رسالة في جواب الشيخ محمد بن الحسين البحراني - ٤ (خصائص الرسول، خلق المشية بنفسها،...)(١٥ سؤال)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الشيخ محمد بن الحسين البحراني

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطاهرين ( ولعنة الله على اعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم اجمعين الى يوم الدين خ‌ل )

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الشيخ الاجل الانبل الافضل الاكمل اللوذعي الالمعي المؤيد الممجد الشيخ محمد بن حسين بن خلف بن سلمان قد بعث اليّ مسائل يريد الجواب على الاستعجال وانا في الغاية من تشويش البال واختلال الاحوال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال ومع ذلك لا يمكنني الا اجابته وانجاح طلبته وآت بما هو الميسور لانه لا يترك بالمعسور وجعلت سؤاله سلمه الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له كما هو عادتي في اجوبة المسائل ليطابق كل جواب بسؤاله ( لسؤاله خ‌ل )

قال سلمه الله : ما معنى الآية الشريفة لواحة للبشر عليها تسعة ‌عشر ما معنى هذا العدد الخاص دون غيره

اقول قد تكرر في القرآن ان الله سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء لقد اشتبه على الناس معنى هذه الآية ( الهداية خ‌ل ) حتى ذهبت طائفة الى الجبر والآخرون الى وجوه بعيدة ومعان غير سديدة والتبس الامر على اهل الظاهر المحجوبين عن مراتب الحقايق والا فاهل الحقايق لهم في كل شيء شواهد واضحات وآيات بينات تدل على مراد الله سبحانه في جميع الآيات والالفاظ والكلمات ولكن المحجوبين يلتبس عليهم الامر بتخالف بعض الكلمات وحيث ان امر الله سبحانه وتعالى يجب ان يكون ظاهرا بينا في كل المقامات اراد سبحانه كشف الحجاب وازاحة النقاب عن وجه المقصود على الحقيقة ليبين المراد وبيان ذلك انه سبحانه وتعالى يريد ان يميز الخبيث من الطيب ويظهر البواطن والسرائر لانه سبحانه لا يقبل الا العمل الخالص كما قال الا لله الدين الخالص فيختبر الخلق بانحاء الاختبارات ويفتتنهم بانواع الفتن لتظهر البواطن وتبدوا السرائر وتخرج ضغائن الصدور وتبين ( تتبين خ‌ل ) حقايق الامور ويتميز اهل الجنة من اهل النار لئلا يكون للناس على الله حجة فيأتي سبحانه في بعض المقامات ( مقامات الاختبار خ‌ل ) بكلام متشابه لاستخراج بواطن الفجار ثم يبينه بيانا واضحا وبرهانا لائحا لينجلي الغبار وتخرج الاغيار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار واليه الاشارة بقوله تعالى وما ارسلنا من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وان الظالمين لفي شقاق بعيد الى ان قال تعالى وان الله لهادي الذين آمنوا الى صراط مستقيم والتمني بمعنى القرائة كما في قول الشاعر :

تمنى كتاب الله في كل ليلة تمني داود الزبور على الرسل

والقاء الشيطان عبارة عن الاحتمال الباطل الغير المراد لاجل التمويه والتلبيس وليس اللفظ صريحا ظاهرا في رده كما في قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون وقد اتى بلفظ ما يمكن القاء الشيطان من الانس ( بلفظ يمكن القاء الشيطان الانس خ‌ل ) والجن الاحتمال الباطل فيه كالاتيان بلفظ الولي المشترك في معاني عديدة والاتيان بلفظ الجمع وهو يريد المفرد والاتيان بلفظ الزكوة الظاهر منها الواجبة وهو سبحانه يريد المستحبة فبهذه الآية واتيانه هكذا اخرج ما في قلب الرازي واضرابه من الضغائن بصرف هذه الآية عن امير المؤمنين عليه السلام باحتمال ان الولي بمعنى المحب وغيره من الاحتمالات الباطلة ولما اخرج ضغاينه وابدي سرايره احكم الله آياته وقال النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم فبين ان ولاية النبي صلى الله عليه وآله ولاية تصرف فولاية الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ولاية التصرف لان المعطوف متحد مع المعطوف عليه في الحكم وكذلك في هذا المقام قال تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء اخرجت الاشاعرة والجبرية ضغائن صدورهم وكوامن ضمائرهم ثم احكم الله ذلك المتشابه بالبيان الواضح في هذه الآية الشريفة واوضح معنى الهداية والضلالة وقال عز من قائل عليها تسعة ‌عشر اي على جهنم تسعة ‌عشر فلما نزلت هذه الآية ضحك الكفار والمشركون ومنافقوا هذه الامة والذين كانوا يظهرون الاسلام ويكتمون النفاق فقالوا ما اقل الموكلين على سجن رب محمد حتى قال بعضهم ممن يعد من شجعانهم ان على ثمانية ‌عشر من الموكلين بجهنم وانتم كلكم تعجزون عن واحد فاخذوا في السخرية والاستهزاء واظهروا البغضاء والشحناء وظهرت الضغاين من البواطن وتبين المحق من المبطل ومن آمن ظاهرا دون ان يكون باطنا فلما تبين وتميز بين الله سبحانه المراد وقال وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة وماجعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين اوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ايمانا ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب وليقول الذين كفروا والذين في قلوبهم مرض ماذا اراد الله بهذا مثلا ثم لما بين سبحانه وجه الحكمة وابان عن سر الحقيقة قال سبحانه كذلك يضل من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك الا هو فتبين لنا المراد عن معنى هداية الله واضلاله واما خصوص العدد فان المراد بتسعة‌ عشر هو الواحد وهو استنطاق حروف بسم الله الرحمن الرحيم المكتوبة ولما كانت البسملة هي الاسم الاعظم وحاملة سر الاسم الاعظم الاعظم الاعظم بل الذكر الاجل الاعلى الاعلى الاعلى كان حامل هذا الاسم واحدا وترا فردا وهو الذي اليه الاياب وعليه الحساب وعنه الثواب والعقاب وهو قسيم الجنة والنار وهو نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار وهو الماء النازل من سحاب القرآن الذي مقام الوصال والاجمال المعبر عنه بالحقيقة المحمدية وهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا وهو الواحدة في قوله تعالى انما اعظكم بواحدة كما نص عليه مولينا وسيدنا الصادق عليه السلام والتاء لمبالغة الوحدة كما في قوله تعالى وما امرنا الا واحدة ولما كان الولي اليه امر النار كالجنة وهو الواحد وهو استنطاق تسعة ‌عشر وهي عدد حروف البسملة التي هي الاسم الاعظم فبين سبحانه ان المتولي لدائرة النار والقائم عليها لا يكون الا حاملا سر الاسم الاعظم ولا يكون الا واحدا فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال

قال سلمه الله تعالى : ما معنى روح القدس المسددة لهم هل هي هم ام غيرهم ما معنى هذا التسديد لهم لانه الحجج بلا واسطة

اقول المراد بالروح القدس هو اول الروحانيين حملة العرش وهو العقل الاول الكلي وهو عقلهم عليهم السلام وقد قال مولينا الصادق عليه السلام ان الله خلق العقل وهو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش وفي حديث محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام اول ما خلق الله العقل ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر الحديث وقال رسول الله صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله عقلي فاذا جمعت هذه الروايات بصحيح الفكرة وصافي الطوية علمت ان الروح المسددة لهم هو روح القدس وهو عقولهم ولا ريب ان التسديد والتأييد كله بالعقل في كل بحسبه وهو نور انا انزلناه في ليلة القدر فيسددهم الله سبحانه بهم لا بغيرهم لان عقلهم سلام الله عليهم اول مراتبهم في الوجود المقيد وبه قوام الاكوان والاعيان فلا ينافي ذلك انهم الحجج بلا واسطة صلى الله عليهم وهذه الواسطة ليست غيرهم وهي العمود من نور ونور التفرس والتوسم فافهم

قال سلمه الله تعالى : وايضا سيدي اخبرني ان الله خلق المشية بنفسها وخلق الاشياء بالمشية فكيف قبضها هل هو بنفسها ام بغيرها ان قلنا بنفسها فما الوجه في الاخبار الواردة في قبض ملك الموت ارواحهم عليهم السلام كما جرى للنبي صلى الله عليه وآله حين موته (ص)

اقول ان لهم سلام الله عليهم مراتب ومقامات في كل مقام يجري عليه حكم ذلك المقام فهم في مقام مشية الله لانها اول صادر لقد قام الاجماع مع الاخبار المتواترة انهم ( انه خ‌ل ) ما سبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق ولا يطمع في ادراك مقامهم طامع فان كانت المشية غيرهم فان كانوا سبقوها ايضا ( سبقوها فما خلقت الاشياء كلها بالمشية وان كانوا سبقوها خ‌ل ) فلا سابق على المشية غير الذات جل وعلا فلم يبق الا انها هم لكنها في اعلى مراتبهم ودرجاتهم سلام الله عليهم وفي مقام هم محل المشية وهذا دون مقامهم الاول وفي مقام ثالث هم ( هو خ‌ل ) المفعول المطلق والمصدر وهنا اثر المشية الاثر المتصل وفي مقام رابع هم حملة آثار المشية الى المنشئات ( المشاءات خ ) وهكذا ساير المراتب واما قبضهم الى الله ففي المراتب الاول فالله سبحانه هو المتولي لقبضها بما جعل عندهم من الاسم الاعظم والسر الاكبر واما في مقام بشريتهم التي من سنخ الناس كما قال تعالى انما انا بشر مثلكم وقال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ( وقال تعالى قد جاءكم رسول من انفسكم الآية وقال تعالى هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم خ‌ل ) وقال تعالى يا معشر الجن والانس الم ‌يأتكم رسل منكم والآيات بهذا المعنى كثيرة ولقد ظهروا للرعية ببشريتهم من نحو سنخ البشر الرعية فالمتولي لقبض الروح الظاهرة في مقام البشرية هو المتولي لقبض ارواح سائر البشر كما ان جبرائيل وسائر الملائكة يأتون اليهم بالعلوم والاحكام عن ( من خ‌ل ) الله سبحانه فملك الموت يقبض الروح في عالم الدنيا من البشرية الظاهرة في الجسمانية الجسدانية لا المراتب الحقيقية وهكذا في سائر الناس لان ملك الموت يقبض الروح من هذا البدن واما باقي مراتب الموت فلا يتوليها ملك الموت الظاهري الجسماني وان كان الكل بملك الموت على المعنى الاعم والوجه الاتم واما ما سواها من مراتب البشرية فان الله سبحانه هو الذي يتولى لقبضها ولذا ورد ان المؤمن يتولى الله سبحانه قبض روحه فافهم لقد اوضحت المقال

قال سلمه الله تعالى : وما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله عند الشدائد ( لا تخذلني خ‌ل ) يا اخي جبرائيل مع انه خادم من جملة خدامه وفي هذا المقام يحتاج الى جبرائيل

اقول لا منافات باعتبار مقام البشرية كما قلنا في ملك الموت حرفا بحرف مع انا نقول ان ذلك من باب اياك اعني واسمعي يا جارة وحيث ان رسول الله صلى الله عليه وآله نسب شيعة امير المؤمنين عليه السلام الى نفسه واختصهم به وجعل شدتهم شدته واذيتهم اذيته واوصى رسول الله صلى الله عليه وآله جبرائيل ان يحضر شيعتهم عند موتهم حتى يكون سببا لتفريح كربه وتنفيس غمه ورفع الشدائد والكروب عنه وقد امتثل جبرائيل امره صلى الله عليه وآله وبقي يحضر معه صلى الله عليه وآله والطيبين من اولاده عند نزع روح كل مؤمن من ماحض الايمان محضا وقوله صلى الله عليه وآله لجبرائيل عند الشدائد لا تخذلني كقوله تعالى لموسى بن عمران على نبينا وآله وعليه السلام اني مرضت فلا تعودني وهو جل شأنه يجل على المرض فالمقصود مرض بعض المؤمنين فنسبه اليه سبحانه تفخيما وتكريما وقال تعالى فلما آسفونا انتقمنا منهم وهو سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكنه سبحانه خلق احباء لنفسه يحزنون ويأسفون وجعل اسفهم اسفه ورضاهم رضاه ومحبتهم محبته وبغضهم بغضه وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته ونسب احوالهم الحادثة الى نفسه تكريما وتفخيما وكذلك هم سلام الله عليهم بالنسبة الى خواص شيعتهم ومحبيهم اماسمعت حديث الطاس والمنديل وقول امير المؤمنين عليه السلام اني شككت في وضوئي فاردت ان اسبغ الوضوء وحاشا امير المؤمنين عليه السلام عن الشك واعتراء الشبهة فافهم لقد فتحت لك بابا واسعا فادخل فيه حيث شئت وقل حطة

قال سلمه الله تعالى : ما الوجه في اكل المعصوم السم وتأثير السيف فيه مثل امير المؤمنين والحسين عليهما السلام والسم بباقي الائمة مع ان الامام يعرفه وهو لا يخفى عليه شيء ويعلم به حال اكله ويعلم ضرره فكيف يتناول منه مع علمه به وبضرره وايضا كيف يؤثر وهو العلة في وجوده والمعلول لا يؤثر في العلة اجبني يا سيدي واكشف عني بالله عليك

اقول هذه المسئلة تنحل الى سؤالين :

احدهما ان السيف والسم كيف يؤثران فيهم سلام الله عليهم وهم العلة في وجودهما وهم العالي وغيرهم السافل والسافل لا يلحق العالي بنفع او ضرر الجواب قد سبق منا انهم سلام الله عليهم في مقام البشرية يظهرون بما هو من سنخهم ومن جنسهم وما تلونا عليك من الآيات المتقدمة فاذا كانوا معهم من جنس واحد فيؤثر فيهم كما يؤثر الحديد في الذهب والنار في الاكسير وابدانهم سلام الله عليهم في هذه الدنيا بالنسبة الى ابدان الرعية كالاكسير بالنسبة الى باقي الاجسام الكثيفة الغاسقة ولا ريب ان الاكسير من سنخ باقي الاجسام ومن جنسها لكنه فعال مؤثر فيها يجعل السافل عاليا والزيبق والنحاس ذهبا وكذلك هم سلام الله عليهم في مقام بشريتهم يؤثرون في الناس من هذا النوع من التأثير ويؤثر الرعية فيهم سلام الله عليهم تأثير الحديد والنار في الذهب لا غير وانهم سلام الله عليهم لم يظهروا للرعية في مقام كونهم علة والا لهلكوا وفنوا واضمحلوا وانعدموا وقد قال سيد الساجدين عليّ بن الحسين عليهما السلام انا لو ظهرنا للناس بالصورة التي خلقنا الله عليها ما رآنا احد الا وقد مات وقد ظهر مقدار سم الابرة من نور رجل من الكروبيين الذين هم من شيعتي لموسى بن عمران على الجبل فدك الجبل وخر موسى صعقا ومات بنوا اسرائيل وهذا مقام سم الابرة من نور رجل من شيعتهم فما ظنك لو ظهروا للخلق بما هم عليه من البهاء والجمال والكمال والنور فلم يظهروا للناس الا قدر ما يطيقون ويتحملون وبالجملة فبشريتهم من سنخ الرعية يجري عليها ما يجري عليهم حرفا بحرف وان كانت بشريتهم في اعلى المقامات وارفع الدرجات كما مثلت لك بالاكسير الخالص والجسم الكدر المتغير ومثال آخر بشريتهم كالقلب وسائر الناس كباقي ( كسائر خ‌ل ) الاعضاء والجوارح ولذا كان الامام عليه السلام قلب العالم وقوام البدن وان كان بالقلب الا ان القلب ايضا ينفعل بهيجان الاخلاط الغريبة الغير الغريزية فينطفي لكثرة البلغم ويتضيق بهيجان الدم ويحترق بغلبة الصفراء ويموت بهيجان السوداء وهكذا سائر العلل الواردة كيف ينفعل القلب بها فافهم الكلام وعلى من يفهم الكلام السلام وهذا هو المثال الجامع فتدبر فيه تجد صحوا بلا غبار

وثانيهما ان الامام عليه السلام مع علمه بالسم وان ابن ‌ملجم لعنه الله هو الذي قصد قتله كذلك قاتل الحسين عليه السلام فلماذا ما منعاهما عن انفسهما وشربوا السم مع قدرتهم على الامتناع منه فهذا القاء النفس على التهلكة ( بالتهلكة خ‌ل ) والجواب انهم سلام الله عليهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون لا يتخطون ما امرهم الله سبحانه لقد انزل الله سبحانه اربعة‌ عشر صحيفة لاربعة‌ عشر معصوما عليهم السلام كل واحد منهم اذا آل الامر اليه نشر صحيفته ونظر فيها وعمل بمضمونها فاذا امره الله ان يخرج من الدنيا مقتولا يمتثل امر الله واذا امره ان يخرج مسموما يمتثل امر الله لا راد لمشيته ولا معقب لحكمه له الحكم واليه ترجعون ( يرجعون خ‌ل ) فهم انما قتلوا وشربوا السم بامر من الله سبحانه لعن الله من قتلهم وسقاهم السم وهذا ليس بالقاء للنفس بالتهلكة لان الهلاك هي معصية الله واما في طاعة الله فهو عين الراحة والفوز بالسعادة الاسمعت ان امير المؤمنين عليه السلام لما ضرب على قرنه الشريف قال فزت ورب الكعبة واي فوز مع القاء النفس في التهلكة ؟ اما تأملت في الجهاد فان الامام عليه السلام اذا امر رجلا ان يخرج الى الجهاد ولا يرجع حتى يقتل هل يسعه ان يقول ان الله نهاني عن ذلك بقوله فلا تلقوا بايديكم الى التهلكة فلو قال هذا الكلام كان رادا على الامام مشركا بالله الملك العلام وكذلك هم سلام الله عليهم لما امرهم الله يجب عليهم امتثال امر الله وان علموا ان ذلك يوجب مماتهم وخروجهم عن الدنيا فان ذلك هو السعادة الابدية أما سمعت قول الحسين عليه السلام لاخيه محمد بن الحنفية شاء الله ان يراني قتيلا ولما عذر له منعه ( عذله ومنعه خ‌ل ) عن الخروج باهله قال عليه السلام شاء الله ان يراهن سبايا لا يقال فعلى هذا لا تقصير لقاتليهم حيث انهم سلام الله عليهم مأمورون بذلك قلت ان القاتل لعنه الله منهى عن قتلهم وكان محرم عليهم ذلك فلما علم الله سبحانه ان القاتل بسوء اختياره يقدم على هذا الفعل الشنيع امرهم الله بالكف عن دفاعه وعدم التعرض له ليقضي الله امرا كان مفعولا واليه الاشارة بقوله تعالى حكاية عن هابيل الامة لئن بسطت الى يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لأقتلك اني اخاف الله رب العالمين وقد كفر القاتل بفعله واستحق الخلود في النار في دار البوار واستحقوا سلام الله عليهم بنيلهم مقام الشهادة افضل السعادة في الدنيا والآخرة

قال سلمه الله تعالى : وايضا سيدي ما معنى خلق المعصية في العبد وهو يعلم انه يأتي بها وهذا من باب الاعانة عليها ام لا

اقول ان الله سبحانه وتعالى نهى العبد عن فعل المعصية واعطاه ما يتمكن به عن الامتناع عنها وحفظ سبحانه بالعبد قدرته عليها وتمكنه منها فاذا قارن بسوء اختياره مع قدرته على الامتناع معصية ( معصيته خ‌ل ) خلق الله سبحانه بفعله ظلمة تكون منشأ تكون نوع من انواع العذاب فان كانت المعصية ذاتية يعني ناشئة من القلب كانت تلك الظلمة توجب الخلود الدائم والا فتوجب العقوبات العرضية ( عقوبات عرضية خ‌ل ) زائلة فيشتمله خطاب يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم مثلا ان الرجل اذا ارتكب الزنا العياذ بالله بسوء اختياره خلق الله سبحانه في الرحم ولد الزنا وهذا معنى خلق المعصية لا كما تزعمه الاشاعرة من ان العباد خلق الله سبحانه فيهم المعصية فهم مجبورون فيها مقهورون عليها لا يسعهم الامتناع منها فان ذلك لا يجوز وتأبى حكمة الله ذلك وقد يطلق الخلق ويراد به الفعل المتعلق بمادة الشيء فحينئذ يمكن ان يراد من خلق المعصية اثر القوة الحاصلة لصرفه في الطاعة والمعصية فاذا صرفها في الطاعة كان سبب خلق الطاعة وان صرفها في المعصية كان سبب خلق المعصية فالطاعة والمعصية متقومتان بتلك المادة فلولاها لم يكن شيء منهما الا ان صيرورتها معصية او طاعة فذلك بفعل العبد المتقوم بتلك المادة وتلك المادة كالماء النازل من السماء والطاعة كالنبات الطيب اذا وقع في الارض الطيبة وكاللؤلؤ اذا وقع في الصدف والمعصية كالنبات المر مثل الحنظل وغيره واذا وقع في الارض السبخة الخبيثة وكالسم القاتل اذا وقع الماء في بطون الحيات والافاعي والعقارب فلولا الماء ما كان شيء من النبات الطيب والمر واللؤلؤ والسم ولولا الارض والصدف وبطن الافعى ما تميز اللؤلؤ من السم والنبات الطيب من النبات الخبيث فالارض والصدف وبطون الافاعي اختيار العبد والماء من الله تعالى فالله هو الخالق ابدا والعبد هو الفاعل ابدا وهو سر الامر بين الامرين قل الله خالق كل شيء والله سبحانه لا يفعل القبايح ولا يأتي بها ولا يأمر بها ولا يريدها لان الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر أتقولون على الله ما لا تعلمون وذلك ليس من باب الاعانة فانه تعالى لا يعين على الاثم والمعصية كيف وهو سبحانه يقول تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان

قال سلمه الله تعالى : ما معنى ليلة القدر ونزول الملائكة على صاحب الوقت مع انه الحجة على الكل بلا واسطة وكيف تكون الملائكة واسطة

اقول معنى ليلة القدر ليلة الضيق فان القدر بمعني الضيق وهو قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتيه الله وقوله تعالى وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه يعني تيقن ان لن نضيق عليه وانما سمى تلك الليلة ليلة القدر لان الارض تضيق لكثرة نزول الملائكة فانها ليلة تنزل الملائكة وتخبر امام العصر روحي له الفداء بما حتم مما كان مشروطا من احوال العالم في تلك السنة من اجل ورزق وحيوة وعزة وذلة وغناء وفقر وسائر الاحوال ومعنى قولي « بما حتم مما كان مشروطا » ان من الاشياء مشروطات معلقات باشياء فاذا وقع ذلك الشرط حتم ان لم يمنعه مانع مثلا كان مشروطا بان من وصل الرحم او فعل طاعة مثلا يكون له من العمر كذا وينسى في اجله كذا وهكذا في مقابلاته فاذا وصل الرحم وفعل تلك الطاعة وقع الشرط فحتم فصار المشروط محتوما وكلما وقع في تلك السنة من هذا القبيل تخبر الملائكة امام العصر في تلك الليلة ولذا كان ليلة القدر يستحب الاجتهاد في العمل لعله يمنع مقتضى الشرط عن وقوع ما حتم او يمحوه بعد ما حتم وثبت لقوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وهذا مجمل الكلام في هذا المقام والتفصيل يطلب في سائر رسائلنا واجوبتنا للمسائل فان لي في هذا المقام تحقيقا شريفا قل من عثر عليه من العلماء الاعلام واما اخبار الملائكة مع انهم عليهم السلام ( هم خ‌ل ) الواسطة في وجودهم فانهم اسباب لظهور الفيض الى هذا العالم في البشرية الظاهرة مثاله القلب فانه الواسطة في وجود الحواس الخمس من الظاهرة والباطنة مع انها هي التي تؤدي الى القلب جزئيات ما في العالم الجسماني الا ترى ان العين اذا لم تكن او اذا اغمضها ( غمضها خ‌ل ) الانسان لم يدرك القلب المبصرات كالسمع عند فقده لم يدرك المسموعات وكذا ساير الحواس مع ان القلب هو العلة والمقوم لهذه الحواس فيعطي كل ذي حق حقه فتعطيه منافعها وهو قوله تعالى ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا لكم ومتاعا الى حين وبالجملة فهي اسباب في عالم التفصيل كما انك اذا علمت المسئلة من كتاب لا يقتضي ان يكون ( الكتاب خ‌ل ) افضل منك او هو الواسطة في ايصال الفيض اليك وذلك معلوم ظاهر انشاء الله تعالى

قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا في رجل دعى الى السب او البرائة ( وخ‌ل ) ما يعمل هل ( هو خ‌ل ) يعمل كما ورد اذا دعيتم الى السب فسبوا والى البرائة فمدوا الاعناق او يعمل عمل عمار بن ياسر كما قال تعالى الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان

اقول بل يعمل عمل عمار بن ياسر فان الوقت وقت الهدنة وحفظ البنية اذا كان القلب مطمئنا باليقين والصدر منشرحا بالايمان فلا بأس باظهار خلافه بما تحفظ به من كينونته ( به كينونته خ‌ل ) وتسلم نفسه ونوعه والروايات دالة عليه والمذهب منطبق عليه والاعتبار يقتضيه واما التفصيل الذي في الحديث فمحمول على كمال المبالغة في عدم اظهار البرائة وعلى كل حال لا يعارض هذه الرواية النصوص الكثيرة والمذهب واجماع الشيعة وذلك واضح معلوم

قال سلمه الله تعالى : ما معنى قوله عليه السلام فيما رواه الشيخ فخر الدين في رواية مسمع بن عبد الملك ان الكوثر ليفرح لمحبينا اذا ورد عليه حتى انه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي ان يصدر ما معنى هذا الفرح المنسوب للحوض وهل هو الحوض الموجود ام غيره وما كيفية الكوثر المذكور واين هو الآن وفي القيمة في اي مكان في الجنة ام خارج عنها وهل هو ( الآن خ‌ل ) موجود في الدنيا ام لا وما معنى ان على الكوثر امير المؤمنين وبيده عصا عوسج

اقول اعلم ان الله سبحانه وتعالى قال وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فليس في الآخرة ما يقتضي الموت فكل شيء فيها حي من جماد ونبات وحيوان فانا قد بينا في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا ( واجوبتنا خ‌ل ) للمسائل ان كلما دخل عالم الكون حي لانه آية للحي واثر الحي القيوم لا يكون الا حيا قيوما لان الاثر يشابه صفة مؤثره وقد قال امير المؤمنين عليه السلام القى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فكل اثر لا بد ان يكون حيا يجري عليه مقتضي الحياة ولكن في هذه الدنيا لما كانت ملتقى العالمين وموقع امتزاج نقطة النور والظلمة سرت الظلمة ولم يقبلها النور فتعارضا وتخالفا فضعف ( فضعفت خ‌ل ) آثار النور وضعفت آثار الظلمة فبقي جمادا لا يتحرك فبهذا انقسم الخلق الى حي وميت ومتحرك وساكن واذا خلص المزج ومال كل شيء الى مركزه ومبدئه وتنتفي العوارض والموانع وتزاحم المقتضيات وعدم ظهور آثار كل منها على وجه الحقيقة رجعت الآثار الى مؤثراتها والمقتضيات الى اقتضائها فتظهر آثار الظلمة وآثار النور كل في محله اللايق وموضعه المقرر ولذا لما ذهبت احكام هذه الدنيا يؤتي بالموت في صورة كبش املح ويذبح بين الجنة والنار بشفرة يحيي ولذا قال سبحانه وتعالى تأكيدا لهذا المطلب وتبيينا لهذا المذهب وان الدار الآخرة لهي الحيوان جمع بين تأكيدات كثيرة لفظية من الاتيان بان والضمير المنفصل وادخال اللام على الخبر وتأكيدات اخر معروفة عند اهلها مشروحة في محلها فاذا تبين لك ذلك عرفت ان الكوثر ماء الحيوة وهو حي تظهر منه آثار الحيوة فيفرح ويحزن ولكن لا موجب للحزن لان مقتضياته منتفية فاذا ورد عليه شخص من المحبين عرفه واقبل عليه وتوجه اليه بذاته وحقيقته للمناسبة الذاتية والمجانسة الحقيقية فيفرح باقباله اليه ويستبشر بتوجهه اليه ويذيقه من كل طعام ويسقيه من كل شراب من الانهار الاربعة الماء الغير الآسن واللبن الغير المتغير طعمه والخمرة ( الخمر خ‌ل ) التي هي لذة للشاربين والعسل المصفي وهكذا مما يقتضي الطعم الحاصل من مزج الجميع او من مزج الاثنين او الثلثة فلا اقل ستة‌ عشر طعما من قسم الماء واما من الطعام فان شاء الوارد عليه جامدا انجمد له وظهر على وفق مشتهاه من انحاء الاطعمة من اقسام الحيوان ومن اقسام النبات او المركب من الجمادات من اقسام الحلويات المركبة والبسيطة بسائر اطوارها واحوالها واقتضاءاتها وصورها وطبايعها ومزاجها وامثال ذلك وان شاء الوافد مايعا ( فان خ‌ل ) كان رقيقا جدا يرق له مثل النسيم وان كان مشتهاه غليظا جدا يغلظ له في حال ميعانه وان كان متوسطا يظهر له كما يشاء وذلك لان الطبايع معتدلة وارتفع عنها التنافر والتباغض وحصلت بينها المودة والمحبة والالفة فعند الانجماد فالحكم للتراب وسائر الطبايع تتبعه على مقتضى آثاره وعند الميعان مع الرقة فالحكم للهواء بمعاونة النار بظهورهما في الماء وعند الميعان مع الغلظة فالحكم للماء ويتبعه التراب بما يقتضيه وبالجملة فالكوثر ماء وهو شخص حي عنده كل طعام وكل شراب اصله ومبدئه بحر الصاد بحر توضأ به رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة المعراج وضوءا دنى به الى مقام القرب وهو مقام او ادنى واليه الاشارة بقوله تعالى في تلك الليلة يا محمد صلى الله عليه وآله ادن من صاد وتوضأ لصلوة الظهر فالدنو مقام او ادني والصلوة وصل واتصال والظهر مقام غاية الظهور وزوال الفيء الموجب لبقاء الانية والماهية ووسطه ماء يجري في الجنة يسقي اشجارها ويكون معادنها ويجري انهارها ويكون شرابا لاهلها اول ظهوره في جنة عدن ثم هكذا يتدرج في النزول الى آخر الجنان الاخروية ثم يتنزل الى ان يظهر في طرف من القيمة ( وخ‌ل ) يظهر بثلاثة عيون الاولى عين الكافور يشرب منها عباد الله المخلصون بعد حر عطش المحشر وعطش حرارة الشمس القريبة الى الجماجم وعطش ضم الخلق بعضهم الى بعض وحصول العرق الشديد يسقيهم الله سبحانه من هذه العين لتسكن فورة الحرارة وتؤثر اليبوسة المعتدلة المقتضية للبقاء وحفظ ما يرد عليه من الاضافات ( الافاضات خ‌ل ) الثانية عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل لاصلاح ما حصل في الطبايع والغرايز من البرودة من شرب الكأس الاوفي من العين الاولى الثالثة عين كان فيها شراب طهور بعد ان تصفو القوابل في القيمة بالكسر والصوغ وشدة الحر وتطاير الكتب فيبقى كل احد على ما هو عليه من مقتضى شؤنه الغيبية والشهودية فظهر ( فطهر خ‌ل ) وخلص عن الروابط العرضية الغير الذاتية الحاصلة من الاحكام النفس الامرية وعند ذلك يكون الكوثر هو الشراب الطهور المذكور في القرآن في سورة هل اتى فالكوثر الموجود في القيمة عبارة عن هذه العيون الثلاثة وكل عين على حافتها حور وغلمان وبايديهم كؤس وقوارير يسقون من يأمرهم امير المؤمنين عليه السلام من الاشخاص الذين ذكرتهم لك بحسب احوالهم يوم القيمة ثم تنزل الى عالم البرزخ الجنتين المدهامتين فجرى في انهارها واينع به ثمارها وظهر في طبقاتها ومراتبها ودرجاتها ثم تنزل وظهر في الجنة التي خلق فيها ابونا آدم وامنا حواء عليهما السلام وهي ايضا تسمى الجنتان المدهامتان تظهران في الكوفة وما ورائها الى ما شاء الله وقد سقى مولانا الصادق عليه السلام من هذا الكوثر عبد الله بن سنان وشرب منه فيه العيون الاربعة المذكورة فلما اقتضى خروج آدم من الجنة الى الارض اتى جبرئيل بقطرة من الكوثر فمزجه بطبايع هذه الارض وهذه الدنيا وامزجتها فنبت منه النبات ( النباتات خ‌ل ) من انحاء الموجودات وتكون منها المعادن والاحجار وتفجرت منها العيون والانهار وسقيت منها الاشجار واينعت منها الثمار واختلاف اطوار الموجودات الارضية بسبب كثرة المزاج ( المزج خ‌ل ) وقلته وزيادته ونقصه وغلظته ورقته وامثال ذلك من سائر حالاته وعرضياته وقد ظهر صفاء الكوثر في هذه الدنيا بصفة العلم فالعلوم كلها من الكوثر والموجودات كلها من الكوثر وثمار الجنة ونعيمها من الكوثر وانه حي بالذات يفرح اذا ورد عليه محب آل‌ محمد السادات عليهم السلام من رب البريات ويذيقهم من انواع الطعام والشراب وقد تبين مما ذكرنا جواب قولك وما كيفية الكوثر المذكور

واما قولك واين هو الآن فقد ذكرنا لك انه بكل مكان بطور من اطواره الخاصة به وهو في القيمة عن يمين منبر الوسيلة في ثلاثة مواضع كل موضع باسم مخصوص على ما فصلنا لك سابقا ففي موضع وهو وادي الرفرف الاخضر يعني مبدء ظهوره يسمى بعين الكافور وفي موضع آخر عن يمين المنبر في ارض الزعفران يسمي بعين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل وفي موضع آخر عند مبدء الاعراف يسمى بالشراب الطهور وهو في الجنة وفي القيمة وفي الدنيا وفي البرزخ وفي جنة آدم وفي بئر زمزم ويقطر منه سبع قطرات في القران ( الفرات خ‌ل ) ويجري منها اي من هذه السبعة ميزابان فالمجموع اربعة‌ عشر قطرة في كل ميزاب سبع قطرات لاهل عالم الاجمال والتفصيل والوحدة والكثرة والاصل والفرع فافهم فقد فصلت لك البيان وبينت لك هذا الشأن فخذه وكن من الشاكرين ولا تسمعه من غيري ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

قال سلمه الله تعالى : وما معنى ان على الكوثر امير المؤمنين وبيده عصى عوسج

اقول هذه العصى ليذود عليه السلام بها المنافقين الغير المستأهلين عن شربه حيث ابوا ان يردوه في الدنيا الذي هو ولايته ومحبته والعلوم الحقة المنشعبة عنه عليه السلام فكل من لم يرده في هذه الدنيا يذوده امير المؤمنين عليه السلم عنه في الآخرة وهكذا الحكم في سائر الاحوال التي تظهر في الآخرة وهي كانت في الدنيا بصورة اخري وهو قوله تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون يعني لا يستطيع من لم يسجد في الدنيا لأن من سجد في الدنيا يستطيع السجود اذا كشف عن ساق اي ساق العرش ومن لم يسجد لله الى جهة الكعبة التي هي ظهور العرش لا يستطيع ان يسجد لله اذا كشف عن ساق العرش والعرش الاعظم هو رسول الله صلى الله عليه وآله ساقه امير المؤمنين عليه السلام لانه حامل اعباء النبوة والرسالة وهو السائق لكل شيء الى ما خلق له ومثل مسجد الكوفة فانه يأتي يوم القيمة بصورة رجل محرم عليه ازاران فمن دخل في مسجد الكوفة في الدنيا خاضعا خاشعا لله يتمكن من الوصول الى مسجد الكوفة في الآخرة وتناله شفاعته ومن لم يدخل وابي من ( عن خ‌ل ) دخوله لم يتمكن من الوصول اليه كذلك امير المؤمنين عليه السلام من ورد الكوثر في هذه الدنيا التي هي ولايته ومحبته والاذعان لفضله والاقرار بفضائله والقبول من حملتها والتسليم لرواتها فيرد الكوثر في الآخرة ومن لم يرد في هذه الدنيا بمعنى انه انكر ولايته وابي عن محبته ومن لم يقر بفضائله ووجه اذا سمع شيئا منها بتوجيهات بعيدة وتأويلات غير سديدة فهذا وامثاله اذا وردوا يوم القيمة يذود بهم امير المؤمنين عليه السلام عن الحوض ويمنعهم عن شربها بعصي عوسج وهي الملائكة الغلاظ الشداد اما انهم عصا فلأنهم آلة للدفع والمنع والسوق من قوله تعالى واهش بها على غنمي وقوله تعالى وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا اما انها عوسج لانها ( لانهم خ‌ل ) غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون

قال سلمه الله تعالى : مسئلة - الآية الشريفة ان اول بيت وضع للناس نرجوا بيانها على التفصيل ما معنى هذا البيت وما معنى الامن والدخول واي بيت هو باطنا وظاهرا لا تكلني الى احد ممن اجبته عنها لان جنابك هو مرجعي لا غير

اقول اما في الظاهر فالبيت هو الكعبة وهي التي فرض الله سبحانه السعي اليها عند الاستطاعة وهي التمكن عن الزاد والراحلة ذهابا وايابا والنفقة لعياله الواجب النفقة والذي يعول به من غيرهم وتخلية السرب (خ) وعدم الخوف على نفسه وعلى عرضه وعلى ماله بما لا يتحمل ( لا يتحمله خ‌ل ) عادة وعدم مانع ولو من جهة تحصيل علم ( العلم خ‌ل ) الواجب قدر الضرورة ( وخ‌ل ) بهذه وامثالها من نوعها تحصل الاستطاعة واما السبيل فهي الطريق الموصل الى البيت قربا وبعدا سهلا وحزنا وغير ذلك واما الموصوف بالكفر فهو الذي يترك الحج مع التمكن والاستطاعة وهذا الكفر كفر طاعة لا كفر شرك وقد قال عليه السلام من استطاع اليه الحج ( استطاع الحج خ‌ل ) ولم يحج ان شاء فليمت يهوديا وان شاء فليمت نصرانيا هذا اذا اعتقد عدم مشروعية الحج ( واما اذا اعتقد المشروعية خ‌ل ) وترك تهاونا فذلك فاسق لكنه ليس بكافر الا كفر طاعة كما نص عليه الامام عليه السلام وهذا لا يوجب الخلود في النار وهذه المسائل قد فصلها ودونها اصحابنا رضوان الله عليهم في كتب الفقه ونحن ايضا كتبنا رسالة مختصرة في مناسك الحج وآدابه وشرائطه واسبابه ومن اراد تفصيل الحج فليرجع اليها هذا ما يتعلق بظاهر الآية الشريفة

واما ما يتعلق بباطنها فوجوه كثيرة يضيق البيان عن احصائها ولكنا نذكر منها وجهين ( لتعرف بهما نوع المراد من الباطن خ‌ل ) :

اما الوجه الاول فاعلم ان المراد بالبيت هو بيت الحسين عليه السلام المبني في كربلا قبل دحو الارض لان كربلا هي اب القرى والكعبة هي ام القرى ولا ريب ان ابا ( اب خ‌ل ) القرى اقدم وجودا واسبق تحققا من ام القرى ولذا ورد ان الله سبحانه خلق كربلاء قبل خلق الكعبة ( العالم خ‌ل ) باربعة وعشرين الف سنة فاذا كان كذلك وجب ان يكون اول بيت وضع للناس هو البيت الذي في كربلاء لان الله سبحانه لا يخل بالحكمة ولا يترك الاولى فوجب ان يكون اول البيت في اول البقاع واشرفها وذلك البيت بيت الحسين عليه السلام خصه الله سبحانه به لشهادته وهو قبة حمراء من ياقوتة حمراء فيها سرير من ياقوتة حمراء صافية مشرقة يغشي نورها الابصار وحول هذه القبة تسعون ‌الف قبة من زمردة خضراء فالبيت واحد وقببه كثيرة واسعة ولو اردنا ان نذكر سعة كل قبة وما يترتب عليه من جوامع المحاسن لضاقت الدفاتر وكلت البصائر فكتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور وهذا البيت هو الذي ببكة وبكة هي كربلاء محل البكاء والخضوع والخشوع والذلة والمسكنة لله سبحانه وتعالى وهو المبارك الذي عم بركتها كل الوجود اذا حل فيه الحسين عليه السلام اي يظهر ذلك والا فهو حالّ فيه دائما وبركات العالم كلها انما تبرز وتظهر وتنتشر في الوجود من هذا البيت لانه على موضع القطب الدائر عليه الكون الجسماني من العرش والكرسي والسموات السبع والارضين السبع وما يظهر من استداراتها من المتولدات فكانت من تلك القطعة اي موضع قبر الحسين عليه السلام من ارض كربلاء جميع البركات الواصلة الى جميع الذرات ( الذوات خ‌ل ) الجسمانية فلاجل ذلك وصف الله ذلك البيت بالبركة بقوله مباركا ومن ذلك البيت نشرت الهداية في العالم اما في هذا الكون الظلماني فبقتل الحسين عليه السلام في هذه الارض وظهور الآيات البينات من بكاء السموات دما وكسوف الشمس يوم العاشر وخسوف القمر في الليلة الحادية‌ عشرة وهما عند المنجمين محال وقد اقاموا على محاليتهما براهين عقلية لقد نقضت براهينهم تلك الآيات الجليلة وسينقضها ايضا الليلة الطويلة عند ظهور مولينا عجل الله فرجه وسهل مخرجه وروحي له الفداء وعليه وعلى آبائه السلام فكان ذلك ( ذاك خ‌ل ) البيت المشرف هدى للعالمين وفيها آيات بينات من نحو ما ذكرناه وفيها مقام ابراهيم الاول حين قال صلى الله عليه وآله حسين مني وانا من حسين وسيأتي زيادة بيان لذلك فاذا عرفت ما ذكرناه علمت ان الذي دخل هذا البيت كان آمنا من جميع المكاره الحقيقية من الدنيوية والاخروية واما ما يصيب المؤمن من المكاره في ارض كربلاء فذلك حقيقة لارتفاع درجة وانحطاط سيئة والا فكل من مات ودفن في ارض كربلاء وكان مؤمنا موحدا مواليا امن من جميع الضراء وقد ورد عن اهل البيت عليهم السلام انه سئل عن الناقة هل تدخل الجنة قال عليه السلام ناقة صالح وكل ناقة تموت في ارض كربلاء وسئل عن الحمار يدخل الجنة قال عليه السلام حمار بلعم بن باعورا وكل حمار يموت في ارض كربلاء وسئل عليه السلام عن الكلب هل يدخل الجنة قال عليه السلام كلب اصحاب الكهف وكل كلب مات في ارض كربلاء وهذه الرواية رويتها عن شيخي واستادي اعلى الله مقامه ورفع في الدارين اعلامه مرفوعا عن الصادق عليه السلام فاذا كانت هذه الارض امانا لهذه الحيوانات وامثالها من البهائم فما ظنك بالانسان الموحد الموالي فذلك البيت امان اذن لكل من دخل فيه واما الاستطاعة للوصول الى هذا البيت على ( فعلى خ‌ل ) قسمين لان لهذا البيت له مقامان مقام وجود وتحقق ومقام ظهور وبروز ففي المقام الاول هو الآن موجود في ارض كربلاء ولكن لا تراه الابصار وقد خفي عن الانظار كالملائكة الموجودين والجن والجنة والنار وغيرها من الامور الموجودة المخفية عن ابصار الناس ففي هذا المقام المراد بالاستطاعة هو ما ذكرنا من الاستطاعة للوصول الى الكعبة المشرفة من الزاد والراحلة وغيرهما مما ذكرنا هناك وكذلك في هذا المقام من حصول الزاد والراحلة والنفقة الموصلة الى الارض المقدسة الحسينية على مشرفها آلاف الثناء من رب البرية فاذا وصل اليها نال اقصى المني لدخول ذلك البيت المعظم والمشهد المكرم ولذا ورد ان زيارة الحسين عليه السلام تعدل عشرين حجة وعمرة وفي رواية تسعين حجة من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وفي رواية ( له خ‌ل ) بكل خطوة الف الف حجة والف الف عمرة والف الف غزوة مع نبي مرسل او ( وخ‌ل ) امام عادل وعتق الف الف رقبة من اولاد اسماعيل ذبيح الله والمراد بالسبيل الطريق الموصل الى تلك الارض الطيبة المباركة التي حل فيها ذلك البيت المعظم المكرم الذي هو اول بيت وضع للناس واما الاستطاعة على المقام الثاني اي ظهور ذلك البيت وبروزه فلا يكون ذلك الا في الرجعة رجعة الحسين عليه السلام واصحابه وهي ( فهي خ‌ل ) المعرفة النورانية والبلوغ الى مقام الثبات والطمأنينة في العلم والعمل والتمسك بالركن الرابع ( بالرابع خ‌ل ) الذي به تمام بيت المعرفة وتصديق قوله تعالى ولئن قتلتم في سبيل الله او متم اي معرفة ان سبيل الله هو عليّ عليه السلم والقتل في سبيل الله هو القتل في سبيل عليّ عليه السلم فاذا حصلت له معرفة هذا النوع من المطالب والعقايد فقد استطاع سبيلا الى دخول ذلك البيت عيانا ظاهرا مع الحسين عليه السلام في الرجعة اي يرجع حتى يدخل ذلك البيت كما وردت به الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم سلام الله العزيز الجبار وما ذكرناه هو مجمل ( محمل خ‌ل ) وجه واحد من وجهي الباطن الذي وعدناك ببيانهما

واما الجواب ( الوجه خ‌ل ) الثاني فاعلم ان البيت في هذه الآية الشريفة هو امير المؤمنين عليه السلام لانه اول بيت من البيوت التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه وتلك البيوت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله على قراءة المبني للمجهول في يسبح والوقف على الآصال وهم عليهم السلام بيوت النبوة وبيوت المعرفة وبيوت المجد والشرف وبيوت السودد اول تلك البيوت هو الذي وضع حمله في بكة وهو موضع البيت من مكة ولا ريب ان الذي وضع حمله في مكة ليس الا امير المؤمنين عليه السلام فهو اذن اول بيت وضع حمله في مكة لاجل الناس لهداياتهم وارشادهم وايصال ما لهم ومنهم واليهم وفيهم وعندهم وبهم وعليهم كلها اليهم من فوارة القدر بامر مستقر وبذاك كان امير المؤمنين لانه كان يمير يعني يكيل يعني يقدر لهم عن الله سبحانه وعن رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقتضي كينونات الناس وهو عليه السلام هدى للعالمين فيه آيات بينات وهم الائمة عليهم السلام لانهم الآيات المرئية في الآفاق وفي انفس الخلائق كما نص عليه مولانا الصادق عليه السلام وفيه مقام ابراهيم الاول لان امير المؤمنين عليه السلام مقام ظهور رسول الله صلى الله عليه وآله وبه ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الخلق ( للخلق خ‌ل ) كما ظهر العرش بالكرسي فافهم ضرب المثل ولا ريب ان من دخل هذا البيت يعني دخل في ولايته مؤمنا خالصا مطمئنا وهو امن من كل لأواء وبأساء وضراء وهو معلوم ظاهر وما تجد من ابتلاء شيعته ورعيته باذية الظالمين فذلك شيء مأخوذ عليهم العهد والميثاق في العالم الاول بان يصبروا ويصابروا ويرابطوا فهذه الشدة عليهم احلي من العسل فالذي يتذكر ذلك العهد فلا يجد بأسا ولا الما والذي نسي العهد فسيذكر ويكون كما قال امير المؤمنين عليه السلام :

عند الصباح يحمد القوم السري وتنجلي عنهم غيابات الكري

فحينئذ تكون الاستطاعة يراد بها العقل والادراك والشعور والاختيار والمعرفة بالوجوه السبعة في الاطوار الاربعة اما الوجوه السبعة فالتوحيد اولا ثم المعاني ثانيا ثم الابواب ثالثا ثم الامام رابعا ثم الاركان خامسا ثم النقباء سادسا ثم النجباء سابعا اما الاطوار الاربعة التسليم والتصديق والايمان والمعرفة في كل وجه من تلك الوجوه السبعة يراعي كل هذه الاربعة وقد قال عليه السلام انكم لن ‌تؤمنوا حتى تعرفوا ولن ‌تعرفوا حتى تصدقوا ولن ‌تصدقوا حتى تسلموا ابوابا اربعة لا يصلح اولها الا بآخرها ضل اصحاب الثلثة وتاهوا تيها بعيدا فاذا تحققت المعرفة على الوجه المسطور حصلت الاستطاعة لك للسير في سبيل الولاية فالاستطاعة هي ما ذكرنا ( ذكرناه خ‌ل ) والسبيل هي القرى الظاهرة للسير الى القرى المباركة والقرى الظاهرة هم العلماء الربانيون والعرفاء الالهيون والابواب للباب الاعظم الذي هو باب ( باب خ‌ل ) مدينة العلم صلى الله عليه وآله وسلم فافهم راشدا واشرب صافيا فحينئذ فالمراد بالكفر هو الكفر الحقيقي فان من لم يؤمن بالولي لم يؤمن بالنبي ومن لم يؤمن بالنبي لم يؤمن بالله ومن لم يؤمن بالله هو الكافر المخلد في مهاوي جهنم نستجير بالله منها وقد روى اخطب خوارزم عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال ليلة اسري به الى المعراج اوحى الله اليه وقال يا محمد لو ان عبدا عبدني صام نهاره وقام ليله حتى يصير كالشن البالي ثم يأتيني من غير ولاية ابن عمك عليّ بن ابيطالب اكببته على منخره في نار جهنم فلهذه الآية الشريفة وجوه كثيرة تركناها خوفا للتطويل وصونا من اصحاب القال والقيل

قال سلمه الله تعالى : واخبرني سيدي عن الخصايص التي يختص بها النبي صلى الله عليه وآله دون الامة كم هي فاني سمعت من بعض الفضلاء يقول ان ازواج امير المؤمنين عليه السلام يحرم نكاحهن على الامة كازواج النبي صلى الله عليه وآله

اقول قد ذكر العلماء له صلى الله عليه وآله خصائص كثيرة حتى افردها بعضهم في التصنيف في كتاب حجيم والعلامة رحمه الله في التذكرة ذكر منها ما يزيد على سبعين ونحن نذكر لك ما ظهر لنا مما يسهل بيانه ولا يعسر برهانه فنقول الكلام في هذه المسئلة في مقامين :

احدهما ان الخير كله والنور باسره والحق بحذافيره في اي مادة كانت واي حقيقة ظهرت كله مختص به صلى الله عليه وآله لا يشاركه غيره اما اهل بيته عليهم السلام الاربعة‌ عشر المعصومون فانهم انما نالوا بتبعيتهم تبعية البدل وفرعيتهم فرعية الجزء للكل فالحق له والنور له والخير له واما ما سواهم فان الخلق كلهم مخلوقون من اشعة انوارهم ورشحات بحار عطفهم وجودهم كما برهنا عليه في كثير من مصنفاتنا ورسائلنا واجوبتنا للمسائل وما في الشعاع من خير ونور فانه للمنير وهو قوله عليه السلام في الزيارة الجامعة ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه هذا بالنسبة الى ما عداهم واما بالنسبة ( اليهم خ‌ل ) فالاولاد فرع للوالد وامير المؤمنين صلوات الله عليه فرع للنبي صلى الله عليه وآله كما في قوله عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله والى هذا المعنى الاشارة بقوله عليه السلام في الزيارة السلام على الاصل القديم والفرع الكريم وهو عليه السلام اصل بالنسبة الى ما عدى رسول الله صلى الله عليه وآله وفرع بالنسبة اليه وكل ما للفرع فانما هو عطية من الاصل فحينئذ كل خير و( كل خ‌ل ) نور وكل حق من خصائصه ومختص به صلى الله عليه وآله وكلما عند غيره فانما هو عارية منه اليه ليس لنا من الخير الا ما اعطيت ولا من الحكم الا ما قضيت وهو قوله صلى الله عليه وآله يا بن عباس لن تجد بيد احد حقا الا بتعليمي وتعليم عليّ صلى الله عليهما وعلى اولادهما وقد تواترت ( تواتر في خ‌ل ) الاخبار ان كلما عند عليّ عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان صلى الله عليه وآله هو الفاتح كان هو الخاتم فجمع ( فجميع خ‌ل ) جوامع الخير والحق والنور كله فما عند الغير مستعار منه ومأخوذ عنه فهو له عند غيره ويرثه عند فقده وهو قوله تعالى ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض لله يرثها عبادي الصالحون والارض ارض الاكوان والاعيان وما يرثهم يرثه رسول الله صلى الله عليه وآله وحده لانه الباقي بعد فناء كل شيء ثم يجري قضاء الله وقدره عليه على وجه ذكرناه في كثير من مباحثاتنا فعلى هذا الوجه الذي ذكرناه يكون الخير كله من خصائصه ومنه استعارت الاكوان والاعيان الخير والنور ومع ذلك هو صلى الله عليه وآله كما قال تعالى ليس لك من الامر شيء فافهم وفقك الله لفهم حقايق اسراره

وثانيهما في مقام انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ ومقام قد جاءكم رسول من انفسكم ومقام يا معشر الجن والانس الم ‌يأتكم رسل ( منكم خ‌ل ) ومقام هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم ومقام وللبسنا عليهم ما يلبسون فهو صلى الله عليه وآله في هذا المقام مخصوص بخصائص ليست لغيره صلى الله عليه وآله لعدم اقتضاء كينونة الغير تلك الخصائص من الكرامات وان كان معهم ومن سنخ رتبتهم كاقتضاء القلب ما يختصه دون باقي الاعضاء وان كانت معه في رتبة واحدة وتلك الخصايص امور :

ا - انه سيد الاولين والآخرين ولا يضاهيه في هذه الرتبة احد من الخلق ( المخلوقين خ‌ل ) فاذا قال امير المؤمنين عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله فما عسى ان يقول قائل او يتكلم متكلم وهو هو وهذا لا شك فيه

ب - انه صلى الله عليه وآله باب الله في الوجود مطلقا حتى لامير المؤمنين عليه السلام وهو اولى بالمؤمنين من انفسهم على المعنى العام الظاهر من الآية الشريفة

ج - انه اول المخلوقات ولم يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق ولا يطمع في ادراكه طامع وهذا شيء معلوم غني عن البيان

د - خاتم النبيين ولا نبي بعده انقطعت الوساطة والسفارة بين الله وبين خلقه به فلا يدعيها الا كاذب بعده

ه‍ - ان شريعته ناسخة للشرايع مطلقا وغير منسوخة بشيء ابدا فحلال محمد حلال الى يوم القيمة وحرامه حرام الى يوم القيمة

و - انه صلى الله عليه وآله مبعوث على كافة الخلائق اجمعين والعالم كله رعية ( رعيته خ‌ل ) كما افصح عنه صريح قوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا

ز - انه تعالى جعله رحمة للعالمين على جهة العموم ومن آثار هذه الرحمة ما بينه الله سبحانه وقال انظر الى آثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها فافهم

ح - كون معجزته من سنخ الالفاظ والكلمات الدائرة على جميع الالسن في جميع الاوقات وعجز الخلق كله عن الاتيان بمثله بعد التحدي التام والتبليغ العام

ط - ان معجزته باقية ابد الآبدين بخلاف سائر الانبياء فان معجزتهم لا تبقى بعد موتهم نعم لهم اوصياء يظهرون المعاجز ويأتون بخوارق العادات عند اقتراح الامة اياها بخلاف معجزته صلى الله عليه وآله فانها باقية ما بقيت الايام والليالي بل باقية ابد الآبدين ودهر الداهرين

ي - انه مخصوص بوصي مثل امير المؤمنين عليه السلام الذي هو خير الاولين والآخرين وقد روت عايشة عنه صلى الله عليه وآله على خير البشر ومن ابى فقد كفر والانسان خير من غيره لقوله تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم

يا - انه مخصوص بابوة فاطمة سيدة نساء العالمين وليس في النساء لها نظير من الاولين والآخرين

يب - انه صلى الله عليه وآله مخصوص بالسبطين الاطهرين سيدي شباب اهل الجنة

يج - انه اول من ينشق عنه التراب واول من يحشر

يد - انه مخصوص بالشفاعة الكبرى كما قال تعالى مخاطبا له عليه الصلوة والسلام سل تعطي واشفع تشفع

يه - انه مخصوص بالسلام عليه بالانفراد في الصلوة

يو - يحرم مناداته من وراء الحجرات

يز - يحرم رفع الصوت على صوته وهو قوله تعالى لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي

يح - لا يجوز ان يتقدم عليه احد في حياته وبعد مماته من نبي او وصي او صديق او شهيد وهو يتقدم على كل احد كما قال تعالى يا ايها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وقال امير المؤمنين عليه السلام ان رسول الله امامنا حيا وميتا

يط - تطوعه قاعدا كتطوعه قائما من غير عذر

ك - انه صلى الله عليه وآله اكثر الانبياء تبعا لان من مبعثه الشريف الى يوم القيمة من اتباعه في الظاهر وعمر الدنيا مائة الف سنة ثمانون الف منها دولته صلى الله عليه وآله من غير معارض وقد بعث صلى الله عليه وآله في الالف الثامن بعد تمام الالف السابع من خلقة آدم عليه السلام وما سواها كلها عهد دولته صلى الله عليه وآله

كا - انه صلى الله عليه وآله اول من يدخل الجنة لانها خلقت له

كب - انه صلى الله عليه وآله اول شافع واول مشفّع ( شفيع خ‌ل )

كج - انه المنصور بالرعب دون غيره

كد - شريعته باقية الى ابد الآبدين

كه - امته خير الامم

كو - نسائه امهات المؤمنين

كز - لا يجوز لاحد ان يتزوج بهن من جميع امته سواء كن مدخولا بهن ام لا

كح - حرام ان يسئلهن غيرهن شيئا الا من وراء حجاب

كط - فضلهن على غيرهن بشرط التقى لقد قال تعالى يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن

ل - جعل ثوابهن وعقابهن ضعف غيرهن

لا - له ان يأخذ الطعام والشراب من المالك مطلقا سواء كان حالة الاحتياج ام لا وانا اقول لا اختصاص بالطعام والشراب بل له ان يأخذ ما شاء من المالك لانه اولي بالمؤمنين من انفسهم وهذا الحكم وان كان للائمة عليهم السلام بالنسبة الى رعيتهم الا ان هذا الحكم يجري للنبي صلى الله عليه وآله بالنسبة الى الائمة من غير عكس ولذا كان من خصايصه صلى الله عليه وآله

لب - ابيح له دخول مكة بغير احرام لان مكة به شرفت وله عظمت

لج - يحرم عليه ان يمد عينه الى ما متع الله به الناس

لد - اذا لبس لامة حربه لا يجوز ان ينزعها قبل لقاء العدو

له - لا يجوز ان يكتب الخط بيده الشريفة وان كان يحسنه ويقدر عليه على اكمل ما يكون

لو - يحرم عليه انشاد الشعر وان كان يحسنه وقوله تعالى وما علمناه الشعر مراده انه تعالى ماعلمه تعليما يظهره ويصوره والدليل على ذلك قوله تعالى وما ينبغي له فافهم

لز - يجب عليه مشاورة اصحابه اذا اراد ان يفعل امرا وان كان هو صلى الله عليه وآله اعلم واعرف بهم من انفسهم الا ان الله سبحانه اوجبها عليه جذبا لتأليف قلوبهم وطمأنينة لهم

لح - يجب عليه انكار المنكر اذا رآه ولا يجوز عليه التقية لانه صلى الله عليه وآله اتى بشريعة جديدة ناسخة فلا موجب للتقية بالنسبة اليه

لط - اذا رغب في نكاح امرأة فان كانت خلية وجب عليها الاجابة وحرم على غيره خطبتها وان كانت ذات زوج وجب عليه طلاقها

م - يجوز له الزيادة على الاربع من النساء بالنكاح الدائم

ما - يجوز له العقد بلفظ الهبة كما في قوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين

مب - وجوب تخييره صلى الله عليه وآله لنسائه بين الاقامة عنده ومفارقته

مج - تحريم نكاح الاماء عليه لفقد الشرط وهو خوف العنت فيه صلى الله عليه وآله

مد - عدم وجوب القسمة عليه بين زوجاته كما في قوله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك ادنى ان تقر اعينهن الآية

مه - وجوب السواك عليه

مو - وجوب الوتر عليه

مز - وجوب الاضحية عليه

مح - وجوب قيام الليل ( عليه خ‌ل ) وان كان الوتر يقع في الليل وكل منهما واجب على حدة

مط - تحريم الصدقة الواجبة عليه مطلقا سواء كان من هاشمي ام لا وثبوت هذا الحكم لباقي الائمة عليهم السلام لا ينافي اختصاصه به كما ذكرنا سابقا في اخذ الطعام والشراب من المالك والاقوى عند عدم حرمة ( والاقرب عندي حرمة خ‌ل ) الصدقة المندوبة

ن - يحرم عليه خائنة الاعين وهي الغمز بها بمعنى الايماء بها الى مباح من ضرب او قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال

نا - صوم الوصال المحرم على غيره وهو يتحقق بامرين احدهما الجمع بين الليل والنهار في الامساك عن ترك الصوم في النية والثاني تأخير عشاه الى سحوره في النية بحيث يكون صائما مجموع ذلك الوقت وهو بمعنييه ( بعينه خ‌ل ) محرم على امته ومباح له صلى الله عليه وآله

نب - تنام عينه ولا ينام قلبه بمعنى بقاء التحفظ والاحساس كما كان في اليقظة

نج - عدم انتقاض وضوئه بالنوم لعدم غلبته على الحاستين وعدم فقدان التمييز والشعور فلم يؤثر النوم فيه حتى يجب عليه مقتضاه

ند - يبصر من ورائه كما يبصر من امامه

نه - يؤثر وطي قدميه الشريفة في الحجر ولا يؤثر في الرمل

نو - لم يكن له ظل اذا وقف في الشمس وهذا الحكم وان كان ثابتا للائمة عليهم السلام الا انه في حقه صلى الله عليه وآله كان مستمرا دائما وفي حقهم سلام الله عليهم كان احيانا اذا شاؤوا

نز - يجوز له صلى الله عليه وآله ان يتزوج ويطأ بغير مهر

نح - ابيح له الاصطفاء لما اختاره من الغنيمة قبل القسمة

نط - ابيح له اخذ الماء من العطشان والطعام من الجايع وان اضطر اليهما اذا اضطر لهما ( اليهما خ‌ل ) ابتلاء للمكلفين وتبيينا ان حفظ نفسه الشريفة اولى من كل نفس

س - الحمي لنفسه الشريفة ( لرعي خ‌ل ) ماشيته وللمسلمين ولم يكن ذلك لاحد من الانبياء ولا الائمة عليهم السلام نعم للامام ان يحمي للمسلمين كما في المبسوط والتذكرة

و هذا الذي ذكرناه بعض الخصايص التي تختص نفسه ( تخص نفسه الشريفة خ‌ل )

واما خصائص امته صلى الله عليه وآله من الامة المرحومة المنسوبة اليه بلا واسطة مما من الله تعالى به عليهم وهي ( فهي خ‌ل ) كثيرة الا انا نذكر ( بعض خ‌ل ) ما ذكره امير المؤمنين عليه السلام لبعض اليهود :

ا - انهم خير امة اخرجت للناس وانهم امة وسط

ب - اذا كان يوم القيمة وجمع الله الخلق في صعيد واحد سأل الله عز وجل النبيين هل بلغتم فيقولون بلى فيسئل الامم فيقولون ماجائنا من بشير ولا نذير فيقول الله جل شأنه وهو اعلم بذلك للنبيين من شهداؤكم اليوم فيقولون محمد وامته فتشهد لهم امة محمد بالتبليغ وتصدق شهادتهم وهو قوله تعالى لتكونوا شهداء على الناس

ج - انهم اول الناس حسابا واسرعهم دخولا الى الجنة قبل سائر الامم كلها

د - انهم لا يعذبون بالنار الاصلية وفي الغالب ان ذنوبهم تكفر في الدنيا وفي البرزخ وباهوال يوم القيمة وشدائدها واهوال الصراط والميزان فان بقي عليهم شيء يعذبون في نار الحظائر دون النيران الاصلية فينقطع عذابهم ويغسلون بماء الحيوان ويدخلون الجنة

ه‍ - ان الله عز وجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة اوقات اثنتان بالليل وثلاث بالنهار ثم جعل هذه الخمسة تعدل خمسين صلوة وجعلها كفارة خطاياهم وقال عز وجل ان الحسنات يذهبن السيئات ويقول صلوة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر

و - ان الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ولا يعملها فان عملها كتبت له عشر حسنات وامثالها الى سبع ‌مائة ضعف فصاعدا

ز - ان الله عز وجل يدخل الجنة من اهل هذه الامة سبعين الفا بغير حساب ووجوههم مثل القمر ليلة البدر والذي بلونه ( يلونه خ‌ل ) على احسن ما يكون مثل الكوكب الدري في افق السماء والذي بلونهم ( يلونهم خ‌ل ) على اشد كوكب في السماء اضائة ولا اختلاف بينهم ولا تباغض

ح - ان القاتل منهم عمدا ان شاء اولياء المقتول ان يعفوا عنه فعلوا وان شاؤا قبلوا الدية فعلى اهل التورية يقتل القاتل ولا يعفى عنه ولا تؤخذ منه دية قال الله عز وجل ذلك تخفيف من ربكم ورحمة

ط - ان الله عز وجل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه ونصفها لعبده قال الله تعالى قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة واذا قال احدهم الحمد لله فقد حمدني واذا قال رب العالمين فقد عرفني واذا قال الرحمن الرحيم فقد مدحني واذا قال مالك يوم الدين فقد اثنى عليّ واذا قال اياك نعبد واياك نستعين فقد صدق عبدي في ذلك بعد ما سئلني وبقية هذه السورة له

ي - ان الله تعالى بعث جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وآله ان بشر امتك بالزين والثناء والرفعة والكرامة والنصر

يا - ان الله سبحانه اباحهم صدقاتهم يأكلونها ويجعلونها ( يجعلون خ‌ل ) في بطون فقرائهم وكانت صدقات من قبلهم من الامم يحملونها الى مكان قصي ليحرقونها بالنار

يب - ان الله عز وجل جعل لهم الشفاعة خاصة دون الامم والله تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم عليه وآله الصلوة والسلام

يج - انهم يوم القيمة هم الحامدون قبل جميع الامم يحمدون الله عز وجل على كل منزلة ويكبرونه على كل مناديهم ( كل محل يناديهم خ‌ل ) في جو السماء لهم دوي كدوي النحل

يد - الله تعالى لا يهلكهم جوعا ولا يجمعهم على ضلالة ولا يساخ بهم ولا ينزل عليهم العذاب وجعل لهم الطاعون شهادة

يه - ان الله سبحانه جعل لهم اذا صلوا على نبيهم عشر حسنات ومحي عنهم عشر سيئات ورد الله عليهم مثل صلواتهم ( صلاتهم خ‌ل ) على نبيهم صلى الله عليه وآله

يو - ان الله تعالى جعلهم ازواجا ثلثة فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات والسابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد يحاسب نفسه حسابا يسيرا والظالم لنفسه مغفور له ان شاء الله

يز - ان الله عز وجل جعل توبتهم السلام والاستغفار والترك للاصرار وكانت بنواسرائيل توبتهم قتل النفس

يح - قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله امتك هذه مرحومة عذابها في الدنيا الزلزلة والفقر

يط - ان الله عز وجل يكتب للمريض والكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه وصحته من اعمال الخير

ك - ان الله عز وجل الزم امة محمد صلى الله عليه وآله كلمة التقوي وجعل بدو الشفاعة لهم في الآخرة

كا - انهم اختصوا بالقنوت والركوع والسجود في صلواتهم ( صلوتهم خ‌ل ) دون سائر الامم

كب - ان الله سبحانه جعل على الامم من قبلهم ان لا يقبل فعلا منهم الا في بقاع الارض التي اختارها لهم وان بعدت وقد جعل سبحانه الارض لامته صلى الله عليه وآله طهورا ومسجدا

كج - ان الامم السابقة كانوا اذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم ابواب العذاب ورفع ذلك عن هذه الامة المرحومة

كد - كانت الامم الماضية يؤاخذون بالسهو والنسيان والخطأ وحديث النفس وقد رفعت عن هذه الامة ببركة نبيهم صلى الله عليه وآله

كه - كانت الامم الماضية اذا هموا بمعصية ولم يفعلوها تكتب لهم سيئة وهذه الامة لا يكتب لهم شيء ان لم يعملوها ولو هموا

كو - ان الامم السابقة ( السالفة خ‌ل ) كانت تحمل قرابينها على اعناقها الى بيت المقدس وقد رفعت من ( عن خ‌ل ) هذه الامة

كز - ان قربان الامم السالفة ان كانت مقبولة تأتي اليها النار فتحرقها والا تبقى على حالها فكان بذلك عليهم عار ووصمة وقد رفعت عن هذه الامة كرامة لنبيها

كح - كانت الامم السالفة مفروض عليهم صلواتها في كبد الليل وانصاف النهار وقد رفعت عن هذه الامة هذا التعيين الخاص وفرضت عليهم الصلوات في اطراف الليل والنهار

كط - كانت الامم السالفة مفروض عليهم خمسون صلوة في خمسين وقتا وقد رفعت عن هذه الامة

ل - كانت الامم السالفة اذا اذنبوا كتبت ذنوبهم على ابوابهم وكانت توبتهم من الذنب ان يحرموا عليهم بعد التوبة احب الطعام اليهم وقد ( وهذه خ‌ل ) رفعت عن هذه الامة

لا - كانت الامم السالفة يتوب احدهم من الذنب الواحد المائة سنة والمائتي سنة ثم لم تقبل توبته دون ان يعاقبه في الدنيا وقد رفعت عن هذه الامة وان الرجل من هذه الامة ليذنب طول عمره ثم يتوب ويندم طرفة عين يغفر له وتقبل توبته

لب - كانت الامم السالفة اذا اصابهم اذى نجس قرضوه من اجسادهم وقد جعل الماء طهورا لهذه الامة من جميع الانجاس

لج - ان امته يظهرون على الامم كلها حتى لا يبقى في شرق الارض ولا غربها دين الا دين نبيهم

وامثالها من الخصايص كثيرة ولو عددناها لطال بنا الكلام واقتصرنا على هذا القليل ولقد احببت ان تأتيني هذه المسئلة في وقت فراغ البال واستقامة الاحوال حتى اسمعك من عجائب المقال ما تحير عنده احلام اولي ( اولوا خ‌ل ) الفضل من الرجال ولكن الامور مرهونة باوقاتها

واما قولك ايدك الله وسددك اني سمعت من بعض الفضلاء يقول ان ازواج امير المؤمنين عليه السلام يحرم نكاحهن على الامة كازواج رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يتحقق عندي ولم يثبت ولا اظنه قول احد من العلماء الذين عليهم العمل في النقض والحل

واما فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى بعلها وبنيها فلها خواص وخصائص في النكاح وهي امور :

ا - ان تزويجها من الله عز وجل كما روي في الكافي عن ابي‌ جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما انا بشر ( مثلكم خ‌ل ) اتزوج فيكم وازوجكم الا فاطمة فان تزويجها من السماء وهذا ظاهر معلوم

ب - انه لا كفو لها الا امير المؤمنين عليه السلام في جميع الموجودات وجميع الصديقين والشهداء كما رواه في التهذيب عن المفضل عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال لولا ان الله خلق امير المؤمنين لم يكن لفاطمة عليها السلام كفو على ظاهر الارض من آدم فمن دونه وهذا ايضا ظاهر معلوم والى هذا المعنى يشير تأويل قوله تعالى فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم انه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون

ج - تحريم النساء على امير المؤمنين عليه السلام ما دامت فاطمة عليها السلام حية في دار الدنيا كما رواه في التهذيب عن ابي ‌بصير عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال حرم الله النساء على عليّ عليه السلام ما دامت فاطمة حية قال قلت وكيف قال لانها طاهر لا تحيض واما ما روته العامة من انه عليه السلام خطب ابنة ابي‌ جهل فكذب وزور وغرور وحاشا امير المؤمنين ان يفعل ذلك لتضمنه وجوها من القبح قد اوردناها في بعض مباحثاتنا

واما نساء امير المؤمنين عليه السلام فلا يثبت لهن ما يثبت لرسول الله صلى الله عليه وآله بالنسبة الى نسائه وان كان احترامهن في ذلك لازما لان امير المؤمنين نفس الرسول صلى الله عليه وآله

قال سلمه الله ( تعالى خ‌ل ) : واخبرني سيدي ما الوجه في عدم الجمع في الصلوة في حيوة النبي صلى الله عليه وآله والجمع تكليف آله عليهم السلام وامير المؤمنين عليه السلام حال خلافته صلى بالجمع ام بالتفريق اشبع لي الكلام في هذه جزاك الله خير الجزاء

اقول لا شك ولا ريب ان التكليف حسب اقتضاء شأن المكلفين وحالهم في كينوناتهم ويجري ذلك على حسب مصالحهم وتلك المصالح المقتضية بخصوصيات التكليف قد تكون حقيقية ذاتية ثابتة في دولة الحق وفقدان الباطل وظهور الدين الحق واستيلائه على كافة الخلق على حد قوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون فعند ظهور تلك الدولة العلية العالية لا تتغير الموضوعات تغاير التضاد فلا تتغير المصلحة فلا يختلف الحكم وقد تكون عرضية غير قارة وغير ثابتة مختلفة متغيرة وذلك ما دامت الدولة للظالمين وعدم ظهور الدولة الالهية المالية بنورها وعدلها جميع الآفاق في السموات والارضين فاذا اختلفت الموضوعات وتبدلت وتغيرت اختلفت المصالح وتبدلت وتغيرت فاختلفت التكاليف وهذا هو سر النسخ وقد يكون الحكم الاصلي الاولي ثابتا فعند تغير الموضوع تغير الحكم كما ان صحيح المزاج غذائه الاغذية الحلوة الدسمة فاذا تغير موضوعه بان تمرض يتغير الحكم الاول ويكلف بالحكم الثانوي من شرب الادوية المرة وترك تلك المآكل اللذيذة الطيبة وقد يكون الامر بالعكس فيكون الحكم الثانوي الزايلي مقدما حسب اقتضاء احوال المكلفين فاذا زالت العوارض او خفت ورجعت الى الاعتدال او الى ما هو قريب الى الاعتدال يرجع الحكم الاولي كالمريض اذا زال مرضه وارتفع المه وذلك في الاحكام التكليفية مثل القبلة كانت الى جانب بيت المقدس في الحكم الثانوي ثم اذا زالت الاعراض الموجبة لتغيير الموضوعات المقتضي للتوجه الى بيت المقدس حال الصلوة رجع الحكم الاولي الالهي وهو التوجه الى الكعبة المشرفة فالقبلة الحقيقية الاولية الالهية كانت هي الكعبة ولكن المصلحة ( الالهية خ‌ل ) في تلك الازمان قد اقتضت التوجه الى غيرها فلما انتهت مدة المصلحة وانقضت اجل الحكمة رجع الحكم الى الوضع الاولي وهو قوله تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه فبين سبحانه ان تلك القبلة لم تكن حقيقية وانما تشريعها لتلك الغاية وكذلك الصلوة المفروضة لا شك ان اول وقتها افضل اوقات ايقاعها كما ورد عنهم عليهم السلام ان الصلوة في اول وقتها جزور وآخر وقتها عصفور وفي اول وقتها رضوان الله وفي آخرها عفو الله والروايات بهذا المضمون والمعنى مستفيضة وعليه استقر المذهب وقد ثبت ان اول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر اي بعد مضي امتداد اربع ركعات جامعة الشرايط والاركان والآداب وبعد ذلك يدخل وقت العصر وكذلك وقت العشاء يدخل بعد مضي امتداد فعل ثلث ركعات فاذا ثبت في المذهب ان ذلك اول وقت العصر وذلك اول وقت العشاء وقد قال بعض العلماء اذا زالت الشمس دخل وقت الفريضتين معا الا ان فرض الاداء الترتيب فلا يجوز تقديم الثانية على الاولى عمدا كما في الوقت المشترك حرفا بحرف فاذا كان ذلك الوقت اول الوقت ومن المعلوم في المذهب كما هو مورد الروايات ان اتيان الصلوة في اول الوقت افضل وجب ان يكون العصر بعد الظهر بلا فاصلة والعشاء بعد المغرب بلا فاصلة افضل وهو الجمع لانهما اول وقتهما واول الوقت جزور وآخره عصفور فلما عرفنا الافضلية المذكورة الاولية نقول ان رسول الله صلى الله عليه وآله حيث كان في صدر الاسلام اقتضت المصلحة في تفريق الصلوة لامور لا يسعنا الآن ذكرها لادائها الى التطويل ففرق استحبابا ومن العامة من نص على ذلك قال شارح متن التنبيه من الشافعية ( التنبه من الباب خ‌ل ) ان الجمع سنة مستحبة لانه صلى الله عليه وآله قد فعله من غير سفر ولا ضرورة ه‍ فلما اقتضت المصلحة في التفريق لتمرينهم في العبادة ولئلا يطول اوقات العبادة ليتغافلوا ويتساهلوا ولارادة التخفيف واليسر بعدم حبسهم في المصلي لاداء الفرضين لعدم تعودهم وبالجملة لما ( فلما خ‌ل ) ذكرنا وامثالها ما الزم عليهم بالجمع وفرق بين الصلوات كان لهذه المصلحة مدة تتصرم وتنقضي وكانت تلك المدة لا يوافق حيوته صلى الله عليه وآله اوصى الى وصيه وولي الامر بعده من خلفائه واوصيائه ان يلزموا شيعتهم بالجمع لان المانع اذا زال عاد الممنوع فلما كان وقت انتهاء استحباب التفريق للاقتضاء العرضي وبلغ الكتاب اجله رفعوا الحكم الاولي الذي هو الثانوي واثبتوا استحباب الجمع الذي هو الاولي لما عرفت من ان الاتيان في اول الوقت هو الافضل ووقت العصر بعد الفراغ من الظهر ووقت العشاء بعد الفراغ من المغرب ففعلوا الافضل وهو الجمع وقد استقر على ذلك مذهب الاثني ‌عشرية حتى انهم عرفوا بذلك وقابلوا مخالفيهم بما هنالك بحيث من اجل العلامات بين السنة والشيعة ان الاولين يفرقون والآخرون ( الآخرين خ‌ل ) يجمعون فلو فرق احد من الشيعة لاقتضاء الحكم الشرعي حكموا عليه بانه قد خرج من هذا المذهب فاذا اجمعوا على الجمع بحيث لا يختلفون في ذلك في العمل وهو الاصل دون القول الخالي عن العمل فان من اصحابنا قال باستحباب التفريق لكنه قول باللسان وشيء جرى به القلم والا فعمل الطائفة وفعلهم على الجمع ومحال ان يجمعوا على شيء مرجوح وقد قال صلى الله عليه وآله لا تزال طائفة من امتي على الحق حتى تقوم الساعة والمتشبث بالحق هم الامامية الفرقة الناجية ولان جماعهم واتفاقهم في العمل يكشف عن قول سيدهم وامامهم كما ان اجماع الحنفية واتفاقهم يكشف عن ان ذلك هو مذهب ابي ‌حنيفة كاجماع الشافعية والمالكية وغيرهم فاذا كشف اتفاقهم عن قوله رئيسهم كان الجمع الآن هو المستحب وهو الحكم الواقعي الاولي لما ذكرنا من افضلية الصلوة في اول وقتها فكان الجمع هو المستحب واما رسول الله صلى الله عليه وآله فرق لمصلحة اقتضت وامره الله سبحانه بذلك وتلك المصلحة ارتفعت فرجع الحكم كما كان وفي هذا المقام ايضا يأتي قوله تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه فافهم والكلام في هذا المقام طويل اقتصرنا على قدر الكفاية واما قولك ادام الله حراستك ان امير المؤمنين عليه السلام صلى بالجمع ام بالتفريق فجوابه انه عليه السلام صلى بالتفريق كسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وما كان يسعه عليه السلام الجمع لان القوم ما كانوا يطيعونه كما لم يطيعوه في عزل شريح القاضي وترك صلوة التراويح وغيرهما من امثالهما فهو عليه السلام صلى بالتفريق حتى لا يفرق بينهم ويجمعهم كما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله ومبدء الجمع ليس بمعلوم خوفا من فرعون وملائه وحيث كان امير المؤمنين عليه السلام مع سلطنته الظاهرة ماامكنه الجمع فكيف بغيره من اوصيائه صلى الله عليه وآله وعليهم ( عليه وعليهم خ‌ل ) فلم يمكنهم ان يتجاهروا ولكنهم عليهم السلام اوقعوا هذا الحكم بين الفرقة المحقة وربطوا قلوبهم عليه وهم لا يشعرون فماشعروا الا وجدوا هذا الحكم شايعا ذايعا معمولا ( به خ‌ل ) متفقا عليه بحيث لا يشذ عنه شاذ ولا يتخلف عنه احد من الشيعة في العمل نعم ربما يؤخرون صلوة العصر عن صلوة الظهر والعشاء عن المغرب ولكنه ليس لاقتضاء الحكم الشرعي ذلك بل لامور تعرض لهم جريا على حكم التوسعة فالتفريق كان مستحبا والجمع ايضا مستحب فالعدول من التفريق الى الجمع عدول من حق الى حق و( من خ‌ل ) مستحب الى مستحب فافهم وسلم

قال سلمه الله ( تعالى خ‌ل ) : واخبرني سيدي عما يختار جنابكم في العيوب التي ترد بها الامة و( او خ‌ل ) العبد كم هي وما هي والى كم ترد هل هو الى سنة ام انقص او ازيد

اقول : هذه المسئلة لها جوابان احدهما اجمالي والثاني تفصيلي

اما الاول فاعلم ان العيب هو الخروج عن المجري الطبيعي كزيادة او نقصان في ذات او صفة او فعل موجب لنقض ( لنقص خ‌ل ) المالية في الغالب فاذا خرج عن ( من خ‌ل ) المجري الطبيعي كان عيبا وان كان سببا لزيادة القيمة او لم يكن سببا لزيادة او نقيصة وانما قيدنا الغالب لان ذلك في الغالب ينقص المالية لا مطلقا ومستند هذا الحكم بعد الاجماع رواية السياري ان ابن ابي ليلى قدم اليه رجل خصما له فقال ان هذا باعني هذه الجارية فلم ‌اجد على ركبتها ( ركبها خ‌ل ) حين كشفتها شعرا وزعمت انه لم يكن لها قط قال فقال له ابن ابي ‌ليلى ان الناس ليحتالون لهذا بالحيل حتى يذهبوه فما الذي كرهت ( فقال خ‌ل ) ايها القاضي ان كان عيبا فاقض لي قال حتى اخرج اليك فاني اجد اذي في بطني ثم دخل وخرج من باب آخر فاتى محمد بن مسلم الثقفي (ره) فقال اي شيء تروون عن ابي‌ جعفر الباقر عليه السلام في المرأة لا يكون على ركبتها ( ركبها خ‌ل ) شعر أيكون ذلك عيبا فقال له محمد بن مسلم اما هذا نصا فلا اعرفه ولكن حدثني ابو جعفر عليه السلام عن ابيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال كلما كان في اصل الخلقة فزاد او نقص فهو عيب فقال له ابن ابي ‌ليلى حسبك ثم رجع الى القوم فقضى لهم بالعيب انتهى وهذه الرواية متلقاة بالقبول عند اصحابنا رضوان الله عليهم فهي قاعدة كلية وضابطة مرعية تجمع العيوب كلها سواء كانت في الحيوان او في غيرها وسواء كان في الانسان او في ساير البهايم والانعام فكلما يرجع الى زيادة او نقيصة في اصل الخلقة والفطرة فذلك عيب يرد به المبيع

واما الثاني التفصيلي فاعلم ان العيب الذي ترد به العبد او الامة امور :

الاول - الجنون سواء كان مطبقا ام ادوارا لخروجه عن المجري الطبيعي

الثاني - الخبل

الثالث - السفه والبلاهة

الرابع - السهو السريع الكثير الخارج عن العادة وكذلك النسيان

الخامس - الصرع

السادس - الجذام

السابع - البرص

الثامن - العمى

ط - العور

ي - العرج

يا - القرن في الامة بسكون الراء شيء في فرج المرأة كالسن يمنع من الوطي

يب - الفتق بالتحريك وهو ان ينقطع اللحم الذي على الانثيين

يج - الرتق في الامة وهو ان يكون الفرج ملتحما ليس للذكر فيه مدخل

يد - القرع وهو تحاتت شعر الانسان في الذكر اقرع والانثى قرعاء

يه - الصمم ان لا يسمع اصلا او بصعوبة وعلاج سواء كان في اصل الخلقة يعني مع الولادة ام لعارض خارجي

يو - الخرس مطلقا كما ذكر ( ذكرنا خ‌ل ) في الصمم

يز - انواع المرض سواء كان مستمرا كالممراض ولا يتفاوت مرض دون مرض خفيفا كان او ثقيلا مزمنا كان او زايلا كحمى يوم مثلا

يح - الاصبع الزايدة وغيرها من الاعضاء الزايدة او اللحم الزايد الثابت ( النابت خ‌ل ) سواء كان معه عظم ام لا

يط - الحول ك - السبل وهو زيادة في الاجفان وغشاوة في العين توجب انتفاخ عروقها

كا - الشلل

كب - البكم

كج - الرمة ( الرتة خ‌ل ) بالضم العجمة في الكلام بحيث لا يفهم المرام

كد - فاقد حاسة الذوق وغيرها من باقي الحواس من الشامة واللامسة

كه - ناقص الاصبع او الانملة او الظفر او الشعر او السن او ساير الاعضاء

كو - كونه ذا قروح او ثآليل كثيرة او كونه ابيض الشعر في غير اوانه ولا بأس بحمرته وصفرته

كز - الحبل في الاماء وان كان يوجب زيادة القيمة لكنه عيب يوجب الرد لعدم يقين السلامة بالوضع

كح - البول في الفراش في العبد والامة اذا كانا كبيرين واما اذا كانا صغيرين يبول مثلهما في الفراش فانه ليس بعيب لجريان العادة فكان كالطبيعي والضابط في الكبير والصغير بالنسبة الى البول في الفراش العادة ولا قدر له بحسب السنين كما قدر بعض المخالفين بسبع سنين ولو كانا يبولان في اليقظة فان كان ذلك لضعف في المثانة او لسلس او لمرض فانه عيب اجماعا يرد به المملوك وان كان عن سلامة وانما يفعلان ذلك تعبثا فليس بعيب بل يؤدبان على فعله واما الغايط فان كانا يفعلانه في النوم كان عيبا الا ان يكونا صغيرين كما قلنا في البول

كط - البخر في العبد والامة صغيرين كانا ام كبيرين لانه موذ عند المكالمة وتنقص به القيمة والبخر الذي يعد عيبا هو الذي يكون من تغيير المعدة دون ما يكون لقيح الاسنان فان ذلك ليس بعيب لانه يزول بتنظيف الفم

ل - الصنان المستحكم المخالف للعادة الحاصل من فساد في الطبيعة في العبد والامة لانه موذ يتنقص منه ( ينتقص به خ‌ل ) القيمة ومخالف لمجرى الطبيعة واما الذي يكون لعارض من عرق وحركة عنيفة او اجتماع وسخ فانه ليس بعيب

لا - انسداد الحيض وعدم جريانه في الامة وهي في سن من تحيض للخروج عن المجرى الطبيعي وكذا لو تباعد حيضها الى ستة اشهر فصاعدا او ناقصا واما اذا كان شهرا او شهرين فلا عيب لاقتضاء الطبيعة ذلك غالبا واما اذا كانت صغيرة او يائسة فلا عيب لقضاء العادة بذلك

لب - البهق عيب يرد به المملوك امة كان ام عبدا لكونه خارجا عن المجرى الطبيعي

لج - الزنا عيب في العبد والامة لتأثيره في نقص القيمة وتعريضه للحد لعدم يقين السلامة بعد اقامة الحد لانه ربما ادى الى اتلافه

لد - السرقة عيب لانه يقتضي تفويت عضو منه باقامة الحد وهو ايضا ربما ادى الى اتلافه

له - الاباق وهو من افحش عيوب المماليك عبدا كان ام امة والاباق الذي يوجب الرد هو ما يحصل عند البايع ولو لم يأبق عند المشتري والمرة الواحدة في الاباق يكفي في ابدية العيب كالوطي في ابطال العنة

لو - التخنيث عيب يرد به المملوك

لز - التمكين من نفسه اذا كان عبدا او امة وقد تقدم حكمها وهو الزنا لانه ينقص المالية ويثبت به العار على مالكه

لح - الخنثى مشكلا كان ام غير مشكل للخروج عن المجرى الطبيعي

لط - عدم الختان اذا كان كبيرا في العبد لانه يخاف عليه من ذلك واما اذا كان صغيرا فليس بعيب لقضاء العادة به واما الجارية اذا لم تكن مختونة فليس بعيب صغيرة كانت ام كبيرة لان الختان فيها ليس بواجب نعم لو كان العبد الكبير مجلوبا من بلاد الشرك وعلم المشتري جلبه لم يكن عيبا لقضاء العادة بذلك عند الكفار

م - الارتداد عيب في العبد والامة لانه يوجب الاتلاف فكان من اعظم العيوب

ما - استحقاق القتل في الردة او القصاص والقطع بالجناية

مب - الاستسعاء في الدين لانه ( لان فيه خ‌ل ) تفويت المنافع ما دام مستسعيا وفيه اشكال

مج - آثار الشجاج والقروح والكي

مد - سواد الاسنان

مه - نقص بعض الاسنان وزيادته

مو - ذهاب اشفار العين

مز - الكلف المغير للبشرة

مح - كون احدى الثديين في الجارية اكبر من الاخرى وكذلك احدى اليدين في الرجل والمرأة

مط - الحفر في الاسنان وهو تراكم الوسخ الراسخ في اصولها

وهذه وامثالها من العيوب التي يرد به المملوك الرقيق والضابط ما ذكرنا من ان كل شيء خارج عن المجرى الطبيعي ولم يعلم به المشتري حين العقد فذلك عيب يثبت للمشتري الخيار في الرد فعلى هذا فالثيبوبة ليست عيبا ولا الصيام ولا الاحرام ولا الاعتداد ولا التزويج ولا معرفة الغنا والنوح ولا كونه ولد زنا ولا عدم معرفة الجارية للطبخ والخبز وغيرهما ولا كونه حايكا او حجاما واما الكفر ففيه خلاف والاقرب عندي ثبوت الرد وهو من اعظم العيوب لا سيما اذا كانت الجارية وثنية او مجوسية لانتفاء الاستمتاع بالجماع

واما قولكم والى كم يرد هل هو الى سنة ام انقص ام ازيد فجوابه ان المملوك لا يرد الى سنة الا اذا كان فيه العيوب الاربعة المسماة في الاخبار وعند الفقهاء باحداث السنة وهي اربعة الجنون والجذام والبرص والقرن وهي المشهور بين الاصحاب ومعنى ذلك ان هذه العيوب اذا حدثت من حين البيع الى سنة فالمشتري له خيار الرد بالفسخ ولو بعد سنة لعدم فورية خيار الفسخ واما غير هذه الاربعة فلا يوجب الخيار الا اذا كان حدوثها في ملك البايع واذا حدثت في ملك المشتري فلا خيار الا في هذه الاربعة فان الظاهر ان علتها تتقدم الى سنة فكيف كان هكذا اراد الشارع عليه السلام من المكلفين وهو اعرف بعلل التكاليف واسرارها وحقايقها والجذام وان كان حدوثه يوجب انعتاق المملوك الا ان ذلك بعد استقرار الملك لا قبل استقراره فيندفع بذلك ما قيل ان الجذام ان كان المناط حدوث علله واسبابه وقد حصلت في ملك البايع فقد انعتق الرقيق فبطل البيع وان كان المناط حدوثه وظهوره بالفعل وهو قد حصل وحدث في ملك المشتري فينعتق الرقيق عليه فلا معنى للخيار في الصورتين ووجه الاندفاع ان مناط الجذام وانه سبب للانعتاق حدوثه وظهوره بالفعل في الملك المستقر لا غير وان الملك في العبد لا يستقر الا اذا سلم عن هذه الاربعة طول السنة فاذا حدث احدها فاذا فسخ وكان من جهة الجذام ينعتق على البايع وان اختار بقاء العقد انعتق على المشتري

قال سلمه الله ( تعالى خ‌ل ) : واخبرني سيدي هل يجوز عتق المملوك في حال مرضه وحال اباقه مع القطع بعدم برئه ورجوعه ام لا وهل يدرك ثواب العتق ام لا وما ثواب العتق

اقول : ان العتق حيث كان من الايقاعات لا يحتاج الى قبول وليس الشرط في العتق الا الملك وقد اختلف اصحابنا في الاسلام فشرطه جماعة ونفاه آخرون وجوزوا عتق العبد الكافر مطلقا وفصل آخرون بان كان العتق ان كان وجب عليه بنذر عتق مملوك بعينه وهو كافر فيجوز والا فلا وليس في العتق شرط آخر اجماعا فعلي هذا لا يمنع المرض وان كان مأيوسا من برئه من العتق ولا الاباق وان كان مأيوسا من رجوعه لعدم اشتراط القبول حتى ( لا خ‌ل ) يحتاج الى قبوله او قبول وكيله وثواب العتق حاصل له يقينا وان كان الثواب له درجات ومقامات حسب نيات العاملين لان الاعمال بالنيات ولكل امرء ( ما نوى خ‌ل ) واما ثواب العتق فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله ( من اعتق مؤمنا اعتق الله العزيز الجبار لكل عضو عضوا له من النار وقال ايضا صلى الله عليه وآله خ‌ل ) من اعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار وفي الكافي في الصحيح عن ابي ‌عبد الله عليه السلام انه قال في الرجل يعتق المملوك قال ان الله يعتق بكل عضو منه عضوا من النار قال عليه السلام ويستحب للرجل ان يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة وفيه في الصحيح عن زرارة عن ابي‌ جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله من اعتق مسلما اعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار وفيه عن ابي ‌عبد الله عليه السلام من اعتق نسمة صالحة لوجه الله عز وجل كفر الله عنها مكان كل عضو منه عضوا من النار والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وفيما ذكرناه كفاية ولا ريب ان في العتق اجر عظيم نسئل الله التوفيق له تمت

المصادر
المحتوى