
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه ( اما بعد فهذه خل ) كلمات ذات تبيين كشفت بها النقاب عن وجه الحق المبين واوضحت مناره لطالب القطع واليقين امتثالا لامر من تجب عليّ طاعته والزمت ( التزمت خل ) على نفسي اجابته نسئل الله ان يسددنا للصواب فانه الموفق للمبدء والمآب
فنقول اعلم ان الله سبحانه كامل من جميع الجهات بكل الحيثيات والاعتبارات والتعبيرات والشئونات الفعلية والجهات الاختراعية لتعالي الحقيقة الازلية عن الجهات الاعتبارية فكماله المطلق يقتضي ان يجري فعله سبحانه على احسن استقامة واكمل ما تستحسنه العقول المستقيمة المستنيرة بنور المعرفة والبصيرة فلا يفعل المرجوح ولا يترك الراجح في افعاله ومفعولاته ابدا ولا يعدل من الاحسن الى الحسن ولا يصح ان يقال في امضاء فعله تعالى ان لو كان كذا لكان احسن كيف وهو سبحانه عاتب الانبياء وعاقبهم بترك الاولى وهو يفعله مع انه ( يفعله وهو خل ) سبحانه القائل ( القائل عز من قائل خل ) اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم حاشا وكلا ( كلا تعالى خل ) ربي عن ذلك علوا كبيرا
فاذا عرفت هذه المقالة ( المقدمة خل ) الشريفة التي هي من الابواب التي ينفتح ( يفتح خل ) منها الف باب فاعلم ان الثبات والاستقرار والاطمينان والوقوف على حد اكمل من الاضطراب والتزلزل وعدم الاستقرار بل لا يقال انه اكمل لعدم الحد الجامع فاذا وجب على الحق الحكيم ان يوقف الخلق عليه لا على الاضطراب والتزلزل لنقصانهما وزوالهما واضمحلالهما وهذه النسبة جارية في كل شيء بكل وضع وبكل رسم ولا شك ان الثبات والاطمينان وعدم التزلزل انما يكون في العلم والقطع واليقين دون الوهم والشك والظن والتخمين ( والتخمين والظن خل ) فوجب ان لا يختار الله سبحانه لعبده على القطع واليقين شيئا من مقابلاتهما لأنه نقصان في الحكمة وهو سبحانه وتعالى اجل من ان يطرء النقص في فعله ( ان يطرء في فعله خل ) فلما كان كلما جاز على الله من الخير والنور في فعله وجب لعدم القوة والانتظار في متعلقات افعاله على وجه الحقيقة وجب ان يجري فعله على ما اختار كما اختار بما اختار وقلنا ان ذلك هو العلم فكان مدار الكاينات في جميع احوالها من التكوينية والتشريعية والذاتية والوصفية ( التوصيفية خل ) على العلم والقطع فعليه جرت الشريعة واياه طلبت اصحاب الحقيقة فكان هو الامر اللازم والحكم المبرم سبق به القضاء وجرى به عليه ( جرى عليه خل ) الامضاء وثبت في الالواح ومضى ( مضت خل ) على حكمة الحقايق والاشباح فتبين لك انه لا يصح على الله في الحكمة ان يتعبد الخلق في الاحكام الشرعية التكليفية وغيرها الا على القطع واليقين دون الظن والتخمين وهذا الاصل مسلم عند الكافة من الخاصة والعامة لا يشك فيه مسلم موحد الا ان بعضهم جعله اصلا اوليا وقالوا قد طرئه اصل آخر اخفى حكمه وغير اسمه ورسمه لاختلاف المقتضيات وهو التعبد بالظن عند سد باب العلم وقالوا ان باب العلم منسد لوجوه اختلالات ( لوجود اختلافات خل ) الادلة من الكتاب والسنة من الوجوه الكثيرة التي ذكروها وفصلوها في المطولات والمفصلات والاجماع اما لم يحصل اصلا في هذا الزمان كما هو رأي جماعة او قليل لو جوزنا حصوله ووقوعه كما هو رأي آخرين والتكليف ثابت فوجب العمل بالظن الا ما اخرجه الدليل القاطع من الظن الحاصل بالقياس والرأي ( الحاصل والرأي خل ) والاستحسان والرمل والجفر وامثال ذلك وما لم يدل عليه دليل قاطع فيدخل تحت الاصل الثانوي الذي هو وجوب العمل بالظن ولولا القول بوجوب العمل بالظن لزم التكليف بالمحال وهو التكليف بما لا يطاق والله سبحانه منزه عن ( من خل ) ذلك وقد قال عز من قائل لا يكلف الله نفسا الا وسعها ومعاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده ولا يكلف الله نفسا الا ما آتيها وغيرها من الآيات والروايات الواردة في هذا الباب فاثبتوا بذلك على زعمهم حجية مطلق الظنون وانه اصل مستقل طار على الاصل الاول وان باب العلم مسدود والطريق الى العلم مفقود فوجب العمل بكل ظن راجح عنده وترك ( يترك خل ) المرجوح لئلا يرجح المرجوح المتفق على بطلانه الا ما قام الدليل القاطع والبرهان الساطع على عدم جواز العمل به مثل ما مر واشباهه وهذا القول عند اهل التحقيق العارفين بالله سبحانه على جهة التصديق فاسد باطل ومجتث زايل لعدم الموجب لانتفاء الاصل الاول واجراء حكمة الله على سابق مشيته وماضي ارادته ونافذ كلمته فانه تعالى لم يعجز عن ايصال الخلق الى اليقين حتى يكلفه بالظن والتخمين والاسباب الموصلة الى العلم والقطع حيث ان الله تعالى اجرى الاشياء باسبابها لم تنقطع ومادة العلم لم تنعدم ولم تضمحل ليضطر المكلفون على ( الى خل ) العمل بالظن نعم ( نعم على خل ) القول بخلو الارض من الامام عليه السلام ( من الحجة خل ) والاكتفاء بالآثار النبوية وعدم القول بلزوم وجوب حجة ( بلزوم حجة خل ) من الله سبحانه حي حاضر اما ظاهر مشهور او خائف مستور يتمشى هذا القول وهو عند الشيعة بمعزل عن ( من خل ) القبول فاذا كان الامام عليه السلام حيا حاضرا بين ظهران ( ظهراني خل ) الخلق والمكلفين عالما باحوالهم محيطا باسرارهم وامثالهم وشهودهم وغيبهم ( غيبتهم خل ) وهم بمرأى منه ومسمع فما الذي يمنعه عن ( من خل ) هدايتهم وارائتهم السبيل وهم محتاجون حتما ( محتاجون جهال خل ) لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا فاذا غاب شخصه روحي له الفداء ( عليه السلام خل ) عنهم لم يغيبوا عنه وليس شرط التدبير والتصرف رؤية المدبر والمتصرف فيه الا ترى الملئكة المدبرات امرا فانهم يدبرون الخلق ولا يرونهم والجان يتصرفون في بني آدم ولا يرونهم والله سبحانه من ورائهم محيط وهو المتصرف المدبر في الاشياء ( للاشياء خل ) كيف يشاء لا اله الا هو له الحكم واليه ترجعون والامام عليه السلام وجه الله الذي اليه تتوجه الاولياء والملئكة خدامهم والجان تحت حيطتهم وتصرفهم في الحكمين على مقتضى المشيتين الحتمية والعزمية كل ذلك بنص الروايات المتواترة والعقول المستنيرة فاذا لا مانع من الهداية ولا مخل من الارائة فان كان المانع عدم علمه واطلاعه على احوال المكلفين فالكتاب والسنة واجماع الفرقة المحقة على اثبات علمه واحاطته قال تعالى قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وهم الائمة عليهم السلام اجماعا وان اعمال العباد تعرض على الامام مما شاع وذاع عند جميع الشيعة كافة والروايات في ذلك كادت تبلغ حد التواتر وفي زيارته عليه السلام السلام على صاحب المرأي والمسمع وان كان من جهة عدم تمكنه واقتداره للهداية والارشاد مع غيبته ونأيه عليه السلام فانه باطل لأن هدايته للخلق وايصاله الى القطع واليقين لا يحتاج الى المشافهة والمشاهدة ( المشاهدة والمشافهة خل ) قطعا كما في غيره من المبادي العالية والسافلة بل له ان يوصل المستحقين الى حقوقهم باطوار مختلفة وانحاء متشتتة من جهات التعريف بالقاء الاصول والقواعد و( او خل ) جزئيات الاحكام بانحاء الدلالات على حسب ما يرى من المصلحة ( يرى المصلحة خل ) فمنها بالتصريح ومنها بالتلويح ( بالتلويح ومنها بلحن المقال خل ) ومنها بلحن الخطاب ومنها بدليل التنبيه والاشارة ومنها بدليل الخطاب ومنها بفحوى الخطاب ومنها بالبيان ومنها بالمثال ( ومنها بالمثال ومنها بالبيان خل ) ومنها بالسؤال ومنها بالجواب ومنها بالسكوت ومنها بالاعراض والاهمال ومنها من قبيل اياك اعني واسمعي يا جارة ومنها بالجمع ومنها بالتفريق ومنها بالاعلان ومنها بالاخفاء ومنها بالناسخ ومنها بالمنسوخ ( بالناسخ والمنسوخ خل ) ومنها بالاجمال ومنها بالتفصيل ومنها بالكتابة ومنها بالتشبيه ومنها بقذف في القلوب ومنها بواسطة اوعية السوء ومنها بروايات ضعيفة لها قراين ومنها باخبار صحيحة ومنها باجماع الطايفة ومنها بالشهرة المقبولة ومنها بدلالة عقل موزون ومنها بتنبيه هو بالتسديد مقرون يجريها بعموم او بخصوص ( خصوص خل ) او اطلاق او تقييد او جمع او وحدة كل ذلك بالادلة الثلثة المحكمة دليل الحكمة ودليل الموعظة الحسنة ودليل المجادلة بالتي هي احسن وغيرها من اطوار التأييد وانحاء التسديد وجهات التعريف وهو عليه السلام لا يعجزه تدبير رعيته ولا اصلاح غنمه ولا حفظ الشريعة التي هو شارحها ( شارعها خل ) ومبينها ولا يصح ان يغفل عن جميع رعيته فان الله تعالى اجل من ان يجعل حجة على الخلق ثم يخفي علمهم عنه فلم تكن الحجة حينئذ بالغة وكان ذلك نقصا في الحكمة وعيبا في الخليقة ( الخلقة خل ) وضعفا في انفاذ المشية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وان كان المانع تقيته عليه السلام فلا يصح ايضا لأنه ان كانت التقية عن ( على خل ) نفسه فلا معنى لذلك بعد اخفاء شخصه وغيبته لعدم فرض الاستيلاء عليه عليه السلام حينئذ وان كانت من ( عن خل ) رعيته فذلك ايضا حكم ثانوي من احكام الله تعالى تجب الديانة ( يجب الديانة به خل ) الى ان يتغير الموضوع فيرتفع حكم التقية حينئذ واما الاختلافات الواقعة بين العلماء الفرقة المحقة فليست ( بين علماء الفرقة فليست خل ) لأجل اختلاف انظارهم وخطاء ظنونهم وافكارهم لعدم تمكن وصولهم الى الامام عليه السلام فلو تمكنوا من الوصول به والسؤال مشافهة لما اختلفوا بل لأن الاختلاف هو المطلوب عنده عليه السلام في زمانه كما كان مطلوبا في زمان ( زمن خل ) آبائه عليهم السلام اما سمعت قولهم عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينكم وقولكم ( وهو قولهم عليهم السلام خل ) راعيكم الذي استرعاه الله امر غنمه اعرف ( اعلم خل ) بمصالح غنمه ان شاء جمع بينها لتسلم وان شاء فرق بينها لتسلم والحكمة الالهية المستودعة عندهم عليهم السلام اقتضت الاختلاف عند مزج الحق بالباطل واهل الصلاح مع اهل الفساد وسنة الاختلاف باقية الى ان تزيلوا ولو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا الآية وذلك التزييل سبب ظهوره عجل الله فرجه كما ان المزج سبب خفائه فالاختلاف هو المطلوب الآن وقبله الا ترى المشافهين لهم عليهم السلام في مسئلة واحدة يختلفون حسب اختلاف بياناتهم عليهم السلام لهم ولذا قالوا ان هذا الاختلاف اسلم لنا ولكم ولو اجتمعتم لاخذ برقابكم واما شيوع الفساد وانكباب الخلق على المعاصي فلا ينافي تسديد الامام عليه السلام لأن تسديده عليه السلام للتعريف والتبيين لا للاجبار ( لا للعمل خل ) والالجاء على الفعل وقد قال تعالى لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فالبيان شأن الحجة لا الالجاء والاكراه كما قال تعالى ما على الرسول الا البلاغ مثلا على الحجة ان يبين ان الزنا حرام ومعصية فاذا حصل مانع لهذا الفهم والبيان عليه ان يزيله لأن البيان من الله سبحانه وعلى الله قصد السبيل ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه فالاهمال في البيان التام نقص في الحكمة والايجاد واما اذا عصى وزنى فليس على الله ان يمنعه والا لكان ظالما تعالى ربي عن ذلك علوا كبيرا فشيوع الفساد ان كان عن جهل بالفساد فذلك لا يجوز بل لا يقال له فساد ايضا لأن الناس في سعة مما ( ما خ ) لم يعلموا كل شيء لك مطلق حتى يرد فيه نهي فقبل وصول النهي الى المكلف هو في سعة من الفعل فلا يقال له حينئذ مفسد وان كان بعد العلم فبما كسبت ايديهم وليس على الله تعالى ردعهم ( تعالى رد عليه خل ) بعد اقامة الحجة وايضاح الدليل ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة واما تعطيل الحدود فذلك لشريعة التقية فان اقامتها لا تكون ( لا يكون خل ) الا بظهوره عليه السلام وظهوره روحي له الفداء مما يأبى الله ما دام الخلط والمزج فلا تقام ( فلا يقام خل ) الحدود ما دام الامام عليه السلام غائبا لشيوع الفساد وظهوره في البر والبحر وعدم تحمل الناس للوقوف على الحدود الشرعية الالهية وعدم بسط يد ولي الامر ليوقفهم على الحد الالهية الحقيقي فلا تزداد ( الحد الحقيقي فلا تزد خل ) اقامة الحدود الا فسادا وفتنة وايقاعا ( ايقاعها خل ) لهذه الفرقة الى موارد الهلكة فمنع اقامة الحدود في وقت الغيبة وشدة المحنة من اقامة الحدود فافهم راشدا
وبالجملة بعد ( فبعد خل ) ما انعم الله سبحانه علينا بوجود امام حق عادل رؤف عطوف عالم مطلع علينا في غيبنا وشهودنا وظاهرنا وباطننا قد اكمل الله ( تعالى خل ) بذلك النعمة كما قال عز من قائل اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فلا معنى لسد باب العلم بالاحكام علينا لأن هادينا ومرشدنا وولينا معنا اينما كنا فلا تمنعه غيبته عليه السلام عن رعايتنا وحمايتنا لرأفته بنا ورحمته علينا ولا تصغ الى قول من قال فيه عليه السلام وجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا فان الجمع بين اللطفين اكمل وارجح بالضرورة وقد سبق منا ان الله تبارك وتعالى لا يترك الارجح والاولى وان ائمتنا سلام الله عليهم لا يتركون الاولى بخلاف سائر الانبياء فانهم قد يتركون الراجح والاولى واما نبينا وائمتنا عليهم السلام فمنزهون ومبرؤون عن جميع ذلك فان قلت ان التصرف ليستلزم المفسدة قلت مطلقا ممنوع اشد المنع فليقتصر على ما يوجب المصلحة من اجراء رعيته على ما يقتضيه ( تقتضيه خل ) كينونتهم واصلاح ذات بينهم على اي جهة كانت من الاتفاق والاختلاف والتقية واحكامها واما جعل الرعية مهمل الناصية مخلي السرب يختارون لانفسهم ما يشاؤن ويتركونهم ويتركون ( ما يشاؤن ويتركون خل ) ما يشاؤن بين آيات وروايات ما يعرفون حقايقها ولا مبانيها ولا معانيها ولا تصاريفها ولا وجوهها ولا دقايقها يكلهم على آرائهم ليعتمدوا على اهوائهم ويرجحون بينها من انفسهم فلا يكون ذلك ابدا ويأبى عن ذلك عدل ( يأبى عدل خل ) الله سبحانه وحكمته وقيوميته وقوله تعالى لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ولعمري في ذلك ابطال الدين ( لعمري ان في هذا ابطال للدين خل ) رأسا اذ لو جاز هذه التخلية في وقت جاز في كل الاوقات وقوله وعدمه منا ان اراد به المكذبين فما تقصير المصدقين الذين يطلبون دينه وشرعه ويتبرؤون من اعدائه نعم من جهة الخلط مع المخالفين حصل لهم الضعف عن ادراكه وملاقاته مثل الارمد بالنسبة ( بالنظر خل ) الى نور الشمس واما الشمس فلا تقصر عن الاشراق والاضائة والتدبير والتجفيف والتسخين وغيرها ومثل الطبيب بالنسبة الى الارمد فانه اذا عجز عن مشاهدة الطبيب والاصم اذا عجز عن استماع كلام الطبيب فلا يقصر الطبيب عن معالجته ومداواته لاصلاحه وتدبيره كيف والامام هو يد الله الباسطة واذنه الواعية ورحمته الواسعة فلا تقل يد الله مغلولة لئلا يشملك تأويل قوله تعالى
فاذا نظر الفقيه العادل الجامع لشرائط الفتوى المستأهل ( للشرائط المستأهل خل ) للاستيضاح وان يطرق الباب ليرد عليه الجواب في حكم المسئلة وتأمل في دليلها من كتاب او رواية او شهرة او اجماع فان وقف على اجماع محقق حصل له القطع بدخول الحجة عليه السلام في المجتمعين ( المجمعين خل ) قولا او رضاء ( رضى خل ) او تصحيحا او غير ذلك فذلك هو ( ذلك هو خل ) العلم عند الكل بالاتفاق الا ان نزاعهم في الحصول وعدمه والا فبعد حصول العلم لا نزاع في انه العلم القاطع وهو الحجة المقطوع بها وان وقف على شهرة تكون اجماعا فكالاجماع وان وقف على ما ليس له معارض وعليه قراين تفيد القطع فكما مر آنفا وان وقف على ما ليس له ( ما له خل ) معارض مانع عن افادة القطع فليطلب المرجحات المنصوصة في الكتاب والسنة ثم ان الامام عليه السلام ناظر الى نظره في تلك المسئلة وناظر الى حاله وكينونته من حيث نفسه ومن حيث قراناته بالامور الداخلة والخارجة من احكام التقية وغيرها وناظر الى كل من يقلده فيها واحوالهم وما تقتضيه اطوارهم واوطارهم مسبب له اسباب المرجحات على مقتضى تلك ( ذلك خل ) الاسباب حتى يرجح ( ترجح خل ) عنده ما هو اللايق بحاله وحال مقلديه ويضعف الجانب الآخر فلا يلتفت اليه فتكون صلوة الجمعة بالنسبة الى بعض على حسب المصالح واجبة وعلى آخر محرمة وعلى آخر مستحبة وهكذا على ما يقتضيه ( تقتضي خل ) كينوناتهم هؤلاء ( فهؤلاء خل ) المختلفون لو شافهوا الامام عليه السلام ( عليه السلام بالسؤال خل ) في هذا الوقت ما زاد لهم عما يسر لهم الطريق اليه حرفا بحرف
واما طريق القطع وسبيله فانك اذا وقفت على دليل مسئلة من آية او رواية فيجب ان تحملها على ما هو الظاهر من المعاني الحقيقية اللغوية ( او اللغوية خل ) او الشرعية او العرفية ولا تصرفها على المجاز لأن الحكيم هو الذي يضع الاشياء في مواضعها ومواقعها فاذا وضع اللفظ لمعنى معين فمقتضى الحكمة استعماله فيه الا ان يكون مانع عن ارادة المعنى الحقيقي فيجب على الحكيم حينئذ البيان ونصب القراين وشهادة العيان او الوجدان فاذا لم نجد شيئا من هذه الموانع وكان الكلام كلام الحكيم علمنا يقينا انه ما اراد الا ما وضع اللفظ بازائه وسبيل القطع بالوضع اطباق اهل اللغة او عدم المعارض واما اذا اختلفوا فلا بد من التماس دليل منهم عليهم السلام في تعيين احد القولين او الاقوال فاذا وجدت آية او رواية فاحملها على المتعارف عند اهل اللسان فانه هو المراد قطعا والا لم يكن حكيما وكان مغريا بالباطل فاذا ( فان خل ) كان ذلك المعروف هو الحكم الذي يريد الله سبحانه وتعالى من ذلك الناظر سكت عنه ولم يردعه وخلاه والا ردعه ونصب له القراين بخلاف المدلول المعروف بين اهل اللسان فحيث سكت ولم يردع علمنا ان ذلك هو حكم الله تعالى يقينا بحكم التقرير فانهم قد اجمعوا ان التقرير يورث العلم اذا عمل عملا او ذكر قولا او حديثا في محضر المعصوم عليه السلام ولم يردعه وسكت عنه ولم يكن محل التقية فذلك هو الحكم الحقيقي الذي يجب العمل به وليس شرط التقرير مشاهدة المقرر المقرر له ( مشاهدة المقرر له خل ) او العكس او الجميع بل علم المقرر وتمكنه من الردع كاف ( كان خل ) قطعا وهذا المقدار في هذا الزمان حاصل يقينا فان العالم كله للامام عليه السلام بمنزلة بيت واحد لشخص واحد والخلق كلهم بمنزلة العيال الواجبي النفقة والكل بمرأى منه ومسمع فانت اذا طلبت دينه وحكمه وشرعه وعثرت على دليله من كتاب وسنة وتتلوه بمرأى منه وهو يرى ان ذلك مخالف لطريقته وسنته ( مخالف لسنته وشريعته وطريقته خل ) ثم يسكت عنك ولم يدلك على الصواب ولا يوصلك الى فصل الخطاب فأين اذا محل التقرير وموقعه فان كان استنادك الى الروايات الدالة الناهية عن القول بغير العلم وعن قبول خبر الفاسق وامثالها فهي ( فهو خل ) موجودة في مقام التقرير على المعنى الذي تزعمون من حضور مجلس المعصوم عليه السلام ومشاهدته له فالجواب ( مشاهدته فالجواب خل ) الجواب فاذا حصل التقرير حصل العلم القطعي بأن هذا هو التكليف فاين الظن اذا
فان قلت ان التقرير انما يكون عند عدم احتمال التقية والخوف فاذا احتملت ( احتملنا خل ) التقية فلا قطع بأن هذا هو الحكم والتكليف ( بان هذا الحكم التكليفي خل ) قلت وهذه التقية لا يجري عند ( لا تجري في خل ) الغيبة ابدا لأن التقية ان كانت في القول ( القول خاصة خل ) ربما يتمشى هذا القول وان كانت بغيره ( لغيره خل ) كما هو المفروض فيكون ذلك هو حكمنا الآن لأن التقية ايضا عندنا من احد الاحكام كما ورد في حديث عليّ بن يقطين عن الكاظم عليه السلام في الخبر المشهور من تعليم الوضوء على طريقة المخالفين ثم نهاه ( نهيه خل ) عنه وردعه الى طريقنا المعروف فان كان سكوته من جهة التقية على الرعية فلا شك انه لا يريد الا العمل بذلك اذ ليس هذا حكم مقالي ظاهري حتى يتقي من استماع احد من المخالفين بل انما هو تقية بالفعل فوجب فعله الى ان يتغير الموضوع فيرفع الحكم بنصب قرينة فحكم التقرير في الزمانين والحالين واحد بلا اختلاف وفي الدعاء ما ضرني غيبتي ولا نفعهم حضورهم وفي التوقيع الخارج عن الناحية المقدسة حرسها الله تعالى الى المفيد (ره) ما معناه انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء وعن الصادق عليه السلام ان لنا مع كل ولي اذن سامعة والروايات الواردة على مضمونها اكثر من ان تحصى
فاذا صح التقرير ووجب ( فوجب خل ) ردع الامام عليه السلام واكمل الله لنا الدين واتم علينا النعمة بنصب الامام عليه السلام واستحفاظه لامر الانام الى يوم القيام فأي ( فاين خل ) طريق الى الظن حينئذ الا ان يكون الله سبحانه قد قصر في ابلاغ الحجة البالغة او الرسول (ص) قصر في نصب وصي حافظ بصير مطلع ناظر الى مصالح الرعية كافة او الامام (ع) قصر في الاداء والتبليغ والحفظ والرياسة فما اعطى كل ذي حق حقه وترك المصدقين المخلصين من الخلق في جهل وظن وشك ( من الخلق في ظن وشك ووهم وجهل خل ) مع قدرته على ايصالهم الى طريق العلم وتمكنه منه فان لم يتمكن كان عاجزا وان تمكن ولم يفعل اما ان يكون آثما او تاركا للاولى وكل هذه الوجوه على مذهب الامامية في البطلان بمكان فلم يبق الا النظر والسياسة على مقتضى مصالح الرعية وقد قال عليه السلام ان الله لا يخلو ( لا يخلي خل ) الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم والمؤمنون جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الشامل لكل فرد فرد كما اذا قيل اكرم العلماء فان المراد به كل فرد فرد لا ( كل فرد لا خل ) المجموع من حيث المجموع وذلك ( فذلك خل ) معلوم واضح فاذن ما يحصل للفقيه بعد كمال الاستيضاح واستفراغ الوسع هو الحكم الالهي الواقعي الحقيقي الذي لو شافه الامام عليه السلام وهو على تلك الحالة مازاده عليه قطعا الا ان هذا الحكم لا يلزم ان يكون اوليا بل قد يكون ثانويا ولأجل التقية وغيرها
وبالجملة ( بالجملة خل ) حكم هذا اليوم وحكم المشاهدة والمشافهة واحد وحكم القريب والبعيد سواء وحكم الحاضر في مجلسه والغائب عن مجلسه في الغيبة والحضور واحد في بلوغ كل احد حكمه الذي يحتاج اليه فقد يكون حكمه الاحتياط وقد يكون حكمه التنجيز ( التخيير خل ) وقد يكون حكمه التخيير والاخير قد يقتضي ( التنجيز والآخر قد تقتضي خل ) المصلحة في استمراره ودوامه على ذلك الفقيه وقد تقتضي المصلحة عدم الاستمرار وعدم الدوام فان كان الاول اي الاستمرار ففي الغالب يلقى الحكم اليه بالاجماعات المحققة اما عامة او خاصة او الادلة المفيدة للقطع اولا وبالذات لا بانضمام مقدمة التقرير وقاعدة حصوله في هذا الزمان فلولا هذه القاعدة كان الحكم ظنيا ولكن اذا انضمت اليه هذه المقدمة المباركة كان الحكم قطعيا وان كان الثاني اي المطلوب عدم الاستمرار ففي الغالب يلقي الحكم اليه بالقسم الثاني من الادلة الراجحة التي لولا ملاحظة مقدمة التقرير كان الحكم ظنيا كما مر آنفا وذلك بسهولة النقل والانتقال بخلاف الاجماعات وغيرها فان الانتقال الذي يسمونه تجدد ( فان الانتقالات التي يسمونها بتجدد خل ) الرأي قد يتفق هناك الا انه قليل وان كان ( كانت خل ) المصلحة التخيير فتعارض ( تتعارض خل ) الادلة في نظره حتى لا يسعه الترجيح ولا يمكنه الارجاء والتأخير ولا يمكنه طرح الجميع ولا البعض لمكان التكافؤ ولا يسع التساقط عند التعارض لثبوت احد الحكمين قطعا والتميز قد خفي فبأيهما اخذ من باب التسليم وسعه وان كانت المصلحة الاحتياط يجعل له طريقا اليه والفقيه عند النظر في المسئلة لا يخلو عن الحالات الثلثة المذكورة وكلها بنظر الامام الحجة عجل الله فرجه روحي له الفداء فحينئذ فاين الظن الذي يدعون وبه يقولون وعليه يعتمدون ( الذي يدعون وبه يصولون وعليه يعولون خل ) ان هو الا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جائه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب
فان قلت اذا كان الامر كما ذكرت من نظر الامام (ع) فوجب ان لا يختلفوا لأن الاختلاف ليس من الله تعالى لقوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ودل مفهوم الشرط على ان ما عند الله ليس فيه اختلافا كثيرا ( ليس فيه اختلاف خل ) ومفهوم الشرط حجة كما هو مذهب المحققين وقال تعالى ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وقال تعالى ايضا فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم فاذا كان الناظر والمسدد هو الامام عليه السلام فلا يجوز ان يختلفوا لانه ليس حكم الله تعالى قلت نعم الاختلاف ليس هو الحكم الاولى ولكنه من الاحكام الثانوية كالتقية وامثالها فيجب اذا اقتضت المصلحة ذلك كما تقدم ولذا قالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينكم وراعيكم الذي استرعاه الله امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم ( لتسلم وان شاء جمع بينها لتسلم خل ) وغيرهما من الروايات الدالة على وقوع الاختلافات و ( على وقوع الاختلاف الكثيرة لا تحصى ثم انا نقول ليس كل اختلاف مذموما فليس من عند الله بل خل ) الاختلاف المذموم هو الذي اخبره سبحانه في كتابه العزيز بقوله تعالى فما اختلفوا الا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم وليس اختلاف الفقهاء واحاديث اهل البيت عليهم السلام من هذا القبيل كما هو المعلوم
فان قلت لو كان الامر يجري بتسديد الامام عليه السلام يجب ان لا يجوز التقليد لأن ( اذ خل ) المدار ليس على فهمه بل على ما يجري اليه الامام عليه السلام حسب ( على حسب خل ) ما يرى ( يرى من خل ) المصلحة من التأييد والتسديد وهذا الحكم يساوي فيه المجتهد والمقلد ( يسوي فيه المقلد والمجتهد خل ) قلت ليس كل احد قابلا لنظر الامام عليه السلام واهلا لتحمل عنايته والا لما صحت بعثة الانبياء واختيار الاوصياء عليهم السلام لأن نسبته تعالى الى جميع المخلوقين سواء وتسديده الى الكل واحد ولكنه سبحانه حيث يجري ( سبحانه يجري خل ) الاشياء باسبابها يجريها اذا تحققت شرايط القبول فوجب بعثة الانبياء عليهم السلام وكذلك الامام عليه السلام بالنسبة الى رعيته فانه عليه السلام يوجه عنايته الى المقابل ( القابل خل ) المتحمل لها دون غيره والقابل المتحمل هو العارف باحكامهم المأنوس بطريقتهم واطوارهم في جهات مخاطباتهم وكلماتهم والقائهم وتلقياتهم المكلفين منهم وانحاء الاصول الملقاة اليهم حتى يصح عليهم ( اليهم خل ) قوله تعالى الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والمجتهد هو العارف بطريق المجاهدة للاهتداء لتلقي الاحكام الالهية الشرعية الفرعية فيهديه الله سبحانه بتسديد الامام عليه السلام وتأييده وسبل فيه نكتة لفظية لطيفة وهي ان عدده اللفظي يطابق عدد محمد صلى الله عليه وآله فافهم الاشارة والهداية ( فالهداية خل ) متوقفة على المجاهدة واهل المجاهدة هم المجتهدون مثلا الشمس لها اشراق على كل من في الارض ولا يحكيها ولا يحكي مثالها وصورتها وحرارتها الا الزجاجة والبلور فافهم ضرب المثل فان نور الشمس تسديد الامام (ع) وتأييده ورعايته وحمايته وقلوب الشيعة ارض حاملة له فالمجتهد كالزجاجة والبلور وسائر الرعية كساير الاجسام الغاسقة والله سبحانه يقول يضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون
فان قلت فعلى ما ذكرنا ( ذكرت خل ) يلزم ان يبطل مذهب التخطئة ويصح مذهب التصويب فان هذه الاحكام انما تجري بنظر الامام عليه السلام فلا يكون ( فلاتكون خل ) الا صوابا فاين الخطاء حينئذ مع ان الامامية مجتمعة على بطلان مذهب التصويب وصحة مذهب المخطئة قلت ان المصوبة يزعمون انه ليس لله في الواقع حكم وانما الاحكام تابعة لرأي المجتهد فما ادى اليه ظنه فذلك حكم الله الواقعي وليس له سبحانه حكم غير ذلك ولا شك ان هذا باطل فاسد فان حكم الله امر واقعي ( واقعي حقيقي خل ) ولا يصح ان يكون تابعا او متجددا بتجدد الآراء الناقصة والافهام الغاسقة الباطلة وانما الاحكام الالهية تجري على حسب المصالح الواقعية الحقيقية التي عليها الكينونة الاولى العليا التي خلقها الله سبحانه يوم كان طالع الدنيا السرطان والكواكب كانت في اشرافها ثم لما تحركت الافلاك واختلطت ( اختلط خل ) الطبايع ومزجت العليا بالسفلى والسفلى بالعليا تغيرت الموضوعات فاستدعت احكاما اخر وهي ثانوية الالهية ( الهية خل ) وقد تسمى ظاهرية ونفس الامرية وغيرها من الاسامي فالخطاء اذا حصل فانما هو في الاولي ولم يحصل في الثانية قطعا مثاله المريض له غذاء في حال الصحة من الاطعمة اللذيذة والاغذية الطيبة واما في حال المرض فلا يصلح له تلك الاغذية والاطعمة فانها تفسده ولا تصلحه بل المناسب له العقاقير والادوية المصلحة للمرض فالاولى هي الاحكام الواقعية الاولية والثانية هي الاحكام الواقعية الثانوية وكل هذه الاحكام عند الله سبحانه ثابتة في اللوح المحفوظ الا ان الاولى في الورقة العليا الاولى ( الاولى العليا خل ) والثانية في الورقة السفلى الثانية ( الورقة الثانية خل ) والكل عند الله ثابت محفوظ ( عند الله محفوظ خل ) في خزائنه واعظم الخزائن واشرفها ( اشرفها واعلاها خل ) قلب الامام عليه السلام وهو العبد المؤمن الذي وسع قلبه الاحكام الالهية باسرارها ( باسرها خل ) وقد ضاقت عنها السموات السبع والارضين ( الارضون خل ) السبع كما في الحديث القدسي فالذي يقول ان الحكم الثانوي الذي ادي اليه نظر الفقيه المسمى عندهم بالحكم الظاهري قد يكون محض الخطأ وخلاف الواقع بحيث لو شافه الامام عليه السلام كان الحكم غير هذا وانما ساغ له العمل بذلك من قبيل اكل الميتة والجيفة فقد اخطأ الصواب وتعدي في الجواب بل الله سبحانه اجل من ان يكل الخلق الى آرائهم حتى يقولوا في الاحكام العملية التي عليها مدار الفروج والدماء والنسل وترقيات الدنيا والآخرة على مظنوناتهم ثم يجيز الله تعالى بهم تلك الظنون الكاذبة والآراء الفاسدة والاوهام الكاسدة فمن نسب الى الله ذلك فقد اخرج الله عن سلطانه وعزله عن حكمته وازاله عن قيوميته تعالى الله عما يقولون ( تعالى الله عن ذلك خل ) علوا كبيرا
فان قلت ان الخطاء والوهم في الموضوعات قد يتفق يقينا فان المكلف ربما يباشر النجاسة ويتصرف في الحرام والمغصوب وغير ذلك ولم يعلمه بها وقد اجاز الله تعالى له ذلك وصحح عمله ولم يكلفه بما هو الواقع فليكن تلك الاحكام المظنونة التي تقع فيها الخطاء من هذا القبيل فان الضرورات تبيح المحظورات قلت هذا قياس سيما مع الفارق فان امر الموضوعات ومعرفتها راجعة الى المكلفين وهم الذين ( الذين يجب خل ) عليهم معرفتها وتميزها ( تمييزها خل ) وتشخيصها والمداقة فيها حتى يميزها كما هو الواقع اي يتجنب ( الواقع ليجتنب خل ) من النجس والحرام والمغصوب وغير ذلك ولكن الله سبحانه لما كان يريد لهم ( بهم خل ) اليسر ولا يريد بهم العسر سهل عليهم ذلك وقال كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر وكل شيء لك حلال حتى تعلم انه الحرام ( تعلم الحرام خل ) بعينه فتدعه وذلك من اوسع الاحكام واما نفس الاحكام فبيانها راجع الى الله سبحانه لا الى المكلفين وهو سبحانه وتعالى يقول وعلى الله قصد السبيل وقال سبحانه وتعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه فاذا كان بيان الاحكام راجعا الى الله سبحانه وهو لا يعجزه شيء فكيف يكل فهمها الى الخلق انفسهم فهل انزل الله دينا ناقصا فاستعان به على آرائهم ام قصر الرسول واوصيائه عليهم السلام في التبليغ والاداء ام هم شركاء لله فلهم ان يقولوا وعليه ان يقبل فما هو من الله سبحانه قد اوضح طريقه وابان سبيله الا ان الخلق متعاونون ( متفاوتون خل ) في معرفة تلك الجهات وانحاء التلقيات فمنهم من يتلقون من حيث يشعرون ومنهم من حيث لا يشعرون ( فمنهم من يتلقون من حيث لا يشعرون ومنهم من يتلقون من حيث يشعرون خل ) والا فامرهم سلام الله عليهم في هدايتهم وارائتهم وايصالهم كل احد الى ما تقتضيه ذاته وكينونته وعمله من اوضح ( عمله اوضح خل ) الاشياء بل اظهر من الشمس وابين من الامس كما في حديث المفضل وقد قال امير المؤمنين عليه السلام على ما في نهج البلاغة اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم ام اين تذهبون ورايات الحق منصوبة واعلام الهداية ظاهرة الحديث وتخصيص هذه الاعلام والرايات بالاصول دون الفروع قول بغير علم ولا هدى ولا كتاب مبين ( منير خل ) وفي الزيارة عن عليّ بن الحسين زينالعابدين عليهما السلام اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة وسبل الراغبين اليك شارعة واعلام القاصدين اليك واضحة الزيارة والجمع المحلي باللام يفيد العموم فيعم القاصدين اليه في الاصول والفروع وفي الزيارة الجامعة الكبيرة عن الهادي عليه السلام حتى اعلنتم دعوته وبينتم فرائضه واقمتم حدوده ونشرتم شرايع احكامه وسننتم سنته والجمع المضاف يفيد العموم عند المحققين فيكون قد بينوا عليهم السلام جميع الفرايض واقاموا جميع الحدود ونشروا جميع شرايع الاحكام وهذا ينافي قولهم مابينوا ما وصل اليهم حتى احتاجوا الى استنباط الاحكام الالهية بالظنون الضعيفة والاوهام الباطلة والاحلام الفاسدة الا ان ذلك البيان والنشر واقامة الحدود ليس على ما يعرفون بل انما هو على ما فسرت لك من جريان الاحكام ( احكام خل ) الاقتضاءات على نهج المقتضيات من النور والظلمة والخير والشر وهو قوله تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا والامام عليه السلام هو حامل ذلك العطاء بما حمله الله كما اشار اليه بقوله تعالى هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وفي ما ذكرنا يجري تأويل قوله تعالى وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال فافهم راشدا واشرب عذبا صافيا
فظهر لك مما بينا ( مما ذكرنا خل ) ان الاحكام على قسمين احكام اولية وهي لا تتغير ولا تتبدل ( لا يتغير ولا يتبدل خل ) ولا تزيد ولا تنقص ولا تختلف ولا يجري عليها النسخ والاختلاف واحكام ثانوية وهي التي على مقتضي الكينونة الثانية وهي تختلف وتتغير وتزيد وتنقص والناس في زمان الغيبة وخفاء الحجة ( الحجة بل عند مزج الطينتين مطلقا خل ) مكلفون بالعمل بالثانوية ( بالثانية خل ) وقد يصادفون الاولي وقد يخطأونها ولا يصادفونها فيكون فرضهم العمل بالثانية لا الاولى فمن قال غير هذا المعنى فقد اخطأ الحق واتى بالجور والباطل اذ لا يصح ان يجعل الله سبحانه ما هو راجع اليه موكولا الى غيره وغير ابوابه وخزان امره ونهيه حتى يقول الناس بظنونهم وآرائهم ما يشاؤن ان هو الا كذب ( كذاب خل ) مفتري والله سبحانه وتعالى اجل من ذلك واعلي تعالى ربي عما يقولون علوا كبيرا
فان قلت ان جل العلماء ( علماء خل ) الشيعة واساطين الشريعة بعد دقتهم وبذل جهدهم ( مجهودهم خل ) واستفراغ وسعهم وسعيهم وطول فكرهم ونظرهم ( وسعهم وطول نظرهم وفكرهم خل ) ومجاهدتهم قد اعترفوا بعدم حصول العلم في كلما يحتاج اليه المكلف فبنوا امرهم على العمل بالظن والا يلزمهم الخروج من ( عن خل ) الدين فعملوا بالراجح وتركوا المرجوح لما رأوا من كثرة الامور المانعة من العلم على ما فصلوها في كتبهم المفصلة وزبرهم المدونة في الاجتهاد والتقليد وغير ذلك فلو كان الامام عليه السلام مسددا مؤيدا هاديا موصلا الى العلم فلم لم يوصلهم وخلاهم فان كان هؤلاء الاساطين والاكابر الاعاظم لم يستأهلوا لنظر الامام وعنايته وتوجهه فعدم استيهال غيرهم بالطريق الاولى اذ ليس لغيرهم مزية عليهم في العلم والعمل والآداب والاخلاق ( والاخلاق والآداب خل ) فاذن يكون وجود المجتهد كوجود العنقاء وفي ذلك تضييع للشريعة وتعطيل لاحكام الملة السهلة وذلك في البطلان بمكان قلت ان هؤلاء الاساطين لم ينكروا استفادة العلم من الاجماع والاخبار المحفوفة بالقراين القطعي ( بقرائن القطع خل ) وفي غيرها اتوا بغاية ما عندهم بعد استفراغ وسعهم وبذل مجهودهم وسعيهم فذلك الذي تقول ( نقول خل ) انه هو حكم الامام عليه السلام اذ لو لم يكن ( اذ لم يكن خل ) ذلك حكمه لناقض دليله وردعه منه ( عنه خل ) ولم يتركه على حاله والا لكان مغريا بالباطل ومقصرا في اداء حق الله تعالى ولما كان كما قال ( كما قال الامام خل ) عليه السلام ان الله لا يخلو ( لا يخلي خل ) الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم فاذا انحصر لهم الدليل بما وجدوا اذا كانوا سالكين سبيل الحق ولم يخرجوا ( لم يمزجوا خل ) الى الاستحسانات العقلية والاستنباطات الظنية الغير المأخوذة عن اهل البيت عليهم السلام كان ذلك تقريرا من المعصوم عليه السلام على الحكم المراد منه وقد سبق منا سابقا انه لا يشترط في التقرير مشاهدة المقرر له للمقرر فاذا حصل التقرير حصل العلم فهؤلاء العلماء عملهم ( علمهم خل ) على الحق وفعلهم على الصواب وان لم يستشعروا بحقيقة الامر وحكموا بأن ما ادركوا هو الظن ورتبوا مقدمة لصحة العمل عليه وقالوا هذا ما ادى اليه ظني وكل ما ادى اليه ظني فهو حكم الله في حقي وفي حق من قلدني ( في حقي وحق مقلدي خل ) ولم يعلموا ان ذلك هو حكم الله الثانوي الواقعي الذي سبيل حصوله وتحصيله سبيل حصول الاجماع المحصل والخبر المحفوف بالقرائن القطعي ( بالقرائن المفيدة للقطع خل ) نعم يحتاج ذلك الى العلم بحصول التقرير في هذا الزمان فاذا ثبت ذلك فقد تم الامر واتضح الحق وحصل العلم القطعي بالحكم الثانوي وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر
فان قلت انهم عليهم السلام قد قرروا لنا قواعد بأنكم اذا علمتم فقولوا والا فها وقالوا عليهم السلام ان الناس قد كذبوا علينا وان لا تقبلوا خبر الفاسق ( الفاسقين خل ) الا بعد البيان فاذا ورد علينا شيء يخالف الاصول المتلقاة ( الملقاة خل ) منهم عليهم السلام فلا تخصصها به بل لا بد من قرينة واضحة تدل على التخصيص قلت نحن ايضا نقول بموجبه ونتكلم على حسبه ونقول على الامام عليه السلام نصب القرائن الحالية والمقالية على الحكم المناسب للفقيه المستوضح ومن هذه الجهة ترى علمائنا رضوان الله عليهم يخالفون في الفقه بعض ما قرروا في الاصول من القواعد الا ترى صاحب المدارك لا يرى حجية اجماع ( الاجماع خل ) المنقول ولا يعتقد حصول الاجماع المحقق وفي بعض المواضع يتمسك بالاجماع كما في مسئلة التراوح ذكر ( وذكر خل ) رواية عمار بن موسى الساباطي وهو فطحي وهو لا يرى العمل بالموثقات وتمسك بها قال ( وقال خل ) ان المحقق ادعى الاجماع على صحة العمل بروايات ( برواية خل ) عمار مع انه في اغلب الموارد يرد روايات عمار لكونها موثقة وكذا في الشهرة فانه لا يرى العمل بها مع انه يتردد في بعض المقامات لأجلها كما قال في موضع مخالفة الاصحاب مشكلة والقول بغير دليل اشكل وكذلك غيره ولولا ان وراءنا من يسددنا على ما يحب فأي وجه للجماعة يخالفون قواعدهم المقررة التي اسسوها في اصول الفقه ولا يفعله عاقل ولو اردت ان اعدد لك مخالفاتهم ( مخالفتهم خل ) في الفقه لقواعدهم في الاصول لطال بنا الكلام مع ما انا عليه من استيلاء الضعف والمرض فمن تتبع كتبهم ادنى تتبع وجد ما اقول واضحا صريحا فالامام عليه السلام هو الذي يسدد ويؤيد بنصب القرائن وايضاح الدلايل بحيث لا يبقي للفقيه تأمل فيقول به وان كان يخالف قاعدته ( قاعدة خل ) والروايات فان ( في ان خل ) الامام عليه السلام هو الذي يعرف الحق والباطل ويميز بين الخطأ والصواب اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا اكثر من ان يحصى ( تحصى خل ) فمنها ما رواها ( رواه خل ) الصدوق (ره) عن الحسن بن المحبوب ( محبوب خل ) عن يعقوب بن السراج ( يعقوب السراج خل ) قال قلت لابي عبد الله عليه السلام تبقى الارض بلا عالم حي ظاهر يفزع اليه الناس في حلالهم وحرامهم فقال لي اذا لا يعبد الله يا ابا يوسف ومنها ما رواه في الصحيح عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله لا يدع الارض الا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان فاذا زاد المؤمنون شيئا ردهم فاذا نقصوا اكمله لهم فقالوا خذوا ( فقال خذوه خل ) كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين امرهم ولم يفرق بين الحق والباطل ومنها ما رواه الصدوق ايضا ( ما رواه ايضا خل ) عن ابي عبد الله عليه السلام ان جبرئيل نزل على محمد صلى الله عليه وآله يخبر عن ربه عز وجل فقال له يا محمد لم اترك الارض الا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي ويكون نجاة في ما بين قبض النبي الى خروج نبي آخر ( النبي الآخر خل ) ولم اكن اترك ابليس ليضل ( يضل خل ) الناس وليس في الارض حجة داع الى وهاد الى سبيلي وعارف لامري ( بامري خل ) واني قد قضيت لكل قوم هاديا اهدي به السعداء ويكون حجة على الاشقياء ومنها ما رواه عن ابي عبد الله عليه السلام قال الارض لا تكون الا وفيها عالم يصلحهم ولا يصلح الناس الا ذلك ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا شيئا تممه لهم ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الارض لا تخلو من ان تكون ( يكون خل ) فيها من يعلم الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها واذا جاؤا بنقصان اكمله لهم فلولا ذلك اختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي حمزة قال ( قال قال خل ) ابو عبد الله عليه السلام لن تبقى الارض الا وفيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا واذا نقصوا منه قال قد نقصوا واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل ومنها ما رواه عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السلام قال ان الارض لا تبقى الا ومنا فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس قال قد زادوا واذا نقصوا منه قال قد نقصوا ولولا ان ذلك كذلك لم يعرف الحق من الباطل ومنها ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال ان الله لم يدع الارض الا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان من ( عن خل ) دين الله عز وجل فاذا زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا اكمله لهم ولولا ذلك لالتبس على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان الارض لن تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا ( نقصوا منه خل ) اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين امورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل ومنها ما رواه عن يونس عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا شيئا اتمه لهم ومنها ما رواه عن ثعلبة بن ميمون عن اسحق بن عمار قال قال ابو عبدالله عليه السلام ان الارض لا تخلو من ان يكون ( تكون خل ) فيها من يعلم الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها واذا جاؤا بنقصان اكمله لهم ( بالنقصان اكمله خل ) ولولا ذلك لاختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي حمزة الثمالي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لن تبقى الارض الا وفيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا واذا نقصوا قال قد نقصوا واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق عن ( من خل ) الباطل ومنها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم واذا نقصوا اكمله لهم فقال خذوه كاملا ولولا ذلك لالتبس على المؤمنين ( المسلمين خل ) امورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل ومنها ما رواه عنه عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لا تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم وان نقصوا شيئا تممه لهم ومنها ما رواه عنه قال ( قال قال خل ) ابو عبد الله عليه السلام ان الارض لا تخلو من ان يكون ( تكون خل ) فيها من يعلم الزيادة والنقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها واذا جاؤا بالنقصان اكمله لهم ولولا ذلك لاختلط على المسلمين امورهم ومنها ما رواه عن ابي حمزة الثمالي قال قال ابو عبد الله عليه السلام لم تبقى الارض الا وفيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا واذا نقصوا قال قد نقصوا واذا جاؤا به صدقهم ولو لم يكن كذلك لم يعرف الحق من الباطل ومنها ما رواه عن عبد الاعلى مولى آل سام عن ابي جعفر عليه السلام قال قد سمعت ( قال سمعته خل ) يقول ما ترك الله الارض بغير عالم ينقص ما زاد الناس ويزيد ما نقصوا ولولا ذلك لاختلط على الناس امورهم ومنها ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله ان لكل بدعة من بعدي يكاد به الايمان وليا من اهل بيتي موكلا يذب عنه ويعلن الحق ( للحق خل ) ويرد كيد الكايدين ومنها ما رواه عن امير المؤمنين عليه السلام في عدة طرق اللهم انك لا تخلو ( لا تخلي خل ) الارض من قائم وحجة اما ظاهر مشهور او خائف مغمور لئلا تبطل حججك وبيناتك وفي بعضها اللهم لا بد لأرضك من حجة لك على خلقك يهديهم الى دينك ويعلمهم علمك لئلاتبطل حجتك ولا يضل متبع اوليائك بعد اذ هديتهم به اما ظاهر ليس بمطاع ( بالمطاع خل ) او مكتتم مترقب ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة وهم بها عاملون ومنها ما في تفسير قوله تعالى انما انت منذر ولكل قوم هاد وفي عدة روايات ان المنذر ( المنذر هو خل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وفي كل زمان امام منا يهديهم الى ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وفي بعضها والله ماذهبت منا وما زالت فينا الى الساعة ومنها ما روي عن ابي عبدالله عليه السلام قال ولم تخلو الارض منذ خلق الله آدم عن ( من خل ) حجة له فيها اما ظاهر مشهور او غائب مستور ولم تخلو الارض من ( عن خل ) حجة الى ان تقوم الساعة ولولا ذلك لم يعبد الله قيل كيف ينتفع الناس بالغائب المستور قال كما ينتفعون بالشمس اذا سترها ( ستره خل ) الحجاب ومنها ما عن حجة القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبت ( غيبها خل ) عن الانظار بالسحاب ( السحاب خل ) واني لأمان لأهل الارض كما ان النجوم امان لأهل السماء ومنها ما في التوقيع الى المفيد (ره) الى ان قال عليه السلام انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء ومنها ما عن امير المؤمنين عليه السلام على ما في نهج البلاغة اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم ام اين تذهبون ورايات الحق منصوبة واعلام الهداية واضحة
هذا ما حضرني من الاخبار في تصرف الامام عليه السلام في الغيبة والحضور وغيرها مما لم نذكر ( لم يذكر خل ) اكثر من ان تحصى ( يحصى خل ) يجدها المتتبع ( متتبع خل ) في كلماتهم والناظر في احاديثهم وآثارهم فمن نظر بعين الاعتبار وجاس ( جاء من خل ) خلال تلك الديار لم يبق له شك ولا غبار في انه عليه السلام متصرف في جميع الامصار وفي جميع الاعصار لكل واحد واحد من الابرار بل والاشرار وهو قوله عز وجل كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فالامام عليه السلام هو حامل العطاء للفريقين كما يشهد به قوله تعالى هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وهذا وان كان في النبي سليمان عليه السلام الا انهم عليهم السلام سبقوه وغيره في كل خير وكمال لما ( كما خل ) في الزيارة الجامعة ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه وفيها واشهد ان الحق لكم ومعكم وفيكم ومنكم واليكم وانتم اهله ومعدنه ومأواه ومنتهاه قال تعالى فماذا بعد الحق الا الضلال فأنى تصرفون فافهم
واما تخصيص تسديده عليه السلام بالنسبة الى كافة المؤمنين باجمعهم دون فرد فرد فدعوي بلا بينة مع ان قوله عليه السلام كيما ان زاد المؤمنون ردهم يأبي عن ذلك فان المؤمنين جمع محلي باللام ( باللام وهو خل ) يفيد العموم الاستغراقي الشامل على كل فرد فرد لا المجموع من حيث المجموع ( من حيث هو خل ) فانه اذا قيل اكرم العلماء لا يراد به اكرام الجميع من حيث هو هو كما هو الظاهر المعلوم بل يراد ( يراد اكرام خل ) كل فرد فرد كذلك في قوله زاد المؤمنون ردهم فيكون تسديده لكل فرد من المؤمنين جاريا وخذلانه لكل فرد من المنافقين ثابتا فان تسديده لطف فهو اما واجب عليه او مستحب له فان كان الاول فهو لا يخل بالواجب وان كان الثاني فهو لا يخل بالمندوب ولا يترك الراجح مع انهم الهداة لكل قوم والهداية منصبهم والارشاد طريقتهم فلا يتركون ما بعثوا لأجله ولا يدعون الخلق عن الحق يتيهون ولا عن الصواب يعمهون اذا سلكوا مسلكهم وطلبوا هدايتهم ورغبوا الى ما عندهم فان لهم مع كل ولي اذن سامعة كما قالوا عليهم السلام وفي الحديث ما من عبد احبنا وزاد في حبنا واخلص في معرفتنا وسئل ( سئل عن خل ) مسئلة الا ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة
واما وقوع الحيرة في زمن الغيبة فحاشا عن وقوعها لأن الله اجل من ذلك وما ورد التعبير في بعض الروايات بها فالمراد كثرة الاختلاف ووقوع الفتن وتوارد الحوادث مع عدم امام ظاهر يلجأ اليه ظاهرا واما ( ظاهرا اما خل ) من طلبه على الوجه المقرر والنهج المحرر فيمده ( فيجده خل ) والله عند ظن كل امرأ فافهم وعلى من يفهم الكلام السلام
وقد ذكر المولي الماهر الاكمل الكامل الآقا ( الاكمل الآقا خل ) محمد باقر بن محمد تقي اكمل ( بن محمداكمل خل ) كلاما موافقا لما اقول وان كان في مبحث الاجماع لكن كلامه يصلح للعموم قال (ره) في رسالة الاجماع : واعلم انه تأمل بعض في الاجماع الذي نقله الشيخ واعتذر بأن الشيخ يعتقد حجية الاجماع بوجه فاسد وهو انه اذا اتفق جميع الفقهاء وكان خطاء يجب على الامام عليه السلام ان يظهر ويبين الحق بنفسه او بغيره ( بغير خل ) اذ يرد عليهم ( عليه خل ) منع دليل على ذلك مع امكان ان يكون عدم الاظهار ( عدم اظهاره خل ) للتقية او مصلحة مع ان الشيخ لا يقول بأنها ( بأنه خل ) يجب على الامام عليه السلام ان يعرف نفسه وامكن ( فامكن خل ) ان يقال لو كان حديث على خلاف ما اجمعوا عليه او مجتهد قائل بخلافه ( بخلافه هي خل ) يكفي اذ لا فرق ظاهرا بين ذلك وبين ان يظهر نفسه وايضا نري خلافات كثيرة لم يظهر الامام عليه السلام ولم يبين الحق فيها اقول وساق الكلام الى ان قال (ره) : ان ما ذكره الشيخ هو المستفاد من الاخبار المتواترة الدالة على ان الزمان لا يخلو عن حجة لهداية الناس ورد اضلال المضلين وانتحال المبطلين بل هو اجماع ( اجماعي خل ) الشيعة بل ومن ضروريات مذهبهم والنزاع في ذلك بينهم وبين العامة مشهور معروف واستدلالاتهم ( استدلالهم خل ) بالنقل والعقل ( بالعقل والنقل خل ) في كتبهم الكلامية ظاهر مع انه لا نزاع في كون تقرير الامام (ع) حجة فاذا كان تقريرهم قيل بالنسبة الى شخص ( تقريرهم بالنسبة الى فعل شخص خل ) واحد حجة فكيف لا يكون حجة بالنسبة الى جميع الامة و( او خل ) الشيعة وخصوصا يرونهم يفتون والى الشرع ينسبون والايراد على ما ذكره الشيخ (ره) وعلى ادلته بما مر بأنه يمكن ان يكون عدم الاظهار لمصلحة او تقية او غير ذلك مما ذكر لعله عين ما ذكره العامة في الرد على الشيعة والطعن عليهم في قولهم بأن الزمان لا يخلو من ( عن خل ) حجة وفي استدلالهم على ذلك بأن المصلحة ربما اقتضت خلو الزمان عن الحجة الى آخر ما ذكر وفي الحقيقة هذه الايرادات تهدم بنيان مذهب الشيعة في ان الزمان لا يخلو عن الحجة ويصحح مذهب العامة لا انها تضر باجماع الشيخ وطريقته فيه فقط بل وربما يهدم بنيان كون التقرير حجة ايضا على انا نقول اذا لم يظهر الامام الخلاف من جهة المصلحة فلا جرم ( جهة فلا جرم خل ) يكون راضيا بما اتفقوا عليه وان كان من جهة المصلحة بمقتضى ادلة الشيخ والامامية ومقتضى كون التقرير حجة وغير ذلك فلا جرم يكون حكم الله تعالى في شأنهم هو ما اتفقوا عليه الى ان يتغير بمصلحة فيظهر خلافه وحكم الله تعالى يختلف بحسب المصالح ( المظاهر خل ) فتأمل واما التقية فمعلوم انهم عليهم السلام اظهروها غاية الاظهار كاللعن على الثلاثة ومن تابعهم والمطاعن الشديدة وحكمهم بكفرهم ونفاقهم وغير ذلك مما لا يحصى واي شيء بقي بعد ذلك مع انه لا وجه للتقية عن فقهاء الشيعة سيما عن جميعهم واذا كان التقية عن غيرهم فحكمه حكم المصلحة وقد عرفت وساق الكلام الى ان قال (ره) : واما الخلاف بين الفقهاء فكل فقيه لا يكون قاصرا ولا مقصرا ( ومقصرا خل ) مثل فقهاء الشيعة فلا شك في ان ( انه خل ) بعد استفراغ وسعه يكون الامام عليه السلام راضيا بما ادي اليه اجتهاده بالقياس الى نفسه ومقلديه لا بالقياس الى من ادى اليه اجتهاده الى خلافه او الى التوقف ( او التوقف خل ) فيه او لم يجتهد بعد فيه وليس بمقلد فيكون راضيا به غير راض به بخلاف المتوف (كذا) ( المتفق خل ) عليه فليس فيه عدم الرضا اصلا ولم يظهر منه غير ( عدم خل ) الرضاء به مطلقا فيكون الحكم كذلك الى ان يظهر الامام عليه السلام خلاف ذلك كما اشرنا انتهى كلامه وهذا الكلام كما يجري في الاجماع والمجمعين كذلك يجري في كل فرد من المؤمنين المجتهدين اذ بعد القول بالتصرف في زمان الغيبة فاثباته في مقام ونفيه في آخر قول بلا بينة ودعوى بلا دليل
وقد سلك ايضا بهذا ( هذا خل ) المسلك السيد السند ( السند المهتدي خل ) السيد مهدي الطباطبائي (ره) في فوائده قال : وثانيهما حصول العلم بقوله للعلم باتفاق غيره من علماء الطائفة وفيه مسلكان الاول استفادة الموافقة من عدم الرد وفيه وجهان الاول البناء على قاعدة اللطف التي لأجلها وجب على الله نصب الامام فانها تقتضي ( مقتضي خل ) ردهم لو اتفقوا على الباطل فانه من اعظم الالطاف فان امتنع حصوله بالطرق الظاهرة فبالاسباب وحيث انتفى الرد مطلقا علم موافقته لما اجمعوا عليه فيكون حجة وحجيته وان كانت متوقفة على وجوب الرد لكن وجوب الرد لا يتوقف على حجيته فلا يلزم الدور كما ظن ولا يرد ( لا ترد خل ) على ذلك ثبوت الحيرة في زمن ( زمان خل ) الغيبة لأن وقوع الجميع فيها وشمولها الكل في الحكم الواحد غير مقطوع به ولا نقص الا بامر بين على ان الرد عن الباطل لا يستلزم دفع ( رفع خل ) الحيرة اذ مع التردد والاشتباه يحصل التخلص بالتوقف في الحكم والاحتياط في العمل بخلاف ما لو اتفقوا على الباطل وهذه الطريقة سلكها ( قد سلكها خل ) الشيخ في العدة ورأي ان العلم باجماع الطائفة لا يحصل الا بها واختارها جماعة منهم الكليني (ره) في ظاهر الكافي ووافقها المرتضى في الذريعة واحتمل اختصاص اللطف المذكور بزمان الحضور قال واذا كنا نحن السبب في غيبته فقد كان اتينا ( فقد اتينا خل ) من قبلنا لا من قبله وفي العدة ان هذا هو الذي ذهب اليه المرتضى آخرا ويفهم منه ارتضائه لها اولا وقد ينتصر بها بأن وجود الامام في زمن الغيبة لطف قطعا فيثبت فيه كلما امكن لوجود المقتضى وانتفاء الموانع ( المانع خل ) وان هذا اللطف قد ثبت وجوبه قبل الغيبة فيبقى بعدها بمقتضى الاصل وان النقل المتواتر قد دل على بقائه ثم اورد بعض ما اوردناه من الروايات المتقدمة ثم قال : والاخبار في هذا المعنى اكثر من ان تحصى ومقتضاه ( ان يحصى ومقتضاها خل ) تحقق الرد عن الباطل والهداية الى الحق من الامام في زمن ( زمان خل ) الغيبة والمراد حصولها ( حصولهما خل ) بالاسباب الخفية كما يشعر به حديث السحاب دون الظاهرة فانها منتفية بالضرورة ولا ينافي ذلك تضمن بعضها الاعلان بالحق فانه من باب الاسناد الى السبب والاحتجاج مبني على ان المراد حصول الرد والارشاد قبل الاتفاق والا لكانت خلاف المطلوب وكان الاكثر حملوها على بيان الالطاف التي من اجلها وجب نصب الامام وان تخلفت عنه في زمن الغيبة لوجود المانع وصراحة بعضها في التحقيق ( التحقق خل ) مع وضوح الدلالة في الباقي يأبى ذلك الثاني دلالة التقرير والامساك عن النكير على اصابة المجتمعين ( المجمعين خل ) فان تقرير المعصوم عليه السلام حجة في فعل الواحد فكيف بالجمع الكثير والجم الغفير ولا يمنع منه الغيبة مع العلم بالحال والتمكن من الرد فانه وان غاب عنا الا انه بين اظهرنا نراه ويرانا ونلقاه ويلقانا وان كنا لا نعرفه بعينه فانه يعرفنا ويرعانا ويطلع على احوالنا وتعرض علينا ( عليه خل ) اعمالنا ولا يلزم من ذلك وجوب الانكار مع الاختلاف لوجوده من المحقق ولا وجوبه في شأن العصاة لجواز الاكتفاء بوضوح الحق ولا وجوب الانكار على المستتر بالمعصية حال الظهور لأنه انما يلزم لو انحصر الوجه في السبب الخفي كحديث عرض العمل وهذا الوجه قد اعتمده بعض المتأخرين ويحتمله كلام ابي الصلاح وهو مبني على وجوب التنبيه على الخطأ مطلقا او مع العلم دون الظن ولو خص بالامام لما يلزمه من وجوب الهداية اعاد ( عاد خل ) الى قاعدة اللطف انتهى كلامه رفع في الخلد اعلامه وهو كما ترى صريح في ان التقرير بعدم الرد والردع والامساك عن النكير واقع وحاصل ( واقع حاصل خل ) في زمان الغيبة
فاذا جوزنا وقوعه للأدلة العقلية والشواهد النقلية فلا فرق حينئذ بين الواحد والكل لأن لطفه وحمايته ورعايته شاملة للجميع وحاشاه ان يراعي الكل ويهمل البعض فان ذلك ليس من دأب الكاملين سيما الامام ( الكاملين فضلا عن الامام عليه السلام خل ) المبعوث لهداية الخلق اجمعين ممن يقبل منه الهداية ولا يعرض عنه وقد نص الله تعالى عليه في قوله تعالى لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم امن الرأفة والرحمة ان يدع المؤمنين في الشدة والحيرة مع قدرته على استنقاذهم منها بنفسه او بدله صلى الله عليه وآله اما يضر ( اما يعز خل ) عليه هذا العنت الشديد وقد قال تعالى ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فكيف يتصور ان الله سبحانه يجعل حكما للخلق ليرجعوا اليه عند التشاجر والتنازع ثم يرفعه عنهم ويهملهم ويتركهم حيارى فلا يجدون حاكما ولا يلقون هاديا مرشدا وتأبى عن ذلك حكمة الله سبحانه ورأفته ورحمته وقدرته وقيوميته وعزته وغناه ولا يشترط في الحكم المشاهدة بل يكفي التقرير او الرد او الردع بالاسباب الظاهرية او ( وخل ) الخفية وهذا الحكم ليس خاصا بطائفة دون آخرين بل يعم جميع المؤمنين من في شرق الارض وغربها فكل مرغبة ( فكل من ينبه خل ) للحق وطلبه فلا بد من ان يجد ما هو حكمه عن الله تعالى لقوله عز وجل والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين وانما جمع السبل لاختلاف الاحكام حسب اقتضاء كينونات المكلفين واحوالهم وصفاتهم فكل احد اذا بذل مجهوده واستفرغ وسعه فلا بد ان يناله بهداية الله سبحانه اياه اليه بهؤلاء الائمة سلام الله عليهم دون غيرهم لأنهم باب الله وخزان امره ونهيه وارشاده وفي الزيارة الجامعة من اراد الله بدء بكم ومن وحده قبل عنكم ( عنكم ومن قصده توجه بكم خل ) الزيارة فهم عليهم السلام المؤدون عن الله سبحانه جميع ما اراد من خلقه اما على وجه الظهور والبروز او على جهة الخفاء والاستتار فكل احد يأخذ حقه وحكمه اذا طلبه ( طلبهم خل ) من الوجه الذي هم امروا به والا فيأخذ اضداده وعكوسه وتلك ( تلك حينئذ خل ) حكمه من الله تعالى كما قال عز وجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون والامام عليه السلام هو علة السعادة والشقاوة واليه ترجع احكامهما ( احكامها خل ) فاذن فما طلبه المجتهد المستوضح المستفرغ وسعه الباذل مجهوده فهو حكم الله سبحانه حقيقة اما في الواقع الاولي او الثانوي بحيث لو شافه الامام عليه السلام وواجهه والحال هذه ما رد ( ما زاد خل ) عنه قطعا يقينا وهو حكم الله سبحانه الذي نزل ( سبحانه نزل خل ) به الروح الامين عن الله سبحانه على نبيه واودع النبي صلى الله عليه وآله عند وصيه صلى الله عليهما ليظهره في كل وقت وزمان على ما امره الله سبحانه ونقش في صحيفة الامام عليه السلام في كل عصر واوان وهو حكم الله يقينا بتقرير من الامام عليه السلام وعدم رده وردعه فالامر معلوم والحكم مقطوع به فالظن الذي به يقولون ( فاين الظن الذي به يصولون خل ) وفي ميدان المكابرة يجولون وعنه يقولون وعليه يعولون ان هم الا يظنون وقد ظهر الامام عليه السلام ( وقد ظهر الامر خل ) بعون الله تعالى كالنور على الطور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور والله المستعان
ثم اني اقول ان ما تلوته ( تلوكه خل ) السنتهم وتقوله افواههم من ان باب العلم كان مفتوحا في زمن الحضور للمشافهين الحاضرين ولما حصلت الغيبة انسد باب العلم وانفتح باب الظن لست ادري ما يريدون بمتعلق العلم او ( وخل ) الظن هل هو العلم بالاحكام الواقعية الاولية التي تقتضيه الكينونة الاولى العليا ام العلم بالاحكام الثانوية التي تقتضيه الكينونة الثانية فان كان الاول اي العلم بالاحكام الواقعية الاولية فذلك الباب قد انسد لما اهبط آدم وحوا الى الارض وقتل قابيل هابيل ووقعت الفتنة وظهر الفساد وشاعت المعاصي وبرزت القبايح وحصل الخلط باللطخ ( واللطخ خل ) بين الطينتين وفقد التميز من البين فسد الله سبحانه باب العلم بها اذ لم تكن المصلحة في ابرازها واظهارها الا نادرا ولذا وقع النسخ في الشرايع وظهر الاختلاف في الاحكام وتغير امر الحلال والحرام فصار الشيء حلالا في وقت بالنسبة الى شخص او اشخاص ثم انقلب وصار حراما وهكذا ساير الامور والاوضاع كلها يجري على هذا المنوال فاذا حكم النبي او الامام صلى الله عليهما وآلهما بحكم لم يحصل القطع بأن هذا هو الذي ثابت لم يتغير ولم يتبدل نعم كان عندهم القطع بأن هذا هو حكم الله في حقهم فاذا تغير واختلف كانوا يعدلون من حق الى حق ومن خير الى خير ومن حكم الله ( تعالى خل ) الى حكم الله فان كان مرادهم بسد باب العلم بالاحكام الشرعية الاولية هذا فذلك الباب ما انفتح ابدا في هذه الدنيا ويبقى ( تبقى خل ) مسدودة الى ان يظهر القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه ( القائم من آل محمد سلام الله عليهم خل ) لامور يطول الكلام بذكرها وقد شرحناها وفصلناها في سائر رسائلنا ومباحثاتنا ( مباحثاتنا واجوبتنا خل ) للمسائل وان كان مرادهم بالاحكام الثانوية فهي ما انسدت بل ( مذ خل ) فتحت ولا يسدها ايضا الا مولينا وسيدنا الامام المنتظر عجل الله فرجه وجعلني الله فداه وعليه وعلى آبائه افضل التحية والسلام مع انهم يقولون انا نعمل بالقطع واليقين على ان هذا هو حكم الله في حقي فاذا حصل لهم العلم واليقين فأي شيء انسد عليهم الا ان يقولوا ان هذا ليس بحكم ( حكم خل ) الله تعالى وانه تعالى ما اراد لعباده وان الامام عليه السلام لو كان متمكنا بالمشاهدة ما كان يرضى لهم بهذا الحكم وانه ليس بعالم بذلك الحكم المخصوص او ليس بقادر على الرد والمنع ( المنع او انه غضب عليهم خل ) او انه تركهم سدى مهملين ما دامت الغيبة وهم نظروا الى الكتاب والسنة مع كمال الاضطرار ( الاضطراب خل ) اما الكتاب فانه لفظ ولا يحصل القطع الا بنفي عشر مقدمات كلها ظنية اي نفيها ظني كاصل عدم المجاز وعدم التخصيص وعدم الاضمار وعدم النقل وعدم الاشتراك وهكذا وامثالها ومع ذلك مشتمل على وجوه ومعاني كثيرة وبطون وتأويلات واشارات وتلويحات وتصريحات وكنايات واستعارات وتشبيهات وفحوى الخطاب ولحن الخطاب ودليل الخطاب والخطاب من قبيل اياك اعني واسمعي يا جارة وغيرها من امثالها فأنى يحصل العلم مع هذه الامور بأن المراد ليس الا هذا حتى ذهب جماعة من اهل العلم الى ان ( العلم ان خل ) القرآن ليس بحجة وكله متشابه يتوقف علمه على بيان ( على البيان من خل ) الامام المعصوم عليه السلام واما الاحاديث هذه ( ففيها هذه خل ) الوجوه وزيادة السند والطرق الموصلة الى الامام عليه السلام والاحتمالات الجارية عليه من كذب ووضع ودس ومسق (كذا) ( فسق خل ) ولم نعلم وامثال ذلك مما سطروه في مبحث حجية الظن ومبحث الاجتهاد والتقليد ولا نطول الكلام بذكرها
ثم انهم لما رأوا ان الاجماع قام على بقاء التكليف ورأوا ان العلم بالمكلف به مع غيبة الامام عليه السلام وشيوع هذه الاضطرابات والاختلافات في الكتاب والسنة حتى ان كل فرقة يتمسك بهما في حقية مذهبهم لا يحصل فالتكليف به والحال هذه تكليف بما لا يطاق وسقوط التكليف بالمرة مخالف لاجماع المسلمين ومستلزم للخروج من الدين فالتجأوا الى المرجحات الظنية فاذا قوي الظن ولم يجدوا اقوى منه فوقفوا ( وقفوا خل ) عنده وقالوا ان هذه ( هذا خل ) غاية الوسع فوجب ان لا يريد الله سبحانه منا ازيد من هذا فحتموا على الله بالقبول فامضى الله حتمهم مع ( مع عدم خل ) رضاه به وعدم جريه لهم في الحقيقة وانما صار هذا حكمهم من باب اكل الجيفة عند الاضطرار فالحكم في الواقعي الاولي او الثانوي خطاء محض وباطل صرف الا انه سبحانه اجري لهم ذلك حيث كان ذلك غاية ادراكهم ومبلغ علمهم ورأوا ( رووا خل ) في ذلك رواية رواها عمرو بن العاص لتصحيح اجتهاد الخلفاء وحرب معاوية مع امير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ان المجتهد اذا اصاب فله اجران وان اخطأ فله اجر واحد ( ه خل ) فيكون حاصل الكلام في الحكمين ان الحكم الواقعي هو الذي يدركه عند مواجهة الامام عليه السلام مواجهة ظاهرية او ما دل عليه الدليل القطعي وان كان مختلفا متغيرا متعددا والحكم الثانوي الظاهري هو الحكم الذي يحصله المجتهد بظنه بعد استفراغ وسعه وهو ليس بحكم الامام عليه السلام الا من باب الرضا الجاءً حيث لم يجدوا ( لم يجد خل ) ملجأ الى غير هذا بحيث لو تمكن ( لم تمكن خل ) من اعلامهم لما كان هذا حكمهم وانما كان ذلك من ( من باب خل ) الالجاء والضرورة وهذا القول لا يصح على اصول الامامية ولا يجتمع ( لا تجتمع خل ) مع مذهب الاثني عشرية لأنه انما يصح اذا قلنا بأن الامام عليه السلام لا يتصرف ( لم يتصرف خل ) في زمن الغيبة والخلق ليس لهم راع يرعاهم ولا سائس يسيسهم فوجوده في ايصال الاحكام الشرعية وعدمه سواء فان الامر فيها موكول الى ظنونهم الكاذبة وآرائهم الفاسدة واحلامهم الكاسدة فلا فرق على هذا القول بين الشيعة والعامة في تجويزهم خلو الارض من الحجة ( من حجة خل ) فان الفريقين مستغنيين عنه عليه السلام في الاحكام الشرعية وان كان الله ببركته يقيم هذا الخلق عن الاضمحلال والدثور واما الاحكام الشرعية فلا وقد سمعت من بعض من يدعي انه من اكابر المجتهدين والناس كانوا يصدقونه في دعويه وهو على المنبر في ( في مجلس خل ) الدرس سمعت بأذني والا صمتا ( صمت خل ) يقول لولا الاحكام الشرعية ما احتجنا الى نبي ولا امام ( الى النبي والامام عليه السلام خل ) فان العقليات لا يجوز التقليد فيها ( فيها التقليد خل ) والكون يقيمه الله ولا يحتاج الى احد نعم في الشرعيات حيث ان العقول لا تصل الى دقائقها احتجنا الى الامام عليه السلام وهو ايضا ممن يقول بسد باب العلم وفتح باب الظن المطلق فعلى مذهبه لا فرق بين الشيعة والعامة في جواز خلو الارض من الحجة فان الحجة للاظهار والبيان والا فأي فايدة فيه وانا لعمري متحير في جواب توهماتهم ( ترهاتهم خل ) والكلام على شبهاتهم فالسكوت اولى والاعراض احسن وقد بينا سابقا وجوب تصرف الامام عليه السلام وانه هو الناظر في رعيته والحامي لهم عن الزيادة والنقصان وعن الوقوع في الحيرة والاختلاف والحافظ لهذا الدين عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين ولا يعجزه عن الهداية شيء ولا يعقيه ( لا يعيقه خل ) عن الارشاد احد وهو الحجة البالغة وقد قال تعالى لما نصب امير المؤمنين عليه السلام للخلافة وابان امره للناس اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الآية فاذا كان الكفار قد يئسوا عن ( من خل ) ديننا بنصب امام حافظ او ( وخل ) ولي ناصح فلا يضرنا حينئذ الاختلالات ( الاختلافات خل ) الواقعة في الكتاب والسنة من الامور التي ذكروها فانهما من دون حافظ مبين لا يكفيان لقد كذب من قال حسبنا كتاب الله وكذب ايضا من قال حسبنا الكتاب والسنة عن الائمة الماضين سلام الله عليهم فلا نحتاج الى الامام الحي الحاضر للارشاد والتبيين بل الكتاب والعترة مقرونان لن يفترقا حتى يردا على الحوض فيؤل اتصال الى اتصال ويظهر كل منهما على الصورة الحقيقية على احسن الاحوال فاذا كان الكتاب والعترة لا يفترقان ويجب وجود الامام عليه السلام فلا يبال ( فلا يبالي خل ) بدس الداسين ووضع المفترين وتحريف المبطلين وتغيير الضالين وان الامام عليه السلام يرد على ( عن خل ) الزيادة والنقصان ويبين الصلاح من الفساد ويعرف الحق من الضلال ويصفى كلام آبائه وحكمه عن شبهات اهل الجدال وقد نص الله سبحانه في كتابه بقوله وما ارسلنا من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم وفي بعض الروايات وما ارسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث الا اذا تمنى القى الشيطان الآية والمحدث هو الامام عليه السلام يقينا وتمنى بمعنى قرأ والقاء الشيطان الاحتمالات الباطلة والتغييرات الحاصلة ونسخها وابطالها ( نسخها ابطالها خل ) بنصب القرائن وايضاح الدلايل بالحجة على الخلق والحافظ لهذا الدين وهو المعصوم عليه السلام فاذن فكلما ذكروا من الامور المانعة عن العلم انما يجري اذا لم يوجد الامام القادر العالم او انه لم يتصرف فاذا وجد وتصرف كما سمعت منا ومن الفاضلين اللذين ذكرت كلامهما وما اوردنا من الروايات المستفيضة بل المتواترة معنى وان ذلك مقتضى حكمة الحكيم وبلاغ الحجة واكمال ( كمال خل ) الدين واتمام النعمة فهو عليه السلام يبينها ويوضحها ويوصلها الينا صافية نقية ويهدي الكل الى الحكمة اللائقة ( الى حكمه اللائق خل ) به وعلى مقتضى كينونته وحقيقته فالكل على بصيرة ويقين في حكم الله تبارك وتعالى الا ان منهم ( الا منهم خل ) من حيث يشعرون ومنهم من حيث لا يشعرون وعلى الله قصد السبيل
فظهر لك من هذا البيان التام ان التقرير في هذا الزمان هو العمدة في استنباط الحلال والحرام واستيضاح الاحكام من امناء الملك العلام وانه يجري لكل فقيه مستوضح عالم بطريق ( بطرق خل ) الاستيضاح بصير بمواقع جهات الاستنباط في الاجماع والاختلاف وفي كل حال هو المحفوظ بعين الله التي لا تنام ( لا ينام خل ) والمستمد بركنه الذي لا يرام وما ربك بغافل عما تعملون والاخباري ان ادعى العلم على وفق ما ذكرنا وشرحنا فقد اصاب الحق ونطق بالصواب والا فقد اخطأ خطاء ( فقد خبط خبط خل ) عشواء والمجتهد ان انكر ما ذكرنا فما الذي يبقى له من الطريق ( الطرق خل ) الالهي في وجه الاستنباط الا ان الكل اذا سلكوا سبيل ربهم ذللا يمدون ويوقفون على ما هو تكليفهم من عند الله سبحانه بالراعي الذي استرعاه الله امر غنمه فان شاء فرق بينها لتسلم وان شاء جمع بينها لتسلم والكل بمرأى ( بمرأى منه خل ) ومسمع فهو صلوات الله عليه صاحب المرأى والمسمع فهم في العمل مصيبون احكامهم الظاهرية وان اخطأوا في العلم ولذا تراهم يخالفون قواعدهم في كثير من المواضع وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وفي ما ذكرنا كفاية لأولي الدراية وقد احببت ان ابسط الكلام في هذا المقام ولكني في وقت قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعى الغي اتباعه فلبوه من كل جانب ومكان فلا يستطيعون صبرا على الحق الصريح والبيان التام الصحيح فاكتفيت بالاشارة لأهلها واشرت الى نمط الاستدلال واوضحت السبيل ودللت ذلك على ( دللت على خل ) ما كان مختفيا على اصحاب القال والقيل وعلى الله قصد السبيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وقد فرغ من تسويدها مؤلفها في عصر ( مؤلفها عصر خل ) يوم الخميس الخامس عشر ( الحادي عشر خل ) من شهر صفر من شهور سنة ١٢٤٦ ( حامدا مصليا مسلما مستغفرا خل )