رسالة في جواب الآخوند الملا حسين علي (١٢ سؤال)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الآخوند الملا حسين عليّ

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الاول

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين

اما بعد فيقول العبد الفقير الحقير الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الاكرم الاقدم ذا الفهم السليم والطبع المستقيم المؤيد بلطف الله الخفي والجلي الملا حسينعليّ اعلى الله شأنه ورفع في العز والمجد مكانه اتى بمسائل غامضة جليلة يريد جوابها وكشف نقابها على غير ما هو المعهود والمعروف عند العلماء وذلك وان كان امرا صعبا سيما في هذه الاوقات لكثرة الاشغال ( الاشتغال خ‌ل ) وتوزع البال واختلال الاحوال الا انه لما كان اهلا للجواب اسعفت اجابته واتيت بما هو الميسور اذ لا يسقط بالمعسور واكتفى في بعض الاحوال بالاشارة اعتمادا على فهمه الشريف ولضيق المجال وكثرة الاستعجال وجعلت كلامه سلمه الله متنا وجوابي كالشرح له ليمتاز كل سؤال بجوابه عن الآخر مستعينا بالله ومتوكلا عليه وهو حسبي ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله تعالى بعد البسملة : الحمد لله الذي هدينا الى طريقتكم التي هي عين طريقة ائمتنا عليهم السلم وانارنا بفاضل انوار حقيقتكم وما كنا لنهتدي الا ( لولا خ‌ل ) ان هدينا الله وصلى الله على نبينا خاتم النبيين وسيد المقربين ( المرسلين خ‌ل ) وعلى آله الميامين الطيبين الطاهرين اما بعد فيا مولانا ومقتدانا وقبلتنا ومرشدنا وفخرنا ومن به في كل امر استنادنا ومشكاة ضيائنا في بحر ظلمات زماننا واستادنا ومحيي نفوسنا من حيرة الشكوك والشبهات ومنور قلوبنا بانواع المعارف والاعتقادات وبابنا الى ائمتنا عليهم السلم الذي من اتى به كان آمنا من فتن الواردات والايرادات يا فخر المحققين والمدققين ويا سراج الدين والهادي الى الحق واليقين ( الحق اليقين خ‌ل ) يا مفتاح اسرار ائمة الطاهرين صلى الله عليهم اجمعين انا عبدكم السائل بباب فيوضاتكم الآمل ترشحات ( لرشحات خ‌ل ) كرم جنابكم المنتظر لقطرات بحار انواركم لما علمت وفهمت ان جنابك لا تخيب سائلا ولا ترد آملا فبادرت الى السؤال بمسائل

اقول انما كتبت ( ذكرت خ‌ل ) هذه الكلمات مع اعتقادي في نفسي خلاف ذلك كله لبيان حسن ظنه واعتقاده فان من احسن الظن ولو بحجر القى الله الحق والخير به اليه اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا حول ولا قوة ولا نور ولا هداية ولا خير ولا رشد الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله تعالى : الاولى - ان تكشف الغطاء عن حقيقة قوله عليه السلم :

دوائك فيك وما تبصر ودائك منك وما تشعر

وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وانت الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر

ما المراد بالدواء والداء والعالم الاكبر وما معنى الكتاب وكيف هذا الانطواء

اقول اما العبارة الواقعية الحقيقية المأخوذة من اشارات كلمات ( كلام خ‌ل ) اهل العصمة عليهم السلم فاعلم ان الدواء هو اسم الله سبحانه وهو الدواء لا سواه كما في ( كما في قوله عليه السلام في خ‌ل ) دعاء كميل (رض) يا من اسمه دواء وذكره شفاء وطاعته غنى والمراد باسم الله هو ما قال امير المؤمنين عليه السلم الاسم ما انبأ عن المسمى فكل شيء ينبئ عن الله سبحانه وينتسب اليه تعالى من جهة ( جهته خ‌ل ) فهو الاسم وهو الدواء وكل شيء يغفل عن ذكر الله سبحانه ويلهو عنه ويذكر غيره فهو الداء وهو معنى ما ورد عنهم ( منهم خ‌ل ) عليهم السلم ما اصيب احد بمصيبة في الدنيا والآخرة الا من جهة الغفلة عن ذكر الله تعالى وكذا لا تدود ثمرة و( ولا خ‌ل ) تمرة الا اذا غفلت عن ذكر الله ولا تسقط ورقة من الشجر الا اذا غفلت عن ذكر الله ولا يصطاد طير الا اذا غفل ( غفلت خ‌ل ) عن ذكر الله نقلت معاني الاحاديث المتفرقة واما ما اصيب به المعصومون عليهم السلم فانما هو لتحملهم عن شيعتهم ورعيتهم اذ غفلوا عن ذكر الله واشتغلوا بمعصية الله وهذه الادوية والعقاقير التي بها تحصل ( يحصل خ‌ل ) الدواء

والداء وهي ( الداء هي خ‌ل ) ايضا من اسم الله والتوجه اليه وذكر الشيطان والاقبال عليه وذلك لان الله سبحانه عنده في خزائنه كل خير ونور وفرح وسرور وطيب وصحة وفخر وفي خزاين السجين للمعرضين عنه تعالى والمقبلين الى الشيطان والهوى كل شر وضر وظلمة وترح ومحنة ونتن ومرض وذل والاشياء خلقت ولها جهتان جهة الى تلك الخزاين النورانية وجهة الى الخزاين الظلمانية وكل جهة لما كانت محتاجة فقيرة تستمد مما هو من نوعها فهي بكينونتها تجذب المدد اما من نور او من ظلمة ( ظلمة او خ‌ل ) من خير او من شر كما قال ( قال الله خ‌ل ) تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فاذا اشتغلت الاشياء بذكر الله تعالى فانما هي من تلك الجهة العليا فتجذب تلك الجهة الخير والنور والنور و ( الخير والنور وخ‌ل ) الحسن والكمال من تلك الخزينة كما تجذب المرآة النور اذا قابلتها بالشمس فتكون بذلك مشرقة نورانية واذا غفلت عن ذكر الله تعالى فانما هو بتلك الجهة السفلى فتجذب تلك الجهة الشر والفساد والمرض والظلمة من تلك الخزينة كما تجذب المرآة الظلمة او القبح اذا قابلتها بالظلمات والقبايح وكما انك اذا تبخرت بالعود تطيبت واذا تبخرت بالقير تنتنت ( نتنت خ‌ل ) وامثال ذلك كثيرة والاشياء حين ما خلقها سبحانه عرض عليها ولاية امير المؤمنين عليه السلم واولاده الطيبين عليهم السلم الذين هم الاسماء الحسنى كما قالوا نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها فاذا قبلت الولاية كانت نورا وشفاء ودواء مصلحا للمفاسد وان انكرت توجهت الى الخزينة السفلية فجذبت تلك المفاسد والادواء فكلما ليس بمعصوم دواء من جهة وداء من جهة اخرى الا ان الاشياء تختلف في ظهور دائيتها او ( وخ‌ل ) دوائيتها حسب مقامها في المعصية والطاعة وقبولها وانكارها للولاية بظاهرها وباطنها بقلبها ولسانها بقشرها ولبها وهكذا فما دام دار التكليف باقية فالداء والدواء ممتزجان فاذا ارتفع التكليف امتاز الداء عن الدواء فكان في مقام دواء لا داء وشفاء لا مرض وصحة لا سقم وهو الجنة وفي مقام داء لا دواء ومرض لا شفاء وسقم لا صحة وهو النار فكل شيء داءه منه اذا ادبر عن الله تعالى وغفل عن ذكره ودوائه فيه وعنده وهو التوجه الى الله سبحانه والاقبال اليه الا ترى ان المرآة السوداء المظلمة اذا قابلتها بالشمس والنور تشرق وتستنير فكانت تلك المقابلة وذلك النور هو الدواء لذلك الداء الذي هو الظلمة والسوداء ( السواد خ‌ل ) ولما كان الاسم هو المنبئ عن الله تعالى كان كل شيء عند توجهه الى الله سبحانه واستدلاله بنفسه عليه اسما له تعالى فحينئذ دواء ولا منافاة بين هذا وبين ما ذكرنا آنفا ان الاسماء هم الائمة عليهم السلم لان الخلايق اسمهم وهم اسم الله واسم الاسم اسم وعند توجهه الى نفسه واشتغاله بانيته وهواه ذكرا للشيطان ( ذكر الشيطان خ‌ل ) فحينئذ كان داء فظهر العقل حاكيا لتلك الجهة العليا فهو الدواء المطلق وظهرت النفس الامارة حاكية لتلك الجهة السفلى فهي الداء المطلق والمخاطب بكاف الخطاب في هذه الابيات وان كان في الظاهر المتبادر هو الانسان لكن في الحقيقة والواقع كل شيء من الاشياء وكل ذرة من ذرات الوجود كما ذكرنا لك لان كل شيء مكلف وكل شيء مأمور بطاعة مولينا امير المؤمنين عليه السلم وعليه عليه السلم تسديد رعاياه وغنمه واظهار ما لم يعلموا وتبيين ما لم يفهموا وعلى الله قصد السبيل وقد فهم هذا الخطاب كل شيء بلغته لكن ما صدر عنه عليه السلم هذه اللغة العربية وهي سري في الموجودات على حسبها سريان نور الشمس في المرايا العديدة واظهار نورها فيها على حسبها من الالوان والصفاء والكدورة والاعوجاج والاستقامة فافهم وانما قال عليه السلم لا تشعر ولا تبصر لان الخلق في مقام الانجماد وعدم الذوبان وقفوا في عالم الاشباح والهياكل المورثة للاختلاف وحجب بعض عن الآخر فصاروا كالبهايم لا يفرقون بين الداء والدواء والنور والظلمة وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا فافهم

واما العالم الاكبر فهو ما سوى الله سبحانه لانه اسم لما يعلم به سمي به ما سوى الله سبحانه لان الله تعالى يعلم بخلقه وان لم ‌يعلم به كما قال في ( كما في خ‌ل ) الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وقولي وان لم يعلم به اشارة الى قول مولينا الصادق عليه السلم ان الله اجل ان يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به والجمع بين القولين في قول امير المؤمنين عليه السلم بل تجلى لها بها وتوضيح هذا الجمع في قول سيد الشهداء عليه السلم الهي امرتني ( امرت خ‌ل ) بالرجوع الى الآثار فارجعنا اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير والمثال الذي به تعرف هو البناء اذ لولاه لم تعرف البناء ابدا ولكن اذا نظرت اليه من حيث الحدود الخاصة والاحوال الظاهرة فيه كالحجرات والسقوف والجدران والطين والجص وامثال ذلك ما تدلك على البناء ابدا نعم اذا نظرت الى البناء من حيث ظهور البناء مع قطع النظر عن خصوصيات البناء فهنالك تعرف البناء كمال المعرفة الممكنة وانما وصف العالم بالاكبر اشارة الى تعدد العوالم وان هذا العالم اوسع الكل فيكون المجموع في ضمنه ومن جهة تعدد العوالم قد يجمع ( جمع خ‌ل ) العالم كما في قوله تعالى رب العالمين وهي كثيرة ترتقي الى الف ‌الف كما في الرواية عن الباقر عليه السلم والى ما لا نهاية له ومايعلم جنود ربك الا هو واما الكتاب فهو المكتوب في الرق كما قال تعالى وكتاب مسطور في رق منشور وهو مجمع انتقاش الاشباح والهياكل والحدود والصور في رق امكنتها واوقاتها واوضاعها وقراناتها والمراد من الانتقاش اعم من الذوات المتأصلة والصفات القارة والغير القارة والانتزاعيات والمراد من الهياكل اعم من هياكل التوحيد وغيرها والمراد من هياكل التوحيد اعم من هياكل الاسماء والصفات والقيومية في الافعال وهيكل التوحيد الصرف والتنزيه المطلق فيدخل حينئذ في الكتاب الذوات والحقايق والاسرار واللطايف والمجملات والمفصلات وانما عبرت عن الكتاب بمجمع انتقاش الاشباح والهياكل لا وجود الاكوان والحقايق مع انه اظهر واوفق لادخال جميع الحقايق لان الكتاب مقام التفصيل والحدود ونقش الصور وهو قوله تعالى كتاب فصلت آياته وليس المجملات والكليات من حيث انفسها من حيث هي هي كتاب ولذا عبرنا بالانتقاش لان الذوات واصول الكينونات وان كانت بسايط بل نقطة حقيقية ( حقيقة خ‌ل ) لكنها نقوش فهوانية ومثل الهية وامثال حقية وكذلك الظهورات المتعلقة بالفيض الاقدس الاعيان الثابتة في العلم الامكاني التي هي مناط تحقق الاسماء والصفات وكذلك المراتب الاخر الا ان الكتاب على قسمين كلي وجزئي فالكتاب الكلي هو اللوح المحفوظ وحروفه الالواح الجزئية والجزئي هو تلك الالواح كما يأتي ان شاء الله تعالى فترقب فكل الوجود كتاب قد نقش الله سبحانه فيه سر التوحيد والاسماء والصفات واسرار ذوات الكاينات وحقايق الموجودات وتلك المراتب حروفه وكل ذرة من ذرات الوجود ايضا كتاب على حسب مقامه وحاله فافهم واما كيفية هذا الانطواء فاعلم ان الله سبحانه اوجد الاشياء فانوجدت فكونها ( وكونها خ‌ل ) فكانت وقال لها كن فكانت فالكل مشتركون فيما يقتضي التكوين والتكون والفرق بين الموجودات ليس الا بكثرة ظهور المقتضيات وقلتها وظهور المراتب وخفائها وقوتها وضعفها والا ففي اصل مقتضيات الوجود والانوجاد متساوية وتوضيح هذا المطلب بعبارة الظاهر هو ان الله سبحانه خلق الخلق على اكمل ما ينبغي ومقتضى ذلك ان لا يختلف فعله بل يجري في المفاعيل على نهج واحد ليكون كل شيء بانفراده مستقلا في الدلالة عليه تعالى بما يدل عليه الكل المجموع اذ لا شك ان ذلك اكمل واعظم في اظهار القدرة واظهر في كمال العظمة فخلق سبحانه الخلق على هذا النمط وجعل كل شيء دليلا على كل شيء وجعل في الكل ما جعل في الكل فصار كل ذرة من ذرات الوجود تحكي كل العالم وهو قوله تعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت و( وهو خ‌ل ) قوله تعالى وما امرنا الا واحدة وقول الصادق عليه السلم الدليل على وحدة الصانع اتصال التدبير وتمام الصنع واما العبارة الواقعية الاولية الالهية فاعلم ان في كل ( ان كل خ‌ل ) جعل وفعل يتعلق بمجعوله ومفعوله ( بمجعول ومفعول خ‌ل ) لا بد في اتمامه واظهار ذلك الامر المجعول المفعول من وجود العناصر الاربعة فالنار انما هي من جهة الفاعل اما الحرارة لانها نشأت من الحركة وهي حصلت من الفعل المتقوم بالفاعل واما اليبوسة فلكون الفاعل هو الثابت المستقر في ظله ولا يخرج منه الى غيره لان الفاعل لا يكون عين المفعول وكذا الفعل والهواء انما حصل وتحقق من مادة المفعول اي المصدر الاثر الحاصل من الفعل اما حرارته فلكونه من جهة الفعل فيشابهه في تلك الجهة لان الاثر يشابه صفة مؤثره وهي فعله واما رطوبته فلشدة ارتباطه بالحدود والصورة لان الرطوبة بها الذوبان كذوبان المادة وظهورها في جميع اقطار الصورة والماء انما حصل وتحقق من ميل المفعول الى الفاعل من جهة تلقي الفيض اما برطوبته ( رطوبته خ‌ل ) فمن جهة الميل والارتباط واما برودته فلكونه من جهة المفعول وهو من حيث هو بارد لكونه مقام السكون المنتهي اليه الحركة الايجادية ومقتضي السكون البرودة والارض انما حصلت من نفس المفعول اما برودتها فلما ذكرنا واما يبوستها فلانه حافظ لما يصل اليه من فيض الفاعل وذلك ظاهر فاذا تحققت هذه العناصر الاربعة في كل مذروء ومبروء فكل شيء لا يخلو منها وجميع الاختلافات الواقعة في الوجود من الاختلافات الصورية في الكم والكيف والجهة والوضع وغيرها كلها من جهة اختلاف قرانات هذه العناصر واختلاف جهات تراكيبها وكل هذه القرانات انما حصلت من نسبة تلك العناصر بعضها مع بعض الا ان في بعض الاشياء ظهر مقتضي اختلاف تلك القرانات وفي بعضها خفي وفي بعضها قل وفي بعضها كثر وفي بعضها صغر وفي بعضها كبر والا ففي كل شيء معنى كل شيء كما قال الشاعر :

كل شيء فيه معنى كل شيء فتفطن واصرف الذهن الى

كثرة لا تتناهى عددا قد طوتها وحدة الواحد طي

فاذا اردت ان تعتبر ما ذكرنا فانظر في علم الرمل فان اصله اربع نقط الاولى للنار والثانية للهواء والثالثة

للماء والرابعة للتراب هكذا

ثم لوحظ نسبة هذه الاربعة بعضها مع بعض في اول الملاحظة فاستخرجت منها ستة‌ عشر شكلا وكل شكل اختص بشيء حسب ما تقتضيه ( يقتضيه خ‌ل ) من كينونة الطبيعة الموجودة فيه فمن هذه الاشكال علماء الرمل يستخرجون جميع الاحوال الموجودة في العالم من الغيب والشهادة والذوات والصفات والالوان والطعوم والروايح والارضيات والفلكيات والبريات والبحريات وغيرها من الحالات انظر كيف استخرجت تلك الحالات كلها من قران هذه العناصر بعضها مع بعض ومثال آخر هو ان جميع الاحوال الثابتة للعدد من الكسر والجذر والجمع والقسمة وغيرها ثابتة لكل مرتبة من مراتبه الا ان كلما كان التفصيل اكثر ظهور هذه الاحوال اشد انظر في الالوف تجد هذه الاعراض والاحوال كلها ثابتة هناك على اكمل التفصيل وكذلك في المئات الا انه اقل بالنسبة الى تلك التفاصيل وكذلك في العشرات الا انه اقل واما في الآحاد فقليل بحيث لا يكاد يستبين الا في حال دون حال مثلا قالوا للتسعة تثبت التسع والثلث خاصة والجذر ايضا وفي الثمانية الربع والنصف والثمن وليس فيها ( ليس هذا خ‌ل ) جذر وانما هي اصم وهكذا مع ان كل تلك الاحوال ثابتة في كل رتبة من الآحاد حتى في الواحد لكن من جهة خفائها وعدم ظهورها نفوها في مقام واثبتوها في مقام وهكذا الموجودات في كل موجود سر جميع الموجودات الا انها تختلف في ظهور تلك الاسرار والاحوال وخفائها كيف وقد قال عز وجل ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت و( وايضا خ‌ل ) قال ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وهذا هو الحكم في كل ما ينسب الى الله سبحانه الا ترى القرآن فان كل حرف يشتمل على جميع ما يشتمل عليه الكل وقد اشار اليه امير المؤمنين عليه السلم في الحديث المشهور من ان كلما في القرآن في الحمد وكلما في الحمد في البسملة وكلما في البسملة في الباء وكلما في الباء في النقطة الحديث واشار اليه مولينا الباقر عليه السلم ايضا بقوله عليه السلم لو شئت لاستخرجت جميع ما يحتاج اليه الخلق من ( من لفظ خ‌ل ) الصمد انتهى وذلك لما ذكرنا لك بل كل حرف وكل كلمة فيها هذه الخاصية ولما كانت الصورة الانسانية كما قال امير المؤمنين عليه السلم الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب وهي الحجة على كل جاحد وهي الصراط المستقيم وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار انتهى وهي اشرف الهياكل والصور والانسان هو الجامع المملك وعنده علوم المبدء والمعاد وتفاصيل الحقايق والوجودات فصلت تلك الاحوال فيه وظهرت باوضح الوجوه وخفيت تلك الاحوال في غيره الا في المولود الفلسفي فان المراتب هناك ايضا مشروحة مفصلة ولذا قالوا ان الاناسي ثلثة وكل واحد ينبئ عن الآخر الانسان الكبير وهو عالم ( العالم خ‌ل ) الكبير مجموع ما سوى الله على جهة التفصيل رجل واحد يعبد الله ويوحده كما قال تعالى وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وما امرنا الا واحدة والانسان الوسيط وهو المولود المكرم عبد الواسع وعبد الكريم وعبد العزيز وانا سميته عبد الله وهو الحجر المكرم وسماه امير المؤمنين عليه السلم اخت النبوة وعصمة المروة والحكماء يسمونها مرآة الحكماء وفيه جميع ما في العالم الاكبر بل الحكماء لما ارادوا معرفة الصنع والايجاد وحقيقة الخلق عرفوها بالنظر في كيفية تدبير هذا المولود ولذا سموه مرآة الحكماء والانسان الصغير وهو ( الصغير هو خ‌ل ) آدم واولاده فانه جامع لجميع ما في الامرين الا ان معرفته ومعرفة الخط المكتوب فيه دقيق جدا لا يهتدي اليها الا من اشهده الله خلق نفسه فاذا عرف نفسه عرف جميع الكائنات لان نفسه مختصرة من اللوح المحفوظ الذي فيه كل ما كان وما يكون الى ما لا نهاية له ففي الانسان جميع ما في الكون من الغيب والشهادة والبسيط والمركب والمجرد والمادي والعالي والداني واللطيف والكثيف والقوي والضعيف والظالم والعادل والصالح والطالح والمؤمن والكافر والملك والجن والعقل والجهل والعليين والسجين والسموات السبع والارضين السبع والعرش والكرسي واللوح والقلم ومقام قاب قوسين واو ( قوسين او خ‌ل ) ادنى ومقام المعرفة والانكار واليقين والشك والعلم والجهل والملئكة المقربين والانبياء المرسلين وغيرهم والمؤمنين الممتحنين وغيرهم ومراتب القيومية وتقوم الاشياء بمباديها بالقيامات الاربعة الصدوري والركني ( الركني والظهوري خ‌ل ) والعروضي واحاطة العالي على السافل وكيفية ارتباط العوالم الالف‌ الف بعضها مع بعض وكيفية التقاء عالم الغيب بعالم الشهادة وكيفية صدور الكثرات من الواحد من جميع الجهات ومعرفة الخلق والرزق والحيوة والموت وبيان الآجال والارزاق والبدا ووقوع المحو والاثبات والمشية والارادة والقدر والقضاء والامضاء والاذن والاجل والكتاب وان كل ممكن زوج تركيبي ومعرفة العلم والقدرة وساير الصفات الذاتية والفعلية ومعرفة العلم بالعلم والعلم بالجهل والجهل بالعلم والعلم في الجهل والظلمة في النور والنور في الظلمة وهكذا ساير الاطوار والاوطار والادوار والاكوار والاحوال ما تختلف عليه ( اليه خ‌ل ) الليل والنهار كلها على جهة البسط والتفصيل ولذا قال صلى الله عليه وآله اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه لان الرب سبحانه لا يعرف من جهة ذاته وانما يعرف بآثاره وكلما كانت المعرفة بالآثار اكثر واعظم كانت المعرفة بالمؤثر اكثر واعظم فوجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) النفس الانسانية جامعة لتلك الآثار والاحوال والشئونات كلها حتى يكون الاعرف بها هو الاعرف بالله سبحانه واما الاشارة الى تفاصيل ( تفاصيل وجود خ‌ل ) تلك الامور على الحقيقة في الانسانية فهي ( في الانسان وهي خ‌ل ) وان كانت في غاية الصعوبة الا ان الفقير الحقير كتبت الاشارة الى اغلب الانواع واكثرها في اجوبة بعض المسائل تركت ذكرها هنا خوفا للتطويل ولعدم الاقبال وان كان فيما ذكرنا كفاية للعارف الا ان من يطلب الزيادة فعليه بمطالعة تلك الرسالة والله ولي التوفيق ولا حول ولا قوة الا بالله

قال سلمه الله تعالى : الثانية - قوله عليه السلم كما في حيوة النفس في بيان الصراط انه جسر ممدود على جهنم الى الجنة اول عقبة منه بالمحشر صاعدا يصعدون اليه في الف سنة صعود والف سنة نزول وبينهما الف سنة حدال وفيه على الحدال خمسون عقبة كل عقبة تقف فيها الخلايق الف سنة وهو احد من السيف وادق من الشعر انتهى ما المراد بالجسر وامتداده وما المراد بانه على جهنم الى الجنة وما المراد بالصعود والنزول والعقبة وتعددها والوقوف عليها بين لي حرسكم الله من الآفات والبليات وعلمكم الله ما لم ‌تعلم بحق علة الموجودات وحشركم الله مع ساداتكم في بحبوحات الجنات

اقول اعلم ان العلماء اختلفوا اختلافا عظيما في احوال الآخرة وتعيين حقايقها مثل الصراط والميزان وتجسم الاعمال وتطاير الكتب وامثالها وذلك لاختلاف الاخبار الواردة في هذه الاحوال وكونها من الامور الغيبية المغطاة بالحجب النورية وهي بعيدة المنال ومنيعة الوصال ولولا تواتر الاخبار واجماع المسلمين على هذه الاشياء وتحققها لانكرها كثير من عقول الرجال كما انكرها الذين لم ينتحلوا الاسلام والمنتحلون ايضا اولها طائفة الى الاحوال الباطنية وجعلها من باب الاشارات لا ان المراد منها مدلول تلك العبارات وطائفة اخذت ظواهر بعض الاخبار وحملتها عليها واولت الاخبار المعارضة او طرحتها فوقع بينهم الاختلاف لترجيحهم الاخبار لان جهات الترجيح بحسب الانظار مختلفة ومقامات اهل الترجيح متفاوتة واني اذكر لك ما صح وخلص لدي في ذلك من دليل الحكمة فان وفقك الله لفهمه فقد اخذت النصيب الاوفى بالمعلي والرقيب اعلم ان الحق في المسئلة ان الصراط كما ذكره شيخنا واستادنا اطال الله بقاه وجعلني فداه في حيوة‌النفس انه الجسر الممدود بين الجنة والنار ولا ينافي ( لا ينافي ذلك خ‌ل ) ما روي انه امير المؤمنين عليه السلم واولاده الطاهرون ( الطاهرين خ‌ل ) عليهم السلم وما روي انه الاعمال والاعتقادات وما روي انه اثنان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة والوجه في ذلك ان الصراط هو الطريق الذي جعله ( جعل خ‌ل ) الله سبحانه لخلقه في امداده اياهم واستمدادهم منه تعالى على جهة الموافقة وذلك الطريق الذي هو من الله سبحانه الى الخلق ومن الخلق اليه تعالى اي الى قربه ورضاه ودار ثوابه هو المدد الذاتي المعبر عنه بالامر التشريعي الظاهر بالامر الكوني ( التكويني خ‌ل ) حين قال للشيء كن فيكون وهو النور الالهي والخطاب الشفاهي والنقش الفهواني وهو الرابطة بين فعله تعالى وبين خلقه وهو المفعول المطلق ولما كان ذلك النور ( لما كان النور خ‌ل ) الصرف لا يظهر ولا يوجد الا بالحدود والمشخصات وجهات الانيات بتلاحق الروابط والقرانات خلق سبحانه تلك الحدود والاحوال واستودع ذلك النور فيها ولما كانت تلك الحدود هي الماهية وهي جهة البعد عن المبدء ومقام الكثرة كانت اقتضاءاتها ضدا لاقتضاء ذلك النور فيكون هو النور وهي الظلمة وهو الرحمة وهي الغضب وهما الاصلان وعليهما مدار الايجاد ولما تنزلت المراتب وتعددت ظهرا في عالم تلك المرتبة ( الرتبة خ‌ل ) على مقتضاها وهيئتها وقابليتها ففي عالم المعاني ظهر الاول على هيكل الكليات ( الكليات وخ‌ل ) النورية الحقيقية الحقة وظهر الثاني على هيكل الشك والظلمة وفي عالم الصور ظهر الاول على الصورة الانسانية فتعددت جهاتها في الظهور فكانت افلاكا وكواكب وبروج وامثالها وظهر الثاني على مقابلات ذلك فلما تمت المراتب في المبدء الاول وانتهت الى عالم الاجسام ظهر الاول على احسن الصور والهياكل والاحوال الممكنة وهي الجنة وظهر الثاني على اقبح ما يمكن منها وهي جهنم فلهما ثلثة ( ثلث خ‌ل ) مقامات مقام المزج التام ومقام المزج على جهة الامتياز ومقام الامتياز فظهر الصراط الذي هو الطريق الى الله سبحانه للخلق والطريق الى الخلق لله سبحانه في عالم المزج التام الذي في هذه الدنيا بصور الاوامر والنواهي والانبياء والمرسلين اي بما ظهر منهم للرعية وظهر في مقام المزج مع الامتياز في القيامة جسر ممدود على جهنم لان ذلك النور هو الوجه الاعلى لانه الوجه الى المبدء وجهنم هي مقتضى تلك الحدود والانيات فهي الاسفل ولا يصفو لك الخير الا بعد الامتياز التام فقبل ( فقبل المنير خ‌ل فقبل الامتياز نسخة ) فالطريق والصراط موضوع ممدود على جهنم وهو ادق من الشعر لاهل الظلمة والغالب عليهم آثار الماهية حتى خفي النور واستتر الظهور واحد من السيف يشق الاقدام ولا يمكن لهم عليه القرار والاستقرار وهو قوله تعالى وانها لكبيرة الا على الخاشعين واما للمتمسك ( المتمسك خ‌ل ) بحبل الله المتين والسالك سبيل امير المؤمنين واولاده الطيبين صلى الله عليهم اجمعين فهو اوسع من السماء والارض والناس على اختلاف مراتبهم ومقاماتهم في الوفاء بالعهد في هذه الدنيا يمشون عليه فمنهم من يمر كالبرق الخاطف ومنهم من يمر كالفرس الجواد المسرع ومنهم من يمر كالماشي ومنهم من يمر حبوا اخذ النار بعضه وترك بعضه ومنهم من ينكب عن الصراط حتى يخر في جهنم نعوذ بالله من غضب الله فمن غلبت عليه ظلمة الماهية حتى اوقعته في عداوة اهل البيت عليهم السلم هو الذي يهوي ويخر كما هوى وخر في هذه الدنيا وساير المراتب بنسبة نظرهم الى الماهية وعدم نظرهم اليها فالنار هي الماهية والوجود اي الظاهر بالتكليف والامر والنهي في هذه الدنيا هو الصراط وهو ممدود على متن جهنم ويظهر بالصورة الاصلية في القيامة فافهم فانه مسلك صعب وعر واسئل الله لفهمه فاني ماصرحت بالمراد وانما رمزت بالمطلوب لان التصريح يحتاج الى تمهيد مقدمات كثيرة وتطويل البيان والمقال وليس لي الآن ذلك الاقبال وبالمشاهدة والمشافهة ربما تحظى بالمطلوب والى الله سبحانه ترجع الامور وبعبارة اخرى اسهل من الاولى ان الصراط هو اعمالك التي تسير بها وعليها والصراط الذي يوصلك الى الجنة هو سيرك باقدام اعمالك ونظر علمك ومعرفتك على حدود الله وتعريفه للهدي وتعرفه لك بآياته التي في نفسك فان صورة هذه الحدود والتعريفات والتعرفات بآياته هي الصراط الممدود يوم القيمة على جسر جهنم وهو الكلي الجامع لجميع الصراطات الجزئية وسيرك على تلك الحدود والمعالم التي هي الصراط الاعظم الممدود على متن جهنم باقدام اعمالك وبعيني علمك ومعرفتك هو صراطك الخاص بك الموصل لك الى ما خلقت لك وهو في هذه الدنيا ايضا موجود غايب عن الابصار كساير الحقايق الغائبة عن الابصار من حيث الصورة الصراطية اعني انه جسر ممدود على جهنم لا تشاهد له صورة معينة وانما يشاهد منه الاعمال والعلوم لان المشاهد ( المشاهدة خ‌ل ) هو النفس ولكنها لما نزلت من عالمها الاعلى وغطت بصيرتها الاجسام واحوالها فلما امرت بالمرور على الصراط في الدنيا لم تشاهد جسرا ممدودا على جهنم لان بصيرتها غطتها غشاوة الاجسام وطبايعها فاذا امات نفسه وراضها برياضة اهل الشرع عليهم السلم اجتمع متفرقها فعاينت عملها وعلمها جسرا ممدودا على ( على جهنم اي خ‌ل ) متن طبيعتها المكني عنها بجهنم لان سلوك مقتضاها مؤدي الى جهنم لانها خلقت منها او مجانسة لها ( بها خ‌ل ) وكذا اذا كشف الغطاء يكشف لك يوم القيمة جسرا ممدودا محسوسا على متن جهنم اوله في الموقف وآخره على باب الجنة ان كان مستقيما وانما كان الصراط على هذه الهيئة اي مسيرة ثلثة‌ آلاف سنة الف سنة صعود والف سنة نزول والف سنة حدال وفيه خمسون موقفا تقف الخلايق في كل موقف الف سنة لان الصراط الموصل الى الجنة كما ذكرنا هو الماء النازل من سماء الفيض والكرم المحدود بصور الاعمال الصالحة اوله في اول الموقف وهو عالم الاظلة حين قال الله سبحانه للخلق الست بربكم ولما كان الظهور الكلي لهذه المسئلة واقترانها بالاجابة انما كان في الذر الثاني اي حجاب الملكوت وباب الجبروت اي عالم النفوس كان المحشر العام والقيمة الكبرى انما هو في ذلك الموقف والخلق يسيرون اليه بعد ما نزلوا منه فاذا ( فلما خ‌ل ) وصلوا اليه ظهر لهم انه هو الذي كانوا فيها وهو قول مولينا الصادق عليه السلم ثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه يوما ما انتهى وهو يوم الفزع الاكبر يوم القيمة والا فهو امر مستمر ممتد من اول الوجود الى تمام نهاية الشهود اي من الازل الى الابد الذي هو عين ذلك الابد في مقام الخلق وآخر الصراط المتصل بالجنة هو تمام قولهم بلي ( بل خ‌ل ) بجميع حدودهم في ذلك اليوم اي يوم العرض ( الفزع خ‌ل ) الاكبر فيصعدون الف سنة ليسمعوا نداء الست بربكم وذلك من سني هذه الدنيا لان بين الدنيا التي هي عالم الاجسام اربعة عوالم وكل عالم اوسع من الاسفل الذي تحته فتتسع الدائرة حتى يبلغ الواحد في السافل الى الالف في الاعلى لان اول المراتب الآحاد والرتبة الثانية العشرات والثالثة المآت والرابعة الالوف وهو قوله تعالى وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون فما في ذلك العالم من المدد والاوقات بالنسبة الى هذه الدنيا نسبة الالف الى الواحد والمراد بالسنة هي المرتبة اذ ليست هناك ازمنة سيالة بل الاوقات والازمان كلها قارة متحققة ( محققة خ‌ل ) فصعدوا في العالم الاول حتى سمعوا النداء الف سنة كما ذكرنا ثم اجابوا ولبوا بجميع مراتبهم ومقامات حدودهم وكلياتها خمسون وهي خمسة عوالم في عشرة عوالم فالخمسة الاول عالم الجبروت وعالم الملكوت الاعلى والملكوت الاوسط والملكوت الآخر وعالم الاجسام والثانية عالم القلوب عالم الصدور عالم العقول عالم العلوم عالم الاوهام عالم المواد والذوات عالم الخيالات عالم الافكار عالم الحيوة عالم الابدان والحاصل من المجموع هو الخمسون وكل مرتبة من هذه المراتب له ظهور حكم من الاحكام الالهية غير ( الغير خ‌ل ) المرتبة الاخرى وهكذا فوجب الانتظار حتى يقطع هذه المسافات فاذا بلغ النداء الى تمام الخمسين ولبت تمام المراتب ذلك النداء على وفق المدعا تهيأت وصلحت لدخول الجنة ثم دخلت الجنة فهنا مقامات ثلثة الاول مقام التكليف والثاني مقام قبول التكليف على جهة الاجمال والتفصيل ( على جهة التفصيل خ‌ل ) والثالث تمام القبول والتهيؤ لبلوغ ( لقبول خ‌ل ) المأمول والميل والتعلق ولما كانت هذه الاحوال كانت على الصراط المعنوي والصراط الصوري صورة ذلك المعنوي ( المعنى خ‌ل ) وجب ان يظهر على هذه الهيئة ويمكن ان يكون المراد بالقوس الصعودي هو صورة صعود العباد بالتكاليف ( بالتكليف خ‌ل ) والمواقف حدود جريان التكاليف في المراتب والقوى والمشاعر واجراء مقتضياتها عليها والقوس الآخر هو تمام التهيؤ لدخول الجنة بعد الفراغ من حساب تلك المراتب في تلك المواقف ويمكن ايضا ان تكون المراد بالمواقف الخمسين هو امتثالهم لقوله تعالى الست بربكم الظاهر بالاوامر والنواهي في يوم البدو ليستحقوا الجزاء في يوم العود ( في العود خ‌ل ) الذي هو يوم البدو كما قال تعالى كما بدءكم تعودون وذلك اليوم بليلته يكمل في اربعة وعشرين ساعة والمراد باليوم هو الجهة العليا من الشيء وبالليل هو الجهة السفلى منه كما قال تعالى والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى في التأويل والباطن والمراد من الساعات المذكورة هي الاحوال والمراتب المتحصلة من ملاحظة الطبايع الاربع في المشخصات الست وبين الطلوعين ساعة وهي ملتقى العالمين ومجمع النار والثلج في الملك الذي خلق الله سبحانه نصفه من النار ونصف ( النصف خ‌ل ) الآخر من الثلج والنار هي الجهة العليا لكونها وجه المبدء والثلج هو الوجه ( الجهة خ‌ل ) الاسفل لكونه طبع المرأة وطبع الليل فيكون الساعة المذكورة معتدلة في الطبيعة مؤتلفة في الحقيقة وفي كل من هذه الساعات التي هي حدود الانيات بملاحظة ظهور المادة واصل الوجود فيها مقامان مقام الغيب و( ومقام خ‌ل ) الشهادة ومقام الاجمال والتفصيل ومقام الامر والنهي ومقام الاقبال والادبار فيكون الحاصل من ملاحظة جملة الاعداد خمسين وفي كل عالم ( مقام خ‌ل ) اقتضاء وحكم وتكليف وامر ونهي وكل عمل وامر ونهي يقتضي جزاء خاصا به فوجب ( فيجب خ‌ل ) ان يكون الصراط الممدود على جهنم جسرا محدبا مشتملا على ثلثة قسي وليس هذا الصعود والنزول هو القوس الصعودي والنزولي كما توهمه البعض فان النزول قبل الصعود لا العكس وانما هذا النزول هو اصل الصعود لكنه لما كان نزولا الى مقامه ومنزله سمي نزولا او من جهة السكون بعد الاضطراب والاجتماع بعد التفرق والشتات والوقوف بساحة القدس بعد كمال الخوف وامثال ذلك من الاحوال سمي نزولا قال شيخنا اطال الله بقاه في شرح الزيارة الجامعة : حدال كغراب من قولهم قوس محدلة اي تطامنت احدى سيتها والسية بالكسر مخففة ما عطف من طرفيها والمراد من حدال بالمهملتين الميل اي الانعطاف وقال الأميرزا محمد المشهدي بن محمدرضا بن اسماعيل بن جمال ‌الدين القمي صاحب التفسير في حاشية منه الاظهر انه بالذال المعجمة وكاف الخطاب والمعنى حذاء وجهك وهو ما ليس بصعود ولا هبوط انتهى وجعل المشهور في النسخ وهو حدال احتمالا اقول وهذا هو الاظهر كما هو الموجود في اكثر النسخ ويحتمل بالحاء المهملة والذال المعجمة بمعنى المايل فيفيد معنى حدال بالدال المهملة لانه يقال حذلك مع فلان اي ميلك والحاصل ان حذاك بكاف الخطاب لا يدل على انعطافه بخلاف حدال باللام فانه يدل على الانعطاف لان هذا الجسر الممدود على جهنم هو طريق الصعود بالتكاليف وهو قوس الصعود فيكون وسطه الذي هو ثلث القوس الاوسط منعطفا وانما ذكر صفة الوسط الذي هو معترك التكاليف وفيه خمسون موقفا يمكثون في كل موقف للحساب الف سنة وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون فيكون مكث الخلايق في الحدال خمسين‌ الف سنة في يوم كان مقداره خمسين ‌الف سنة فاصبر صبرا جميلا وانما ذكر ونبه عليه بانه حدال لئلا يتوهم من قوله الف سنة صعود والف سنة نزول ان الوسط كان مستقيما بالمعنى المصطلح عليه عند اهل الهندسة وهو اقصر الخطوط الواصلة بين النقطتين ونبه ببيان الوسط بانه معطف ( منعطف نسخة ) على انعطاف الطرفين لكونه في نفسه خطا واحدا والا لكان ثلثة واما انه مستقيم في نفسه على المعنى الحقيقي من اللغة العربية الالهية فلانه لا حيف فيه ولا اعوجاج بالنسبة الى من يمر عليه كالبرق الخاطف والجواد السابق ومن دونهما والى من يحبو حبوا والى من تأخذ النار بعضه والى من يسقط فيها على اختلاف المراتب من الطرفين شدة وضعفا وانما يسير عليه الخلايق باعمالهم فهو بعمل العامل العارف كما بين الارض والسماء وبجهل الجاهل وعدم علمه ادق من الشعر واحد من السيف يعني يضطرب كالشعر ويشق الاقدام كالسيف فهو في نفسه لا يتغير وانما يتسع ويضيق بالاعمال مثاله في دار التكليف مسئلة دقيقة المأخذ محفوفة بالشبه فمن عرفها كما هي وتكرر فيها بالعمل كالتعريف والتبيين والتمثيل كان سيره فيها مع دقتها كالبرق الخاطف فهي له كما بين الارض والسماء ومن لم‌ يعرفها سقط في الظلمة التي لا يهتدي فيها الى مدخل ومخرج ومثوى فهي له ادق من الشعر واحد من السيف فافهم الاشارة فان هذا الخبر اذا وصلت الى اصله وجدته عيانا انتهى كلامه طول الله عمره وجعلني فداه وانما ذكرت كلامه تيمنا وتبركا والا فاكثر ما فيه قد ذكر ( ذكرنا خ‌ل ) سابقا وبه نختم الكلام ليكون ختامه مسكا تأمل في حدود ما ذكرنا تجده وافيا لجميع ( بجميع خ‌ل ) ما سئلت والله ولي التوفيق

قال سلمه الله تعالى : الثالثة - قوله عليه السلم كما في الكافي الى ان قال عليه السلم فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك وعبد اثنين الخ ما المراد بالاسم الذي عني عليه السلم بقوله وما المراد بالمعنى وما الفرق بين هذا المعنى والمعنى الذي هم يقولون عليهم السلم نحن معانيه والمعبود لا يكون من المعنى مع انه عليه السلم يقول انا الذي لا يقع على اسم ولا صفة مع انه مخلوق مربوب محتاج فقره فخره كيف ذلك وما الفرق بين المعنى والمسمى والمصداق والمفهوم طول الله عمركم وزاد الله في توفيقكم ( زاد الله توفيقكم خ‌ل )

اقول الاسم هو الشبح المنفصل والمثل بفتح الثاء الذي لا فرق بينه وبين الممثل المسمى الا انه عبده وخلقه فتقه ورتقه بيده بدؤه منه وعوده اليه ولا يعرف الا بذلك المثل والصفة والشبح والهيكل والمثال وامثالها من العبارات وذلك لمن كان تحت رتبة المسمى ( المسمى واما اذا كان في رتبة المسمى خ‌ل ) او اعلى منه فلا يحتاج الى الاسم ( اسم خ‌ل ) فيدركه بذاته واما الذي تحته فلا يعرفه الا بحجاب ذاته وذلك الحجاب هو الاسم وقد يطلق عليه الآية كما في قوله تعالى سنريهم آياتنا وهي ذلك الاسم والمثال كما في قوله عليه السلم فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله وهي التجلي كما في قوله عليه السلم لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها و( وقد خ‌ل ) يطلق عليه المقام والعلامة كما في الدعاء ومقاماتك وعلاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك الدعاء مثال ما ذكرنا شعاع الشمس الواقع على المرآة فانه على مثال الشمس لا فرق بينها وبينه الا انه عبدها وخلقها لكنها القت مثالها في هوية المرآة لتعرف به فانت حين التفاتك في المرآة ملتفت الى الشمس بظهورها بذلك الشعاع في المرآة لا الى نفس الشبح الظاهر في المرآة فانه ليس بشيء ولا تحقق له الا بها فلو قصرت نظرك الى ذلك الشعاع فقد وقع نظرك على الباطل الزايل بل ليس شيئا الا بالمقابل فالنظر الى الصفة مستقلة نظر ( نظرا خ‌ل ) الى اللاشيء لان الصفة من حيث هي لا تستقل وتعدم عند انقطاعها عن الموصوف فالنظر الى الصفة من حيث هي مع قطع النظر عن الموصوف نظر الى العدم فافهم اذ الصفة بغير الموصوف عدم والموجود حينئذ شيء آخر لا صفة وكذلك من نظر الى اسماء الله وصفاته الدالة عليه الظاهرة في الآفاق وفي انفس الخلايق وجعلها مستقلة في ايقاع العبادات وساير التوجهات فقد كفر ولم يعبد شيئا لان تلك شبح ومثال لا قوام لها الا بالممثل الموصوف فالنظر اليها دون الموصوف نظر الى السراب حتى اذا جاءه لم يجده شيئا وهذا هو الرد الصريح على الملاحدة الصوفية الذين يزعمون ان المرشد هو الدليل الموصل الى الله سبحانه فالسالك اولا يقطع السبيل مع الدليل حتى يصل ( وصل خ‌ل ) الى المطلوب فيجب عليه اولا ان يتصور صورة المرشد في اوقات عباداته وطاعاته حتى يفني فيه فيتجاوز عنه الى تصوير صورة الامام حتى يفنى فيه فيتجاوز ( فيتجاوز عنه خ‌ل ) الى تصوير صورة النبي (ص) حتى يفني فيه فاذا قطع هذه السبل كلها فيقطع التفاته عن كلها حتى يحصل له مقام الفناء في الله بعد حصول مقام الفناء في النبي والفناء في الامام والفناء في الشيخ لان الدليل هو الاسم للمدلول كما قال عليه السلم الاسم ما انبأ عن المسمى فكل منبئ هو الاسم ولا شك ان صورة المرشد من حيث الحدود الانسانية حجاب لا دليل ولو فرضناه دليلا من جهة التسليم في مقام من المقامات لا يجوز ايقاع العبادات وقصر النظر على الاسم فانه كفر لا تقع عبادته على شيء الا على سراب ظنه الجاهل ماء بل ربما لم يظنه ماء والا لم يقل انه دليل وكذلك امر عبدة الاصنام لما قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقالوا مانعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى واما اذا لم ‌يقصروا نظرهم على الاسم بل نظروا على الاسم والمسمى معا واوقعوا العبادة لهما فان ذلك شرك حيث جعلوا مع المعبود غيره وشركوه ( شركوا خ‌ل ) في عبادته وطاعته وكذلك ايضا لو التفت الى المسمى واوقع العبادة عليه وهو حينئذ ذاكر للاسم فانه ايضا شرك لان الاسم اثر وشبح وهيكل والمسمى هو المؤثر لا يجمعهما صقع واحد حتى يلتفت اليهما دفعة واحدة فذكرهما معا دليل جعلهما في رتبة واحدة فقد جعل معه سبحانه في رتبته غيره وان لم يقصده بالعبارة ( بالعبادة خ‌ل ) لكنه يلزمه ذلك واعلم ان المسمى والمعنى اذا اطلق يراد به احد معنيين احدهما المدلول عليه اللفظ الموضوع له وكذلك الموصوف اي المقترن بالصفة وهذا لا يصح استناده الى الله عز وجل لان فيه اقتران والاقتران يشهد بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث وليس هذا هو المراد بالمعنى والمسمى والموصوف فيما قدمنا من الكلمات وليس مراد الامام عليه السلم هذا المعنى عند قوله ومن عبد الاسم دون المعنى اه كيف ( وكيف خ‌ل ) وهو عليه السلم يقول كما في الكافي ان الله ليس بمسمى وثانيهما المقصود من اللفظ والمراد من التعبير لا لكونه موضوعا له اللفظ والاسم او مقترنا بالصفة كما اذا قلت القائم وعنيت به الذات من غير التفاتك الى جهة القيام والاثر والفعل وغير ذلك فقد دلك هذا اللفظ مثلا على ذات زيد فيقال انها مدلولة عليها بذلك لكن لا من جهة انها موضوع لها والمدلول عليها من جهة الوضع او ( وخ‌ل ) الارتباط والاقتران بل من جهة ان الذات لما غيبت الصفات فاذا ذكرت الصفة تضمحل دونها وتبطل لديها فهي اظهر من كل آثارها وصفاتها فلا تفقدها حيث لا تجدها وتجدها حيث تفقدها ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ولا يسمع فيه صوت الا صوتك ولا يري نور الا نورك الا الى الله تصير الامور فافهم راشدا وهذا الذي ذكرنا لك هو الذي عناه عليه السلم بقوله الاسم والمعنى في هذا الحديث المبارك واما المعنى في قولهم عليهم السلم ( قوله عليه السلام خ‌ل ) نحن معانيه ففيه معنى يجب على ان اكتمه لان ذلك من الحرف التاسع التي كانت بين موسى وهرون عليهما السلم وكتمها على بني‌اسرائيل مع الحرف الثامن لان التورية نزلت على تسعة احرف اظهر موسى عليه السلم لبني ‌اسرائيل سبعة منها وكتم عنهم حرفين وهذا من التاسع والوجه الآخر هو ان المعنى في هذا المقام غير المعنى الذي هو مدلول اللفظ وانما هو في مقابلة العين والذات لانهم قالوا الاشياء اما ذوات واعيان او معان وصفات ولذا اشتهر عند اهل اللغة خصوصا النحاة ان الاسم على قسمين اسم عين واسم معنى فما وضع للذات فهو اسم العين وما وضع للصفة فهو اسم المعنى وارادوا بالمعنى هو الآثار اي مبادي الاشتقاق فمعاني زيد مثلا قيامه وقعوده واكله وشربه ونومه ويقظته وساير الاحوال التي يشتق منها اسم الفاعل كالقيام للقائم والقعود للقاعد وهكذا والله سبحانه معانيه مبادي اسمائه كعلمه وقدرته وجلاله وعظمته وارادته ومشيته وامره ونهيه وخلقه ورزقه وكبريائه ونوره ورحمته وقيوميته وبهائه وساير صفاته وهذه واشباهها هي حقايقهم عليهم السلم فهم علم الله المتعلق بالمعلومات والقدرة التي استطال بها على كل شيء والنور الظاهر في السموات والارض اذ لا شك انها امور حادثة لتنزه ذاته عن التعلق والارتباط والتشكيك والتعدد كما في قوله عليه السلم من علمك بانفذه وكل علمك نافذ فاذا كانت حادثة يجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) في اول الحوادث والمخلوقات وقد اجمع المسلمون ( المسلمون على خ‌ل ) ان محمدا صلى الله عليه وآله اول الحوادث لم يسبقه خلق وقد اجمع الفرقة المحقة ان الائمة عليهم السلم معه في رتبته لان الله تعالى علاهم بتعليته وسما بهم الى رتبته فتكون حقيقتهم عليهم السلم قبل تعينهم بالتشخصات الخاصة هي تلك المعاني وبذلك كانوا اركان التوحيد واركان الاسماء ( الاسماء بل هم الاسماء خ‌ل ) والصفات المحدثة الفعلية واما قولكم ان المعبود لا يكون معنى فاعلم ان هذا المعنى المنفي عن المعبود جل شأنه غير المعنيين الاولين لان المراد بهذا المعنى هو الحقيقة المجردة عن المواد النفسية والمثالية والجسمية والمدة المثالية والزمانية ( المثالية الزمانية خ‌ل ) المحدودة بالحدود الكلية التي يدركها العقل لذاته ويشير اليها بالجهات المعنوية بالحدود العامة فان ذلك لا يصح توصيف المعبود سبحانه وتعالى به لاستلزامه التحديد المستلزم للاحاطة المستلزمة للفقر المستلزم للامكان واما اذا اردت بالمعنى مجرد الوجود مع قطع النظر عن الحدود والجهات فذلك لا بأس به وقد وردت اطلاقات اهل البيت عليهم السلم بذلك انظر ( انظر في خ‌ل ) كتاب الكافي وتوحيد ابن ‌بابويه تجد كيف اطلقوا عليهم السلم المعنى عليه تعالى ويريدون بالاطلاق الذي ذكرنا لا المعنى المحدود واما قوله سلمه الله تعالى مع انه عليه السلم يقول الخ فيريد به ايراد ( ايراد وخ‌ل ) اعتراض وهو ان امير المؤمنين عليه السلم الذي هو المخلوق المربوب وصف نفسه بانه لا يقع عليه اسم ولا صفة فكيف يجوز ان يوصف الرب الخالق جل وعلا بالاسم والصفة والمعنى الجواب انه قال امير المؤمنين عليه السلم كمال التوحيد نفي الصفات الحديث فاثبات الصفة ليس في مقام الذات لانها متعالية عن ان يكون معها غيرها او تتطرق اليها جهة من جهات الكثرة فان الكمال المطلق هو الوحدة المطلقة الغير المشوبة بشيء من احكام الكثرة لانها نقص في نفسها مع ما يلزم على تقدير وقوعها من التركيب والاختلاف والتحديد والجهة والتجزية وامثال ذلك فاذن ليس مع الذات الاقدس سبحانه وتعالى غيره فكماله توحيده فالاسماء والصفات انما هي للظهورات الفعلية وهي جهات الانباء عن الذات سبحانه وتعالى بلا كيف فالاسماء الحسنى بها يتوجه الى الله عز وجل وهي حقايق المخلوقات فان كل احد يتوجه الى الله سبحانه بما يجد في نفسه من آثار صنعه وصفات قدرته وتلك هي حقيقته وبها يوحد الله عز وجل ويعرفه فصفات الله هي حقايق المخلوقات وهي صفات فعلية لا صفات ذاتية ولذا كان الاسم غير المسمى والصفات غير الموصوف وهو قوله عليه السلم لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة فلو كان المراد هي الصفات الذاتية لماجازت المغايرة وتلك الصفات هي التي تدل على الله سبحانه دلالة رسم لانه ( لانها خ‌ل ) صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له واما الصفات الذاتية وتعددها فانما هو من جهة التعلق واما الذات فهي واحدة بكل اعتبار واما معنى قوله عليه السلم انا الذي لا يقع على اسم ولا صفة فاعلم ان كل احد له مقام لا يقع عليه اسم ولا صفة وهو مقام حقيقة ذاته المجردة عن جميع الشئون والسبحات وعوارض الانيات ولوازم الماهيات لان الصفة جهة التعلق وهي غير الذات وكذلك الاسم يستدعي جهة غير الذات اذ جهة المسمى غير جهة الذات البحت فاذا ارتفع عن كل النسب والاضافات كان حينئذ اسما لله سبحانه يدل على توحيده دلالة رسم كما يدل كلمة لا اله الا الله على التوحيد فان حقيقتك تلك الكلمة المباركة فما دام لك ذكر في ذاتك لم تتمحض في الاسمية فاذا انقطعت عن كل اوصافك وسلبت عنك اضافاتك كنت اسما تدل على توحيده سبحانه وصفاته ولما كان مولينا امير المؤمنين عليه السلم هو الاسم الاعظم والآية العظمى والمثل الاعلى وكلما عداه انقطاع الاضافات عنه اضافي سواه اذ لا احد فوقه ولا رتبة اعلى من رتبته فذوات الخلايق ( الخلق خ‌ل ) بالنسبة الى ذاته المقدسة مركبة تجري عليها الاحوال والصفات والاضافات وان كانت متمحضة في الاسمية بالنسبة الى انفسها وما دونها واما بالنسبة الى ما فوقها فلا تكون دليلا للتوحيد لانها جهات الانية وحدود الماهية فلا يوصف الله بها عز وجل ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله يا عليّ ما عرف الله الا انا وانت لانهما حقيقة واحدة على بعض الوجوه وكلما عديهما توحيدهم على مقتضى ذواتهم وحقايقهم ومداركهم شرك بالنسبة الى توحيدهما والطيبين من اولادهما صلى الله عليهما وآلهما ولذا نسب هذا المعنى الى نفسه الشريفة لانه روحي فداءه متفرد بهذا دون المخلوقين وهو الاسم الذي بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وباللون غير مصبوغ وبالتشبيه غير موصوف بريء عنه الامكنة والاقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وهو الاسم الاعظم وهو الاسم العلي وهو اسم الله الرضي وهو اسم الله هو لقوله تعالى وهو العلي العظيم وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم ولهذا الحديث وجوه كثيرة ذكرت اغلبها في شرح الخطبة الا ان بعض الوجوه لم يجر عليه قلمي ولم ينطق به فمي قال الشاعر :

اخاف عليك من غيري ومني ومنك ومن زمانك والمكان

فلو اني جعلتك في عيوني الى يوم القيمة ما كفاني

واما الفرق بين المعنى والمسمى والمصداق والمفهوم فاعلم انها قد يطلق احدها على الآخر حين التخاطب واثناء المحاورات الا انها اذا اجتمعت افترقت فالمعنى هو ما يقصد ( يصدق خ‌ل ) من اللفظ باصل الوضع وذلك ثمرة شجرة اللفظ متأخر عنه كما قال مولينا الرضا عليه السلم ما معناه ان الحروف ليس لها معنى في انفسها غير انفسها فاذا اردت تأليفها تؤلفها لمعني محدث لم يكن قبل ذلك فالمعنى لللفظ كالصورة الظاهرة في المرآة او ظهور المقابل فيها والمسمى ما وضع له الاسم ( وضع الاسم خ‌ل ) بازائه وهم مختلفون في ذلك هل هو الامر الذهني او الطبيعة الساذجة ( المازجة خ‌ل ) المطلقة اللابشرط او الموجود الخارجي كما هو الحق كما يشير اليه كلام مولينا الصادق عليه السلم يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس الحديث الا انه ( ان خ‌ل ) المسمى هو الوجه الواحد من ذلك الامر الخارجي هو وجه كونه مسمى وذلك هو الشبح المنفصل منه لا فرق بينه وبين الهوية الا الاصالة والفرعية والذي في اللفظ يدل على الشبح المنفصل من ذلك الشبح المنفصل لكن حين الالتفات اليه يلتفت الى المعنى الخارجي وان لم يصل اليه والمصداق هو ما يصدق عليه اللفظ وان لم يكن من ( عن خ‌ل ) الافراد الشايعة التي تحضر ( تخطر خ‌ل ) عند الاطلاق بل وكانت غير معروف في العرف وانما هي مهجورة او كان من افراد العام التي كثيرا ما يخرجها العرف والمفهوم ما يفهم من اللفظ في غير محل النطق وهو على قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة فمفهوم الموافقة ما يكون الخارج اولى بالحكم مما في محل النطق كفحوى الخطاب ومفهوم المخالفة هو المخالف لما يراد من ظاهر اللفظ كالمفاهيم العشرة ويسمي دليل الخطاب ويناسب ذكر المنطوق استطرادا وان لم يكن من السؤال والمنطوق هو الذي يكون في محل النطق صريحا كدلالة المطابقة او كالتضمن على الاصح او غير صريح وهو اللازم المقصود من اللفظ كدلالة الاقتضاء ودلالة التنبيه او لازما غير مقصود كدلالة الاشارة وتفصيل المقال لا يناسب هذا المقام لضيق المجال وكثرة الاستعجال وما انا عليه من غاية الاختلال وتبلبل البال والله ولي التوفيق

قال سلمه الله تعالى : الرابعة - بين لي حقيقة اللوح المحفوظ بل ظاهره وباطنه وكيفية كونه علة للاشياء وكيفية احصاء كل شيء وكتابته فيه هل هو صدر الامام عليه السلم كما هو المعروف من طريقتكم الشريفة ام شيء آخر كما قالوا وعلى الاول ما معنى ذلك وعلى فرض ثبوت ان ذلك كذلك كيف يكون شيء واحد ( شيئا واحدا خ‌ل ) صدرا لهم جميعا وكذلك العقل الكلي والطبيعة الكلية والمادة الكلية التي هي العرش الذي استوى عليه الرحمن مع انها كلها مقام الفرق والامتياز بين لي بيانا واضحا ونورا ساطعا

اقول حقيقة اللوح المحفوظ جوهرة نورانية شفافة براقة من زمردة خضراء مأخوذة عن ( من خ‌ل ) تحت جبل الاعراف في اعلى الفردوس في الجنة ثخنها الف ‌الف شبر وسعتها ما بين المشرق الاول والمغرب الاول عند بدو الوجود الذي يظهر في العود عند الكشف والشهود وعليها تمثال كلما خلق الله سبحانه في عالم الاكوان قد نقشها كاتب الازل بقلم الاختراع الذي هو اول غصن اخذ من شجرة الخلد من مداد بحر الصاد اي المداد الاول في الدواة الاولى اي القابلية الاولى فانتقش جميع ما كان وما يكون فيها الى ما لا نهاية له في الاكوار والادوار وما يحصل باختلاف الليل والنهار في الاعلان والاسرار من الظلمات والانوار فجف القلم وختم على فيه فلم ينطق ابدا وجميع التماثيل والصور والهياكل والاشباح المنقوشة في ذلك اللوح الجوهرة المجردة البسيطة كلها حدود بسم الله الرحمن الرحيم بل الاصل الذي تفرع عليه تلك الفروع كلها هو الباء في هذه الكلمة المباركة فافهم الاشارة ولا تقتصر على العبارة واما ظاهره فاعلم ان اللوح المحفوظ هو العالم الكلي بما فيه فانه لوح قد نقش فيه كلما يكون وما كان فان ما يكون قد كان في رتبة يكون الا ان الخلق من جهة عدم احاطتهم وعدم كليتهم ولجزئيتهم لا يحيطون بكلها علما دفعة واحدة ولا يقدر على تلك الاحاطة الا الخارج عن دائرة الاكوان في الوجود المقيد فالعالم هو الكتاب الاكبر وهو الذي اراد سبحانه بقوله تعالى وكل شيء احصيناه كتابا لقد احصى وكتب ونقش واوجد فيه كل شيء عنده تعالى في ملكه على سبيل التفصيل وهو قوله تعالى وفيه تفصيل كل شيء وفيه تبيان كل شيء اذ القرآن طبق العالم الكلي وهذا اللوح على ثلث ورقات الورقة الاولى فيها كتابة الذوات والحقايق واللطايف من الافئدة والعقول والنفوس والطبايع والمواد والاجسام قد نقشت هذه المراتب باحوالها وكينوناتها الذاتية في الورقة العليا وهي الاولى الثانية فيها كتابة الصفات والاقتضاءات والنسب والاضافات والقرانات وساير الاحوال العارضة للاشياء من جهة الصفات والتوصيفات وانحاء الاضافات وفيها ثبت الاعمال التي تكتبها الملائكة والحفظة الثالثة فيها كتابة الاشباح والمثل بضم الثاء ( الثاء المثلثة خ‌ل ) المنتزعة من الورقتين الاوليتين ( الاوليين خ‌ل ) مما في المرايا والاذهان والعقول وساير المدارك والمشاعر وكل من هذه الثلثة الاوراق يشتمل على ثلث صفحات : الصفحة الاولى فيها مكتوب من الامور المحتومة التي لا يمكن تغييرها وتبديلها وتلك ما وقع من ( في خ‌ل ) الاحوال الثلثة اذ بعد ما وقع يستحيل ان لا يقع فنقش وكتب الوقوع ويستحيل محو هذه الكتابة نعم يمكن محو الواقع واثباته اي تغييره على حسب مقتضي علمه تعالى الثانية ما كتب فيها من الامور المحتومة التي يمكن تغييرها وتبديلها اي محوها واثباتها لكن الحكمة لا تقتضي ذلك من جهة وعد الله ولا يخلف ( لن يخلف خ‌ل ) الله وعده وذلك كاسعاد الاشقياء واشقاء السعداء من الانبياء والاولياء وامثالها مما جرت الحكمة وسبقت المشية ونفذت القدرة بايجاده واحداثه الثالثة ما كتب فيها من الامور المشروطة فاذا تمت الشرايط حتمت والا يجوز وقوعها وعدمه ومجموع هذه الامور التسعة مكتوب في كتابين كتاب الابرار في عليين وما ادريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون الثاني كتاب الفجار لفي سجين فمجموع اوراق هذه اللوح الاعظم ثمانية‌ عشر ورقة وهذا هو اللوح المحفوظ عن التغير والتبدل والزوال لان كلما يتغير ويتبدل فانما هو فيه فهو في نفسه محفوظ عن التغير والتبدل ولذا نقول ان اللوح المحفوظ هو الكلي ولوح المحو والاثبات هي الالواح الصغار التي في جوفه ولا حد لتلك الالواح الصغار الجزئية وانواعها ما ذكرنا لك فافهم واما تأويله فاعلم ان اللوح المحفوظ هي النفس الكلية وهي الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصيها وهي الباء في البسملة كما قال النبي صلى الله عليه وآله ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم فالقلم هو العقل واللوح هو النفس والعقل هو اول ما خلق الله سبحانه والاشياء كلها فيه مذكورة بالاجمال ويفصل في النفس وينبسط وهو اللوح الجامع لكلما كان وما يكون الى يوم القيمة اذ ليس هناك امتداد زمان من مضي وحال واستقبال ليتطرق فيه التدريج فكل الاشياء اشباحها وهياكلها الذاتية قد نقشت فيها ومنها يظهر في الوجودات ( الظهورات خ‌ل ) الزمانية متدرجة مثاله انك اذا اردت ان تصنع سريرا مثلا تتصور صورته في خيالك ثم تظهرها في الخارج فلولا تلك الصورة الخيالية ما اوجدت الامر الخارجي فكذلك ( وكذلك خ‌ل ) الاشياء قد نقش الله تعالى اصولها وذاتها ووجهها من ربها في ذلك اللوح ومنه يظهر في الوجود لاظهار سر المعبود فالموجود في عالم الملك هو صورة ما كتب في اللوح المحفوظ وهي الورقة الوسطي والورقة السفلى هو ما ينتزع خيالك من هذه الاشياء الموجودة في هذا العالم وما ينتقش في المرايا وما ينفصل عن الاشياء من الاشباح المنفصلة كل ذلك هي الورقة السفلى فكانت لهذا اللوح ثلثة اوراق الاولى العليا هي الاصول والثانية صورتها والثالثة صورة الصورة وشبح الشبح فافهم والمجموع هو اللوح الذي ذكرنا سابقا واما باطنه فهو الذي فيه مرادك فاعلم ان اللوح المحفوظ هو صدر الامام عليه السلم وهو الكرسي الذي وسع السموات والارض وهو الامام المبين الذي قال تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين وهو الكتاب الاكبر الاعظم الذي فيه علم الله سبحانه قال تعالى قال علمها عند ربي في كتاب وقال تعالى الم ‌تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب وقال تعالى قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ والكتاب في هذه المواضع كلها هو الامام عليه السلم لقوله تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وقد تواترت الاخبار بان هذا الكتاب هو امير المؤمنين عليه السلم حين يقرء اعمال الخلايق عليهم يوم القيمة وهم ينظرون الى صحايف اعمالهم وهو عليه السلم على الوسيلة منبر النبي صلى الله عليه وآله فاللوح الحقيقي هو صدر الامام عليه السلم اولا وبالذات وانما كان كذلك لانه الواسطة في الايجاد والباب الاعظم لتمكين ( لتمكن خ‌ل ) الايجاد للانوجاد والفيض الايجادي لا يتعداه ابدا والا لم يكن بابا ولم يكن اول ما خلق الله تبارك وتعالى وهو قوله عليه السلم ( عليه السلام في الزيارة خ‌ل ) بكم فتح الله وبكم يختم وقوله عليه السلم ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه وهو قوله تعالى في الحديث القدسي ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن انتهى والامام عليه السلم هو العبد المؤمن الذي وسع قلبه جميع العلوم الالهية والخزاين الصمدانية ولما كان جريان الفيض على نوعين احدهما على جهة الاجمال وهو المبدء الاول وثانيهما على جهة التفصيل وهو المبدء الثاني وكان القلم هو صاحب مقام الاجمال واللوح هو صاحب مقام التفصيل وبالقلم يفصل في اللوح وكذلك العرش فلك الاطلس صاحب مقام الاجمال والكرسي الفلك المكوكب وفلك الثوابت صاحب مقام التفصيل وجب ان يكون مقام القلم والعرش هو النبي صلى الله عليه وآله ومقام اللوح والكرسي هو الامام (ع) والفيض لما كان ينزل من الخزاين العلوية الغيبية كما قال تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم كان الامام عليه السلم هو اول الخزاين التفصيلية فلا يوجد ( ولا يوجد خ‌ل ) شيء في العالم من ذات او صفة ( صفة او خ‌ل ) لفظ او معنى الا وينتقش ويظهر اصله ووجهه من الله في صدره الشريف عليه السلم ثم يتنزل منه الى ساير الخلق وهذا اللوح هو اللوح المحفوظ الذي هو علة الاشياء والموجودات كلها منه بدءت الاشياء واليها ( اليه خ‌ل ) تعود بالكمال وهذا ( هذا اشارة خ‌ل ) بيان نوع كونه علة للاشياء ( للاشياء كلها خ‌ل ) واما تفصيل الامر في ذلك فيحتاج الى بسط طويل في الكلام وليس الآن موقعه والاشياء المفصلة كلها اشباح منفصلة من هذا اللوح كالشبح الذي في المرآة فلا يوجد شيء في العالم الا وينتقش فيهم اي في باطن موافقتهم ان كان حقا او في ظل مخالفتهم ان كان باطلا وذلك اللوح محفوظ عن التغير والتبدل والابادة والزوال وهذا احد معنى ( معاني خ‌ل ) قوله تعالى كل شيء هالك الا وجهه بارجاع الضمير الى الشيء وذلك هو وجهه وكتابته في هذا اللوح ولذا قال عز وجل قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ كما انك تصورت صورة الكتابة اولا ثم اوجدت تلك الكتابة في الخارج ثم محت الكتابة لكن وجهها الذي كان في خيالك ما انمحى ولا تغير وانما هو باق تحدث الكتابة اذا اردتها على تلك الصورة فصدر الامام عليه السلم هو محل العلوم الالهية المتعلقة بالاشياء والمعلومات على جهة التفصيل سواء وجدت تلك المعلومات في الخارج الوجودي الشهودي ام لم توجد كعلمك بالاشياء التي تصنعها سواء صنعتها واظهرت صنعها ام لا وسواء ابقيت ما اظهرت من ذلك الصنع او محيته فعلمك ( او محوت فعلك خ‌ل ) لا يزال موجود كذلك صدر الامام عليه السلم بالنسبة الى الموجودات كلها فصورها الذاتية كلها عنده ثم اذا اراد الله سبحانه اظهار شبح من تلك الاشباح اظهر مثال ذلك الشبح في كون من الاكوان المنقوشة في ذلك اللوح ايضا كاظهار شبحك في المرآة فافهم هذه العبارات المكررة المرددة للتفهم ( للتفهيم خ‌ل ) واما قولكم كيف يكون شيء واحد صدرا لهم جميعا اعلم ان الفيوضات والواردات والخيرات كلها تنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله اولا لكنها على جهة الوحدة والبساطة والاجمال ثم ترد كلها على صدر مولينا امير المؤمنين عليه السلم على جهة التفصيل والانتشار والانبساط ثم ترد ذلك كله بواسطته عليه السلم على الحسن عليه السلم ورود العلم من المعلم الى المتعلم وعدم نسيان احدهما شيئا من ذلك ثم منه عليه السلم الى اخيه الحسين عليه السلم ثم منه الى القائم عليه السلم ثم منه (ع) الى الائمة الثمانية عليهم السلم ثم منهم الى الصديقة الطاهرة عليها السلم وهذه هي الامانة التي امر الله سبحانه اياهم ان يؤدون ( يؤدوا خ‌ل ) الى اهلها كما قال تعالى ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها وهم عليهم السلم بعضهم اهل لها من بعض فما عند احدهم عليهم السلم من احكام هذا اللوح هو ما عند الآخر وهو قوله عليه السلم لئلا يكون آخرنا اعلم من اولنا ثم من فاطمة عليها السلم يترشح رشحا بالشبح والمثال بوجه من الف‌الف وجه للانبياء عليهم السلم وهكذا حتى ينتشر اشباح بعض وجوه ذلك اللوح واشباح اشباحه واشباح اشباح اشباحه وهكذا في العالم والوجودات الخارجية من الغيبية والشهودية فالشيء الواحد كان صدرا لهم جميعا على التفصيل الذي ذكرت وكذلك الشيء الواحد حتى يتنزل من تلك الخزاين المائة واربعة عشر الى ان يظهر في الوجود مشروح العلل مبين الاسباب فافهم والا فاسلم تسلم واما قولكم وكذلك العقل الى قولكم التي هو ( هي خ‌ل ) العرش الذي استوى عليه الرحمن برحمانيته الخ فاعلم ان العرش قد ورد عنهم عليهم السلم انه مركب من الانوار الاربعة النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة والنور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة والنور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة والنور الابيض الذي منه البياض ومنه ضوء النهار وهذه الانوار الاربعة يشار بها الى العقل والروح والنفس والطبيعة واما كون المادة الكلية من اركان العرش فليس في هذا الحديث ما يدل عليه الا ان يراد بالمادة هي مادة المواد وهيولي الهيوليات واسطقس الاسطقسات وهي فوق العقل وهي وان كان يطلق عليه العرش لكن لا مع هذه الانوار الاربعة اذ لا لون لها والحاصل ان الظاهر ان محل السؤال هو ان العرش مقام الاجمال والوحدة فاذا قلنا انها اربعة وهي العقل والروح والنفس والطبيعة ولا شك انها مقامات التفصيل فلا يكون العرش مقام الاجمال والجواب ان الاجمال والتفصيل في امثال هذه المقامات هما الاضافيان لا الحقيقيان فان ذلك لا يكاد يوجد الا ترى انا اذا قلنا ان المداد مقام الاجمال والكتابة مقام التفصيل نريد ان التفصيل الذي في الكتابة والكثرة التي فيها لا يوجد في المداد لا ان في المداد ( ان المداد خ‌ل ) ليس فيه كثرة اصلا كيف وهو الجسم المركب من العناصر الاربعة والعقاقير المجتمعة من الصمغ والسواد والزاج والعفص والصبر والنبات وامثالها وكذلك العرش الذي هو الانوار الاربعة مجمل بسيط بالنسبة الى الشؤن والاطوار والتفاصيل الحاصلة في النفس من حيث انبساطها وكذلك في الروح والطبيعة وكذلك في العقل وان اعتبر كل واحد من هذه الاربعة في ذاته فالمراد ملاحظة كل واحد منهم من جهة الوحدة والبساطة لا من جهة الكثرة والتعدد كالشجرة فاذا لاحظناها ( لاحظتها خ‌ل ) من حيث هي كانت بسيطة لا تقبل القسمة فافهم وايضا المراد من العرش في هذا المقام هو العالم كله اي عالم الخلق بمراتبه فمعنى العرش العظيم اي الملك العظيم ولا تلحظ فيه جهة البساطة والوحدة وان احتمل ذلك اذ ليس هذا العرش في مقابلة الكرسي فيصح ان يعتبر التفصيل والتعدد ولك ان لا تعتبر فالكلام حينئذ كما ذكرنا

قال سلمه الله تعالى : الخامسة - بين لي طريق الجمع بين ان الانبياء خلقوا من فاضل ( فاضل طينتهم وخ‌ل ) انوارهم عليهم السلم وبين ان الكروبيين خلقوا منها وبين ان عقول الانبياء (ع) خلقت من فاضل اجسادهم الشريفة (ع) كما سمعت من جنابكم وبين ان ارواحكم في الارواح وانفسكم في النفوس وبين لي كما ان الائمة عليهم السلم باب الفيض لهم ومحيط بهم ايكون الانبياء كذلك بالنسبة الى من سواهم من الانسان وكذلك الانسان بالنسبة الى من دونهم الى آخر المراتب الثمانية ام لا

اقول الظاهر ان وجه الاشكال في ان عقول الانبياء وحقايق ( حقوق خ‌ل ) الكروبيين اذا كانت مخلوقة من فاضل اجسادهم (ع) فما معنى قوله عليه السلم في الزيارة ارواحكم في الارواح وانفسكم في النفوس الجواب ان لهذه الفقرة الشريفة معاني لا تنافي ما ذكرنا ودلت الاخبار على ان الموجودات كلها خلقوا من فاضل انوارهم وليس معهم احد في رتبتهم وفي هذه الزيارة ايضا قوله عليه السلم فبلغ الله بكم اشرف محل المكرمين واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حتى ( حيث خ‌ل ) لا يلحقكم لاحق ولا يفوقكم فائق ولا يسبقكم سابق ولا يطمع في ادراككم طامع الزيارة وهذا صريح في انه ليس شيء ( شيء في خ‌ل ) رتبة مقامهم فلا يكون ارواحهم في الارواح وانفسهم في النفوس ولا اجسادهم في الاجساد على ما يعرفه ( تعرفه خ‌ل ) العامة فقوله عليه السلم في الزيارة بابي انتم وامي ونفسي واهلي ومالي ذكركم في الذاكرين واسماؤكم في الاسماء وانفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور يحتمل وجوها احدها ان يكون ذكركم في الذاكرين وكذا باقي الفقرات بدلا لقوله انتم فيكون المعنى بابي واعزائي واحبائي ذكركم في الذاكرين واسماؤكم في الاسماء الخ اي فدي ( افدي خ‌ل ) كل احبائي ذكركم وروحكم ونفسكم في كل الارواح والنفوس وهذا لا يدل على ان روحهم في الارواح اي من جملتها ليلزم التنافي وثانيها ان يكون هذه الفقرات كل واحدة منها جملة برأسها فيكون المعنى ذكركم في الذاكرين وارواحكم في الارواح اي ان ارواحكم هي الاصل في ارواح الخلايق والباقي كلها شئون وفروع وتبع لارواحكم كما يقال في مقام ان فلان مثلا هو الاصل والمدار في المكان الفلاني يقال فلان في هذه البلدة او ( وخ‌ل ) في هذا المكان وثالثها ان يكون المراد ان ارواحكم في الارواح اي ان الارواح كلها ظهور وحكاية لارواحكم والنفوس لانفسكم كما اذا قلنا ان الشمس في الشعاع اي ظهورها فيه كما قال عليه السلم فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فيكون ذكرهم ظهر في الذاكرين بظهوره واسماؤهم في الاسماء باسمائهم اي بظهور اسمائهم ونورها وهكذا غيرها فارواحهم وانفسهم حينئذ داخلة في الارواح والنفوس لكن لا كدخول شيء في شيء وخارجة عنها لا كخروج شيء عن شيء كما مثلت لك بالشمس والاشعة لكنه ( لكن خ‌ل ) بقي الكلام في ان ارواح الخلايق من فاضل اجسامهم ( اجسامهم فكيف خ‌ل ) تكون ارواحهم عليهم السلم ظاهرة فيها وحقيقة الامر فيه ان تلك الحقايق وان كانت من فاضل اجسامهم لكنها من حيث كونها حاملة لارواحهم وعقولهم فيظهر لهم مثال ارواحهم من ظهور فاضل اجسامهم ومثال ما ذكرنا شعاع السراج فانه وان كان اثرا للشعلة وهي الدخان المستضيء المنفعل عن النار لكن فيه حرارة ويبوسة تحكيان عن النار واستضائة تحكي عن الشعلة ففي الشعاع ذكر النار لكن من جهة الشعلة وكذلك ارواحهم عليهم السلم تذكر في حقايق الخلايق الا انه بواسطة اجسامهم الشريفة واجسادهم المنيفة من جهة ان تلك الاجسام كانت حاملة لتلك الارواح فحكى المثال الممثل على ما هو عليه الا ترى انك اذا قابلت مرآة تظهر صورتك فيها فلو نطقت تلك الصورة او رأيت نطقها وشعورها واختيارها وجدت ان لها عقلا وادراكا ونفسا الا ان كلها اسفل من جسمك وجسدك واعتبر ذلك من كون الفاعل معمولا للفعل مع ان الفعل ادنى مقاما من الفاعل مع ان الفاعل اسفل رتبة من الفعل فتدبر واما قولكم فكما ان الائمة (ص) الخ فاعلم ان حكم الله سبحانه لا يختلف والوسايط لا تنقطع والطفرة ما تصح ( لا تصح خ‌ل ) فنسبة الاسفل الى ما دونه كنسبة الاعلى الى الاسفل فتكون الانبياء على محمد وآله وعليهم السلم باب الفيض بالنسبة الى الانسان ومحيطا بهم وكذلك الانسان بالنسبة الى الملئكة والجن وساير المخلوقات الا ان الفرق ان الائمة عليهم السلم كل واحد منهم علة مستقلة في الايجاد والتوسط بخلاف الانبياء ومن دونهم عليهم السلم فان كل نوع من ( من كل خ‌ل ) طبقة علة وواسطة للنوع الآخر والطبقة الاخرى لا كل شخص وكل فرد ولذا كانت الانبياء (ص) تتعدد ( متعدد خ‌ل ) في كل زمان لما كثر المكلفين المخلوقين ( زمان لاكثر المخلوقين خ‌ل ) بخلاف ائمتنا عليهم السلم فان كل واحد ( واحد منهم خ‌ل ) مستقل في حفظ اهل زمانه على جهة التفصيل والاجمال فافهم موضع الدلالة ولا تقتصر على العبارة

قال سلمه الله تعالى : السادسة - بين لي ان الائمة عليهم السلم اذا كانوا هم علة العلل ( هم العلل خ‌ل ) والواسطة بين الله وبين ما سواه حتى الانبياء والمرسلين بل هم مرسل الانبياء والمرسلين فلم لا يجوز في حقهم النبوة مع انهم عليهم السلم بالنسبة الى نبينا صلى الله عليه وآله كانوا في رتبة واحدة وبالنسبة الى من دونهم من الانبياء كانوا كما ذكرنا فما المانع لتجويز ( في تجويز خ‌ل ) النبوة في حقهم عليهم السلم وما الفرق بين النبوة والولاية وفقكم الله لمعاينة الحقايق والاسرار بحق الانبياء والمرسلين والابرار وبحق الائمة الهادين صلى الله عليهم اجمعين

اقول ان الامامة والولاية تفصيل رتبة النبوة وهم عليهم السلم وان كانوا مع نبينا صلى الله عليه وآله في رتبة واحدة لكن نسبته صلى الله عليه وآله اليهم نسبة الاصل الى الفرع ونسبة الباطن الى الظاهر وبينه وبينهم سلام الله عليهم ترتب لا ان كل واحد اصل برأسه ولهم مقام التفصيل وله وحده مقام الاجمال ولا يظهر المجمل بتمام التفصيل الا في اثني ‌عشر لان اول المراتب والمقامات مقام الواحدية وقد اقمنا براهين عقلية ونقلية في ساير رسائلنا ومباحثاتنا ان الواحد ثلثة والثلثة اذا فصلت بالتكرير كانت ستة ولذا كانت هي العدد التام لانها تمام مقام الاجمال والتفصيل في عالم الغيب فاذا ظهر الغيب في الشهادة تكررت الستة فكانت اثني عشر فلا يظهر مراتب الاجمال الاول والاصل الاول مفصلة الا بعد اثني عشر درجة ومرتبة فاذ ( فاذا خ‌ل ) جاز في حقه النبوة انظر الى العرش فانه مقام الاجمال لكنه ظهر كمال الظهور في منطقة فلك الكرسي فلك البروج وتفصل ( تفصيل خ‌ل ) احواله وظهوراته في اثني عشر برجا والى الشمس ( والشمس خ‌ل ) فانها المبدء الثاني منشأ العلة المادية لم تتم دورة تامة الا بعد ان يتم القمر الدورة اثني عشرة ( اثني عشر خ‌ل ) مرة ولا شك ان القمر صاحب التفصيل والشمس صاحب الاجمال وهي مثال النبوة كما ان القمر مثال الولاية فاذا وجب ان يكون كل اصل له اثني عشر فرعا ( برجا خ‌ل ) وبعبارة اخرى كل اصل له اثني عشر شعبة قد تشعبت من ذلك الاصل الاول فلا يصح تساوي الاصل والفرع في المقام والمقتضى فيجب ان يكون للاصل النبوة وللفرع الوصاية والولاية ثم ان النبوة تأسيس واستقلال لا تبعية فلو كان ( كانت خ‌ل ) لهم عليهم السلم النبوة لاستقلوا كساير الانبياء وذلك لا يجوز لان الله عز وجل علاهم بتعليته وسماهم ( سما بهم خ‌ل ) الى رتبته ( مرتبته خ‌ل ) وهم اغصان تلك الشجرة الطيبة ولا يجوز الحكم على الغصن من غير استناده الى الشجرة اذن لم يكن غصنا بل كان شجرة مستقلة فحينئذ لم يطابق الوجود مع الظهور وذلك قبيح سيما في حقهم عليهم السلم اذ ليس فيهم مقتضى التغيير ( التغير خ‌ل ) عن الاعتدال الحقيقي الواقعي حتى تجوز المخالفة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا الشجرة وعلى اصلها وفاطمة فرعها والائمة اغصانها وشيعتنا ورقها وعلوم الائمة ثمرها فاذا كانوا هم عليهم السلم غصن الشجرة فلو نظر اليهم نظر استقلال لانقطعوا عنها ولا يجوز قطعهم عن جدهم وسيدهم صلى الله عليه وعليهم فلا تصح ( فلا يصح خ‌ل ) فيهم النبوة وايضا قد روي عنه صلى الله عليه وآله انه قال ان الزمان استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والارض انتهى ومعنى ذلك ان الدهر رجع الى الصفاء الاصلي ولما كانت الكثرات وتعدد الاصول والاستقلال انما هو من عدم ( هو عدم خ‌ل ) الصفاء فيقتضى ان يكون العالم قد رجع الى اكمل ما يقتضي من مقام الوحدة فاذا اعتبرنا الخلق والخالق ( خلق وخالق صحت خ‌ل ) فكما ان الخالق واحد وامره واحد كذلك يجب ان يكون نبيه واحدا صلى الله عليه وآله ويجب ان يكون اوصياء نبيه عليهم السلم بما يقتضي تلك الوحدة وقد قلنا ان ذلك اثني عشر لان العالم كلما يترقى ويمتد يصعد الى عالم الوحدة ولذا ترى ان نبوة الانبياء السابقين الموجودين الآن كعيسى وغيره عليهم السلم قد انقطعت وبطلت وفي الرجعة اذا رجعت الانبياء كلهم عليهم السلم كانوا جميعا رعايا وتبعة ولم يكن النبوة الا في واحد خاصة وهكذا في القيامة وبالجملة بعد ظهور نبينا روحي فداءه صلى الله عليه وآله لا تصلح النبوة لاحد من المخلوقين لانه صلى الله عليه وآله مركز دائرة الامكان والاكوان فلا يمكن لاحد سواه الا وان يكون مستندا اليه فان كان ( فان كل خ‌ل ) ما سواه من شعاعه فلا كلام وان كان من نفسه وفي رتبته كان من اتباعه وتفاصيل ظهوراته الذاتية فكانوا اوصيائه نعم قبل ظهوره صلى الله عليه وآله يمكن ان يكون نبيا سواه لعدم الظهور واستيلاء الكثرة والغيور واما بعد ظهور امره وانتشار خبره صلى الله عليه وآله فلا نبي سواه ولا مستقل غيره وكلما عداه تابع له ومنسوب اليه اما بكونه من امته ورعيته او بكونه نائبه وخليفته ولذا قال صلى الله عليه وآله الا انه لا نبي بعدي لان النبوة من حيث هي يقتضي ( تقتضي خ‌ل ) عدم التابعية وذلك بالنسبة مع المتبوع الحقيقي مستحيل ( مستحيل وخ‌ل ) مثال ذلك الشمس اذا كانت تحت الارض يكون للكواكب ظهور وامتياز وترتب اثر واما اذا كانت فوق الارض تمحى الكواكب كلها وليس بشيء ( لشيء خ‌ل ) ظهور واستقلال معه ابدا فافهم ضرب المثل واما ساير الانبياء عليهم السلم من جهة ظهور الكثرة في مقامهم وبالنسبة الى من بعثوا عليهم اقتضت الحكمة الالهية في حقهم التعدد وان يكون انبياء مع ساير اولي العزم عليهم السلم لامور يطول الكلام بذكره ومثال ذلك القمر مع ساير الكواكب اذ لها معه ظهور وحكم ( ظهور حكم خ‌ل ) بخلاف الشمس واما نبينا صلى الله عليه وآله فهو القطب المطلق وهو القائم مقام الله عز وجل كما في خطبة امير المؤمنين عليه السلم استخلصه في القدم على سائر الامم اقامه مقامه في ساير عالمه في الاداء وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله ان الله اوحى اليّ ان فضلك على الانبياء كفضلي وانا رب العزة على كل الخلق فتدبر في هذا الخبر تجد ما لا يدركه الفكر وتعرف بذلك انه لا يجوز معه لاحد الاستقلال بدونه لان النبوة عدم التابعية انما كررت العبارة ورددتها للتفهيم واما الفرق بين النبوة والولاية فاعلم ان النبوة هي التبليغ عن مراد الله سبحانه بالحكم التأسيسي الاولى الالهي بغير واسطة احد من البشر وهذا اعم من الرسالة والنبوة لانها في مقابلة الولاية واما النبوة التي هي في مقالة ( مقابلة خ‌ل ) الرسالة فقد ذكر شيخنا اطال الله بقاه بما لفظه المبارك : وقيل النبوة هي الاخبار عن الحقايق الالهية والمعارف الربانية وهي الاخبار عن ذات الحق واسمائه وصفاته وافعاله واحكامه وتنقسم الى نبوة تعريف وهي الاخبار والانباء عن معرفة الذات والصفات والافعال والى نبوة تشريع وهي ذلك مع زيادة تبليغ الاحكام والتأديب بالاخلاق الحميدة والتعليم للاحكام والقصاص ( القياس خ‌ل ) بالسياسة وتسمى هذه رسالة وقيل النبوة قبول النفس القدسية حقايق المعلومات والمعقولات من جوهر العقل الاول والرسالة تبليغ تلك المعلومات والمعقولات الى المستعدين انتهى واما الولاية فهي ( هي خ‌ل ) التدبير والتصرف في احوال الخلق واطوارهم في تكويناتهم وتشريعاتهم ذواتهم وصفاتهم وهي جزئية وكلية فالاولى ما تخص بجهات خاصة كما كان بساير ( لساير خ‌ل ) الانبياء عليهم السلم والثانية ما تعم الخلق كلهم ولا تخص بجهة من الجهات وطور من الاطوار وهي اللواء الذي يستظل تحتها كل الخلق وله سبعون شقة كل شقة مقدار الشمس والقمر او سبعون‌الف شقة وكل شقة تسع الخلايق جميعا وكل نبي له ولاية على حسب نبوته في العموم وعدمه ولا كل نبي ولي ( لا كل ولي نبي خ‌ل ) الا ان ولاية الانبياء تظهر في اوصيائهم وخلفائهم وليس صاحب لواء الحمد وصاحب ( الحمد صاحب خ‌ل ) الوسيلة العظمى وهي المنبر الذي له الف مرقاة وبين كل مرقاة الى الاخرى الف سنة عدو الفرس الجواد الا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يحمل تلك الراية وذلك اللواء الا امير المؤمنين عليه السلم ولا يحاسب الخلق يوم القيمة ليعطي كل ذي حق حقه ويسوق الى كل مخلوق رزقه سواه عليه السلم فهو الولي المطلق لكن ولايته وراثة عن ولاية النبي صلى الله عليه وآله فاجتمع فيه الامران وفي على عليه السلم وساير الائمة الامر الواحد وهو قوله تعالى هنالك الولاية لله الحق وهذه الولاية هي عين ولاية النبي صلى الله عليه وآله وولايته عين ولاية على عليه السلم من غير فرق وهو قوله تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله والى ما ذكرنا الاشارة في قوله صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر وكان يطوف حول جلال القدرة ثمانين ‌الف سنة فلما وصل الى جلال العظمة خلق الله نور عليّ عليه السلم فكان يطوف حول جلال القدرة ونوري يطوف حول جلال العظمة انتهى فنبوة ساير الانبياء وولايتهم عليهم السلم جزء من سبعين ‌الف‌ الف جزء من ولاية اهل البيت عليهم السلم فافهم ما ذكرت لك راشدا موفقا وجلال القدرة هي الولاية والعظمة هي النبوة وما ذكرنا هو المطابق لما عليه المشهور من ان النبوة ادنى من الولاية وان كان النبي اشرف من الولي لان النبي جامع المقامين بخلاف الولي ولا يقال اذن يلزم ان يكون الانبياء عليهم السلم اشرف من ائمتنا عليهم السلم اذ ليس لهم الا الولاية وحدها بخلاف الانبياء لانا نقول ان ذلك فيما اذا كان النبي والولي في رتبة ( مرتبة خ‌ل ) واحدة لا اذا كانا ( كانتا خ‌ل ) في رتبتين وقد ذكرنا آنفا ان نسبة نبوة الانبياء عليهم السلم الى ولاية الائمة عليهم السلم نسبة العدم الى الوجود ونسبة الواحد الى سبعين‌الف‌الف كيف وقد قال العسكري عليه السلم والكليم البس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء انتهى واولوا العزم انما كانوا كذلك لانهم ثبتوا على الولاية ولم يترددوا ولم يشكوا فيها يعني ما تركوا الاولى فان ذلك هو الشك في ولاية الائمة عليهم السلم في حقهم وقولي ما ذكرنا هو المطابق لما عليه المشهور اشارة الى ان عندي ان النبوة اشرف من الولاية من حيث نفسها ولكن ذلك لا ينافي ما عليه المشهور لكن بيانه صعب يحتاج الى مقدمات طويلة ليس لي الآن اقبال الى ذكرها وبيانها فتركتها ولما فيه مما لا ينبغي التصريح به والله الموفق والمؤيد

قال سلمه الله تعالى : السابعة - ولم كانت المراتب ثمانية الوجود والعقل والروح والنفس والطبيعة والمادة والجسم والجسد وبين كيفية ادراك المحسوسات والتصورات والموهومات والمفروضات والمعقولات وغير ذلك كلها ايكون بالعقل او بشيء آخر

اقول اما سر الثمانية في المراتب التكوينية فلظهور الطبايع الاربع في العالمين عالم الغيب وعالم الشهادة وعالم الخلق الاول وعالم الخلق الثاني والحاصل من تكرير ( التكرير خ‌ل ) الثمانية والمراد بظهور الطبايع هو كليات الظهور من جهة القرانات والاوضاع والاضافات فظهر ( فظهور خ‌ل ) المجموع في كل مرتبة بغلبة طبيعة فالمراتب الاربع الغيبية تحكي الطبايع الاربع والشهودية كذلك فتم لها ( بهما خ‌ل ) العالمان والتقي البحران فالوجود مظهر النار والعقل مظهر التراب والروح مظهر الهواء والنفس مظهر الماء والطبيعة مظهر النار والمادة مظهر الهواء والجسم مظهر الماء والجسد مظهر التراب ( التراب وخ‌ل ) قولنا الجسم مظهر الماء اذا اردنا به المثال كما هو المراد في بعض اطلاقاتنا واما اذا اريد به صفو الاجسام والجسد قشره كما هو المراد في بعض الاطلاقات الاخر فالجسم حينئذ مظهر التراب الصافي والجسد كثيفه والمثال هو مظهر الماء لانه في ( لانه مظهر خ‌ل ) الكون الثاني مثال النفس في الكون الاول وقد اطلق عليها الامام الصادق عليه السلم الكون المائي في حديث المفضل عنه عليه السلم وانما كان الوجود مظهر النار لانه المبدء وظهور الفاعل الذي طبيعته الحرارة واليبوسة كما مر لان ظهور فاعلية الحق سبحانه في ساير المراتب انما هو بالوجود فهو كالحديدة المحماة بالنار بالنسبة الى فعل الله سبحانه وانما كان العقل مظهر التراب لانه اول مقام العبودية ومقام الخضوع والانكسار والتذلل والامتثال لقوله تعالى اقبل وادبر ولذا قال الرضا عليه السلم ما بعث الله نبيا الا وهو صاحب مرة سوداء صافية والنبوة لا تكون الا ( الا في خ‌ل ) مقام العقل بل العقل هو النبي الباطني ولذا كان زحل باردا يابسا طبع التراب وكذا فلكه لكونه مربي العقول الجزئية في العالم السفلي وانما كان الروح مظهر الهواء لانه محل الحيوة وينبوعه ومنه نشأت واليه انتهت والحيوة طبعها حار رطب فبالحرارة يناسب المبدء للتلقي عنه وبالرطوبة تحفظ المدد الذي هو الحرارة ولذا كان الموت الذي ضدها طبعه البرودة واليبوسة واما قوله عليه السلم والماء سيد الشراب وطعمه طعم الحيوة او طبعه طبع الحيوة فمن جهة ان الماء ( الماء الذي خ‌ل ) حامل للهواء الذي به الحيوة فلولا الماء لما ظهر الهواء ولما اثر في الارض لعدم المناسبة ورقة رطوبته وغلظة كثافتها والماء متوسط الامر بين الهواء والارض في اللطافة والكثافة والطبيعة ولذا قال تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي ولذا كان مربي الهواء اسم الله الحي ومربي الماء اسم الله المحيي فافهم الفرق وانما كانت النفس مظهر الماء لانها محل الصور والخطوط والهيئات والهندسة والروابط فيقتضي الرطوبة ومن جهة ان تلك الحدود والهيئات والروابط من جهة المفعول نفسه لا من جهة الفاعل فتقتضي البرودة وذلك طبع الماء وهذا هو الخلق الاول ثم اعلم ان كل مرتبة مركبة من العناصر الاربعة الا ان الحكم للغالب كما تقول ان زيدا صفراوي او سوداوي او بلغمي وتريد به الاغلب والا فالشيء مايتكون ( لا يتكون خ‌ل ) الا بالاخلاط الاربعة وانما كانت الطبيعة مظهر النار في الخلق الثاني لانها هي المبدء في هذا الكون وفيها قوة الحرارة ومقام المزج والاختلاط حتى صارت المراتب المتقدمة فيها شيئا واحدا منعقدا وحصلت لها الحالة الثانية فمن المزج والحركة زادت الحرارة ومن العقد زادت اليبوسة ونسبتها الى العالم الثاني نسبة الوجود الى العالم الاول وانما كانت المادة مظهر الهواء في الخلق الثاني لانها جهة الفاعل اي الطبيعة بالملك بالله سبحانه الى ( اي خ‌ل ) القابل اي الصورة فمن الجهة الاولى ظهرت فيها الحرارة ومن الجهة الثانية الرطوبة وهي من الارتباط وانما كان المثال او الجسم المأخوذ من عالم هورقليا وجابلصا وجابلقا مظهر الماء لما ذكرنا في النفس حرفا بحرف فراجع تفهم وانما كان الجسم او الجسد المأخوذ من هذه ( هذا خ‌ل ) العناصر مظهر التراب لانه مظهر اسم الله المميت لبعده عن المبدء ولغلظته وكثافته وصلابته حتى قوي اثر التراب فيه وذلك ظاهر ولا رتبة للشيء غير هذه المراتب الا تفاصيلها وهي من حيث المجموع هو العرش في قوله تعالى رب العرش العظيم ذو العرش المجيد لان المراد من العرش هنا هو الملك فاذن يتجه قوله تعالى ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية لان كل مرتبة من هذه المراتب الثمانية يدبرها ( يديرها خ‌ل ) ملك من الملئكة بسر اسم من اسماء الله ( بسر اسم الله خ‌ل ) تعالى فافهم اعلم ان الترتيب في عالم الغيب بخلاف الترتيب في عالم الشهادة في تقدم التراب على الهواء ولذا جرى الترتيب في عالم الافلاك وفي عالم العناصر على مقتضى تلك المقامات فكان مبدء البروج الحمل وهو ناري ثم من بعده الثور وهو ترابي ثم من بعده الجوزاء وهو هوائي ثم من بعده السرطان وهو مائي ثم الاسد وهو ناري وهكذا واما ترتيب ( ترتيب مبدء خ‌ل ) العناصر بخلاف ذلك من تقديم الهواء على الماء والتراب واما كيفية ادراك المحسوسات اما حس البصر فاعلم ان فيها اربعة اقوال : الاول قول الرياضيين فانهم يقولون الابصار بكسر الهمزة بخروج الشعاع من العين على هيئة مخروط رأسه عند العين ينبعث من تقاطع الصليبين من بين قصبتين ضيقتين قصبة ( ضيقتين وثقبة خ‌ل ) كل منهما قدر ما تمر منه شعرة خنزير ومجمعهما ضيق ولذا كان النور على هيئة مخروط رأسه من التقاطع وقاعدته على المرئي على اجزائه الثاني قول الطبيعيين وهو ان الابصار بانطباع صورة المرئي اي شبحه في الرطوبة بالجليدية التي تشبه البرد والجمد فانها مرآة اذا ( فاذا خ‌ل ) قابلها متلون انطبع ( انطبع شبح خ‌ل ) صورته فيها كما تطبع صورة الانسان في المرآة بان يقع ظل المرء وشبحه في العين وفي المرآة بشرايط ذلك وهي المقابلة المخصوصة مع توسط الهواء المشف واستضاءة المرء والمقام وعدم القرب والبعد المفرطين الثالث قول الاشراقيين انه لا شعاع ولا انطباع وانما الابصار بمقابلة المستنير للعضو الباصر الذي فيه رطوبة صقيلة واذا وجدت هذه الشروط مع زوال المانع يقع للنفس علم اشراقي حضوري على المبصر فتدركه النفس مشاهدة ( شاهدة خ‌ل ) ظاهرة جلية والرابع قول ارسطاطاليس في كتابه اثولوجيا وهو ان الابصار بانشاء صورة مماثلة له بقدرة الله من عالم الملكوت النفساني مجردة عن المادة الخارجية حاضرة عند النفس المدركة قائمة بها قيام الفعل بفاعله لا قيام المقبول بقابله والحق هو القول الثاني اي القول بالانطباع ويشهد له العقل والنقل ويطول الكلام بذكر بيانه وبرهانه فاذا قابل البصر الشيء اذا توسط الهواء حتى يقع الامتياز في الادراك ولم يكن البعد المفرط حتى يستقر بالمقابلة اظهر انتقاش تلك الصورة فادرك الشخص اي النفس ذلك الشيء بنفس تلك الصورة الحاصلة كالامر الذهني ولذا قال مولينا الصادق عليه السلم لهشام انظر ماذا ترى قال ارى سماء وارضا وجبالا وبحارا وبراري قال عليه السلم ان الذي قدر ان يدخل هذه الاشياء كلها في اقل من عدسة يقدر ان يدخل الدنيا كلها ولا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة الحديث ومن المعلوم ان اعيان تلك الاشياء ما دخلت في البصر فلم يبق الا دخول اشباحها وامثلتها وذلك معلوم لمن له عينان ( عينان ولسان خ‌ل ) وشفتان واما حس السمع فانهم قد اختلفوا فيه ايضا لكن الحق انه عبارة عن ادراك الصوت الذي يحدث بين شيئين يكون بينهما قرع او قلع او ضغط فيصدم ما بينهما من الهواء باحد الثلثة ما يليه ويصدم ما يليه ما بعده بهيئة ما صدمه ما قبله وهكذا يتدافع الهواء بعضه لبعض بهيئة الدفع الاول والدفع الاول الذي حصل بالهواء المتحرك بالقرع او بالقلع او بالضغط يكون بتلك الهيئة في الشدة والضعف والجهر واللمس والرخاوة واللين وما اشبه ذلك من صفات الحروف وامثالها كدق على القرطاس والنحاس والماء فان هذه الاصوات الثلثة لهيئات ( بهيئة خ‌ل ) تلك الحركات الثلثة بين جسمين فيخرج من بينهما الهواء حاملا ( حامل خ‌ل ) لتلك الهيئات والاوضاع ويدفع ما يليه اي يصدم ما يليه بنحو ما صدمه به الجسمان ( صدمه الجسمان خ‌ل ) وهكذا حتى يصل الجزء الاخير من الهواء الى الصماخ من اذن السامع فيصدم تلك الجلدة الرقيقة التي تلي الدماغ كهيئة الطبل بما حمل من الهيئات ( الهيئة خ‌ل ) فتوجه القوة السمعية عند دق بابها لهيئة الدق فتدرك الصدم الاول بما حمل لها الهواء من هيئاته بتدافعه كما يتدافع ماء الحوض فيكون من جميع الجهات فيسمع كلامك من هو امامك وخلفك ويمينك وشمالك وفوقك وتحتك لانه بتموج ( يتموج خ‌ل ) الهواء بالصدم الاول مستديرا كما ترى اذا حركت وسط حوض الماء الا انه قد لا تستوي ( لا يستوي خ‌ل ) جهات امتداده على الحقيقة وان تساوت في الجملة لان الهواء المدفوع اولا وهو الصدم ( المتصدم خ‌ل ) الذي يصدم ما وراءه ربما يكون في جهة انبعاثه اطول واظهر واقوى ولا بد من الهواء في حمل الهيئات او ما يشابهه في التخلل والسيلان الا انه ضعيف جدا لا يحكيها كما هي الا الهواء ولذا قد يسمع الدق والصوت تحت الماء لسيلانه وامكان تدافعه ولكنه لا يتميز الصوت لاجل ثقله وليس الحافظ للحروف مثلا الخيال او النفس او غير ذلك كما توهمه بعضهم وانما الحامل لها الهواء لانه هو المجانس لها فاذا دق باب السامعة تلتفت من وراء الحجاب فاذا دق بابها حفظت صورته بواسطة الحس المشترك المسمى ببنطاسيا فيدفعه الى خزانة الخيال وحفظت النفس وتناول العقل معناه من الصورة النفسية فاذا اراد مالك القرنة ( القرية خ‌ل ) ابراز ذلك كما وصل اليه امر خدامه فصاغوا اصواتا بهيئات كما وصلها والبس تلك المعاني والصور ( الصور وخ‌ل ) تلك الهيئات المصاغة على هيئة ما وصل اليه الهواء والاصح ان المسموع هو الصوت القائم بالهواء القارع للصماخ وهو المحسوس لا الصوت القائم بالهواء الخارج عن الاذن وشرط تحقق السماع على كماله توسط الهواء بين السامع وذي الصوت واما حس اللمس فقالوا فيه ان الحيوان الارضي لما كان حامل كيفية اعتدالية لا يستقيم بدونها ولا تتعلق النفس الفلكية بغير الاعتدالية بل يكون سبب فراقها اختلال ذلك الاعتدال احتاج في حفظها الى قوة حافظة لها بكونها مدركة بما ( لما خ‌ل ) يباشر ذلك الحيوان كالهواء والماء بانه مخالف او موافق ليحترز بها عن المخالف ويطلب الملايم حتى لا يكون المخالف محرقا له بحره او ( وخ‌ل ) مجمدا له ببرده وحتى يسكن الى الموافق ويتقوى به الاعتدال عن الاختلال ولذا كان اللمس اسبق الحواس حصولا وحيث كانت الكيفية الاعتدالية شاملة لجميع البنية الحيوانية وجب ان يكون الحافظ لها كذلك فكذا اللمس في جميع البدن واعدل قوة اللمس ( اللمس ما كان خ‌ل ) في انملة السبابة وايضا هذه القوة وان كانت من اعراض عالم الغيب الا انها لما كانت لتمييز احوال الشهادة غلب عليها جانب الشهادة لان تمييزها بالمباشرة فكانت سارية في جميع البدن من جهة الروح البخاري الذي هو محل الروح الحيواني فهي تجري حيث تجري الروح البخاري والروح البخاري يجري حيث يجري الروح الحيواني واما الذوق فهو بعد اللمس في الظهور وفي القرب من الاجسام واعم الاربعة بعد اللمس ولكن لما كان مدركه الطف من مدرك اللمس لانه اما اجزاء لطيفة تنفذ في مسام اللسان ( مسام البدن خ‌ل ) او كيفية يتكيف بها ريق الذائق فيدركها اللسان ولما كان مقتضيى الحكمة ان يكون بين المدرك وما يدركه مناسبة ومشابهة وجسد الحيوان ليس كله لطيفا مشابها لما تدركه القوة الذائقة لم يحسن ان تسري الذائقة في جميع الجسد بخلاف اللامسة ومع هذا فلا بد من القوة اللامسة في ادراك الذائقة لاشتراط المباشرة بها فاللامسة دليلها فاذا باشر المطعوم آلة الذوق وهي اللسان نفي اعتبار اللامسة وتولت الذائقة ادراك المطعوم بجذب اجزاء لطيفة منه الى جوفها فاذا انجذبت الى جوف آلة الذائقة سواء كان بنفس الاجزاء او بواسطة الرطوبة اللعابية المنبعثة من العرقين اللذين تحت اللسان حصلت لها الملائمة والمنافرة اللتين به يتحقق ( اللتين يتحقق خ‌ل ) باحدهما الذوق بشرط ان لا يكون في الرطوبة ولا في اللسان طعم ليتأدي طعم المطعوم الى القوة الذائقة او يكون فيهما او في احدهما طعم ضعيف لا يغير طعم المطعوم والصورة الذوقية هي الملائمة للقوة الذائقة او المنافرة لها ونسبة هذه الصورة الى القوة كنسبة الصورة الى المادة ( كنسبة المادة الى الصورة خ‌ل ) كنسبة الانثى للذكر والطعوم على المشهور عندهم تسعة الحراقة ( الحرافة خ‌ل ) والمرارة والملوحة وهذه الثلثة من فعل الحرارة والحموضة والعفوصة والقبض وهذه الثلثة من فعل البرودة والدسومة والحلاوة والتفاهة وهذه الثلثة من فعل الكيفية المتوسطة واما حس الشم فانه الطف من الذوق ولهذا تقدم الذوق عليه في الحصول وتأخر الشم ولاق ( لان خ‌ل ) مدركه وهو الهواء الطف من مدرك الذوق سواء قلنا ان الهواء يتكيف بكيفية الرائحة ويؤدي بها الى حملة ( حلمة خ‌ل ) الخيشوم او اجزاء لطيفة من ذي الرائحة قد ( وقد خ‌ل ) انبتت فيه ويؤدي بها الى الحلمتين اي العصبتين اللتين في المنخرين عند الخيشوم في كل واحد واحدة شبيهة بحلمتي ثدي المراة ينبسطان عند وصول الرايحة الطيبة وينقبضان عند وصول الرايحة الخبيثة وبالانبساط والانقباض يحصل الشم للقوة الشامة اذ هما آلة ادراكهما للرائح قال شيخنا اطال الله بقاه والارجح عندي في الذوق والشم ان المدرك بفتح الراء الكيف لا الاجزاء ففي الذوق يتكيف الرطوبة اللعابية بطعم ذي الطعم وفي الشم يتكيف الهواء برايحة ذي الرايحة انتهى كلامه اعلى الله مقامه والحق كما قال جعلني الله فداه واما المتصورات ( التصورات خ‌ل ) فهي الصور المنتزعة الحاصلة في الخيال او النفس النازلة الى الذهن من باطن فلك الكرسي فلك البروج وفلك المنازل او من باطن فلك الزهرة وهي الاشباح المتشخصة المتعينة الظلية اي ظلال نورانية ملكوتية والموهومات فهي الاشباح والصور الحاصلة في القوة الواهمة المنتزعة من عالم الغيب النازلة اليها من باطن فلك المريخ وهو شيخ طاعن في السن قاعد على كرسي من الدم والمفروضات فهي الموهومات والمتصورات والروابط والقرانات الموجبة للهيئات والحدود باعانة القوة الفكرية النازلة الى الذهن من باطن فلك عطارد وهو الكاتب رجل له لسانان ووجهان سابح في بحر الزيبق والمعقولات وهي المعاني المتحصلة في العقل اي القوة العاقلة في الدماغ النازلة اليها من باطن فلك زحل المستمد من الشمس من النور الابيض من اركان العرش وكيفية ادراك هذه المراتب هي انتقاش تلك الصور من الجزئيات والكليات في قواها الخاصة من الاعيان الخارجية الغيبية فتلتفت النفس الناطقة وهي التي يشير بها الانسان الى نفسه بقوله انا بوجهها وهو تلك القوى الى ما تريد من المطلوب الكلي او الجزئي او المحسوسي او المعقولي فتنتقش صورة المطلوب في المرآة الخاصة بها ( لها خ‌ل ) وتنصبغ بصبغ تلك المرآة وتتعين بحدودها ولذا يختلف المتصورون في تصور شيء واحد وكل احد يقرء حروف نفسه ويخبر عما عنده فافهم فان الكلام في هذا المقام طويل الذيل والاقتصار بما ذكرنا اولى مع ( من خ‌ل ) ان من له انس بطريقتنا يعرف هذه المدارك بادنى الاشارة اذ قد تكرر منا بيانها كثيرا بخلاف الحواس الظاهرة فلذا ارخينا عنان القلم في ذلك الميدان للجولان قليلا والله ولي التوفيق ولا حول ولا قوة الا بالله وقولكم وكلها ايكون بالعقل ام بشيء آخر جوابه ان كل تلك القوى ( كل القوى خ‌ل ) انما هي آلات للعقل ( العقل خ‌ل ) فالعقل هو المدرك حقيقة الا ان بعض الاشياء يدركها بذاته وهي المعاني الكلية الحقيقية او الاضافية والبعض الآخر يدركه بالآلات وهي النفس والوهم والخيال والفكر وغيرها من ساير القوى والمشاعر الظاهرة والباطنة

**
قال سلمه الله تعالى : الثامنة - بين لي الدليل على بطلان الاشتراك المعنوي واللفظي بدليل قاطع ونور ساطع ولو بالاجمال**

اقول اما الاشتراك المعنوي فانه يقتضي ان يجمع المعنيين حقيقة واحدة ويكون امتياز كل منهما عن الآخر بالحدود والاسم موضوع للحقيقة الجامعة كاسم الانسان فانه موضوع للحقيقة المطلقة وهي شيء واحد امتاز في زيد وعمرو من ( ومن خ‌ل ) جهة الحدود والمشخصات فيكون الانسان الموجود في الافراد كلها حقيقة واحدة لا شريك و( او خ‌ل ) الاسم للجهة الجامعة وكذلك الحيوان بالاضافة ( بالنسبة خ‌ل ) الى افراده فيكون الاطلاق حينئذ بالاشتراك المعنوي وذلك واضح ظاهر فلو كان شيء من الاشياء مشتركا مع الله سبحانه بهذا المعنى للزم اما ان يكون الخلق قديما او الله حادثا لان الجهة الجامعة يجب ان يكون شيئا واحدا في المقامين والاختلاف انما هو بالحدود والمشخصات ولذا لم يجز ان يكون بين افراد الانسان ترتب العلية والمعلولية والاثرية والمؤثرية وكذا بين افراد الحيوان لان الاثر معدوم في رتبة ذات المؤثر اذ لو كان موجودا ( موجود خ‌ل ) فيها وقع التأثير باطلا مع استحالته حينئذ لان الشيء لا يؤثر في وجود نفسه بذاته فلو كان الوجود حقيقة واحدة في الواجب والممكن ليكون اطلاق لفظه عليهما بمعني واحد كان ما ذكرنا من لزوم ( لوازم خ‌ل ) كون الواجب حادثا والحادث قديما واجبا واما قولهم ان الاشتراك انما هو في المفهوم لا في المصداق فكلام فاسد غير معقول لان هذا المفهوم ان كان صادقا على الواجب فالاطلاق ( والاطلاق خ‌ل ) من جهة الصدق الواقعي اما الاولى او الاعتقادي فكان الامر كما قلنا ولزم ما ذكرنا وان لم يكن المفهوم صادقا كان كذبا او يكون خارجا عن محل النزاع واما الاشتراك اللفظي فظاهر البطلان لان ذلك على فرض ثبوت وضع اللفظ للذات البحت وقد دلت الادلة القطعية من العقلية والنقلية على ان الذات المقدسة لا اسم لها لان الاسم يقتضي الاقتران بالمسمى مع ان المسمى جهة غير جهة الذات فاستحال ان يوضع لها اسم لانها حينئذ تكون مسمى وهو غير الذات ولذا قال عليه السلم ان الله ليس بمسمى واما ما ورد في بعض الاخبار من اطلاق المسمى عليه فكما ذكرنا سابقا فراجع فاذا لم يكن سبحانه مدلول لفظ ( اللفظ خ‌ل ) فكيف يصح الاشتراك مع ما يلزم من اعتبار المبائنة في الاشتراك اللفظي اذ لو وضع لجهة الموافقة لم يكن الاشتراك لفظيا وانما كان معنويا فلا بد ان يلاحظ الواضع كل واحد من المعنيين معزولا عن الآخر حتى يوضع له ذلك بوضع على حدة وفي ذلك لزوم التحديد والتقييد وبينونة العزلة وقد دلت الادلة القطعية على ان بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية فلو كان الاسماء موضوعة بازاء الذات البحت وهي حادثة لزم مناسبة الحادث بالقديم وهي تقتضي التركيب والافتقار وان لا يكون الواجب واجبا والممكن ممكنا وكذلك لو لاحظت جهة عدم المناسبة لانها مبائنة وهي احدى النسب الاربع فافهم

قال سلمه الله تعالى : التاسعة - بين لي اذا كانت المفروضات والحيثيات والاعتبارات والاشارات وغيرها من صفات الممكنات لا تقع الا في الامكان والحدوث فكيف يجوز اعتقاد الصفات التي هي نفس الذات في الذات والا يستلزم ( في الذات اولا يستلزم خ‌ل ) الفساد وما السر في تكليفه للعباد بان يسموا الذات بالصفات التي هي عين الذات ايكون للصفة معنى آخر ام بمحض التسمية لحكمة مع ان الظاهر نفي الصفات كان احسن لئلا تشم رايحة المغايرة عند البعض بحسب المفهوم اللفظي او الاعتباري

اقول قال امير المؤمنين عليه السلم كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة الصفة والموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث الحديث لان المراد من اثبات الصفة اثبات الكمال ولا كمال اعظم ولا اكمل ( واكمل خ‌ل ) من التوحيد بل هو الكمال المطلق وما سواه شرك وكثرة واثنينية فلا يجوز وصفه تعالى بالكثرة وما يستلزمها فاذن وجب نفي الصفات ولكن لما كان الناس في القوس الصعودي بعد النزولي قبل البلوغ الى الغايات ومقام الموطن الاصلي لا يعرفون من الكمال الذاتي الا هذه الاوصاف المعلومة كالعلم والقدرة والسمع والبصر والحيوة وامثالها امروا بان يوصفوه تعالى بها من حيث انها كمال كالنملة تزعم ان لله زبانيتين لما راتهما كمالا لما اتصف بهما ولما كان اثبات الصفات المتعددة نقصا في حقه تعالى امروا بان يعتقدوا انها عين الذات وكل واحد منها عين الآخر فلو لم يؤمروا باثبات الصفة الكمالية كانوا يتوهمون في حقه تعالى النقصان والتعطيل عن الكمال ولو لم يؤمروا باعتقاد ان كل واحد منها عين الآخر لوقعوا ( فوقعوا خ‌ل ) في التشبيه والشرك ما داموا في عالم الكثرة ومقام الحجب عن الوحدة فاذا ارتفعت الحجب وانكشفت السبحات وظهر سر عالم الوحدة علموا ان كمال التوحيد نفي الصفات لان الصفة تستلزم الجهة وهي هناك ممتنعة فهو سبحانه وتعالى واحد بكل اعتبار ولذا قالوا عليهم السلم في مقام اثبات الصفة ليخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه وهو سبحانه كامل بكل اعتبار والكمال المطلق هو الوحدة كما ذكرنا لا الكثرة وليس قول امير المؤمنين عليه السلم نفي الصفات اثبات التعطيل وانما هو اثبات محض الكمال الا ان الواقف في مقام الكثرة والفرق وامتياز الصفة عن الذات يضطر الى القول بالصفة والذات ويضطر الى القول بان الصفة عين الذات فكلامه عليه السلم لمن خرج عن عالم التمايز والجهات ودني من خالقه بلا كيف ولا اشارة في مقام الخلق واحاديث اثبات الصفة للواقف في موقف الكثرات والمحتجب بحجب الانيات واحاديث ان الصفة عين الذات لمن تشبث في الكثرة بسر الوحدة وظهر له مقام الانية مستقهرا تحت سلطان الوحدة فيحكم ان الصفات عين الذات وبعضها عين الآخر في المفهوم والمصداق وهؤلاء هم اصحاب المثلث الناري الذين يشهدون بان لا اله الا الله وان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله وان عليا عليه السلم والطيبين من اولاده اولياء الله وخلفاؤه ثم لاحظوا المثلث في المربع فظهر لهم مثنى العدد التام وهو اثني عشر فنطقت السنة كينوناتهم حكاية عن ربهم وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته فكانوا بذلك من اصحاب الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها واما الذين اثبتوا الصفة ولم يجعلوها عين الذات على الحقيقة بل جعلوها معاني زايدة هم اصحاب المربع الذين بقوا في مقام قوس الادبار فادركهم الدثور والوبار فكان يومهم يوم الاربعاء يوم نحس مستمر الذي كان ينزل العذاب فيه على اعداء الله واعداء رسوله كما ان الاولين كان يومهم يوم الجمعة يوم العيد والبركة ويوم الخير والنور ولذا كان يوم الجمعة منسوبا الى القائم المنتظر عجل الله فرجه كما في الرواية عن الهادي عليه السلم فافهم المطابقة

قال سلمه الله تعالى : العاشرة - ما الفائدة في شهادة سيدالشهداء عليه وعلى جده وابيه وامه واخيه وذريته الطاهرين آلاف التحية والثناء وما السر في ذلك الذي هو اقوى من مصيبته وبين لي التألم في ابدانهم الشريفة في الحرب ( الحرب ايكون خ‌ل ) كالتألم في ابدان غيرهم عليهم السلم ام لا

اقول ان السر الداعي لوقوع هذا الامر الهائل والخطب الفادح امور كثيرة من وجوه الظاهر والباطن والتأويل وباطن الباطن وذكر بعضها مما لا ينبغي ولا يجوز والبعض الآخر يحتاج الى تمهيد مقدمات وشرح احوال ليست بمأنوسة عند الناس فيسارعون اليها بالانكار فاقتصر على الوجه الظاهر على جهة الاجمال واشير الى الباطن والتأويل والوح الى باطن الباطن على مقتضي ما اشارت اليه الاخبار واطلع عليها من جاس خلال تلك الديار اعلم ان الله سبحانه قد حكم موافاة لسابق علمه وجريا بمقتضى ( لمقتضى خ‌ل ) سر حكمته ونفوذ مشيته ان يكلف العباد بما هو يرقيهم ويوصلهم الى ما منه خلقوا بمقتضى طلباتهم وحسب شهواتهم من سعادة او شقاوة ونعيم او جحيم وهذا الامر لا يتيسر الا بامرين احدهما ايصال المكلف به اليهم والثاني عدم الجائهم لقبول التكليف اذ الالجاء جبر وظلم وعدم الايصال منع اللطف فبعث وله الحمد والمنة الانبياء والمرسلين اثباتا لامره وانفاذا لمشيته الى ان يبلغ ( بلغ خ‌ل ) الامر الى ظهور الدولة العظمى والسلطنة الكبرى خاتم النبيين صلى الله عليه وآله فظهر في العود ما كان هو ( العود كما كان في خ‌ل ) البدء وكونه ختما دليل كونه بدوا قال عز وجل كما بدءكم تعودون فجرت الاحكام بمقتضى الحكمين في العود كما جرت في البدء ( البدو خ‌ل ) بمقتضاهما فنشير الى الحكم البدوي لتعرف منه الامر العودي الذي هو عين البدوي وهو ان الله سبحانه لما اقام الخلق في عالم الذر عالم الاظلة والاشباح وسئلهم الست بربكم فاول من اجاب هو رسول الله صلى الله عليه وآله فظهر من نور اجابته صلى الله عليه وآله نور شعشعاني اضاء اهل العالم كلا كالصبح الطالع المشرق بنور الشمس كل الذرات بحيث انمحقت الظلمات ثم انكر المنكر الاول في مقابلة ذلك الانوار ( الاقرار خ‌ل ) في كمال العناد فظهرت من انكار اللعين ظلمة اظلمت ذلك العالم بحيث سرت تلك الظلمة في كل الذرات في كل المقامات كالليل الذي يغشي النهار ولما كان ابقاء هذه الظلمة يفسد البنية ويخل بالنظام ويورث عدم ايصال التكليف وكان رفعها بالمرة و( وكان خ‌ل ) محوها بالكلية مورثا للامر الثاني اي الالجاء في التكليف لعدم وجود الداعي للشر وعدم تمكن العبد منه لان الشر له اصل وينبوع اذا انعدم بالمرة ينعدم الشر بالمرة واذا انفصل انفصل فلم يتم النضج التام لاهل العالم كما ان النهار لو كان مستمرا دون الليل لفسدت الاشياء ولو كان الليل كذلك كان كذلك فوجب اثبات الامرين لكشف سر الامر ( لسر الامر خ‌ل ) بين الامرين ولا يكون ذلك الا بتمكين الظلمة من تأثيرها واظهار النور لاثبات بيان اجتثاثها ودثورها وانقطاعها ليظهر من هذا المزج لون كلون الفجر الصادق الاول الظاهر بالشفق ليتعقب ذلك بظهور الشمس المضيئة الماحية لكل تلك الظلمات الكاشفة لكل تلك الغشاوات ولما كان الله سبحانه اجرى فعله وخلقه على مقتضى الاسباب وكان هذا الامر الكلي للعالم الكلي لا يتم الا بالاصل الكلي كان لا يصلح لهذا الامر الا محمد واهل بيته الطاهرون ( الطاهرين خ‌ل ) سلام الله عليه وعليهم فنادى منادي الحق سبحانه بلسان الكينونة فيهم عليهم السلم من الذي يرفع هذه الظلمة ويرد هذه الليلة الظلماء والطخية العمياء الى الفجر الصادق على وجه لا يكون فيه الجاء واضطرار للمكلفين بل على وجه الخضوع والخشوع والصبر على الشدة وعض النواجذ على عظيم المحنة فلبى الحسين عليه السلم دونهم لذلك النداء وقابل تلك الدعوى فسماه الوحي الالهي للعناية الازلية سيد الشهداء وانما لبى الحسين عليه السلم دون غيره لانه مبدء التفصيل الثاني للفيض الكلي الاجمالي الاولى فيجب ان يكون ظهوره بالاستيلاء وبغيره مقدما ولذا كان اول من يرجع في الرجعة فافهم فان النبي صلى الله عليه وآله خفي امره بانكارهم لامير المؤمنين عليه السلم وهو عليه السلم خفي امره بانكارهم للحسن عليه السلم وقد ظهر امر الكل بانكارهم للحسين عليه السلم هذا معنى قولي ( قوله خ‌ل ) وجب ان يكون مقدما اما ( ان يكون ظهوره مقدما الا خ‌ل ) الاستيلاء ففي الرجعة واما غيره ففي هذه الدنيا وبيان هذه الجملة بالعبارة الظاهرة هو ان الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله على فترة من الرسل وطول هجعة من الامم وخفاء الحجة فلما اظهر صلى الله عليه وآله الاسلام بقي نحوا من احدي‌ عشرة سنة في مكة ولم يطع له امر ولم تصنع ( لم تصغ خ‌ل ) له اذن ولم يظهر امره ولم ينتشر خبره وفي ذلك عدم وصول التكليف واعلاء كلمة الحق وهو مستحيل فامره الله سبحانه بمقتضى الاسباب بالمحاربة والجهاد والمقاتلة مما لا يلزم منه الالجاء والجبر ففعل صلوات الله عليه وآله حتى صار يأخذ منهم الجزية ويقبل منهم الفدية فاذا شفع لهم احد يقبل شفاعته هذا كله لئلا يلجأهم الى القبول حتى يقبلوا الايمان مكرهين اذ لا اكراه في الدين وما اراد بسل سيفه واقدامه على الجهاد الا انتشار الخبر واشتهار الاثر في اطراف الارض واقطار العالم ولما كان في سل السيف توهم الالجاء وكان الاغلب انما آمنوا لظهور السلطنة وطمع الرياسة لا لمحبة الله سبحانه امر صلى الله عليه وآله وصيه امير المؤمنين عليه السلم بعدم سل السيف واظهار الحق وادعاء الخلافة حتى تستنطق الطبايع بما اسرت والضماير بما استجنت والسرائر بما انطوت فعمل على عليه السلم فظهر ما اراد الله سبحانه من اخراج ضغاين الصدور وامتياز الخبيث من الطيب فلما كاد الدين ان يذهب والاسلام ان يفني والنور المحمدي صلى الله عليه وآله ان ينمحق والظلمة ( الظلمة الاولية خ‌ل ) ان تستولي قام بالسيف ونهض بالامر اعلاء لتلك الكلمة فحسب كما قال عليه السلم في الخطبة الشقشقية لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء ان لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكاس اولها ولالفيتم دنياكم هذه ازهد عندي من عفطة عنز انتهى ولما كان في جهاده عليه السلم توهم ما كان في جهاد النبي صلى الله عليه وآله امر نبيه ( وصيه خ‌ل ) مولينا الحسن عليه السلم بما امر به النبي صلى الله عليه وآله من السكوت والقعود عن الحرب حتى تظهر الضغاين ويتبين المنافق من المؤمن وفي زمانه عليه السلم ظهرت الفتن الملبسة والظلمة المدلهمة وخفي الحق بالمرة وعبد الشيطان جهرة وشاعت المنكرات وعظمت البليات حتى دخل في قلوب اكثر الخلق الشكوك والشبهات وآن للدين ان يندرس وللحق ان ينهدم وفي ذلك خراب العالم امر الحسين عليه السلم بالجهاد وعدم مبايعة ( متابعة خ‌ل ) اهل العناد ولما كان الامر كما ذكرنا من وجوب ايصال المكلف به وعدم الجائهم الى القبول وجب ان لا يقاتلهم عليه السلم بقوته وقدرته والا لافناهم او الجأهم الى القبول وهو خلاف سر الحكمة فما بقى الا ان يقتل روحي فداءه ولما كان ظهور سلطنة النبي صلى الله عليه وآله واعلاء امره انما هو بقتله عليه السلم اذ لم يتهيأ لساير الائمة عليهم السلم ما قد تهيأ له من ظاهر الاسباب وكان الخلق في مبدء القوس الصعودي في مقام الانجماد لم يتبين لهم عظم قتله عليه السلم ليتنبهوا ويعظموا الامر كما لم يتنبهوا لقتل الوصي ( القتل للوصي خ‌ل ) امير المؤمنين والحسن عليهما السلم مع انهما اعظم من الحسين عليهم السلم وجب في مقام تربية العالم ان يجري عليه روحي فداءه جميع الانواع من المكاره والهموم التي يرق لها القلب فان الناس لاختلاف ميولاتهم واهوائهم لا يجتمعون على شيء واحد لا في الفرح ولا في الحزن فجرى عليه عليه السلم ما لم يبق لاحد العذر في البكاء والنحيب والرقة عليه عليه السلم من القتل والنهب والعطش وسبي النساء وسلب الرءوس وشماتة الاعداء وامثالها من الامور التي كل واحد منها مستقل في اهلاك النفس من شدة الوجد والتألم ولذا بكى له كل شيء حتى الكفار وساير الملل والنحل والمنافقين بل ( وخ‌ل ) المعاندين واما ساير الخلق من الجماد والنبات والحيوانات والجن والملائكة والسموات والارضين والجبال والبحار والبراري والقفار والجنة والنار والاشجار والثمار وساير الاشياء فمن جهة سر المأمومية والامامة وكذا طبايع البشر والانسان بالفطرة الاولية واما في الفطرة الثانوية فلوقوع هذه الامور والاحوال العظيمة التي لا بد ان يرق لها القلب وان قسى لان القلب وان كان قاسيا لا بد ان يرق لجهة ( بجهة خ‌ل ) من الجهات ولا يتصور جهة مما يؤثر ( تؤثر خ‌ل ) في القلب من انواع البلايا والمحن الا وقد جرى عليه عليه السلم فصار ذلك امرا لا ينسى وجرحا لا يداوي مع ما ظهر من بكاء الشمس والنجوم عليه بالانكساف وبجريان الدم منها ومن السموات وظهور الحمرة في الافق ونبع الدم تحت كل حجرة ومدرة وامثال ذلك من الامور العظام فتنبه الناس عن الغفلة واستبصروا واعتقد حقيتهم من كان في قلبه شك وطلب الهداية وتمت الحجة على المعاند فتبين النور في ذلك الليل الديجور وطلع الفجر ولذا كان سورة الفجر سورة الحسين عليه السلم وقال تعالى ان قرآن الفجر كان مشهودا فجعل الناس يقيمون عزائه في كل مجلس في كل سنة بل في كل شهر بل في كل اسبوع بل في كل يوم في البلدان واطراف الارض في كل الاوقات فصار ينتشر الخبر شيئا فشيئا ويزداد الاشتهار في كل وقت وساعة الى ان آل الامر الى ان الكفار والفجار والاشرار في نواحي الهند والسند والروم يقيمون له العزاء وهو عليه السلم ليس الا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما قتلوه الا لانه ادعى حقه وانه احق بالامر في الخلافة والوراثة فاذا سمع به الكافر الذي لم يسمع بالنبي صلى الله عليه وآله كان ذلك حجة عليه وقد اشتهر خبره وانتشر ذكره الى ان لم يبق في الدنيا مكان لم يطلعوا على هذه المصيبة الهائلة فظهر الاسلام وعلت كلمة التوحيد واسم النبي صلى الله عليه وآله ووصل التكليف بالايمان الى كل احد ولم يلزم الجاء احد الى الايمان وبقي الكافر المنافق الظالم على كفره وغيه ونفاقه ووصل صيت الاسلام الى كل احد وبلغ المؤمن المصدق بشدة ( لشدة خ‌ل ) ظهور اعلام الهداية الظاهرة من قتله عليه السلم الى اعلى مقامات الايمان وظهر هو صلى الله عليه وآله وروحي فداءه بكمال الخضوع والخشوع والانكسار لله سبحانه حتى صار كل خضوع مأخوذا من خضوعه لله تعالى وبلغ بذلك ( بذلك الى خ‌ل ) اعلى مقامات القرب وبلغ شيعته والباكون عليه والمتأسفون عليه والمستشهدون بين يديه والزائرون له والمجاورون لحرمه والساعون الى حوايج زواره والمشيعون لزواره والمستقبلون لهم والمتمنون لزيارته والشهادة بين يديه لو حضروه وغيره ممن ينسب ( ينتسب خ‌ل ) اليه عليه السلم ولو بنسبة بعيدة الى اعلى الدرجات واسنى المقامات وكل واحد ( احد خ‌ل ) يشفعون لمن شاءوا وارادوا من العصاة من الفرقة المحقة والمستضعفين من غيرها وقد سمعت من بعض المشايخ يروي حديثا وهو ان الامة المرحومة يوم القيمة الف صف تسعمائة وتسعة وتسعون صفا منهم يدخلون الجنة بشفاعة الحسين عليه السلم وصف واحد يدخلونها بشفاعة ساير الائمة عليهم السلم انظر الى هذه الفوايد العظيمة التي ترتبت على شهادته حتى صارت تربته الشريفة مسجدا لكل احد وشفاء من كل داء ويتخير المسافر في حايره الشريف بين القصر والاتمام كما في بيت الله الحرام ومجمل القول آثار الربوبية المطلقة الالهية على اعظم مقاماتها واحكام العبودية المحمدية صلى الله عليه وآله على اتم الوجوه واكملها انما ظهرت وتمت بشهادة الحسين عليه السلم ولذا استحب زيارته عليه السلم في كل وقت من الاوقات التي ظهر فيه سر من اسرار الربوبية كاول رجب ونصفه وآخره والنصف من شعبان واليوم الاول من شهر رمضان وليالي القدر وليالي العيد وامثالها فتفطن الى هذه الاسرار الدقيقة واما الاشارة الى باطن هذا الامر ففي قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فجعل الضمير في يكون راجعا الى نفس الشيء فخفي حينئذ فيه ضمير الفاعل الاول اي كان الذي قد ظهر بكن وهو قد ظهر بفيكون فظهر ضمير فاعل يكون لا لكونه ظهور كن بل من حيث هو وذلك يستلزم قتل سيدالشهداء روحي فداءه وعليه السلم واما التلويح الى باطن الباطن ففي قوله تعالى قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السموات فاطلع الى اله موسى الآيات فلما بلغ قريب الكرة الزمهريرية رمى سهما ليقتل الرب تبارك وتعالى امر الله سبحانه حوتا ان يقابل سهمه فوقع عليه ذلك السهم وجرى منه الدم وسول على الناس باني قتلت الله وذلك الحوت كان مخلوقا من فاضل نور الحسين عليه السلم بوسايط كثيرة فافهم هذا السر المنمنم والرمز المعمي لولا خوفي ( ولولا خوف خ‌ل ) من فرعون وملائهم لاجريت القلم في هذا المقام ولكن الكتمان من اهل النقصان اولى واحرى وقد قال مولينا الصادق عليه السلم ( عليه السلم في زيارته عليه السلام خ‌ل ) ما اعظم مصيبتك عند الله وما اعظم مصيبتك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وما اعظم مصيبتك عند من عرف الله فمصيبته روحي فداءه وان كانت عظيمة هدت ( هدمت خ‌ل ) بها بنية العالم وضعفت ( ضعف خ‌ل ) بها القوى والمشاعر وظهر الخلل والفساد والفتور والضعف والابادة وعدم التمحض في الصفا في كل ذرة من ذرات الوجود ولكنه عليه السلم بها انقذ امة جده عن الهلاك واوصل بها كل صاحب مقام ( مقام الى خ‌ل ) مقامه اما الى العليين او السجين ونال هو عليه السلم بذلك اعلى منازل المقربين فصار بذلك رحمة للعالمين وان هو الا ذكرى للمتقين ولم يحصل ما ذكرنا لولاها وذلك كالكي الذي يداوي به الانسان اذا احتاج اليها ويصبر على اذي الحرارة خوفا لما هو اعظم واما قولكم هل التألم في ابدانهم الشريفة الخ فجوابه ان بدنهم الاصلي الذي يحمل ارواحهم وعقولهم لم يظهر لاحد قط كيف وان الكروبيين الذين قد غشي على موسى على نبينا وآله وعليه السلم لما تجلى له نور رجل منهم بقدر سم الابرة هم جزء من سبعين جزء من نور اجسامهم عليهم السلم فكيف يطيق احد مشاهدة ( لمشاهدة خ‌ل ) تلك الاجسام الطاهرة والابدان المطهرة كما روي عن سيد الساجدين عليه السلم لو انا ظهرنا على الصورة التي نحن عليها لما رآنا احد الا وقد مات هذا معنى الحديث واما البدن الذي به ظهروا للخلق فهو من نوعهم كما قال تعالى انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ وهذا البدن في اللطافة والنورانية نسبته الى ابدان غيرهم عليهم السلم نسبة الاكسير المحض الخالص المسقي بالسقيات الكثيرة البالغ في الفعل والتأثير الى حد لا يوصف الى الاحجار الكثيفة الغاسقة المرمية ولما كان من نوعهم فيجري عليهم ما يجري على غيرهم واما ما روي ان اصحاب الحسين عليه السلم ما ذاقوا حر الحديد انتهى فالحسين عليه السلم بالطريق الاولى فذلك ليس لان ابدانهم غير ابدان الخلق بل لتعلق قلوبهم الى مشاهدة عالم القدس والخلاص عن هذه ( هذا خ‌ل ) المحبس الى فسحات عالم القدس لم يشعروا بما وقع عليهم من الجراحات والآلام لا لانهم ما تألموا بل ما احسوا به لشدة التفاتهم الى مقام اعظم وعالم اعلى كما شاهد ( تشاهد خ‌ل ) في من اذا همه ( اهمه خ‌ل ) امر عظيم لا يشعر بما يجري عليه من غيره وذلك معلوم بالضرورة والعيان

قال سلمه الله تعالى وابقاه : الحادية ‌عشرة ( الحادية‌ عشر خ‌ل ) - بين لي حقيقة المصدر والفعل واسم الفاعل والمفعول وطبايعها واصالتها وفرعيتها ظاهرا وباطنا وبين لي في ذيل ذلك سر الضماير في الجملة

اقول اما المصدر فهو الحدث والاثر الحاصل من الفعل وذلك الاثر هيئته هيئة الفعل ولذا يقع تأكيدا له في قولك ضربت ضربا ولا شك ان التأكيد تابع والتابع لا يساوي المتبوع في رتبة ذاته وهذا مراد من فسر المصدر من النحاة وقبله الآخرون بانه اسم الحدث الجاري على الفعل اي يوازن الفعل ويوافقه ( يوافقه في الهيئة خ‌ل ) لانه حقيقة ثانية للفعل فيعمل عمله ويدل دلالته بالتبعية لا بالاصالة وهذا كقولهم الاسم ( اسم خ‌ل ) الفاعل جار على المضارع اي يوافقه في الحركات والسكنات وليس المراد ما توهمه جماعة من انه الاصل للفعل وهو المأخوذ عنه كما يأتي وانما سمي مصدرا لانه محل الصدور وقيامه بالفعل هو القيام الصدوري وهو اول ما صدر من الفعل ولذا كان هو المفعول المطلق المقدم على كل المفاعيل واما الفعل فهو التأثير والاحداث الحاصل منهما الاثر والحدث الذي هو المصدر وهو الحركة الكونية الايجادية ولذا كان هيئته تخالف هيئة المصدر بكونه في الثلاثي المجرد الذي هو الاصل في الافعال كلها متحركة ولذا قالوا ان الفعل يدل على الزمان بهيئته وعلى الحدث بمادته وليس الفعل كما زعموا انه مركب من الحدث الذي هو المصدر ومن الزمان ليكون نسبة الفعل الى المصدر نسبة المركب الى البسيط فيكون الفعل في الوجود مؤخرا عن المصدر لانهم صرحوا في المفعول المطلق بانه المفعول الحقيقي الذي اوجده فاعل الفعل المذكور وفعله ولا شك ان الفاعل انما يوجد المفعول بالفعل والا لم يكن فاعلا اذ المشتق قبل وجود المبدء لا يصدق اجماعا فان كان هذا المفعول هو عين الفعل فلم يكن بين المصدر والفعل حينئذ فرق اصلا وهو خلاف ما اجمعوا عليه ولم يصح ايضا قولهم هو في حد المفعول المطلق بانه الذي فعله الفاعل لان الضمير المنصوب في فعله يرجع الى المصدر فيكون المعنى ان المفعول المطلق هو ( هو الفعل خ‌ل ) الذي تعلق به فعل الفاعل فلو كان المصدر المفعول المطلق هو الفعل كان المعنى هو الذي تعلق به نفسه وهو باطل بالضرورة فيجب ان يكون الفعل غير المصدر وان يكون متوسطا بينه وبين الفاعل لان المفعول المطلق الذي تعلق به فعل الفاعل فقبل التعلق لم يكن شيئا وشيئيته انما حصلت بنفس التعلق فيكون الفعل مقدما عليه ولا شك ان المؤخر في الوجود لا يكون ابسط من المقدم سيما اذا كان المقدم علة لا يجاد المؤخر ان قلت ان هذا اعتراض على الاصطلاح والعبارة ولا ينكشف به سر الواقع قلت اذا نظرت الى الواقع وجدت الامر عيانا كما اقول لك فانك اذا نظرت الى وجدانك وجدت عند صدور شيء عنك تتحقق ثلثة اشياء الاول ذات الشيء واصل حقيقته وهي التي يعبر عنها عند ( عند طلب خ‌ل ) معرفتها بالاثر بالفاعل والثاني حركة الشيء لاحداث ذلك الحدث وهو الفعل والثالث الحدث الصادر بتلك الحركة وهو المصدر والمفعول المطلق اذ لا شك ان الضرب ليس هو نفس الحركة ولا شك انه لا يحصل من الذات بدون توسط الحركة فالضارب حكاية عن الذات وضرب عبارة عن نفس الحركة من حيث التعلق بالمتعلق الخاص والمصدر هو الضرب فالمصدر علة تعين الفعل وتسميته بالاسم الخاص اذ نسبة الحركة الايجادية الى كل الآثار متساوية لكنها تتخصص حال التعلق فعند الضرب تقول ضرب وعند النصر تقول نصر وعند الاكل تقول اكل وهكذا وقد صرح مولينا امير المؤمنين عليه السلم بما ذكرت في الحديث المشهور الاسم ما انبأ عن المسمى والفعل ما انبأ عن حركة المسمى فبين عليه السلم ان الفعل هو الحركة ولا شك ان المصدر ليس اياها وانما هو اثرها كما مثلت لك في الضرب ولكن لما كان الفعل في غاية الاضمحلال والذوبان عند ظهور سلطان الذات ظهر في الحركة التي لا قوام لها في الحالين ولما كان الزمان ايضا متجددا متصرما لا بقاء له في الظاهر في آنين ناسب اقترانه بها فروعي في حقيقة الفعل نفس التأثير الذي هو الحركة والزمان واما الاسم فلما كان مقام الوقوف اي منتهي اليه تعلق الحركة ومقام السكوت ( السكون خ‌ل ) فلم يعتبر في حقيقته من حيث هو ( هو هو خ‌ل ) اثر السيلان والذوبان اذ ليس واسطة لشيء آخر كالفعل وانما هو ما توسط له فطرفي الواسطة ظاهر بالاستقلال اما الطرف الاول فهو الفاعل فللاستقلال الذاتي واما الطرف الثاني فللاستقلال العرضي بل الادعائي واما الواسطة فليست الا الرابطة للوصول الايجادي واستقلالها وان كان اعظم من الطرف الآخر لكنه غير ملحوظ في مقام الوساطة التي هي الحركة فوجب ان يكون الفعل نفس الحركة المقترنة بالزمان والاسم اي المصدر هو الحاصل من الحركة والمعبر ( المعتبر خ‌ل ) فيه الاستقلال وان كان بالعرض ولما كان الفعل هو الاصل الذي يدور عليه الاسماء والمفعولات كلها فيكون ( فتكون خ‌ل ) في الاستقلال اشد واعظم من غيره فلو لم يلحظ ذلك المعنى فيه لتوهم عدم استقلاله بالمرة وجبت ملاحظته فيه ولذا قيل في حد الفعل انه المستقل المقترن وقد اخذ هذا الحد من كلام مولينا الرضا عليه السلم حين سئل عن المشية التي هي فعل الله قال عليه السلم خلق ساكن لا يدرك بالسكون انتهى وتالي كلامه عليه السلم صريح في انه (ع) لم يرد من السكون ضد الحركة وانما اراد به الاستقلال والتذوت وقوله لا يدرك بالسكون اشارة الى انه نفس الحركة لان السكون بعد الحركة فاذا فرض في حقه ذلك لتقدمته حركة والمفروض خلافه فلوحظ الاقتران لان الفعل هو الحركة ولوحظ الاستقلال لانه به قوام المفاعيل فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم ثم ان الفعل لما كان هو الظهور وهو حركة المسمى كما قال عليه السلم وهو في نفسه واحد لكن بحسب اختلاف المتعلق لتعدد احواله وتختلف اوضاعه بالوضع العرضي لا الذاتي اشتقت منه الافعال السبعة هذا هو الكلام الواقعي الاولى او الستة على مقتضي ما يفهمون اذ الفعل لا يخلو اما ان تعلق ( يتعلق خ‌ل ) بالمفعول او لم يتعلق فالاول هو الفعل الماضي والثاني لا يخلو اما ان الشرايط ماتوفرت للتعلق ( المتعلق خ‌ل ) وبعد ذلك تتوفر فهو المستقبل او انها توفرت تستدعي الاذن الذي هو نفس التعلق وهو فعل الامر او انها ماحصلت فهو الجحد او ان الشرايط توفرت ورجحت عدم التعلق وهو النهي او انها ليس من شانها الاجتماع والحصول لموانع اخر فهو النفي او انها متوقفة على باب الاذن وهو الاستفهام فيتشعب الفعل لما ذكرنا بما ذكرنا الى سبعة وهي ( هو خ‌ل ) العدد الكامل الذي عليه يدور الوجود واما الاسم الفاعل والمفعول فلا يتشعبان من الفعل وانما هما من المصدر وهو من الفعل كما سنذكر ان شاء الله تعالى واما الاسم الفاعل فهو ظهور الذات بالاثر وهو مركب من مادة وهو ( هي خ‌ل ) نفس الظهور ومن صورة وهي حقيقة الاثر وبعبارة اخرى ان اسم الفاعل هو الشبح المنفصل من الذات اي ظل الكينونة الظاهر بالقيومية كلية كانت ( كان خ‌ل ) او جزئية ولا يصح ان يكون هو الذات البحت من حيث ظهور الاثر والصفة وان كان كذلك لكن لا على المعنى المعروف عند العامة لان زيدا مثلا لم يكن قبل القيام قائما اي لم يوصف به فاذا تعلق فعله بالقيام وصف بالقائم فهذا الوصف لا يخلو اما ان تكون صفة ذاتية له او فعلية فان كان الاول يلزم ان يتغير المؤثر باثره لانه في ذاته لم يكن موصوفا ثم صار كذلك في ذاته فصارت لذاته حالتان وهذا هو التغير ولا شك ان هذا التغير انما حصل بالقيام الذي هو نفس الاثر فيكون الاثر مغيرا لحقيقة المؤثر فيكون مؤثرا بعد ان كان اثرا والمؤثر يكون اثرا بعد ان كان مؤثرا وليس هذا من قول العقلاء فضلا عن العلماء فان لم تكن الصفة ذاتية وهي الشق الثاني بل كانت فعلية فلا توصف الذات بها وانما يوصف بها ظهوره بفعلها في ذلك الاثر ولذا كان الفعل اصلا للاسم الفاعل ومثاله انك اذا نظرت الى ( في خ‌ل ) المرآة ورأيت صورة المقابل فيها فتحكم ( وتحكم خ‌ل ) على المقابل بما رأيت من ظهوره وشبحه في المرآة مع انك مارايت المقابل بل ربما يخالف وصفك اياه بسبب تغيير الظهور من جهة المرآة فتحكم في المرآة السوداء بانه اسود وفي الحمراء بانه ( انه خ‌ل ) احمر مع انه ليس في الواقع فصح ان الذي اليه توجهت وحكمت عليه بانه المقابل انما هو ظهوره وشبحه لا فرق بينه وبينه في التعريف والتعرف والمعرفة الا انه اثره وخلقه فالمقابل الخارجي هو الذات والمقابلة هي الفعل والمرآة هي نفس المصدر الاثر والشبح المرئي في المرآة هو الفاعل وهو القائم فافهم المثال على طبق الممثل ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال واما الاسم المفعول فقد اشبعنا الكلام فيه في الجزء الاول من شرح الخطبة والاشارة اليه ان نفس الاثر من حيث هو هو المفعول المطلق ونفس الاثر من حيث التعلق بالحدود المشخصة الستة التي هي الزمان والمكان والجهة والرتبة والكم والكيف هو المفعول به فاذا قلت رأيت زيدا المضروب فليس المضروب هو حقيقة ( المضروب لم يكن هو حقيقة خ‌ل ) نفس ذات زيد والا لم توصف بالضاربية ولما قلنا سابقا في الاسم الفاعل فيكون المضروب هو الضرب الواقع في تلك الحدود المنجمد الجاري عليه حكم الحدود ولذا كان الضرب مادة للضارب والمضروب فزيد في اسم الفاعل الالف في الوسط للاشارة الى انه جهة الوحدة وهي الوجه الاعلى لظهور المبدء والمثل الاعلى والمقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان وزيد في اسم المفعول في وسطه الواو للاشارة الى الحدود الستة التي بها تظهر حقيقة المفعول به وزيدت الميم في الاول لانه مقام الشهادة ولانه مقام التربيع ولذا كان المصدر مبدء شكل المثلث والمفعول به مبدء ( المفعول مبدء خ‌ل ) شكل المربع وانما اختصت الميم للاشارة الى ظهور الطبايع الاربع في القبضات العشر فافهم فقد اقتصرت الكلام اعتمادا على فهمك الشريف واما طبايعها فاعلم ان طبيعة الفعل حارة يابسة لانها الحركة والاسم الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره وطبيعة الفاعل كذلك ايضا لانه حكاية الفعل للمفعول عدم استقلالية نفسه فيكون وجه الذات فلون الفاعل والفعل احمر واما الفاعل من حيث هو فاعل فدائم الحمرة واما الفعل فقد تعتريه الوان اخر من جهة التعلق فيحدث اللون المركب او يظهر على لون المتعلق واما المصدر فطبيعته حارة رطبة وهي ( فهي خ‌ل ) مظهر الهواء اما ( واما خ‌ل ) حرارته فلكونه اثرا للفعل والاثر يشابه صفة مؤثره كما برهن عليه واما رطوبته فلارتباطه بالمفعول واما الاسم المفعول فله طبيعتان ظاهرة وباطنة اما الظاهرة فهي البرودة والرطوبة اما البرودة فلكونه وجه التكون مقامه مقام السكون المقتضي للبرودة واما الرطوبة لكونه مرتبطا بالمصدر وقابلا منه المدد عن الفعل عن الفاعل واما الباطنة فهي البرودة واليبوسة اما البرودة فلما قلنا من انه جهة الانصدار والتكون ( جهة الاضداد والسكون خ‌ل ) واما اليبوسة فلكونه حافظا لمدد الفاعل اليه بواسطة الفعل فلون المصدر اصفر صفرة شديدة ولون المفعول المطلق ابيض وقد يكون احمر لارتباط الصفرة بالبياض واما لون المفعول به فظاهره ابيض وباطنه اسود والغالب على ظاهره البلغم وعلى باطنه السوداء نعم اذا فلجت الارض بالماء وسقيته ( سقيت خ‌ل ) بالتساقي التسع فحينئذ يكون ظاهره عين باطنه ويظهر في كل هذه المراتب المذكورة سر الاعتدال الحقيقي فيكون كل واحد منهم له طبيعة الآخر ولونه وخاصيته وحكمه فافهم فقد كشفت لك من ( عن خ‌ل ) حقيقة السر واما اصالتها وفرعيتها ( فروعيتها خ‌ل ) فاعلم ان الفعل هو الاصل الذي عليه تدور هذه المراتب على جهة الاطلاق وكل ما عداه مأخوذ عنه ومشتق منه وتابع وفرع له وهو الاصل في العمل والتأثير وما اختص بذلك الا لحكمة معنوية وحقيقة الهية اذ الالفاظ لا حكم لها الا من جهة المعاني مع ما دل عليه الدليل القطعي من العقلي والنقلي من اثبات المناسبة بين اللفظ والمعنى فلااستحق اللفظ الدال على الفعل للعاملية الا لاستحقاق معناه بذلك كما انك تجد في نفسك ان جميع آثارك وشئوناتك واحوالك واقوالك وجميع ما يتعلق بك انما هو متقوم ( متقوم به خ‌ل ) ومتحقق بفعلك وهي حركتك المطلقة التي بها تحدث الآثار الباطنية والآثار الظاهرية والقرانات المعنوية والروابط الصورية وكلما لك ومنك واليك وفيك وعندك وعليك ( عليك كلها خ‌ل ) تابعة لفعلك فيكون غير الفعل كائنا ما كان وبالغا ما بلغ تابعا للفعل وهو الاصل وقطب رحى الموجودات كلها واما ما ذهب اليه البصريون من كون الفعل تابعا للاسم ومشتقا من المصدر نظرا الى بعض الامور الواهية فساقط عن نظر الاعتبار بل الحق ما ذهب اليه الكوفيون في هذا المقام من اصالة الفعل واشتقاق المصدر منه لما ذكرنا من حكم توافق الظاهر مع الباطن واللفظ مع المعنى وكون الفعل اصلا في العمل والبناء ولا يعمل الاسم الا بمشابهة الفعل وكذا الحرف فانها وجوه وآلات لظهور تأثير الفعل وتتضمن معناه وذكر هذه الاحوال يطول به الكلام وكون الفعل مبني الاصل وهو اشرف من المعرب لاستقلاله وعدم تغيره بالعوامل وعدم تأثير العامل فيه بوجه من الوجوه وذلك كالشمس فانها على حالة واحدة لا تتغير اوضاعه باختلاف اوضاع الكواكب معها بخلاف ساير الكواكب فان لها مع كل وضع مع الشمس حالة مغايرة للحالة الاولى انظر الى اختلاف احوال القمر وقس عليه ساير الكواكب فالشمس آية المبني والقمر وساير الكواكب آية المعرب واما الحرف ( الحروف خ‌ل ) فانما استقرت على البناء لمشابهتها للفعل ولضعف ماهيتها عن حمل ظهور الجهات الكثيرة فيها وآية الحروف العاملة هي الملائكة فانها ( فانهم خ‌ل ) مؤثرات ومدبرات لكنها تخص بجهة من الجهات الخاصة بها فلا تتعداها كالانسان وساير المركبات القوية وكل واحد منها حامل لجهة من جهة ظهورات الفعل الكلي وهو المشية فالانسان اشرف من الملك مع انه مؤثر فيه لكونه يدا للفعل وكذا الاسم اشرف من الحرف واما الفعل فليس تأثيره من جهة كونه تابعا لآخر ولو كان الاسم كما يزعمون انه هو الذات والفعل تابع لها لما جاز تأثير الفعل فيها اذ التابع لا يؤثر في متبوعه والعالي لا يتأثر من سافله بالضرورة والبديهة واما تأثير الملائكة فانها تأخذ من الانسان في الوجه الاعلى وتوصل اليه في الوجه الاسفل وتلك الجهة العليا مستمدة من الفعل وهو انما يستمد من الذات بنفسه لا بغيره فجهة العاملية فيه نفسه لا امر آخر كما قال عليه السلم خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها والذات التي تستمد منها الفعل لا توصف بالعاملية ولا بالمعمولية ولذا قالوا ان الاصل في المبني السكون اشارة الى كمال الاستقلال واما الفعل انما بني بالحركة لما قال الامام عليه السلم انه خلق ساكن لا يدرك بالسكون ولما كان الجهة الثانية لا تلحظ في الحرف صارت مبنية بالسكون في الاغلب والاسم اذا شابه الفعل يبنى ويعمل واذا شابه الحرف يبنى ولا يعمل والفعل اذا شابه الاسم يعرب كفعل المضارع لكنه لا يعمل عليه الاسم لقبح تأثير السافل ( الفاعل خ‌ل ) من حيث هو للعالي نعم يعمل عليه الحرف لانه وجهه في مقام قوله عليه السلم اقام الاشياء باظلتها وذلك كاستمداد ائمتنا سلام الله عليهم وساير الانبياء من الملئكة ولا يجوز استمدادهم من ساير الرعية واما قصة موسى وخضر عليهما السلم فلحكمة يطول الكلام بذكرها ومجمله انه حينئذ حكمه حكم الملئكة فافهم والحكمة الالهية تقتضي تطابق الظاهر بالباطن كما قال عز وجل ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقال عليه السلم ان قوما آمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر فلم ينفعهم ايمانهم شيئا وان قوما آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم ايمانهم شيئا ولا ايمان ظاهرا الا بباطن فاذا كان الباطن والظاهر متوافقين ( متوافقان خ‌ل ) كان الامر كما ذكرنا لك وان كانا مخالفين ( مخالفان خ‌ل ) فلا يصح الايمان الا بهما معا ومعنى ان المصدر مشتق من الفعل هو ان المصدر اخذ كل حرف منه من شعاع كل حرف من الفعل مثل السراج بالنسبة الى الاشعة ومثل المقابل بالنسبة الى الصورة فالضاد في الضرب جزء من سبعين جزء من ضاد ضرب والراء فيه جزء من سبعين جزء من الراء فيه وكذلك الباء والاسم الفاعل والاسم المفعول مشتقان من المصدر اشتقاق المفصل من المجمل والاعداد من الواحد وليس كاشتقاق المصدر من الفعل واشتقاق الافعال السبعة عن الفعل كاشتقاق الاسم الفاعل والمفعول من المصدر كالمصدر من الفعل وكأني بطائفة تستهزئ بي وتقول ان هذا قول لم يقل به العلماء فيكون باطلا واني اقول كما قال المتنبي :

وهب اني اقول الصبح ليل ايعمى الناظرون عن الضياء

ولو اردت ان اشرح اقوال النحاة في هذا الباب واشير الى التهافت والاضطرابات العظيمة التي منها ( فيها خ‌ل ) لطال علينا الكلام ولا تثمر فائدة معتدا بها فتركها اولى

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتأخذه عنا

وما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا

واما ظاهرها فكما ذكرنا لك واما باطنها فاعلم ان الفعل هو المشية الكلية آدم الاكبر وحواءه ارض الامكان وهو باطن الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله والمصدر هو ظاهر الحقيقة المقدسة الشريفة كالحديدة المحماة بالنار والمفعول المطلق هو الماء الذي به حيوة كل شيء وهو الصاد في قوله تعالى كهيعص والاسم الفاعل هو المثال الملقى في هويات الاشياء كما قال امير المؤمنين عليه السلم فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله والاسم المفعول هو العقل الكلي والنور المحمدي صلى الله عليه وآله والقلم الاعلى والنور الابيض الذي منه البياض ومنه ضوء النهار واما التأويل فاجر ما ذكرنا لك من غير التقييد والتشخيص فافهم واما سر الضماير في الجملة فهو يريد بيانها من جهة دليل الحكمة المأخوذ بالعقل المستنير من انوار اهل بيت العصمة عليهم السلم اعلم ان الضمير هو سر الظاهر وحقيقته كالروح للجسد وقد قال امير المؤمنين عليه السلم اللفظ اما ظاهر او مضمر او ليس بظاهر ولا مضمر ولذا كان الضمير من المعارف لقربه الى المبدء بالنسبة الى الظاهر فكلما هو اقرب الى المبدء اعرف من غيره مما هو دونه ولذا كان الاصل فيه الاستتار ثم الاتصال ثم الانفصال وهو على ثلثة اقسام للغايب والمخاطب والمتكلم وكل واحد من الثلثة مذكر ومؤنث وكل من المجموع مرفوع ومنصوب ومجرور فتكون اقسامها ثمانية ‌عشر واللفظ الدال على المجموع اثني عشر ونحن نشير الى بعض احوالها اذ لشرح كل الاحوال مقام آخر فنقول ان الضماير للغايب هو هما هم هي هما هن وللمخاطب انت انتما انتم انت انتما انتن وللمتكلم انا ( انا وخ‌ل ) نحن وانما جعل للغايب هو وللمخاطب انت وللمتكلم انا وهل الضمير هو الهاء والواو لاحق مثل ساير العلامات او المجموع هو وخففت الواو في المثنى والمجموع تخفيفا وكذلك في المخاطب هل هو انت او ان والتاء علامة اعلم ان المعرفة جهة الوحدة والنكرة جهة الكثرة والضمير وان كان من المعارف لكنه ليس في التعريف كالعلم ولذا كان العلم في افادة التعريف لا يحتاج الى شيء سواه بخلاف الضمير فانه يحتاج الى قيد الغيبة والخطاب والتكلم ثم انه يعين جهة خاصة لا مطلقا ففيه جهة وحدة وتعريف وجهة كثرة وتنكير الا ان الغالب فيه جهة الوحدة لا جهة الكثرة ولما كانت ( كان خ‌ل ) بين الالفاظ ومعانيها مناسبة ذاتية وجب ان تكون الالفاظ الدالة على الضماير تفيد المراد ولما كان الغايب فيه امران احدهما اثبات الشيء وثانيهما غيبته او مطلقا او عن الجهة الخاصة ولما كانت الالفاظ انما وضعت بالوضع الاول في العالم الاول واهل ذلك العالم لا يشيرون الا الى لا اله الا الله لانه الغايب المطلق فلا غيبة لسواه في عين حضوره لشيء من الاشياء ابدا فجعل له لفظ هو فالهاء اشارة الى تثبيت الثابت باللفظ ( في اللفظ خ‌ل ) والى مقامات ظهور الثابت بالعدد والى نسبة ذلك المقام بالصفة فلفظهما ( فلفظها خ‌ل ) يخرج من غيب الغيوب الى جهة الظهور وان لم تظهر وعددها خمسة للاشارة الى كف الحكيم وصورة ظاهرها عين صورة باطنها والواو اشارة الى الغيبة باللفظ والى مقامات الذين غاب عنهم بالعدد والى نسبة تلك المقامات بالصفة والصورة فلفظها يخرج من الشهادة الى الغيب ومن الظهور يميل الى الغيبة والخفاء وعددها اشارة الى الايام الستة الجامعة لكل الذرات وهي مقامات من تقع الغيبة عنهم وصورتها الاستدارة وان لم تظهر تامة لمناسبة اللفظ مع المعنى فالهاء اسم محمد صلى الله عليه وآله اي غيبه وسره والواو قد اشبعت منها وهو اسم على عليه السلم فاذا ثنيت يظهر مع اولاده عليهم السلم ولذا كانت الواو سر الغيبة للاشارة الى الكثرة اي الكرسي الظاهر باعظم درجاته اي المنطقة المفصلة باثني عشر برجا ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله والكثرة تكون سبب الغيبة وعلتها وفي العالم الاول الذي ظهر الوضع لم يكن الا الواو اي الستة في مقام الجمع والاجمال وقد ثنيت في عالم الفرق والتفصيل فقول الباقر عليه السلم الهاء اشارة الى تثبيت الثابت والواو اشارة الى الغايب عن درك الحواس صريح في ان الضمير هو مجموع هو لا الهاء وحدها وان كانت الواو من اشباع الهاء ومنها واليها ولا يضر تحركها كون اصلها من الاشباع والحركة انما هي لبيان طبيعتك خلاف كينونتي ولذا كانت دليل الغيبة ولو كانت ساكنة لما ادت هذا المؤدي فمن قال ان الضمير هو الهاء واراد هذا المعنى الذي ذكرنا فقد صدق ولا ينافي ذلك قول من قال انه مجموع الهاء والواو وكذا قول من قال ان الواو للاشباع ومن انكر فان كان انكاره بعد الحركة فصحيح وان كان من الاصل فباطل والكلام عليهم يطول وليس لي الآن اقبال ذلك مع ما يلزم من تطويل المقال وزيادة القيل والقال فهم من فهم واما ساير الضماير فلما لم يلحظ فيها جهة الغيبة وجب اتيان الالف لتأكد التعريف ولذا قالوا ان المخاطب والمتكلم اعرف من الغايب وهو حرف من حروف اسم محمد صلى الله عليه وآله وتمام بسم الله الرحمن الرحيم لانه تسعة ‌عشر واستنطاقها واحد وحرفه الالف وتكرارها الباء وتكرارها الدال وتكرارها الحاء وتكرارها الميم بعدد قوى الهاء وهو الحمد المشتق منه محمد صلى الله عليه وآله وقد بسطنا وشرحنا هذا الامر في كثير من رسائلنا ومباحثاتنا فاقتصرنا بالاشارة هنا ولما كانت ( كان خ‌ل ) جهة الكثرة في هذا المقام ضعيفة اكتفى بكثرة الارادة وهي الكثرة الذكرية ومقام الاعيان الثابتة والرتبة الواحدية وحرفها النون في كن ولذا نقول ان النون حرف من حروف اسم على عليه السلم فتمت الضماير بحرفين من هذين الاسمين الاعلين ولما ارادوا الامتياز بين المخاطب والمتكلم زادوا للمخاطب التاء لانها تمام سر التربيع وهي حرف من حروف فاطمة عليها السلم لان مقامها هو الرابع وبها تمام التأليف والتركيب المعتبر ( المعبر خ‌ل ) في الخطاب في كن فيكون وتمام الكلمة في بسم الله الرحمن الرحيم وانما اوتي بالتاء لسر التربيع لوقوعها عليها السلم في الرتبة الثالثة فالاصل الاول هو محمد صلى الله عليه وآله ومقامه الآحاد والاصل الثاني هو على عليه السلم ومقامه العشرات والاصل الثالث الصديقة الطاهرة عليها السلام ومقامها المآت ولما كان بتمام التربيع يظهر التأليف والخطاب مقام التركيب وذلك في العالم الاول عالم الانوار عند خلق هياكل التوحيد الاربعة عشر ولم يكن الا التاء فتعينت لعلامة الخطاب وهنا كلمات غريبة تركتها خوفا للتطويل ولاستيحاش اشباه العلماء فصار في المخاطب ثلثة احرف الالف والنون والتاء فالالف يجب ان تكون في الاول لانها الاصل في التعريف الملحوظ في الضمير ويجب ان تكون متحركة لانها صاحب الاثر والحكم والتأثير وصارت مفتوحة لبيان عدم تمحضها في الوحدة وشوب الكثرة وان كانت مضمحلة فلا يناسبها الضم في هذا المقام لانها مقام المرتفع ولا يناسبها الكسرة ايضا لعدم اضمحلال حكم الوحدة وعدم تابعيته للآخر والنون يجب ان تكون ثانية اذ بها تمام ظهور الالف وبهما تم الضمير ويجب ان تكون ساكنة لعدم ظهور الاثر منها وعدم ترتب الحكم عليها الا من جهة البقاء والحفظ والتاء يجب ان تكون ثالثة والوجه فيه ظاهر ويجب ان تكون مفتوحة قالوا لانها اخف اقول لان طبعها البارد ( البارد وخ‌ل ) الرطب اي البلغم المختلط بالدم وهو طبيعة فلك الجوزهر واعرابه الفتح والنصب واما المتكلم وحده وهو الاصل وهو اعرف الضماير فزادوا له الالف في آخره عوض التاء للاشارة الى تأكد الوحدة المطلوبة ففيه حرفان من اسم محمد صلى الله عليه وآله وهما الالفان اولا وآخرا والمتوسط حرف من اسم على عليه السلم وفي المتكلم مع الغير انعكس الامر لملاحظة الكثرة المطلوبة فيه ففيه حرفان من اسم على عليه السلم وهما النونان اولا وآخرا والمتوسط حرف من اسم محمد صلى الله عليه وآله اذ مطلوبية الكثرة فيه اعظم من الوحدة والهيئة المجموعية دلت على التعريف المطلوب وقد بسطنا القول في هذين الحرفين في الجزء الثاني من شرح الخطبة الشريفة الطتنجية فظهر لك مما ذكرنا ان الضمير هو ان والباقي ملحقات وعوارض وعلامات وانا قد ذكرت لك نوع المسئلة في هذا الباب وليس مرادي استقصاء الكلام في جميع الفاظ الضماير من مثناها ومجموعها ومرفوعها ومنصوبها ومجرورها ومتصلها ومنفصلها لان ذلك على ما عند النحاة فليطلب في كتبهم واما ما عندي فطور غريب لو ذكرته مجردا عن ذكر الدليل لقيل دعوي فاسدة ولو اشرت الى وجه الدليل يحتاج ذلك الى مقدمات وتمهيد قواعد ولا يناسب هذه العجالة لذكرها مع اني اشرت الى نوع كيفية الاستدلال يدرك الزكي الفطن ما لم‌نذكر بما ذكرنا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله تعالى : الثانية ‌عشرة ( الثانية ‌عشر خ‌ل ) - بين لي مسئلة الغيبة التي هي اشد من الزناء وشروطها وكيفيتها على سبيل التفصيل بحيث لا يخفي شيء منها والمرجو من الله تعالى ان لا يفرق بينكم وبين ساداتكم طرفة عين في الدنيا والآخرة والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته

اقول اعلم ان الغيبة هي ان تقول لاخيك المؤمن من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس وستره الله عليه فاما الامر الظاهر كالحدة والعجلة وغيرها فلا يدل عليه ما رواه الكليني باسناده عن عبد الرحمن بن سيابة قال سمعت ابا عبد الله عليه السلم يقول الغيبة ان تقول في اخيك ما ستره الله عليه واما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا والبهتان ان تقول فيه ما ليس فيه انتهى وفيه باسناده الى ابي ‌الحسن عليه السلم انه قال عليه السلم من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته انتهى وفيه باسناده عن داود بن سرحان قال سئلت اباعبدالله عليه السلم عن الغيبة قال عليه السلم هو ان تقول لاخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه امرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد انتهى والغيبة تحرم للمؤمن سواء كان عادلا او فاسقا ما لم يكن معلنا كما يأتي واما غيرهم فيجوز هجاؤه وغيبته كما يجوز لعنه وسبه هذا هو المشهور بين الاصحاب والروايات منطبقة عليه كما في الرواية المتقدمة عن داود بن سرحان فانه عليه السلم ذكر فيه ان تقول لاخيك في دينه وليس غير المؤمن اخاه في دينه وعنه عليه السلم كما في الكافي قال من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم وقال بعض المتأخرين كما حكي عنه صاحب الكفاية الظاهر ان عموم ادلة تحريم الغيبة من الكتاب والسنة يشمل المؤمنين وغيرهم فان قوله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا اما للمكلفين كلهم او المسلمين فقط لجواز غيبة الكافر ولقوله تعالى بعده لحم اخيه ميتا وكذا الاخبار فان اكثرها بلفظ الناس او المسلم مثل ما روي في الفقيه من اغتاب امرء مسلما بطل صومه ونقض وضوءه وجاء يوم القيمة يفوح من فيه رايحة انتن من الجيفة يتأذى به ( بها خ‌ل ) اهل الموقف وان مات قبل ان يتوب مات مستحلا لما حرمه الله الا من سمع فاحشة فافشاها فهو كالذي اتاها الحديث ونقل عن رسالة الغيبة للشهيد الثاني اخبارا بعضها بلفظ الناس وبعضها بلفظ المسلم وهذا القول ليس بشيء لما ذكرنا والادلة العقلية ايضا تشهد بذلك وذكرها يوجب التطويل واما شروطها فان لا يكون في احد المواضع التسعة فان اصحابنا صرحوا بعدم حرمتها في تلك المواضع الاول المتظلم عند من يرجو ازالة ظلمه اذا نسب من ظلمه الى الآثام جاز ولعل الاحوط الاقتصار على قدر الحاجة الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي الى منهج الصلاح ومرجع الامر فيه الى النية الصحيحة والمقصد هيهنا له مدخل في الجواز الثالث الاستفتاء كما يقول للمفتي ظلمني ابي واخي فكيف طريقي في الخلاص وقد ( فقد خ‌ل ) روي ان هندا قالت للنبي صلى الله عليه وآله ان اباسفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني انا وولدي افآخذ من غير علمه فقال (ص) خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فذكرت الشح والظلم بها وولدها ولم يزجرها رسول الله صلى الله عليه وآله اذ كان قصدها الاستفتاء والاولى انه اذا كان سبيل الى التعريض وعدم التصريح ان لا يعدلوا عنه ولا يصار الى التصريح لتحقق ( لتتحقق خ‌ل ) الغيبة الرابع تحذير المسلم من الوقوع في الخطر والسر ونصح المستشير فاذا رأيت متفقها يتلبس بما ليس من اهله فلك ان تنبه الناس على نقصه وقصوره عن ما ( عما خ‌ل ) تأهل نفسه له وتنبههم عن الخطر اللاحق لهم بالانقياد اليه وكذلك اذا رأيت رجلا تردد الى فاسق يخفي امره وخفت عليه من الوقوع بسبب الصحبة في ما لا يوافق الشرع فلك ان تنبهه على فسقه مهما كان الباعث الخوف على افشاء البدعة وسراية الفسق الخامس الجرح والتعديل للشاهد وراوي الحديث صيانة لحقوق المسلمين وحفظ الاحكام والسنن الشرعية ولا يكون حاملة العداوة والتعصب ولا يذكر الا ما يخل بالشهادة والرواية لا مطلق معائبه مما لا يؤثر في ذلك اللهم الا ان يكون متظاهرا بالمعاصي السادس ان يكون المقول فيه متظاهرا به كالفاسق المتظاهر بفسقه بحيث لا يستنكف من ان يذكر بذلك الفعل بما ( لما خ‌ل ) رواه الصدوق في المحاسن عن هرون بن الجهم عن الصادق عليه السلم قال اذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة السابع ان يكون الانسان معروفا باسم يعرب عن عيبه كالاعرج والاعمش والاشتر فلا اثم على من يقول ذلك فقد فعل العلماء ذلك لضرورة التعريف كذا قالوا وقال الشهيد الثاني (ره) والحق ان ما ذكره العلماء المعتمدون من ذلك يجوز التعويل فيه على حكايتهم واما ذكره عن الاحياء فمشروط بعلم رضاء المنسوب اليه به لعموم النهي وحينئذ يخرج عن كونه غيبة وكيف كان فلو وجد عنه معدلا وامكنه التعريف بعبارة اخرى فهو اولي واحسن الثامن لو اطلع العدد الذين يثبت بهم الحد او التعزير على فاحشة جاز ذكرها عند الحاكم بصورة الشهادة في حضرة الفاعل وغيبته التاسع قيل اذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها فاجرى احدهما ذكرها في غيبة ذلك العاصي جاز لانه لا يؤثر عند السامع شيئا وقال بعض اصحابنا ان ذلك تخصيص للعمومات من غير حجة فيما اعلم وهو حسن

واعلم ان كثرة اختلال البال وتعارض الاحوال منعتني عن اطالة المقال وذكر خفايا الاسرار مع اني ما تركت شيئا منها والمرجو منكم المسامحة لما انا فيه من علة تشتت البال واغتشاش الاحوال والله المستعان في المبدء والمآل والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قد فرغ من تسويدها مؤلفها يوم الاربعاء عاشر شهر صفر المظفر في سنة ١٢٣٧

المصادر
المحتوى