفاقة الخلق ثم جعل لكل واحد اربعة اركان فذلك اثني عشر ركنا وهذه الاثني عشر هي الاصول وعليها يدور ( تدور خل ) الاملاك الاربعة جبرائيل عزرائيل اسرافيل ميكائيل بها قامت اركان العرش الانوار الاربعة نور احمر ونور اخضر ونور اصفر ونور ابيض ثم يفصل كل ركن او قل كل اسم الى ثلثين ركنا او اسما فيكون التقسيم في الاثني عشر ثلثمائة وستين اسما وكل هذه الاسماء مندرجة تحت هيمنة اسم الله الرحمن ولما كان رتبة الالوهية رتبة البساطة والقدوسية والتنزيهية ليس فيها تكثر الاسماء والصفات والافاضات الا ذكرا وامكانا واجمالا والظهور في عالم البروز الى هذه المراتب والمقامات والاسماء والصفات في رتبة الرحمانية والعوالم متطابقة والاكوان متناسقة جرت الحكمة في ابداع عالم الشهادة والاجسام على ذلك النهج قال تعالى وما امرنا الا واحدة وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولما كانت المشابهة والمناسبة بين الاثر وصفة المؤثر مما لا بد منه ليمكن للاثر التلقي والاستفاضة من المؤثر وجب ان تكون لتلك الاسماء مظاهر تتجلى في العوالم الشهودية بها وقد اثبتنا ان المبادي في الاكوان الجسمية هي الافلاك لا غير اذ ما من الطف واشرف منها فوجب ان تكون هي المظاهر ولما كانت الالوهية والرحمانية لهما هيمنة وتسلط واحاطة على كل الاكوان والاسماء فكذلك الفلكان الاعظمان لهما احاطة تامة على كل الاجسام ولما كانت الالوهية مقدمة ومحيطة كان مظهرها هو الفلك الاول ولما كانت الالوهية ليست فيها الكثرات الاسمائية الا بالذكر وجب ان يكون المظهر على هيئة الظاهر فلم يكن في الفلك الاعلى كوكب وكثرة بوجه من الوجوه فثبت ان الفلك الثاني الذي هو الكرسي هو مظهر الرحمانية ففيه انقسمت مظاهرها على اثني عشر وكل اثني عشر على ثلثين فكذلك هذا الفلك قد قسم على اثني عشر قسما وسمى كل قسم برجا وقسم كل برج على ثلثين درجة فانقسم دورة الفلك ومحيطه على ثلاثمائة وستين قسما وكل قسم مظهر اسم من تلك فلاجل ذلك نسبت التأثيرات اليها فافهم ولا تنظر الى ما قاله المنجمون فان العلم نقطة كثّرها الجاهلون فانهم نظروا الى المجادلة بالتي هي احسن ونحن ذكرنا لك من ادلة الحكمة التي ليس فيها شك ولا ارتياب فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فيكون كل محيط فلك اربعة ارباع وموكل على كل ربع ملك من الملئكة الاربعة وكل واحد منها له تسعون ملكا يخدمه من الاعوان الكلية ووجه آخر هو ان الشيء تمامه في ستة ايام ورتبته وكماله في السابع وهو في الفلك الاعلى ولما كان الثاني تفصيله وتكريره والرتبة الثانية كان منه في لحاظ الستة اثني عشر وفي لحاظ السبعة ثمانية وعشرين والاول ظاهر والثاني لان هنا تكريران لانه يتجاوز رتبتين احديهما نفس الفلك والثانية مقام البروج فالسبعة اذا كررت مرتين تكون ثمانية وعشرون وقولي التكرير احتراز عن التنزيل فانه في الاولى يبلغ ستين وفي الثانية سبعين ونسبة الكرسي الى العرش ليست كنسبة الاشعة الى الشمس والسراج بل كنسبة الباء الى الالف والدال الى الباء والنفس الى العقل والنفس الرحماني الى النقطة والمفصل الى المجمل فلذا قلنا ان الستة هناك يكون ( هنا تكون خل ) في الكرسي اثني عشر والسبعة ثمانية وعشرين
فان قلت لم كانت البروج والمنازل كلها في المنطقة لا في القطب مع انه اولى بذلك
قلت لوجوه احدها ان القطب مقام الوحدة ومقام الجمعية والاجمال فلا يتصور فيه فرض الكثرات والاضافات وثانيها ان الحركة الجسمانية لما كانت الى جهة فتدور على المحور فتحدث ( وتحدث خل ) من حركاتها الدوائر المختلفة من العظام والصغار ولا شك ان الدائرة الصغيرة لا تحيط بكل الذرات بخلاف المنطقة فانها دائرة عظيمة لم يكن اعظم منها فحصلت الاحاطة المطلوبة في التأثيرات والايجاد بالمقابلة والمحاذات واحداث الاشعة وثالثها ان المنطقة هي الوسط المتساوي نسبته الى الطرفين فيجب ان تكون محلا للبروج والمنازل فافهم فانه دقيق
فان قلت من اين عرفوا ترتيب هذه الكواكب واختصاصها بافلاكها المخصوصة من حكم التقديم والتأخير
قلت انهم عرفوا غير الشمس كلها بالخسف والكسف فلما نظروا ورصدوا وجدوا بعضها يخسف الآخر حكموا بتأخر الخاسف لكنهم تحيروا في الشمس حيث لا يرى معها كوكب ليعلم الخاسف فتمسكوا بامور ضعيفة اقناعية عندهم لكنها ليست كذلك وانا اخبرك ان شاء الله تعالى بالترتيب مما استفدته من دليل الحكمة المأخوذ من مشكوة انوار اهل بيت العصمة والطهارة عليهم الصلوة والسلم فنقول ( فنقول اعلم خل ) انه لما جرى صنع الحق سبحانه على الاطوار الاربعة بل الخمسة او السبعة كما قال تعالى ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم اطوارا وقال تعالى هو الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك وقال عليه السلم لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة الحديث ولما كانت العوالم مترتبة متعددة ظهر السافل بازاء العالي وطبقه بل ليس العالم الاسفل الا ظهور جهات تنزلات العالي اي الاعلا كالالوف بالنسبة الى المآت وهي بالنسبة الى العشرات وهي بالنسبة الى الآحاد وهي بالنسبة الى الثلثة وهي بالنسبة الى الواحد فاذا عرفت هذا فاعلم ان مقام التقدير الذي هو رتبة التصوير على انحاء مختلفة كلياتها خمسة لان الصورة لا تخلو اما ان تكون كلية او جزئية والثانية لا تخلو اما ان تكون عامة او خاصة والثانية لا تخلو اما ان تكون اصلية او منتزعة والثانية لا تخلو اما ان تكون بواسطة الحس المشترك من المحسوسات الجسمية ام لا وهنا قسم آخر لمقام حكم الامضاء مشروح العلل مبين الاسباب فالصورة الكلية هي القوة العاقلة والجزئية العامة الاصلية هي القوة الذاكرة اي الصور العلمية والجزئية الخاصة الغير المنتزعة من المحسوس او الاعم هي القوة الواهمة والجزئية الخاصة المنتزعة هي القوة الخيالية والخامسة هي القوة الفكرية وهذه كلها وان كانت جهات النفس والعقل الا انها لما كانت متمايزة مختلفة الآثار متعددة الشئون والاطوار لما ظهرت في عالم الاجسام خرجت متمايزة فان المناسبة بين الروح والجسم والمظهر والظاهر مما لا بد منه ولما كانت هي جهات الادراك والشعور والاحساس يجب ان يكون في مبادي الاجسام ولما كانت هي جهات العقل والنفس وتفاصيلهما يجب ان تكون تحت مرتبتهما ولما كان العرش والكرسي مظاهر العقل والنفس فتكون الافلاك الخمسة مظاهر هذه الجهات ولما كانت هذه المذكورات مظاهر التدبير في السفليات وآلات التمكين ومتمم ( تتميم خل ) القابليات فلا يستقر ( فلا تستقر خل ) هذه الاشياء والامور في السفليات الا بعد تتميم وجوداتها واكوانها ولا تتم ( لا يتم خل ) ذلك الا بالمادة والصورة يجب ان تكون في العلويات مبدء لهذين الامرين فتكون الافلاك سبعة ولما كانت المادة جهة الفاعل المتحققة بحرارة التكوين يجب ان تكون مبدءها مثالا للفاعل وهيكلا له وعرشا لاستوائه فيكون حارا يابسا بالطبع والتأثير ولذا كانت نطفة الرجل التي هي المادة حارة يابسة ولما كانت المادة هي اصل الشيء ولبه وكل ما سواه ( سواها خل ) يتعلق ( مما يتعلق خل ) به قشور واعراض لها سواء كان من محال المشاعر ام غيرها يجب ان يكون مبدء المادة ان يكون ايضا في الوسط واللب الاتري القلب والحرارة الغريزية في الوسط واللب وكل البدن من القوي والمشاعر والآلات تدور عليها وهي تدور على الدم الاصفر الذي يدور على البخار المتعلق به في تجاويف القلب ولما كانت المادة انما تربى وتنشأ في بطن الصورة وهي المربية لها بتقلباتها واطوارها واحوالها وقد قلنا ان الصورة لما كانت جهة الارتباط تقتضي الرطوبة يجب ان تكون الرطوبة التي للصورة ضعف الحرارة التي للمادة في العقد الاول مرتين وفي الثاني مرة واحدة فاحتياج السفليات الى الرطوبة والبرودة اللتين بهما قوام الصورة اشد واكثر واعظم فيجب ان يكون مبدءها اقرب المبادي اليها ليستمد منها اكثر فيكون الفلك الخاص بها آخر الافلاك ولما كانت القوة العاقلة آخر ما تظهر في الشيء فيكون ابعد فيكون اول الافلاك وتحته الصور العلمية وتحته القوة الوهمية لانها اشد احاطة واكثر سعة من الخيالية وفي الرابع هو الاصل واللب الذي به ( فيه خل ) قوام هذه الافلاك ثم القوة الخيالية ثم القوة الفكرية لانها تركيب الصور وتأليفها فتكون بعد وجودها ثم العلة الصورية في العوالم السفلية ولما كان القمر هي علة الرطوبة والبرودة لاستناد الرطوبات اليه ووقوع المد والجزر بسببه وقد سمعنا ان اهل الافرنج يصيغون زجاجة اذا وضعت في القمر تمتلي ماء كالبلور الذي اذا وضع في الشمس تحدث منه النار وتحرق ما يحاذيه ويقابله فيكون القمر آخر السبعة والفلك الثاني فلك عطارد وهو فلك الفكر لما قلنا انه بعد تحقق المجموع والفلك الثالث فلك الزهرة وهو فلك الخيال والرابع فلك الشمس وهو فلك الوجود ومظهر العلة الفاعلية والمادية فبجسمها تمد الافلاك الاخر امداد المعلم المتعلم وبروحها تمد ارواحها وباشعتها تمد الاجسام السفلية امداد المؤثر للاثر وبالافلاك تمد قوى الاجسام السفلية كما تمد الافلاك من قوى الارواح الغيبية الظاهرة فيها والافلاك تدور فوقها وتحتها فتمد فلك زحل من ذات العقل والقمر من صفته وتمد فلك المشتري من ذات النور الاخضر وعطارد من صفته وتمد فلك المريخ من ذات النور الاحمر والزهرة من صفته فدارت الافلاك المستمدة منها في مقام الصفة تحتها والافلاك المستمدة منها في مقام الذات فوقها للفرق بين مقامي الذات والصفة واثريهما والا فالكل تحت الشمس والاحاطة احاطة القشر باللب والجسد بالقلب فافهم والفلك الخامس فلك المريخ فلك الوهم والفلك السادس فلك المشتري فلك العلم والفلك السابع فلك زحل فلك العقل والعرش والكرسي هما البابان الاعظمان فالعرش باب باطن غيبي والكرسي باب ظاهر تفصيلي اجمالي وبهما يفاض على الاجسام السفلية والافلاك السبعة مظاهر تفاصيلهما فظهرا بالعلية في الشمس وبالعلية القابلية في القمر وبالحدود المعنوية في زحل والشخصية العامة في المشتري والشخصية الجزئية الغير المحسوسة في المريخ والشخصية الجزئية المحسوسة بتوسط الحس المشترك في الزهرة وبالتاليف والتركيب وتحصيل النتيجة في عطارد فلذا ترتبت الافلاك والكواكب على هذا المنوال فافهم
فان قلت لم اختصت الشمس بالنور والضياء واستنارة الكواكب كلها منها
قلت لانها مجمع الانوار الاربعة الغيبية التي هي العرش قد ظهرت فيها دون غيرها لكونها مبدء الاكوان ومنبع الاعيان ووجه الرحمن قال الله تعالى خلق سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس ضياء لانها وجه الفاعل الذي بنوره اشرقت السموات سموات المقبولات والعقول والمجردات وارض القابليات والحدود والتعينات فظهر الفاعل فيها بنوره الجسماني المعروف لشهادة التطابق وحكاية التوافق ولهذا اذا نظرت الى الشمس تحت حجاب اسود ترى فيها الوانا مختلفة وانما كانت الشمس مختصة بهذه المظهرية لانها مربية للوجودات الثانوية ومدبرة للمواد وهي الاصل في كل ما سواها وهي وجه رب العباد وجهة الواحدية فغلبت الحرارة واليبوسة واشتدت وكثرت وظهرت بذلك الجرم فاشتعلت وخرجت معلنة بالثناء وقائلة الله نور السموات والارض فانطبق الظاهر بالباطن واما الكواكب الاخر فهي مربية لجهات القابلية وحدود المهية ومتممات للعلة الصورية فاستمدت منها ونظرت اليها وهي امدت الكل بما يخصه ويناسبه كما ذكرنا لك آنفا فراجع وتفهم
فان قلت ما هذه الكدورة التي على وجه القمر
قلت انهم ذكروا في تحقيقها وجوها كثيرة كلها جارية على الاصول الغير المحكمة وانا ان شاء الله تعالى اذكر لك حقيقة الامر ما اسعدك لو وفقت ( وقفت خل ) لفهم ما اقول فاقول سئل امير المؤمنين عليه السلم عن الملأ الاعلى فقال عليه السلم صور عارية عن المواد خالية عن القوة والاستعداد تجلى بها ( لها خل ) فاشرقت وطالعها فتلألأت والقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله ه وقد قلت لك ان القمر مبدء العلة الصورية وهو مثال يحكي مثال المثل الاعلى قد ظهر له به في عالم الاجسام على تمام الصورة الكاملة فكان هو محو آية الليل وهي الصورة قال الله تعالى وجعل لكم الليل لباسا وقال تعالى هن لباس لكم وانتم لباس لهن فكان القمر حاملا لذلك المثال اذ به تتمايز الاحوال في المبدء والمآل واما سائر الكواكب فكلها على ذلك المثال الا انها قد خفي لكون كل منها يحكي ( تحكي خل ) جهة من جهات ( الى هنا كان في النسخ )