رسالة في جواب الميرزا ابراهيم التبريزي (٨ مسائل)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الميرزا ابراهيم التبريزي

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثالث عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان ذا الفطنة الزاكية والفطرة العالية والبصيرة السامية والذهن السليم والفهم المستقيم الآميرزا ابراهيم التبريزي ايده الله بفضله العميم ومنّه الجسيم قد بعث مسائل اراد الجواب على الاستعجال فكتبت له ما حضر بالبال مع كمال الاختلال وتوارد الاعراض المانعة من استقامة الحال وذلك هو الميسور ولا يسقط بالمعسور والى الله ترجع الامور وجعلت سؤاله كالمتن والجواب كالشرح على حسب العادة ليختص كل جواب بسؤاله

قال سلمه الله تعالى : مسائل - هل يمكن لأحد رؤية الصاحب عليه السلام في الغيبة الكبرى ام لا وفي صورة الامكان هل يختص ببعض الخواص كالابدال والاوتاد والنقباء ورجال الغيب ام يعم

اقول المعروف بين الفرقة المحقة كما هو مدلول الروايات الكثيرة ان في الغيبة الكبرى لا يدعي الرؤية الا الكاذب نعم قد يراه عليه السلام ولا يعرفه الا بعد ان فارقه عليه السلام اما الرؤية مع المعرفة فلا تمكن الا للنقباء الذين هم ثلثون نفسا معه عليه السلام كما في الكافي عن ابي‌ عبد الله عليه السلام قال لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلثين من وحشة ه‍ وهذا الحديث الشريف صريح بأن اولئك الثلثين معه يرونه والا فلا معنى للتخصيص وللقول بعدم الوحشة وفيه ايضا عنه عليه السلام للقايم عليه السلام غيبتان احديهما قصيرة والاخرى طويلة الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها الا خاصة شيعته والاخرى لا يعلم بمكانه فيها الا خاصة مواليه ه‍ والتخصيص في الاولى بخواص الشيعة وفي الثانية بخواص الموالي يشير الى ما ذكرنا فان الموالي هم الخدام المخصوصون ولهم مزيد اختصاص في المعاشرة والملاقاة وهؤلاء كامامهم عليه السلام غائبون عن اعين الخلق وربما يظهرون لهم ولهم افاعيل عجيبة وتأثيرات غريبة في الوجود وهم رجال الغيب ولا ينقصون عن هذا العدد فاذا مات واحد منهم يُؤتى بالآخر ويُترقّى الى مرتبته ويُجعل بدلا منه فلذا سمّوا بالابدال

قال سلمه الله تعالى - وهل الصاحب عليه السلام يأكل ويشرب ويلبس كسائر الناس بلا تفاوت او معه في هذه النشأة الشهودية ام في عالم المثال او غيره مثلا

اقول انه عليه السلام وروحي له الفداء بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون الا انه عليه السلام لا يأكل الا من الطيبات لقوله عز وجل يا ايها الرسل كلوا من الطيبات على المعنى الاعم وكذلك القول في اللباس وينكح عليه السلام من بنات هذه الدنيا واهل هذا العالم من غير ان يعرفنه فاذا ماتت الزوجة فان كان لها ولد يأتي اليه التوقيع بأنه ابنه عليه السلام ثم لا يراه الاولاد بعد موت امهاتهم وقبل موتهن يرونه ولا يعرفونه وقد روى شيخي وثقتي واستادي جعلني الله فداه عن ابيه الشيخ زين ‌الدين بن ابراهيم عمن رواه ان الحجة عليه السلام اتى الى رجل يحيك بردا فقعد واستند الى نورد الحائك فقال له زوجني ابنتك فقال اني لا اعرفك من ايّ الناس انت فمن انت قال لا تسألني ان احببت ان تزوّجتني فافعل فقال استشير امها فقام ودخل بيته ليستشير زوجته فخرج ولم ‌ير الشخص ونظر الى البرد فاذا هو قد تمت حياكته ونظر الى النورد فاذا هو قد اخضر واورق في موضع استناده فاذا مكتوب عليه هذه الابيات :

ايا سائلي عن مبدء اسمي ومنسبي سأنبئك عن لفظي وحسن تكلمي

انا بن مني والمشعرين وزمزم ومكة والبيت العتيق المعظم

انا جدي الهادي النبي (ص) وابي عليّ ولايته فرض على كل مسلم

وامّي البتول المستضاء بنورها اذا ما نسبناها عديلة مريم

وسبطا رسول الله عمي ووالدي وبعدهما الاطهار تسعة انجم

ائمة هذا الخلق بعد نبيّهم (ص) فان كنت لم تعلم بذلك فاعلمِ

ومن يمتسك منهم بحبل ولاية يفوز به يوم المعاد ويغنم

انا العلوي الهاشمي الذي ارتمي به الخوف والايام بالمرء ترتمي

وضاقت بي الارض الفضا بعد رحبها ولم ‌استطع نيل السماء بسلّم

الابيات وهو عليه السلام في هذه النشأة الشهودية مع الخلق والا لساخت الارض بأهلها الا انه عليه السلام ليس متوسخا باوساخهم واعراضهم واحوالهم وانقلاباتهم وتغيراتهم بل هو عليه السلام في جانب اليمن بين مكة والمدينة في وادي شمراخ وشمريخ في قرية يقال لها كرعة وتلك القرية من عالم الاجسام الا انها من صافيها المعتدل اصفى والطف من الافلاك بل من الاطلس وهو قوله تعالى في الباطن وفي السماء رزقكم وما توعدون وقد روي ان الرزق هو القائم عليه السلام ومعنى كونه في السماء ان بدنه عليه السلام من ذلك السنخ لا انه ليس في الارض لا انه ليس من عالم الاجسام وربما نقول انه عليه السلام في عالم المثال وعالم البرزخ نريد به العالم البرزخ بين الدنيا والآخرة كعالم الرجعة فانها ليست بكثافة الدنيا ولا بصفاء الآخرة وهو الآن طبيعة اهل الجزيرة الخضراء ومدينة جابلقا وجابرسا وهورقليا فافهم

قال سلمه الله تعالى - ومَنِ الابدال والاوتاد والاقطاب والنقباء ورجال الغيب كما ورد ذكرهم في دعاء ام ‌داود واشتهر ذكرهم في الالسنة والافواه وكم عددهم ومراتبهم وفايدة وجودهم

اقول قد روي عنهم عليهم السلام انهم هم الابدال والاوتاد وقد عقد المجلسي (ره) في البحار بابا لذلك ولكن يستفاد من كثير من الاخبار كما في دعاء ام‌داود وحديث جابر وغيرهما انهم غيرهم عليهم السلام فيكون المراد اِما اولئك الثلثين او خواص شيعتهم الذين وصفهم اميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة الى ان قال عليه السلام كيلا تبطل حجتك ولا تضل اوليائك بعد اذ هديتهم بل اين هم وكم اولئك هم الاقلون عددا والاعظمون عند الله جل ذكره قدرا المتّبعون لقادة الدين الائمة الهادين الذين يتأدبون بآدابهم وينهجون نهجهم فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الايمان فتستجيب ارواحهم لقادة العلم ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم ويأنسون بما استوحش منه المكذّبون واباه المسرفون اولئك اتباع العلماء صحبوا اهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى ولاوليائه ودانوا بالتقية على دينهم والخوف من عدوّهم فارواحهم معلقة بالمحل الاعلى فعلماؤهم واتباعهم خرس صمت في دولة الباطل منتظرون لدولة الحق وسيحقّ الله الحق بكلماته ويمحق الباطل ها ها طوبي لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم ويا شوقاه الى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله واياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم ه‍ وهؤلاء هم اوتاد الارض لأنهم محل نظر الامام عليه السلام وبذلك النظر بقاء الارض فلو خلا الارض من هؤلاء المخلصين انقطع النظر والعناية فساخت الارض بأهلها كما روي عن الصادق عليه السلام في اصحاب ابيه الاربعة الى ان قال عليه السلام اذا اراد الله بأهل الارض سوء صرف بهم عنهم السوء هم نجوم شيعتي احياء وامواتا يحيون ذكر ابي عليه السلام بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأويل الغالين ثم بكى عليه السلام الحديث فالخواص المخلصون من الشيعة هم اوتاد الارض بهذا المعنى فانهم حملة عناية الامام عليه السلام على الرعية والعالم ولذا ترى امم الانبياء الماضين اذا عصوا كلهم هلكوا باذن الله تعالى وهم الابدال يعني ابدال الاوصياء عليهم السلام عند الغيبة والبعد يبينون عنهم عليهم السلام ويؤدّون الى شيعتهم او انهم الثلثون للذي ذكرنا سابقا عن الصادق عليه السلام فاذا مات واحد منهم جيء بالآخر بدلا منه وهم النقباء لانهم الاصول الرؤساء والقري الظاهرة للسير الى القري المباركة كما روي عن الباقر عليه السلام وهم الاقطاب الجزئية لأنهم وسائط الفيض بين الامام عليه السلام وبين ساير الرعية في الافاضات والامدادات وساير العنايات وهم مرجع الخلق ومردّهم في زمان الغيبة كما قال الحجة عليه السلام في التوقيع هم حجتي عليكم وانا حجة الله على الخلق واما رجال الغيب فهم الثلثون الذين معه عليه السلام او هم مع غيرهم لأن المتمحضين في محبة الله تعالى والمخلصين في توحيده قد انقطعوا اليه وتشبثوا بأذيال عنايته تعالى فأخفاهم الله عن اعين الظالمين والبسهم لباس الجلال الى يوم الدين كما قال الشاعر :

لله تحت قباب الارض طائفة اخفاهُمُ عن عيون الناس اجلالا

واما عددهم فاعلم ان القوم ذكروا ان في كل عصر لا بد من غوث واركان ونقباء ونجباء والصالحين وساير المؤمنين فالغوث واحد ابدا وهو القطب الذي عليه المدار وهو الامام عليه السلام والاركان اربعة قالوا انه عيسي عليه السلام والخضر والياس وصالح عليهم السلام وهم احياء لا يموتون باقون ببقاء الغوث والنقباء اربعون او ثلثون وهم الابدال لأنهم يموتون فيأتي الآخر بدلهم ولا يبقون ببقاء الغوث كالاركان والنجباء اربعون او سبعون ويطلقون عليهم الاوتاد وان كان الجميع يصلحون لهذا الاطلاق والصالحون ثلثمائة وستون ولا ينقصون عن هذا العدد والمؤمنون لا حصر لهم ولم‌ نطلع لهم لخصوص هذا العدد على دليل من الشرع ووجه من النص وان كان في العقل ما يدل على ذلك لموافقة هذه الاعداد ترتيب الوجود فان القطب الدائر عليه جميع كرات العالم واحد يفيض منه الى اربعة اركان العرش ثم يفيض من تلك الاركان الى ثلثين مراتب القابليات ثم الى اربعين مراتب المقبول ثم الى ثلاثمائة وستين درجات تمام الكور والدور من مراتب القابل والمقبول وذلك ترتيب مراتب الاسماء الالهية المنزّلة الى المراتب والمنازل السفلية بالتعلقات الخلقية ويشير الى الجميع حديث حدوث الاسماء على ما في الكافي والتوحيد ولكنا حيث لم‌ نطلع على نص منهم عليهم السلام على هذه الاعداد المخصوصة الا على الثلثين فنقول به ونسكت عما عداه ونرجع علمه الى الله تبارك وتعالى كما قال عليه السلام فاسكتوا عما سكت الله وابهموا ما ابهمه الله تعالى واما فائدة وجودهم فاكثر من ان يحصى واعلى من ان يستقصى منها انهم اوتاد الارض كما قلنا سابقا لأنهم محل نظر الامام عليه السلام وحملة عناياته وحفظة اراداته ومنها انهم حملة علومه واسراره وانواره ومهبط فيوضاته وارض اشراقات شمس معارفه ومنها انهم يدبرون باذن الله تعالى اهل الارض بلطيف التدبير من ارشاد الضال وهداية الطريق والكشف عن المكروب واغاثة الضعيف ونصرة المظلوم واعانة المسافر وتعليم الجاهل وغير ذلك مما يحتاج اليه الخلق وغير ذلك من الاحوال والفوايد وذكر اكثرها او بعضها مما يطول به الكلام والاشارة كافية مع انا نقول ان الفائدة في وجودهم وايجادهم مثل الفائدة في وجود غيرهم وايجادهم من ساير المكلفين الا انهم بلزوم الطاعات والعبادات وخلوص النيات وصفاء السراير وانحاء التوجهات الى باري السموات وقطع السوي من المخلوقات نالوا اعلى الدرجات وفازوا باشرف الغرفات وتأدبوا بآداب امامهم وسيدهم حتى قويت نسبتهم الى النور وكثر تحملهم للظهور فتشعشع عليهم تلك الانوار فصارت ابصار اهل الدنيا تكل عن النظر اليهم وتحسر عن مشاهدتهم لبعد المناسبة وغلبة الفطرة المعوجّة فصاروا غائبين وهم مع ذلك لا يغفلون عن احوال الضعفة والمساكين والله من ورائهم محيط

قال سلمه الله تعالى - وما طي الارض وطي الزمان والاخفاء كما اشير اليها في الحديث وكيف يكون هذا ويتحقّق وهل يختص بالخواص والانبياء والاولياء او يعمّ الابدال والاقطاب ونظرائهم او يعم امكانه لغيرهم ايضا من اهل الورع والرياضة كما ينقلون عن بعضهم

اقول اعلم ان نسبة الخلق بجميع احواله واطواره وشؤناته وذواته وجواهره واعراضه وكينوناته الى فعل الله تعالى في عدم الاستقلال مثل نسبة الخطورات والتصورات والصور الذهنية الى ذاتك او الى حركتك النفسانية او القلبية كما انك تتصرف في تصوراتك كما تشاء بما تشاء من تصغير الكبير وتكبير الصغير وطي المستطيل والمستدير بمحض ارادتك وفعلك من دون علاج وتوقف على شيء ومن غير مادة زايدة ومدة خارجة كذلك الله سبحانه وتعالى يفعل بفعله في خلقه ما يشاء كما يشاء بما يشاء بمحض توجه الفعل وهو قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فاذا ثبت ذلك فكلما في الوجود خاضع لديه خاشع عند جلال عظمته ومضمحل دون كبريائه وقدرته فاذا اراد الله سبحانه ان يقرّب البعيد لأحد من عباده بمحض كرم جوده يطوي له الارض بمعنى انه سبحانه يأمر الارض ان يلاقي طرفي مقصود الساير حتى يتحول فتنبسط في اقل من طرفة العين مثلا اذا كان الشخص واقفا في ارض مكة واحب السير الى مشهد سيدنا الحسين عليه السلام يأمر الله سبحانه ارض مشهد الحسين عليه السلام ان يلتقي بأرض مكة ليكون بينهما للشخص خطوة واحدة فاذا اخطا خطوة من ارض مكة يرى نفسه في ارض كربلاء وعند تلاقي الارضين يأمر الله سبحانه ما بينهما من الابنية والبساتين والانهار والاشخاص ان لا يبرحا في اماكنها التي كانت يحفظ الملئكة باجنحتها اياها او حفظها على وجه الارض بقدر شعرة حتى لا تنهدم الابنية وتضمحل البساتين ولا يكون طي الارض عاما لكل الاشخاص الماشين على وجه الارض في تلك الساعة لأن الاشياء كلها خاضعة لجلال قدسه فما على وجه الارض تمسكه القدرة بالملئكة والحفظة والارض تنطوي ويلتقي طرفاه وان كان بين المشرق والمغرب والله على كل شيء قدير فعلى ما ذكرنا ظهر لك معنى طي الارض واندفعت شبهتهم على طي الارض وتفصيل الامر لا تسعه هذه العجالة فنحمل طي الارض الوارد في الاخبار على معناه الحقيقي المفسر به في الاخبار ولا نحتاج الى التأويل والتكلّف واما طي الزمان فاعلم ان الزمان من جملة المشخصات فلا ينطوي ولا يسلب لأنه جزء ماهية الشيء والشيء لا يكون بسيطا ابدا فلا يتحلّل عن التركيب ابدا ولا يخلو عن الزمان ابدا هذا اذا اردنا من الزمان مطلق الوقت واما اذا اريد به ما هو المصطلح عليه من وقت الاجسام فالشخص اذا تعدى في سيره وتوجهه عالم الاجسام فكل الزمان والزمانيات عنده كالنقطة فيطوى عنده الزمان ويبطل لديه المستقبل والحال والماضي فيكون محيطا بجميع احواله واما في سيره في عالم الاجسام فاعلم ان الزمان كالجسم لطيف وكثيف وغليظ ووسيع ومضيّق فزمان المتولدات والعناصر اضيق المراتب واغلظها وزمان الافلاك السبعة اوسطها وزمان العرش والكرسي الطفها واعلاها واشرفها ولما كان الانسان انموذجة العالم وفيه جميع ما في العالم كان فيه قبضة من كل هذه المراتب قبضة معنوية حقيقية فاذا ترقى الانسان الى رتبة اعلى كان ما تحته لديه مطويا فيكون يوم عنده كألف سنة مما تعدّون فيقطع مائة‌ الف سنة او اكثر في اقل من طرفة عين ومن هذا القبيل كان قراءة مولينا الكاظم عليه السلام حين يضع رجله في الركاب الى ان يستوي جالسا على المركوب تمام التورية والانجيل والزبور والقرآن في اقل من دقيقة وسيره عليه السلام في ساعة واحدة اثني‌عشر عالما واثني ‌عشر برا واثني ‌عشر بحرا واحد العوالم عالم الاجسام وقد حدّدوا قطر محدد الجهات فصار تخمينا مسافة مدة ثمانين ‌الف سنة وثمانمائة وثمانين فكيف بعالم هورقليا وعالم المثال وساير عوالم البرازخ والحاصل فكلما لطف ورق الشيء وقرب من مبدئه لطف ورق الزمان واتسع وانطوى ما تحته لدي فصار يقطع ما يقطع الاسفل في الف سنة في اقل من لمح العيون وقد روي ان النبي صلى الله عليه وآله ليلة المعراج لما صعد السموات سئل جبرائيل عن الزوال هل صار ام لا فنظر جبرائيل الى الشمس فقال لا ثم قال نعم فقال لقد قطعت الشمس بمقدار زمان قولي لا مسافة خمسمائة عام وروي ايضا ان الله سبحانه يخلق في الجنة لمن ادى زكوة ماله فرسا فيأمره ان يركب عليه ويركض في ارض الجنة سنة فما يبلغ جواده فهو له وانه ليقطع في اقل من طرفة عين بقدر الدنيا سبع مرات ه‍ فانظر ماذا ترى واما الاخفاء فقد يكون بالرياضات والمجاهدات والاعمال الصالحات حتى يتلطّف ويتروّح فلا تراه الابصار فاذا اراد ان تريه الابصار يتكثف فتريه مثل جبرائيل عليه السلام حين يظهر بصورة دحية بن خليفة الكلبي وقد يخفى عنهم وكما يفعل الائمة عليهم السلام والانبياء وغيرهم من الصلحاء وقد يكون بانواع المعالجات بخواص العقاقير مما اشتمل عليه علم اللّيميا وقد يكون بغيرها من تصرفات الحروف والعزائم والاسماء والاوفاق وغير ذلك مما هو المعروف عند اهل العلوم المكتومة

وقولكم هل يختص بالخواص الخ جوابه ان هذه الامور تحصل للكل بحسب مرتبته ومقامه وليست خاصة بالانبياء عليهم السلام وربما يكون يحصل ما يشابه طي الارض وطي الزمان والاخفاء من اعداء الله اولياء الشياطين من جهة كمال بعدهم عن النور وكمال قربهم الى الظلمة فيتّصل بهم الشياطين وتبعد عنهم الملئكة فيسيرون به الى الامكنة البعيدة بسرعة الحركات ويظهرون الغرائب وما يشابه المعجزات فيغيبون عن الابصار ويخبرون بالاخبار وغير ذلك من الاحوال وكل ذلك من الشياطين فلاتغتر اذا رأيت شيئا من هذه الامور

اي بسا ابليس آدم‌رو كه هستپس بهر دستي نبايد داد دست

قال سلمه الله تعالى - وهل ذكر في حضرتكم انّه في اكثر بلاد الافرنج وضع بيتا اسمه بالفارسية فراموش‌خانه اي بيت النسيان الخ

اقول هذا البيت معروف مشهور والذي اعرف من ذلك ان عدم الاخبار ليس لأجل الغرايب التي في ذلك البيت بل لأجل التصرف في الذي يدخل بحيث لا يقدر ان يخبر به وربما ليس في ذلك البيت شيء الا انهم رصدوه بالارصاد وانحاء المعالجات من احكام السحر مما اشتمل عليه علم السيميا بتسخير الملائكة الثلثة شمعون وزيتون وسيمون واعوانهم في اظهار الصور والخيالات والامثال المنزلة من السماء الثانية مما اودع في سرّ فلك عطارد من القوة الفكرية ومما اشتمل عليه علم الليميا من العجائب المودعة في خواص العقاقير من الرفع والوضع والضر والنفع والجذب والدفع والصور والخيالات وايهام الكرامات من الدخول في النار وعدم التأثر بها وغير ذلك ومما اشتمل عليه علم الريميا من عجائب المعالجات وسرعة الحركات واظهار ما يشابه المعجزات مما اودع في بنية الانسان من احوال الامكان ومما اشتمل عليه علم الهيمياء من اسرار الحروف في حقايقها الفكرية وقواها العددية وصفاتها اللفظية واشكالها الرقمية ولا شك في ان لها تأثيرات عجيبة في ما يراد منها ويتفرع من هذه العلوم انواع التسخيرات وساير الأرصاد كما فعل بليصال بن حور بالمدينة التي بناها بحيث يدخلها الشمس والهواء ولا يدخلها الماء وبذلك نجى اهل تلك المدينة من الغرق في الطوفان وغير ذلك من انواع الأرصاد فكذلك حال هذا البيت رصدوه بحيث من دخل فيه لم يقدر ان يخبر عن حاله بنحو من انحاء التأثير لتكثر رغبة الناس في ذلك البيت ويكون لهم شأن بذلك ويعرف بعضهم بعضا بذلك التأثير ولقد سمعت ورأيت ايضا في الرؤيا ليلة كتابة هذه الاحرف ان الذي يدخل في هذا البيت فيخرج فيرى الذي دخله ان له صورتين وبتلك العلامة يعرف بعضهم الآخر والعلامات ايضا لها مراتب في الشدة والضعف والعلو والسفل في كل احد بحسب رتبة مقامه ولا تعرف تلك العلامات الا بالمقابلة والمواجهة حسب ما رتبت تلك العلامات والصور والاوضاع والاحوال وغيرها والله هو العالم بحقيقة الحال

قال سلمه الله تعالى - وحقيقة الشيطان ما هي وما الشيطان الكلي الذي له تصرف وتسلط في العالم

اقول اعلم ان الشيطان هو الجاهل الكلي الذي في مقابلة العقل الكلي والعاقل الكلي فكما ان الله سبحانه خلق العقل فقال له ادبر فأدبر ثم قال له اقبل فأقبل وباقباله وادباره خلق الله سبحانه جميع الذرات الكونية والحقايق الوجودية فكلها مقهورة تحت هيمنة العقل الكلي فالعاقل الكلي الذي هو رتبة الجامع عليه السلام له هيمنة على الكل في الكل كذلك الجهل الكلي خلقه الله تعالى من البحر المالح الاجاج ظلمانيا خلقه تعالى من الف جزء سبعمائة من التراب ومائة وخمسين من الماء ومائة من الهواء وخمسون من النار ثم امره تعالى بالادبار فأدبر موليا في مهاوي الظلمات ومنازل الانيات فظهر صعودا في اول ادباره في الثرى ثم في الطمطام ثم النيران ثم الريح العقيم ثم البحر ثم الحوت ثم الثور ثم الصخرة والسجين ثم حامل الارضين ثم ارض الشقاوة ثم ارض الالحاد ثم ارض الطغيان ثم ارض الشهوة ثم ارض العادات ثم ارض الممات ثم في الطينة الكلبية ثم في السموم ثم في الماء الاجاج ثم في الارض السبخة ثم اخذ في الادبار والنزول في المركبات الخبيثات اخذ ينزل بظهوره في الحجارة والحديد من قوله تعالى قل كونوا حجارة او حديدا الآية وذلك عند صعوده الى اعلى منازله التي هي اسفل الدركات ثم ظهر في النبات المر ثم في المسوخ ثم في الشياطين ثم في شياطين الانس ثم الى كمال الدرجة الجامعة الحاوية لكل هذه الظلمات فسرت ظلماته في كل ما في الارضين والسموات في مقام الانيات فلما خلق الله الجن على وجه الارض قبل خلق آدم عليه السلام ظهر بشره وغيه وفساده واغويهم وافسدهم وترءّس عليهم حتى قتلوا يوسف النبي المبعوث عليهم من الله عز وجل فاستوجبوا سخط الله عز وجل فطهّر سبحانه وجه الارض عن لوث خباثتهم وهو عليه اللعنة اظهر الندم والتوبة والخضوع والانقياد لمحض الرياء والكذب والافتراء فصعدت الملائكة به الى السماء حيث لم يطلعوا على خبث باطنه وقبح سره وسريرته وبقي يعبد الله تعالى هناك ليتمكّن من اظهار ما في بواطنه الخبيثة وكان اسمه عزازيل وكنيته ابوكردوس فلما اراد الله تعالى اظهار ما اراد وانفاذ مشيته وتبين خبث سريرته لتعلم الملائكة بذلك ولا تظن به خيرا امرهم بالسجود لآدم حين خلقه فان الله تعالى خلق آدم من الف جزء تسعمائة من التراب وتسعين من الماء وتسعة من الهواء وجزء من النار فامتنع من السجود استكبارا فابسل ثم قنط عن رحمة الله تعالى فسمي ابليسا ثم سمي شيطانا لأنه اما ان يكون مشتقا من شاط فيكون بمعنى الطغيان او من الشطن بمعنى الاخذ بصعوبة والمناسبة غير خفية وهذا هو الشيطان المهيمن على كل الظلمات والمستولي على كل الكائنات لأن كل شيء مركب من الضدين من نور وظلمة فالنور من العقل والظلمة من الجهل فافهم

چيز ديگر ماند اما گفتنشبا تو روح القدس گويد بي منش

قال سلمه الله تعالى - وما الشيطان الجزئي الذي لكل فرد من الانسان اهو من اجزائه ام من افراده ام من اجناده واعوانه

اقول ان ابليس كانت له زوجة صلماء كالحية اسمها طُرْطُبّة فنكحها فباضت ثلثين بيضة عشر في المشرق وعشر في المغرب وعشر في وسط الارض وخرج من كل بيضة جنس من الشياطين كالغيلان والعفاريت والغطارفة واسماء مختلفة منهم الشيصبان وساجيا وزربا ومسمار وديهيش وزوبعة وزيعة وصبصبا ووسمدون وصعصعة وقيراط ورياح وسلاهب واصفر وسلهاب ومذهب وعمر ومنسويه والرها وهُطّهُط وهيرام وطايوس ومهيل وقابوس وذمار وفروة وفرّة وسِرياط وقاطِرس وذهاز وعافر وعسرج وعطيج ونهرس ونهروس والبطر ومهلب ومهيل والحارب والحويرب وعيص والهريس والهرسم وبهرز ونعمان ولصيق وعريس وعوس وطهار وفرطس وسامر والهائم واقبس وبهيم والهام وعليص والاقيض وهامة بن الاقيض وبلدون وهو الموكل بالسوق ودفليس وابنته ام‌الصبيان ومنهم زوبعة والخطاب وبِشر وعاديس وسليمن وقديداس وقديديس وعليس وفرّه وكيده وطرّقه ويمسة ورفسة وعفته وشقيقه وقلباء وسرحوب وغيرهم من اسماء اجناسهم فكثر النسل منهم حتى ملؤا العالم وصاروا بعدد الملئكة وكلهم من اللعين ابليس ان شئت قلت من اولاده وان شئت قلت من اجزائه حيث ان الله سبحانه جعل الولد جزء لقوله تعالى وجعلوا له من عباده جزء لما قالوا ان الملائكة بنات الله تعالى وان شئت قلت من اعوانه واجناده وان شئت قلت من شئوناته واطواره وان شئت قلت تفاصيل جمله وجداول ينبوعه كل ذلك صحيح وكل ابليس من الجزئيات موكل بشر من الشرور وموكل بجزء من اجزاء البدن بما فيه من القوي والمشاعر والحواس والشيطان الكلي الاضافي بالنسبة الى تلك الجزئيات مقره الرأس المنكوس من القلب الى اسفل السافلين والباقون متفرقون في البدن والحواس وكذلك حكم الملئكة حرفا بحرف وهذا الكلي ورقة من شجرة الزقوم التي هي طعام الاثيم طلعها كأنه رؤس الشياطين فافهم

قال سلمه الله تعالى - وهل يلحق البسر بالزبيب بالغليان في الطبيخات ام لا وان لم يلحق فما ميزان البسر والزبيب في الحلاوة والحموضة بحيث لو كان فيه قليل حلاوة يلحق بالزبيب او الزبيب ان كان له قليل حموضة يلحق بالبسر

اقول الظاهر ان مراده سلمه الله تعالى بالبسر الحصرم بقرينة الحلاوة والحموضة والزبيب فان كان ذلك فلا شك ان الحصرم غير العنب وغير الزبيب ولا يشمله حكمه فلا ينجس ولا يحرم اذا غلى في الطبخ او غيره بجميع انحاء الغليان والميزان ظهور الحلاوة في الحصرم وان كان قليلا واما البسر من التمر فذلك بحكم التمر وان لم ينضج ولم يصل الى حد الرطبية كما سئل عليه السلام عن الفضيخ متى يحلّ قال عليه السلام خذ ماء التمر واطبخه حتى يذهب ثلثاه ه‍ والفضيخ يأخذون من عصارة البسر والبسر يتحقق بتلون التمر كله وفي البعض ايضا لا شك ان الاحتياط في التجنب وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

قد فرغ من تسويدها مؤلفها ليلة الاحد ثالث شهر ربيع المولود سنة ١٢٤٢ مع كمال الاستعجال واختلال البال حامدا مصليا مستغفرا

المصادر
المحتوى