رسالة في جواب الحاج مكي بن الحاج عبد الله البحراني (٣ اسئلة)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الحاج مكي بن الحاج عبد الله البحراني

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثامن

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الاكرم الامجد المسدد الممجد الحاج مكي بن الحاج عبد الله المقابي البحراني اتى بمسائل عويصة صعبة المنال على الوجه الذي يريد ويريد جوابها على الاستعجال وانا مع كمال اغتشاش البال واختلال الاحوال ما وسعني الا اجابته لاني الزمت على نفسي بقدر الوسع رعايته فاتيت بما هو الميسور لانه لا يسقط بالمعسور وجعلت كلامه سلمه الله متنا وجوابي كالشرح له ليختص كل جواب لسؤاله كما هو عادتي في اجوبة المسائل

قال سلمه الله تعالى : نرجو من ملاذنا السيد ايده الله تعالى في بيان تحقيق فضل سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام على مريم وعلى الانبياء عليهم السلام لان اخواننا المسلمين اجماعهم على تفضيل مريم بالكتاب المبين لقوله تعالى يا مريم ان الله اصطفيك وطهرك واصطفيك على نساء العالمين ما المعارضة وما به ندفعهم فاذا اوردنا عليهم الاحاديث المسندة في صحاحهم من قوله صلى الله عليه وآله فاطمة بضعة مني وغيره من الاحاديث وما اخبر به صلى الله عليه وآله في حديث ابن ‌مسعود يأولونها ويصرفونها ويدفعونها بالآية المحكمة وبعضهم من يفضل عايشة بنت ابي ‌بكر على فاطمة عليها السلام

اقول اما تفضيل فاطمة عليها السلام على مريم بنت عمران فاعلم ان الله سبحانه شرف نساء النبي صلى الله عليه وآله لانتسابهن اليه (ص) على جميع النساء ان اتقين واجتنبن المآثم والسيئات وصرن معصومات طاهرات في قوله تعالى يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن وعموم الاحد بدلي ووقوع النكرة في سياق النفي يفيد العموم الاستغراقي والمعنى يا نساء النبي لا تساويكن احد من النساء في الفضل والسابقة من جميع نساء الاولين والآخرين والسابقين واللاحقين الى يوم القيمة ممن يطلق عليهن النساء ان كنتن متقيات ولا يكن كذلك على الحقيقة الا اذا كن معصومات وذلك لشرف الانتساب فالمعصومة من نسائه اشرف من المعصومات من ساير النساء لمزية النسبة وتساوي العصمة فاذا كان الامر كذلك في النساء الاجنبيات اللاتي حصل لهن النسبة بمجرد المصاهرة والنكاح فما ظنك باولاده من البنين والبنات اذ كانوا معصومين من الذنوب مطهرين من العيوب مسددين من عند علام الغيوب لكون الولد جزء للوالد ومن سنخه وجوهر ذاته ولطيفة سره والسلالة منه اماسمعت الله سبحانه رد على الكفار لما قالوا ان الملئكة بنات الله قال سبحانه وجعلوا له من عباده جزء فاثبت ان البنت جزء للوالد ومشاكلة له ولا ريب ان النسبة في هذا المقام اعظم والالتصاق اشد واكثر ولا يشك فيه من له ادني عقل وفكر وروية وقد شهد الله سبحانه على عصمة موليتنا فاطمة الزهراء عليها السلام وطهارتها ( وطهارتها في آية التطهير خ‌ل ) وانه سبحانه قد تولى بنفسه اذهاب الرجس عنها وتطهيرها عن كل رجس وقذارة في آية التطهير المتفق ( وقد اتفق خ‌ل ) بين المسلمين كافة ان الزهراء عليها السلام من اهل البيت عليهم السلام فاذا ثبت تقويها وطهارتها وعصمتها وجب ان لا تساويها احد من النساء من الاولين والآخرين كرامة لرسول الله صلى الله عليه وآله وكرامة لها لما عرفت حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله ولم تهتك حجابه بمعصيتها اياه في صغيرة ولا كبيرة ولا يضاهيها احد فوجب حينئذ تخصيص آية مريم واصطفيك على نساء العالمين بعالمي زمانها لا مطلقا حتى تتم هذه الشرافة لرسول الله صلى الله عليه وآله فان قلت كما يجوز تخصيص آية مريم البتول عليها السلام بآية نساء النبي (ص) كذلك يجوز تخصيص آية النساء بتلك الآية فتقول يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن ما عدا مريم لانها سيدة نساء العالمين وعموم الآيتين عموم من وجه وترجيح تخصيص احديهما ( احدهما خ‌ل ) بالاخرى يحتاج الى مرجح ودليل والا فيبقى المقال في قالب الاجمال قلت لو فرضنا عدم المرجح سقط الاستدلال على تفضيل مريم بالآية المذكورة لسقوط الاستدلال عند قيام الاحتمال سيما اذا كان عروض الاحتمال موجبا للاجمال فوجب التماس دليل آخر وحجة اخرى مع ان المرجح موجود اذ لو فرض تساوي مريم والزهراء عليها السلام في الطهارة والعصمة مع التفاوت الفاحش الذي يظهر من الآيتين لذي العينين من التأكيد البالغ في آية التطهير بالتصريح باذهاب الرجس على جهة الاطلاق والطهارة وتأكيدها بخلاف الآية الاخرى نقول هب انهما تساويا في اصل الطهارة والعصمة ولكن مريم عليها السلام فاقدة شرف الانتساب الى رسول الله صلى الله عليه وآله خير البرية والسلطان المطلق على جميع الخليقة فقد جمعت الزهراء سلام الله على ابيها وبعلها وبنيها وعليها الشرفين الشرف الذاتي في العصمة والطهارة والشرف الذاتي في النسبة الحقيقية الى سيد الخلايق صلى الله عليه وآله وحاشا الله سبحانه ان يساوي ذي الشرفين مع ذي الشرف الواحد فضلا عن ان يفضله عليه والا لكان فاعلا للمرجوح وقادما على فعل القبيح تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فوجب تخصيص آية مريم بنساء زمانها لا مطلقا فتبقى آية الزهراء سلام الله عليها على عمومها بعد ثبوت طهارتها على ان الزمخشري روي في الكشاف عن النبي صلى الله عليه وآله ( آله انه خ‌ل ) قال لمريم انها سيدة نساء بني ‌اسرائيل خاصة وقد ذكر ايضا فيه في قوله تعالى واصطفيك على نساء العالمين اي اختارك بولادة عيسى من غير اب على جميع نساء العالمين اذ لم يتفق لاحد سواها ولا ريب ان هذا لا يدل على الفضل في مطلق الكمال فوجب التخصيص لهذا المرجح القوي فان قلت فعلى هذا تكون نساء النبي صلى الله عليه وآله افضل من جميع النساء حتى مريم قلت ان ثبتت عصمتهن وطهارتهن من الذنوب بنص من الله سبحانه او من النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيه او باجماع من الامة او بدلالة عقل قاطع تعرف العقول عدله قلنا ( قلنا به خ‌ل ) لانه سبحانه شرط العصمة في قوله تعالى ان اتقيتن واللازم باطل فالملزوم ( والملزوم خ‌ل ) مثله والملازمة ظاهرة واما فاطمة عليها السلام فقد ثبتت عصمتها وطهارتها بنص من القرآن واجماع من الشيعة لا سيما الامامية الفرقة المحقة فثبتت فضيلتها على من عداها من نساء العالمين وذلك بحمد الله واضح واما قول جنابك ومنهم من يفضل عايشة فاعلم انه كان كذلك بالنسبة الى ساير النساء دون الزهراء عليها السلام لولا عدم اتقائها لله ومخالفتها لرسول الله صلى الله عليه وآله لانها كانت تدخل في نساء النبي صلى الله عليه وآله لكنها فقدت الشرط وخالفت الله ورسوله صلى الله عليه وآله بعدم قرارها في بيتها وخروجها لحرب امير المؤمنين عليه السلام الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيه في الحديث المتفق عليه يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي والحق مع عليّ وعليّ مع الحق يدور معه حيثما دار وايقاعها الفتنة بين المسلمين وشقها عصى الدين واذا انتفى الشرط ينتفي المشروط فاين الفضل حتى تكون افضل من الزهراء عليها السلام وذلك معلوم واضح ولا يحتاج الى بسط المقال وتكثير القيل والقال واما فضلها عليها السلام على الانبياء عليهم السلام فاعلم ان الله سبحانه وتعالى قال ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابرهيم وآل عمران على العالمين فنص سبحانه على اصطفاء هؤلاء الانبياء وآلهم عليهم السلام على العالمين كافة من الخلائق اجمعين ولما قال سبحانه ان اكرمكم عند الله اتقيكم عرفنا ان الذي ليس بالمتقي من هؤلاء لا كرامة له ولا اصطفاء فدل على ان الغير المتقي من آل ابرهيم وآل عمران ليس بالمصطفى ولا من المكرمين ولما كانت التقوى كلما كانت اقوي واكثر كانت الكرامة اعظم والقرب اشد كما قال تعالى فضل الله المجاهدين باموالهم وانفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ولما كان آل ابرهيم يدخل فيه محمد وآله صلى الله عليه وآله لان ارادة الاولاد من الآل هو القدر المتيقن وان وقع الخلاف في غيرهم من الاقارب والانساب وليس في الآية تقييد وتخصيص للآل بالرجال دون النساء حتى يختص بالاصطفاء الرجال دونهن فيجب الحمل على العموم كما هو شأن حمل اللفظ على حقيقته الا ان يدل دليل قاطع على عدمها فدلت الآية الشريفة على ان آل ابرهيم كائنا من كان ممن صدق عليهم الاسم مطلقا من الرجال والنساء كلها قد اصطفاهم الله سبحانه على كل الخلق بشرط التقوى والطهارة كما شرط سبحانه في الآية الاخرى المتقدم ذكرها ولما ان ( كانت خ‌ل ) موليتنا وسيدتنا فاطمة الزهراء على ابيها وبعلها وبنيها وعليها آلاف التحية والثناء من اهل البيت الذين قد شهد الله سبحانه لهم بالطهارة وبذهاب الرجس مطلقا كانت في اعلى مراتب التقوى من العصمة والطهارة فساوت غيرها ممن ( في من خ‌ل ) هو في رتبتها لو فرض تساوي عصمتها مع عصمتهم فكانت لها الاصطفاء على كافة الخلق ولما دلت الادلة القطعية ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله افضل الخلق واشرف الانبياء عليهم السلام وكانت الزهراء سلام الله عليها لها النسبة الحقيقية الذاتية معه صلى الله عليه وآله بما لم يتفق شرافة تلك النسبة لغيرها من ( في خ‌ل ) جميع الخلق لكونها بنته وجزئه ولطيفة سره والظاهرة على شاكلته فقد جمعت عليها السلام الشرفين والفخرين والمجدين بخلاف ساير الانبياء عليهم السلام فان لهم شرف العصمة لا غير وفضل ذي الشرفين على ذي الشرف الواحد من الضروريات ان فرض التساوي في ذلك الشرف فظهر بالدليل القاطع فضل سيدتنا الزهراء سلام الله عليها على كافة الانبياء عليهم السلام ما عدا نبينا صلى الله عليه وآله فانها به شرفت وبالانتساب اليه فضلت وافتخرت صلوات الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها

فان قلت ان الانبياء يساوون الزهراء عليها السلام في العصمة والطهارة ولكن لهم الترجيح لكونهم الرجال والرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا والرجل خير من المرأة ضرورة فان كانت الزهراء سلام الله عليها لها شرف الانتساب وهي نسبة عرضية فان الانبياء عليهم السلام لهم الشرافة الذاتية وهي الرجولية واين الرجل من المرأة وليس الذكر كالانثى فتعارض المرجحان والترجيح للفضل الذاتي الا ترى ان نصيب المرأة في الارث نصف نصيب ( ارث خ‌ل ) الرجل وشهادتها نصف شهادته ولا تقبل شهادتها في كثير من المواضع ولا ولاية لها على احد بخلاف الرجل فلا يعارض محض النسبة لهذه المرجحات الوجودية والذاتية الحقيقية قلت في الجواب دقائق واشارات وحقائق وتلويحات لا يسعني الآن شرحها وبيانها الا اني اذكر الظواهر المحسوسة المعلومة بالضرورة المبتنية على تلك الحقائق فنذكر ما ظهر ونترك ما بطن وستر من العلل الحقيقية والاسرار الالهية فنقول لا شك ولا ريب في ان الله سبحانه ناط الكرامة والفضل بالتقوى والطهارة والعلم والمعرفة لا بالذكورة والانوثة ( بالذكورية والانوثية خ‌ل ) ولذا ترى المرأة الصالحة المؤمنة اشرف من الرجل الطالح الفاجر وهكذا كل ما كانت المرأة اقرب الى الطهارة والتقوى والعلم كانت اشرف من غيرها ممن لم يكن مثلها من الرجال والنساء واذا فقد الرجل التقوى لا ولاية له ولا كرامة الا ترى ان المرأة قد تملك الرجل بملك اليمين والرجل اذا فسق لم تقبل شهادته مطلقا ولا له الولاية عند ثبوت الخيانة وبالجملة فالمزية حاصلة للرجل مع التقوى ( التقوى واما بدونها فلا فاذا تساوت المرأة والرجل في جهات العلم والتقوى خ‌ل ) فالفضل ( والفضل خ‌ل ) للرجال واما اذا رجحت المرأة في الفضل والعلم والتقوى فلها الفضل ففضل الرجل على المرأة منوط بشرطين احدهما مساواته معها في التقوى والعلم وثانيهما تساويه معها في الدرجة واما اذا كانت المرأة اعلى من الرجال بدرجة في السلسلة الطولية او العرضية في مقام الترتيب بان تكون المرأة في مقام المنير والرجل في مقام الشعاع فلا ريب ان الفضل للمرأة ضرورة عدم تساوي الشعاع مع المنير في حال من الاحوال فاذا ثبت ذلك فنقول ان الزهراء سلام الله عليها قد ثبتت عصمتها وطهارتها بنص من الله في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فشهد الله سبحانه لها بالعصمة بما لا مزيد عليه لانه تعالى اذهب عنها الرجس الاقذار الظاهرية والباطنية من المعاصي والسيئات الظاهرة والباطنة والصغيرة والكبيرة حتى من حديث النفس بما لا يريد الله سبحانه واخطار ما يكرهه الله سبحانه بالبال وبالجملة فهي مطهرة طهارة حقيقة عن كل نقص وعيب على جهة الاطلاق اذ كلما تفرضه فهو داخل في الرجس وهم قد طهروا عنه واما ساير الانبياء عليهم السلام فليس في القرآن ما يدل على عصمتهم وطهارتهم على هذا النحو الذي ذكره سبحانه لاهل البيت عليهم السلام واما اهل السنة والجماعة فلا يثبتون للانبياء عصمة اصلا ولا يسعهم دفع هذه الآية الشريفة لانها صريحة في المراد وهي من القرآن الذي انكاره كفر بالاجماع من المسلمين فشتان بين ما هو معصوم في اعلى مقامات الطهارة والعصمة وبين ما يزعمون عدم عصمتهم بالمرة فهل يساوي في الفضل عند هذا القائل والله سبحانه جعل مناط الكرامة والفضل التقوى والطهارة فاهل السنة على ما يعتقدون في الانبياء ويعتقدون في القرآن من كفر منكره لا يسعهم يعتقدون تساوي الانبياء مع الزهراء عليها السلام فضلا عن ان يفضلوهم عليها فانها والله جرأة عظيمة وجسارة عاقبتها وخيمة ويجب ان تكون الزهراء عليها السلام عندهم افضل من كل المخلوقات ما عدا ابيها للاجماع على انه سيد البرية واما الامامية فهم وان كانوا يثبتون العصمة للانبياء ولكنهم لا يساوونهم في العصمة والطهارة مع اهل البيت عليهم السلام ولا يخالفون ما نص عليه الله سبحانه في كتابه العزيز الحميد في حق اهل البيت ولم يذكر ذلك في حق احد من الانبياء عليهم السلام بل ذكر سبحانه لحكم ومصالح في حق الانبياء عليهم السلام ما اورثت الشبهة لاهل السنة والجماعة في عصمتهم كما يظهر لك من تتبع الآيات ومواقع النص من الروايات فلم‌ تتساوي عصمة الانبياء عليهم السلام مع عصمة الزهراء عليها السلام فكان لها الشرف الرايق والفضل الفائق على الانبياء لولا شرافة الانتساب وكونها من الدوحة الاحمدية والبضعة المحمدية وكيف وقد قارن فضلها فضلا وشرفها شرفا فقد جمعت المفاخر والمزايا في الذاتية والنسبية بالنسبة الى ابيها سيد الخلايق اجمعين والى بعلها نفس النبي صلى الله عليه وآله والى ولديها سيدي شباب اهل الجنة وكلما في الجنة شبان فمن مثلها سوي ابيها وبعلها وبنيها صلى الله عليهم اجمعين وبما ذكرنا تبين لك ان لها الفضل على جميع الانبياء بنص القرآن والاجماع على عدم مساواة الانبياء لمدلول النص المذكور في القرآن في عصمة وطهارة اهل البيت الذين منهم موليتنا ( الانبياء عليهم السلام مع اهل البيت الذين نص القرآن على عصمتهم وكذلك خ‌ل ) الزهراء عليها السلام بالاجماع من المسلمين فافهم واغتنم وكن من الشاكرين

واما عدم مساواة الانبياء عليهم السلام لهم معها في الرتبة وان مقامها مقام المنير ومقامهم مقام الشعاع فلنا في ذلك ادلة واضحة وبراهين قاطعة من الكتاب والسنة والعقل المستنير بنور الله لا يسعنا الآن بيانه لتبلبل البال وعدم الاقبال وفي ما ذكرنا دلالة واضحة لفضلها عليها على كافة الخلق ما عدا ما استثنى لمن نظر وانصف وابصر ( ابصر وانصف خ‌ل )

قال سلمه الله تعالى : سؤال - هل انصار القائم عليه السلام افضل ام انصار الحسين عليه السلام لما تقدم فيهم ( لهم خ‌ل ) من النص ( الفضل خ‌ل ) لا يسبقهم بالفضل من كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم وكذلك نقول سلمان وابو ذر والمقداد وعمار وهم الذين صدقوا في نصرة مولينا امير المؤمنين عليه السلام اهم افضل ام انصار مولانا الحسين عليه السلام الذين سفكت دماؤهم نرجو من ملاذنا ومرشدنا ومنقذنا ( وسيدنا ومقدمنا خ‌ل ) بيان ذلك وايضاحه وان كان على سبيل الاختصار لما انتم فيه من الحل والارتحال وحضور السفر وتشويش البال متعنا الله بدوام سلامتكم

اقول الذي دل عليه العقل القويم والفكر الصائب المستقيم ونص الكتاب الكريم وسنة النبي الرؤف الرحيم واوليائه وخلفائه اولي التبجيل و التعظيم ان المدار في الفضل ليس هو الكون الوجودي من حيث هو في العالم الروحاني والجسماني في كل مرتبة من السلسلة العرضية لان الشيء من حيث هو حجاب ومعاكس للغاية التي خلق لاجلها فان شرف الاشياء ( الشيء خ‌ل ) لغاياتها لا لانفسها ولما دل الدليل العقلي والنقلي ان الغاية لايجاد العالم هي المعرفة والعبادة كما افصح عنها قوله تعالى في الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وفي القرآن الكريم وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالخالي عن ( من خ‌ل ) المعرفة والعبادة لا خير فيه ولا فضل قطعا وهو قوله تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقيكم فحصر سبحانه الكرامة والفضيلة في التقوى لا غير وهي قسمان علم وعمل اي عبادة قلبية وروحانية وعبادة جسمية شهودية جوارحية فالعمل القلبي يسمى علما وهو عمل والعمل الجسمي يسمى عملا وهو علم والعلم والعمل لا ينفكان في كل مقام الا ان الاعلى اذا نسبته الى الاسفل بالنسبة الى شخص واحد تسمي الاعلى علما والاسفل عملا والا فما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولا ريب ان قوام الجسم والجسد بالقلب والروح فلولاهما لما كانا ولما تحققا فكذلك قوام عمل الجسم والجسد بعمل الروح والقلب ولذا ورد انه لا عمل الا بنية وانما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ولا ريب ان النيات تختلف قوة وضعفا وثباتا وتزلزلا وطمأنينة واضطرابا بالعلم والمعرفة فكل قوي العلم وافر المعرفة قوي النية وكل قليل العلم ضعيف المعرفة ضعيف النية والاعمال تختلف بالنيات وهي ( فهي خ‌ل ) تختلف بالمعرفة فعمل الجوارح بلا عمل القلب جسم بلا روح ولذا قالوا ان العلم روح العمل فالنسبة بينهما نسبة الروح والجسد فان اقترن العلم الكامل بالعمل فذلك هو الفضل الباذخ والشرف الشامخ واذا نقص احدهما فالفضل لقوي العلم وان كان ضعيف العمل ولذا ترى ان العلم اي المعرفة والتصديق يوصل صاحبه الى النجاة بخلاف العمل الخالي من ( عن خ‌ل ) العلم فان كثرة هذا العمل لا تزداد لصاحبه الا بعدا وهلاكا ووبارا وهو قوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وقوله تعالى ولا يملكون الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون وقوله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والايمان لا يكون الا بالعلم ( بالعمل خ‌ل ) والمعرفة ولذا ترى الخلل في العمل يتداركه العلم والخلل في العلم لا يتداركه العمل ويردي صاحبه ويدخله اسفل درك من الجحيم فاصلاح الباطن والعلم اكمل من اصلاح الظاهر والعمل ونوم العالم افضل من عبادة العابد وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على ساير النجوم والنظر في ( الى خ‌ل ) وجه العالم افضل من ثواب ختم القرآن اثني‌ عشر الف مرة وعبادة الف ليلة ولا ريب ان العابد لا يكون كذلك الا اذا اتى بالعبادة الصحيحة على وجه التقليد او الاجتهاد والا لم يكن عابدا لبطلان عبادته وفسادها فظهر ان العلم الذي هو الكمال هو الاعتقاد الصحيح والترقي في درجات اليقين وصحة الاعتقاد في الاولياء والخلفاء والنقباء والنجباء فجهاد الباطن الذي هو جهاد النفس اعلى وافضل من جهاد الكفار ولذا سماه رسول الله صلى الله عليه وآله الجهاد الاكبر وجهاد الكفار الجهاد الاصغر وكم من مجاهد وهو في بيته اعلى وافضل من المجاهد في المعركة مع النبي المرسل والامام العادل اماسمعت حال المجاهدين الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله في غزواته كلها او جلها وقد نصحوا في الجهاد والبراز منهم طلحة والزبير بن العوام وسعد بن وقاص وفلان وفلان وفلان والمجاهدين الذين مع امير المؤمنين عليه السلام في وقعة الجمل وصفين والنهروان واكثرهم هم الذين قاتلوا الحسين عليه السلام الى ان قتلوه وخادعوا الحسن عليه السلام الى ان خذلوه وكذلك المجاهدين ( المجاهدون خ‌ل ) الذين ( الذين كانوا خ‌ل ) مع ساير الانبياء عليهم السلام مثل موسى بن عمران على نبينا وعليه الصلوة والسلام فان المقاتلين المجاهدين بين يديه اكثرهم هم الذين اتوا بصفوراء زوجة موسى وحاربوا وصيه يوشع بن نون وبالجملة فليس المدار في فضل الجهاد الظاهري وانما المدار العلم والمعرفة مع التصديق باولياء الله وموالاتهم ومعاداة اعداء الله وبهذا القسم الاخير اي القيد الاخير يتميز العلم النافع من العلم الضار فان العلم قد يكون وبالا على صاحبه وسببا لدخول النار وهو العلم الخالي من التصديق وموالاة اولياء الله ومعاداة اعداء الله واليه يشير قول الشاعر :

لو كان في العلم من غير التقى شرف الكان اشرف كل الناس ابليس

وقد نص عليه سبحانه بقوله الحق يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها واكثرهم الكافرون وقوله سبحانه وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا وقوله تعالى يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون وقوله تعالى واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم وامثالها من الآيات وهي صريحة الدلالة ظاهرة المقالة على ان العلم الخالي من التصديق هو العلم الذي يردى صاحبه ويهلك حامله ولا يتم العلم ( العمل خ‌ل ) الا بالتصديق وهو قوله عليه السلام انكم لن‌ تؤمنوا حتى تعرفوا ولن ‌تعرفوا حتى تصدقوا ولن ‌تصدقوا حتى تسلموا ابوابا اربعة لا يصلح ( لا يتم خ‌ل ) آخرها الا باولها ضل اصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا فالمعرفة لا تكون الا بهذه الاركان الاربعة فاذا اخل بركن منها فسدت معرفته ولم يأت بالذي خلق لاجله ابتداء ولذا ان بلعم بن باعور لما لم يصدق موسى على نبينا وآله وعليه السلام مع علمه بنبوته اهلكه الله تعالى ولم ينفعه علمه وهو قوله تعالى واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها حيث انسلخ عن التصديق والتسليم ( التسليم والتصديق خ‌ل ) واما العارف الجامع للاركان الاربعة اي الايمان والمعرفة والتصديق والتسليم بالحدود السبعة وهي معرفة التوحيد ومعرفة المعاني والابواب والامامة والاركان والنقباء والنجباء فهم السالمون الفائزون الذين لا يضرهم شيء من المضار الا ما يخرجه من تلك الحدود والاركان فيخرج عن ( من خ‌ل ) محل البحث فمداد هذا العالم خير من دماء الشهداء لانه حافظ للقلوب والارواح والنفوس والمجاهدون بالجهاد الظاهري حافظون للابدان والاشباح والاجساد واين الثريا من الثرى بل المؤمن الذي هذا شأنه هو المجاهد وهو الشهيد وهو المحامي وهو العلوي وهو الهاشمي وهو المهاجري والانصاري لان هؤلاء منطو على سرائرهم كل خير ولم يمنعهم ادراكه الا عدم ادراك زمانه و بذلك يخلدون الجنة ابد الآبدين فهم في كل حال لهم تلك الدرجة التي تمنوها بقوة علمهم ولم ينالوها بظاهر اجسامهم الا ترى الى قوله عليه السلام في زيارة اول يوم من رجب والنصف من شعبان لبيك يا داعي الله ان كان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك فقد اجابك قلبي وسمعي وبصري الزيارة فلهم بكل ( في كل خ‌ل ) تمني مقام من تلك المقامات ثوابهم اذ لم يمنعهم فعلهم الا عدم اللحوق ولذا قال الرضا عليه السلام لابن ‌شبيب ان اردت ان تكون معهم في درجاتهم فقل متى ما ذكرتهم يا ليتني كنت معكم ( معهم خ‌ل ) فافوز فوزا عظيما وقال سبحانه في الحديث القدسي لموسى عليه السلام في وصف عاشورا الى ان قال تعالى فمن بكى في ذلك اليوم كان له اجر مأة شهيد لان الشهداء رضي الله عنهم قد تقطعت اجسادهم وفازوا بالدرجات العلى واستراحوا عن هذه الدنيا ومقاساة الاعداء وهؤلاء العارفون الكاملون المنقطعة ايديهم عن اخذ الثار المبتلون بمشاهدة رياسة الاغيار قد تقطعت قلوبهم وانخلعت افئدتهم وعقولهم وادركتهم الهضيمة وذابت قلوبهم كما يذوب الملح في الماء وهذه شهادة ما ورائها شهادة وسعادة لا تضاهيها سعادة وفضل هؤلاء العارفون الكاملون على اولئك الشهداء كفضل الروح على الجسم ولو ساووا ( فهم ساروا خ‌ل ) في مقام الفضل اي درجة العلم كان ( فكان خ‌ل ) هؤلاء اعلى منهم لان لهم في كل آن شهادة بخلاف اولئك الاطهار فانهم قتلوا مرة واحدة وعانقوا الحورالعين ولذا ورد في الحديث ان المؤمن شهيد ولو مات حتف انفه واستشهد بقوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم الصديقون والشهداء الآية وروي في العلل عن جعفر بن محمد بن عمارة عن ابيه قال سمعت الصادق عليه السلام يقول المؤمن علوي لانه على في المعرفة المؤمن هاشمي لانه هشم الضلالة والمؤمن قرشي لانه اقر بالشيء المأخوذ والمؤمن عجمي لانه استعجم عليه ابواب الشر والمؤمن عربي لان نبيه عربي فكتابه المنزل بلسان عربي مبين والمؤمن نبطي لانه استنبط العلم والمؤمن مهاجري لانه هجر السيئات والمؤمن انصاري لانه نصر الله ورسوله واهل بيت رسوله صلى الله عليه وآله وعليهم والمؤمن مجاهد لانه يجاهد اعداء الله تعالى في دولة الباطل بالتقية وفي دولة الحق بالسيف ه‍ وبالجملة فالمؤمن العارف المصدق المسلم قد احاط بجوامع الخيرات ومعالي الكمالات كلها فلا يعارضه شيء من الاعمال البدنية كالجهاد بشرايطه والصلوة بحدودها والزكوة بنصابها وساير الاعمال بوظايفها وكذلك السيادة الظاهرية في النسب الظاهري اذا خلت من العلوم الحقيقية ولذا قال تعالى يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح نعم تنفع وتوجب الفضيلة اذا كانت مقرونة بالعلم الكامل والمعرفة التامة على ما وصفت لك فاذا تبين لك مدار الفضيلة ومناطها فلا كلام في خصوص الاشخاص وان صدقوا في النصيحة لاولياء الله فان هذا الصدق يختلف ويقوى ويضعف باختلاف العلم الذي هو المناط في كل خير فلا تغرنك النسب العرضية والاعمال البدنية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا فاطمة لا يغرنك قول الناس انك ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله والله لو عصيت لهويت فاصحاب الحسين عليه السلام اما عليّ بن الحسين عليه السلام الاكبر الشهيد روحي له الفداء فقد ورد فيه ما لا يبلغه احد وان عظمت مناقبه وجلت فضائله وهو قول ابيه عليه السلام لما برز الى الحرب اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز اليهم غلام اشبه الخلق خلقا وخلقا ومنطقا برسولك صلى الله عليه وآله والفضل كله ( كل الفضل خ‌ل ) في قوله عليه السلام خلقا بضم الخاء فان الله سبحانه وصف نبيه صلى الله عليه وآله في ذلك فقال وانك لعلى خلق عظيم ويدخل في الخلق العلم البالغ الكامل والملكات الالهية النفسانية والمقامات العلية والدرجات السنية وقد كان بذلك مثال اسماعيل الذبيح عليه السلام في هذه الامة لما قال له ابوه يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين وكذلك سيدنا الحسين عليه السلام لما ذكر لولده هذا ما رأى في المنام من قتل اصحابه وشهادتهم فقال يا ابه السنا على الحق قال عليه السلام بلى يا بني انا على الحق قال عليه السلام اذن لا نبالي بالموت والاستفهام ليس للجهل والشك بالواقع بل لما يرتب عليه من قوله لا نبالي بالموت اذا كنا على الحق ومآلنا الى الخير وذلك يدل على كمال المقام في العلم والمعرفة وبالجملة فلولا دليل خارجي يدل على افضلية احد عليه كما دل في الائمة والانبياء عليهم السلام لم يسبقه في الفضل احد ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واما سيدنا العباس رضي الله عنه فقد سمعت من شيخي العلامة اعلى الله في الدارين مقامه ورفع فيهما اعلامه انه قد وقف على رواية تدل على علمه الفائق وفضله الرائق وهو اعلى الله مقامه وشيد اركانه ثقة في ما يقول ويسند وعليه الاعتماد واما غيرهما من الاصحاب فلم ‌اقف على شيء يدل على اطلاعهم على علوم الاسرار وحقائق الانوار ومراتب التوحيد ومقامات التفريد والتجريد التي بها مناط الافضلية والاكرمية واما قول امير المؤمنين عليه السلام فيهم لم يسبقهم احد ممن كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم وقول مولينا الحسين عليه السلام اني لم ‌ار اصحابا خيرا من اصحابي ولا اهل بيت ابر ولا اوصل من اهل بيتي فالمراد السبق في مقام الجهاد لا في كل المقامات فان قرينة المقام ظاهرة الدلالة واضحة المقالة على ذلك بل جميع ما يترتب على اصحاب سيدنا الحسين عليه السلام في السابقية والفضيلة كل ذلك لاجل مقامهم وعلو مرتبتهم في الجهاد كما هو الظاهر لمن يعرف لحن المقال ويشاهد حقيقة الحال وهم رضوان الله عليهم قد سبقوا في الجهاد كل مجاهد لانهم اقدموا على الموت وعلى القتل بعد علمهم بذلك ويقينهم عليه وعدم احتمالهم النجاة باخبار الامام عليه السلام وما تبين لهم من القراين الخارجة من كثرة عدد المخالفين وقلتهم وعدم ناصر ومعين لهم وشدة عطشهم وظمائهم ولم يكن ذلك الا لكمال الرسوخ في الايمان وثبات في الدين بحقيقة الايقان بخلاف ساير المجاهدين قاطبة من مبدء الوجود الى آخر مراتب الشهود فانه لم يتفق لاحد من المجاهدين ان يقدم على الجهاد مع العلم بعدم الظفر والقتل كل ذلك امتثالا لامر الله وثباتا في دين الله واعلاء لكلمة الله وما روي ان امير المؤمنين عليه السلام في وقعة صفين طلب مأة شخص يبايعونه على الموت منهم اويس القرني (ره) لا ينافي ذلك لان هذه بيعة وقعت في الاثناء وما انعقد الجهاد على ذلك بل انما ( ربما خ‌ل ) انعقد على الفتح والظفر وان المؤمنين عليه السلام يقتل القاسطين بخلاف جهاد اصحاب الحسين عليه السلام فانه انما انعقد على الموت والقتل والشهادة والكل منهم اقدم على ازهاق نفسه واهلاك روحه بين يدي سيد الشهداء ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله و( وفي خ‌ل ) هذا المعنى لم يسبقهم من كان قبلهم ولم يلحقهم من كان بعدهم وهم في هذا المقام خير الاصحاب وخير كل اهل بيت اذ لم يتفق لاحد سواهم ذلك ولو اتفق فرضا فهم اصله واساسه والفرع لا يلحق الاصل والتفصيل لا يلحق الاجمال واما ( اما في خ‌ل ) باقي الكمالات وساير الدرجات لا يلزم ذلك وظاهر اللفظ وان كان فيه شمول ولكن الادلة القطعية المأخوذة من الاصول الحقيقية وظاهر المقام وحال اولئك ( هؤلاء خ‌ل ) الاعلام يشهد على التخصيص بمقام الشهادة والجهاد الذي نالوا به منتهى السعادة وثباتهم ووفائهم رضوان الله عليهم وان كان يشهد على علو مقامهم في العلم الا انه علم خاص في جهة خاصة في مقام الظاهر الذي يجب ان يكون كل مؤمن عليه والذي قصر عنه فهو قاصر في ايمانه الظاهري واما العلوم الحقيقية والاسرار الالهية التي بها تتفاضل العلماء واصحاب الدرجات فاعلى من ذلك واعلى واعلى وهذا ان شاء الله تعالى ظاهر لمن القى السمع وهو شهيد وخرج عن مقام التقليد ومااستبعد ما دل عليه العقل السديد فمن كان من اهل العلوم الحقيقية و الاسرار الربانية ( الالهية خ‌ل ) وذكر الحسين عليه السلام وبكى عليه كان له اجر مأة شهيد فافهم وفقك الله

واما انصار القائم عجل الله فرجه وروحي له الفداء فهؤلاء على ثلاث طبقات ودرجات الطبقة الاولى الذين ينصرونه عليه السلام في غيبته ويعلون كلمته وهم على قسمين احدهما ( الاول خ‌ل ) اناس ينصرونه بتعليم رعيته الاحكام وحدود الحلال والحرام وهم العلماء الابرار والمجتهدون الاخيار الذين بذلوا جهدهم في نصرة امامهم وسيدهم في استنباط احكامه من حلاله وحرامه وايصالها الى الضعفة من شيعتهم والمنقطعين من رعيته وثانيهما علماء حكماء حلماء اصحاب الصدق والوفا سلكوا سبيله ونهجوا منهجه فهجم ( فتهجم خ‌ل ) بهم العلم على حقيقة الايمان ووصلوا الى حقيقة الايقان وعرفوا مفصولهم وموصولهم ( موصولهم ومفصولهم خ‌ل ) وما يؤل اليه ( اليهم خ‌ل ) امورهم بلغوا في المعرفة غايتها من الحدود السبعة والاركان الاربعة واعطوا نور التوسم ومعرفة الاشياء كما هي وهؤلاء الابرار الاخيار ينصرونه عليه السلام بحفظ قلوب شيعته وعدم تمكن ابليس من الاستيلاء عليها بجنوده بسطوته هم الواقفون على الثغور التي ( الثغر الذي خ‌ل ) يلي ابليس وجنوده على ضعفاء القلوب والمستضعفين وهم يردون عنهم ويخرجونهم عن مقام التشكيك ويوصلونهم الى مقام اليقين والتحقيق وهم الذين قال عليه السلام فيهم ان لنا في كل خلف عدولا ينفون عن ديننا تحريف الغالين وانتحال المبطلين والطبقة الثانية انصاره روحي له الفداء وعجل الله فرجه الذين معه في غيبته ويصلون الى خدمته وهؤلاء قسمان احدهما النقباء وهم ثلثون نفسا عدة ميقات موسى وقوي لام التعريف وهم الابدال الذين لا يزالون معه واذا مات واحد منهم ابدل بآخر ولا ينقص هذا العدد بحال من الاحوال وهؤلاء يسيرون في البلدان وبهم تحفظ الاعيان والاكوان وثانيهما الاركان وهم اربعة اشخاص عيسى على نبينا وآله وعليه السلام وادريس والياس وخضر عليهم السلام وهؤلاء الاركان لا يتغيرون ولا يختلفون ولا يزيدون ولا ينقصون بهم نظام الوجود ومنهم يفاض على الثلثين من الفيوضات التي لهم ولغيرهم يوصلونها الى محاله ومواقعه والطبقة الثالثة انصاره عليه السلام الذين يظهرون مع ظهوره وهم تمام العدة ثلثمأة وثلاثة ‌عشر وهؤلاء على قسمين قسم هم النقباء الاثني‌ عشر وهم الذين يثبتون عند سماع تلك الكلمة التي يقولها القائم عليه السلام بعد ان يحضرهم بطي ( لطي خ‌ل ) الارض وحمل السحاب ويريهم خطا بخاتم رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يعرفون انه خاتم الرسول وثانيهما الذين يثبتون ( خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله وقسم هم الذين لا يثبتون خ‌ل ) عند سماعها ويقولون لست انت بصاحبنا ويتفرقون في مشارق الارض ومغاربها ثم لا يجدون لهم ملجأ ولا ملاذا فيرجعون اليه عليه السلام ويسلمون ويصدقون ويسلمون ويرتفعون الى اعلى الدرجات واسنى المقامات فظهر لك مما بينا ان انصاره (ع) لهم حدود ستة قد تشعبت من ثلاثة اما الاولى من الاولى فلا ريب ان اصحاب الحسين عليه السلام افضل منهم واعلى مقاما لانهم حموا ظاهر اعمال شيعته البدنية واصحاب الحسين عليه السلام حموا دينهم وفدوا انفسهم دون صيانة مذهبهم واظهار الصبح الصادق بعد غياب ظلمة ( ظلمات خ‌ل ) الشكوك والشبهات العارضة للقلوب بفعل ذلك الجسم المركوس والخلق المعكوس والرأس المنكوس وهذه نصرة لا يعادلها تلك النصرة ولا يساويها بل لا يدانيها واما العلوم الحقيقية والاسرار الغيبية والانوار الشهودية فهم بمعزل عنها وقد ذكرنا سابقا انها مناط الفضيلة ( الافضلية خ‌ل ) ومدار الكرامة واكتفوا بالعلم الاجمالي والمعرفة التي لا بد منها ولا مناص عنها لمن رام الدخول في حزب المسلمين فلا ريب في فضيلة ( فضل خ‌ل ) انصار الحسين عليه السلام واصحابه الشهداء السعداء واما الاقسام الاخر فهم اصيبوا ما اصيب اصحاب الحسين عليه السلام بالنيات والقلوب والتأسف على فوت تلك المواقف التي حضروا لنصرتهم فهم في كل آن ينالون الشهادة ويفوزون بالسعادة مع ما يرون ويشاهدون في زمان الغيبة ودولة الباطل من الاحكام المبدلة والشريعة المنبوذة والآراء المتبعة ( المتبوعة خ‌ل ) والمفاسد الواقعة والمعاصي الظاهرة والحدود المعطلة واخفاء الحق وانكار فضل آل الله وعدم اعطاء كل ذي حق حقه والظلم البارز والجور الظاهر وتعدي حدود الله والاستهانة باهل الله والاحتقار لكلمة الله وعدم التمكن من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وترأس المتغلبين وصرف مال الله في السفهاء والمستهزئين وامثالها من المناكر المعروفة التي توجب تجرع الغصص ومكابدة الاحزان والاشجان وذوبان القلوب وتقطع الارواح وهي لعمري اذيتها وشدتها اعظم واعظم من تقطع الابدان بمبارزة الشجعان وهي الاذية التي كان يشكو منها رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله (ص) ما اوذي نبي مثل ما اوذيت لان اذية ساير الانبياء (ع) كانت جسدانية واما اذيته صلى الله عليه وآله روحانية وشتان ما بينهما ونسبة اهل الاذيات الروحانية مع اذيات الجسمانية في الفضل مثل نسبة فضل رسول الله صلى الله عليه وآله على ساير الانبياء عليهم السلام واصحاب الحسين عليه السلام وان نالهم بعض تلك الاذيات الروحانية في وقت معاوية الا انهم في مدة ايام قلائل واين تلك من زمان الغيبة الصغرى والكبرى وطول المدة ووقوع الحيرة واستظهار اهل الباطل واختفاء اثر الحق وقلة الناصر وشدة العدو المكاثر اللهم انا نشكو اليك فقد نبينا (ص) وغيبة امامنا وولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا فصل على محمد وآل‌ محمد واعنا على ذلك بفتح منك تعجله وضر تكشفه ونصر تعزه وسلطان حق تظهره ورحمة منك تجللناها وعافية منك تلبسناها برحمتك يا ارحم الراحمين هذا مع ما نال اولئك الاعلام انصار الحجة عليه السلام من العلوم الربانية والاسرار الصمدانية او مجاهدة النفس ما اوجب لهم ظهور امامهم فيهم من الغيبة والتصرف في الوجود من احوال الغيب والشهود وطي الارض والزمان والتصرف في باقي الاكوان والاعيان ومشاهدة الامور الغيبية على العيان واكمال ( اكمل خ‌ل ) الاسفار الاربعة والسير في مقامات الاسماء الحسنى التي بها ظهور الافعال والتأثيرات وساير ما لهم من الحالات اين هذا المقام من مقام غيرهم ممن لم‌ يكن لهم هذه الدرجات والفضيلة كما في رواية ابي‌ خالد على ما رواه في الاحتجاج عن عليّ بن الحسين عليهما السلام الى ان قال عليه السلام ان اهل زمان غيبته ( الغيبة خ‌ل ) القائلين بامامته والمنتظرين لظهوره افضل كل زمان لان الله تعالى اعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف اولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة الى دين الله سرا وجهرا مع ان من انصاره الانبياء الموجودين كعيسى (ع) وغيره ولا شك انهم افضل من كل الرعية اجمعين واما غيرهم فقد استأهلوا لظهور تلك الكلمة التي ماظهرت لاهل هذه الدنيا لعدم استيهالهم لها عليهم فمنهم من عرفوها وحققوها ابتداء ومنهم من رجع اليها انتهاء هم اهل الكلمة العليا والاسماء الحسنى والامثال العليا فلا يقاس بهم احد الا من كان في مقامهم ومرتبتهم والكلام في هذا المقام طويل واللسان لمقاساة محنة اهل هذا الزمان كليل والبدن عليل ولو اذن لنا بالبيان لاطلقنا عنان القلم في هذا الميدان ولا ريت عجايب الامور من اطوار البيان وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية

واما ما سئلت من نسبة سلمان وابي ‌ذر والمقداد وعمار الذين صدقوا في نصرة امير المؤمنين عليه السلام مع انصار القائم عجل الله فرجه

فاعلم ان مدار الفضيلة كما ذكرنا سابقا بعلم المعرفة بحدودها واركانها وهذا المعنى كان في سلمان على الوجه الاتم والنهج الاكمل لا يضاهيه احد من الرعية ويكفيك في هذا ما رواه ثقة الاسلام في جامعة الكافي عن الصادق عليه السلام قال ذكرت التقية يوما عند عليّ بن الحسين عليه السلام فقال لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لقتله لان علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او مؤمن امتحن الله قلبه للايمان وانما قلت علم العلماء لان سلمان من العلماء فجعل عليه السلام علم سلمان علما لا يحتمله الا هؤلاء ولا يكون ذلك الا باختصاصه لانفسهم الشريفة ورفعه الى مقاماتهم المنيفة وفي الاختصاص روى الصدوق (ره) باسناده عن ابن ‌نباته قال سئلت امير المؤمنين عليه السلام عن سلمان الفارسي (ره) وقلت ما تقول فيه فقال ما اقول في رجل خلق من طينتنا وروحه مقرونة بروحنا خصه الله تبارك وتعالى من العلوم باولها وآخرها وظاهرها وباطنها وسرها وعلانيتها ولقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمان بين يديه فدخل اعرابي فنحاه عن مكانه وجلس فيه فغضب النبي صلى الله عليه وآله حتى در العرق بين عينيه واحمرت عيناه ثم قال يا اعرابي اتنحى رجلا يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ويحبه رسول الله صلى الله عليه وآله في الارض يا اعرابي اتنحى رجلا ما حضرني جبرئيل الا امرني عن ربي ان اقرئه السلام يا اعرابي ان سلمان مني من جفاه فقد جفاني ومن آذاه فقد آذاني ومن باعده فقد باعدني ومن قربه فقد قربني يا اعرابي لا تغلظن في سلمان فان الله تبارك وتعالى امرني ان اطلعه على علم المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب فقال الاعرابي يا رسول الله ماظننت ان يبلغ فضل سلمان ما ذكرت اليس كان مجوسيا ثم اسلم ( فاسلم خ‌ل ) فقال النبي صلى الله عليه وآله يا اعرابي اخاطبك عن ربي وتقاولني ان سلمان كان مجوسيا ولكنه كان مظهرا للشرك ومبطنا للايمان يا اعرابي اما سمعت الله عز وجل يقول فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدون في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما اما سمعت الله عز وجل يقول ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا يا اعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذبين وسلم لرسول الله صلى الله عليه وآله تكن من الآمنين وفيه ايضا بسنده الى محمد بن مسلم عن ابي ‌جعفر الباقر عليه السلام قال سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول سئلت رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلمان فقال سلمان بحر العلم لا يقدر على نزحه سلمان مخصوص بالعلم الاول والآخر ابغض الله من ابغض سلمان واحب من احبه الحديث وفيه ايضا بلغنا ان سلمان الفارسي (ره) دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فعظموه وقدموه وصدروه اجلالا لحقه واعظاما لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله فدخل عمر فنظر اليه وقال من هذا العجمي المتصدر في ما بين العرب فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر وخطب فقال صلى الله عليه وآله ان الناس من يومنا هذا مثل اسنان المشط لا فضل للعربي على العجمي ولا للاحمر على الاسود الا بالتقوى سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد سلمان منا اهل البيت سلسل عين الحكمة ويؤتى البرهان وفي تفسير عليّ بن ابرهيم جرى ذكر سلمان وذكر جعفر الطيار بين يدي جعفر بن محمد عليهما السلام وهو متك ففضل بعض جعفرا عليه وهناك ابو بصير فقال بعضهم ان سلمان كان مجوسيا ثم اسلم فاستوى ابو عبد الله جالسا مغضبا وقال يا ابا بصير جعله الله عربيا بعد ان كان مجوسيا وقرشيا بعد ان كان فارسيا فصلوات الله على سلمان وان لجعفر شأنا عند الله يطير مع الملئكة في الجنة ومن رجال الكشي باسناده عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال كان والله عليّ عليه السلام محدثا وكان سلمان محدثا قلت اشرح لي قال يبعث الله اليه ملكا ينقر في اذنيه يقول كيت وكيت ومنه باسناده عن الفضيل بن يسار عن ابي ‌جعفر عليه السلام قال لي تروي ما يروي الناس ان عليّا عليه السلام قال في سلمان انه ادرك علم الاول والآخر قلت نعم قال فهل تدري ما عني قلت يعني علم بني ‌اسرائيل وعلم النبي صلى الله عليه وآله قال فقال ليس هكذا ولكن علم النبي وعلم عليّ وامر النبي وامر عليّ صلوات الله عليهما ومنه باسناده عن الحسن بن منصور قال قلت للصادق عليه السلام اكان سلمان محدثا قال نعم قلت من يحدثه قال ملك كريم قلت فاذا كان سلمان هكذا فصاحبه اي شيء هو قال اقبل على شأنك ومن مناقب ابن ‌شهر اشوب كتب رسول الله صلى الله عليه وآله عهدا بحي سلمان بكازرون هذا كتاب من محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله سئله الفارسي سلمان وصيته لاخيه مهاد بن فروخ بن مهيار واقاربه واهل بيته وعقبه من بعده ما تناسلوا من اسلم منهم واقام على دينه سلام الله احمد الله اليكم ان الله تعالى امرني ان اقول لا اله الا الله وامر الناس بها والامر كله لله خلقهم واماتهم وهو ينشرهم واليه المصير ثم ذكر فيه من احترام سلمان الى ان قال وقد رفعت عنهم جز الناصية والجزية والخمس والعشر وساير المؤن والكلف فان سئلوكم فاعطوهم وان استغاثوا بكم فاغيثوهم وان استجاروا بكم فاجيروهم وان اساؤا فاغفروا لهم وان اسيء اليهم فامنعوا عنهم وليعطوا من بيت مال المسلمين في كل سنة مأتي حلة ومن الاواني مأة فقد استحق سلمان (ره) ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم دعا لمن عمل به ودعا على من آذاهم وكتب عليّ بن ابي ‌طالب عليه السلام والكتاب الى اليوم بايديهم انتهى وفي هذا الحديث كرامة ظاهرة لسلمان التي اقتضت سلوك رسول الله صلى الله عليه وآله مع اقاربه الكفار باعظم من سلوكه بالمسلمين فليتفهم متفهم في هذا المعنى ( الحديث خ‌ل ) امر دقيق وفي بصائر الدرجات بالاسناد عن الفضل بن عيسى الهاشمي قال دخلت على ابي‌ عبد الله عليه السلام انا وابي فقال له امن قول رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان رجل منا اهل البيت فقال نعم اي من ولد عبد المطلب فقال منا اهل البيت فقال ( فقال له خ‌ل ) اي من ولد ابيطالب فقال منا اهل البيت فقالوا له اني لا اعرفه فقال فاعرفه يا عيسى فانه منا اهل البيت ثم اومى بيده الى صدره ثم قال ليس حيث تذهب ان الله خلق طينتنا من عليين وخلق طينة شيعتنا من دون ذلك فهم منا فخلق طينة عدونا من سجين وخلق طينة شيعتهم من دون ذلك وهم منهم وسلمان خير من لقمان وفي الرجال الكبير بالاسناد عن جابر عن ابي ‌جعفر عليه السلام قال دخل ابو ذر على سلمان الى ان قال فقال المؤمنين (ع) يا ابا ذر سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان يا ابا ذر ان سلمان باب الله في الارض من عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا وان سلمان منا اهل البيت وذكر فيه خطبة طويلة لسلمان الى ان قال فيها الا يا ايها الناس اسمعوا من حديثي ثم اعقلوه مني فقد اوتيت العلم كثيرا ولو اخبرتكم بكل ما اعلم لقالت طائفة انه لمجنون وقالت طائفة اخرى اللهم اغفر لقاتل سلمان الا ان لكم منايا تتبعها بلايا ثم ذكر كثيرا من الامور المغيبات منها وقعت ومنها تترقب وقوعها وبالجملة لا ينبغي ان يشك في ان سلمان بعد الانبياء (ع) اعلم من كل امة محمد صلى الله عليه وآله في الظاهر والباطن والسر والعلانية ونعم ما قال فضل بن شاذان رحمه الله على ما حكى عنه في الرجال الكبير انه ما نشأ في الاسلام رجل من كافة الناس كان افقه من سلمان الفارسي وهو كما قال رحمه الله فاذا كان كذلك فلا يساويه احد بل ولا يدانيه وقد افصح عن هذه الحقيقة مولانا الصادق عليه السلام حيث قال ان الايمان عشر درجات وسلمان في الدرجة العاشرة وهل ابقى لغيره مقاما فيها وقد احاط بالايمان بجميع درجاته ومقاماته الظاهرة والباطنة والحقيقية والمجازية والجوهرية والعرضية والذاتية والصفتية فاني مثل سلمان وهل قامت النساء عن مثل سلمان لا والله هو افضل من سواه من الرعية واشرف من عداه من الامة لقد عاش اربعمأة سنة صرفها كلها في طاعة الله وطلب العلم والترقي في المقامات والدرجات

واما ما سواه ممن صدقوا في النصيحة لالمؤمنين عليه السلام مثل ابي‌ذر والمقداد وعمار فهؤلاء لم يبلغوا في العلم مبلغا يوجب تلك المرتبة ( المزية خ‌ل ) التامة والفضيلة العامة وما اصيبوا بمثل مصيبة اصحاب الحسين عليه السلام وما نالوا تلك الدرجة قبل اصحاب الحسين عليه السلام في الاسلام اعظم قد اظهروا بشهادتهم الدين وابدلوا الشك باليقين واظهروا عن صريح الحق وازالوا شبهة الباطل واوضحوا الحقيقة وبينوا الدقيقة وثبتوا في الدين بخالص اليقين فاظهر الله سبحانه آثار ثباتهم ووفائهم ليبين الحق ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة فاذا نقصت درجتهم عن اصحاب الحسين عليه السلام فعن انصار القائم عجل الله فرجه من الاقسام الخمسة المذكورة سابقا انقص وانقص ولا تتوهم ان هؤلاء انصار رسول الله صلى الله عليه وآله وانصار المؤمنين عليه السلام وهم افضل من الحسين والقائم عليهما السلام فيكون اتباعهم وانصارهم افضل من انصارهم فان هذا التوهم مغالطة ظاهرة ومكابرة باهرة لان نسبتهم عليهم السلام بالنسبة الى ما ظهروا للخلق واحدة بلا تفاوت كما قالوا كلنا محمد اولنا محمد وآخرنا محمد فلا يتفاضلون بالنسبة الى الخلق نعم لهم تفاضل بالنسبة الى مقاماتهم الذاتية ومراتبهم الحقيقية فاين الخلق من ذلك المقام فانصار كل واحد منهم (ع) انصار للآخر بلا تفاوت والتفاضل الذي يحصل بالنسبة الى انصار كل امام يحصل بالنسبة الى انصار الجميع حرفا بحرف وذلك معلوم لمن تتبع الاخبار وجاس خلال تلك الديار والسلام على من نظر وابصر بعين الاعتبار

فقد فرغ من تسويدها منشيها مع كمال اختلال البال واغتشاش الاحوال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال ومعاناة السفر بالحل والارتحال في حظيرة القدس وماوى الانس حضرة ائمة سامرة عليهم سلام الله ما دامت الارض والسماء في يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني من شهور سنة ست وخمسين ومأتين بعد الالف من الهجرة النبوية حامدا مصليا مستغفرا

المصادر
المحتوى