رسالة في جواب الآقا محمد الرشتي (٨ اسئلة)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الآقا محمد الرشتي

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطيبين الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم ابن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض العلماء الاعلام والفضلاء الكرام لازال محروسا بعناية الملك العلام قد ارسل اليّ مسائل انحطت دونها الافهام وضلت لديها العقول والاحلام واراد جوابها على التحقيق في الواقعي الاولي دون الثانوي وانا مع اختلال بالي واغتشاش احوالي ومع قصور باعي وقلة اطلاعي قد كنت مشغولا بكتابة اجوبة المسائل التي اتت الينا من البلاد النائية وما يمكنني التأخير عنها فاخرت رسم جواب هذه المسائل الى ان فرغت منها وبعد ذلك احببت ان ارسم جوابها على ما يسر الله سبحانه واجرى على قلب عبده ولسانه وبنانه ولكن ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله فان اسرار آل ‌محمد عليهم السلام صعبة مستصعبة سيما علم هذه المسائل فان كشفها على الواقع من الاسرار المقنعة بالسر ولكني آت بما هو الميسور وملفق بين الامرين ليعلم كل اناس مشربهم وينال كل احد مطلبهم وجعلت كلامه سلمه الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له ليطابق كل جواب لسؤاله كما هو عادتي في اجوبة الاسئلة وقد اقتبسناها من الاستاد ادام الله ظله على رؤس العباد وبالله المستعان وعليه التكلان

قال سلمه الله : الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على محمد وعلى وآلهما الطيبين الطاهرين الانجبين الذين بهم قامت الكائنات من السموات والارضين لانهم محال مشية الله على القطع واليقين

وبعد فهذه هي المسائل المعروضة المشكلة او المتشكلة على امثال السائل ذكرتها بعنوان سؤال سؤال وان كان بعض مرجع بعض في المآل والمقصود سماع الجواب من ذلك المرجع لاولي الالباب تحصيلا لمزيد الاطمينان

اقول قوله : وان كان بعض مرجع بعض الخ اعلم ان العلوم كلها على هذا المنهج ومبدءها كلها واحد وبعضها يرجع الى الآخر واحدها دليل الآخر ويشتمل على ما يشتمل عليه الآخر وهو قوله عليه السلام العلم نقطة كثرها الجاهلون فجميع العلوم بانحائها المختلفة المتشتتة المتباينة كلها يرجع الى علم واحد وهو يرجع الى مسئلة واحدة وهي ترجع الى نقطة واحدة واليه ينظر قول امير المؤمنين كلما في القرآن في الحمد وكلما في الحمد في البسملة وكلما في البسملة في الباء وكلما في الباء في النقطة وانا النقطة تحت الباء ألا ترى ان مرجع الالفاظ والكلمات بمعانيها الغير المتناهية الى ثمانية وعشرين حرفا ومرجعها كلها الى الالف ومرجعها الى النقطة والحروف المعنوية على طبق الحروف اللفظية ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة فافهم ضرب المثل وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون قوله: المرجع لاولي الالباب هم اولوا الافئدة فان اولوا الالباب هم الواقفون مقام العقل المنخفض والمستوي او المرتفع وهم بالنسبة الى اولي الافئدة ناقصون وان كانوا كاملون بالنسبة الى اصحاب العلوم في الصدور اذ لم‌ يحيطوا بالعلم كله فما وصلوا الى العلم اصله فهم يحومون حول البيت وليسوا بداخلين في اصل البيت والداخلون هم اولوا الافئدة فمن دخله كان آمنا من الجهل والشك والريبة والوسوسة والسفسطة بل من الخطاء والسهو لان الله معهم فمن كان الله معه لا يغفل ولا يخطئ وهو قوله تعالى ان الله لمع المحسنين لانهم قد جاهدوا في الله حق جهاده فهديهم الله سبله فهم على صراط مستقيم صراط الذي انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهم اذن مرجع لاولي الالباب فاذا فهمت هذا البيان علمت ان قوله تحصيلا لمزيد الاطمينان ليس في موقعه فان اهل الفؤاد لا يحتاجون الى السؤال عن امثالهم الا ما يرد عليهم من الافاضات القدسية عن ائمتهم عليهم السلام واولي الالباب ليسوا باهل الاطمينان في هذه المسائل لان الامام امير المؤمنين عليه السلام صرح بان الله تعالى رفع علم هذه المسائل عقولهم وبلغ شهاداتهم بابصار المشاعر والقوى كما سنذكر انشاء الله فاذن لا اطمينان هناك حتى يطلبوا تحصيل زيادة الاطمينان واما قول ابراهيم على نبينا وآله وعليه السلام ليطمئن قلبي فذلك لطلب الاطمينان لا الزيادة مع ان المطلوب كان الخلة وهو من رتبته لا فوقها كما هناك فافهم وتبصر

قال سلمه الله تعالى : المعروف من كلمات شيخنا ادام الله تعالى ظله ان الله خلق الخلق كرما وجودا وتفضلا وانعم عليهم ثم لما كان جوده وكرمه يجريه على كمال ما ينبغي والا لم يكن كاملا وجب ان يجري فعله في جميع المفعولات على حسب قوابلهم لان فعله واحد ونسبته الى جميع الاشياء على السواء فلم ‌يخلقهم على مقتضى فعله والا لكان الخلق شيئا واحدا لا تعدد فيه ولا اختلاف لان نسبة فعله الى جميع الخلق على السواء ليس شيء منها اقرب من شيء واسهل من شيء ولا شيء قبل شيء ولا جهة للعقل الى شيء دون شيء ولا حيث له في شيء دون شيء فيكون مصنوعه واحد بل خلقهم وجرى فعله على ساير الخلق على حسب قابلياتهم حين الخلق لانه خلقهم على ما هم عليه ولو خلقهم على غير ما هم عليه لما كانوا اياهم بل كانوا غيرهم فالاختلافات انما كان باعتبار قبول القوابل والا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت كما يختلف الانعكاس عن النور الواحد باعتبار القابليات كانعكاس الشمس فانه يقع على الارض بقدر ما يقع على المرآة وينعكس عن المرآة انور واشد مع انها لم ‌يعطها اكثر من الارض ولذلك كلما كان اقرب الى المنير كان اقوى وكلما كان ابعد كان اضعف

اقول اعلم ان هذه المسئلة من اعجب المسائل واغربها وادقها واخفاها لانها سر الخليقة وسر الامر بين الامرين في وجودي التكويني والتشريعي ولو تتبعت الاخبار وتجسست خلال تلك الديار وجدت الائمة الاطهار عليهم السلام في آناء الليل واطراف النهار ما عظموا امر مسئلة في الدقة والغموض والخفاء كما عظموا امر هذه المسئلة وقد قال مولينا الصادق عليه السلام لا جبر ولا قدر بل منزلة بينهما فيها الحق اوسع من السماء والارض لا يعلمها الا العالم او من علمه اياه العالم وقال مولينا امير المؤمنين عليه السلام وقد سئل عن القدر قال عليه السلام طريق مظلم فلا تسلكه وسئل ثانيا قال عليه السلام بحر عميق فلا تلجه وسئل ثالثا فقال سر الله فلا تهتكه وقال ايضا عليه السلام على ما رواه الصدوق في التوحيد عن امير المؤمنين عليه السلام ان القدر سر من سر الله وحرز من حرز الله وسر من سر الله وامر من امر الله مختوم بخاتم الله موضوع عن العباد علمه ورفعه الله فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم لانهم لا ينالونه بحقيقة الصمدانية ولا بعزة الوحدانية بحر عميق مظلم كالليل الدامس مواج كثير الحيات والحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى في قعره شمس تضيء لا ينبغي ان يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليه فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه وباء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير ه‍ وامثال ما ذكرنا من الاخبار كثيرة والوجه في ذلك انه قد ثبت بالادلة القطعية ان بين المدرك والمدرك لا بد من المناسبة الذاتية فلا بد ان يكون الادراك عين المدرك بالفتح والعلم عين المعلوم ولما اختلفت الادراكات اختلفت المدركات من القوى والمشاعر ولذا لا يمكنك ان تدرك بالبصر ما تدركه باللمس او بالسمع ولا بالسمع ما تدركه بالبصر ولا بالحواس الظاهرة ما تدركه بالحواس الباطنية ولا بالحواس الباطنية ما تدركه بالحواس الظاهرية فاذا صح ذلك فاعلم ان العقل اول زوج تركب من الضدين من الوجود والماهية وما تحت العقل من المراتب والمشاعر كالنفس والخيال والحس المشترك والحس الظاهر كلها اغلظ واشد من العقل تركيبا والمركب من حيث التركيب يعجز عن ادراك الجزئين بصرافة كل واحد منها وادراك كيفية الاقتران والتركيب ألا ترى ان الحار والبارد اذا اختلطا وكسر كل واحد منهما صورة الاخر فبعد الكسر والخلط لا يمكن ان يعرف بالمركب كيفية الحرارة الصرفة والبرودة الصرفة وكيفية المزج والحالة الحاصلة عند اول المزج قبل الخلط والمزج التام فمن ادعى معرفة ذلك بنفس المركب من حيث هو فهو كاذب لا يعبؤ بقوله ولا يعتنى بشأنه نعم اذا قدر ان يميز بينهما ويرجع كلا منهما الى وحدتهما وبساطة تاثيرهما فحينئذ يمكن ان يعرف الحالات كلها اي التي قبل التركيب والتي بعده فاذا فهمت هذا فاعلم ان الاختلاف في الوجود والتكثر والتشخص وتعدد الاقتضاءات وتشتت الميولات انما نشأ وحصل من اقتران الوجود بالمهية واقتران المهية بالوجود وسر الامر بين الامرين وحقيقة الاختيار انما وجدت حين الاقتران اي في مبدء الاقتران لان الخلق انما تحقق بكن فيكون والعقل وما تحته هو المكون المركب فلا يمكنه ادراك بسائط ذاته ومعرفة كيفية تركيب نفسه نعم في رتبته الفؤاد التي هي فوق العقل يمكن ان يعرف تلك المراتب والمقامات فان الفؤاد هو الوجود قبل اقتران بالمهية التي هي جزء للعقل وساير المراتب التي بها حصلت الاقتضاءات والميولات التي نشأ عنها الاختلاف والتعدد والكثرة فله هيمنة واستيلاء على كل المقامات فيشاهد كل شيء في مقامه ومرتبته فصاحب الفؤاد هو الذي اشهده الله خلق نفسه واشهده خلق السموات وعنده هذه المسئلة في غاية الظهور والوضوح بل لا يمكن ان يتصور صنعا وايجادا الا بالامر بين الامرين وبالاختيار ولما كان الناس اغلبهم في مقام النفس مقام المجادلة بالتي هي احسن وقليلا منهم في مقام القلب والعقل مقام دليل الموعظة الحسنة وهؤلاء لا يسعهم ادراك مسئلة الاختيار والامر بين الامرين نفوا عليهم السلام علم هذه المسئلة من عامة الخلق وحصروا فهمها تارة فهم ( فيهم خ ) عليهم السلام كما في الحديث المتقدم لا يعلمها الا العالم او من علمه اياه العالم والعالم هو الامام عليه السلام اذ اطلق في اخبارهم وهذا التعليم هو التعليم الخاص بالعناية الخاصة لا التعليم العام والا لكان الكلام لغوا لان هذا التعليم يعم كل احد مع ان هذه المسئلة لا يعلمها كل احد الا من جهة الاعتقاد والتسليم والعلم عند من خلق وركبهم وركب فهم القوى والمشاعر لا سويه ولما ان الله سبحانه اشهد محمدا صلى الله عليه وآله خلق انفسهم وخلق السموات والارض علمها اياهم بذلك الاشهاد ولقوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول وهم سلام الله عليهم علموها خواص شيعتهم ومخلصي محبيهم المنقطعين اليهم المعرضين عن كل ما سويهم بفتح عين فؤادهم وكشف الغطاء عن بصر ذاتهم وحقيقتهم فيعلمون بتعليم ائمتهم عليهم السلام غوامض العلوم وخبايا الاسرار فمن اراد ان يعرف هذه المسئلة بغير عناية خاصة من الله بل بما عنده من الفهم والذكاء والفطانة ينظر ( بنظر خ ) العقل وغيره من المشاعر فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه ولكن الله ذو فضل على عباده يعلم من انقطع اليه واعرض عن كلما سويه من كنوز علمه واسراره ويعطيه عينا من عنده ويعرف بها دقايق الامور وخفيات الاسرار وتلك العين هو الفؤاد وهو باب المراد وهذا بعض الوجوه في معنى الحديث وله اسرار اخر تركتها خوفا من الناس فاذا فهمت ما ذكرنا لك علمت ان هذه المسئلة ليست مشرعة لكل فائض وانما هو بحر ضل فيه السوابح فمن لم ينفتح له باب الفؤاد ولم يفترق بين ادراكه وادراك العقل فلا يجوز له ان يخوض في هذه اللجة الغامزة ( الغامضة ظ ) فيغرق ويهلك بل يرد علمه الى الله ورسوله واولي العلم الذين يستنبطونه وليس هذا تكليفه وانما تكليفه ان يعرف ان لا جبر ولا تفويض بل امر بينهما بالدليل القطعي اما فهم الامر بين الامرين فلا يجب عليه وها انا ابين لك ما تقطع بالمراد ويتبين لك فساد ما ذهب اليه اهل الفساد وابين لك ايضا سبيل فهمها وطريق ادراكها ببيان ومثال على نحو ما ذكر الاستاد اطال الله ظلاله على رؤس العباد فالامر الاول يحصل قطعا بحول الله لمن ترك العناد واعرض عن الجدال واللجاج والامر الثاني بيد الله سبحانه ان اراد يسره له والا فهو اعلم بعبده مثال ما ذكرت ان الشخص اذا كان اعمى فلا يرى نور الشمس وضوء النهار فانت يمكنك بالادلة القاطعة تثبت له ان الشمس الآن مشرقة والنهار موجود واما كيفية اشراقها وصفة ضوئها وانبثاث نورها فلا يمكنك تفهمها اياه الا اذا فتح الله عينه واذهب عماه وذلك بيد الله سبحانه لا بيدك وكذلك الحكم هيهنا حرفا بحرف وقد صدقتك في المقال والله شاهد على في كل حال اما الامر الاول فاعلم انا علمنا يقينا جازما ان العالم حادث مخلوق وان له صانعا صنعه وخالقا خلقه ثم بعد ذلك شاهدنا الاختلاف في العالم وراينا ان الاشياء جرت على اطوار مختلفة واوضاع متفاوتة بين مجرد وبادي وعال وسافل وسماء وارض ولطيف وكثيف وبياض وسواد وحمرة وصفرة ولفظ ومعنى ودقيق وجلي وداء ودواء وسقم وشفاء وتغير وانتقال وساكن ومتحرك ومايع وجامد ومستقيم ومعوج وغيب وشهادة ونهار وليل وكواكب وافلاك وثوابت وسيارات وحيوانات ونباتات وجمادات ومعادن وهكذا ساير اجناس الموجودات وانواعها واصنافها واشخاصها وافرادها وصفاتها واعراضها وساير ما لها وعليها وبها واليها وعنها ومنها وفيها ولديها ثم تاملنا في هذه الامور المختلفة والاشياء المتشتتة دائما تجمعها اصول معدودة متناهية كل اصل شجرة تتشعب عنها الاغصان والاوراق الكثيرة الغير المتناهية وكلها ترجع الى ذلك الاصل الواحد الغير المختلف وهو الساري في تلك الكثرات وهذه الاصول وان كانت كثيرة جدا حتى تبلغ الى الف‌الف كما في الخبر عن الباقر عليه السلام الا ان كلها تحت ثلثة اصول العقل والعقول الجزئية المنبثة في العالم كله من حدود ذلك العقل وهو الملك الذي له رؤس بعدد رؤس الخلايق من وجد ومن لم يوجد والنفس ومرجع النفوس كلها اليها والجسم ومرجع الاجسام من الافلاك والعناصر والتولدات كلها الى الجسم المطلق ثم ان هذه الاصول الثلثة مرجعها الى اصل واحد يجمع الكل وهو الوجود وهو شجرة الخلد التي اول غصن اخذ منها القلم وهو العقل والغصن الثاني والنفس والغصن الثالث وهو الجسم فرجعت الكثرات والاختلافات كلها الى الوجود وما عداه حدود له بذاته او بظهورات آثاره ليرجع الامر الى الحقيقة بعد الحقيقة فعلمنا ان الاشياء كلها بكثراتها لها جهتان جهة وحدة واتحاد وجهة كثرة واختلاف فمن حيث الاصل والمادة الاولى واحدة ومن حيث الفرع والهيولات والمواد الاخر مختلفة وعلمنا ايضا ان قوام تلك الكثرات بذلك الامر الواحد وقد دلت عليه شواهد الكتاب والسنة بعد دلالة التأمل الصادق والوجدان الفائق والعقل الضروري كقوله تعالى وما امرنا الا واحدة وقوله تعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وقول مولينا الصادق عليه السلام في الدعاء كل شيء سواك قام بامرك ثم لما كان الاختلاف والكثرات حادثا فلا بد له من مستند ومبدأ ضرورة ان الحادث مسبوق بمبدأ وعلة ومبدأ هذه الاختلافات لا يخلو اما ان يكون هو الله سبحانه او قابليات الخلق ضرورة بطلان الشق الثالث وهو نفس الخلق المختلف لانا في صدد علة اختلاف النفس الخلق متحد العلة والمعلول فان كان الاول اي مبدأه الاختلاف ومنشأه هو الله فهو باطل لان نسبة فعل الله سبحانه بجميع مفعولاته على حد سواء والا لم يكن مخترعا للاشياء به لا من اصل ما حتى يكون ببعضه اقرب منه الى بعض وذلك اسهل تناولا له بالنسبة الى ذلك وهو كفر وزندقة بل الله سبحانه اخترع الاشياء لا من اصل كان وابتدعها لا على احتذاء مثال فاذا كان فالكل في قدرته وفعله ومشيته سبحانه سواء بلا اختلاف فالترجيح بالتكوين بالصفة الخاصة من غير مرجح فعل العابث لا فعل الحكيم ويكون لخلقه حجة عليه اذا قال الكثيف والخبيث لم جعلتني كثيفا خبيثا والآخر لطيفا طيبا وشرفته ونزلتني مع اني واياه في قدرتك سواء أما عكست الامر او ساويت بيننا فما الذي يجاوبه ان قال لم‌اقدر ذلك نقص في الهيته وان قال اقدر لزمته الحجة فتفحمه الخلق بحجة تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين لئلا يكون للناس على الله حجة ثم انه سبحانه مدح في كلامه الاطياب والاشراف وذم الاخباث والارجاس فكيف ليستحق المدح من لا صنع له فيه ويستحق الذم كذلك ولو قال المذموم انت خلقتني كذلك فان كان ذم فلا يرجع الى فما كان الجواب ثم ان هذا ليس بفعل عاقل فضلا عن الحكيم المطلق العالم لمطلق القادر المطلق وذلك هو الظلم في التكوين والايجاد والله سبحانه منزه عن الظلم والجور مطلقا والقول بان الخلق على جهة الاختلاف كمثال البناء فان البناء العالي يحتاج من حيث كينونته الى حجرات فوقانية وتحتانية وماء البئر والحياض والمختلي وامثالها من الامور اللطيفة والكثيفة والا لم ينتظم امر البيت كذلك لا ينتظم بناء العالم الا بوجود هذه الاختلافات واللطايف والكثافات والارضين والسموات والانوار والظلمات فاسد باطل لان صنع البناء على النهج المخصوص انما هو لاجل حاجة البناء لا لنفس البناء ولذا تجد من لم يحتج الى الخلاء لم يصنع في بيته البتة وكذلك الفوقاني والتحتاني على حسب حاجة الباني الباعث للبناء وذلك لا لمصلحة نفس البناء فمن اراد ايصال النفع الى نفس البناء مع عزل النظر عن البناء والساكن وكان البناء ذا شعور فلا محالة يعترض على البناء ويحتج عليه اي المراتب السفلية بالنسبة الى العلوية كما ذكرنا حرفا بحرف فلا نفع حينئذ لاصل البناء وذلك معلوم بالضرورة وهذا القائل اراد دفع محذور قبل ان يرفع المحذور وقع في محذور اعظم واقوى كما ذكرنا واثبت لله سبحانه الاستكمال والحاجة او جعله عابثا تعالى ربي وتقدس عما يقوله المفترون علوا كبيرا فثبت بالبرهان القاطع والبيان الواضح بطلان الامر الاول اي نسبة هذه الاختلافات ورجوعها الى الله سبحانه لا غير وان كان الثاني اي رجوع الاختلافات الى القابليات كما جرت عليه الالسن من الصوفية واهل المعرفة فنقول هذه القابليات هل هي اشياء ام ليست باشياء فان كان الثاني فهو باطل لان اللاشيء لا يكون مبدءا وعلة للشيء ليكون المعلول اشرف من علته والمسبوق اعظم من سابقه وان كان الاول فهل هي حادثة او قديمة فان كان الثاني يلزم تعدد القدماء وهو يستلزم التركيب في ذاته تعالى لان المفروض ان القابليات اشياء قديمة ثم اين محلها في الامكان او في الازل والاول لا يصح لان الامكان محل الحوادث والثاني هل هي في عين الذات او غيرها او هو عين الذات كما مذهب جماعة من منتحلي الاسلام كما قال ان الاعيان الثابتة ليست امورا خارجة عن ذات المقابل هي ذاتيات وانيات للحق وذاتيات الحق لا يقبل الجعل والتغيير والتبديل والزيادة والنقصان ذكره الملا محسن في الكلمات المكنونة فعلى الاول يلزم ان يكون ذات الحق سبحانه مكانا ومحلا منفصلا ومتاثرا عن الحال فيه ولا يثبت ان بين المحل والحال لا بد من مناسبة ذاتية ومرابطة حقيقية بها يختص به عن غيره فاذا تعدد الحال تعدد جهات المناسبات فيتحقق كثرات حقيقية في ذات الحق سبحانه وان لم يكن متمايزة في الحس لانها محض الصلوح والنسبة كالكثرات الحاصلة في الخبث قبل تعينه بالصور الكثيرة وهي النسب وهذه لا شك انها قادحة في وحدة الحق سبحانه وعلى الثاني فيلزم ان لا يكون ازله تعالى عين ذاته فيكون الازل اوسع من الذات لاشتماله اياها وغيرها ثم يستلزم التركيب لاشتراك الذات والاعيان الثابتة التي هي القابليات في الازلية وافتراقهما بمخصص دونهما فكل منهما مشرك وممتاز فللكل جهتان ولا نعني بالتركيب غيره والقول بجواز التركيب العقلي فاسد لان الذي في العقل ان كان مطابقا لما في الواقع الخارجي فهو حق وصدق والا فهو كذب باطل فالتركيب العقلي ان كان من قبيل الاول فهو تركيب خارجي والفعل كاشف عنه وان كان الثاني فلا تركيب وما تصوره العقل فهو كذب وافك وهو قوله تعالى وتخلقون افكا ثم ان الذي اتفقت عليه اقوال الشيعة هو بطلان التركيب باي وجه كان عقليا كان او خارجيا وما نقل عن الاردبيلي ان صح خلافه لا يقادم الاجماع ولا يقدح فيه لانه منفرد في ذلك فدل العقل والنقل على بطلانه ولسنا الآن بصدد بيانه والاشارة كافية وعلى الثالث فيلزم التكثر في الذات الاقدس تعالى لان المفروض ان تلك القابليات اشياء متعددة لم يتعلق بها جعل الجاعل وبها تعددت الموجودات والا فما من الله واحد لا تكثر فيه فوجب في القابليات التكثر والتعدد فاذا فرضت انها عين الذات كانت الذات ذا جهات كثيرة وشئون عديدة ذاتية وهذا لا يقول به مسلم فضلا عن المؤمن وقد اثبتنا التوحيد الحق الصرف الغير المشوب بشيء من الكثرات وظهورات التوحيد ومقامات تلك الظهورات ومراتبها في الرسالة البهبهانية بما لا مزيد عليه وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من غير المؤمنين الممتحنين قال ابن‌ الاعرابي مميت‌ الدين :

فلولاه ولولانا لما كان الذي كانا

وانا عينه فاعلم اذا ما قيل انسانا

فلا تحجب بانسان فقد اعطاك برهانا

وكن حقا وكن خلقا تكن بالله رحمانا

وغذ خلقه منه تكن روحا وريحانا

فاعطيناه ما يبدو به فينا واعطانا

وكنا فيه اعيانا وازمانا واكوانا

وليس بدايم فينا ولكن كان احيانا

فصار الامر مقسوما باياه وايانا

ولو اردنا ان نشرح شناعة هذا القول لطال بنا الكلام ولسنا بصدده وقولهم عند التفصع عما يلزمهم من الكفر والزندقة ان تلك الاعيان ليست موجودة ولا معدومة لا حادثة ولا قديمة سفسطة محضة لا تدركه العقول ولا شيء من المشاعر اذ قد ثبت بالادلة العقلية ان بين الادراك والمدرك لا بد من مناسبة ذاتية حتى يصح بها الادراك ولذا ترى اذا اغمضت عينك لا تبصر شيئا مع ان العقل الذي هو المدرك موجود ولكن المناسبة لما كانت منتفية انتفي الادراك فاذا صحت المناسبة فالوجود لا يدرك المعدوم لعدم المناسبة ضرورة ان المدارك منحصرة في الفؤاد والعقل والنفس بآلاتها والحواس الظاهرية والفؤاد لا يدرك الا الحقايق والذوات والعقل لا يدرك الا الامور المعنوية كالكليات والنفس لا تدرك الا الصور الشخصية وساير الجزئيات والحس لا يدرك الا الاجسام والجسمانيات والمشاعر منحصرة لما ذكرنا وما يرجع اليه فاين لك المشعر الذي تدرك به الاعدام او شيء ليس بموجود ولا معدوم ولو انصفت في نفسك وراجعت في وجدانك وجدت انك لا يمكنك تصور الوجود والعدم حالة واحدة لان التصور حصول صورة الشيء في الذهن فاذا تصورت الوجود اوجدت صورته في نفسك وعند تصور العدم يجب ان تعدم تلك الصورة وتمحيها حتى تدرك العدم الاضافي فهل تجد في نفسك انك تلاحظ تلك الصورة حين حال ملاحظة عدمها لتكون تلك الحالتين حاضرتين في نظرك والتفاتك ولا يدعيه الا كاذب والله سبحانه يقول ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه وانما اتى به لبيان انه لا يمكن التوجه الى الشيئين بتوجه واحد والتفاتة واحدة واصرح من ذلك قول مولينا الصادق عليه السلام ليس بين النفي والاثبات منزلة كما في الكافي والقول بان الشيء ليس بموجود ولا معدوم وليس بوجود ولا عدم اثبات المنزلة وقال ايضا عليه السلام كما عن الباقر عليه السلام كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فصرح بانه لا يمكن للممكن الموجود ان يدرك الا الممكن الموجود كما قال امير المؤمنين انما تحد الادوات انفسها وتشير الآلات الى نظايرها وقال مولينا الرضا عليه السلام على ما في العلل ما معناه انه لم ‌يتصور احد شيئا الا وقد خلقه الله قبل ذلك حتى لا يقال لم لم ‌يخلق ذلك وقد اوضحنا هذه المسئلة في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا وقد ظهر هذا ايضا لكل ذي عقل سليم وذهن صاف مستقيم ان ما قالوه من ثبات المنزلة بين الوجود والعدم والشيء واللاشئ والقدم والحدوث قول من حيث قالوه وهم لا يشعرون وليس عندهم مشعر يدرك هذا المعنى فاذن هو كذب محض وزور صرف مع ما يرد في نفس هذه الكلمات من القبايح والشنايع فثبت وظهر ان القول بان القابليات قديمة غير مجعولة باطل فاسد ولما كانت المنزلة بين الحدوث والقدم ممتنعة فبنفي القِدم يثبت الحدوث فاضطررنا الى القول بان القابليات حادثة كما ان بنفي رجوع الاختلافات الى الله سبحانه كما ذكرنا بالبرهان ثبت رجوعها الى القابليات ولما ثبت ان القابليات حادثة فلا يكون مستقلة بذاتها في الاقتضاءات والميولات التي بها نشأت الاختلافات والا لم تكن حادثة ولا مستندة الى الغير وهي اي القابليات لم تكن قبل الخلق والايجاد لما ذكرنا ولا بعد تمام الصنع لان الصنع لا يتم الا بها فوجب ان يكون مع الصنع حين الصنع والايجاد فاضطررنا الى القول بان تلك القابليات تقتضي اختلاف الميولات والشئونات بالله سبحانه او ان الله يجعل الاختلاف في الوجود بالقابليات التي قد وجدت بالله سبحانه وذلك هو سر الامر بين الامرين وفيه الحق وهو اوسع مما بين السماء والارض فقد تم الامر الاول الذي التزمنا بيانه واثباته في اول الكلام اي اثبات الامر بين الامرين بالحجة الواضحة والدلايل الظاهرة فلا يطيق المتصف بعقله انكاره والموسوم بصحة المعرفة جحوده وبقي الامر الثاني الذي هو بيان كيفية الامر بين الامرين وسر الحقيقة في البين والكشف عن معنى القابلية وكيفية القبول منشأ تحقق الاختلافات سر السلسلتين الطولية والعرضية وهذا هو الذي كتمه اهل المعرفة تبعا لائمتهم عليهم السلام حتى تواصوا على كتمانه وتحالفوا على عدم اظهاره وابرازه الا بالتلويح والاشارة لان الناس ماانفتح لهم باب المراد وليس لهم ايضا الصبر والسكون حتى يسكتوا عما لم يعرفوا ويردوا علمه الى الله ورسوله واولي العلم الذين يستنبطونه من العلماء الراسخين من المؤمنين الممتحنين بل يسارعون الى الانكار ويأبون عن الاقرار كما قال الله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تاويله فاذ لم يهتدوا لهذا فسيقولون هذا افك قديم فحيث كان الامر كذلك فالسكوت لازم لقوله عليه السلام لا تتكلم بما تسارع العقول الى انكاره وان عندك اعتذاره وليس كلما تسمعه نكرا توسعه عذرا الا اني ابين لك اقصى ما يقال في هذا المقام ونهاية ما تجري به الاقلام فان عرفته كن لله من الشاكرين والا فعليك بملاحظة الامر الاول والسكون لديه على اليقين وان لم تعرف حقيقة الامر وليس ذلك لقصور البيان وانما هو لعلو المقام

اعلم ان القابلية هي الانوجاد للوجود فان الوجود بدون الانوجاد لم يتحقق عينا والانوجاد بدون الوجود لم يتحقق عينا ولا كونا فالوجود انما يحصل بقول كن والانوجاد انما يكون بقوله فيكون فكن كلمة الموجد بكسر الجيم وضمير الفاعل في كن يرجع الى المكون بفتح الواو والضمير في فيكون يرجع الى نفس الشيء المتكون الموجود بنفس الخطاب لا قبله ولا بعده وتوضيح ذلك ان القابلية هي الحدود الستة التي هي الزمان والمكان والجهة والرتبة والكم والكيف وهي الايام الستة وقوى الواو والمقبول هو الامر الواحد الذي هو الوجود وهو لصرافته لم يوجد في الاكوان الا بهذه الستة اذ من المحال ان يوجد الشيء ويشار اليه بالاشارة المميزة عما عداه الا ان يكون له جهة خلاف جهة الاخرى وله كم يخالف كم الآخر وله هيئة يخالف ( تخالف خ‌ب‌١ ) الآخر وله استمرار وجودي يخالف استمرار الآخر وله رتبة تخالف رتبة الآخر وقد يتداخلان في بعض الوجوه ويمتازان بالبعض الآخر ولا يمكن التساوي في المجموع مع بقاء الاثنينية الا ان كلا منهما لا بد فيه من وجود وهذه ( وجود هذه خ‌ب‌١ ) الستة بالضرورة وخلق هذه الستة لاظهار الوجود الذي هو مظهر قدرته تعالى وينبوع معرفته والا لم يظهر الخلق ولما كان الخلق على ما ينبغي كما ينبغي لان الخلق على نهج الاختيار اي بان يكون الخلق مختارين احسن واولي واشرف من ان يكونوا مضطرين ولا يصح اجراء فعله تعالى على غير الاكمل والاحسن لعموم قدرته تعالى كعلمه وحكمته والاختيار لا يحصل ولا يتعدد ( لا يحصل الا بتعدد خ‌ب‌١ ) الجهات وهي تحصل بهذه الستة وانما اختار الستة لان العدد التام المنبئ عن تمام صنعه واحكام امره ولان ( لانها خ‌ب‌١ ) تكرار الثلثة التي هي تفصيل الواحد الذي هو مقام الوجود ورتبة الشهود ولذا اختار سبحانه الستة لهذه الحدود المشخصة لانها مدار التمايز وسبب ظهور الاسماء المتقابلة المختلفة ولما كان هذه الستة تقبل التجزية والوجود الواحد باعتبار تلك الحدود والاقتضاءات حسب اختلاف الجهات والحيثيات اختلفت احواله واقتضاءاته الا ترى الشيء الواحد بحسب تعاقب الازمان والايام واختلاف الجهات والاماكن والكيفيات تختلف اقتضاءاته وميولاته فبلسان تلك القابلية تطلب من الله المدد على حسب مقامه فالاقتضاء متقوم بتلك الحدود الستة باختلافاتها وتلك الحدود متقومة بالوجود الامر الواحد الذي اقام الله به كل شيء والوجود قائم بالله قيام صدور وقائم بتلك الحدود قيام ظهور وتلك الحدود قائمة بالوجود قيام تحقق والكل قائم بالله قيام صدور والله من ورائهم محيط فالاختلاف مستند الى تلك الحدود واقتضاءاتها يجريها الله بها فالله حافظ لمطالبها وميولاتها بها فلولاها لما اختلفت الاشياء ولولا الله لما وجدت ولما اقتضت الا ترى انك اذا نظرت الى المرايا العديدة يختلف ظهور وجهك فيها على حسبها والوجه واحد والمقابلة واحدة وليس المرآة هي الزجاجة وانما هي الحدود الستة التي هي الزمان والمكان والجهة والرتبة والكم والكيف واختلاف الوجه انما هو بهذه الستة ألا ترى انك مع قطع النظر عن المرآة ترى اختلاف ظهورك وتجليك في الكون باعتبار الجهات والاوضاع نعم لا يظهر الا بالزجاجة والماء الصافي وساير الاشياء الصيقلية فاذا تجليت ظهر تجليك في هذه الستة واختلف بحسبها وتلك الستة بمقارناتها الخاصة واقتضاءاتها المتعينة لم تكن شيئا الا بتجليك وبها يمتازه ( يمتاز خ‌ب‌١ ) ذلك الظهور والتجلي ويحكم باحكام مخصوصة مختلفة ويسمى باسماء مختلفة ولذا اذا قطعت النظر عن تلك الخصوصيات والحدود لا تجد ( لا تجد الاشياء خ‌ب‌١ ) الا شيئا واحدا وهو وجهك خاصة فمقابلتك هي كلمة كن ( كن وخ‌ب‌١ ) فاعل فعل الامر والخطاب هو نفس ذلك التجلي والظهور والوجه والمخاطب اي فيكون هو ذلك التجلي من حيث وقوعه في حد خاص متحقق باجتماع الستة وهي اعراض ولواحق لتجليك ذاك الامر الواحد قائمة به قيام تحقق وضمير الفاعل في فيكون راجع الى هذا المجموع كضمير الفاعل في كن وهذا المجموع من حيث هو جهة احتجابك عنه ولذا اذا نظرت الى وجهك من حيث ظهور ( ظهوره خ‌ب‌١ ) في المرآة الصغيرة العوجاء الحمراء وتلاحظ تلك الحدود وتتبرء ( الحدود تتبرء خ‌ب‌١ ) منها ولا تستندها اليك بل تغفل عن نفسك في ( في تلك خ‌ب‌١ ) الملاحظة يقينا فاذا قطعت نظرك عن تلك الحدود ما تجد سواك ولا تجد غيرك وهو قوله عليه السلام في الدعاء وانت لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الآمال دونك ه‍ الا انك في المقامين حافظا لذلك التجلي من حيث الحدود او في الحدود وان كنت لا تجلها ( لا تحبها خ‌ب‌١ ) لانها جهة غير جهتك وان كانت متقومة بجهتك يا آدم روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي فافهم واذا اردت اوضح من ذلك فاعلم ان الله سبحانه لما اوجد الخلق اول مرة فانوجد فحصل من تعلق فعله بالمفعول اربع طبايع النار والهواء والماء والتراب وبيانه بالاجمال انه قد حصل من حركة الفعل الى جهة الايجاد والصنع والحرارة ( الصنع الحرارة خ‌ب‌١ ) لانها لازمة للحركة والفعل هي الحركة الايجادية كما قال امير المؤمنين عليه السلام الفعل ما انبأ عن حركة المسمي ولما كان الفعل هو الاسم الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره اما انه اسم فلدلالته وانبائه عن الحق سبحانه بل هو الاسم الاعظم وقد قال امير المؤمنين عليه السلام الاسم ما انبأ عن المسمي اما انه استقر في ظله اي في ذاته ورتبة مكانه ولا يخرج منه الى غيره لان الفعل لا يصير عين المفعول وحقيقته بل الفعل في مكانه والمفعول اثر ذلك الفعل فمن جهة استقراره في مرتبته وعدم تجاوزه الى مقام غيره حصلت اليبوسة فهو عنصر النار الحار اليابس لونه الحمرة وحصل من ربط الفعل الى المفعول وتوجهه الى ( اليه خ‌ب‌١ ) الحرارة والرطوبة وذلك الربط هو احداث الاثر وهو المفعول المطلق والمصدر على اصطلاح اهل النحو لان المصدر هو الاثر الحاصل من الفعل اما الحرارة فلكون ذلك الاثر وجها للفعل ونسبته منه ولذلك يكون في قوته ويقع تاكيدا منه كقولك قمت قياما فانه في قوة قولك قمت قمت فافهم فحرارته من اثر حرارة الفعل فيكون حارا واما الرطوبة فلميله الى المفعول وارتباطه به وذلك مقتضي السيلان والرطوبة فهو عنصر الهواء الحار الرطب ولونه الصفرة وحصل من ربط المفعول بالفعل بتلك الرابطة الالهية البرودة والرطوبة اما البرودة فلكون ذلك الربط من جهة المفعول نفسه وهو تقتضي ( يقتضي خ‌ب‌١ ) السكون المقتضي للبرودة اما ( اما السكون خ‌ب‌١ ) فلكونه منتهي تعلق الحركة الايجادية واما البرودة فظاهرة انها من مقتضي السكون ولا يحتاج الى البيان ولما كان ذلك الربط من جهة المفعول ظهرت فيه البرودة واما الرطوبة فلما ذكرنا من الارتباط المقتضي للسيلان والميل فهو عنصر الماء البارد الرطب ولونه البياض وحصل من نفس المفعول البرودة واليبوسة اما البرودة فلما ذكرنا اما اليبوسة لانه حافظ لما يرد عليه من اثر الفاعل وماسك له عن التضييع والفناء او الخفاء كما هو مقتضي اليبوسة فهو عنصر التراب الحافظ لما يقع عليه من اشعة الكواكب وآثار الافلاك وهو البارد اليابس ولونه السواد فاذا تحققت هذه الطبايع في كل حادث وجد بفعل الله ومشيته واقترنت بعضها ببعض حصلت الاختلافات الغير المتناهية لان بقران كل طبيعة مع الآخر يحدث خلقا غير ما يحدث بقران ( بقران تلك خ‌ب‌١ ) الطبيعة بعينها مع الاخرى وهكذا وظهور هذه الطبايع في هذه الحدود الستة التي ذكرنا يقتضي الاختلافات الواقعة في تلك ( الواقعة وتلك خ‌ب‌١ ) القرانات في تلك الحدود هي القابليات المخلوقة بالعرض انظر الآن فيما يحدث في الليل والنهار من الحيوان والنبات والمعادن وساير الجمادات كل ذلك بقران هذه الطبايع واختلافاتها في انحاء القرانات والاوضاع والاضافات واطوار التعينات فان الله سبحانه يخلقها بحسب قران تلك الطبايع ولما كان بسط تلك القرانات بالبسط الكبير لا ينتهي الى حد وكل قران يقتضي حكما خاصا ولونا خاصا وطعما خاصا وصفة خاصة وتعينا خاصا وجدت كلها دفعة عند الله سبحانه باحوالها المختلفة الغير المتناهية واما عندنا فظهور تلك الطبايع في الاطوار فتدريجي انظر الى علم الرمل فان اصله من اربع نقاط نقطة النار ونقطة الهواء ونقطة الماء ونقطة التراب فلوحظت نسب هذه الاربعة بعضها في بعض صارت ستة‌عشر وكل واحد بيت خاص له حكم خاص باعتبار ذاته وبوقوع تلك الاشكال فيه فصار يعلم به كل شيء في العالم من كل جنس ومن كل نوع ومن كل صنف ومن كل شخص وانما نشأت هذه الاحوال كلها بقران تلك الطبايع بعضها مع بعض ولم يكن تلك الصور وتلك الهيئات والاشكال والاقتضاءات قبل تلك النقاط شيئا ابدا وانما تشبث ( نشئت خ‌ب‌١ ) بها ولولاها لما كانت اي لما تعلقت مشية الله تعالى وفعله اختلاف ( باختلاف خ‌ب‌١ ) الاشكال والبيوت فالقابلية المقتضية لتلك الاختلافات هي القرانات وهي متعلقة بتلك الذوات والطبايع وذلك القران اوجده الله سبحانه لا اولا وبالذات بل ثانيا وبالعرض وهو لسان جعله الله سبحانه وجعله صالحا للسؤال وحفظه بيده فاعطاه مسئوله بما حفظه له فان طلب الاستقامة بالحرارة المعتدلة اوجده كذلك وان طلب الاعوجاج بالحرارة المفرطة او البرودة الغالبة اوجده الله كذلك وهذا هو الصراط المستقيم كما قال عز وجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون وارادة الله الهداية باقتضائه ( باقتضاء خ‌ب‌١ ) الايمان بقابلية المحصولة ( بقابليته والمجعولة خ‌ب‌١ ) حين وجوده وارادة الله الضلالة بكفره كذلك وهو قوله تعالى يهديهم ربهم بايمانهم بل طبع الله عليها بكفرهم لقد كررت ورددت العبارة للتوضيح والتفهيم ومع ذلك فان عرفت فانت انت وهذا الذي ذكرنا هو سبب الاختلاف في السلسلة العرضية وهي عبارة عن الكثرات والاختلافات التي ليس بينهما ترتب علية ومعلولية كزيد وعمرو وامثالهما والسلسلة الطولية هي ترتب العلية والمعلولية والاثرية والمؤثرية وهذا واضح لمن عرف سياق كلامنا والاشارة اليها بالاجمال هي ان الفعل والمشية الكلية الالهية لما تعلقت بالايجاد فكان اول ما تعلق به في غاية الشرافة والنورانية لضرورة ان الذي تعلق به الجعل الكلي الاولي الالهي بلا واسطة اشرف واعلا واقدم بل هو يحكي مثاله فكان له نور يتشعشع ويتلألأ ولذلك النور ايضا لقربه الى المبدأ الاول نور وجمال ولجماله ايضا جمال والجمال جمال ( ولجمال جماله ايضا جمال خ‌ب‌١ ) وهكذا فكل نور في كل رتبة هو امر الله الواحد الساري في جميع شئونات تلك المرتبة وهو الاختلاف بالقابليات كما ذكرنا لان الطبايع في كل مقام وفي كل رتبة موجودة والحدود الستة ايضا كذلك على ما ذكرنا لك وبينا حرفا بحرف فراجع تفهم انشاء الله تعالى قال الشاعر نعم ( ونعم خ‌ب‌١ ) ما قال :

فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتاخذه عنا

فما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا

قال سلمه الله تعالى : وفيه انا لا نعني بالقوابل الا قبول الوجود وهو ايضا لازم للوجود قائم به قيام تحقق اذ الوجود بدون القبول الذي هو المهية يلزم الانفكاك المستلزم لفناء الشيء لانه لا شيئية للشيء الا بها ( بهما خ‌ب‌١ ) فالقبول ايضا مخلوق لله تعالى ولو كان ثانيا وبالعرض فان الجعل تعلق اولا وبالذات بالوجود وثانيا وبالعرض على المهية كما قال عليه السلام وانما سمى الشيء شيئا لانه من شاء ( لانه مشاء خ‌ب‌١ ) فلا يندفع بذلك سبب اختلافات ( الاختلاف خ‌ب‌١ )

اقول اذا تأملت فيما ذكرت لك مشروحا مفصلا في معنى القابلية علمت ان ما ذكره اطال الله بقاه وجعلني فداه هو علة الاختلاف وسببه ولا مناص عنه لان القابلية وان كانت مخلوقة لكنها بالعرض ولا لذاته وقولنا بالعرض شاهد صريح على ان ايجادها ليس بمحض ( لمحض خ‌ب‌١ ) الارادة الاولية والا كانت مقصودة بذاتها وانما كان لاقتضاء الغير فالوجود الواحد الغير المتعدد خلقه الله سبحانه لطفا وكرما وهيئة وجعله صالحا للظهور في الاكوان وللبقاء في مقام الوحدة والجلوس على سرير المحبة فكان له الوجهان ولما كان كون الشيء جامعا مملكا حاويا للمقامات وشاهدا للاسماء والصفات وظهورات التوحيد بانحاء التجليات اكمل واحسن من ان يكون ساذجا ذا مرتبة واحدة وان كانت اعلى المراتب لان في الصورة الجامعية له تلك مع الكمالات الاخر ولذا رجح الوجود الظهور وسئل الله سبحانه وطلب منه ان يظهره في الاكون ( الاكوان خ‌ب‌١ ) فاجاب الله دعوته واكمل عليه عطيته لانه يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء عمن ناجاه فخلق له وله الحمد والمنة اسباب الظهور وتلك هي القابليات وهي الحدود الستة والطبايع الاربعة فيهما ( فبهما خ‌ب‌١ ) تدور الاطوار والاكوار وعليهما جرت ساعات الليل والنهار وتلك الحدود هي السن الطلبات وهذا معنى قولنا مخلوقة بالغير ومجعولة ثانيا وبالعرض فذلك الوجود باعتبار تلك الحدود ولواحق تلك القيود يقتضي حكما خاصا من المعبود فهو سبحانه يحفظه ويحفظ ما له وعليه ويجريه حسب ما يريد على وفق المشية الحتمية وان كان على خلاف المشية العزمية فامر الله سبحانه وقدره يرى ( يسري خ‌ب‌١ ) في الوجود ( في الوجود والوجود خ‌ب‌١ ) بتلك القابليات والحدود والصور يسئل من الله سبحانه الفيض المختلف لانه في ذاته خلقه سبحانه صالحا للقبول اي قبول كل شيء وكل صورة وتلك الحدود مرجحات لاستنطاق ما كان مستجنا في ذاته والمرجح ليس بموجب ولا جابر وجعله صالحا لاكماله ولاخراجه عن مقام الجبر ألا ترى المعصومين عليهم السلام فيهم صلاحية المعصية والا لما كان لهم في ذلك فخر فالقابلية خلقت للوجود والاختلاف ينشأ ( نشأ خ‌ب‌١ ) من الوجود بالقابليات وهي العمل وذلك الامر الساري في الوجود المحفوظ في مراتب الحدود هو القدر المفعولي فلولا ذلك الامر لانعدمت الحدود والصور لانها اعراض ذلك ولولا تلك الحدود لما اختلفت الاشياء والله من ورائهم محيط وهو قول مولينا عليّ بن الحسين عليه السلام ان القدر في العمل كالروح في الجسد فلولا الروح لم يوجد الجسد ولولا الجسد لم يظهر الروح ولو لم يكن القدر لم يوجد العمل ولولا العمل لم يظهر القدر نقلت بعض معنى الحديث اذ لم‌احفظ كله فاذا فهمت ما ذكرنا واتقنت ما بينا علمت ان ما ذكره الاستاد روحي له الفداء واف بالمراد ويدفع به كل الايراد ولكن

فمن حضر السماع بغير قلب ولم يطرب فلا يلم المغني

قال ايده الله تعالى : لانه ان كان المراد ان مشية الله الامكانية كانت مقتضية لان يصدر عنه هذه الامكانات على اختلاف الرتبة والمرتبة فلو لم يخلقه في الكون لبخل وفيه ان ذلك ليشم ( يستشم خ‌ب‌١ ) منه رايحة الجبرية فان قلت الظلم وضع الشيء في غير ما وضع له فهيهنا ليس كذلك لانه وضع الشيء في عين ما وضع له بحسب اقتضاء الرتبة والمرتبة قلت نعم ولكن اعطاء تلك الرتبة والمرتبة لذلك في تلك ظلم

اقول اعلم ان ذات الله سبحانه لا اقتضاء فيها بوجه لاستلزامه التكثر والتعدد والتغير والانتقال من حال الى حال والاقتضاء انما هو في الفعل والمشية ولما كانت مشيته تعالى تجري على احسن الوجوه واكمل النظام وان كان نسبة الكل اليها على حد سواء وقدرته تعالى بها على الاحسن وغيره واحدة غير مختلفة فلما علمنا وفقا لكل العقلاء ان الوحدة اشرف من الكثرة والاتحاد والاتفاق والايتلاف احسن من التعدد والاختلاف وادل لقهاريته تعالى وتوحيده فوجب ان يجري الله سبحانه مشيته على نهج ( النهج خ‌ب‌١ ) الاحسن والطريق الاقوم الذي هو ايجاد الواحد الغير المختلف ولا التعدد ( المتعدد خ‌ب‌١ ) وذلك حجاب الاحدية ومقام اللاهوت ثم لما كان الاختيار هو الاحسن في النظام من الجبر والاضطرار جعل فيه صلاحية الظهور في الكثرات ثم اقتضي ذلك الامر الواحد بما فيه من الصلوح المحض الكثرات فاوجده الله سبحانه كما اقتضي وكان اول اقتضاء الكثرات الذكرية العلمية فوجدت بمشية الله الامكانية فالمراد بالمشية الامكانية حيث ما نقول الوجه الاسفل من المشية المتعلقة بايجاد ذكر الكثرات بنفس قابلياتها الامكانية فتلك الكثرات الموجودة هناك وان كان على وجه البساطة والوحدة انما كانت مجعولة بالمشية ثانيا وبالعرض لا اولا وبالذات فان المقصود لذاته في الايجاد يجب ان يكون اشرف ما يمكن وليس ذلك الا الوحدة والكثرة خلاف الاصل فلا يصار اليه الا بدليل قاطع فحيث اقتضي لوجود مانع اقوى وهو الظلم والجبر لاحكم الله سبحانه بالاختلاف والكثرة ثانيا وبالعرض ليقتضي ( ليقضي خ‌ب‌١ ) الله امرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة ومع هذا ليس ( ليس شيء في الامكان شيء ابسط واشد وحدة من المشية الامكانية وليس خ‌ب‌١ ) الآن موقع بيان هذه الدقيقة والحاصل ان المشية الامكانية بما ذكرنا من ظهور القابلية الامكانية وان كان على جهة الوحدة والبساطة اقتضت الكثرات الامكانية وهي ذكر الاشياء في المشية والاعيان الثابتة الخلقية لا القديمة ثم اوجد الوجود مادة المواد وهيولي الهيولات واصل الاصل ( الاصول خ‌ب‌١ ) وذات الذوات وعنصر العناصر واسطقس الاسطقسات وجوهر الجواهر ( الهباء خ‌ب‌١ ) ونور الانوار وامر الجبار الى غير ذلك من الاسماء بالمشية الكونية فطلب ( وطلب خ‌ب‌١ ) الظهور الكوني والعيني فجعل سبحانه لظهوره تلك الحدود فاقتضي بها الاختلاف فقد يرجع الى الايتلاف وقد لا يرجع كذلك صنع ربنا العزيز الغفار ثم ليس كلما في المشية الامكانية وجد في الاكوان بل في الامكان اشياء لا يظهر في الاكوان والاعيان ابدا كشقاوة الانبياء وسعادة الاشقياء وامثالها فقد ظهر لك ان سبب الاختلاف ليس اقتضاء المشية الامكانية بل المقتضى هو القابلية في الامكان والاكوان بغير تفاوت والقابلية هي الحدود وهي مساوقة في الوجود مع الامر الخلقي وهو كن ودلالة كن في الحد الخاص هي يكون فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم ان افتريته فعليّ اجرامي وانا بريء مما تجرمون ولكن المسئلة غامضة وما ذكرت لك اقصى ما يمكن العبارة عنها

قال سلمه الله : وان كان المراد ان نظام العالم كان مقتضيا للايجاد على جهة الاختلاف فالاختلاف منوط به فهو جبر محض

اقول هذا الكلام يحتمل وجهين احدهما صحيح والآخر فاسد اما الاول فبان يقال ان فعل الله سبحانه يجري على احسن النظام واحسن النظام في العالم ان لا يخلقوا على جهة الجبر والاضطرار والاختيار ليستلزم ( يستلزم خ‌ب‌١ ) تعدد الجهات وهي لتستلزم ( تستلزم خ‌ب‌١ ) الاختلاف باختلاف الميولات والاقتضاءات على ما ذكرنا سابقا مفصلا فان اريد هذا المعنى فهو صحيح لا شك فيه ويشهد عليه قوله نظام العالم كان مقتضيا فان ( فان هذا خ‌ب‌١ ) الاقتضاء يرجع الى نظام العالم لا الى ارادة الله سبحانه فكان الاختلاف من اقتضاء الغير وان كان بالله فلو كان محض ارادة الله لقيل ان الله سبحانه جعل العالم مقتضيا فحينئذ يستلزم الجبر والظلم واما اذا قيل بان الله وجد ( اوجد خ‌ب‌١ ) الاختلاف باقتضاء نظام العالم حسب القابلية ( القابليات خ‌ب‌١ ) كما فصلت ( فصلنا خ‌ب‌١ ) سابقا فهو الحق الذي لا شك فيه ولا ريب يعتريه واما الثاني فبان يقال ان العالم كالبيت كما ان البيت يحتاج الى اوضاع مختلفة لا يستقيم بدونها كذلك العالم يحتاج الى عال وسافل وشريف ووضيع وطيب وخبيث فخلق الله الخلق على ذلك الاقتضاء وهذا القول فاسد باطل كما ذكرت سابقا مشروحا فراجع وما قال سلمه الله فهو جبر محض صحيح في هذا الشق الثاني وفي الشق الاول اختيار محض

قال سلمه الله : سؤال - المعروف من كلمات شيخنا ادام الله ظلاله ( اطال الله بقاه خ‌ب‌١ ) ان الاختلاف انما كان في الصورة يعني في الذر الثاني فان الذر الاول اعني عالم العقول المتكون من ماء الوجود وارض الجرز المشروط بالاكوان هيولي الاولي للانسان وفيها معاني الاشياء متمايزة بحسب المعنى وهو المقام الذي اشار اليه سبحانه كان الناس امة واحدة والذر الثاني ايضا مسبوق ومشروط ومتوقف على ما يتوقف على ( عليه خ‌ب‌١ ) الذر الاول من الماء وارض القابلية والاكوان الا ان هذا جميعا من فاضل ما يتوقف عليه الذر الاول وهذا هو الخلق الثاني المشار اليه في الحديث السعيد من سعد في بطن امه والام عبارة عن صورة الاجابة التي خلقت الاشياء ومنها ظهرت وعنها برزت ما هو الكامن فيها في الخلق الاول ومثال ( منازل خ‌ب‌١ ) الاول المداد المركب من صمغ وسواد وزاج وعفص وملح وصبر ونبات وآس فكلما ( فكما خ‌ب‌١ ) ان المداد من حيث هو صالح للاسم الشريف والوضيع وانما يتميز منها بالصورة الثانية اي الكتابة بهيأتها وهي الماهية الثانية فسئلهم لعلمه بهم حين سئلوه ان يسئلهم الست بربكم

اقول اعلم انا لانتصدي لشرح عبارات شيخنا واستادنا اطال الله بقاه المنقولة ولو اردنا ان نتصدي لذلك لطال بنا الكلام لما في كل كلمة وعبارة من الحكم والاسرار والعلوم والانوار مما لا يكاد تحتمله القلوب والافكار وتستطيع لمشاهدة نورها الاعين والابصار بل نقتصر على بيان موضوع ( موضع خ‌ب‌١ ) السؤال ونتجنب من تطويل المقال لما في قلبي من دواعي الملال وما انا عليه من اختلال الاحوال واعلم انا قد ذكرنا لك ان الواحد البسيط الشامل الكامل الذي لا ثاني له اشرف واحسن من الكثرات والاختلافات ومن الواحد الذي له ثاني وقد ذكرنا ايضا ان فعل الله سبحانه يجري على اكمل الوجوه واحسن النظام فكان اول متعلق فعله واحدا بسيطا اضافيا لا ثاني معه ثم لما ابطلنا الجبر وجهة الوحدة يستلزمه ( تستلزمه خ‌ب‌١ ) جعل الله سبحانه فيه صلاحية المتعلق ( التعلق خ‌ب‌١ ) بالكثرات والظهور باطوار التعينات وهذا اول التركيب من جزء من اليبوسة واربعة اجزاء من الرطوبة لشدة العموم والشمول وكثرته وخفة الخصوص والجمود وقلته وذلك هو معنى اللابشرط والمعنى الاطلاقي عند اهل الاصول والكلي الطبيعي عند اهل المنطق والاحد الساري والواحد الساري في الاعداد عند اهل العدد ( الاعداد خ‌ب‌١ ) والالف اللينية الظاهرة بالالف المتحركة القائمة السارية في كل الحروف عند اهل الحروف والمثلث الغير المتفق ( المضيق خ‌ب‌١ ) بالبيوت عند اهل الاوفاق والمصدر المشتق عن ( عنه خ‌ب‌١ ) الاسم الفاعل والاسم المفعول وساير المشتقات او مع الافعال كلها على الخلاف عند اهل الصرف وهو اللفظ ( اللفظ الساري خ‌ب‌١ ) في الكلمة السارية في الاسم والفعل والحرف بمتعلقاتها واحوالها واوضاعها عند اهل النحو هو ( وهو خ‌ب‌١ ) النقطة الواحدة الظاهرة في النقاط الاربعة الظاهرة في الاشكال والبيوت الستة‌عشرة ( الستة‌عشر خ‌ب‌١ ) عند اهل الرمل وهو الحق المخلوق به والوجود المطلق اللابشرط عند اهل الاشراق وهو امر الله ونور الله وكلمة الله وآدم الثاني والاصل القديم والفرع الكريم والاب المطلق والهيولي الاولي والنفس الرحماني بفتح الفاء الثانوي ودلالة الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر ومادة المواد واسطقس الاسطقسات والفؤاد والمداد وبحر المزن والصاد ومنشأ تولد القابليات ومعنى الاسماء والصفات ومظهر الانوار والتجليات الواقف على الطتنجين الملتقي للعالمين اي الحاوي ( للعالمين الحاوي خ‌ب‌١ ) لاسرار النشأتين ورحمة الله الواسعة وقدرته الشاملة ونعمته الوازعة وصراطه المستقيم ونوره القويم وحكمته البالغة عند اهل المعرفة وهو المسمي بالوجود المقيد اي مبدءه ومنشأه واصله ثم لما خلقه الله سبحانه اقامه في ظله فخر ساجدا تحت عرش ربه الف سنة ثم رفع راسه وقال اللهم انت اكرم الاكرمين وارحم الراحمين اجعلني برحمتك وفضلك اشاهد اسماءك وصفاتك وارى انوار قدرتك وبهائك واتقلب في جلال عظمتك واتغوص في بحار آلائك فاجاب الله سبحانه دعائه لانه تعالى لا يرد سائليه ولا يخيب آمليه فبعثه سبحانه الى بلد الكثرات وارسله الى مقام تفاصل ( تفاصيل خ‌ب‌١ ) الآثار والافعال من الذوات والصفات لينال بذلك مطلوبه ويصل الى مأموله فنزل من سماء الاطلاق الى ارض التقييد ومن علو الوحدة الى ارض الكثرة وهي ارض الجرز وهي عبارة عن المشخصات الستة المذكورة المستدعية للمشية والارادة والقدر والقضاء والاذن والاجل والكتاب فتحدد بالحدود وتشخص بالقيود فكان ذائبا فانجمد ولكن لما كان هذه الحدود اول التعين واقرب التعينات والحدود الى الوحدة البسيطة لم يكن تشخصه تشخصا محضا بحيث ولا يقبل ( بحيث لا يقبل خ‌ب‌١ ) الشمول والاحاطة و( وانجماده خ‌ب‌١ ) انجمادا بحيث لا يقبل ( لم يقبل خ‌ب‌١ ) السيلان بل انجماده اضافي وكتشخصه ( اضافي كتشخصه خ‌ب‌١ ) وانما هو واحد سار شامل لكنه لا كسريان الاول وجريانه وهذا هو الوجود بشرط لا وهو العام عند اهل الاصول اي العام الاستغراقي بحيث عنده ذكر جميع تلك الكثرات وملاحظة كل تلك الافراد لكنها ليست ممتازة ظاهرة بعضها عن بعض وانما هو كالمداد المركب من الصمغ والسواد والعفص والملح ( الزاج خ‌ب‌١ ) والصبر والنبات وغيرها لكنه شيء واحد مذكور فيه جميع الحروف المكتوبة بجميع انحائها لكنها غير متميزة باشخاصها وهذا هو العالم بجميع ( العام يجمع خ‌ب‌١ ) اقسامه عند اهل الاصول والكلي العقلي عند اهل المنطق والواحد المبدء للاعداد كلها عند اهل الاعداد والالف المتحركة القائمة عند اهل الجفر والتكسير وساير اهل الحروف وهو الشكل المثلث المتساوية الاضلاع المستخرج عنه الشكل المستدير والمربع عند اهل الهندسة واهل الاوفاق وهو الفلك الاعظم ومحدد الجهات عند الطبيعيين واهل النجوم وهو الكلمة المنقسمة الى الاسم والفعل والحرف عند اهل النحو وهو الفعل الماضي المشتق عنه الافعال كلها عند اهل الصرف على مذهب البصريين وهو شكل الطريق عند اهل الرمل وهو العقل الاول عند المشائين القائلين بالعقول العشرة وهو العقل الكلي عند اهل الاشراقيين ( عند الاشراقيين خ‌ب‌١ ) وهو العقل والروح والقلم والمصباح والنفس الرحماني الثالثي والعرش الاعظم وآدم الثالث وابو الوجودات المقيدة وروح القدس والروح من امر الله والملك الذي له رؤس بعدد رؤس الخلايق مما وجد وما سيوجد الى انقضاء الازمنة والدهور الغير المتناهية وهو آكل الباكورة في جنان الصاقورة وهو العمود من النور وهو الحجاب الابيض من الدرة البيضاء وغيرها من الاسماء الالهية عند اهل المعرفة من شيعة امير المؤمنين عليه السلام وهذا هو الذر الاول اذ فيه ذكر الاشياء ووجودها الذكري على نهج التفصيل لكن لا امتياز بينها ولا صورة ( صور خ‌ب‌١ ) معينة مشخصة وان كانت هناك حدود معنوية كلية ثم لما جعله الله سبحانه في هذا العالم اي عالم العقول وعالم الجبروت بقي قائما بين يدي الجبار وقائلا سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح الف سنة ثم استدعي الظهور باستدعاء القابليات والكينونات المستجنة فيه الغير الظاهرة كصور الحروف المكتوبة ( المكنونة خ‌ب‌١ ) في المداد وهنا مقام كان الناس امة واحدة اذ لا اختلاف هناك ولا تعدد في الظاهرة ( الظاهر خ‌ب‌١ ) وانما هو شيء واحد صالح للتعين بكل تعين والتصور بكل صورة ثم قال يا رب ارني عظمتك وقدرتك التي استطلت بها على كل شيء فاجاب الله سبحانه دعاءه واخرج تلك الاعيان وتلك النسمات في عالم التشخص والظهور الخارجي فخرجت تلك الذوات متمايزة باقتران القوابل والماهيات متكثرة مختلفة وذرات متمايزة كل واحد منها يصلح لكل شيء ثم اقتضت الفيوضات والامدادات والرزق والاجل والبقاء والفناء والدوام لبقاء كينونتها واثبات انيتها وحقيقتها ولما كان الجبر محالا على الله وتلك الاعيان بقوابلها ما تقتضي الاجبار فلو كان الله يعطي الكل على حد سواء لماقبلوا لو خليوا وطباعهم بما فيهم من تلك الحدود والاقتضاءات المختلفة المتفاوتة حسب دواعي الانيات والكينونات على ما ذكرت سابقا واجبارهم خلاف المشية الحتمية ولو انه تعالى يمدهم ويعطيهم على التفاوت من غير سبب خارجي لكان ذلك موجبا لعدم ابلاغ الحجة فكلفهم الله سبحانه في العالم الثاني اي الذر الثاني ذر النفوس فسئلهم سبحانه تعالى لما سئلوه تعالى المدد والفيض على جهة الاختيار لا الجبر والاضطرار وكان ذلك لا يمكن الا ان يكلفهم وسئلهم ( يسئلهم خ‌ب‌١ ) ما يريدون وما لا يريدون فسئلوه تعالى ان يسئلوهم ( يسئلهم خ‌ب‌١ ) وهذا معنى عبارة مولينا اطال الله بقاه فسئلهم لما سئلوه ان يسئلهم الست بربكم الخ وهذا المجمع المحشر ( والمحشر خ‌ب‌١ ) الذي اجتمعت فيه ارواح الخلايق وامتاز بعضها عن الآخر بالصورة الخاصة به على حسب الاجابة والانكار هو عالم النفوس فمن اجاب واقر مخلصا خلقه الله تعالى من صورة الاجابة وهو ( هو الصورة خ‌ب‌١ ) الانسانية وساير هياكل التوحيد ومن لم يقر وانكر خلقه الله من الصورة الخبيثة الحيوانية السبعية وساير هياكل الشرك ومن لم يقر ولم يجحد لم يخلقه وابقاه على ابهامه حتى يقر او ينكر فالشقي شقي في بطن الام وهو الصورة الشيطانية والسعيد سعيد في بطن الام اي في الصورة الانسانية وقبل الاجابة والسؤال كان كل واحد منهم صالحا للآخر مثاله الخشبة فانها في نفسها صالحة للسرير والصنم فاذا صنعته سريرا او ضريحا للقبور المقدسة المنورة كانت بتلك الصورة سعيدة بحيث يقبلها الانبياء والمرسلون والملائكة المقربون وان صنعته صنما كان بتلك الصورة خبيثة لم يقربه المؤمنون والملائكة وهو محل ورود الشياطين والملاحدة ويجب كسرها فصارت السعادة والشقاوة في صورة الاقرار والانكار واما اطلاق الام على الصورة فمن جهة العقل والنقل والاشارة اليها توجب التطويل واما الاشارة الى النقل فمن قول مولينا الصادق عليه السلام ان الله خلق المؤمنين من نور ( نوره خ‌ب‌١ ) وصبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه وامه ابوه النور وامه الرحمة الحديث فكان الخلق ممتازين مصورين في ذلك العالم وجعل الله سبحانه وقدر لهم بحسب اجابتهم وانكارهم الرزق والاجل والعزة والفقر والغنا وساير الاحوال الجارية عليهم في هذه الدنيا وغيرها من البرزخ والعقبا فبقوا في ذلك العالم ما شاء الله حتى اماتهم الله بلطيف حكمته واذهب امتيازهم وتشخصهم ورجعهم الى الطين طين الطبيعة ثم احياهم في هذه الدنيا ثم يميتهم ثم يحييهم وهو قوله تعالى وكيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون وكون الاشخاص باختلافاتها في عالم النفوس مثل كونهم في هذه الدنيا حرفا بحرف الا ان ذلك الطف واشرف وانور ولذا قال عليه السلام في الروح انه جسم لطيف البس قالبا كثيفا فافهم فقد اسمعتك تغريد الورقاء بفنون الالحان على اغصان سدرة المنتهى وشجرة الطوبى ( طوبى خ‌ب‌١ )

قال سلمه الله تعالى : فيلزم من ذلك اولا كونه منافيا لكلامه السابق في الجملة وثانيا ان يكون عالم العقول مخلوقا اولا قبل عالم النفوس فيلزم التعطيل مع انه خلاف المعروف من الاخبار الواردة عن الائمة الاطهار عليهم السلام

اقول اما منافاة هذا الكلام لكلامه السابق فحاشاه ان يكون كذلك ولا منافاة بين كلماته بوجه من الوجوه ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وما ذكره اطال الله بقاه ( وجعلني في كل محذور فداه خ‌ب‌١ ) كله من عند الله سبحانه لانه المحسن والله مع المحسنين لانه المجاهد في الله فالله هداه سبل علومه واسراره بل كلماته في كمال التوافق نعم لما كان غواصا في بحر الصاد وآخذا من ذلك المداد وهو يصلح لكل شيء فجري ( فيجري خ‌ب‌١ ) كلامه امده الله تعالى على انحاء شتى تبعا لائمته عليهم السلام ( السلام كما ان لهم ع خ‌ب‌١ ) بابا ترد ( يرد خ‌ب‌١ ) الاختلافات الواردة في كلمات العترة الطاهرة عليهم السلام الى امر واحد وحكم غير مختلف وهو القرية الظاهرة للسير الى القرى المباركة عليهم السلام كذلك لخواص شيعتهم يجب ان يكون بابا يعرف مصدر كلامهم ومورده ويجعل كل شيء في محل ( محله خ‌ب‌١ ) فان وجدت ذلك الباب فعليك بملازمته ليعرفك الخطاء من الصواب ويدلك الى الطريق الاقصد الارشد والا فاياك والخوض في هذه الكلمات الغامضة والاشارات الفائقة لا فدع ( الفائقة فدع خ‌ب‌١ ) عنك بحرا ضل فيه السوابح ولولا ما انا عليه من الكسل والملل وضعف البنية وتوافر ( توفر خ‌ب‌١ ) الاشغال لبينت لك من اسرار كلماته وتلويحات اشاراته ما تتحير فيها العقول وعلمت صدقي في دعواي وساوضح ذلك انشاء الله في رسالة منفردة ان مدني الاجل

وهب اني اقول الصبح ليلا يعمى الناظرون عن الضياء

ومما ذكرنا وفصلنا ظهر لك وجه عدم المنافاة فلا نعيد واما قوله وثانيا ان يكون عالم العقول مخلوقا قبل عالم النفوس فيلزم التعطيل مع انه خلاف المعروف من الاخبار فاعلم انه لا شك ولا ريب ان عالم العقول مخلوق قبل عالم النفوس والاخبار الدالة عليه كثيرة بعد دلالة العقول الصحيحة المستنيرة ( المنيرة خ‌ب‌١ ) كما ذكرنا مجملا منها سابقا ومنها قوله عليه السلام ان الله خلق العقل وهو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر فقوله عليه السلام اول خلق صريح في ان ما سواه بعده في الوجود وقوله عليه السلام اول ما خلق الله عقلي ونوري وامثالها من الاحاديث كثيرة اما التعطيل فيلزم لانه انما يلزم اذا كانت القبلية والبعدية زمانية واما اذا كانت ذاتية كقبلية السراج وتقدمه على الاشعة فلا يلزم التعطيل وانما ذلك محض الافاضة على انحاء مختلفة واطوار متعددة اظهارا لكمال قدرته تعالى وابانة عن ظهور جلال عظمته والمراد بالقبلية الذاتية ان لا يكون البعد في رتبة ذات القبل بل كان في مقام قشره وقشر قشره وقشر قشر قشره وهكذا او في ( في مقام خ‌ب‌١ ) صنعه واثره وظهور صفته ومثاله فالنفس للعقل بمنزلة الاول فهما دفعة في الزمان واحدهما مقدم على الآخر في الدهر وهو اوسع من الزمان بل الزمان والزمانيات كلها بالنسبة الى الدهر كالنقطة في وسط الدايرة ( الدايرة وخ‌ب‌١ ) كالدرهم بين يديك فالتقدم الدهري لا ينافي المساوقة الزمانية كما ان الوحدة النوعية لا تنافي ولا تضاد الكثرة الشخصية فنقول حينئذ ان الله تعالى خلق العقول قبل النفوس بمأتي‌الف عام كما ورد ان الله خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل نور عليّ عليه السلام بثمانين ‌الف سنة وانه قد دلت الاخبار المتظافرة بل المتواترة بين الفريقين انه صلى الله عليه وآله قال انا وعليّ كنا نورا واحدا ننتقل من الاصلاب الى الارحام حتى انتقلنا ( انقلنا خ‌ب‌١ ) الى صلب عبد المطلب فافترقنا وقيل للنصف ( لنصف خ‌ب‌١ ) كن محمدا صلى الله عليه وآله وللنصف الآخر كن عليا عليه السلام والجمع بين الامرين حديث وانا ( حديث انا خ‌ب‌١ ) الشجرة وعلى اصلها وفاطمة فرعها الحديث فان الشيء من حيث الاجمال والوحدة مقدم عليه في مقام التفصيل والكثرة في ذاته وان كانا معا في ظهوراته وكما ورد ان الله سبحانه خلق آل‌ محمد عليهم السلام قبل خلق الخلق بالف دهر وكل ( كل دهر خ‌ب‌١ ) مائة ‌الف عام او باربعة ‌عشر الف دهر وهكذا من المقادير مع انه قد وردت الاخبار الكثيرة ان الانبياء من شعاع ( الانبياء شعاع خ‌ب‌١ ) انوارهم خلقوا كشعاع الشمس بالنسبة اليها وقالوا عليهم السلام وان انما ( السلام انما خ‌ب‌١ ) سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع انوارنا والانبياء عليهم السلام كلهم من شيعتهم عليهم السلام وان من شيعته لابرهيم والضمير يرجع الى امير المؤمنين عليه السلام فان كان قوله سلمه الله مع انه خلاف المعروف من الاخبار الخ مراده ان التعطيل خلاف المعروف من الاخبار فصحيح عندنا وان كان بعض العلماء جوزوا تعطيل ( تعطيل الفيض مستندا خ‌ب‌١ ) ببعض الاخبار كقوله عليه السلام كان الله ولم يكن معه شيء وامثاله وهو قول فاسد لا يعبؤ به بل المعروف من الاخبار ان الانقطاع ( ان لا انقطاع خ‌ب‌١ ) لفيضه تعالى ويدل عليه العقل المستنير ولا يحتاج ذلك الى البيان لكمال الوضوح والظهور وان كان المراد ( المراد ان خ‌ب‌١ ) تقدم عالم العقول على عالم النفوس خلاف المعروف من الاخبار فهو باطل لما ذكرنا لك والاخبار في هذا المضمار كثيرة والاشارة كافية لاهل الفهم والدراية

قال سلمه الله : وايضا ما المراد بعالم العقول التي كانت ( كانت فيها خ‌ب‌١ ) معاني الاشياء متمايزة بحسب المعنى وما مكانه

اقول هذا العالم قد شرحت لك ( لك اصل خ‌ب‌١ ) تكوينه ومكانه ومحله ( محله في خ‌ب‌١ ) الخلق الاول والذر الاول ومعنى ذكر معاني الاشياء فيه وعدم تمايز بعضها عن بعض وازيدك بيانا اعلم ان العقل نور الهي بدا ( برا خ‌ب‌١ ) من الاختراع الاول جوهر مجرد عن المادة الملكوتية والجسمانية والشبحية البرزخية وعن المدة المقدارية المثالية والمدة الزمانية اول نور مشرق من صبح الازل وآدم الثالث واول ولد تولد من آدم الثاني الذي هو الوجود المقيد اعني الماء النازل من سحاب المشية الذي به كل شيء حي ومن حوائه ارض الجرز ارض القابلية اي الماهية الاولى خلقه الله سبحانه من اربعة اجزاء من رطوبة ماء بحر الصاد اول المداد وجزء واحد من يبوسة ارض القابلية الارض الطبية ( الطيبة خ‌ب‌١ ) ثم مزج بينهما باسمه الحي ثم عقدهما باسمه القابض ثم اخذ من هذا المجموع جزوين ( جزءين خ‌ب‌١ ) ومزجهما مع جزء واحد من ارض الجرز والارض المقدسة ثم عركهما بحرارة اسمه النور مع الرطوبة ثم عقدهما بذلك الاسم مع قوة اليبوسة ثم قام قائما مسبحا بحمد ربه وذلك هو العقل وهو اول غصن اخذ من شجرة الخلد وهو القلم في قوله تعالى ن والقلم وما يسطرون وهو عبد من عباد الله قائم في طاعة الله صورته هيكل التوحيد وصفته الرضا والتسليم ومقامه الركوع وطبيعته البرودة واليبوسة في ظاهر ذاته وعمله البرودة والرطوبة في ظاهر فعله والحرارة واليبوسة في اصل ذاته وادراكه المعاني الكلية ومخزنه كل الوجود بالذكر كالانسان المذكور عنده جميع الافراد والجزئيات الغير المتميز في رتبة مقامه ودليله الموعظة الحسنة وسبيله اليقين وطريقه ( طريقته خ‌ب‌١ ) التقوي وعلم الطريقة وصفته الاستقامة وذكره سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح ومعرفته اسماء الله الحسنى وصفاته العليا ونفي الاضداد والانداد ومعرفة الصفات الثبوتية والسلبية وشغله العبادة فلا يتوجه الا الى المعبود الحق وحده لا شريك له وثمرته العصمة عن الخطاء فطوبي لمن لاحظ حرمته وقوله لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وحكمه الاحتياط لتحصيل اليقين ومكانه كل الممكن لان العقل اول شيء برز في الوجود لمشية الله سبحانه ومادة امره الكوني وخطابه الشفاهي فلم يبق في الامكان الكوني مكان الا وقد وسع نوره وظهر ظهوره والاشياء كلها خفت ( خفيت خ‌ب‌١ ) واضمحلت عند سطوة جبروته ولذا سمي عالم الجبروت ونسبة كثرة الاشياء الموجودة الظاهرة في عالم النفوس وغيرها اليه بنسبة ( نسبة خ‌ب‌١ ) الوحدة الشخصية الى الوحدة النوعية الشمولية ووقته الدهر وهو الوقت الثابت المستمر الذي جمع ( يجمع خ‌ب‌١ ) المختلفات ويفرق المجتمعات الزمانية ولونه البياض في صفته والسواد في ظاهر ذاته والحمرة في باطن حقيقته مقبل على الله عز وجل مطيع لامره ونهيه اذ لا يجد في مقام ذاته ما يصرف ( تصرف خ‌ب‌١ ) نظره عن الله تعالى اذ عداه ( ما عداه خ‌ب‌١ ) كله باطل وذكره لا يقاوم تاصل الذات فلا يمكن التوجه الا اليه تعالى فلما خلقه الله قال له اقبل فاقبل فاظهر الله باقباله الذي هو عين ادباره عنه خلايق ( حقايق خ‌ب‌١ ) الاكوان ومستجنات عيوب الاكوان ( غيوب الامكان خ‌ب‌١ ) ففي كل مرتبة نازلة اقبل اليها اظهر قشره وقشر قشره وهكذا فكان اول اقباله ونزوله الى عالم الارواح اي عالم الرقايق ثم الى عالم النفوس ثم الى عالم الطبايع ثم الى عالم المواد الجسمانية ثم الى عالم المثال ( المثال ثم الى عالم خ‌ب‌١ ) الاجسام ثم الى ( الى عالم خ‌ب‌١ ) العرش ثم الى ( الى عالم خ‌ب‌١ ) الكرسي ثم الى فلك المنازل ثم الى فلك البروج ثم الى الشمس ثم الى فلك الزحل والقمر منها ( فلك البروج ثم الى فلك الشمس ثم منها الى زحل والقمر ثم منها خ‌ب‌١ ) الى المشتري وعطارد ثم منها الى المريخ والزهرة ثم منها الى كرة النار بمراتبها ثم الى كرة الهواء كذلك ثم ( ثم الى خ‌ب‌١ ) كرة الماء ثم الى كرة التراب الى هنا نهاية الادبار فامره الله سبحانه بالاقبال فاقبل اليه تعالى وتراكمت للطبايع بعضها مع بعض فاول ما صور ( صعد خ‌ب‌١ ) الى المعدن ثم الى النبات ثم الى الحيوان ثم الى الجن ثم الى الملائكة ثم الى الانسان ثم الى الجامع عليه السلام الى ان وصل الى مركزه ودار مستديرا على وجه مبدئه فيمد ( فيمد الله خ‌ب‌١ ) سبحانه به العالم وعليه جرى نظام بني آدم من الف ‌الف آدم في الف ‌الف عالم على ما روي عن الباقر عليه السلام رواه الصدوق في الخصال وعالم العقول عالم الوجود ( الوحدة خ‌ب‌١ ) والبساطة الاضافية فالعقل الكلي هو الاصل وهو عقل نبينا صلى الله عليه وآله ( آله واولاده الطاهرين خ‌ب‌١ ) وعقول ساير الخلق من الانبياء والمرسلين منبعثة منه انبعاث النور من المنير والاشعة من الشمس والكلام من المتكلم فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم

قال سلمه الله : اذ كل شيء لا يجاوز وقته ولا يوجد الا فيه ولا ذكر له قبل ذلك وكل ذي وقت فوقته مساوق ( مساوي خ‌ب‌١ ) لمكانه وكونه لان الوقت والمكان والكون متساوقة اذ كل واحد شرط للآخر وكذا باقي التعينات والتشخصات فيلزمها التضايق ( التضايف خ‌ب‌١ ) واي دليل دل على ذلك

اقول قوله سلمه الله واي دليل دل على ذلك يحتمل على وجهين ( يحتمل وجهين خ‌ب‌١ ) احدهما ان يكون ذلك اشارة الى كون عالم العقول والنفوس والذر الاول والثاني ويريد الدليل على اثبات هذا المدعا كما ذكر شيخنا اطال الله بقاه وهذه الارادة هو الظاهر من عبارته حيث اتى بعد ذلك بالدليل المصدر بقوله اذ كل شيء الخ والدليل لا يجوز ان يكون مجهولا فيكون طلب الدليل لاصل مدعي الشيخ ولاثبات ان العقل ( للعقل خ‌ب‌١ ) مكانا وطلب انه اين وثانيهما ان يكون اشارة الى هذا المطلب المذكور اي لزوم كون كل شيء ذا مكان ووقت مساوقان لوجود وان اتى ( لوجوده واتى خ‌ب‌١ ) بهذا الكلام بصورة الدليل لكن هذه العبارة لما كانت بعينها عبارة شيخنا ومولينا حرسه الله تعالى سئل الدليل عليه ونحن نذكر الوجهين انشاء الله واما ( اما خ‌ب‌١ ) الاول فلما ذكرنا من ان مبدء الوجود يجب ان يكون احسن واشرف ما يتصور ويتعقل لعموم قدرة الله سبحانه وعلمه وحكمته وغنائه وعدم افتقاره ولا شك ان اشرف ما ندرك ونتعقل هي الوحدة الغير المشوب بشيء من الكثرات والاضافات وهو الاحد والطفرة لما بطلت فوجب ان يكون اول الخلق والوجود واحدا بكل الاعتبارات حسب ما ندرك اذ كل ما ندرك فهو مخلوق مثلنا مردود الينا وهذا الواحد المخلوق اولا قبل كل شيء لا قبلية زمانية بل قبلية سرمدية او برزخية هو المعبر عنه عندنا بالفؤاد ونور الله وهو صفة معرفة الله تعالى وآية توحيده ومثل توصيفه وتعريفه للخلق وهو المثال في قول امير المؤمنين عليه السلام فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله ثم لما كانت الاعداد لا بد من ابرازه وتحققه من الاحد والكثرات والاقتضاءات حسب ما بينا سابقا لا بد من نشوها من ذلك الامر الواحد والطفرة لما كانت باطلة والكثرة لما كانت قسمين كثرة معنوية ككثرة الاجناس والانواع في ذاتها قبل تعينها بالحدود والمشخصات وكثرة شخصية جزئية كالافراد المنشعبة من الاجناس والانواع ولما كانت الكثرة المعنوية اشرف واعلى من الكثرة الشخصية الجزئية المختلفة لقربها الى الوحدة بالنسبة الى الشخصية وكلما كان اقرب الى الوحدة كان اشرف لتشبهها بصفة المبدء لا بذاته وجب ان تكون تلك الذات التي فيها الكثرات المعنوية كالانسان بالنسبة الى جزئياته وكالمركب المداد بالنسبة الى الصورة ( الصور خ‌ب‌١ ) المكتوبة مقدمة في الايجاد والاحداث على الذوات المتكثرة بالتشخصات الخارجية الوجودية والا لكانت الطفرة الممتنعة المستحيلة عند ذوي العقول السليمة ولا يقبح ( لا يصح خ‌ب‌١ ) تساوق الذاتين في الرتبة لان الثانية تخصيص الاولي وتعينها كما ان زيدا تعين الانسان فلا يجتمع مع الانسان في رتبة واحدة والا لم يكن فردا منه كما هو الظاهر المعلوم والذات الواحدة المتكثرة بالمعني هي العقل وعالمه عالم العقل ولما كان العقل الاول واحدا هو عقل محمد واهل بيته الطاهرين وانبعثت من ( منه خ‌ب‌١ ) الاشعة والانوار مختلفة ( الانوار فخلقت خ‌ب‌١ ) منها عقول الخلق على صفته وهيئته سميت ذلك العالم بعالم العقول والعالم الثاني اي رتبة المتميز ( التميز خ‌ب‌١ ) والافتراق والحدود والكثرات الوجودية الخارجية يجب ان يكون مخلوقا بعد عالم العقول لما ذكرنا وهو عالم النفوس الذر الثاني باعتبار والذر الاول باعتبار والذر الثالث باعتبار آخر وقد شرحت الذر وكيفية عالمه وحقيقته ( حقيقة خ‌ب‌١ ) المراد منه وكيفية اقامة الخلق في ذلك العالم والسؤال منهم وخلق طينة العليين والسجين بما لا مزيد عليه في شرحنا على الخطبة الطتنجية في المجلد الثاني منه ومن اراد الاطلاع على ذلك فليطلبه اما الامر الثاني فاعلم ان الاشياء اما ان تكون متمايزة ام لا والثاني خلاف المفروض والمراد والاول فالتمايز لا يخلو اما ان يكون ذاتيا ام عرضيا والاول بان يكون احدهما علة والآخر معلولا واحدهما مؤثرا والآخر اثرا كالكلام والمتكلم وكالنور والمنير وكالصورة في المرآة والمقابل الخارجي وامثالها فان ذات الاثر وحقيقته معدومة في رتبة ذات المؤثر وانما وجودها تحت مقام فعل المؤثر فالتغاير حينئذ يكون ذاتيا لان البينونة بينهما بينونة صفة لا بينونة عزلة فافهم والثاني بان يكون كلا منهما معلولا لعلة اخرى ( اخر خ‌ب‌١ ) يعني تكون حقيقة واحدة اختلفت بالامور الحاجبة ( الخارجية خ‌ب‌١ ) لا بالمغايرة الذاتية وتلك الامور لا تكون الا بهذه الحدود الستة لان التمايز لا يخلو اما ان يكون بصفة وهيئة تختص بواحد مغايرة للصفة الاخرى للآخر فذلك هو الكيف او بمقدار منقسم روحاني او جسماني بحسبهما يخالف مقدار الآخر وهو الكم او بفراغ يخص باحاطة مخالفا ( باحاطته محاطا ظ خ‌ب‌١ ) للفراغ المختص بالآخر وهو المكان الى ( اي خ‌ب‌١ ) البعد المجرد الموجود او بجهة من الجهات الست في كل عالم بحسبه تخالف الجهة الاخرى او بنسبة واضافة مع الآخر وهو الوضع او باستمرار ( باسرار خ‌ب‌١ ) وجودي يخالف بالآخر ( الآخر خ‌ب‌١ ) وهو الزمان وكلما عداها يرجع الى هذه الستة ولا يمكن الاختلاف والتمايز الا بهذه الستة لانها العدد التام وهو تفصيل الثلثة التي هي شكل المبدء الفعلي واما وجه التساوق فلان الشيء اذا وجد انوجد ولا يصح ظهور الوجود الا بالانوجاد اذ لو لم ينوجد لم يوجد كما انه لو لم ينكسر لم يكسر وكذا لو لم يوجد لم ينوجد ولو لم يكسر لم ينكسر والانوجاد ليس الا كتنات ( اكتناف خ‌ب‌١ ) هذه الحدود الستة لان الانوجاد جهة نفس الوجود وهي لم تحصل الا بجهة غير الجعل الاولي وهي ليست شيء الا باقترانه بهذه الحدود واما ان كل شيء لا يوجد الا في وقته ولا يجاوزه فلان الوقت هو استمرار وجود الشيء بحيث يوصف بالقبلية والبعدية والتقدم والتأخر والاستمرار صفة ذاتية للوجود فمهما وجد وجد ومهما انتفي انتفي فاذا انتفي الاستمرار انتفي وجود الحادث فلا ذكر له قبله نعم يبقي حينئذ صفة القديم وكذلك المكان لان المكان هو الفراغ والبعد الموجود الذي يشغله الشيء الحادث بالكون فيه وهو محيط به لازم لوجوده ودليل لفقره وكونه محاطا فلا يفارقه فما دام الحادث موجودا هو محاط بالمكان فاذا انتفي المحاطية انتفي الحدوث واحاطة الباطنة ( الاحاطة الباطنية خ‌ب‌١ ) لا بد لها من دليل وظهور في عالم الوجود الخارجي وذلك الدليل هو المكان فلا ينفك الشيء عنه ولا ينفك ( لا ينفك عنه خ‌ب‌١ ) الا عند طلب معرفة الحق سبحانه فحينئذ يقطع الالتفات عنه في الوجدان لا في الوجود ولذا كانت الثلثة الكون والمكان والزمان يساوقه ( متساوقة خ‌ب‌١ ) لان المكان هو المحيط وبه يظهر ( تظهر خ‌ب‌١ ) صفة الاحاطة وهو ( هي خ‌ب‌١ ) بدون المحاط لا تتعقل ولا تتصور لكونها من الاضافيات الحادثة واما القديم فمتعال عن ذلك فافهم وكذا الاستمرار لا يتصور بدون ( بدون الشيء خ‌ب‌١ ) الذي يوصف به واما الكون فلا يوجد الا بشيء يحيط به استدلالا على حدوثه وفقره وذلك من شان نفس الشيء الحادث ولا يوجد ايضا الا باستمرار اثباتا لاستغنائه وبقائه بالمدد من المبدء فالمكان هو قوله عليه السلام الهي كيف استعز وفي الذل اركزتني ( اذكرتني خ‌ب‌١ ) والزمان هو قوله عليه السلام وكيف لا استعز واليك نسبتني فلا الشيء يفارق هاتين الصفتين ولا هما تفارقان الشيء الحادث فبينها ( فبينهما خ‌ب‌١ ) تساوق وتحاو ينتهي كل واحد من هذه الثلثة الى الاخر وينتهي الاخر اليه وقد اشرت لك الى لب العلم وحقيقته بعبارة مختصرة فما اسعدك لو وفقت لفهمه ولو كان لي مجالا ( كان مجالا خ‌ب‌١ ) وللقلب توجها واقبالا لفصلت شقوق هذه المسئلة وذكرت الاسرار المودعة فيها لكن فيما ذكرنا كفاية للعاقل المسترشد

قال سلمه الله تعالى : سؤال - المعروف من الاخبار ومن كلمات امناء الله الابرار ان المؤمن خلق من عليين والكافر من سجين ولاادري معناه ولا مدعاه فان كان زيد خلق قبل ان يؤمن من العليين والكافر من السجين قبل ان يكفر فهو جبر محض اذ كل مقتض مقتضاه فلا يكون الكمال للمؤمن ولا النقصان للكافر مع ان اطلاق المؤمن الذي هو المشتق حقيقة فيما تلبس به المبدء دون ما سيتلبس فانه مجاز فيه كما كتبنا في كتابنا الاصول مستقصي وان كان المراد ان المؤمن بعد الايمان خلق من العليين فهو ايضا غير صحيح كما لا يخفى اذ بعد الخلقة وقبول الايمان لا يبقى شيء حتى يخلقه الله سبحانه منه وان كان المراد انه خلق المؤمن من العليين حين الايمان كما هو الظاهر ففيه ان الايمان انما يكون في ذلك العالم لا سواه اذ لم يكن المخلوق شيئا مذكورا بل اخترع الله سبحانه وخلق حصته ( حصة خ‌ب‌١ ) من الوجود فان اخترع زيدا مع الايمان وعمرا مع الكفر فهو جبر

اقول المعروف من الاخبار ومن كلمات امناء الله الابرار ان الله سبحانه خلق في الخلق الاول من ( عن خ‌ب‌١ ) يمين كلمته بحرا تحت العرش اسمه الصاد والمزن ون كما جاء في القرآن وذلك البحر في اللون ابيض من العاج والثلج وفي الطعم احلي من العسل وفي اللين الين من الزبد وفي الرايحة اطيب من المسك وفي السعة لا ساحل له وفي العمق لا يحاط به علما نعم في قعره شمس تضيء لا ينبغي ان يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملكه ونازعه في سلطانه وباء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير لان ذلك هو سر الاسم المكنون في علم الغيب عنده لا يطلع عليه سويه وهو الاسم الواحد الاعظم الذي استاثره واختص به دون الخلق ومنه يمد الائمة عليهم السلام وعنه يستمدون ويستزادون العلم كما في قوله تعالى قل رب زدني علما اذ طلب القديم محال قبيح وتحصيل الحاصل اقبح ثم خلق الله سبحانه بتلك الكلمة تحت ذلك البحر ارضا طيبة صالحة فاجري ذلك البحر على تلك الارض فمزجهما وصلصلهما وعركهما بيده حتى جعلهما شيئا واحدا ثم خلق سبحانه بشمال كلمته بحرا في السجين من الماء المالح الاجاج امر من الصبر وانتن من الجيفة واسود من القار وهو البحر اللجي الذي في الظلمات يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ثم خلق ( خلق الله خ‌ب‌١ ) سبحانه بتلك الكلمة فوق ذلك البحر ارضا خبيثة منتنة نجسة وصعد بخار ذلك البحر اليها فجعل ماءا مالحا اجاجا ثم مزج بينهما وعركهما وصلصلهما حتى صارا ( صار خ‌ب‌١ ) شيئا واحدا خبيثا في غاية الخباثة ثم مرج ( مزج خ‌ب‌١ ) سبحانه بلطيف حكمته وبحسن صنعته بين الاثنين الزوجين ( المزدوجين خ‌ب‌١ ) اي العليين والسجين فخلط بينهما وعركهما وصلصلهما حتى صار ( صارا خ‌ب‌١ ) شيئا واحدا سمي ( يسمي خ‌ب‌١ ) اسما واحدا مع بقاء كل منهما على صرافة تاثيره وشدة تدبيره ذلك تقدير العزيز الحكيم وهو قوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين اي الاربعة فكل شيء مركب من اربعة اشياء في الجعل الاول الماءان والارضان وبها تحقق الاختيار والادراك والشعور وكل منها مبدء ميل الى احوال فالماء الطيب مبدء ميله اي معرفة الاسرار الالهية والاطوار القدسية والتوحيد ومعرفة الحق بالحق ( بالحق والخلق بالحق خ‌ب‌١ ) والارض الطيبة مبدء ميله الى الذوات الطيبة والحقايق النورية والاعمال الصالحة والافعال الحسنة وملاحظة الحق في الحق في الخلق ( ملاحظة الحق في الخلق خ‌ب‌١ ) اي آثاره في حقايقهم وهياكلهم والماء الخبث ( الخبيث خ‌ب‌١ ) المالح مبدء ميله الى معاندة الله وجحوده وانكاره وادعاء اني انا الله والارض الخبيثة المالح مبدء ميله الى الاعمال الخبيثة الباطلة الفاسدة والى الذوات النجسة الملعونة وبهما اي ( الى خ‌ب‌١ ) انكار الله سبحانه والاعمال القبيحة وبالاربعة تحقق الايتلاف وتقوم الكون والوجود وظهر اسم الله الحكيم وصار الشيء جامعا مملكا مختارا يصلح للصعود باعماله الى الدرجات العالية التي ما فوقها درجة في رتبة مقامه والى الدركات السفلية التي ما دونها دركة بحسب مقامه ومرتبته ( رتبته خ‌ب‌١ ) فخلق الخلق كلهم اهل كل سلسلة عرضية من هذه الاربعة واقامهم في الذر الاول ثم كشف لهم عن باطن فلك الكرسي واراهم الجنة وصور الطاعات والحسنات والمثوبات واقصي الغايات ومنتهي النهايات ثم قال لهم ورضوان الله اكبر ثم كشف لهم عن الطمطام باطن النور ( الثور خ‌ب‌١ ) واراهم جهنم وحياتها وعقاربها وعفاريتها وشدة هيجان نيرانها وقال لهم ان هذه لمن عصاني واعرض عني وعن طاعتي ثم اراهم الدنيا بزينتها وزخرفها وزبرجها وقال من اغتر بزينتها وزخرفها فليس له نصيب في الآخرة والذي يريد الله والدار الآخرة يجب عليه الاعراض عنها ثم اجج لهم نارا فامرهم بالدخول فيها فلما قربوا اليها وشاهدوا وهجها واحسوا بحرارتها فمنهم من صبر على امر الله ودخل فيها لطاعته ولم يبال بالحرارة فهم المؤمنون وهم اصحاب اليمين فلما دخلوا النار كانت عليهم بردا وسلاما وماشاهدوا الماء ولااحسوا ( ماشاهدوا ولما احسوا خ‌ب‌١ ) بحرارة ومنهم من لم يصبر على الحرارة وهابها ولم يدخل النار فقال يا رب انك خلقتنا لتحرقنا وتعدي عن حكم الله واغتر بزبرج الدنيا وزينتها وراحتها ونعمتها ( نعيمها خ‌ب‌١ ) لقربها فهو ومن تبعه هم اصحاب الشمال وهم الكفار الفجار الاشرار ثم خلق الله المؤمنين بايمانهم من طينة عليين من الجنة وهي هيكل التوحيد والصورة الانسانية الحقيقة ( الحقيقية خ‌ب‌١ ) وقدر لهم المزيد من فضله ونواله وجعل لهم الارزاق الطيبة والاعمار المحمودة فلما راي اصحاب الشمال ما اعطي الله المؤمنين من الكرامة والذخر والدرجة الرفيعة وخلقهم على احسن هيكل وهو هيكل التوحيد والصورة الانسانية قالوا ( قالوا يا خ‌ب‌١ ) ربنا اقلنا لندخل النار مرة ثانية فنفوز بما فاز به المتقون من المؤمنين فاقالهم الله سبحانه واعطاهم الاذن بالدخول في النار مرة ثانية فلما قربوا منها واحسوا بحرارتها ووهجها فهابوها وامتنعوا من الدخول فردوا عنها ودخلها المؤمنون مرة ثانية فزادهم الله بالعطايا والحبايا ( بالعطا والحباء خ‌ب‌١ ) فلما راي اصحاب الشمال ذلك قالوا يا ربنا اقلنا حتى ندخلها فاقالهم الله اتماما للحجة عليهم واكمالا للنعمة على المؤمنين وامرهم بالدخول في النار المؤججة فلما قربوا منها هربوا وامتنعوا من الدخول فغضب الله عليهم وطردهم وخلقهم في الخلق الثاني من طينة سجين اي صورتهم ( صورهم خ‌ب‌١ ) على صورة الغضب وهي هيكل الشرك والنفاق والصورة الشيطانية وهي صور البهائم وحشرات الارض فكان راسهم الى الارض البيان ( لبيان خ‌ب‌١ ) انهم ناكسوا رؤسهم عند ربهم وانهم المعرضون ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا والانسان راسه الى الاعلى لبيان انهم المقربون ( المقرون خ‌ب‌١ ) والناظرون والمتوجهون الى المبدء الاعلى فما تجد من اسم الخلق في احاديث الطينة من العليين او السفليين ( السجين خ‌ب‌١ ) فالمراد به هو الخلق الثاني على حسب مقترفهم ( مقترحهم خ‌ب‌١ ) ومسؤلهم بالنسبة ( بالسنة خ‌ب‌١ ) اجاباتهم وطلباتهم خلقهم قال عز وجل بل طبع الله عليها بكفرهم وبكفرهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه وغيرها من الآيات وقال عز وجل في حق المؤمنين يهديهم ربهم بايمانهم ولا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم او ابناءهم او ازواجهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه فعلي هذا يصح ان تقول ان الله خلق المؤمن من العليين بعد الايمان في النظر الظاهر وقوله سلمه الله غير صحيح غير صحيح وتعليله عليل اذ قوله اذ بعد الخلقة وقبول الايمان لا يبقى شيء فاسد لان المراد بالخلقة هي الخلقة الاولى والايمان انما كان بتلك الخلقة بقي الخلقة الثانية يخلقها الله سبحانه حسب ايمانه على مقتضاه وحسب كفره كذلك مثاله ان الله لما اراد ان يخلق السرير والصندوق والباب والعمود وامثالها خلق العناصر الاربعة اولا ثم هيئتها ( هيئها خ‌ب‌١ ) وركبها وخلق من تركيبها خشبة وهي مادة لها صورة نوعية تناسب جميع تلك الصور وضرورتها ( صيرورتها خ‌ب‌١ ) تلك الذوات ثم كلفها سبحانه ان فرض لها شعور هل اصنعك سريرا او صنما فيسئل السرير به ( السريرية خ‌ب‌١ ) باجابتها وقبولها امر سيدها وموليها فيخلق سبحانه له صورة السريرية وهي هيكل التوحيد مثلا وطينة عليين وبضد ما ذكر ان سئل الصنمية وهذا هو الخلق الثاني وكذلك الحق سبحانه خلق الخلق في العالم الاولي ( الاول خ‌ب‌١ ) هيولي قابلة لكل صورة ثم كلفها وخلقها في الخلق الثاني على مقتضي شهوته وما ربك بظلام للعبيد وقولي بنظر الظاهر اشارة الى ان ذلك ليس بنظر الدقيق واما بالنظر الدقيق فالمختار هو الشق الاخير اي خلق المؤمن من العليين حين الايمان بضد الكافر حين الكفر ( الكفر كما يشير اليه قوله عليه السلام لكنه حين كفر خ‌ب‌١ ) كان في ارادة الله ان يكفر وقوله سلمه الله ان الايمان لا يكون الا في ذلك العالم لا سواه اذ لم يكن المخلوق شيئا مذكورا فيه هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا وقد كان مذكورا في العلم قبل ان يكون مكونا وقد كان مذكورا في الكون قبل ان يكون معينا وقد كان مذكورا في العين قبل ان يكون مقدرا وفي هذا الذكر طلب السعادة والشقاوة ثم حكم عليه بواحد منهما في القدر قبل القضا ثم في القضا ثبت عليه وخلق عليه فلا بداء وهو قوله تعالى الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك فالخلق مقدم على التسوية والتعديل مقدم على التركيب في اي صورة ما شاء الله وفي هذا التركيب كان الخلق من العليين او السجين وطينة اوليين هي صورة ( طينة العليين هي الصورة خ‌ب‌١ ) الانسانية وضدها ضدها فافهم فان هنا مقامات عجيبة واسرار غريبة تركت ذكر اكثرها ورمزت الى قليل منها واما التفصيل فكتمانه في الصدور خير من ابرازه في السطور والله خليفتي عليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله : سؤال - المعروف من قوله عليه السلام خلق الارواح قبل الاجسام ( الاجساد خ‌ب‌١ ) بالفي عام يقتضي خلق الروح قبل الجسد وهو تعطيل في الفيض مع انه معارض بقوله عليه السلام ما معناه ان الارواح بالنسبة الى الاجسام كاللفظ بالنسبة الى المعنى فتلزمه المعية والقبلية بالرتبة فالجمع بين الاخبار لا بالطريقة المعروفة بين الاصولية لانها غير محتاج لنا الى البيان بل بطريق مخصوص عندكم يحتاج الى البيان مع ان الشيخ دام ظله تعالى ( العالي خ‌ب‌١ ) صرح في ( في بعض خ‌ب‌١ ) تحقيقاته في باب ان المؤمن قد يصدر منه الاعمال السيئة والكافر على العكس انما يكون باعتبار اللطخ واول مراتب اللطخ كانت في عالم العقول ودونها رفرف اعني عالم النفوس على ما وجدنا فهذا يدل على الحديث الاول كما ان المستفاد من بعض تحقيقاته ان عالم العقول والنفوس والجسم خلقوا معا وليس بعضها مقدما على بعض الا بالرتبة كالكسر والانكسار وهذا يدل على الحديث الثاني

اقول قد سبق منها ( منا خ‌ب‌١ ) فيما سبق في تقدم العقول على النفوس والارواح ما يكون جوابا لهذا السؤال من بطلان التعطيل في الفيض وان هذا التقدم لا يستلزم التعطيل وانما هو تثبيت سريان ( لسريان خ‌ب‌١ ) الفيض وظهوره في المراتب الكثرة بالاطوار المختلفة وان ذلك انما هو التقدم الذاتي والتقدم بالرتبة وان هذا هو المراد في الاخبار العلماء و( الاخبار وخ‌ب‌١ ) في كلمات العلماء الاخيار ( الاخيار وخ‌ب‌١ ) التعارض لا يوجد بل لا يتحقق في الاحاديث والقرآن كما بينا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا وانما هو التعبير عن الجهات المختلفة في الشيء الواحد كما قال ( قال الصادق خ‌ب‌١ ) عليه السلام اني لاتكلم بكلمة واريد منها احد سبعين وجها لي لكل منها المخرج ه‍ والاحاديث المختلفة بعضها ببعض بيان ( بعضها بيان خ‌ب‌١ ) للآخر وشرح للاجمال ( لاجمال خ‌ب‌١ ) ما تضمنه الآخر كما في هذين الحديثين المنقولين في هذا المقام فان الحديث الاول يدل على ان الارواح والاجسام ليسا في رتبة واحدة ولا يتوهمن متوهم ان الروح لما كانت يظهر ( تظهر خ‌ب‌١ ) بعد ظهور النطفة والعلقة والمضغة والعظام واكساء ( اكتساء خ‌ب‌١ ) اللحم بعد اربعة اشهر فهي لحقيقة ( في الحقيقة خ‌ب‌١ ) مؤخرة في الوجود عن الوجود الجسمي والجسدي بهذه المراتب كلا بل هي ( كلا هي خ‌ب‌١ ) مقدمة على الجسم بمرتبتين احديهما مرتبة الطبيعة المقترنة بالمادة الجسمانية وهي النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة وهي الياقوتة التي زجرها الله سبحانه ونظر اليها بعين الهيبة فذابت وماعت وكانت بحرا والبحر هو المادة والثانية مرتبة المثال والصورة وعالم البرزخ عالم ( وعالم خ‌ب‌١ ) هورقليا والاقليم الثامن ثم بعد هاتين الرتبتين المذكورتين يكون عالم الاجسام ومقام النقش والارتسام وعبر عليه السلام عن رتبة بعام ( عبر عنه عليه السلام عن كل رتبة بمقام خ‌ب‌١ ) وسنة لان السنة الظاهرية هي مقدار قطع الشمس تمام الدورة الفلكية وهي ثلثة‌مائة ( ثلثمائة خ‌ب‌١ ) وستون درجة فباتمام كل دورة يكون عام وسنة وكذلك كل مرتبة كلية مما ذكرنا يشتمل على ثلثمائة وستين درجة اي مرتبة جزئية ولا يتحقق ( لا تتحقق خ‌ب‌١ ) الرتبة الاخرى الثانية الا بعد تمام هذه المراتب فشمس الفيض والافاضة قد قطعت هذه الدرجات كلها حتى نزلت في الرتبة الثانية فكانت سنة واطلاق العام والسنة على المرتبة حقيقة لا مجاز فان هذه الشمس الظاهرة ظهور شمس الفيض ومثالها وهذه الدرجات الفلكية هي ظهور تلك المراتب والمقامات قد تفصلت في العوالم السفلية التفصيلية والعالم الاسفل شرح وظهور للعالم الاعلى كما قال مولينا الرضا عليه السلام قد علم اولوا الالباب ان ( ان الاستدلال على خ‌ب‌١ ) ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا فافهم واما اجتماع تلك المراتب الثلثمائة والستين في كل شيء فبيانه مشروحا في شرحنا على الخطبة الطتنجية وبيانها هنا يحتاج الى تطويل وتفصيل ولست بصدده ولما كان في الحديث المتقدم لفظ القبل ولا يفهم منه العوام الا القبلية الزمانية وليست بمراده ( بمرادة خ‌ب‌١ ) هنا وهم عليهم السلام الحجج البالغة فلا يدعون الخلق في الاشتباه ويتركونهم ( لا يتركونهم خ‌ب‌١ ) كشف مولينا امير المؤمنين عليه السلام عن حقيقة المراد وذكر ان المعنى في اللفظ كالروح في الجسد كما هو مقتضي الحديث الثاني المنقول في هذا المقام وهذا الذي ذكرنا هو معنى الحديث لا الذي ذكره سلمه الله ولا شك ان المعنى مقدم في الدهر على اللفظ ولكنه مساوق في الوجود الزماني فلا يوجد اللفظ الا مقترنا بالمعني كالمعني بالنسبة الى اللفظ كذلك الروح والجسد فهما متساوقان في الوجود الزماني لا الذاتي الدهري مثاله في الجملة السراج والاشعة فان السراج مقدم على الاشعة بسبعين‌الف سنة لكنه في الوجود الحسي الزماني مساوق بينهما ( الزماني مؤخر تساوق بينها وما خ‌ب‌١ ) ذكره شيخنا واستادنا جعلني الله فداه انما هو متابعة لكلام ساداته ومواليه عليهم السلام فلا منافاة ولا تعارض في كلماته وبيانه كما ذكرنا في الحديثين حرفا بحرف فراجع تفهم

قال سلمه الله : المستفاد من بعض تحقيقاته الشريفة ان له اصلا يرجع اليه ( اليه وخ‌ب‌١ ) هو ان كلما يجب في الواجب فهو في الممكن ممتنع وكلما جاز في الممكن فهو في الواجب ممتنع فمقتضي تلك ان تكون عبارة الصدر الشيرازي ان البسيط ( بسيط خ‌ب‌١ ) الحقيقة كل الاشياء صحيحة لان كون الشيء البسيط كل الاشياء ممتنع في حق الممكن فيجب ان يكون في الواجب واجبا والحال انه دام ظله غير قائل به

اقول البسيط الحقيقي ( الحقيقة خ‌ب‌١ ) في الممكن ممتنع لان كل ممكن له وجه الى مبدئه ووجه الى نفسه ووجه الى غيره مما يصلح ان يظهر عليه في اطواره وشئوناته الذاتية والفعلية ولذا اجمعوا على ان كل ممكن زوج تركيبي لان كل حادث مثلث لما قلنا الآن ومربع لما ذكرنا في اول المسئلة فكل شيء ممكن حادث مسبع فاين البساطة اذ لا يصح ان يكون ممكن وليس بحادث فاذا امتنعت البساطة في الامكان وجبت في الوجوب والاشياء وذكرها وجايزة ( ذكرها جايزة خ‌ب‌١ ) في الامكان بل واجبة فيه فامتنعت في الوجوب ولا يصح ( فلا يصح خ‌ب‌١ ) ان تكون الاشياء مذكورة فيه بوجه من الوجوه وبحال من الاحوال والا لشابه الامكان وبطلت القاعدة الكلية المأخوذة من كلمات اهل العصمة عليهم السلام من ان كلما في الممكن فهو في الواجب ممتنع لكون الاشياء في الامكان بكل وجه والاجتماع اي كون بسيط الحقيقة كل الاشياء لا يمكن الا ان يجوز ما في الممكن في الواجب وان امتنع الاجتماع وحيث امتنع ذكر الاشياء في الازل ( الاول خ‌ب‌١ ) سبحانه وتعالى لامكانه في الامكان امتنع الاجتماع فبطل اذن القول بان بسيط الحقيقة كل الاشياء على مقتضي الاصل الذي عنده اطال الله بقاه ثم ان القول بان كلما في الممكن ممتنع واجب في الازل فيما اذا لم يستلزم النقص فيه تعالى واما اذا كان مستلزما له فلا يجوز الاثبات بحال والا لاتجه قول المجسمة حيث قالوا ان الله جسم لا كالاجسام وقول المصور ( المصورة خ‌ب‌١ ) انه تعالى صورة لا كالصور ( صورة كالصور خ‌ب‌١ ) وقول الاشاعرة في ادعاء الرؤية بان الله يرى ببصر العين ولا يلزم التحديد والجهة والتجسيم وكل هذه سفسطة ظاهرة فاذن قوله بان بسيط الحقيقة كل الاشياء ان كان المراد مدلول هذه العبارة اي ذكر الاشياء في الازل باي وجه كان فهناك لا اقل جهتان جهة ذاته من حيث نفسه وجهة ذكر الاشياء ثبوتها ( وثبوتها خ‌ب‌١ ) فيه ثبوتا وحدانيا جمعيا على قولهم هذا ( وهذا خ‌ب‌١ ) ينافي البساطة الحقيقة كالمكان ( الحقيقية لمكان خ‌ب‌١ ) الجهتين فان كان ذاته بذاته هو عين ذكر الاشياء فهذا اقبح لتعدد ذاته بتعدد ذكر الاشياء فان قيل ان هذه الكثرة هي عين الوحدة بلا مغايرة فان اريد محض التسمية اي تسمية الوحدة بالكثرة والكثرة بالوحدة للاصطلاح فلا مشاحة فيه وان اريد الكثرة بمعناها والوحدة بمعناها ومع ذلك يقال ان هذه عين ذلك ( ذيك خ‌ب‌١ ) بلا فرض مغايرة ولو بوجه ما فهذا لا يعبؤ بقوله لانه يتكلم عما لا يدركه ولا يفهمه ولا اخبره ايضا من يفهم ما لا يفهمه ويدرك ما لا يدركه اذ لم يرد خبر ولا حديث ولا آية من كتاب الله على ان الوحدة في ذات الله عين الكثرة وملاحظة الكثرة من حيث هي مع الوحدة من حيث هي خارجة عن ادراك الممكن لان الذي لا يشغله شان عن شان هو الله سبحانه وكلما سويه لا يمكنه ادراك المتضادين بادراك واحد لان الله ماجعل لرجل من قلبين في جوفه فاذا لم يخبره الله بذلك ولا هو ادرك ذلك ومع هذا يقول فلا شك ان ذلك مما لا يعبؤ به فلا يصنع ( فلا يصغ خ‌ب‌١ ) اليه واما الصفات الذاتية فهي ليست متعددة في الذات سبحانه وانما هي هناك شيء واحد من غير تعدد ولا تكثر ولا جهة ولا حيث وهذه الالفاظ المتعددة ترد على معنى واحد حقيقي لا اختلاف فيه بحسب المفهوم ولا بحسب المصداق والتعدد انما هو بعد تعلق فعله تعالى بالآثار فالتعدد في الاثر لا في الذات فمعني علمه تعالى وذاته شيء واحد بلا مغايرة اصلا لا مفهوما ولا مصداقا كما بينا مشروحا في جواب المسايل التي اتت من مشهد الكاظمين عليهما السلام فظهر لك ان اثبات مدلول هذه العبارة لله سبحانه كفر وزندقة وان كان المراد من هذه العبارة ان الذات واحدة بكل الجهات والاعتبارات مع انها لا تدل عليه فالمراد صحيح والعبارة فاسدة فلا يصح القول بان البسيط ( بسيط خ‌ب‌١ ) الحقيقة كل الاشياء صحيح في الله حيث انها ممتنعة في الامكان ( الامكان لاستلزامها النقص عليه تعالى مع ان البيان الذي عبد الله بهذه العبارة هو موجود في الامكان خ‌ب‌١ ) ايضا ولذا قال في احدي رسائله الظاهر انها المشاعر ان العقل وما فوقه كل الاشياء ولا شك ان العقل ممكن وان جعله في صقع الربوبية فاذا صح ذلك المعنى في العقل فكيف يصح في الله سبحانه الا ان يجعل العقل عين ذات الله او واجبا معه وقد ذكر في الاسفار بعد ان جعل العقل من كلماته التامة العليا قال ليس القديم الا الله واسمائه وكلماته فافهم واشكر ربك على ما هديك من التوحيد ه‍ والظاهر ( فالظاهر خ‌ب‌١ ) ان مراده هنا بالقديم اعم من الذاتي والزماني فالزماني ممكن قطعا فاثبت في العقل بانه كل الاشياء مع كونه ممكنا وان كان قديما زمانيا على زعمه فوجب ان يمتنع ذلك في الواجب سبحانه نظرا الى القاعدة المقررة وان كان المراد من القديم الذاتي ففساده لا يخفى على ذي حجى مع انه كلام لم يقل به احد من العقلاء والحكماء ولو اردنا لنشرح ( نشرح خ‌ب‌١ ) هذه الاحوال لطال بنا المقال ولا يعني ( لا يسعني خ‌ب‌١ ) الآن ذلك لكمال الاختلال الحاصل في البال والحال

قال سلمه الله : سؤال - كيف يدل العقل القاطع المطبوع على النبوة الخاصة والولاية الخاصة بل ما نجد لا يدل عليه الا العقل المسموع فلا ينفع مسموع اذا لم يك مطبوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع

اقول لئن اقصرت الخطبة فقد اعظمت المسئلة اعلم هديك الله ان جواب هذه المسئلة مما لم يذكر في كتاب ولاجري في خطاب لكونه من مكنونات علم الائمة الاطياب سلام الله عليهم ولولا خوف القيل لضربت ( لصرفت خ‌ب‌١ ) عنه صفحا وطويت كشحا اذ لو اردنا البيان على ما هو الامر في الواقع لاستدعي الى كشف ( لاستدعي كشف خ‌ب‌١ ) استار ابي الله ان تهتك في هذه الازمان الا اني اشير الى نوع الجواب اشارة للمؤمن الممتحن اعلم ان الله سبحانه لكمال صنعه المتقن وامره المحكم خلق الخلق وكتب بقلم الاختراع والابتداع في الواح حقايقهم جميع ما اراد منهم من التكليفات الظاهرية والباطنية والاصلية والفرعية لان التكليفات باسرها من مقتضيات الكينونات وارتباطها بالاسباب والمسببات وساير القرانات والحالات فاذا وجد المقتضي فالمقتضي يلزمه بجميع خصوصياته فاذا ثبت ان ذات المكلف هي المقتضية بذاتها وباطوارها وبشئوناتها للتكاليف فمن عرف حقيقة ذاته معرفة حقيقية عرف جميع ما يقتضي ذاته من الآثار والشئونات والاقتضاءات على اختلافاتها كما اذا عرف النار عرف انها تقتضي الاحراق مثلا والشمس عرف انها تقتضي الاشراق وهو قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه ومعرفة الرب سبحانه توحيده في المراتب الاربعة توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الافعال وتوحيد العبادة وجميع ما يراد منك من العلوم والاسرار والاعمال كلها في هذه المراتب مع ان مراتب التوحيد ترتقي الى خمسة‌ آلاف ومأتين وثمانين مرتبة كما شرحنا ( شرحناها خ‌ب‌١ ) في جواب المسائل البهبهانية وهذه كلها مشروحة ومفصلة في النفس الانسانية ولذا قال عز وجل سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقال عز وجل مااشهدتهم خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا فاذن كلما يراد منك فهو فيك لا في غيرك وكلما فيك ادركه عقلك واحاط به فهمك والمراد بالعقل هو المميز المطلق الشامل للفؤاد والعقل اي القلب والنفس وما يخبرك به غيرك هو ( وهو خ‌ب‌١ ) تنبيه واعلام لما فيك الا ان الخلق لما اشتغلوا بالدنيا ونسوا المقامات العليا احتجبوا عن ادراكها فاحتاجوا الى منبه ومذكر فالكتب المنزلة السماوية منبهات مذكرات لما استجن فيك مما اقتضاه بدو شانك في علم الغيب وكذلك الانبياء والمرسلون وكذا غيرهم من العلماء الراسخين وكذا ساير ما تخبر به من الاخبار المتواترة والآحاد وغيرها من الاطوار وقد قال مولينا امير المؤمنين روحي له الفداء وعليه السلام :

دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك وما تبصر

وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وانت الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر

(فان تك تعرف حل الرموز فجسمك لوح به اسطر خ‌ب‌١ )

فاذا فهمت ما ذكرنا وسطرنا فرغ قلبك لما يتلي ان هو الا وحي يوحي واعلم ان الله عز وجل لم يزل فردا متفردا واحدا متوحدا بلا كيف ولا مثال ولا تغير ولا انتقال ولا ابادة ولا زوال وهو كذلك في كل حال ثم خلق الخلق اظهارا لقدرته واثباتا لمعرفته وتبيينا لرحمته وتتميما لحجته وتكميلا لنعمته ولما كان سبحانه لا يعرف من سنخ ذاته ومن جهة هويته وانما يعرف بآثار صنعه وانوار اثره و( انواره وخ‌ب‌١ ) فعله وجب ان يجري فعله وصنعه على باحسن ( احسن خ‌ب‌١ ) ما يحتمله الامكان واوفق ما تقتضيه النظام ليدل على كمال قدرته وقهاريته وسطوته وجبروته وعظمته الغير المتناهية وعلى كمال حكمته وكمال انبساط نوره ورحمته ولما كان فعله سبحانه واحدا لكون الوحدة اشرف من الكثرة والكثرة لا بد ان تنتهي الى الوحدة وهي تعدها والكثرة لا تعدها وجب ان يكون مفعوله المطلق واول ما تعلق به الفعل المعبر عنه بالمصدر واحدا لما ذكرنا من شرافة الوحدة وبطلان الطفرة ووجوب اجراء صنع الحق القدير الغني العلام على احسن ما يمكن من النظام ليكون دليلا على كمال اثره التام ولما كان الاثر لما وجد انوجد فحصلت جهتان والنسبة الارتباطية بين الايجاد والانوجاد ثالثهما وتولدت من هذه الثلثة اربع طبايع على ما فصلنا فصارت كليات الجهات المتحققة حين الايجاد في الخلق الاول سبعة ثم لما كان كل شيء له مقامان مقام بساطة حين نظره الى الاعلى ومقام بسط حين نظره الى الاسفل ونفسه فتكررت السبعة وثنيت فكانت اربعة‌عشر والكثرة وان احتملت ازيد من ذلك ولكن لما كان الخلق الاول مغمورا في بحر التوحيد ومقهورا تحت سلطان الوحدة اضمحلت الكثرات وبطلت وسقطت الاضافات ولما كان الامكان من حيث هو امكان مقتضاه الكثرة ظهرت على اشرف مراتب الاعداد واعلى طبقة الكثرات لكون السبعة هي العدد الكامل ولا اكمل منها لاجتماع المبدئين اللذين اليهما تنتهي الكلمات ( الكمالات خ‌ب‌١ ) العددية فيها وهما مبدء الفرد اي الثلثة ومبدء الزوج اي الاربعة فالجامع بينهما هو حائز الكمالات كلها وقد بسطنا هذه الكلمة في كثير من مباحثاتنا ولما اقتضي الخلق الاول متعلق الفعل ( الفعل المطلق خ‌ب‌١ ) لامكانه الكثرة ظهرت على اشرف مراتبها واعلى طبقاتها فظهرت بذلك اليد وهي اربعة‌ عشر كالوجه واسماء الجواد والوهاب فظهر لك ان المفعول المطلق الاول واحد قد تشعب الى اربعة ‌عشر شعبة وهو ( هي خ‌ب‌١ ) الشجرة وهي اغصانها والكلمة وهي حروفها فهي شجرة الخلد وشجرة طوبى وسدرة المنتهي على احد ( احدي خ‌ب‌١ ) المعاني والاطلاقات ولما كان العالم الاول وان كان عالم الوحدة والبساطة الا ان فيه كثرة وهي الاربعة‌ عشر وكل كثرة لا بد ان تنتهي الى واحد من سنخها كالواحد الذي هو مبدء الاعداد وانما قلت من سنخها لتكون ( ليكون خ‌ب‌١ ) قطبا لها ووجه المبدء لايصال الفيض اليها لان الادوات انما تحد انفسها والآلات انما تشير الى نظائرها والله سبحانه يمد كل شيء به فلا بد ان يكون فيه جهة ربط الى الفعل الذي هو الواحد لكونه منسوبا الى الحق الواحد والى المفاعيل المتكثرة فيجب ان يكون القطب من سنخ الشيء ففيه كثره اجمالية ووحدة تفصيلية تعيينية كالواحد الذي هو اول الاعداد وهو وان كان واحدا الا ان فيه ذكر جميع الاعداد ولذا نقول كل كثرة لا بد ان تنتهي الى الوحدة وكل تفصيل لا بد ان ينتهي الى الاجمال لان فعل الحق عز وجل في الغاية والنهاية من الوحدة فلا يتعلق بالكثرات التفصيلية الا بوسائط هي برازخ بين الوحدة والكثرة فالاجمال هو البرزخ بين الواحد المحض والكثير المحض فاذا ظهر لك ( لك ذلك خ‌ب‌١ ) علمت ان تلك الاربعة ‌عشر لا بد ان يكون مبدؤها واحدا قد تشعب منه ذلك كتشعب الاعداد من الواحد وذلك الواحد هو مقام الاجمال وباقي الثلثة‌عشر مقام التفصيل الاضافي كالعرش بالنسبة الى الكرسي فان للعرش رتبة الاجمال وليس فيه كوكب والكرسي مقام التفصيل والكواكب كلها مركوزة فيه وهذه الكثرات لا بد من جامع حاو لها لتظهر كلها من ذلك الجامع الحاوي كنفس الفلك الكرسي بالنسبة الى النجوم والكواكب المحفوظة فيه والظاهرة منه وكالتسعة الجامعة الحافظة لمراتب الآحاد كلها ومقامات المبادي باسرها فوجب ان يكون واحدا من الثلثة‌عشر جامعا لباقي المراتب والمقامات ومحلا لظهور آثارها في النشآت ويكون موقعا للنجوم ومحلا للرجوم فكان واحد من الاربعة‌ عشر قطبا لها ومبدء وبابا لوصول الفيض اليها وهو اعلاها واشرفها نسبته اليها نسبة العرش الى الكرسي وواحد آخر منها حاملا لها ومحلا لظهورات اطوارها وذواتها وهو اسفلها وادناها ونسبته اليها نسبة نفس الفلك الى الكواكب المركوزة فيها ولا شك ان الكواكب ( الكوكب خ‌ب‌١ ) اشرف من الفلك كما ذكرنا في رسالتنا في الهيئة واثني‌عشر هي الاصول وعليها تدور الفصول وهي البروج الاثني‌عشر الواقعة على منطقة البروج ولذا كان ( كانت خ‌ب‌١ ) اثني‌عشر مثني العدد التام والاربعة‌عشر مثني العدد الكامل ولما كان الحق سبحانه ابي الا ان يجعل خلقه كاملا جرى حكمه في الخلق الاول ان يكون جامعا لجميع مراتب الكمال في المراتب كلها حتى في الاعداد فجمع مرتبة العدد الكامل والعدد التام والعدد الزائد وقولي في الخلق الاول لست اريد ان هذا الاول له ثان وانما هذا الكلام على متفاهم العوام بل الحق ان هذا هو الخلق المقصود بالذات في الايجاد ولا ثاني له وهو الاول الذي لا آخر له كما ستعرف انشاء الله تعالى ولما كان هؤلاء الاربعة‌ عشر في رتبة الحدوث والامكان والحادث لا يقوم الا بمدد جديد من عند الله سبحانه بفعله والطفرة في الوجود باطلة ( باطل خ‌ب‌١ ) وجب ان يصل الفيض اولا الى القطب وهو الذي قلنا ان مقامه مقام الاجمال ثم منه ينبسط الى الباقين لكونه اقرب لاجتماع الجهتين فيه جهة الوحدة لتلقي الفيض من المبدء وجهة الكثرة للايصال الى الغير ولما كان الفيض على قسمين تكويني وتشريعي وكلاهما متوقفان على افاضة الحق سبحانه ويجريهما الى المستحقين بواسطة ذلك القطب كان لتلك الواسطة النبوة المطلقة لانها الانباء عن الله سبحانه بلا واسطة ابناء جنسه ونوعه والانباء اعم من ان يكون تكوينيا او تشريعيا الا انهم اجروا اصطلاحهم في النبوة على الانباء التشريعي لا التكويني ولا مشاحة في الاصطلاح والا فحقيقة الامر هو الذي ذكرت لك فذلك القطب نبي مطلق على نفسه وعلى ثلثة ‌عشر ثم لما كان محض ايصال الفيض لا يكفي في تحقق الشيء بل لا بد من تمكين القابلية للقبول اذ لولا التمكين لما ظهر الفيض ولما تحقق في الوجود العيني كما لو القي النار على العود الاخضر لم يحترق ولم يشتعل بمحض الالقاء بل لا بد مع ذلك من تجفيف الرطوبات ورفع الموانع حتى يظهر الاحراق ويحصل الاشتعال ولما كان تمكين القابلية للقبول ايضا من عند الله سبحانه بفعله وايصال الفيض حسب قبول تلك القابليات بعد التمكين ايضا منه سبحانه وجب ان يكون ذلك بالواسطة فذلك التدبير العام من تمكين القابليات وتاهيلها للقبول واعطاء كل ذي حق حقه على حسب القبول في التكويني والتشريعي هو عبارة عن الولاية العامة المطلقة وقولي المطلقة في النبوة والولاية لست اريد الاطلاق بحسب الحامل فانه خاص بل المراد الاطلاق بحسب المتعلق اي ليس متعلق هذا التدبير شيء دون شيء بل هذا هو التدبير ( التدبير العام خ‌ب‌١ ) لكل ما دخل حوزة الوجود والمفروض الآن ليس الاربعة‌عشر فظهر لك ان ذلك القطب والاصل والواسطة هو وحدة ( وحده خ‌ب‌١ ) حامل النبوة المطلقة وحامل الولاية المطلقة ولما كان ( كانت خ‌ب‌١ ) الرتبة رتبتين رتبة الاجمال ورتبة التفصيل وكل شيء لا يعدو ( لا يعدي خ‌ب‌١ ) مقامه ولا يتجاوز رتبته فايصال الفيض وتمكين القابليات الخاصة الشخصية التفصيلية الجزئية واعطاء كل ذي حق حقه في المقامات التفصيلية التعيينية لا يكون بذلك القطب الذي هو حامل الامر الوحداني الاجمالي وجب ان يكون تفصيل الاعطاء والافاضات في الرتبة الثانية والا جاءت الطفرة ولم يتسق النظام كالعقل والنفس فان الفيض يجري على العقل اولا على جهة الاجمال ثم منه يفاض الى النفس اللوح المحفوظ مفصلا بكمال التفصيل ثم يتشعب من النفس قوي ومشاعر تحمل تلك الصور المفصلة الى محالها ومواقعها كالمفكرة والمتخيلة وسائر الحواس الظاهرية والباطنية ( الظاهرة والباطنة خ‌ب‌١ ) وكالعرش منه يفاض على الكرسي فيفصل ومن الكرسي الى سائر الافلاك كذلك وجب ان يكون هناك في العالم الاول اصلا للحدود المفصلة والافاضات المشخصة واعطاء كل ذي حق حقه حسب قبول القابليات حسب تمكينها وتمكنها من بارئ السموات ويكون لذلك الاصل شعبا ( شعب خ‌ب‌١ ) قد تشعب منه ولما كان الامر منحصرا هناك على ما بينا في اثني‌عشر وجب ان يكون واحدا منهم الاصل نسبته نسبة النفس الكلية والصدر واحدعشر منهم هو الشعب المتشعبة منه والاغصان المتفرعة عليه كتشعب القوي من النفس فحيث كان ذلك هو الاصل وهم الفرع ( الفروع خ‌ب‌١ ) وجب ان يكون ( يكون هو خ‌ب‌١ ) صاحب الحكم والامر التفصيلي اي عرش الرحمن باعطاء كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه فوجب ان يكون هو امير المؤمنين عليه السلام وحده لا سواه والمؤمنين ( المؤمنون خ‌ب‌١ ) هم باقي الاحدعشر يعني يميرهم العلم والفيض التكويني والتفصيلي ( التكويني التفصيلي خ‌ب‌١ ) واما القطب الاول فليس عنده تفصيل وتحديد وهذا الاصل الثاني هو صاحب تفصيله ومظهر امره ونهيه ومعلن حجته في رعيته وصاحب حكمه وعنده الاختلاف وبه ظهور الاسماء المتقابلة والصفات المختلفة والاحكام المتضادة وبه الاختلاف واليه يرد ( مرد خ‌ب‌١ ) الاختلاف وعنه يصدر ( مصدر خ‌ب‌١ ) الاختلاف كما كان الاصل الاول هو صاحب الايتلاف ومقام الاجمال وهؤلاء الاربعة‌عشر لهم اسامي وهي على قسمين اسماء يخص ( يختص خ‌ب‌١ ) كل واحد منهم واسماء يعمهم والقسم الاول قد كتبناها في اجوبة المسائل العاملية ووجه تسمية كل واحد منهم بذلك على وجه دقيق انيق وربما نشير الى بعضها هنا واما القسم الثاني فاسماؤهم كثيرة لا تتناهى ولا تحصى كثرة مثل كلام الله وكتاب الله وطاعة الله والاسلام والايمان والمعروف والخير والبركة والصلوة والزكوة والحج وبيت الله والمشعر وعرفة والكعبة والصوم والذكر والفكر والحق والدين والنور والاسماء الحسنى وآدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى وايوب ويوسف واسحق ويعقوب واسماعيل وذا الكفل الى آخر الاسامي وبالجملة كل اسم حق واسم خير فهو اسمهم لوجهين وجه عام ووجه خاص اما الوجه الاول العام فلما ثبت بالدليل القطعي من ان بين الاسم والمسمى لا بد من مناسبة ذاتية ومرابطة حقيقية فكل معنى حسن يدل على ان اسمه كذلك وكل معنى قبيح يدل على ان اسمه كذلك ولما كان ( كانت خ‌ب‌١ ) الخيرات حقايقها وذواتها كلها من عند الله سبحانه وقد ذكرنا ان الطفرة في الوجود باطلة فوجب ان يكون كل خير وكل نور وكل حق لاتصاله بالمبدء ( الى المبدء خ‌ب‌١ ) الحق مخزونا ومكنونا عند هؤلاء الاربعة‌ عشر ثم منهم نشأ بالفاضل الى غيرهم والا لكانت الطفرة وكان ما بعد عن المبدء انور واشرف مما قرب منه وهذا لا يجوزه عاقل فاذا ثبت ان حقيقة ذلك المعنى النوري ثابت عندهم فيكون الاسم واللفظ حقيقة لهم ثم اعطوا غيرهم حسب ما حكي الغير من وجه ظهورهم وهذا لا يستريبه عاقل فوجب بالضرورة ان يكون كل اسم قد وضع لمسمى حق وخير فهو اسمهم وهم المعنيون بذلك على الحقيقة وغيرهم بالتبع واما الوجه الخاص فلا يسعني الآن بيانه لادائه الى التطويل ولا يبعد ان يكون مجلدا واحدا فالاعراض ( فالاعراض عنه خ‌ب‌١ ) اولي سيما في هذا الوقت الذي قد تراكمت على افواج الهموم والامراض فاذا تبين لك ان الخلق الاول منحصر في اربعة‌ عشر وهم قد ملئوا الوجود فاعلم ان الله عز وجل انما خلق الخلق ليعرفهم نفسه وتوحيده وعظمته وقدرته وقيوميته وكبريائه وهيمنته وجلاله وجماله وعزه وبهائه وكان ذلك لا يعرف من جهة ذاته المقدسة سبحانه وتعالى فوجب ان يكون من جهة آثاره وصنعه ليصفوه تعالى صفة الاستدلال لا صفة التكشف فوجب ان يخلق سبحانه خلقه ومتعلق فعله ومفعوله المطلق على كينونة اعتدالية تحكي جمال الله وعظمته وبهائه وقيوميته وسعة احاطة قدرته ونور كينونته وقد ذكرنا لك ان متعلق الفعل اولا وبالذات بحقيقة ما هو اهله لا يقتضي ان يكون فيه كثرة ازيد من اربعة‌عشر في حالة الفرق والتفصيل وان يكون واحدا مطلقا من حيث الجمع فوجب ان يكون لتلك الهياكل الاربعة‌عشر حين الفرق والحقيقة الواحدة حين الجمع والبساطة نور شعشعاني ( نورا شعشعانيا قد خ‌ب‌١ ) ملأ الوجود واحاط بالغيب والشهود وذلك النور المطلق متقوم بسلطانهم ومستقهر تحت مشيتهم وقدرتهم ليظهر بذلك قدرة الحق القديم سبحانه وتعالى التي ( الذي خ‌ب‌١ ) قد اضمحلت تلك الذوات تحت قدرته ومشيته ولما ( كلما خ‌ب‌١ ) كان ذلك النور الالهي الظاهر من تلك الحقايق المقدسة والذوات المنورة لقربه من المبدء في كمال التلألؤ واللمعان والاشراق وهو وان قارن بالماهيات وتعلق بالانيات التي هي مقام الانوجاد ورتبة الانفعال فتكثر بذلك ولكن من جهة شدة لمعان النور وقوة الظهور لكمال القرب ضعف جانب الكثرة التي تقتضيه قرانات الماهيات وتلاحق الطبايع والاضافات كما انه ضعف ايضا جانب الوحدة التي تقتضيه الخلق الاول لبعده عن المبدء بالاضافة اليه فمن هذه الجهة ذلك النور الواحد قد تشعب بقران الحدود واتصال القيود الى مائة‌الف واربعة وعشرين‌الف شعبة فكانت كثراته محدودة واعداده مشهورة وقد عرفت نوع الوجه في ذلك واما خصوص هذا العدد فتحتاج ( فيحتاج خ‌ب‌١ ) الى بسط في المقال وليس لي الآن ذلك الاقبال وليس ايضا في موضع السؤال فظهرت تلك الوجوه المتحصلة من ذلك الامر الواحد الذي هو النور المنبعث من هياكل التوحيد الاربعة ‌عشر على هيئة تلك الهياكل و( وعلى خ‌ب‌١ ) صفتها واسمها فظهرت على الهيئة الانسانية كاصلها لان هيئة ( الهيئة خ‌ب‌١ ) الانسانية هيكل التوحيد وصفة التنزيه والتجريد وقد بينا الوجه في ذلك في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا سيما فيما كتبنا في بعض مسائل اصول الفقه ولما كان ( كانت خ‌ب‌١ ) تلك الهياكل لكمال قربها ومشابهاتها ( مشابهتها خ‌ب‌١ ) للهياكل الاصلية ضعفت فيها جهة الظلمة ولكن لبعدها الاضافي وظهور الظلمة الاضافية فيها ما تمكنت ان تحكي الهياكل الاصلية فتستحق اسمها العام الخاص من باب الحقيقة بعد الحقيقة وانما حكى كل واحد منها وجها من وجوه الاصل فاستحق ( تستحق خ ) للاسم الخاص بذلك الوجه من باب العارية والحقيقة بعد الحقيقة كما تسمى للصورة ( الصورة خ‌ب‌١ ) التي في المرآة الحاكية لزيد حال قيامه قائم فجعل الله سبحانه لهم تلك الاسماء الخاصة التي كانت مجتمعة في الاصل فسموا آدم ونوحا وابراهيم وغيرهم الى آخر الاسماء لتمام مائة‌ الف واربعة وعشرين ‌الف وذكر وجه اختصاص كل منهم باسم خاص به وحكايته للوجه الخاص مما ( مما لم يبطن وخ‌ب‌١ ) لم ينطق به فمي ولا يجري به قلمي ثم لما كان القدرة العامة والهيمنة المطلقة للحق سبحانه وتعالى انما تظهر اذا كان لنوره نور ولجماله جمال ولجمال جماله جمال ولجمال جمال جمال جماله جمال وهكذا بخلاف ما اذا انقطع النور في الظهور والقدرة في الهيمنة والاستيلاء فانه دليل ضعف الخالق العياذ بالله سيما اذا كان معرفة قدرة الخالق وعظمته منحصرة في آثار الصنع فوجب ان يكون لهؤلاء الاكابر نور شعشعاني ( الاكابر ايضا نورا شعشانيا خ‌ب‌١ ) منبسط على اطوار الكائنات قد ملأ الارضين والسموات وذلك النور لبعده عن المبدء الاول بمرتبتين تمكنت الظلمة فيه وظهرت بآثارها واستولت على حكم الوحدة فصارت الشعب المتحصلة من هذا النور بحكم الغيور بتلاحق الحدود والماهيات وتراكم القيود والانيات مما لا حصر لها ولا نهاية لعدها ولكن من جهة عدم كمال البعد وصحة المقابلة حفظت الهيئة الانسانية وهيكل التوحيد فيها فخرجت النسمات معلنة بالثناء على الله سبحانه على الهيئة الانسانية والحقيقة الفرقانية فالاربعة‌ عشر لكون انوار الحق سبحانه منبسطة على ظواهرهم وبواطنهم وسرائرهم وعلانيتهم ومشرقة على جميع ذراتهم وحقائقهم لم يبق للظلمة الامكانية على مقتضي الماهية ظهور وتاثير سوى ما تحفظ ( يحفظ خ‌ب‌١ ) به كونهم وعينهم ويصح لهم اسمهم فاذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فلا يحصل منهم ترك الراجح ابدا لانهم من الوجود الراجح وهو لا يميل الى المرجوح ابدا واما الطبقة الثانية فمن جهة بعدها بواسطة ونسبتها الى الاول نسبة الشعاع الى الشمس ظهرت فيها الظلمة ( الظلم خ‌ب‌١ ) لكن لونها زبرجدي وهؤلاء قد يتركون الاولي والراجح على حسب مقامهم ولا يخالفون امر الله سبحانه الالزامي واما الطبقة الثالثة من جهة تمكن ( تمكين خ‌ب‌١ ) الظلمة فيها وظهور اثرها قد يعصون ويخالفون امر الله الالزامي ثم ان الظلمة وان تمكنت في هذه الطبقة لكنها اضافية والا فهي في الحقيقة نور بالنسبة الى من دونها فتشعشع منها نور لما قلنا في الطبقة الاولي والثانية فكان ذلك النور باقتران الحدود والماهيات مبدء طبقة الجن وهكذا الى تمام الثمانية من كليات الطبقات في السلسلة الطولية على ما ذكرنا اجمالها ( اجماله خ ) في اجوبة المسائل البهبهانية عند ذكر مراتب التوحيد فلما تحققت هذه الطبقات وخرجت تلك النسمات سئلت من الله سبحانه المدد والفيض بالسنة الطلبات ( الطبقات خ‌ب‌١ ) والقابليات وارادت منه سبحانه تمكين قابلياتها لقبول العطيات والافاضات ( الاضافات خ‌ب‌١ ) ولما كان اولئك الاربعة‌ عشر هم الواقفون بباب القدر ومقابلون لفوارة الامر الكوني الابداعي بحكم مستقر وكلما عداهم من شعاع نورهم وفاضل ظهورهم وجب ان يمدهم الله سبحانه بهم ويفيض عليهم بيده التي هي حقيقتهم كما يفيض سبحانه على الشعاع بالشمس ولما كان تدبير الخلق انما يكون بالنبوة والولاية كما قدمنا والنبي صلى الله عليه وآله هو صاحب الاجمال والولي المطلق هو الظاهر بالتفصيل كان الفيض من البدء ( المبدء خ‌ب‌١ ) الحق سبحانه يجري اولا على النبي صلى الله عليه وآله ومنه يفاض على الولي عليه السلام فيفصل ومن ظهور الولاية يسري في اطوار الكينونات الامكانية والاكوانية ومن ظهور النبوة يصل على جهة الاجمال قبل الالزام فان النبي صلى الله عليه وآله مبلغ للحكم الواحد الالهي والولي عليه السلام مجر لذلك الحكم على كل نفس وكل شخص بكل طور فافهم ما اسعدك لو وفقت لفهمه ثم لما كان الله سبحانه واسع قدرته وبالغ حجته وتام حكمته اراد واحب ان يرى كل طبقة من هذه الطبقات الثمانية الكلية وجزئياتها عجائب قدرته وغرائب صنعه وعظائم امره وكرائم نواله ليكون له الحجة البالغة ولا يكون لاحد عليه حجة سار بخلقه وبريته اي كل طبقة من الطبقات في عوالم كثيرة ومقامات عديدة عجيبة غريبة ولا يمكن احصاء تلك العوالم على الحقيقة وكلياتها على ما وقفت ( وفقت خ‌ب‌١ ) عليه في بادي الامر من غير استقصاء النظر ودون تعمق الفكر هي تسعة وعشرون‌ الف ‌الف وتسعمائة وتسعون ‌الف وثمانمائة وثمانون عالما ولاهل كل طبقة في كل عالم وقوف واستمداد من المبدء الحق عز وجل وجعل سبحانه لهم شعورا وادراكا وفهما واختيارا لكمال قدرته ونور حكمته فلا بد ان يكون لهم تكليف وافاضة في التكويني والتشريعي اتماما لقابلياتهم لما استحقوا من طبقاتهم ( طلباتهم خ‌ب‌١ ) ولما بطلت الطفرة وجب ان يوصل اليهم تلك التكاليف والاحكام في التكويني ( في الكونين خ‌ب‌١ ) بمبلغ وواسطة وذلك المبلغ من النبي صلى الله عليه وآله والولي عليه السلام كلما كان اشرف واعظم واحسن واكرم كان اقرب لاتمام الحجة واكمال النعمة وادحض للجاج الاباطل ( الاباطيل خ‌ب‌١ ) واقطع لشبهات اهل الضلال والتضليل واوضح دلالة على كمال نوره سبحانه وبهائه وقدرته ( ونهاية قدرته خ‌ب‌١ ) وسعة احاطة علمه ولم يكن اشرف من اولئك الاربعة‌عشر خلق بل هم خلق الله وغيرهم اشعتهم وعكوسات انوارهم فوجب ان يحتج الله على الخلق في كل عالم من هذه العوالم المذكورة وغيرها بهم ويوصل التكاليف والفيوضات التكوينية والتشريعية الى الخلق بهم فوجب ان يكون لهم ظهور ( ظهورا خ‌ب‌١ ) في كل عالم بطور اهل ذلك العالم ولما كان نضج بنية العالم لا يتم الا بالقوسين النزولي والصعودي انزل الله تعالى الخلق من عالم اعلى الى عالم اسفل الى ان وصلوا الى التراب ونالوا نصيبهم من الكتاب فكانت تلك الانوار الاطهار يدبرهم باحكام النبوة والولاية من وراء حجاب ويمدهم بما لهم وعليهم حسب اعمالهم في تلك المراتب من كل باب الى ان آن ( الى آن خ‌ب‌١ ) اوان قوس الصعود ومقام الظهور والشهود ولما كان كل اسفل يظهر في العود والصعود قبل الاعلى فظهرت المراتب النازلة اولا من الاسفل فالاعلي ولذا كان اول ما وجد وظهر في القوس الصعودي الجمادات والمعادن والجبال ثم بعد ذلك خلق الله سبحانه اي اظهر النباتات والاشجار والثمار ثم بعد ذلك اوجد الحيوانات ثم بعد ذلك اوجد الملائكة وحشى بهم الارضين والسموات ثم بعد ذلك اوجد الجان واسكنهم في الارض ولم يكن غيرهم حتى عتوا واستكبروا في الارض فانزل اليهم الملائكة الغلاظ الشداد وطهر الارض من لوث استيلائهم وانما فعل ذلك ليصفي الارض ويخليها لظهور الدولة العلية العالية الانسانية في اشرف البقاع واحسن الاماكن ولما اراد الله سبحانه اظهار الطبقة الانسانية من اهل المرتبة الثالثة كما ذكرنا وكان ما من الله سبحانه مقدما على ما من الخلق في كل الاحوال فوجب ان يكون اظهار الحجة البالغة مقدما على اظهار الهياكل البشرية ويكون ذلك سببا ومنشأ لاظهار سائر النسمات بسر ( لسر خ‌ب‌١ ) القابليات اما تقدم الحجة فمع ما ( في ما خ‌ب‌١ ) ذكرنا يكون اتم وابلغ في الحجة واكمل للنعمة ولئلا يكون للناس على الله حجة وكونه اكمل واحسن واما كون النسل منه فلتقدمه وجريان الفيض على الاشرف وكون ( كونه خ‌ب‌١ ) الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ولما وجب تقديم الحجة والواسطة الذي هو النبي (ص) وجب ان يكون اشرف الحجج واكملها واحسنها واعلاها لان فعله تعالى يجب ان يجري على اكمل ما يمكن في الامكان لسعة علمه وقدرته وغنائه المطلق وقد علمت سابقا ان اشرف الكائنات والمكونات هو الاصل الاول الذي نشأ منه البريات وعرفت انه هو القصبة الياقوتية المشتملة على اربعة‌ عشر عقدا وان العقد الاول هو صاحب النبوة المطلقة اشرف العقود ثم بعده العقد الثاني صاحب الولاية المطلقة وحامل لواء الحمد كما ذكرنا فمقتضى الاصالة وجوب اظهار تلك القصبة ولكن لما كان ( كانت خ‌ب‌١ ) تلك القصبة نابتة في اجمة اللاهوت وهي الشجرة ( الشجر خ‌ب‌١ ) الاخضر الشجرة الزيتونة ( الزيتونية خ‌ب‌١ ) التي لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار وهي التي ظهرت من تلك الشجرة ومقام الظهور الانساني في مبدء الصعود بعد انغماره في بحر البرودة والرطوبة المخلوطة باليبوسة التي هي مقام الادبار والنزول مقام عدم النضج والاعتدال والضعف والفتور والدثور في كل الاحوال فاذا ظهرت في البدو تلك الانوار الالهية المشرقة من نور شمس الازل بل هي تلك الشمس بملاحظة ونظر واعتبار واشرقت على العالم المغشوش الغير الناضج المستولي عليه برودة الانية ورطوبة الميولات الشهوانية فيضمحل ويبطل ولم يقدر على تحمل اشراق تلك الانوار ولم يصبر على تلك النار فيفسد الخلائق وهو خلاف حكمة الخالق ألا ترى ان الشمس في فصل الشتاء اذا مرت على سمت الراس رفعه ( دفعة خ‌ب‌١ ) واستولت الحرارة كيف تفسد المواليد وتبطل وتبيد واذا بردت اليد مثلا بردا كليا لو حميها ( حميتها خ‌ب‌١ ) بالنار الشديدة كيف تفسد اليد وكذا ساير الاعضاء فاذا كان هذا حالة اليد الناضجة فما ظنك بالعالم في المبدء الصعودي قبل النضج التام والاعتدال الاضافي في العالم ( الاضافي العام خ‌ب‌١ ) فمقتضى الحكمة ان لا تظهر تلك الشموس الطالعة الا من وراء حجاب وسحاب ولما كانت الحقيقة اذا تعذرت فاقرب المجازات متعين وجب ان يظهر في البدو ( البدء خ‌ب‌١ ) الصعودي في النشأة الانسانية واحد من اهل المرتبة ( الرتبة خ‌ب‌١ ) الثانية التي عدد اهلها مائة‌الف واربعة وعشرون‌الف لا من اعلاها ليكون كالبلور الحافظ لحرارة نور شمس الاربعة‌عشر ليكون غايته الاحراق فيعود المحذور الذي ذكرنا بل يكون كالزجاجة لتحكي الشمس بنورها ولا يجمع النور المستدعي للاحراق فيكون فيه الحرارة المعتدلة كحرارة شمس الشتاء فيحصل به النضج شيئا فشيئا الى ان يبلغ مقام النضج البالغ ليكون صابرا على النار وثابتا له القرار فافهم ان ذلك لذكرى لاولي الابصار فيجب ان يكون اسم هذا المبدء اي الحجة الالهية والنبي الصفي آدم وهو اسم المبدء المتنزل في عالم الكثرة فان الواحد هو مبدء الاعداد فاذا فصل كان الثلثة فاذا نظرت الثلثة الى نفسها حصلت التسعة وهي كمالها الظهوري خمسة واربعون وهي عدد حروف آدم وانما استنطق هذا العدد بهذه الحروف لان بالالف اشار الواضع الى انه المبدء كما ان الالف القائم مبدء الحروف وبالدال اشار الى انه مؤلف ( مؤلف وخ‌ب‌١ ) مركب من الطبايع الاربع المرة الصفراء والسوداء والدم والبلغم وبالميم اشار الى انه خمرت طينته من هذه الطبايع اربعين يوما كل يوم ظهرت قبضة من الياقوت القبضات ( قبضة من القبضات خ‌ب‌١ ) العشر في رتبة من المراتب الاربع رتبة العنصر ورتبة المعدن ورتبة النبات ورتبة الحيوان وبمجموع عدد الاسم تم وفق المثلث ولذا كان المثلث ابو الاشكال واحسنها وما سواه انما ينتج منه واشتق عنه كاشتقاق المشتقات من المصدر ولما كان كل ذكر لا يظهر آثاره الا بالانثي وكل فاعل لا يكون بلا قابل وكل سماء لا يكون بلا ارض وبلا منفعل وكل انثي وجب ان يخلقها الله سبحانه من فاضل طينة الرجل كما برهنا عليه في سائر مباحثاتنا ولما كان ( كانت خ‌ب‌١ ) الانثي في رتبة ( الرتبة خ‌ب‌١ ) الثانية فيكون الرجل اقوى منها بمرتبتين مرتبة يجتمع فيها معها والاخرى ينفرد عنها واذا نسبناها الى المثلث يكون لها ضلع واحد منه والضلعان يخصان بالرجل ولذا كان الرجل وليا وقيما على المرأة دون العكس فيجب ان يكون عدد اسمها خمسة‌ عشر بعدد كل ضلع من اضلاع المثلث ولما كانت وجدت بآدم على نبينا وآله وعليه السلام ومن ظاهر احد اضلاعه اليسري سميت حوا لانها وجدت من الحي فباقترانهما وجب ان يظهر النسل ويكثر النوع كما كان باقتران حركة السماء على الارض ظهرت المواليد وكائنات الجو وغيرها من المكونات ولما ثبت في محله ان تمام الشيء لا يكون الا بالستة ولذا كانت الستة هي العدد التام وثبت ايضا ان العالم عالمان عالم الغيب وعالم الشهادة ( والشهادة خ‌ب‌١ ) ودلت الادلة العقلية ( القطعية خ‌ب‌١ ) على انهما متطابقان كما ذكرنا ( ذكرناها خ‌ب‌١ ) في اجوبة بعض المسائل وعالم الشهادة بلغ غايته من التمام وهو البلوغ الى مرتبة ( الرتبة خ‌ب‌١ ) الانسانية التي هي اشرف المراتب واعلاها واقصى الغايات واسناها في ستة اطوار طور المعادن وطور النباتات وطور الحيوانات من البهائم وطور الملائكة وطور الجن وطور الانسان وفي هذه الستة تمت وكملت حتى صلحت لظهور دولة ( الدولة خ‌ب‌١ ) المباركة الانسانية فاستدعت ظهور آدم عليه السلام وكذلك نضج البنية الانسانية لا يكون الا بستة اطوار طور النطفة وطور العلقة وطور المضغة وطور العظام وطور اكتساء اللحم وطور انشاء الخلق الآخر وكذلك نضج الشيء حتى يظهر مشروح العلل ومبين الاسباب لا يكون الا بستة ايام يوم الاحد ويوم الاثنين ويوم الثلثا ويوم الاربعا ويوم الخميس ويوم الجمعة وجب ان يكون ( يكون نضج خ‌ب‌١ ) عالم الغيب وعالم الارواح لا يتم حتى يستدعي ظهور الانسان الكامل وآدم الاول الا بستة اطوار ولما كانت الاطوار الشهودية سبب نضجها وتمامها الاسباب الظاهرية من الفصول الاربعة والمادة والصورة والطبايع والقرانات الجسمانية كانت الاطوار العينية ( الغيبية خ‌ب‌١ ) سبب نضجها وتمامها الاسباب المعنوية والطبايع الروحانية الحقيقية وهي الاعمال والافعال وانحاء التوجهات الى الحق سبحانه وتعالى والميولات الذاتية والعرضية والحقية والخلقية وغيرها من الاحوال وكما ان اسباب ( الاسباب خ‌ب‌١ ) الشهودية لها مبادي من الافلاك والكواكب كذلك الاسباب الغيبية تكون لها مبادي من الحجج الالهية الظاهرة بالهياكل البشرية كما قدمنا ذكره وبيانه ولما كانت هذه الاطوار الستة كل طور اذا انتقل الى طور آخر تنتقل جميع احكامه الى الاحكام الاخر وتبطل الاحكام الاولية عند هذه ( الاولة عند هذا خ‌ب‌١ ) الموضع المتغير ألا ترى النطفة فانها ماء ابيض غليظ فاذا صارت علقة يبطل البياض وتاتي الحمرة وكذلك حكم العلقة يرتفع اذا جاء طور المضغة كارتفاع حكم المضغة عند طور العظام وهكذا الى ولوج الروح وبعد ذلك لا يرتفع حكمه ابدا الا انه يختلف اختلافا شديدا مع بقاء الاصل والموضوع الى ان يبلغ الولد ويكون حكما لا اختلاف فيه الى ان يكبر ويهرم ويموت ويعود الى عالم آخر محفوظ فيه الروح واحكامها فلا ترتفع احكامها ابدا كما ان ذات الروح لا ترتفع وان اختلفت احوالها وذلك واضح معلوم ولما كانت الشرايع بالضرورة هي احكام الهية تحملها حججه وسفراؤه الى المخلوقين المكلفين حسب اقتضاء ارواحهم وميولات كينوناتهم وهي لما وجب ان تكمل وتتم بعد ستة اطوار وجب ان يطرء النسخ على الشرايع خمس مرات والشريعة السادسة تجب ان تكون باقية وثابتة على الدوام الى يوم القيام بل وما بعده من السنين والاعوام ابد الابد ودهر السرمد لبقاء الموضوع المستدعي للحكم والفيض الخاص به ونسخ كل شريعة ينبئ عن نضج بنية العالم وقوتها بمرتبة او مرتبتين او ثلث كما ان رفع حكم العلقة وصيرورتها مضغة ينبئ عن قوة الجنين ونضج بنيته وكلما تقوي البنية تقرب الى التحمل لاشراق تلك الانوار الالهية التي كانت هذه الحجج مقدمة لظهورها وممكنة لقوابل ( للقوابل خ‌ب‌١ ) للمعان نورها لان ( ولان خ‌ب‌١ ) الاصل والمقصود بالذات ظهور تلك الحقايق المقدسة المنورة وبهم احتج الله سبحانه على خلقه وعرف بريته صفاته واسماءه ولكنه قد حصل مانع لظهورهم و( وهو خ‌ب‌١ ) عدم تحمل العالم لعدم نضج بنية النضج التام فظهروا بحججهم ووسائطهم وهم الانبياء من اهل الرتبة الثانية الى ان جرى النسخ فبعد اتمام الخامسة في السادسة يجب ان يظهر روح العالم لوجود المقتضي ورفع المانع وذلك الروح هو اولئك الاربعة ‌عشر الذين بهم قوام الخلق كما ان بالروح ( الروح خ‌ب‌١ ) قوام البدن وتظهر الروح بعد نضج البدن وقوته لتحمله وذلك اذا مرت عليه ستة اطوار وكذلك اذا ظهرت الشرايع الست يجب ان يكون حامل الشريعة السادسة هو ذلك النير الاعظم والنور الاقدم فيجب ان لا ينسخ شريعته ولا يطفي نوره ولا يخفي حجته ووجب ان يكون ظهور هذه الشريعة بعد الالف السادس من ظهور آدم الصفي عليه السلام لان تمام الشيء قد قلنا في ستة ايام وكل يوم من ايام الدهر في عالم الزمان الف سنة لسر يطول الكلام بذكره وقد بينا ذلك في رسالتنا ( رسائلنا خ‌ب‌١ ) ومباحثاتنا واجوبتنا فيكون بين الالف السادس والسابع ظهور هذه الشريعة التامة والطريقة العامة المطلقة لما بينا وذكرنا يجب ( ويجب خ‌ب‌١ ) ان يكون حامل هذه الشريعة ( الشريعة هذه خ‌ب‌١ ) الباقية المستمرة اهل الرتبة الاولى العليا اي قصبة الياقوت وسر الملك والملكوت وظهور اهل الرتبة الثانية صاحب الشرايع الاخر تمهيد ومقدمة لظهور هذه الدولة العلية ولما كانت النبوة ماشيا وقد ذكرنا سابقا ان حامل النبوة المطلقة هو الاصل والقطب في عالم الاربعة ‌عشر في البدو فوجب ان يكون هو الظاهر اولا في العود الاول ليثبت الشريعة ( الشريعة له خ‌ب‌١ ) ويكون هو متبوعا وحده وما سواه تابعا له وقولي في العود الاول اشارة لدفع ما عسي ان يرد على عبارتنا اذا نظر اليها بعض البالغين مقام الكمال في المعرفة وبيانه موكول الى فهم من خطر بباله الاعتراض والله الموفق ووجب ان يكون له اسمان اسم لاهل الملكوت الاعلى واسم لاهل الملك الاسفل والاولون يدعونه احمد والآخرون محمد صلى الله عليه وآله ومادتهما واحدة والتفاوت في الملحق اما المادة فهي مادة التربيع التي هي شكل الايتلاف والاجتماع ولذا كان المربع شكل المحبة والمودة والاجتماع وقد ذكرنا فيما سبق ان مقامه صلى الله عليه وآله مقام الايتلاف والجمع والاجمال فقبل النزول الى العوالم لا وجود للكثرة عنده الا بالذكر واما بعد النزول والكثرة فوجب ( وجب خ‌ب‌١ ) ان يكون تلك الجهة الجامعة الوحدانية محفوظ ( محفوظة خ‌ب‌١ ) فيه وذلك لا يكون الا بالشكل المربع الذي غايته التاليف والاجتماع والارتباط فوجب ان يكون كوكبه الزهرة وهي كوكب الالفة والاجتماع والايتلاف ووجب ان يكون نكاح النساء لما فيه من قوة الايتلاف ولا يكون له حد متعين للنساء لما ذكرنا من شدة الالفة فلا تتحقق جهة منافرة ابدا لا ( الا خ‌ب‌١ ) انه يجب ان تزيد ( لا تزيد خ‌ب‌١ ) نساؤه على تسعة ( التسعة خ‌ب‌١ ) لانها آخر مراتب الآحاد وهي غاية جهات الماهية التي اقتضت كثرة ظهور الواحد في المبدء ولذا كانت الافلاك التي هي المبادي تسعة وذلك باعتبار ظهور المبدء الاصل الواحد في ( الاصل في خ‌ب‌١ ) تسعة اطوار بحسب المتعلق كما بينا في رسالتنا في الهيئة وتعدد الافلاك ظهور وشرح وحكاية لاجتماع النبي صلى الله عليه وآله مع الزوجات التسع فيكون يومه يوم الجمعة كما كان كوكبه الزهرة ولما كان هو صاحب الشكل المربع وكان بين الاسم والمسمي مناسبة ذاتية وجب ان يكون اسمه الشريف رباعيا اي اربعة احرف ويكون مادة اسمه ايضا حروفا مربعة والدال لما كان اول الشكل ومبدئه في الحروف ظهر في آخر اسمه الذي هو الاول في عالم الغيب فلما تكررت الدال كانت الحاء وتكرار الدال اشارة الى نزوله من عالم اللانهاية الى عالم النهاية ثم الحاء تكررت خمس مرات ظهرت الميم وهي اشارة الى اطوار نزوله في عالم النهاية من العقل المرتفع الى العقل المستوي الى العقل المنخفض الى الروح الى النفس وهناك مقام الذر الاول وتمايزت النسمات فبعث عليهم بنشر التكاليف والشرعيات ولما كان الدال تكرار الباء وهي تكرار الالف الذي هو المبدء وكان هذا الاصل الاقدم والنور الاعظم صلى الله عليه وآله هو مبدء الكل فمقتضى المناسبة الذاتية ان يأتوا بالالف الذي هو المبدء ويجعلوا مبدء اسمه للتحكي عن كونه ( ليحكي كونه خ‌ب‌١ ) هو المبدء فسمي احمد وهذا اسمه الشريف في الملكوت الاعلى لكونه ( لكون خ‌ب‌١ ) اهله اقرب الى المبدء من الملك الاسفل واما اهل الاجسام وخاصة اهل الارض فتزيد ( فزيد خ‌ب‌١ ) لهم الميم لبيان نزوله من عالم الملكوت الى ذلك العالم بعد خمسة عوالم وهي تكرار الحاء في عالم النفس وعالم الطبيعة وعالم المواد وعالم المثال وعالم الاجسام وشدد الميم الثاني لبيان اتصال عالم الغيب وعالم الشهادة فالميم الاول لبيان عالم الشهادة كما ان الثاني لبيان عالم الغيب وتقديم ( تقدم خ‌ب‌١ ) مقتضي عالم الشهادة لحكم المناسبة لاهل العالم فيكون اصل اسمه حم والاول والثاني ظهور واصل فالميم الاول ظهور الحاء والحاء ظهور الدال فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم ولما كان مقام اهل هذا العالم ابعد من ( عن خ‌ب‌١ ) المبدء من العالم الاول ما ظهر المبدء في اصل الاسم في عالم الكثرة والاختلاف فقالوا محمد صلى الله عليه وآله يجب ( ويجب خ‌ب‌١ ) ان يكون ابوه اسمه عبدالله لان الاب يحكي ( يحكي عن خ‌ب‌١ ) جهة العقل والام تحكي ( تحكي عن خ‌ب‌١ ) جهة النفس ولذا كانت المرأة عورة يجب سترها بخلاف الرجل والعقل اول مقام العبادة وينبوعها اذ العبادة في مقام الفرق وهو اول ذلك المقام ولما كان هو صلى الله عليه وآله في مقام الجسم والجسمانيات لم يخرج عن حكم العقل الكلي وما يقتضيه من احكام العبادة فماوصل الى ما وصل الا بالعبادة والعبودية فكانت العبادة اصلا له في بلوغه الى مقام ( مقامات خ‌ب‌١ ) القرب والزلفى في عالم الادني فوجب ان يكون ابوه الظاهري عبدالله ولذا كان بينات محمد صلى الله عليه وآله يوافق زبر عبدالله ( بينات عبد يوافق زبر محمد صلى الله عليه وآله خ‌ب‌١ ) والبينات فرع للزبر كما تقرر في محله والولد فرع لوالده من حيث الولادة وان كان الجامع اقوى فان العقل اشرف من الجسم والعاقل اشرف من العقل والظاهر على طبق المعنى والصورة على مثال الحقيقة فافهم فان تفاصيل هذه الاشياء مما ابي الله اظهارها واعلانها ويجب ان يكون مبعثه الشريف بعد مضي اربعين سنة من ولادته لانه مقام الكمال لاجتماع مراتب القابليات والمقبولات وكمال نضج الطبيعة واعتدال البنية لئلا يكون للناس على الله حجة ويجب ان يكون يوم المبعث يوم النيروز اول انتقال الشمس الى برج الحمل وهو يوم ( اليوم خ‌ب‌١ ) الذي خلق الله الدنيا ويعود العود كالبدء ويتصل الآخر بالاول لان مقام ظهوره صلى الله عليه وآله اول مقام نضج العالم وصفائه واعتداله فان في اول ظهوره صلى الله عليه وآله استدار الزمان كهيئة يوم خلق ( خلق الله خ‌ب‌١ ) السموات والارض فان طالع الدنيا يوم خلقت سرطان والشمس في شرفها في برج الحمل ولما كانت الام جهة ظهور النفس وهي على ( هي لها خ‌ب‌١ ) سبعة اطوار واكملها المطمئنة ثم الراضية ثم المرضية ثم الكاملة وكل هذه النفوس مقام العصمة فتكون ( الرحمة فيكون خ‌ب‌١ ) آمنة من كل خطأ لكونها تابعة للعقل الذي هو عبدالله فالعبد لم يزل متوجها الى مولاه وتابعه كذلك فاين الغفلة واين ( فاين خ‌ب‌١ ) الخطاء والزلل ولما كان الاب الظاهري دليل العقل والام الظاهرية دليل النفس وهذا النبي صلى الله عليه وآله لما كان يجب ان يجمع جميع الكمالات على الاطلاق وجب ان يسمي ابوه عبدالله وامه آمنة ثم لما كان يجب ان يكون واقفا في اعلى المقامات واشرف المراتب حتى لا يشد ( لا يشذ خ‌ب‌١ ) عنه كمال في الكون وجب ان يكون وقوفه في مقام الفؤاد وهو اعلى مشاعر الانسان يكون بذلك ملقبا بالحبيب لان الفؤاد مقام المحبة في كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف ويكون هذا الصعود بعد النزول وامتياز مراتب الشهود ولما كان مقام العقل والنفس مقام القيود ورتبة الحدود وجب ان يبقي صلى الله عليه وآله يتيما من غير اب وام ويكون منفردا في النشو ومتوكلا على الحق المطلق وحاميا حول ربه لا حول نفسه ولا حول قلبه ثم لما ذكرنا سابقا ان مقامه صلى الله عليه وآله مقام الاجمال والبساطة وهو مقام النبوة وهو المتصدي لامرها والحامل لاعبائها يجب ( ويجب خ‌ب‌١ ) ان يكون هذا المعنى ظاهرا لكماله المطلق في ظاهر بشريته وجب ان يكون على كتفه الايمن خاتم النبوة لبيان انه الحامل على كاهله اعباء النبوة واحكام الرسالة وما سواه تابع له مطيع لامره ومقدمة لظهوره ثم لما بينا انه القطب وان مقامه الوحدة والاجمال والكلية وظهور نوره وآية نبوته ومعلن حجته وناشر امره ومقوي سلطانه انما هو الاصل القديم ( القديم الذي خ‌ب‌١ ) هو الفرع الكريم وهو الاصل في الاثني‌عشر الذي قلنا سابقا انهم الاصول وعليهم تدور الفصول وان الاصل فيهم واحد نسبته الى القطب اي الى محمد صلى الله عليه وآله نسبة الكرسي الى العرش فلا يظهر العرش وظهور نوره وفيض آثاره الا بالكرسي فلولا الكرسي والكواكب لم يكن للعرش ظهور اصلا في ترتب الآثار عليه وانه الاصل ولما كان تمام الصنع ان يوجد التفصيل بعد الاجمال والكثرة بعد الوحدة ليدل على كمال قدرته العامة ورحمته الواسعة التامة وجب ان يكون ذلك الاصل معه في الوجود في كل عالم بكل طور ويكون تابعا له ولكنه ناشر لاحكامه ومعلن لاسلامه واوامره ونواهيه الجزئية المشخصة فيكون هو وزيره واميره وصاحب لوائه وينبوع قدرته ويجب ان يكونا اخوين في العالم الاعلى وابني عم في العالم الاسفل وشرح هذا يطول به الكلام الا اني امثل لك مثالا تستنبط منه نوع المطلوب فاعلم ان العرش والكرسي هما بابان من العلم فالعرش باب باطن والكرسي باب ظاهر والاول مقام الاجمال والثاني مقام التفصيل وهما اخوان خلقا من نور واحد ومن طينة واحدة الا ان الجعل تعلق اولا بالعرش ثم بالكرسي اي قيل بقول ( يقول خ‌ب‌١ ) كن لنصف عرشا وللنصف الآخر كن كرسيا ولا عكس ثم لما ظهرا في العالم الثاني عالم الافلاك بظاهرهما تولدت من العرش الشمس ومن الكرسي القمر فالشمس والقمر ابنا عم في مقام الافلاك ثم صارت الشمس تستمد من الكرسي ولذا ليس لها عرض اذ لا تتعدى عن منطقة البروج ابدا والقمر يستمد من الشمس فابو الشمس العرش وابو القمر الكرسي والباطن اب للظاهر كما ان الظاهر اب للباطن فالعرش مثال محمد صلى الله عليه وآله في العالم الاول الاعلى الذي ذكرنا والكرسي مقام وزيره واميره وصاحب لوائه الذي ذكرنا في العالم الاول والعرش ( الشمس خ‌ب‌١ ) مثال محمد صلى الله عليه وآله في العالم الثاني والقمر مثال وزيره ( الوزير خ‌ب‌١ ) في العالم الثاني فوجب ان يكونا ابن ( ابني خ‌ب‌١ ) عم فمحمد صلى الله عليه وآله يستمد من باطن ( باطنه خ‌ب‌١ ) وزيره في الاحكام التفصيلية التي تأتي بها الملائكة من احكام النبوة في الخصوصيات وباطن الوزير يستمد من باطن محمد صلى الله عليه وآله وظاهر الوزير من ظاهره ثم لما كانت الشمس تلازم منطقة الكرسي الذي هو ابو القمر والكرسي يربيها فوجب ان يكون محمد صلى الله عليه وآله يربيه بوزيره ( ابو وزيره خ‌ب‌١ ) وكما ان القمر يتربي عند الشمس وجب ان يكون الوزير يتربي عنده ( عنده صلى الله عليه وآله خ‌ب‌١ ) لان تدبير الله سبحانه في الوجود كله ( كله على خ‌ب‌١ ) نمط واحد كما برهنا عليه في سائر مباحثاتنا ورسائلنا ولما عرفت ان الولاية هي الظاهر بالتدبير والامر والنهي واعطاء كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه وكان قد ظهر هذا المعنى في عالم الكثرة والتميز بصاحب التفصيل الذي هو الوزير وجب ان يكون هو ولي الله كما ان محمدا صلى الله عليه وآله نبي الله لانه الظاهر بالانذار والتبليغ فحسب كما يقتضيه مقامه صلى الله عليه وآله ولما كان الولي هو حامل تدبير الله المتحقق بمشيته وارادته في كل اطوار الكائنات المفصلة ومشية الله هي كلمة كن واستنطاق هذه الكلمة عين والخلق على رتبتين رتبة القابليات ورتبة المقبولات فالاولى على ثلثين مرتبة عدد ميقات موسى والثانية على عشر مراتب وهي اتمام الميقات والولي هو حامل آثار المشية الى هذه الاطوار وجب ان يكون في اسمه الشريف ما يدل عليه لما ثبت ان بين الاسم والمسمي لا بد من المناسبة الذاتية فوجب ان يكون اسمه عليا عليه السلام فالعين اشارة الى المشية وكلمة كن واللام اشارة الى مراتب القابليات والياء اشارة الى مراتب المقبولات وهذه الصورة هو فعل ماض مستولي على الافعال كلها ولها هيمنة على المشتقات باسرها والمصدر مشتق من الفعل الماضي وعلى حرف من الحروف الجارة يعمل معمولها بالجر اليه وعلى اسم المبالغة وعلى علم لتلك الذات المقدسة ففي الاول والثاني يعمل ولا يعمل عليه وفي الثالث يعمل ويعمل عليه وفي الرابع يعمل عليه ولا يعمل وهي جوامع مقامات الكلمة الكونية ( الكونية وخ‌ب‌١ ) الحرفية واسرار هذا الاسم الشريف مما لا يحصى وقد ذكرنا شطرا منها في شرح الخطبة الشريفة الطتنجية والآن ليس لي ذلك الاقبال حتى استقصي المطالب ومرادي نوع الاشارة الى حقيقة الامر فاذا ثبت له الولاية كان قاسم الجنة والنار لانه الذي يعطي كل ذي حق حقه ويسوق الى كل مخلوق رزقه من الامدادات الالهية من جهة محبته تعالى ومن جهة سخطه وغضبه ولما كان عليّ عليه السلام فرعا من محمد صلى الله عليه وآله والاصل هو الاب فظهرت كنية محمد صلى الله عليه وآله وهو ابوالقاسم اي ابو قاسم الجنة والنار فالجنة بمتابعة محمد صلى الله عليه وآله فيما بلغ والنار بمخالفته ولما كان الولي هو طالب كل شيء لايصاله الى غاياته المقررة له ظهرت كنية ابيه وهو ابوطالب واسمه عمران ووجه التسمية ظاهر ولما ذكرنا ان الاربعة‌عشر واحد منهم قطب وواحد آخر جامع وحاو نسبته اليهم نسبة المحل الى الحال والمحل الظاهر منه الحال بتفاصيل احكامه يجب ان يكون الغالب عليه البرودة والرطوبة وهي طبيعة الانثي ولما كانت هذه من سنخهم ومن حقيقتهم وزيادة الاعتناء في شانها وجب ان يكون بنتا لمحمد صلى الله عليه وآله من غير عكس لان محمدا صلى الله عليه وآله ليس صاحب التفصيل حتى يظهر منه تلك الانوار الاحدعشر وهو مختص بعلي عليه السلام ولا ثالث هنا من سنخهم في مقامهم فوجب ان يكون بنتا لمحمد صلى الله عليه وآله لا ابنا لما ذكرنا حتى تكون زوجة لعلي عليه السلام فيكون عليّ عليه السلام هو اصل لتلك ( تلك خ‌ب‌١ ) الانوار وتلك البنت ( النسب خ‌ب‌١ ) حامل تلك الاسرار ان في ذلك لذكري لاولي الابصار ولما كانت هي آخر المبادي فيكون نسبة هؤلاء الاربعة‌عشر عليهم السلام في الكائنات نسبة الآحاد الى سائر المراتب من الاعداد ولذا قلنا انها آخر المبادي كالتسعة فانها آخر الآحاد وجامعة لمراتب هذه المبادي ومن جهة المناسبة بين الاسم والمسمي والمرابطة بين اللفظ والمعنى وجب ان يكون اسمها الشريف استنطاق التسعة وهي ( هو خ‌ب‌١ ) الطاء فاذا ضم معها كمالها ( كمالاتها خ‌ب‌١ ) الظهوري والشعوري فتظهر من كمالها الظهوري خمسة واربعون واستنطاقها مه ومن كمالها الشعوري واحد وثمانون واستنطاقها فاء واذا جعلت الطاء قطبا وقدم الكمال الشعوري واخر الظهوري يكون فاطمة فظهر اسمها الشريف صلوات الله عليها حاكيا لمقامها ومرتبتها في التكوين ويجب ان يزوجها الولي صلوات الله وسلامه عليه اذ لا كفو لها سويه لانها لاخراج تلك الانوار المقدسة المطهرة وهي ارض لانبات ( لاثبات خ‌ب‌١ ) تلك الاشجار الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء وليس لسقي تلك الارض الا على صلوات الله وسلامه عليه فيجب ان يكون الله قد زوجه منها في السماء وقد حكي هذا العقد والزواج والاتصال في السماء فلك الجوزهر الحاصل من تقاطع الشمس ( الشمس في خ‌ب‌١ ) خارج مركزها المتحركة على التوالي والقمر في ممثله المتحرك على خلاف التوالي وحصل من هذا التقاطع النقطتان وتقاطع الفلكين هو امتزاج البحرين والنقطتان هما اللؤلؤ والمرجان اي الحسنان عليهما السلام الحاصلان من ازدواج عليّ وفاطمة عليهما السلام فان الرجل طبعه الحار اليابس كالشمس والمرأة طبعها البارد ( البارد الرطب خ‌ب‌١ ) كالقمر وبين الطلوعين حكاية ازدواجهما عليهما السلام في الارض والسماء ولذا كان هو من ساعات الجنة وقوام العالم بهذه ( هذا خ‌ب‌١ ) الازدواج والا لفسدت الاشياء وبطل النظام ولم يظهر اولئك الائمة الاعلام عليهم السلام اذ الحرارة اذا قويت ولم يكن برودة ورطوبة تحملها وتعدلها لم تظهر واحرقها ( احرق خ‌ب‌١ ) ما سويها ولذا تجد السراج اذا خلي من الدهن انطفي وذهبت الحرارة وتعلقت بمركزها واذا كانت البرودة والرطوبة ولم تكن الحرارة لم ينضج شيء ولم يظهر ولم يوجد فباجتماعهما يتسق النظام فالحرارة تنضج والبرودة تعدل الحرارة وتكسر سورتها وتكون حجابا بينها وبين الاشياء والرطوبة تحملها وتحمل آثارها فلولا التسعة لم تظهر الآحاد ولولا نظر الثلاثة الى التسعة ( التسعة بنظرها خ‌ب‌١ ) في نفسها في الرتبة الثانية لما كانت التسعة ولما كان المثلث مقامه التفريق كخاصيته والمربع مقامه الجمع والتاليف كخاصيته وكان محمد صلى الله عليه وآله هو صاحب مقام الجمع والتاليف وعليّ عليه السلام هو مقام الفرق والتفصيل لوحظ هذا المعنى في اسمهما فجعل اسم عليّ عليه السلام مثلثا كما جعل اسم محمد صلى الله عليه وآله مربعا ولذا تجد ان اللام والياء المفصلتان الممتازتان في اسم عليّ عليه السلام قد اجتمعتا ( جمعتا خ‌ب‌١ ) وائتلفتا في ميم محمد صلى الله عليه وآله وقد صح عندنا كما برهنا عليه في مباحثاتنا ان اصل الاسم في الحروف ( الحرف خ‌ب‌١ ) الاوسط بل هو الحرف الاوسط فان كان الاسم حروفها فردا كان الاصل واحدا وان كانت زوجا كان حرفين فاسم عليّ عليه السلام عليّ هذا هو اللام وليس مخرج الربع وانما هي مخرج الثلث وهو الياء التي بعد اللام اشارة الى هذه الدقيقة واسم محمد صلى الله عليه وآله حم فالحاء ( والحاء خ‌ب‌١ ) مخرج الربع كالميم وليس مخرج الثلث ولما كان فاطمة عليها السلام شان من شئون محمد صلى الله عليه وآله ومقامه مقام الاجمال وان كان مقامها التفصيل كما يشهد عليه اسمها الطاء وكمال ( كمالها خ‌ب‌١ ) الظهوري معه ( مه خ‌ب‌١ ) اذ ليسا مخرج الربع وانما هما مخرج الثلث الا ( الا ان خ‌ب‌١ ) هذه النسبة اثرت فيها فوجب ان يكون لها من عليّ عليه السلام ابنان الاكبر منهما يحكي مقام جده مما حكته امه الطاهرة عليها السلام والاصغر منهما يحكي مقام ابيه الطاهر فوجب ان يكون النسل وشعب الانوار المطهرة والاعلام المقدسة من الاصغر لانه صاحب مقام ابيه الظاهر بالولاية التفصيلية ولما كان الولد فرع الوالد اي بسطه وتكريره وكان الوالد مبدء اسمه اللام وجب ان يكون مبدء اسمهما السين لانهما تكرير اللام وانبساطها ولما كانا حاكيين مقام جدهما صلى الله عليه وآله من جانب الام التي هي فرع للاب وصفة له وجب ان يكون في اسمهما حرف هي صفة حرف اسم جدهما ولما كان اصل الاسم هناك ( هنا خ‌ب‌١ ) الميم وبيناتها نون وهي صفة الزبر وجب ان يكون النون فيهما بعد السين ولما كانا مع جدهما من طينة واحدة وحقيقة واحدة مع كونهما انزل منه مرتبة فلا بد ان يكون في اسمهما ما يدل على ذلك وكان اصل اسم جدهما حرفين فالميم ظهرت فيهما بالبينات لبيان ما ذكرنا فالحاء يجب ان يجعل في اسمهما بعينها ليدل ( لتدل خ‌ب‌١ ) على انهم حقيقة واحدة فصارت مادة اسمهما السين والحاء والنون فالسين لكونها اصلا ( قطبا خ‌ب‌١ ) هناك وجب ان تكون في الوسط والنون لكونها فرعا وجب ان تكون في الآخر والحاء لكونها اصلا وجب ان تكون في الاول فكان حسن فسمي الاكبر به والاصغر ايضا كذلك ولما ذكرنا ان الاصغر هو صاحب مقام التفصيل والانوار العشرة الباقية يجب ان تظهر ( يظهر خ‌ب‌١ ) فيه زيدت الياء بعد السين لبيان ان تلك العشرة الكاملة هو واولاده الطاهرون سلام الله عليهم اجمعين وهذا الذي ذكرنا لك اشارة وتفصيل الامر بالاجمال في خصوصيات الاسماء واسماء باقي الائمة عليهم السلام ذكرناه في اجوبة المسائل العاملية ونقتصر هنا بما لم نذكر سابقا وقد عرفت ان وفقت له ان هؤلاء الاربعة‌عشر بهم قوام الوجود ووجه الله المعبود ويد الله الباسطة على كل موجود ومفقود وحكمه الجاري على كل مخفي ومشهود لهم الهيمنة العليا والسلطنة العظمي والرياسة الكبري ولهم ان يظهروا كما يشاؤن بما يشاؤن لما يشاؤن كيف يشاؤن اين يشاؤن اني يشاؤن اذ لا يشاؤن الا ان يشاء الله ولا يشاء الله الا ما يشاؤن فلهم عليهم السلام ان يظهروا كلهم دفعة في الوجود من غير انتقال وتدريج ( تدرج خ‌ب‌١ ) وتقديم وتاخير ولهم عليهم السلام ان يظهروا على احوال اخر الا ان الحكمة اقتضت ان يظهروا في العالم متدرجين ويجري عليهم كما يجري على الناس من المصائب والآلام والموت والمرض وان يكون ذرية بعضها من بعض والحكمة في ذلك امور كثيرة لا تدخل تحت قاعدة ضبطنا وفهمنا الا ان الذي ظهر لي منها امران احدهما اقتضاء بدو كونهم وشانهم ذلك في علم ( عالم خ‌ب‌١ ) الغيب ولا يتيسر لي تفصيل هذا المجمل وتبيين هذا المفصل فانه مما يحفظ في الصدور ولا يكتب في الدفاتر والسطور وثانيهما انهم عليهم السلام انما ظهروا لارشاد الخلق ولتمكين قابلياتهم لتحمل اوامر الحق ونواهيه فلا بد ان يخاطبوهم بلسانهم ولغتهم ( نعتهم خ‌ب‌١ ) ويظهروا لهم حسبما تحتمله ( تحمله خ ) جنانهم وافكارهم وعقولهم والناس في مقام اول الصعود وغلبة الرطوبات المعنوية وعدم نضجها نضجا بليغا بالحرارة القوية بانواع التعفينات والتقطيرات ما يفهمون مقتضى الربوبية والعبودية ولا يعرفون حكم الحدوث والقدم في الاغلب فلو انهم عليهم السلام ظهروا دفعة واحدة وبقوا ابد الابد ودهر السرمد ولم يتغيروا ولم يتبدلوا وظهروا كما يقتضيه مقامهم او بعض ذلك فاغلب الناس توهموا فيهم الربوبية واتخذوهم آلهة يعبدون من دون الله واتسع فج تصرف الشيطان فيهم فضلوا عن الطريق او ان الذين يعاندونهم ولا يحبونهم لا يمكنهم مخالفتهم لقوة امرهم وشدة بطشهم وسلطانهم فلم يتميز الخبيث من الطيب الذي وضع الدنيا ونزول الخلق اليها من جهة الامتياز فكانوا سبب ضلالة الخلق بعد ان جاؤا وظهروا لاجل الهداية فلا بد ان لا يخرجوا في الظهور الكوني الدنياوي دفعة واحدة ويكون خروج بعضهم عن بعض لئلا يختلط غيرهم معهم ويكون حجة على الخلق في شدة نورانيتهم اذا كانوا بعضهم من بعض بخلاف ما اذا تشتتوا لا تساع دائرة الاحتمال والشبهة عند ذلك فوجب ان يكون ظهورهم ونشوهم في الدنيا على حسب ما عليه اهل الدنيا ولا بد ان يكون لهم ظهور آخر على حسب ما لهم من المقتضيات الاصلية اذا نضجت الطبايع وقويت البنية ونترقب ذلك الظهور ونرجو من الله تعالى ان يسعدنا بذلك بحقهم وحرمتهم ثم لما كان الله سبحانه قضي في عباده بحكمين نفذت فيهما قدرته وحتمت عليهما مشيته فلا يتعداهما ولا يعدل عنهما اذ في العدول تضييع للخلق وافساد للحكمة احدهما ان لا يلجأ احد ( احدا خ‌ب‌١ ) الى التكليف وقبول الايمان وامتثال الامر والنهي لان الله تعالى لم يطع باكراه كما انه لم يعص بغلبة وثانيهما ان يظهر حجته ويعلن كلمته ولا يخفي على احد امره تعالى ليكون له الحجة البالغة على جميع خلقه فعند بعث النبي محمد صلى الله عليه وآله لما كانت الطبايع غير ناضجة والزمان في اول بلوغ الحلم والنفس الامارة في غاية الاستيلاء والتسلط والشيطان قد بسط دعاءه ( دعاته خ‌ب‌١ ) واجابه الخلق من كل جانب فلا يقبل الخلق الى الطاعات والعبادات بل لا يلتفت الى طلب الحق وطلب تحصيله وطلب معرفته حتى يصلوا الى ما اراد الله منهم من التكليف ليقبلوا او ينكروا فلا بد ان ينبههم النبي صلى الله عليه وآله على ذلك ولما كان التنبيه باللسان لا يلتفتون اليه ولا يصغون الى قائله ولا ينتشر بذلك صيت الدين والاسلام والتكليف فوجب ( فوجب عليه خ‌ب‌١ ) ان يقاتلهم بالسيف فانه هو الذي تهيج ( يهيج خ‌ب‌١ ) العضلات ويبعثها للطلب اما للاخذ او الدفع فيستعينون بغيرهم فيشتهر الامر شيئا فشيئا فوجب على النبي صلى الله عليه وآله ان يسل سيفه ولكن لا يلجأهم الى الايمان فيقبل منهم الفداء والجزية ويقبل منهم الرحم والقرابة ويؤلف قلوبهم حتى لا يلزم الالجاء ويكون المقصود اسماع الكلمتين لعامة المكلفين ولما كان في سل السيف توهم الالجاء وقد دخل في دينه من لا يحب الله فيكون المؤمنين به صلى الله عليه وآله على اربعة اقسام كما ذكرناها في سائر مباحثاتنا وواحد منهم وهم القليلون من المخلصين وجب ان يامر وصيه عليا عليه السلام بعد ان يمضي بالموت لما ذكرنا بعدم سل السيف حتى يتميز الخبيث من الطيب ويجعل الله الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم فوجب ان يقعد عليه السلام مع اظهار حقه واعلان كلمته عن القتال والجدال حتى تستنطق الطبايع وتستظهر السرائر وتبدو مستجنات الضمائر الى زمان طويل قد آن للدين ان يندرس وللاسلام ان ينطمس سل السيف ( سيفه خ‌ب‌١ ) واظهر امره وهذا الذي اردت ايراده باب طويل يحتاج الى بسط في المقال ولااحب ايراده هنا واحب ان اجعل له رسالة منفردة اذكر فيها جميع شقوقها وتفاصيلها العجيبة والغريبة حسب التماس بعض من يجب على رعايته والكلام الموجز الجامع لما اردت بيانه هو ان الله سبحانه لا بد ان يجعل للباطل دولة واياما حتى لا يحتجوا اهل الباطل ويقولوا لو جعلت لنا دولة واياما لكنا اطعناك وهو سبحانه يريد قطع حجة كل محتج ورفع عذر كل معتذر فجعل لهم الدنيا الدنية فالاستيلاء في الدنيا لهم فاذا كان الاستيلاء للاعداء وهم يحبون ويسعون في اطفاء نور الائمة عليهم السلام واخماد ذكرهم فوجب ان يجري عليهم عليهم السلام المحن والمصائب والآلام والتقية والخوف وايقاع الاختلاف بين رعاياهم وغنمهم ليشابهوا بذلك اهل الباطل من الاعداء ليسلم بذلك رقابهم ولينالوا بذلك ثوابهم ويصيب الاعداء نكالهم وعقابهم ومع ذلك كله يجب ان يتم نورهم في قلوب من ارادهم وانقطع اليهم عليهم السلام حتى تمضي دولة الدنيا فيكثرون ( فيكررون خ‌ب‌١ ) وينالون نصيبهم من الكتاب ويفوز شيعتهم بذلك الآيات ( الاياب خ‌ب‌١ ) ويكون اعدائهم في جهنم وسوء المآب وهذا مجمل من نوع الاشارة الى النبوة الخاصة والولاية الخاصة بالدليل القطعي العقلي من غير تمسك الى نقل و( والى خ‌ب‌١ ) اجماع وتواتر وآحاد وغير ذلك بل بمحض الفطرة من غير الاستناد الى احد من المخلوقين وكم من عجائب تركتها وغرائب كتمتها لامور منها عدم تحمل الناس فيسارعون اليها بالانكار وقد قال مولينا ( مولينا سيدنا خ‌ب‌١ ) سيد الساجدين عليه السلام لا تتكلم بما تسارع العقول في انكاره وان كان عندك اعتذاره وليس كلما تسمعه نكرا تسعه ( توسعه خ‌ب‌١ ) عذرا ومنها وهو اكثرها لكثرة الكسل والملل لتراكم افواج الهموم والغموم والامراض وتشتت البال واختلاف ( اختلال خ‌ب‌١ ) الاحوال ومنها ما لااقدر على التعبير عنه وان كان عندي معناه ومراده ( مؤداه خ‌ب‌١ ) ولكني لم ‌اعط له عبارة وذلك دليل عدم الاذن للاظهار ومنها لاحتياجه الى بسط في المقال وتمهيد مقدمات طويلة لا يسع الوقت ايرادها ولوجوه اخر وبقي الكلام في المرام ( في هذا المراد خ‌ب‌١ ) في مقامات شتى ومطالب اخرى والذي ذكرت لو نظرت اليه بنظر الانصاف لوجدت شرابا زلالا وصحوا بلا غبار وان خفي عليك شيء منها فليس هو لقصور فهمك وانما هو لغموض المطلب وعلو المسئلة ومع ذلك فلو تدبرت فيما ذكرت بالفطرة المستقيمة الغير المعوجة لشبهات المتوهمين تبين ( المموهين يتبين خ‌ب‌١ ) لك الحق والله خليفتي عليك وقد قال الشاعر :

ومن حضر السماع بغير قلب ولم ‌يطرب فلا يلم المُغَنِّي

قال سلمه الله تعالى : المعروف من العلماء ( علمائنا خ‌ب‌١ ) رضوان الله عليهم ان خيال صورة المرشد للمسترشد حرام ولم ‌نجد على ذلك دليلا من العقل ولا من الكتاب والسنة مع ان مقتضي القاعدة ان ما لم يصل عن صاحب الشريعة حكم ( حكم بتحريم خ‌ب‌١ ) شيء فالاصل فيه الاباحة دون الحرمة فما الدليل على ذلك من المنع وليس هناك ( هنا خ‌ب‌١ ) اجماع حتى يتمسك به الى هنا قطعت الكلام والسلام عليكم وعلى من حضر لديكم ورحمة الله وبركاته

اقول ما مرادهم بتخيل صورة المرشد ان كان مرادهم انه يتخيل صورة المرشد ويقصر نظره والتفاته وتوجهه اليه في كل وقت من الاوقات وكل حال من الحالات حتى في وقت العبادات والذكر والتوجه الى الحق سبحانه وتلاوة القرآن وامثالها من الحالات فحين ما يصلي يكون نظره في الصلوة والقرآن ( القراءة خ‌ب‌١ ) الى صورة المرشد لا ان يكون التفاته وتوجهه الى الله سبحانه فهذا لا شك في بطلانه وتحريمه اما من العقل فان العبد لا يكون موحدا حتى يوحد الله سبحانه في المراتب الاربع توحيد الذات ( وخ‌ب‌١ ) توحيد الصفات ( وخ‌ب‌١ ) توحيد الافعال ( وخ‌ب‌١ ) توحيد العبادة بان يعتقد ان لا شريك لله تعالى في ذاته ولا يصدق على غيره تعالى صفاته ولا يعنيه ( لا يعينه خ‌ب‌١ ) احد في افعاله ولا يشارك غيره تعالى في عبادته بان لا يرى معبودا سوى الحق عز وجل ومعنى ذلك ان يعتقد بانه لا يجوز ايقاع النظر والالتفات الى غيره سبحانه فان كان هذا المريد يقع عبادته لذلك المرشد فلا شك في كفره وان كان لله سبحانه ويقع توجهه والتفاته الى غيره سبحانه ولا يكون توجهه الى الله عز وجل فهو المنافق المستهزئ حيث يجعل الصورة الظاهرية في القصد لله ( القصد انه خ‌ب‌١ ) عز وجل ويجعل توجه قلبه والتفاته الى غيره سبحانه وقد قال مولينا الصادق عليه السلام على ما روي شيخي وثقتي اطال الله بقاه عنه عليه السلام ما معناه ان العبد اذا قام في صلوته ولم يقبل بقلبه اليه سبحانه ويجعل التفاته الى غيره تعالى اما يخاف الله ان ( اما يخاف ان خ‌ب‌١ ) يقلبه الله تعالى حمارا وقد فعل وقال ايضا عليه السلام كلما يشغلك عن الله عز وجل فهو صنمك ولا شك ان تلك الصورة حين التوجه اليها شاغلة عن الله عز وجل فيكون الصنم الذي يعبد من دون الله وقد دل العقل القاطع بمضمون هاتين الروايتين فتكونان صحيحتين وان كان ضعف في سندهما مع شهرتهما كغيرهما من الاخبار في هذا الباب بل كل الاخبار الدالة على لزوم التوجه الى الله تعالى في العبادات والاذكار وذم من يذكر الله وقلبه مشغول بغيره يتناول المقام فان قلت فعلي هذا يجب ان يكون الناس اغلبهم يفعلون الحرام حيث ان قليلا منهم يتوجهون الى الله تعالى بقلوبهم وقت العبادة والا فاكثر الناس لاهية قلوبهم قلت لا شك ان الذي يتعمد التوجه والالتفات الى الغير ويفعل ( الغير يفعل خ‌ب‌١ ) الحرام فانه حينئذ كالمستهزئ بل هو المستهزئ كما دلت عليه الروايات الكثيرة اما ( واما خ‌ب‌١ ) الذي يشتغل قلبه في الصلوة وهو لا يحب ذلك ولا يرى ان فيه حسنا بل يعلم انه قبيح فلا بأس بذلك فيكون سبيله سبيل من يخطر بخاطره الخطورات الغير المشروعة فان كان متعمدا بذلك فهو معصية الا ان الله تفضل عليه فيما هو متعلق بفعل الخارج ( الجوارح خ‌ب‌١ ) فلا يكتب عليه ولا يؤاخذه تسهيلا وتخفيفا على هذه الامة واما ما سوي ذلك فعقوبته هول المطلع وان كان من غير محبته واختياره فلا بأس به وان كان من جهة الضعف في الايمان واما ما قال النبي صلى الله عليه وآله فانه والله من محض الايمان يريد به التألم الحاصل للعبد عند خطور ( حضور خ‌ب‌١ ) ذلك الخاطر لا نفس الخطور فانه لا شك انه من ضعف الايمان واليقين واما الذي يتعمد تصور الغير عند ذكر الله عز وجل ولا يلتفت الى الله فهو خارج عن الايمان فان قيل انهم انما فعلوا وتخيلوا صورة المرشد ليكون سبب قربهم الى الله عز وجل حيث انهم في كمال النقصان والمرشد في غاية الكمال فهم لا يليقون للتوجه الى حضرة القدس فتشبثوا بذيل كمل اوليائه الاقرب فالاقرب قلت هذا بعينه حجة عبدة الاصنام الذين اسسوا الصنم اولا كما حكي عنهم صاحب الملل والنحل فان هذه الاصنام اشباح وصور للمبادي العالية فلا فرق بين ان تصنع هيكلا وصنما بالخشب او الذهب وبين ( بين ان خ‌ب‌١ ) تصنع صنما وهيكلا وصورة في خيالك وتجعلها بين يديك حالة التوجه فانهم قالوا ايضا مانعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى كما حكي الله سبحانه عنهم بعد ما اكد الاخلاص والتوجه اليه تعالى بسر الاخلاص ( الاختصاص خ‌ب‌١ ) فقال عز من قائل فاعبد الله مخلصا له الدين الا لله الدين الخالص فانظر هل ترى ان متخيل ( المتخيل خ‌ب‌١ ) صورة المرشد حال العبادة تجوز في نفسك انه اخلص العبادة والدين لله عز وجل بل هو اخلص العبادة والالتفات الى مرشده ( المرشد خ ) بحيث ما يشارك ( ماشارك خ‌ب‌١ ) الله معه ولم يلتفت اليه ثم اخبر الله سبحانه عن هؤلاء واحتجاجهم الباطل بقوله الحق والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى ان الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار ثم اخبر الله سبحانه ان الذين اتخذوا من دونه اولياء هم المتعلمون الذين اخذوا من علمائهم الصورية الجهال المعنوية وامروهم بان تجعلوا ( يجعلوا خ‌ب‌١ ) صورهم او غيرها في اذهانهم ويلتفتوا ( يلتفتون خ ) اليها في العبادة مموهين بانكم لا لياقة لكم لتعلق قلوبكم بالاوساخ والكثافات الشهوانية فلا بد لكم اولا ان تحصل ( يحصل خ‌ب‌١ ) لكم الفناء في الشيخ ويتمحض لكم الالتفات والتوجه اليه في كل حال من الاحوال وكل وقت من الاوقات حتى تستأهلوا للتوجه الى الله سبحانه بسبب ( بسلب خ‌ب‌١ ) الاضافات وقطع الانيات واخبروهم بانا قد اوتينا الحكمة والله تعالى جعلنا السبيل اليه لكم ثم كذبهم الله سبحانه في دعويهم وابان عن غيهم وافترائهم حيث قال عز وجل وان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ما كان لبشر ان يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله الى ان قال عز وجل ايامركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون فانظر ماذا ترى واي عبادة اعظم من الالتفات الى الغير بحيث ينسي الله وينسى كلما عداه وقد قال مولينا الصادق عليه السلام من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان وكيف يمكن ان يكون ناطقا عن الله حين الالتفات الى مرشده فانه حينئذ محجوب عن الله والحجاب المانع لا يكون دليلا موصلا وما من الله سبحانه لا يكون حجابا عنه فثبت ان هذا الخيال من الشيطان فان قلت كما انكم تتوجهون الى جهة الكعبة مع ان الله تعالى ليس في جهة والملائكة سجدوا لآدم (ع) ويعقوب وبنيه سجدوا ليوسف (ع) مع ان السجود لله تعالى وكان آدم عليه السلام ويوسف عليه السلام واسطتين وكذلك العبادة والطاعة كلها لله سبحانه والمرشد بصورته واسطة قلت ان الله سبحانه لا يعبد الا من الوجه الذي امر الخلق به كما ان ابليس لما امره الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام قال يا رب اعفني من ذلك وان عفوتني اعبد ( وانا اعبدك خ‌ب‌١ ) عبادة لم تعبد بمثله قال سبحانه اني لااقبل العبادة الا من الوجه الذي امرت به هذا معنى الحديث الوارد في تفسير القمي والصافي وغيرهما فلا يقبل الله تعالى عملا الا كما امر وقد امر الملائكة ويعقوب وبنيه ايضا بالسجود لآدم عليه السلام وليوسف عليه السلام والى جهة الكعبة ولم يأمرنا ان نجعل صورة المرشد او صورة غيره او احد الائمة عليهم السلام فلا يجوز لنا ان نجعل ونختار لانفسنا ما لم يجعله الله ولم يختره لنا ولو جاز ذلك لاتجه قول عبدة الاصنام حتى يتقربوا ( حين يتقربون خ‌ب‌١ ) الى الله تعالى بواسطة تلك الاصنام التي هي مثل للملأ الاعلى ثم ان حين توجهنا الى الكعبة والملائكة حين توجههم الى آدم للسجود لم يخطر ولا يخطر ببالنا وبال الملائكة الا الله عز وجل ونور معرفته ولم نذكر الجهة ولا الكعبة ولا غير ذلك بخلاف المريد فانه لا بد له من الفناء في الشيخ المرشد وان لا ينساه ابدا فان قال اني حين التفاتي الى صورة المرشد التفت الى الله عز وجل فقد قال كذبا وجاء ظلما وزورا فان الله سبحانه ماجعل لرجل من قلبين في جوفه فوجب حين التوجه الى الله تعالى ان يكون غافلا عن المرشد فاذا غفل ماصح الفناء في الشيخ وما نفعه التصور فيكون ذلك فعلا لغوا لان ذلك مستمر في اول الامر الى نهايته وغايته فان قلت انهم يتوجهون الى الله تعالى بتلك الصورة قلت ان التوجه الى الشيء لا يكون الا بصفته فالاحمر مثلا يتوجه اليه بالحمرة والقائم بالقيام والقاعد بالقعود وذو الهيئة بالهيئة وغير ذي الهيئة والحدود بعدم الهيئة والحدود والله سبحانه لا حد له ولا كيف له ولا اشارة اليه ولا عبارة عنه فالوجه الذي يتوجه به اليه يجب ان يكون كذلك واما الصورة المحدودة وذات ( المحدودة ذات خ‌ب‌١ ) الهيئة والتشخص كيف يكون وجها لله ( للحق خ‌ب‌١ ) سبحانه وتعالى عما يقول ( يقوله خ‌ب‌١ ) الملحدون علوا كبيرا ولئن سلمنا انه يكون وجها واسما ودليلا فان الوجه والاسم حين التوجه والالتفات الى المسمى وذي الوجه لا يكون ملحوظا اصلا فلئن لوحظ الاسم وحده من دون المسمى فهو كفر وان لوحظ الامران فهو شرك وان لوحظ المسمي دون الاسم فهو التوحيد كما في الكافي عن الصادق عليه السلام من عبد الاسم دون المسمى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمسمى معا فقد اشرك ومن عبد المسمى دون الاسم فذلك التوحيد وفي رواية اخرى ومن عبد المسمى بايقاع الاسماء عليه فذاك التوحيد وقد شرحت هذا الحديث في المسائل العاملية وغيرها من اجوبة المسائل وهذا الكلام لمحض التسليم والالزام ( الالتزام خ ) والا فالاسم المتوجه به الى المسمى مع قطع النظر عن خصوصية الاسم هو ذات الشخص المتوجه لذاته او لكونها اسما للاعلى مما هو واقع في السلسلة الطولية واما هؤلاء المرشدون فليسوا باسماء لغيرهم انما هم لانفسهم وليسوا كالمرآة الحاكية لنور الشمس لغيرهم لانهم ومريديهم في السلسلة العرضية وما فيها يشرق عليه الشمس باشراق واحد وان اختلفت فظهوره ( اختلف ظهوره خ‌ب‌١ ) بحسب المرايا واصل المسئلة بيانها يحتاج الى بسط في المقال وليس لي الآن ذلك الاقبال فاقتصرت بالاشارة فقد دل العقل والكتاب والسنة والاجماع المحصل على ان تخيل صورة المرشد في كل الاوقات حتى حال العبادة والصلوة والفناء في الشيخ حرام اذا كان عن اختيار وعمد واما اذا كان مضطرا حسب تصرفات اولئك فيهم ( فهم خ‌ب‌١ ) بانواع المكايد من السحر مما اشتمل عليه علم السيميا والريميا والهيميا والليميا فبلغ ( فيبلغ خ‌ب‌١ ) امره الى الجنون او يكون مضطرا في تصورهم وتخيلهم بالاضطرار الشرعي فهو معذور والوزر على اولئك الاشرار حيث الزموا ( التزموا خ ) العار والشنار وماخافوا من العزيز الجبار فتبا لهم وسحقا ما اصبرهم على النار واما اذا كان تخيل تلك الصورة لا في اوقات العبادة واحوالها بل في سائر الاوقات والاحوال من جهة المحبة والالتفات والاعتناء بشانه من باب محبة العلماء وتذكرهم والاعتناء بهم ومراقبة اخلاقهم وعاداتهم فلا ارى به بأسا ما لم يهجم عليه كثرة التصور والالتفات فيكون له شغلا شاغلا عن ذكر الله تعالى و( وعن خ‌ب‌١ ) ذكر اوليائه الائمة الهداة عليهم السلام فحينئذ يكون كالاول في جميع ما قلنا

وهذا آخر ما اردنا ايراده في جواب هذه المسائل الغامضة واعذرك يا مولانا من عدم البسط وتحقيق الحقائق من جهة كمال اختلال البال واغتشاش الاحوال وعروض مرض مانع من استقامة الحال ومع ذلك قد اشرت الى جميع ما تطلب وتريد عمق النظر والفكر فيه واسئل الله تعالى ان يفتح عليك باب فهمه فان هذه المطالب المذكورة ليست مذكورة في كتاب ولا جرى عليها ( عليه خ‌ب‌١ ) خطاب نسئل الله تعالى التوفيق والتسديد والعصمة في كل باب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ( قد فرغ من تسويدها منشيها صبيحة يوم السبت السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني في سنة ١٢٣٨ حامدا مصليا مسلما مستغفرا خ‌ب‌١ )

المصادر
المحتوى