
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قد اتت الينا مسائل صعبة مستصعبة قد ضلت دون معرفة اكثرها الافهام وحسرت عند ادراك جلها الاوهام من جناب الامجد الانجد المسدد المؤيد جناب الشيخ محمد بن الشيخ حسين بن خلف بن سلمان البحراني بلغه الله افضل الاماني وجعله ملجا لكل قاص وداني واراد من الفقير المعترف بالقصور والتقصير جوابها وكشف حجابها على الاستعجال وانا مع قصور باعي وقلة اطلاعي قد كنت مبتلي بانواع الامراض ومحلا لانحاء الاعراض مع بال متوزع وقلب منقطع كما قال الشاعر :
كم بجنبي للصبابة واد كل آن حمامة نواح
وانا مع هذه الحالة متعذر من بسط المقال وشرح حقيقة الحال واجراء الكلام على نمط الاستدلال بما يدفع الشبهات الواردة على مدارك الجهال من اصحاب القيل والقال على اني في اثناء السفر مشغول بمعاناة ( بمعافاة خل ) الحل والارتحال وفي مثل هذا الحال ( هذه الحالة خل ) ما اتينا به غاية المقدور والى الله ترجع الامور وجعلت كلامه سلمه الله متنا وجوابي كالشرح له كما هو شأني في اجوبة المسائل طلبا للمطابقة وحرصا على الموافقة
قال سلمه الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله الذي من على خلقه بارسال الانبياء ونصب الاوصياء واقامة العلماء ليهدي بهم خلقه عن الضلالة ويرشدهم عن الجهالة واخذ على العلماء ان يعلموا ثم اخذ على الجهال ان يتعلموا منا منه ولطفا
اقول اعلم ان الله سبحانه وتعالى اخذ العهد على العلماء ان يعلموا يتامى اهل البيت عليهم السلام وينقذوهم عن الجهالة وسلوك سبل الغواية والضلالة الا انهم بنور التوسم والفراسة يعطون كل سائل ما تقتضيه كينونته وتنطوي عليه سريرته وهم على احوال مختلفة واوضاع متفاوتة فمنهم اهل الظاهر ومنهم اهل الباطن فيجيبون كلا من الفريقين بما يقتضي عالمهم من النشأتين وحيث ان دليل كل مطلب من سنخه لان المطلب نتيجة الدليل والنتيجة من سنخ المقدمتين اللتين هما بمنزلة الابوين ولذا لا يكون الحمار نتيجة للانسان وبالعكس فالنتيجة تابعة للدليل فان كانت ظاهرية فالدليل ظاهري وان كانت باطنية فالدليل باطني وحيث ان المطالب لا تخلو عن ثلاثة ظاهر وباطن ظاهر ظاهر ( باطن ظاهر خل ) وباطن باطن ولا يشذ منها شيء كانت الادلة ثلثة دليل المجادلة الموصل الى المطالب الظاهرية المحدودة بالحدود الصورية المكتنفة بالمقدمات القياسية من البرهانية والخطابية والجدلية مما يدركه النفس بآلاتها من القوي الدماغية من الحس المشترك والقوة المتخيلة والمتفكرة والواهمة والحافظة مما يصلح ان يكون موزونا بميزان المطالب المنطقية ودليل الموعظة الحسنة الموصل الى المطالب الباطنية مما جرى عليه قلم الابداع الثاني من المراتب الحاصلة باقبال العقل وادباره من مرتبة العقل المرتفع والمستوي والمنخفض والروح من امر الله والروح على ملائكة الحجب وهي باطن الظاهر ولا يوصل اليه الدليل الموصل الى الظاهر ودليل الحكمة الموصل الى مطالب باطن الباطن وسر نقطة العلم التي كثرها الجهال والسر المستودع في حقايق الموجودات من سر التوحيد المحض بحسب قابلية رتبة الامكان والاسماء والصفات وانحاء التجليات وسر الاركان وحقيقة المعاني والبيان ومعرفة ابواب التوحيد من الآيات المرتبة في الآفاق والانفس بجميع جهاتها وشئوناتها واضافاتها فالعالم هو الذي اذا سئل يجيب اهل كل مسئلة بالبيان والدليل اللايق له من الادلة الثلاثة حتّى يصح له التعلم ويصدق على بيانه التعليم وهو قوله عز وجل ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها فاذا اعطى اهل المجادلة من مقتضيات دليل الحكمة والموعظة او بالعكس ما ادى الامانة الى اهلها بل منع الحكمة عن مستحقها فلا يصلح ان يكون عالما مؤديا عن اهل البيت عليهم السلام وليس من اهل الذكر الذين امر الله بسؤالهم وادى الكلام على مجراه واعطى كل ذي حق حقه والسائل اراد ان يعرف المسئلة من غير دليلها الذي جعله الله لها كمن حاول معرفة مدلولات دليل الحكمة بمدلول المجادلة كما هو اكثر ابناء الزمان فليس بمتعلم ولا وفي بالعهد الذي اخذه الله عليه بالتعلم والقبول من العالم كمن حاول معرفة المبصرات بالسمع والمسموعات بالبصر وهكذا ويستحيل لهذا الناظر ان يتعلم ويتبصر وانا اجري الكلام في هذه المسائل على نحو هذه الدلائل حتّى لا اكون مضيعا لحق التعليم ويجب على الناظر السائل النظر والتامل ومعرفة مقامه ومرتبته في مقامات هذه الادلة ويروم معرفة كل مسئلة عن دليلها الخاص بها من الادلة الثلاثة حتّى لا يكون مضيعا لحق التعلم ولا ينكر بما لم يحط به علما ولا يستبعد بما لم يجد له في كتب القوم ذكرا اذ كم ترك الاول للآخر والعلوم تتزايد والمدارك تتخالف وكل احد له مقام معلوم فيجب عليه ان يعرف حده ولا يتعدى عنه حتّى يقوده التوفيق الى احسن الطريق وهذه وصيتي اليك والله خليفتي عليك
قال سلمه الله تعالى : ونحن نحمد الله حيث لم يخل ارضه من حجة بل له الحمد على كل حال
اقول اعلم ان الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه لا يقطع فيضه ولا ينقطع عن الخلق مواد تاييده وتسديده فالذي عليه سبحانه وتعالى ان يقيم للخلق في كل وقت وآن ادلاء مرشدين وهداة مهديين يؤدبهم بآدابه ويقف بهم على سبيل مشيته وارادته وهم الانبياء الراشدون والائمة المعصومون ثم لما اقتضت المصلحة بوقوع البلية العظمى وحلول الفتنة الصماء وهي غيبتهم عن انظار الخلق واحتجابهم بحجب الغيوب عن ابصارهم جعلوا لهم خلفاء وهم العلماء المتأدبون بآدابهم والناهجون منهجهم والسالكون مسلكهم والناظرون الى امثلة هدايتهم والشاربون من حوض ولايتهم المستنيرة قلوبهم بنور درايتهم المتفجرة عيون العلم واليقين في قلوبهم على ظواهرهم وبواطنهم فهم الورثة والخلفاء وهم الحملة والامناء وهم القرى الظاهرة وهم العدول الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهم حجج الحجج والسفن الجارية في تلك اللجج كما قال عليه السلام في توقيعه هم حجتي عليكم وانا حجة الله وهم الحكام للعباد والغوث في البلاد والفزع يوم المعاد والمسئولون الذين عليهم الاعتماد وهم النواب والابواب للحكمة والرشاد وهم الذين ما اخلى الله الارض منهم للدالة ( للدلالة خل ) على امامهم وسيدهم صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين والناس اهل الدعوى لهذه المرتبة العليا في هذا الزمان كسابقه كثيرون واهل الحقيقة والوفاء والقائم باعباء هذه الدرجة الكبرى قليلون وعمل كل دليل مقامه والنايب لا بد له من المناسبة والمشابهة للمنوب عنه فاذا وجدتها وحققتها وتفحصت عن معارضاتها فقف عنه واسئل عنه فانه الباب الاعلى والمنزل الاقصى وهو الحجة والدليل على المحجة والا ففر منه فرارك من الاسد فانه ضال مضل يدعو اتباعه ومقلديه الى جهنم وبئس المصير لقد ارشدتك ونبهتك فلا تغتر بكل من يدعي العلم ولا تعتبر بكل من اوقف نفسه للحكم الا اذا وجدت فيه العلامة التي هي حجتك عند الله يوم القيمة
قال سلمه الله : وبعد انا المضطرون الذين وجبت اجابتهم والجاهلون الذين وجب تعليمهم وقد توجهنا الى جهتك الوجيهة وجعلنا سؤالنا ( سؤالها خل ) واعتمادنا على جنابك الاقدس حيث اطمأنت الانفس نحوك وسلمت فالمرجو الافادة لنا فان انفسنا قد كاعت فطمنها وارتاعت فامنها فانت المنزل الاقصى والغاية القصوى ومحل رجاء الآمال ادام الله فوائدكم ( فؤادكم خل ) الجليلة فلا تحرمنا فضلك ولا تقطع عنا سيبك ( سبيلك خل )
اقول انه سلمه الله ظن السراب ماء والدخان المرتفع سماء ولكنه سبحانه وتعالى يعطي على حسب الاعتماد ونحو ما انعقد في مستجنات الفؤاد ولذا قالوا عليهم السلام احسن الظن ولو بحجر فان الله سبحانه يلقي الخير به اليك ونسئل الله سبحانه ان لا يخيب رجاه ويعطيه ايده الله ما يتمناه فانه القادر على ما يشاء وهو الفاعل لما يشاء بما يشاء كيف يشاء
قال سلمه الله : وانا عندي مسائل قد القيتها بحضرتك الشريفة الكريمة فاولها ما يقول سيدنا ومولانا ومقتدانا فيما ورد في الكافي لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد في غيبته من عزلة ونعم المنزلة طيبة وما بثلثين من وحشة ما معناه
اقول وبالله التوفيق اعلم ان الله سبحانه قد سبقت كلمته ونفذت مشيته ان لا يلجأ احدا في طاعته ولا معصيته بل يجريهم على ما حتم على نفسه من اجراء الخلق في افعالهم واحوالهم ومقتضياتهم وميولاتهم وشهواتهم على الاختيار كما هو مقتضى مشية ( المشية خل ) الحتمية وكذلك سبقت كلمته سبحانه ونفذت مشيته ( مشية الله خل ) ان يعلي كلمته ويظهر امره ويفشي حكم هدايته في بريته لئلا يكون للناس على الله حجة وكذلك سبقت كلمته ونفذت مشيته ان يجعل حجته البالغة ونعمته السابغة ( السابقة خل ) على اكمل ما يمكن ان يكون بلاغا لحكمته واظهارا لقدرته وتبيينا لقيوميته ليكون الخلق على بصيرة من امره في ارشاده وهدايته ففعل سبحانه وتعالى وله الحمد والشكر ونصب بمقتضى هذه المقدمات القطعية ادلاء مرشدين وحججا مستحفظين اكملهم في صفاتهم تكريم الاخلاق وفي كينوناتهم بمحاسن الاعراق والبسهم ثوب هيبته وكساهم من نور عظمته وبعثهم على كافة بريته ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة والرعية لا تخلو اما باجمعهم مطيعين بقلوبهم والسنتهم وممتثلين بظواهرهم وبواطنهم غير مخالفين لشيء من اوامرهم ونواهيهم او مخالفين كذلك او البعض مطيعين والبعض الاخر مخالفين وعلى الثالث لا تخلو اما ان تكون الغلبة في جانب اهل الطاعة او اهل المعصية والمخالفة فان كان الاول فأتوا بمقتضى ما يراد منهم وتركوا خلاف ما يراد منهم فعلى الله سبحانه بواسطة هؤلاء الحجج عليهم السلام ان يعطيهم من فضله وكرمه في ذاتهم وصفاتهم واحوالهم واطوارهم وعلومهم واسرارهم وهداياتهم ما هو اهله على مقتضى مشية العزمية وهو قوله تعالى ولو انهم اقاموا التورية والانجيل لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم وقوله تعالى وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا وان كان الثاني فانقطعت عنهم العناية ولم يبق فيهم محل لنظر الله سبحانه فيكون ذلك هو السبب الاعظم في هلاكهم ووبارهم فلا يقتضي اللطف امهالهم كما قال عز وجل فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط عليه السلام فاخرجه الله سبحانه فانزل على قومه العذاب لعتوهم واستكبارهم وخروجهم عن طاعته كافة وان كان الثالث فان كان الغالب اهل الطاعة والامتثال والمخالف قليل شاذ فالحكم كالاول من اظهار كلمة الحق وعدم الاعتناء بالشرذمة القليلة من اهل الباطل فجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا وان كان الغالب اهل الخلاف والمعصية والادبار فهنالك البلية الكبرى والمصيبة العظمى لان حجة الله ان ظهر واعلى كلمة الحق فاهل الباطل اولوا الشوكة والغلبة يعارضونه ويمنعونه فان منعهم الحجة الامام عليه السلام بالقهر والغلبة والقتل وسفك الدماء فذلك هو الالجاء الذي ذكرنا ان الله سبحانه حتم على نفسه عدم وقوعه لا اكراه في الدين مع ان في قتلهم يستلزم قطع الفيض من النطف الطيبة التي في اصلابهم بحكم قوله تعالى يخرج الحي من الميت اي يلد المؤمن من الكافر وذلك مع استلزام ان يكون للارواح المستجنة في تلك النطف الطيبة الشريفة حجة على الله تعالى لا يجوز ذلك نظرا الى لطفه وكرمه وجوده ومننه وانه تعالى يعطي بلا استحقاق فكيف يمنع فضله مع الاستحقاق فلا يجوز الالجاء وقهر اعداء الله تعالى على الطاعة وما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام من المحاربة والمقاتلة مع من عاداهم وناراهم ( ناواهم خل ) على التنزيل والتأويل فقد بينا في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا واجوبتنا للمسائل لا سيما في اسرار الشهادة ان ذلك لاعلاء كلمة الحق الذي لا يمكن الا به مع ان النبي صلى الله عليه وآله ماجبر احدا على الاسلام ولذا كان ياخذ منهم الجزية ويقبل منهم الفدية ويمن عليهم منة ( منته خل ) في اطلاق اسيرهم واجارة مستجيرهم على انه صلى الله عليه وآله قد تدارك هذا التوهم من الالجاء بامره لامير المؤمنين عليه السلام ان لا يسل سيفه وان يطلب بحقه من غير قتال ولا جدال حتّى تظهر ضغاين الصدور وتنكشف مخبيات الامور وليتبين المخلص من المرتاب ولا يبقى لمحتج حجة وكذلك امير المؤمنين عليه السلام رفع واهمة الالجاء في الحرب مع الناكثين والقاسطين والمارقين بامره لابنه الحسن عليه السلام بالصلح لتكون تصفية بعد التصفية واستنطاقا للسرائر الخبيثة والضمائر الردية وبعد قتل الحسين عليه السلام ظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون وشرح هذا الكلام طويل فليطلب في ساير الرسائل فتبين ( فبين خل ) لك ايدك الله وسددك ان الامام الحجة عليه السلام عند غلبة الاعداء والظلمة لا يجوز له بامر من الله تعالى الاستيلاء بالقهر والغلبة لانه ان ظهر بالحجة واعلن بالدعوة وخالف المخالفون ومنعوا ( الخالفون ومنعوه خل ) عن اظهار الحق فلا يخلو اما ان يحاربهم ويقتلهم باجمعهم او يدفع عن نفسه اذيتهم مع محاولتهم لقتله واستيصال شافته او يوطن نفسه على القتل وتحمل الاذى والمحنة والشدة والبلية لا سبيل الى الاول لما ذكرنا من قطع الفيض عن النطف الطيبة التي تتولد بعد قرون ودهور وتملأ الارض وتثقلها بالتوحيد والتمجيد والقيام بطاعة الرب المجيد فان قتل الذين اصلابهم خالية من تلك النطف الطيبة وترك الآخرين فالذين ابقاهم لتلك الغاية الشريفة يقتلونه ويخلون وجه الارض منه كما فعل الحسين عليه السلام وروحي له الفداء يوم كربلاء فانه روحي فداه ما قتل عجزا عن المقاومة ولا ضعفا عن المقاتلة وان كثر العدد وتجاوز عن الحصر والحد فان الامام عليه السلام يجب ان يكون اشجع من كل رعيته منفردين ( منفردا خل ) ومجتمعين بالقوة البشرية والجبلة الانسانية وانما قتل عليه السلام لانه كان يقتل من كان ( كان في خل ) صلبه فارغا ويترك من كان صلبه حاملا ولو بعد اظهر كثيرة وكذا يترك من كتب الله عليه القتل على ايدي آخذي الثار كسليمان بن صرد والمختار وغيرهما من الاخيار ومن كتب عليه القتل بالصيحة لبيان المعجزة والكرامة والذين تركهم عليه السلام لهذه الغاية هم الذين ( الذي خل ) قتلوه فيجب على الامام عليه السلام عند اظهار اهل الخلاف خلافهم ان لا يقتلهم عن آخرهم لما يلزم منه من المفاسد التي اشرنا الى بعضها ولا سبيل الى الثاني ايضا لاستلزام ذلك توهم الغلو والربوبية فيه عليه السلام لجهل اغلب الناس بمقتضى مقامات الربوبية والعبودية فيتوهمون بادنى ظهور سر من اسرار الله على يد عبد من عبيده لجاهليته للقدرة وركنيته للمشية انه هو الرب المستقل كما اتفق لامير المؤمنين عليه السلام مع ما هو عليه مما جرى عليه من غصب حقه وايصال الايذاء اليه وضرب قرنه وسفك دمه عليه السلام فكيف لو لم تكن هذه الامور وهو سبحانه بعث الامام عليه السلام علما للهداية فلا يمكن ان يجعله سببا للضلالة والغواية فانحصر الامر في الوجه الثالث وهو ان يوطن نفسه عليه السلام على القتل والاذى وتحمل المحنة والبلاء وهذا مع وجود امام آخر يقوم مقامه بحيث لا تخلو الارض من حجة الله ( لله خل ) تعالى به تمام نضج العالم واعتداله يمكن وهو الواقع المطابق للحكمة لانا ذكرنا سابقا ان الله تعالى سبقت كلمته ان يظهر الحق ببرهانه ولا يدع الطالب للحق هائما متحيرا لانه نقص في القدرة واخلال في الحكمة ولا يرضى به القادر الحكيم فيجب ان يقيم حجة بعد حجة وآية بعد آية الى تمام هذا العالم وانقطاع نسل بني آدم وهو قوله عز وجل ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها واما اذا تم العدد وبلغ الحد كما في الامام الثاني عشر عليه وعلى آبائه السلام وجعلني الله فداه وقد انتهى العدد اليه ( عليه خل ) لامور يطول بذكرها الكلام وقد ذكرناها في عدة من رسائلنا ولا سيما فيما كتبنا في النبوة الخاصة فاذا وطن عليه السلام نفسه الشريفة على القتل لان اهل الباطل لا بد لهم من ذلك وقتل عليه السلام ولم يكن امام يقوم مقامه بعد قتله خلت الارض من حجة الله تعالى وساخت باهلها وتدكدكت السموات وانتشرت ( انتثرت خل ) النجوم وهلكت الخلايق وذلك لا يجوز قبل تمام النضج والاعتدال لكلية العالم فلم يبق الا ان يغيب شخصه عليه السلام عن ابصار هؤلاء اللئام ليسلم من شرهم ويحفظ النظام ويظهر تمام الامر للملك العلام ويحفظ هؤلاء الشرذمة القليلين من شيعته ورعيته في غيبته بغيبته ويعلمهم ويربيهم ويسوسهم ويحفظ ما لهم وعليهم الى ان تدول دولته وتنتهي غيبته فيظهر بامر الله تعالى ويعلي كلمة الله تعالى ويقوم بحجة الله تعالى كما اراد الله تعالى عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه واعزنا بدولته ونصرنا بكلمته انه على كل شيء قدير وهذا معنى قول امير المؤمنين عليه السلام لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ( غيبته خل ) وانما اشبعت الكلام في هذا المقام ببعض المرام لشدة احتياج الناس الى معرفة هذا الامر وقوله عليه السلام ولا بد له في غيبته من عزلة مراده عليه السلام بالعزلة العزلة عما تقتضي مناسبته مع كينونات الرعية ليتمكنوا بها من التشرف بخدمته والانتفاع منه بحضرته وتلك المناسبة انما تكون لغاية الحضور والرؤية واما عند انتفائهما فلا حاجة اليها وهو عليه السلام في غيبته ظاهر بالصورة الجسمية لابس جلباب الجسم لحفظ العالم الجسماني دون آبائه عليهم السلام فانهم عليهم السلام نزعوا هذا الجلباب واتصلوا بذلك الجناب وهو عليه السلام قائم مقامهم وحافظ هذا النظام بلبس ما نزعوا من جلبابهم لكنه عليه السلام ظاهر بالصورة التي خلقه الله عليها مما يقتضي ظهورها للرعية عند التصفية والتخلية كزمان الرجعة ويوم القيمة واما ما يتلبس به عليه السلام لانتفاع اهل مطمورة الزمان والمكان فهو في حالة الغيبة معتزلة عنها غير ملتفت اليها فقلت المناسبة وامتنعت الرؤية الا اذا اراد لبعض الاشخاص لبعض المصالح بحيث يرونه ولا يعرفونه وليس المراد من العزلة ما هو المتعارف عند الناس من معناها فهذا المقام اي التباعد عن الناس والتنائي عنهم لان ذلك هو معنى الغيبة فلا وجه للتكرار او المراد اعتزاله عليه السلام في غيبته عن الخلق وتوقفه في الجزيرة الخضراء ومدينة جابلقا وجابلصا لانهما واقعتان في الاقليم الثامن وهو معتزل عن الاقاليم السبعة لاهل هذه الدنيا وان كان في اعتزاله هناك ناظر الى رعيته محيط بهم مطلع عليهم لا يخفى عليه ظواهرهم وبواطنهم يغني فقيرهم ويغيث ( يغيث عليه خل ) ملهوفهم ويجير مستجيرهم ويدبر امورهم على ما تقتضي مصلحة كينونتهم لانه صاحب المرئي والمسمع وهو كما وصف الله جده صلى الله عليهما ( عليه وآله خل ) لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ولذا قال عليه السلام في توقيعه الى المفيد انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء وقوله عليه السلام ونعم المنزل طيبة يريد بطيبة المدينة وهي سرها الذي يظهر عند ظهور صاحبها وتلك ارض طيبة طاهرة مصفات من لوث الظالمين وخلط المنافقين وضغن الفاسقين وهي الكرعة التي في وادي شمراخ وشمريخ من البقعة المباركة وهي منزله عليه السلام وبيته ومسكنه مخفية عن اعين الناظرين كما احتجبت واختفت جنة عاد عن الابصار وهي موجودة في هذه الدنيا فما ظنك بتلك الحقيقة اللطيفة واللؤلؤة المكنونة الشريفة وقوله عليه السلام وما بثلثين من ( عن خل ) وحشة يريد بالثلثين النقباء الذين يرونه ويتشرفون برؤيته ويقومون بخدمته وهم رجال الغيب واوتاد الارض وحملة الفيض وحفظة العلم وهؤلاء الثلاثون هم الابدال الذين لا ينقصون عن هذا العدد فكلما مات منهم يترقى آخر مما هو تحت رتبتهم فيترقى ويستأهل لان يقوم مقامه ويكون بدله ولذا سموا ابدالا وهم تحت الاركان الاربعة الذين هم عيسى روح الله وخضر وادريس والياس وفي بعض الروايات صالح بدل ادريس وقد ذكر العلماء ان مراتب ارباب الوفاء من المؤمنين خمسة بعد الغوث والنقطة والقطب اولهم الاركان وهم الاربعة المذكورة والثاني النقباء وهم الثلاثون المذكورون عدة ميقات موسى والثالث النجباء وهم الاربعون عدة تمام الميقات والرابع الصلحاء وهم الثلثمأة والستون عدة تمام السنة والخامس المؤمنون وهم ساير اهل الايمان ولا حصر لعدتهم وهؤلاء لا ينقصون عن هذا العدد فاذا مات احد الصلحاء يترقى بعض المؤمنين الكاملين فيقوم مقامه واذا مات بعض النقباء يترقى بعض النجباء فيقوم مقامه واما الاركان فلا يموتون وهم مع الغوث الاكبر صلى الله عليه وعلى آبائه يدورون معه حيثما دار وهذا التفصيل لم نجد ما يدل عليه من آثارهم وان كان الاعتبار يقتضي ذلك وانما الموجود في الاخبار هؤلاء الثلاثون المذكورون فمعنى وما بثلثين من وحشة يعني انه عليه السلام ( انهم عليهم السلام خل ) يانس بهم وهم يجرون ( يجبرون خل ) على مقتضي محبته فلا يرى فيهم مناف ومغاير لارادته التي هي ارادة الله حتّى تقتضي الوحشة وعدم الانس ومعنى ذلك انه عليه السلام لا يجد ممتثلا لامره مجتنبا لنهيه في حال غيبته وتايبه ( نأيه خل ) من اهل هذا العالم غير هؤلاء الثلثين فهم النجباء المطهرون والامناء المصطفون فلا يستوحش منهم كما يستوحش من غيرهم لوجوده مقتضاها من المخالفة والمعصية فقصده عليه السلام بذكر الثلثين لرفع وحشته روحي له الفداء نسبة ( نسبته خل ) اهل هذه الدنيا من انه ماصفي عنهم غاية الصفا غيرهم لا ان انسه عليه السلام منحصر بهم والا فله شيعة كرام من ساير العوالم ما لا يحيط بوصفهم وعدهم الا الله ومن اطلعه على غيبه من اوليائه وحججه فافهم
قال سلمه الله تعالى : وايضا ما يقول سيدنا في الحديث الوارد عن مولانا الصادق عليه السلام ان لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو فيها نحن الا انه هو هو ونحن نحن
اقول اعلم ان الاثر الحادث وان بلغ ما بلغ لا يبلغ الى حقيقة ذات المؤثر ابدا لانه هناك ممتنع الوجود والذكر والا لم يكن الاثر اثرا ولا المؤثر مؤثرا وهو خلاف المفروض ولا تلتفت الى اقوال بعض اهل الضلال حيث يقولون ان الاثر عبارة عن ظهور ذات المؤثر بطور من الاطوار وتعين من التعينات كظهور الماء في الثلج والبحر في الامواج الى غير ذلك من الامثلة الباطلة المقرونة بالحجج الداحضة فان هذا القول من البطلان بمكان وقد فصلنا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا بطلان هذا القول بما لا مزيد عليه فاذا لا يجوز القول بان الحادث يتحد مع القديم او يكون عينه في حال من الاحوال ووقت من الاوقات لاستلزامه الاقتران والانفعال والتغير والتكثر وغيرها من اللوازم الباطلة الا ان الاثر له جهتان جهة دلالة على المؤثر واسم له والاسم هو المنبئ عن المسمى كما قال امير المؤمنين عليه السلام فاذا نظر العبد الى ذلك الوجه كان له حكم الاسم بل هو الاسم لان كل اثر يكون مبدء اشتقاق اسم لمؤثره وذلك الاسم في رتبة الاثر لا في حقيقة ذات المؤثر كالقائم فانه اسم لزيد المشتق عند اثره القيام فالقائم قائم بالقيام قيام تحقق فهو اسم له لكن في رتبة الاثر لا في حقيقة زيد اذ لو كان القائم عين حقيقة زيد لما جاز توصيفه بالقاعد لان ذات الشيء لا يفارقه الا عند فنائه واعدامه ولا شك ان الذات محفوظة حين توصيفها بالقائم والقاعد ولا يجوز ان يقال ان القائم لفظ مركب لمجموع الذات والقيام فان ذلك باطل لاستلزامه تغير الذات باثرها وذلك مما يأباه اولوا العقول السليمة والحاصل ان القائم اسم لزيد وصفة له والصفة غير الموصوف كما نص عليه امير المؤمنين عليه السلام والاسم غير المسمى كما نص عليه مولانا الصادق عليه السلام فلا يكون القائم عين زيد بل انما هو ظهور زيد بالقيام وذلك الظهور قائم بالقيام فالقائم حقيقة القيام ووجهه الى مبدئه اذا عرف القائم عرف زيدا اذ لا فرق بين القائم وبين زيد في التعريف والتعرف والمعرفة الا ان القائم عبد زيد واثره وصفته جعلها في الاثر ليعرفه بها وذلك الاسم والصفة هي الربوبية بها وهو قول امير المؤمنين عليه السلام في وصف الملأ الاعلى على ما في الغرر والدرر والقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله الحديث فالمثال الملقى هو تلك الصفة المخلوقة والاسم المشتق عند وجود الاثر فاكمل حالات العبد واشرفها ان يكون ناظرا الى تلك الجهة العليا فاذا استدام النظر اليها كان حينئذ اسما وصفة لا فرق بينه وبين الحق سبحانه في المعرفة الا انه عبده وخلقه ولذا قال امير المؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فمعرفة النفس هي عين معرفة الرب على قدر الطاقة الامكانية وهو قول مولانا الحجة المنتظر عليه السلام في دعاء رجب وبمقاماتك وعلاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها اليك الدعاء ولما كان محمد وآله صلى الله عليه وعليهم هم الناظرين الى تلك الجهة العليا فكانوا هم المتمحضين في الاسمية والصفتية والمثلية ولذا ورد في زيارة مولانا امير المؤمنين عليه السلام السلام على اسم الله الرضي ووجهه المضيء وقال الصادق عليه السلام نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها فمن هذه الجهة صار لا فرق بينهم وبين ربهم في المعرفة لكونهم وجه الله وقال عليه السلام نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا على احد المعاني ولا فرق في الفعل والمشية والارادة فصارت مشيتهم عين مشية الله وارادتهم عين ارادة الله وولايتهم عين ولاية الله وفي الطاعة والمعصية والعداوة فكان من احبهم فقد احب الله ومن ابغضهم فقد ابغض الله من يطع الرسول فقد اطاع الله الذين يبايعونك انما يبايعون الله وقال الصادق عليه السلام في قوله تعالى فلما آسفونا انتقمنا منهم ما معناه ان الله سبحانه لا يأسف كاسفنا ولكنه سبحانه خلق لنفسه اولياء وجعل اسفهم اسفه ورضاهم رضاه وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته الحديث وهو قوله تعالى ونفخت فيه من روحي والله سبحانه هو المتعالي ان يقترن بشيء من الاشياء فكان ذلك هي الروح المخلوقة وهي روح عليّ عليه السلام وكذا قوله تعالى الله نور السموات والارض وامثال ذلك من العبارات والاشارات فكانوا عليهم السلام لهم مع الله حالات هو فيها هم وهم فيها هو اي حكمه حكمهم وحكمهم حكمه وامره امرهم وامرهم امره الا انهم اسماؤه الحسنى وامثاله العليا والكبرياء والآلاء ولما كان في هذه العبارة توهم ما تدعيه الطائفة المخذولة الصوفية لعنهم الله من اتحادهم مع الله وقولهم اني انا الله وامثالهما من الكلمات الباطلة ازال عليه السلام هذا التوهم بقوله عليه السلام الا انه هو هو ونحن نحن اي هو هو في مقام قدمه وازليته ونحن نحن في مقام الحدوث والعبودية وهذا الاتحاد والوحدة في المظاهر الفعلية والاسماء والصفات الخلقية والا فهو سبحانه اجل من ان تناله الاوهام واعلى من ان تبلغه العقول والاحلام واعظم من ان يصل اليه كائنات الامكان والاكوان وهذا الذي ذكرنا لك بعض الوجوه
قال سلمه الله تعالى : وايضا ما يقول سيدنا في معنى اكل آدم من الشجرة حتّى نزل فيه وعصى آدم ربه فغوى ما معنى المعصية مع انه معصوم
اقول ان الله تعالى نهى آدم عن اكل الشجرة المخصوصة كما هو صريح قوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة ولكنه كان يستحب لآدم ان يجتنب كل ما هو من نوعها ويشبهها لوجود المشابهة لما تعلق به النهي الالهي صريحا وان كانت المشابهة المحضة لا تكون علة مستقلة لكن ينبغي التجنب لاهلها وآدم عليه السلام لعصمته وطهارته لم ياكل من نفس الشجرة المنهية بل مما هو من نوعها وسنخها وحيث كانت حسنات الابرار سيئات المقربين ويراد من الانبياء ما لا يراد من غيرهم من الرعية لكمال قربهم وعلمهم وبصيرتهم وطهارتهم عد هذا الاكل اي ترك الاولى معصية بالنسبة والاضافة وحاشا انبياء الله يعصون ما امرهم الله فلا يأتمرون بما يامرون حتّى يستحقوا عتاب قوله تعالى لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون وكيف وان الله تعالى وصف ملائكته بانهم لا يعصون كما في قوله تعالى لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون وقوله تعالى عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون والانبياء عليهم السلام لا سيما آدم قد نص الله عليهم بانه اصطفاهم على العالمين ومنهم الملائكة في قوله تعالى ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين كيف يتصور في حقهم المعصية ولا يتصور في حق من دونهم والله لا يصطفي الا الاكرم الاتقى فمن لا يتقي المعصية ليس بالمتقي فكيف يصطفيه الله على من هو اتقى منه وذلك لا يكون ابدا فاذا وجد في كلام الله ما يدل على المعصية في حق الانبياء عليهم السلام فالمراد منه ترك الاولى وحكم حسنات الابرار سيئات المقربين وملاحظة انياتهم وان كانت مضمحلة فانية لكن الالتفات اليها حاجبة عن الالتفات الى الله وحده وهذا هو الحكم في حق ساير الانبياء ما عدا نبينا وائمتنا سلام الله عليهم فانهم لا يتركون الاولى فاذا نسبت المعاصي اليهم في القرآن وفي احاديثهم سلام الله عليهم فان المراد بها ذنوب شيعتهم ومعاصيهم تحملوها تشريفا وتكريما كما في قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وامثال هذه من الآيات
قال سلمه الله تعالى : وايضا ما يقول سيدنا في كلام شيخنا الشيخ احمد قدس الله سره في فوائده يعني بالوجود الحق الواجب المقدس ومن جملة ما هو المقدس عنه اطلاق العبارة عليه فاذا اطلقت عليه فانما تقع على العنوان وذلك العنوان هو الوصف الذي ليس كمثله شيء
اقول ان الواجب حيث كونه في القدم والازل والممكن حيث كونه في الحدوث والامكان لا يمكن للممكن الوصول الى الذات المقدسة فلا يمكن معرفته ( معرفتها خل ) بوجه لانها فرع الاحاطة والاتصال وهذا ممتنع في ازل الآزال ولما ان الله سبحانه خلق الخلق لعبادته وهي لا تمكن الا بمعرفته ومعرفته في حق الممكن ممتنعة وجب عليه سبحانه ان يعرفهم نفسه لتكمل ثمرة ايجادهم وتتم علة انوجادهم ولما كان ما من الله سبحانه لا بد ان يكون اكمل ما يمكن وجب ان يكون تعريفه سبحانه بما لا يمكن تعريف اجلى ولا اعلى منه ولما كان البيان والتعريف على قسمين بيان حالي وبيان مقالي والجمع بينهما اكمل واولى فوجب عليه سبحانه في الحكمة ان يعرف نفسه لخلقه بالبيانين الحالي والمقالي اما البيان المقالي فهو الكتاب والسنة وما يرجع اليهما من مدلولات الالفاظ والعبارات والمفهومات والتوصيفات واما البيان الحالي فهو ما جعله سبحانه وتعالى في الآفاق وفي انفس الخلايق من صفات توحيده وامثلة تمجيده ولما كان البيان الحالي بيان بالكينونة وجب عليه سبحانه ان يخلق في حقايق الخلق صفة تنبئ عن كينونته وحيث انه سبحانه وتعالى منزه ومقدس عن جميع الصفات الامكانية وجب ان تكون صفته كذلك فوصفه ليس كمثله شيء والا لكان مثله شيء لانه يعرف بوصفه فخلق سبحانه وله الحمد والشكر اسما للحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فهذا الاسم المخلوق هو صفة معرفة الله سبحانه وتعالى ومقتضى ان يكون وصفا ان يكون مقدسا ومنزها عن جميع الاضافات والنسب ومنها اطلاق العبارات ووقوع الاشارات كما هو شأن الموصوف جل جلاله حتّى يكون دليلا بكمال الدلالة ومن حيث انه آية ودليل لنا بنا تعرف به سبحانه لنا بنا فنحن لا نتعداه ولا نصل الى الذات الاقدس كان هو محلا للعبارات وموقعا للاشارات وموضعا للنسب والاضافات وموردا للاسماء والصفات التي نثبتها له سبحانه وتعالى وهو المراد تبارك وتعالى وتلك الآية المعبر عنها بالعنوان والمقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان موقع تقع عليه تلك العبارات وليس المراد منها الا الذات الظاهرة لنا بنا كما قال امير المؤمنين عليه السلام لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها واليها حاكمها وهذا الذي ذكرنا لك هو المراد من قول مولانا قدس سره وعلا في العالمين ذكره ( العالمين مقامه وذكره خل ) فانما تقع على العنوان وذلك العنوان ليس كمثله شيء واذا كان العنوان ليس كمثله شيء فكيف تقع عليه العبارات التي تقع على ساير الممكنات والبيان هو ما ذكرنا لك من انه من حيث آية التوحيد منزه عن كل الصفات الامكانية من حيث الدلالة والا فهو في الحقيقة امكان ومن حيث انه عنوانه لنا وآية للاسماء والصفات يكون هو موقع العبارات وليس المراد منها الا الذات البحت البات وانما كررت العبارات ورددتها للتفهيم فان فهمته فهو والحمد لله والا فليس لقصور في التعبير او لا لتقصير منك وانما هو لعلو المطلب وهو ما ذكرنا سابقا من ان دليل الحكمة هو غير متعارف عند اهل المجادلة فان شافهناك تحظي انشاء الله ببعض المطلب والله الموفق
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في معنى قوله عليه السلام من زعم انا خلاقون بامره فقد كفر
اقول المعروف عند كافة الناس من الامر التفويض فاذا قيل ان المولى امر عبده بان يبيع الشيء الفلاني فالعبد مفوض اليه البيع فهو في حال البيع ليس في يد المولى بل معزول عنه وانما اقتضى ذلك الفعل الامر الاولى كالوكيل الذي يفعل بامر الموكل فانه حال الفعل مفوض اليه والموكل بمعزل عنه ولا شك ان من يقول انهم عليهم السلام خالقون بامر الله كالعبد الفاعل بامر المولى وكالوكيل الفاعل بامر الموكل فان ذلك كفر محض وتفويض صرف لا يقول به كافة اهل الاسلام في التكوينيات والفرقة المحقة مطلقا اي في التكوينيات والتشريعيات والذوات والصفات والافعال من الاختيارية وغيرها على ما هو المعروف عندهم ولا استلزام التفويض الاعتزال الموجب لاستغناء الممكن فانه اذا صح استغناؤه عنه في حال يصح استغناؤه عنه في كل حال وهذا امر في الامكان ممتنع ومحال فمن ادعى ( فمن ادعى ذلك فيهم فقد ادعى خل ) لهم الاستقلال وهو كفر على كل حال وما ورد من التفويض اليهم في بعض الاخبار كما في الزيارة الرجبية انا سائلكم وآملكم فيما اليكم التفويض وعليكم التعويض الزيارة وقول السجاد عليه السلام اخترعنا من نور ذاته وفوض الينا امور عباده ان الينا اياب هذا الخلق ثم ان علينا حسابهم فالمراد به السببية فانهم السبب الاعظم لافاضة الفيوضات الالهية ولولاهم لما افيض على خلق فيض في جميع مراتبه كالبلور فانه حامل لفعل الشمس الذي هو الحرارة ومحرق بها فالمحرق حقيقة هو الشمس والبلور سبب لاظهاره فالبلور يصدق عليه انه محرق لكنه باحراق الشمس واشراقها فهو في حين الاشراق محفوظ بالشمس فلو اعتزلت الشمس عنه ما كان فيه احراق ولا حرارة فمافوض اليه امر الاحراق ولولا البلور ايضا لم يظهر الاحراق من حرارة الشمس فيما هو سبب له فيصح لك ان تقول الشمس محرقة بالبلور ولك ان تقول ان البلور محرق بالشمس والمعنى واحد في الموضعين وكالملائكة الذين هم اسباب لظهور الافعال الالهية فان الفاعل هو الله بهم ويصح ان تنسب الفعل اليهم كما هو منسوب الى الله جل وعلا اما سمعت الله يقول الله يتوفى الانفس حين موتها ويقول قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم ويقول الذين تتوفيهم الملائكة الآية فاجمع بين هذه الآيات يظهر لك الحق الثابت البحت البات فالتفويض الوارد في هذه الروايات عن سادة البريات يحمل على هذا المعنى الصحيح واما التفويض بمعنى اعتزال الحق ( الاعتزال الحق سبحانه خل ) عن الخلق حال الفعل فذلك باطل فاسد مجتث زائل لا يقول به الموحد وانما هو سبيل الغالي الملحد عصمنا الله واياكم عن زيغ الآراء واتباع الاهواء فافهم ثبتك الله
قال سلمه الله : وما معنى قوله عليه السلام اثبات الصفات له توحيد مع ان نفي الصفات عنه توحيد
اقول يجب ان نثبت لله الصفات بما يخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه بمعنى انك تثبت كمالا له لكنه ليس ككمال المخلوقين فالصفة المتداولة في افهام عامة الخلق انها غير الموصوف وان الموصوف غير الصفة وهي من مقتضيات الموصوف والمقتضي غير المقتضى وبينهما نسبة وارتباط واتصال واقتران ولا ريب ان اثبات هذا المعنى عند اثبات الصفة لله سبحانه كفر وزندقة لاستلزامه الكثرة والتعدد والاقتران وكل ذلك من علامات الحدوث وهو قول مولانا امير المؤمنين عليه السلام كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة الصفة والموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث وبهذا المعنى لا يتم التوحيد الا بنفي الصفات عنه واما اذا اردت بالصفات اثبات الكمال بلا كيف ولا اشارة بحيث تكون الذات عين الصفات والصفات عين الذات بلا فرق لا في المفهوم ولا في المصداق ولا في الخارج ولا في نفس الامر بلا تعدد ولا تكثر ولا اختلاف بوجه من الوجوه وحيثية من الحيثيات وهذه الصفة يجب اثباتها لئلا يلزم التعطيل فلا يتحقق التوحيد الا بها فيجب اثبات الصفات للمعنى الثاني ونفيها بالمعنى الاول او اثباتها في عين نفيها بالمعنى الذي ذكرت لك او يجب اثبات الصفات الذاتية للذات ويجب نفي الصفات الفعلية عنها لانها حادثة فلا تثبت للقديم سبحانه وتعالى والذاتية هي الذات بلا اعتبار المغايرة الا في اللفظ وقولك الله عالم لا فرق بين العلم والعالم والذات الموصوفة به فقولك علم هو معنى قولك عالم وهو معنى قولك الله فالعلم هو عين العالم والعالم هو عين الذات والذات المجردة هي عينها بلا فرق ولا اعتبار وعلى هذا فابن امرك في اثبات الصفات ونفيها كما في الحديث الشريف
قال سلمه الله تعالى : وما معنى قوله تعالى في الحديث القدسي ما ترددت في شيء انا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن ما معنى هذا التردد وهو من صفات الجسم
اقول لا ريب ان التردد الموجب لعدم القطع واليقين بشيء محال على الله سبحانه وتعالى ولا يجوز اثباته له تعالى في مذهب من المذاهب فيجب تاويل هذا الحديث الشريف بما يطابق المذهب المنيف واحسن التوجيهات فيه ان الله سبحانه لما حكم ان لا يميت المؤمن ولا ينقله من هذه الدار الى الدار الآخرة الا باختياره ورضاه حتّى لا يكون مكرها له في حال من الاحوال ولما كان المؤمن لنسيانه النشأة الآخرة او حرصا للعمل الصالح لان الدنيا مزرعة الآخرة ربما يكره مفارقة الدنيا بل هو الاغلب والاكثر بل ما سمعنا من احد من الانبياء المتقدمين ولا من الاولياء السابقين واللاحقين انه احب الموت ولم يكرهه اول مرة الا مولانا امير المؤمنين عليه السلام فانه قال والله لابن ابي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه ولما انهم كرهوا الموت وما احب الله اكراههم ولا بد لهم من الانتقال الى الدار الاخرى يرددهم الله سبحانه وتعالى من حال الى حال ومن طور الى طور ومن فقر الى غني ومن غني الى فقر ومن صحة الى سقم ومن سقم الى صحة ومن عز الى ذل ومن ذل الى عز وهكذا يرددهم الله سبحانه في احوالهم حتّى تشمئز نفوسهم من الدنيا وتطلب الدار الاخرى ويكون انتقالها برغبة منه ورضا ولذا قال عز وجل ما ترددت في شيء بتغير احواله وتبديل اوضاعه كترددي في قبض روح عبدي المؤمن لاني وعدت بصادق وعدي ان لا انقله عن هذه الدار الا باختياره ورضاه وانتقاله لا بد منه وعدم رضاه لنسيانه العوالم الاخروية بشهادة فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد معلوم فلا بد ان اردده باحواله في تغييرات اوضاعه حتّى ينسي الدنيا ويشمئز منها ويطلب الآخرة ويرغب اليها حتّى اكون موفيا بعهدي غير مخلف لصادق وعدي ولذا قال تعالى يكره الموت وانا اكره مسائته فخذ ما القينا اليك وكن من الشاكرين
قال سلمه الله : وما الدليل العقلي على وجود الحجة عجل الله فرجه وعليه السلام ورجعة اهل البيت عليهم السلام مع انا نعتقد ذلك حق الاعتقاد ولكن ليطمئن قلبي ولطلب زيادة اليقين
اقول اما الدليل العقلي على وجود الحجة عليه السلام فهو الدليل على وجود آبائه ( آبائه عليهم السلام خل ) وهو الدليل على الامامة الكبرى اما على طريقة المتكلمين واهل النظر فان الله سبحانه وتعالى يجب ان تكون حجته بالغة وامره محكما وقضاءه مبرما وفعله متقنا ويجب ان لا يدع الناس في ظلمة عمياء ولا في بهمة طخياء فبعث نبيه صلى الله عليه وآله لهداية الخلق واظهار قدرته واعلاء كلمته ولم يبعثه حتّى جعله كاملا مؤدبا بجميع التاديبات الالهية فلما قضى عليه الموت لحكم ومصالح كثيرة منها رفع واهمة الغلو فلا بد من بعد موته من يقوم مقامه مؤدبا بآدابه متخلقا باخلاقه يرفع الاختلاف ويوصل الى الايتلاف ويعرف القضايا ( قضايا خل ) الآتية والتغيرات الواقعة وتبدل الموضوعات ولا شك ان عامة الخلق لا قابلية ( لا قابلية لهم خل ) في حفظ الشريعة الغرا ولذا تراهم يختلفون فيما شاهدوه عن النبي صلى الله عليه وآله مرات متعددة فاذا لم يحفظوا احكام صلوتهم ووضوئهم التي كان يفعلها صلى الله عليه وآله بحضورهم في مدة نبوته كل يوم خمس مرات حتّى اختلفوا فيها اختلافا شديدا لا يكاد ينضبط وهو عمود دينهم واصل شريعتهم فما ظنك بالاحكام الخفية والاسرار الدقيقة والجواب عن المسائل العميقة فيجب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يختار شخصا مؤدبا بآدابه متخلقا باخلاقه ومهتديا بهداه ومتحملا لعلومه ومتربيا في حجره يودعه جميع احكام شريعته وما يتجدد بعد ذلك في امته واحكام ناسخه ومنسوخه ومظهرا لمعجزته وكرامته ومحلا لاسرار وديعته وامانته وهو الامام القائم مقام النبي صلى الله عليه وآله في امته ولما كان استمرار حيوة هذه الخليفة يفضى الى المحذور الذي كان في استمرار حيوة النبي صلى الله عليه وآله قضى الله سبحانه عليه الموت فيجب وجود من يقوم مقامه وتكون نسبته اليه نسبة الضوء من الضوء فيكون على آدابه واخلاقه واعرابه ولما كان حجة الله يجب ان يكون كاملا بالغا حد الكمال حتّى في العدد يجب ان يكون اثني عشر لانه العدد الزايد ومثنى العدد التام وقد شرحناه في ذكر النبوة الخاصة المحمدية والولاية الخاصة العلوية فاطلبها تجدها شفاء للصدور ونورا في القلوب فوجب انتهاء النبوة الى انقضاء اثني عشر وصيا ولما انقضت مدة احد عشر واحدا منهم فيكون الآن نوبة ولاية الامام الثاني عشر صلى الله عليهم اجمعين فيكون هو الباقي الى انقطاع الدورة المحمدية صلى الله عليه وآله في هذه الدنيا يحفظ الرعية ويظهر حكم الله تعالى في البرية عجل الله فرجه وسهل مخرجه واما الدليل على وجوده عليه وعلى آبائه السلام ( وجوده عليه السلام وعلى آبائه الف التحية والسلام خل ) على مذاق اصحاب الحقيقة والعرفان فقد اشبعنا الكلام فيه في كثير من مباحثاتنا ومصنفاتنا واجوبتنا للمسائل فليطلبها من ارادها فاني الآن في اثناء السفر مع قلب متشوش غير مستقر لا يسعني الكلام اكثر مما ذكر
واما رجعة اهل البيت عليهم السلام فاعلم ان الله تعالى جعل للحق دولة وللباطل دولة بحكم التضاد ولئلا يكون للباطل عللا الله حجة بانك لو جعلت لنا دولة وحكما لعدلنا في الرعية ولا نصفنا في القضية وعبدناك عبادة لم تعبد بمثلها في البرية ولما كانت دولة الباطل مجتثة زائلة ودولة الحق ثابتة باقية لم يجز ان يتقدم في القوس الصعودي دولة الحق على دولة الباطل والا للزم انقطاعها وثبوت دولة الباطل كما هو شان عالم الصعود فان كل متأخر اشرف واثبت من المتقدم كما ترى في تنقل احوال الانسان والنبات والجماد وهو ظاهر معلوم فوجب تقدم دولة الباطل على دولة الحق وحيث ثبت ان محمدا وآله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم هم اشرف الخلق واقربهم الى الله سبحانه وتعالى واكرمهم عليه فوجب ان يكون سلطانهم اعظم من كل سلطان وبرهانهم فائقا على كل برهان وحيث ان سلطنتهم لم تظهر لغلبة سلطان الباطل وجب ان يكونوا هم صاحب دولة الحق المتاخرة عن دولة الباطل وحيث قتلهم اهل الباطل من قبل استيفاء سلطنتهم فوجب ان يرجعوا لاظهار تلك السلطنة الكبرى والدولة العظمى في الدنيا كما تظهر في الاخرى لتكمل الدولتان وتتطابق النشئتان ولما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام لهما الفخر والسودد وجب ان يكونا حاملي تلك الدولة الشريفة ولما كان باقي الائمة عليهم السلام من سنخهما وجب ان يكون حكمهم حكمهما الا ان لهما الرياسة عليهم كالقلب والصدر بالنسبة الى سائر الاعضاء فمتى ظهرا ظهرت ومتى خفيا خفيت فالدنيا حكم حالة الطفولية وظهور القائم عجل الله فرجه حكم حال البلوغ والرجعة حكم حال الكمال اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة والقول بان الرجوع الى الدنيا رجوع قهقري وهو ينافي الصعود مع انهم عليهم السلام في مقام التزايد وعلو الدرجات فالرجوع الى الدنيا رجوع من الاعلى الى الاسفل هذا القول كلام باطل ومجتث زائل لأن الآن في البرزخ وهو عالم المثال والتنعم والتالم فيه ناقص وهما مع الجسم اكمل ولو رجع المثال الى الجسم الدنيوي بالكيفية الدنيوية لزم ما ذكر ولكنه يظهر في الجسم بحالة برزخية متوسطة بين جسم الدنيا ويوم القيمة وهذا القائل يلزمه انكار المعاد ( معاد خل ) الجسماني ورجوع الارواح الى الاجسام يوم القيام فالكلام الكلام والجواب الجواب فافهم وفق الله تعالى للصواب
قال سلمه الله تعالى : وما الوجه في افضلية القائم عليه السلام على الثمانية عليهم السلام
اقول قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله على ما رواه ثقة الاسلام في الكافي عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل لماذا صرت افضل الانبياء وقد بعثت آخرهم قال صلى الله عليه وآله لاني اول من اجاب داعي ربي حين قال الست بربكم فيظهر من هذا الحديث الشريف ان التفاضل بحسب اختلاف الاجابة في عالم الذر الاول في التقدم والتاخر فمن سبق وتقدم فقد سبق وتقدم ومن لحق وتاخر فقد لحق وتاخر والسابقون السابقون اولئك المقربون فالتفاضل بحسب تلك الاجابة لا بحسب كثرة العمل وقلته كما زعموا الا اذا قارنا في الاجابة واختلفا في العمل فاكثر عملا افضل واما اذا تاخر في الاجابة وان اكثر العمل بالجوارح ( في الجوارح خل ) فقد سبق العمل القلبي الغيبي وهو اعظم شانا واكبر مكانا فافضلية سيدنا القائم عجل الله فرجه وكذا افضلية الافضل من الائمة عليهم السلام فمن جهة السبق في الاجابة في العالم الاول وان تاخر الظهور لاجل المصالح والحكم الخفية فرسول الله صلى الله عليه وآله سيدهم وفخرهم ثم امير المؤمنين عليه السلام لقول النبي صلى الله عليه وآله الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وابوهما خير منهما وقول امير المؤمنين عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله ثم الحسنان عليهما السلام بعين ما ذكر ثم الحجة المنتظر عجل الله فرجه لقول النبي صلى الله عليه وآله تاسعهم قائمهم افضلهم ثم الائمة الثمانية عليهم السلام ولم يصل الينا ما يدل على افضلية بعضهم على بعض ثم الصديقة الطاهرة عليها السلام لان الرجال قوامون على النساء وسر هذه الافضلية ما ذكرنا من تقدم الاجابة واما هذا التقدم والتاخر في الاجابة فلا يحيط به علمنا لانهم سلام الله عليهم باب الافاضة وسر الاستفاضة ونحن انما خلقنا من شعاع انوارهم ولا يبلغ الشعاع الى مقام يشخص المراتب التي في المنير الا باخبار منه على حسب مقامه الا ترى الى الكوز يمتلي من الحوض ويمتلي من البحر فلا يسع الكوز ان يشخص بين غزارة ماء البحر وعدم غزارة ماء الحوض وكذلك نسبتنا اليهم عليهم السلام فانهم بالنسبة الينا متساوون ولا نعرف التفاوت الا ببيان منهم فما قالوا قلنا وما دانوا دنا وما سكتوا عنه سكتنا فلا يسعنا الا التصديق والتسليم والرد اليهم على كل حال
قال سلمه الله تعالى : وما معنى لا بد لكل زمان من امام صامت وناطق فمن الصامت والناطق في زمن الغيبة وحين وجود آدم وحده
اقول اقول هذه الرواية لم اقف عليها بل الذي وقفت عليه من الروايات ما ينافي ذلك وقد روى الكليني ثقة الاسلام في الكافي بانه لا يجتمع امامان في زمان واحد الا الحسن والحسين عليهما السلام لانهما امامان الا ان الحسين صامت والحسن ناطق واما ان في كل زمان امامان صامت وناطق فما وقفت عليه مع ان الامام عليه السلام قطب كلي اولى فلا يجتمع قطبان في محل واحد
قال سلمه الله تعالى : وما المطابقة بين قوله تعالى وقفوهم انهم مسئولون وبين قوله فيومئذ لا يسئل عن ذنبه انس ولا جان
اقول اما قوله وقفوهم انهم مسئولون فالمراد انهم مسئولون عن ولاية امير المؤمنين واهل بيته ( اهل بيته الطيبين خل ) الطاهرين ولذا عقبه الله بقوله تعالى ما لكم لا تناصرون حيث ( وحيث خل ) رايتم الناس قد خذلوهم واخذوا حقهم وقتلوا رجالهم وسبوا ذراريهم ونسائهم واما قوله تعالى يومئذ لا يسئل عن ذنبه انس ولا جان فالمراد انهم يسئلون عن الولاية فمن كان ولايته لاهل البيت عليهم السلام ثابتة راسخة فلا يسئل عن ذنبه بعد ذلك ومن كان غير ذلك فلا يسئل عن طاعته وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا واما عذاب بعض الشيعة الثابت في الولاية فمن جهة التصفية مما اصابه من خلط اولئك المنافقين لا لاجل عذابه بل للرحمة عليه فلا يسئل يوم القيمة عن الذنب وانما يسئل عن الولاية لان تارك الولاية يوم القيمة كما اخبر الله عنه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام وثابت الولاية كما اخبر الله عنهم سيماهم في وجوههم من اثر السجود فالسؤال انما هو عن الولاية خاصة كما في قوله تعالى ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم وهي النعمة العظمى التي انعم الله بها على العباد وهو قوله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وقوله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وفي الزيارة السلام على نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار
قال سلمه الله تعالى : وما معنى قوله تعالى ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين ما هذه الموتة الاولى والثانية
اقول لهذه الآية الشريفة وجوه نقتصر على بعضها منها ان مبدء الحيوة الاولى في عالم الذر الاول وتمامها في الذر الثالث وهو عالم الارواح والموتة الاولى عند نزول الارواح من ذلك العالم الى ان وصلوا الى التراب وهو قوله تعالى كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ولا ريب ان الموت والحيوة مخلوقان والحيوة لشرفها مقدمة في الوجود على الموت والحيوة الثانية في هذه الدنيا والموت الثاني موتها ومنها ان المراد بالحيوة الاولى الحيوة في هذه الدنيا والموتة الاولى الموت فيها والحيوة الثانية في البرزخ والموتة الثانية عند نفخ الصور ومنها ان المراد بالحيوة الاولى والموتة الاولى ما تقدم في الوجه الثاني والحيوة الثانية في الرجعة والموتة الثانية فيها
قال ( قال سلمه الله تعالى خل ) : وما معنى عالم المثال واين المثال وهو في هذا العالم ام في غيره
اقول عالم المثال عالم متوسط بين عالم الارواح والاجسام وهو العالم الذي تأوى اليه الارواح بعد فراقها من الابدان وهو عالم ذو عجايب وغرايب له مادة من صفو المادة الجسمانية وله صورة تشبه الصورة الروحانية ولذا سمي مثالا لكونه على مثال الروح ومثال الجسم لانه ليس بلطافة الروح ولا بكثافة الجسم بل برزخ بينهما وعالم دونهما ولذة هذا العالم واهله والمهم اعظم من لذة الاجسام المحضة والمها بسبعين مرة وفيه من انواع النعيم والاليم وفيه جنة الدنيا التي اصلها وادي السلام وتمتد من جانب المغرب الى وراء جبل قاف في مدينة جابلقا وجابلصا المكتنفان بهورقليا والمدينتان طرفا المشرق والمغرب من ذلك العالم من الجنة وهورقليا هو المبادي العالية من السموات والارضين من ذلك العالم ونار الدنيا التي اصلها بئر بلهوت في وادي برهوت من ارض حضرموت من جهة المشرق وتمتد منها الى وراء جبل قاف الى ما شاء الله وهذا العالم هو الذي يراه الرائي في الطيف وربما يطلق المثال على محض الصورة والشبح من غير المادة وهو البدن النوراني الذي روي عن الحسين عليه السلام في جواب حبيب بن مظاهر لما سئله اين كنتم قبل خلق السموات والارض قال كنا اشباح نور قال وما الشبح قال عليه السلام ابدان نورانية لا ارواح لها ومن هذا العالم الصور المرئية في الاجساد الصيقلية بالمعنى الثاني واما قولكم واين المثال فاعلم ان ارض هذا العالم محدب محدد الجهات اي الوجه الاعلى من العرش الفلك الاطلس مبدء عالم الاجسام وسمائه تحت عالم الارواح اي ارضه وهو في باطن هذه الاجسام وهو الاقليم الثامن على احد الوجهين فلك ان تقول هذا العالم يعني في اعلاه ولطيفه وليس في هذا العالم يعني في اسفله وكثيفه وهو مستجن في هذا العالم مستكن فيه فاذا حضر ملك الموت لقبض الروح فانما يقبضها في المثال ويكون النعيم والاليم لها فيه وربما يعبر عنه بحوصلة الطير الاخضر
قال سلمه الله تعالى : وما معنى المعراج وكم مرة عرج به صلى الله عليه وآله الى السماء
اقول المعراج عروجه صلى الله عليه وآله بجسمه بل بجسده ببشريته بل بثيابه ولباسه الى السماء ومنها الى البيت المعمور ومنها الى الكرسي ومنها الى العرش وسرادقاته واركانه ومن العرش الى محيط عالم المثال ومنه الى عالم المواد والطبايع ومنه الى عالم النفوس والارواح ومنه الى عالم العقول والجنة بمراتبها من الكثيب الاحمر والرفرف الاخضر وارض الزعفران ومقام الاعراف ومقام الرضوان وهكذا يتصاعد صلى الله عليه وآله الى ان بلغ ( بلغ الى خل ) مقام قاب قوسين بل ادنى وعنده تمام السير وهو المسجد الاقصى في القرآن ومر صلى الله عليه وآله في عروجه على كل شيء خلقه الله حين ما خلقه الله ليريه من آياته انه هو السميع البصير واما قولكم وكم مرة عرج به فالمروي عن مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه في الكافي انه عرج به صلى الله عليه وآله مرتين والذي اعرف منه انه عليه السلام يريد بالمرتين النوع دون الشخص فان الشخص متجاوز عن الحصر والعد ( العدد خل ) اما النوع فيجمعه امران الغيب والشهادة فعبر عن عروجاته في عالم الشهادة مرة وفي عالم الغيب اخرى فافهم وكم من خبايا في زوايا
قال سلمه الله : وما معنى حسين مني وانا من حسين
اقول هذا تعبير عن كونهما والطيبين من ذريتهما من حقيقة واحدة ونور واحد كما في الزيارة واشهد ان ارواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض وهو قوله تعالى ذرية بعضها من بعض والمراد منه كناية عن حقيقة واحدة حقيقة ( حقيقية خل ) ليس فيها تعدد الا بحسب الظهور في المتعلقات والمعنى الآخر ان قوله صلى الله عليه وآله حسين مني ظاهر لانه ابوه واصله الذي تشعب الحسين عليه السلام منه كما قال صلى الله عليه وآله انا الشجرة وفاطمة اصلها وعلى لقاحها والائمة من ولده اغصانها وعلومهم اثمارها وشيعتنا الورق الملتف بالثمرة وهذا ظاهر غني عن البيان واما قوله صلى الله عليه وآله وانا من حسين يريد ان امره ونبوته وشريعته انما ظهرت بالحسين عليه السلام بشهادته وقتله على الوجه المخصوص فلولا قتله عليه السلام لانطمست اعلام النبوة واندرست آثارها ولم يبق لها الا اسم ولم يكن لها الا رسم وذلك كان ايضا يتمحى ( ينمحى خل ) عن قريب فكان الحسين عليه السلام هو الفجر في القرآن الذي فلق بشهادته غياهب دجى الظلمات وازال عن القلوب الشكوك والشبهات مما دخلت بصلح الحسن عليه السلام وسكوت امير المؤمنين عليه السلام في مدة خلافة الثلاثة وتحكيم الحكمين وبقبول النبي صلى الله عليه وآله الجزية والفدية وابقاء الكفار على اديانهم ومللهم والحاصل انه عليه السلام اظهر الدين واحيى شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله اجمعين فكان به ظهور امره ( امره الله عليه وآله خل ) فكني عن هذا المعنى بقوله وانا من حسين وفي الحديث ان سورة الفجر سورة الحسين عليه السلام فمن واظب عليها في فرايضه ونوافله حشره الله مع الحسين عليه السلام ولذا قال تعالى ان قرآن الفجر كان مشهودا
قال سلمه الله : وما معنى الحديث الوارد في الكافي من عبد الاسم والمعنى فقد اشرك ومن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد المعنى بايقاع الاسماء عليه فذلك هو التوحيد
اقول حيث ان القوم اختلفوا في ان الاسم عين المسمى او غيره والامام عليه السلام ذكر على ما في الكافي الاستدلال على ان الاسم غير المسمى بقوله ان لله تسعة ( تسع خل ) وتسعين اسما فلو كان الاسم عين المسمى لتعددت الالهة نقلت بعض الحديث بالمعنى ولما بين عليه السلام ان الاسم غير المسمى اراد ان يبين نسبة الاسم الى المسمى وان الاسم حادث والمسمى قديم والعبادة لا تصلح الا للقديم فقال عليه السلام من عبد الاسم والمعنى فقد اشرك لقيام الدليل على ان الاسم غير المسمى والصفة غير الموصوف وبينا بطلان كون الاسم عين المسمى فحينئذ هما شيئان وعبادتهما معا بالتوجه اليهما شرك فاذا صح حدوث الاسم ( الاسم باثبات خل ) انه غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ثم اراد عليه السلام ان يبين ان الاسم دليل المعنى وسبيله وصراطه ولا يمكن التوجه الى المعنى الا بالاسم فالاعراض عن الاسم بقطع ( بقطع النظر خل ) عنه اعراض عن المعنى لان الشيء انما يتوجه اليه بوجهه وبابه فاذا اعرض عن الوجه والباب فلم يتوجه فيقع توجهه باطلا ونظره لغوا فقال عليه السلام ومن عبد المعنى بايقاع الاسماء اي بدلالتها عليه دلالة رسم وصفة لا دلالة كشف وعين فذاك هو التوحيد وهو قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وقوله تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وفي الزيارة يسبح الله باسمائه جميع خلقه فالنظر الى الاسم والمعنى لا بد منه ( لا بد له خل ) فمن نظر الى الاسم نظر استقلال فقد كفر ومن نظر نظر اشتراك مع المعنى فقد اشرك ومن نظر نظر اعتزال وافتراق بينهما فقد ابطل ومن نظر نظر اتصال واتحاد فقد الحد ومن نظر الى المعنى بدون الاسم فقد ضل وافسد ومن نظر الى الاسم نظر استدلال والمعنى نظر استقلال فهو الموحد فافهم
قال سلمه الله تعالى : وما الفرق بين جنة آدم وجنة الخلد واين جنة آدم واين جنة الخلد وكذا النار
اقول اما جنة آدم فهي الجنتان المدهامتان اللتان تظهران في آخر الرجعات عند مسجد الكوفة وما وراءه الى ما شاء الله وليست هي جنة الدنيا التي تأوى اليها الارواح بعد فراقها من الاجسام لان تلك من عالم المثال وهذه من عالم الاجسام والاجساد لان آدم عليه السلام خلق جسده وجسمه منها فلا تكون هي المثال الذي هو البرزخ وانما هي خلقها الله سبحانه وتعالى بعد عالم المثال وجنة هورقليا الاولية في وقت الظهر وقت كون طالع الدنيا السرطان والكواكب في اشرافها واما جنة الخلد فهي الجنة التي يدخل فيها الخلق بعد القيمة والحشر والصراط والميزان وهي جنة اسفلها جسماني واعلاها روحاني وعقلاني تظهر من الاجسام احكام الارواح ومن الارواح احكام الاجسام وهي اصفي والطف واشرف من جنة آدم بسبعينالف مرة وهذه الجنة هي التي خلقت من فاضل نور الحسين عليه السلام وهي التي لا يدخلها يوم عاشورا وقد دخل جنة آدم وجنة عالم المثال واقيمت فيها الماتم ولطمت الحور العين واما جنة الخلد فليس فيها هم ولا حزن ولا نكد وهي ثماني طبقات لكل طائفة طبقة ولسبعة منها اظلال وانوار واشعة وكل ظل وشعاع ونور يسمى حظيرة يسكنها مؤمنوا الجن واولاد الزنا اذا كانوا مؤمنين والمجانين الذين استوعبت ايام بلوغهم وايام تكليفهم بالجنون فالجنان من الاصول والحظاير خمسةعشر واما نار الدنيا فقد مرت الاشارة اليها عند ذكر عالم المثال واما نار ( دار خل ) الآخرة فهي ما يدخلها المنافقون والكفار ويخلد فيها الحساب ( الكفار ويخلدون فيها بعد الحساب خل ) على الصراط ولها سبعة طبقات ولكل طبقة حظيرة يسكنها كفار الجن ونوع من الشياطين والعصاة من الشيعة الذين يخرجون منها بعد ان مكثوا فيها احقابا نعوذ بالله منها واما قولكم اين جنة آدم واين جنة الخلد فاعلم ان جنة آدم من جبل قاف وما وراءه الى ما شاء الله وهي في هذا العالم كالاكسير الغائب المستجن في الاوساخ العرضية النباتية والجمادية وكذلك جنة آدم فانها قد اكتنفت ( اكتفنت خل ) بالعوارض التعليمية من حدود الجسم التعليمي من الصور المختلفة الموجبة للكثافة كالحجر الاسود فانه كان درة بيضاء صافية توسخ باوساخ اهل الدنيا فصار كما ترى فاذا ازيلت هذه الاوساخ رجع كما كان واما جنة الخلد فهو من سنخ باطن فلك الكرسي وهي مستقرة في غيبها ارضها محدب محددها وسمائها باطن العرش الجسماني فهي موجودة ومخلوقة ومستقرة الآن في محلها ومكانها والناس يسيرون اليها بالموت من طريق القبر وشبهه وهي من عالم الاجسام ايضا كما ان الجنين يخرج الى هذه الدنيا من طريق بطن امه والدنيا من عالم الاجسام وبطن الام ايضا من عالم الاجسام ( الاجسام والجنين ايضا من عالم الاجسام خل ) قد انتقل جسم من طريق جسماني ( جسماني الى جسم خل ) اشرف واولى كذلك جنة الخلد بالنسبة الى هذه الدنيا حرفا بحرف فافهم المطابقة ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال فقد اوقفتك على حقيقة علم ما اسعدك لو وفقت بفهمه والله الموفق وهذا الحكم في نار الآخرة بحكم المقابلة والمضادة حرفا بحرف
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ويختار في المسافر اذا قصد اربعة فراسخ ذهابا واربعة ايابا ولم يرد الرجوع ليومه ما مذهبكم فيه التقصير او الاتمام
اقول المشهور بين المتأخرين من اصحابنا ان المسافر اذا قصد اربعة فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه انه يتمم ولا يقصر نظرا الى الروايات الدالة على ان حد المسافة ثمانية فراسخ ومقتضى ذلك عدم التقصير في اقل منها والقاصد لاربعة فراسخ اذا رجع ليومه فهو قاصد للثمانية وشاغل ليومه فيجب عليه القصر والا فالاتمام لانه القدر المتيقن وحكم الاستصحاب والاصح عندي انه في هذه الصورة يقصر والروايات المذكورة نعمل بمقتضاها ونعتقد ان حد المسافة ثمانية فراسخ واما انه بقطعها ( يقطعها خل ) في يوم واحد فممنوع مع دلالة الروايات الكثيرة على ما نقول مضافا الى روايات عرفه والكليني في الكافي لم يذكر روايات الثمانية رأسا وانما ذكر ما يدل على الاربعة فالاظهر وفاقا لجماعة من اصحابنا ما ذكرناه من القصر دون الاتمام والاحتياط طريق السلامة في الدنيا والآخرة
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا في المقيم عشرا يجوز له الخروج الى ما دون المسافة وان نوى عشرا وبدا له السفر في اثنائها يجوز له السفر ام لا
اقول الاصح جواز الخروج الى ما دون المسافة اذا لم يكن قاصدا لخروج ( الخروج خل ) عن حد الترخص ولا تبطل به الاقامة لاستصحاب لزوم التمام وعدم ما يصلح لنقض ( لنقص خل ) الحكم الاول واما اذا كان ناويا الخروج عند قصد الاقامة فلا تتحقق الاقامة لمنافات قصد الخروج اياها وهذا معلوم وان نوي عشرا فبدا له السفر في اثنائها ولم يكن قاصدا له حين النية فان كان قبل الصلوة ولو فرضا واحدا بقصد التمام تبطل نية الاقامة ويصلي قصرا ما دام فيها وان كان بعد الصلوة ولو فرضا واحدا تماما بقصد الاقامة فهو لا يقصر ما دام في تلك البلدة واذا سافر وخرج عن حد الترخص يقصر ويجوز له ان شاء السفر في اثناء الاقامة قولا واحدا
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا في البلد المتخذة دار وطن اذا لم يكن له فيها ملك حكمها حكم الملك ام لا
اقول من قواطع السفر قصد التوطن خاصة ولا يشترط فيه الملك فاذا اتخذ بلدة دار وطنه يتمم الصلوة ويصوم كل ما دخل فيها ولا يحتاج الى نية الاقامة ولا يشترط ان يكون له ملك فيها بلا اشكال
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في وجه تسمية فاتحة الكتاب بالسبع ( السبع خل ) المثاني واني اريد التاويل لا التفسير
اقول اعلم ان الكتاب كتابان كتاب تكويني وتدويني ( كتابان تكويني وكتاب تدويني خل ) وكل منهما يشتمل على فاتحة الكتاب ففاتحة الكتاب التدويني سورة الحمد التدوينية المعروفة الواقعة في مبدء الكتاب التدويني الذي هو القرآن واما الكتاب التكويني فهو العالم من حيث المجموع ففاتحته مبدءه ولما دلت الادلة القطعية من العقلية والنقلية ان محمدا وآله الائمة الاثني عشر وفاطمة الصديقة عليه وعليهم وعليها الفالف ثناء وتحية هم مبدء الوجود وسر الشاهد والمشهود فيكون هم سلام الله عليهم فاتحة الكتاب التكويني اما سمعت الزيارة بكم فتح الله وبكم يختم وانما سميت الفاتحة السبع المثاني لان اسمائهم سلام الله عليهم سبعة وهم محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وجعفر وموسى وباقي الاسماء مكرر هذه الاسامي فالسبعة اذا ثنيت تكون اربعةعشر في العالم الاول الهياكل السبعة التي لها خضعت الكائنات ولها ذلت الموجودات وبها سكنت السواكن وتحركت المتحركات وفي العالم الثاني هم السبع المثاني بالهياكل الاربعة عشر بامر مستقر وهذا ما اردت من التاويل واما الزيادة على ما ذكرنا فكتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور يضيق صدري باظهارها ولا يضيق بكتمانها لا سيما في هذا الزمان الذي قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعى الغي اتباعه فلبوه من كل ناحية ومكان واجابوه باللسان و( او خل ) الجنان في كل زمان واوان وهو عذري فيما لم اتعمق فيه من شرح بعض هذه المسائل والا فلو اذن لي بالبيان لاريتكم عجائب مستعظمات وغرايب مستطرفات لم تذكر في كتاب ولم تجر في خطاب ولم ينطق بها فم في ( في فم خل ) سؤال ولا جواب والله سبحانه هو الولي في المبدء والمآب
قال سلمه الله تعالى : وما معنى ما ورد في الصلوة ان قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها لانها عمود الاعمال ما هذه الصلوة فان كانت هي الصلوة الظاهرة فكيف فضلها على ساير الاعمال مع ان هنا في الاعمال ما هو اشق وقد ورد افضله احمزه
اقول المراد بالصلوة التي هي عمود الاعمال بحيث ان قبول الاعمال كلها منوط بقبولها ليست الا ولاية الائمة عليهم السلام وان بها تقبل الاعمال وتزكي الافعال فمن لم يات بها وعمل جميع الاعمال اكبه الله على منخريه في نار جهنم وانما سميت الولاية صلوة لان الصلوة اما مشتقة من الوصل او من الصلة او من الصلوان والكل مناسبة للولاية فان الله سبحانه وصلهم بنفسه وقرنهم بامره فجعل حكمهم حكمه وامرهم امره ونهيهم نهيه وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته وفعلهم فعله اماسمعت الله يقول من يطع الرسول فقد اطاع الله الذين يبايعونك انما يبايعون الله فلما آسفونا انتقمنا منهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ولا ريب ان الله تعالى لا ياسف ولا ينتظر علما مستقبلا مستأنفا لم يكن قبل ذلك وانما هو من صفات الحادثين وسمات المخلوقين فاختار سبحانه لنفسه اولياء جعل اسفهم اسف نفسه وعلمهم علمه فوصلهم بنفسه فاشتق لهم من الوصل اسما وهو الصلوة واما الصلة بمعنى العطية فان الله سبحانه جعلهم ( جعل لهم خل ) نعمته الكبرى وعطيته العظمى التي انعم بها على خلقه بها يصلح شئونهم وذواتهم وصفاتهم وافعالهم بحيث لولاهم لماكانت سماء مبنية ولا ارض مدحية ولا فلك سار ولا كوكب جار ولساخت الارض باهلها وتدكدكت السموات بمن فيها فهم لعمري اعظم النعم التي من الله بها على العالم وجميع النعم من فروعها وفي الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه وفيها ايضا بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا واصلح ما كان فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة الزيارة وحيث كان فهم العطية الكبرى والنعمة العظمى والصلة التي من الله بها فيشتق اشملهم ( فيشتق لاسمهم خل ) اسما منها وهو الصلوة واما الصلوان بمعنى المطابقة ( المتابعة خل ) الغير المنفصلة والغير المنفكة فهم سلام الله عليهم كذلك لان الله تعالى قرن طاعتهم بطاعته وجعل مشيتهم تابعة لمشيته فقال عز من قائل وما تشاؤن الا ان يشاء الله عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي وغيرها من الآيات فلما تمحضوا في التابعية سماهم الله تعالى اسما من الصلوان فالصلوة اسمهم على كل المعاني فهم اصل الاعمال وولايتهم والديانة بها عمودها ان قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها فالصلوة اسم لهم حقيقة ثم سميت بها هذه الاركان المخصوصة لانها معراج المؤمن والوصول والصلة بتلك الصلوة الحقيقية وانما اختصت بالفضيلة لانها عمل الكينونة بالقلب والجنان واللسان والاركان بغير ( من غير خل ) اشتراط بشيء آخر سوى العقل ولذا كانت لا تسقط في حال من الاحوال لا في صحة ولا مرض ولا في سفر ولا حضر لا ( ولا خل ) في شدة ولا رخاء وهي لازمة الكينونة بسر البينونة ولذا قال عليه السلام الصلوة خير موضوع فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر وهي ايضا عمود الاعمال بحيث ان من لم يفعلها ( يفعلها خل ) لا تقبل منه ساير الاعمال فان تركها احد مستحلا فهو كافر وساير الاعمال التي بلغت حد الضرورة كالحج والزكوة والصوم ايضا كذلك يكفر كافرها ( تاركها خل ) مستحلا وان ترك الصلوة غير مستحل فلا يكفر ولكنه لا يسقط باقي الاعمال لان الحسنات يذهبن السيئات ولا عكس وليس مسقطا للعمل الا ترك الصلوة التي هي علة لكلما جل وقل وهو ولاية آل محمد الاخيار والامناء الابرار عليهم سلام الله ما طلعت شمس واضاء نهار وقولكم ايدكم الله تعالى مع ان في الاعمال ما هو اشق ممنوع وانما هي اشق الاعمال لان فيها مطابقة الظاهر اي ظاهر الاركان وباطن القلب الذي هو حقيقة الانسان ومناجاة الرب معك بام الكتاب وسورة من القرآن ومناجاتك معه بالاذكار والافعال في اللسان والجنان وجعل كل هذه المذكورات في موضعه اللايق به من اصعب ما يرد على الانسان خصوصا الاخلاص المطلوب فيها يحفظ السر عن النسيان من كافة اهل الاكوان اما سمعت الله ( الله تعالى خل ) يقول واستعينوا بالصبر والصلوة وانها لكبيرة الا على الخاشعين الآية ولم يقل وانهما فافهم ضرب المثل
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا في الغسل في شهر رمضان بالليل هل هو واجب كمذهب جماعة ام مستحب حتّى يتضيق الفجر
اقول الادلة خالية عن هذا التفصيل بل المستفاد منها الاتيان بالغسل ان وجب بالليل حتّى يصبح متطهرا فيكون وقت الغسل للصائم ما يسمى ليلا سواء كان في اوله او في آخره كما انه لم يوقت للصائم نية الصيام في جزء من الليل دون جزء فتقييد الوجوب بتضيق الوقت تخصيص لا موجب له الا بعض التخريجات العقلية والاستحسانات الاعتبارية التي لا تصلح لتاسيس الاحكام الشرعية الالهية والاصح الوجوب في اي جزء كان من اجزاء الليل
قال سلمه الله : وما يختار سيدنا في كثير السفر ما معناه وما حكمه
اقول اعلم ان كثير السفر هو الذي يسافر ثلث مرات متواليات بحيث لم تتخلل بينهما اقامة عشرة ايام بحيث يصلي تماما سواء كان في بلده او في غيره اذا قصد اقامة عشر ايام فاذا توالت الاسفار ثلث مرات على الوجه الذي ذكرنا فهو كثير السفر وحكمه التمام اذا تحققت كثرة سفره واما الملاح فالظاهر ان الكثرة ترعى ( تراعي خل ) فيهما والاحوط ان يقصر في سفره الاول ويجمع في سفره الثاني ويتمم في الثالث هذا اذا لم تتخلل اقامة العشرة في اثنائها فاذا اقام عشر ايام ولو في بيته فانه يقصر بعد ذلك الى ان تتحقق الكثرة والاحتياط في الدين مطلوب لاهله
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا في المسافر هل فرضه التمام اذا وصل حدود بلده بحيث يسمع الاذان ويرى الحيطان ام اذا دخل منزله ولا بجنبه
اقول نعم فرضه التمام اذا وصل حد الترخص ولا يشترط دخول منزله سواء كان بجنبه او لا
قال وما يختار سيدنا في الصلوة على محمد وآل محمد عند ذكره واجبة ام مستحبة وما فائدة الصلوة عليهم نفعها لنا ام لهم اقول الاصح ان الصلوة على محمد عند ذكره صلى الله عليه وآله واجبة دون آله لقوله صلى الله عليه وآله من ذكرت عنده ولم يصل على فليتبوء مقعده من النار والروايات بهذا المعنى كثيرة ولا معارض لها والامر حقيقة في الوجوب فوجبت الصلوة عليه عند ذكره سواء كان باسمه او بلقبه او بكنيته او بالضمير الدال عليه صلى الله عليه وآله واما فائدة الصلوة فترجع الينا بمعنى تصلح شأننا وتنير قلوبنا وتصفينا من الادناس كما في الزيارة وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا وطهارة لانفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا فاذا انتفعنا منها ورجعت الفائدة الينا ينتفعون سلام الله عليهم بانتفاعنا وتزيد شوكتهم وسلطانهم لانا من شيعتهم المضافين اليهم المنسوبين لديهم فنحن لهم وملكهم فاذا صلحنا صلح ملكهم وسلطانهم فهذا اقصى ( وهذا اقضى خل ) ما ينتفعون به اماسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فاني اباهي بكم الامم الماضية ولو بالسقط واما انتفاعهم بصلواتنا عليهم في رتبة ذاتهم فمحال جدا لان الشعاع لا يؤثر في حقيقة المنير بحال من الاحوال على سبيل القطع واليقين نعم ينتفعون في شوكتهم وسلطانهم لا غير فاذا قلت ان فائدة الصلوة ترجع اليهم بهذا المعنى صدقت وان قلت انها لا ترجع اليهم بذلك المعنى صدقت لا لما قالوا من انهم عليهم السلام بلغوا رتبة لا تقبل الزيادة عليها والا لم يكونوا كاملين فاذا لا فائدة في الدعاء لهم الا ما يرجع الينا فان هذا كلام ضعيف واستدلال سخيف فان الممكن لا يمكن فرض استغنائه عن القديم سبحانه بحال من الاحوال والا لكان ( لكان قديما خل ) مثله هف بل الممكن دائم الزيادة فلما ( فكلما خل ) قرب وقوي قوي افتقاره اليه سبحانه وتعالى في العطاء لا تقف هذه الزيادة طلبا وعطاء الا اذا انقلب الامكان وجوبا وذلك محال وهو قوله تعالى في الحديث القدسي كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية بل عدم انتفاعهم في ذواتهم بصلوتنا لاجل ما ذكرنا لان من سواهم من شعاع انوارهم ولا يتصور انتفاع المنير الا بقوة نوره الذي هو نفس الشعاع فافهم
قال سلمه الله تعالى : وما معنى قوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء هل الاول علم الذات القدسية والاستثناء لمقام فعله عز وجل
اقول لك ان تجعل الاستثناء منقطعا وان تجعل المستثنى منه العلم الذاتي والمستثنى العلم الفعلي ومعناه انهم لا يحيطون بشيء من علمه الذاتي لان الممكن محال ان يصل الى الذات الاقدس الا بما شاء كونه وعينه من العلوم الفعلية ولك ان تجعل الاستثناء متصلا وحينئذ يكون العلم الاول هو العلم الفعلي والمستثنى ايضا كذلك وحينئذ معناه ما في احاديث كثيرة من ان لله علمين علم علمه انبياءه وملائكته وعلم استاثره في علم الغيب عنده وكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الاسم الاعظم ثلثة وسبعون اسما اثنان وسبعون منها عندنا والله سبحانه وتعالى تفرد بواحد منها وذلك الاسم هو الامكان الذي به مددهم وزيادتهم فلو احاطوا بذلك لاستغنوا فان المحيط يجب ان يكون اعلى رتبة من المحاط فاعلى من الامكان لا يتصور الا الوجوب واهل الامكان لا يتصور ان يحيطوا به فلم يبق الا انهم لا يعلمون حقيقة الامكان دفعة واحدة الا تدريجا ولا نهاية لهذا التدريج فلا يحيطون بشيء من علمه الامكاني الا بما شاء تكوينه فكلما دخل في الكون فهم عليهم السلام المحيطون به وكلما في الامكان فلا ولك ان تجعل الاستثناء برزخيا لا متصلا ولا منقطعا فيكون المستثنى منه العلم الذاتي الظاهر في الامكان والمستثنى العلم الفعلي من حيث هو هو والفعل هو ( الفعل له خل ) البرزخية الكبرى فافهم فان لبسط المقال مقام آخر
قال سلمه الله تعالى : وما معنى يا خفيا لفرط الظهور
اقول ان الشيء اذا كان له ضد يظهر بالتمييز عند ضده فلما رأينا الشمس اذا غربت يرتفع النور والشعاع عن وجه الارض عرفت ( عرفنا خل ) ان النور من الشمس فاذا فرض ان الشمس لا يعتريها الغروب والافول وكانت دائمة الاشراق والبقاء على وجه الارض لم يعلم ان هذا النور من الشمس بل لعلما يفرض استقلاله دونها وينسب الى غيرها من الاجرام والاجسام ( والاجرام من الاجسام خل ) فقد خفي حينئذ انتساب النور الى الشمس وهذا الخفاء انما هو لفرط ظهوره فاذا عرفت هذا فاعلم انه سبحانه وتعالى حيث لا يجري عليه الزيادة والنقصان والطلوع والافول والتغيير والتبديل والظهور والبطون والاولية والآخرية لم يسبق له حال حالا ليكون اولا قبل ان يكون آخرا فخفي على الناس اهل الوسواس الذين في صدورهم الخناس نسبة هذا الخلق اليه سبحانه وتعالى لاستقرار امره ووحدته وكونه على حالة واحدة فانكروه وعاندوه وموهوا على الغير فخفي الامر واستتر وذلك لفرط الظهور ولعظم النور فخفي في فرط ظهوره واستتر لعظم نوره كما انك اذا قربت المبصر الى القوة المدركة لا تبصر شيئا فخفي لشدة ظهوره وهنا وجه آخر تركنا ذكره خوفا للتطويل وصونا عن اصحاب القال والقيل
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في الحلف عند غير المجتهد بل واسطة له هل يجوز ام لا وهل يسقط به الحق ام لا
اقول الحكومة حق الامام عليه السلام كما في قوله عليه السلام الحكومة لامام المسلمين لكن في حال الغيبة وشدة المحنة رخصوا الفقهاء من شيعتهم الامناء على دينهم العارفون باحكامهم والرواة لحلالهم وحرامهم ان يحكموا بين الناس على قدر الضرورة فهم النواب والحكام واما غيرهم فلا رخصة لهم في الحكومة وقطع الخصومة الا من باب الصلح الذي رخص الله سبحانه وتعالى به عامة عباده بقوله انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم فالحلف ان كان ( كان من خل ) باب الحكومة وكونه قائما مقام البينة فلا يجوز عند غير المجتهد الجامع لشرايط الفتوى الموثوق المامون فلا تسقط الدعوى ان وقع عند غيره وان كان من باب الصلح فجوز بعض الفقهاء ايقاعه وهو قريب والاحوط تركه الا للضرورة العظيمة وحينئذ يسقط به الحق ان وقع التراضي وجرت صيغة الصلح ولا فرق في الحلف صلحا بين ان يقع بين واسطة المجتهد او غيره
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في ميراث ام الولد هل لها الثمن كاملا من كل شيء ام لا
اقول اعلم انهم اختلفوا في ذلك فمن قائل بان ام الولد حكمه حكم ساير الورثة ترث من الاعيان ارضا كان ام عمارة ام غيرهما من ساير الاثاث ومن قائل بعدم الفرق بينها وبين غيرها في حرمانها من الارض عينا وقيمة ومن العمارة والاشجار عينا دون القيمة ومن غيرهما حكمها حكم الورثة وهو المختار لدلالة الروايات الكثيرة وعدم معارضتها بما يصلح للمعارضة عدا مقطوعة عمرو بن اذينة في الفرق بين ذات الولد وغيرها التي هي مستند الاولين وهي ضعيفة غير مستندة الى الامام عليه السلام وما هذا شأنه لا يصلح لتخصيص الادلة القاهرة العامة فان التخصيص لو فرض جوازه من غير دليل خاص لا بد من التكافؤ مع العام سندا ودلالة واعتبارا واين هذه المقطوعة من تلك الروايات الصحيحة فالعمل عليها انشاء الله والقول بعدم الفرق بين ذات الولد وغيرها في حرمانها وساير احكامها مما يتعلق بالميراث
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في الجمع بين الشريفين جائز ام لا وهل الحديث الوارد في التهذيب معتبر ام لا وهل يرى مولانا التحريم او الكراهة
اقول اعلم ان العلماء من الفرقة المحقة كافة عملهم على عموم قوله تعالى واحل لكم ما وراء ذلكم الا موارد خاصة دل عليه الدليل القطعي واجماع الفرقة المحقة ولم يذكر احد من محرمات النكاح الجمع بين العلويين ولم يزل ديدنهم وعملهم على هذا العموم واستقر عليه العمل مع اطلاعهم على الرواية التي في التهذيب مع شهرته وتداوله وانكباب العلماء عليه الى ان صارت النوبة للشيخ محمد بن الحسن بن الحر ( الحسن الحر خل ) العاملي فانه اطلع على الرواية التي في التهذيب المروية بسند ضعيف وعلى الرواية التي في عللالشرايع التي رواها الصدوق بسند صحيح فحكم بالتحريم عملا بهاتين الروايتين وزعما بصحة ما في التهذيب على القاعدة المقررة عند الاخباريين من صحة ورود روايات التهذيب مثل باقي الكتب الاربعة عن المعصومين عليهم السلام وجاء من بعده من بعض الاخباريين وتبعه في ذلك وقال بالتحريم ولم يلتفتوا ان العام اذا استقر العمل عليه لا يخصصه الا ما يكافؤه واين هاتان الروايتان ومكافؤتهما مع الادلة العامة من الكتاب والسنة مع اعراض الاصحاب القدماء والمتاخرين عنهما مع اطلاعهم عليهما وتكرر نظرهم اليهما وهذا اعظم دليل على ضعفهما وعدم جواز العمل بمضمونهما وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تزال طائفة من امتي على الحق حتّى تقوم الساعة ولا يمكن القول باتفاق الفرقة المحقة على الباطل واحتمال الخلاف والقائل لا يجدي نفعا في المقام مع انه لو كان ماكان خفي على اولئك الاعلام مع شدة ضبطهم وفحصهم واعتنائهم وجريان عادتهم على انهم اذا وجدوا دليلا مخالفا لما هم عليه وله صلاحية الاستدلال يذكرونه ويتكلمون عليه نفيا و( او خل ) اثباتا الا اذا وجدوا ما لا يصلح مطلقا كما في هذا المقام فانهم لم يذكروا في محرمات النكاح الجمع بين العلويين كما ذكروا الجمع بين الاختين وغيره وحاشاهم ان يكون ذاك مذهبهم وكتموه ولم يذكروه في كتبهم فانه غش محال عليهم فالقول بالتحريم في غايه السقوط واما الكراهة فلا دليل عليها ايضا وقد ( وقد عرفت خل ) حال الروايتين ولو صحتا في العمل كانت ادل دليل على التحريم وحيث ان الاصحاب تركوهما واعرضوا عنهما عرفنا ضعفهما وعدم صلاحيتهما لتأسيس الحكم الشرعي مع قوله عليه السلام في مقبولة عمرو بن حنظلة خذ ما اشتهر بين اصحابك واترك الشاذ النادر فان المجمع عليه لا ريب فيه والظاهر ان الكراهة ايضا منتفية ولو تركه انسان حذرا عن الخلاف واخذ بالقدر المتيقن المجمع عليه فلا بأس
قال سلمه الله تعالى : وما يقول في القرائة يجوز بالسبع خاصة ام يجوز بالعشر او بالشواذ
اقول اما القرائة بالشواذ فيما شرطه القرائة فلا يجوز اجماعا واما بالعشر فجماعة من الاصحاب قالوا بجوازها وكان شيخنا اعلى الله مقامه ورفع في الدارين اعلامه يقول به وجماعة من الاصحاب انكروها وربما يكون هو الاحوط عند الخلاف واما قرائة السبع فتجوز اجماعا لقوله عليه السلام اقرء كما تقرءه الناس وقرائتهم هي المتفق عليها ويبرء الذمة بها يقينا فالاقتصار عليها اولى والله سبحانه هو العالم
قال وما معنى فرض الصلوة احدى وخمسون ركعة وفرض الصوم شهرا وما معنى القرائة في الاوليين والتسبيح في الاخيرتين
اقول لما كان اشد الاهوال واصعبها واضيقها على المؤمن مواقف الصراط يوم القيمة وهي خمسون موقفا يقف الناس في كل موقف الف سنة وهو الموضوع على متن جهنم وهو احد من السيف وادق من الشعر فلم يكن في القيمة موقف اشد ولا اصعب منه اعاننا الله عليه ولما كان الله سبحانه جعل العالم عالم الاسباب ويجري الاشياء باسبابها ويريد للمؤمن اليسر ولا يريد به العسر والشدة جعل له سببا قويا للنجاة من تلك الشدايد وتيسير المرور على تلك المسالك ولما كانت الصلوة اعظم الاركان وهي خير موضوع واشرف مشروع واجذب العبادات والاعمال للخير للنور ( للخير والنور خل ) وادفعها للبليات والشرور واوصلها الى عالم السرور اوجب الله سبحانه خمسين صلوة ليكون كل صلوة موجبة لدفع ضرر وشدة موقف من تلك المواقف الصعبة المستصعبة ولما سئل نبي الله موسى عليه السلام التخفيف خففها سبحانه وجعلها خمسا ليكون كل صلوة بمنزلة عشر بحكم من جاء بالحسنة فله عشر امثالها لتكون الخمسة قائمة مقام الخمسين ولما اراد الله سبحانه ان لا يحرمهم ثواب الخمسين ليرتقى الثواب الى الخمسمأة لتكون اكمل في دفع المضرة واقرب الى رفع المضرة ونفي الشدة والصعوبة واجلب للفيوضات القدسية واجذب للنفحات الالهية اكمل الخمسة بالخمسين وضعف ركعات الصلوة الخمسة بالنافلة فصارت اليومية من الفريضة والنافلة خمسين ركعة وانما صارت الفرايض سبعةعشر ركعة من دون زيادة ونقيصة لان اصل الصلوة انما هي ركعة واحدة لان اصل العدد واحد فاذا نقصت من واحد فليس هي صلوة وعلم الله ان العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلوة اقل منها بكمالها وتمامها والاقبال اليها فقرن اليها ركعة واحدة اخرى لتتم بالثانية ما نقص من الاولى ففرض اصل الصلوة ركعتين ثم علم رسول الله صلى الله عليه وآله ان العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما امروا وبكمالها فضم الى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيها تمام الركعتين الاوليين ثم علم ان صلوة المغرب شغل الناس في وقتها اكثر لانصراف الناس الى الافطار والاكل والوضوء والتهية للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون اخف عليهم ولان تصير ركعات الصلوة في اليوم والليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لان الاشتغال في وقتها اكثر والمبادرة الى الحوايج فيها اعم ولان القلوب فيها من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل وقلة الاخذ والعطاء والانسان فيها اقبل على صلوته منه في غيره من الصلوة لان الفكر اقل لعدم العمل من الليل هكذا قال مولانا الرضا عليه السلام على ما رواه ابن شاذان عنه عليه السلام فمن هذه الجهة صارت الفرايض اليومية سبعة عشر ركعة عشر ركعة منها ما فرض الله والسبعة الاخرى ما فرضه الرسول صلى الله عليه وآله بالله سبحانه مما افاض عليه بسر كينونته فان ينطق ( فان لم ينطق خل ) عن الهوى ان هو الا وحي يوحي واما الخمسون في الفرض الاولى فهي لا يحتاج الى تعدد كما ذكرنا في اليومية لان التعدد يوجب الاقبال ويصحح الامتثال فكانت الخمسون ركعة بازاء ما ذكرنا من الفرض الاولى ولاجل شفاعة موسى على نبينا وآله وعليه السلام لم يوجبها على الامة وانما ندبهم اليها ليفوزوا بالحظ الاوفي من الرقيب والمعلي وانما كانت اليومية من الفرايض والنوافل احدي وخمسين مع ان ما ذكرنا من الوجه الحقيقي يقتضي ان تكون خمسين لان الركعة الواحدة وهي الوتيرة التي هما ركعتان من جلوس تعدان بركعة واحدة انما شرعت لان تكون بدلا من الوتر لمن يغلب عليه النوم او لموانع اخر ولم يتمكن من قيام الليل وصلوة مفردة الوتر فاذا قام وصليها لم تحسب الوتيرة من النوافل اليومية وانما هي زيادة خير كما دلت عليه الروايات الكثيرة فاصل الصلوة كما ذكرنا خمسون ركعة للسر الذي ذكرنا وكم من خبايا في زوايا
واما فرض الصوم شهرا واحدا لان آدم عليه السلام لما اكل من الشجرة المنهية سرت في حواسه العشر الدائرة على ثلاث مقامات الكبد لنضجها واعتدالها في ظهورها وبروزها والقلب لحيوتها وشعورها وادراكها والدماغ لتشعب محالها وتطور مواقعها وتفرق اماكنها فالعشرة لما استدارت ثلاثا كانت ثلثين واراد الله سبحانه تطهير هذه المراتب والجهات بالجوع والعطش وهو قوله عليه السلام ان ابليس يجري في ابن آدم مجري الدم في العروق فسدوا مجاريه بالجوع والعطش فجعل سبحانه لكل مرتبة صوم يوم وانما فرض الصوم على اولاد آدم لان آدم عليه السلام انما اكل من الشجرة لما في صلبه من بنيه العصاة فانهم هم الذين صاروا سببا لاكله ولولاهم لما اكل كما عنهم عليهم السلام فهم الاصل فيجب تطهيرهم في مراتبهم وانما وجب في شهر رمضان لانه مبدء السنة وسر القيمة وقد ذكرنا الوجه فيه في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا واما وجوب القرائة في الاوليين لان الفاتحة اشرف السور واعلاها وهي الجامعة لجميع ما في القرآن وتعقبها سورة اخرى تفصيلا للاجمال واما التسبيح في الاخيرتين للفرق بين ما فرض الله وفرض الرسول صلى الله عليه وآله فلذا جاز فيهما مطلق الذكر على الاقرب
قال سلمه الله تعالى : واي افضل للامام الحمد في الاخيرتين او التسبيح
اقول اما سر القرائة في الاولتين والتخيير بينهما وبين التسبيح في الاخيرتين فقد ذكر ( ذكرت خل ) السر فيهما فيما ذكرنا ( كتبنا خل ) في اسرار العبادة ايضا بما لا مزيد عليه فلانعيده هنا لضيق المجال وعدم اتساع البال واما ان الحمد للامام افضل او التسبيح فاعلم ان مقتضى التوقيع الوارد للحميري عن الناحية المقدسة حرسها الله ان الحمد نسخت التسبيح افضلية الحمد مطلقا وفي قوله عليه السلام نسخت اشارة الى ان التسبيح كان افضل كما هو مدلول تلك الروايات الا ان افضليتها نسخت فكان الحمد هو الافضل وحيث انا مأمورون بالقول ( بالاخذ خل ) بقول الاحدث وجب اتباع هذه الرواية والقول بان النسخ لا يقع الا في زمان الرسول صلى الله عليه وآله ممنوع على اطلاقه وانما الذي لا يجوز هو النسخ لا عن قول الرسول صلى الله عليه وآله فاذا كان بامره لوصيه عليه السلام لرفع حكم اذا آن وقته وقد يكون بعد زمان رحلته صلى الله عليه وآله فلا مانع ولا بأس بل يجب ذلك كما نسخت افضلية التفرقة بين الصلوة كما كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقد صار الآن من شعار الشيعة وحاشا ان يكون عملهم كافة على خلاف الحق والكلام في هذا المقام طويل تركنا ذكره لما انا عليه من الكسل والملل واكتفينا بالاشارة والله الموفق
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا فيما اذا اتى الجماعة وقد فرغ القوم من صلوتهم وهم في غير المسجد هل يسقط الاذان والاقامة ام مختص بالمسجد
اقول ثبوت الاذان والاقامة واستحبابهما لكل صلوة ثابت بالضرورة من الدين وسقوطهما في بعض الموارد يحتاج الى دليل قاطع متين فنقتصر ( فتقتصر خل ) على مورده حتّى يكون الاقتصار فيما خالف الدليل على اليقين وقد ورد سقوط الاذان والاقامة اذا فرغ القوم من صلوتهم في المسجد والتعدي عنه الى غيره يحتاج الى دليل واذ ليس فالاقتصار على مورد النص هو الاولى وان كان تركهما على القول بانهما عزيمة لا رخصة احوط في غير المسجد
قال سلمه الله تعالى : وما الخمس التي يزاد بها الامام اللاحق بعد موت السابق
اقول هذا الحديث ذكره الصفار في بصاير الدرجات وعقد له بابا واورد عدة روايات تدل على ان الامام اللاحق يزيد على الامام السابق بخمسة وقد استصعبت على الافهام معرفتها والجمع بينها وبين الروايات الدالة على مساوات اللاحق مع السابق في كلما يتعلق باحوال الخلق الرعية مع نص بعض الاخبار الصحيحة على عدم الزيادة مثل قوله عليه السلام لئلا يكون آخرنا اعلم من اولنا فكيف يزاد الآخر بخمسة لم تكن عند الاول ولم اقف على من تعرض لحل هذا الحديث الشريف والجمع بينه وبين ما ينافيه من ساير الاحاديث والذي يختلج بالبال في حل هذا الاشكال ان الامام عليه السلام اذا انتقل من هذه الدار نزع عنه جلباب الجسم ودخل في عالم المثال بمثاله دون جسمه فيقد ( فيفقد خل ) عنه ظهور القوى والحواس الخمس في محالها الجسمانية ويتعلق بالمحال والمواقع النورية والمثالية واما الامام اللاحق صلى الله عليه وعلى السابق حيث انه في هذا الجسم الدنياوي ومتجلببا بجلباب البدن البشري فيتعلق القوى والمشاعر بمحالها من القوى الدماغية الجسمية البشرية فعنده عليه السلام ما عند السابق من العوالم النورية والقوى الالهية وحيث ان السابق خلع الصورة الجسمية وبقيت القوى المثالية واللاحق لابس الصورة الجسمية مع ساير المراتب فيكون زايدا عليه بهذه القوى حين تعلقها بالمدارك الجسمية ومراد الامام عليه السلام ان المراتب الحاصلة للامام السابق حاصلة للاحق بزيادة انه في عالم الاجسام والسابق مرتحل عنه غير لابس لهذه الصورة الجسمية ومتعلقاتها هذا اقصى ما يقال في الزيادة والا فهم عليهم السلام في العلم والحكم بجميع ما يتعلق في الرعية على حد سواء فافهم
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا فيمن عليه قضاء فريضة في ذمته هل تجوز له النافلة ام لا
اقول ان الاشبه والاظهر ان وقت قضاء الفريضة موسع غير مضيق فحينئذ يجوز لمن عليه القضاء فعل النافلة وان يصلي الاداء من الفرايض في اول وقتها وان استحب له المبادرة بالقضاء والاشتغال به الى ان يتضيق وقت الاداء كما هو مقتضى الجمع بين الادلة ومقتضى ما عليه المذهب والشريعة وليس هنا مقام تحقيق هذا المطلب
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في علم الاصول يجوز استفادته من الكتب لانه امر عقلي ربما ينفتح للانسان بالمطالعة ما يجب عليه معرفته بخلاف الفروع فهل اعتقاده صحيح ام لا
اقول لا بد للشخص في كل علم تحصيل قوة نورية يتمكن بها من ضبط كليات يتفرع عليها جميع جزئياته فبعد ضبط تلك الكليات والتمكن من تفريع الجزئيات على الوجه المانع الدافع من الشكوك والشبهات الموزون بميزان الحق الماخوذ عن بررة السادات فهو العالم الحق في ذلك العلم ولتحصيل هذه القوة والملكة ليست حد خاص لا يمكن التعدي عنه بل بكلما يتحقق تلك الرتبة سواء كان بمطالعة الكتب او بمذاكرة المشتغلين والمحصلين او بالقرائة على العلماء الكاملين على اختلاف افهام الناس في قوة الانتقال وسرعته وبطئه وجودة الادراك وعدمها فكل احد يجب عليه تحصيل ما يتمكن من معرفة ذلك العلم اصولا كان او فروعا بل الفروع احتياجه الى تصفح الكتب ومطالعتها اكثر من الاصول لانه عقلي محض في مقام اذا كان في الاصول والعقايد وعقلي مختلط بالنقلي اذا كان متعلقا باصول الفقه فعلى اي حال اذا تمكن من الاستفادة من الكتب كمال التمكن بحيث تحصل له تلك الملكة فلا بأس ولا ضير
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا في المجبور اذا سافر الى بلد لقتل مسلم او نهب ماله او انتهاك حرمته وهو لا يحب ذلك ولكن زاده وراحلته من الحرام وكذا اذا سافر الى سفر مباح لكن ( ولكن خل ) زاده وراحلته حرام هل يقصر هذا ام على الوجهين
اقول اما في قتل المسلم فلا يجبر المجبور بمعنى انه لا يقبل وان قتل اذ لا تقية في قتل المسلم واما اذا سافر الى بلد وهو غير قاصد الى المعصية ولا مريد لها وانما علة سفره اجبار الجائر فان كان قاصدا للسفر ناويا له لكن غير قاصد للمعصية فهذا يقصر صلوته لان سفره مباح وقصد المعصية منتف منه فيجب التقصير واما اذا لم يكن قاصدا للسفر في نيته وانما جبره الجائر بحيث متى ما تمكن من الرجوع ولو بالهزيمة رجع فهذا لا يقصر لانه غير قاصد للمسافة وقصد الغير لا يكفي عنه وسيره كما اذا طلب منهزما وكذا في الصورة الثانية اذا كان اصل سفره في قصده مباحا كما اذا قصد الحج او زيارة الائمة عليهم السلام فانه في هذه الصورة يقصر وان كان زاده وراحلته حراما فان الموجب لاتمام المسافر اذا كان قصد سفره لمعصية واما اذا كان لطاعة وارتكب حراما في اثناء السفر فانه لا يوجب الاتمام والموجب للاتمام هو انشاء السفر لاجل المعصية لا غير لا فعل المعصية في اثناء السفر من غير قصد لها في اول انشائه
قال سلمه الله تعالى : وما معنى قول الجواد في زيارة ابيه عليهما السلام السلام على شهور الحول وعدد الساعات وحروف لا اله الا الله في الرقوم المسطرات
اقول لقد شرحت هاتين الفقرتين بتفصيل قريب الى الافهام في جواب مسائل جناب الشيخ ( شيخ خل ) ضيفالله بن المرحوم المقدس الشيخ احمد بن طوق القطيفي فانظر فيه فانما فيه ( فانما هو خل ) شفاء للصدور ونور للقلوب ولا يسعني الآن تكرارها لاني في اثناء السفر والقلب غير مستقر ومسائل جنابك كثير
قال سلمه الله تعالى : وما العلة في خسوف القمر في ليالي البيض لا غير والشمس في ثمانية وعشرين وتسعة وعشرين لا غير
اقول الذي يقول بقول المنجمين في علة الخسوف والكسوف يجب على قوله ان لا يقع الا هكذا لان الخسوف عندهم انما يكون بحيلولة الارض بين القمر وبين الشمس وهذه لا تكون الا بمقابلتهما وهي لا تتحقق الا في ليالي البيض ولذا كانت بيضا لان القمر بكل وجهه المقابل لنا يقابل الشمس ولذا تراه مستنيرا بكله فاذا كانا في احدى النقطتين نقطة الراس ونقطة الذنب فتحصل كمال المقابلة فتحول الارض بينهما وتمنع القمر عن الاستنارة من الشمس فان كانت المقابلة تامة كالحيلولة يحترق القرص ويقع الخسوف الكلي والا فبقدر الحيلولة وهي تختلف ( تختلف ويختلف خل ) مقدار الكسوف باختلافها واما الكسوف فانه عند المنجمين انما يكون بحيلولة القمر بين الشمس وبين ابصار الناظرين وذلك لا يكون الا عند المقارنة وهي لا تتحقق الا في ثمانية وعشرين او تسعة وعشرين بشرط ان يكونا في احدى النقطتين ايضا فيستنير وجه القمر المقابل لاهل الارض المحاذين لتلك المقارنة والاجتماع وحيث ان القمر جرم كثيف حاجب لما وراه فيغيب نور الشمس عن الابصار ولما كان القمر اصغر حجما من الشمس بمراتب كثيرة لم يكن الكسوف الواقع في بلد عاما في جميع البلدان بخلاف القمر فانه عام لان الارض اكبر من القمر بخمسة وعشرين مرة فتحيط عند الحيلولة به فيكون الخسوف عاما بخلاف الشمس فلا يمكن ان يكون الكسوف عاما في جميع الارض والبلاد فالذي لا يحصر علة الكسوف والخسوف بما يقول ( يقوله خل ) المنجمون بل يعتقد ان لهما اسبابا اخر وما ذكروه بعض اسبابهما وان كان هو الغالب فلا يحصر الخسوف في ليالي البيض ولا الكسوف في ثمانية وعشرين ( ثمانية وعشرين او تسعة وعشرين خل ) من ليالي المحاق كما وقع الكسوف يوم قتل الحسين عليه السلام وهو يوم العاشر والخسوف في ليلته وهي ليلة الحادية عشر وكلاهما لا ينطبق على ما يقوله المنجمون وكذلك ما يكون عند ظهور مولانا المنتظر عجل الله فرجه من الكسوف والخسوف بخلاف المعتاد المقرر عند المنجمين وعلل الاشياء لا تحصى واسبابها لا تقيد وحكم الله لا تكتنه ويفعل الله في ملكه ما يشاء بما يشاء كيف يشاء
قال سلمه الله تعالى : وما العلة في صلوة الكسوفين
اقول لما ابى الله سبحانه ان يجري الاشياء الا باسبابها جعل سبحانه وتعالى الشمس والقمر من اعظم الاسباب لنضج العالم واصلاحه من العلويات والسفليات والذوات والصفات وساير الكينونات فجعل الشمس سلطان النهار وبها الحرارة واليبوسة لتكوين المواد الجسمانية وجعل القمر سلطان الليل وبه البرودة والرطوبة لتكوين الصور واظهار الحيوة في المتولدات فاذا انكسفت الشمس تنحجب الحرارة بالنهار عن مستحقها في وقت احتياجه اليها فيكون ذلك سببا لفساده وعدم اعتداله في النضج فيتولد منه الامراض والاعراض وساير المفاسد وكذلك القمر اذا انخسف تنحجب البرودة في وقت الاحتياج فيحصل بذلك الفساد الكلي في العالم العلوي والسفلي والله سبحانه وتعالى لرأفته بالعباد ورحمته على البلاد امر ( امر عباده خل ) ان يصلوا عند ظهور هاتين الآيتين ليندفع بنور الصلوة ذلك الفساد وينجبر كسر ما وقع في البلاد والعباد لان الصلوة اعظم الاركان واكبر الاسباب لدفع البلايا والفتن فاوجب على الناس عينا حتّى تكثر الانوار وتجذب الخيرات لتدفع البليات وذلك نعمة من الله سبحانه على عباده الضعفاء الفقراء ليصلح بها كينونتهم ويصفو عن الاكدار سرائرهم وطويتهم يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في زلزلة وقعت في قرية من قرى البصرة او غيرها هل يجب على من هو ساكن بمدينة البصرة او يتعلق الحكم باهل القرية خاصة
اقول حكم الصلوة خاص في القرية التي وقعت فيها واما القري والمداين التي لم تقع فيها لم يكن على اهلها شيء وهذا معلوم
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في حكم المجتهد بعد الموت في مثل الايقاعات والمعاملات واجراء الاحكام المتعلقة بغير العبادات هل يجوز تجديدها ام لا
اقول اما حكم المجتهد فيما يتعلق بالفتاوي فلا يجوز العمل عليه بعد موته سواء كان في العبادات او المعاملات والايقاعات واما ما اجراه وامضاه في حال حيوته من احكام المرافعات واجراء الولايات والتصرف في اموال اليتامي والغائبين والتصرف في اموال الحجة المنتظر عجل الله فرجه وبيع ما يبيعه الحاكم وساير الاحوال والاحكام التي نجزها فانها تمضي ولا تعاد ولا تجدد والا تكن فتنة وفساد كبير ما سوي احكام النيابات والوكالات فيما عينه في الجهات فانها تبطل بموته فان الوكالة تبطل بموت الموكل كالنيابة ( النيابة خل ) بموت المنوب عنه
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا هل يجوز العدول عن المجتهد الحي الى الآخر سواء كان بافضلية او غيرها
اقول اختلف الاصحاب في ذلك فمنهم من ذهب الى الجواز مطلقا ومنهم من ذهب الى العدم مطلقا ومنهم من ذهب الى الوجوب فيما اذا كان افضل والعدم عند التساوي ومنهم من ذهب الى الجواز بعد العمل والعدم قبله والمختار من هذه الاقوال هو الاول لوجود المقتضى ورفع المانع واستصحاب الاختيار وعدم دليل يدل على رفع الاختيار بالاختيار واما دعوى الاجماع في محل الخلاف فلا يجدي نفعا كالقول بان العدول قبل العمل يستلزم الرد بخلاف ما اذا كان بعد العمل اذ بقصد الرد لا يجوز مطلقا قبل العمل او بعده وبعدمه لا يتفاوت الحكم والفرق دعوى لا بينة لها فيما نعلم فيجوز العدول عن المجتهد الحي سواء كان المعدول اليه فاضلا او مفضولا لان الحق عندنا جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل ولبسط الكلام مقام آخر
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في نوح وابراهيم ايهما افضل مع ان ابراهيم فيه مزايا تفوق على نوح ( عليهما السلام خل )
اقول ان نوحا على نبينا وآله وعليه السلام افضل الانبياء بعد محمد صلى الله عليه وآله لان بعثته عامة لجميع الخلق بدليل عموم الطوفان كعموم شريعته عليه السلام وهذا لم يتفق لاحد الا لنبينا صلى الله عليه وآله واما آدم عليه السلام فلم تكن هناك كثرة توجب العدد بخلاف ابراهيم وباقي اولي العزم فان شريعتهم عامة دون بعثتهم ولان نوحا قد اعطي من الاسم الاعظم خمسة عشر اسما واعطي ابراهيم ثمانية واما آدم عليه السلام فانه وان اعطي خمسة وعشرين لكنه ليس لاستحقاقه في ذاته بل لانه حيث كان ظهوره عند خراب العالم وفساده بالجان والشياطين والبهايم وحشرات الارض استحق مؤنة زائدة بخلاف ما اعطي نوحا وابراهيم ولان نوحا قدمه الله سبحانه وتعالى في الذكر في قوله تعالى واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ومن ابراهيم وموسى وعيسى لان هذا الترتيب ان كان من جهة الظهور فوجب تاخير نبينا في الذكر وليس الا من جهة تقديم الاشرف فالاشرف ولقوله تعالى وان من شيعته لابراهيم فان الضمير في الظاهر يرجع الى نوح والشيعة باي معنى يفرض لا يخرج عن المفضولية ولقوله عليه السلام في زيارته السلام عليك يا شيخ المرسلين ولا تثبت الفضيلة بهذه الفقرة الا بحمل الشيخ على الرئيس واما مزايا ابراهيم لا تنكر ولكنه مع مزاياه في كل ما تفرض دون مزايا نوح وليس تفضيل نوح على ابراهيم لنقيصة فيه بل لفضيلة نوح وشرفه وذلك معلوم ظاهر انشاء الله تعالى
قال سلمه الله تعالى : وما العلة سيدنا في قول سفير الله المنعم بعد الله لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا مع انه ورد عنهم عليهم السلام لولا انا نزداد لنفد ما عندنا ما المطابقة
اقول هذه المسئلة بعينها سئلنا عنها شيخنا شيخ ضيفالله المتقدم وكتبنا جوابها بما يشفي العليل ويطفي الغليل فاطلبوها منه سلمه الله واياكم ليتبين المراد والله خير موفق وهاد
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في الخضرة التي تسقي بالماء النجس هل يكون اكلها حراما او مكروها
اقول من المطهرات الاستحالة فالنجاسة والمتنجس اذا استحالا الى حقيقة اخرى طهرا فلا حرمة في اكل ما يستحيلان اليه ولا كراهة اذا كان ذلك مما لا يحرم ولا يكون مكروها والا فيتبع حكمه
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا فيمن يعتقد العدل والتوحيد ( التوحيد والعدل خل ) والنبوة والامامة والمعاد اعتقادا جازما بحيث لا يرجع عنه ولكنه لا يقدر على اقامة الدليل مع قدرته على النظر كالنساء والعوام هل هو مثاب ام لا
اقول اذا اعتقد ما ذكر اعتقادا جازما وعلمه علما ثابتا قاطعا فلا يكلف بازيد منه لان المراد سكون القلب واطمينان الفؤاد بالمعارف الخمسة واما اقامة الدليل ورفع شبه الخصم فذلك شأن اوحدي الدهر وواحد العصر وما سواه عاجزون عن رفع جميع الشكوك والشبهات واقامة البراهين والبينات فيكتفي منهم بالقطع البحت البات فان الله تبارك وتعالى يقول فاعلم انه لا اله الا هو
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في محمد بن حنفية وعبد الله بن جعفر وجابر بن عبد الله الانصاري واضرابهم في تخلفهم عند ( عن خل ) نصرة الحسين عليه السلام وما الجواب عنهم واي عذر لهم
اقول قد سئل مولانا الصادق عليه السلام عن هذه المسئلة فاجاب عليه السلام وقال ما معناه اني اعطيك اصلا تعرف به احوال هؤلاء فان الحسين عليه السلام عند مسيره الى كربلا كتب كتابا الى بني هاشم اما بعد فمن يلحقني يقتل ومن لم يلحق بي لم ير الفتح ابدا انتهى كلامه عليه السلام وهذا كلام كاف شاف واما هؤلاء المذكورون فلا شك انهم موالون ومحبوا اهل البيت عليهم السلام ومعادوا اعدائهم لكنهم ما وفقوا بذلك التوفيق لانهم ما علموا ان الامر يبلغ به الى ما راوا سريعا لانهم علموا باخبار النبي صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام بانه عليه السلام يقتل ولكنهم لم يعلموا ان اهل الكوفة يكتبون اليه تلك المكاتيب ثم يمنعونه من دخول الكوفة الى ان يقتلوه وتخيلوا ان الحسين عليه السلام يدخل الكوفة ويبقى فيها زمانا وتاتيهم الاخبار وقتا بعد وقت وحينا بعد حين فاذا وصلهم خبر سوء وان اهل الكوفة ارادوا الغدر به يلحقون به عليه السلام ويفدون انفسهم دونه ولكن جرى القضاء بخلاف ما ارادوا اما سمعت ان خبر قتل الحسين عليه السلام لما وصل الى عبد الله بن جعفر وان ولديه قتلا معه عليه السلام اخذ يبكي بكاء شديدا وقال عبد له ان هذا هو الذي اصابنا من الحسين وقتل ابناك فغضب عبد الله وضربه ضربا موجعا وحذفه بنعله وقال والله ما كنت اعلم ان الامر يبلغ هكذا والا لكنت اول فاد نفسه بين يديه واني احمد الله ان حرمت عن ذلك فان ولدي وفقا لذلك نقلت الحديث بالمعنى وهذا وامثاله عذرهم في ذلك وهو عذر موجه وان كانوا لا يبلغون بذلك رتبة الكمال لان المخلص الموافي لا يصبر عن مفارقة امامه لا سيما في ذلك الوقت الذي تبين لهم اشتداد بني امية وحرصهم على قتل الحسين عليه السلام وبعث يزيد عمر بن سعد بن العاص مع ثلاثين من رؤساء بني امية لقبض الحسين عليه السلام وقتله وانه عليه السلام لهذه الجهة احل من احرامه وخرج من مكة يوم التروية وتوجه الى العراق واي محب يصبر على فراق حبيبه ولكن الله سبحانه يؤت كل ذي فضل فضله
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في الماء المطلق لو صعد هل حكمه حكم المطلق ام المضاف وفي الصقيع النازل آخر الليل هل يجوز به الوضوء او الغسل ام لا
اقول كل ذلك الماء المطلق يجوز به الوضوء والغسل والشرب وساير الاستعمالات
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا فيما ورد عنهم عليهم السلام اتقوا الخروج بعد نومة فان لله دوار يدورون ما معنى النومة وما معنى الدوار
اقول اذا هدءت الليل ونامت العيون وسكنت الارض يخرج ( تخرج خل ) العباد ويظهر رجال الغيب ويعبدون الله سبحانه وتعالى ويدورون في الارض ويعتبرون في احوال العالم ولا يحبون اشراف احد عليهم ليشغلهم عن ذكر الله وعما هم عليه من التوجهات ومشاهدة التجليات وربما اذا ظهر عليهم شخص ليس من سنخهم ويرى تلك الاحوال العجيبة الغريبة يغشي عليه وتحصل له روعة تتولد منها امراض منكرة وكذلك الجن يظهرون بالليل فاذا خرج شخص يتفق انه يصادفهم يحصل له منهم اذية الا ان يكون قويا في ذات الله منغمرا في محبة الله مستانسا بذكر الله فان الجن تنهزم منهم واولئك الابدال الاخيار يستانسون به وهذا ظاهر الحديث وله باطن وتأويل ليس الآن موضع ذكره وانما قال بعد نومة لان سكون الارض وصفائها في الغالب ذلك الوقت وخصوص النومة لا مدخلية لها واما الدوار فهؤلاء الاخيار ام اولئك الاشرار
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في الحديث الوارد صلوة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت مملو ذهب يتصدق به حتّى يفني كيف هذا والحج فيه الصلوة واعظم مشقة وقد ورد ان افضل الاعمال احمزها
اقول ما فرض الله سبحانه على قسمين قسم فرض لاصل الكينونة وعبادة له سبحانه وتعالى بسر الحقيقة في ظاهره وباطنه وقوله وفعله وقسم لامر آخر لا لاصل الحقيقة بل عند عروض ذلك العارض فالاول مقصود لذاته والثاني مقصود لغيره فالصلوة اليومية من القسم الاول والحج والصلوة التي فيه من القسم الثاني لان الحج انما يجب بالمال والصلوة اليومية انما تجب بكينونة الشخص وذاته وعقله واما الحج فوجوبه لماله وهو امر خارج واليومية لذاته وهو امر ذاتي حقيقي ولا ريب ان بالذات اشرف واعظم مما بالعرض فالصلوة التي في الحج تابعة والتي في اليومية ( التي باليومية خل ) متبوعة ذاتية فلا تساويها ابدا ولذا لا تسقط اليومية في حال من الاحوال وتسقط ركعتا الطواف عند عدم وجوب الحج واما قولكم ان الحج اشق واحمز فممنوع قد ذكرنا وجه المنع في معنى حديث الصلوة عمود الدين الخ فقد تقدم فراجع
قال سلمه الله تعالى : ما معنى الضغطة في القبر وما معنى خزن الرياح الاربعة تحت الكعبة وما معنى قول امير المؤمنين عليه السلام لسلمان يا سلمان انا خازنها
اقول اما الضغطة فهي على ظاهرها وهي حاصلة لمن هو دون العصمة وهي اول التخليص ومبدئه في القبر للتصفية والتمكن من مشاهدة الاحوال الاخروية الا المتشبث بسبب اعظم والمستنير بنور اقدم كزيارة سيدنا ومولانا الحسين عليه السلام وامثالها فان نوريته تذهب بظلمات الاوساخ وتكشف الغطاء ليكون بصره حديدا وهي تكون اول الاهوال قبل اتيان رومان فتان القبور لتمام الكتاب وقرائته عليه وجعله في عنقه والملكين النكير والمنكر وهي جارية وثابتة للمدفون والمصلوب والغريق ومن اكلته السباع والوحوش والمحروق وامثالها في التراب والهواء والماء والنار وبطن السباع وتقع في الجسم المحشور المثاب والمعاقب لتصفيه عن الاكدار وتذهب باوساخ الاغيار او تكون اول العذاب ومقدمة العقاب لاصحاب النار اعاذنا الله واياكم منها
واما خزن الرياح الاربعة تحت الكعبة فاعلم ان الله سبحانه جعل العرش مستوى رحمانيته واودع عنده خزائن قدرته ورحمته مما يوصله الى بريته وخليقته ولما كانت الاشياء انما تكونت وتحققت بتقدير الله سبحانه من الطبايع الاربع وجميع الفيوضات تجري على مستحقيها من هذه الطبايع في كل مقام بحسبه جعل سبحانه مبادي هذه الطبايع في العرش ورتبها على اركانه فخلقه من اربعة انوار النور الابيض وهو مبدء طبيعة الماء الذي به كل شيء حي والنور الاصفر وهو مبدء طبيعة الهواء والنور الاخضر وهو مبدء طبيعة التراب والنور الاحمر وهو مبدء طبيعة النار وجعل سبحانه على كل ركن ملكا من العالين ليحمل آثار ذلك الركن الى الخلق فحامل ركن النور الابيض روح القدس يفيض على الخلق بالله سبحانه عقولهم التي بها معاشهم ومعادهم وحامل ركن النور الاصفر الروح من امر الله يفيض على الخلق بالله سبحانه ارواحهم التي بها حيوتهم ونشوهم وحامل ركن النور الاخضر الروح الاول على ملائكة الحجب يفيض على الخلق بالله سبحانه نفوسهم التي بها نقوش ارواحهم وصورها واشباحها وتقاديرها وحامل ركن النور الاحمر الروح الثاني على ملائكة الحجب يفيض على الخلق بالله سبحانه اجسامهم واجسادهم ثم خلق سبحانه بلطيف حكمته ونفاذ مشيته البيت المعمور في السماء الرابعة بحذاء العرش وجعله على اربعة اركان بعدد ( اركان وخل ) اركان العرش ورتبها على ترتيبه فجعل على الركن الايمن الاعلى ميكائيل يفيض على الخلق بالله سبحانه ارزاقهم وجعل على الركن الايمن الاسفل اسرافيل يفيض على الخلق بالله سبحانه حيوتهم وجعل على الركن الايسر الاعلى عزرائيل يفيض على الخلق احكام الموت ( المزيد خل ) والقبض وجعل على الركن الايسر الاسفل جبرائيل يفيض على الخلق بالله سبحانه تركيبهم وايجادهم وخلقهم على الجهات الخاصة فميكائيل يستمد من روح القدس واسرافيل من الروح من امر الله وعزرائيل من اول الروحين وجبرائيل من ثانيهما ثم خلق سبحانه الكعبة في عالم الظهور العنصري وجعلها بحذاء البيت المعمور وجعل على كل ركن منها ملكا يستمد من هؤلاء الملائكة الاربعة فجعل على ركن منها ملكا اسمه الصبا وسخر له الريح المخصوص به وهي تهب من الجنوب الى المشرق وهو من جنود ميكائيل يستمد منه ويصلح بها الرية والمواد البلغمية في الانسان ويظهر الرطوبات لنضج المتولدات وجعل على ( على كل خل ) ركن ملكا اسمه الشمال وسخر له الريح التي تهب من ناحية الشمال وهو من جنود عزرائيل يستمد منه ويصلح المرة ( مرة خل ) السوداء والقوة الحافظة في الانسان ويظهر البرودة واليبوسة لنضج العالم وحفظه عن الاندراس وجعل على ركن منها ملكا اسمه الدبور وسخر له الريح التي تهب من ناحية المشرق وهو من جنود جبرائيل يصلح بها المرة الصفراء والقوة الجاذبة في الانسان ويعدل الحرارة الغريزية ويظهر الحرارة لنضج المتولدات وجعل على ركن منها ملكا اسمه الجنوب وسخر له الريح التي تهب من ناحية الجنوب يصلح بها الدم الذي هو مركب الروح في الانسان ويظهر الحرارة والرطوبة لنضج المتولدات واصلاح القوة الهاضمة وهؤلاء الاربعة مقرهم اركان الكعبة لانها بازاء البيت المعمور الذي هو بازاء العرش واصلها وينبوعها الركن اليماني كما ان اصل حملة العرش النور الابيض ومن ذلك الركن وتلك الاركان تدبر الملائكة الاربعة بآلاتها التي هي الرياح الاربعة طبايع المتولدات الثلاثة على ما يريد الله سبحانه وتعالى كما يريد بما يريد لا راد لقضائه ولا مانع لحكمه فالرياح الاربعة مخزنها الكعبة اي مخزن اصولها ومباديها وعللها واسبابها التي منها انتشرت ومنها ثارت وبها نشأت فمن تلك الاركان ظهورها ونشوها ونشرها فافهم
واما قول امير المؤمنين عليه السلام لسلمان انا خازنها فاعلم ان الولي المطلق قد جعلت عنده مفاتيح الغيب التي لا يعلمها الا هو فجميع خزاين الفضل والعدل بيد الولي بالله سبحانه فلا يدعو داع ولا يعي واع ولا يزود ( لا يذود خل ) ذائد ولا يسبق رائد الا باذن الولي عليه السلام فخذها قصيرة من طويلة
قال سلمه الله تعالى : وما معنى ما ورد ان الميت اذا دفن لا يتخلف احد عند القبر لان لا يحدث على الميت شيء فتسمع الاحياء كيف هذا والحدث في المثال وكيف يسمعونه اهل هذا العالم وما المطابقة بين هذا وبين ما ورد لتخلف اعز الناس عند الميت بعد انصراف ليقف على قبره عند راسه فيلقنه الشهادتين في وقت حضور الملائكة
اقول ان الميت اذا دفن وكان من اهل المعصية بعد تخلف الناس عنه يعني بعد فراغه من دفنه ياتيه الملكان الاسودان الازرقان راسهما في السماء السابعة ورجلاهما في الارض السابعة بيد كل منهما مرزنة ( مرزبة خل ) من نار ولهما صوت كالرعد ومن فيهما يخرج النار كالبرق يسئلانه عن ربه وعن نبيه وعن امامه فيقول لاادري فيقولان لادريت فيضرب كل واحد منهما بمرزبته فيمتلي قبره من النار فيصعق الميت صعقة ويصيح صيحة يسمعه كل احد الا الثقلان ولذا قال عليه السلام اذا نفرت الدابة فلا تضربوها لانها تسمع ما لا تسمعون واذا عثرت فاضربوها وانما منع الثقلان عن سماعها لئلا يلزم الالجاء وليمكنهم ان يعيشوا في الدنيا الا ان في بعض الاحوال لاقتضاء بعض المصالح ربما يسمعون شيئا منها ولعل لهذه العلة امر عليه السلام ان لا يتخلف احد عند القبر لئلا يحدث ( لئلا يسمع خل ) اذا حدث على الميت شيء واما انهم كيف يسمعون والحدث في عالم المثال فجوابه اما اولا فلان هذا الحدث انما يحدث في القبر بعد ولوج الروح في الجسم الى صدره فهو من عالم الاجسام واما ثانيا فلان عالم المثال له وجهان وجه الى عالم الغيب فيسمع به اصواتهم ويعرف ويرى اشخاصهم ووجه الى عالم الشهادة فيدرك به احوال عالم الشهادة فاهل الدنيا ربما يسمعون اصوات ( اصوات اهل خل ) عالم المثال للمناسبة المذكورة ولا منافاة نعم لا يسمعون صوت اهل عالم الارواح لفقد جهة المناسبة واما المطابقة بين الحديث المذكور وما ورد يتخلف اعز الناس عليه ليلقنه الشهادتين فبيانها ان اعز الناس واولاهم ( اولاهم به خل ) يتخلف عند قبره ويلقنه الشهادتين وينصرف حتّى لا يحدث حدث او لعل عند ( لعل هذا خل ) التلقين يكون سبب الدفع عنه اذا كان مؤمنا مقرا بالحق في قلبه وعلى اي حال يلقنه وينصرف فلا منافاة بين الحديثين لان وقوع الحدث بعد حضور الملائكة وسؤال الملكين انما هو بعد التلقين فينصرف قبل ان يحدث به حدث
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في الضرايح المقدسة هل هي قبورهم او حفرهم كما ورد في شأن الحسين عليه السلام انه لم يبق في قبره الا ثلاثة ايام ثم صعد الى الملأ الاعلى تحت العرش ينظر الى زواره
اقول لا شك ان الضرايح المقدسة والمشاهد المنورة هي قبورهم ومحل ابدانهم واجسامهم ومحل نظر ارواحهم واشباحهم وان الزوار يقصدونهم فيها من كل مكان وانه ينزل على قبر الحسين عليه السلام كل يوم سبعون الف ملك يزورونه ثم يصعدون وينزل فوج آخر وان ( فان خل ) الانبياء عليهم السلام يزورونه بمشهده في كربلا ولا سيما ليلة النصف من شعبان ويأتي لزيارته مأة الف واربعة وعشرون الف نبي فيهم اولوا العزم ويصافحون زواره فلو كان الحسين عليه السلام بجسده في السماء كان نزول الملائكة وارواح الانبياء في كربلا لزيارته عليه السلام عبثا لتمكنهم منه في الملأ الاعلى وهذا ليس الا لان مقره عليه السلام في قبره مع ان الحديث الوارد في هذا المعنى ليس خاصا بالحسين عليه السلام وان ورد فيه ايضا بل هذا الحكم لكل نبي وشهيد ( نبي شهيد خل ) وصديق حتّى الملك العادل مع انك سمعت ان نوحا ( عليه السلام خل ) اتى بعظام آدم من مكة المشرفة الى النجف الاشرف ودفنه فيه وان موسى عليه السلام اخرج بدن يوسف عليه السلام من شاطئ النيل ودفنه في بيتالمقدس وبينهما سنون عديدة مع ان الوارد انه لا يبقي في قبره اكثر من ثلثة ايام او اربعين يوما والواقع بخلافه فمراده عليه السلام من عدم بقائهم في القبر وانهم ( انه خل ) يصعد بهم الى السماء امر آخر وهو ان الامام او النبي عليهم السلام لما ظهروا في الدنيا ماظهروا بالصورة التي خلقهم الله عليها لان الرعية لا يمكنهم النظر اليها وهم عليهم السلام انما اتوا لانتفاع الخلق منهم فتلبسوا بلباس الرعية وتصوروا بالصورة اللايقة لمشاعرهم وقواهم حتّى يتمكن الرعية من الاستفادة منهم والاستضاءة بنورهم فهم عليهم السلام ما داموا في هذه الدنيا متلبسين ذلك اللباس ومتصورين بتلك الصورة العرضية المناسبة لاهل الارض فلما ارتحلوا وانتقلوا من هذه الدار فلا فائدة لتلك الصورة والتلبس بذلك اللباس لانه امر عرضي للغير فلما صاروا في القبر خلعوا ذلك اللباس عنهم وارتفعوا عما كانوا ظاهرين به للناس وذلك الارتفاع بنزع ذلك اللباس هو السماء التي ورد انهم يصعدون اليها والا فهم في قبورهم وحفرهم لكنهم لا يشاهدهم ابصار اهل الدنيا لارتفاعهم عن مداركهم وابصارهم الا في بعض المقامات لاظهار بعض المعجزات والكرامات فانهم يظهرون لهم اما بتقوية ابصار الناظرين او بتصورهم عليهم السلام بصورهم
قال سلمه الله تعالى : وما يرى سيدنا فيمن اوصى بثلث الى وصي ولم يعين الوصي ( الموصي خل ) ( للوصي ظ ) شيئا من الثلث هل يجوز ان يأخذ من الثلث شيئا ام لا
اقول نعم يجوز ان يأخذ من الثلث بمقدار اجرة المثل لانه لا يجوز استخدام مؤمن الا بطيب نفسه فان لم تطب نفسه ان يخدمه مجانا فله اجرة المثل واما ما ذكره بعض الفقهاء في القيم على اليتيم انه ياخذ الاقل من اجرة المثل ومما يكتفي به من نفقة عياله مدة اشتغاله في تنجيز مطالبه فذلك مما دل عليه الدليل الخاص وان كانت الادلة في قدر ما ياخذ القيم على اليتيم من ماله متعارضة واما في الوصي فلا اشكال في اجرة المثل اذا اراد ولم يعين له الموصي شيئا واما اذا عينه فلا يتعداه على الاحوط
قال سلمه الله تعالى : وما يرى سيدنا في الدعوى على الميت بشاهدين ويمين هل هذا في جميع الامور سواء كان في الديون او الامانات من عين وقيمة ام يختلف الحكم
اقول هذا الحكم في الديون خاصة لورود النص فيها فيقتصر على ( على ما خل ) موضعه لانه القدر المتيقن واما ما سوى ذلك كالامامة او ادعاء عين انها له وكان الميت غاصبا او مستعيرا او مستاجرا او غير ذلك فانه يكفي فيها الشاهدان او الشاهد واليمين لعموم الادلة وخروج ما خرج من الدين بدليل خاص
قال سلمه الله تعالى : وهل الحسين عليه السلام صامت في ايام الحسن عليه السلام ام ( او خل ) ناطق وفي الحديث ابناي هذا امامان ان قاما وان قعدا
اقول لا ريب ان الحسين عليه السلام كان اماما في ايام الحسن عليه السلام لكنه صامت غير ناطق الا ترى انه عليه السلام يتبع اخاه الحسن عليه السلام في كلما يامره وينهاه ولا يمكن ان يكون ناطقا ( ناطقان ظ ) في وقت واحد الا ان يختص احدهما بناحية دون الآخر كما كان في الانبياء السابقين عليهم السلام واما في ائمتنا عليهم السلام فلا يجري ذلك لان كل واحد منهم مبعوث على كافة الخلق فلا ينطق الصامت الا بامر الناطق وهكذا كان الحكم في الحسنين عليهما السلام والحديث المذكور غاية دلالته انهما امامان ونحن نقول بموجبه واما انهما ناطقان فلا دلالة فيه عليه بشيء من الدلالات الثلث
قال سلمه الله تعالى : وما يرى سيدنا في الصلوة خلف مقلد الميت تجوز ام اذا اعتبرت فيه العدالة التامة
اقول مقلد الميت اذا كان تقليده عن معرفة وبصيرة وعلم فيما بينه وبين الله تعالى اذا كان عادلا وهي حسن الظاهر عندنا يجوز الاقتداء بصلوته والا فلا
قال سلمه الله تعالى : وما يختار سيدنا هل تعتبر العدالة التامة في الشاهد ام يكتفي بظاهرها ( بظاهر خل )
اقول العدالة التامة عندنا المعتبرة في الشاهد وامام الجماعة هي حسن الظاهر بان يكون معروفا عند طائفته وقبيلته واهل بلده ( بيته خل ) بالخير بعدم ارتكاب المعاصي وخلاف المروات بحيث يجعلونه محلا لاماناتهم واما ما سوى ذلك من شروط اخر فلم يقم عليه دليل بل الدليل على خلافه واضح السبيل
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في ذبيحة الناصب اذا كانت في سوق المسلمين هل يجوز الاخذ منها ام لا مع امن الضرر
اقول ذبيحة الناصب ميتة نجسة لا يجوز اخذها ولا التناول منها بحال من الاحوال سواء كانت في سوق المسلمين او غيرهم وما ذكره الفقهاء من ان ما يوجد في سوق المسلمين حلال طاهر فذلك اذا لم يكن معلوما واما اذا علم امره فيتبع ما علم ويجري عليه حكم من طهارة ونجاسة وحلية وحرمة واما اذا خاف الضرر على نفسه او ماله او عرضه اذا لم ياخذها فيقتصر على ما يندفع به الضرر متدرجا
قال سلمه الله تعالى : وما العلة سيدنا في الاذان والاقامة في الفرايض اليومية دون غيرها
اقول قد كتبت العلة فيهما واختصاصهما باليومية دون غيرها في اسرار العبادات مشروحا مفصلا فارجع اليها يتبين لك الامر
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في سكنى البيوت الميت عنها اهلها ولم يكن لها وارث اصلا وعلى تقدير جوازه هل يقدر لها اجرة ام لا
اقول البيوت اذا لم يكن لها وارث اصلا بجميع الطبقات في مال الامام يرجع امرها الى حاكم الشرع المنصوب من قبله القائم مقامه وحينئذ لا يجوز سكنى تلك البيوت الا باذنه او وكيله يقدر له الاجرة على حسبها الا ان يرضى الحاكم بدونها
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في افضلية زيارة الرضا عليه السلام على الحسين عليه السلام لحديث الجواد عليه السلام ان الحسين تزوره العوام وابى لا يزوره الا الخواص وهل ترون وجوب زيارة الحسين عليه السلام ام استحبابها
اقول لا شك ان فضيلة الزيارة على حسب زيارة المزور افضل ( على حسب فضيلة المزور فاذا كان المزور افضل خل ) فزيارته افضل ولذا ورد ان فضل زيارة امير المؤمنين على الحسين كفضل امير المؤمنين على الحسين عليهما السلام وقد يختلف الفضل باعتبار الزائر ولعله هو السر في اختلاف الروايات في ثواب الزائر فمنها ان زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة وعمرة وفي اخرى عشرين حجة وعمرة وفي اخرى تسعين حجا من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وفي اخرى الف حجة وفي اخرى اذا وصل باب السلام وسلم عليه ودخل فله بكل خطوة الف الف حجة والفالف عمرة والف الف غزوة مع نبي مرسل و( او خل ) امام عادل وثواب عتق الف الف نسمة من اولاد اسمعيل عليه السلام وغيرها من الروايات في هذا الشان والمزور واحد والاختلاف بحسب اختلاف الزايرين في المعرفة والاخلاص ( الاخلاص والشئون خل ) وزيادة المحبة والهجرة اليه وامثالها من الجهات وكذلك الامر في زيارة الحسين عليه السلام اذا نسبتها الى زيارة الرضا عليه السلام فمن حيث المزور زيارة الحسين افضل لأنه عليه السلام افضل من الرضا عليه السلام وان كان فيما يتعلق بالخلق نسبتهم سواء ومن حيث الزائر بالنوع فزيارة الرضا عليه السلام افضل لان نوع زوار الرضا عليه السلام افضل من نوع زوار الحسين عليه السلام لان الحسين عليه السلام يعتقد امامته الكيسانية والزيدية والناووسية والفطحية والواقفية وكل هؤلاء يزورون الحسين عليه السلام وهم الكلاب الممطورة من النار فلا خير فيهم ولا في زيارتهم لا بارك الله فيهم واما الرضا عليه السلام فكل من يعتقد امامته لم يقف عليه وعلى احد من اولاده بعده ( بعده من اولاده خل ) عليهم السلام فزواره لا يكونون الا الاثني عشرية ولا شك ان هؤلاء هم الخواص وهم افضل من نوع زوار الحسين عليه السلام واما اذا زار الحسين عليه السلام شيعي اثني عشري وزار الرضا عليه السلام آخر مثله في المعرفة والشوق او هو نفسه فلا ريب ان زيارة الحسين عليه السلام افضل فافهم واما وجوب زيارة الحسين عليه السلام فالظاهر عدمه وما ورد بلفظ الوجوب محمول على الثبوت وتأكد الاستحباب لمعارضتها للروايات الكثيرة الدالة على جواز الترك والاحتياط في الدين لا ينبغي تركه خصوصا في زيارة هذا السيد الطاهر عليه السلام لا سيما بالنسبة الى اهل اليسار ولو في العمر مرة
قال سلمه الله تعالى : وما يرى سيدنا في نذر الولد هل يتوقف على اذن الوالد كالزوجة والعبد ام لا وهل يجوز للولد السفر على ( الى خل ) طاعة بدون رضا ابيه ام لا وهل يملك ماله دون ابيه ام لا
اقول اما نذر الولد والزوجة بدون اذن الوالد والزوج فالظاهر انعقاده الا اذا كان نذر الزوجة فيما يخل بالواجب من حق الزوج فانه لا ينعقد ونذر المملوك بدون اذن المالك لا ينعقد لان المملوك ممنوع عن جميع التصرفات الا باذن المالك سوى ما اخرجه الدليل وما ورد من عدم انعقاد يمين الولد والزوجة والمملوك بدون اذن الوالد والزوج والمولي فحمل النذر على اليمين في احكامه الخاصة بها لا يخلو من قياس لان كلا منهما غير الآخر واحكام كل منهما غير احكام الآخر فحمل حكم احدهما على الآخر من جهة اطلاق اليمين على النذر في بعض الروايات جرأة عظيمة لان الاطلاق المجازي لا اطراد له واما جواز سفر الولد بدون اذن ابيه فالظاهر عدمه لوجوب طاعته عليه الا فيما استثنى وهذا ليس منه الا ان يكون سفره لاجل طلب العلم اي العلم الراجح شرعا سواء كان واجبا عينا ام كفاية فلا يشترط رضاء الوالدين وان نهياه وكذلك السفر لدفع الضرر وتحصيل نفقة نفسه وعياله واما ان الولد يملك ماله دون ابيه فنعم وان جاز للاب التصرف في ماله
قال سلمه الله تعالى : وما يرى سيدنا فيما ياخذه الظالم باسم الزكوة او باسم المقاسمة هل يجوز تناوله واخذه لو اعطي احدا ام لا سواء كان زائدا عن المقدر او مساويه
اقول المشهور بين اصحابنا جواز ذلك كله لورود النصوص من اهل الخصوص واستلزام تجنبه الفساد ومنافاته للتقية ولزوم العسر والحرج وغير ذلك واما ما كان زايدا على ( عن خل ) المقدر ففيه اشكال والاحتياط لا يخفى واما اذا كان الظالم من الفرقة المحقة فانه لا يجوز قولا واحدا
قال وما يقول سيدنا فيمن عنده ازواج وفيهم ما هو اشرف من الاخرى لنسب او حسب هل يجوز له الزيادة على غيرها لشرفها ام لا
اقول اذا لم ينقص الاخرى حقها وما اوجب الله عليه لها من الحقوق من المضاجعة بعد كل اربع ليال والمواقعة بعد كل اربعة اشهر والنفقة والكسوة والمنزل ودفع الاذية وامثالها يجوز له تفضيلها عليها بجودة المسكن وحسن اللباس والتزيين واللباس والبيتوتة عندها اكثر من ليلة اذا لم يكن عنده اربع نسوة الا ان العدالة والتساوي مستحبة وان تعدلوا خير لكم
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ايما افضل نافلة الليل ام نافلة الزوال
اقول الظاهر ان نافلة الزوال افضل لانها تقع في وقت مبدء الوجود وظهور النور وانتشار الملائكة بالانفاق والاعطاء وفتح ابواب السماء وتسبيح كل شيء خلقه الله فاذا وقعت الصلوة في ذلك الوقت المبارك تزداد نورا وبهاء وجمالا وسناء ونافلة كل صلوة تتبعها فصلوة الظهر افضل الصلوات واشرفها واول صلوة فرضها الله سبحانه وتعالى وهي الصلوة الوسطى والنور الاعلى والكلمة العليا لا تحصى فضائلها ولا يحصر بعض ما فيها اما نافلة الليل فهي لها فضيلة من حيث العامل المصلي لانها تقع في وقت تهدء فيه الاصوات وتسكن الارض ويقل البخار وتجتمع الحواس ويكون التوجه اكثر والاقبال اشد فوقوع نظر العناية عليه اعظم وهو قوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا والنسبة بين النافلة كالنسبة بين زيارة الرضا والحسين عليهما السلام راجع تفهم
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في زينب ( زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام خل ) هل هي معصومة ام لا
اقول ان اريد بالعصمة ما ثبتت للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فلا واين هي منها واين الثريا من يد المتناول وان اريد بها الطهارة من الادناس والارجاس والمعاصي والسيئات فهي معصومة سيدة طاهرة لا يعتريها زيغ ولا فتنة ولا شك ولا شبهة ولا يتمكن الشيطان منها لانها مكتنفة بالنورين وقبسة نور اخذت من النيرين فاين محل الظلمات في البين
قال سلمه الله تعالى : وما وجه الحكمة في وصية الحسين عليه السلام لها دون زين العابدين عليه السلام
اقول الذي وقفت عليه من الرواية ان الحسين عليه السلام جعل الوصية عند ابنته فاطمة الكبرى لتسلمها الى زين العابدين عليه السلام بعد مرضه اما باقي الوصايا مثل التوصية بالاطفال ومداراتهم وتسليتهم فانه عليه السلام اوصي بها اليها لانها من شانها دون زين العابدين عليه السلام ولو فرض انه عليه السلام جعل الوصية عندها فمن جهة جبر خاطرها واصلاح شانها ولم تكن هي الوصية وانما هي حاملة لها
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا فيمن ادرك الاضطرارين ( الاضطراريين خل ) هل يجزيه ذلك ام لا
اقول نعم يجزيه ذلك كمن اذا ادرك اختياري المشعر واضطراري عرفة فانه يجزيه ولو ادرك اضطراري المشعر خاصة لا يجزيه او العكس او اختياري المشعر خاصة او اختياري عرفة خاصة والذي لا يجزي ادراك اضطراري عرفة وحده واما اضطراري المشعر وحده ففيه خلاف واشكال والاشهر عدم الاجزاء وهو الاحوط بل الاظهر
قال سلمه الله تعالى : فما يقول سيدنا في امرأة دخلت مكة بعمرة التمتع فلما دخلت حاضت قبل طوافها وبقيت في حيضها حتّى خرجت الى عرفة هذه ما حكمها هل تعدل الى الافراد او تبقى الى التمتع وتقضي بعد وعلى تقدير بقائها هل التمتع الى كم وقت قضاها ما يرى سيدنا ويختار
اقول بل تعدل الى الافراد وتخرج الى عرفة وتقف بها ثم الى المشعر وهكذا تاتي بباقي المناسك فاذا دخلت مكة بعد الفراغ من اعمال مني فان طهرت اغتسلت وطافت وسعت والا تصبر الى ان تطهر ثم تطوف وتسعى وتتم العمل
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا العدالة شرط في امام الصلوة على الميت
اقول المشهور بين الاصحاب اشتراط العدالة لانها امامة والامام يجب ان يكون عادلا وذهب بعضهم الى عدم الاشتراط نظرا الى الاخبار الدالة على انه يصلي على الميت اولى الناس به من غير تفصيل واولى الناس بالميت لا يلزم ان يكون عادلا وهو قريب والاحتياط مع المشهور
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا فيمن قصد نية الصوم بقلبه وهو في الصلوة هل تصح ( تصلح خل ) تلك الصلوة وتلك النية ام لا
اقول اذا لم يقصد بنية الصوم في قلبه وهو في الصلوة نية قطع الصلوة مع فعل موجب بالقطع فلا تبطل الصلوة ويصح الصوم والا فتبطل الصلوة ويصح الصوم
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا فيمن راي من يخل بافعال الصلوة وشرايطها كوضوء وغيره هل يجب عليه اعلامه ام لا وكذا من راى غيره على نجاسة او فيه نجاسة هل يجب عليه اخباره ام لا
اقول الذي يخل بافعال الصلوة وشرايطها فان كان يخل بها عمدا او جهلا بالحكم فذلك يجب اعلامه من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان تحققت شرايطه من العلم بتجويز التاثير وعدم الضرر والا فلا وان كان سهوا ففيه اشكال واما الذي يرى على غيره نجاسة فلا يجب اخباره بل ولا يستحب ويجوز ان يصلي معه جماعة في تلك الحالة
قال سلمه الله تعالى : وما معنى وان منكم الا واردها والآية فيها عموم يشمل الانبياء والائمة والصلحاء
اقول ان الصراط موضوع على متن جهنم والخلق كلهم من الانبياء والائمة والصلحاء والكفار وساير الخلق يمرون عليه فالمؤمن يتجاوز عنه والكفار ومن يستحق النار يقعون فيها الا ترى في آخر الآية بعد قوله تعالى وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( مقضيا قال تعالى خل ) ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا وقال عليه السلام في هذا وجه آخر وهو ان الحمى رائد الموت وحرها من فيح جهنم وهي حظ كل مؤمن ومؤمنة من النار وهنا وجه آخر مذكور في احاديث الطينة وهو ان الله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق في عالم الذر اجج لهم نارا فامرهم بالدخول فيها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها دخل نار جهنم وكلهم دخلوا النار ووردوها فالذي دخلها في العالم الاول دخل الجنة ومن لم يدخلها هناك دخل نار جهنم والمتوقفون في ذلك العالم تؤجج لهم يوم القيمة نار الفلق فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها دخل نار جهنم فدخول النار لا بد لكل احد على ما فصلنا لك
قال سلمه الله تعالى : وما العلة والمزية في افضلية التمام في المواطن الاربعة دون غيرها وما ( ما يرى خل ) سيدنا في التمام هل يختص في مكة بالبيت دون مكة وبقبر الرسول صلى الله عليه وآله دون المدينة وبالحاير دون البلد وما معنى الحاير وحده
اقول اعلم ان هذه الاراضي الاربعة اشرف الاراضي واعظمها عند الله سبحانه تعالى لسبقتها في الاجابة على ما سواها حين قال سبحانه للجمادات والبسايط الست بربكم ومحمد صلى الله عليه وآله نبيكم وعليّ وليكم والائمة الاحد عشر سلام الله عليهم وفاطمة الصديقة عليها السلام اولياؤكم فلما اجابت هذه الاراضي وسبقت على غيرها مع اختلاف مراتبها في السبق شرفها الله سبحانه وعظمها وجعلها مهابط للانوار القدسية والاسرار الالهية والملائكة الكروبيين ومحل عناية الانبياء والمرسلين فهي لم تزل مهبطا للانوار ومحلا للاسرار وموضعا لوقوع اشعة الافاضة وبابا واسعا للاستفاضة ثم ان الله سبحانه وتعالى زادها نورا على نور وسرورا فوق ( سرورا على خل ) سرور حيث جعلها بيتا له ونسبها الى نفسه تعظيما وتشريفا وتوقيرا وتكريما ثم شرفها بتشريف آخر اخذ طينة ائمتنا المعصومين عليهم السلام لظهورهم الى هذه الدنيا فصارت هي معدن الكنوز الالهية ومخزن الانوار القدسية ومهبطا للفيوضات السرمدية في العوالم الجسمية ولما كانت الصلوة خير موضع ( موضوع خل ) واشرف مشروع اجذب الاعمال للخيرات واقربها للايصال الى معالي الدرجات وهي معراج المؤمنين وانس الموحدين ولما كانت الصلوة كلما تكاملت شرايطها وآدابها في اطوارها كانت اكمل واوفى واعلى واسنى في جذب الخيرات ولما كان الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه وارادته لليسر وعدم ارادته للعسر قصر صلوة المسافرين لاشتغالهم بوعثاء السفر وتحملهم لمشاقه الذي هو قطعة من سقر فاكتفى منهم بالوضع الاولى لها وهي الركعتان ما سوى المغرب لانها قد زيدت فيها ركعة واحدة فجبر كسرها بعدم قصرها ولما كانت تلك الاماكن المشرفة كما وصفتها لك من كونها مجمعا للخيرات العلوية وموقعا للمظاهر القدسية وكانت الصلوة كما وصفتها لك وكما هي المعروفة من انها عمود الدين وخير موضوع في شريعة سيد المرسلين عليه وعلى آله صلوات الله ابد الآبدين والله سبحانه وتعالى احب لعباده ما هو اكمل نفعا واعظم خيرا رخص المسافر في الاتمام في هذه الاماكن لتمام الخير والنور وكمال الحبور والسرور ولينال من الخيرات اكملها ويصل الى معالي الدرجات اشرفها وافضلها وحيث انه في السفر ماحتم عليه لما ذكرنا لك من الامر المستقر وهو ارادة اليسر واما حاير سيدنا الحسين عليه السلام فهو وان لم يكن مسجدا على الظاهر لكن الله سبحانه وتعالى قرن الحسين عليه السلام بنفسه وحباه مزايا ( مرايا خل ) قدسه كرامة لشهادته ( لشهادة خل ) التي اتى عليه السلام بما لم يأت احد بمثله فخصه الله سبحانه بمزايا لم يجعلها لاحد من غيره حتّى لابيه وجده سلام الله عليهم ( وجده صلى الله عليه وآله وعلى ابيه سلام الله وصلواته عليه خل ) فجعل الائمة من ذريته والشفاء في تربته والاجابة تحت قبته وندب الى زيارته في الاوقات المنسوبة اليه تعالى كالعيدين وعرفة وشهر رمضان وليالي القدر واول رجب والنصف من شعبان وليالي الجمع وكل وقت ظهر ( مظهر خل ) فيه سر من اسرار الربوبية وطور من الاطوار الالهية بخلاف غيره فان زيارة امير المؤمنين عليه السلام مندوبة في الايام المنسوبة اليه والى اخيه صلى الله عليه وآله كالغدير والمبعث والمولود وهي ايام لهما ظاهر فيها امرهما بخلاف زيارة الحسين عليه السلام فانها مندوبة في ايام الله فلما خصه الله سبحانه بنفسه جعل حكم حايره حكم مسجده فرخص للمسافر في حايره ما رخصه في مسجده واباح لبيته ما اباح لبيته وتلك والله هي الكرامة العظمى والسعادة الكبرى التي لا يضاهيها بشر ولا يسمو اليها ذو خطر ولا ينافي ذلك افضلية جده وابيه واخيه عليهم السلام لان هذه المزايا مزايا خارجية عرضية منشاها الشهادة والافضلية بالمزايا الذاتية كما روي ان ابا طالب له نور يفوق يوم القيمة على انوار جميع الانبياء والمرسلين ما سوى الخمسة عليهم السلام مع ان ابا طالب عليه السلام لم يبلغ بالمراتب الذاتية رتبه الانبياء وشرح هذا الكلام يطول والاشارة كافية لاهلها واما حد التمام في المواطن الاربعة فالظاهر كما هو الاحوط انه في مكة والمدينة شرفهما الله وزادهما تشريفا وتعظيما مختص بمسجديهما دون بيوتهما ودون حجرة النبي صلى الله عليه وآله التي هي محل قبره واما مسجد الكوفة فمسماه وهو الآن هذا المسجد المحدود بالحدود المعلومة وان كان في الاصل حد المسجد اثنيعشرالف ذراع لكن القدر المتيقن الآن هذا المعلوم وكذلك التمام مختص بالحاير دون البلد واما معنى الحاير فهو الموضع الذي حار فيه الماء واستدار ولا ينافي ذلك اطلاق الائمة عليهم السلام كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام الحائر عليه قبل ان يحير الماء ويستدير لان ذلك ( ذلك كان خل ) في زمان المتوكل واطلاق الحاير عليه قبل ذلك لانهم لما علموا ذلك سموه باسمه قبل وقوعه اخبارا بوقوعه وتعليما على ان هذا هو الاسم الحقيقي من جهة ظهور هذا الامر العظيم فيه او ان الحائر في اللغة هو المكان المنخفض ولما كان هذا المكان الشريف اخضع الاماكن لله واخفضهم عند استشعار عظمته وكبريائه كما في الحديث المشهور سمي حائرا واما حده فقد اختلف الاصحاب فيه والذي يختلج بخاطري الفاتر بعد ملاحظة الادلة وامعان النظر انه عشرون ذراعا من حد القبر الى اربعة جوانب كل جانب عشرون ذراعا وكل ذراع شبران وكل شبر اثني عشر اصبع من اصابع مستوي الخلقة فالمسافر في هذا الحد المذكور مخير بين القصر والاتمام والاتمام افضل والى ما اشرنا اشار عليه السلام على ما رواه في الاستبصار ان من مخزون علم الله تخيير المسافر في المواطن الاربعة فافهم واتقن
قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا ومولانا ومقتدانا فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله حملت به امه في ايام التشريق فولدت به في سابع عشر ربيع الاول فعلى هذا يكون الحمل ثلاثة اشهر او سنة وثلثة اشهر والعلماء مجمعون على ان منتهى مدة الحمل سنة فكيف هذا وما الجواب
اقول ايام التشريق في هذا الحديث ايام النسيء وهو الذي اشار الله سبحانه وتعالى اليه بقوله انما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله الآية فان العرب في زمان الجاهلية كانوا اذا ارادوا الحرب في ايام حجج ( ايام الحج خل ) الشهر الحرام كانوا يحاربون ويقاتلون ويؤخرون حجهم الى بعد الفراغ من شغلهم ثم بعد ذلك يجعلون ذلك الشهر الحرام ويخرجون الى عرفات ومني للحج ويجعلون ايام التشريق مدة مكثهم بمني في حجهم ذلك ولا يلتزمون الحج في ذيالحجة خاصة وتلك الايام هي ايام النسيء وعلى هذا فلا يلزم ما ذكر جنابك لان ذلك انما يكون اذا كان الحج في ذي الحجة ولكن العرب كانت تؤخر الحج لتشغل بشغلهم او عدو يقاتلهم فيكون ايام التشريق التي حملت به صلى الله عليه وآله امه اياما تساوي مدة الحمل المتعارفة التي هي تسعة اشهر وهذا هو المعلوم بنص القرآن واطباق المؤرخين ودلالة الروايات من الائمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين
قال سلمه الله تعالى : وايضا سيدنا ان الطينتين طينة عليين وطينة سجين على التساوي وهذا شان العدل فكيف يصير المخالف اكثر والمؤالف اقل ما الجواب وان قلنا بعدم التساوي فهو مشكل
اقول ان كان المراد من الطينتين في اصل الخلط لتحقق الاختيار فهذا لا شك فيه فان الله سبحانه وتعالى اخذ طينة من عليين وطينة من سجين وخلطهما فعركهما وصلصلهما وجعلهما شيئا واحدا صحيح الاختيار مخلي السرب فلو اختلفت الطينتان يلزم الجبر وذلك خلاف شان العدل وهذا الخلط لاجل الاختيار فالمختار يفعل ما يشاء بحفظ الله سبحانه وتعالى ومدده وتوفيقه او خذلانه فتختلف الموجودات بما جعله الله سبحانه وتعالى فيهم من سر الاختيار الموجب لاختلاف الميولات والشهوات واما قولكم فكيف يصير المخالف اكثر والمؤالف اقل فذلك كلا ( اقل فهذا كلام خل ) قشري لا يفتح منه الف باب وانما المخالف بعدد المؤالف والظلمة على طبق النور والعكس مطابق للعاكس وما تراه من كثرة المخالفين كما هو ظاهر بعض الآيات الشريفة فانما هو في هذه الدنيا في القوس الصعودي فاذا صعد العالم وبلغ منتهاه كان الامر بالعكس كما يكون في الرجعة واما ظهور الطينتين فيكون يوم القيمة فريق في الجنة وفريق في السعير اما طينة عليين التي اختصت به الاخيار وطينة سجين التي اختصت به الاشرار فانما هو في الخلق الثاني في احداث كينونتهم الظاهرة عند الاقرار والانكار فالمقرون خلقهم من طينة عليين زيادة عما كان مستقرا في طويتهم فكانت لهم بذلك نورا على نور والمنكرون خلقهم من طينة سجين زايدا عما كان مستودعا في حقيقتهم منها فكانت لهم ظلمات بعضها فوق بعض وهذا لا يشترط فيه التساوي بحسب البرهان العقلي لكن الامر الواقع كما ذكرنا لك من مساواتهم في الشؤنات والاطوار الا في بعض المختصات كالجنة والنار وطبقاتهما والدرجات والدركات وهذا مجمل المقال واما التفصيل فاطلبه في ساير ما كتبنا من الرسائل واجوبة المسائل
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في جواز احرام البعيد قبل القريب هل ترون جوازه وعلى تقدير جوازه فالي اي حد يجوز هل هو مطلقا ولو في آخر الصف ام يختص بوجه واحد افدونا ( افيدونا خل ) ادام الله فوائدكم والسلام خير ختام
اقول الظاهر جواز احرام البعيد قبل القريب اذا كانوا وقوفا لان استعلام ( استعلال خل ) الحال مشكل واليسر في الشريعة مطلوب وسيرة المرسلين ( المسلمين خل ) على هذا النهج جارية وعدم ورود نص في المقام مع شدة البلوى وقولهم عليهم السلام فاسكتوا عما سكت الله وابهموا ما ابهمه الله وليس له حد خاص فيجوز ولو في الصف الاخير نعم اذا كان بعضهم جلوسا وبعضهم قياما فهناك يراعي الفاصلة المعتبرة شرعا بين الامام والماموم والصف المتقدم امام الصف المتأخر والفاصلة المعتبرة بين الامام والماموم معتبرة بينهما وهي مقدار مربط الفرس على اصح الاقوال فحينئذ يلاحظ في حال جلوس بعض الصفوف الفاصلة المعتبرة فيحرم ان كانت الفاصلة هي المعتبرة بين الامام والماموم والا فيصبر الى ان يقوم او يحرم والسلام الحمد لله على الاتمام وصلى الله على محمد وآله سادات الانام ما دام الليالي والايام