رسالة في جواب الآخوند ملا علي البرغاني

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الآخوند ملا عليّ البرغاني

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثاني

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله اجمعين الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم ومخالفيهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم ابد الآبدين ودهر الداهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان المولى الاجل والحبر الانبل عارج معارج العلم واليقين وراقي مراقي المعرفة بالتمكين العالم العامل والفاضل الكامل الولي الوفي العلي مولانا الملا عليّ البرغاني ( مولانا عليّ البرقاني خ‌ل ) بلغه الله تعالى افضل الآمال والاماني قد اتى بمسائل صعبة مشكلة قصرت دونها الافهام وتحيرت في حلها العقول والاحلام وطلب من الفقير جوابها وكشف نقابها ووافق ذلك ( ذلك حين خ‌ل ) مسافرتي الى مشهد مولانا وسيدنا الرضا على جده وآبائه وعليه وابنائه آلاف التحية والثناء وفي مثل تلك الحال لا يبقى للقلب اقبال لكمال ( الكمال خ‌ل ) اختلال الاحوال بمعاناة ( بمعناه خ‌ل ) الحل والارتحال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال ومع ذلك لصعوبة هذه المسائل وتلك الوسائل ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله الا اني في سعة مع من اخاطب واتكلم فانه سلمه الله تعالى بدقة نظره وثاقب فكره يدرك الدقايق ويلتفت الى التلويحات واشارات الحقايق فاقتصر بالاشارة والوح الى الحقيقة بصريح العبارة متوكلا على الله سبحانه راجيا منه الاعانة وجعلت كلامه سلمه الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له ليطابق كل سؤال بجوابه وبالعكس كما هو عادتي في اجوبة المسائل

قال سلمه الله تعالى وسدده : بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد للقديم الغايب عن درك الحواس ولمس الناس الخارج عن الحدين ( عن حد خ‌ل ) الابطال والتشبيه

اقول اشار بالقديم الى الهاء ( الهواء خ‌ل ) فانها هي التي ظاهرها عين باطنها وسرها عين حقيقتها واولها نفس آخرها واليه الاشارة بقول النبي (ص) التوحيد ظاهره في باطنه وباطنه في ظاهره رواه الصدوق في معاني‌الاخبار والهاء صورة لفظها عين صورة معناها ( معناه خ‌ل ) وهي الدائرة اي الواحد البسيط الذي لا يتصور له جهة وجهة واولية ( اولوية خ‌ل ) وآخرية وقد يجعل دائرتين لبيان ظهور التوحيد في العالمين عالم الاجمال وعالم التفصيل وعالم الغيب وعالم الشهادة وعالم الباطن وعالم الظاهر وعالم المعنى وعالم اللفظ وعالم النبوة وعالم الولاية وبالهاء ظهور كلمة كن التي انزجر لها العمق الاكبر فانها اذا تكررت ( فانها تكررت خ‌ل ) اربع مرات ظهرت الكاف والاربعة ظهور التجلي في الطبايع الاربع ( الاربعة خ‌ل ) بلا كيف وحيث واذا ( حيث اذا خ‌ل ) تكررت مرة واحدة كانت عنها الياء فاذا نظرت الى الياء بالضرب كانت عنها النون فاذا اتصلت بالكاف كانت كلمة كن وهي سر الاختراع والابداع والامر التكويني قال تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن والفعل ظهور الذات بالاثر وهذا الظهور انما كان بالهاء فهي الاشارة الى القديم وبلا ( القديم بلا خ‌ل ) اشارة وهو تثبيت الثابت الذي رواه الصدوق عن الباقر (ع) في تفسير ( تفسير قوله خ‌ل ) قل هو الله احد والهاء خمسة لكونها اصل المثلث الفرد الظاهر في المربع الزوج المضمحل للاشارة الى قوله (ع) الهي امرتني بالرجوع الى الآثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير ولما كان توجه المخلوق الى الذات البحت ممتنعا وانما هو بتلك الكلمة بظهور دلالتها والكلمة في ذاتها مربعة وظهورها خامسها وضعت لهذه ( لهذا خ‌ل ) الاشارة الهاء ( الهاء وخ‌ل ) لا غيرها ولذا تحفظ نفسها في جميع مراتب التربيع والتكعيب وقوله سلمه الله تعالى الغائب عن درك الحواس ولمس ( مس خ‌ل ) الناس اشارة الى الواو لانها جهات الكثرة والايام الستة التي بها ظهرت الانيات وماهيات الاشياء والكثرة جهة اختفاء الوحدة فالوحدة تعريف واثبات والكثرة تنكير ونفي والوحدة حضور والكثرة غيبة ولما ( غيبة لما خ‌ل ) كانت الوحدة هي باطن الكثرة اي باطن القيومية لا باطن الاستتار ( الاستناد خ‌ل ) كانت الواو اذا نظرت الى باطن مراتبها مع قطع النظر عن نفسها يظهر الاحد وهو ( يظهر وهو خ‌ل ) قوله تعالى ودخل المدينة على حين غفلة من اهلها وهو مقام التوحيد الحقيقي الذي كانت الهاء مشيرة اليه لا بالاشارة وهو مقام امتناع ذكر الكائنات سوي الذات البحت البات واذا ذكر ظاهر الواو مع باطنها كان الواحد وهو مقام الاسماء والصفات ورتبة الربوبية اذ مربوب ذكرا واذ لا مربوب عينا فافهم واتقن ان شاء الله تعالى والواو اشباع الهاء وذلك تمام الاسم الاعظم هو وهو باطن الله وهو باطن العلي العظيم ومعناه كما ورد في معاني‌الاخبار عن مولانا الرضا (ع) وقوله سلمه الله تعالى الخارج عن الحدين الخ يريد اثبات الكمال المطلق وذلك ما اشار اليه امير المؤمنين (ع) كمال التوحيد نفي الصفات ( الصفات عنه خ‌ل ) لان الكمال المطلق هو الوحدة كما ان النقص المطلق ( كما ان المطلق خ‌ل ) هو الكثرة وكلما غلبت الوحدة غلب ( غلبت خ‌ل ) الكمال بضد العكس والله سبحانه في اقصى مقام الكمال فليس فيه شوب كثرة وان كان في الاسماء والصفات وانما صفاته هي ذاته فافهم

قال سلمه الله تعالى : ثم الصلوة والسلام على الشمس القديم الثاني القائم في الاداء مقام القديم الذي لا ثاني له وعلى القمر القمراء والزهرة الزهراء ثم على الفرقدين الريحانتين ( الريحانيين خ‌ل ) ثم على النجوم الطوالع والبروق اللوامع من سماء النبوة وسحاب الولاية سيما على الكوكب المعروف بلسان المعروف بالقرآن العظيم اللهم عجل فرجه صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ابد الآبدين ودهر الداهرين

( اقول ) : قوله ثم للاشارة ( الاشارة خ‌ل ) الى ما قال النبي (ص) لما قال الاعرابي ما شاء الله وشاء محمد (ص) وما شاء الله وشاء عليّ قال صلى الله عليه وآله لا تقل هكذا وقل ما شاء الله ثم شاء محمد وما شاء الله ثم شاء محمد فان مشية ( وقل ما شاء الله ثم شاء محمد فان مشية خ‌ل ) فان مشية محمد (ص) في مشية الله كمثل الذبابة في هذا العالم ( العالم وخ‌ل ) ما شاء الله ثم شاء عليّ فان مشية عليّ (ع) في مشية الله كمثل البعوضة في هذا العالم وثم لتراخي الرتبة والصلوة وصل ووصال في قوله عز وجل الذين يبايعونك انما يبايعون الله ولا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك وذلك يستلزم السلام اي التسليم والاداء على المعاني كلها

الشمس القديم الخ لقوة ( القوة خ‌ل ) حرارة الفاعلية المكتسبة من نار الشجرة الزيتونة التي ليست شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ولقوله (ع) في خطبة الغدير والجمعة على ما رواه الشيخ في المصباح وابن‌طاوس في مصباح الزائر استخلصه في القدم على ساير الامم اقامه مقامه في ساير عالمه في الاداء اذ كان ( ساير عالمه اذا كان خ‌ل ) لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار وهذه الشمس مستمدة من باطن الكرسي ولذا كانت تلازم منطقته ولا عرض لها ابدا والكرسي يستمد من ( الى خ‌ل ) العرش وهو باطن الشمس والقمر ظاهر الكرسي يستمد من الشمس التي هي ظاهر العرش وباقي الفقرات ظاهرة

والكوكب المعروف بلسان المعروف اي بلسان الشرع القرآن العظيم لمقام قران ( القران خ‌ل ) الاسباب بالمسببات واجتماع العلل بالمعلولات ولذا كان يومه عليه السلام الجمعة كما عن الهادي (ع) في الايام السبت رسول الله (ص) والاحد امير المؤمنين (ع) والاثنين الحسن والحسين والثلثا عليّ ومحمد وجعفر والاربعا موسى وعليّ ومحمد وعليّ والخميس الحسن العسكري والجمعة القائم المنتظر عجل الله فرجه وفرجهم صلوات الله عليه وعليهم

قال سلمه الله تعالى : اما بعد فيقول الفقير ان مما انحجب على من الاخبار بعد انحجاب جميعها اخبار قال عز وجل فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وامتثال الامر من اللوازم وتعيين الموضوع من الفرايض لان من اتخذ الهه هويه هوى ومن ( هويه ومن خ‌ل ) اتخذ وليجة دون الله ولج فمن نظر بعين الانصاف يرى القمر مقتبسا انواره من شموس الآل فهو ( وهو خ‌ل ) اهل للسؤال فعلى النجوم التوجه اليه لانه باب الرحمة لها وكلما لم يخرج من البيوت فهو باطل

اقول قوله سلمه الله مما انحجب على من الاخبار بعد انحجاب جميعها اشار بالاول ( بالاولى خ‌ل ) الى مقام قوله عليه السلام ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا الملك المقرب او النبي المرسل او المؤمن الذي امتحن الله قلبه للايمان فالمؤمن الممتحن قد يتفق لاشتغال القلب احيانا ينحجب عن بعض المعاني ( المعاني على خ‌ل ) حسب مقامه فيحتاج الى منبه ومذكر واشار بالثاني الى مقام قوله (ع) ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله احد حتى الملك المقرب او النبي المرسل او المؤمن الذي امتحن الله قلبه للايمان قيل فمن يحتمله ( يحتمل خ‌ل ) قال (ع) من شئنا وفي رواية نحن وفي اخرى او مدينة حصينة اي القلب المجتمع فيكون لاحاديثهم سلام الله عليهم مقامات كما لهم (ع) مقام اجتماع مع الخلق ومقام افتراق وتمايز منهم ففي مقام الاجتماع مقامات مقام يشترك في فهم احاديثهم (ع) كل الخلق من العقلاء وهو مقام الحجة البالغة على كل مذروء ومبروء وذلك في اغلب ( الاغلب خ‌ل ) ظواهر اخبارهم وآثارهم (ع) ومقام لا حظ فيه الا للخواص ممن تركوا المحرمات والمكروهات وفعلوا الواجبات والمندوبات ونظروا وتفكروا في خلق الارضين والسموات وذلك بواطن اخبارهم وآثارهم (ع) وكذلك بواطن الآيات القرآنية وهؤلاء اول مقامات المؤمنين الممتحنين ومقام لا حظ فيه الا لاخص الخواص وهم الخصيصون الذين تركوا المحرمات والمكروهات والمباحات وفعلوا الواجبات والمندوبات وحفظوا السر والحقيقة عن ( من خ‌ل ) الالتفات الى غير الحق سبحانه في آناء الساعات وهؤلاء هم الكبريت الاحمر بل اعز منه كما في الكافي عن الصادقين (ع) وذلك معرفة باطن الباطن في الآيات والاحاديث والروايات وكلما يترقون في حفظ السر يترقون في معرفة البواطن الى السبعة بل الى السبعين بل الى ما لا نهاية له وهو قوله عز وجل في الحديث القدسي حديث الاسرار كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية ويظهر ح لهم قوله ( قولهم خ‌ل ) (ع) ان حديثنا صعب مستصعب اجرد كريم ذكوان مقنع الحديث وفسر ذكوان بانه طري ابدا اي كلما يجد له معنى فاذا نظر فيه نظرة اخرى يجد معنى آخر غير الاول بل اعلى من ذلك وهكذا فلا يقف الى حد لان صاحب الحديث واقف على باب فوارة الفيض الذي لا نهاية له وقد اشار الامام الصادق عليه السلام الى كليات المراتب بقوله (ع) اني لا تكلم بكلمة واريد ( بكلمة اريد خ‌ل ) منها احد سبعين وجها لي لكل منها المخرج وهنا مقامات كثيرة لا يسعني الآن بيانها فليطلب ( قد يطلب خ‌ل ) في شرحنا على الخطبة الطتنجية في الجزء الثاني منه ولهم (ع) في كل احاديثهم مقام افتراق مع كافة الخلق سويهم فلا يعرف مرادهم ذلك منها سويهم فافهم

قوله سلمه الله تعالى فاسئلوا اهل الذكر الخ الذكر ( فالذكر خ‌ل ) رسول الله (ص) كما قال عز وجل وانزلنا اليكم ذكرا رسولا واهل الذكر هم آل‌محمد عليهم السلام وهم المسؤلون لا سويهم الا ان لهم (ع) السنة وايادي يتكلمون بها وذلك اذا جرى الحق بلسان احد من الخلق كما قال النبي (ص) على ما رواه ابن‌ عباس ما معناه يا بن ‌عباس لن ‌تجد عند ( بيد خ‌ل ) احد حقا الا بتعليمي وتعليم ( تعليم اخي خ‌ل ) عليّ (ع) انتهى والخلق السنة لهم الا ان اللسان قسمان لسان خاص بهم فلا ينطق به سويهم ولسان عام ( عام قد خ‌ل ) ينطق به غيرهم فافهم او ان من تبعهم فانه منهم كما في الآية الشريفة فمن تبعني فانه مني فيصدق عليهم ايضا اهل الذكر من باب الحقيقة بعد الحقيقة

وقوله سلمه الله تعالى وتعيين الموضوع الخ يشير الى الخلط الواقع في العالم وتشابه اللسانين في الصورة كما في قوله عز وجل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء وكلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار وكذلك من الآيات القرآنية كثيرة لا يسع المقام لذكرها فاذا كان كذلك فكل مؤيد بالملك الالهي في مقابله ( مقابلة خ‌ل ) مقيض من الشيطان فالاول يمده من الانوار الالهية في عليين والثاني يوصل اليه من الخبائث والشرور والظلمات الشيطانية في سجين والصورة واحدة والفرق بينهما من الايمان الى الكفر و( ومن خ‌ل ) النور الى الظلمة والعليين ( ومن عليين خ‌ل ) الى السجين ولما اقتضت كينونة ( كينونية خ‌ل ) الحوادث والمخلوقات ذلك الخلط واللطخ كما يشير اليه قوله تعالى وما ارسلنا من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته الآية فلا بد من ميزان وهو المعبر عنه بقوله تعالى فينسخ الله ما يلقي الشيطان وذلك الميزان المعين للموضوع امران علم وعمل اما العمل ( العلم خ‌ل ) فبأن يكون صاحب الملك المسدد والمؤيد ( المسدد المؤيد خ‌ل ) عاملا بما ( لما خ‌ل ) اتى به صاحب الشرع (ع) مما عليه الفرقة الناجية وموصوفا بما وصف ( موصوفا بها وصفه خ‌ل ) الامام امير المؤمنين (ع) كما في الكافي في حديث همام ( الهمام خ‌ل ) وغيره من الاحاديث واما العلم فبأن لا يتكلم في مسئلة من المسائل على اختلافاتها الا بعد تحقق اربعة وعشرين خصلة بضرب الثمانية في الثلثة اما الاولى فاولها ان لا يكون معاندا مكابرا قاصدا للدنيا وثانيا ان لا يكون مأنوسا بطائفة غير اهل العصمة (ع) وثالثها ان لا يكون عنده قاعدة مأخوذة من غير اهل البيت (ع) ورابعها ان تكون ( يكون خ‌ل ) باقيا على الفطرة ومتوجها الى الله سبحانه وقاصرا نظره عن كلما عداه بحيث لا يركن ( لا تركن خ‌ل ) الى كتاب ولا الى سؤال وجواب ولا يجد ان في ( لا يجد في خ‌ل ) العالم كتابا غير كتاب الله واحاديث آل الله (ع) وخامسها ان يكون عنده في كل مسئلة آية من كتاب الله ظاهرة الدلالة عليها ويكون من محكمات الآيات وسادسها ان يكون عنده فيها حديث من الاحاديث المقبولة والمسلمة لا من الاحاديث الشاذة المطروحة والمتشابهة وسابعها ان يكون عنده فيها دليل عقلي بالفطرة المستقيمة بحيث يكون عنده ظاهرة بينة كالشمس في رابعة النهار وثامنها ان يكون عنده فيها مثال من الآيات المرئية في الآفاق وانفس الخلايق كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون وكأين من آية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون الى غير ذلك من الآيات واما الثانية فان ( فبان خ‌ل ) يستدل على كل مسئلة بالادلة الثلثة كما في قوله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ويجب مراعاة هذه الثمانية في كل من هذه الثلثة فيكون الحاصل اربعة وعشرين فاذا راعى ( رعى خ‌ل ) هذه الامور في كل مسألة من المسائل فاعلم يقينا ان كلما يقول هو الحق الذي لا ريب فيه ولا شك يعتريه فهو ح القرية الظاهرة للسير الى القرى المباركة ويجب على الناس اتباعهم والتجنب عن مخالفتهم للامر الدال على الوجوب في قوله تعالى سيروا فيها ليالي واياما آمنين فشهد الله سبحانه لهم بانهم مأمونين ( مأمونون خ‌ل ) عن الباطل والزيغ والاهواء وهو الذي روى حديثهم ونظر في حلالهم وحرامهم وعرف احكامهم ووجب على الناس ان يرضوا به حكما فان الله قد جعله حاكما على الخلق والراد عليه الراد على الله وهو على حد الشرك بالله وقد ذكرنا في الجزء الثاني من شرح الخطبة في هذا المقام ما يغني عن الكلام

قال ايده الله تعالى : فالسؤال من قبلة العارفين من اللوازم وعليه الاجابة كذلك ويختلج بالبال ان الجواب من اللوازم اشعارا الى قوله تعالى واما بنعمة ربك فحدث ولست غافلا حين قولي من قوله تعالى هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب الحمد لله الذي هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدينا الله

اقول اما الاجابة بالنسبة اليه اطال الله بقاه فمن اللوازم والواجبات لانه اهل وقد قال (ع) لا تمنعوا الحكمة من اهلها فتظلموهم وليس الامر كذلك مطلقا ولا كل سؤال يجاب كما قال عليه السلام عليكم ان تسألوا وليس علينا ان نجيب ه‍ وقد سئل امير المؤمنين عليه السلام عن مسئلة فاجاب عنها ثم سئل اخرى فاجاب ثم سئل اخرى فقال (ع) ليس كلما يعلم العالم يقدر ان يفسره فان من العلم ما يحتمل ومنه ما لا يحتمل ومن الناس من يحتمل ومنهم من لا يحتمل وقال ( فقال خ‌ل ) (ع) ان حديثنا صعب مستصعب خشن ( خش خ‌ل ) مخشوش فانبذوا الى الناس نبذا فان عرفوا فزيدوه والا فامسكوا وقالوا (ع) من اذاع سرنا اذاقه الله حر الحديد قال (ع) ما الناصب لنا حربا اشد مؤنة علينا من المذيع لسرنا وقال عليه السلام ما معناه ان من ذاع سرنا قتلنا قتل عمد ولا قتلنا قتل خطاء وقال ايضا عليه السلام ما معناه ومحصله وملخصه ان حديثنا صعب مستصعب الى ان قال (ع) لا تخبروا به ضعفاء شيعتنا فانهم يقولون ليس كذلك وليس كذلك والانكار كفر وتحديث النعمة وان كان ( كانا خ‌ل ) مطلوبا مرغوبا اليه لكنه اذا لم يصل الى المنعم بسببه سوء واذية والا وجب الكف عن ذلك كما كفوا (ع) ولم يخبروا الناس بما عندهم من الاسرار والحكم والعلوم والمعارف وذلك نظر ( نظرا خ‌ل ) لمصلحتهم اذ لو اخبروهم بذلك لكانوا اما مقرين من حيث لا يشعرون فيعتقدون خلاف الحق لجهلهم فيقعون في التشبيه والكفر والالحاد او منكرين فتقع فتنة عظيمة ولذا قال (ع) لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لكفره او لقتله ولقد آخا رسول الله (ص) بينهما فما ظنك بساير الخلق وقال امير المؤمنين (ع) اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الارشية في الطوى البعيدة وقال عليّ بن الحسين (ع) فيما ينسب اليه :

اني لاكتم من علمي جواهره كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا

وقد تقدم في هذا ابو حسن الى الحسين ووصى قبله الحسنا

فرب جوهر علم لو ابوح به لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما يأتونه حسنا

فالمقتدي لطريقتهم والتابع لسنتهم يجب عليه ان لا يتكلم بما حكم الله كتمانه وستره ( سره خ‌ل ) فان اسرار آل‌ محمد (ص) كانوارهم واشخاصهم في هذا الزمان في مقام الخفاء والاختفاء وشيعتهم كذلك يجب عليه ان يصون اسرارهم عن ابناء هذا الزمان الى ان يأذن الله سبحانه لوليه عجل الله فرجه بالاظهار فهنالك تبدو الاسرار وتظهر الانوار فترقبوا ظهور تلك الايام رزقنا الله واياكم رؤيتها قال الشاعر ونعم ما قال :

ومستخبر عن سر ليلى اجبته بعمياء من ليلى بلا تعيين

يقولون خبرنا وانت امينها وما انا ان خبرتهم بامين

قال سلمه الله تعالى : منها ما رواه ابن‌ عباس عن مولانا امير المؤمنين (ع) قال اول ما خلق الله الخلق خلق نورا ابتدعه من غير شيء ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا ان يخلق الظلمة لا من شيء كما خلق النور من غير شيء ثم خلق من الظلمة نورا وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سموات وسبع ارضين ثم زجر الياقوتة ( لياقوتة خ‌ل ) فماعت لهيبته فصارت ماء مرتعدا ولا يزال مرتعدا الى يوم القيمة ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء وللعرش عشرة‌ آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة ‌آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الاخرى وكان العرش على الماء من دونه ( دون خ‌ل ) حجب الضياء كيف يجعل النور من الظلمة وان علمت بان كلتا يديه يمين

اقول ظاهر هذا الحديث الشريف صلوات الله على قائله شرح وبيان لكيفية ايجاد الموجودات المقيدة وان كان لباطنه مقامات اخر واشارات الى عوالم ( العوالم خ‌ل ) ومراتب كثيرة اخرى والاشارة الى الاول هي ان قوله (ع) ان اول ما خلق الله الخلق خلق نورا من غير شيء هذا النور هو مبدء المقيدات وهو في حد ذاته لا اسم له ولا رسم ( رسم له خ‌ل ) الا انه بحسب الاضافات والاعتبار ( الاعتبارات خ‌ل ) له اسامي كثيرة كالنور والفؤاد والمادة والاصل والعنصر والاسطقس والركن والعضد والحقيقة من المبدء والموضوع والمحل والهيولي والاب فمن جهة صلوحه للاشكال والظهورات سمي هيولي ومن جهة انه حامل للصور سمي موضوعا ومن حيث انه يخصص بالصورة ( بالصور خ‌ل ) سمي مادة ومن حيث انه آخر ما ينتهي اليه التحليل سمي اسطقسا ومن حيث انه اول ما يبتدي عنه التركيب سمي عنصرا ومن حيث انه الجزء المقوم للشيء سمي ركنا ومن حيث ان الصورة متقومة به ومتحققة بعده سمي عضدا ومن حيث انه مبدء الاشتراك في المختلفين سمي جنسا ومن حيث انه مبدء النشو والتخليق ( التخلق خ‌ل ) سمي ابا ومن حيث ان الشيء يتكون منه سمي اصلا ومن حيث وحدته وبساطته وقربه الى المبدء سمي نورا ومن حيث تشبحه ( تشعبه خ‌ل ) بالحدود والصور سمي شجرة ومن حيث ذوبانه وعدم تمايز اجزائه سمي بحرا ومن جهة التمايز المعنوي والحدود الغيبية سمي هباءا ومن جهة تساوي نسبتها مع كل الصور وكونه اول ما تعلق به الجعل اولا وبالذات سمي الحقيقة من المبدء ومن حيث ان به قوام الموجودات سمي وجودا ومن حيث ان به حيوة الاشياء كلها سمي ماءا ومن حيث انه تأكيد للفعل الامر التكويني سمي امرا ومن حيث ان به يجري قلم الابداع ومنه يستمد العقل ويمد الاشياء سمي مدادا ومن حيث ان به يتجلي الله سبحانه للخلق وبه يخاطبهم سمي خطابا ومن حيث ان الفيض الوحداني ( الوجداني خ‌ل ) الاجمالي لبساطته يقع عليه ومنه يصل الى الكاينات سمي عرشا ومن حيث ان بالقلب تتكون ( يتكون خ‌ل ) الحقايق وهو اصل للقلب واعلى منه سمي فؤادا ومن حيث ان نسبة الممكنات المكونة في استمدادها من الله سبحانه به اليه متساوية سمي قطبا ومن حيث ان الحروف الكونية المستأصلة من الالف الكوني انما تحققت وتأصلت به سمي نقطة ومن حيث ان ظهور الحقايق به سمي علما ومن حيث ان معرفة الله سبحانه تحصل به سمي اسما وامثال ما ذكرنا من الاسماء والصفات باعتبار الملاحظات وهذا النور هو اول ما تعلق به الجعل الالهي لبطلان الطفرة وهو واحد منبسط على كل الجهات والذرات لان الوحدة اشرف من الكثرة وفعله سبحانه لكماله ( لكمال خ‌ل ) المطلق كغنائه وعلمه يجري على اشرف ما يمكن اولا وبالذات وهو المصدر المشتق من الفعل وهو المفعول المطلق وهو الواحد المثلث المقهور تحت سلطان الوحدة المنغمر في لجة الاحدية وقد خلق الله سبحانه هذا النور من غير شيء اي من غير مادة ولا مدة ولا شيء كان سابقا عليه والا لتسلسل وهو يستلزم عدم الشيء او تحقق المبدء والمبدء ان كان هو الله سبحانه فيلزم منه الولادة وان كان غيره تعالى فان كان قديما يلزم ( لزم خ‌ل ) تعدد القدماء وادلة التوحيد تبطله وان كان حادثا وبطل التسلسل كان ما قال عليه السلام من خلقه من غير شيء ( شيء اي من غير مادة ولا مدة خ‌ل ) وهو معنى لا من شيء ليكون العدم مادة الوجود والمادة اقوى الاجزاء فكيف يتحقق الشيء وكيف تطرء عليه الصور لعدم الاستقرار فليس لذلك النور مادة سوي ذاته وانما هو مادة المواد ونور الانوار وهيولي الهيولات واسطقس الاسطقسات ولما كان الحادث من حيث هو حادث لا بد له من انية وماهية لتجري عليه احكامه واسمائه وصفاته والا لم يكن الخلق خلقا لست اقول انه حينئذ حق كما زعمته الصوفية وانما هو ظهور الواحد البسيط فهو اسمه تعالى وصفته ولا يكون ايضا تعدد في الاسماء لانها انما تعددت بالمتعلقات فاذا فرضت الوحدة فاين الاسماء ثم لم يكن للحق ظهور للخلق اذ ليس هنا شيء متميز ( يتميز خ‌ل ) فاقتضي الحكم الالهي لاظهار هذا النور واعلان هذا الظهور واثبات حد الغيور واكمال نعمته واتمام حجته وابراز عظمته وقيوميته وقهاريته ان يخلق الكثرة لاجل اثبات ظهورات الوحدة انما تعرف الاشياء اي تظهر باضدادها ولما كانت الكثرة عكس الوحدة والوحدة هي صفة الحق سبحانه فكانت الوحدة هي النور ( النور وخ‌ل ) كانت الكثرة هي الظلمة لكونها عكس النور وهذه الكثرة والظلمة هما المعبر عنهما بالانية والمهية والصورة كما ان النور والوحدة هما المعبر ( الوحدة المعبر خ‌ل ) عنهما بالوجود والمادة فكانت الظلمة لازمة للنور والماهية مساوقة للوجود والصورة متقومة بالمادة ولما ان الله سبحانه حكم ان يجعل كل شيء مركبا من الضدين ليدل على ان لا ضد له وجب ان يجعل الظلمة من نفس النور لئلا يبقى النور بسيطا فالنور من حيث مبدئه نور ومن حيث نفسه ظلمة لانه من الجهة الثانية جهة الاحتجاب عن الحق سبحانه وذلك معنى الظلمة وهو قوله تعالى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فالمهية مسكن للوجود اذا وقف ونزل ( نزل ووقف خ‌ل ) عن السير الى الاعلى قال امير المؤمنين (ع) على ما في نهج‌ البلاغة لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها فالتجلي بالنور والامتناع بالظلمة وقال سيد الساجدين (ع) في دعاء سحر وانت لا تحتجب عن ( من خ‌ل ) خلقك الا ان تحجبهم الآمال دونك فالظهور بالنور والاحتجاب بالظلمة فاذا ثبت ان كل شيء مركب من الضدين فالاثبات ضده النفي كالعكس فكل منهما مركب من نفسه ومن الآخر كالامر والنهي وضد الشيء انما هو من نفسه اي وجه احتجابه فلولا جهة نفسه لما تسمى باسم ولا جرى عليه حكم كما ذكرنا واشرنا ولما سرى بالقاء الشيطان في وهم الناس ان الماهية ليست مجعولة وانما هي تابعة ولازمة للوجود واللوازم لا تحتاج الى جعل آخر غير الملزوم اذ لا يتصور انفكاكها عن الملزومات كالزوجية للاربعة وامثالها من لوازم الماهيات وبذلك اخرجوا الله سبحانه عن سلطانه وقطعوا التفاته ونظره عن خصوصيات مخلوقاته ولعمري ان هذا المذهب يطابق مع القول بان الله سبحانه لا يعلم الجزئيات وهو لا شك انه كفر وزندقة وبالجملة لما سرى هذا الوهم في خيالاتهم ودونوه في كتبهم وتصنيفاتهم اراد الامام امير المؤمنين (ع) ان يزيل هذه الشبهة ويبطل هذه الدعوى فصرح بالمراد لمن كان له قلب وفؤاد فقال (ع) ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا ان يخلق الظلمة لا من شيء كما خلق النور من غير شيء فاشار بثم الى ان هذا الخلق والجعل تحت مقام الخلق الاول والجعل الاول فيكون هناك جعلات فاشار الى الجعلين اللذين هما الاصل بقوله عليه السلام خلق النور وخلق الظلمة ثم اشار الى جعل النسبة الارتباطية بقوله (ع) وخلق من النور ظلمة اذ لا بد بينهما من نسبة ارتباطية ليصح جعلها منه وهو قوله عز وجل وجعل بينكم مودة ورحمة وهي تحتاج الى جعل آخر لانها رتبة غيرهما ولا يتأصل شيء الا بنظر خاص منه تعالى اليه كما هو المعلوم وقوله (ع) وكان قديرا ان يخلق الظلمة الخ اشارة الى قوله عز وجل الم‌ تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا وفرض عدم المقارنة لو شاء دليل على ان لكل منهما جعلا مستقلا لكن من جهة الاسباب واظهار الحكمة وابراز حقايق النعمة جعل الظلمة تابعة للنور والمهية تابعة للوجود ولاظهار ( الاظهار خ‌ل ) ما اشار (ع) اليه بقوله الشريف ثم خلق من الظلمة نورا اعلم ان الفاعل لو لم يكن القابل لم يظهر والسماء لو لم تكن الارض الكثيفة لم تظهر ولم تظهر بركاتها ولولا اقتران النهار بالليل وغشيان الليل للنهار والعكس لم تظهر الانوار الوجودية من المتولدات والحقيقة الانسانية ولولا دوران الشتاء على الصيف والصيف على الشتاء لم تنضج الثمار ولم تنبت الاشجار فالنور فيه حرارة والظلمة برودة فلولا تعلق النور بالظلمة لم يثبت للنور قرار ولا له آثار واطوار فالظلمة حاملة والنور ناضج فيتولد منهما الشيء الكامل ( الكل خ‌ل ) الا ترى النار فانها نور لكنها محجوب نورها تحت حجاب العز والمنعة فاذا تعلقت بالدهن الذي هو الاجزاء الارضية الكثيفة الباردة اليابسة المخلوطة بالرطوبة ظهر السراج الوهاج اي النور الشعشعاني الظاهر باشراقه ونوره في كل الفضاء فلولا كثافة الدهن الذي هو الظلمة لم تظهر تلك الشعلة العظيمة فخلق الله سبحانه النور من الظلمة بعد اقتران النور الاول الذي لا كيف له من كيفيات النور الثاني فالنور الاول هو الاب لانه حار يابس والظلمة هي الام لانها باردة رطبة في ظاهرها ويابسة في باطنها فاذا قارن الاب بالام بالايلاج والغشيان خلق الله سبحانه من الام ولدا طاهرا زكيا بارا ذكرا ( ذكورا خ‌ل ) وقد يتولد منها ( منهما خ‌ل ) الظلمة كما اذا ولدت الام بعد الايلاج والغشيان البنت فافهم لقد اوقفتك على كنز من العلم فافهم ( وافهم خ‌ل ) راشدا واشربه صافيا والمراد في هذا المقام بالنور الاول هو الوجود والظلمة هي المهية ولما اقترن الوجود بالمهية صار من المهية بعد الاقتران العقل ( بعد اقتران عقل خ‌ل ) الاول والعقل الكلي والنور المحمدي (ص) وانما نسب هذا النور الى الظلمة لان فيه ظهور احكام المهية وهي الحدود العقلية المعنوية والاشارة الى ما قال (ع) في القرآن في قوله عز وجل الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار الآية فالنور الاول هو النار والظلمة هي الزيت والنور المتولد من الظلمة هو السراج الوهاج ثم اراد (ع) بيان ظهور الكثرات والموجودات من العقل الكلي فقال (ع) وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سموات وسبع ارضين هذه الياقوتة انما خلقها الله سبحانه من النور الذي هو العقل بوسائط وهو حجاب الذهب خلقه الله سبحانه من ذلك النور المخلوق من الظلمة بلا واسطة ( بواسطة خ‌ل ) ثم منه خلق سبحانه حجاب الزبرجد والزمرد ثم منه خلق سبحانه هذه الياقوتة فالمراد بحجاب الذهب هو عالم الارواح اي الروح الكلي مقام الرقيقة والزبرجد عالم النفس الكلية والياقوتة عالم الطبيعة الكلية لانها مقام الكسر فيها حرارة الكسر ورطوبة المزج وبرودة الموت والانفعال والمركب من الحار الرطب والبارد الرطب يتولد منهما اللون الاحمر وهي مبدء العالم الجسماني وغلظها غلظ سبع سماوات وسبع ارضين لان السموات والارض كليات مراتب عالم الاجسام وعالم الطبيعة محيطة بها ومقومة لها ( بها خ‌ل ) والمشبه عين المشبه به في القرآن والاخبار كما تحقق عندنا ثم قال عليه السلام ثم زجر ( زجرت خ‌ل ) الياقوتة فماعت لهيبته اي نظر اليها بعين الهيبة اي تعلق فعله بها للانبساط والانزجار وصلوح ( صلاح خ‌ل ) الكثرات لظهور المادة الجسمانية وهي بعد الطبيعة وهي البحر الحاصل من ذوبان الياقوتة لان الطبيعة في مقام الكسر وصلوح ( صلاح خ‌ل ) الحقيقة لقبول الصور الكثيرة الجسمانية وعدم تمايزها بلحوق الصور الشخصية فهي ح سيالة رطبة غير متميزة الاجزاء كما هو شأن البحر ولذا قال (ع) فصارت ماء مرتعدا ولا يزال مرتعدا الى يوم القيمة اعلم ان الحرارة اذا اصابت الماء يهيجه للاضطراب والارتعاد والحرارة هنا هي تعلق الفعل الالهي بالحاق الصور اياه وخلقه بها حقيقة من الحقايق فالفيض لا ينقطع وتعلق الفعل لا يفنى ( لا ينفى خ‌ل ) والاحداث يستمر ابدا فالارتعاد باق سرمدا وهو قوله عز وجل كل يوم هو في شأن اي شئون يبديها لا يبتديها وهي ما كان مستجنا بل ذائبا ( ذاتيا خ‌ل ) في ذلك البحر اي بحر الهيولي والمادة او ان الارتعاد لغلبة الخوف وفرار الحرارة الغريزية واجتماعها في اللب والقلب وغلبة البرودة في الظاهر والجوارح الظاهرية في كل مقام بحسبه فتضعف عن الاستمساك ووجود الحرارة وعدم اضمحلالها بالمرة يمنعه عن الموت وضعفها يمنع عن الاستمساك فيبقي متزلزلا مرتعدا ولما كان هذا المقام مقام الكثرة وهي تستلزم الخوف قال عليه السلام لا يزال مرتعدا من خشية الله سبحانه حيث نظر اليه بعين الهيبة ( اليه تعين خ‌ل ) فافهم ولما ذكر (ع) مبادي عالم الاجسام اراد ان يذكر (ع) تفاصيل مراتبه ومقاماته بعد الحاق الصورة بتلك المادة المتحصل منهما الجسم فقال (ع) ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء والكلام في شرح هذه الفقرة غريب عجيب طويل الا انا نقتصر على ما هو المطلوب في هذا البيان فالعرش هو مبدء عالم الاجسام والقطب المعنوي المحيط بالاحاطة الظاهرية بكل الاجسام وهو وجه الفيض للاجسام من المبدء ومقام الاجمال واضمحلال الكثرات فيه وهو محدد الجهات وهو المسخر للعالم يديره ( يدبره خ‌ل ) كل يوم وليلة دورة واحدة وسمي عرشا لانه باب الفيض وخزانة الامدادات وفيه علم الكيفوفة ومصدر البداء وعلل الاشياء وعنده سر الباطن وهو مظهر العقل وحقيقة النقل خلقه عز وجل من نوره وهو النور المخلوق الذي خلقه سبحانه واقامه في عز قدسه ونسبه الى نفسه واشار اليه بقوله الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة الآية وذلك النور هو نور الانوار وعنصر الاخيار وهي الحقيقة المقدسة المحمدية (ص) والعرش خلق من نوره كما دل عليه العقل والنقل والماء الذي جعل العرش عليه روي انه العلم وانه الولاية والمراد في هذا المقام هو الزمان وهو نهر يجري من تحت جبل الازل الى ما لا نهاية له من المداء ( الماء خ‌ل ) لان الزمان انما خلق مساوقا له في الوجود والايجاد وهو بحر سيال يحمل ( حمل خ‌ل ) ذاته وآثاره او ان الماء هو الكرسي لانه مقام الكثرة وظهور التفاصيل والصور المختلفة و( في خ‌ل ) مقامه البرودة والرطوبة بالاضافة الى العرش لان الصور طبيعتها باردة رطبة اما البرودة فلكونها جهة الانفعال والكثرة وهي خلاف ( وخلاف خ‌ل ) جهة الفعل والوحدة واما الرطوبة فلسهولة قبول الاشكال وتحقق الكيفيات فالعرش هو النار والكرسي هو الماء وكان يحمل آثار العرش ويفصل انواره ويظهرها في عالم الكون كالام فانها تحمل آثار الاب وتحفظ حرارته ببرودتها ورطوبتها وتجعل ( يجعل خ‌ل ) تلك المادة مصورة محدودة مفصلة وتظهرها في الوجود والكون فالكرسي حامل ظهورات العرش كالصدر للقلب وكالنفس للعقل وكالمرأة للرجل وكالليل للنهار وكالارض للسماء وكل ذلك على طبع الماء البارد الرطب فافهم الاشارة باخصر العبارة ولو اردنا شرحها لملأت الدفاتر وما ذكرنا من الاشارة كفاية للعاقل الماهر ( الماهرة خ‌ل ) قال (ع) وللعرش عشرة ‌آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة‌ آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الاخرى ( بعشرة‌ آلاف لغة لا تشبه الاخرى خ‌ل ) اعلم ان العرش اول نور انبعث ( العرش يبعث خ‌ل ) من عالم الاجسام وهو في غاية من الصفا والنورانية والمراتب العلوية كلها محفوظة فيه ظاهرة لديه وهي عشر مراتب الاول ظهور نور المشية اي الفعل كضرب مثلا الثاني ظهور المصدر الثالث مقام الاسم الفاعل الرابع مقام ( مقام الاسم خ‌ل ) المفعول اي العقل الخامس مقام الروح السادس النفس السابع الطبيعة الثامن المادة التاسع الصورة والمثال العاشر الجسم وهذه الاطوار والمراتب هي السنة يحمد الله سبحانه ويثني عليه بها وكل ( بها كل خ‌ل ) مرتبة لها حكم التثليث الظاهر بجذره في التسعة المضيف اليه الواحد الجامع للمقامات كلها والمجموع عشرة ولكل من هذه المراتب باعتبار ملاحظة بعضها في الآخر الف مقام وكل مقام لسان في الرتبة العليا ولغة في السفلى وكل واحد منها لا يشبه الاخرى او لان الالف هو رتبة الكمال وهو المناسب لمقام هذه المراتب فافهم قال (ع) وكان العرش على الماء ومن دونه حجب الضياء كون العرش على الماء له وجوه كثيرة اشرنا الى بعض الوجوه ويتفرع عليه تفاسير ومن دونه حجب الضياء وعلى هذا البيان يكون المراد بحجب الضياء حجاب العظمة والجبروت والملكوت والقدرة والقهر والنور والجمال والعلم والحيوة وهذه الحجب هي حجب الضياء والنور الالهي الفيض الاقدس يشرق منها الى العوالم السفلية وروح كل سماء من السموات السبع حامل حجاب من هذه الحجب فالسماء السابعة حامل حجاب العظمة والجبروت والسماء السادسة حامل حجاب الملكوت والقدرة والسماء الخامسة حامل حجاب القهر والسلطان والسماء الرابعة حامل حجاب النور والسماء الثالثة حامل حجاب الجمال والسماء الثانية حامل حجاب العلم والسماء الاولى حامل حجاب الحياة وذكر وجه المناسبات وسر اختصاص كل سماء بالحجاب الخاص به يطول بذكره الكلام ولكني في سعة مع من اخاطب فان الاشارة تكفيه

وقوله سلمه الله تعالى وكيف يجعل النور من الظلمة قد ذكرنا الوجه في ذلك ولا استبعاد في ذلك بل يجب ان يكون الظلمة من النور مجعولة لان الطفرة في الوجود باطلة وتساوي مرتبة النور والظلمة ممتنع فلم‌ يبق الا القول كما ذكر (ع) كما شرحنا الا ترى ان الله سبحانه كيف جعل الظل من نور السراج والمرأة من نفس الرجل نعم قد تكون الظلمة مستنيرة بالنور حتى تكون ( يكون خ‌ل ) لها لون الزبرجد او الزمرد او يميل ( تميل خ‌ل ) الى الزرقة بشدة ( لشدة خ‌ل ) لمعان النور عليها وهو معنى قوله (ع) في حديث المعراج وكان بينهما حجاب يتلألأ بخفق ولااعلمه الا وقد قال انه زبرجد وهو قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن وقوله تعالى فان تابوا واقاموا الصلوة وآتوا الزكوة فاخوانكم في الدين ومواليكم

قال سلمه الله تعالى : ومنها ما رواه في الصافي عن ( من خ‌ل ) مولانا الصادق (ع) انه قال لما امر ابرهيم واسمعيل ببناء البيت وتمت بناؤه قعد ابرهيم (ع) على ركن ثم نادي هلم الى الحج هلم الى الحج ولو نادى هلموا الى الحج لم يحج الا من كان يومئذ انسيا مخلوقا ( مخلوق خ‌ل ) ولكن نادى هلم الى الحج هلم الى الحج فلب الناس في اصلاب الرجال لبيك داعي الله فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ومن لبى اكثر فبعدد ذلك ومن لبى واحدة حج واحدة ومن لم يلب لم يحج ما الفرق بين الصيغتين

اقول مقصوده سلمه الله تعالى في هذا السؤال الفرق بين الصيغتين فنقتصر عليه ولا نتعرض لبيان تمام مضمون الحديث اعلم ان هلم اسم فعل بمعنى تعال ويستوي فيه الجمع والتأنيث والواحد ( يستوي فيه الجمع والمفرد والتأنيث والتذكير خ‌ل ) في لغة اهل حجاز ( الحجاز خ‌ل ) كما في قوله تعالى والقائلين لاخوانهم هلم الينا ولا يأتون البأس الا قليلا قال في مجمع‌البحرين ان اهل نجد يصرفونها هلمي هلما وهلممن قال الجوهري والاول افصح وقد توصل باللام فيقال هلم لك وهلم لكما ثم نقل عن الخليل هلم اصله لم من قولهم لم الله شعثه اي جمعه كأنه اراد لم نفسك الينا بالقرب منا وهاء للتنبيه وانما حذفت الفها لكثرة الاستعمال وجعلا اسما واحدا وقيل اصله هل ام اي هل لك في كذا امه اي اقصده فركبت كلمتان فقيل هلم وقيل لفظ هلم خطاب لمن يصلح ( لم يصلح خ‌ل ) ان يجيب وان لم يكن حاضرا ولفظ هلموا موضوع للموجودين الحاضرين ويفسره الحديث هلم الى الحج فلو نادى هلموا الى الحج لم يحج يومئذ الا من كان انسيا مخلوقا انتهى كلامه فظهر لك من هذا البيان ان هلم موضوع للاعم من الحاضرين والغائبين والجن والانس وهلموا في المادة المخصوصة موضوع للحاضرين وقعت ( وقت خ‌ل ) الخطاب فلو قال هلموا لما ادى المراد واما النكتة في تأثير ( تفسير خ‌ل ) الواو التخصيص فعلى مذهب القائل بعدم لزوم المناسبة بين اللفظ والمعنى فمحض ارادة الواضع لا غير ولا يعتمدون ولا يعتنون بتلك النكات لانها ليست عندهم مؤثرة ويجعلونها لو حصلت لهم من النكات بعد الوقوع واما على مذهب اهل البيت (ع) من لزوم المناسبة ووجوبها بين اللفظ والمعنى فلا بد لهذا التأثير والتخصيص من علة وسبب واكثر العلل مخفية ( يخصه خ‌ل ) علينا لانها من الاسرار الحرفية وهي ( هو خ‌ل ) حقايق غيبية لا يطلع عليها الا الاقلون ولعل النكتة والسر في ذلك ان الشيء كلما كانت جهة الكثرة فيه قليلة كان شموله وانبساطه اعظم واكثر بالنسبة ما اذا ( بالنسبة الى ما خ‌ل ) لحقته الكثرات ودواعي الانيات ولما كان هلم فيه حرف الاجمال والوحدة اكثر واعظم من حروف التفصيل والكثرة فان اوله وآخره حرف من حروف محمد (ص) واوسطه حرف من حروف عليّ (ع) فان الهاء في الغاية من البساطة كما عرفت سابقا والميم ايضا جهة الوحدة الحاصلة من اجتماع المراتب واللام حرف الكثرة الا انها مغلوبة بالنسبة الى الحرفين المذكورين وهما محيطان بها من كل جانب والاجمال والوحدة مقتضاها ( مقتضاهما خ‌ل ) المشابهة بالمبدء ولذا شابه الفعل ( ولهذا شابه العقل خ‌ل ) ومقتضى المبدء الشمول والاحاطة والانبساط وان كان في مقام الاسماء عند ذكر المتعلقات فوجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) هلم مقتضاه الشمول والاحاطة لظهور تمام الخصلتين فيه ولما كان الواو حرف من حروف المهية ومقام الانية لانها هي الحدود الستة والايام الستة وهي جهة البعد عن المبدء فيؤثر في انجماده وتخصيصه فيختص الحاضرين من الانس بخلاف ( بالحاضرين من الانس وهو بخلاف خ‌ل ) الفعل فانها يؤثر التعميم فيه اذا لحقه الواو لان الفعل من الوجود المطلق ولا ذكر للاشياء في ذاته فيكتسب الكثرة من حيث التعلق بخلاف الاسم فان ( فانه خ‌ل ) في ذاته انجماد وذوبان بالمشابهة ( ذوبانه بالمشافهة خ‌ل ) فاذا زاد فيه مقتضى الكثرة والانجماد قل الذوبان وظهر التخصيص فيختص هلموا مع الواو بالحاضرين من الانس اما الحاضرون فلما ذكرنا ( ذكرناه خ‌ل ) واما الانس فلأن الواو علامة الجمع المذكر العاقل الكامل والجن ليس في صقع الانس فلا يشمله وانما كان الواو علامة ذلك لانها العدد التام الذي اذا ثنى يظهر العدد الزايد وهم الذكور الذين لا اناث فيهم والمبادي الذين ليس فيهم شوب المراتب السفلية فافهم والا فاسلم تسلم

قال سلمه الله تعالى : ومنها ما قال مولانا امير المؤمنين عليه السلام :

وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وجه انطباق الانسان به بعالم ( الانسان بعالم خ‌ل ) الكبير مع ما فيه من العرش والكرسي والحجاب والسدرة والصاد والسرادق والمجردات من المواد العنصرية والمدة الزمانية والسيارات على الترتيب والنظرات وكثرة النجوم مع شدة النور في بعضها وضعفه في اخر والكسف والخسف وغير ذلك

اقول اما سر هذا التطابق واصله ومبدئه فقد كتبت مستوفي في اجوبة المسائل للملا ( الملا خ‌ل ) حسين عليّ فراجع فيها فان فيها ما لا تدركه العقول والانظار واما جهة المطابقة وخصوصياتها في الاغلب فقد كتبت في اجوبة المسائل الاصفهانية واظن ان نسخته ( نسختها خ‌ل ) توجد عند جنابكم وها انا اشير هنا ( هنا الى خ‌ل ) جمل ما لم ‌نشر اكثرها في غير هذا الموضع واعلم ان العرش له اطلاقات قد يطلق على الفعل وهو له مراتب الاولى مرتبة المشية وهي اول حركة نفسك للميل الى جهة الشيء وجهة احداثه واظهاره وهي الذكر الاول فيك الثانية الارادة وهي فيك تصميم عزمك على مقتضى ذلك الميل ( الدليل خ‌ل ) الثالثة القدر وهو تحديد نفسك اياه وتجزيته وتفصيل احواله الرابعة القضاء وهو اتمام ذلك الشيء في نفسك وتركيبه باجزائه ومراتبه المفصلة الملحوظة الخامسة الامضاء وهو اظهار ما احكمت ودبرته في نفسك في الوجود الخارجي الكوني وهذا هو النفس الرحماني الاولى فيك وقد يطلق العرش على الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله وهو الوجود اثر المشية ومحلها وهو فيك ذاتك وحقيقتك من حيث صدورك عن المبدء وعلى هذا فيكون دليل المشية فيك الوجه الاعلي من ذاتك اي ظهور الفعل فيك بك وحكايتك اياه لان المصدر الذي هو الحقيقة له وجهان وجه الى الفعل ووجه الى المفعول به وهو المفعول المطلق الواقف بين الطتنجين والبرزخ بين العالمين فافهم وقد يطلق العرش على الانوار الاربعة وهو فيك باطن قلبك النور الابيض عقلك الكلي مقره في الجانب الايمن الاعلى من القلب والنور الاصفر روحك البرزخ بين العقل والنفس وهو رقيقة الوجود بين الغيب والشهود اي المجمل والمفصل وهو في الجانب الايمن الاسفل من القلب والنور الاخضر نفسك المقومة لبدنك المدبرة له وما ( المدبرة وما خ‌ل ) يتعلق به وهي النفس الناطقة القدسية ( القدسية فيك خ‌ل ) وهي قبضة من تراب عالم الذر الاول او الثاني او الثالث وهي في الجانب الايسر الاعلى من القلب والنور الاحمر طبيعتك الحاصلة من اجتماع الاكوان الثلثة وهي في الجانب الايسر الاسفل من القلب ووجه استمداد النور الابيض عن ( من خ‌ل ) حقيقتك عن الله سبحانه مثال ميكائيل ووجه استمداد النور الاصفر منها مثال اسرافيل ووجه استمداد النور الاخضر منها مثال عزرائيل ووجه استمداد النور الاحمر منها مثال جبرائيل وقد يطلق العرش على العقل الكلي ومثاله فيك ما ذكرنا وقد يطلق العرش على الفلك الاطلس وهو قلبك الظاهري اللحم الصنوبري والكرسي على اختلاف اطلاقاته مثاله ( اطلاقه مثال خ‌ل ) باطن صدرك وظاهره و( واما خ‌ل ) الحجاب اعلم ان المبادي العالية كلها حجب اي وسايط بين فعله تعالى وفيضه وبين مفعولاته المفاض عليهم كما في الزيارة وصلى الله على محمد المنتجب وعلى اوصيائه ( اوليائه خ‌ل ) الحجب وقد يطلق على المباين المانع للظهور كما في قوله عليه السلم في الدعاء وانت لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الآمال دونك وهو لا يراد هنا وعلى المعنيين فعلى الاول فحجاب الالوهية تجلي الحق لك بفؤادك وحجاب الجمال تجلي الحق لك بفؤادك في الوجه الثاني ( في الثاني خ‌ل ) وحجاب الجلال والقدس تجليه تعالى لك في عقلك وحجاب اللطف تجليه لك في روحك وحجاب القدرة ظهوره تعالى لك في نفسك بنفسك لا بذاته وحجاب القهر والغلبة ظهوره سبحانه لك بك في طبيعتك وحجب الاسماء ظهور فعله تعالى بتعلقات اطوارك واكوارك وادوارك واوطارك فكل ظهور باعتبار كل تعلق منشأ اسم من الاسماء الحسني كظهورك المطلق في اطوار آثارك من القيام والقعود والاكل والشرب فظهورك بالقيام يكون منشأ اسمك ( اسم خ‌ل ) القائم وظهورك بالقعود يكون منشأ اسمك ( اسم خ‌ل ) القاعد وهكذا وحجب الاكوان عوالمك ( عن الملك خ‌ل ) فحجاب الدر الابيض عقلك وحجاب الذهب والعقيق الاصفر روحك وحجاب الزبرجد نفسك وحجاب الياقوت طبيعتك وحجاب الالماس مادتك الجسمانية وحجاب الزمرد مثالك وهكذا تصاريف باقي الحجب فافهم راشدا ( راشدا وخ‌ل ) اما السدرة وهي ( فهي خ‌ل ) اعلى مراتب النفس واسفل مقامات العقل واليها تنتهي الكثرات والاعيان واطوار الشئونات وهي فيك روحك كما ذكرنا والصاد هو بحر تحت العرش الاعظم الاقدم اي المشية ويسمى بالنون والمزن وهو الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله ومثالها فيك ما ذكرنا والسرادقات وهي جهات ( الجهات خ‌ل ) العليا من العرش وهي جهات الروابط العرشية حسب استمداده ومقابلته لفوارة النور والفيض ومثالها فيك جهات استمداد فؤادك باعتبار متعلقاته من المشية الجزئية الخاصة بك والمجردات من المواد العنصرية والمدة الزمانية وهي فيك خمسة العقل والروح والنفس والطبيعة والمادة والمثال برزخ ( البرزخ خ‌ل ) وجهه الاعلى الى المجردات ووجهه الاسفل الى الماديات والسيارات على الترتيب اما الترتيب الطبيعي الالهي فالشمس فيك الحرارة الغريزية باطنها قبضة من ( عن خ‌ل ) باطن الشمس وظاهرها من ظاهرها وهي الدم الاصفر في تجاويف القلب او مقرها فافهم وزحل عقلك الظاهر في دماغك قبضة من باطنه والدماغ من ظاهره والمشتري علمك الظاهر في الدماغ ايضا كما ذكرنا والمريخ وهمك وهمتك ومحلها من الدماغ والزهرة خيالك ومحله وعطارد فكرك ومحله والقمر حيوتك والروح البخاري كما ذكرنا والنظرات قرانات هذه القوى بعضها مع بعض واختلاف احوال الانسان بتلك القرانات كما اذا غلب الوهم او العقل او الخيال او المركب فيحدث في البدن احوال غريبة الا ترى الخجل كيف يحمر وجهه والخائف يبيض ( يبيض وجهه خ‌ل ) ويرتعش والمحب والعاشق يصفر وهكذا من الاحوال ولا يسعني الآن تفصيل الوجوه فاقتصر على مجرد الاشارة اعتمادا على ذلك الفهم السامي والادراك العالي وكثرة النجوم في الكرسي اي الصدر وهي الصور الذهنية التي في النفس وهي لا تحصي وشدة النور وضعفه على حسب قوة تلك الصور وبقائها وثباتها ودوامها واستمرارها وضعفها وعدم قوتها وثباتها كما هو المعلوم والكسوف عند ضعف الحرارة الغريزية وفتورها لكثرة المعاصي وهي زيادة التبريد واحداث الفضلات والرطوبات الغريبة المانعة عن اظهار اثر الحرارة فيحصل بذلك الفساد الكلي في البدن وعلاجه الصلوة وهي اصلاح البدن بالحمية واكل المسخنات وقلة شرب الماء ورفع ( دفع خ‌ل ) الرطوبات الغريبة الفضلية وذلك لا يكون الا باسباب التوجه والقرب الى الروح الحيوانية المستمدة من الانسانية المستمدة من الله عز وجل وله ايضا وجوه اخر والخسوف ضعف الروح البخاري كما ذكرنا في الكسوف بالنوع حرفا بحرف فافهم وغير ذلك كالجوزهرين الحاصلين من تقاطع فلك الشمس بالقمر وهو هنا اتصال الروح البخاري بالحرارة الغريزية فحدث من هذا الاتصال والتقاطع نقطتان احديها ( احديهما خ‌ل ) الراس وهو الروح النفساني الذي في الدماغ وثانيهما الذنب وهو الروح الطبيعي الذي في الكبد وكالعناصر ( واما العناصر خ‌ل ) فكرة النار المرة الصفراء وكرة الهواء الدم وعنده مهب ريح الجنوب كما ان عند الاولى مهب ريح الدبور وكرة الماء البلغم وعنده مهب ريح الصبا وكرة التراب السوداء وعندها مهب ريح الشمال وكالانهار ( واما الانهار خ‌ل ) والعيون وهي جريان الدم في العروق وعين البصر مالحة وعين الاذنان ( الاذنين خ‌ل ) مرة وعين الانف عفن وعين الفم تفه والجبال هي العظام وغير ذلك من الامور وقد ذكرنا اغلبها في اجوبة المسائل الاصفهانية فاطلبها

قال سلمه الله تعالى : وفي الانسان من العمر الطبيعي المحدود وفصول العمر ومراتبه من النطفة الى يوم الميلاد كيف انطباق ذاك بهذا وهذا بذاك

اقول ان الاطباء وان اختلفوا في تحديد العمر الطبيعي الا ان المشهور معروف ( المعروف خ‌ل ) عندهم مائة وعشرون سنة وهو الاوفق بمقتضى النظام ( النظام وخ‌ل ) وضع الملك العلام وقسموه بالفصول الاربعة فاول الميلاد ( الميعاد خ‌ل ) الى ثلثين سنة فصل الربيع ومقام النمو شيئا فشيئا وتحليل ( تخليل خ‌ل ) الرطوبات والفضولات ورفع الاخلاط كالجدري وغيره من الكثافات التي صحب ( صحبت خ‌ل ) معه من بطن الام والثلثين الآخر ( الآخر اي خ‌ل ) الى الستين فصل الصيف ومقام النضج والاعتدال والكمال وبلوغ العقل الى غاية الكمال وان كان بعد الخمسين يأخذ في الانحطاط ومن الستين الى السبعين الى الثمانين فصل الخريف ومقام ضعف القوى والحواس والمشاعر ( القوى والمشاعر خ‌ل ) وفتور الاعضاء وانهدام البنية وقطع النضارة عن الوجه والبدن ومن السبعين ( التسعين ظ ) الى المائة والعشرين فصل الشتاء وغلبة الرطوبات والفضلات الغريبة وهم قد اختلفوا في منتهى العمر هل هو فصل الخريف لقوة البرودة واليبوسة التي هي طبع الموت او فصل الشتاء لقوة البرودة والرطوبة التي هي ضد الحرارة الغريزية الحاملة للروح فاذا فسدت الآلات الجسمانية بغلبة البرودة والرطوبة ضعفت الحرارة الى ان تفني وتبرد وتبطل كالنار التي تلقى عليها الماء الى ان تنطفي والحيوة انما تحصل بتعلق تلك الحرارة وهي النار الغيبية التي كانت مع الشمس فظهرت ( فظهر خ‌ل ) في القلب عند الصلاحية فالمناط ظهور تلك النار وهي تبطل بالماء ولذا ترى الناس في سن الشيخوخة تكثر ( تكثرت خ‌ل ) عندهم البرودات والرطوبات واصلاحهم بانواع التسخينات ودليل ذلك بياض الشعر قال تعالى حكاية عن زكريا واشتعل الرأس شيبا وهذا القول هو المختار عندي لوجوه كثيرة يطول الكلام بذكرها وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية واما العالم فعمره الطبيعي من اول انعقاد نطفته ( خلقته خ‌ل ) بعد ما كانت سارية في النباتات والجمادات الى اوان موته وحين اجله مائة وعشرون سنة الا ان بين السنين فرق كثير وما ورد من ان عمر الدنيا مائة ‌الف سنة فهو احد الاقوال في العمر الطبيعي بجعل كل فصل خمسة وعشرين سنة الا ان ذلك لا ينافي المائة والعشرين لان المراد بالسنين ( بالستين خ‌ل ) في كلية العالم المراتب وقد تجمل وقد تفصل فمائة ‌الف ( وقد يحمل وقد تفضل مائة‌الف خ‌ل ) ملاحظة اجمال المراتب او ( وخ‌ل ) تفصيلها كما يتضح ( سيتضح خ‌ل ) لك ان شاء الله تعالى فاول انعقاد نطفة العالم حين خلق ابينا آدم على محمد وآله وعليه السلام وهو اول حرارة وقعت في العالم بعد كمال استيلاء البرودة والرطوبة المخلوطة بالبرودة واليبوسة الحاصلة من ظلمة الادبار وحامل تلك الحرارة والنار للانضاح ( للاتضاح خ‌ل ) الشريعة التي جاء بها آدم (ع) فصلحت بها كينوناتهم ونضجت طبايعهم الى ان ترقت الى المرتبة العليا كالنطفة التي تترقى بقوة حرارة الرحم وحرارة الرجل التي تحملها منيه في الرحم الى ان تصير علقة فيتغير الموضوع تغييرا كليا الى ان تستوجب حرارة اقوى ونضجا اتم واكمل فيمحو ( فيحموا خ‌ل ) وينسخ حكم ( حكم كل خ‌ل ) النطفة وياتي حكم العلقة الناسخ لحكم النطفة وذلك اول زمان نوح (ع) الى زمان ابرهيم على نبينا وآله وعليه السلام فلما صلحت بتلك الشريعة طبايع الخلق وقويت بالحرارة التي حملتها شريعة نوح (ع) ترقت الى مقام اعلى وانضج وذلك مقام المضغة فيتغير الموضوع ويرتفع الحكم ( فيرتفع الموضوع خ‌ل ) الاول فيستدعي تغيير الحكم العام الكلي وهو قوله عز وجل ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فتمحو ( فمحوا خ‌ل ) تلك الشريعة اي شريعة نوح (ع) وتثبت شريعة ابرهيم (ع) فالنار التي ( الذي خ‌ل ) حملتها تلك الشريعة من نار الشجرة الزيتونة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء وهي التي لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار انضجت ( نضجت خ‌ل ) الطبايع واصلحتها وقوتها الى ان وصلت رتبة العظام وذلك اول زمان شريعة موسى (ع) ولما كان احتياج النار في هذا المقام اكثر لانعقاد المايع اي المضغة حتى يصير عظاما كان ظهرت شريعة موسى (ع) من نار الشجرة وانضجت الطبايع والكينونات بشريعته (ع) الى ان ترقت ووصلت الى مقام اكتساء اللحم فانمحت الشريعة بانمحاء موضوعها وظهرت شريعة عيسى (ع) لاثبات ( الاثبات خ‌ل ) مقتضيات ذلك المقام الى ان قويت البنية ونضجت الطبيعة بنفخ الروح العيسوي (ع) باظهار الشريعة الحاملة للنار التي بها نضج ثمار الجنة الى ان ترقت ووصلت الى مقام تحمل ظهور ( مقام ظهور خ‌ل ) الحيوة وعدم احتراقها تشعشع ( التشعشع خ‌ل ) لمعان بروق الروح الحيوان ( الحيواني خ‌ل ) وهو المقام السادس مقام الكمال ومقام قوله تعالى ثم انشأناه خلقا آخر وذلك مقام ولوج الروح وما سبق من المراتب كلها كانت مقدمات ومعدات لذلك النور فاذا ولجت الروح لم يبطل امرها ولم ينسخ حملها ( حكمها خ‌ل ) بل تترقى الروح آنا فآنا وتتدرج ( يتدرج خ‌ل ) في الكمال الى ان يظهر الولد في الدنيا تاما سويا ثم يتدرج في الكمال الى ان تموت ( يموت خ‌ل ) وتسير الى عالم البرزخ ومنه الى القيمة ومنها الى ما لا نهاية له من الترقيات فحكم الروح لا يبطل ابدا وتلك الروح هي النبوة المحمدية على الصادع بها آلاف الثناء والتحية فلا يجوز نسخها ولا يتغير حكمها ولا تكون نبوة بعدها لأن المقدمة ذهبت ووصلت الى مقام ذي المقدمة وساير الشرايع والملل كلها مقدمات لظهور هذه الشريعة الغراء البيضاء فظهرت الروح في العالم ومن اول اظهار ( ظهور خ‌ل ) نبوته صلى الله عليه وآله الى مقامه في مكة المشرفة وهو بقاء الجنين في بطن الام في العالم الاكبر ويوم مهاجرته (ع) مقام المخاض للتولد ومن اول ( واول خ‌ل ) جهاده روحي له الفداء يوم ميلاد العالم ولذا كان عدد اصحابه يوم بدر ثلثمائة وثلاثة‌عشر وهي مدة بقاء الجنين في الرحم على اكمل الوجه تقريبا ولما كان الطفل في اول بدو ولادته لا يتحمل اكل الاغذية القوية اللذيذة الاصلية فيغتذى بالاشياء الرقيقة وتختلف الاغذية بحسب نمو الطفل وتدرجه شيئا فشيئا الى ان يبلغ فهناك يغتذى بالاغذية اللطيفة العالية ويمنع من ارتكاب المعاصي ويؤخذ عليها وقد عرفت ان الشريعة واحكامها غذاء الروح فوجب ان تختلف شريعته (ص) ويجري عليها بها ( بها عليها خ‌ل ) احكام النسخ والمحكم والمتشابه والعموم والخصوص والاطلاق والتقييد والظهور والبطون وامثال ذلك الى ان يبلغ اوان الحلم ويكمل في الاستعداد فهناك ظهور سيدنا القائم عجل الله فرجه وعليه السلام الى ان تتم مدته ويقتل روحي له الفداء فح مقام بلوغ العالم الى ثمانية‌ عشرة سنة ثم من بدء ظهور سيدنا الحسين (ع) في الرجعة الى ظهور امير المؤمنين (ع) مقام بلوغه الى ثلثين سنة ومن ظهوره (ع) في الكرة الثانية وحربه مع ابليس وظهور النبي صلى الله عليه وآله وقتل ابليس مقام اربعين سنة فتم ميقات ربه اربعين ليلة وهو مقام الكمال المطلق للعالم على جهة الاطلاق ومن بدو ظهور النبي صلى الله عليه وآله واستيلائه على العالم واستدارة العالم كهيئة يوم خلق الله السموات والارض الى نهاية المقام هو بلوغه الى خمسين سنة ثم يأخذ في الانحطاط فاول ذلك رفع الصديقة الطاهرة على ابيها وبعلها وبنيها وعليها افضل السلام هو بلوغه الى الستين ثم رفع الائمة الثمانية (ع) الى السبعين ثم رفع مولانا وسيدنا القائم عجل الله فرجه الى الثمانين ثم رفع الحسين (ع) الى التسعين ثم رفع الحسن (ع) الى المائة ثم رفع الامام امير المؤمنين (ع) الى المائة والعشرة على طبق اسمه الشريف ثم رفع النبي صلى الله عليه وآله الى السماء الى المائة والعشرين وذلك تمام البلوغ الى تمام العمر الطبيعي ثم بعد ذلك يتمرض العالم ويبقى في مرضه اربعين يوما وهو زمان الهرج والمرج وبعد مضي الاربعين يموت بنفخ الصعق والجذب ويبقى في موته وهلاكه اربعمائة سنة الى ان يحييه الله سبحانه واما فصول العمر فبدو ظهور نبوة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله الى ظهور مولانا القائم والحسين عليهما السلام فصل الربيع الا انه كلما قرب الى بدو النبوة كان بالشتاء اشبه وكلما قرب الى ظهور الحجة (ع) كان بالصيف اشبه فافهم فان هنا تفصيل يعرف بالاشارة وباب من العلم ينفتح منه الف باب ومن بدو ظهور الولي امير المؤمنين (ع) الى عند رفع فاطمة (ع) فصل الصيف ومقام الكمال ونضج الثمار الظاهرية والباطنية والصورية والمعنوية ومن رفعها (ع) الى رفع مولينا الحسين (ع) فصل الخريف ومنه الى رفع رسول الله (ص) فصل الشتاء ويتعقبه الموت وتجديد الفصل في القيمة يطول الكلام بذكر احوال تلك الفصول الا ان الاشارة كافية لاهلها واعلم اني قد جمعت لك العلوم كلها خصوصا سر مذهب ( المذهب خ‌ل ) الحق في هذه الكلمات القليلة فخذها وكن من الشاكرين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله تعالى : وايضا في الكبير من الانبياء بالعدد المعروف ومنهم اولوا العزم والمرسلين والنبي (ص) وانحصار اولي ( اولوا خ‌ل ) العزم بالخمسة والشرايع بالستة والمرسلين بثلثمائة وثلثة ‌عشر والسادس من الشرايع ناسخا للكل واين هذه المذكورات في الانسان

اقول اما خصوص هذا العدد لهم (ع) فهو من الاسرار المخفية ( الخفية خ‌ل ) عند اهله ومجمل الاشارة اليه ان ذلك على عدد سنين العمر الطبيعي لان ذلك اوفق الاعداد من حيث تعلق الجعل الالهي والسر السبحاني في التكويني والتشريعي في الاشياء والانبياء (ع) حملة ذلك الجعل والسر ولما كان مراتب القابليات لاظهار ذلك السر ثلثين وهو المثلث ولا يتم كونه الا بالمربع وجب ان يظهر ذلك المثلث ( الثلث خ‌ل ) في المربع وهو الطبايع الاربع التي كل واحدة منها منشأ فصل من الفصول الاربعة فالنار منشأ فصل الصيف والهواء منشأ فصل الربيع والتراب منشأ فصل الخريف والماء منشأ فصل الشتاء فاذا ضرب الثلثون في الاربعة كان ( كاد خ‌ل ) عدد تمام العمر الطبيعي وهو مائة وعشرون ولما كان اصل التربيع هو الاربعة اظهروا الاصل لان الله تعالى ابى الا ان يجري فعله وفيض اختراعه وابداعه مشروح العلل مبين الاسباب لمن ( فمن خ‌ل ) طلب ذلك سيما بالنسبة الى حججه وخلفائه لأن ( لأن الله خ‌ل ) له الحجة البالغة وبلاغ الحجة يقتضي جمع جميع الكمالات المناسبة لمقام الخليفة كلية كانت ام جزئية فبزيادة الاربعة كان الحاصل مائة واربعة وعشرون ولما كانت الانبياء هي وجوه الحق سبحانه الى الخلق والواحد عندنا الف عند الله كما يشير اليه تلويح قوله تعالى ان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون لان الملك الظاهر لا يتعلق به الجعل الحق الا بعد اربعة مقامات اللاهوت والجبروت والملكوت والملك والآحاد اذا تفصلت بالعشرات والمئات والالوف يكون المرتبة ( المرتبة المرتبة خ‌ل ) الرابعة هي الالوف فوجب ان يظهر الانوار المقدسة في التعيين والتحديد بهذا العدد الخاص اي مائة ‌الف واربعة وعشرين ‌الف ومنهم ظاهرية نبينا (ص) لانه روحي فداءه لما اتم السباحة ( السياحة خ‌ل ) في الابحر الاثني ‌عشر ثم في البحور العشرين قطرت منه مائة‌ الف واربعة وعشرين‌ الف قطرة وكان من كل ( كان كل خ‌ل ) قطرة روح نبي من الانبياء اما وجه انحصار اولي ( اولوا خ‌ل ) العزم في الخمسة فلكونهم كف الحكيم لان النبوة حدود الولاية وشئوناتها والولاية هو يد الله العليا المستخرجة منها الكلمة التي انزجر لها العمق ( العمق الاكبر خ‌ل ) بضرب الاربعة ‌عشر عقود اليد في الخمسة اصابعها والمتحصل منها السبعون وهو كلمة كن التي انزجر لها العمق الاكبر فلذا ثبتت ( اثبت خ‌ل ) العزيمة لهؤلاء الخمسة في الولاية لا غير فصاروا بذلك اركانا لظهورات نور الولاية المحمدية (ص) الظاهرة في عليّ (ع) ولأن ميادين ( الميادين خ‌ل ) التوحيد الحقة خمسة هي قوى الهاء على حسب تفاوت الدرجات في ظهور التوحيد والانبياء (ع) هم الناظرون في حجاب القدس الجالسون على بساط الانس فكان كل واحد منهم مظهر مرتبة من مراتب التوحيد الخمسة ولو بالتجلي والشعاع فافهم واما انحصار ( وانحصار خ‌ل ) الشرايع بالستة وعدم نسخ الشريعة السادسة فقد بينا في المسئلة السابقة فراجع واما انحصار المرسلين بثلثمائة وثلاثة ‌عشر فلأن ذلك عدد انصار القائم (ع) وانما كان عددهم هذا لكونهم بعدد اصحاب النبي (ص) يوم بدر وانما كانوا كذلك لانهم بعدد اصحاب طالوت حين قتل جالوت وانما كانوا كذلك لانهم بعدد الايام التي قبلت توبة آدم (ع) فيها حين عصى واخرج من الجنة الى الارض قيل ان هذا هو المروي عنهم (ع) ولما كان ظهور الانبياء لاظهار الجنين الروحاني في بطن الام التي هي الدنيا واكمل احوال الجنين وبقائه في بطن الام عشرة اشهر وثلثة ‌عشر يوما واما العشرة لا تمام ظهور القبضات العشر كل قبضة في شهر واما الثلثة ‌عشر يوما فلاتمام الحواس العشرة والقلب والنفس والجسد ولما كانت ( كان خ‌ل ) مراتب الارواح اسرع ظهورا او ( وخ‌ل ) نضجا من الاجساد كانت للقبضات الجسدانية المأخوذة من قبضات الافلاك عشرة اشهر وللمراتب المجردة الروحانية ثلثة ‌عشر يوما بازاء كل مرتبة يوم ( يوم ولده خ‌ل ) ولذا كانت ( كان خ‌ل ) موت الارواح للتصفية له حد معلوم وهو اربع ‌مائة ( اربعة‌ مائة خ‌ل ) سنة وليس لموت الاجسام والاجساد الدنياوية حد معلوم والعود كالبدو قال تعالى كما بدأكم تعودون والماء ( وما خ‌ل ) مصدرية والمشبه عين المشبه به فيكون الحاصل بدءكم عودكم فافهم راشدا واشرب صافيا

وقوله سلمه الله تعالى واين هذه المذكورات في الانسان اما عدد الانبياء (ع) فهو ظهور العقل في اطوار تعينات الشخص من القابليات والمقبولات الى انقضاء عمره ( عمر خ‌ل ) الطبيعي كما قررنا سابقا ولا شك ان نور العقل باعتبار التشخصات والتعينات الخارجية تتعدد وتتفاوت ( يتعدد ويتفاوت خ‌ل ) شدة وضعفا وظهورا وخفاءا وصفاء وكدورة كالانبياء (ع) فانهم نور واحد من نور العقل الكلي قد تطور بهذه الاطوار بهذا العدد المذكور كما حققنا في اثبات النبوة الخاصة المحمدية صلى الله عليه وآله واما اولوا العزم فهو الحواس الخمس اشرفها واعلاها القوة العاقلة والعقل هو مظهر المحبة قال تعالى في العقل ولا اكملتك الا فيمن احب واما الشرايع الست فكما ذكرنا من كونه نطفة في اليوم الاحد وعلقة في يوم الاثنين ومضغة في الثلثا وعظاما في الاربعا واكتسي لحما في الخميس وانشئ ( انشاء خ‌ل ) خلقا آخر في الجمعة ووجه كونها مثالا للشريعة فقد ذكرنا سابقا فراجع تفهم والسادسة الناسخة الغير المنسوخة هي الروح اي النفس الناطقة القدسية التي لا تبطل ولا تعدم ولا تضمحل فاذا عادت تعود عود ممازجة ( تعود عود مجاورة لا عود ممازجة خ‌ل ) واما الثلثمائة والثلثة‌ عشر فهي ( هي خ‌ل ) ظهور القبضات العشر في ظهور الفعل والمفعول المطلق ومقام الاسماء والصفات والقلب والروح والنفس والطبيعة والمادة والمثال والجسم والحاصل مائة وظهور المجموع في ثلثة اطوار طور الجماد طور المعدن طور النبات والحاصل ثلثمائة وهي مع الحواس العشر العقل ( حواس العشر والعقل خ‌ل ) والصدر والجسد وذلك تمام الثلثمائة والثلثة ‌عشر في الانسان

قال سلمه الله تعالى : وايضا في الصغير من الموت المحتوم وفناء القشر والاعراض الغريبة وبقاء الوجه وله الحشر وعليه الحساب والصراط والميزان و( الى خ‌ل ) غير ذلك واين هذه المذكورات في الكبير

اقول الموت المحتوم في الكبير عند نفخ الصعق والجذب وهلاك الاشياء واضمحلال الارواح والاشباح وبطلان الحركات واندكاك السموات وانتثار ( انتشار خ‌ل ) النجوم وتزلزل الارض وتكدر الكواكب وخسف القمر وكسف الشمس وفناء القشر والاعراض الغريبة عند قوله عز وجل يوم تبدل الارض غير الارض والسموات فتذهب القشور والكثافات وتصفو لظهور نور باري المسموكات وتصير صافي تلك القشور خبزة نقية صافية يأكلها اهل المحشر الى ان يفرغوا من الحساب كما ورد عن مولانا الباقر (ع) ويخلق الله سبحانه خلقا من كدر تلك القشور من غير فحولة ولا اناث بعد ان يدخل اهل الجنة في الجنة و( واهل خ‌ل ) النار في النار واما الوجه الباقي فهو يد الله اي الاربعة‌ عشر المعصومون (ع) كما يشهد عليه قوله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السموات والارض الا من شاء الله وهم الذين شاء الله ان لا يصعقوا حتى يتوجه اليهم سؤال لمن الملك اليوم وليجيبوا لله الواحد القهار قالوا (ع) نحن السائلون ونحن المجيبون ولا ينافي ذلك ما ورد عنهم (ع) من ان الله سبحانه هو السائل وهو المجيب لان امرهم امر الله وقولهم قول الله وحكمهم حكم الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله وحبهم حب الله وبغضهم بغض الله ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله واما حشر العالم الاكبر فهو وقوفه على الاجمال والتفصيل في ارض القابليات بين يدي الكريم الغفار والعزيز ( الغفار العزيز خ‌ل ) الجبار تحت حجاب الاختراع والابتداع واما حسابه فهو بقول ( يقول خ‌ل ) الست بربكم القول الواحد الساري في اطوار القابليات التي هي قوله بلي الظاهر في كل طور على مقتضاه من الخير والشر والنورانية والظلمانية والعلو والسفل والتجرد والمادية والعود كالبدو كالعكس الا ان في العود يظهر قول الست بربكم بقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله (ص) وان عليّا امير المؤمنين ولي الله وهذا هو معنى ( صورة خ‌ل ) ما ورد في حساب الخلايق يوم القيمة من ان مولانا عليا (ع) يصعد منبرا اسمه الوسيلة يوم القيمة وصحيفة كل واحد من الخلايق في ايديهم ينظرون فيها جميعا اي اصحاب اليمين واصحاب الشمال وهو (ع) يتكلم بكلام واحد يري كل من اهل المحشر انه يقرء صحيفته ( صحيفة خ‌ل ) خاصة مع اختلاف الصحايف في الاعمال وساير الاحوال فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال واما الصراط فهو مروره في قوسي الصعود والنزول وذلك لطلب الاستقامة احد من السيف وادق ( الادق خ‌ل ) من الشعر الا ان للمؤمن اوسع ما بين الارض والسماء قال النبي (ص) في قوله تعالى واستقم كما امرت شيبتني هذه الآية واما ميزانه فهو تقدير ما ( لما خ‌ل ) يستحقه بحسب مراتبه واعماله والميزان للشيء الواحد كثير وهو قوله تعالى ومن ثقلت موازينه افرد الشخص وجمع الميزان فميزان الكم وميزان الكيف وميزان القيمة وميزان الجهة وميزان المحل وغير ذلك وقد شرح وفصل الموازين مولانا واستادنا الشيخ اطال الله بقاه وجعلني فداه في شرح‌العرشية فانظر فيه فاجر في الكبير كما تجري في الصغير فان الخلط كما وقع هناك وقع هنا حرفا بحرف وليس لي الآن اقبال شرح حقيقة هذه المسئلة والاشارة كافية لاهلها

قال سلمه الله تعالى : ومنها ما هو المروي في العوالم ان في الصراط سبعة كؤد وكل كؤد سبعة عشر الف سنة ما المراد بالكؤد وبالمدة المعينة وايضا في الكبير القائم الغائب ولا بد له من الظهور ( ظهور خ‌ل ) والكرة وما ذاك في الصغير وله ( له من خ‌ل ) المدائن في غيبته وما ذاك في الصغير وله عند الظهور العدد المعروف من الانصار واول من يبايعه بالكلمة المستورة الساكن في الرابع وجبرئيل (ع) وما ذاك في الصغير

اقول روي عن كنز الكراجكي مسندا عن ابن ‌عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اذا كان يوم القيمة امر الله مالكا ان يسعر النيران السبع وامر رضوان ان يزخرف الجنان ويقول يا ميكائيل هذا الصراط على متن جهنم ويقول يا جبرئيل ( جبرائيل خ‌ل ) انصب ميزان العدل تحت العرش ويقول يا محمد قرب امتك للحساب ثم يأمر الله ان يقعد على الصراط ( الصراط وفيه خ‌ل ) سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة ‌عشر الف فرسخ وعلى كل قنطرة سبعون الف ملك يسئلون هذه الامة نساؤهم ورجالهم على القنطرة الاولى حب اهل بيت محمد صلى الله عليه وآله فمن اتى به جاز القنطرة الاولى كالبرق الخاطف ومن لا يحب اهل بيته (ص) سقط على ام رأسه في قعر جهنم ولو كان معه من اعمال ( الاعمال خ‌ل ) البر عمل سبعين صديقا انتهى فعلى هذا قوله سلمه الله تعالى سبعة كؤد مراده سبع عقبات كؤد كما روي عنهم (ع) ان في الصراط عقبات كؤد لا يقطعها بسهولة الا محمد واهل بيته الطاهرون ( اهله الطاهرين خ‌ل ) صلى الله عليه وعليهم اجمعين والعقبة هي القنطرة في هذا الحديث وهي رتبة من المراتب الوجودية فان كل شخص له سبع مراتب الاكوان الثلثة والكيفيات الاربع ( الاربعة خ‌ل ) وهي عدد آيات فاتحة الكتاب وله في كل مرتبة من هذه المراتب تكليف خاص غير ما للمرتبة الاخرى لاختلاف الاقتضاءات المستدعية لاختلاف ( لاحتفاف خ‌ل ) الاحكام فالثواب والحساب والعقاب على مقتضى تلك الاعمال في تلك المراتب بتلك الاقتضاءات فوجب ان تكون ( يكون خ‌ل ) كليات العقبات سبعة ولما كان الصراط هو مقتضى تلك الاعمال ( مقتضى الاعمال خ‌ل ) التي يسير بها الشخص اما الى الجنة او الى النار وكانت افضل الاعمال واشرفها واقويها واسناها هي الصلوة ( هي التي خ‌ل ) تقدرت حدود كل مرتبة على عدد ركعات الصلوات المفروضة وهو سبعة ‌عشرة ( سبعة ‌عشر خ‌ل ) ركعة لان باقي الاعمال كلها فروع وشعب من الصلوة ولذا كانت عمود الدين ان قبلت قبلت ( قبل خ‌ل ) ما سواها وان ردت ردت ( رد خ‌ل ) ما سويها والمعاصي كلها اضداد حدود الصلوة واضداد فروعها فيكون السير في كل رتبة اما على حدود الصلوة التي هي حدود الولاية او على اضداد تلك الحدود فلا يقع في قعر جهنم الا بعد ان ينزل سبعة ‌عشر الف دركة من الدركات وانما ترقت المراتب الى الف لما ذكرنا مرارا من ان الواحد عندنا الف عند الله سبحانه والوجه فيه ما ذكرنا ويقطعون كل فرسخ الف سنة لما ذكرنا

واما القائم الغائب عجل الله فرجه فمثاله فيك ( فيه خ‌ل ) عقلك الذي كان ظاهرا في العالم الاول ثم اخذ في النزول وغلبت البرودة والرطوبة وانحاء الكثافات فغاب العقل واستتر وكان يدبر البنية والبدن والروح وساير المقامات في الباطن من غير ان يظهر فاذا آن اوان ظهوره ونضجت البنية بعد اتمام اربعة‌ عشر سنة من الولادة ظهر العقل وملأ البدن قسطا وعدلا كما ملأ ظلما وجورا من انحاء تصرفات النفس الامارة التي هي سلطان الجور من قوة الادراك والفهم والطمأنينة والسكون فيعلو امره ويقوى سلطانه الى الاربعين وذلك تمام الظهور والاعتدال كما ذكرنا سابقا ومدائنه (ع) اما الجزيرة الخضراء فهو الصدر والنفس والبحر الابيض الانوار العقلية وساير القوى بكمالها واستقامتها مدينته تظهر تلك المدن والبلدان على كمال نوريتها مع كمال الاشجار والانهار اذا زكها بالعلم والعمل فافهم واما العدد المعين لانصاره (ع) فقد مضى الكلام فيه في الكبير والصغير ( الكبر والصغر خ‌ل ) عند ذكر المرسلين من الانبياء (ع) لان المناط في المقامين واحد اما بيعته ( بيعة خ‌ل ) الساكن في الرابع في الانسان فاعلم ان عيسى (ع) هو روح الله وكلمته والكلمة هي العلم والروح هي الحيوة التي هي الايمان والعلم ومقره في السماء الرابعة لانها محل العلم وينبوعه اي العلم بالله وهو النقطة التي كثرها الجاهلون ولما كانت تلك الكلمة ( الكلمة هي خ‌ل ) المستورة التي يقولها مولانا الحجة عليه السلام هي من اسرار الوحدة ولا تنال الا بتلك النقطة التي قد ضلت في الدائرة ولم تزل في ذاتها حائرة فاسرع (ع) في الاجابة والثبات وبقي معه وثبت اثني ‌عشر نقيبا فمثال عيسى (ع) في الانسان القلب اي الروح التي تحملها الحرارة الغريزية التي هي مثال السماء الرابعة وهي اول من يصل اليه احكام العقل وفيوضاته ثم منه بترجمته ( به ترجمته خ‌ل ) يصل الى غيره على حسب مقام ذلك الغير والنقباء هي صفو الحواس العشر والصدر وصفو الجسم النوراني من حيث نظرها الى وجه الاعلي واما الذين يهربون ولا يتحملون هم ساير القوى والاعضاء والجوارح وتلك القوى ايضا من حيث ( حسب خ‌ل ) نظرها الى الوجه الاسفل وذلك قبل التصفية ( تصفية خ‌ل ) البالغة فاذا صفت لحقت بالاوائل ولذا ورد انهم اذا هربوا وانكروا يجولون شرق الارض وغربها ثم يأتون ويبايعون من غير بصيرة ثم يزدادون ويترقون الى ان يقبلوا واما جبرئيل فعبر عنه بالطائر الابيض وهو وان كان مقامه مقام الطبيعة الا ان مجاورة ( مجاور خ‌ل ) النبي (ص) صعدت به الى مقام العقل بالعرض والتحمل حتى تخلق باخلاقه وتسمى باسمه وقيل انه الطاير الابيض لان البياض صفة العقل المرتفع المدرك للاسرار ولذا صدقه الله سبحانه حين افتخر على ميكائيل من جهة المجاورة لا من حيث الذات وهو سر التقديم ( السر القديم خ‌ل ) واما ساير الملائكة فتحملهم لكونهم ليس عندهم ما ينافي ذلك من الاحتمالات الباطلة الغير المرادة فلهم وجه واحد لا يعدون عنه ابدا وكذلك الجن في بعض الروايات لضعف ( لبعض خ‌ل ) بنيتهم وقابليتهم عن التصرف في الاطوار لتحصيل المنافي فلم‌ يبق لهم الا التسليم والقبول اذ ( ان خ‌ل ) لا يجدون المنافي فافهم

قال سلمه الله تعالى : والمرجو من الله تعالى ثم من ركن العارفين وشمس الزاهدين وسيد السالكين البسط في الجواب بطريق الباطن وباطن الباطن وان كنت شاعرا حين استدعائي قول مولانا الصادق (ع) لا كلما يعلم يقال الحديث اطال الله بقاكم واعطى في الدارين مناكم اللهم صل على محمد وآل‌ محمد وعجل فرجهم

اقول هذا آخر كلماته نقلتها بالفاظه الشريف ( الشريفة خ‌ل ) وكتبت الجواب على حسب ما وسعني المقام اما البسط بالاشارة والتلويح فقد امتثلت امره العالي وظني ان ذلك يكفيه واما البسط بتطويل المقال وتكثير المقدمات فلا يمكن لما ذكرت من الحديث الا ان الاشارة بجميع ما اردت فقد حصلت والله سبحانه خليفتي عليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

قد فرغ من تسويدها مؤلفها ومنشيها في الخامس والعشرين من جمادي‌ الثانية في سنة ١٢٣٨ حامدا مصليا مستغفرا

المصادر
المحتوى