رسالة في جواب السيد مقيم القزويني

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب السيد مقيم القزويني

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثامن

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين

اما بعد فيقول العبد الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان السيد الجليل والسند النبيل ذا الفضل العظيم والخلق الكريم جناب السيد مقيم ابن السيد القزويني ايده الله لما يحب ويرضى بمحمد وآله امناء الله العليم الحكيم عليهم افضل الصلوات واكمل التحيات من الله الحي القديم قد اتى بمسائل عويصة قد تاهت دونها على سبيل الحقيقة اكثر الافهام وذلك حين مسافرتي الى مشهد مولينا الرضا عليه آلاف التحية والثنا وفي مثل تلك الحال ل ايكون للقلب اقبال لتوارد الاختلال وتبلبله بمعاناة الحل والارتحال ومع ذلك ما وسعني الا اجابته لانه ممن تجب رعايته فاتيت بما يحضرني في الحال مع تبلبل البال واغتشاش الاحوال لان ذلك هو الميسور ولا يسقط بالمعسور والى الله سبحانه ترجع الامور

قال سلمه الله تعالى : التمس منكم مولينا وسيدنا فخر العلماء الاولين الماضين والغابرين اللاحقين ان تبين لعبدكم الضعيف في ان كما في الدنيا لتولد بني آدم وساير الحيوانات مبدء ومنتهى اين مبدء تولد اهل الآخرة ومتى منتهاها

اقول : ان الله سبحانه الحق القديم لا نهاية له ولا بداية اذ ازله ذاته وابده ذاته فلا يتصور ولا يعقل ولا يدرك ولا يمكن فيه جهة وجهة وحيث وحيث وهو سبحانه كريم فياض وهاب جواد غني ملي وقطع الفيض من غير علة موجبة قبيح من الفياض وفرض العلة الموجبة للقطع غير ذاته تعالى وفيضه واثر فيضه ممتنع بالضرورة كفرض نفاد فيضه فما بقي الا ادامة فيضه واستمرار جوده وكرمه ابد الابد ودهر السرمد فلايكون له انقطاع ولا له من نفاد واليه الاشارة في التأويل على بعض وجوهه بقوله تعالى وما كنا عن الخلق غافلين وقال امير المؤمنين عليه السلم كما في نهج‌ البلاغة فان قيل كان فعلي ازلية الوجود وان قيل موجود فعلي تأويل نفي العدم وحيث كانت معرفته عز وجل انما هي في الخلق لامتناعها في الذات والازل اوجد الخلق على كينونة معرفته وهيئة تجليه ( تبجيله خ‌ل ) وصفته فعرف الخلق نفسه بوصفه بما جعل واظهر فيهم من صفته وقال تنبيها وارشادا سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتّى يتبين لهم انه الحق والجمع المضاف يفيد العموم فاذن ارى عز وجل كل آياته وصفاته الخلق ومن الصفات كونه عز وجل لا نهاية له بدوا وعودا فوجب اظهار هذا المعنى في كينونات الخلق ففعل وله الحمد والمنة الا ترى الاعداد خلق من مخلوقاته عز وجل ولا ينتهي الى حد بدوا وعودا ولا يكون وراءه شيء منه وذلك واضح ظاهر لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فاذا فهمت ذلك عرفت ان فيض الحق عز وجل لا حد له ولا نهاية وان كان الكل نقطة عند جلال عظمته بل مضمحل تحت سلطان قدرته ولكن لما كان فيضه تعالى وفعله يجب ان يجري على اكمل ما يمكن وكان خلق الخلق لاظهار القدرة وحصول المعرفة ولا شك ان بتعدد الاطوار وتكثر العوالم والانوار والاسرار تظهر القدرة والاسماء والصفات اعظم واكثر بالنسبة الى ما اذا كان على طور واحد ونمط غير متعدد ويكون خلقه حينئذ بتكثر العلوم الحاصلة لهم بتعدد ( بتعدد النشآت اشرف واكمل بالنسبة ما اذا كان لهم علم واحد وسر غير متعدد خلق خ‌ل ) النشآت الكثيرة والعوالم العديدة بل الغير المحصورة وجعل لكل عالم ونشأة اقتضاء وعلما ورتبة غير ما كان للنشأة الاخري ولما ترتب العوالم وحدة وكثرة وغلظة ورقة وتجردا ومادية وصفاء وكدورة ليكون الخلق بذلك جامعا مملكا سار بخلقه في تلك العوالم نزولا وصعودا وكل عالم خزينة ينزل منها الى خزينة اخرى انزل منها في النزول وهو قوله عز وجل وان من شيء الا عندنا خزائنه وماننزله الا بقدر معلوم وفي الصعود يصعد من خزينة سفلى الى خزينة عليا وهكذا الى ان يصل الى ما بدء منه فهناك يسير مستديرا ولا نهاية لذلك السير ابدا وهو قوله عز وجل كما بدءكم تعودون فاذا كان الامر كذلك فما تجد من مبدء بني آدم وساير الحيوانات من كونها نطفة الى ان تصير خلقا سويا ومنتهاها حال موتها فذلك انما هو مبدء هذه الخزينة الدنياوية ومنتهاها والا فقد كان قبل النطفة في عالم النبات الى ان صار غذاء للاب وقبله كان في عالم الجماد والمعادن حتّى انتقل وسافر صعودا الى النبات وقبله كان في التراب ميتا وقبله كان في الماء والبخار وقبله كان في السحاب وقبله كان بيد الملئكة وقبله كان في العناصر وقبله كان في الافلاك وقبله كان في الاشباح وقبله كان في المواد والطبايع والارواح وقبله كان في الانوار والاظلة وقبله كان في الاسرار وقبله كان في الحجب والسرادقات وقبله كان في الاسماء والصفات ورتبة المشتقات المشتقة من المصدر المشتق من الفعل وهناك مقامات ومراتب يقصر اللسان عن بيانها والجنان عن حملها فالشيء لا يزال ينزل من خزينة الى اخرى سفلي حتى ينزل الى التراب ثم ينتقل منه صعودا الى المعدن وينتقل منه صعودا الى النبات وينتقل منه الى صلب الرجل او مكان آخر صالح ثم ينتقل منه صعودا الى رحم المرأة ثم ينتقل منه صعودا الى مقام الحيوان ثم ينتقل منه صعودا الى هذه الدنيا ثم ينتقل من اول ظهوره في هذه الدنيا الى الاطوار والاوطار من الرضاع والفطام والصبي والمراهقة والبلوغ وهو اول انتقاله صعودا من خزينة عالم الحيوان الى خزينة عالم الانسان ثم يتدرج في الانتقالات الى ان ينتقل من عالم الدنيا الى عالم البرزخ بخلع لباس الجسم والجسد وذلك الخلع لازالة الاوساخ الكامنة في الجسم اللازمة للادبار والمقتضي للاكدار ثم من عالم البرزخ ينتقل بعد النضج والطبخ التام والصفاء العام الى القيمة ثم منها اما الى الجنة او الى النار وهو قوله عليه السلم انما خلقتم للبقاء وماخلقتم للفناء وانما تنقلون ( تنتقلون خ‌ل ) من دار الى دار انتهى وعلى مقتضى حكم الدنيا ولادة اهل العقبا فان النطف الطيبة المجتمعة في بحر المزن تحت العرش في اعلى درجات الجنة اول مقام الرضوان ينزل الى شجرة المزن وهي شجرة تحت ذلك البحر ومنه اصل الشجرة سدرة المنتهى وشجرة طوبى فتنزل تلك النطفة الى طبقات الجنة ودرجاتها صافية طاهرة مطهرة حتّى تنزل الى صلب الرجل ورحم المرأة من غير كدورة ولا شوب ولا لطخ فنزلت صافية الى محل صافي فيتولد منها الولد من غير ان يخرج من الفرج ولا ان يصيبها الم ووجع ولا ان تطول المدة بل اذا ارادا ظهر عندهما وتولد من ماءهما ويخرج منهما من غير ان يجري عليهما ما كان يجري عليهما في الدنيا فيظهر الولد كاملا عاقلا فاهما متمكنا شريفا لطيفا في غاية من الحسن والجمال والكمال واللطافة والنورانية وليس فيه خلط من الاعراض والغرائب حتّى يحتاج الى التصفية والتزكية بالموت فان الموت انما هو كسر لان يصاغ صيغة لاتحتمل الكسر والكسر انما هو للغرايب والاعراض لاجل التصفية وليس في الجنة غرابة وكدورة ولا يحتاج الى تكليف كما في الدنيا وانما هو صاف طاهر لا يميل الا الى الخير والرضا لانه ظهر في مقام الصفاء في مقام الصعود لا في مقام الصفاء في مقام النزول وبين المقامين فرق واضح فالاختبار ( فالاختيار خ‌ل ) انما هو في الثاني دون الاول فافهم فاذا كان كذلك فلا يطرءه الموت كما في هذه الدنيا فلا يكون له منتهى كما هنا وانما ينتقل في الاطوار العلوية متصاعدا الى ما لا نهاية له لان فيض الحق سبحانه لا يفنى ولا تبيد خزائنه ولا ينفد ما عنده وما عندكم ينفد وما عند الله باق عطاء غير مجذوذ اي غير مقطوع فيسير في مقامات الرضوان ابد الابد اما سمعت ان الارواح الموجودة اي المنتقلة من هذه الدنيا الى البرزخ تموت وتفنى عند نفخة الصعق الا من شاء الله وهم وجه الله الاربعة ‌عشر اي محمد وآله صلى الله عليه وعليهم اجمعين وهو قوله عز وجل ونفخ في الصور فصعق من في السموات والارض الا من شاء الله وقال الصادق عليه السلم نحن الذين شاء الله ان لا نموت ولا نصعق نقلت معنى الحديث وذلك انما هو لصفاء طويتهم ونور حقيقتهم فلا شوب عندهم فلا موت لانه كسر للصوغ الجديد كما ذكرنا غير مرة فاذا كانت البنية قوية محكمة صالحة للبقاء الابدي وباقية على الاعتدال الحقيقي فلا وجه للموت ابدا والا لم ‌يكن الحق سبحانه حكيما تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا فكذلك الولد المتولد في الجنة لا يموت ابدا هذا اذا اردت بالمبدء والمنتهى المعروفين كما في الدنيا كما وقع السؤال عنه واما اذا اردت المبدء والمنتهى الحقيقيين فاعلم ان كل شيء لا يخلو منه وكل شيء له مبدء معين معلوم ليس له ذكر قبله وسيره في مراتبه ثم عوده الى مبدئه فلا يتجاوز عن ذلك ابدا نعم يسير حول مركزه ويتوجه الى وجه علته وهو قوله تعالى في الحديث القدسي حديث الاسرار كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية مثلا ( مثل خ‌ل ) السراج اذا اشعل ( اشتعل خ‌ل ) فانه متحصل ومتقوم بالنار فمبدئه مس النار وهذه الشعلة المتراكمة مراتبها ومنتهاه ( منتهاها ايضا خ‌ل ) الى مس النار فلا يلحق بالنار ابدا فانما يسير في مقام نفسه وكذلك الاشعة مبدءها نور السراج وتجليه وعوده الى ذلك وهو منتهاه فلا يصل الى مقام السراج ابدا وكذلك الموجودات في السلسلة الطولية لها مبادي مختلفة نهاياتها الى تلك المبادي فلا يتعداها ابدا وقد ذكرت مراتبها في الرسالة البهبهانية في اجوبة مسائل السيد عليّ البهبهاني ايده الله تعالى فاهل الدنيا يسيرون الى غاياتها ونهاياتها التي خلقوا منها في درجات الجنة او دركات النيران فالرعية لا يلحقون الاصول المتبوعين في الجنة والنار فافهم وليس لي الآن اقبال شرح المراتب كلها والاشارة كافية لاهلها وما اشتهر ان كل ذي روح وحيوة يتعقبها الموت فعلى فرض تسليم العموم فالمراد بالموت اضمحلال الحي عند الحي القيوم وافتقاره اليه واستمداده منه وكونه في كل حال طريا يأتيه مدد جديد فينكسر الممكن فيصاغ مع المدد الجديد صيغة اخرى فالكسر موت والصوغ حيوة ولا يلزم من ذلك تفكيك الاجزاء وتفريقها كما في المحسوس وان كان ذلك ايضا كذلك الا انه سريع لا يعدم الحيوة وهذا المعنى حاصل لاهل الجنة انفسهم واولادهم الذين يتولدون في الجنة لان كل ممكن يحتاج في بقائه وتقومه الى مدد جديد فاذا اتى المدد الجديد يذهب الاول او يصاغ معه صيغة اخرى وذلك معنى الموت العام الشامل لكل الموجودات والذرات واما الموت المعروف المحسوس اي فقدان الشعور والادراك فان ذلك يذبح في القيمة بين الجنة والنار بعد ما ادخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار فيؤتى بالموت على صورة كبش املح فيذبح فيقال يا اهل الجنة لكم الخلود ويا اهل النار لكم الخلود فاين الموت حينئذ واين الموت في الآخرة والله سبحانه يقول وان الدار الآخرة لهي الحيوان فهناك بقاء مستمر ودوام موجود محقق فلا يقطعه متى ولا يسئل متى منتهاها فان الانتهاء بحسب الوقت غير معقول هناك لان الوقت جزء مقوم للشخص فلا يفنى مع بقاء الشخص وقد قلنا ان الفيض لا ينقطع والاشخاص لا تموت ولا تنعدم كيف والله سبحانه يقول ومن دخله كان آمنا اي دخل مقام الوجود ورتبة الشهود فهو آمن من الاعدام والافناء لان الله الكريم اجل من ذلك وقد قيل لارسطاطاليس اربك حكيم قال بلى قيل امن الحكمة ان يخلق الخلق فيعدمهم قال لا يعدمهم وانما يكسرهم ليصيغهم صيغة لا تحتمل الكسر

قال سلمه الله تعالى : اتكون في الآخرة ولادة ام لا فان كان الاول هل هي كما في الدنيا من المراتب التي تحصل للولد في الرحم الى ان يصل الى غاية الكمال في الرتبة الانسانية ام لا وكيف تكون مراتبها في الآخرة ( للآخرة خ‌ل )

اقول : الذي يفهم من الاخبار وصحيح الاعتبار وشواهد الكتاب التكويني والتدويني ان في الآخرة ولادة اي في الجنة اذا شاء اهلها لان الجنة دار النشاط والراحة واللذة وتكثر الخدم والحشم والاجتماع والجمعية ولا شك ان النفس بكثرة الاولاد مع العزة والاموال والجاه والشوكة والراحة اميل منها الى كثرة الاموال والقصور والازواج فحسب ولا ريب ان طلب الولد مرغوب مطلوب لاصحاب النفوس المطمئنة من الانبياء والاولياء وكانوا يطلبون الاولاد من الله عز وجل كما يطلبون الاموال والنكاح وكانوا يتأثرون بفقدها كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد تأثر بفقد ابرهيم وكان يقول صلى الله عليه وآله القلب يجزع والعين تدمع ولا نقول الا ما يرضي الرب فاذا كان كذلك والجنة انما خلقت لاجل الراحة والتنعم والتعزز والجاه والدولة والثروة ورغد العيش كما قال عز وجل واذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا والراحة واللذة بالاولاد اكثر بالنسبة الى القصور والاموال الا ترى ان العاقل يفدي ماله للولد ولا يفدي ولده للمال وكان ذلك ايضا من شأن اهل الآخرة كالانبياء والاوصياء الذين يكرهون ملاذ الدنيا ولذاتها وشهواتها اذا كانت فيها معصية الله عز وجل وكانوا يحبون الاولاد والبنين والله سبحانه من على خلقه باعطاءهم الاولاد في عدة مواضع من القرآن وقد ورد ان المؤمن في الرجعة لا يموت حتّى يرى الف ذكر من صلبه وليست دار الرجعة بدار الهزل حتّى تكثر فيها ما لا يحبه الله سبحانه فاذا ثبت ذلك ثبت انه لا بد منه في الجنة فان قلت لا كل ما يلتذ منه في الدنيا يجب ان يكون في العقبا والجنة اذ لا شك ان الرجل في الدنيا يلتذ من المعصية ومخالفة امر الله عز وجل قلت قد ذكرنا ما هو جواب لهذا القول من ان ما يكرهه الله سبحانه لايكون في الرجعة وان المؤمن وان كان في هذه الدنيا يكره المعصية ويجتنب عنها كما يجتنب عن الجيفة المنتنة واما عن الاولاد والاموال اذا وافقا محبة الله سبحانه فلا يكرهونهما ولا يرغبون عنهما وذلك واضح معلوم وقد قال الله تعالى كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها فما في الدنيا من الامر المرغوب شبيه ما في الآخرة لان الدنيا مزرعة الآخرة وقد قال عز وجل لهم فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ولا شك ان النفس تشتهي الاولاد في العوالم كلها والمراتب باسرها لانها فروع ونضارة الاصل وتراوته ( طراوته خ‌ل ) بالفرع فاذا اراد ( ارادا خ‌ل ) الوالدان اي الزوجان في الجنة الولد فالله سبحانه لايمنعهما لان في الجنة ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين واما قولكم هل هي كما في الدنيا الخ فاعلم ان هذه الدنيا لما كان اول القوس الصعودي للشخص الانساني غلبت البرودة واليبوسة واختلطت بالرطوبة والحرارة الخفيفة فسدت البنية وضعفت الكينونة فلا يمكن اظهار القلب الحامل للحرارة الغريزية الحاملة للروح اول مرة والا لفسدت وبطلت فلا بد من اظهارها شيئا فشيئا وتقوية الحرارة الغريزية متدرجة حتّى ينضج البدن ويكون صابرا على النار وثابتا له القرار وبعد ولوج الروح ايضا لضعف الكينونة والبنية ما يمكن اظهار جميع مقتضيات الروح وآثارها واظهار العقل واحكامه صونا للبدن عن التضييع والهلاك فوجب في الحكمة ان يظهر النور الالهي واللب الانساني في الجسم المنوي شيئا فشيئا بالتدريج واما في دار الآخرة ولا سيما في الجنة لما ( كلما خ‌ل ) نضجت البنية وصفت الكينونة وظهر فيها سر الحيوة الالهية وانتفت الاعراض الغريبة كان اذا تصور شيئا وتمناه والماء النازل من بحر الصاد والمزن دائم الجريان فيقع على هيئة تصوره فيظهر الشخص بسر حقيقته ( حقيقة خ‌ل ) مادته ذلك الفيض الجاري من تحت العرش وصورته ما يتصور الشخص على حسب ما تصوره من طعام او شراب او نكاح او علم او ولد او غير ذلك فيظهر في الوجود دفعة واحدة ولا يحتاج ان يكون الولد هناك نطفة ثم علقة ثم مضغة الى آخر المقامات التي في الدنيا لانها كلها لاجل الكثافات والغرايب واما الجنة فليس فيها حالة الانتظار وهو وان كان يظهر دفعة واحدة الا ان فيه المراتب كلها مما وجد في الايام الستة العقل في يوم الاحد والنفس في يوم الاثنين والطبيعة في يوم الثلثاء والمادة في يوم الاربعاء والصورة في يوم الخميس والجسم في يوم الجمعة وظهوره بالتأثير في يوم السبت وهو يوم الكمال والا فالتمام كان في الستة الايام وايضا خلق مادته يوم الاحد وصورته يوم الاثنين وقران المادة بالصورة في يوم الثلثا وقران الصورة بالمادة يوم الاربعاء واول الجمع يوم الخميس وتمام الجمع وصيرورة المجموع شيئا واحدا يوم الجمعة وظهوره وكماله مشروح العلل مبين الاسباب يوم السبت وهذه الايام هي الايام الشأن والا ففي الجنة ليس فيها ليلة بها تتمايز الايام فافهم ولكل ( كل خ‌ل ) هذه المراتب على درجاتها المترتبة تظهر في الوجود دفعة واحدة اذ ليس في الجنة حالة منتظرة وكل من يري الولد يعلم انه من والديه لا غير وهما حفظا وحملا مادة وجوده وصورته

قال سلمه الله تعالى : وبين ايضا ان مادة الجنين هل هو المني ام اربعة اشياء ام شيء آخر

اقول : اعلم ان مادة الجنين نور ذائب في عالم الملكوت انعقد في عالم الملك ونزل الى العرش محدد الجهات فصحب قبضة منه فكان بها قلبه ثم نزل الى الكرسي وصحب قبضة منها فكان بها صدره ثم نزل الى فلك الشمس وصحب قبضة منها فكان بها حرارته الغريزية ثم بالشمس نزل الى فلك زحل وصحب قبضة منه ( منها خ‌ل ) فكان بها دماغه الذي محل عقله والى فلك القمر وصحب قبضة منه فكان بها حيوته وصورته ثم بالشمس نزل الى فلك المشتري وصحب قبضة منه فكان بها علمه والى فلك عطارد وصحب قبضة منه فكان بها فكره ثم بالشمس نزل الى فلك المريخ وصحب قبضة منه فكان بها وهمه والى فلك الزهرة فكان بها خياله ثم نزل الى كرة النار وصحب قبضة منها فكان بها المرة الصفراء ثم نزل الى كرة الهواء وصحب قبضة منها فكان بها الدم ثم نزل الى كرة الماء وصحب قبضة منها فكان بها البلغم ثم نزل الى كرة الارض وصحب قبضة منها فكان بها المرة السوداء ثم سرى في البخار والهباء وحمله الملائكة والقته الى السحاب وقذفه السحاب الى المطر والمطر اودعه الى الارض وعمل فيه الملئكة حتّى القته الى النبات والى غيرها من المأكل وصار غذاء للاب وخلص من ثفل ( ثقل خ‌ل ) الكيلوس والكيموس الى ان صار ماء ناضجا قد استجن فيه ذلك النور بقواه وطبايعه ثم يخرج من صلب الرجل بداعي الشهوة وينتقل الى رحم المرأة ويمتزج بمائها وتطبخ الحرارة الغريزية باعانة حرارة الحمى حتّى تجعل المائين ماء واحدا وهو حينئذ ظاهره مادة الجنين الظاهري وباطنه مادة الجنين الباطني مرادي بالظاهري القشر والباطني اللب لا الروح والجسد فالماء هو مادة الجنين وهو قوله عز وجل فلينظر الانسان كيف خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ولا شك ان مدخول من في مقام الصنع والخلق مادة للمصنوع المخلوق كما تقول صغت الخاتم من فضة وصنعت السرير من الخشب والبيت من اللبنة والفضة والخشب واللبنة كلها مواد للخاتم والسرير والبيت فقوله عز وجل خلق من ماء دافق وهو المني فيكون مادة للجنين وكذلك قوله عز وجل الم‌يك نطفة من مني يمني ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والانثى يشير الى هذا المعنى حيث قال منه اي المني فقولكم هل هو المني ام اربعة اشياء ام شيء آخر كل هذه الثلثة صحيحة اما المني فلما سمعت من انه حامل لذلك النور المنعقد المستجن فيه القوي والطبايع والاركان فيتصور في الرحم على حسب ما اراد الله عز وجل بتدبير الملكين الخلاقين الذين يقتحمان رحم المرأة من جانب فمها كما في الفقيه عنهم عليهم السلم ويتبعه القشر الظاهري في الهيئة والصفة من الاوساخ الحاصلة من ظلمة الادبار وكدورة ايلاج الليل في النهار والنهار في الليل فالمني هو المادة في مقام والحامل للمادة في مقام آخر اما الاربعة الاشياء فالمراد بها الطبايع الاربع وهي النار والهواء والماء والتراب وهي الاسطقسات وكل شيء مركب منها لما امتزج بعضها مع بعض وسري كل واحد منها في الآخر سريانا يكون المجموع شيئا واحدا يستدعي اسما واحدا كالمني مثلا فانه مجمع تلك الاربعة ومظهر آثارها ففي اول المزج جماد فاذا صفي الجماد بتكرر دوران الافلاك واشعة الكواكب وقلت الاعراض والغرائب ظهرت الطبايع بآثارها فالنار تتحرك الى العلو وتصعد بصاحبها اليه والتراب ينزل به الى الارض ويثقله كيلا تصعد به النار بالمرة والهواء يحلل الغذاء وينضجها والنار تقبض الصافي والتراب يحله والماء يدفع الفضلات فيظهر بذلك النبات ولذا كان رأسه واعلاه الى العلو واسفله الى الارض وهو تنموا بجذب الغذاء وتحليله وهذه هي الطبايع العنصرية محل النفس النامية النباتية ومقرها وينبوعها الكبد ومنه تنتشر بتأثيرها الى كل اقطار البدن ثم تصفو البنية بتزايد الحرارة وتكرر دوران الافلاك ونظر الاملاك ووقوع اشعة النجوم فتظهر فيها الطبايع الفلكية حاملة لارواحها ومقرها ومحلها القلب اللحم الصنوبري وهو الدخان المعبر عنه بالروح الحيوانية وهو قوله عليه السلم والنفس الحيوانية الفلكية ثم تصفوا البنية بصفاء الطبايع وتكرار الرياح الاربع ونظرات الكواكب وحركات الافلاك فتظهر فيها الطبايع الانسانية ومقرها ومحلها باطن الروح الحيوانية وتلك الطبايع هي حاملة للنفس الانسانية والحاصل ان الاصل والمادة لكل الاشياء هي الطبايع وبها تقوم الكائنات ولما كانت جهة التوجه الى المبدء بالمادة لانها جهة الوحدة لا بالصورة لكونها جهة الكثرة فالمبدء المتوجه اليه حال الفرق اربعة وهي حدود الاسم الاعظم كما في الكافي عن ابي ‌الحسن الاول عليه السلم ان الاسم الاعظم اربعة احرف الحرف الاول لا اله الا الله ودليل هذا الحرف هو طبيعة النار لانها تمحي الآثار وتفني الاغيار وتذهب الاكدار والحرف الثاني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ودليل هذا الحرف هو الهواء لانه الواسطة والرابطة بين الفاعل والقابلين فيحفظ حرارة النار التي هي الفاعلة برطوبته ليتمكن الاجسام السفلية من الانتفاع فله وجهان وجه الحرارة يأخذ من النار ووجه الرطوبة يسيل بها الى الغير وهو شأن النبوة المطلقة الخاصة به صلى الله عليه وآله وهو طبع المصدر ومحمد صلى الله عليه وآله قد اشتق من الحمد الذي هو المصدر فافهم والحرف الثالث نحن اي حدود الولاية التفصيلية واعطاء كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه وهو مقام الصور والتمييز والتبيين ودليل هذا الحرف هو الماء لانه سريع القبول للتشكل ( للشكل خ‌ل ) بالاشكال المختلفة كما هو طبع القمر الذي هو دليل الولي وينبوع الصور هو الولي لانه العلة الصورية لخلق الموجودات من في الارضين والسموات وللاشارة الى هذه الدقيقة قال الله سبحانه هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وليس ذلك الا عليّ بن ابي طالب عليه السلم لانه عليه السلم نسيب ( نسب خ‌ل ) النبي صلى الله عليه وآله وصهره وقد خلقه الله تعالى من الماء وهو اصل للتراب وهو تحته ليكون بذلك ابوتراب روحي له الفداء والحرف الرابع شيعتنا اي القابلين لفيضنا والمتحملين لعلمنا والذليلين لنا والماسكين بعروة محبتنا ودليل هذا الحرف هو التراب لان له جهة القابلية والحاملية والماسكية والذلة وكونه اسفل المراتب فلولا ان تكون المادة مؤلفة من هذه الطبايع لما امكن للشيء ان يعرف توحيد ربه لان الثلثة اركان التوحيد وهو لا يقوم بدونها ولذا كان من عرف نفسه فقد عرف ربه بجميع صفاته وتوحيده واسمائه ومعانيه فالنار للتوحيد والهواء للاسماء والماء للاركان والتراب للمعاني فافهم وثبت واما الشيء الآخر الواقع في السؤال فيصح ايضا لما ذكرنا من انها اي المادة هي النور المنعقد الساري في الافلاك والعناصر والبقولات والثمار والطعام وساير المآكل والمشارب الى ان صار غيبا مستجنا في المني فصار بذلك مادة الجنين وشق له السمع والبصر والقلب والصدر وساير المراتب وانشقاق هذه المراتب عبارة عن صفو المزاج وذهاب الغرائب والاعراض حتّى يظهر على صورة ما كان مجيبا في عالم الذر وساير العوالم والاحوال من هيكل التوحيد وهيكل النفاق من الصور الانسانية او الصور الحيوانية البهيمية

قال سلمه الله تعالى : وما مادة الجنين في الآخرة وما تناكح اهل الآخرة وتناسلهم بين لنا جوابا بطور البسط والمعنى لا بطريق القشر واللفظ بحق ساداتكم جوابا صريحا دقيقا والسلام عليكم وعلى اجدادكم الطيبين

اقول : اعلم ان مادة الجنين في الآخرة قد ذكرنا سابقا انها نور الهي متلألأ كان تحت حجاب القدرة فاشرق عليه نور القدس ففنى عن نفسه فكان بذلك فاعل فعل اللازم او المتعدي ثم نظر الى نفسه وعرف انه عبد خاضع لله مضمحل عند جلال عظمته وقهاريته فاستشعر الخوف وهربت الحرارة الغريزية الى الباطن فكثرت البرودة وغلبت في الظاهر فذاب وماع وكان ماء بحرا مواجا متلاطما لبقاء حرارة الشوق التي كانت مصحوبة معه في النور الاول ثم غلب الخوف عليه وكثر فسكن ( فيسكن خ‌ل ) تموجه ووقف تلاطمه واستقر تحت العرش وهو قوله عز وجل افرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون وهو الماء الذي به حيوة كل شيء وهو الصاد في قوله تعالى في حديث المعراج يا محمد ادن من صاد وتوضأ لصلوة الظهر وهو المداد والنون في ن والقلم وما يسطرون فكان تنزل ( ينزل خ‌ل ) من ذلك البحر قطرات الى شجرة المزن وشجرة طوبى ومنها تنزل الى مقام الاعراف وهو جبل في جنة الفردوس من ياقوتة حمراء اعلى مقامات تلك الجنة ومنها تنزل الى ارض الزعفران وتنصبغ بصبغها ومنها تنزل الى الرفرف الاخضر ومنه تنزل الى الكثيب الاحمر ومنه تنزل الى ما تصور الرجل والمرأة على حسب مقامهما ورتبتهما ولما كانت تلك المادة صافية طاهرة جارية على محبة الله تعالى تصورت على هيكل التوحيد على مقتضي تصورهما بعد ما نزلت اليهما ثم انتقلت الى البروز العيني الكوني جامعة المراتب محفوظة المقامات كل ذلك دفعة واحدة على ما ذكرت سابقا واما النكاح فاعلم ان الله سبحانه خلق من فاضل كل رجل اربع نسوة او ازيد الا انه ليس اقل من الاربع وهو الاصل لهن وهن فروع له لا يتعدى احد عن صاحبه كفرع الشجرة واصلها فاذا دخل الرجل الجنة دخلن معه وانتسبن اليه نسبة حقيقية لا تنافر بينهن وبينه وقد يكون ازيد من الاربع على حسب مقام الرجل في الفاضل قال تعالى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها واما الاربعة فلسر يطول الكلام بذكره وهذه الاربعة قد يتفق ان يكن مع الرجل في الدنيا بالزواج جميعهن او بعضهن وقد يتفق ان لا يتزوج واحدة منهن نعم قد يحصل خلط ولطخ بينهن وبين الاجانب فبذلك اللطخ يحصل الزواج فاذا تم اللطخ والخلط تحصل المفارقة اما بموت احدهما او بالطلاق وقد يكون لواحدة نسبة عرضية مع المتعددين وقد يكون لواحد نسبة عرضية مع نساء كثيرة واما النسبة الذاتية اذا حصلت لا تحصل المفارقة بينهما لا في الدنيا ولا في الآخرة فلا بد ان يحصل الوصال بينهن وبينه في الجنة واقلهن ( اقل من خ‌ل ) اربعة وربما يزدن على ذلك ومع ذلك لا تنافي بين ما ذكرنا وبين ما ورد ان الرجل في الجنة اكثر من المرأة لان المراد بالكثرة والقلة هنا في الطبيعة والذات لا بالسنخ والعدد فافهم واما التناسل فكما مر فراجع

قال سلمه الله تعالى : وما الدليل القاطع على المعاد الجسماني كما في الدنيا ليكون داحضا لحجج المعاندين وارشادا للمسترشدين وسكونا للطالبين الصادقين من المؤمنين الممتحنين

اقول : قد عد العلماء هذه المسئلة من اغمض المسائل واغربها وابعدها عن العقول والافهام فهم بين ناف للمعاد الجسماني كما هو شأن الحكماء الذين لم‌ينتحلوا الاسلام وبين مثبت له وقائل بان التشخص بالنفس الناطقة في ضمن اي جسم كان وتبدل الجسم مع حفظ الصورة والتشخص لا يخرج الشيء والشخص عن كونه اياه كتبدل زيد مثلا في اطوار الجنين والولادة والرضاعة والفطام والصبي والمراهقة والبلوغ والتمام والكمال والفتور وسن الشيخوخة واطوار المرض والصحة وامثالها مما يحصل من التبدلات والتغيرات الكثيرة مع ان الغذاء يتحلل ويأتي البدل ومع ذلك كله فلايخرج هذه الاطوار الشخص عن كونه اياه وعن لزوم جريان الاحكام عليه فالمحفوظ في كل هذه الاطوار هو النفس واما البدن فانه تابع ولايلزم خصوصية البدن وقد ذهب اليه الملا صدرا ومن تبعه وفي الحقيقة هذا ايضا انكار للمعاد الجسماني وبين قائل بان المعاد الجسماني قد ثبت بضرورة الشرع والعقل قاصر عن اثباته والاستدلال عليه كما هو مذهب الكثيرين واما نحن فنقول ان الله سبحانه اقام الحجة واوضح المحجة ونصب لنا اعلام الهداية وارسل الينا حججا ظاهرية وهم الانبياء والمرسلون عليهم السلم وحججا باطنية وهم العقول وهما متطابقان متوافقان فكلما حكم به الشرع حكم به العقل ولا يجوز ان يثبت حكم الهي ولا يدل عليه دليل عقلي والا لما كانت الحجة بالغة ولما كانت للخلق في امور دينهم بصيرة والرب سبحانه اجل من ذلك واعظم واما الانبياء فهم المذكرون والمنبهون لما كان مستجنا في الذات الانسانية ومغطي بحجب الشهوات فالمعاد الجسماني على ما عليه المسلمون من ان هذا الشخص بهذا البدن والجسم الدنياوي يحشر ويبعث يوم القيمة ويحاسب او يعاقب الا ان البدن في الآخرة يكون بصفاء بدن الائمة عليهم السلم في هذه الدنيا ثابت ومحقق بالادلة العقلية هي ( من خ‌ل ) الادلة الثلثة من دليل الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن

وقد بينا الدليل على ذلك مستوفي مشروحا في كثير من اجوبتنا للمسائل مثل جواب سؤال الشاهزاده ادام الله اسعاده عن حل شبهة الآكل والمأكول واجوبة المسائل البهبهانية وجواب سؤال محمدرحيم خان وغيرها الا ان ما في هذه الثلثة ما يشفي العليل ويبرد الغليل فعليك بمطالعتها والتأمل في معانيها والتضرع الى الله عز وجل ان يكشف لك دقايقها وحقايقها وتلويحاتها واشاراتها لانها من مكنونات علم اهل البيت عليهم السلم ومن جهة الاستعجال وضيق الوقت ما امكنني انشاء الكلام مرة اخرى والله خليفتي عليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

واما ما سئلتم من جهة الاذكار فخذ من القرآن ما شئت لما شئت فانه سر الله في العالمين وكذلك الصلوة على محمد وآل‌ محمد فاذا كان لك حاجة عند الله فحصل اسما من اسماء الله سبحانه يوافق مطلوبك ثم حاسب عدده بالجمل الكبير ثم ابدء بالصلوة على النبي وآله صلى الله عليه وآله بذلك العدد ثم كرر ذلك الاسم بذلك العدد ثم اذكر حاجتك فاعد الصلوة على النبي كالبدء بذلك العدد ليكون الابتداء والانتهاء بالصلوة فانها تقضي البتة ان شاء الله تعالى ولتصفية ( تصفية خ‌ل ) الباطن ( القلب خ‌ل ) وتنوير القلب الصلوة على النبي وآله ايضا وتكرار الاسم يا نور يا هادي بعددهما ويا واحد يا احد بعددهما واما في ساير الاحوال والادعية المخصوصة والاذكار المخصوصة للحوايج المخصوصة فعليك بما الفه علمائنا رضوان الله عليهم مما اسندوا الى الامام عليه السلم فانك مجاز ومأذون بقرائة كل ذكر ودعاء واسم من اسماء الله الحسني على ما ورد من اهل العصمة عليهم السلم لك ولغيرك وروايته واعذرك يا سيدنا ومولينا في البسط في المقال لما انا عليه من ضيق المجال وتبلبل البال وكثرة الاشتغال الا اني اعطيتك اصلا وافيا كافيا فيه نجاتك ان شاء الله تعالى اذا عملت على مقتضاه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

قد فرغ من تسويدها منشيها صبيحة يوم الخميس من شهر جمادي ‌الثانية في سنة ١٢٣٨ حامدا مصليا مسلما مستغفرا

**

**

المصادر
المحتوى