رسالة في جواب الشيخ محمد الصحاف الاحسائي (التداوي بالخمر...) (٣٩ سؤال)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الشيخ محمد الصحاف الاحسائي

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان العالم العامل والفاضل الكامل اللوذعي الالمعي معدن الورع والانصاف جناب الشيخ محمد الصحاف امده الله بعنايته وسهل له سبيل طاعته قد اتت بمسائل في وقت اختلال البال وكثرة الاشتغال وابتلائي بعروض الموانع المانعة من استقامة الاحوال فاخرت جوابها طلبا للطمأنينة وحرصا على سكون القلب والاستقامة لادري ( لاؤدي ظ ) بعض حقها من التحقيق واوصل الطالب للحق سواء الطريق ولم اجد الموانع لا ( الا ظ ) في ازدياد ورأيت العوارض ما لها من نفاد فبادرت الى رسم الجواب بمختصر المقال مع تشتت البال لان ذلك هو الميسور ولا يسقط الا بالمعسور وجعلت كلامه سلمه الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له ليطابق كل جواب بسؤاله

قال سلمه الله تعالى : ما يقول سيدنا والسناد ومن عليه في جميع الامور الدينية الاعتماد في وجه الجمع بين قوله سبحانه يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد وقوله سبحانه لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين فان طلب الزيادة يدل على عدم الامتلاء

اقول اعلم ان الدار الآخرة تنحصر على ثلثة مقامات احدها المحشر وثانيها الجنة وثالثها النار نعوذ بالله منها ولكل مقام من هذه المقامات مواطن ومقامات يجتمع الخلق فيها وتختلف احوال بها باعتبار المقيمين الواقفين فيها فلنشر الى بعض تلك المواقف والمواطن في كل من المقامات الثلثة

اما الاول اي المحشر يوم القيمة اليوم الذي كان مقداره خمسين ‌الف سنة ففيه مواطن يجتمع الخلق فيها ويجري عليها احكام خاصة فاولها موطن يجتمع اهل الكفر والمعاصي فيه فيكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا والكفر يراد به البراءة كما في قوله تعالى حكاية عن ابليس اني كفرت بما اشركتمون من قبل وعن ابراهيم خليل الرحمن كفرنا بكم يعني تبرأنا منكم وثانيها موطن يجتمعون ويبكون فلو ان تلك الاصوات بدت لاهل الدنيا لا زالت جميع الخلق عن معايشهم وانصدعت قلوبهم الا ما شاء الله ولا يزالون حتى يستنفدوا الدموع ويفضوا الى الدماء وثالثها موطن يجتمعون فيه فيستنطقون فيه فيقولون والله ربنا ماكنا مشركين وهم المقرون بالتوحيد في دار الدنيا لا ينفعهم ايمانهم بالله مع مخالفتهم رسله وشكهم فيما اتوا به عن ربهم ونقضهم عهودهم في اوصيائهم واسرالهم ( استبدالهم ظ ) الذي هو ادنى بالذي هو خير وانكارهم لفضل الاوصياء واثبات ما هو النقص بهم فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله الحق انظر كيف كذبوا على انفسهم فيختم الله على افواههم ويستنطق الايدي والارجل والجلود فتشهد بكل معصية كانت منهم ثم رفع عن السنتهم الختم فيقولون لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي انطق كل شيء ورابعها موطن يجتمعون فيه فيفر بعضهم من بعض لهول ما يشاهدونه من صعوبة الامر وعظم البلاء فذلك قوله عز وجل يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه وخامسها موطن يجتمعون فيه فيستنطق منه اولياء الله واصفياءه فلا يتكلم احد الا من اذن له الرحمن وقال صوابا فيقام الرسل فيسئلون عن تأدية الرسالات التي حملوها الى اممهم فاخبروا انهم قد اروا ( ادوا ظ ) ذلك الى اممهم وتسئل الامم فتجحدها كما قال تعالى فلنسئلن الذين ارسل اليهم ولنسئلن المرسلين فيقولون ماجاءنا من بشير ولا نذير فتشهد الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فيشهد بصدق الرسل وتكذيب من جحدها من الامم فيقول لكل امة بلى قد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير اي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل اليكم رسالاتهم ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فلا يستطيعون رد شهادته خوفا من ان يختم على افواههم وتشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون وسادسها موطن يجتمعون فيه وهو مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو المقام المحمود فيثني على الله عز وجل بما لم يثني عليه احد قبله ثم يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك الا اثنى عليه محمد صلى الله عليه وآله ثم يثني على الانبياء بما لم يثني عليهم احد مثله ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة يبدء بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين فجملة اهل السموات والارضين وذلك قوله تعالى عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ ونصيب وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب وسابعها موطن يجتمعون فيه عند منبر الوسيلة عن يمينها وشمالها والوسيلة منبر لها الف مرقاة من كل مرقاة الى آخر مسافة الف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله جالس على المرقاة العليا وامير المؤمنين واقف دونه بمرقاة وبيده لواء الحمد ومفاتيح الجنان والنيران والائمة عليهم السلام دونه على حسب درجاتهم وقوف على المراقي ويطول الكلام بذكر تفاصيل تلك الاحكام والخلق كلهم وقوف عن يمين الوسيلة وشمالها ثم يجثون ليقرء كتاب الله الناطق الاكبر عليهم اعمالهم فيقرأ عليهم فطوبى لمن كان من اصحاب اليمين وويل لمن كان من اصحاب الشمال وهو قوله تعالى وترى كل امة جاثية كل امة تدعي الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون هذا كله قبل الحساب فاذا اخذ في الحساب شغل كل انسان بما لديه نسئل الله بركة ذلك اليوم واما في الحساب فهو على الصراط وهو اصعب مواطن يوم القيمة وعليه خمسون موقفا يقفون في كل موقف الف سنة وهو قوله تعالى يوم كان مقداره خمسين ‌الف سنة وذلك يوم الحساب دون يوم المحشر ويوم القيمة

واما الثاني اي الجنة ففيها مواطن كثيرة نذكر بعضا منها رزقنا الله منها الفوز بها بفضله ومنه وكرمه واحسانه فاولها موطن يجتمعون فيه ويسقيهم الله سبحانه من عين الكافور وذلك بعد شدة العطش والحر يوم القيمة وذلك اول مواطن السعداء ثانيها موطن يجتمعون فيه ويشربون من عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل لا غير وذلك بعد سريان عين الكافور في جميع اجزائهم واطوارهم وثالثها موطن يجتمعون فيه ويأكلون من كبد الحوت لاستحقاقهم البقاء الابدي والدوام السرمدي ورابعها موطن يجتمعون فيه ويأكلون من كبد الثور لاستيهالهم لحفظ كلما يرد عليهم من نعم الله سبحانه واحسانه وخامسها موطن يجتمعون فيه الالتذاذ اجسامهم واجسادهم واعراضهم في الاطوار الاثني ‌عشر من المشاعر العشرة الجسمانية الظاهرة والباطنة والقلب اللحم الصنوبري بما فيه من الروح الحيواني البخار المتصاعد من العلقة الصفراء من تجاويف القلب والصدر الوعاء للقلب فتنعمون فيها بانواع الملاذ والتنعمات الجسمانية وذلك الموطن هو المسمى بالكثيب الاحمر وسادسها موطن يجتمعون فيه للملاذ النفسانية والتنعمات الغيبية الصورية من ظهور انواع العلوم والحقايق وهو المسمى بالرفرف الاخضر وسابعها موطن يجتمعون فيه التذاذ الروح الرقايقي عند السدرة المنتهى عندها جنة المأوى وذلك هو المسمى بارض الزعفران وثامنها موطن يجتمعون فيه لالتذاذ العقل المنخفض والمستوي والمرتفع بانواع المعارف الالهية والحقايق اللاهوتية وهو المسمى بالاعراف وهو جبل من ياقوتة حمراء في جنة الفردوس وتاسعها موطن يجتمعون فيه الالتذاذ بالمشاهدة وظهور الوحدة الحقيقية وهو مقام الشراب الطهور عن كل ما فيه ذكر غير المحبوب وهو مقام الصحو في السكر ولجة بحر الاحدية وطمطام يم الوحدانية وهو مقام الرضوان وموضع الامان وهو قوله تعالى ورضوان من الله اكبر وهو هذا المقام وعاشرها موطن يجتمعون فيه لزيارة الرب عند الباب والوجه والجناب فينعم عليهم من الآلاء والنعماء ضعف ما كان عندهم سابقا فيقفون في المواطن التي ذكرناها من الكثيب الاحمر الى مقام الرضوان الا ان هذه المواطن غير اشخاص المواطن المذكورة وان كانت في النوع واحدا فاذا تمت المواطن باجمعها زاروا الرب سبحانه كما ذكرنا فتعود تلك الحالات في تلك المواطن وهكذا الى ما لا نهاية له من المداء رزقنا الله سبحانه اياها ويسعدنا بها انه ذو المن العظيم والفضل الجسيم

واما الثالث اي النار ففيها مواطن بحسبها وحسب ساكنيها اجارنا الله منها احدها موطن يؤتى فيه بجهنم على هيئة مهولة قال رسول الله صلى الله عليه وآله يأمر الله سبحانه بجهنم تقاد بسبعين الف زمام لكل زمام سبعون‌الف ملك في يد كل ملك مقرعة من حديد فيقودونها بازمتها وسلاسلها وبها قوائم غلاظ شداد كل قائمة مسيرة الف سنة من سني الدنيا ولها ثلثون‌الف رأس في كل رأس ثلثون ‌الف فم في كل فم ثلثون ‌الف باب كل باب مثل جبل احد ثلثون ‌الف مرة كل فم له شفتان كل واحدة مثل اطباق في كل شفة سلسلة يقودها سبعون الف ملك كل ملك لو امره الله ان يلتقم الدنيا كلها والسموات كلها وما فيهن وما بينهن لهان ذلك عليه فعند ذلك تفزع جهنم وتخرع وتقاد على خوف كل ذلك خوف من الله تعالى ثم تقول اقسمت عليكم يا ملائكة ربي هل تدرون ما يريد الله ان يفعل بي وهل اذنبت ذنبا حتى استوجبت منه العذاب فيقولون كلهم لا علم لنا يا جهنم قال فتقف وتشهق وتعلق وتضطرب وتشرد شردة لو تركت لاحرقت الجميع كل ذلك خوفا من الله وفزعا فيأتي النداء من قبل الله تعالى مهلا مهلا يا جهنم لا بأس عليك ما خلقتك لشيء اعذبك به ولكني خلقتك عذابا ونقمة على من جحدني واكل رزقي وعبد غيري وانكر نعمتي واتخذ الها من دوني فتقول يا سيدي اتأذن لي في السجود لك فيقول الله سبحانه افعلي يا جهنم فتسجد لله رب العالمين ثم ترفع رأسها بالتسبيح والثناء لله رب العالمين ولو سمع احد من سكان السموات والارض رفوة من ذخيرها ( زفرة من زفيرها ظ ) لصعقوا وماتوا اجمعين وذابوا كما يذوب الرصاص والنحاس في النار فتقوم وتمشي على قوائمها ولها زفير وشهيق وتخطي كما تخطوا البعير الهائج وترمي من افواهها ومناخرها شررا كالقصر كأنها جمالات صفر فتغشى الخلائق ظلمة دخانها حتى لم يبق احد ينظر الى احد من شدة الظلام الا من جعل الله له نورا من صالح عمله فتضيئ له تلك الظلمة فتقودها الزبانية الغلاظ الشداد لا يعصون الله ما امرهم حتى اذا نظر الخلايق اليها تزفر وتشهق وتفور يكاد تميز من الغيظ لم تقرب انيابها الى بعض وترمي بشرر عدد نجوم السماء كل شرارة بقدر السحاب العظيمة فتطير منها الافئدة وترجف منها القلوب وتذهل الالباب وتحر الابصار ثم تزفر الثانية فلم يبق في عين دمعة الا وانهملت وانسكبت فتبلغ القلوب الحناجر من الكرب ويشتد الفزع ثم تزفر الثالثة فلو ان كل نبي عمل عمل سبعين لظن انه مواقعها ولم تجد عنها مصرفا فلم يبق ح نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا ولي منتجب الا وجيء على ركبتيه وبلغت نفسه تراقيه ثم يعرض بها رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول ما لي وما لك فتقول يا محمد صلى الله عليه وآله فقد حرم الله لحمك على فلا يبقى يومئذ احد الا وقال نفسي نفسي الا نبينا صلى الله عليه وآله فانه يقول امتي امتي وعدك وعدك يا من لا يخلف الميعاد وثانيها موطن ايجتمعون فيه حين اول الدخول في النار وظهور اعمالهم الخبيثة فاذا كانت صيحة القيمة يخرجون من قبورهم مسودة وجوههم مزرقة اعينهم قد طالت خواطيمهم وكسف بالهم منكسة رؤسهم فيأتيهم اعمالهم الخبيثة فيقولون لهم والله ماعلمتكم الا كنتم عن طاعة الله مبطئين والى معصية الله مسارعين وكتموني في الدنيا وانا اركبكم اليوم واقودكم الى النار ثم يستوي عمل كل واحد منهم على منكبه حتى ينتهي به الى حجرة جهنم فاذا نظروا الى الملائكة قد استعدوا بالسلاسل والاغلال قد عضوا على شفاههم من الغيظ فيقول كل واحد منهم يا ويلتي لم اوت كتابيه وثالثها موطن يؤتي فيه بكتابهم لزيادة حسرتهم وذلك غير ما يؤتون به في عرصة القيمة عند وقوفهم على شمال منبر الوسيلة وبيانه ان كل واحد منهم اذا قال يا ليتني لم اوت كتابيه ينادي الجبار جيئوا به الى النار فصارت الارض تحته نارا وجائت نار فاحدقت بعنقه فينادي وا طول عقباه قال فتكلمه النار فتقول ابعد الله عقبك ثم تجيء صحيفة تطير من خلف ظهره فتقع في شماله ثم يأتيه ملك فيثقب صدره الى ظهره ثم يغسل بشماله الى خلف ظهره ثم يقال له اقرء كتابك فيقول كيف اقرء وجهنم امامي فيقول الله للملك دق عنقه واكسر صلبه وشد ناصيته الى قدميه ثم يقول خذوه فغلوه فيبتدر لتعظيم قول الله سبعون‌الف ملك غلاظ شداد فمنهم من ينتف لحمه ومنهم من يعض لحمه ومنهم من يحطم عظامه فيقول اما ترحموني فيقولون يا شقي كيف نرحمك ولا يرحمك ارحم الراحمين ورابعها موطن يجتمعون فيه فيدفعون بهم الى النار وذلك اول دخولهم في عذاب النار ورقوعهم فيها وبيان ان الملائكة يقولون له بعد ما فعلوا به ما ذكر فيوذيك هذا فيقول نعم اشد الاذى فيقولون له يا شقي كيف ولو قد طرحناك في النار فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوى سبعين ‌الف عام فيقولون يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول فيقر معه حجر كبريت من نار يشتعل في وجهه وشيطانا عن يساره فيخلق الله له سبعين جلدا كل جلد غلظه اربعون ذراعا بذراع الملك الذي يعذبه بين الجلد الى الجلد حيات وعقارب من نار وديدان من نار رأسه مثل الجبل العظيم فخذاه مثل جبل درقا وهو جبل بالمدينة فيسحبه سحبا فيلقي عليه سبعون سلسلة وكل سلسلة سبعون ذراعا ما بين الذراع حلق عدد قطر المطر لو وضعت حلقة منها على جبال الارض لاذابتها وعليه سبعون سربالا من قطران من نار وعليه قلنسوة من نار وليس في جسده موضع الا وفيه حلقة من نار وفيه ( في ظ ) رجله قيود من نار وعلى رأسه تاجا ستون ذراعا من نار وقد ثقب رأسه ثلثمائة وستين ثقبة يخرج من ذلك الثقب الدخان من كل جانب وقد غلا منها دماغه حتى يجري على كتفيه يسيل منها ثلثمائة وستون نهرا من صديد وضيق عليه منزله كما يضيق الرمح فمن ضيق منازلهم عليه ومن ريحها وشدة سوادها وزفيرها وشهيقها وتغيظها ونتنها اسودت وجوههم وعظمت ديدانهم فينبت لهم اظفار كاظفار النسور تاكل لحمه وتقرض من عظامه وتشرب دمه ليس لهن ماكل ومشرب غيره وخامسها موطن يجتمعون فيه بعد شدة العذاب فيأملون ويتوقعون من اهل الجنة وغيرهم وذلك انتم لما يحدون ( انهم لما يجدون ظ ) ما بهم من الشدة والعذاب فيتوجهون الى اهل الجنة فينادونهم فيقولون لهم افيضوا علينا من الماء ومما رزقكم الله فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين ان الله حرمهما على الكافرين ويرون خزنة النار عندهم وهم يشاهدون ما نزل بهم من المصائب فيأملون ان يجدوا فرجا بسبب من الاسباب كما قال الله جل جلاله وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال فاذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا الى مالك مقدم الخزان واملوا ان يخلصهم من ذلك الهوان كما قال جل جلاله ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة وهم في العذاب ثم يجيبهم الله انكم ماكثون فاذا يأسوا من الله وخابوا وخسروا قال لهم سبحانه الم ‌تكن آياتي تتلى عليكم وكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون فيبقون اربعين سنة في ذل الهوان لا يجابون وفي عذاب النار لا يكلمون اربعين سنة ثم يجيبهم الله سبحانه بقوله اخسئوا فيها ولا تكلمون فعند ذلك يأسون ( يئسوا ظ ) من فرج وراح ( راحة ظ ) وتغلق ابواب جهنم عليهم وسادسها موطن يجتمعون فيه مع الشياطين في مقام غير الاول فذلك ان الملائكة يدفعون في صدورهم مرة ثانية فيهون بهم سبعين ‌الف عام حتى يقعوا في الحطمة فاذا واقعوها دقت عليهم وعلى شياطينهم فيقترنون معهم فيقول كل منهم لقرينه من الشياطين يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين اعمل ( احمل ظ ) عني عذابي كما اعرنتني ( اغويتني ظ ) فيقول الشيطان يا شقي كيف احمل عنك عذاب الله من شيء انا وانت في العذاب مشتركون وسابعها موطن يجتمعون فيه فيهوون الى عين آنية وبيانه انهم بعد ما فرغوا من مخاطبة الشياطين ومعاتبتهم يضرب على رؤسهم ضربة فيهون بها سبعين ‌الف عام حتى ينتهون الى عين يقال لها آنية وهي عين اوقد عليها مذ خلق الله جهنم كل اودية النار تسكن وتنام وتلك العين لا تسكن ولا تنام لها انيين من شدة حرها فتقول الملائكة يا معشر الاشقياء ادنوا فاشربوا منها فاذا اعرضوا ضربتهم الملائكة بالمقامع وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت ايديكم وان الله ليس بظلام للعبيد ثم يؤتون بكأس من حديد فيه شربة من عين آنية فاذا دنى منهم تغلصت شفافهم واشتوت لحومهم ووجوههم فاذا شربوا منها وصار في اجوافهم تصهر به ما في بطونهم والجلود فلهم مقامع من حديد وثامنها موطن يجتمعون فيه ليهون الى السعير وذلك انه يضربه على رؤسهم ضربة فيهوون بها سبعين‌ الف عام آخر حتى يواقعوا السعير فاذا واقعوها سعرت في وجوههم فعند ذلك غشيت ابصارهم من شدتها وتاسعها موطن يجتمعون فيه فيهوون الى شجرة الزقوم وبيانه انه يضرب على رؤسهم ضربة فيهوون سبعين ‌الف عام حتى ينتهوا الى شجرة الزقوم شجرة تخرج في اصل الجحيم طلعها كأنه رؤس الشياطين قيحا ونتنا تنبت على صخرة ملسة سوداء كانها مرات زلقة ما بين اصل الصخرة الى الصخرة سبعون ‌الف عام اغصانها تشرب من نار ثمارها نار وفروعها نار فيقال لهم يا معشر الاشقياء اصعدوا فلما صعدوا زلقوا فكلما زلقوا صعدوا ولا يزال كذلك سبعين ‌الف عام في العذاب واذا اكل فيها ثمرة يجدها امر من الصبر وانتن من الجيف واشد من الحديد فاذا وقعت في بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام وعاشرها موطن يزداد عليهم غضب الجبار وذلك انهم تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا في ظلم متركمة فاذا استقروا في النار سمع لهم صوت الصبح السمك على المقلى او كعصب القصب ثم يرمون بانفسهم من الشجرة في اودية مذابة من صفر وهو اشد حرا من النار تغلي بهم الاودية ترمي بهم في سواحلها فتحمل عليهم هوام النار والحيات والعقارب كامثال البغال الدهم لكل عقرب ستون فقارا في كل فقار قلة من سم وحيات سود زرق امثال البخاتي فيتعلق بالرجل سبعون ‌الف حية وسبعون‌الف عقرب ثم يكب في سبعين ‌الف عام ثم يعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ‌الف رجل ما ينحفي ( ما ينحني ظ ) وما ينكسر فتدخل النار من ادبارهم فتطلع على الافئدة تغلص الشفاه وتطير الجنان وتنضج الجلود وتذوب الشحوم ويغضب الحي القيوم فيقول يا مالك قل لهم ذوقوا فلن ‌نزيدكم الا عذابا يا مالك سعر سعر قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي واستخف بحقي وانا الملك الجبار فينادي مالك يا اهل الضلال والاستكبار في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر فيقولون قد انضجت قلوبنا واكلت لحومنا وحطمت عظامنا فليس لنا مغيث ولا معين فيقول مالك وعزة ربي لا ازيدكم الا عذابا فيقولون ان عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا فيقول مالك فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ثم يغضب الجبار فيقول يا مالك سعر سعر فيغضب مالك فيبعث عليهم سبحانه سوداء فتظل اهل النار كلهم ثم تناديهم فيسمعها اولهم وآخرهم وافضلهم وادناهم فتقول ماذا تريدون ان امطركم فيقولون الماء البارد وا عطشاه وا طول هوناه فتمطرهم حجارة وكلاليب وخطاطيف وغلينا وديدانا من نار فتنضج وجوههم وجباههم وتعمي ابصارهم ويحطم عظامهم فعند ذلك ينادون وا ثبورا فاذا بقيت العظام عواري اشتد غضب الله فيقول يا مالك اسعرها عليهم كالحطب في النار ثم يضرب عليهم امواجها سبعين خريفا ثم تطبق عليهم ابوابها من الباب الى الباب مسيرة خمسمائة عام وغلظ الباب مسيرة خمسمائة عام ثم يجعل كل رجل منهم في ثلث توابيت من حديد بعضها في بعض فلا يسمع لهم كلام ابدا الا ان لهم فيها شهيق كشهيق البغال ونهيق كنهيق الحمار وعواء كعواء الكلب صم بكم عمي فليس لهم كلام الا اعين تطبق عليهم ابوابها ويشد عليهم عمدها فلا يدخل عليهم روح ولا يخرج منهم الغم ابدا وهي عليهم موصدة يعني مطبقة ليس لهم من الملائكة شافعون ولا من اهل الجنة صديق حميم فينساهم الرب ويمحو ذكرهم من قلوب العباد فلا يذكرن ابدا فنعوذ بالله العظيم الغفور الرحيم وحادي‌عشرها موطن يستهزء بهم المؤمنون ويضحكون عليهم مستهزئين وذلك ان الله عز وجل اذا اقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الالوان العجيبة فان هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله صفى الملك الديان اطلعهم على هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتى رأوا ما فيه من عجائب اللاعن ( اللعاين ظ ) وبدايع النقمات فتكون لذتهم وسرورهم وشماتهم بهم لدنهم وسرورهم ببغيهم ( وسرورهم بشماتتهم كما لذتهم وسرورهم بنعيمهم ظ ) في جنان ربهم فالمؤمنون يعرفون اولئك الكافرين المنافقين باسمائهم وصفاتهم وهم على اصناف منهم من هو بين انياب افاعيها تمضغه وتفترسه ومنهم من هو تحت بساط زبانيتها واعمدتها ومنهم من هو في بحار جحيمها يغرق ويسحب فيها ومنهم من هو في غليلها وغساقها تزجره فيها زبانيتها ومنهم من هو في سائر اصناف عذابها واما الكافرون والمنافقون فينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا مستهزئين فيرونهم منهم من هو على فراشها يتقلب ومنهم من هو على فواكهها يرتع منهم من هو في غرفها او في بساتينها ومنازلها يتبجح والحور العين والوصفاء والولدان والجوار والغلمان قائمون بحضرتهم وطايعون بالخدمة حواليهم وملائكة الله عز وجل يأتونهم من عند ربهم بالحباء والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرات يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين يا فلان ويا فلان ويا فلان حتى ينادوهم ما بالكم في بال خزيكم ماكثون هلموا الينا وفتح لكم ابواب الجنان لتتخلصوا من عذابكم وتلحقوا بنا في نعيمها فيقولون يا ويلنا اني لنا هذا فيقولوا المؤمنون انظروا الى هذه الابواب فينظرون الى ابواب من الجنان مفتحة يخيل اليهم الى جهنم التي فيها تعذبون ويقدرون انهم ايمكنهم ان يتخلصوا اليها فيأخذون في السباحة في بخار ( بحار ظ ) حميمها وعدوي من بين ايدي زبانيتها وهم يلحقون يضربونهم باعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم فلا يزالون كذلك يسيرون هناك وهذه الاصناف من العذاب تمسهم حتى اذا قدروا ان يبلغوا تلك الابواب وجدوها مردومة عنهم وقد هدهم الزبانية باعمدتها فهدوهم الى سواء الجحيم ويستلقي اولئك المنعمون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم وذلك قول الله عز وجل يستهزؤ بهم وقوله عز وجل فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون وثاني‌عشرها موطن يسئل الله سبحانه وتعالى عن جهنم هل امتلأت فنقول هل من مزيد وبيان ذلك ان الله سبحانه وتعالى يحاسب اهل جهنم على الصراط المنصوب على متن جهنم فوجا فوجا وكلما فرغ فوج مما يقتضي لهم قبل النار فيدخلهم النار ويسير بهم في تلك المواطن التي ذكرناها ثم يسئل جهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد فاذا قالت هل من مزيد يدخل فوجا آخر على الوجه الذي ذكرنا من سيرهم في تلك المواطن حتى يقرهم قعر جهنم ثم يسئلها سبحانه هل امتلأت وتقول هل من مزيد فلا يزال يدخل سبحانه فوجا فوجا ممن يكذب بآيات الله ويسير بهم في دركاتها الى ان يوصلهم قعرها ويسئل هل امتلأت فتقول هل من مزيد الى ان تمتلي وتتصل باهلها وتستوفي حقها فهناك يحصل الامتلاء التام فتقول جهنم حسبي فبلغ الكتاب اجله وامتلأت جهنم وصدق قوله تعالى لاملأن جهنم فتنغلق الابواب وتنقطع الاسباب ويبطل الخطاب فلا منافاة بين الآيتين ولا تناقض في البين وهنا ابحاث : البحث الاول لم هذا السؤال وهو سبحانه اعلم من كل شيء بكل شيء فيما له من المقتضيات والطلبات من الزيادة والنقيصة البحث الثاني لم نسب سبحانه الزيادة هنا الى جهنم وفي الجنة نسب الى نفسه بقوله تعالى لهم فيها ما يشاؤن ولدينا مزيد البحث الثالث لم نسب الامتلاء الى جهنم دون الجنة وقد روي ان الله سبحانه اذا ادخل جميع اهل الجنة الجنة تبقى ناحية من الجنة فارغة فيخلق الله سبحانه خلقا جديدا يسكنهم فيها والجواب اما عن البحث الاول فاعلم ان ذلك مثل قوله تعالى وما تلك بيمينك يا موسى وقوله تعالى لعيسى بن مريم ءانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله وقوله تعالى انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا وكل ذلك لاجل البيان والاشارة الى سر حكمة من الحكم وسر من الاسرار ويطول الكلام بذكر الجميع الا انا نشير اشارة الى ما هو المقصود من الآية الشريفة فنقول ان الله سبحانه بمشيته الحتمية ان لا يعطي شيئا شيئا الا بما تقتضي كينونته وتتوجه اليه طلبته لئلا يكون ترجحا للمرجوح او من غير مرجح ولما كان الخلق حوادث ليسوا بقدماء وجب ان يوههم سبحانه للسؤال اولا ثم يسئل عنهم طلباتهم ويعطيهم مقتضى شؤناتهم وذواتهم حسب بدو شأنهم في علم الغيب فاعطاهم ما اذا سئلوا اجابوا فقال فلم يعطهم الا ما سئلوا ولم يسئلوا الا ما لهم ان يقبلوا او لا يفيض سبحانه اليهم الا بعد ان يسئلهم ولذا قال سبحانه الست بربكم قالوا بلى وقال تعالى كن فيكون وهذا هو الوجه الحقيقي في الحوادث واعطاء الحق سبحانه اياها من فضله في ذواتها وصفاتها واعراضها وكينوناتها سواء ذكر بلفظ السؤال او لم يذكر على الوجه الذي ذكر وهو قوله تعالى امن يجيب المضطر اذا دعاه فالسؤال دائم ثابت عند كل حال وعطاء من اطوار القضاء والقدر حتى لا يلزم الترجيح من غير مرجح والتخصيص من غير مخصص والسؤال ليس للجهل حاشاه ثم حاشاه وانما هويتهم قابلية العطاء فافهم فانه دقيق والوجه الآخر ان بين الحال والمحل والظرف والمظروف مناسبة ومرابطة تقتضي اختصاص ذلك الحال بذلك المحل دون غيره فما دامت قابلية الحمل موجودة مكونة يجب اعطاء المقبول فاذا تمت القابلية وكملت عن القبول لم يحس الاعطاء والله سبحانه وان كان يعلم تمام القابلية وعدم تحمل الزيادة وعدمه ولكنه سبحانه انما يسئل لتعريف الخلق والتبيين لهم انه سبحانه انما يجري الاشياء على حسب مقتضياتها اكمالا للحكمة وهو قوله تعالى قل ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم فالتفصل والسؤال للبيان اظهارا لحكمة الحكيم السبحان وتبيانا لقوله سبحانه صنع الله الذي اتقن كل شيء واما عن البحث الثاني فاعلم ان الله سبحانه خلق الوجود والخير والنور اولا وبالذات وخلق الماهية والشر ثانيا وبالعرض اكمالا واتماما لقابلية الخير والوجود فالخير منسوب اليه ومنه وله واليه والشر ليس منسوبا اليه وان كان به تعالى فما هو مقتضى الوجود والخير ينسبه الى نفسه سبحانه تشريفا وتفخيما وتكريما كما نسب البيت والروح والاسف الى نفسه سبحانه مع تنزهه تعالى عنها عز ذكره وطهر بيتي للطائفين والقائمين ونفخت فيه من روحي فلما آسفونا انتقمنا منهم وما هو مقتضى الشر والماهية حيث انه مجعول بالعرض لا ينسبه الى نفسه لالى الواسطة في ثبوته ولما كانت الجنة من مقتضيات الخير والنور والوجود نسب الزيادة فيها الى نفسه الكريمة وقال ولدينا مزيد وان كانت تلك الزيادة ايضا من مقتضياتها بحسب طلبها اهلها ولما كانت النار وجهنم من مقتضيات الماهية والشر والظلمة نسب الزيادة فيها اليها والى طلبها للزيادة مازادت بخلاف الجنة فانها مجعولة بالذات ومقصودة اولا فجميع مقتضاتها ( مقتضياتها ظ ) منسوبة اليه تعالى دون جهنم ولذا قال تعالى واما الذين شقوا ففي النار خالدين فيها بالبناء للمعلوم لبيان ان السعادة من الله سبحانه وبامداده وتوفيقه والشقاوة منسوبة الى العبد بخذلان الله سبحانه وعدم توفيقه وان كان الجميع بامر بين الامرين واما عن البحث الثالث فاعلم ان الله سبحانه حيث ان رحمته سبقت غضبه ورحمته المكنونة محض فضل وكرم وجب ان يكون الجنة واسعة بلا نهاية ولا غاية لسعة فضله سبحانه ورحمته واما جهنم فحيث انها مقصودة ثانيا لا اولا وابتداء وجب ان يكون على مقتضى العدل وهي للضرورة التي تتقدر بقدرها واما الجنة فلا يجوز ان تتقدر لانها على مقتضى كرمه ولا حد ولا غاية له والنار يراعي فيها قابلية العصاة المخذولين فتمتلي باهلها وتنطبق عليهم بخلاف اهل الجنة فكلما يبلغون مقاما يجدون اوسع واعظم حتى تخلوا ناحية منها من اهل الدنيا فيخلق الله سبحانه خلقا على مقتضاها فيسكنهم فيها ولا تزال في الزيادة والازدياد وما لها من نفاد ولا لسعتها حد ولا نهاية ولا غاية وتزداد سعتها آنا فآنا بخلاف النار فانها تمتلي ولا تتسع ولا تزداد سعتها عن ساكنيها فهي منطبقة عليهم وهم منطبقون عليها فافهم والكلام في هذا المقام طويل والوجوه في الجميع بين الآيتين كثيرة اقتصرنا على هذا الوجه

قال سلمه الله تعالى : وما معنى الاستثناء في قوله عز وجل خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك

اقول حيث ان الله سبحانه لا تتقدر قدرته ولا تحد عظمته كان البدا من لوازم الامكان اظهارا لكمال قدرته واثباتا لمنتهى عظمته وانه سبحانه لا يحتم عليه حال يفعل ما يشاء بما يشاء كما يشاء كيف يشاء لا راد لحكمه ولا مانع لامره فهو سبحانه وان وعد اهل الجنة الخلود واوعد اهل النار الخلود لكنه سبحانه لا يحتم عليه امر والوعد لمقتضى فضله وعدله وهو سبحانه قادر على كل شيء ومحيط بكل شيء كما قال لنبيه صلى الله عليه وآله ولو شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك مع انه سبحانه وتعالى لا يفعل ذلك ابدا لكرامته على الله سبحانه كما قال عز وجل وكان فضل الله عليك عظيما ولكنه سبحانه اذا فعله لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون وقال ايضا سبحانه وتعالى ولو شئنا لا تينا كل نفس هديها ولكن حق القول مني لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين وبالجملة فالله سبحانه يفعل ما يشاء كما يشاء لا راد لمشيته ولا مانع لحكمه ولا منازع لامره لكنه سبحانه لا يخلف الميعاد وقد روي ان يونس عليه السلام قد سجد وبالغ وتضرع الى الله سبحانه ان لا يعذبه فاوحى الله سبحانه اليه يا يونس ارفع رأسك فاني لا اعذبك قال يونس يا رب ان قلت لم تعذبني ثم عذبتني الست عبدا لك فاوحى الله سبحانه اليه يا يونس اني لا اخلف الميعاد وبالجملة فالله سبحانه يفعل ما يشاء ولو اراد ان يخرج اهل الجنة منها واهل النار منها وادخل اهل الجنة النار واهل النار الجنة لفعل ولا يمنعه مانع ولا يسده ساد ولكنه سبحانه لا يفعل كرما وجودا وتصديقا لوعده واثباتا لحكمته واقامة لبرهانه وحجته وهذا هو سر الاستثناء فافهم فهمك الله وهذا اعم من جنة الدنيا والآخرة ونارهما ونعيمهما واليمهما وجحيمهما وقد روي عن اهل البيت عليهم السلام انهما من جنان الدنيا ونارها كما في تفسير عليّ بن ابراهيم واما قوله تعالى واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها جنات الدنيا التي تنقل اليها ارواح المؤمنين ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة ويكون متصلا به وهنا وجه آخر وهو ان المراد بالجنة في هذه الآية الشريفة ولاية آل ‌محمد عليه وعليهم السلام والنار عداوتهم وولاية اعدائهم فان السعيد هو الداخل في هذه الجنة اي الولاية الا ما شاء الله اذا خرج عنها والعياذ بالله واما الشقي فهو الداخل في النار نار العداوة وهي الاصل لنار جهنم وهي فرعها الا ما شاء الله اذا ادركته السعادة وخرج منها بالايمان لمن سبقت له من الله الحسنى وقد روي ان رجلا قال بمحضر مولينا الصادق عليه السلام اللهم ادخلنا الجنة قال عليه السلام لا تقل هكذا انتم في الجنة سلوا الله ان لا يخرجكم منها فان الجنة ولايتنا اهل البيت عليهم السلام فاذا كانت الجنة ولايتهم عليهم السلام تكون النار عداوتهم وعلى هذا البيان التام يظهر معنى الاستثناء جليا ظاهرا وقد نص على ما ذكرنا زايدا على ما بينا مولينا الصادق عليه السلام كما في الصافي عن تفسير العياشي عنه عليه السلام وابيه الباقر عليه السلام ان المراد بالجنة والنار في هذه الآية الشريفة ولاية آل‌محمد عليهم السلام وولاية اعدائهم وقال الصادق عليه السلام قال الجاهل بعلم التفسير ان هذه الاستثناء من الله انما هو لمن ادخل الجنة والنار وذلك ان الفريقين جميعا يخرجان منهما فتبقيان وليس فيهما احد وكذبوا قال والله تبارك وتعالى ليس يخرج اهل الجنة ولا كل اهل النار منها ابدا كيف يكون ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه ماكثين فيه ابدا ليس فيه استثناء وهنا وجه آخر قد اشار اليه مولانا الباقر عليه السلام كما في الصافي ان هاتين الآيتين في غير اهل الخلود من اهل الشقاوة والسعادة ه‍ اما هذا الشقاوة فظاهر فان العصاة من الشيعة اذا ماتكفرت ذنوبهم في الدنيا وعند الموت والبرزخ واهوال يوم القيمة والحساب والصراط يدخلون نار الحظاير ليستوفوا ما يستحقون من العقاب ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة بعد ان غمسوا في عين بحر الحيوان واما اهل السعادة التي هم في الواقع اهل الشقاوة كاهل الشقاوة التي هم في الواقع اهل السعادة وهؤلاء قوم من الكفار يفعلون في الدنيا بحسب ما عندهم من لطخ اهل الايمان بعض افعال الخير فيجازيهم الله سبحانه في الدنيا فان لم يستوف يخفف عليهم سكرات الموت وان لم يستوف يخفف عليهم اهوال القيمة وان لم يستوف يجعل في النار ويخفف عليه من العذاب مقدار ما يستحقه من غير ان يحس بذلك فاذا استوفى حظه من مقتضى فعل ذلك الخير يزداد عذابا لانه يضعف له العذاب مقدار قابليته في اصل استحقاقه فيعلم انه قبل ذلك كان في التخفيف وهذا الذي ذكرنا من انواع الملاذ الدنيوية وعزتها وشوكتها وتخفف سكرات الموت وما بعده هو عبارة عن الجنة التي يدخل فيه الشقي ثم يخرج منها ويدخل في العذاب المقيم نعوذ بالله من ( منه ظ ) وصح الاستثناء فافهم

قال سلمه الله تعالى : وما حقيقة الشفاعة الثابتة لمحمد واهل بيته عليهم السلام

اقول الشفاعة عبارة عن جبر الكسير وتتميم الناقص واعطاء المضطر الحقير والشفيع انما سمي شافعا لان نوره من عطائه وجاهه يشفع ويقرن الناقص او المنكسر فيجبره ويتممه وهو لا يكون الا ان يكون لطيفته زائدة على ذاته فان الاشياء على اقسام ثلثة منها ما لطيفته ناقصة عن ذاته كالجوامد الغاسقة في الظاهر والباطن التي ليس لها نور فظهر ذاته وشئونه فضلا عن غيره ومنها ما لطيفته مساوية لذاته كالجمر مثلا في الظاهر والباطن فانه يظهر نفسه وليس له من النور الزايد ما يظهر غيره ومنها ما لطيفته زائدة على ذاته فينور ويظهر ذاته وغيره كالشمس والسراج في الظاهر والباطن فبتلك الزيادة التي له يتمم نقصان غيره ويجبر كسره وعلى هذا فكل مؤمن له شفاعة لان له نور زايدة وتلك الشفاعة تختلف بحسب اختلاف تلك الزيادة فمنهم من شفاعته مختصة بوالديه ومنهم من يتعدي الى اقاربه ومعارفه ومنهم من يتعدى الى العصاة عدد شعر معرفتي كلب ومنهم من يشفع بعدد رمل عالج ومنهم من يشفع فئاما وفئاما وفئاما الى عشرة او ازيد وكل فئام مائة‌ الف والعالم من علماء اهل البيت عليهم السلام على رأسه تاج له اركان ومن كل ركن نور ساطع يضيء كل المحشر ويتمسك به كل من اخذ العلم منه ومن اخذ العلم ممن اخذ العلم منه وهكذا الى يوم القيمة والكل يدخلون الجنة ولما كان نبينا صلى الله عليه وآله هو السراج الوهاج في الوجود كله كما قال سبحانه وتعالى يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فلا سراج سواه ولا منير غيره ونفسه صلى الله عليه وآله فنوره صلى الله عليه وآله يفضل كل نور فيتمم كل ناقص ويجبر كل كسير ولما كان الامكان لا يخلو من نقص وكسر كائنا من كان من نبي وولي ووصي وصديق وشهيد وعادل وفاسق ومؤمن وكافر ولا نور اعظم من نور محمد صلى الله عليه وآله فهو الشافع المطلق وكل احد محتاج الى شفاعته لا يصال الفيض اليه وتتمم نقصانه في الدنيا والآخرة وفي كل حال وهذا هو حقيقة الشفاعة الثابتة لمحمد صلى الله عليه وآله ولما كان اهل بيته عليهم السلام نفسه ومن حقيقته وطينته كانت الشفاعة الثابتة له صلى الله عليه وآله لهم حرفا بحرف اشهد ان ارواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت الا انهم عليهم السلام محتاجون الى شفاعة النبي صلى الله عليه وآله فيشفع لهم اولا وهم يشفعون لباقي الخلق زايدا على ظاهريته صلى الله عليه وآله واما كيفية الشفاعة فان الشفيع يصلح قابلية المحتاج الصالح للشفاعة بحسب الاسباب الجارء علينا صنع الحكيم القادر حيث ان الله سبحانه اجرى الاشياء باسبابها وان كان الله سبحانه قادرا على ان يفعل ما يشاء كما يشاء بما يشاء لما يشاء كما سبق فيصلح القابلية اولا ويمكنها حتى يقبل الفيض من المبدء الفياض فتكون الشفاعة على انحاء مختلفة فقد تكون باعطاء النور من زايد لطيفته اذا كانت القابلية ناقصة لا تتحمل ما يرد عليها من الفيض والنور كما قال الحجة المنتظر عجل الله فرجه وروحي له الفداء في الدعاء للشيعة وثقل موازينهم بفاضل حسناتنا وهؤلاء يدخلون الجنة بالشفاعة من غير حساب وكتاب وعذاب فان المقتضى موجود والمانع نقصان القابلية لا خلطها باعراض يقتضي تطهيرها ومثاله البلور الصافي اذا لم يشرق عليه الشمس لم يحصل اللمعان وظهور الالوان والاحراق فهو ناقص عن بلوغ هذه الدرجة وتمامها باشراق شمس العناية اليه فالشمس تشفع للبلور بالاشراق حتى تدخله جنة الكمال والانوار والاشرار ( الاشراق ظ ) فافهم المثل فانه مطابق موافق فالشمس شمس النبوة والولاية وقد تكون بازالة الاغيار ورفع الاكدار حتى تتاهل القوابل للاشراق وهذا القسم على انحاء مختلفة فمنها ما كانت الغرائب والاعراض في الظاهر من دون السراية الى الباطن وهذا القسم شفاعته اولا بازالة تلك الغرائب ثم تتميم ما نقص من القابلية بافاضة النور الزائد واللطيفة الزائدة وهذا النوع يكون بالابتلاء في الدنيا بالاعراض والكدورات الدنياوية والهموم والغموم والاحزان والامراض والعزة والغنا والاولاد وامثالها وعند الموت يصفي ويطهر فيشفع له بتتميم ما نقص منه بالافاضة من النور المعدلة ومنها ما كانت الغرائب والاعراض والمعاصي متمكنة سارية ممزوجة بظاهره وباطنه اي باطن الظاهر ولا تستحق هذا النوع للاشراق عليه بالافاضة الا بازالة تلك الاوساخ اولا ثم الافاضة الثانية هي الشفاعة الثانية والازالة التي هي اول الشفاعة في هذا النوع يكون بالعذاب في البرزخ وهم على انحاء منها التشديد عند الموت فيطهر ومنها التشديد في القبر بحضور النكيرين ورومان فتان القبور فيطهر ويستحق الاشراق من عالم الوفاق بالشفاعة الثانية ومنها بمقاسات شدايد نار برهوت واول مشاهدتها فيطهر ومنها بالدخول في حظاير نار البرزخ مدة قليلة فيطهر ومنها بالبقاء فيها الى نفخ الصور فيطهر وهكذا والضابط ازالة تلك الاخلان ( الاخلاط ظ ) الظلمانية الحاصلة من لطخ اهل الكفر وهي تتفاوت بحسب حال المختلطين من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم وعسى موجبة ولا بد من ادراك الشفاعة ومنها ما كانت الاعراض والغرائب متمكنة في باطن الباطن ولم يطهرها الآلام البرزخية ويمنعها عن قبولها للافاضات الحقيقية والاشراقات الالهية فيكون تطهيرها في القيمة على حسب قلة الاعراض ورقتها وغلظتها فتكون الشفاعة هنا في مقامات فمنها بمشاهدة اهوال المحشر وفقره وغربته ووحدته وعدم اطلاعه بما يؤل اليه امره من جنة او نار ومنها بمقاسات شدايد القيمة واهوال المحشر وشدة العرق الى ان يقول يا رب اما الى الجنة او النار ومنها بمشاهدة جهنم واتيانها في المحشر بتلك الصورة الموصولة التي ذكرناها في المسئلة الاولى ومنها بوقوعه على الصراط المنصوب على متن جهنم ادق من الشعر واحد من السيف وبالجملة هكذا تجري عليه الاحوال من الاهوال فاذا بقيت لتلك الاخلاط باقية يدخل في حظاير النيران الى ان يتصفي ويطهر فيخرج من النار ويغسل في عين الحيوان ويدخل الجنة وذلك كله بالشفاعة المحمدية صلى الله عليه وآله ومثال هذه الاقسام الثلثة البلور اذا كان كدرا كدورة ظاهرية فيمسح بخرقة وينظف وهو القسم الاول الذي تطهيره في الدنيا ومثال الثاني الذهب اذا كان مغشوشا يتصفى اذا برد وصار برادة ومثال الثالث الذهب اذا كان مغشوشا برصاص ونحاس وغيرهما فلا يطهر حتى يذاب بالنار ويزال تلك الغرائب ويخزن بالخزانة فالتصفية لا بد منها ولا تكون بالاسباب الا بالاذابة بالنار والا فالله سبحانه هو القادر على ما يشاء كما يشاء الا ان الحكمة واتقان الصنع اورثت ما ذكرنا وشرحنا فالشافع هو الذي يصفى ويجعله صالحا للخزانة الالهية التي هي الجنة وهذا الذي هو حقيقة الشفاعة وكيفيتها واحوالها واما محلها فهو الذي ارتضاه الله دينه وهو الماذون بالشفاعة له في قوله تعالى ولا يشفعون الا لمن ارتضى وقوله تعالى من‌ ذا الذي يشفع عنده الا باذنه لانا قلنا ان الشفاعة تتميم الناقص وجبر المنكسر فالذي قلبه مؤمن طاهر وعرضته نجاسة الذنوب فيتطهر بالشفاعة واما نجس العين الذي قلبه معرض عن الله ومصاغ بصيغة الصورة الشيطانية ومنصبغ بصبغ الهيئة الابليسية لا يمكن تطهيره الا بقلب الماهية وهو محال على الحق سبحانه في الحكمة وذلك معلوم واضح وهو قوله تعالى استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم

قال سلمه الله تعالى : وما معنى تحملهم ذنوب شيعتهم عليهم السلام والله سبحانه يقول كل نفس بما كسبت رهينة ولا تزر وازرة وزر اخرى وان تدع مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء الآية

اقول اعلم ان الله سبحانه وصف نبيه صلى الله عليه وآله بالرأفة والرحمة على المؤمنين حيث صدق عنهم وآمن من قبلهم لما كلفه الله سبحانه بمضمون الآية وهو قوله تعالى ان تخفوا ما في انفسكم او تبدوه يحاسبكم به الله الآية فسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وصدق وقبل والانبياء عليهم السلام كانوا اذا كلفوا بمضمونها يستصعبون التكليف ويمتنعون ويقولون يا ربنا لا تطيق امتنا ذلك فحيث امتنعوا كان سبحانه يلزمهم بذلك التكليف ولما سلم النبي صلى الله عليه وآله وقبل لانه كان حبيبا ومن شأن الحبيب ان يأتي بجميع ما يريد المحبوب قال سبحانه آمن الرسول بما انزل اليه ثم قال صلى الله عليه وآله عن امته رأفة بهم ورحمة عليهم والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله الآية ومن رأفته صلى الله عليه وآله بامته انه لما رأى انهم يرتكبون المعاصي والسيئات ويستوجبون بذلك انواع سخط الله ومقته وكان قد دعى لهم ان يغفر الله ذنوبهم في الآخرة واستجاب الله سبحانه دعائه ووعد ان يغفر لهم في الآخرة ولما كانت المغفرة لهم في الآخرة وجب ان تكون المكافات والمجازات في الدنيا فوجب ان يبتلوا بانواع البلايا والمحن والشدايد والمصائب والنوايب في دار الدنيا فرحم لهم النبي صلى الله عليه وآله وعطف عليهم لعلمه بهم انهم لا يطيقون ذلك فنسبهم الى نفسه الشريفة وجعل ذنوبهم ذنبه ونسبها اليه رحمة عليهم وتفخيما لامرهم كما ان الله سبحانه نسب الاسف الذي هو شأن الحدوث والامكان الى نفسه لما اسف اوليائه بقوله تعالى فلما آسفونا انتقمنا منهم والاسف لا يجوز على الله سبحانه وكذلك رسول الله صلى الله عليه وآله نسب الذنب والمعصية التي هي منزه عنها ولا تجوز عليها الى نفسه وسئل سبحانه ان يجعل البلاء الذي لامته الذين هم شيعة امير المؤمنين عليه السلام الاثني ‌عشرية خاصة لانهم هم امة الاجابة لا غيرهم فجعل نفسه الشريفة واهل بيته الاكرمين عليهم السلام وقاء وفداء لامته المرحومة والمحن والمصائب التي كانت معدة للامة صرفوها عنهم الى انفسهم الشريفة عليهم السلام رأفة لهم ورحمة عليهم وهو قوله تعالى لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم وذلك من كمال الرأفة والرحمة بالمؤمنين الذين هم شيعة مولانا امير المؤمنين واهل بيته الطاهرين عليهم سلام الله ابد الآبدين واما ما يرد على الشيعة من المصائب والآلام فليس ذلك مجازاة وانما هي لئلا يركنوا الى الدنيا لان الانسان ليطغى ان رآه استغنى ولامر آخر نشير اليه في المسئلة الآتية ان شاء الله تعالى ولا ينافي هذا التحمل قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى وساير الآيات التي اشار اليها جنابكم لان الامة المرحومة بتصديقهم اياه صلى الله عليه وآله وايمانهم به استحقوا منه صلى الله عليه وآله عظيم العناية وجسيم الرأفة ودفعوا عنهم الشدايد ونسبها الى نفسه كما نسبهم الله سبحانه الى نفسه مع ما هم عليه من الامكان والحدوث وتنزه الحق سبحانه عنه وكذلك النبي وخلفائه عليهم السلام نسبوا شيعتهم الى انفسهم مع ما هم عليه من المعاصي والذنوب والسيئات فنزلوا انفسهم منزلهم وجري عليهم ما كان بحسب ان يجري عليهم وهو قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر واي ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فافهم فهمك الله

قال سلمه الله تعالى : وما فائدة هذا التحمل مع عذاب بعض عصاة الشيعة فان وزر المعصية بعد التحمل ان كان موجودا فلا تحمل وان كان مغفورا فكيف يستحق العذاب وربما ادي هذا المعنى بظاهره الى غرور الشيعة والرخصة لهم في المعصية فهل هو خاص او عام

اقول فائدة التحمل ظاهرة وهي دفع العذاب عن رعيته وامته واللائذين به المنقطعين اليه صلى الله عليه وآله واما عذاب بعض عصاة الشيعة فاعلم ان المعصية لها سبب ولها اثر اما آثار المعصية التي هي الادبار عن الله سبحانه فهي كل اذية وبلية وضرر وفقر وفاقة وجريان وخذلان ومرض وسقم وهم وحزن وقتل ونهب وسلب وغصة والم وساير البلايا والمحن والعقوبات والفتن اماسمعت الله سبحانه يقول الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا فالذي تحمله الائمة عليهم السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله انما هو زوال تلك الآثار وترتبها على العاملين لها والمرتكبين اياها ولو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة فببركة هذا التحمل عاش الخلق وبقي الوجود والوجود اما الامة المرحومة التي هي امة الاجابة وهم الشيعة الاثني عشرية فبما تحملوا سلام الله عليهم من ذنوبهم واما ساير الناس فلاجل اولئك الاطهار لمن الشيعة لتكون لهم انسا وسببا لوصولهم وبلوغهم الى مآربهم ومقاصدهم فلا تؤثر تلك المعاصي بظهور آثارها فيهم واما سببها اي سبب المعصية لطخ من ظله انكار اهل الطغيان واهل الشقاق وقد تلطخت طينة الشيعة بها لما نزلت من شجرة المزن ووصلت الى الارض وقارنت البقلة او الثمرة التي صعدت من سجين حاملة لروح ملعون من الملاعين فلما تمكنت تلك الظلمة صارت سببا لصدور المعصية من الشيعة والا لم تصدر منهم لانهم الطيبون الذين خلقوا من شعاع نور اهل البيت عليهم السلام ومن فاضل طينتهم فلا يتصور منهم وقوع المعصية ولكن ظلمة اولئك لما تلطخت بهم وتمكنت فيهم صارت سبب معصيتهم فالمعصية لمبادي الظلمة والموجودة بالعرض في هؤلاء الشيعة يد لاولئك الاصول في المعصية فهم المعصية فهم العاصون بايديهم وهي تلك الظلمات الموجودة في اولئك الابرار من جهة اللطخ ومن هذه الجهة كانت معاصي الموجودات وسيئاتهم ثابتة برقابهما وهما الفاعلان كما يعترفان بذلك ولما كان يجب عود كل فرع الى اصل كما قال تعالى الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات وجب عود تلك الظلمة التي تلطخت بها ظاهر ابدان الشيعة والارواح المتعلقة بالابدان ولما تمكنت تلك الظلمة وامتزجت بكينوناتهم صار حكمها حكم الذهب المغشوش فوجبت الاذابة لاخراج الفاسد فالعذاب الذي لبعض عصاة الشيعة انما هو لاخراج ذلك الغش والاعراض التي تمكنت في تلك الكينونات فابتلائهم في الدنيا وفي البرزخ والقيمة كل ذلك لتصفيتهم عن تلك الكدورات والظلمات وحيث وجبت تصفيتهم فلا بد من العذاب والاذية لاخراج ذلك الداء عنهم كما انك تكوي نفسك بالنار لمنع صب المواد الفاسدة ودفع الاعراض الغريبة وما قصدك الا الاصلاح ولا ينافي الا بهذه الوجوه ولاحظ تتمة ما ذكرنا ...

( الظاهر انه سقطت من هنا ورقة او اوراق )

... الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت وقد قالوا عليهم السلام ان الله سبحانه تفرد بهذه الخمسة لا يعلمها سواه والجمع بين الآية المذكورة والآيات السابقة وغيرها هو ان العلوم كلها من الله ومن عند الله سبحانه ولا يعلم الحادث المخلوق شيئا الا باذنه وتعليمه ومشيته فهو سبحانه المتفرد يعلم الاشياء كلها من غيبها وشهودها وظاهرها وباطنها وسرها وعلانيتها وهو قوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فالذي تفرد به الله سبحانه هو العلم كله من الغيب والشهودين ما يعلمه الخلق فانما هو بتعليمه وتبيينه وهو قوله تعالى عن كل الحوادث والممكنات لا علم لنا الا ما علمتنا فلا تنافي بين الآيات والروايات والدليل على ما ذكرنا من وجه الجمع قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضي من رسول وقوله تعالى وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فان قلت على ما ذكرت كل العلوم هكذا فما وجه الاختصاص بالخمسة المذكورة قلت جميع العلوم والحقايق كلها ترجع الى هذه الخمسة بوجه من الوجوه ونوع من التأويل يعرفه كل من له ادني مسكة في العلم ووجه آخر ان العلم على قسمين قسم لا يجري فيه البداء وقسم آخر يجري فيه البداء والقسم الاول المخصوص بالله وهو العلم حقيقة واليه يشير قوله تعالى ثم قضى اجلا واجل مسمى عنده وقول امير المؤمنين عليه السلام لولا آية في كتاب الله لاخبرتكم بما كان او يكون وهو قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب وهنا تفصيل ذكره يؤدي الى التطويل ولا ريب انهم عليهم السلام كثر ما اخبروا عن الارحام وفي الزيارة وعندكم ما تزداد الارحام وما تغيض واما ساعة الموت والارض التي يموت الشخص فيها فقد علم امير المؤمنين عليه السلام رشيد الهجري اياها باضافة علم البلايا وكان عنده علم المنايا والبلايا وهو من بعض الشيعة فما ظنك بالامام واما نزول الغيث فاخبارهم عليهم السلام بوقوعه ونزوله قبل ذلك مما شاع وذاع وخرق الاسماع وملأ الاصقاع مع انه شيء يعلمه المنجم والرمال والجفار وامثالهم بل من الحيوانات ايضا وقضية كلب ذلك الطحان مشهورة معروفة واما ما يكسبه الانسان عند فكذلك فقد اخبروا عليهم السلام عن ذلك بما لا يحصى واما الساعة فلا يوجد بعد وقت ظهورها وبروزها وقد ذكرنا انهم عليهم السلام يعلمون ما في الكتابين التكويني والتدويني والذي ما خلقه الله ولم يدخل في خزانة من الخزاين الغيبية والشهودية وان لم يظهر في الكون الجسماني العرضي فلا يعلمونه وذلك هو الغيب الذي لا يعلمه الا الله قل لا يعلم الغيب الا الله واما اقدام احدهم عليهم السلام على القتل واكل السموم مع علمهم فذلك بامر من الله سبحانه فان ذلك فعل من الافعال وعمل من الاعمال والله سبحانه يقول عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون فاذا كانوا سلام الله عليهم بامر الله يعملون وبمشيته يفعلون فلا تهلكة اذن فانها تعرض النفس في الهلاك سواء كان هلاك الدنيا او الآخرة بغير امر من الله سبحانه فان مخالفة الله سبحانه هي الهلاك الابدي واما طاعة الله سبحانه فهي الفوز بالسعادة الابدية وان كان فيها هلاك نفسه الا ترى المجاهدين وما جعل الله سبحانه لاهل الجهاد والشهداء من الدرجات وحلايل المثوبات فان الجهاد لا شك انه القاء النفس الى التهلكة لكنه لما كان بامر الله سبحانه كانت حيوة ابدية وهو قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم الآية فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال

قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في بعض ضعفاء الشيعة المعتقدين في الله سبحانه ما لا يجوز عليه كاعتقاد بعض لوازم الجسمية وما يدل على تشبيهه بخلقه او تشبيه بعض خلقه به واكثر عوام الشيعة هذه الازمان على مثل هذا جهلا منهم محضا ولو عرض عليهم الاعتقاد الصحيح قتلوه هل يحكم عليهم بكفر في كلامهم بمثل هذه الاعتقادات او اسلام وهل يعاقبون على ترك التفقه في الدين ام لا

اقول اعتقاد اللوازم اذا لم تكن بنية معلومة ينصرف الذهن الى الملزوم ابتداء بدون تأمل ونظر وفكر كاحضار الشمس عند مشاهدة الشعاع وذكره وبالعكس لا يوجب كفرا بل ولا فسقا والا اتسع الخرق على الراقع والاختلافات الموجود بين علماء الاسلام كلها من هذا القبيل كالذي يقول بالاشتراك المعنوي يقول ان القائل بالاشتراك اللفظي يلزمه القول بان البينونة بين الله وبين خلقه عزلة لا بينونة صفة وهو يستلزم ان لا يكون خالقهم فيكون الخلق شريكا مع الخالق كل في جهة الآخر وهو التحديد والذي يقول بالاشتراك اللفظي يقول ان القائل بالاشتراك المعنوي يلزمه تركيب الله سبحانه لاستلزام ما به الاشتراك ما به الامتياز والمركب حادث مخلوق وهكذا الحكم في جميع غالب الاختلافات في غير الفروع التكليفية ان لم نقل كلها فلو اعتبرنا اللوازم حكمنا بكفر المسلم اذ قد لا يلتفت الى الملزوم ولم يخطر بباله ذلك او لا يلزم عنده ذلك الى غير ذلك واما اذا تفوهوا بكلام الكفر كان قالوا لله سبحانه شريك او ان له ولد او ليس له كمال او يعرضه النقصان او هو مركب وامثالها من مخالفة ضرورة الاسلام وتكلموا بها ولم يكونوا ساهين ولا ناسين ولا غافلين وذاهلين ولا نائمين ولا مجانين ولا سفهاء غير راشدين ولا اطفال غير مميزين وغير بالغين ولا في كلامهم متجوزين فيحكم عليهم بما قالوه بلسانهم ولا يلتفت الى ما انعقد عليه جنانهم لقوله تعالى ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم فعلق سبحانه الكفر بالقول لا بالباطن والاعتقاد كما علق الاسلام كذلك في قوله تعالى ولا تقولوا لمن القي اليكم السلم لست مؤمنا وقال في دعاء سحر اللهم ان قوما آمنوا بالسنتهم ليحقنوا به دمائهم فادركوا ما املوا الدعاء وقال تعالى اذا جائك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله ولا تكن للخائنين خصيما وسلوك النبي صلى الله عليه وآله مع منافقي امته صلى الله عليه وآله معلوم ظاهر ولم يحكم على احد منهم بالكفر مع علمه صلى الله عليه وآله بانهم لم يؤمنوا او لم يصدقوا وبالجملة فمناط الاسلام والكفر الاقرار بظاهر اللسان دون ملاحظة القلب والجنان طابق اللسان او لم يطابق بخلاف الايمان فان شرطه استقرار القلب والرسوخ فيه ولذا قال تعالى قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم فكل من تكلم بما يخالف ضرورة الاسلام دون ما يلزمها فانه يحكم عليه بالكفر ولذا ترى المستضعفين نحكم عليهم بالاسلام اذا اجروا كلمة الاسلام وان لم يعرفوا معناها ونحكم عليهم بالكفر اذا اجروا على السنتهم كلمة الكفر مع ان قلوبهم غير عارفة وليس لهم برزخ واما انهم يعاقبون بترك التفقه في الدين فلا شك في ذلك لان طلب العلم فريضة وهو طلب علم الدين وصحة الاعتقاد هذا اذا كان لهم اعتقاد يضر بدينهم واما اذا لم يكن كذلك بل لهم اعتقاد في المرتبة الادني دون العليا فلا عذاب ولا عقاب وانما عذابهم حرمانهم عن ذلك المقام الاعلي والرتبة القصوي نسئل الله حسن العاقبة والخاتمة

قال سلمه الله تعالى : وهل هذه الرواية التي رواها بعض المحدثين انه صلى الله عليه وآله عرج به مائة وعشر مرة معتبرة ام لا

اقول روى ثقة الاسلام في الكافي انه سئل ابو بصير ابا عبد الله عليه السلام كم عرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال مرتين وهذا الحديث الذي ذكر جنابك عن بعض المحدثين ما وقفت عليه ولعلها صحيحة واقعية اذ لا منافاة لكرامة النبي صلى الله عليه وآله على الله سبحانه واراد تشريفه صلى الله عليه وآله بمشاهدة آياته وظهور انوار عظمته وتشرف الموجودات كافة بقرب ظهوره صلى الله عليه وآله لها في مقام القطبية والا ففي المقام الاعلى كل الوجود بالنسبة اليه صلى الله عليه وآله سواء ليس شيء اقرب اليه من شيء والوجه في هذا العدد الخاص ان الاكوان الثلثة التي هي اللاهوت والناسوت والواسطة الجامعة بينهما قد ظهرت فيها اي في كل منها القبضات العشر فصارت ثلثين ثم ظهرت في كل من الثلثين الطبايع الاربع وذلك مائة وعشرون فعروجه صلى الله عليه وآله بعدد مراتب الوجود المنشعبة المتحققة من فاضل مراتبه والجمع بين هذه الرواية وما تقدم من رواية الكافي ان المرتين عبارة عن العالمين عالم الغيب وعالم الشهادة عالم الاجمال والتفصيل فلا منافاة

قال سلمه الله تعالى : وما وجه الجمع بين ما ورد من فضيلة العزلة والفرار من الناس وعدم التعرف لهم وبين ما ورد من فضيلة الاخاء والالفة وهي لا تحصل الا من طريق المخالطة والتعرف

اقول الاخاء والالفة والمزاورة واجتماع الاخوان بعضهم مع بعض من اعظم القربات واشرف المرغبات المندبات وهي تقدم على كل شيء بعد الفرايض الواجبات ولا ريب في ذلك ولكن هذه الالفة لا بد لها من محل وهي الثقة الامين الورع الذي يذكر الله رؤيته وتزيد في علمك ويكون سببا لرغبتك الى الطاعات والتجنب عن المعاصي والسيئات والزيادة في علمك ومعرفتك وبلوغك في معرفة التوحيد والنبوة والولاية ومقتضياتها الى الدرجة القصوى والمرتبة العظمى فاذا حصل من بهذه الصفات او دونها لكنه مستور لادراك العلوم والمعارف واكتساب الكمالات فعليك بمعاشرتهم ومخالطتهم حتى تعلمهم او تتعلم منهم واما اذا كان الامر بخلاف ذلك كما هو شأن اهل هذا الزمان والعصر الذي غصب فيه حق آل ‌محمد صلى الله عليه وعليهم من شيوع المكر والحقد والحسر والبغض والغش والخيانة وسوء السريرة وغيرها من الملكات الخبيثة والاخلاق القبيحة الردية وكثرة المعاصي وشيوعها وعدم الوفاء والصفاء وانطواء الباطن على الغل والغش فيجب الفرار والعزلة وعدم التعرف معهم والى امثالهم اشار عليه السلام بقوله افرر من الناس فرارك من الاسد وقوله ان استطعت ان تكون على قلة جبل فافعل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله سيأتي زمان على امتي لا يسلم لذي دين دينه حتى يفر من شاهق الى شاهق ومن حجر الى حجر الى ان قال صلى الله عليه وآله ففي ذلك الوقت تحل العزوبة والحديث طويل فقلت بعض معناه والكلام في هذا المقام طويل ووقتي قصير والاشارة لجنابكم كافية فعلي هذا البيان ارتفع التناقض بين الروايات والله سبحانه اشار الى ما ذكرنا اوضح اشارة واجلاها وهو قوله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين فمع وجود الغل يجب الاعتزال والفرار وعند نزوعه تجب الاخاء والالفة

قال سلمه الله تعالى : ورأيت في بعض كلامكم استدلالا على تناكح اهل الجنة البرزخية انهم ينكحون الحور في القصور واما النساء المؤمنات فمؤخر نكاحهن الى الآخرة واستدللتم على ذلك بقوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان مدهامتان الى قوله تعالى فيهن خيرات حسان حور الآية مع انه ورد في الكافي انهن صوالح المؤمنات قال قلت حور مقصورات في الخيام قال يعني بيض مكنونات في خيام الدر والياقوت والمرجان فظاهره ان حور بيان لا صفة

اقول الاحاديث في تفسير هذه الآية الشريفة مختلفة كلها مرادة بحسب المقامات فكما ورد انهن صوالح المؤمنات ورد ايضا انهن الحور كما ذكرنا كما في تفسير عليّ بن ابراهيم فيهن خيرات حسان قال جوار نابتات على شط الكوثر كلما اخذت منها واحدة نبتت مكانها اخرى ه‍ وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قول الرجل للرجل جزاك الله خيرا ما معنى به قال عليه السلام ان خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر والكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الاوصياء وشيعتهم وعلى حافتي ذلك النهر جوار نابتات كلما قلعت منها واحدة نبتت اخرى سمين باسم ذلك النهر وذلك قوله تعالى فيهن خيرات حسان الحديث فاذا اختلفت الروايات فالكل مراد لان وجوه القرآن كثيرة لا تحصى فظاهر القرآن مراد كباطنه ومقتضى الظاهر هو الذي ذكرنا وهو الذي ذكره عليه السلام والوجه الآخر ايضا مراد فتحمل الجنتان ح على جنان الآخرة فتكون من المراد من الحور فلا منافاة

قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا لو كان احد شاهدي الطلاق فاسقا باطنا هل يجوز له التزويج بتلك المطلقة ام لا

اقول يعتبر في الطلاق الاشهاد والشاهد لا بد ان يكون عادلا عند المطلق لا غير فاذا اعتقد الرجل الزوج عدالة الرجل ( وظ ) وثاقته صح طلاقه وان كان المشاهد ( الشاهد ظ ) في الواقع فاسقا وليست الاحكام منوطة بالامور الواقعية الاولية بل الواقعية عند المكلف فاذا اعتقد المكلف بايقاع الطلاق عدالة الشاهد يوقعه عنده ويقع الطلاق فيجوز للشاهد اذا كان فاسقا باطنا التزويج بتلك لصحة طلاقها نعم ذكر شاذ من اصحابنا ان الشاهد اذا لم يكن عادلا في نفسه واعتقاد الناس فيه العدالة والخير لا يجوز ان يدخل نفسه في الشهود ويظهر عدم الاعتداد بعدالته وهو قول ضعيف جدا لا انه اذا اعتقد المطلق عدالته واوقع الطلاق يقع خلل في الطلاق

قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز الصلوة للرجل مصاحبا لقارورة فيها نجاسة او خرقة في جيبه لا تستر العورة نجسة او صرة في جيبه نجسة ام لا

اقول الاصح الاظهر ان النجاسة الممنوع فيها الصلوة هي التي تصيب الثوب والبدن واما حمل النجاسة اذا لم تسر اليهما كالقارورة اذا كانت فيها نجاسة ورأسها مشدود بحيث لا تصيب النجاسة الثوب والبدن فلم يدل عليه دليل اصلا وعلى مدعي ذلك البيان واني له ذلك وبالجملة فحمل النجاسة والمتنجس سواء كان ملبوسا او غيره تجوز الصلوة معه ولا تبطل بحال واما الخرقة التي لا تستر العورة وكلما لا تتم الصلوة فيه وحدة فلا خلاف في صحة الصلوة فيها اذا كانت نجسة وان اختلفوا في اشتراط كونه اي ما لا تتم الصلوة فيه وحده كالتكة والقلنسوة او الجورب وامثالها في محلها وان كانت في غير محلها تبطل وعدمه وضعف القول الاول ظاهر لانها اذا لم تكن في محلها كانت بحكم المحمول النجس تصح الصلوة فيه فلا فرق بين ان تكون في محلها ام لا

قال سلمه الله تعالى : وهل تجوز الصلوة في الخيمة المغصوبة مع اباحة ارضها ام لا

اقول اذا كانت الارض مباحة فلا مانع للصلوة عليها سواء كان السقف مباحا او مغصوبا لعدم ارتباط السقف بشيء من افعال الصلوة والارض مباحة والهواء المكتف مباح والتصرف انما يقع عليهما دون السقف وذلك واضح معلوم

قال سلمه الله تعالى : وهل تكره صلوة المرأة بجنب الرجل ام يحرم وكذا امامه

اقول قد اختلف الاصحاب في ذلك الاصح الاظهر بعد التبع التام لمظان الادلة الكراهة الحرمة والفاصلة المعتبرة وهي عشرة اذرع بينهما لدفع الكراهة وازالتها لا الحرمة فحينئذ اذا صلى اصرهما الرجل اي الرجل والمرأة يجب احدهما او امام الرجل من دون الفاصلة المعتبرة فالصلوة صحيحة الا ان المتاخر اتي المكروه سواء كان رجلا او امرأة دون المتقدم فان سبقت المرأة الى الصلوة لا يجوز الرجل ان يصلي بجنبها اما كراهة او حرمة وكذلك العكس

قال سلمه الله تعالى : وهل فرق في القرطاس الجائز السجود عليه بين كونه حريرا او كتانا او غير ذلك ام لا

اقول لا فرق في ذلك كله لان القرطاس لا يتخذ الا من الملبوس وهو لا تجوز الصلوة عليه وقد خرج عن الحكمة اي حكم ما يصح السجود عليه بالدليل فان السجود لا يجوز الا على الارض او ما نبت منها غير ماكول ولا ملبوس عادة والقرطاس لا يتخذ الا من جنس الملبوس فالدليل دل جواز السجود على القرطاس فكلما يصدق عليه هذا الاسم وجب صحة السجود عليه متخذا من اي شيء كان والفرق ضعيف جدا لا يعبأ به

قال سلمه الله تعالى : وهل تسقط الوتيرة في الضر ام لا

اقول قد اختلف العلماء في ذلك لتصادم الادلة وتعارضها والاصح عندي انها لا تسقط الا انها مكروهة في الضر كراهة العبادات (كذا)

قال سلمه الله تعالى : هل يجوز لمن عليه الفوائت ان يصلي الحاضرة في اول وقتها

اقول في هذه المسئلة اقوال منتشرة منها مشهورة ومنها غير مشهورة والاصح القول بالتوسعة فيصح الحاضرة في اول وقتها وتصح النوافل لمن عليه القضا الا ان المستحب تقديم القضاء بحكم المسارعة وللروايات الناصة بذلك

قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز شرب الخمر للتداوي به ام لا

اقول لا يجوز شرب الخمر ولو للتداوي ولو انحصر الدواء به ولو جوز شربها طبيب حاذق لاستفاضة الروايات وتواردها وما يعارضه من العمومات تخصص بها والروايات الخاصة لا تعارضها لضعفها وقوة ما يعارضها وصحتها وطرحتها ولا يسعني الآن ذكرها وشرحها لضيق المجال وتبلبل البال وتعارض الاحوال

قال سلمه الله تعالى : هل تبيين ( تبين ظ ) المطلقة ثلثا بينها رجعتان في مجلس واحد ام يشترط تعدد المجلس

اقول اذا تخللت الرجعة بين الطلاقين مع الشرايط وتحقق الطلاق بشرطه تحصل البينونة ولا يشترط الجماع بعد الرجعة فعلى هذا لا يشترط تعدد المجالس بل اذا طلق ثم راجع قاصدا للرجوع ثم طلق ثم راجع عامدا قاصدا فالطلاق صحيح كالرجعة وتحصل البينونة ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره

قال سلمه الله تعالى : هل يقع الطلاق منفردا مع البذل باينا ام لا

اقول ان كان المراد من هذه العبارة اجراء الصيغة بان يقال فلانة طالق بكذا وتقول المرأة او وكيلها قبلت ويسبق السؤال منها ولا يذكر الخلع في الصيغة فالطلاق صحيح واقع ولا يحتاج الى ذكر الخلع فيقع بائنا اذ ليس في الخلع صيغة مخصوصة على الاصح وان كان المراد ان الطلاق التباين يقع بالطلاق بالعوض منفردا وان تجرد عن الكراهة او عن الالفاظ المخصوصة فهذه الصورة وان جوزها الشهيد الثاني (ره) في المسالك وشرح ‌اللمعة وقال انها تبين بالعوض وان تجود عن الكراهة فزاد قسم لآخر في الطلاق الباين وجعل اقسامه سبعة مع الاتفاق انها ستة ولكنه مخالف لصريح الآية والروايات كلها وقد سبقه الاجماع ولحقه وذكر سبطه في شرح النافع انه لا موافق له في ذلك وبالجملة فهذه الصورة لا تبين بها المطلقة والطلاق بالعوض ليس الا الخلع او المباراة ولا ثالث هنا هل يقع الطلاق رجعيا او يقع باطلا قولان والاول هو الاشهر لا يبعد ان يكون هو الاصح وعليه فلا يملك الزوج العوض ولا يحل ان يأخذ منها شيئا مع تلايم الاخلاق او عدم كراهة الزوجة وهو قوله تعالى ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان تخافا ان لا يقيما حدود الله فان خفتم ان لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت فاذا وجبت كراهة الزوجة في الخلع فهل يكفي مطلق الكراهة او مع التلفظ بالالفاظ المخصوصة كان تقول لا اطيع لك امرا ولا اذنن بغير اذنك ولاوطأن فراشك من لا تحب ولا تجمع رأسي ورأسك مخدة وامثالها من الالفاظ والاقوال الدالة على الكراهة والثاني هو الاصح ولذا ربما يحصل البذل من الزوجة ولا يقع منها تلك الكلمات فيشكل الخلع وحصول البينونة بل الاصح عدم الوقوع واعلم ان البينونة كما تحصل بذكر الطلاق بالعوض منفردا في الصيغة تحصل بذكر الخلع بدون اتباعه بالطلاق فيكفي اذا قال خالعها بكذا او هي مختلعة ولا يحتاج ان يقول بعده فورا فهي طالق ثم ان الذي ذكرنا في اول الكلام ان الخلع ليس له صيغة مخصوصة ليس مرادي انه يقع بكل صيغة تدل على الفراق بل المراد ما اشتق من مادة الخلع ولا يختص بكونه على صيغة الماضي كما زعم بعضهم بل يصح على الماضي والاسم واما لفظ الطلاق فذلك جاز في الخلع على الاصل فان الطلاق لا يقع الا بالقول بان فلانة طالق ولا يقع بالكنايات الا ان الطلاق بالعوض جوز الشارع ايقاعه بلفظ الخلع فافهم موفقا

قال سلمه الله تعالى : وفي الخبر ان الله عوض الحسين عليه السلام عن قتله بثلاثة اشياء اجابة الدعاء تحت قبته والشفاء في تربته والائمة عليهم السلام من ذريته ما المراد بالقبة وما حد التربة تفضلوا علينا بالافادة ولا تمنعونا من حسن الرفادة ختم الله لنا ولكم بالسعادة ورزقنا واياكم الحسنى والزيادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقول ان الذي يظهر لي ان القبة هي حد الحاير وهو القبة المرتفعة من الارض الى السماء ولو كان المراد منها القبة المعروفة ما صح وماانضبط لان القبة تتفاوت وتكبر وتصغر وحد الحاير وان كان المشهور بين الاصحاب انه خمسة وعشرون ذراعا الا ان الاصح عند الحقير كما هو الاحوط عشرون ذراعا كما قال عليه السلام واما حد التربة الحسينية على مشرفها آلاف التحية والثناء فاربعة فراسخ وهي ارض كربلا على الاصح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم الحق سلمه الله تعالى بالمسائل المتقدمة مسائل

قال سلمه الله تعالى : وما معنى ما ورد في الزيارة السلام على نفس الله القائمة فيه بالسنن فقد يتوهم منه الاتحاد

اقول ان الامام عليه السلام نفس خلقها الله سبحانه وادبها وشرفها وعظمها وكرمها فوجدها كما برأها وانشأها من اختصاصها به سبحانه وعدم الالتفات الى ما سواه والاعراض عما عداه كما قال تعالى ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون فخصها الله سبحانه بنفسه اجلالا وتعظيما وتشريفا وتفخيما كما نسب البيت الى نفسه والروح الى نفسه فان الكعبة بيت الله كما قال تعالى وطهر بيتي للطائفين ونفخت فيه من روحي ونسب سبحانه الاسف الراجع الى الامام الى نفسه وقال فلما آسفونا انتقمنا منهم وقال الصادق عليه السلام ان الله لا يأسف كاسفنا ولكنه خلق لنفسه اولياء جعل اسفهم اسفه ورضاهم رضاه وسخطه سخطه نقلت معنى الحديث فاذا كان الامر كما عرفت فامير المؤمنين عليه السلام لما كان كذلك نسب الى الله سبحانه فقيل نفس الله يعني هو نفس مختصة بالله لان الاضافة لامية واللام الاختصاص ( للاختصاص ظ ) والتمليك فهو عليه السلام نفس لله قائمة بالسنن اي بالآداب الالهية في الله يعني لله كما قيل الحب في الله والبغض في الله اي لله فامير المؤمنين عليه السلام هو القائم في الله اي في ولاية الله والله لانه يد الله بالسنن الالهية والوظائف الربانية فتقدير الكلام انه عليه السلام نفس الله القائمة لله على كل نفس وشيء بالسنن والقائم بالشيء هو المتولي عليه والناظر اليه فلو قال نفس الله القائمة بالسنن دل على الاستقلال ولو قال نفس الله القائمة فيه ولم يذكر بالسنن دل على عدم الحكمة وانهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون فبهذه العبارة بين انه عليه السلام ولي الله المتصرف في الاشياء وهو لله اي عبده ومملوكه لا يقدر لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا وجميع افعاله عليه السلام جارية على سنة الله تعالى وطريقة حكمته وامره وتدبيره فابطل التفويض والاستقلال والاهمال واثبت الولاية لله واثبت انه عليه السلام سبب كل ذي سبب ومسبب الاشياء من غير سبب فافهم الاشارة تصريح العبارة وتعيها اذن واعية وما ذكرتم من انه قد يتوهم الاتحاد فجوابه انه لا يلزم ذلك بعد ما عرفت ان عيسى روح الله فان الاضافة دليل المغايرة ومدعي الاتحاد مطالب بالدليل والاجل ( الاصل ظ ) في الاضافة ان تكون لامية واللام للتمليك فاين الاتحاد وذلك معلوم ظاهر انشاء الله تعالى

قال سلمه الله تعالى : وهل يمكن الوصول الى اسرار بعض افعال الحج التي لولا وجوب الامتثال ربما كاعت عنها الانفس فان بعض الاكابر اعترف بالعجز عنها وقال انه لا مجال للعقل فيها

اقول لا شك انه يمكن الوصول الى ذلك فان الله سبحانه خلق الخلق لاظهار حكمته وتبيين قيومته واتقانه صنع الاشياء وابرازه سبحانه حسن تدبيره في مظاهر الصفات والاسماء وجعل سبحانه الشرايع التي هي مقتضي امره الثانوي التشريعي الذي هو على طبق امره الاولى التكويني شرحا لتلك الحكمة وبيان لظهور تلك القدرة لان امره سبحانه واحدة كما افصح عنه قوله سبحانه وما امرنا الا واحدة وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة فوجب ان يكون جميع ما رتبه في الشرعيات من انحاء العبارات والوظايف والاعمال والاقوال والحركات والسكنات واطوار المعاملات من العقود والايقاعات كلها على نظم طبيعي وحكم وجودي مبني على حكم الهية اذا اطلع عليها العارف الخبير والمطلع البصير نكير ( يكثر ظ ) خضوعه وخشوعه وينقطع بكله الى معبوده ويتوجه اليه بسره وعلانيته لتشمله العناية وتصعد به الى اقصى الغاية ولكن الناس في نزولهم وتعلقهم بالادناس واستبدالهم الادني بالذي هو خير نسوا ربهم فانساهم انفسهم فنسيهم نسوا الله فنسيهم نسوا الله فانساهم انفسهم اخفيت عليهم تلك الاسرار وحرسوا ( حرموا ظ ) عن الاستنارة والاستضاءة بتلك الانوار والا مجمع الاحكام الشرعية مبنية على حكم واقعية ومصالح غيبية واسرار شهودية قد ذكرنا بعض تلك الاسرار والحكم والامور الكلم في جواب مسئلة السائل على اسرار الصلوة والصوم والزكوة والخمس والحج وقد بسطنا القول فيها بما لم احد فيما اعلم وذكرت بعض اسرار الحج مما وصل الينا من اهل البيت عليهم السلام فاطلب تلك الرسالة تجدها وافية انشاء الله بمطلوبك ومرادك والله سبحانه يوفقك بفهمها وادراكها

قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ومولانا لو ان رجلا وكل زوجته على طلاقها ونذر ان عزلها عن الوكالة فعليه مائة دينار او طلق رجعيا ونذر ان رجع فعليه هذا المبلغ مثلا فهل ينعقد النذر في الحالين ام لا وكذا اليمين

اقول النذر لا يتعلق الا على الراجح من واجب او مندوب والطلاق قد يعرض له الوجوب كما في الظهار والايلاء لانه يجب عليه اما الكفارة والفي والطلاق وقد يعرض له الاستحباب كما اذا وقع الشقاق والكراهة بحيث لا يرجي اجتماعهما ولا ايتلافهما ففي هاتين الصورتين اذا وكل ونذر ان لا يعزله ينعقد النذر ويحنث ان خالف واما فيما سوى هاتين الصورتين كما اذا كان حراما كالطلاق مع عدم اجتماع الشرايط او مكروها كالطلاق عند تلايم الاخلاق فلا ينعقد النذر ولا يجب الوفاء به وهذا كله اذا قلنا بجواز وكالة الزوجة عن الزوج على طلاق نفسها فان الاصحاب قد اختلفوا في هذه الوكالة فذهب الشيخ وابن‌ادريس الى عدم جواز التوكيل واكثر الاصحاب على الجواز والمسئلة غير خالية من الاشكال والاحوط عدم ايقاع هذه الوكالة وان كان الجواز لا يخلو من قرب واما الرجوع فحيث انه مباح لم ينعقد به النذر نعم ينعقد به اليمين الا ان يكون الرجوع في حقه مرجوحا فينعقد النذر ح

قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في انسان وقف نخلا او غيره على شخص معين وذريته على ان يقرء كل يوم جزؤا مثلا من القرآن وقبل هل يجب على ذريته الموقوف عليهم القبول ام يجوز لهم رده ولو لاستقلال حاصله

اقول ان كان الوقف على قراءة القرآن لنفسه فالوقف باطل لكونه وقفا على النفس وان كان وقف عليهم وشر القراءة وقبل البطن الاول فلا شك في صحته ووجوب التزام البطن الثاني والبطون الآتية بذلك قل محصوله او كثر مع ان الاقرب عدم اشتراط القبول والرضا من الموقوف عليهم بل يكفي الايجاب من الواقف سواء كان وقفا الى جهة عامة او خاصة ففي المسئلة ثلاثة اقوال احدها لزوم القول مطلقا لكون الوقف من العقود والعقد لا يكون الا بايجاب وقبول وثانيها عدم لزوم القبول مطلقا للاصل لان الوقف كالاباحة ولانه فك ملك فيكفي فيه الايجاب كالعتق ومنع كونه من العقود المصطلحة وثالثها التفصل بين ما اذا كان لجهة خاصة فيشترط القبول واما اذا كان لجهة عامة فلا يشترط والمستفاد من الاخبار والادلة هو الثاني وهو الاوسط لانها مشتملة على الايجاب ولا ذكر للقبول فيها وبالجملة على الاقوال كلها لا يعتبر قبول البطن الثاني ولا رضاه لتمامية الوقف قبله فلا ينقطع ولان قبوله لا يتصل بالايجاب فلو اعتبر لم يقع كساير العقود اللازمة بل الاجماع قائم على عدم اعتبار قبول البطن الثاني وقال مولانا العسكري عليه السلام الوقوف على حسب ما يقفها اهلها ه‍ وذلك معلوم انشاء الله تعالى

قال سلمه الله تعالى : والاخير ( الاجير ظ ) على صلوة او صوم مع الاطلاق هل يجب عليه التعجيل ام لا ولو تراخي كثيرا والحال هذه ثم صلى هل يستحق الاجرة ام لا وعلى الثاني هل يجب على الاجير مع فقد المستأجر التصدق بها عن الميت والاستيجار بها ثانيا

اقول قال الشهيد الثاني (ره) في المسالك اعلم ان الشهيد (ره) حكم في بعض تحقيقاته ان الاطلاق في كل الاجارات يقتضي التعجيل وانه يجب المبادرة الى ذلك الفعل فان كان مجردا عن المدة خاصة فبنفسه او لا فهو مخير بينه وبين غيره فيقع التنافي بينه وبين عمل آخر في صورة المباشرة وفرع عليه منع صحة الاجارة الثانية في صورة التجرد عن المدة مع المباشرة كما يقع في الاجير الخاص الى ان قال (ره) ولا ريب ان ما ذكره احوط وان كان وجهه غير ظاهر لعدم دليل على الفورية وعموم الامر بالايفاء بالعقود ونحوه لا يدل مطلقه على الفور عندهم وعند غيرهم من المحققين سلمنا لكن الامر بالشيء انما يقتضي النهي عن ضده العام وهو الامر الكلي لا الافراد خاصة سلمنا لكن النهي في غير العبادة لا يدل على الفساد عندهم الى ان قال ويتفرع على ذلك وجوب مبادرة اجير الصلوة الى القضاء بحسب الامكان وعدم جواز اجارة نفسه ثانيا قبل الاتمام انتهى اقول والاقرب ما ذكره الشهيد رحمه الله لان الامر على المذهب الصحيح يدل على الفور فوجب التعجيل والمبادرة بالايفاء بالعقود ويؤيد قوله موثقة اسحاق بن عمار قال سألت ابا ابراهيم عن الرجل يستاجر الرجل باجر معلوم فيعجله في ضيعة فيعطيه رجل آخر دراهما ويقول اشتر بها كذا وكذا وما ربحت بيني وبينك فقال عليه السلام اذا اذن له الذي استاجره فليس به بأس وهذه الرواية كما ترى صريحة في المطلوب فتخصيص هذا بالاجير الخاص يحتاج الى دليل واذ ليس فليس وقوله رحمه الله ان النهي في غير العبارات لا يستلزم الفساد قد هدمنا اركانه وزعزعنا بنيانه في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا واما قوله ان الامر بالشيء يستلزم النهي عن ضده العام فصحيح واللازم منه صحة الاجارة الثانية وان فعل حراما فحينئذ فلو تراخي كثيرا ولم تشترط عليه مدة معينة فعل حراما والظاهر ان الاجارة لم تفسخ ويستحق الاجرة وفي الموضع الذي تفسخ الاجارة كما اذا كان اجيرا يؤدي العمل المذكور في مدة معينة ثم لم يأت به في تلك المدة فتبطل الاجارة ويجب على الاجير ان يسلم الاجرة اذا اخذها الى الحاكم الشرعي او وكيله وهو يتفحص عن المستاجر ويوصلها اليه وعند فقده وجهل حاله واليأس من بلوغ خبره يعمل ما يرى وما يؤدي اليه نظره ولا يجوز التصدق بها عن الميت ولا الاستيجار بها ثانيا اذ لا نيابة لهذا الاجير ولا ولاية

قال سلمه الله تعالى : وهل له ان يصلي مثلا صبح الشهر اولا كملا ثم ظهره كذلك ام لا

اقول هذه الصورة في اصل الشرع يجوز بالنسبة الى الاجير اذ لا يشترط فيه الترتيب ولكن الاجارة اذا كانت مطلقة بتصرف الى المتعارف المعلوم وهو الاتيان بها ترتيبا

قال سلمه الله : ولو تعذرت ازالة النجاسة عن البدن لضيق الوقت هل يجوز له الصلوة في الثوب النجس مع امكان الطاهر ام لا بد منه اذا امكن واذ سرت نجاسة البدن اليه

اقول اذا لم يمكنه ازالة النجاسة عن الثوب والبدن وامكن ابدال الثوب النجس بالطاهر بحيث لا تسري اليه النجاسة يجب ذلك لانه مكلف بازالة النجاسة عن الثوب والبدن فاذ لم يتمكن من الجميع يأتي بما يستطيع لقوله عليه السلام اذا امرتكم بامر فأتوا منه ما استطعتم واما اذا كانت النجاسة تسري في الثوب الطاهر فلا فايدة في الابدال اذ لا يؤثر شيئا في ازالة النجاسة ولا في تحقيقها

قال سلمه الله تعالى : وهل يسقط الاذان والاقامة عن مريد الصلوة اذا دخل وقد صلت الجماعة ولم يتفرقوا مطلقا ام في المسجد خاصة

اقول الظاهر ان الحكم المذكور مخصوص المسجد دون غيره وكان شيخنا اعلي الله مقامه يذهب الى ان الحكم المذكور ولاجل الامام لا لخصوص المكان والاحتياط مطلوب في الشريعة

قال سلمه الله تعالى : ولو بقي عن انتصاف الليل مقدار اربع ركعات هل يجب عليه تقديم المغرب ثم لا شيء عليه ام عليه مع ذلك قضاء المغرب من بعد

اقول الاصح ان الوقت المختص بالعشاء مقدار اربع ركعات عن نصف الليل فاذا كان هذا المقدار هو الوقت المختص بالعشاء فلا يجوز ايقاع غيرها في الوقت المختص به ويجب ان يصلي العشاء اداء ويقضي المغرب

قال سلمه الله تعالى : وهل تجوز الصلوة في فرو السنجاب ام لا

اقول الاظهر الاستر جواز الصلوة فيه

قال سلمه الله تعالى : ولو كان له ملك في بلد قد هجرها واتخذ غيرها دار اقامة هل يتم بمجرد الوصول اليه ام لا بد من نية الاقامة

اقول لو كان في البلد الذي له ملك قد استوطنه ستة اشهر بمعنى انه اتم الصلوة في هذه المدة متى ما وصل اليه والملك باقي يجب عليه التمام وان هجرها واتخذ غيرها دار اقامه اذ لا يشترط فيه الاستيطان بل يكفي فيه مع الملك اقامة ستة اشهر والظاهر انه لا يشترط فيها التوالي بل يكفي ولو كان متفرقة فاذا تحققت هذه الشرائط يتمم صلوته بمجرد الوصول الى ذلك البلد وذلك المكان ولا يحتاج الى نية الاقامة الا اذا انتفي الملك وانتقل الى غيره فانه ح ينقطع هذا الحكم ولا يجوز له اتمام الصلوة الا بعد حصول احدي قواطع السفر من اقامة العشرة او ثلاثين يوما مترددا او قصد التوطن او كثرة السفر وامثال ذلك

قال سلمه الله تعالى : ولو فاتت الصلوة في احد المواضع الاربعة فقضيت في احدها هل يتحتم التقصير ام يبقى التخيير

اقول بل يتحتم التقصير لان ثبوت التخيير انما هو ما دام في ذلك المكان واما اذا خرج عنه فلا

قال سلمه الله تعالى : وهل وجوب القصر خاص بالسفر ام وفي الحضر

اقول لا يجوز القصر الا في السفر وهو القصد الى اربعة فراسخ ذهابا واربعة فراسخ ايابا ولا يجيك لعود والاياب ليومه بل يتحقق السفر ولو كان العود قبل العشرة فلو قصد اربع فراسخ ذهابا ولم ينوي العود يجب عليه التمام ولو صلى في اثناء الطريق لعدم تحقق السفر فانه لا يتحقق الا بثمانية فراسخ ولا يجب قطعها في يوم واحد قصد الثمانية ابتداء او ذهابا وايابا وهذا هو السفر الشرعي الذي يجب على المسافر تقصير الصلوة فيه فاما في الحضر فلا تكون الصلوة الا تامة الا في مقام الخوف لان صلوة الخوف قصر ولو كان حاضرا

قال سلمه الله تعالى : ولو مسافر في البحر ثم ردته الريح الى موضع يسمع فيه الاذان او يرى الحيطان هل يتم ام يقصر

اقول اذا رجع برد الريح الى موضع يسمع فيه الاذان او يرى الحيطان في بلده وذلك هو حد الترخص فيتم الصلوة فيه واما اذا كان في موضع الاقامة وخرج قاصدا للسفر ثم رجع الى ذلك المكان بعد ما خرج عن حد الترخص فانقطعت اقامته فيقصر الا ان ينوي الاقامة

قال سلمه الله تعالى : وهل يصح التحليل بلفظ الاباحة والهبة ام الاذن ام لا

اقول القدر المتيقن في تحليل الامة اجراء الصيغة بلفظ التحليل كأن يقول احللت لك وطيها او انت في حل من وطيها على الاصح واما ما سوى ذلك مما يؤدي مؤداها مثل الاباحة والهبة وامثال ذلك فانه لا يجوز لان اصالة التحريم في الصورة المذكورة اقوى مستمسك وقد دل الدليل بحصول التحليل التحليل بلفظه واما ما سوى ذلك فلا حتى يقوم دليل شرعي واذ ليس فليس ولا يصح استعمال التحريجات العقلية والاستحسانات الاعتبارية في الاحكام التوقيفية

قال سلمه الله تعالى : وما توضيح شر ( شركة ظ ) الابدان واذا وقعت هل يكون الحاصل منها حراما معنى بطلانها ذلك ام غير ذلك

اقول شركة الابدان ان يشترك اثنان ويكون كل واحد منهما في صنعة ويكون الحاصل بينهما اما على التساوي او على التفاوت سواء كانت الصفة في مال مملوك او تحصيل مال مباح كالاصطياد والاحتطاب والاحتشاش وغيرها مما في معناها وهذه الشركة باطلة لان المعتبر في الشراكة امتزاج مال الشريكين بحيث لا يتميز احدهما عن صاحبه فاذا كانا متميزين فلا تعقل الشراكة والمال الحاصل من هذه الجهة لا ينقل الى غير العامل فان تراضيا بمساوات الحاصل من العمل او بتفاوته فان كان بمحض الاباحة او الصلح او الهبة فلا بأس وان كان من جهة الشراكة فتصرف كل واحد منهما فيما حصل من عمل الآخر حرام لا يجوز والظاهر ان المسئلة اجماعية ومناقشة الاردبيلي في ذلك لا يلتفت اليها فتبصر

قال سلمه الله تعالى : ما معنى ما ورد ان العالم اذا مات بكت عليه السماء والارض وثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها الا خلف منه ما معنى البكاء وما معنى الثلمة منوا علينا بالجواب وفقكم الله للصواب

اقول البكاء انما يحصل عند انقباض الروح واجتماعه في القلب فتحصل من ذلك الانقباض حرارة تتصاعد بها الابخرة الى الدماغ فتنجمد ببرودة الدماغ كالسحاب ثم يذوب بقوة الحرارة فيتقاطر كالمطر ولما كان اوسع الاجزاء البدنية وافتحها مساما العين والانف يخرج تلك القطرات والرطوبات من العين ومن الانف فاذا مات العالم فان كان المراد هو العالم المطلق الذي هو الامام ينقبض قلب العالم وتشتد الحرارة وتتصاعد الابخرة ويحصل الخلل في اركان العالم واوضاعه فتحصل ثلمة وهي عبارة عن ذلك الاختلال فلا يسدها اي لا يرفع الاختلال الحاصل في العالم بموت العالم الذي هو الامام عليه السلام الا وجود الخلف منه الذي هو من سنخه القائم مقامه ولذا ترى عند موت الامام عليه السلام يحصل خلل في الوجود مقارن موته ثم يرتفع بسبب وجود اللطف الالهي الذي هو الامام الخلف فيعبر من هذا الاختلال بالبكاء والثلمة ويختلف هذا البكاء على حسب نحو وفات الامام عليه السلام فبكت السماء دماء عند قتل الحسين عليه السلام لشدة المصيبة وعظم الرزية ولكن تلك الثلمة دفعها وجود وصيه وخليفته القائم مقامه وهو قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد الآية وان كان المراد بالعالم سائر العلماء من الشيعة العلماء الربانيين فكما ذكرنا في مقام التبعية والفرعية الا ان الخلل في هذا المقام اقل والثلمة اضيق والبكاء لا يظهر لعامة الناس الا الخواص الا ان يكون ذلك العالم من اخص الخواص وقد ظهر بعد موت شيخنا وسنادنا خلل كلي من انكسار شوكة الاسلام باستيلاء الفرنك وهم الروس على سلطان العجم وقتل جمع كثير من المسلمين المؤمنين وهدم بيوت كثيرة ونهب عيال واطفال وهتك اعراض ثم وقوع الطاعون العام الذي لم ير مثله الا نادرا وامثالها من الامور العظام والخلل العام وما استقر وما انتظم الا بعد مدة ولم يزل في الاختلال بعد وهذا الذي ذكرنا وامثاله هو الثلمة ولهذا الحديث بيان قشري صوري تجده في كتب العلماء وليس لي الآن اقبال ذلك البيان

قال سلمه الله تعالى : وما معنى القباء المشدود حيث تكره الصلوة

اقول ظاهر عبارة المفيد حرمة الصلوة في القباء المشدود الا في الحرب قال (ره) ولا يجوز لاحد ان يصلي وعليه قباء مشدود الا ان يكون في الحرب فلا يتمكن ان يحله فيجوز ذلك الاضطرار ونقل عن صاحب الوسيلة التحريم ايضا ونقل الشيخ ذلك عن ابن ‌بابويه عليّ بن الحسين وقال ايضا رحمه الله سمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم اعرف به خبرا مسندا وبعض الاصحاب ذكروا كراهته معترفين بعدم المستند اقول هذه المسئلة ليست من الامور الاستنباطية بل تحت الوقوف على نص خاص ولم يذهب هؤلاء الفحول الى التحريم او الى الكراهة لمحض الفتيي والاستحسان لا طريق اليه ولم يبق الا ان يكون هناك خبر قد اعتمدوا عليه ونحن حيث لم نقف عليه بالمرة فنحن في سعة لقوله عليه السلام الناس في سعة ما لم يعلموا فالكراهة والحرمة كلتاهما امران شرعيان لا بد من دليل خاص الا ان مراعاة الاحتياط لازمة على كل حال والذي افهمه من القباء المشدود هو القباء الذي لبسه الآن متعارف عند العجم والهنود ويجعلون للقباء خيوطا يشدون بعضها ببعض لا المزرور ولا القميص المزرور بل المراد به المشدود في نفسه لا ما ذكروه انه الحرام اي المشدود في وسط القباء اسناد الى رواية عامية ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يصلي احدكم وهو متحزم ولا ريب ان شد القباء غير التحزيم وان هذا الشد صفة للقباء وقد نقل عن الشيخ كراهية شد الوسط سواء كان فوق القباء او القميص وبالجملة فهذا القول لا معنى له

قال سلمه الله تعالى : وما الحكم لو اشتبه الثوب المباح بالمغصوب او الحرير او الذهب او النجس

اقول اذا كانت اثوابا متعددة مشتبهة واليقين حاصل بان المغصوب والحرير والذهب والنجس في هذا الاثواب الا ان التمييز مفقود فالجواب ان هذه المسئلة ترجع الى ان الشبهة المحصور هل يجب التجنب عن الجميع ام لا فمن قال بوجوب التجنب عن الجميع تجب عنده او الصلوة في كل واحد واحد ان كان الوقت متسعا او اخراج المباح بالقرعة لانها لكل امر مشكل ومن قال لا يجب الاجتناب عن الجميع الا في مسئلة الانائين المشتبهين لخروجهما بالنص يختار واحدا من الاثواب ويرمي الباقي ويصلي فيه لعدم العلم بمانعته للصلوة والاصل عدم كونه مانعا من الصلوة وقال عليه السلام لا ينقض اليقين الا بيقين مثله والناس في سعة ما لم يعلموا والقول بان الصلوة اذا كانت اسما للصحيحة يجب تحصيل العلم بكونها جامعة للشرائط وهو لا يحصل عند الاشتباه المذكور باطل لما ذكرنا مكررا في كثير من مباحثاتنا ان عدم حصول العلم بالمانع علم شرعي بعدم المانع وان لم يكن عقليا او عاديا والمطلوب في الاحكام الشرعية العلم الشرعي غالبا وبالجملة بعد القول بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة لا اشكال في جواز الصلوة بكل واحد منها والاحوط ان يصلي في كل منها اذا كان الوقت متسعا تحصيلا للبراءة اليقينية وان كان على القول الاول يحصل ذلك هذا اذا لم تكن الاثواب مبتلة بحيث تسري النجاسة الى البدن اذا فرض كون الثوب نجسا والمذهب الاخير اي عدم لزوم التجنب عن الجميع في الشبهة المحصورة هو القول الفصل والمذهب الجزل وعلى هذا يصلي في احد تلك الاثواب وصلوته صحيحة

المصادر
المحتوى