
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني المقيد بوثايق الآمال والاماني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان المولى الاجل ( المعالي الاجمل خل ) الانبل والفاضل الاوحد الاكمل ذا القريحة الوقادة والبصيرة النقادة اللوذعي الالمعي الولي الحميم الميرزا ابرهيم الشيرازي ايده الله بتأييده وسدده بتسديده واسعده بهداه واخذه بهويه الى رضاه قد بعث الى مسائل تكل ( الى تكل خل ) دون معرفتها على الحقيقة والتفصيل ابصار العقول والاحلام وتنحسر دون بلوغ حقيقتها مدارك العلماء الاعلام واراد من الحقير الفقير المعترف بالقصور والتقصير جوابها وكشف نقابها واتتني تلك المسائل وانا مشغول باجوبة مسائل اتت من البلاد النائية فلما فرغت من رسم جوابها سارعت الى جواب هذه المسائل مع قصور باعي وقلة اطلاعي وكوني لست من السفن التي يسار بها في مثل هذا البحر المتعاظم ( المتغاطم خل ) والطمطام المتلاطم مع ما انا عليه من تبلبل البال واختلال الاحوال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال وابتلائي بزمان قد مد ( بزمان مد خل ) الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعى الغي اتباعه فلبوه من كل جانب ومكان واجابوه باللسان والجنان قد قل ناصر الحق والناطق بالصدق والناس شغلتهم الدنيا الدنية من طلب المعارف الالهية واكتفوا بما يوجب حصول نعيم هذه ( حصول هذه خل ) الدنيا الخسيسة واعرضوا عما يوجب البلوغ الى مقامات المعارف ومحال القدس الانسية ( الانيسة خل ) فاستوحشوا عما يستأنس به العلماء الربانيون واستبدلوا الذي هو ادنى بالذي هو خير مما عليه العرفاء الالهيون ومع هذه الحالة فما عسى ان يقول قائل او يتكلم متكلم في نشر ( سر خل ) العلوم الحقيقية والمعارف الالهية والمطالب العالية المأخوذة من اشارات كلمات اهل بيت النبوة والرسالة سلام الله عليهم ولكن لما كان لكل سؤال جواب وجب ان نبادر الى البيان على ما يقتضي الحال لئلا امنع الحكمة عن اربابها ( من اهلها خل ) واؤدي الامانات الى اهلها ونسئل الله سبحانه ان يوفقها ( يوفقنا خل ) للصواب والرشاد ويوصل جناب السائل الى اقصى المقصد واعلى المراد وها اكتب صورة الفاظ ما كتبه السائل امطر الله عليه من فيضه الهاطل ثم اذيلها بما يمدني الله تعالى من الكلام والجواب والله المستعان وعليه التكلان
قال سلمه الله تعالى : اجلى سلام لا تحيط به الاقلام وما حده احد واعلى كلام لا يحصيه السنة الاعلام وما عده عدد يهدي الى من عنعنت احاديث كماله الى الارتفاع وانتهت الى السند العالي مسانيد افضاله من غير انقطاع من هو الغرة في جبهة الدهر والواسطة في قلائد الفخر خاتمة اهل العلم والعمل ونبراس اهل التقوي ذا الفضل الباذخ الاكمل محقق الشرايع ممزق البدايع العالم الرباني الذي لم يسمح زمانه بثاني ذا الفضائل والمكارم مفيض الخيرات والمراحم السيد السند والركن المعتمد الذي هو اجل من ان يسمي اعرف العرفاء افقه الفقهاء علامة الاعلام ومرجع الاسلام مد ظله العالي لا زالت اقلامه ( اقدامه خل ) في ميدان اللوامع راكعة ساجدة وزواجره ومواعظه في آذان طالبي الحق نافذة ولا انفك صارم الحق بيمينه مشهورا وطاغوت الباطل بنواقده ( بنواقد خل ) حكمته ذليلا مقهورا
اقول انما نفى الحد من كل احد عن السلام والعد كذلك عن الكلام لان السلام هو السلامة عن جميع العاهات والعوارض وامثالها وهذه السلامة المطلقة العامة لا تكون الا بالتوجه الى الله بالسر الغيبي وذلك السر يجب ان يكون مبرء ومنزها من الحدود لانها اعراض وامراض وحجاب ونقاب وبها تحصل الكدورة وتكون النفرة قال (ع) وانك لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك فالسلام ( فالسلامة خل ) لا تتحقق في الواقع الا عند دفع الحدود بالمرة ليظهر لك الاسم الاعظم والنور الاقدم البريء عن ( من خل ) الحدود محل السرور والحبور والى ذلك ( ذلك الاسم خل ) اشار مولينا الصادق عليه السلام على ما رواه في الكافي ان الله خلق اسما بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ ( غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود ومبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور خل ) واما الكلام فحيث انه القول واعلى مراتبه الكلمات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر فمبدئها عالم العقول عالم الجبروت وحجاب اللاهوت ومبدء الملك والملكوت فمقامه مقام العدد ومبدؤه اول العدد الواحد الذي هو عاد العدد
وقوله سلمه الله تعالى الى من عنعنت احاديث كماله الى الارتفاع لا يريد به ما يجعله ( يجعل خل ) السند مرفوعا لانه دليل ضعف السند بل المراد بالرفع والارتفاع الوصول الى الامام عليه السلام الذي هو من البيوت التي اذن الله ان ترفع
وقوله سلمه الله تعالى وانتهت الى السند العالي ( العالي الخ خل ) يريد به ما تقل الوسايط بينه وبين المروي عنه الذي هو الامام عليه السلام وقلة الوسايط هي حذف الحجب الكونية الوجودية والنظر الى سر الحقيقة بصفايا مرآة الذات والطوية حتى يشرق عليه نور الولي المطلق فيتصل ( فينتقل خل ) سنده ويبلغ مدده ( حدوده خل ) ولا انقطاع لهذا المدد ولا اعلى من هذا السند
وقوله سلمه الله تعالى من هو الغرة في جبهة الدهر والواسطة في قلائد الفخر اعلم ان الولي عليه السلام هو شمس فلك الوجود وبه اضاء كل غيب وشهود مقامه الظهر في افق خط الاستواء مقام رفع الظل بالمرة واما غرة جبهة الدهر فهو القائم مقامه والنائب منابه وهو القرية الظاهرة للسير الى القرى المباركة والغرة اول ظهور الشمس ووجه استمداده منها وهو حال هذا النائب لانقطاعه اليه عليه السلام واستمداده منه وهو الآن غرة لتراكم الظلمات وعدم المصلحة لاظهار تمام النور ولكنه يكون بدرا في وقت ما عند ظهور قوله تعالى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واما الواسطة في قلائد الفخر فاعلم ان الفخر بالعلم بل هو العلم وحيث كانت العلوم مختلفة متعددة فكان كل ( كذلك خل ) علم بمنزلة فص القلادة والواسطة في هذه القلادة ( القلائد نسخة ) النقطة السارية في جميع العلوم التي بها ملاكها وقوامها فحامل تلك النقطة السارية في الجميع الظاهرة بفنون مختلفة واحوال متعددة هو الواسطة في القلادة وهو من العدول الذين ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين
قال سلمه الله تعالى : يا بدر اهل ( اهلة خل ) الدين وشمس فلك اليقين اني اشتاق الى خدمتكم كشوق الصائم الى الهلال والعطشان الى الزلال والمحرم الى الحرم والمعدم الى الدرهم ولو قدرت على الاتيان جئتكم سبحا على الوجه بل مشيا على رأسي ( الرأس خل ) الى ان قال سلمه الله تعالى : وارجو من الله ان يبلغني برهة من الزمان زيارتكم حتى استفيض منكم وانتم السحاب المطير وان يشرفني لمحة من الدهر الخوان بخدمتكم حتى اقتبس وانتم السراج المنير حتى انهل من مواردكم الصافية منهلا رويا وارتع من ازهار رياض حدائقكم الصاحية مرتعا مريئا واتكأ على ارائك اليقين في قصور التسليم واقطف من اثمار فواكه محجبات اسرار ائمتكم وائمتي مركز الشرف والتعظيم
اقول انما ذكرت هذه الكلمات مع علمي بنفسي خلافها لبيان حسن ظن السائل ايده الله واعانه وان بحسن الظن ينال كل مأمول ويوصل الى كل مرجو ومقصود لقد قال عليه السلام احسن الظن ولو بالحجر ( بحجر خل ) فان الله سبحانه يلقي الخير به اليك وقال عليه السلام ان الله عند ظن كل امرء فاذا ظن انسان باحد خيرا ولم يتبين ( لم تبين خل ) له ما ينافي ظنه فان الله سبحانه اولي بان يتحقق ( يحقق خل ) ظنه ولا يخيبه وانا ( اذا خل ) اقول اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون
قال سلمه الله تعالى : مولاي ما اجد اليوم في المعرفة بكلام امناء الملك العلام عليهم السلام مدي الليالي والايام لا انقطاع له ولا انفصام ومن يحذو حذوهم ( يحدو حدودهم خل ) مثلكم شرح الله صدركم لانواره واطلعكم على كثير من اسراره واعلى الله شأنكم وشد اركانكم بمحمد وآله فمنوا يا مولاي عليّ اولا بما عندكم من معنى النبوتين والولايتين بالحقيقة الاولوية ( الاولية خل ) والثانوية والفرق بين كل من المعنيين ( العينين خل ) والفرق بين النبوة والولاية المطلقتين والمقيدتين ومعنى الخاتمية في كل منهن والفرق بين كلامكم الشريف والصوفية الملاحدة والحكماء والمتكلمين ووجه الشبهة للغير القائلين بافضلية الولاية المطلقة ( مطلقا نسخة ) على النبوة المطلقة ( مطلقا نسخة ) كل ذلك والادلة الثلاثة بالكتاب والسنة ودليل العقل بالتفصيل الكامل بالجواب الازهر واما السائل فلا تنهر حتى تنكشف عني ( تكشف على خل ) حجب الحيرة والعمى ببركتهم ( بركتكم خل )
اقول الحقيقة الاولوية ( الاولية خل ) والثانوية لهما معنيان بالنوع ولكل معنى مقامات ومراتب الاول ان يراد بالحقيقة الاولية الاولى من السلسلة الطولية وهي الحقيقة المحمدية في اول تعلق الجعل والابداع قبل حقايق الانبياء وحقيقة الانسان من ساير الرعية وهذه الحقيقة المقدسة بكلا مقاميه الاجمالي والتفصيلي قد سدت دون البلوغ اليها الابواب وضرب بينها وبين ساير الخلق الف حجاب فلا يصل اليها احد وجميع الموجودات منقطعة السير اليها وهي الكلمات التي لو كان ما في ارض الامكان من شجرة اقلام وبحر الكون يمده من بعده سبعة ابحر بحر عالم العقول ( الصفعان خل ) وبحر عالم الارواح وبحر عالم النفوس وبحر عالم الطبايع وبحر عالم المواد وبحر عالم المثال وبحر عالم الاجسام ما نفدت وهي النعمة التي ان تمام ( رام نسخة عام خل ) الخلق ان يعدوها لا يحصوها وهي الغيب الذي مفاتيحه ( مفاتحه خل ) عند الله لا يعلم ( لا يعلمه خل ) احد سوى الله وهو قوله تعالى قل لا يعلم الغيب الا الله والى هذا المقام اشار رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله يا عليّ ما عرفني الا الله وانت وما عرفك الا الله وانا فالولاية الظاهرة في تلك الحقيقة لا يقع عليها سؤال ولا جواب ولا كلام ولا خطاب لانها فوق المشاعر والمدارك وقد اختص المقال في شرح هذه ( هذا خل ) الاحوال مولانا امير المؤمنين المفضال عليه سلام الله بالغدو والآصال في الخطبة الشقشقية عند قوله عليه السلام ينحدر عني السيل ولا يرقى اليّ الطير فعلى هذا فالحقيقة الثانية يراد بها حقايق الانبياء عليهم السلام وهذه الحقيقة المعبر عنها بالثانوية ( بالثانية خل ) وان كانت عند الحقيقة الاولية العلية فانية مضمحلة موجودة عندها محاطة لديها ولكنها بالنسبة الينا سنخ الرعية غيب محض بعين ما ذكرناه في الحقيقة الاولية ولا يصل اليها ادراكنا ولا تنالها عقولنا واحلامنا ( اخلاصنا خل ) ولا تدركها مشاعرنا ومداركنا فذواتنا عند تلك الحقيقة منقطعة وعلومنا مردودة فلا نعرف الا ما هو من جنسنا وسنخنا قال امير المؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الآلات الى نظائرها والمعنى الثاني للحقيقة الاولية والثانوية هو ان المراد بالاولية هو ما كان في الخلق الاول من عالم الغيب من الدرة البيضاء الى الزمردة الخضراء حجاب الزبرجد والثانية ما كان في عالم الشهادة ( الشهادة من خل ) الكثيب الاحمر ممتدا الى كبد الثور ولما كانت الحقيقة الثانية على طبق الاولى والاولى انما تظهر في الثانية كما قال مولينا الرضا عليه السلام ان الاستدلال على ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا كان بيان الحقيقة الثانية على طبق الاولى ولما كانت الرتبة الجامعة اشمل واكمل كان الكمال المطلق الجمع بين الحقيقتين وتحقيق الحق من البين والرتبة الجامعة هي الاصل لان الاولى لا تظهر الا بالثانية والثانية لا تقوم الا بالاولى ( بالاول خل ) كحكم الجسد والروح والجامع هو الاصل والفخر في معرفة الرتبة الجامعة وهنا ( هذا خل ) معنى ثالث للحقيقة الاولية والثانوية وهو المراد من غالب اطلاقاتنا واكثر موارد استعمالاتنا ولهذا المعنى بيانان بيان موجز مختصر وبيان مشروح مفصل اما الثاني فلا يسعنا الآن ذكره وتحقيقه اما ( واما خل ) الاول فنقول ان المراد بالحقيقة الاولية ما اقتضته الكينونة الاولى العليا الثابتة الباقية بعد ذهاب عوارض اللطخ والخلط الحاصلة ( الخلط الى اصله خل ) عند اقتران نقطتي النور والظلمة في هذه الدنيا عند ما نزل آدم الاول وقتل قابيل هابيل ويستمر الى ظهور مولينا القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلني فداه فالكينونة الثابتة والمزاج الحاصل والعلم الباقي من ذلك الزمان الى يوم القيمة وما بعده الى ما لا نهاية له من مراتب الجنة والنار هي الحقيقة الاولوية ( الاولية خل ) وهي في قوس الصعود وان كانت ثانوية ولكنها في النزول اولية لبطلان الطفرة ووجوب تعلق الجعل بالاشرف كما برهن في محله من بيان قاعدة الامكان الاشرف ( قاعدة الاشرف خل ) واما الحقيقة الثانوية فالمراد منها الكينونة الثانوية الفطرة الثانية المغيرة من قوله تعالى حكاية عن ابليس ولآمرنهم فليغيرن خلق الله وهي الكينونة المعوجة المستمدة من سجين السارية في غالب طباع الخلق من الجن والانس ولذا قال تعالى اكثرهم لا يفقهون واكثرهم لا يعقلون واكثرهم لا يشكرون واكثرهم يجهلون وهذه الفطرة الثانية قد غيرت احكام الاولى ومحت آثارها وغطت انوارها فتلك الفطرة الاولى العليا مخفية مستورة محتجبة لا ظهور لها ولآثارها ولا بروز لانوارها ولا ذكر لاخبارها الا عند القليل بل اقل وهم اخص الخواص وهم الخصيصون وهم الذين اشار اليهم سبحانه في القرآن وقال وقليل من عبادي الشكور وما امن معه الا قليل فشربوا منه الا قليل وقال الباقر عليه السلام الناس كلهم بهائم الا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل وقال مولينا الصادق عليه السلام ان المؤمنة اعز من المؤمن والمؤمن اعز من الكبريت الاحمر وهل رأى احدكم الكبريت الاحمر وهؤلاء هم الشيعة المخلصون الاصفياء الطيبون والامناء الطاهرون والدرر المكنونة والجواهر المخزونة علومهم لا تظهر واسرارهم لا تسطر اذ لا قابلية لاكثر الناس الذين يوسوس في صدورهم الخناس لحفظ تلك العلوم والاسرار وتحمل تلك الحقايق والاستنارة بتلك الانوار والى ما ذكرنا الاشارة في تأويل قوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا فاذا عرفت هذا القدر من الكلام فاعلم ان ما سئل جنابك العالي وقاه ( وقاك خل ) الله من شر الايام والليالي من معنى النبوتين والولايتين بالحقيقة الاولية والثانوية فان كان المراد بهما الوجه الاول فذلك طلب المحال لقد قال مولينا الرضا عليه السلام على ما في التوحيد ليس في محال القول حجة ولا في المسئلة عنه جواب ولا في معناه لله تعظيم لما اشرنا اليه سابقا من انهما فوق حقيقة ذواتنا ونحن لا ندرك الا ما في مرتبتنا ولا نصل الا ما في مقامنا ولانقرء الا حروف انفسنا ولذا امتنعت معرفة الذات الازلية جلت عظمتها وان كان المراد الوجه الثاني الذي ذكرناه فذلك لا يكون على الوجه الاكمل الا بالجمع بين الحقيقتين اذ انفراد كل عن الآخر ( الاخرى خل ) نقص فانفراد الاولى عن الثانية سبب الخفاء ( انخفاء خل ) وعدم الظهور وانفراد الثانية عن الاولى موجب الفناء والدثور والرتبة الجامعة هي مقام الكمال لا كل واحدة بانفرادها وان كان لكل منهما حكمه كالباطن والظاهر فلا يكون الباطن الا بالظاهر ولا الظاهر الا بالباطن وقد قال مولينا الصادق عليه السلام ان قوما آمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر فلم يك ينفعهم ايمانهم شيئا وان قوما آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فلم يك ينفعهم ايمانهم شيئا ولا ايمان ظاهرا الا بباطن وان كان المراد الوجه الثالث فالحقيقة الاولية مما لم يؤذن لنا بيانها ولم نؤمر الا بكتمانها لان الله سبحانه وتعالى يقول ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واظن قد طرق سمعك ما رواه المفضل في بيان الرجعة وظهور دولة الحق وكيفية ظهور سيدنا القائم عجل الله فرجه من انه اذا ظهر يسند ظهره الشريف على الركن العراقي ويقول تلك الكلمات الى ان يخرج كتابا مختوما بخاتم رسول الله صلى الله عليه وآله وخاتمه رطب والناس يعلمون انه خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله فيقرءه (ع) عليهم فيقول لهم بايعوني على مضمون هذا الكتاب فاذا سمعوا منه عليه السلام ذلك يتفرقون ويقولون لست انت بصاحبنا ( بصاحبها خل ) ولا يثبت الا عيسى روح الله واثني عشر ( اثنا عشر خل ) نقيبا الحديث وهو طويل ذكرت معنى موضع الحاجة فاذا لم يتحمل اولئك الابرار الاخيار الذين هم صفو الارض بعض ما اقتضت الكينونة الصافية من العلوم الحقيقية الاولية فما ظنك باهل الدنيا المغمورين فيها المغرورين بزخارفها ( بزخاريفها خل ) المحجوبين عن مشاهدة العوالم الغيبية من الذين لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل واولئك هم الغافلون ومن هذه الجهة ورد الحث الشديد الاكيد في حفظ الاسرار وكتمانها عن الاغيار وقد قال مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه في الكافي يا سليمان ( لسليمان خل ) انكم على دين من كتمه اعزه الله ومن اذاعه اذله الله فقال ايضا عليه السلام انه قال ليس من احتمال امرنا التصديق له والقبول فقط بل احتمال امرنا سره وصيانته من غير اهله وساق الكلام الى ان قال عليه السلام والله ما الناصب لنا حربا ( جرما خل ) باشد علينا مؤنة من الناطق علينا بما نكره الحديث وايضا قال عليه السلام يا معلي اكتم امرنا ولا تذعه فان من كتم امرنا ولم يذعه اعزه الله به في الدنيا وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده الى الجنة يا معلي من اذاع امرنا ولم يكتمه اذله الله في الدنيا ونزع عنه النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده الى النار الى ان قال عليه السلام يا معلي ان المذيع لامرنا كالجاحد له وقال ايضا ان امرنا مستور مقنع بالميثاق فمن هتك علينا اذله الله وامثالها من الروايات كثيرة وما اقتضته تلك الكينونة الاولى العليا لا يجوز اظهاره وابرازه ما دامت الكينونة الثانية المغيرة المختلفة المعوجة الحاصلة من اتباع ابليس وقبول اوامره باقية موجودة فانه قال فلآمرنهم فليغيرن خلق الله فاذن لا يجوز لنا الكلام عن الحقيقة الاولية حسب مقتضى الفطرة الاولى فان اول ظهورها وادنى درجاتها ومقاماتها ما يبرزه عليه السلام في ذلك المكتوب وعلمت ان اولئك الابرار ما تحملوها فكيف يسوغ لمن علمه الله سبحانه شيئا من تلك الاطوار واستنار قلبه من اشراقات تلك الانوار ان يظهرها ويمليها ويشرحها والله سبحانه يقول ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها
قاعدة - ولعلك تتوهم ان كل ما خفي على عامة الناس يكون اسرارا ( من الاسرار خل ) فيشتبه عليك الامر في تنزيل هذه الاخبار وتسيء الظن بالعلماء الاطهار حيث انهم اظهروا كثيرا مما كان الناس يخفونه ولا يبدونه فتتخيل انهم اذاعوا السر وتتوجه اليهم المذمة التي في هذه الاخبار المذكورة وامثالها فيجب ان نذكر لك قاعدة كلية تميز بها بين السر الواجب كتمانه وبين ما يجوز اظهاره فنقول ان الذي يجب كتمانه على قسمين قسم لاجل امر عرضي خارجي بحيث لولاه وجب اظهاره كالصدق والحق فانهما قد يجب كتمانهما اذا كان اظهارهما يوجب ضررا على نفسه او على عرضه او على ماله او على احد من المؤمنين وهذا هو التقية التي يجب ( يجب كتمان خل ) ما يتقيه ما دام الضرر فعند فقده يجب الاظهار ولذا عد مذهب الشيعة من السر ومسئلة من مسائل الحيض سماها الامام عليه السلام سرا وامثال ذلك من الاشياء الظواهر التي تقتضي شريعة التقية كتمانها وعدم اظهارها لئلا تعم البلية وتثور الفتنة وتشمل ( تشتمل خل ) النكبة وذلك شيء معلوم واضح والقسم الثاني ان علة الكتمان ليست لاجل امر خارجي ( ليس امرا خارجيا خل ) بل المسئلة لا تجري تحت قاعدة كلية من القواعد المعروفة او الغير المعروفة فان العلم وان كان خفيا صعبا ولكنه متى كان تحت قاعدة كلية بحيث يمكن ان يكون احد افرادها يمكن للعالم ان ( اذ خل ) يستدل عليها ويحتج بها وبينها ( يبينها خل ) ويفهم المخاطب اذا كان من اهل الانصات والانصاف واما اذا لم يكن جاريا تحت قاعدة كلية ولا يمكن للعالم ان يشرحه وبينه ( يبينه خل ) ويستدل عليه فلا محالة يقع فيه الانكار ولا يسعه البيان والاستدلال فيأتي بشيء منكر وان كان هو الواقع الحق ( الحق الواقع خل ) والمخاطب السامع لا يخلو اما ان يكون من اهل التصديق او من اهل الانكار فان كان الاول فيصدق من غير معرفة ولا يصدقه عن وجهه فيفسد اعتقاده ويبطل دينه لاعتقاده ما يخالف الواقع فيضل فكان هو سبب اضلاله ويتوجه اليه قوله تعالى من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا على معنى الاضلال كما ورد في الحديث وقد يكون السامع والمخاطب مؤمنا منصفا ولكنه حيثما اظهر ( ظهر خل ) له ما هو باعتقاده كفر وزندقة ولا برهان ولا دليل على اثبات حقية ما يقول فينكر عليه احتياطا لدينه وحفظا لشريعته وطريقته ويرميه بالكفر والزندقة والى هذا المعنى اشار في الحديث ولن يبلغ المؤمن كمال الايمان حتى يشهد الف صديق بانه زنديق والصديق هو ما ذكرنا فان لم يجد سبيلا الى حقيقة ما يسمع من القواعد المقررة من الكتاب والسنة والعقل الصريح على حسب اعتقاده فيجب عليه الانكار عليه و( الانكار وخل ) التكفير له وذلك لا يقدح في ايمانه بل هو من الايمان ولذا قال عليه السلام لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لكفره يعني من شأنه ذلك كما يشهد له الاتيان بلو الامتناعية ولا يجوز لسلمان ان يظهر لابي ذر ما يوجب تكفيره اياه لان اذاعة السر كما عرفت فسق ولا يرتكب سلمان الذي من اولياء الرحمن ومن امناء الله في الارض ذلك ابدا كما قال سيد الساجدين لا تتكلم بما تسارع العقول الى انكاره وان كان عندك اعتذاره وليس كلما تسمعه نكرا اوسعته عذرا وبالجملة فهذا هو السر الذي يجب كتمانه هذا كله بالنسبة الى المخاطب والسامع اذا كان من اهل التصديق والديانة والانصاف وان كان من القسم الثاني اي من اهل الانكار فيشنع ويظهر مساوي الاقوال والاعتقادات ويعرض ( يعترض خل ) المتكلم معرض التلف والهلاك هذا كله اذا ( هذا اذا خل ) كانت المسئلة ليست داخلة تحت قاعدة من القواعد من عالم اللطخ والخلط ( الخلط واللطخ خل ) واما ما كان من العلوم والمسائل فردا من افراد قاعدة كلية مستنبطة بالادلة القطعية بحيث يمكن للمستوضح المسترشد المنصف المتدين المعرض عن الجدال والمراء ادراكه وفهمه فان ذلك لا يكون من الاسرار وان كان خفيا غامضا ( عاصفا خل ) صعبا جدا لا تعرفه عامة الناس او من ( الناس من خل ) الذين لا ينصفون ممن وسوس في قلوبهم الخناس والا فمن نظر وابصر وتفكر وتدبر يراه جاريا على القواعد العلمية كما دلت عليه الآيات الانفسية والآفاقية وغير ذلك وذلك ليس بسر وعليه جرت عادة العلماء ( جرت العلماء خل ) والحكماء ولا يزال يأتون باشياء خفية وامور دقيقة من الامور المحسوسة والمعقولة مما لم تعرفه عامة الناس بل الخواص واخص الخواص فلا يكون ابداء ( ابدا خل ) ذلك سرا فاذا عرفت هذه القاعدة الشريفة عرفت السر الذي يجب كتمانه وخفايا ( خفاء خل ) الامور التي يجوز اظهارها بل ربما يستحب بل يجب في بعض المقامات والاحوال لان علماء اهل ( لان اهل خل ) البيت عليهم السلام شأنهم التعليم فان كان لا يجوز لهم ان لا يظهروا الا ما هو المعروف عند العوام فيكون تعليمهم تحصيلا للحاصل ولا يتفوه به العاقل ( عاقل خل ) فضلا عن العالم الفاضل فاذا عرفت هذه المقدمة واتقنت هذه الدقيقة المتقنة علمت ان بيان النبوة المطلقة والولاية المطلقتين والمقيدتين على الحقيقة الاولية الالهية على المعنى الذي ذكرت لك شيء لو فرض اني اعرفه لا يسعني بيانه وشرحه لان من العلوم ما يحتمل ( يتحمل خل ) ومنها ما لا يحتمل ( لا يتحمل خل ) ومن الناس من يحتمل ومنهم من لا يحتمل وقد قال مولينا الصادق عليه السلام ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله وقد قال سيد الساجدين ( سيد السجاد خل ) عليه السلام :
اني لاكتم من علمي جواهره كيلا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا ابو حسن على الحسين ووصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو ابوح به لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون اقبح ما يأتونه حسنا
ولا شك ان الذي اختاره الله تعالى واصطفاه وجعل قلبه محلا للواردات الغيبية وموضعا للحقايق الالهية وخفيات الامور ومستجناتها فلا يجوز لها ( له خل ) ان يجعلها الا في موضع ومحل يؤذن ( يؤذن له خل ) ولا يبرزها الا في وقت يؤمر به فان في نشر العلوم اوقاتا خاصة ولها علامات يعرفها العالم بالعلم اللدني بنور التوسم والتفرس اما سمعت الله سبحانه يقول ان في ذلك لا يات للمتوسمين اما سمعت الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وقد قال الشاعر ونعم ما قال ولقد اجاد في المقال :
ومستخبر عن سر ليلى اجبته بعمياء عن ليلى بلا تعيين
يقولون خبرنا وانت امينها وما انا ان خبرتهم بامين
فاذا كان الامر كذلك وجب علينا لمقام جنابك عندي وحرصي للبيان وايضاح الامر لمشاهدة ( بمشاهدة خل ) العيان ان نذكر الامر بين الامرين ونحقق الحقيقة في البين ليكون جامعا بين مقامي الباطن والظاهر وحاويا لمرتبتي الخفاء والظهور على حسب ما يمدني الله سبحانه وتعالى بتوفيقه ويؤيدنا بتأييده فنقول : اما النبوة فاعلم انها هي الوساطة ( الواسطة الوساطة خل ) والترجمة عن الله سبحانه وتعالى الى ما عداه فان ( وان خل ) كانت تلك الوساطة في متعلق ( متعلقات خل ) الاختراع والابتداع والمشية والارادة والقدر والقضاء والامضاء او قل فان كانت فيما يحصل به الاختراع والابتداع والامكان والاكوان والاعيان فهي نبوة تكوين وان كانت في الاحكام العلمية والافعال القولية والجوارحية والتكاليف القلبية والبدنية فهي نبوة تشريع وكل منهما خاصة وعامة اي مطلقة ومقيدة لان تلك الوساطة ان كانت مختصة في تكوين اشياء خاصة لا تتعداها فهي نبوة تكوينية خاصة وان كانت شاملة لكل الاطوار في الاكوار والاوطار والادوار ( والادوار والاوطار خل ) في جميع العوالم الالف الالف ( الالفالف خل ) بحيث لا يشذ ( كالشذ خل ) ذرة من الذرات الوجودية من العلوية والسفلية والغيبية والشهودية والمجردية والمادية وغيرها فهي عامة مطلقة واسطة في الصدور والاثبات لانها صفة التعين ( التعيين خل ) الاول قد ظهر بنوره وظهوره في كل شيء من الاشياء وموجود من الموجودات يتلقى الفيض من اللاتعين بلا كيف ولا اشارة ولا وصف ولا اعتبار ( عبارة خل ) ويوصله الى جميع الموجودات في السلسلتين الطولية والعرضية فيلقي الفيض اولا عن الله سبحانه الى طبقة الانبياء وهي ( هو خل ) مأة الف واربعة وعشرون الفا ( عشرون الف خل ) ثم بواسطة الانبياء الى حقيقة الرعية وهي اطوار الانسان الذي علمه ( علم خل ) البيان ممن يجري عليه الامر والنهي وتنفى عنه المتبوعية وهم التابعون بالاحسان ( باحسان خل ) كما في قوله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان ثم يلقي بالواسطتين ( بالواسطين خل ) الى حقيقة الجن ( الجني خل ) من حيث الاجمال والتفصيل بجميع ما يحتاج اليه من حيث نوعها وصنفها وشخصها من الاطوار التكوينية والافاضات ( الاضافات خل ) الوجودية ثم يلقي عن الله بالوسايط الثلاثة الى الحيوانات من البهائم والاجناس المختلفة والانواع المتعددة وكذا الحشرات واجناسها وانواعها واصنافها واشخاصها والطيور بمراتبها واختلاف اجناسها وانواعها واشخاصها وهيئاتها واوضاعها ثم يلقي عن الله سبحانه الوحي التكويني في الوسايط الاربعة الى النباتات من اقسام الاشجار المثمرة والغير ( غير خل ) المثمرة باختلاف اغصانها وعروقها واثمارها واوراقها واستقامتها واعوجاجها وكثرة اغصانها وقلتها وما يتعلق بها من نموها وذبولها وسقوط ورقها وصلاح ثمرها وفسادها وغير ذلك من اطوارها ثم يلقي بالوسايط الخمس الى الجمادات من المعادن وغيرها من المايعات والجامدات والمنطرقات وغير المنطرقات والجواهر الثمينات ( الثمينيات خل ) وغيرها من ساير المعدنيات وكذا غيرها من الجمادات والاحجار الغاسقة من الكبار والصغار والوحل وساير المتولدات كل ذلك من الله سبحانه وتعالى بواسطة النبي صلى الله عليه وآله بهؤلاء الوسايط فالواسطة ( فالوساطة خل ) والترجمة وايصال كل فيض الى محله ( محل خل ) المقصود عن الله سبحانه هي النبوة التكوينية وهذه المراتب المذكورة هي السلسلة الطولية كل ثانية منها اشراق وشعاع من الاولى وكل هذه الاشراقات والاشعة من فاضل اشراق وشعاع النبي المطلق الذي هو حامل تلك الترجمة والوساطة وهذه الوساطة وساطة صدور لا ثبوت وهذه الترجمة ترجمة اشراق وافاضة لا تفصيل كما يأتي وفي كل من هذه السلسلة افلاك وعناصر ومتولدات وللافلاك جوزهرات وتداوير وخوارج المراكز والحوامل وما يترتب عليها من الآثار وما يتفرع على قراناتها من الاضواء والانوار من احكام الليل والنهار فالنبي المطلق هو حامل هذه النبوة المطلقة العامة التي اوحيت اليه وهو الذي يفيض تلك الفيوضات ويوصلها الى محالها ومواقعها فهو باب الله الى الخلق في الافاضة من اطوار الاكوان والاعيان ومستجنات الامكان والوساطة العامة في هذه الاطوار المذكورة والغير المذكورة هي النبوة التكوينية والى هذا الوحي التكويني الاشارة في قوله تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا والروح من ( من امر خل ) الله حقيقة من الحقايق الاولية الالهية ( الحقايق الالهية خل ) وهو الذي اشار اليه سبحانه في قوله تعالى ينزل الملئكة بالروح من امره على من يشاء من عباده وهذا الروح هو حامل الامر الذي اشار اليه سبحانه في قوله تعالى ومن آياته ان تقوم السماء والارض بامره وهذا الروح من عالم الامر الذي به قامت السموات والارض وهذا هو الموحي الى النبي صلى الله عليه وآله في قوله تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا وقد قال امير المؤمنين عليه السلام انا الروح من امر الله فخذ الحقيقة ولا تحمل على المجاز ما امكن حمل الكلام على الحقيقة ولا تقصر ( لا تقتصر خل ) على تأويل هذا الروح بالقرآن وان كان من احد معانيه وهذه الآية اوضح دليل على الوحي التكويني واذا كان بهذا الوحي ( الامر خل ) قامت السموات والارض فوجب ان تكون ( يكون خل ) حامل هذه النبوة التي هذا الروح مما اوحى اليه نبيا مطلقا على كافة الاكوان بالنبوة التكوينية الحاملة للكتاب التكويني
واما النبوة التشريعية فهي واسطة في الاحكام ( احكام خل ) العملية مما يقتضي كينونة العباد من حيث عبوديتهم ان تكون عليها لتدل على باريها وصانعها فتشهد له ببلاغ الحكمة وتمام الحجة وهذه على قسمين عامة وخاصة اما ( واما خل ) الثانية فهي ما اذا كانت متعلقة باشخاص مخصوصين لا تتعدى عنهم الى غيرهم كما كانت نبوة ساير الانبياء سوى نبينا صلى الله عليه وآله ونبوة نوح عليه السلام واما ما سويهما فمختصة باناس مخصوصين كما كان ابرهيم عليه السلام مبعوثا على اربعين بيتا بعد هلاك نمرود وقومه ولوط مبعوثا على اهل المداين السبع وموسى وعيسى مبعوثين على بني اسرائيل خاصة وهكذا ساير الانبياء وكان يتفق في زمان واحد انبياء متعددين كما ان بني اسرائيل قتلوا سبعين نبيا في يوم واحد بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وقتل كيخسرو ملك الفرس كثيرا من الانبياء وهذا شيء معلوم ظاهر غني عن البيان واما الاولى العامة المطلقة فان تعم النبوة جميع الموجودات ممن يصلح لان يتعلق عليه التكليف من البالغ العاقل المختار وقد بينا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل بالادلة القطعية من العقلية والنقلية ان كل شيء من الجمادات والنباتات والاعراض له شعور وادراك وعقل واختيار على حسب حاله ومقامه فيكون تكليفه على حسبه اما سمعت الله ( انه خل ) سبحانه يقول وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ولو كان تسبيحا بالحال والكينونة ودلالة المؤثر على الاثر ( دلالة الاثر على مؤثر خل ) لماصح قوله لا تفقهون لان دلالة الاثر على المؤثر والحادث على القديم والعاجز على القوي والمعدم على الغني من اوضح الواضحات بل من ابده البديهيات فما بقي الا تسبيح خاص بشعور واخلاص لا تدركه عامة الناس اما سمعت قوله تعالى انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها ولا ريب ( شك خل ) ان الاباء والاشفاق بدون العلم والشعور كذب محض وزور صرف ينزه كلام الله سبحانه عنه مع عدم موجب على تكلف التجوزات وتجشم الاستدلال بانواع المجازات اما سمعت قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ولا ريب ان هذا الطوع يضاد الكراهة بنص الآية ولا تكون الطاعة الا بشعور وعلم وارادة كما لا تكون الكراهة الا كذلك انظر الى العدول عن الطائعات الى الطائعين من الدلالة الواضحة اما سمعت قوله تعالى حكاية عن يوسف (ع) اني رأيت احدعشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ولم يقل رأيتها لي ساجدة وقوله تعالى يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولم يقل وهي داخرة وقوله تعالى كل في فلك يسبحون ولم يقل سابحة وامثالها من الآيات اذا تتبعتها في ( من خل ) القرآن تجد اكثر من ان تحصى واعلى من ان تستقصى وقد ذكر سيد الساجدين في الصحيفة يخاطب القمر ايها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير الى قوله في كل ذلك انت له مطيع والى ارادته سريع الدعاء وروي عن النبي صلى الله عليه وآله الدعاء لاجل الحمى يا ام ملدم ان كنت آمنت بالله فلا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري من الفم وانتقلي الى من يزعم ان مع الله آلهة اخرى فاني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله والاحاديث في هذا المعنى كثيرة ولا داعي لتأويلها اذ لا احد يدعي ان شعورها وعلمها ( عملها خل ) كشعور الحيوانات الظاهرة بحيث يدركها كل احد حتى يكون العمل بظاهر اللفظ خلاف حس العقلاء ليجب ارتكاب التأويل والتجوز وبالجملة فانا لسنا بصدد بيان هذه المسئلة وشرحها وانما المقصود الاشارة الى نوعها فنقول اذا صح الشعور والادراك صح الاختيار ( الاختبار خل ) فيصح التكليف فلا بد من مكلف فوجب ان يكون على كل موجود من الموجودات من جميع اصنافها وانواعها واجناسها وجميع مراتبها واطوارها نبيا منذرا وعلما هاديا يبين له ما يريد الله سبحانه منه من الاعمال والافعال على حسب مقتضى الكينونة الاعيانية والكونية والامكانية وهو قوله تعالى وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم وقد قال تعالى وان من امة الا خلا فيها نذير والدليل على ان الجمادات تدب وتحرك لتدخل في عموم الدابة قوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب فبين سبحانه بمعونة قوله عز وجل ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ان كل شيء من الاشياء وكل موجود من الموجودات بعث الله ( الموجودات الا بعث عليه خل ) نبيا منذرا ولم يحط بعموم هذه النبوة في جميع الازمان من مبدء الوجود الى آخر مراتب الشهود الا محمدا ( محمد خل ) صلى الله عليه وآله فانه قد بعثه الله على كافة الخلق بشيرا ونذيرا في التشريع لقوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وجعله نبيا على الانبياء واوجب عليهم الايمان به لقوله تعالى واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءاقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين وكذلك سبحانه بعثه نبيا في التكوين لما ذكرنا سابقا ولقوله تعالى يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا فاذا كان هو السراج المنير يجب ان يكون كلما سويه من اشعة انواره وعكوسات آثاره فهو النور الحق والنبي المطلق كان ( وكان خل ) نبيا وآدم الاول بين ماء الوجود وطين الماهية وعم حكمه كل الوجود في الغيب والشهادة ( الشهود خل ) فالانبياء تلقون ( تلقوا خل ) منه (ص) من وراء حجاب كما تلقت الكواكب النور من الشمس في الليل من وراء حجاب الارض ولما كانت الشمس تحت الحجاب بدت الكواكب وظهرت وتميزت باشخاصها وصفاتها وآثارها فلما ارتفع الحجاب وانكشف النقاب وطلعت الشمس منخلعة عن الجلباب غابت الكواكب وخفيت اشخاصها وانمحقت اضواؤها وانوارها فلا سلطان الا للشمس ولا برهان الا لها ولا عيان لغيرها فكذلك الانبياء ولما ( الانبياء لما خل ) كانوا مستمدين من نور خاتم النبيين ( الانبياء خل ) صلى الله عليه وآله من وراء حجاب الاصلاب والارحام ظهرت الانبياء متميزة متشخصة باحكامها وآثارها ولما بزغت شمس النبوة المطلقة من افق الظهور غابت وخفيت ونسخت احكام الانبياء ولم يبق الا حكمه فهو الحاكم على كل احد من الانبياء وغيرهم الا ان في الانبياء واممهم الذين مضوا من وراء حجاب وفي غيرهم بعد انقطاعهم بلا حجاب واليه الاشارة بقوله صلى الله عليه وآله علماء امتي كانبياء بني اسرائيل بناء على ان المشبه عين المشبه به فيكون المعنى علماء امتي انبياء بني اسرائيل والموجودات ( فالموجودات خل ) كلها امته وعلماء امته الانبياء وانما خص ( خصوا خل ) بني اسرائيل لكثرتهم وشيوعهم وظهورهم والا فجميع الانبياء من آدم ومن تحته علماء امته واليه الاشارة في قوله تعالى لمن يعقل ويفهم ويعرف لحن المقال ويشاهد حقيقة الحال ويعرف وضع كل شيء في موضعه على القواعد الالهية وهو قوله تعالى عباد مكرمون اي الانبياء عباد اكرموا بالنبوة والطهارة والعصمة وطيب الولادة وكمالات المعنوية والصورية لا يسبقونه بالقول يعني محمدا صلى الله عليه وآله لدلالة الحال في لحن المقال وهنا تصريح اخفيته وتحقيق اضمرته خوفا من فرعون وملأه وهم بامره يعملون اي الانبياء بامر محمد صلى الله عليه وآله في تكاليفهم ورسالاتهم وتبليغاتهم لانه (ص) كان نبيا وآدم ( الآدم خل ) بين الماء والطين فلانسخت نبوته ولاخصت رسالته وهم بامره يعملون في جميع ما لهم ومنهم واليهم وعندهم يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم لانه قد سبقهم فهو قبلهم وبعدهم فهو ( فهو الخاتم خل ) الفاتح والخاتم والمبدء والوارث ولا يشفعون الا لمن ارتضى محمدا (ص) دينه ( ارتضى محمد وفيه خل ) وعرفه من امته ورعيته وكان معتقدا بنبوته ( نبوته خل ) لما اخبر من النبي المبعوث اليه ظاهرا فمن لم يكن هكذا في جميع الامم والازمان لا تناله شفاعة الشافعين لانهم كانوا عن التذكرة معرضين فما لهم من شافعين ولا صديق حميم وهم من خشيته مشفقون اي الانبياء من خشية مخالفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم مشفقون لانه باب الله ووجهه ومخالفته مخالفة الله من يطع الرسول فقد اطاع الله الذين يبايعونك انما يبايعون الله ومن يقل منهم اني اله من دونه يعني ان ادعوا الاستقلال وتلقي الوحي عن الله بدون واسطة محمد صلى الله عليه وآله فقد ادعوا الالوهية والربوبية دون الاله الحق جل وعلا من قوله تعالى افرأيت من اتخذ الهه هويه وقول الصادق عليه السلام من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان فاذا ادعوا الاستقلال لانفسهم واعرضوا عن باب الله فقد اتخذوا انفسهم آلهة من دون الله وقال اني اله من دون الله ومن قال ذلك وفعل كذلك فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين الذين يضعون الاشياء في غير مواضعها بمخالفة محمد صلى الله عليه وآله الذي فرق بينه وبين الاحد بالميم وهم الذين يفرقون بين الله ورسوله واما نبوة نوح عليه السلام فهي وان كانت عامة الا ان عمومها بالنسبة الى اهل زمانه لا في جميع الازمنة فانه من احد رعايا محمد خاتم النبيين وهو الشاهد عليه ودليله الى ربه والمهيمن على ذلك كله
تحقيق الهي - اعلم ان الرسالة قد تكون خاصة والشريعة التي اتى بها الرسول عامة وقد تكون كلتاهما عامتين اما عكس الاول بان تكون الشريعة خاصة والنبوة عامة فلا تكون ابدا اما القسم الاول فكشرايع الست فانها عامة في جميع الخلق مع ان نبوة بعض حامليها خاصة كما ذكرنا في ابرهيم وموسى وعيسى (ع) واما النبوة ( نبوة خل ) العامة الحاملة للشريعة العامة في زمانه فهي شريعة نوح عليه السلام واما النبوة العامة الحاملة للشريعة العامة في كل الازمان والامكنة فخاصة نبينا صلى الله عليه وآله دون غيره في جميع الاكوان ومتعينات ( متغيبات خل ) الامكان بجميع الانحاء والاطوار
تبيين عرشي وتوضيح سماوي ( تحقيق الهي وتبيين عرشي وتوضيح سماوي خل ) - اعلم انه قد سبق منا ان محمدا صلى الله عليه وآله واقف في مبدء الوجود فهو اذ ذاك واحد مثال للاحد والواو ( الواحد خل ) لفرق المرتبة ولما كان وجه الاحد والواسطة فكان متبوعا مطلقا لا تابعا فهو الواحد المتبوع الذي لا يتبع احدا ولما سبح في بحر القدرة وبحر الجلالة وبحر العظمة وبحر الكبرياء وبحر الجمال وبحر العزة وبحر الحيوة وبحر القيومية الى تمام اثني عشر بحرا الى تمام العشرين وتمت سباحته في هذه الابحر التي هي شعب بحر الاحدية وخلجان طمطام يم الوحدانية قطرت منه مأة الف قطرة واربعة وعشرون الف قطرة اول ما ظهرت فيه حرارة الشجرة الزيتونة في رتبة الوساطة المقتضية للرطوبة او عرق فبرز منه مأة الف واربعة وعشرون الف رشحة عرق او لما تجلى منه النور المشرق من صبح الازل واشرق واضاء فظهر من اشراقه واضائته مأة الف واربعة وعشرون الف شعاعا و( او خل ) لما كملت ( كملت قابلية خل ) ذاتيته وتمت كينونته او فضل نوره فانقسم بمأة الف واربعة وعشرون الف ( عشرين الف خل ) قسمة وكل هذه الفقرات معناها واحد ( واحد من خل ) :
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل الى ذاك الجمال يشير
وهذه الطبقة الثانية حيث انهم اقرب الاشياء الى المبدء ولا واسطة بين مبدء الخلق ( الحق نسخة ) وبينهم ولكمال قربهم اضمحلت انياتهم وذهبت ماهياتهم فلم يبق فيهم الا وجه الحق وبه كانوا واسطة بينهم ( بينه خل ) وبين الخلق فاستحقت تلك الرتبة اسم النبوة لكونها ظهرت على مثاله وجرت على شاكلته فجعل الله سبحانه وتعالى كل قطرة من تلك القطرات ورشحة من تلك الرشحات وذرة من تلك الذرات وقبة من تلك القباب ( قبسة من تلك القبسات خل ) نبيا من الانبياء وكانوا بذلك متبوعين لا تابعين آمرين لا مأمورين كما في قوله تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله واما ظهورهم بهذا ( بون خل ) العدد الخاص فاعلم ان الكثرة والوحدة انما تكونان على مقتضى المرتبة واقتضائها ومقتضى تعلق الايجاد وقابليته ولما كانت رتبة الانبياء عليهم السلام رتبة ثانية فهناك يعتبر امران احدهما ملاحظة الرتبة من حيث هي والثاني ملاحظة وجود اهلها في انجعالها وانفعالها عن الاختراع فباللحاظ الثاني يحصل اربعة وعشرون مرتبة لان جهة الكثرة في التعين الثاني اعظم واكثر فلما ( ولما خل ) كان حدود التعين وجهاتها لا تكون اقل من الستة وهم ( هي خل ) الكم والكيف والجهة والرتبة والزمان والمكان وكل من هذه الستة لا تتحقق الا في اربع طبايع فاذا لاحظت حدود التعين في الطبايع الاربع كان الحاصل اربعة وعشرين وباللحاظ الاول تحصل مأة لان العشرات اذا لوحظت في نفسها تكون مأة وهذا اللحاظ باعتبار وجود العوالم العشرة في العوالم العشرة لتمام الشيء مشروح العلل مبين الاسباب وهي عالم الامكان الراجح وعالم الوجود المقيد وعالم العقل وعالم الروح وعالم النفس وعالم الطبيعة وعالم المواد وعالم المثال وعالم الاجسام وعالم الاعراض في كل هذه العشرة عوالم عالم القلوب عالم الصدر ( الصدور خل ) عالم التعقل عالم العلم عالم الوهم عالم الخيال عالم الفكر عالم الوجود الثاني وهي الحرارة الغريزية وعالم الحيوة وعالم المركبات فتمت المأة بمراتبها الكلية الاولية فلما جمعنا هذه المراتب مع مراتب حدود التعين فصار الحاصل مأة واربعة وعشرون ولما كان عالم الانبياء عليهم السلام عالم الربوبي كان الواحد منهم في مقامهم الفا ( عالم الربوبي وهم الربانيون كان الواحد الفا خل ) بالقياس الى غيرهم فاقتضى ان يكون عددهم مأة الف واربعة وعشرين الفا كل واحد ( عشرون الفا كالواحد خل ) ظهر فيه جهة من جهات هذه المراتب وآثارها واحكامها فبالمجموع تمت المراتب فكان كل نبي حامل اسم من اسماء ( الاسماء خل ) الخاصة بمقامه ومرتبته ولما كانت هذه المرتبة بكثراتها ( بكثرتها خل ) وجمعيتها للاسماء رشحة من رشحات بحر النبوة المطلقة كان الحامل لتلك الرتبة وهو خاتم الانبياء جامعا حاويا لجميع الاسماء والصفات وحائزا لجميع مظاهر الرحمانية مما ظهرت في رتبة الانبياء فكان حاملا للاسم الاعظم الاعظم الاعظم وذاكرا بالذكر الاجل الاعلى الاعلى الاعلى وجميع الكمالات التي في مقامات الانبياء ذرة من ذرات نور وجوده وقطرة من رشحات بحر جوده
توضيح وتبيين - قد ذكرنا سابقا ان النبوة هي الترجمة عن الله فلا بأس ان نعرفك معنى الترجمة وحقيقتها اعلم ان الله سبحانه وتعالى حيث جعل العالم عالم الاسباب وجعل لا يجاد الاشياء اسبابا وابوابا اختلفت الموجودات بالعلو والسفل والكمال والنقصان وحصلت الخزائن وهو قوله تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فما في الخزانة الثانية السافلة يتلقى الفيض من الخزانة الاولى العليا فالفيض اولا يصل الى الاولى العليا ( الى العليا خل ) على حسب مقامها ومرتبتها فيعتدل من فاضلها ( من فاضل خل ) بما يناسب مقام الخزينة الثانية فيفاض عليها فلولا الاولى ما امكن للثانية القبول عن المبدء الاعلى فالاولى يترجم ما يصل اليها من المبدء ويجعلها ( يجعله خل ) صالحا لقابلية الثانية حتى تقبل مثاله الجنين في بطن الام فان الغذاء من الطعام والشراب يصل اولا الى الام فتأكل الطعام وتطحنه الطبيعة وتسحقه وتحيله دما حيضا حتى يكون صالحا لغذاء الولد فالام تترجم للولد ما يصل اليها من المدد وهذا مثال تقريبي تعرف ( تعرفه خل ) به نوع الترجمة فتلخص لك مما قلناه ان الترجمة عبارة عن وصول الفيض الى العالي وتهيؤ العالي ذلك الفيض على مقدار قابلية السافل فالماء مثلا من السماء يصل ( تصل خل ) الى الارض فتجذبه الارض وتحلله وتعقده وتجعله صالحا لغذاء انواع المتولدات من الحيوان والنبات والجماد على احوال متعددة واوضاع مختلفة واطوار متشتتة فكل واسطة بين العالي والسافل هو الترجمان الا ان الواسطة على قسمين واسطة في الصدور وهي الوسايط في السلسلة الطولية وهي المراتب الثمان ( الثماني خل ) من الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله وحقيقة الانبياء وحقيقة الرعية من الانسان وحقيقة الجن وحقيقة الملائكة الحملة المدبرات وحقيقة الحيوانات وحقيقة النباتات وحقيقة الجمادات وهذه المراتب تكون الواسطة في الصدور يعني كل عليا واسطة في صدور السفلي من المبدء الاعلى فلولا العليا ما وجدت السفلي ولا تحققت بمعنى ان السفلي لا تساوي العليا بوجه من الوجوه وطور من الاطوار وحال من الاحوال وترجمة العليا للسفلي اشراق نورها واحداث اشباحها وامثالها كالشعاع بالنسبة الى الشمس فان الشمس ترجمان من الله سبحانه الى الشعاع تترجم ما يصل اليها عن ( من خل ) المبدء الحق للاشعة بالاشراق والقاء الامثال ونقش الاسماء وامثالها فهذه الترجمة تسمى ترجمة اشراق ووساطة احداث واصدار فالله ( فان الله خل ) سبحانه وتعالى يحدث السفلي باشراق الاولى كما انه سبحانه خلق الليل والنهار ولكنه ( لكنه خل ) تعالى خلق النهار باشراق الشمس فالشمس واسطة بين الله سبحانه وبين الشعاع واسطة احداث واصدار وترجمتها لما يرد عليها للشعاع ترجمة اشراق وذلك معلوم لاهل الاذواق السالكين الى المبدء الحق بعزائم الاشواق ( الاشراق خل ) والقسم الثاني من الترجمة ترجمة ثبوت وشرح وتفصيل وتغيير من حال الى حال ومن لغة الى لغة والحقيقة واحدة كما ان الفؤاد يترجم ما عنده من الحقيقة اللاهوتية ويوصله الى القلب معنى فالمعنى ترجمة الفؤاد للقلب ما وصل ( واصل خل ) اليه من سر الحقيقة والقلب يترجم المعنى الذي عنده ويوصله الى الروح رقيقة على شكل ورق الآس والروح يترجم ما عنده من الرقيقة ويوصله الى النفس صورة مجردة غيبية متميزة متشخصة والنفس تترجم ما عندها وتوصل الى المثال بمعونة الطبيعة والمادة صورة شبحية مقدارية برزخية والمثال يترجم ما عنده من الصورة البرزخية ويوصلها الى الجسم الكل وهو يترجم ما عنده من الحقيقة الجسمية الانبساطية السارية في جميع الاجسام ويوصل الى اول تعينها ومبدء تشخصها وهو العرش محدد الجهات مقام الاجمال الصرف البات ولذا كان مجردا عن البروج والكواكب وساير القرانات والاحوال التفصيلية والعرش يترجم ما عنده من الاجمال والكليات والابواب التي ينفتح من كل باب منها الف باب ومن كل باب من هذا الالف الف وهكذا ويوصلها الى الكرسي مفصلة بالبروج والمنازل والكواكب والقطب والمحور والكرة والدوائر من العظام والصغار وهكذا يترجم الكرسي لفلك الشمس لانها الاصل والقطب ( الاصل خل ) وهي تترجم لزحل والقمر ثم للمشتري وعطارد ثم للمريخ والزهرة ثم بمجموع حركات هذه الافلاك لكرة النار ثم بها لكرة الهواء ثم لكرة الماء ثم للارض وهكذا حكم الترجمة في التركيبات ( التركيبيات خل ) والتأليفات وهذه الترجمة كترجمة المعلم للمتعلم فان المعلم ما يفقد الذي يوصل الى المتعلم وشرح هذه الكلمة وبيانها طويل الذيل والاشارة كافية لاهلها فالنبي المطلق بالنبوة المطلقة التكوينية يترجم للاكوان الوجودية منها ترجمة اشراق ومنها ترجمة شرح وتفصيل والترجمة الثانية لا تكون الا في مقام اهل بيته الاثني عشر وفاطمة الصديقة عليهم السلام واما في ما سواهم فالترجمة ترجمة اشراق كما مثلنا لك سابقا وهذا مجمل ما يحتاج ( نحتاج خل ) اليه في معرفة النبوة على مراتبها من المطلقة والمقيدة والعامة والخاصة وعموم الشريعة وخصوص البعثة وما يتعلق بها من احوال النشأتين واحكام الدارين فالنبي المطلق صلى الله عليه وآله هو الواقف على الطتنجين وله البرزخية الكبرى ورتبة غيب الغيوب ومنه بدو كل شيء واليه يعود
واما الولاية فاعلم انها كالحقيقة المحمدية لها اطلاقان احدهما الحقيقة الجامعة ( الجامعة الشريفة خل ) الشاملة للنبوة وثانيهما ما يغاير النبوة ويقابلها ونحن نتكلم بعون الله تعالى فيها باعتبار الاطلاقين فنقول اما الولاية بالمعنى الاعم فهي النور الازل والتعين الاول والازلية الثانية وصاحب الازلية الاولية والفيض الاقدس الظاهر بالفيض المقدس ومرادنا بالازل والازلية من الاولية والثانوية ما هو في الامكان من المبدء الاول الذي لم تصل اليه الاكوان والاعيان ( الاعيان والاكوان خل ) وهو الملك الذي اشار اليه مولينا سيد الساجدين عليه السلام في دعاء الصحيفة واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولم يبلغ ادنى ما استأثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين تأمل في هذه الفقرة الشريفة تجد ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولاخطر على قلب بشر فالولاية هي ذلك الملك الموصوف بالقدم في الدعاء اللهم اني اسألك باسمك العظيم وملكك القديم وهذا الملك هو النقطة التي يدور عليها الوجود وهي القطب الاعظم والغوث الاقدم والسر المعمي والرمز المنمنم وهذه في حقيقة ذاتها من حيث هي هي احد مجرد عن الحدود منزه عن ادراك المشاعر في الغيب والشهود وهي الحقيقة التي اشار اليها امير المؤمنين عليه السلام انها كشف سبحات الجلال من غير اشارة وهي الاسم الذي اشار اليه مولينا الصادق عليه السلام انه بالحروف غير مصوت الى ان قال عليه السلام بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وهي الوصف والملك اللذان اشار اليهما امير المؤمنين عليه السلام في قوله رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وهي المثل والشكل والآية التي اشار اليها امير المؤمنين عليه السلام بقوله انتهى المخلوق الى مثله والجأه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله آياته ووجوده اثباته وهي الكبرى من الآيات التي اشار الله سبحانه اليها لقد رآى من آيات ربه الكبرى وبالجملة ان الولاية من حيث ذاتها هي الاحدية الظاهرة في الامكان والاكوان والاعيان لان الادوات انما تحد انفسها والآلات انما تشير الى نظائرها واما في مقام الذكر الاول والاثر الاول الذي يشتق منه الاسماء والصفات فان كل اثر يشتق منه اسم لمؤثره كالقيام للقائم والقعود للقاعد والاثر الجامع للآثار كلها والمبدء للانوار باسرها يشتق منه الاسماء كلها والصفات بحذافيرها فنسبته اليها نسبة الواحد في الاعداد ففي ذلك المقام فهي واحد واليها الاشارة بقوله تعالى قل انما اعظكم بواحدة وقد ورد عن تفسير اهل البيت عليهم السلام انها هي الولاية والواحد تسعةعشر واليها الاشارة بقوله تعالى عليها تسعة عشر وهي استنطاق الواحد وحيث انه الولاية بنص الآية وبها افاضة الامدادات على اطوار الموجودات من الشرور والخيرات فبها الجنة وبها النار وهي العطاء الذي يمد الله سبحانه اهل الخير والشر منه كما قال تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فعلى الجنة الواحد وعلى النار تسعة عشر فافهم هذه الدقيقة بسر الحقيقة واما في مقام الرابطة ( الربط خل ) والاقتران فالولاية اثنان نبوة وولاية كلتاهما ( كلاهما خل ) منشعبان من الولاية الجامعة لظهور النبوة لبيان حكم التوسط وانها التعين الاول والغيب المطلق والسر المقنع بالسر والسر المستتر بالسر ( المقنع بالستر والستر المستسر خل ) لا الذات البحت ومجهول النعت ففي مقام الطواف عند جلال القدرة ولاية وعند الطواف حول جلال العظمة ظهرت النبوة وهما المقترنتان المتصلتان عند التوصيف اثنان وعند الذات واحدة وفي الحقيقة احد ويأتيك شرح هذه الكلمات بواضح البيان ان شاء الله تعالى في المسئلة الثانية واما في مقام بروز الاشياء وظهورها من الولاية فهي ( وهي خل ) ثلاثة اي ظهرت في ثلاثة زوج وزوجة واولاد قال تعالى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وذلك عند التعلق باطوار وجودها وظهورها ( ظهور خل ) في مبدء ظهور المبادي والعلل وهذه الثلاثة هي اوائل جواهر العلل ( الفلك خل ) فالنفس الواحدة رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجها اي قرينها وبدلها امير المؤمنين عليه السلام والرجال هم الائمة عليهم السلام والنساء هي الزهراء عليها السلام ومنهم بالله سبحانه كان ما كان ووجد الاكوان والاعيان لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة فافهم ضرب المثل وهي قوله تعالى والشفع والوتر وقد ورد ان الشفع هو امير المؤمنين عليه السلام والوتر هو رسول الله صلى الله عليه وآله واما في مقام اظهار الاركان لتحقيق ( لتحقيقه خل ) الاكوان والاعيان اربعة جد وزوج وزوجة واولاد وبها تمت اركان قبة بسم الله الرحمن الرحيم فالماء الغير الآسن من الميم واللبن الذي لم يتغير طعمه من الهاء والخمر التي هي لذة للشاربين من الميم والعسل المصفى ايضا من الميم كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله فالجد هو محمد صلى الله عليه وآله والزوج هو ( عليّ خل ) امير المؤمنين عليه السلام والزوجة فاطمة الزهراء عليها السلام واولادهم هم الائمة الاطهار حملة الاسرار ومطالع الانوار واما في مقام الجمع بين الاركان الاربعة والاكوان الثلاثة فالولاية سبعة وهي العدد الكامل والفيض الباذل وهو قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني وهي محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وجعفر وموسى وهي الحدود الكاملة واما في مقام ملاحظة الاكوان في الاركان وظهور نسبة كل منها الى تمام الاخرى لايصال الفيض الذي يحمله اسم من اسماء الله تعالى فالولاية اثني عشر وهي كليات الاسماء التي بها الافاضة في جميع الاطوار والادوار فقد ( وقد خل ) اشار اليها مولينا الصادق عليه السلام في حديث حدوث الاسماء على ما في الكافي فجعله اربعة اجزاء معا فاظهر منها ثلاثة اسماء لفاقة الخلق اليها وحجب اسما واحدا منها وهو المكنون المخزون ثم خلق لكل اسم من الاسماء الثلاثة اربعة اركان فذلك اثني عشر ركنا فهذه الاركان هي الاسماء العظام وفي الزيارة السلام على اسم الله الرضي ومظاهر هذه الاسماء بل وحقايقها محمد وعليّ صلوات الله عليهما وهما واحد لان عليّا نفس محمد صلى الله عليه وآله بنص القرآن وهما واحد وان كان في العدد شخصان فحيث ان الزوجة انما خلقت من فاضل طينة الزوج فهي فرع مندرج تحت الاصل ( الاصلي خل ) فعليّ عليه السلام له مقام اتحاد مع محمد صلى الله عليه وآله ومقام اتحاد مع فاطمة الزهراء عليها السلام فالثلاثة تعد واحدا لبيان ان الثلاثة مبدء الاعداد ومبدء الفرد وهي واحد في الاسم وثلاثة في التفصيل لان الواحد الحقيقي هو الله سبحانه ولا يدخل في الامكان حتى يدخل في الاعداد ووحدة العدد ملكه كما في الصحيفة لك يا الهي وحدانية العدد واللام ( فاللام خل ) للتمليك فالثلاثة هي الواحد وهذا معنى قولهم ان مبدء الفرد ثلاثة وان الواحد ليس من الاعداد لا ان الواحد الذي هو مبدء الاعداد ليس من الاعداد فافهم فاذا عرفت ان الثلاثة واحد فالثاني الحسن والثالث الحسين والرابع عليّ بن الحسين والخامس محمد بن عليّ والسادس جعفر بن محمد والسابع موسى بن جعفر والثامن عليّ بن موسى الرضا والتاسع محمد بن عليّ الجواد والعاشر عليّ بن محمد الهادي والحادي عشر الحسن بن عليّ الزكي ( الزكي العسكري خل ) والثاني عشر حجة الله وخليفته صاحب الزمان وقد ظهر هؤلاء الاثني عشر من ملاحظة ( ملأ خل ) نسبة الاركان الاربعة في الاكوان الثلاثة الاركان هي الطبايع الاربع والاكوان الاسم ومتعلق الاسم والحاصل من المتعلق ( المتعلق بالمتعلق خل ) واما في مقام تثنية السبعة التي هي العدد الكامل لظهور تلك السبعة في العالمين عالم الاجمال وعالم التفصيل وعالم الغيب والشهادة فالولاية اربعة عشر وهو قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم وقد فصل كمال التفصيل ما اجمل في المراتب السبعة وهذه ( هذا خل ) الاربعة عشر تستنطق منها اليد قالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء فالانفاق انما تكون ( يكون خل ) باليد وهي بظاهرها وباطنها حدود الولاية في الاكوان الوجودية والاعيان الذاتية الاولية والثانوية
تفصيل فيه تحصيل - الولاية واحدة وهو قوله تعالى يد الله فوق ايديهم فهي واحدة وقوله تعالى هنالك الولاية لله الحق وهي اثنتان وهو قوله تعالى بل يداه مبسوطتان وقوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا فولاية الله واحدة ظهرت في مقام الفعل والاثر في اثنين في رسول الله ومؤمن به وهو اول من آمن به فلما آمن بكله ظهرت فيه ولايته فافهم ضرب المثل فالولاية في الرسول صلى الله عليه وآله نبوة والتي في الذين آمنوا ولاية هذا في مقام الفرق كما سنبين ان شاء الله تعالى على التفصيل والولاية ثلاثة فصاعدا وهو قوله تعالى اولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون وقوله تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقوله تعالى والسماء بنيناها بايد وهو جمع الايدي على احسن التفاسير واوجهها بالجمع باعتبار قوى اليد والتثنية باعتبار لفظها فانه حرفان والمفرد باعتبار وضعها فافهم وكن به ضنينا فانه باب ينفتح منه الف باب والولاية اربعة جد وزوج وزوجة واولاد وهي سبعة وهي اثنتا عشرة ( اثني عشرة خل ) وهي اربعة عشر ولما كانت الاطوار الوجودية ( الوجودية التي خل ) هي حدود الولاية وحكاياتها وآياتها كالشعاع الحاكي للمنير وكالكتابة الحاكية لحركة يد الكاتب واستقامتها واعوجاجها ظهرت تلك الاطوار اصولها على جهات ( جهة خل ) الولاية فوحدة العالم دليل على وحدتها قال تعالى وما امرنا الا واحدة وقال تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وتثنية العالم بالغيب والشهادة والظهور والبطون والاجمال والتفصيل والعلوي والسفلي والمجرد والمادي والجوهر والعرض والصفة والموصوف والكون والاين دليل على انها اثنتان وثلاثية المتولدات والمصدر والمفعول المطلق والمفعول به السموات والارض وما بينهما الموضوع والمحمول والنسبة والالف والحروف والكلمة وغيرها من امثالها دليل على انها ثلاثة واربعية العالم بالطبايع والاركان وانوار العرش واركان القلب دليل على انها اربعة وتسبيع العالم بالسيارات والاسابيع والسموات والارضين دليل على انها سبعة واثنا عشرية البروج التي بها الافاضة في عالم الكون والفساد في كل عالم بحسبه دليل على انها اثنتا عشرة ( اثني عشر خل ) واربعة عشرية جميع السموات والارض كالوجه واليد واسمائه ( اسما خل ) الجواد والوهاب دليل على انها اربعة عشر ولما كانت الوحدة هي الاصل والنور والشرف والفخر والكثرة نقص وزوال ودثور وكانت الكثرة في مقام الاحداث والايجاد في عالم الامكان ( الامكان الا خل ) مما لا بد منه لاستحالة الوحدة في الامكان وكانت الضرورة انما تتقدر بقدرها والمبادي الشريفة جهة الكثرة فيها مضمحلة وكانت الولاية وجه المبدء وباب الابواب وعلة العلل واوائل جواهر العلل وجب ان تكون كثرتها في اشرف مقاماتها حتى يكون ( تكون خل ) في مقام الوحدة حائزة لاشرف مراتبها وفي مقام الكثرة جامعة لاكمل مقاماتها ولما كانت الكثرة انما كانت من باب العدد وهو على اربعة اقسام ناقص وكامل وزائل وتام والناقص يتنزه عنه ( عن نسخة ) المبدء وجب ان تظهر حدود الولاية في مقام الكثرة بالعدد التام ومثناه الزائد والعدد الكامل ومثناه فالولاية سارية ( سر بدا خل ) في كل الوجود من الغيب والشهود وبها عرف العابد من المعبود والشاهد من ( وخل ) المشهود والموجود والمفقود ولما كانت الولاية لا بد لها من مظهر حامل وجب ان يكون حاملها ومظهرها اشرف المخلوقات والموجودات ( الموجودات والمخلوقات خل ) فلما دلت الادلة القطعية ( العقلية خل ) ان محمدا صلى الله عليه وآله اول الخلق ومبدأهم وسيدهم واشرفهم ولا يساويه بشر ولا يدانيه خطر ولا يقف اليه اثر وجب ان يكون هو صلى الله عليه وآله حامل تلك الولاية المطلقة ثم نفسه الذي نص عليه سبحانه بقوله الحق وانفسنا وانفسكم ثم اولاده الذين من سنخ ذاته واجزاء من حقيقته ( اجزاء حقيقته نسخة ) مخلوقون على شاكلته فهؤلاء المعصومون الطيبون الذين اذهب الله عنهم الرجس فطهرهم تطهيرا هم حملة ولاية الله ومهابط امر الله الذي به ( امر الله به خل ) خلقت الاشياء ووجدت الموجودات من الارض والسماء بهم فتح الله وبهم يختم فهذا مجمل بيان الولاية العامة التي احد افرادها النبوة والولاية التي قسيمها وقد اشرت اليه اشارة جامعة وبينت مراتبها واقسامها بكلمات نافعة ولا يسعني التفصيل صونا لتلك المطالب الجليلة والمراتب النبيلة عن اصحاب القال والقيل
واما الولاية بالاطلاق الثاني والمعنى الثاني هي التصرف في الموجودات حسب ارادة الله سبحانه واعطاء كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه واظهار السلطنة واعلاء ( اعلان خل ) الكلمة واثبات الهيمنة العامة والخاصة وتمكين القابليات وتهيئة الاستعدادات ( للاستعدادات خل ) واصلاحها لقبول الفيض من بارئ الموجودات وخالق الارض والسموات وقران العلويات بالسفليات والشرايط بالمشروطات والاسباب بالمسببات والعلل بالمعلولات والمجردات بالماديات واظهار آثار النظرات ( النظرات واحكام النظرات خل ) وايقاع اشعة المنيرات ( النيرات خل ) على القوابل المستضيئات ( المستقبلات خل ) وتمكينها لقبول الفيض من الله سبحانه وتعالى واما النبوة فهي كما ذكرنا الوساطة والترجمة عن الله سبحانه الى ما عداه فالنبوة وساطة نزول والنبي المطلق الموحي اليه عن الله سبحانه يفيض ( لفيض خل ) تلك الفيوضات والولي المطلق يتصرف فيها ويوصلها الى محالها ومواقعها فالنبي هاد بمعنى الارائة والولي هاد بمعنى الايصال فالهداية الظاهرة هي الايصال الى المطلوب لا غير فالنبوة هي الانذار والنبي هو المنذر والولاية هي الهداية والايصال والولي هو الهادي والموصل واليه الاشارة في قوله تعالى انما انت منذر ولكل قوم هاد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا المنذر وعليّ الهادي بنفسه وبابداله واعواضه وقال تعالى انك لا تهدي من احببت اي الايصال الى المطلوب الذي خلق الخلق لاجله وهم ميسرون ( مسيرون خل ) له لانك حامل النبوة والنبي من حيث النبوة شأنه الارائة واظهار الامر الوحداني الذي به يتغير احوال الخلق ويتقلب فان النبوة ليس شأنها ذلك وانما ذلك شأن الولاية والولي وهو قوله تعالى ولكن الله يهدي من يشاء يعني بولايته الظاهرة في الولي المطلق فيوصل الى النعيم ويوصل الى الجحيم وهو نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار والنبي يخاطب بقوله تعالى ليس لك من الامر شيء والولي يعبر عنه بقوله بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء والنبي يقال له وما على الرسول الا البلاغ والولي باب ( بان خل ) باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب الولي نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار النبي هو القرآن والولي هو النازل منه وهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا النبي ام الكتاب والولي فصل الخطاب النبي واقف مقام الاجمال والولي واقف مقام التفصيل النبي مظهره العرش والولي مظهره الكرسي النبي في مقام القلم والولي في مقام اللوح النبي الماء الطهور النازل من السماء والولي مجري ذلك الماء الموصل بالنبات والجماد والحيوان والانسان النبي في مقام العقل الكلي والولي في مقام النفس الكلية النبي في مقام النقطة والولي في مقام الالف النبي في مقام الالف والولي في مقام الحروف والكلمة النبي في مقام القطب والولي في مقام المحور ( المحور النبي في مقام المحور خل ) والولي في مقام الكرة المتحركة على المحور النبي سماء والولي ارض حاملة لآثارها مفصلة لاطوارها وبالجملة فالولاية ( والولاية خل ) تصرف في ما يظهر بالنبوة فالنبوة ( والنبوة خل ) في هذا المقام من حيث هي هي اعلى من الولاية من حيث هي هي لان النبوة اخذ ابتدائي من الله سبحانه والولاية تصرف في ذلك كيف ما يريد الله سبحانه كما قال تعالى وما تشاؤن الا ان يشاء الله ولما كان الامكان لا يستقيم الا بمدد وعطاء من الله سبحانه وذلك المدد يحدد بالحدود ويتميز بالخصوصيات والجهات ولكل واحد حامل وحامل الاول ( والحامل للاول خل ) اعلى مقاما من حامل الثاني ( الحامل للثاني خل ) لان في الثاني تصرفا وتدبيرا ( تصرف وتدبير خل ) وفي الاول محض الوساطة والاتيان بالامر الوحداني الاجمالي الاولى ولا ريب ان الوحدة اعلى مقاما من الكثرة والاجمال اقرب الى المبدء من التفصيل فعلى هذا فحامل النبوة اعلى مقاما من حامل الولاية واعلم ان النبوة كالولاية على قسمين نبوة ظاهرة وولاية ظاهرة ونبوة باطنة وولاية باطنة اما النبوة الظاهرة وهي وساطة وترجمة للاوامر والنواهي الظاهرة عن الله تعالى الى كافة المكلفين الذين بعث اليهم والولاية الظاهرة وراثة من النبي صلى الله عليه وآله ما اتى به عن الله سبحانه وتعالى من الاحكام التكليفية الالهية مما تقتضيه كينونات الخلق من الرعية وهذا لا يكون الا بعد النبي صلى الله عليه وآله كما هو شأن الارث والميراث واما النبوة الباطنة فهي وساطة وترجمة للمدد الفايض عن الله سبحانه وتعالى على وجه الاجمال والبساطة وايصاله الى القوابل المستعدة فنفس تلك الترجمة والوساطة هي النبوة الباطنة واما الولاية الباطنة فهي التصرف في ما يلقي اليه النبي الحامل للنبوة الباطنة بجهات التصرف وانحاء التدبير من التعريف والتعرف وتيسير كل شيء لما خلق له واظهار ذلك الامر الوحداني باحوال مختلفة واطوار متعددة من انحاء الاشكال والصور والهيئات والاوضاع ومرادي من الصور ما هو الاعم من الصورة النوعية والصورة الشخصية ويدخل فيه الكليات والاجناس والعقول ( الفصول خل ) من الجواهر والاعراض واحكام الاضافات وجهات الانيات والبسائط والمركبات وغير ذلك من اطوار الوجودات ( الموجودات خل ) فالولاية الظاهرة تستمد من النبوة الظاهرة والنبوة الظاهرة تستمد من الولاية الباطنة والولاية الباطنة تستمد من النبوة الباطنة مثاله العرش والكرسي والشمس والقمر فالشمس مثال النبوة الظاهرة والقمر مثال الولاية الظاهرة والكرسي مثال الولاية الباطنة والعرش مثال النبوة الباطنة فالقمر يستمد من الشمس والشمس تستمد من الكرسي والكرسي يستمد من العرش فابن على ما ذكرنا امرك وكن لله من الشاكرين
واما معنى ختم النبوة والولاية فالكلام فيه طويل والقلب كليل واللسان لبيانه عليل ولكني اذكر لك كلاما جامعا وبيانا مختصرا نافعا اذا تأملته حصلت مقصودك منه وهو ان الخاتم هو الفاتح والختم هو البدء ( البدو خل ) وهو قوله تعالى كما بدأكم تعودون فاذا جعلنا ما ( الما خل ) مصدرية يكون المعنى بدؤكم عودكم وبيان ذلك على الوجه الاجمالي ( على وجه الاجمال خل ) هو ان الكمال التام لا يكون الا بتمام قوس النزول والصعود وهو عبارة عن قطع الاسفار الاربعة في التكوين والتشريع فاذا تم القوسان كمل الشيء وصار قابلا لخلافة الله سبحانه في ذلك المقام وتلك الرتبة فاذا وجب الصعود بعد النزول فمهما وقف الشيء على حد لا يتعداه علمنا ان ذلك هو مبدؤه وهو المبدء الذي نزل عنه وصعد اليه اذ لو كان له مقام فوق ذلك لما انتهى في سيره اليه فالختم دليل البدء ( البدو خل ) والخاتم دليل المبدء الفاتح فلما رأينا سلسلة النبوة انقطعت بمحمد صلى الله عليه وآله فلا نبوة بعد نبوته ولا نبي بعده كذلك الولاية لما انقطعت سلسلتها بامير المؤمنين عليه السلام فلا ولاية بعد ولايته ولا ولي بعده فعلمنا ان نبوة محمد صلى الله عليه وآله كانت مبدء النبوات وهو صلى الله عليه وآله كان مبدء الانبياء وعلمنا ان ولاية امير المؤمنين عليه السلام كانت مبدء الولايات وهو عليه السلام مبدء الاولياء فلا نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله وبه ختمت النبوة وبعليّ امير المؤمنين عليه السلام ختمت الولاية فهما مقترنتان ( مقترنتان وخل ) متصلتان لا تقوم احديهما الا بالاخرى فمبدء النبوة هو مبدء الولاية وهما مقترنتان والفرق بالاجمال والتفصيل وما يختم به النبوة يختم به الولاية فلا تصغ اذن الى قول بعض الغافلين عن ( من خل ) مدعي المعرفة ان باب النبوة قد انسدت والنبوة قد ختمت بخلاف الولاية فانها مفتوحة لم تنسد فانه كلام ضعيف وقول سخيف فان النبوة وان ختمت بمحمد صلى الله عليه وآله لكنها باقية مستمرة ابد الابد ودهر ( هو خل ) السرمد وكلما في العالم من احكام النبوة تكوينية كانت ام تشريعية فانها منسوبة الى محمد صلى الله عليه وآله وحلال محمد صلى الله عليه وآله حلال الى يوم القيمة وحرام محمد ( حرامه خل ) حرام الى يوم القيمة وكذلك الولاية فكلما في العالم من احكام الولاية وآثارها فان ذلك من ظهورات خاتم الولاية وامثاله الملقاة في هوية ( هويات خل ) الاولياء منها من حيث البدلية ومنها من حيث الشبحية والمثلية الم تعلم ان الدنيا ختمها بالرجعة رجعة محمد وآله صلى الله عليه وآله وهل في تلك الدولة ولاية لغير امير المؤمنين عليه السلام ونبوة لغير رسول الله صلى الله عليه وآله فكما ان الخلق في تلك الدولة على حسب مراتبهم حملة النبوة واحكامها ( احكامها وخل ) حلالها وحرامها الى محالها ومواقعها ذلك لا يقدح ختم نبوته صلى الله عليه وآله وكذلك هم ( وكلهم خل ) حملة الولاية واحكامها وآثارها في مواقعها ومحالها ( محالها ومواقفها خل ) وليس الخاتم للنبوة الا محمد صلى الله عليه وآله والخاتم للولاية الا امير المؤمنين عليه السلام اما سمعت انهما سلام الله عليهما باقيان في الرجعة بعد الائمة المعصومين كلهم ولا يصعدان الى السماء لينفخ في الصور الا بعد الجميع فلو كان ختم الولاية بغيره كان مقتضى الحكمة بقاء ذلك الغير دونه مع ان الامر خلاف ذلك لدلالة الروايات الكثيرة وقوله عليه السلام في الزيارة الجامعة الكبيرة بكم فتح الله وبكم يختم وهذا شيء معلوم وكذلك لا تصغ ايضا الى قول من يقول ان خاتم الولاية المحمدية هو صاحب الزمان عجل الله فرجه وجعلني فداه فانه من زخرف المقال ومن اسخف الاقوال فانك قد علمت منا سابقا ان الخاتم هو الفاتح وانه الاشرف من غيره لقاعدة الامكان الاشرف وبطلان الطفرة فعلى هذا القول الفاسد والكلام الزور الكاسد يجب ان يكون القائم عجل الله فرجه من ( افضل من خل ) امير المؤمنين عليه السلام والمذهب قاض ببطلانه فحينئذ يجب ان يكون الخاتم هو امير المؤمنين عليه السلام وخاتم الاوصياء وخاتم الاولياء ليس الا امير المؤمنين والائمة عليهم السلام اوصياء الوصي خاتم الوصاية وحملة ولاية خاتم الولاية ظهرت في هذه الهياكل القدسية ظهور النار في السراج ( السرج خل ) المتعددة وفي ساير الموجودات ظهور الشمس في مرايا متكثرة والمهدي سلام الله عليه وعلى آبائه انما يظهر ظهورا لاقتضاء العالم حتى يصفيه وينضج مزاج كينونته وهذا ليس لانه من مقتضيات ذاته وحقيقته بل لاقتضاء الاسباب والعلل الثانية ذلك وكل امام لو اقتضى ظهوره ذلك الوقت كان يظهر منه ذلك الظهور فلو كان عليه السلام هو الخاتم لم يظهر باقي الائمة عليهم السلام ولم يكن دولة الرجعة وذلك في البطلان بمكان فخاتم الولاية وخاتم الاوصياء ( الوصاية خل ) منحصر بامير المؤمنين عليه السلام دون غيره كما دلت عليه الروايات لا سيما رواية ولادته عليه السلام فانه لما وضع على الارض من بطن امه سجد لله وقال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وبمحمد صلى الله عليه وآله تختم النبوة وبي تختم الوصاية الحديث اذا كان به تختم ( تختم به خل ) الوصاية فكيف يكون غيره خاتمها مع ان الخاتم اشرف ولا اشرف من امير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقول ابن عربي وخاتم الولاية المحمدية هو المهدي (ع) كما استحسنه جماعة من بعض علمائنا ( من علمائنا خل ) كلام باطل وقول مجتث زايل
ازالة شبهة - لا تتوهم من قولنا ان خاتم الولاية هو امير المؤمنين عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله ليست فيه ولاية كلا وحاشا بل انما ولاية الله في مقام الحدوث والصنع والايجاد قد ظهرت اولا فيه ( فيه اولا خل ) على جهة الوحدة والاجمال ثم في امير المؤمنين عليه السلام على جهة التفصيل اما ولاية النبي صلى الله عليه وآله فبعد الاجماع يدل عليها قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله وقوله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم واما ان ولاية امير المؤمنين عليه السلام تفصيلية ( التفصيلية خل ) مأخوذة من ولاية النبي صلى الله عليه وآله فيدل عليه قول النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير الست اولى بالمؤمنين من انفسهم قالوا اللهم بلى قال صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فهذا على مولاه فافهم الدقيقة بسر الحقيقة وتعيها اذن واعية وهذا مجمل الكلام في ختم النبوة والولاية والفرق بينهما واما التفصيل فان وفق ( وقف خل ) الله ملاقاتكم ومشافهتكم فلربما تحظى ( تحظه خل ) ببعض تلك التفاصيل على طور عجيب وطرز غريب تنال بذلك اوفر النصيب من المعلي والرقيب واما قولكم اسبغ الله نعمه عليكم والفرق بين كلامكم الشريف والصوفية الملاحدة والحكماء والمتكلمين فجوابه انه ليس بين كلامنا وكلامهم جهة جامعة حتى يسئل عن الفرق وان كان الكلمات بحسب الصورة متشابهة كالماء الصافي والبول الصافي كالكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة والشجرة الطيبة الثابتة والشجرة الخبيثة المجتثة وكالزبد الذي ينفع للناس والزبد الذي يذهب جفاء وبالجملة فالحق والباطل وان كانت صورتهما واحدة يلتبس على الجاهل الا ان الحقيقة والفرق بينهما كالفرق بين العليين والسجين ولكني اذكر لك في هذا المقام كلمة واحدة جامعة للمراتب كلها وجميع المراتب والمطالب فروع لهذا الاصل وهو ان القوم وان كانوا ( كان خل ) بالسنتهم ينزهون الحق سبحانه عن نسب ( النسب خل ) الخلقية ويقولون بالعلية ( بالعلة خل ) والمعلول والفاعل والمفعول ولكن الصوفية منهم القائلين ( القائلون خل ) بوحدة الوجود يرون ان هذه الاحكام احكام الانيات والتعينات واحكام الوجود المشوب واما الوجود الصرف فهو الظاهر في تلك المجالي والتعينات وهو واحد في تلك الحالات واما الحكماء منهم فالقائلون ( الحكماء فالقائلون خل ) بالاشتراك المعنوي بين الواجب والممكن فانهم وان كانوا يقولون بالحادث والقديم وان الحادث احدثه القديم لا من شيء ولا بشيء ولا على شيء ولا كشيء ولا في شيء وان ( فان خل ) الاشتراك في المفهوم لا في المصداق ولكن لسان اعمالهم وكينوناتهم تشهد ان الوجود معنى واحد في الواجب والممكن وان مفهوم الوجود ينتزع من الواجب وهذا اجراء على الله سبحانه احكام مخلوقاته واحكام المخلوقات احكام الفقر والله سبحانه غني مطلق فلا يجري على الغني المطلق احكام الفقر ( الفقير خل ) المطلق بضرورة العقل والنقل قال مولينا الرضا عليه السلام كلما في المخلوق يمتنع في خالقه وقال مولينا الصادق عليه السلام ان الله خلو من الخلق وخلقه خلو منه وقول امير المؤمنين عليه السلام داخل في الاشياء لا كدخول شيء في شيء فالمراد بالدخول ظهور المثال والصفة لا الحقيقة والذات كدخول الشمس في الشعاع والكاتب في الكتابة والبناء في البناء فان ذلك ظهور المثال والحكاية وصفة استدلال لا صفة مكاشفة وحقيقة جامعة وهم وان قالوا ان نسبة الخلق الى الله سبحانه نسبة الشعاع الى المنير ولكن عندهم ان الشعاع والشمس من حقيقة واحدة وكل واحد مجلي لوجود واحد الا انه في الشمس اقوى وفي الشعاع اضعف وهذا هو القول بوحدة الوجود والمتكلمون وان قالوا ان الخلق احدثه الله سبحانه لا من شيء فحقيقة المخلوق لا تتحد ( لا يتحد خل ) مع حقيقة الخالق الا ان لسان اعمالهم واقوالهم ينادي ( لسان اعمالهم ينادي خل ) بخلاف ذلك لانهم اثبتوا النسبة بين الله سبحانه وبين خلقه حتى ( حتى ان خل ) اورد الرازي شبهة قالوا انها غير منحلة وهي ان الخلق متأخر وجوده عن الله بفاصلة ام لا فان لم تكن فاصلة لزم ان يكون قديما وان كانت فاصلة فهي لا تخلو اما ان تكون متناهية او غير متناهية وان كانت متناهية لزم التحديد وان كانت غير متناهية لزم ان لا يوجد الخلق بعد والا لزم تناهي الفاصلة والملازمة بينة وبطلان اللازم بديهي وهذه الشبهة ما عجزوا عن جوابها الا انهم ( لانهم خل ) اثبتوا النسبة بين الله وبين خلقه والمنتسبان لا يكونان الا في رتبة واحدة حتى يجتمعا وبالجملة فاذا كان ( كأنهم خل ) هذا شأنهم مع الله سبحانه بالنسبة الى خلقه فالخلق بعضهم بالنسبة الى بعض ( البعض خل ) اعظم واعظم فمجموع الموجودات عندهم حقيقة واحدة واما ( اما خل ) في الجنس العالي او جنس ( او في الجنس خل ) السافل او في النوع او في الكيف او في الكم او في الجهة او في الرتبة او في غير ذلك الا ترىهم يقولون ان الانسان كلي صحيح الصدق على جميع الافراد ويجعلون من افراده الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله وحقايق الانبياء وحقايق الرعية فزيد وآدم ورسول الله صلى الله عليه وآله عندهم ( عند خل ) افراد لكلي واحد وهو متواطي ( متواصلي خل ) الصدق عليها والحيوان يجعلونه جنسا للانسان والحمار والبقر والحية والحوت وما سوى ذلك وكذلك الكلام في ساير الاجناس والانواع والاصناف وعلى ذلك مبني علومهم واما الصوفية فحيث ان عندهم باطن هذه الظواهر ذهبوا الى القول بوحدة الوجود فاذا اردنا التطبيق بين الباطن والظاهر فباطن اقوال الحكماء والمتكلمين ليس الا مذاهب الصوفية وعقايدهم واقوالهم والصوفية في بحث الولاية وان كانوا يقولون نوع ما قلنا الا ان عندهم ان ذلك حكم التعين الاول بالاضافة الى سائر التعينات فان له الهيمنة والاستعلاء والاستيلاء ( الاستيلاء والاستعلاء خل ) على ساير المجالي والتعينات كالقرانات والاضافات واما الحكماء فحيث انهم اثبتوا بقاعدة امكان الاشرف سلسلة العلل والمعلولات فعندهم ان العقل الاول له الهيمنة والولاية الكبرى على النفس الكلية وعلى ما سواها من المراتب ويجعلون النبي والولي مظهر العقل والنفس بل عينهما في بعض الاحوال ويجعلون العقل والنفس والجسم في السلسلة الطولية وليس كذلك بل هما ( هي خل ) في السلسلة العرضية والحقيقة الواحدة قد تعينت وتلك التعينات على حسب الترتيب والحكماء والاشراقيون ( الحكماء الاشراقيون خل ) وان جعلوا الولاية مقام الاسم الاعظم الجامع للاسماء الالهية كلها ولكن الاسماء ومتعلقاتها عندهم من سنخ واحد واما المتكلمون فحيث ينكرون مدخلية الولي في التكوين وان التكوين عندهم انما يكون عن الله سبحانه بالملائكة المدبرات والحافظات والمعقبات واما الاولياء فلا مدخلية لهم في ذلك واقتصروا ( في التكوين فاقتصروا خل ) في الولاية على التصرف في الاحكام الشرعية والسياسات الالهية والنواميس القدسية في الحلال والحرام والعقود والايقاع ( الايقاعات خل ) والحدود والاحكام وها انا انقل لك بعض كلماتهم حتى تكون على بصيرة من امرهم :
قال السيد حيدر العاملي وهو من الصوفية في كتابه جامع الاسرار ( نقلا خل ) عن محيي الدين وقال والشيخ الاعظم قد فصل الولاية تفصيلا وقد قسم لها تقسيما وذلك قوله : اعلم ان الولاية تنقسم بالمطلقة والمقيدة اي العامة والخاصة لانها من حيث هي هي صفة الالهية مطلقة ومن حيث استنادها الى الانبياء والاولياء كلهم جزئيات الولاية المطلقة كما ان نبوة الانبياء جزئيات النبوة المطلقة والنبوة المطلقة ليست الا الحقيقة المحمدية من حيث الظاهر والولاية المطلقة الا لباطنها من حيث الباطن وقال في موضع آخر الولاية عندهم هي التصرف في الخلق بعد فنائهم في الحق وبقائهم به ( به وخل ) ليست في الحقيقة الا باطن ( الحقيقة باطن خل ) النبوة التي ظاهرها الانبياء وباطنها التصرف في النفوس واجراء الاحكام عليها ( عليه خل ) وحيث ان النبوة مختومة من حيث الانبياء اذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فلم يبق الا الولاية من حيث التصرف في النفوس ابد الابد ( الآباد خل ) لان نفوس الانبياء من امة محمد صلى الله عليه وآله وعليهم حملت تصرف ولاية يتصرف بهم في الخلق بالحق الى يوم القيمة بل الى غير النهاية فباب الولاية مفتوح وباب النبوة مسدود وعلامة صحة الولي متابعة النبي في الظاهر لانهما يأخذان التصرف من مأخذ واحد اذ الولي هو مظهر تصرف النبي ولا يتصرف الا واحد ومن هذا تكلم بعض الاتباع عن نفسه بخصايص النبي على سبيل الحكاية فيتنزل ( فنزل خل ) نفسه من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة الآية من التصرف نحو قول ابن الفارض:
الى رسولا كنت مني مرسلا وذاتي بآياتي على استدلت
وكلهم عن سبق معناي داير بداير تي او وارد من شر يعتي
فكما ان النبوة دائرة ( دائرة متؤلفة خل ) في الخارج من نقطة وجودات الانبياء وكاملة بوجود النقطة المحمدية لانه مثل النبوة بحائط كمل الا موضع لبنة واحدة وهي وجوده فالولاية ايضا ( وهي وجودة في الولاية خل ) دائرة مؤتلفة في الخارج من نقطة وجودات ( وجود خل ) الانبياء كاملة بوجود النقطة التي يختم بعد الولاية ( كاملة بوجودة النقطة سيختم بها الولاية خل ) وهو محمد بن الحسن صاحب الزمان المعبر عنه بالمهدي صلوات الله عليه انتهى كلامه
انظر الى كلامه المتهافت المختل النظام المنحل الزمام فقد اشرنا سابقا الى بطلانه وهذا هو يصدق قولنا من اعتقادهم ان النبوة المحمدية صلى الله عليه وآله مساوية ( مساو خل ) مع الانبياء الاخر ( الانبياء الا من خل ) حيث تمت به الدايرة وان المهدي عجل الله فرجه هو خاتم الولاية المطلقة
وقال في بحث النبوة النبوة عندهم هي الاخبار عن الحقايق الالهية والاسرار الربانية مترتبا ( مترقبا خل ) على تحقيق اسمائه وصفاته وافعاله وهي على قسمين نبوة التعريف ونبوة التشريع فالاولى هي الانبياء من ( عن خل ) معرفة الذات والاسماء والصفات والثانية جميع ذلك مع تبليغ الاحكام والتأديب بالاخلاق والتعليم بالحكمة والقيام بالسياسة ويختص هذه بالرسالة
وقال العالم الفاضل محمد بن ابي جمهور الاحسائي في كتابه المسمى بالمجلي ( بمجلي خل ) وهو ينقل غالبا كلام الحكماء قال ما لفظه : اعلم ان خلافة ( الخلافة خل ) الحقيقة المحمدية هي قطب الاقطاب لما تقرر عند اهل الذوق ان لكل اسم من الاسماء الالهية صورة في العالم مسماة بالماهية والعين الثابتة وان لكل واحد منه صورة خارجية مسماة بالمظاهر ( بالظاهر خل ) والموجودات العينية وان تلك الاسباب ( الاسماء خل ) ارباب تلك المظاهر وهي مربوباتها ومنه الفيض والاستمداد على جميع الاسماء وحينئذ نقول ان تلك الحقيقة هي التي برزت بصورة العوالم كلها باسم الرب الظاهر فيها الذي هو رب الارباب لانها الظاهرة في تلك الظاهر بصورتها ( المظاهر فصورتها خل ) الخارجية المناسبة بصور ( لصور خل ) العالم هي التي مظهر الاسماء الظاهر برب صور العالم وبباطنها برب باطن العالم لانه صاحب الاسم الاعظم وله الربوبية المطلقة ولذا قال هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله خصصت بفاتحة الكتاب وخواتيم البقرة وهي مصدرة بقوله تعالى الحمد لله رب العالمين فجميع عوالم الاجسام والارواح كلها مربوبة محتاجة لها وهذه المربوبية انما هي ( هي لها خل ) من جهة حقيقتها لا من جهة بشريتها فانها من تلك الجهة عنده مربوبة ( مربوب خل ) محتاجة الى ربها كما بينه ( نبه خل ) سبحانه على هذه الجهة بقوله انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ ولقوله ( بقوله خل ) لما قام عبد الله يدعوه فسماه عبد الله تنبيها ( تنبها خل ) على انه مظهر هذا الاسم دون اسم آخر وبينه ( آخر نبه خل ) على جهة الاولى بقوله وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فاسند رميه الى الله ولا يتصور هذه الربوبية الا باعطاء كل ذي حقه حقه وافاضة جميع ما يحتاج اليه العالم وهذا المعنى لا يمكن الا بالقدرة التامة والصفات الالهية جميعا فله كل الاسماء يتصرف بها في العالم على حسب استعداداتهم ولما كانت هذه الحقيقة مشتملتين ( مشتملة خل ) على الجهتين الالهية والوجودية لا يصح ذلك اصالة بل تبعية وهي الخلافة فلها الاحياء والاماتة واللطف والقهر والرضا والسخط وجميع الصفات لتتصرف في العالم وفي نفسها وبشريتها ايضا لانها منه وبكاؤه عليه وضجره وضيق صدره لا ينافي ما ذكرنا ( ذكرناه خل ) فانه بعض مقتضيات ذاته وصفاته ولا يعزب عن علمه ( عنه خل ) مثقال ذرة في الارض ولا في السماء من حيث مرتبته وان كان يقول انتم اعلم بامور دنياكم من حيث بشريته والحاصل ان ربوبيته للعالم بالصفات الالهية التي ( التي له خل ) من حيث مرتبته وعجزه ومسكنته وجميع ما يلزمه من النقايص الامكانية من حيث بشريته الحاصلة من التقييد والتنزل الى العالم السفلي ليحيط بظاهره خواص العالم الظاهر وبباطنه خواص العالم الباطن مجمع البحرين ومظهر العالمين فنزوله ( فبنزوله خل ) ايضا كماله كما ان عروجه الى مقامه الاصلي ( الى العالم الاعلى خل ) كماله فالنقايص ايضا كمالات باعتبار آخر يعرفه من تنور قلبه بالنور الالهي وبطريق اخرى هو عليه السلام العقل الاول الظاهر فيه خواص اسمه الخاص به وهو الرحمن وذلك لان مظهره بحسب المعنى هو الانسان الكامل المتصرف في الوجود ظاهرا وباطنا غيبا وشهادة المعبر عنه بالخلقية ( بالخليفة خل ) لان الرحمة صورته هي الهداية الى الطريق المستقيم والدين القويم والمآكل والمشارب وما يتعلق بذلك ومعنويته هي الوجود وتوابعه والعلوم والمعارف الروحانية الذاتية واما مظهره بحسب الصورة فهو العرش الا ان ( لان خل ) الانسان الكامل هو اول مظهر من مظاهر العالم الجسماني فخلفاء الله الصورية والمعنوية منحصرون في الانسانين ( في الاسماء خل ) الكبير والصغير المعبر عنهما بالآفاق والانفس ففي الآفاق خليفتان العقل الاول والنفس الكلية وهما مظهر الرحمن والرحيم فالنفس الرحماني والرحمة الامتنانية منسوبان الى العقل الاول الذي هو مظهره ( مظهر خل ) الاول من مظاهره في الروحانيات كما ان العرش اول مظهر له في الجسمانيات في الانس ( الانفس خل ) له ايضا خليفتان النبي والولي وهما ايضا مظهر الرحمن ( الرحمن وخل ) الرحيم فظهر ان العرش اربعة العقل الاول وهو عرش معنوي للرحمن والنفس الكلية عرش معنوي للرحيم والفلك الاعلى عرش صوري للرحمن والذي يليه عرش صوري للرحيم والكل راجع الى الرحمن ومظهره ( مظهر خل ) في عالم الغيب والشهادة والآفاق والانفس وبعده يرجع الكل الى الرحيم ولذا ( لهذا خل ) يسميان بالعرشين والكرسيين فعرش الرحيم يسمى بالكرسي وهو النفس الكلية فانها كرسي الرحيم معنى والفلك الثامن كرسيه في عالم الصورة فالنفس الرحماني عندهم اشارة الى الوجود الاضافي الوحداني بحقيقة المتكثرة بصورة المعاني التي هي الاعيان واحوالها في الحضرة الاحدية تشبيها له بنفس الانسان المختلف بصور الحروف مع كونها ( كونه خل ) هواء ساذجا في نفسه ونظرا الى الغاية التي هي تزويج الاسماء الداخلة تحت حيطة الرحمن عند كونها و( وهو خل ) كون الاشياء فيها وكونها بالقوة كتزويج الانسان بالنفس واما الرحمة الامتنانية فهي الرحمة المقتضية للنعم السابقة على العمل فالرحمن اسم للحق باعتبار فيضان الكمالات المعنوية على اهل الايمان والتوحيد وقد قالوا الجمعية لاسمائه التي في الحضرة الالهية الفائض عنها الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات كما ان الرحيم اسم باعتبار فيضان الكمالات المعنوية على اهل الايمان والتوحيد وقد قالوا ان جميع مظاهر ( المظاهر خل ) الكلية الآفاقية والانفسية ( الآفاقية الانفسية خل ) راجع الى الاسماء الثلاثة التي في البسملة الله الرحمن الرحيم وحروف البسملة تسعة عشر ( تسععشر خل ) حرفا فوقع ترتيب العالم على التسعة عشر ( تسعة عشر خل ) مرتبة العقل الاول والنفس الكلية والافلاك التسعة والعناصر الاربعة والمواليد الثلاثة الجامع لكله ( الثلاثة والجامع الكلية خل ) فاذا ثبت رجع الى العقل الاول والنفس والجسم وهو الجبروت والملكوت والملك وهي النبوة والرسالة والولاية وهي الشريعة والطريقة والحقيقة ولهذا قال عليه السلام ظهرت الموجودات من باء ( الموجودات على خل ) بسم الله الرحمن الرحيم والنبي مظهر الرحمن والولي مظهر الرحيم والجامع للمرتبتين مظهر اسم الله ومشربها ( مشربهما خل ) من الوحي والالهام فالاول من العقل والثاني من النفس فاعظمها واشرفها الاسم الاعظم وهو الله واشرف المظاهر واعظمها مظهر هذا الاسم بالفعل دون القوة لان النوع الانساني بأسره مظهر له بالقوة ولكن ( لكن خل ) الشرف والعظمة ليس الا لمظهر الفعلي وهو نبينا صلى الله عليه وآله من بين الانبياء وساير الانبياء بعده على الترتيب ومن الاولياء على عليه السلام وساير الاولياء بعده على الترتيب (ع) فنبينا صلى الله عليه وآله مظهر اسم الله باعتبار جمعيته ومظهر اسم الرحمن باعتبار تصرفه في الوجود وخلافته ( خلافته فيه خل ) ومظهر اسم الرحيم باعتبار ولايته المطلقة فهو العقل والنفس الكلية وكذلك عليّ عليه السلام وساير اولاده سلام الله عليهم الى خاتم الخاتم لانهم اصحاب الجمعية باعتبار اخذها من القطب المحمدي فكل واحد منهم على الترتيب مظهر اسم الله باعتبار جامعيته ومظهر اسم الرحمن باعتبار خلافته ومظهر اسم الرحيم باعتبار ولايته فكلهم مجمع العوالم في هذا الموضع نقطة من بحر محيط والله عنده علم الكتاب
انتهى كلامه وانما نقلته بطوله ليحصل لك الاطلاع على كلماتهم ومطالبهم لان هذا الذي ذكره رحمه الله جوامع كلامهم وخفايا اسرارهم ولو اردنا ان نذكر ما في هذا الكلام من المناقشات الواقعية وان ما ذكروه من القشور والظواهر لا حقايق الاسرار والبواطن لطال بنا الكلام ولاقتضى وضع مجلد ضخيم الحجم ولكنا نقول ان الولاية وهي التصرف في جميع الممكنات حسب التقدير والتدبير والتسخير وربط الاشياء وقراناتها وضبط نسبتها ( نسبها خل ) واضافاتها وجهات اتصالاتها ومواقع مراتبها ومتمماتها ومكملاتها وكلما لها ومنها وبها واليها ولديها مما يقتضي صحة قوله تعالى صنع الله الذي اتقن كل شيء وهي الرياسة الكبرى والقيومية العظمى انما هي لله سبحانه وهو قوله تعالى هنالك الولاية لله الحق وحيث ان الله سبحانه وتعالى لا يخل بالحكمة ولا يباشر الاشياء بذاته ولا يعانيها خلق محمدا صلى الله عليه وآله قبل الخلق وقبل القبل وقبل الكون والمكان بلطيف حكمته ونافذ كلمته وجعله حاملا لولايته ومحلا لمشيته فجعل له القيومية الكبرى والولاية العظمى وكانت الولاية لمحمد صلى الله عليه وآله ثم الولاية لامير المؤمنين عليه السلام وهي تلك الرياسة الكبرى ثم الولاية المذكورة للحسن بن عليّ عليهما السلام ثم للحسين بن عليّ ( امير المؤمنين خل ) ثم للقائم المهدي عجل الله فرجه عليه وعلى آبائه السلام ثم للائمة الثمانية وهم عليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ ثم الولاية لفاطمة الصديقة الطيبة الطاهرة صلوات الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها وظهور الولاية التي هي الرياسة العامة على الوجه المذكور في هؤلاء المعصومين الطيبين الطاهرين في ( على خل ) جهة التشكيك بمعنى التقدم والتأخر والشدة والضعف فهم حيث كانوا في البدو وجب ان يكونوا في الختم فهم الفاتحون وهم الخاتمون وهم السابقون وهم اللاحقون وهم الاولون وهم الآخرون وهم المستترون ( المستسرون خل ) وهم الظاهرون وهم البادون وهم الحاشرون وهم ظهروا في خاتم ( خاتمة خل ) الدنيا وتمام دولة الرجعة واصل القيمة وعلى منبر الوسيلة وحساب الخلق عليهم وايابهم اليهم وامر الله لديهم وحكمه فيهم وعلمه عندهم وكلمته لديهم ثم لما خلق الله الانبياء من شعاع نورهم وفاضل طينتهم وهم مأة الف واربعة وعشرون الفا ( عشرون الف خل ) فجعل لهم الولاية على حسب مقامهم ومرتبتهم ونسبة ذاتهم وطويتهم وحقيقتهم وسرهم فلهم الولاية حسب ما القى فيهم من امثال ( مثال خل ) آل محمد صلوات الله عليهم فهم يتصرفون في العالم وفي ما تحتهم من مراتب الوجود بسر ذلك المثال الملقي اليهم في هويتهم من تلك الانوار فالولاية التي فيهم ( فالولاية فيهم خل ) اي في الانبياء مشتقة من ولاية آل محمد سلام الله عليهم اشتقاق الشعاع من المنير واشتقاق الصورة من الشاخص فلهم الولاية والامر والتصرف فيما ( بما خل ) ظهر فيهم من صفة تلك الكينونة العليا ولكن قطب هذه المرتبة التي ( الذي خل ) يدور عليه رحي النبوة واولوا العزم ( النبوة اولوا العزم خل ) اي نوح وابرهيم وموسى وعيسى ونسبة ظهور الولاية ( الولاية التي خل ) فيهم مع سائر الانبياء نسبة القلب الى ساير الاعضاء فالولاية الظاهرة في مقامهم انما يكون ظهورها على حسب التشكيك كما ذكرنا في الحقيقة الاولى العليا المحمدية صلى الله عليها ثم لما خلق الانسان الرعية من شعاع الانبياء عليهم السلام جعل فيهم الولاية حسب ما ظهر في هويتهم ( هوياتهم خل ) من مثال المثال وشبح الشبح فالولاية ( والولاية خل ) التي في الرعية شبح ومثال لولاية الانبياء وولاية الانبياء شبح ومثال لولاية آل محمد سلام الله عليهم الامناء وفيهم مثال المثال وهو قول امير المؤمنين عليه السلام لكميل يرشح عليك ما يطفح مني فقد رشح منهم عليهم السلام الى الانبياء وطفح الفاضل الى الرعية فهؤلاء تصرفهم وتسخيرهم وتدبيرهم بفاضل ذلك التدبير والتسخير فلهم الرياسة على حسب مقامهم ومرتبتهم فهم الاقطاب الجزئية تصرفهم على حسب ما عندهم من سر ( سر الاسم خل ) الاعظم حسب حكايتهم من ذلك المثال وهذه الولاية مشتقة من ولاية الانبياء اشتقاق الشعاع من الشمس فولاية هؤلاء الرعية في مقامهم دائمة مستقرة بدوا وختما ( بدوا او منتهى خل ) وولاية الانبياء في مقامهم مستمرة بدوا وختما وولاية آل الله آل محمد امناء الله ثابتة مستقرة بدوا وختما وصدق الولاية بالنسبة الى الولاية الظاهرة للانبياء والظاهرة في الرعية ( للرعية خل ) بالنسبة الى الولاية الظاهرة في الحقيقة المحمدية ( الحقيقة المطهرة خل ) من باب الحقيقة بعد الحقيقة فاذا قلت ان عليا ولي الله ونوحا ولي الله وسلمان ولي الله فصدق الولاية عليهم ليس من باب الحقيقة والمجاز للاطراد وعدم صحة السلب ولا من باب الاشتراك المعنوي لعدم اتحاد الحقيقة المشترطة فيه ولا من باب الاشتراك اللفظي للزوم المباينة واستقلال الوضع الذي لا يجوز في هذا المقام لان ولاية الانبياء عليهم السلام انما سميت بها لمشابهتها ومناسبتها وحكايتها لولاية الحقيقة المحمدية عليه وآله السلام والاشتراك اللفظي يستدعي بينونة الاعتزال وهو في مقام الحكاية والاستدلال محال ولا من باب المنقول لاستلزام هجر الاول وهو غير مهجور ولا من باب المرتجل لانه مع ذلك يستلزم ( يستلزم المباينة وخل ) عدم المناسبة فيكون الاطلاقين ( الاطلاق خل ) من باب الحقيقة بعد الحقيقة وهذا شيء لم يذكره الاصوليون ولم يطلعوا عليه مع كثرة وروده واستعماله ولسنا الآن بصدد تحقيقه وبيانه فانا قد بينا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل شرح هذه المسئلة وبيان هذه الفصلة ( العضلة خل ) نسئل الله التوفيق لفهم دقايق الحقائق وهاتان الولايتان اي اللتان في الرعية والانبياء حيث ( وحيث خل ) كانتا في جنب تلك الولاية الاولى العليا مضمحلة فانية كضوء السراج بالنسبة الى ضوء الشمس كانت الولاية ظاهرة في تلك الولاية الكبرى ولذا ماتري في الرجعة وعند ظهور القائم عجل الله فرجه وفي القيمة لغيرهم ولاية ولا ذكر له ولا دولة قد انحصر الامر فيهم وغيرهم قد وقعوا تحت الشعاع واما ما ظهر للانبياء في هذه الدنيا من الدولة والرياسة والحكومة فذلك من جهة عدم ظهور تلك الدولة العليا وانها كانت تمد الانبياء من وراء حجاب كما بينا سابقا من التمثيل بظهور الكواكب عند ما كانت الشمس تحت الارض وخفائها ما دامت فوق الارض فاذا ظهرت الولاية الكبرى لا يتخيلن متخيل ان ولاية الانبياء قد فسدت واضمحلت وبطلت كالولاية التي في الرعية فانما هي موجودة لكنها عند ظهور المنير الاعظم خفي نورها واستتر ظهورها والا فهم على ما هم عليه من الرياسة والسلطنة ولكن عند ظهور السلطان الاعظم يخفى سلطنة غيرهم من باقي الملوك والسلاطين لان الولاية كرة متؤلفة من نقاط وجود الاولياء وتمامها بوجود خاتم الانبياء بل ولاية خاتم الانبياء لا يتمها سواها فاذا اردت التمثيل التقريبي لهذا ( التمثيل البقرة هي هذا خل ) البيان التام فاعلم ان كرة القمر في مقامها ومرتبتها متحركة دائمة ابدا في محلها وموقعها وكرة عطارد فوقها متحركة دائمة وكذلك كرة الزهرة في موقعها ومحلها تتحرك دائما وهكذا باقي الافلاك كل فلك في مقامه يتحرك ويدوم في الحركة الى ما لا يتناهى ولكن لا يصل كل فلك الى آخر ولا كرة الى عليا والكل في مقامه متحرك الا ان العرش الاعظم لما كان قاهرا على الكل يكون ظهور الحركة عنده والحساب في الايام اليها وهو الذي يسخر باقي الكرات والافلاك في حركاتها واوضاعها وكذلك الولاية في موقعها ومحلها من المراتب الثلث لا تتعدي ( لا تصدي خل ) مرتبة مقامها ومرتبتها وما منا الا له مقام معلوم وانا لنحن الصافون وانا لنحن المسبحون فالولاية لله سبحانه يظهرون ( يظهر خل ) ولايته حيث يشاء الله اعلم حيث يجعل رسالته وافضل محال الولاية ومواقعها الحقيقة المحمدية صلى الله عليها الظاهرة في اربعة عشر هيكلا ( هيكل خل ) والى ما ذكرنا الاشارة في قوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون والمؤمنون هم الائمة عليهم السلام وهم الذين اقاموا الصلوة اي حدود الولاية الكبرى الكلية ( الكبرى التي خل ) من الرياسة العامة الكلية وآتوا الزكوة من التبرء عن ( من خل ) اعداء الله والتجنب عما يكرهه الله وهم راكعون الخاضعون الخاشعون لله سبحانه المتذللون لديه والمنقطعون اليه والى هذا المعنى اشار سبحانه وتعالى بقوله عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون شرح لقوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وقوله تعالى ومن يقل منهم الى آخر الآية شرح لقوله تعالى وهم راكعون فعلى ما ذكرنا وفصلنا تبين لك حقيقة الامر في الولاية وختمها وقول ابن عربي ان ولاية الله قد ختمت بعليّ والولاية المحمدية ختمت بالمهدي قد بينا فساده وبطلانه وان ولاية الله سبحانه انما ظهرت بمحمد وعليّ وولاية عليّ عليه السلام الذي هو كتاب الله فصلت في الائمة المعصومين من اولاده (ع) على نحو ما بيناه وهو قوله تعالى الر كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير والكتاب هو امير المؤمنين الحامل ولاية ( لولاية خل ) الله الظاهرة في الخلق وولاية رسول الله ( رسوله خل ) وتلك الولاية ( الولاية ثم خل ) فصلت بالآيات وهم الائمة السادات لانهم آيات الله المحكمة بالعلوم والانوار والاسرار ( الاسرار والانوار خل ) ثم اشرقت ولايتهم على الانبياء كافة وظهرت فيهم الولاية واين ( اني خل ) هذه الولاية من ولايتهم بل لا ربط ولا نسبة بين الولايتين الا نسبة الحكاية مع المحكي والدليل مع المدلول فافهم واتقن فاني قد ذكرت لك جوامع البيان المأخوذ ( المأخوذة خل ) من كلمات السادة القادة الامناء ( امناء خل ) الرحمن فاغتنم وكن لله مع ( كن من خل ) الشاكرين
واما قولكم اسبغ الله نعمه عليكم : ما وجه الشبهة لغير القائلين بافضلية الولاية مطلقا على النبوة مطلقا فجوابه اعلم ان المعروف لديهم والمثال المشهور عندهم ان الولاية من حيث هي هي افضل من النبوة لان الولاية ( الولاء خل ) تصرف ورياسة والنبوة رسالة وترجمة وهي شأن من شؤن الولاية ولا يختلفون في ذلك بل عندهم ان النبوة تحت رتبة الولاية ولم اجد ممن عثرت على كلامه من مصرح بان النبوة افضل من الولاية لقد شرح هذا الامر وفصل الشيخ المتقدم ذكره في كتاب المجلي المأخوذ من اقوال الحكماء والعلماء قال : ونبوة الرسول متقدمة على رسالته وولاية النبي متقدمة على نبوته لان النبوة بدون الولاية ممتنعة وكذلك الرسالة بدون النبوة ممتنعة ولهذا كل رسول نبي وولي واذا كانت الولاية اقدم من النبوة والنبوة اقدم من الرسالة فلا يلزم من تقديم الولاية على النبوة وتقديم النبوة على الرسالة تقديم الولي على النبي وتقديم النبي على الرسول لان هذا الترتيب انما هو باعتبار اجتماعها في شخص واحد كالرسول لا كل واحد بانفراده فانها اذا اجتمعت في شخص ( شخص واحد خل ) وجب ان تكون الولاية اعظم من الرسالة ( وجب ان يكون ولايته اعظم من النبوة والنبوة اعظم من الرسالة خل ) وان كان الرسول اعظم من النبي والنبي اعظم من الولي فلا يتوهم من كلامه ان الولاية اعظم من النبوة والنبوة اعظم من الرسالة وان كان الرسول كون الولي اعظم من النبي والنبي اعظم من الرسول بل الامر ليس كذلك لان النبي له مرتبة النبوة وليس للولي ذلك بل مرتبة الولاية خاصة والرسول له مرتبة الرسالة فوق مرتبة النبوة وليس للنبي ذلك فلا يكون الولي اعظم من النبي ولا النبي اعظم من الرسول لان كل واحد منهم تابع للآخر والتابع لا يلحق بالمتبوع من حيث هو تابع والولي تابع للنبي دائما والا لا يكون وليا والنبي تابع للرسول دائما والا لم يكن نبيا فلا يكون اعظم منه وهذه قاعدة مطردة لا اختلاف فيها ( فيه خل ) انتهى كلامه وهو كما ذكر لا اختلاف عندهم بان الولاية اعظم من النبوة وقد افرط بعضهم وقال ان افضلية الولاية على النبوة تقتضي افضلية الولي على النبي مطلقا لقد ضل وغوى وفرع على ذلك وجوب كون امير المؤمنين عليه السلام الذي هو ولي الله وحامل الولاية المطلقة افضل من رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان الولاية والنبوة والظاهر بالولاية افضل واعظم من الظاهر بالنبوة والحديث ( للحديث خل ) القدسي خطابا للنبي صلى الله عليه وآله لولاك لماخلقت الافلاك ولولا عليّ لما خلقتك وجعل النسبتين من نوع واحد في الفضل والكرامة على الله سبحانه ولقول النبي صلى الله عليه وآله يا عليّ انت مني بمنزلة الرأس من الجسد ولا شك ان الرأس اشرف من الجسد وقوله صلى الله عليه وآله يا عليّ انت نفسي التي بين جنبي ولا ريب ان النفس والروح اشرف وافضل ( افضل واشرف خل ) من البدن ولما ظهر من امير المؤمنين عليه السلام من المعجزات وخوارق العادات وغرائب الخطب وساير الاطوار مما لم يظهر من النبي صلى الله عليه وآله حتى ادعت جماعة في عليّ عليه السلام الربوبية لما ظهر منه من عجايب الآيات وغرائب المعجزات مما لم يظهر من النبي صلى الله عليه وآله فدل ( ثلثل خل ) على افضليته ( افضلية خل ) منه صلى الله عليه وآله ومثل هذه الشبهات قد غطت على بصر معرفته ومدارك علومه فاعتقد ان الولي افضل من النبي والجواب اما عن الشبهة الاولى من الولاية والنبوة فعلى تقدير تسليم الافضلية فالامر كما ذكره صاحب المجلي من ان النبي له مقامان مقام النبوة والولاية وهو جامع المرتبتين والواقف على الطتنجين بخلاف الولي فان ( فانه خل ) له الولاية خاصة دون النبوة فالجامع ( الجامع خل ) بين الافضل وغيره اشرف من المتفرد بواحد وان كان افضل فالنبي باعتبار الجامعية افضل من الولي والى هذا المعنى يشير ( يشير قول خل ) امير المؤمنين عليه السلام انا اصغر من ربي بسنتين والمراد من الرب هو المربي وهو رسول الله والسنة المرتبة يعني هو جامع المرتبتين وانا عندي مرتبة واحدة فهو بتلك المرتبتين تقدم على فاذا انا اصغر منه بسبب تين المرتبتين يعني هاتان المرتبتان صارتا سببا لكوني اصغر من رسول الله بمرتبة فله الجامعية بخلافي لا كما يزعمون من ان الرب هو الله سبحانه والمرتبتان هي الالوهية والنبوة فان هذا كلام باطل وقول مجتث زائل لان ذات الله سبحانه لا تنسب ولا توصف ولا بينه وبين غيره نسبة واتصال واما عن الحديث فان اقصى ما يدل عليه ان وجود امير المؤمنين عليه السلام مما يتوقف عليه ( عليه وجود خل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا لا يدل على الافضلية الا ترى ان وجود الابن تتوقف ( متوقف خل ) على وجود الاب ولا يلزم ان يكون الاب افضل من الابن مطلقا وكذا وجود الحواس ( الرأس خل ) متوقف على وجود بعض الاعضاء الرئيسة ( الراتبة خل ) كالكبد ولا ريب ان الكبد ليس باشرف من الرأس وكذلك القلب يتوقف وجوده على الصدر والرأس الحامل ( حامل خل ) للدماغ ولا ريب ان الرأس والصدر ليسا باشرف من القلب الا ترى ان الصلوة في الحكم التشريعي الظاهري وجودها مشروط وموقوف على الوضوء ولا يكون الصلوة الا به ولا يلزم ان يكون الوضوء اشرف من الصلوة بل ليس اشرف منه قطعا وكذلك وجود امير المؤمنين عليه السلام شرط لوجود النبي صلى الله عليه وآله لانهما من حقيقة واحدة وما يتألف به الحقيقة الواحدة كل واحد شرط لوجود الآخر ولا ريب ان بعضها افضل من البعض لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا وعلى كنا نورا واحدا ننتقل من الاصلاب الى الارحام الى ان انتقلنا الى صلب عبدالمطلب فانقسم النور قسمين ( نصفين خل ) في صلب عبد الله وابي طالب واذا كانت ( كان خل ) الحقيقة الاولية قد تألفت بهما فلا يمكن ان يوجد احدهما الا بالآخر كما ان بدن الانسان لا يمكن ان يتم ويوجد الا بالاعضاء الرئيسة كل واحد شرط لوجود الآخر مع ما بينهما من التفاوت العظيم في الفضل والشرف وكذلك الامر في هذا المقام الا ترى انه يقال لولا الماء والارض لماعاش الانسان وما كان ولا يستلزم من ذلك فضلهما على الانسان ولا يدل هذا الحديث على افضلية الولي على النبي بوجه من الوجوه وله وجوه اخر تركتها خوفا للتطويل واما عن الحديث الثاني والثالث فنقول بموجبهما ( بموجبها خل ) ولكن الجامع بين الرأس والجسد اشرف من الرأس وحده وان كان الرأس بانفراده اشرف من الجسد بانفراده فكذلك الجامع بين الروح والجسم اشرف من الروح وحدها وان كانت الروح بانفرادها اشرف من الجسم بانفراده فكذلك النبي والولي فان النبي له رتبة الجامعية ( الرتبة الجامعة خل ) بخلاف الولي وهذا كله بالنسبة الى نبينا صلى الله عليه وآله واما نبوة ساير الانبياء وولايتهم فهي جزء من مأة الف جزء من رأس الشعير من ولاية امير المؤمنين عليه السلام واستغفر الله عن التحديد بالقليل واما عن ظهور المعجزات وخوارق العادات وكثرتها بالنسبة الى الولي فذلك لان الولي تفصيل شؤن النبي وكتاب جامع لمراتبه ومقاماته ولسان ناطق عنه كما في قوله تعالى فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا وقد روي عن الصادق عليه السلام ان اللسان هو امير المؤمنين عليه السلام والمفصل وان كان الظهور فيه اكثر لكنه فرع من فروع المجمل الا ترى الكواكب الظاهرة والبروج والمنازل الثابتة في الكرسي فانها بكثرة ( بكثر خل ) انوارها وظهور آثارها فرع من فروع العرش وان كان اصلا بالنسبة الى ساير الافلاك والكواكب وهو الاصل القديم والفرع الكريم فامير المؤمنين عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله ويده في اظهار تلك الآثار والكرامات ولسانه في انشاء تلك الخطب البليغات وصدره في حفظ تلك العلوم المعضلات ( المفصلات خل ) من اطوار انحاء الموجودات وذلك يدل على كمال النبي وعلو مقامه وعظم ( عظيم خل ) شأنه واي عاقل يستند بهذه الشبهات والاقوال المتشابهات ويقول بهذا القول السخيف والمذهب الضعيف ويعتقد ان امير المؤمنين افضل من رسول الله ويقطع النظر عما استقر عليه المذهب من فضل النبي صلى الله عليه وآله على كافة الخلق وقول امير المؤمنين عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله وقوله عليه السلام انا من محمد صلى الله عليه وآله كالضوء من الضوء وغيرهما من الاخبار التي بلغت حد التواتر وما دل عليه الدليل القاطع بان اول ما خلق الله يجب ان يكون امرا ( اميرا خل ) وحدانيا لشرافة الوحدة على الكثرة وبطلان الطفرة والخلق الثاني تفصيل ذلك الاجمال وشرح ذلك المقال وقد قام الاجماع من المسلمين مع دلالة الروايات المتواترة ان اول ما خلق ( خلق الله خل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام هو الثاني لانه قال صلى الله عليه وآله كنا نورا واحدا الى ان قال (ص) فقال لنصف كن محمدا وللنصف الآخر كن عليّا ولا يجوز العكس بان يقال لنصف كن عليّا وللنصف الآخر كن محمدا فعليّ هو الثاني والثاني تفصيل للاول كيف يعقل ان يقال ان التفصيل خير من الاجمال والكثرة اشرف من الوحدة لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما اختلف في الله ولا في وانما الاختلاف فيك يا عليّ وذلك معلوم ظاهر وقد شافهت رجلا جاهلا مركبا في دار العبادة يزد ممن يقول بهذا القول الشنيع والمذهب الفظيع فلا تفيده الدلائل ولا تنفعه البراهين والوسائل احاط به الجهل فبعد عن استنارة العقل فمن لم يجعل الله له نورا فما له من نور
تحقيق فيه تدقيق - اعلم انه قد سبق منا ان الولاية لها اطلاقان احدهما ما يشمل ( تشمل خل ) النبوة والآخر قسيمها ولا ريب ان الولاية بالاطلاق الاول افضل واشرف لان النبوة شأن من شؤنها ووجه من وجوهها واما الولاية بالمعنى الثاني اي ما يكون قسيما للنبوة فالنبوة اشرف وافضل فيقال نبوة وولاية ونبي وولي اذ لا ريب ان الولاية هو التصرف والتدبير في الذرات الوجودية والحقايق الكونية والنبوة ايصال ذلك الفيض ليقع فيه التصرف والتدبير ولا ريب ان وساطة ما هو الاشرف اشرف مقاما مما هو دونه فان النبوة ترجمان الفيض الاول وفيضانه بلا كيف ولا اشارة ولا جهة ولا رتبة والولاية التصرف في ذلك والتدبير في ما هنالك والتدبير على حسب مقتضى الحكمة ( الحكم خل ) والمصالح ولا ريب ان هذا التصرف والتدبير بعد ايصال الفيض اولا بلا اول وآخرا بلا آخر كنبوة التشريع وولايته فان النبوة هي الاخبار عن الله بما يريد والولاية اجراء ذلك الحكم الالهي وايصاله الى محاله ومواقعه واعطاء كل ذي حق حقه واقامة الحدود واجراء الاحكام في الغيب والشهود وكل نبي مبعوث لا بد ان يكون يضع الاشياء من احكام ( الاحكام خل ) التشريعية مواضعها ويوصل اليها احكامها وكذلك في نبوة التكوين فالنبوة الباطنة التكوينية اشرف من الولاية الباطنة التكوينية ونبوة التشريع اشرف من الولاية الظاهرة التشريعية ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وحكم التكوين والتشريع واحد وكلاهما محتاجان الى الوساطة والتصرف والولاية فيها ظهور انية ليكون امير المؤمنين ويمير الفيوضات ويقدرها ويكيلها للمؤمنين ابتداء وللكافرين بالعرض ليكون بذلك نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار والنبوة ليس فيها انية بل وساطة محضة من غير تقلب وتصرف والولي مقلب الاحوال والنبي واسطة المدد والفيض الذي يجري فيه التقلب مثاله الهواء والبلور الصافي فان نور الشمس لا يصل الى الارض الا بواسطة الهواء ولكن لا يحفظه حفظا يجري عليه آثاره فاذا وصل ذلك النور الى البلور وهو جسم كثيف صاف ( صافي خل ) يحفظ ذلك النور لما فيه من القوة الجامعة ويظهر آثاره من الاشراق والاحراق واظهار انوار ( الانوار خل ) الاربعة وسائر الاحوال التي تقتضيها كينونة الشمس في عالم الظهور ومقام الغيور وتلك الآثار والاحوال لم تكن حين ما ظهر ( لم تكن باظهر خل ) في الهواء مع انه ما اوصله الى البلور ( البلور غير الهواء فالبلور خل ) هو حامل الولاية والهواء هو حامل النبوة ولا شك ان الهواء افضل واشرف واعلى من البلور ولكن ظهور الآثار بالبلور اكثر فالنبي هو الاول والولي هو الآخر فالنبي من حيث نبوته اعلى منه والذي ذكرناه ( والولي هو الآخر من حيث نبوته اعلى منه من حيث ولايته الذي ذكرناه خل ) في شرح القصيدة ان النبي من حيث ولايته افضل منه من حيث نبوته هو كلام جرى على متفاهم القوم المعروف ( المعروف وخل ) عندهم ومرادنا بذلك الولاية الباطنة التكوينية بالنسبة الى النبوة الظاهرة التشريعية وما ذكرنا هنا فالمراد به النبوة الباطنة التكوينية فالنبي والولي لهما مقامات بحسب ظهورهما ونحن نجري الكلام في هذا المقام في الولاية الظاهرة في امير المؤمنين عليه السلام والنبوة الظاهرة في رسول الله صلى الله عليه وآله فنقول ان لهما ( لها خل ) في كل مرتبة ( رتبة خل ) نور وفي كل مقام ظهور بنسبة ذلك المقام يجري عليهما حكم اقتضاه تلك الرتبة فاول منازل ظهوراتهما السموات السبع فخاتم النبوة ظهوره في مقام الشمس وخاتم الولاية ظهوره في مقام القمر فهما ( وهما خل ) في هذا المقام ابنا عم لان القمر ابن للكرسي والشمس ابن للعرش وكل منهما ابن عم للآخر وثاني المنازل في العرش والكرسي فخاتم النبوة ظهوره في مقام العرش وخاتم الولاية ظهوره في مقام الكرسي فهما في هذا المقام اخوان رضعا من ثدي واحد وثالث المنازل في بلد بسم الله الرحمن الرحيم فهما في هذا المقام واحد بلا اختلاف الا ( والا خل ) من جهة التعلقات وفي هذا المقام يكون الولي نفس النبي ومن هذه الجهة جرت الانهار الاربعة في هذه القبة الشريفة من هاء البسملة وميماتها فالجاري من ميم البسم وهاء الله من متعلقات ظهور ( ظهورات خل ) خاتم الانبياء والجاري من ميمي الرحمن والرحيم من متعلقات ظهور خاتم الولاية لكنهما في الاصل واحد ولذا كانت البسملة استنطاقها واحدا ( واحد خل ) ورابع المنازل مبادي مراتب الجنة فخاتم النبوة في الكثيب الاحمر وخاتم الولاية في مقام الرفرف الاخضر يضرب الى السواد فخاتم الولاية في هذا المقام ابن لخاتم النبوة ولذا كني بابيالقاسم انظر ( نظرا خل ) الى القاعدة التي اسسناها في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل لا سيما في شرح ( لا سيما شرح خل ) القصيدة اللامية من ان كل اصل اب وكل فرع مأخوذ من ( من ذلك خل ) الاصل ابن وخامس المنازل ظهورهما في مقام العلم فخاتم النبوة في مقام القلم الاعلى وخاتم الولاية في مقام اللوح المحفوظ وحيث ان اللوح ( اللوح مستمد وخل ) مأخوذ من القلم كان فرعا له فكان ابنا له وسادس المنازل مقامهما ( مقامها خل ) في مبادي الوجودية فخاتم النبوة في مقام المداد بحر الصاد ماء المزن الذي به الامداد في قوابل الاستعداد وخاتم الولاية في مقام الدواة والقابلية الاولى وظهور الاعيان الثابتة في العلم الاعلى وحيث ان الدواة حاملة للمداد وهو اصل لتحققها لان مرادنا بالدواة نفس القابلية وهي متكثرة وبالمداد نفس المقبول وهو واحد فكان قوام القابل بالمقبول فموصل المقبول اصل لموصل القابل فخاتم الولاية اذا ابن لخاتم النبوة وسابع المنازل مقامهما في الصنع والاحداث فخاتم النبوة في مقام الاختراع وخاتم الولاية في مقام الابداع ( الابتداع خل ) وخاتم النبوة في مقام المشية وخاتم الولاية في مقام الارادة ولما كان الابداع والارادة بالاختراع والمشية كان خاتم الولاية في هذا المقام ايضا ابنا لخاتم النبوة وثامن المنازل مقام الكلمة ( الكلمة التامة خل ) التي انزجر لها العمق الاكبر فخاتم النبوة في مقام النطفة ( النقطة خل ) وخاتم الولاية في مقام الالف ولما كان قوام الالف بالنقطة كان خاتم الولاية ابنا لخاتم النبوة وتاسع المنازل مقامهما في الذكر الاول فخاتم النبوة في مقام الرحمة الاولية وخاتم الولاية في مقام النفس الرحماني والنفس متقومة بالرحمة فكان خاتم الولاية ابنا لخاتم النبوة وعاشر المنازل مقامهما في الاسرار فخاتم النبوة في مقام السر المقنع بالسر وخاتم الولاية في مقام سر المستتر وحاديعشر المنازل مقامهما في الاقطاب فخاتم النبوة في مقام القطب الاول وخاتم الولاية في مقام المحور ولما كان المحور ظهور القطب كان خاتم الولاية ابنا لخاتم النبوة فظهر لك مما بينا ان خاتم الولاية ابن عم لخاتم النبوة في مقام كما هو الظاهر في هذه الدنيا من حال امير المؤمنين عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وفي مقام آخر اخ له كما وردت به الروايات في ان رسول الله صلى الله عليه وآله آخاه ( واخاه خل ) وفعله صلى الله عليه وآله يجري على الحقيقة والواقع في كل مقام مع حفظ المرتبة وفي مقام آخر نفسه وعينه كما نطق به القرآن من قوله تعالى وانفسنا وانفسكم وفي مقام آخر ابن له ويشهد على ذلك تكنيته ( تكنية النبي صلى الله عليه وآله خل ) بابي القاسم وفيه شيوع ( وشيوع خل ) الامر في المذهب بان امير المؤمنين قسيم الجنة والنار وهو القاسم بالسوية والعادل بالرعية ( في الرعية خل ) والقائم على كل نفس بما كسبت من جميع الامة فهو ابن لذلك الاب الظاهر ( الطاهر خل ) وان شئت ان تدقق النظر وتصفي الفكر ظهر لك هذا المعنى من قول الله تعالى خطابا للنبي الاعلى واصطنعتك لنفسي يعني ليظهر منك الولد المكرم والنور المعظم الذي هو سر العالم ونفس الله القائمة على كل نفس بسنن الله وآدابه فالاضافة لامية واللام للتمليك ومنه تسمية النفس الملكوتية بذات الله العليا في حديث امير المؤمنين عليه السلام في النفس الملكوتية ان اصلها العقل وعنه وعت واليه دلت واشارت وشابهته اذا كملت فهي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى من عرفها لم يشق ابدا ومن جهلها ضل وغوي ومنه في قوله ( منه قوله خل ) تعالى في عيسى انه روح الله وفي الكعبة انها بيت الله وفي الروح المنفوخة في آدم انها روح الله وفي الزيارة السلام على نفس الله القائمة فيه بالسنن فافهم فخاتم الولاية ابن لخاتم النبوة في هذه المقامات المذكورة والمنازل المسطورة هذا ما جرى به القلم في بيان احوال النبوة والولاية مما اذن لنا في البيان وبقيت اشياء لا تسطر في كتاب وانما يلقى مشافهة الى الصدور المنيرة للاذكياء الاطياب ومنها ما لا يجوز اظهاره ما دامت الدولة للظالمين ومنها ما ليس لي له عبارة ومنها ما حجب عني
چيز ديگر ماند اما گفتنشبا تو روح القدس گويد بي منش
والله خليفتي عليك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والصلوة على رسوله ( رسول الله خل ) وآله امناء الرحيم ( امناء الله صلى الله عليهم خل )
قال ايده الله بتسديده وجعله من خلص عبيده : ومنوا على ثانيا بما عندكم من معنى كلامكم المقتبس من الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله حال حول القدرة والولي (ع) حول العظمة وبعد صار الامر بالعكس ما نتيجة هذا في هذا العالم عالم الظاهر والعبارة المذكورة ( المذكور خل ) بعينها ليست موجودة عندي والظاهر انها مذكورة في الرسالة الشريفة المسماة باسرار الصلوة والصوم ( القوة خل ) والحج من جنابكم بعد ذكر سر السجود والركوع ونسبتهما الى النبي والولي صلى الله عليهما وآلهما
اقول هذا الحديث رواه في البحار والعوالم عن جابر بن عبد الله الانصاري انه سئل النبي صلى الله عليه وآله عن اول ما خلق الله قال صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر كان يطوف حول جلال القدرة ثمانين الف سنة فلما اوصل ( وصل خل ) الى جلال العظمة خلق فيه نور عليّ عليه السلام فكان نوري يطوف حول جلال العظمة ونور عليّ يطوف حول جلال القدرة الحديث والكلام في هذا الحديث الشريف يتم ببيان امور : الاول ما معنى جلال القدرة وجلال العظمة الثاني ما معنى طوفه حول جلال القدرة وانتهائه الى جلال العظمة الثالث كيف كانت المدة بين الجلالين وما معناها الرابع ما الوجه في خصوص الثمانين الف سنة الخامس ما معنى هذا التقديم بهذه المدة المتطاولة مع ان الاخبار والآيات دلت على انهما عليهما السلام حقيقة واحدة وطينة واحدة السادس ما معنى طوف النبي صلى الله عليه وآله بعد خلق عليّ عليه السلام حول جلال العظمة مع انه اشرف مع انها انزل والعكس كذلك السابع هل هذا التفاوت كما ثبت بينهما صلى الله عليهما ثابت بالنسبة الى سائر الائمة عليهم السلام ام لا ولكل من هذه الامور السبعة بيان ظاهري وبيان باطني وشرح غيبي وشرح شهودي وذلك اربعة عشر وهي عدد الحروف النورانية والمنازل النورانية وبيان هذه الامور صعب يحتاج الى تمهيد مقدمات ليقرب الى الاذهان وتقبله العقول والاحلام الا اني لضيق المجال وكثرة الاشتغال ومانعات ( كثرة الاشغال ومعاناة خل ) السفر للحل والارتحال لا يسعني تفصيل المقال بذكر غرائب الاحوال ولكني اشير الى كل مقام اشارة اجمالية لانها الميسور ولا يسقط بالمعسور والى الله تعالى ترجع الامور
اما الاول اي معنى جلال القدرة وجلال العظمة فاعلم ان الجلال مقام القهر والغلبة والاستيلاء والتمنع والجمال مقام الانس والمشاهدة والمحبة وقد يطلق احدهما على الآخر كما يظهر لمن تتبع في الادعية والاخبار وجاس خلال تلك الديار واذا اجتمعا افترقا ولما جعل في الجلال حرف من اسم عليّ عليه السلام دل على القهر والغلبة وجعل في الجمال حرف من اسم محمد صلى الله عليه وآله دل على الانس والايتلاف سيما الميم التي هي ( التي لها خل ) مخرج الربع الحاكي عن الشكل المربع المقرون بالاتحاد والايتلاف واللام التي لها مخرج الثلث الحاكي عن الشكل المثلث الذي هو شكل الفناء والافتراق فافهم واما القدرة فهي اول ما يظهر من القادر من الفعل الذي به يصدر جميع افاعيله وآثاره وشؤنات اسمائه وهو قوله عليه السلام اللهم اني اسألك بقدرتك التي استطلت بها على كل شيء وكل قدرتك مستطيلة والقدرة اول ما تظهر من الكامل وكل الصفات دونها فتكون جلال القدرة هي الولاية المطلقة الاولية التكوينية الظاهرة بالتصرف وهي التي اشرنا اليها سابقا وهذه الولاية هي التي استطال بها على كل شيء وهو مقام الربوبية اذلامربوب عينا لا ذكرا وهي الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر والنور الذي استضاء منه كل شيء والرحمة التي وسعت كل شيء والعلم الذي احاط بكل شيء واليد التي في قبضتها السموات والارض وملكوت كل شيء وهي التي آخذة ( اخذت خل ) بناصية كل شيء لانها ولاية الله الظاهرة في خلق الله واما العظمة فهي تحت القدرة ( القدر خل ) وبها قد حصلت ومقامها الكثرة ومقتضاها الخوف وهي مقام الربوبية اذ مربوب ذكرا و( او خل ) عينا وهنا محل ظهور النبوة الظاهرة المعروفة عند العوام التي تحت مقام الولاية فالقدرة محل ظهور المشية والعظمة محل ظهور الارادة والقدرة مقام الكاف والعظمة مقام النون والقدرة مقام الاجمال والعظمة مقام التفصيل والقدرة مقام الاختراع والعظمة مقام الابتداع والقدرة الاصل الكريم ( القديم خل ) والعظمة الفرع الكريم
اما الامر الثاني اي معنى طوفه حول جلال القدرة وانتهائه الى جلال العظمة فاعلم ان الحضرة المحمدية صلى الله عليه وآله هي اول ظاهر باول ظهور لم يسبقه خلق ولا حدوث خلقه الله سبحانه في ظل كينونته واقامه بنفسه وطوافه عبارة عن استدارته على جلال القدرة التي هي ( هي على جلال القدرة التي هي خل ) باطنه اي استدارة ظاهره بباطنه وعلانيته بسره وهذه الاستدارة استمدادية ولما كان لكل الجهات مستمدا مستقبلا ومتوجها الى المبدء اي القطب الذي هو الواسطة بينه وبين المفيض كان ذلك القطب هو نفسه لان الله عز وجل اقامه بنفسه وامسكه بظله واستخلصه في القدم على ساير الامم اقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء وانتهاؤه الى مقام العظمة عبارة عن انتهاء مراتب الكاف واول ظهور التعلق بالنون وهو اول ظهور مقام ( مقام ظهور خل ) عليّ عليه السلام ومعنى انتهاء المراتب ان المقام الاول الذي هو مقام الولاية المطلقة المحمدية على ما اعرف من الاخبار له مراتب واقلها ثلاثة الاعلى والاوسط والاسفل والاسفل هو اعلى مقامات العظمة ولذا جرت الكاف على ثلاثة احرف كالنون في كن فيكون وان كان كل ( وان كل خل ) شيء على هذا النمط الا ان المقامات تختلف من ملاحظة التفصيل وعدمه وملاحظة التفصيل في الاجمال وملاحظة الاجمال في التفصيل فشواهد ما ذكرناه في الكتاب والسنة وعلم الحروف موجودة وتركت ذكرها لضيق المجال واغتشاش البال
واما الامر الثالث اي كيفية كون المدة بين الجلالين ومعناها فاعلم ان كل ( ان لكل خل ) شيء بدأ من فضل الله سبحانه اقتضى كل شيء من جهة ظهور اللانهاية فاذا تعقب شيء شيئا وكان بينهما ترتيب لا يظهر بل ( وخل ) لا يوجد الشيء الثاني الا بعد تمام الشيء الاول بجميع مراتبه وان كان لا مراتب ( كان مراتب خل ) هناك بنظر العقل وانما المراتب هناك بتزييل الفؤاد فالمراد بالمدة هي المراتب المتوسطة التي هي بين مبدء الشيء ومنتهاه وهي ( هو خل ) شيء واحد تختلف احواله واطواره بحسب الحدود اللاحقة والعوارض السانحة من جهة اقباله وادباره اذ لا يكمل الشيء ولا يكمل غيره الا بعد قطع الاسفار الاربعة التي هي السفر من الخلق الى الحق والسفر في الحق بالحق والسفر من الحق الى الخلق والسفر في الخلق بالحق وكل شيء ذو هوية لا بد له من هذه الاسفار الاربعة وان اختلفت بحسب سرعة سير السالكين ( سرعة السالكين خل ) وبطئهم وقصر المسافة وطولها وهذه المراتب هي المدد وكل مرتبة مدة لانها حد الشيء في استمرار كونه فيها وليس المراد من المدة هي الزمان السيال الغير القار على ما هو المعروف اذ ( اذ ليس خل ) ذلك المقام مقام الماضي ( المضي خل ) والحال والاستقبال ولا مقام التصرم والفناء والتجدد وان كان لا يخلو من الفناء والتجدد مخلوق حادث بل كل شيء ما سوى الله هالك فان مضمحل محتاج فقير كما يرشد اليه قوله تعالى بل هم في لبس من خلق جديد الا ان فناء تلك الرتبة العالية وتصرمها عين البقاء والاستقلال بالنسبة الى غيرها كما قال امير المؤمنين عليه السلام في وصف النبي صلى الله عليه وآله استخلصه في القدم على ساير الامم الى ان قال عليه السلام اذ لا يختص من يشوبه التغيير وقال ايضا عليه السلام اني لا تقلب في الصور كيف شاء الله ولولا ذلك لقيل انه لم يزل ولا يزول ( لا يزال خل ) ه وفي وصف الله لهم غني عن وصف الواصفين حيث قال في الشجرة المحمدية صلى الله عليها لا شرقية ولا غربية اي لا حادثة كساير الحوادث ولا قديمة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار فاين المدة الزمانية والانتقالات الدهرية هناك فافهم
واما الامر الرابع اي الوجه في خصوص الثمانينالف فاعلم ان الله سبحانه لما ابى ان يجري الاشياء الا باسبابها وكل شيء بدا من فعله ( قوله خل ) تعالى تحققت له ثلاث جهات جهة الى مبدئه وجهة الى نفسه وجهة متوسطة بينهما ولا شك ان الطفرة لما بطلت يستمد الاسفل بواسطة الاعلى والاعلى لما نظر الى نفسه ونظر الى امداده للاسفل كان تسعة لانه كان واحدا فبالنظر الاول تطور في ثلاثة وهي لما نظرت الى نفسها ظهر اول مجذورها وهو التسعة فكانت هي الافلاك المديرة فصار مبدء الاكوان عشرة وهي الافلاك التسعة والارض وما يتعلق بها والشيء انما تشيئ بقران هذه الاعالي بالاسافل واتصال الاسافل بالاعلي ( بالاعالي خل ) بنزول الاعالي بتصوراتها ( بتطوراتها خل ) الى اعلى مراقي الاسافل فكان اصل مبدء وجود الشيء من عشر قبضات كما ذكرنا لك تلك القبضات ظهرت في عالم الاجسام بهذه التفاصيل المعروفة من العرش والكرسي والافلاك السبعة والارض الجامعة للعناصر ولا تكمل هذه المبادي الواقعة على الارض الميتة والبلد الطيب الا بعد تمام اربعة ادوار فالدورة الاولى على مقتضى نفس السافل من البرودة واليبوسة وهي المسماة بالدورة الجمادية ( الجمالية خل ) وقد ظهر في عالم الحس والاجسام على ذلك المقتضى من غلبة البرودة واليبوسة كما يشاهد في الجمادات والدورة الثانية على مقتضى ميل السافل الى العالي من البرودة والرطوبة وهي المسماة بالدورة النباتية كما هو المعلوم في عالم الاجسام والدورة الثالثة على مقتضى ميل العالي الى السافل وهي الحرارة والرطوبة وهي المسماة بالدورة الحيوانية والدورة الرابعة على مقتضى نفس العالي اي الحرارة واليبوسة وهي المسماة بالدورة الانسانية ولو اردنا ان نشرح حدود هذه الكلمات لاحتجنا الى بسط في المقال وليس لنا ذلك المجال ولا ذلك الاقبال ولكنك اعلم ( اعلم ان خل ) مرادنا بهذه الطبايع النوع وان اختلفت الاشخاص بالمجردية والمادية والزمانية والدهرية وكذلك السرمدية فافهم وهذا ( هذه خل ) تمام الاربعين ولما كان لكل شيء غيب وشهادة وفي كل مرتبة تمام هذه المراتب فيكون مراتب وجود كل شيء ثمانين فاهل الزمان انتهاء مراتبهم في ثمانين سنة ( سنة واهل الدهر في ثمانيةآلاف سنة خل ) واهل السرمد في ثمانين الف سنة وهو قوله تعالى وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون ومحمد صلى الله عليه وآله في تلك الرتبة في مقام اليوم الربوبي ( اليوم العالي خل ) فافهم واتقن
واما الامر الخامس اي معنى التقديم بهذه المدة فاعلم ان الاخبار والآيات واجماع الفرقة المحقة وان دلت على انهم عليهم السلام نور واحدة ( واحد خل ) وطينة واحدة وحقيقة واحدة الا ان الاخبار دلت على تقديم بعضهم على بعض وذلك يعرف من جهة الافضلية وعدمها اذ لا شك ان النبي صلى الله عليه وآله افضل من عليّ عليه السلام وهو افضل من ابنيهما ( ابنيه خل ) الحسن والحسين وهما افضل من باقي الائمة والحجة القائم عجل الله فرجه افضل من غيره مما عدي الحسين ( الحسنين عليهما السلام خل ) وقد قال صلى الله عليه وآله تاسعهم قائمهم افضلهم وفي رواية اخرى اعلمهم افضلهم ومعنى هذا التقدم كما قال عليه السلام انا من محمد كالضوء من الضوء ولا شك ان السراجين من طينة واحدة وحقيقة واحدة الا ان الاول مقدم والثاني اشتعل منه واليه الاشارة في الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله في كيفية خلقهم الى ان قال صلى الله عليه وآله كنا نورا واحدا انتقل ( ننتقل خل ) من الاصلاب الى الارحام حتى انتقلنا الى صلب عبد المطلب فجعل ذلك النور نصفين فقيل لنصف كن محمدا وللنصف الآخر كن عليا الحديث ولا يصح العكس بان قيل لنصف كن عليا وللنصف الآخر كن محمدا صلى الله عليهما وآلهما وكتقدم العرش على الكرسي مع انهما حقيقة واحدة لان ( الا ان خل ) العرش اول ما تعلق به الفعل والكرسي ثانيا بالعرش وهما بابان من العلم مقرونان وهما اخوان وكتقدم النقطة على الالف فان الالف انبساط النقطة وظهورها باطوارها واحوالها وكتقدم المشية على الارادة والاختراع على الابتداع والكاف على النون والواحد على الاثنين والمجمل على المفصل والعقل على النفس والقلب على الصدر وبهذا التقدم ادرك مقاما من التوحيد لا يدركه امير المؤمنين عليه السلام وبذلك وسع الحق سبحانه كما قال في الحديث القدسي ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن وهو صلى الله عليه وآله العبد المؤمن الذي وسع قلبه جميع مظاهر الحق وبذلك كان قائما مقام الله كما في الحديث المتقدم وكون حقيقتهم واحدة لا ينافي تقديم بعضهم على بعض مثل السموات والارض حقيقتهما واحدة لانهما انشعبتا ( انشعبا خل ) من البحر المنشعب من الياقوتة الحمراء لما نظر اليه الله سبحانه بعين الهيبة ومثل القلب والصدر والدماغ فانها ( فانهما خل ) حقيقة واحدة وان كان بينهما تقدم وتأخر فخلق القلب مقدم على غيره ( غيرها خل ) واذا رأيت في الاخبار في الاشياء المتعددة انها من حقيقة واحدة يراد منها انها ليست بينها علية ومعلولية مثل الشعاع والمنير والاثر والمؤثر بل المراد انها من سنخ واحد والجمع ( الجميع خل ) معلول لعلة اخرى فيجمع الجميع حقيقة واحدة وان كان بينها تقدم وتأخر وذلك واضح ظاهر ومحصل الكلام ان لهم مقامين ( مقامان خل ) احدهما مقام نسبتهم الى ما سواهم من المخلوقين وكلهم في هذه النسبة سواء وعليه حمل ( يحمل خل ) الاخبار الدالة على ان امرنا واحد وحكمنا واحد وعلمنا واحد ونورنا واحد كما قال عليه السلام اولنا محمد وآخرنا محمد واوسطنا محمد وكلنا محمد وثانيهما مقام نسبتهم الى ربهم في الاجابة وتقدمها وتأخرها وذلك مختلف فمن تقدم في الاجابة والتلبية كان افضل وكان هو المقدم وكان علمه بالله اعظم واشد ومن تأخر كان اقل لنسبة تأخره ففي معرفة الله مختلفون وفي معرفة الخلق كلهم متساوون لا فرق ( لانفرق خل ) بين احد منهم ونحن له مسلمون لقد دلت الاخبار وصحيح الاعتبار على انهم سلام الله عليهم كلمة التوحيد وكلمة الله العليا وقد ذكرنا ان الكلمة ( الكلام خل ) انما تتم في اربع مراتب الاولى مقام النقطة وهي ( هو خل ) مقام الحقيقة المحمدية صلى الله عليها والثانية مقام الالف المنبسطة من النقطة وهي مقام مولينا امير المؤمنين عليه السلام والثالثة مقام الحروف العاليات وهي مقام الائمة الاحدعشر عليهم السلام والرابعة ( الرابع خل ) مقام الكلمة التامة الجامعة الحاوية للمراتب كلها وهي اللب والكلمة قشرها وهي مقام فاطمة الصديقة عليها السلام ولذا قال عز وجل حم والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم فحم هو محمد صلى الله عليه وآله في كتاب هود والكتاب المبين هو امير المؤمنين عليه السلام وهو انبساط المحل ( المجمل خل ) وانتشار الوحدة وظهور المفصل انا انزلناه اي عليا في ليلة مباركة وهي فاطمة الزهراء وانزاله فيها عبارة عن تزويجه اياها فيها يفرق كل امر حكيم اي يمتاز كل امام حكيم بعد امام حكيم كما روي عن الصادق عليه السلام على ما في الكافي
واما الامر السادس اي معنى التعاكس على خلاف مقتضي الكينونة فاعلم ان الولاية لله كما قال عز وجل هنالك الولاية لله الحق ولما كان ذات الله سبحانه لا تباشر الاشياء لتكرمها وقدوسيتها فيكون التعلقات انما هي بالظهورات الفعلية وكل من هو اقرب اليه سبحانه لكمال ( بكمال خل ) التوجه الكوني والشرعي فهو اولي بهذه الولاية وكل من اشتد مقامه في القرب من التكويني والتشريعي يكون سر ظهور القدس ( القدوس خل ) والجلال والتنزه والوحدة والبساطة فيه اكثر واشتد و( اشد خل ) ذلك بعينه يستلزم تعاليه وتقدسه عن التعلق بالحوادث الكونية والمتأخرة عن هذه الرتبة لما ظهر فيه سر الكينونة مع تراكم اطوار التنزل النوري اي ( الى خل ) الانية النورانية التي هي حجاب الزبرجد في حديث المعراج استقرت فيه تلك الظهورات وتحققت به تلك النسمات انظر الى النار فان لها القيومية والتأثير بالنسبة الى آثارها فاذا تعلقت بالهواء لم يكن لها ظهور ابدا لكمال اتصال الهواء وتنزهها عن الكدورات فلم يستقر له الظهور لانه فرع الانية وهو قد شابهها فلا فرق بينه وبينها كما قال الشاعر :
رق الزجاج ورقت الخمر فتشاكلا وتشابه الامر
فكأنما خمر ولا قدح وكأنما قدح ولا خمر
ولما تعلقت هذه النار بالدهن الزيتوني على الشجرة المباركة التي ليست شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار مع كونها في الزجاجة التي كأنها كوكب دري ( كأنها الكواكب الدري خل ) وكون الزجاجة في المشكوة ظهر من تعلقها بالدهن الموصوف ضياء عظيم واشعة قوية وشعلة مرئية وآثار عجيبة وذلك الصفاء ( لذلك لصفاء خل ) قابلية الدهن وكثافتها بالنسبة الى الهواء وحفظها اثر النار ولا شك ان النار من دون توسط الهواء لا تتعلق بالدهن ولذا ترى السراج ينطفي اذا تحبس ( انحبس خل ) الهواء فالنار مثال ولاية الله سبحانه والهواء مثال الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله والدهن الصافي على ما وصفه الله سبحانه في كتابه مثال الحقيقة العلوية ولما كانت الولاية الظاهرة في الحقيقة العلوية ظهرت آثارها فتلألأت انوارها كان امير المؤمنين عليه السلام بذلك حامل اللواء فجلال القدرة التي هي الولاية الحقيقية ( الحقيقة خل ) للنبي صلى الله عليه وآله لكنها قد ظهرت في امير المؤمنين عليه السلام كما ظهرت الكواكب المدبرات والبروج والمنازل وساير المبادي في الكرسي دون العرش مع انه اعظم واقوى فالكرسي حقيقة طائف حول جلال القدرة في عالم الظهور لان الفيوضات الواردة في العالم المنتشرة في اقطار الارض كلها من الكرسي وان كان الكرسي لا يستمد الا من العرش فمحمد صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام نسبتهما في عالم الباطن نسبة العرش والكرسي فالعرش كان طائفا حول جلال القدرة قبل خلق الكرسي اي حاملا لولاية الله فلما خلق الله الكرسي ظهرت له انية النورانية بظهور النفس القدسية المطمئنة فكانت ( فكان خل ) سببا لتفاصيل ظهور الولاية الاجمالية التي كانت للعرش فالولاية ظهرت في الكرسي وثبتت الكرسي ( للكرسي خل ) وبقي العرش على محض الوساطة والترجمة المعبر عنهما ( عنها خل ) بالنبوة فافهم فالعرش صمت اي لم يسمع كلامه احد والا فهو الناطق لا سويه بخلاف الكرسي فانه قد نطق وقد سمع كلامه كل احد ولذا ترى الناس قد غلوا في عليّ عليه السلام بين قائل بانه هو الله وبين قائل بانه فوض اليه امر الله على معنى الاعتزال وبين قائل بانه اشرف من رسول الله صلى الله عليه وآله وما غلوا في محمد صلى الله عليه وآله اذ لم يظهر منه صلى الله عليه وآله ما ظهر من عليّ عليه السلام من المعجزات وخوارق العادات واظهار تلك الخطب التي تدهش عندها العقول مثل خطبة الافتخار وخطبة البيان وخطبة ( الخطبة خل ) الطتنجية وامثالها مع ان ما ظهر من امير المؤمنين عليه السلام انما كان من محمد صلى الله عليه وآله لانه حسنة من حسناته ولولا ان امير المؤمنين ما قال ( امير المؤمنين قال خل ) انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله ولولا انه اظهر له الخضوع والانكسار والتذلل ولولا ما قال امير المؤمنين عليه السلام انا من محمد كالضوء من الضوء لم يعرف الخلق محمدا صلى الله عليه وآله كما ان الكرسي فلك الثوابت والافلاك ( افلاك خل ) الكواكب السيارة لو لم تتحرك بخلاف التوالي ولم تتبع العرش في حركاته ولم تظهر له الانكسار والخضوع بمتابعتها اياه على خلاف مجريها واظهار عجزها عن الانفراد عنه لم يعرف احد ان الفلك الاعظم هو العرش وان هنا فلكا محيطا بهذه الافلاك الثمانية يدبرها ويسخرها فظهر في جلال القدرة امير المؤمنين عليه السلام وحمل ولاية الله الظاهرة في الخلق بمحمد صلى الله عليه وآله فسمي عليا لانه اسم تلك المرتبة ولذا كان ذكر السجدة التي تحكي تلك الرتبة الظاهرة بذهاب الانية مطلقا سبحان ربي الاعلى وبحمده فباطنهما ( سبحان ربي الاعلى فباطنهما خل ) صلى الله عليهما كما مثلنا لك مثل العرش والكرسي وظاهرهما في عالم الظهور مثل الشمس والقمر فالشمس تستمد من الكرسي ولذا تريها لا عرض لها ( له خل ) لان فلكها الخارج المركز في سطح منطقة البروج ولم يفارقها ابدا والقمر تستمد من الشمس ( والقمر يستمد من العرش خل ) فالنبوة الظاهرة تستمد من الولاية الباطنة التي هي الظاهرة في الخلق كما ان الولاية الباطنة التي هي الظاهرة تستمد من النبوة الباطنة كما تستمد الحرارة التي في ( هي خل ) السراج من التي في الهواء ولكن النبي صلى الله عليه وآله ظهر بالنبوة الظاهرة وامير المؤمنين عليه السلام بالولاية الباطنة فامير المؤمنين عليه السلام في مقام الظهور جرى عليه حكم البطون ومحمد صلى الله عليه وآله جرى عليه حكم الظهور وهو بطن ( ابطن خل ) البطون وغيب الغيوب وفي هذا المقام كلمات غريبة واسرار عجيبة لم تذكر في كتاب ولم تجر ذكرها في خطاب لقد ذكرت شرذمة مما يمكن اظهاره في هذا الباب في شرح الخطبة الطتنجية لمولانا امير المؤمنين عليه السلام فمن اراد الاستبصار فعليه بتهذيب تلك القواعد فانها منتهي المطلب وتذكرة وارشاد لاهل التنقيح ( النضج خل ) والاسترشاد
واما الامر السابع اي ثبوت هذا التفاوت بالنسبة الى غير محمد وعليّ عليهما السلام من ساير الائمة عليهم السلام فاعلم ان هذا التفاوت ثابت في كل من ثبت له الفضيلة منهم عليهم السلام بالنسبة الى غيره وهم سبعة اولهم محمد صلى الله عليه وآله لانه سيد الخلق ثم امير المؤمنين عليه السلام لانه خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة فاثبت لهما الفضيلة على كل الخلق لان اهل الجنة خير من اهل النار وكلما في الجنة شباب اذ ليس فيها كهل فسيدهم خيرهم ثم استثني عليا فقال وابوهما خير منهما ثم الحسن عليه السلام كما في الدعاء المنسوب الى امير المؤمنين عليه السلام المسمى بالعديلة الى ان قال عليه السلام ثم من بعده سيد اولاده الحسن بن عليّ ثم اخوه السبط التابع لمرضات الله الدعاء ثم الحسين عليه السلام لانه ( لانه سيد خل ) شباب اهل الجنة ثم القائم المنتظر عجل الله فرجه لقوله صلى الله عليه وآله قائمهم افضلهم اعلمهم ثم من بعده الائمة الثمانية صلى الله عليهم اذ لم يتبين لنا من الاخبار ما يدل على افضلية بعضهم على بعض وليس لنا ذلك المقام حتى ندرك التفاضل بينهم بعقولنا واحلامنا فرجع ( فنرجع خل ) الى تساويهم في الرتبة والا لبينوا لنا كما بينوا تفاوت من ذكرنا تفاوتهم ولولا بيانهم ما عرفنا ولا قدرنا على التعبير ثم بعدهم الزهراء الصديقة صلى الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها لان الرجال في كل مرتبة اشرف من النساء لقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فوجب ان يكون هذا التفاوت حاصلا بينهم لان كل سافل عن عاليه منهم عليهم السلام كما على عن محمد صلى الله عليهما وآلهما الا ان الذي اعرف من تلويحات الاخبار ان مقدار التفاوت ( التفاوت ليس كمقدار ما بين محمد صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام بل الظاهر والله اعلم ان مقدار التفاوت خل ) ستون الف سنة كما يشعر عليه دخول السين ( الستين خل ) الذي هو تكرار اللام في الحسن والحسين عليهما السلام
واياك واسم العامرية انني اخاف عليها من فم المتكلم
واما هؤلاء المعصومون من اولاد امير المؤمنين عليهم السلام فكلهم طائفون حول جلال القدرة كجدهم وسيدهم امير المؤمنين عليه السلام لانهم حكوا طويته وظهروا على شاكلته فالتفاوت بين كل سافل منهم مع عاليه كما ذكرناه ولكن الطواف لا ينعكس الا ان جلال القدرة التي هي عبارة عن الولاية التي هم يطوفون عليها يعني حاملون لها ومظهرون آثارها هي ( وهي خل ) ظاهرة في غيبهم وسرهم الا ان كل مرتبة من هذه المراتب يطوف حول جلال القدرة الظاهرة في مقامه اي حول فلك ولايته المطلقة الخاصة به والمثال التقريبي هم الملئكة الذين على ارجاء سماء الدنيا ويطوفون حولها والملائكة الذين يطوفون حول السماء الثانية والذين يطوفون حول السماء الثالثة والملئكة الذين يطوفون حول العرش والكل في مقامهم طائفون ( الطائفون خل ) ولباب الله طارقون وبنور العناية مستنيرون ومن المدد الظاهر في مقامهم مستمدون ويمدون ما تحتهم على حسب القوابل من احكام الاقبال والادبار وهو قوله تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فافهم السر الحق والكبريت الاحمر فقد اودعت لك في اصداف هذه الكلمات والالفاظ والعبارات دررا من عجائب المعاني والاسرار فان عثرت عليها فاعرف قدرها واخزنها في محلها وادفنها في ارض القلوب الطيبة والصدور المستنيرة لولا ( ولولا خل ) ما قال مولينا الصادق عليه السلام ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله لاظهرت من المطالب اغربها ومن المراتب اعجبها ومن المعاني ارفعها واسناها ومن العلوم ( العلوم اشرفها وخل ) ابهاها ولكنه ما الحلية فان الناس قد قنعوا بالادني وركنوا الى هذه الدنيا فاحتجبوا ( ما احتجبوا خل ) عن مشاهدة الانوار ( الابرار خل ) وجعلت قلوبهم في اكنة عن مشاهدة الاسرار فما عسى ان يقول قائل فوجب السكوت والصمت كما وصف عن امير المؤمنين ( وصف امير المؤمنين خل ) عليه السلام العلماء الطاهرين ( الظاهرين خل ) بذلك كما روي في الكافي عنه عليه السلام الى ان قال المتبعون ( المتبوعون خل ) لقادة الدين الائمة الهادين الذين ينهجون منهجهم هجم بهم العلم على حقيقة الايمان فباشروا روح اليقين فاستلانوا من احاديثهم ما استوعر على غيرهم وانسوا بما استوحش منه المكذبون واباه المسرفون اولئك اتباع العلماء حقا فعلماؤهم واتباعهم خرس وصمت ( خرس صمت خل ) في دولة الباطل الحديث وانا اقول كما قال الشاعر :
وان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتأخذه عنا
وما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما قلنا ( كنا خل )
قال سلمه الله تعالى : ومنوا عليّ ثالثا بايضاح هذه الفقرة الشريفة من الدعاء المشهور بدعاء الصباح يا من دل على ذاته بذاته مع مجهولية الذات ان كانت للغير وان كانت الذات الظاهرة فبينوا معنى الذات الظاهرة وشرح ( سر خل ) المطلب ومنوا عليّ بالتفصيل التام
اقول قد دل العقل القاطع والفهم الصائب بعد انعقاد الضرورة من جميع المسلمين بل والمليين ان ذات الله سبحانه لا تدرك ولا تعقل ولا تحس ولا تنال بالعقول والافهام ولا تدركه المشاعر والاحلام وانقطت ( انقطعت خل ) جميع الموجودات عن البلوغ اليها وانحسرت ابصار كل المخلوقات دون الدنو اليها كيف لا وقد انقطع الادراك عن بعض صفات ملكه والاحساس عن بعض نعوت خلقه لقد قال سيد الساجدين عليه السلام في الصحيفة في الدعاء بعد صلوة الليل واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولم يبلغ ادنى ما استأثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين ضلت فيك الصفات وتفسخت دونك النعوت وحارت في كبريائك لطائف الاوهام فاذا كان هذه صفة ملكه الحادث الذي في جنب محدثه القديم مضمحل باطل لا ذكر له فيه ولا حقيقة له عنده فما ظنك بالذات البحت وذات ساذج والمجهول النعت والمجهول المطلق قال امير المؤمنين عليه السلام في الخطبة المعروفة باليتيمية ( باليتمية خل ) الى ان قال عليه السلام ان قلت هو هو فالهاء والواو كلامه صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له ان قلت الهواء صفته فالهواء من صنعه رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك وعمي القلب عن الفهم والفهم عن الادراك والادراك عن الاستنباط وهجم له الفحص على العجز والبلاغ على القصد ( والبلوغ على الفقد نسخة ) والجهد على اليأس الطريق مسدود والطلب مردود دليله آياته ووجوده اثباته وقال مولينا الصادق عليه السلام كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم ويكفيك في هذا المقام قول سيد الانام الذي هو اعرف الخلق بالله ما عرفناك حق معرفتك ففي الدعاء اللهم فت ابصار الخلائق وفهم خيرتك من خلقك وقال سيد الساجدين ولم تجعل للخلق طريقا الى معرفتك الا بالخلق ( بالعجز خل ) عن معرفتك وبالجملة هذا شيء معلوم غني عن تجشم الاستدلال فلا تصغ اذن الى قول بعض الجهال ان معرفة الذات سبحانه حظ الانبياء والمرسلين والعرفاء الكاملين الا ان يأول بتأويل والا فعلى ظاهره فاسد باطل ومجتث زائل فاذا وجدت رواية او ( وخل ) آية تدل على خلاف ما اقتضته ( قضته خل ) الضرورة وشهدت به الملة واجمع عليه العقلاء فلا تحملها على ظاهرها المعروف عند عوام اهل اللغة والعرف العام فاعمد الى بيانها وتوجيهها على ما يوافق المذهب والدين ونطقت به شريعة سيد المرسلين ويطابق وجها او وجوها من السبعين التي ارادوها عليهم السلام من كلامهم ان قدرت والا فارجعها الى اهلها وذرها في سنبلها ولا تقل ما لا تعلم ولا تعتقد ما لا يجوز لك اعتقاده ولا تنكر ما لا يبلغ اليه فهمك وكن كما اريك ( ادبك خل ) الله سبحانه لقوله ( بقول خل ) الحق ولا تمش في الارض مرحا انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها يعني لا تسع ولا تسر في ارض العلوم والمعارف متبخترا مستقلا ظانا بان العلم هو الذي ادركته فانك لن تخرق ارض العلوم ولن تبلغ قعره ومنتهاه ولن تبلغ الجبال اي آل محمد صلى الله عليه وآله لانهم اوتاد الارض طولا اي ارتفاعا ومكانة فخذ منهم ولا تكن مثل من عيرهم بقوله واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ومن جملة ( جهة خل ) تلك الروايات التي لا يجوز ان تحمل على ظواهرها ( ظاهرها خل ) المعروف عند عامة الناس هذه الفقرة الشريفة من الدعاء الشريف وهو قوله عليه السلام يا من دل على ذاته بذاته وهو قوله ( وقوله خل ) عليه السلام في دعاء ( الدعاء خل ) السحر بك عرفتك وانت دللتني عليك ودعوتني اليك وامثال هذه الفقرات في الادعية والروايات كثيرة جدا وبيان ذلك على المعنى المتعارف ان ( وان خل ) الله سبحانه لما خلق الخلق لمعرفته كما قال في الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف وحيث عرفت ان معرفة الذات مما لا يمكن ان تحصل ويستحيل الوصول اليها لان شرط الادراك احاطة المدرك بالمدرك او كون المدرك عين المدرك وكلا الامرين في الواجب والامكان محال لان الواجب لا ينزل الى الامكان حتى يعرفه الممكن والممكن لا يصعد الى الوجوب حتى يدرك الواجب واما ادراك الواجب للممكن ( الممكن خل ) بالاحاطة والقيومية فلا يمكن ذلك بالنسبة الى الممكن مع الواجب فانقطع طريق الممكن وسبيله عن معرفة الواجب وقد عرفت انه سبحانه انما خلق الخلق للمعرفة فوجب ان يعرفهم بنفسه ويدلهم على نفسه والا لبطلت غاية الايجاد ( الغاية للايجاد خل ) وهو على الحكيم محال فوجب على الله سبحانه وتعالى ان يعرف نفسه وذاته لخلقه ليتم غاية ايجاده وهذا التعريف لا يكون الا بالفعل والوصف لا الذات والحقيقة وهو قوله عليه السلام يا من دل على ذاته بذاته يعني بوصفه ( لوصفه خل ) وتعريفه فان الذات لها اطلاقان اطلاق يراد بها ما يقابل الوصف والفعل كما يقال ان الشيء له ذات وصفة وله ذات وفعل وكما قسم التوحيد الى توحيد ( التوحيد خل ) الذات والصفات والافعال والعبادة فالذات في هذه الاطلاقات يراد بها حقيقة الشيء من حيث هي هي مجردة عن ملاحظة الصفة والفعل وجميع ما ينسب اليها ولها اطلاق آخر تطلق ويراد بها ما يقابل الغير فيدخل فيها الغير ( الفعل خل ) والصفة وجميع ما ينسب الى الشيء كما يقال اتيته بنفسي ( بنفسه خل ) وكلمته بنفسي وقلت له بنفسي وبذاتي ولا ريب ان هذه الاشياء انما هي ( هو خل ) بفعله واثره واحداثه لا بعين ذاته الحقيقة البسيطة فالمراد بالذات في هذه الفقرة الشريفة الاطلاق الثاني فدل على ذاته على حسب ( بحسب خل ) ما يمكن ان يصل اليه المخلوق من الظهور بآثار فعله بذاته يعني بنفسه لا بغيره فان الغير مايعرفه على ما ينبغي على ما هو عليه من الظهور في الخلق ومثل هذه الاطلاقات في الروايات كثيرة مثل قول عليّ بن الحسين سيد الساجدين عليه وعلى آبائه وابنائه السلام لما صعد الى المنبر في الشام بمحضر يزيد بن معاوية عليه اللعنة والهاوية فقال ( وقال خل ) ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا ( فاني خل ) اعرفه بنفسي انا عليّ بن الحسين بن عليّ بن ابي طالب الخطبة ومثل قول مولينا الجواد لما صعد به على ( صعد على خل ) المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو ابن ستة اشهر مقمطا بالقماط فقال ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فاني اعرفه بنفسي الى آخر الخطبة وامثالهما كثيرة ( كثير خل ) في الاخبار يجده من جاس خلال تلك الديار وهذا التعريف لا يكون الا بالفعل وهذه الدلالة لا تكون الا بالوصف فنسب الى ذاته لان هذه الدلالة والتعريف منسوب اليه لا الى غيره ( لا غيره خل ) ولذا قال (ع) دل على ذاته بذاته يعني هذه المعرفة التي عندنا له سبحانه وتعالى انما هي به سبحانه ومنه لا بغيره اذ لا احد يعرفه ولا احد يصفه كوصفه وتعريفه ولا يلزم من ذلك ان يكون الدال والمدلول عليه هو الذات البحت الذي ( التي خل ) لا يجوز تعلق الادراك به من كل احد من الموجودات بل المراد بالذات في مقابل الغير يعني هو سبحانه وتعالى عرفني كما تقول هو خلقني فاذا قلت لك اني عرفت ( عرفت نفسي خل ) فلانا نفسي ولم يكن يعرفني فمرادي اني عرفته اسمي ورسمي ( رسمي واسمي خل ) ونسبي المعلوم برسمي واسمي ووصفي لا حقيقة ذاتي فان منتهي تعريفي لنفسي اياه ان اقول له انا فلان بن فلان ( فلان بن فلان خل ) وهذا كلامي واثري احدثته لا من شيء وصفته على هيئة توصيفي فالقيته على الذي لا يعرفني فقد عرفته نفسي ما ( بما خل ) القيت عليه من صفة فعلى الظاهر بكلامي فما عرف مني الا ذلك الشيء الملقى اليه لا غير فاذا قلت انا فلان بن فلان ما عرف مني الا هذا الوجه واذا سئلته عني هل هو عالم او جاهل هل هو كاتب او شاعر هل هو صائغ او نجار وغيرها من ساير الصفات لا يعرف شيئا منها الا قدر ما ( الا ما خل ) القيته اليه لا غير فلو عرف ذاتي وحقيقتي ما خفي عليه شيء من تلك الصفات لان العارف بحقيقة الذات عارف بجميع مراتب الصفات فاذا سألته بعد ذلك فقلت له من عرفك بهذا فقال ( قال خل ) عرفني فلان نفسه ولا يريد من هذا الاطلاق الا الذي ذكرت لك من معرفة رسمه واسمه لا غير وكذا الحق سبحانه لما عجز الخلق عن معرفته عرفهم بنفسه وقد وصف لهم بعض ظهورات فعله لا غير ولذا قال في الدعاء بك عرفتك وانت دللتني عليك ودعوتني اليك وهذا شيء معلوم يشهد به الوجدان والعيان واما كيفية التعريف والدلالة فاعلم ان الله ( انه خل ) سبحانه حيث وجب ان يعرف نفسه لخلقه وجب ان يكون ذلك التعريف اجلى ما يكون حتى لا يسع لاحد جهله ولان المنسوب اليه تعالى لا بد ان يكون اعلى واشرف واكمل مما يمكن ان يكون ولذا وجب ان يكون تعريفه اجلى التعاريف وبيانه اجلى البيانات ودلالته اوضح الدلالات ولما تأملنا في البيان وجدناه على قسمين حالي ومقالي ولا ريب ان التعريف الحالي اجلى من التعريف المقالي فوجب ان يعرف نفسه لهم بالتعريف الحالي ومعنى التعريف الحالي ان يخلق لهم صفة معرفته حتى يعرفوه سبحانه بها على اكمل ما يكون من المعرفة ولما كان الوصف والتعريف والبيان كلما قرب الى من وصف له وبين له اكمل واعلى وادحض للحجة واكمل للنعمة وجب ان يجعل ذلك البيان الحالي والوصف الشهودي قريبا الى المخلوقين الذين وصف نفسه لهم ودلهم عليه ولما كان ليس شيء اقرب الى الشيء من نفسه وفعله سبحانه وجب ان يكون على اكمل ما يكون وجب ان يجعل حقايق الموجودات او ( وخل ) ذوات الممكنات وصفا حاليا له سبحانه فخلق وله الحمد والشكر ذوات الموجودات وحقايق الكاينات على هيكل معرفته وصفة توحيده بحيث من عرف نفسه فقد عرف ربه فتلك ( وتلك خل ) الصفة المودعة في حقايق الكاينات وحقايق الحوادث هو المسمى مرة بالآية وهو قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ومرة بالنفس من قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه ومرة بالمثال في قوله عليه السلام فالقى في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله ومرة بالتجلي في قول امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها ( عنها خل ) ومرة بالمقامات والعلامات في قوله عليه السلام في الدعاء وبمقاماتك ( مقاماتك خل ) وعلاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك ومرة بالاسم وهو قوله عليه السلام في الدعاء وباسمائك التي ملأت اركان كل شيء ومرة بالربوبية ( بالمربوبية خل ) وهو قوله عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في الربوبية اصيب في العبودية ( فما فقد في العبودية وجد في الربوبية اصيب في العبودية خل ) ومرة بالجلال في قول امير المؤمنين عليه السلام كشف سبحات الجلال من غير اشارة ومرة بالمعلوم في قوله عليه السلام محو الموهوم وصحو المعلوم ومرة بالسر في قوله عليه السلام هتك الستر لغلبة السر ومرة بالاحدية كما في قوله عليه السلام جذب الاحدية لصفة التوحيد ومرة بالنور المشرق من صبح الازل في قوله عليه السلام نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره ومرة بالصبح الطالع في قوله عليه السلام اطفئ السراج فقد طلع الصبح ومرة بنور الله في قوله عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ومرة بالوجه في قوله تعالى فاينما تولوا فثم وجه الله وقوله تعالى كل شيء هالك الا وجهه على احد التفاسير وكل ذلك تعبيرات عن ذلك الوصف الالهي والخطاب الشفاهي والنقش الفحواني ( الفهواني خل ) والذات الظاهرة وتلك الصفة هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وتلك الصفة التي هي صفة الاستدلال على قسمين صفة تدل على كماله وصفة تدل على توحيده فخلق سبحانه الاشياء على ثلاث مقامات مقام نقص ومقام كمال ومقام وحدة ففي المقام الاول ينزه المعبود الحق سبحانه عنه لان الذي خلقه لا يجوز ان يكون ناقصا ونقصا ( ناقصا نقصا خل ) يعرفه السافل وفي المقام الثاني يصفه سبحانه بالكمال لا على الوجه الذي عنده مثلا خلق الله سبحانه في الخلق الحدود والقيود والتركيب لينزه مبدئه سبحانه عنها وخلق سبحانه فيه العلم والقدرة والحيوة والسمع والبصر والمعرفة ليصف مبدئه سبحانه بالصفات الكمالية لا على الوجه الذي في الامكان فيثبت له العلم والقدرة والسمع والبصر على وجه الوحدة والبساطة بدون تعدد واختلاف لا في الذات ولا في الصفات ولا في المفهوم ولا في المصداق ولا في الذهن ولا في الخارج ولا في ( وفي خل ) المقام الثالث يصف معبوده ومبدئه بالوحدة والتوحيد وذلك مقام وجدان نفسه بلا كيف ولا اشارة وبيانه انه قد علم بالضرورة من العلم ان المنسوب غير المنسوب اليه فاذن كل شيء تنسبه اليك وجب ان يكون غيرك مثلا تقول زماني ومكاني وجهتي وكيفي وكمي وعرضي وجوهري وعقلي وروحي وجسمي ومادتي وطبيعتي وساير ما تنسب اليك فتكون انت شيئا ليس بجوهر ولا عرض ولا ذات ولا صفة ولا جسم ولا طبيعة ولا مادة ولا مثال ولا عرش ولا كرسي ولا فلك ولا عنصر ( عنصري خل ) ولا كرة ولا دائرة ولا استقامة ولا اعوجاج ولا نفس ولا عقل ولا روح ولا قلب ولا فؤاد ولا ذكر ولا ذاكر ولا مذكور ولا حد ولا محدود ولا النهاية ولا اللانهاية ولا النور ولا الظلمة ولا المناسبة والمباينة ولا المخالفة ولا المعاكسة ولا المضادة وكلما تدركه مشاعرك وقواك مما تنسبه اليك فذلك الواحد بلا كيف وهو دليل الواحد الاحد الحق سبحانه قد خلق هذه الحقيقة في الخلق ليستدل ( لنستدل خل ) بها على توحيده فلولا خلقه سبحانه اياها لاعرفنا توحيده على حسب ما عندنا من المقام فدل على ذاته بذاته فبه سبحانه عرفناه ولولاه ما عرفناه ومعنى انه تعالى دل على ذاته بذاته انه سبحانه خلق فينا صفة تستدل ( نستدل خل ) بها عليه تعالى وهي ( فهي خل ) صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له وبيان آخر لوجود هذه الصفة فينا هو ان الله سبحانه لم يكلفنا بمعرفة ذاته التي هي في مقابلة الصفات الفعلية والافعال الخلقية وذلك لعدم مشعر فينا يدركها ولكنه سبحانه كلفنا بمعرفته على انه سبحانه لا كيف له ولا كم ولا اشارة ولا جهة ولا رتبة وغيرها من صفات الامكان واحوال الاكوان ( والاكوان خل ) والاعيان مما ذكرنا ( ذكر خل ) بعضها وما لم يذكر وانه سبحانه قد سبق القبل وقبل القبل والبعد وبعد البعد والنهاية فلو لم يكن فينا مشعر بهذه الصفة لا يمكن ان ندرك هذه الوجوه وكان التكليف بمعرفتنا ( بمعرفتها خل ) محالا و( او خل ) كان التكليف بمعرفة الذات واجبا واللازمان بديهي البطلان ونحن قد برهنا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل ان بين المدرك والمدرك يجب ان تكون مناسبة بل لا يقع الادراك الا في مقام المدرك وهو قول مولينا امير المؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الآلات الى نظائرها فاذا وجب ان نعرف الله سبحانه منزها عن صفات الامكان ومبرء عن حدود الكون والمكان ومقدسا عن اطوار الاعيان والاكوان فوجب ان يخلق فينا مشعرا مدركا يدرك ( مشعرا يدرك خل ) ذلك ولا يدرك تلك الجهات الا ما كان منزها عنها وذلك المشعر هو الاسم المخلوق الذي ذكره مولينا الصادق عليه السلام كما تقدم ذكره انه بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وهذا هو المخلوق وهذا هو الاسم وصفة الاستدلال وهذا هو المثال قد خلقه سبحانه وجعله فينا لنستدل به على احديته وواحديته واسمائه وصفاته وسائر اضافات احواله وهو صفة الاستدلال لا صفة كاشفة وهو القول الفصل وهو كلمة التوحيد التكوينية وهو البسملة الحقيقية ( الحقيقة خل ) الاولية الالهية فمن عرف نفسه بهذا الرسم شاهد الاسم فينبأ ( فينبئه خل ) عن المسمى قال امير المؤمنين عليه السلام الاسم ما انبأ عن المسمى وهذا الانباء لا يكون الا بظهور هذا الاسم وظهور هذا الاسم لا يكون الا بعد قطع النظر عما يدرك ( يدركه خل ) الحواس الخمس الظاهرة وعما يدركه بنطاسيا الحس المشترك المدرك للصور البرزخية وعما يدركه القوة الفكرية والقوة الخيالية والقوة الفهمية ( الوهمية خل ) والقوة العلمية والقوة العاقلة بالعقل المنخفض والقوة العاقلة بالعقل المستوي والقوة العاقلة بالعقل المرتفع فاذا قطع النظر عن هذه المدارك والمشاعر ومدركاتها وما يدرك بها ظهر له سر ذلك الاسم الاعظم والنور الاقدم وهي السراج التي يمشي بها في ظلمات البدن وفي ظلمات عالم الحدود ويجب ان يطفئها حتى يطلع الفجر الطالع والصبح الصادق الذي هو اثر شمس الازل فهنالك يتجلي له الجبار بقدر سم الابرة من نور عظمته فيسبح في لجة بحر الاحدية وطمطام يم الوحدانية وتظهر المحبة ثم يفقد ( تفقد خل ) عند ظهور ذلك الاسم فيتصل بالرسم وهذا هو الصفة وبها تكون الدلالة وعلى هذا النحو دل ذاته سبحانه على ذاته فاذا عرفت هذا القدر من الكلام فاعلم ان التعريف الحالي وان كان اجلى والتوصيف به وان كان اظهر واكشف واعلى الا ان قران الوصف الحالي بالوصف المقالي وقران تعريف التكويني بالتعريف اللفظي والنقشي التدويني اكمل واولي ولما كان فعله سبحانه لا بد ان يجري على اكمل الوجوه واشرف الاحوال في كل مقام فوجب قران الدلالة التكوينية الحالية بالدلالة اللفظية والنقشية والتدوينية ( النقشية التدوينية خل ) ففعل وله الحمد والشكر وقرن الدلالتين وقارن بين الوصفين وجمع بين العالمين وبعث الانبياء والرسل وجعل معهم الكتاب المنزل فاودع في الكتاب الوصف الذي جعله واسره في الذوات حرفا بحرف وكل واحد منهما طبق الآخر ( للآخر خل ) وجعل عند النبي صلى الله عليه وآله جميع ما في الكتاب وجعل في الكتاب جميع ما يريد من الخلق من القشور واللباب وجعل في الانسان وكل ذرة من الاكوان جميع ما اودعه في الرسل والكتب والانبياء وكانت العوالم والحقايق والاكوان شارحة وجامعة جميع ما في الصحف والكتب والانبياء والرسل بحيث لو نظر الى حقيقة ذاته لوجدها كما قلنا ( قلت خل ) سابقا :
كل الذي تهويه عندك كامن من كل ما في عالم الامكان
وكذلك ما عند الانبياء والرسل جميع ما في الحقايق والذوات وسراير الوجودات والرسل والانبياء ايضا عندهم جميع ما في الكتب والذوات والحقايق وكل واحد منها بيان مستقل وشرح مجمل ومفصل لما في الآخر وبما يريد الله سبحانه وتعالى كل واحد يغني عن الآخر وهو قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا لان ما تحصل به المنة غير واجب ولا لازم مع ان الفرقة المحقة بدلالة العقل القاطع متفقة على ان بعث الرسل وانزال الكتب لطف واجب على الله سبحانه وتعالى وذلك ليس الا لان الله سبحانه وتعالى جعل عندهم في حقايقهم وذواتهم جميع ما يريد منهم من تكاليفهم فلو لم يكن باعثا للرسل كان ما عندهم كافيا لمعرفة ما يراد منهم من الاصول والفروع ولكنه وله المنة من عليهم اذ بعث فيهم رسولا ( رسولا منهم خل ) يتلو عليهم آياته وبالجملة تبين لك ان الله سبحانه هو الذي دل على ذاته بذاته ووصف نفسه وبين رسمه حيث لم يكن للخلق ان يعرفوه لا بالحقيقة ولا بالرسم فعرفهم نفسه وقال لهم اني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلوة لذكري ان الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي وهذا القول على قسمين تكويني وتدويني ونحو البيان للجميع واحد لا اختلاف فيه كما ان قولك لا اله الا الله كلمة تدل على التوحيد دلالة رسم ولا يلزم من ذلك اتحاد حقيقة ولا الكشف عن الذات فنقول ان الله سبحانه وصف نفسه لخلقه وعرفهم ذاته بقوله الحق قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وهذا القول رسم ووسم ما يدل ( وسم يدل خل ) على ما يمكن للخلق معرفته وقد عرف نفسه للخلق فكذلك الذوات والحقايق فانها كلمات واقوال تدل على ذاته سبحانه وهذه الذات هي المقابلة للغير والمراد به الرسم والصفة والذات الظاهرة لا عين الذات والحقيقة البحت البات فافهم هذا الكلام المكرر المردد بالفهم المسدد واما الذات الظاهرة فاعلم انها هي الصفة وهي الرسم وهي التي تعتبر في المشتقات فاذا قلت زيد قائم فلا يدلك على القاعد ولا على العالم ولا على الصانع فلو كان الذات المعتبرة في المشتق هي عين الذات وجب ان تدل عليه لان الشخص اذا عرف عين ذات الشيء يعرف جميع عوارضه ومراتبه ومقاماته لان الذات هي السابقة عليها ولا ريب ان الاحاطة بالسابق العالي توجب الاحاطة بالمسبوق السافل وذلك معلوم بديهي فلو كانت الذات المأخوذة في القائم هي عين ذات زيد لدلتك على جميع الصفات والاضافات والنسب والقرانات وسائر اطوار الحالات وبطلانه بديهي وعدم الدلالة ضروري فوجب ان تكون هذه الذات وجها وآية ودليلا على الذات البحت والا لماصح توصيفها بصفات متضادة وبصحة ( ولصحت خل ) الدلالة على جميع الشؤنات الحقيقية والاضافية الا ترى النحاة جعلوا الصفة من التوابع وقالوا ان التابع كل ثان معرب باعراب سابقه ولا ريب ان الثاني غير الاول وان التابع فرع المتبوع ( للمتبوع خل ) ولقد ذكروا بحيث ليس عندهم اختلاف في ان الاشتقاق اقتطاع فرع من اصل وقد جمعوا ( اجمعوا خل ) ان المشتقات فروع للمبادي ولو كانت مقدمة او كانت عين الذات لم تكن فرعا ضرورة ان الشيء لم يكن فرعا لنفسه ولا فرعا لما هو ادنى منه فالضارب فرع للضرب فلو كانت ( كان خل ) الذات المعتبرة فيه عين ( عين ذات خل ) زيد مثلا لم يكن فرعا وانما كان اصلا ضرورة ان الذات اصل لحقيقة الصفات وقد اجمعوا ان المشتق الذي هو الضارب مثلا صفة لزيد لا الضرب فانه مباين له ومباين الشيء لا يكون صفة له فاذا قلت جائني زيد القائم وقلت ان القائم صفة لزيد وجب ان يكون غير زيد لان امير المؤمنين عليه السلام صرح بذلك في قوله لشهادة كل صفة على انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف على انه غير الصفة وشهادة الصفة والموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث فاذا ( فان خل ) كان القائم هو الصفة وزيد هو الموصوف فكانت ( وكانت خل ) الصفة غير الموصوف وجب ان يكون القائم على ما هو عليه غير زيد الموصوف ووجب ان يكون الذات المعتبرة بالصفة غير ذات الموصوف وهذه الذات ( الصفات خل ) هي الذات الظاهرة التي نقولها ونتكلم عليها ( عنها خل ) فان مرادنا بها هي الصفة وهي الذات الظاهرة في المشتقات وبها تقع المعرفة بالاثر لان الاثر مايعرف الا ما ظهر فيه من اسم المؤثر لا غير ذلك ولذا ترى ان الاثر لا يدل على جميع احوال المؤثر فاذا رأيت بناء يدلك على ان له بانيا واما ان ذلك الباني رجل او امرأة شاب او شائب جن او انس او ملك وهل هو عالم او جاهل او يعرف غير البناء من سائر الصنايع ام لا فلا يدل على شيء من ذلك وكذلك اذا رأيت خطا حسنا او رديا لا يدل على ( لا يدلك خل ) حسن ذات الكاتب وردائتها فلو كانت الذات عين ذات الكاتب لدل عليها والمفروض خلافه وذلك معلوم واضح وقد شرحنا هذه المسئلة واوضحناها وبيناها في عدة من رسائلنا ومصنفاتنا لا سيما في تفسيرنا على آية الكرسي عند قوله تعالى الحي القيوم وفي ما ذكرنا في هذا المختصر كفاية لمن له دراية اعلم ان لهذا الحديث الشريف وجوه ( وجوها خل ) اخر ذكرتها في جواب مسائل جناب الشيخ ضيف الله بن الشيخ احمد بن الشيخ صالح بن طوق القطيفي فان ما فيه غنية للطالب الراغب والله سبحانه يقول الحق وهو يهدي السبيل
قال سلمه الله تعالى : ومنوا على رابعا بجواب هذه المسئلة وهي ما حقيقة جبرئيل ( جبرائيل خل ) وما معنى وساطته مع ان النبي صلى الله عليه وآله واسطة في الكل فيلزم ( ويلزم خل ) من ذلك ان جبرئيل اشرف وافضل من النبي صلى الله عليه وآله ولو في آن واحد ولو في عالم الاجسام لاجل وساطته وعدم علم النبي صلى الله عليه وآله في هذا العالم قبل نزوله بما ينزل ان كان كذلك بجواب شاف بحق جدك صلى الله عليه وآله وسلم
اقول اما جبرئيل فحقيقته ذات نورانية وحقيقة الهية ذات مراتب منها مجردة عقلانية روحانية ونفسانية ومنها برزخية ومنها مادية جسمانية لطيفة من سنخ ( سنخ عالم خل ) جسم العرش له ستمأة جناح بالوان مختلفة كالوان الطواويس حامل وجه من وجوه المشية طائف حول العرش متعلق بالركن الايسر الاسفل وهو النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة حامل اسم الله القابض ممد للكون من جهة الخلق فالدبور ملك من جنوده موكل على تلك الناحية من الهواء والكرة الاثيرية ( الاثرية خل ) اي كرة النار من ظهورات حاملية ( حامليه خل ) وهو الصاعد النازل من السماء الى الارض ومن الارض الى السماء هو ( وهو خل ) الذي يحمي طبقات جهنم وهو الآخذ بزمامها وهو الرئيس على زبانيتها وهو محدث الحرارة بامر الله سبحانه وتعالى في عالم الكون والفساد وهو حامل النار التي نضج ثمار الجنة منها ويطلق عليه روح القدس واعوانه الكلية تسعون ولكل من هؤلاء التسعين تحته ملئكة لا يحصي عددهم الا الله وكل ملك حامل اسم من اسماء الله الذي هو وجه من وجوه اسم ( الاسم خل ) القابض الذي حمله جبرئيل ويدعو الله سبحانه وتعالى بذلك الاسم ويفيض على الموجودات التي تحت مقامه من سر ذلك الاسم وباطن اسم القابض الخالق والملئكة الموكلة بالخلق من خدامه منهم الملكان الخلاقان اللذان يقتحمان رحم المرأة من فمها ومنهم الملك الذي فوض الله اليه امر سموات وارضين فخلق سموات وارضين ومنهم ملئكة التدبير في القضاء بحكم التركيب من قوله تعالى في اي صورة ما شاء ركبك ومن فعله امداد الشعلات المستجنات في زبد البحر الصاعدات الى السماء الظاهرات بصور النجوم الهاديات ومن فعله امداد المركبات المقبولات الطيبات ومن فعله امداد المركبات المسخوطات الخبيثات فهو المهلك بالنار وحامل الاسم الخالق بالنار به الخلق والتدبير ولوازم التقدير وبه النور في عالم الظهور وبه ترد على القوابل النورانية الافاضات وبه ينزل امر الله بين الارضين والسموات وبه تنزل البركات وبه ينزل الوحي من الله على الانبياء والرسل وبه الهداية الى واضح السبيل ويسمى روح القدس ويسمى الروح الامين وهذه كلها انما حصلها بظهور ولاية الله لما طاف حول العرش الاعظم الاعلى وهو واحد يظهر لكله وينزل بحقيقته على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وببعض ( يبعض خل ) وجوهه على ساير الانبياء وهي مدبر ( مدمر خل ) قوم عاد به الصيحة في المعاد وهو المنادي في العباد واصل شكله على الصورة الانسانية ويظهر لكل شيء على ما هو عليه فالمريخ منسوب اليه في ظهور صفته والشمس منسوبة اليه في ظهور ذاته وحقيقته وهو شخص نوراني ووجه صمداني ووصف فهواني خلقه الله سبحانه من شعاع نور الولي فلما استشعر بنفسه ونزل الى رتبة انيته واحتجب بحجاب رتبته اراد سبحانه ان يصعد به الى مقام ذاته وحقيقته فسأله بلسان نفسه وسره من انا ومن انت وما اسمي وما اسمك فلما احتجب عنه به وامتنع عنه من قوله عليه السلام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها فنظر الى الوجه الاسفل ولم يشعر الاعلى فحكم على ما هو فيه نسبة مقامه من حكم النبوية ( البينونة خل ) وظهور الانية فقال انا انا وانت انت اسمك اسمك واسمي اسمي منبئا عن الاحتجاب وشارحا لوضع النقاب فزاده بعدا على بعد فاحترقت اجنحة جهات التوجهات ولم يزل في هذا الاحتجاب الى ان جاءه الولي الذي منه البدو واليه الاياب فقرأ عليه الكتاب ورفع عن وجه بصره ( بصيرته خل ) النقاب وقال له ان جاءك الخطاب عنه وعنك وعن اسمه واسمك فقل انا العبد الذليل وانت الرب الجليل واسمك الجليل واسمي جبرئيل فلما تعلم ارتفع عن حضيض الحجاب وانكشف عن وجه بصيرته النقاب وصعد الى عالم القدس وحبس ( جلس خل ) على سرير الانس وحمل من انوار الركن الايسر الاسفل من العرش واوصله الى المستحقين من السائلين الواقفين بباب الله والفقراء اللائذين بجناب الله كما حملت البلورة الحرارة من الشمس عند مقابلتها اياها واوصلت الى الاجسام السفلية واظهرت آثارها من حملها اياها وظن ( ظني خل ) ان هذا الحكم يجري مع جميع الملئكة لان الولي (ع) هو الهادي الموصل الى المطلوب والمعلم لكل شيء ما يريده الله سبحانه منه فهو معلم الملكوت وشارح الجبروت وسر اللاهوت ووجه الله الذي لا يموت واما مدة عمره ومكثه في الدنيا من اليوم الذي ظهر في الوجود وعرف العابد والمعبود والشاهد والمشهود الى زمان ظهور النبي صلى الله عليه وآله الموعود والخاتم الشاهد المشهود الذي هو تمام قوس الصعود اي مبدء التمام في عالم الشهود لا تمام التمام وان ذلك لا يتناهى ولا يعد ولا يحصى وهذه المدة هي مضروب الثلثينالف في نفسه وشرح ما ذكرنا وبيانه لا يسعه هذا المختصر لان ذلك يحتاج الى بسط مقدمات وتفصيل قواعد كليات وشرح كلمات ابى الله سبحانه الا كتمانه في هذه الاوقات وبالجملة فجبرئيل خلق خلقه الله سبحانه وتعالى من اربعة اجزاء من النار وجزئين من الهواء وجزء واحد من الماء والتراب فبذلك نقص اختياره في جانب الشر وثبت نقصانه ولا ريب ان قوي الاختيار اقوى من ضعيفه ونسبته في التأثير في العالم الاول نسبة تأثير الحروف الجارة والناصبة في الاسم والفعل فاختياره ضعيف وحقيقته ناقصة والفعل الذي هو موكل عليه قوي ولذلك يسمي بالقوي الامين لضعف جهة المخالفة وقوة طريق الموافقة وهو قوله تعالى عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون لنقص قابليتهم للمعصية لا لقوتها كالانبياء والرسل وساير المعصومين فانهم اضعفوا جهة المعصية بقوة الاختيار والملئكة ضعفت فيهم تلك القوة لضعف الاختيار فلذلك تفوقوا عليهم وورد عن الصادق عليه السلام ان الخلق على ثلاثة اقسام كامل لا يحتمل النقصان وناقص لا يحتمل الكمال ومردد بين الكمال والنقصان فالكامل الذي لا يحتمل النقصان وجه ذو الجلال والاكرام والناقص الذي لا يحتمل الكمال ( الكمال هم خل ) الملائكة والمتردد بين الكمال والنقصان الانس والجان نقلت الحديث بالمعنى فجبرئيل موكل على الوجه الذي ذكرنا لك على نزول الوحي على الانبياء والمرسلين هذا ما اردت من بيان حقيقة جبرئيل واما معنى وساطته مع ان النبي صلى الله عليه وآله واسطة في الكل فاعلم ان هذه المسئلة يحتاج شرحها وبيانها الى ذكر مقدمة وهي ان القلب هو الاصل في البدن وعليه تدور الاعضاء والجوارح ولو لم يكن القلب لم يكن شيء من الاعضاء الرئيسة والمرؤسة ولا المدركة ولا الغير المدركة ولا الشاعرة ولا الغير الشاعرة ولا الذاتية ولا العرضية ولا الاصلية ولا الفصلية ولا الحقيقية ولا المجازية ولا الحواس الظاهرة ولا الباطنة كل هذه ( هذه الاعضاء وخل ) الاجزاء بجميع انحائها تستمد من القلب وتنتهي اليه فمراتب البدن واجزائها كل ذلك تفاصيل وآلات للقلب ينظر الى الاشياء في مرتبتها بتلك الآلات فمن الاشياء ما ينظر اليها من غير توسط الآلات والادوات كما اذا ادرك المعقولات والمجردات فانه ( فان خل ) في ادراكه لا يحتاج الى استعمال شيء من الآلات الجسمانية ولا الجوارح الجسدانية لانها ليست من سنخ الاجساد ولا من نحوها وطورها والادوات انما تحد انفسها ( نفسها خل ) والآلات انما تشير الى نظائرها ومنها ما يحتاج الى الآلات الجسدانية كما اذا اردت تناول جسم من الاجسام بنحو من الانحاء وبطور من الاطوار فان كان لاجل الادراك فيستعمل الحواس الظاهرة من السامعة والباصرة والشامة والذايقة واللامسة وان كان من غير جهة الادراك كالحمل والرفع والوضع يحتاج الى غيرها من ساير الاعضاء والجوارح كاليد والرجل والظهر وآلة التناسل فلو لم تكن هذه الآلات لا يمكن تناول تلك الاشياء وذلك ليس بعجز في القلب وقوة لهذه الاعضاء والجوارح ولشرافة لها عليه بل لان تناول تلك الاجسام لا يمكن الا بمباشرة هذه الآلة فالمدرك الفاعل هو القلب وهذه الآلات وسايط يحتاج اليه المتعلق لا القلب فادراك القلب للمبصرات من حيث الحس الجسمي لا يمكن الا بواسطة البصر ( العين خل ) وادراكه للمسموعات لا يمكن ( لا يكون خل ) الا بواسطة السمع وادراكه للمشمومات لا يدرك الا بقوة الشم وهكذا وليس ذلك لعجز وضعف في القلب بل لان تلك المدركات لا يمكن ادراكها الا بهذه الآلات والا لم يمكن ( لم يكن خل ) ذلك المدرك اياه بل غيره فاذا ادركنا المحسوسات بالحس البصر بقوة الخيال ما ادركنا المحسوس بل ادركنا المعقول وذلك خلاف المفروض مع ان قوام هذه الحواس والآلات كلها بالقلب وتنسب الادراك الى القلب فتقول انا رأيت وانا سمعت وانا شممت وانا لمست وانا فعلت وانا قلت ولا تقول لساني قال ولا يدي فعلت الا بضرب من التجوز ولا يلزم من ذلك ان تكون تلك الآلات اشرف من الاصل والذات كما انك اذا رأيت مسئلة في كتاب ( كتاب وخل ) عرفتها منه لا يقال ان الكتاب اشرف منك وهو الذي علمك وقد تعلمت منه فيكون اشرف منك فان الكتاب آلة ووصلة لتناول ( لتناولك خل ) تلك المعاني في العالم الجسماني فانت العالم والمعلم هو الله سبحانه والكتاب آلة التعليم لعجزك وقصورك لا لعدم قدرة الله تعالى وهكذا القول في جميع الاشياء التي يجريها الله سبحانه بالاسباب كما قال تعالى جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه فرزق الله سبحانه انما يأتي اليك بالسعي والمشي في مناكب الارض ولا يلزم من ذلك ان مناكب الارض اشرف منك وهكذا امثال ما ذكرناه كثيرة جدا فاذا عرفت هذه المقدمة الشريفة واتقنتها وعلمت المقصود منها علمت وساطة جبرائيل وساير الملئكة في نزول الوحي فان اولئك الملئكة بمنزلة الآلات الجسمانية في حصول تلك العلوم والاطوار عند النبي صلى الله عليه وآله في عالم التفصيل كالحواس الظاهرة الناقلة الى القلب احكام الاجسام الشهودية وتلك الحواس على كل حال ادنى واسفل من القلب وهي تستمد منه وتمده ومثالها كمن يغرف من موضع من البحر ويصب في موضع آخر على طور آخر وهكذا كان ( كان حال خل ) جبرئيل مع النبي صلى الله عليه وآله وساير الملئكة فان في عالم التفصيل لا بد من وجود ( وجوه خل ) هذه الاسباب والآلات وذلك ليس مخصوصا بالملئكة فمنها اللوح ومنها القلم ومنها الكتاب التكويني وما يظهر من الآيات في الواح الارضين والسموات ومنها سماع الاصوات بقران الاجسام واتصال بعضها مع بعض وحصول الصوت الدال على معنى من المعاني الغيبية وعلى حقيقة من الحقايق الكونية ومنها صوت كوقع السلسلة في الطست الدال على اختلاف جهات الاشياء في روابط احوالها واطوارها وذواتها ومنها نكت في القلب بغير توسط شيء من الآلات الجسمانية والروحانية وذلك اذا نظر الى القلم الاعلى بنور انا انزلناه فلا يحتاج هناك الى جبرئيل ولا ( ولا الى خل ) غيره ومنها بمشاهدة الآيات في الانفس والآفاق ومنها مشاهدة احوال الكلام وقرانها وروابطها واضافاتها ونسبها ومن حيث حامليتها لقدر الله وقضائه ومنها الملئكة المدبرات ومنها الملئكة المقدرات ومنها الملئكة المقسمات ومنها المعقبات وغير ذلك من متعلقات الاسماء والصفات وكلها صحف وكتب مملوة علما بقلم القدرة ينظر اليه الولي والنبي فيعرف ما فيها ويحيط العلم بها وان كانت تلك الاشياء به تحققت وبوجوده تأصلت وله ( لم خل ) تذوتت لان مقامه في سببيته غير مقامه في استفادته بل اقول بعد امعان النظر وتدقيق الفكر ان هذا المقام هو عين ذلك المقام بلا فرق لقول امير المؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الآلات الى نظائرها الا ترى كثرة الكواكب وترتيبها ( ترتبها خل ) بالبروج والمنازل فانها بالعرش وعنه ومنه فاذا اراد العرش ان يرى تلك التفاصيل والاحوال لا يريها في ذاته وانما يريها في الكرسي وليس ان ( لان خل ) الكرسي افضل واشرف من العرش بل لانه موضع هذه النقوش ومحل تلك الكثرات فاذا قابلها في غير موضعها لم يجدها ابدا بل يجد غيرها كما اذا طلبت الرأس في مقام الرجل والرجل في موضع الرأس فلمتجده ابدا بحال من الاحوال وكذلك الكرسي اذا اراد ان ينظر الى تفصيل الافلاك السبعة والعناصر الاربعة والافلاك ( الافلاك اذا اردت خل ) ان تنظر الى تفاصيل احكام المتولدات تنظر في محالها ومواقعها لا في ( مواقعها في خل ) ذاتها لانها آلات ادراكها لا غيرها وبالجملة كل شيء يطلب في ( من خل ) مظانه ومواقعه فاذا طلبته في غير مظانه ومواقعه ما وجدته ( ما وجدته ابدا خل ) بحال من الاحوال فالنبي صلى الله عليه وآله لو اراد ان ينظر الى ما اودع في حقيقة جبرئيل من المعاني والصور والحقايق ويطلب تلك من حقيقة اسرافيل فلا يجده ابدا كما انك اذا اردت ان تنظر الى مسئلة المبتدا والخبر في بحث الفاعل و( او خل ) تنظر الى احكام الفاعل ( العامل خل ) في بحث النائب للفاعل و( او خل ) ساير المفعولات فلنتجده ابدا وكذلك اذا اراد النبي صلى الله عليه وآله ان ينظر الى ما اودع في حقيقة الملئكة فيجدها في الآيات الآفاقية والانفسية غير الملئكة على الوجه المستودع فيها فلنيجده ابدا وهذا شيء معلوم وانما كثرت لك الامثال ورددت شرح الاحوال ليزول عنك الاستغراب فان كثيرا من الناس يستشكلون في ذلك غاية الاشكال ( الاستشكال خل ) ويستغربونه غاية الاستغراب ويتخيلون ان ذلك دليل الافضلية والاشرفية واني قد ذكرت لك الامثال حتى تعلم ان هذا النوع من الوساطة لا يدل على شيء من الفضل والشرافة بل انما يدل على السفل والدنائة فان السافل لا يزال يظهر ( مظهر خل ) تفاصيل العالي والعالي اذا اراد التفصيل ينظر في مقام السافل وبالسافل وذلك معلوم واضح لمن له عينان ولسان وشفتان والقي السمع وهو شهيد ومن هذا القبيل تعليم ( تعلم خل ) موسى من الخضر فانه كتاب قد نظر فيه واستنبط ذلك العلم فلا يدل على افضليته الا اذا كانت الاستفادة في قوس النزول فان تلك الاستفادة والاستمداد والوساطة تدل على الافضلية واما الاستمداد والتوسط في قوس الصعود فيدل ( يدل خل ) على اسفلية المتقدم والواسطة الا في مقام لا يكون الترتيب صعوديا ولا نزوليا فبالجملة فالاصل في التوسط في قوس الصعود ان تكون الواسطة اسفل وفي قوس النزول ان تكون اعلى الا ترى النطفة فانها واسطة موصلة الى العلقة وهي اشرف منها والعلقة واسطة موصلة الى المضغة وهي اشرف منها وهكذا كل مرتبة سفلى واسطة لظهور المرتبة العليا وهي دونها واما حكم القوس النزولي فبالعكس ( واما الحكم في القوس النزولي بالعكس خل ) فلا منافاة بين كون النبي صلى الله عليه وآله آخذا عن جبرئيل وكون جبرئيل واسطة للنبي صلى الله عليه وآله وكون النبي صلى الله عليه وآله افضل واشرف بل لا نسبة لانه خادم من خدامه واذا حضر ( حضر عنده خل ) يجلس عنده جلسة العبد ( العبيد خل ) الذليل بين يدي المولى ( مولي خل ) الجليل فافهم وكم من خبايا في زوايا
واما قولكم ادام الله حراستكم وعدم علم النبي صلى الله عليه وآله في هذا العالم قبل نزوله بما ينزل ان كان كذلك فاعلم ان ما ينزل به جبرئيل على قسمين قسم كان يعلمه النبي صلى الله عليه وآله قبل نزول جبرئيل وقسم لا يعلمه فالقسم الاول كالقرآن فان رسول الله عليه وآله الصلوة والسلام كان يعلمه قبل ان ينزل جبرئيل لان النبي صلى الله عليه وآله قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وكتابه هذا القرآن لانه تعالى قال ولقد اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولقد فسر الروح في هذه الآية في تفسير الظاهر بالقرآن فان الروح الذي هو من امر الله حيث كان حقيقة من الحقائق الوجودية المتدونة ( المتذوتة خل ) المتأصلة لا يقال انه يوحي ( بوحي خل ) لان الوحي في المعاني لا في الاعيان في الظاهر الا بضرب من التأويل والباطن كما تقدم هنا في النبوة التكوينية الالهية فاذا انحصر علمه صلى الله عليه وآله بالقرآن فاين يفقده لانه صلى الله عليه وآله مافقد الايمان والكتاب بحال من الاحوال فتبين ( فبين خل ) ان القرآن كان معه صلى الله عليه وآله في جميع العوالم من الاكوان والاعيان وجميع الاماكن والازمان فاين يفقده وقد روي في حديث ولادة امير المؤمنين عليه السلام انه لما وضع من بطن امه ووقع على الارض قرأ القرآن كله من اوله الى آخره الحديث مع انه انما ولد قبل البعثة بسبع سنين او بعشرة فاذا علم القرآن كله فالنبي اولى لان علم الوصي من علم النبي صلى الله عليهما ويدل على ما نقول صريحا قوله تعالى ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضي اليك وحيه وقل رب زدني علما فان جبرئيل عليه السلام اذا اتى بآية واخذ في قرائتها كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسبق ويتمها قبل قرائة جبرئيل واتمامه اياه ( اياها خل ) فلما اقتضت المصلحة ان لا يسبق نزلت الآية ولا تعجل بالقرآن والذي ذكره المفسرون فهو كلام غير محصل وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله ان يكون شأنه في تلقي القرآن كالصبيان ولو فرض ولا اظن ذلك الا ( ذلك ان خل ) على هذا التفسير رواية فانها من باب التقية ومراعاة ظاهر الناس الذين هم النسناس وبالجملة لا ريب ان القرآن انزل ( انزله خل ) الله كله في ليلة القدر ( القدر كما قال تعالى انا انزلناه في ليلة القدر خل ) وجعله في البيت المعمور في السماء الرابعة فلك الشمس فاذا كانت الكواكب والافلاك انما خلقت من شعاع نور محمد وآله صلى الله عليه وآله كيف يخفى عليهم ما هو في رتبة اشعتهم ان ذلك لا يكون ابدا لقد نص على هذا الذي ذكرناه الصدوق (ره) فانه صرح بذلك في عقايده وذكر انه صلى الله عليه وآله كان يعلم القرآن قبل نزوله بلسان جبرئيل ولا يحضرني الآن كتابه حتى انقل عبارته ولكن ( لكن خل ) هذا الذي ذكرناه هو معنى كلامه نعم لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله مأمورا باظهار ( باظهار القرآن خل ) الا عند اقتضاء المصلحة لاظهار كل آية عند وقتها فجبرئيل انما يأتي بها عند اول ( اوان خل ) ظهورها واظهارها للناس الا ( لا خل ) لاجل تحقق الآية وتأصلها ( تأملها خل ) من مبدئها وذلك معلوم لمن القي السمع وهو شهيد ومن هذا القبيل اي من هذا القسم علمه صلى الله عليه وآله بما ينزل به جبرئيل قبل ان ينزل وقعة كربلا وقصة اصحاب الطفوف وكان يأتي بخبرها عليه صلى الله عليه وآله حينا بعد حين ووقتا بعد وقت مع انه كان صلى الله عليه وآله عالما بها واخبارها والاحوال التي تقع وهذا الاخبار ليس تحصيلا للحاصل وانما كان ذلك ليكون سببا للاظهار ونشر الاخبار وظهور الخضوع والخشوع ( الخشوع والخضوع خل ) في العالم الموجب لظهور العناية والكرامة وقد قال سبحانه انا عند المنكسرة قلوبهم ومثل اعداد الائمة الاثني عشر عليهم السلام واشخاصهم واحكامهم فان الملئكة لا يزالون يأتون للنبي صلى الله عليه وآله باخبارهم وفضائلهم وآثارهم مثل حديث اللوح وغيره وبالجملة من هذا النوع من الامور التي يأتي بها جبرئيل وساير الملئكة مع انه ( ان علمه خل ) صلى الله عليه وآله بها سابق فوجه اخبارها امور عرضية خارجية ومصالح اقتضتها الحكمة الالهية
والقسم الثاني وهو الذي يأتي ( باب خل ) به جبرئيل وسائر الملئكة ولم يكن عنده صلى الله عليه وآله علمه وهي الاشياء التي كانت غيبا مطلقا ولم يكن له وجود في عالم من العوالم يوجده الله سبحانه وتعالى في عالم الكون بسابق علمه ونافذ مشيته ويوجدها في الخزائن فمادة الشيء في خزانة الاكوان يعلمهم الله سبحانه اياها بلا واسطة احد ولا شيء من الاشياء بل ينكت في قلوبهم نكتا ولا لشيء توسط في ذلك ( بذلك خل ) فاما الصورة الاولى والقابلية الكبرى فهي ( فهو خل ) في خزانة الاعيان يعلمهم الله سبحانه اياها وما يترتب عليها بلا توسط ( واسطة خل ) احد ايضا فهم ( فهو خل ) في المقام الاول ينظرون في القلم وفي المقام ( القلم خل ) الاعلى الذي قد تحقق من اول غصن اخذ من شجرة الخلد وذلك ايضا في الوجه الاعلى لا القلم مطلقا فان له مقامات واطلاقات يجري عليه في كل مقام واطلاق ( اطلاق وخل ) احكام خاصة ولذا قيدنا القلم بما قيدناه وقلنا ما قلناه وفي المقام الثاني ينظرون في اللوح المحفوظ الذي هي زمردة خضراء قدرها سبعونالف ذراع في مثله في الصفحة الاولى العليا من اللوح ولا واسطة لاحد من الملئكة في هذا النظر وهذه الملاحظة لا ملك مقرب ولا غيرهم والى هذا اللوح والقلم اشار البوصيري في القصيدة الميمية المشهورة بقوله :
وان من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
والصورة الجزئية للشيء المجردة الغيبية فهي الصورة الحقيقية في الصفحة الثالثة من صفحات اللوح المحفوظ يعلمهم الله سبحانه اياها بلا توسط احد من الملئكة فلا ينظرون ( فهم ينظرون خل ) اليها بدون آلة ووساطة واما معاني الاشياء وحقايقها الكلية فهي في خزانة العرش المركب من الانوار الاربعة النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة والنور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة والنور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة والنور الابيض الذي منه ابيضت البياض ( منه البياض خل ) ومنه ضوء النهار فما في هذه الخزنة ( الخزانة خل ) يعلمهم الله سبحانه بالملئكة الاربعة الذين هم روح القدس والروح من امر الله والنفس التي لا يعلم ما فيها عيسى والروح على ملئكة الحجب كما ان الروح ينظر الى كليات احوال البدن كالكبد ( بالكبد خل ) والدماغ والشريانات والاوردة واما باقي العلوم التفصيلية والاطوار المشخصة ( الشخصية خل ) فان الله سبحانه يعلمهم عليهم السلام بالملئكة على اختلاف انواعها واصنافها من المدبرات والمقدرات والمعقبات والمسخرات والمرسلات والمقسمات وامثالها ( امثال خل ) من حملة الشؤنات من قوله تعالى كل يوم هو في شأن و( وهؤلاء خل ) الملئكة هم حملة هذه العلوم ( حملة العلوم خل ) اليهم صلوات الله عليهم ولا يدل ذلك على شرافة الملائكة ولا افضليتهم لا في آن ولا في كل آن على ما فصلت وبينت فظهر لك مما بينا ان ما يأتي به الملئكة للنبي صلى الله عليه وآله وغيره على قسمين قسم تأتي به وهم يعلمونه وانما فايدة الاخبار حصول مقتضيات خاصة لامور خاصة يطول الكلام بذكرها وقد تقدم ( تقدم منا خل ) ما تعلم به نوع المراد وقسم تأتي به والنبي لا يعلمه وذلك من فيض الابداع والتكوين الذي لازال يفاض على العالم من بسط يد الحكيم على تعدد اطوار مقتضيات كفه فالكف يشتمل على خمسة اصابع وهذه الجملة تشتمل على اربعة عشر عقدا فالجهات الكلية لليد ( اليد خل ) يد الله اربعة عشر كل جهة مظهر امر ومهبط حكم من الاحكام الالهية ويد الله سبحانه ليست مغلولة ( بمغلولة خل ) قالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وما ادري ( يشاء ما ادري خل ) ما اقول وما عسى ان اقول ولولا قول مولينا الصادق عليه السلام ما كلما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله لأريتك من عجائب المقال وغرائب الاحوال وبدايع الخطاب مما ( ومما خل ) يشتمل عليه السنة والكتاب ما تدهش عنده العقول وتذهل لديه الألباب ( الاعجاب خل ) ولكن لكل شيء وقت مقدر ولكل نبأ ( امر خل ) مستقر وسوف تعلمون وبالجملة فكلما خلقه الله سبحانه وادخله في خزانة الكون والوجود علمه النبي صلى الله عليه وآله وعرض عليه جميع تلك الخزائن بواسطة او بلا واسطة بآلة او بغير آلة وكلما لم يخلقه سبحانه ويخلقه من فيض كرمه وجوده في كل يوم وكل آن يعلمه سبحانه اياه على تفاوت درجاته على حسب الخزائن من واسطة وغير واسطة وآلة وغير آلة فعلم النبي والوصي صلى الله عليهما وآلهما دائما يتجدد ويزيد وهم يستزيدون ممتثلين ( متمثلين خل ) لامر الله سبحانه حيث امرهم بذلك وقال عز من قائل قل رب زدني علما وهذا التجدد يكون في كل آن ودقيقة واقل ذلك اعلى درجات علومه ( علوم خل ) كما نص عليه مولينا الصادق عليه السلام في حديث ابي بصير على ما رواه في الكافي في تفصيل مراتب علومهم وجعل عليه السلام هذا القسم هو العلم الذي يعدونه علما لانهم يكلمون به ويتجددون مددا ( لانهم يكملون به ويتحددون عددا خل ) ولا يزالون يطلبون هذا الكمال ويسئلون منه سبحانه وتعالى الاستقلال بالاستمداد في غير ( عين خل ) الاضمحلال ومنها ما يتجدد ( يتجدد لهم ليلة جمعة ومنها ما يتجدد لهم خل ) في كل سنة ومنها في ليلة النصف من شعبان ومنها في ليالي ( ليلة خل ) القدر واما المحتوم مما مضى وما سيأتي فعلمه لديهم حاضر واما ما يجري فيه ( فمع خل ) المشية والبداء فلا يعلمونه الا حين ما جرى ويجري وهو قوله تعالى ثم قضى اجلا واجل مسمى عنده فعلى هذا البيان التام والشرح الوافي العام ان عرفته بحقيقة المعرفة تتمكن ( فتمكن خل ) من الجمع بين الآيات والروايات الواردة في ( في باب خل ) علومهم عليهم السلام من النفي والاثبات في الكل والبعض والتجدد والاستزادة والعلم بكل شيء ونفي العلم بالغيب واثباته وغير ذلك من ساير الاحوال وقد اعطيتك اصلا كليا وقانونا الهيا لا يشتبه عليك شيء مما يتعلق بعلومهم ان شاء الله تعالى
قال سلمه الله تعالى : وخامسا ما معنى الملائكة ( ملائكة خل ) العالين واشرفيتهم من اصناف ( ساير خل ) الملئكة والدليل الواضح من الكتاب والسنة على وجودهم والآية الشريفة أستكبرت ام كنت من العالين مفسر في الصافي بمعنى العلو لا صنف من الملئكة
اقول اعلم ان الملئكة اما مشتقة من الالوكة بمعنى الرسالة او مشتقة من الملك بمعنى العبودية المحضة الخالصة فالملئكة المدبرات والمقدرات وملائكة الجنة والنار ( الناس خل ) والملئكة الذين هم حملة التدبير والتقدير والتسخير وغيرها سميت ملكا لظهور مبدء الاشتقاق فيه لانهم رسل الله في ايصال ما تحملوا ( اتصال ما تتحملوا خل ) من جهات الفيض ورؤس المشية الى محالها ومواقعها كما نص عليهم الله بانهم رسل الله في قوله تعالى انا رسل ربك وهم المتمحضون في العبودية والمخلصون في الطاعة لا يعصون الله ما امرهم بحال من الاحوال وطور من الاطوار كما نص عليهم الله بقوله وجعلوا الملئكة الذين هم عباد الرحمن اناثا وقوله تعالى بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وقوله تعالى لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فلما ظهر فيهم مبدء الاشتقاق وتحققت المناسبة المطلوبة بين اللفظ والمعنى اطلق عليهم لفظ الملئكة والا فهم صنف آخر ونوع آخر غير جنس الجن والانس وغيرهم وانما سموا ملائكة لهذه العلة التي هي ظهور مبدء الاشتقاق فعلى هذا كل شيء يظهر فيه هذا المعنى يصح اطلاق لفظ الملئكة عليهم ولما كان محمد وآله صلى الله عليه وعليهم ممن نالوا في هذا المقام بالقدح الاعلى من الرقيب والمعلي فظهور هذين الامرين فيهم على اكمل وجه فان الرسول صلى الله عليه وآله انه الرسول عن الله سبحانه الى جميع الموجودات كافة في التكوين والتشريع كما تقدم واما باقي الائمة عليهم السلام فهم وان لم يكونوا رسلا في التشريع كرسالة النبي صلى الله عليه وآله لكنهم رسل ( رسول خل ) في التكوين كرسالة الملئكة فيصح ( فتصح خل ) اطلاق الملئكة عليهم عليهم السلام عند ملاحظة اشتقاقها من الالوكة التي هي الرسالة وكذلك ساير الانبياء يصح اطلاق الملك عليهم نظرا الى هذا المعنى وكذلك مراتب وجود الشيء التي هي وساطة ( الشيء هي وسايط خل ) الفيض يصح ان يطلق عليها الملك لظهور الرسالة التكوينية فيها كالفؤاد بالنسبة الى العقل فانه واسطة يتلقى الفيض الابداعي من الاختراع الاول الى العقل كالعقل بالنسبة الى الروح فان له وساطة تكوينية يتلقى عن العقل ويوصل ( يوصله خل ) الى النفس والنفس لها وساطة ابداعية تتلقى عن الروح وتوصل الى باقي المراتب التكوينية من الطبيعة والمادة والمثال وغير ذلك وهذه المراتب الكلية ( الكلية التي خل ) لها الوساطة في الافاضة يصح ان يطلق عليها الملئكة لظهور مبدء الاشتقاق والمناسبة الحقيقية فيها ويصح للفؤاد ان يقال انه ملك وللعقل انه ملك وللنفس انها ملك وللطبيعة انها ملك وللعرش محدد الجهات انه ملك هذا من جهة الرسالة واما من جهة العبودية المحضة فظاهر ايضا لان محمدا وآله صلى الله عليهم بلغوا في العبودية والملكية لله سبحانه مقاما لم يبلغ اليه احد حتى سموا ملكا في قول سيد الساجدين عليه السلام كما تقدم واستعلى ملكك علوا الدعاء وفي قول رسول الله صلى الله عليه وآله في الدعاء وباسمك العظيم وملكك القديم فاذا بلغوا هذا المبلغ كان ظهور هذا المعنى فيهم اعظم من ظهوره في ذلك السنخ والصنف المسمون بالملئكة وكذلك الانبياء عليهم السلام فانهم معصومون طيبون طاهرون فعلى هذا يصح اطلاق الملك عليهم لظهور معنى الملك والتمليك ( التملك خل ) فيهم ولكن هذا الاطلاق اي اطلاق الملئكة على الحقيقة المحمدية وعلى الانبياء وعلى اجزاء الشيء الواحد وعلى الملئكة الحملة ليس من نحو واحد بل من باب الحقيقة بعد الحقيقة كما تقدم في الولاية فاذا عرفت هذا القدر من الكلام فاعلم ان المراد بالعالين هم آل محمد الطيبون الطاهرون لان آدم عليه السلام انما استحق ان يكون مسجودا للملئكة لكونه وعاء للنور المقدس الاطهر الازهر الظاهر بالهياكل الاربعة عشر سلام الله عليهم كما يدل عليه صريح الدالة ( الرواية خل ) المروية في البحار والعوالم في كيفية رؤية آدم على نبينا وآله وعليه السلام تلك الانوار المقدسة فاذا كان كذلك فهم العالون الذين يجب ان يخضع كل شيء لهم ( لهم كل شيء خل ) طأطأ كل شريف لشرفهم وبخع كل متكبر لطاعتهم وخضع كل جبار لفضلهم وذل كل شيء لهم فاذا كانت الاشياء كلها باجمعها ذليلة خاضعة لهم فلا عالي ( على خل ) سواهم فهم العالون ( العالمون خل ) وقوله تعالى استكبرت ام كنت من العالين يشير الى الخطاب لابليس انك استكبرت من طاعتي وامتثال امري استكبارا في الارض ومكر السيء لتكون بذلك معاندا ومتكبرا ( مكابرا خل ) لتستحق به اللعنة والرجم والنكال الشديد والعذاب البعيد ام كنت من العالين الذين لا تقتضي الحكمة ان يسجدوا لاحد لان سجود الاشياء كلها من الملكئة وغيرهم الى جهة الحاملية لذلك النور الاقدم فكان آدم وعاء وحاملا لذلك النور فاستحق ان يسجد له تعظيما لذلك النور الذي هو الوجه الباقي الذي لم يزل ولا يزول وكذلك سجود يعقوب واولاده ليوسف لانه مظهر ذلك النور ( النور الذي خل ) ظهر بصفة الحسن والجمال وان لم يكن في صلبه ولكن الحسن الذي فاق كل الحسن والجمال الذي علا كل جميل فانه من بعض شؤن ذلك النور الذي ظهر في هذه المراتب ( المرآة خل ) لصفاء القابلية وجودتها وكذلك سجود الخلق من امة محمد صلى الله عليه وآله الى جهة الكعبة فانها مثال البيت المعمور الذي هو من مثال ( هو مثال خل ) العرش الذي انتقش فيه تلك الاشباح الطيبة من صلب آدم وكذلك العرش كان وجهة للسجود من جهة ظهور تلك الاشباح والانوار فيه كما يدل عليه صريح قوله تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود اي عن ساق العرش وبالجملة فسجود الاشياء ( للاشياء خل ) الى جهات مخصوصة لله سبحانه لا يكون الا لظهور تلك ( ذلك خل ) النير الاعظم والعماد الاقوم فيها فلا تقتضي المصلحة الالهية ان يسجدوا بمعنى الخضوع واظهار رفع الواسطة لاحد وان كان في عالم الظهور البشري يسجدون لكل حامل لظهور نور تلك الحقيقة كغيرهم عليهم السلام لا لاجل ارتفاع ذلك الحامل كما كان في الملئكة مع آدم عليه السلام لان امرهم بالسجود لآدم اثبات تفوقه عليهم واستعلائه ليبين لهم خطائهم ولاكان كذلك سجودنا الى ( الى جهة خل ) الكعبة لاجل ارتفاعها وتفوقها بل مرادنا السجود لله متوجها الى هذه الجهة التي ظهر منها سر الله فسجودهم عليهم السلام الى جهة الكعبة من هذا القبيل لا من قبيل سجود الملئكة لآدم على نبينا وآله وعليه السلام ( عليه السلام وبالجملة خل ) فالعالي الذي لا اعلى منه في عالم الامكان بحسب الحقيقة ليس الا محمد واهل بيته صلى الله عليه وآله ولذا سمي امير المؤمنين عليه السلام بعليّ فان ظهور الاستعلاء في مقام التفصيل ما ظهر الا به وفيه وان كان رسول الله صلى الله عليه وآله اعلى بل هذا اسمه في الحقيقة اعاره لامير المؤمنين ( امير المؤمنين خل ) عليه السلام لانه كان حاملا لمراتبه ( لرايته خل ) واقيا لمهجته وتاجا لرأسه ويدا لبأسه وبابا لحكمته طريقا الى معرفته فهو مظهر علاه ولذا رفعه عليه السلام على كتفه عند حط الاصنام اشارة الى هذه الدقيقة الانيقة فافهم وكن من الشاكرين فتبين لك ان العالين وان كان يطلق عليهم الملئكة لكنهم ليسوا من سنخ الملئكة الذين هم حملة وجوه ( هم وجوه خل ) المشية ورؤسها الى المشاآت المخصوصة ولذا قال مولينا الرضا عليه السلام في روح القدس انه ليس بملك وانما هو بشر انتهى فالملئكة الذين قد تقدم انهم الناقصون فلا يرجى فيهم ( منهم خل ) الكمال انما هم تلك الحملة لا هؤلاء العالين وقد نص مولينا الصادق عليه السلام على ما رواه في شرح الآيات الباهرة في العترة الطاهرة ان المراد بالعالين في هذه الآية الشريفة هم الائمة عليهم السلام لا غيرهم والكتاب لم يكن حاضرا عندي حتى انقل الحديث بالفاظه ولكن معناه هو الذي ذكرت لك فالذي ذكرت انهم بمعنى العلو لا صنف من الملئكة حق وان ( حق ان خل ) كان المراد بالملئكة المنفيين ( المنفين خل ) هم حملة التدبير والتقدير والا فالعالون ملئكة كالكروبيين فافهم
قال سلمه الله تعالى : وما حقيقة روح القدس وما معنى شرافته على الجميع حتى العالين واختصاصه باهل العصمة كما يستفاد من الاحاديث وان كان يستفاد عدم الاختصاص كما قال عليه السلام في هشام بن الحكم في الحديث المعروف
اقول اعلم ان روح القدس هو مرتبة من مراتب محمد وآله صلى الله عليه وعليهم وقوة من لاهوتهم بها مدد الاشياء ومنبع العلم ومظهر القدرة ومصدر النور ومعدن الفيض وفوارة القدر وهي خلق اعظم من جبرئيل وميكائيل وهي ملك وليس بملك مقرها على حافة النهر الذي دون العرش من عالم الانوار وفي الحافة الاخرى من ذلك النهر الروح من امر الله وهو مختص برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بالائمة الاثني عشر عليهم السلام وبفاطمة الصديقة وهو العمود من النور الذي بها يرون اعمال الخلايق ومنها ( لها خل ) اشراق في الانبياء ومن ذلك الاشراق ظهر نور على مثال البروج ( الروح خل ) يسدد الانبياء ويؤيدهم وذلك النور ايضا يسمى روح القدس من باب الحقيقة بعد الحقيقة ويشرق ( تشرق خل ) من ذلك الاشراق على ساير الرعية ويسمى ( تسمى خل ) بذلك الاسم في الحقيقة الثانية وتلك الروح قوة ملكوتية الهية لا تسهو ولا تغفل ولا تتغير ولا تتبدل ولا يلهو ولا يلعب بها العلم والنور ويطلق على الروح القدس الروح من امر الله وهي التي اشار اليها الله سبحانه في قوله تعالى ولقد اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء الى صراط مستقيم وذلك عند الاجتماع واما عند الافتراق ففي الغالب بينهما فرق اما ان الروح ( الروح قوة خل ) من لاهوتهم ومرتبة من مراتبهم فلقوله عليه السلام على ما رواه في الكافي وبصائرالدرجات والبحار والعوالم في حديث عن امير المؤمنين عليه السلام الى ان قال فالانبياء المرسلين والغير المرسلين ( المرسلون والغير المرسلون خل ) فيهم خمسة ارواح روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن فبروح القدس بعثوا انبياء مرسلين وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به ( به شيئا خل ) وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معايشهم وبروح الشهوة اصابوا اللذيذ من الطعام ونكحوا الحلال من ( عن خل ) شباب النساء وبروح البدن دبوا ودرجوا ثم قال تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وايدناه بروح القدس ثم قال تعالى في جماعتهم وايدهم بروح منه يقول اكرمهم بها وفضلهم على من سواهم الحديث والاحاديث بهذا المعنى كثيرة ( كثير خل ) منها ما في البصائر عن المفضل بن عمرو ( عمر خل ) قال قلت لابي عبد الله عليه السلام سئلته عن علم الامام عليه السلام بما في اقطار الارض وهو في بيته مرخي عليه ستره فقال عليه السلام يا مفضل ان الله تبارك وتعالى جعل للنبي خمسة ارواح فروح الحيوة فيه دب ودرج وروح القوة فيه نهض وجاهد وروح الشهوة فيه اكل وشرب واتى ( يأتي خل ) النساء من الحلال وروح الايمان فيه امر وعدل وروح القدس فيه حمل النبوة فاذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس وصار في الامام وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يسهو والاربعة الارواح تنام وتلهو وتغفل وتسهو وروح القدس ثابت يرى به ما في شرق الارض وغربها وبحرها وبرها قلت جعلت فداك ها يتناول ما ببغداد بيده قال نعم وما دون العرش وحيث ادرجها عليه السلام مع باقي الارواح التي هي مراتب وجودهم علمنا ان روح القدس ايضا مرتبة من تلك المراتب ولما كان اشرفها واعلاها كان اقدمها في الوجود والايجاد والعقل الكلي هو اول الموجودات فكان هو العقل الاول الكلي وانما سمي روحا لان به حيوة الاشياء وقوامها وقدسا لتنزهه وتقدسه عن كلما لا يحبه ( لا يحب خل ) الله تعالى وهو قوله تعالى خطابا للعقل ولا اكملتك الا في من احب وسيأتي زيادة توضيح لهذا ( هذا خل ) المطلب ان شاء الله تعالى واما ان الروح مظهر القدرة فلما في العوالم عن البصائر عن ابي عبد الله عليه السلام قال تعالى ونفخ فيه من روحه قال عليه السلام من قدرته وما في تفسير العياشي عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا اقرب الينا ( اليه خل ) منها وليس باكرم خلقه عليه فاذا اراد الله امرا القيه اليها فالقته الى النجوم فجرت وفي هذا الحديث الشريف دلالة على ان هذا الروح اول ما خلقه الله والا كان شيء اقرب الى الله منها فاذا كان اول المخلوق وهو العقل الكلي لقوله صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله عقلي واول ما خلق الله روحي واول ما خلق الله القلم وقوله عليه السلام وليس باكرم خلقه عليه يريد بان العاقل وصاحب الروح الجامع بين الروح والنفس والجسم اشرف واكرم على الله من هذه الروح وحدها ضرورة ان الكل اعظم من الجزء واشرف لان فيه الجزء وزيادة والدليل على انها اول ما خلق ( خلقه خل ) الله قوله عليه السلام فاذا اراد الله امرا القيه اليها فالامر الذي هو المشية يلقي اثره اليها اولا لبطلان الطفرة وقاعدة امكان الاشرف واذا ورد ( اورد خل ) الفيض عليها فينزل منها فيلقي الى المبادي العالية مثل النجوم فيجري في حقايق الموجودات ولذا قلنا انها معدن الفيض وفوارة القدر فافهم واما انه خلق اعظم من جبرئيل وميكائيل فالروايات به متظافرة منها ما في البصائر عن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام يسئلونك عن الروح قل الروح من امر ربي قال عليه السلام خلق اعظم من جبرئيل وميكائيل وهو مع الائمة عليهم السلام واما انه ملك فللروايات الكثيرة وقد شرحنا وجه اطلاق الملك على هذه الروح في ما تقدم عند ذكر العالين فراجع واما انه ليس بملك فلما في عيون الاخبار عن الحسن بن الحميم ( الجهم خل ) عن الرضا عليه السلام قال ان الله عز وجل ايدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليس بملك وقول امير المؤمنين عليه السلام على ما رواه في بصائرالدرجات عن الاسكافي قال اتى رجل امير المؤمنين عليه السلام يسئله عن الروح اليس هو جبرئيل فقال له جبرئيل من الملئكة والروح غير جبرئيل وكرر ذلك على الرجل وقال له لقد قلت عظيما من القول ما احد يزعم ان الروح غير جبرئيل فقال له عليه السلام انك ضال تروي عن اهل الضلالة يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملئكة بالروح والروح غير الملئكة واما ان مقرها ( مقرها على خل ) حافة النهر فلقول امير المؤمنين عليه السلام على ما رواه في العوالم عن بصائرالدرجات انه قال ان لله نهرا دون عرشه دون النهر الذي دون عرشه نور من نوره وان في حافتي النهر روحين مخلوقين روح القدس وروح من امره الحديث والعرش هو المشية التي هي ( المشية اي خل ) الاختراع الاول والكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر والنهر هو الوجود الفايض منه المسمى بالوجود المقيد كما ان العرش هو الوجود المطلق وهذا النهر هو بحر صاد في قوله تعالى في الحديث القدسي في المعراج يا محمد ادن من صاد وتوضأ لصلوة الظهر وهو المزن في قوله تعالى افرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون واما الحافتان فهما الطرفان الممتازان بالحدود والقيود فاول التعين واول المقيد ( مقيد خل ) هو العقل الاول وهو روح القدس وهو اول من الروحانيين يعني عن ( وهو روح وهو اول خلق من الروحانيين عن خل ) يمين العرش والحد الثاني المخلوق من ذلك الحد الاول الروح من امر الله وهو عالم ( العالم خل ) الرقايق ومقام نشو الخلايق وليس هذا مقام استقصاء البحث فان له مقاما ( مقام خل ) آخر واما انها مختصة برسول الله صلى الله عليه وآله فلما في قوله عليه السلام على ما في البصائر عن هشام بن سالم قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول يسئلونك عن الروح قل الروح من امر ربي قال خلق اعظم من جبرئيل وميكائيل لم يكن مع احد ممن مضى غير محمد صلى الله عليه وآله واما انها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يختص بالائمة لقول ابي عبد الله عليه السلام في الحديث المتقدم في ذكر الارواح الى ان قال عليه السلام فاذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس وصار في الامام واما انها في فاطمة الصديقة عليها السلام فلقوله عليه السلام على ما رواه عليّ بن ابرهيم في تفسيره في قوله تعالى كلا والقمر والليل اذا ادبر والصبح اذا اسفر انها لاحدى الكبر اي الزهراء عليها السلام فانها احدى الائمة في كل حالاتهم واما ان الانبياء فيهم روح القدس فلما تقدم في كلام امير المؤمنين عليه السلام ان الانبياء ( للانبياء خل ) المرسلين والغير المرسلين فيهم خمسة ارواح روح القدس الى آخر الحديث واما ان هذه الروح من اشراق تلك الروح فلقوله عليه السلام على ما في الكافي عن ابي عبد الله عليه السلام ان الله تعالى خلقنا من طينة مكنونة مخزونة عنده ولم يجعل في مثل الذي خلقنا منه نصيبا لاحد ثم خلق شيعتنا من طينة مكنونة تحت تلك الطينة ومنهم الانبياء فاذا كانت الانبياء خلقوا من شعاع نور طينتهم كان كلما في الانبياء شعاع واشراق ولا ريب ان الشعاع على هيئة المنير واسمه فما يسدد الانبياء من اشراق ذلك النور يسمى روح القدس حقيقة بعد حقيقة وهكذا القول في الرعية مثل ما ورد في هشام بن الحكم وما ورد في حسان بن ثابت انك مؤيد ( مسدد خل ) بروح القدس ما دمت ناصرنا فالنور المسدد ونور العصمة يسمى بروح القدس الا انه ( ان خل ) في الحقيقة الاصلية في محمد وآله صلى الله عليه وعليهم وفي الحقيقة التبعية في الانبياء وسائر الرعية وهو قوله تعالى في عيسى بن مريم ايدناه بروح القدس واما ان هذه الروح لا تنام ولا تغفل ولا تسهو ولا تلهو ولا تلعب ولا تتوجه الى غير الله فلما تقدم في حديث الارواح الخمسة بان روح القدس لا تنام ولا تغفل ( لا تغفل ولا تلهو خل ) ولا تسهو والاربعة الارواح تنام وتلهو وتغفل وتسهو وقوله عليه السلام في الارواح الاربعة دون روح القدس انها تنام فالمراد بها اذا كانت معزولة عن روح القدس كما في ساير الرعية من المؤمنين ( الموقنين خل ) وغيرهم واما اذا كانت مصاحبة معها اي مع روح القدس ومقترنة بها فهي تكون منصبغة ( متصبغة خل ) بصبغها متحلية بحليتها متحركة بحركتها فهي ايضا لا تنام ولا تغفل ولا تسهو ولا تلهو والى ما ذكرنا ( ذكرناه خل ) الاشارة في قوله تعالى ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وهؤلاء عندهم تلك الارواح الخمسة وقد وصفهم الله بعدم الفتور عن العبادة لا في الليل ولا في النهار فاين ( فاني خل ) الغفلة والسهو اذن فافهم واتقن وهذا مختصر الكلام في روح القدس ولبسط المقال وقت آخر نسئل الله التوفيق والتسديد
قال ايده الله بتأييده وسدده بتسديده : ما معنى التفويض في ( في بعض خل ) كلمات اهل العصمة عليهم السلام مع ان البراهين نافية للتفويض
اقول يريد بذلك من نوع ( بذلك نوع خل ) ما ورد عن الحجة عليه السلام في زيارة كل يوم من رجب انا سائلكم وآملكم في ما اليكم التفويض وعليكم التعويض فبكم يجبر المهيض ومثل ما ورد عن الباقر عليه السلام في قوله لجابر يا جابر عليك بالبيان والمعاني قال ( قال وخل ) ما البيان وما المعاني قال قال عليّ عليه السلام اما البيان فهو ان تعرف ان الله واحد ليس كمثله شيء واما المعاني فنحن معانيه ونحن علمه ونحن حكمه ونحن حقه اذا شئنا شاء الله ويريد الله ما نريد نحن ظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته وفوض الينا امور عباده الينا اياب هذا الخلق ثم ان علينا حسابهم ومثل ما ورد في الكافي عن الصادق عليه السلام قال ان الله عز وجل ادب نبيه على محبته وقال انك لعلى خلق عظيم ثم فوض اليه فقال عز وجل وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا وقال عز وجل من يطع الرسول فقد اطاع الله ثم قال وان نبي الله فوض الى عليّ وائمته عليهم السلام الحديث وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث الى ان قال ان الله عز وجل فوض الى سليمان بن داود وقال هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وفوض الى نبيه ( الى نبيه صلى الله عليه وآله وقال ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا فما فوضه الى رسول الله صلى الله عليه وآله خل ) فقد فوضه الينا وفيه عن زرارة قال سمعت ابا جعفر وابا عبد الله عليهما السلام يقولان ان الله عز وجل فوض الى نبيه صلى الله عليه وآله امر خلقه لينظر كيف طاعتهم الحديث وامثال هذه من الاحاديث كثيرة وقوله سلمه الله تعالى مع ان البراهين نافية وهو كذلك لان التفويض يوجب الاعتزال وهو في الامكان محال وذلك لان التفويض يوجب رفع اليد عن المفوض اليه حين التفويض اليه كالموكل لانه يفوض امره الى الوكيل حين ما يوكله فاذا فعل الوكيل ما فوض اليه من امر الوكالة فليس حين الفعل في يد الموكل ولا في قدرته وانما يفعل بالامر الاول وكالمولى اذا امر عبده بان يفعل ( يفعل امرا خل ) فان العبد حال الفعل ليس في يد المولى ولا في قبضته ولا في قدرته وانما هو معتزل ( معزول خل ) عنه وان كان الفعل يوقعه بامر قولي من ( بامر من خل ) المولى فجعل الامر في الامكان على هذا الوجه لزم الاعتزال وان لا يكون الخلق في يد الحق في وقت ما وان تكون البينونة بين الله وبين خلقه بينونة عزلة لا بينونة صفة فاذا جاز استقلال الممكن عن الواجب سبحانه في حال ما جاز ( حال جاز خل ) في جميع الاحوال وذلك يخرج الامكان عن امكانه ويجعله قديما ولذا قال مولينا الصادق عليه السلام من قال نحن خالقون بامر الله فقد كفر لان الامر اذا كان من قبيل امر المولى لعبده او ( وخل ) امر الموكل لوكيله يستلزم الاعتزال وهو في الامكان محال ولذا امتنعت الامامية عن القول به في الافعال الاختيارية ( الاختيار خل ) المنسوبة الى العباد فان التفويض على هذا المعنى يورث الاعتزال والمحال فتبين ان التفويض بالمعنى الذي ذكرناه ليس من مذهب الحق بشيء سواء كان في الافعال الالهية المنسوبة الى العبد او الافعال المنسوبة ( والافعال الالهية المنسوبة خل ) الى الله ولقد اجمعت ( وقد اجتمعت خل ) الامامية على بطلان ذلك ولا يصح القول بان الله سبحانه فوض امره في خلق الاشياء ورزقها واحيائها واماتتها الى خلق من المخلوقات نبيا كان او وليا ملكا او صديقا او شهيدا وكذلك امر دينه من الاصول والفروع وامر قضاء احكامه وكل شيء من الاشياء بكل طور من الاطوار لا يجوز ان يكون مثل تفويض المولى الى عبده والموكل الى وكيله بضرورة ( لضرورة خل ) العقل واجماع الفرقة المحقة واستقرار المذهب مع انه ورد في الروايات ما يدل على التفويض مثل ما ذكرناه من الروايات ومثل قوله تعالى عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون ومثل قوله تعالى واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني وتبرئ الاكمه والابرص باذني واذ تخرج الموتى باذني والروايات مشحونة في ان العبد يفعل بامر الله والفعل بالامر اذا كان كفعل العبد بامر المولى بحيث حين الفعل يكون المولى ( العبد خل ) معتزلا فذلك هو التفويض الباطل الموجب للاعتزال وان كان بيد الآمر فليس بتفويض في العرف والجواب وتحقيق الحق الصواب هو ان يقال ان التفويض له اطلاقان مرة يطلق ويراد به ما ذكرناه من تسليم الامر الى احد ورفع اليد عنه وهو يفعل بنفسه وان كان بعطاء ذلك المعطي ومرة يطلق ويراد به تسليم الامر الى احد حين كونه بيد المعطي بحيث يكون الفعل يمكن ان ينسب الى المسلم المعطي والى المسلم المعطى اليه بيان ذلك ان الله سبحانه لما جعل العالم عالم الاسباب وابى ان يجري الاشياء الا باسبابها جعل لكل شيء ( شيء شيء خل ) سببا يوجده بذلك السبب وحيث ان ذلك السبب جعله الله سبحانه كاملا ووعاء لفيضه الموصل الى ذلك الشيء المفاض عليه فيقال انه تعالى فوض امر ذلك الفيض اليه وان كان حين الفعل بيده تعالى غير خارج عن قبضته وهيمنة سلطنته مثاله ان النار قد جعلت الدهن حاملا لفيضها واثرها الذي هي الحرارة العرضية التي في الدهن الشعلة لتوجد بها الاشعة فالنار احدثت الاشعة بالشعلة والشعلة احدثت الاشعة حين كونها محفوظة بيد النار التي هي الحرارة الموجودة في الدهن ولولا تلك الحرارة ما كانت الشعلة ولولا الشعلة ما كانت الاشعة فالنار فوضت الى الشعلة امر الاشعة مع ان الشعلة حين انفصال الاشعة عنها بيد النار وفي قبضتها فيصح ان تنسب الاشعة الى النار ويصح ان تنسب الى الشعلة ولكن لك ان تنفيها وتسلبها عن الشعلة ولا يصح ان تنفيها وتسلبها عن النار مثلا يصح ان تقول ان النار احدثت الاشعة بالشعلة ويصح ان تقول ان الشعلة احدثت الاشعة بالنار ويصح ان تقول ان الشعلة ما احدثت الاشعة حين ما ( حين خل ) احدثتها ولكن النار احدثتها ولا يصح ان تقول ان النار لم تحدثها وانما احدثتها الشعلة لان الشعلة من غير النار ليست بشيء مثال آخر ان الشمس اذا اشرقت وقابلتها البلور الصافية يحدث الاحراق فالاحراق انما كان من الشمس بالبلورة ولولا البلورة ما كان الاحراق ولم يكن لنور الشمس حامل بجميع الحرارة حتى يحصل الاحراق ولولا الشمس ما كان الاحراق ايضا ولك ان تقول ان البلورة احرقت لانها محل للنور ووعاء لذلك الظهور ولك ان تقول ان الشمس احرقت ولك ان تقول ان البلورة حينما احرقت ما احرقت ولكن الشمس احرقت فالشمس حيث جعل البلورة محلا لنورها ومخزنا لفيضها ومددها يصح ان يقال ( يقال انها خل ) فوضت امر الاحراق اليها وان كانت حين الاحراق بيد الشمس فلو فارقتها حين الاحراق ماحصل ولم يوجد والبلورة سبب لفعل الشمس كالشعلة لفعل النار فاذا عرفت هذا المثال عرفت معنى التفويض الجايز والتفويض المحال فان الشمس اذا اشرقت على البلورة ثم عند مقابلتها بشيء ( لشيء خل ) آخر اعرضت الشمس عنها لا يحصل الاحراق ابدا وكذلك النار اذا تعلقت بالدهن ثم ذهبت عنه لم تحصل الشعلة ولم يتحقق الاشراق فالخلق في حال السببية كله على هذه المثابة فالملئكة انما تفعل ما تفعل من التدبير والتقدير والخلق والرزق والاحياء والاماتة حين كونها محفوظة بالمشية وحاملة لرأس من رؤسها حين تعلقه بها فالفاعل هو الله سبحانه وهؤلاء الملئكة اسباب وحملة لفعله تعالى فيصح ان تقول الله يتوفي الانفس حين موتها ويصح ان تقول قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم ويصح ان تقول الذين تتوفيهم الملئكة طيبين وكذلك يصح ان تقول ان عيسى خلق الطير ويصح ان تقول ان الله خلق الطير ويصح ان تقول ان عيسى ما خلق الطير حين خلق ولكن الله خلق وهكذا من امثاله فالسبب يصح ان ينسب اليه الفعل ويصح ان يسلب حين ما ينسب اما سمعت الله سبحانه يقول في القرآن انه لقول رسول كريم مع ان القرآن كلام الله ويصح ان تقول ان القرآن كلام الله ويصح ان تقول انه لقول رسول الله صلى الله عليه وآله ويصح ان تقول ان الرسول ما قاله ولكن الله قاله وبالجملة فالتفويض في الكتاب والسنة اينما ورد يراد به هذا القسم لا التفويض الذي لا يصح ان تقول ما فعله حين فعله ولكن غيره فعله اذ لا يصح ان تقول ( تقول ان خل ) الذي فعله الوكيل مافعله ولكن الموكل فعله او ان الذي فعله العبد مافعله ولكن المولى فعله فان ذلك باطل جدا لبداهة ان العبد حين الفعل ليس في يد المولى ان شاء جرى ( اجرى خل ) ما فعله المولى وان شاء لم يجر وليس ذلك حكم الشعلة مع النار فان الشعلة ما لم تكن بيد النار ليست شيء ( بشيء خل ) حتى يحدث منها شيء فما حدث منها الا ما حدث من النار ولها الحاملية خاصة وكذلك البلورة حين احراقها فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الحقيقة المحمدية لما خلقها الله سبحانه وتعالى جعل قلبها محلا لمشيته ومكمنا لارادته ثم يظهر سبحانه آثار صنعه من هذه الحقيقة المقدسة فالله الفاعل وهم السبب فلا يفعلون حين يفعلون بل الله يفعل و( وهو خل ) قوله عليه السلام في زيارة آل يس وما من شيء ( شيء منا خل ) الا وانتم له السبب واليه السبيل وفي زيارة مولانا الحسين عليه السلام ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم ويصدر من بيوتكم الصادر لما فصل من احكام العباد وبالجملة حيث كان الله سبحانه جعل العالم عالم الاسباب وجعل محمدا وآله صلى الله عليه وعليهم هم السبب الاعظم فقد فوض اليهم امر خلقه بهذا المعنى اي بان جعلهم خزانة لامداده ومحلا لمشيته فيفيض سبحانه على الاشياء بهم حين كونهم محفوظين بالله مكلوئين بعناية الله على حد قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فمن قال بالتفويض على المعنى الاول لقد ضل وغوى وهو الذي قامت البراهين على بطلانه ومن قال به على المعنى الثاني فقد اصاب وعليه تحمل تلك الروايات ( تحمل الروايات خل ) والآيات والامر والاذن والتوكيل في قوله تعالى قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم لا التوكيل على حسب المتعارف عند العرف لان ذلك باطل بل كفر وزندقة بل الامر في ذلك كما تقول ان الله خلق الليل والنهار لا ريب انه سبحانه انما خلق النهار بالشمس وهي السبب لوجوده والله هو الذي خلقها وكذلك الله سبحانه هو الذي خلق العالم ولكن باشراق شمس الحقيقة المحمدية فافهم ذلك وابن عليه امرك فان كل قول دون هذا القول باطل وكل مذهب سوى هذا المذهب الحق مجتث زائل واحمل على هذا المعنى التفويض الذي ورد في كلمات اهل العصمة عليهم السلام ولا تحمل على غيره فانك تضل عن سواء الطريق فافهم وفقك الله لما تحب وترضى
قال سلمه الله تعالى : وما معنى العصمة وحقيقتها
اقول اعلم ان لمولانا وشيخنا وسنادنا وعمادنا ومن اليه في كل حق استنادنا اعلى الله مقامه ورفع في الدارين اعلامه كلاما ( كلام خل ) في العصمة كل الكلام ( كلام خل ) دونه سقط وكل مطلب في هذا المقام دونه غير ملتفت اليه وهو لب الكلام ( غير ملتفت وهو الكلام خل ) وسر الحقيقة في العصمة فلا يحتاج ( فلا تحتاج خل ) بعد ذلك الى كلام ان احطت ( احطت به خل ) خبرا بما فيه وتفطنت لظاهره وخافيه وانا انقل كلامه لك بالفاظه الشريفة لتوفر بوافر النصيب من المعلي والرقيب ( انقل لك كلامه الشريف بالفاظه لتوفر توافر النصيب من المعلي خل ) فاقول قال اعلى الله مقامه ان العصمة ملكة ربانية تمنع من فعل المعصية والميل اليها مع القدرة عليها وبيان ذلك اعلم ان الله سبحانه خلق الاشياء بفعله على حسب قوابلها لفعله بمعنى انه احدث موادها لا من شيء اعني ( اعلى خل ) وجوداتها وصورها كما قبلت معنى انه تعالى ركب صورها على حسب قوابلها فمن لطفت مادته ورقت لشدة نوريتها وقربها من المبدء الفياض الذي هو مشية الله تعالى وفعله تلاشت انيتها وضعفت بحيث لا تكاد تنافي هيئة فعله فلا تبدو عنها هيئة تخالف هيئة فعله تعالى فلا يقع ( فلا تقع خل ) لها متعلق اقتضاء غير ما اقتضته هيئة مشيته فلا يريد ( فلا يريد ذلك المخلوق غير ما يريد خل ) خالقه كما قال تعالى وما تشاؤن الا ان يشاء الله وهو معنى قول عليّ عليه السلام فجعلهم السن ارادته يعني ان ارادته تعالى تنطق بهم فقولهم قوله تعالى وفعلهم فعله عز وجل وهو معنى قولهم عليهم السلام نحن محال مشية الله وفي زيارة الحجة عليه السلام عن ابي جعفر محمد بن عثمان العمري مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو اناة الله وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته وفيها بعد هذا والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم والممحو ما لا استأثرت به سنتكم فكان بعناية الله ولطفه عن ( من خل ) قابليته سابقا لكل من لم يكن كذلك وقولي بعناية الله ولطفه اريد منه ( به خل ) انه تعالى لطف بذلك العبد بسبق ( اسبق خل ) عناية الاختصاص فراضه ( فراحته خل ) بقابليته حتى بلغ به اعلى مقام القرب من رضوانه كما في الزيارة التي رواها ابنطاوس والشيخ محمد بن مشهدي والشيخ مفيد ( المفيد خل ) في الثناء على اهل البيت عليهم السلام الذين هم اهل هذه المرتبة التي نحن بصدد بيانها وفيها لا يسبقكم ثناء الملئكة في الاخلاص والخشوع ولا يضادكم ذو ابتهال وخضوع اني ( الى خل ) ولكم القلوب التي تولي الله رياضتها ( رياضها خل ) بالخوف والرجاء وجعلها اوعية للشكر والثناء وآمنها من عوارض الغفلة وصفاها من شواغل الفترة بل يتقرب اهل السماء بحبكم وبالبرائة من اعدائكم وتواتر البكاء على مصابكم والاستغفار لشيعتكم ومحبيكم الخ فكانت فطرة هذا العبد على هيئة فعله تعالى ومحبته فحين توجه اليه امر ربه كان ميل فطرته وداعي صورته الغيبية مطابقا لمحبة الله وارادته وامره مع دوام الرياضة والتربية عن حقيقة ما هو اهله بالتوفيق والسداد ( التسديد خل ) وعدم التخلية الى نفسه في كل حال فتكون وتحقق وثبت واستقر عن ذلك اللطف والعناية والرياضة والرتبة ( التربية خل ) المصاحبة للتوفيق والتسديد وعدم التخلية مع مطابقة تلك الفطرة لفعل الله وارادته ومحبته ملكة ربانية تمنع من فعل المعصية والميل اليها مع القدرة عليها لكون تلك العنايات والالطاف والرياضات والتربيات والتوفيقات والتسديدات جارية لذلك العبد بقابليته وحقيقة ما هو اهله كما اشار اليه قوله سبحانه الله اعلم حيث يجعل رسالته وذكر امير المؤمنين صلوات الله عليه في الثناء على النبي صلى الله عليه وآله في خطبة يوم الغدير والجمعة كما رواه الشيخ في المصباح قال عليه السلام واشهد ان محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على ساير الامم على علم منه انفرد عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس وانتجبه آمرا وناهيا عنه اقامه في سائر عوالمه في الاداء مقامه اذ لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار ولا تمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختص ( اختصه خل ) من تكرمته بما لا يلحقه فيه احد من بريته فهو اهل ذلك بخاصته وخلته اذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين الخ فابان عليه السلام ان استخلاص الله سبحانه له واختصاصه به انما هو لانفراده عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس وذكر علة ذلك فقال (ع) لانه عز وجل لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين وهو المراد مما اشرنا اليه من تحقيق تلك الملكة وبيان منشأها فتفهم ما ذكرناه وما ذكره عليه السلام في هذه الخطبة وقولي ملكة ربانية ( ربانية لبيان خل ) نشو هذه الملكة على مقتضى تلك التربيات والرياضات والالطاف الربانية وهذه الملكة هي العصمة وهي مجمع الكمالات لانطواء جميع الكمالات فيها باعتبار عموم ( امور خل ) دائرتها واحاطتها بجميع الصفات والافعال من الجهة العليا وهي جهة التعلق من الفيض الالهي لقوة استعدادها لذلك ومن الجهة السفلي وهي جهة الاداء والتبليغ وتربية ( تربيته خل ) الرعية وعمارة مدينة الكون لانها هي العدالة المطلقة الامكانية التي هي العصمة الاشارة في قوله عليه السلام بالعدل قامت السموات والارض يعني بالعدول اصحاب تلك العدالة المطلقة التي هي العصمة لانهم يسيرون في اعمالهم واقوالهم واحوالهم ( احوالهم واقوالهم خل ) وافعالهم على مقتضاها ( مقتضى خل ) من حفظ النظام وعمارة المدينة بحفظ ( بحسب خل ) النسب القيومية الالهية بين الاشياء كلها التي بها يرتفع الفساد من ساير البلاد فهي عند المحققين تقتضي امورا : الاول صدق الاقوال في كل المواطن الثاني حسن الافعال في جميع الاعمال الثالث صحة الاحوال واستقامتها على مقتضى العدل الرابع ملازمة المراقبة والتلقي من الجهة العليا الخامس مداومة شهود العليا ( العليا قبل خل ) السفلى ومنها من غير انتقال البصيرة والتفات السريرة السادس حفظ الحقوق عن التعطيل ( التعطيل والتعطل خل ) السابع حفظ نظام المعاش والمعاد عما يوجب اختلالهما بحسب الامور العقلية الشرعية في التمام او ( وخل ) الكمال وتلازمهما اوصاف حميدة شريفة يتصف بها من اتصف بهذه الملكة كالعقل الكامل والعلم والحلم والخير والايمان والتصديق والرجا والعدل والرضا والشكر والتوكل والرأفة والرحمة والفهم والعفة والزهد والرفق والرهبة والتواضع والتؤدة والصمت والاستسلام ( الاستلزام خل ) والتسليم والصبر والصفح والعفا ( العفاف خل ) عن الخلق والفقر الى الخالق والتذكر والذكر والحفظ والتعطف والقنوع والمواساة والمودة والحب والصدق والحق والامانة والاخلاص والشهامة والشجاعة وقوى ( قوة خل ) الرأي وحسن الخلق والفهم والمعرفة والمداراة وسلامة الغيب والكتمان والصلوة والزكوة والصوم والحج والجهاد وصون الحديث عن النميمة وبر الوالدين والحقيقة والمعروف والستر والتقية والانصاف والتهية النهية والنضافة ( النصافة خل ) والحيا والقصد والراحة والسهولة والبركة والعافية والقوام بفتح القاف والحكمة والوقار والسكينة والسعادة والتوبة والاستغفار والمحافظة والدعاء والنشاط والفرح والالفة والكرم والسخاء وسلامة الخلقة من العيوب المنفرة للطبايع كالجذام والبرص وتشويه الصورة وامثال هذه من الصفات الحميدة الشريفة وتلازمها الطهارة والنزاهة عن اضداد تلك الاوصاف الحميدة لان كل صفة من تلك الاوصاف الحميدة تكون فيها اما ان تكون في مراتبها واكملها فلا يجامعها شيء من ضدها انتهى كلامه بالفاظه الشريفة وهو لعمري تمام الكلام في هذا المقام فاقتصر عليه وهو واف بما تريد ( نريد خل ) ان شاء الله تعالى
قال سلمه الله تعالى : وما معنى كلام القوم ان الامامة ليست ( ليس خل ) من اصول الدين ومنكرها ليس بكافر على اليقين مع ان الامامة تفصيل النبوة التي اجمعوا على كفر منكرها
اقول مرادهم بقولهم ان الامامة ليست من اصول الدين هي امامة الائمة الاثني عشر وان تكون الامامة باقية دائمة الى يوم القيمة ( القيمة وخل ) لا تنقطع ولا تزول ولا تضمحل وان الامامة حكمها حكم النبوة حكمها في جميع المقتضيات والاضافات في ( وخل ) الاحكام فان هذه الامورات ( الامور خل ) ليست مما يوجب انكارها الخروج من الدين والكفر بما اتى به سيد المرسلين واصول الدين هي ( هو خل ) التي يبني عليها ( عليه خل ) الدين فاذا اختل اصل منه يكون كافرا على اليقين كالنبوة نفسها والتوحيد والمعاد فان هذه الامور ثابتة من ضرورة المسلمين ومناط الكفر انكار ما قامت عليه ضرورة الاسلام بحيث كل من اقر بمحمد صلى الله عليه وآله يقر به من كبير وصغير من عالم وجاهل ومجتهد ومقلد ورجال ونساء وهكذا كل من دخل في دين الاسلام فاذا انكر ما هذا شأنه يخرج عن دين الاسلام واما اذا اختلف المسلمون وكل فرقة منهم ذهبت الى طريق ويرى ان ذلك دين محمد صلى الله عليه وآله غير مظهر للعناد ولا مكابر للحق بعد ما تبين له واذا انكر ما عليه فرقة اخرى لا يخرج عن دين الاسلام واصول الدين بعد التوحيد والنبوة ما قامت عليه ضرورة المسلمين ان ذلك من دين محمد صلى الله عليه وآله فاذا لم يبلغ الامر حد الضرورة لم يخرج عن الدين بل يخرج عن تلك الفرقة التي عندهم ذلك الاعتقاد فامامة ( فامامة الائمة خل ) الاثني عشر ليست مما قامت عليه ضرورة الاسلام ومن هذه الجهة لم يحكم بكفر مخالفي هذه الفرقة المحقة التي من ( المحقة من خل ) ساير فرق الشيعة وغيرهم فالامامة ان كان المراد بها امامة الائمة الاثني عشر وثبوت الامامة في عقيب الحسين عليه السلام الى يوم المحشر مما لم تقم عليه ( عليه الضرورة خل ) ضرورة الاسلام ولم تكن من اصول الدين اي ( اي من اصول الاسلام كما قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام وانما هي من اصول الدين اي خل ) المذهب الحق ودين الفرقة المحقة ولا ريب ان هذا الدين اصله الامامة واسه واسطقسه بل هي من اعظم اصوله واقوى بنيانه ( بنيانه وامكانه نسخة ) لان ( لا ان خل ) الامامة ليست من اصول الدين يعني تكون من فروعه كما زعم اهل السنة فان ذلك باطل وزور كاسد فالامامة هي قوام الدين واصل الجنة والنار وبها يمتاز الابرار من الاشرار وبها يعرف اهل الجنة من اهل النار لا انها من الفروع الذي يعذب ( الفروع التي يعذر خل ) تاركها ولا يخلد في النار المعرض عنها كما هو شأن الفروع ( الفروع وخل ) كما هو المعلوم وان كان مرادهم بالامامة خلافة الرسول ( خلافة لرسول الله صلى الله عليه وآله خل ) في الجملة فانها لا شك انها من اصول الدين اذ قد قام الاجماع من جميع المسلمين المقرين بنبوة ( نبوة خل ) محمد خاتم النبيين ان امير المؤمنين عليه السلام هو الامام والخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يشك في ذلك احد ابدا فامامة امير المؤمنين عليه السلام من اصول الدين والمنكر لها كافر ملحد نجس على اليقين مخلد في اسفل السافلين ومن هذه الجهة حكم بكفر الخوارج ونجاستهم عند السنة والشيعة فلو لم تكن من اصول الدين اي الاسلام لما حكمنا بكفرهم ولماسميناهم الخوارج فالامامة بهذا المعنى من اصول الدين بلا شك ولا ريب وتخمين لا تفاق المسلمين على امامة امير المؤمنين عليه السلام وان اختلفوا في انه امام بلا فصل وخليفة بلا فاصلة او انه رابع الخلفاء والامام الرابع واما امامته في نفسه فلا اشكال فيها ولا نزاع لاحد من المسلمين الا الخوارج فانهم المارقون مرقوا من الدين نعم احترام الائمة عليهم السلام وتعظيمهم وتوقيرهم وعدم اهانتهم وايذائهم من اصول الدين ثابت عند جميع المسلمين واجماعهم على انهم عليهم السلام من القربى الذين اوجب الله مودتهم في قوله تعالى قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى ومن اهانهم عليهم السلام او ادخل الاذي ( الاذي عليهم خل ) او سبهم فلا شك ولا ريب انه كافر نجس يجب قتله فلا يغسل ولا يكفن ولا يدفن وهذا الذي ذكرنا هو مراد القوم واما الذي عندي فانها من اصول الدين ومنكرها كافر على اليقين وتكذيب ( مكذب خل ) لما جاء به سيد المرسلين ومخلد في النار اسفل السافلين الا ان شريعة التقية اوجبت الحكم بطهارتهم والعسر والحرج المنفيين في الدين اقتضاء ( اقتضيا خل ) اجراء حكم الاسلام عليهم لانهم صاحب السلطنة وصاحب الشوكة وهم صاحب الدولة فما يصنع المستضعفون الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا الانتصار لو اجروا عليهم حكم الكفار فطهارتهم كطهارة ماء الاستنجاء بعد القول بان الماء ( ماء خل ) القليل ينفعل بالملاقاة فالشارع ( فان الشارع خل ) المقدس انما حكم بها للزوم العسر والحرج عن ( عند خل ) القول بنجاسته لابتلاء عامة الخلق في عامة الاحوال وكذلك هؤلاء المنكرون لولاية الائمة الطاهرين وامامتهم هم الكفرة الفجرة ولكن من جهة لابدية الاختلاط ( الاختلاف خل ) معهم ومعاشرتهم ومباشرتهم وصعوبة التجنب عنهم بل في التجنب اهلاك النفوس وهتك الاعراض واتلاف الاموال وفساد الحرث والنسل حكمنا بظاهر اسلامهم وطهارتهم بل الزمنا على انفسنا معاشرتهم ومباشرتهم وامتثلنا امر مولانا وسيدنا ( سيدنا الصادق خل ) جعفر بن محمد عليهما السلام في ما ادب به رعيته وشيعته لقوله ( بقوله خل ) عليه السلام عودوا مرضاتهم وشيعوا جنايزهم واحضروا جنايزهم واحضروا جماعتهم ( عودوا مرضاهم وشيعوا جنايزهم واحضروا جماعتهم خل ) وصلوا معهم فان تمكنوا ( لم تتمكنوا خل ) ان تكونوا ائمة لهم كونوا مؤذنين في جماعتهم واجهدوا ان تكونوا في الصف الاول فان المصلي معهم في الصف الاول كالمتشحط ( كالمتشحط بدمه خل ) بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وفي رواية اخرى كالمصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا كان هذا وامثاله من نوع ( نوعه خل ) ادب مولانا الصادق عليه السلام ووصيته لاصحابه فكيف يمكن مع ذلك الحكم بنجاستهم الظاهرية فمن هذه الجهة قلنا بطهارتهم وحكمنا بكفرهم واما قولكم مع ان الامامة تفصيل النبوة الخ فلا يلزم من كون انكار المجمل كفرا كون انكار المفصل ايضا كفرا لان التفاصيل استنباطها من ذلك المجمل امر صعب قل ما يهتدي اليه سائر الناس فالشبهة الدايرة ( الدارية خل ) فيها موجودة بخلاف المجمل الا ترى المسلمين متفقين على شهادة لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ومختلفين غاية الاختلاف في تفاصيل هاتين الشهادتين فلو كان انكار التفصيل كفرا في ما كان انكار المجمل كفرا لم يثبت مسلم وهو قوله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فافهم فانه لا يسعني الآن تفصيل هذا الاجمال وشرح هذا الداء العضال وعلى الله التوكل في كل الاحوال
قال سلمه الله تعالى : وما معنى النية وحضور القلب والتوجه والقربة في العبادات التي امرنا سادات البريات
اقول اعلم ان الذي يتصوره الانسان لا يخلو اما ان تكون صورة حقيقة من حقايق الوجود جوهرا كان ام عرضا ذاتا كانت ام صفة مجردة كانت ام مادية علوية كانت ام سفلية عليينية ام سجينية وغير ذلك من اطوار حقايق الاعيان والاكوان او صورة فعل من الافعال وهو لا يخلو اما ان يكون فعل نفسه او فعل غيره والكل لا يخلو اما ان يكون يجري عليها حكما من ( في خل ) الاحكام ام لا والجميع لا يخلو اما ان تكون تلك الصورة لها معارضا ( معارض خل ) من صورة اخرى ام لا والاولى حصول تلك المعارضة اما ان يكون ( تكون خل ) موجبا للريب او الشك او الظن او الانكار ( او الشك او الوهم او الظن او السفسطة او الانكار خل ) ام لا وهذه اثنان واربعون صورة بضرب الثلاثة في الاثنين تصور العين وتصور فعل نفسه وتصور فعل غيره والاثنان ثبوت الحكم وعدمه والحاصل ستة ثم ضرب الستة المذكورة في الاثنين وهو حصول المعارض وعدمه فالحاصل اثني عشر ثم ضرب الستة التي لها معارض في الستة اقسام المعارضة والحاصل ستة وثلثون ثم اجمعها ( جمعها خل ) مع الستة الاخرى وهي التي لا تعارض لها والحاصل اثنان واربعون وفي صورة ما اذا كانت تلك الصورة التي في النفس صورة فعل نفسه لا يخلو ( لا تخلو خل ) اما ان يريد يوجدها ( بوجدها خل ) في الخارج ام لا وفي الصورة الاولى فاول ما تظهر الصورة في النفس اول ذكر الشيء تسمى تلك الصورة مشية وتسمى ( يسمى خل ) الذكر الاول كما قال مولينا الرضا عليه السلام في حديث يونس اتدري ما المشية قال لا قال عليه السلام هي الذكر الاول فاذا حصل هذا الذكر في النفس وخلى عن المعارض تأكد العزم لاحداثها واظهارها في الكون الخارجي وتقوي ذلك العزم الى ان صار موجبا لحركات الاضلاع والجوارح لفعل ذلك الشيء وايجاده ويوجده على مقتضى ما تصور في النفس فتلك الصورة المؤكدة بالعزم الموجبة لهيجان العضلات والجوارح هي النية فالنية هي العزم والارادة المساوقة لوجود الاثر في الخارج لا محض التصور وهذه هي النية المعتبرة في العبادات وفي الافعال وهي التي تخرج الشخص الفاعل عن كونه ساهيا او ناسيا او ذاهلا وهي مساوقة للفعل لا تتخلف فلو تخالفت عنه لم تكن اياها بل كانت صورة من الصور النفسية الخيالية ( الخالية خل ) فالنية عبارة عن القصد الداعي المحصل من تلك الصورة المؤكدة ( المتأكدة خل ) بالعزم المهيجة للجوارح ( للحوادث خل ) باحداث ذلك الشيء في الخارج وهي شيء واحد فان كان ذلك المحدث ذا اجزاء يسري ذلك العزم الواحد في تلك الاجزاء سريان الروح الواحد المحتبس في القلب في جميع الشريانات الظاهرة في جميع الاجزاء والاعضاء والجوارح فهذه هي النية الثابتة في الافعال كلها وهي امر طبيعي وعلة فاعلية للشيء مقترنة به مساوقة معه لا يخرج شيء من الفعل عنها كيف وخروج العلة عن المعلول محال ولا تخرج هي عن شيء من الفعل لان العلة لولا احاطتها بالمعلول ماتوجد بل تعدم فلا يشذ فعل منها ولا هي من شيء من الفعل وهذا هو معنى الاستدامة التي يذكرها الفقهاء فالنية تقدمها على الشيء تقدم ذاتي ووجودها في عالم الظهور مساوق مع المفعول كحركة اليد والمفتاح وقول الفقهاء ان النية يجب ان تكون مقارنة للفعل معناه هذا الذي ذكرناه لان النية شيء يتصوره الانسان ويقدره ويجدده ثم يشرع في العمل فان ذلك من اسخف الاقوال فالنية في الصلوة هي مساوقة مع الف الله اكبر الى ميم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومن هذه الجهة قلنا ان قصد قطع الفعل مع عدم قطعه لا يخل بالعمل لان قصد مفارقة العمل ( الفعل خل ) ليس بنية بل النية هي الارادة وهي العزم ولا تكون الارادة الا والمراد معها ( معه خل ) ومرادنا بعدم قطع الفعل ان يأتي بالعمل بعد قصد القطع مستصحبا لما نواه اولا وان تصور القطع فهذا التصور ليس بشيء كما اذا تصور قطع الصلوة بعد تمام القرائة واتى بالركوع على انه من الصلوة مستمرا حالة الصلوة فان هذا القصد غير ضائر والمراد بالقطع ان يأتي بعمل مغاير لما نوى به ( بعمل ضائر لما نواه خل ) وان كان جزء ذلك العمل الذي شرع فيه فعلى ما ذكرنا تبين لك ان النية ليس محض التصور وان التصور على جهة التشخيص والتميز ( التشخص والتمييز خل ) المسمى عندهم بالاخطار بالبال ليس داخلا في حقيقة النية وانما هي مقدمة بمعنى العلم فاذا ( فان خل ) فعل شخص فعلا عالما به عازما عليه ففعله مع النية ولا يجب ان يكون حال العزم متصورا لذلك الشيء بحدوده ومشخصاته واطواره واحواله مثلا اذا علمت انك محدث يجب عليك الوضوء ثم احضرت الماء واستعملته عازما على الوضوء وقاصدا له وان لم يكن حال الفعل متصورا للوضوء على الهيئة الخاصة لكنك تفعل هذا الفعل بعزيمة وداع ( داعي خل ) فهذا هي ( هو خل ) النية ثم اذا تممت الوضوء وانت تعلم انه يجب عليك الصلوة فاتيت ووقفت الصلوة ( للصلوة خل ) وكبرت تكبيرة الاحرام من غير استحضار للصلوة ولا لحدودها ولكنك عازم عليها غير ذاهل عنها متوجه الى المعنى الواحد البسيط الساري في افعال الصلوة كلها كالشجرة البسيطة الظاهرة بالاغصان والاصول والشخص الانساني الظاهر بالاعضاء والجوارح فاذا فعلت هكذا فقد اتيت بالنية وصح عملك ولا تحتاج ( لا يحتاج خل ) الى تصور زائد على هذا العزم وما ذكره الفقهاء في نية الصلوة من ذكر الاداء والقضاء والقصر والاتمام والوجوب والندب والتقرب كل ذلك مرجعه الى العلم بها لا ان حين دخوله في العمل يكون متصورا لها نعم العلم مقدمة للعمل والعمل قوامه بالنية فاذا علم ان عليه صلوة واجبة وهي الظهر مثلا وهي الاداء وهي التمام وهي الواجبة ثم كبر تكبيرة الاحرام من غير استحضار لهذه الخصوصيات والحدود صحت نيته وتم عمله وخرج عن عهدة الامتثال فالنية شيء موجد وموجب للعمل فلا يكون عمل من المختار الغير الناسي والذاهل ( الذاهل الا خل ) بها ولذا قال بعض الفقهاء ( العلماء خل ) لو كلفنا الله ان نعمل بلا نية كان تكليفا بما لا يطاق وهو كما ذكر لان الفعل بلا فاعل والمعلول بلا علة والاثر بلا مؤثر لا يكون ابدا ولا يجري على ذلك تكليف لان النية هي العلة الفاعلية للشيء ولذا قال عليه السلام لا عمل الا بنية وانما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى نعم يقع التكليف على شرايط هذا العزم والارادة يعني ما يحصل بالارادة ليس مقبولا عند الله الا ان تكون الارادة التي هي علة العمل على وجه مخصوص وهي التقرب الى الله وهذا الذي يقع عليه التكليف فاذا كان العمل الذي توجده النية يفارق القربة بل يقصد شهوة نفسه او غيره فان الفعل يقع والعمل يوجد لكن لا على الوجه الصحيح المطلوب لله سبحانه وتعالى فاذا اتى بها على وجه المتقرب ( التقرب خل ) فقد اتى بالعمل على الوجه المطلوب وقد برئت ذمته عن عهدة التكليف وهذا شيء معلوم ولما كان ( كان العمل خل ) يستحيل تخلفه عن النية ولا يمكن ( لا يمكن ان خل ) يوجد من دونها قل في كلام ائمتنا سلام الله عليهم التعرض لبيانها والكشف عن حقيقتها لان ذلك بيان للواضحات وشرح للبديهيات ( للبديهات خل ) ومن هذه الجهة وردت احاديث في النية مجملة غير مفصلة وذلك لبيان بعض لواحقها واعراضها والا فهي في نفسها غنية عن البيان لان التكليف بالفعل تكليف بالنية وكذلك العلماء المتقدمون والفضلاء السابقون من الفقهاء الاعلام والفضلاء الفخام لم يتعرضوا للنية في كتاب العبادات ولم يعنونوا لها عنوانا آخر بل احالوا وجودها الى ( على خل ) الفطرة وقصد التقرب فيها الى اصل المذهب وقل لهم التعرض فيها لانها فطرة ذاتية لا يمكن الفعل بدونها وذلك شيء معلوم وظاهر مفهوم واما معنى حضور القلب فاعلم ان القلب اما حقيقته فان شاء الله سيأتي بيانه واما حضوره فاعلم انه ثابت عند كل عمل وفعل لان الاثر انما يكون بفاضل ظهور المؤثر وظهوره لا يكون الا بحضوره فلا يصح العمل مطلقا الا بظهور العامل حين العمل بلا كيف ولا اشارة وذلك معلوم واضح واما حضور القلب في العبادة الذي هو ( التي هي خل ) موضع السؤال فان كانت هي التوحيد ومشاهدة العظمة والجلال والكبرياء فهو عبارة عن استعداده وتهيئته ( تهيئه خل ) لمشاهدة الاسماء والصفات وانحاء التجليات وسلب الرسوم والاضافات بان يكون في مقام التوحيد ناظرا الى الواحد بلا كيف ولا اشارة وفي مقام الاسماء والصفات ناظرا الى الاسم الاعظم وفانيا نفسه عند ظهور النور الاقدم والذكر الاعلى المعظم وان كان في العبادة التي هي عبارة عن الاعمال الجوارحية كالصلوة والزكوة والخمس وساير الاعمال فحضور القلب فيها اقل مراتبه ان يجد نفسه في كل جزء من اجزاء فعله ممتثلا لامر الله طالبا لرضاء الله راغبا في قربه ونجويه طالبا لثوابه خائفا من عقابه ( عذابه خل ) عالما بان هذا العمل جاذب للنور من عالم السرور وفاتح له بابا من ابواب الجنة ومغلق عنه بابا من ابواب النيران ويقبل الى الله ويتوجه على الله ( عليه خل ) ويرى نفسه في خدمة مولاه ويشاهد هذا الامر في كل جزء من اجزاء عمله ويعتقد ان العمل سبب جعله الله سبحانه لتقوية الروح وتنميته وتعديله واصلاح قابليته كالمآكل والمشارب الجسمانية لتعديل بنية الجسم ولتنميته ولترقيته ( لترقيه خل ) ولاصلاح احواله حتى يزداد شعورا وادراكا وفهما وانتباها وقوة وجمالا وحسنا وجلالا وكذلك الاعمال الشرعية فانها مقويات للروح كالعقاقير للبدن وهذه الاعمال لا تصلح لان تكون سببا لاصلاح الباطن وتقوية الارواح الا بان تجعل نفسك حاضرة لدى الله سبحانه وناظرة اليه وعالمة بانه يراها ويسمع سرها ونجويها ويعلم غيبها وشهادتها وظاهرها وباطنها فهي بمرئى منه سبحانه وبمسمع فتقبل بعملك اليه سبحانه بكلك في جميع مراتب وجودك واطوار شهودك بانك حين العمل لا سيما في الصلوة ( الصلوة تخاطب الله سبحانه وهو يخاطبك وتناجيه وهو يناجيك وتقبل اليه وهو يقبل عليك فاذا كنت ساهيا خل ) ذاهلا مقبلا على شأنك واطوار كينونتك فانت والعياذ بالله كالمستهزء ولذا قال مولينا الصادق عليه السلام ما معناه الذي يدخل في الصلوة ويتوجه الى غير الله أو ما يخاف ان يقلبه الله حمارا وقد فعل وهذا وامثاله من نوع حضور القلب ( القلب للعوام خل ) واما الخواص فهم ينظرون عند كل عمل الى سر ذلك العمل المقتضي لهذا الوجه الخاص فيجرون على ذلك العمل مقتضاه مثلا في الصلوة ينظرون الى العبودية المحضة والخضوع والانكسار الذي هو شأن العبد مع الرب العزيز الجبار فعند التكبير يحرم على نفسه جميع ما لا يرجع اليه سبحانه وكلما لا يقربه الى قربه ونجويه ويحرم على نفسه النظر اليها ويكبر الله ويجله عن ان يكون له نظر مع نظره او وجود مع وجوده ولذا سميت هذه التكبير تكبيرة الاحرام وعند القيام يستشعر ان العبد يجب ان يكون قائما بخدمة المولى واقفا بين يديه على الوجه الذي وجهه اليه وعند القرائة يستشعر ان يكون العبد الجاهل لا يعرف شيئا الا بتعليم مولاه فيقول لا علم لنا الا ما علمتنا ولا يصفه سبحانه الا بما وصف به نفسه ولا يستمد الا على طريق يعلمه جهة الاستمداد منه ولا يوالي الا الذين امره بموالاتهم ولا يعادي الا الذين امره بمعاداتهم وبالجملة يمتثل امره سبحانه وتأديبه لقوله ( بقوله خل ) واذكروه كما هديكم ويستحضر هذا المعنى وعند الركوع يستشعر ان يكون العبد وان قام بالخدمة واتى بمقتضى العبودية وسلك سبيل ربه ولكن يجد نفسه ذليلة ضعيفة خاضعة خاشعة محتاجة فقيرة فحيث ان مقامه مقام العمل وليس مقام الفناء المحض خضوعه وركوعه على هذه الهيئة لا موت محض ولا قيام محض بل امر بين الامرين وعند رفع الرأس من الركوع يستشعر ان الله تعالى يرفع من يضع له ويغني من افتقر اليه ويسد فقر من التجأ اليه ويرفعه على كل احد خضع له كمال الخضوع كما قال تعالى ( عليه السلام خل ) من خاف الله اخاف الله منه كل شيء وعند السجود يستشعر بانه وان ارتفع بما ارتفع وان بلغ بما بلغ وان وصل بما وصل لكنه الطين ومن الطين والى الطين حقير اصله ذليل شخصه تراب مسكنه ذل موطنه فيهوى ( فاهوى خل ) الى التراب ويلصق ( لصق خل ) نفسه بالتراب ويضع اعضائه السبعة في التراب تذكيرا للعوالم السبعة وتعظيما لشأن الله واعطاء ( اعلاء خل ) لامر الله بان هذا الذليل الحقير الذي مسكنه التراب ومأويه التراب واصله من التراب ورجوعه الى التراب قد رفعه الله سبحانه واخرجه عن ( من خل ) مركزه ويتمم في سجوده بعمله معنى قوله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى وفي السجدة الاولى بيان ( تبيان خل ) لقوله تعالى منها خلقناكم وفي السجدة الثانية بيان لقوله تعالى وفيها نعيدكم ورفع الرأس من الثانية بيان لقوله تعالى ومنها نخرجكم تارة اخرى وفي الركعة الثانية يستشعر ان لكل شيء لا سيما الانسان له عالمان عالم الغيب والشهادة وعالم السر وعالم العلانية وكل منهما متطابق في كل ما لهما فيأتي بالركعة الثانية استشعارا بان ذلك حكم عالم الغيب فيجري فيه تلك الآداب وتقنت ( يقنت خل ) في الركعة الثانية بعد القرائة لبيان انه يتوجه ( بتوجهه خل ) الى الله سبحانه بغيبه وشهادته على الوجه المطلوب ( المطلق خل ) منه صلحت قابليته وصفت كينونته وتهيأ للقبول فجاء وقت السؤال من الكريم فيقنت ويدعو بعد القيام بالخدمة التي بها تتم القابلية وتتأهل ( تستأهل خل ) للعطية وظهر وقت قوله اللهم اني ادعوك كما امرتني فاستجب لي كما وعدتني ( وعدتني فيدعو خل ) ويستجيب له ان شاء الله تعالى ثم يركع ويسجد ملاحظا للامور المتقدمة ( المقدمة خل ) في عالم الشهادة فاذا تممت الكينونة اتى ( تمت الكينونة الى خل ) وقت الصحة واقتضى وجود عالم آخر فعند التشهد يستشعر بانه في القيام بين يدي منبر الوسيلة وان ولي الله ناشر للواء الله ونبي الله جالس لاظهار سلطنة الله فيجثو خاضعا خاشعا ( خاشعا خاضعا خل ) لله ويستشهد الشهادتين ملاحظا لقوله تعالى وترى كل امة جاثية كل امة تدعي الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون وعند التسليم يستشعر الاستسلام والانقياد والوقوف على باب المراد وهذا الذي ذكرنا وامثاله مما فصلناه وشرحناه في اسرار العبادات فالاستشعار به معنى حضور القلب للخواص واما اخص الخواص فحضور القلب فيهم في هذا ( هذه خل ) الاجمال فناء انياتهم واندكاك جبل ماهياتهم فلا يرون الا واحدا في المجال ( المجالي خل ) والآثار بلا كيف ولا اشارة وشرح هذه الكلمة يطول ولسنا بصدد بيانه وبالجملة حضور القلب معناه استحضاره واستشعاره لعظمة جلال الله وكبرياء هيبته وانه يقبل اليه وانما ( اما خل ) غيبة القلب وعدم حضوره وقساوته المسببة للاعراض ( الى الاعراض خل ) عن المبدء والاشتغال بالسوي والاعراض عن المولى فاستحضار القلب واستشعاره حضور وقساوته واعراضه عن المبدء غيبة لان هنا مسافة يغيب القلب فيها ثم يحضر بل القلب في حضوره وغيبته عند الله حاضر وهو قوله عليه السلام موجود في غيبتك وحضرتك في تفسير قوله تعالى الا انه بكل شيء شهيد واما التوجه فهو الالتفات الى وجه المبدء لا الى ذاته فان الذات كما عرفت سابقا ولضرورة ( بضرورة خل ) المذهب لا تنال ولا تدرك فالتوجه انما يكون الى الوجه وذلك في مقام العلم واما في مقام العمل وحال الالتفات فلا يجد الا الذات ولا يدعو الا لها ولا يريد الا اياها ولكن مع التوجه والالتفات هو الوجه الظاهر في حقيقته كما قال امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها ( عنها خل ) فتوجهه انما يقع على ذلك الوجه وهذا التوجه في كل مقام على حسبه ففي عالم الاجسام توجهه الى الله بالاعمال الجسمانيات ( الجسمانية خل ) الجوارحية التكليفية من الاعمال الصالحات فاذا خلا عنها فليس جسمه متوجها ولا بدنه ذاكرا فتوجه اللسان ذكر الله والتلاوة لكتاب الله واعلان دين الله وتوحيده وبيان معرفة ( معرفته خل ) اوليائه وخلفائه وتوجه العين النظر الى آثار الصنع طالبا لمشاهدة الآيات التي جعلها الله سبحانه في الآفاق وفي الانفس والنظر الى وجه العالم والنظر الى خط القرآن والنظر الى كتب الاخبار والآثار في فضائل الائمة الاطهار عليهم سلام الله في المبدء والمآل وتوجه الاذن استماع صوت يرضاه الله سبحانه وتوجه اليد استعمال جميع ما يرضي الله سبحانه ومباشرته وفعله واتقانه واحكامه وتوجه الرجلين السعي والاقدام على جميع ما فيه رضي ( رضاء خل ) الله سبحانه وهكذا سائر الجوارح فاذا خلت هذه الجوارح عن ما ذكرنا من هذه الاعمال فليس بمتوجه ولا مقبل واما توجه الروح فالنظر في جزئيات العوالم والتدبير ( التدبر خل ) في ذوات الحقايق والكائنات واما توجه العقل فالعقايد الصحيحة والنظر الى الاسماء والصفات بسلب الاضافات والجهات التي لا ترجع الى الله سبحانه وتوجه الفؤاد بمشاهدة التوحيد كما قال امير المؤمنين عليه السلام كشف سبحات الجلال من غير اشارة ومحو الموهوم وصحو المعلوم وهتك الستر لغلبة السر فيظهر ذلك النور على جبل الطور ويذهب بالغيور ( بالغبور خل ) ويورث السرور بلا كيف ولا اشارة وحقيقة التوجه ومعناه هو الذي ذكرناه لك وقد جمع الشاعر المعنى الذي رميناه ( رمناه خل ) بقوله في الفارسية :
ز بس بستم خيال تو تو گشتم پاي تا سر منتو آمد رفته رفته رفت من آهسته آهسته
وقال السهروردي في قصيدته اللامية المشهورة الى ان قال :
جاءها من عرفت يبغي اقتباسا و له البسط والمني والسئول
فتعالت عن المنال وعزت عن دنو اليه وهو رسول
منتهى الحظ ما تزود منها للحظ والمدركون ذاك قليل
وقال ايضا فيها ( فيه ايضا خل ) :
قذفتهم الى الرسوم وكل دمعها في طلولها مطلول
فابن على ما ذكرنا امرك وتفهم ما شرحنا لك بصافي حقيقتك وبنور ( نور خل ) طويتك تجد صحوا بلا غبار وشربا بلا اكدار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار وهذا التوجه ليس الى مكان ولا في زمان ولا الى جهة ولا له كم ولا كيف ولا اليه اشارة ولا عنه عبارة فاذا توجهت تقع على الرسوم ويظهر لك الحي القيوم بالاسم ويدلك على الرسم على حد ما قال الشاعر :
قد طاشت النقطة في الدائرة ولم تزل في ذاتها حائرة
محجوبة الادراك عنها بها منها لها جارحة ناظرة
سمت على الاسماء حتى لقد فوضت الدنيا على ( مع خل ) الآخرة
خذ هذا المقال واغرف من هذا الماء الزلال ولا تصغ الى قول اهل الضلال بان التوجه الى الذات بسلب ( تسلب خل ) الانيات ونفي الاضافات وتيقن على ان ذلك امر محال سبحانه سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ما للتراب ورب الارباب فان كان لك بصر حديد والقيت السمع وانت شهيد رأيت دقيقة انيقة في قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فهو صلى الله عليه وآله حينئذ متوجه الى الله وسائل عنه ان يكشف ( ينكشف خل ) هذه الغمة وهو التوجه الى بيت المقدس دون الكعبة فجعل الله سبحانه توجهه صلى الله عليه وآله الذي كني عنه بتقلب الوجه في السماء لبيان ان السماء هي التي يقع فيها التوجه رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك انتهى المخلوق الى مثله والجاه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود دليله آياته ووجوده اثباته فافهم فهمك الله لقد ملانا كتبنا وصحفنا ومصنفاتنا واجوبتنا للمسائل من هذا النوع من البيان لزيغ الافهام وزلة الاقدام وانحراف الاقلام واضطراب الاعلام وتشويش الاحلام وانحسار الاوهام وعدم اهتدائهم الى حقيقة المرام اما سمعت ما قال الشاعر متحيرا وانشد وقال بالفارسية :
ممكن ز تنگناي عدم ناكشيده رختواجب ز جلوهگاه قدم نانهاده گام
در حيرتم كه اينهمه نقش غريب چيستبر لوح صورت آمده مشهود خاص وعام
فارادوا ازالة التحير فمنهم من قال بوحدة الوجود ومنهم من اختار مذهب ذوق المتألهين ومنهم من ذهب الى انتزاع المفاهيم ومنهم من ذهب الى الاشتراك اللفظي ( المعنوي خل ) ومنهم من ذهب الى الاشتراك المعنوي ( اللفظي خل ) ومنهم من ذهب الى الحقيقة والمجاز ومنهم من ذهب الى الانارة والاشراق وامثال ذلك من العقايد المختلفة لقد قال سبحانه ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم ولم يعلموا ان الاختلاف لا يرفعه والتحير لا يزاله ( لا يزيله خل ) الا الحكم الذي جعله الله سبحانه للعباد وقال في محكم كتابه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فبالرجوع الى هذا الحاكم ( الحكم خل ) يحصل الايمان وبحصول الايمان يرفع الاختلاف وهو قوله تعالى فهدى الله الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم والذي يشاء ( يشاء الله خل ) هدايته هو المؤمن لتعليق رفع الاختلاف على الايمان فافهم
واما القربة في العبادات فاعلم انها ليست قرب المكان ولا قرب الذات بازالة الحجب والاستار ورفع الحدود ونفي القيود بل المراد بها القرب اليه للتوجه اليه سبحانه بآثار صنعه بدون ملاحظة تلك الآثار كما تتوجه ( يتوجه خل ) الى الكاتب حين النظر الى الكتابة من دون ملاحظة هيئة الكتابة وقد تقدم تفسير هذه الكلمة وقد اشار الى هذه الطريق ( الطريقة خل ) مولانا الحسين سيدالشهداء عليه السلام في دعاء عرفة الهي امرتني بالرجوع الى الآثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير فالقرب هو النظر الى المؤثر بمشاهدة الاثر مع قطع النظر عن الاثر وعن مشاهدته كما قال امير المؤمنين عليه السلام كشف سبحات الجلال من غير اشارة فالقرب هو التوجه اليه بلا كيف ولا اشارة والبعد هو التوجه الى النفس والى شؤنها واطوارها واحوالها فالقرب والبعد بالنسبة اليك واما بالنسبة اليه تعالى فالقرب عين البعد والبعد عين القرب بلا اختلاف جهة ولا حيث وليس القرب في الامكان مع القديم اتصالا ذاتيا وقطع مسافة لوصل مكاني بل القرب توجهك الى الله سبحانه والبعد اعراضك عنه تعالى واشتغالك بما يلهيك عن النظر في ملكوت السموات والارض واما القربة المعتبرة في العبادة فهي ( في العبادات فهي ان خل ) تجرد عزمك الداعي للفعل عن غاية ترجع الى غير الله سبحانه وامتثال امره والاجتناب عن نهيه لا لامر ( لامر آخر خل ) خارج راجع الى نفسك وهويك حتى يكون العمل خالصا لله تعالى وحده ومن هذه الجهة ترى انه قد وقع التعبير عن خلوص العمل لله بالقربة لا بعبارة اخرى لبيان ان كل شيء ليس لله لا يمكن ان يوقع العمل له واما العمل ( واما اذا عمل خل ) لغاية دخول الجنة والنجاة من النار بحيث لولاهما لم يوجد العمل فذلك مناف للاخلاص ومناف للقربة ولم يكن مبرء للذمة لان العمل ليس لله في الحقيقة وانما هو لنفسه ومشتهياتها واما اذا عمل للجنة لانها دار رضاء الله سبحانه وللتعوذ من النار لانها دار غضبه فيصح العمل لانه ايضا لله واما اذا قصد الجنة لنفسها ولتنعمه فيها والاستعاذة ( لاستعاذة خل ) من النار لالمها لا لكونها غضب الجبار لا يصح لانها منافية للقربة التي اجمع المسلمون على اعتبارها وحيث ان القربة على ظاهر لفظها من القرب المكاني والاتصال الذاتي لا يصح اعتبارها فوجب الحمل على اقرب المعاني اليها لان الحقيقة اذا تعذرت فاقرب المجازات متعين ولا شك ان التنعم في الجنة وعدم التألم في النار لا تدل ( لا يدل خل ) عليهما القربة بشيء من الدلالات الثلاث والشيء اذا كان غاية القرب ( كان غايته القربة خل ) لا يصح ان يجعلها عاقل دخول الجنة والتجنب من النار الا بدليل خارجي وذلك الدليل لا بد ان يكون دليلا قاطعا قويا نصا في المطلوب وليس لهم في المقام من الدليل الا ما يتمسكون بما روي عن الصادق عليه السلام من تقسيمه عليه السلام للعبادة على الاقسام الثلاثة عبادة الاحرار وعبادة الاجراء وعبادة العبيد وما في الكافي وغيره من الروايات الكثيرة الدالة على ذلك ( على مضمون واحد خل ) وهو من بلغه ثواب فعمله التماس ذلك الثواب الحديث وقوله تعالى لمثل هذا فليعمل العاملون وما ورد من الاعمال للحوائج مثلا لقضاء الدين يصلي ركعتين ولدفع العدو يعمل كذا من الاعمال وهي كثيرة وهذه وامثالها قد تمسكوا بها وصرفوا التقرب الى الله عن معناه الى ما يدل ( لا يدل خل ) عليه بشيء من الدلالات الثلاث والتمسك بهذه الوجوه ضعيف والقول به سخيف لان العمل بحصول ( لحصول خل ) هذه الاعمال لا ينافي القربة لان هذه الاعمال التي امر الله سبحانه بها لها خواص وآثار لجذب النور والفيض من المبدء الحق وهذه الاعمال لا تكون جاذبة يتفرع عليك ( تتفرع عليه خل ) تلك الآثار الا اذا كانت صحيحة جارية على الوجه المأمور بها فاذا صحت وجرت على الوجه المأمور بها ترتبت عليها آثارها واحكامها وخواصها ومقتضياتها واذا لم تجر على الوجه المأمور بها فسدت وبطلت ولم يترتب عليها شيء من تلك الآثار كما لو صلى الكافر ركعتين لم يترتب عليها شيء وكذا اذا صلى ركعتين من غير طهارة فلا يترتب عليها ( عليه خل ) ولو اخذ بظواهر تلك الروايات لوجب ان كل من صلى ركعتين على اي وجه كان يصح ويترتب عليه ذلك الاثر مع انهم لا يجوزون ذلك ولا يقولون به فان العمل اذا لم يؤت به على شرائطه كان فاسدا باطلا وانما يترتب عليه مقتضاه اذا كان صحيحا وما ادري لماذا ماخصصوا تلك الادلة والروايات الدالة على تلك الشرائط وخصصوا ( خصص خل ) القربة التي هي من اكمل الشرايط بل هي الاصل المصحح للعمل والمقوم للفعل ولم يعملوا على عموم من بلغه ثواب فعمل التماس ذلك الثواب على كل عمل من كل شخص وخصصوا القربة بها وبالجملة العمل الصحيح هو الذي يترتب عليه الاثر كما ان الصلوة لا تكون الا باركان وافعال واجبة ومستحبة وشرائط خارجة وداخلة فاذا اطلق الصلوة تتبادر الى جامعة الشرائط والاركان ومنها نية القربة التي هي من اجل اركانها بل هي الاصل في تحققها فاذا اتى بالصلوة وساير العبادات والاعمال ( الافعال خل ) الشرعية التكليفية بنية القربة صحت ويترتب ( ترتبت خل ) عليها مقتضياتها وآثارها من دخول الجنة والنجاة من النار وقضاء تلك الحوائج وقوله تعالى لمثل هذا فليعمل العاملون يعني ان العاملين اذا عملوا صحيحا يترتب عليه هذه النعمة الدائمة ومن شرط صحة العمل التقرب الى الله سبحانه وتعالى لا شهوة نفسه وخلاصها من النار ودخولها في الجنة دار القرار ويشير الى ما ذكرناه من الوجه الوجيه والقول الصحيح قوله تعالى في سورة هل اتى انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فاثبتوا اولا ان عملهم هذا لله وحده حتى يصح ( تصح خل ) العمل ويذهب ما يخافون من يوم القيمة وشدائد احوالها فعملوا لوجه الله وكونهم يخافون الله لا لان العمل غايته ذهاب الخوف بل المقصود من العمل لله وحده وحيث انه سبحانه وتعالى رتب عليه ذهاب الخوف تفضلا وكرما راموا زواله بعملهم فالعمل اذا اطلق يراد به جامع الشرايط والاركان كأنه يعمله مسلم موال لاهل البيت عليهم السلام مثلا في الصلوة يكون مستقبل القبلة ومستور العورة متطهرا نظيف اللباس مستقرا ( مستقلا خل ) غير مضطرب ولا متزلزل ( تزلزل خل ) عازما على الفعل متقربا اليه سبحانه طالبا رضاه ممتثلا لامره ونهيه فالعمل على هذا الوجه صحيح يوجب دخول الجنة والتجنب عن النار وقضاء الحوائج في الدنيا والآخرة كما ان تلك الروايات والوجوه التي تمسكوا بها بصرف ( لخوف خل ) القربة عن معناها وادخال ما ليس منها فيها لا تسقط باقي الشرايط والآداب كذلك لا تسقط ايضا نية القربة بمعنى التوجه الى الله وحده ولا يؤل ( ما يؤل خل ) اليه لا ما يتمحض بغاية نفسه كما زعموا وذلك واضح ظاهر لمن انصف من نفسه واخرج عن رقبة ادراكه قلادة التقليد ومن الله التوفيق وعليه التسديد فوضح لك ان هذه الاقسام الثلاثة الذين ذكرهم مولينا الصادق عليه السلام هم الذين يختلفون من حيث قصدهم للعمل الصحيح لا انهم يسقطون اعظم شرائطه فمنهم من يعمل ويتوقع ترتب الاثر عليه ومنهم من يعمل الا يتوقع ( يعمل ولا يتوقع خل ) ولا ينظر الا ( الا الى خل ) الله ولذا ورد ان الجنة اشوق الى سلمان من سلمان الى الجنة ومن ثم ( الى الجنة ثم خل ) اني اقول لو صح العمل بمحض دخول الجنة والتجنب عن النار ويصح هذا العمل ويترتب عليه مقتضاه فلماذا لا يقبل عمل الكافر وايمانه عند معاينة العذاب ولماذا تنكر ايمان فرعون حيث قال لما ادركه الغرق آمنت بالذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين ولماذا عيره الله سبحانه ووبّخه وقال له ءالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ولماذا قال تعالى فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا ولماذا قال تعالى يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ولماذا لا يقبل عمل الكفار ولا يصح ان يعملوا لاجل نجاتهم من النار وانت تصحح العمل لاجل ذلك وبالجملة فالعمل لغير الله لا يجوز ولا يصح ان يكون له غاية الا رضاء الله تعالى وكل غاية دون الله ورضائه وامتثال امره ونهيه باطل لا يصح العمل معه فافهم ما القينا اليك ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك
قال سلمه الله تعالى : ما معنى القلب وما الفرق بين العقل والروح
اقول اعلم ان القلب له اطلاقان احدهما اللحم الصنوبري وفي تجاويفه العلقة الصفراء ومنها يخرج الروح البخاري الحامل للحيوة المنزلة ( المتنزلة خل ) من باطن جوزهر القمر فينبسط في الشريانات وهي عروق منبتها من القلب وهي تتحرك ومنها تعرف صحة المزاج من فساده وزيادة احد الاخلاط وتقلبه ( قلته خل ) وبواسطة الشريانات يصل الروح الذي هو ( هو هذا خل ) البخار الى جميع الاجزاء والاعضاء التي تقبل الحيوة الا ما لا يقبلها كالشعر والعظم والظفر وهذا هو القلب الصنوبري اما انه لحم ليس بعظم لان العظم لا يقبل ( لا تقبل خل ) الحيوة جامد لا يقبل الذوبان ومثل ذلك لا يصلح لان يكون واسطة للفيض لمن هو اعلى منه ولا يحصل منه الوصول واما انه ليس بعصب فلما ذكرنا في العظم واما انه ليس بغشاوة ولا رباط لضعف الاغشية والرباطات لعدم تحملها لحرارة الفيض واللحم متوسط في الحالات كلها ومعتدل فيجب ان يكون لحما واما انه صنوبري على شكل المخروط لانه يأخذ من المبدء ويوصل الى ما تحته من المراتب وحيث انه كلما قرب ( حيث ان ما قرب خل ) الى المبدء اقرب الى الوحدة والبساطة مما ( عما خل ) بعد عنه وجب ان يكون الوجه المتصل بالمبدء ( الى المبدء خل ) مستدقا شبيها للنقطة ولما ان الوجه ( وجه خل ) الاسفل متصل بالعالم الاسفل مقام الكثرات ليناسبها ويسعها التلقي منه وجب ان يكون ظاهرا على جهة الكثرة فكان متسعا ولذا ظهر على صورة الشكل الصنوبري ( الصنوبري واما التجاويف خل ) فهي مخازن للامدادات التي ترد على ساير الاعضاء والجوارح ( الجوارح والاعضاء خل ) وهو بالنوع ينقسم الى ثلاثة اقسام بل اربعة احدها مخزن خزن فيه ما يمد به الكبد وثانيها مخزن خزن فيه ما يمد به الدماغ وثالثها مخزن خزن فيه ما يمد به الاعالي من البدن ورابعها مخزن خزن فيه ما يمد به الاسافل وهذه الامدادات تنزل من المبدء الاعلى فتخزن في تلك الخزاين ولما كانت خزينة كل عالم بحسبه ( على حسبه خل ) فالخزاين الجسمانية المتعددة لا بد ان تكون متعددة جسمانية ( ان يكون متعددا جسمانيا خل ) ولما كانت تلك الخزاين مراتب الشيء الواحد وعليها قاهر جامع كانت تلك المخازن تجاويف القلب ( للقلب خل ) الجامع والحصن ( الحصين خل ) المانع لانها توابع ولا استقلال فيها ( لها خل ) واما العلقة الصفراء المودعة في تلك التجاويف فهي الحاملة ( العاملة خل ) للحرارة الغريزية التي بها نشو البدن وهي انما نزلت من فلك الشمس لما شابهت تلك التجاويف اياها وتلك الحرارة هي الحاملة العلة الفاعلية في اطوار البدن والاعضاء والجوارح وكل تجويف فيه من الحرارة ما تناسبه وتشابهه فالصورة واحدة ولكن المتعلق متعدد مختلف ومن تلك الحرارة تتكون الروح ( البروج خل ) البخاري وتصعد تلك الابخرة وتدخل الشريانات وتصل الى جميع البدن واما انها صفراء مع ان مقتضي الحرارة اذا كانت مع اليبوسة كما هي مقتضى الحرارة النازلة من فلك الشمس ان تكون حمراء على ما هو الثابت ( المحقق خل ) المتحقق عند المحققين من علماء الطبيعة ان كل حار يابس لونه الحمرة وكل حار رطب لونه الصفرة وقد اجبنا عن ( من خل ) حمرة الدم وصفرة المرة بما نجيب به من ( عن خل ) صفرة هذه العلقة لان الحمرة اذا مازجت الرطوبة يتولد ( تتولد خل ) منها الصفرة ولذا ترى الجمرة حمراء ( الحمراء خل ) اذا وضعت في الدهن تتولد فيها شعلة صفراء وهذا الحكم محسوس كالحمرة اي حمرة الدم فان الصفرة اذا امتزجت مع الرطوبة تتولد منها الحمرة كالشنجفر ( كالشنجرف خل ) فانه احمر قد حصل من امتزاج الكبريت الاصفر والزيبق وحمرة الدم لامتزاجه ( لاجل امتزاجه خل ) بالرطوبات البلغمية وصفرة المرة الصفراء لامتزاج حمرتها بالرطوبات الثانية الحافظة لمواد الحيوة فالدم كان اصفر ولما امتزج بالابيض الذي هي الرطوبات المنبثة في البدن كان احمر والمرة كانت حمراء فلما امتزجت بتلك الرطوبات اقتضت الصفرة فكانت صفراء وكذلك القول في هذه العلقة المستودعة في تجاويف القلب وهذا الذي ذكرنا لك مجمل احوال القلب الصنوبري ومختصره وهذا القلب ما دامت دولة الظالمين ( ما دامت هذه الدنيا وما دامت الدولة للظالمين خل ) مقره الجانب الايسر من البدن مع انه علة هذه البنية وحامل المدد اليها عن الله سبحانه وتعالى عرش مستوي الرحمن فينبغي ان يكون في الوسط حتى تتساوي نسبته الى الجميع المفاض عليه ولكن بنية ( البنية خل ) الدنياوية لما كانت غير ناضجة ولا معتدلة فالجانب الايمن يكون الغالب فيه الحرارة والجانب الايسر يكون الغالب فيه البرودة ولذا كان جانب ( الجانب خل ) الايمن اقوى من الجانب الايسر وجهات التدبير فيه اظهر ولما كان القلب هو حامل حرارة المبدء والحاكي عنه فالحرارة فيه قوية ولا سيما اذا كانت في تجاويفها الحرارة الغريزية فاذا كان استقراره الى الجانب الايمن تشتد الحرارة وتتقوى وتفسد البنية واذا كان ( كانت خل ) في الوسط تزاد الحرارة اكثر فتخرج البنية عن الاعتدال لانها في اصلها غير ناضجة فاقتضت الحكمة الالهية ان يكون القلب في الجانب الايسر لضعف الحرارة في هذا الجانب فيعينه ويعتدل ( يعدل خل ) المزاج ويورث الابتهاج ومحصل ( تحصل خل ) قوة لهذا البدن واستعداده ( استعداد خل ) لهذه البنية فسائر الاعضاء والجوارح انما تستمد من القلب يعطي كل ذي حق حقه ويسوق اليه ما يستحقه من رزقه فتساوت نسبة الاعضاء اليها والى هذه الدقيقة اشارة بما وقع في حركات الافلاك فانها متشابهة على غير اقطابها فان حركة مدير عطارد ليست متشابهة على مركزه وانما تشابه حركاته في النقطة المسماة بمعدل المسير واهل الفن جعلوا هذه المسئلة من المشكلات والله سبحانه خلق القلب وجعله في الجانب الايسر شرحا وبيانا لهذه المسئلة فان الافلاك ما دامت الملئكة تسرع بحركاتها لانقضاء دولة الباطل يجري حكم هذه الاختلافات واذا اعتدلت بنية العالم ونضجت وتقوت ارتفع القسر ورجع كل شيء على مقتضى كينونته على ما هو عليه فتدور دورة ذاتية ودورة تبعية فتبطئ الملئكة بحركاتها يعني ترجع الافلاك الى ( الى اصل خل ) اعتدالها ويتحرك الفلك الاعظم على مقتضى طبيعة ( طبيعته خل ) من ظهور القبضات العشر او ظهور دورة الثانية فيكون يوم واحد الذي هو مقدار قطع الفلك الاعظم تمام الدورة فيكون عشرة فاليوم الواحد في دولة الحق يكون مقدار عشرة ايام من دولة الباطل وساير الافلاك ترجع الى اصولها وتتحرك بحركاتها كيف ما يراد منها ولذا تطلع الشمس من مغربها لان ذلك من مقتضى ( ذلك مقتضى خل ) حركة الشمس لان حركتها من المغرب الى المشرق وتكون حركات ساير الافلاك من الكليات والجزئيات متشابهة حول مراكزها التي هي اقطابها فيبطل هذا الرسم ومحو ( يمحو خل ) هذا الاسم لان العالي بالسافل مرتبط وكذلك القلب الذي هو اللحم الصنوبري عند دوران الافلاك على اقطابها ومراتبها وارتفاع القسر يرجع الى الوسط كما قال امير المؤمنين عليه السلام في العقل انه وسط الكل والعقل في القلب ومقر القلب الصدر وهو قوله تعالى فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور فافهم فاني ( لاني خل ) قد اوقفتك على امر غامض قل ما اطلع عليه الباحثون ولم يطلع عليه الا الاقلون ( عليه الاولون خل ) الراسخون في العلم العارفون والموقنون والثاني العقل واكثر ما يطلق القلب على العقل في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ومثل ما ورد عن الصادق عليه السلام ان القلب يميز الاشياء والقلب هو المميز للقوي والمشاعر من الحواس الظاهرة والباطنة يميز صحيحها من فاسدها وحقها من باطلها وغثها من سمينها ومثل قوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين ومثل قول الصادق عليه السلام اذا اشرق نور اليقين في القلب شاهد الفضل وامثال ذلك من اطلاقات القلب وارادة العقل كثيرة يجده الماهر المتتبع والعقل انما سمي قلبا لانه مخزن المعاني والحقايق فالمعاني تقلب فيه فكان قلبا يعني قالبا للمعاني والحقايق والاسماء والصفات ومواد الاشياء ( الاشياء وخل ) لان العقل يقلب الشخص من الشقاوة الى السعادة بمتابعته ومن السعادة الى الشقاوة بمخالفته ويقلب المطلق مقيدا لان العقل اول الوجود المقيد ولذا سمي قلبا والثالث الشخص المعبر عنه بانا وهو الشخص المتميز عن ( من خل ) غيره الامر الوحداني البسيط الحاصل من اجتماع المراتب كالوحدة الحاصلة في الكل بعد اجتماع الاجزاء وقران بعضها ببعض وكذلك المراتب الوجودية في كل شخص لما تألفت واجتمعت وتقارنت وحصلت هيئة تأليفية وحدانية قد نزلت تلك الوحدة من حجاب الواحدية وقهرت تلك الاجزاء واستولت عليها واستقهرت تحت حيطته وقيوميته وتلك الجامعية القهارية صارت شيئا واحدا يشير الى نفسه بأنا ويشير غيره اليه بأنت وذلك هو القلب وهذا القلب له اربعة اركان : الركن الايمن الاعلى هو العقل بمراتبه الثلاث العقل المستوي وطرفيه العقل المرتفع والمنخفض والركن الاسفل الايمن الروح وهو البرزخ بين العقل والنفس مقام الرقيقة وورق ( الرقيقة ورق خل ) الآس تدرك الرقايق اي الكاينات التي اخذت في الحدود الشخصية ولم تتم بعد تلك الحدود والقيود حتى يتم الفرد والشخص وادراكه برزخي فمن هذه الجهة لم يتبين ادراكه ولم يظهر آثاره فظهور الآثار اما بالعقل واما ( بالعقل او خل ) بالنفس وهذا مقام الربط والوصل بين الشيئين المتباينين وهو القاضي الذي يشير اليهما بالتراضي وهو البقرة الصفراء فاقع لونها تسر الناظرين فافهم والركن الايسر الاعلى النفس المدركة للصور الغيبية المجردة عن المادة الجسمانية والمثالية والمدة الزمانية والبرزخية ظاهرة بالصور الشخصية الغيبية محل الصور والنقوش والاضافات والاوضاع والقرانات والركن الايسر الاسفل مقام الطبيعة مبدء الاجسام والعالم الشهودي والنقطة الحقيقية جسم الكل وبها تمت الاركان الاربعة فالركن الاولى ( الاول خل ) هو النور الابيض الذي منه البياض ومنه ضوء النهار والركن الثاني النور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة والركن الثالث النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة والركن الرابع النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة وتجاويف القلب الصنوبري مظهر وبيان بهذه ( لهذه خل ) الاركان الاربعة والطبيعة الخامسة الجامع ( الطبيعة والجامع خل ) القاهر لهذه الاركان هو القلب في العالم الكلي كلي وفي العالم الجزئي جزئي ويطلق عليه العرش مستوي الرحمن وبتمام هذه المراتب يتم الشخص الكامل والجامع الواصل فيقول انا وهذا القلب واحد ( واحد اجمالي خل ) مندرج في جميع الاجزاء والاعضاء والمراتب الغيبية والشهودية
تنبيه القلب والفؤاد اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا يطلق القلب على الفؤاد والفؤاد على القلب في كثير من الاستعمالات واذا اجتمعا فقيل قلب وفؤاد يجب الفرق بينهما والكلام في الفرق طويل الذيل ممتد السيل ولكني اجمل المقال فنقول : ان القلب والفؤاد كلاهما يقال انهما المعبر عنهما بانا الا ان ( ان انا خل ) الذي في الفؤاد بلا انا يظهر في المحو والصحو بكشف السبحات من غير اشارة فاذا ازال السبحات ومحي الموهوم وصحي المعلوم يظهر قول الحق سبحانه انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلوة لذكري فالفؤاد حينئذ قول الله انا في التكوين كقوله سبحانه انني انا الله في التدوين كما ان هذا القول اي انا الله الذي هو مكتوب في القرآن يجري على السنة الانس والجان وليس عين ذات الله سبحانه بل اسم يدل عليه كذلك ذلك القول الذي هو انا الله فالفؤاد هو قول الله انا والقلب هو قول الشخص وبين القولين فرق بين وامتياز ظاهر وان كان كلاهما مخلوقين مربوبين مدبرين كما اذا كتبت قوله تعالى انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلوة لذكري يجب عليك احترامه واعظامه ولا يصح ان تمسه ( يمسه خل ) الا بطهارة ولا يجوز ان تنظر اليه بالاهانة والاستخفاف فان فعلته فقد كفرت يجب قتلك واذا كتبت قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كذب ( كذب على خل ) متعمدا فليتبوء مقعده من النار يجب احترامه وعدم الاستخفاف به ولكن يجوز ان تمسه بالطهارة ( تمسه بغير طهارة خل ) واذا كتبت عن نفسك وقلت اقول كذا وكذا فانه يجوز في هذه الكتابة كل تكذيب وتغليط واهانة واستخفاف فمن فعل ذلك لا يكفر بل ربما لا يفسق مع ان هذه الكتابات الثلث من قلم واحد ومن مداد واحد ومن ( عن خل ) يد شخص واحد واثر شخص واحد ( واحد وخل ) على قرطاس واحد ولكن الفرق والتفاوت بالنسبة فالفؤاد كالكتابة الاولى والقلب كالكتابة الاخرى الثالثة فالقلب يشير الى الهيئة الوحدانية لها هيمنة واستيلاء على ساير مراتبه وهو قطب تدور عليه جميع المراتب واما الفؤاد فهو اسم الله ورسمه ولكنه اسم بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور قال مولينا الصادق عليه السلام اذا تحقق العلم في الصدر خاف ومن خاف هرب ومن هرب نجى واذا اشرق نور اليقين في القلب شاهد الفضل واذا تمكن من رؤية الفضل رجى ومن رجى طلب ومن طلب وجد واذا تجلى ( انجلى خل ) ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة واذا هاج ريح المحبة استأنس ( في الفؤاد هاج ريح المحبة فاستأنس خل ) في ظلال المحبوب وباشر اوامره ونواهيه فلا فرق بينه وبين حبيبه الخ وعدم الفرق يكون في التعريف والتعرف والمعرفة لانه صفة والصفة اذا خالفت الموصوف لم تكن صفة فمعرفتها معرفة الموصوف ومعرفة الفؤاد هي معرفة الله وهو ( هي خل ) النفس في قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه ولا شك ان الذي يعرف بالصفة ( الصفة خل ) يعرف الموصوف الظاهر بالصفة لا مطلقا فان من عرف القائم يعرف زيدا الظاهر بالقيام لا حقيقة زيد مطلقا كما ان طاعة الرسول صلى الله عليه وآله عين طاعة الله ومعصيته عين معصيته ( عين معصية الله خل ) ورضاه عين رضاه وسخطه عين سخطه فلا فرق بين الرسول وبين الله في الطاعة والمعصية والرضا والسخط وهو قوله تعالى ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله الآية وكذلك الفؤاد لا فرق بينه وبين ربه في التعريف والتعرف لا في اصل الحقيقة والذات لان الصفة لا فرق بينها وبين الموصوف ولذا تريها معربة باعرابه مكتسية بحليته متسمة بسمته كما هو المعلوم الظاهر
واما الفرق بين العقل والروح فاعلم ان العقل يطلق على معنيين بل ثلاثة الاول يطلق على معنى الادراك بغير الحواس الظاهرة من الحواس الباطنة سواء كانت تدرك الكليات او الجزئيات وهذا اذا قيل المعقول بمقابل المحسوس وكما قال المنطقيون في تفسير العلم انه الصورة الحاصلة في العقل او عند العقل ويريدون بالذهن ما سوى الخارج ليكون تفسيرهم جامعا ومانعا ومنه قوله تعالى لا يعقلون وقال ( قول خل ) مولانا الحجة صلوات الله عليه لا لامر الله يعقلون ولا من اوليائه يقبلون ومنه الدليل العقلي اي ما يدرك بالحواس الباطنة سواء كانت بالقوة العاقلة او بالقوة المفكرة ( او بالمفكرة خل ) ام المتوهمة ام المتخيلة ومنه العقل الذي هو مدار التكليف وهو مطلق التميز ( وهو يطلق التمييز خل ) الباطني والثاني يطلق على نور يجعله الله سبحانه في الجانب ( جانب خل ) الايمن من القلب وقد يعبر عنه بالاذن اليمنى وبالوجه الاعلى موضع الملك المسدد واليه اشار امير المؤمنين عليه السلام لما سئل عن العقل قال العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قيل والذي في معوية قال عليه السلام تلك النكراء وتلك الشيطنة وليست بعقل ولكنها شبيهة بالعقل ومنه قوله تعالى عن اهل النار قالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير مع انهم كانوا يعقلون ويدركون ويميزون ويكلفون فلم يك عندهم ذلك النور الذي ( الذي به خل ) يتوجهون الى الله سبحانه وتعالى ويقبلون عليه والثالث يطلق على نور الهي ( الهي بدا خل ) من الاختراع الاول جوهر مجرد عن المادة الملكوتية والشبحية البرزخية والجسمانية وعن المدة الملكوتية والمقدارية المثالية والمدة الزمانية ادرك الاشياء بذاته يعرف المعاني ( الزمانية دراك الاشياء يدرك المعاني خل ) الكلية والحقايق الالهية اول نور اشرق ( اشرق من المشرق خل ) من صبح الازل وآدم الثالث واول متولد من آدم الثاني الذي هو الوجود المقيد اعني الماء النازل من سحاب المشية الذي به كل شيء حي ومن حوائه ارض الجرز ارض القابلية اي الماهية الاولى وهي اول غصن اخذ من شجرة الخلد وهو القلم في قوله تعالى ن والقلم وما يسطرون وهو الطور وهو اول ما خلق ( اول خلق خل ) من الروحانيين عن يمين العرش وهو النور الابيض الذي منه ابيض البياض وهو روح القدس وهو الملك المسدد للانبياء وهو العمود من النور الذي به يرى الامام عليه السلام احوال الخلائق وهو نور انا انزلناه في ليلة القدر وهو النفس الرحماني الثالثي وهو عبد من عباد الله قائم في طاعة الله صورته هيكل التوحيد وصفته الرضا والتسليم ومقامه الركوع وطبيعته البرودة واليبوسة في اصل ذاته وادراكه المعاني الكلية المجردة عن الصور النفسية والمثالية والجسمية ودليله الموعظة الحسنة وسبيله اليقين وطريقته التقوي وعلم الطريقة وصفته الاستقامة ومكانه كل الممكن المكون الموجود بالوجود الكوني ووقته الدهر وهو الوقت الثابت المستمر الذي يجمع المختلفات ويفرق المجتمعات الزمانية ولونه البياض في صفته والسواد في ظاهر ذاته والحمرة في باطن حقيقته مقبل على الله عز وجل فلما خلقه الله سبحانه قال له اقبل فاقبل فاظهر ( فاظهره خل ) الله سبحانه باقباله الذي ادباره منه حقايق الالوان ( الاكوان خل ) ومستجنات غيوب الاعيان ففي كل مرتبة نازلة اظهر قشره واستتر في لبه الى ان ظهرت القشور المتراكمة وخفي اللب المقصود بالحقيقة ثم امره سبحانه بالاقبال فكان باقباله ( اقباله خل ) بحسب الاسباب الظاهرية والباطنية فظهر بظهور الاسباب عند بلوغ الولد ( المولد خل ) اوان الحلم فهناك اول ظهوره ومقام كمال الولد فيكلف ليكون ( لكونه خل ) سببا لكمال الظهور ( الظهور وخل ) مستشرقا بشوارق النور فهو في اول ظهوره عقل بالملكة اي بالاستعداد والتهيؤ تقريبا ( التهيؤ القريب خل ) الى الفعل بكمال الظهور والا فهو فِعلي فاذا قوي في العلم والعمل كان عقلا بالفعل اي يكون جميع مداركه واحواله حاضرة لديه وهو ناظر في جميع الاحوال السفلية ومطلع على جميع مراتب الوجودات المقيدة واذا قوي ايضا بالعلم والعمل كان عقلا مستفادا فيعود الى بدئه ويحصل الاتصال بعالم اللانهاية فيقف حينئذ على باب فوارة النور فلا غاية لادراكه ولا نهاية لظهوراته وهذا هو العقل الكلي في العالم الاكبر والعقل الجزئي في كل فرد وشخص من افراد الانسان او ما هو يقسم الكل من افراد الموجودات كما هو الحق وهذا عليه مدار التكليف والسعادة والشقاوة والثواب والعقاب ولما كان كل شيء مركبا من النور والظلمة متعادلان متعاكسان في العقل كان للعقل ايضا ضد وهي ماهيته لكنها ضعيفة مغلوبة لتراكم الانوار فيه لكونه من الخلق الاول ولكن العبد اذا انهمك في المعاصي واعرض عن الله عز وجل وخالف اوامره ونواهيه وبارزه بالعصيان والطغيان يضعف ذلك النور ويخفى ( تخفى خل ) وتقهره تلك الظلمة وتقوى وتظهر الى ان يذهب النور بالكلية ولم يبق له اثر وتأثير الا بقدر ما يمسك الوجود وتستقل الظلمة وتقوى ويكون لها التأثير والاثر فينقلب ذلك النور الذي عبد به الرحمن واكتسب به الجنان الى النكراء والشيطنة يعني يخفى ذلك وتظهر ( يظهر خل ) هذه فيبقى للشخص حينئذ ادراك وتميز ( تمييز خل ) ويدرك الكليات ويفهم الدقايق ويقع عليه التكليف لكنه لا يميل الى الخير ولا يحبه ولا يقبل على الله عز وجل ولا على اوليائه وانما هو يبغضهم ويكرههم وهذا معنى قوله عليه السلام لما سئل عن العقل قال ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال والذي في معوية قال عليه السلام تلك النكراء والشيطنة وليست بعقل ولكنها شبيهة بالعقل انتهى وهو ما ذكرنا لك من ان الضدين متعادلان ومتعاكسان في الاحوال كلها فعند النور الكلي ظلمة كلية فافهم
واما الروح فله اطلاقات : الاول يطلق ويراد به العقل وهو الروح القدس والثاني يطلق ويراد به البرزخ بين العقل والنفس كما تقدمت الاشارة اليه وهو اغلب ما نستعمله ونطلق عليه ( نطلق الروح خل ) والثالث يطلق على النفس كما يقال خرجت روحه اي نفسه والرابع يطلق على الطبيعة الكلية وهو الروح على ملئكة الحجب والخامس يطلق على البخار المتصاعد من تجاويف القلب اللحم الصنوبري كما تقدم ذكره والسادس يطلق على باب المدد ووجه السرمد المادة العليا والحقيقة المنبسطة الكبرى الظاهرة بالنزول والصعود في جميع الاطوار وهو قوله تعالى ونفخت فيه من روحي ( روحي وقوله تعالى يا آدم روحك من روحي خل ) وطبيعتك على خلاف كينونتي وقوله ايضا يا آدم بروحي نطقت وبضعف كينونتك تكلفت ما ليس لك به علم وتلك الروح هو ممد الحيوة واصل البقاء مادة المواد وحقيقة الحقايق وذات الذوات وايس الايسيات وسر الانيات واسطقس الاسطقسات وهو الروح الاعظم والنور الاقدم فاذا عرفت هذه الاطلاقات فاعلم ان روح القدس هو نفس العقل واحد اسمائه فهما اسمان يقعان على مسمى واحد بجهتين مختلفتين لما بينا من ثبوت المناسبة بين اللفظ والمعنى والروح بالمعنى الثاني فالعقل اصل له وهو الوجه الاسفل من العقل يأخذ منه ويمد غيره من المراتب التفصيلية وهو الروح من امر الله يعني انه من عالم الامر الذي قامت به السموات والارض في قوله تعالى ومن آياته ان تقوم السموات والارض بامره وهذا هو النور الاصفر والركن الاسفل الايمن من العرش وحامل هذا الركن والآخذ عنه اسرافيل ولما كان محمد صلى الله عليه وآله هو الظاهر بالعقل الكلي ( الكل خل ) فيكون الروح من امر الله الظاهر به امير المؤمنين عليه السلام كما انه هو الظاهر بالنفس الكلية ومعنى هذا الظهور ان آثار العقل في ظهوره في النبي صلى الله عليه وآله غالب على ساير المراتب كما ان آثار النفس في امير المؤمنين عليه السلام لا ان النبي صلى الله عليه وآله ليس فيه آثار النفس والروح ولا ان الولي ليس فيه آثار العقل ( النفس خل ) الكلي كما يقال الصفراوي والسوداوي لمن غلب عليه الصفراء والسوداء ولذا قال امير المؤمنين عليه السلام انا الروح من امر ربي في قوله تعالى ينزل الملئكة بالروح من امره على من يشاء من عباده فافهم والروح بالمعنى الثالث تفصيل العقل لان العقل مدرك الكليات والنفس مدرك الجزئيات فالروح ( والروح خل ) بمعنى النفس فرع وتابع للعقل كالروح بمعنى الطبيعة فانها فرع للنفس وقد تبين نسبة الروح بمعنى البخار المتصاعد مع العقل بما ( مما خل ) ذكرنا واما الروح بالمعنى السادس فالعقل فرع له ويشتق منه اشتقاق الغصن من الشجرة والروح شجرة الخلد والقلم الذي هو العقل غصن اخذ من تلك الشجرة وهذا وجوه الفرق بين العقل والروح ذكرتها مجملة وتعرف تفاصيلها من تضاعيف كلماتنا وساير ما كتبنا ورسمنا وفي ما ذكرنا كفاية لاولي الدراية
قال سلمه الله تعالى : ما الدين والمذهب والاسلام والايمان وحق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين والحقيقة والشريعة والطريقة والفرق بين هذه الكلمات في مذهب اهل البيت عليهم السلام
اقول اما الدين فهو الاسلام كما قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام فالدين عند اهل البيت عليهم السلام يراد به الاسلام مهما اطلق وقال امير المؤمنين عليه السلام اول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه الحديث فاذا كان اول الدين معرفته فيكون اركان المعرفة وحملتها وحفظتها فالاركان هم الانبياء وهم اركان التوحيد اذ لا يقوم التوحيد بغيرهم ومحال المعرفة وحملتها الائمة عليهم السلام السلام على محال معرفة الله وحفظة المعرفة باركانها ومحالها هم الشيعة وهم القرية الظاهرة للسير الى القرى المباركة فافهم واما المذهب فهي الطريقة التي يسلك بها الى الله سبحانه على حسب اجتهاد كل ذاهب وسالك فالطريقة الحقة هي التي سلك بها الفرقة المحقة فكانت هي مذهبهم واما الاسلام والايمان فاعلم ان لهما مقامين ( مقامان خل ) احدهما مقام اجراء الاحكام العبودية ( الصورية خل ) الظاهرية وثانيهما مقام الحكم الباطني بما يظهر في الآخرة يوم الدين يوم الجزاء اما المقام الاول ففيه مقامان احديهما ( احدهما خل ) اطلاق لفظ الايمان والاسلام وثانيهما ملاحظة معناهما في الظاهر اما لفظ الاسلام والايمان فمن حيث الاطلاق اي اطلاق لفظهما بينهما عموم وخصوص من وجه فان الاسلام يجتمع مع الايمان في الفرقة المحقة والاسلام يفارق الايمان من حيث الاطلاق في ما يخالف الفرقة المحقة ممن يظهر الشهادتين ولم ينكر ما ثبت في الدين بالضرورة من ساير الملل الاثنين والسبعين من امة محمد صلى الله عليه وآله والايمان يفارق الاسلام في الحقيقة دون الظاهر في قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فانها قد نزلت في الثالث وهو كما ترى فاطلق الايمان على المسلم واطلق الاسلام على المؤمن واطلق الايمان على من ليس بمؤمن ولا مسلم هذا حكم الاسلام والايمان من حيث الاطلاق واما الاسلام والايمان من حيث اجراء الحكم الظاهري فاعلم ان الاسلام هو الاقرار بالشهادتين والتلفظ بهما من غير ان يظهر منه ما يخالف الشهادتين مما علم ثبوته في الدين بالضرورة وبعبارة اخرى انه يقول لا اله الا الله محمد رسول الله وكلما جاء به النبي صلى الله عليه وآله حق من عند الله فاذا اعترف بهاتين الشهادتين بظاهر لسانه يحكم عليه بالاسلام طابق باطنه ظاهره او لم يطابق عرفت المطابقة او جهلت بمجرد ما يظهر الشهادتين ولم ينكر ضروريا من ضروريات الدين وهو قوله تعالى ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا فقال تعالى ولقد قالوا كلمة الكفر فكفروا بما قالوا فاعتبر في الكفر مجرد القول من غير ملاحظة الباطن والاعتقاد فيكون الاسلام كذلك لقد نص ( نص عليه خل ) سيدالساجدين عليه السلام في دعاء السحر اللهم ان قوما آمنوا بالسنتهم ليحقنوا به دمائهم فادركوا ما املوا وانا آمنا بك بالسنتنا وقلوبنا فادرك بنا ما املنا وثبت رجائك في صدورنا ( قلوبنا نسخة ) وقد علمت الامة انه كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله جماعة منافقون يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر قد اقرهم رسول الله صلى الله عليه وآله على ظاهر اسلامهم واجرى عليه ( عليهم خل ) احكامه وزوجهم وتزوج منهم واجرى عليهم حكم الاسلام واليهم الاشارة بقوله تعالى ولا تكن للخائنين خصيما وقد نص عليهم الله سبحانه في القرآن ( بالقرآن خل ) بقوله الحق اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون فكذبهم في دعويهم في الباطن وصدقهم بظاهر السنتهم واجرى عليهم حكم الاسلام فتبين لك من الذي ذكرناه ان الاسلام في اجراء احكامه عليه يكفي ظاهر القول دون الحقيقة ولو علم مخالفته لما يقول وهذا هو ظاهر الاسلام الذي تجري عليه ( على خل ) المواريث وتحقن به الدماء وتستباح به الفروج وان كان في الباطن مخالفا ضالا واما الايمان في مقام اجراء الاحكام هو القول بالشهادتين المذكورتين والقول بان امير المؤمنين واولاده الائمة الاحد عشر وفاطمة الصديقة اولياء الله طابق باطنه ظاهر اقراره ام خالف كما ذكرنا في الاسلام حرفا بحرف وبعبارة اخرى ان الايمان هو شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وان كلما جاء به النبي صلى الله عليه وآله حق من عند الله وان امير المؤمنين عليه السلام واولاده الاحد عشر وفاطمة الصديقة اولياء الله وخلفاؤه وطاعته ( طاعتهم خل ) واجبة على الرعية كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وان من انكرهم وخالفهم وانكر فضائلهم مخلد في النار ابد الآبدين وان جميع ما اتوا به وحكموا والزموا رعيتهم عليه يجب التصديق والاذعان به وان جميع ما علم ثبوته منهم عليهم السلام لا يجوز ( لا تجوز خل ) مخالفته فهذه حدود الايمان فلو اخل بشيء من هذه الامور او بما علم بالضرورة من المذهب فذلك خارج من هذه الفرقة المحقة وهل يخرج من الاسلام ايضا ام لا فيه خلاف والاصح عندي الاول فاذا ظهرت هذه العقائد من شخص فيسمى مؤمنا ويجري عليه احكام الايمان ولا يسئل عن باطنه طابق ما يقول او خالف علمت المطابقة ام جهلت وعلمت المخالفة او جهلت ما لم يظهر من لسانه او من فعله ما يخالف صريح شيء مما ذكر فالاسلام هو الاقرار بالتوحيد والنبوة والايمان هو الاقرار بالتوحيد والنبوة والولاية ولما علم في محله من علم الحروف ان زبر كل حرف اصل والبينات هي الصفة والفرع فلما كان الاسلام صفة النبوة وفرعها وكان محمد صلى الله عليه وآله اصل للنبوة ( النبوة خل ) واسها وسرها وفاتحها وخاتمها كان زبر الاسلام مطابقا لبينات اسم محمد صلى الله عليه وآله فاذا حسبت بينات اسمه الشريف بالعدد الكبير يطابق زبر الاسلام فدل الاسم على حقيقة الرسم وتبين من الاسم ان الاسلام صفة محمد صلى الله عليه وآله فمن اقر بنبوته بعد التوحيد كان مسلما ولما كان اصل الولاية وسرها ومبدؤها امير المؤمنين عليه السلام والايمان صفة للولاية فكان زبر ايمان على عين ( ايمان عين خل ) بينات عليّ عليه السلام من غير العدد بدون الحرف ( الحروف خل ) فحروف بينات عليّ عليه السلام عين الايمان فدل الاسم اي اسم الايمان على ان المؤمن هو الموالي لعليّ عليه السلام وحيث ان موالاة امير المؤمنين عليه السلام لا تتم الا بموالاة باقي الائمة الاثني عشر عليهم السلام كان المؤمن من يواليهم ( مواليهم خل ) بعد الاقرار بالتوحيد والنبوة فاذا ظهر من شخص الاقرار والاعتراف بالامور المذكورة فهو على ظاهر الايمان فيجب عليه اجراء احكام المؤمنين ولا يلتفت الى ما في باطنه من مطابقته لظاهره وعدم مطابقته فان الامر قبل ظهور دولة الحق وما دام استيلاء دولة الباطل فالحكم على ظاهر الحال وما يتراءي من ظاهر اعتقاد الشخص كفرا واسلاما ضلالة وايمانا ولا يلتفت الى الباطن ومطابقته للظاهر الا عند ظهور دولة الحق وخروج مولينا الغايب عجل الله فرجه وظهور قوله تعالى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ومن القى السلام وقال اني مسلم او مؤمن باظهار ما به الاسلام والايمان يجب تصديقه ولا يجوز تكذيبه بالشبهات ولا باظهار ( باظهاره خل ) ما لا يوجب القطع بالكفر ومن فعله ( فعل خل ) ذلك قبل ظهور دولة الحق فليس بمؤمن وتجب معاملة الناس ومداراتهم لظاهر ( بظاهر خل ) اقوالهم واعمالهم لا الامر الواقع ( لا لامر الواقعي خل ) عند الله تعالى كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله في زمانه مع اصحاب ( اصحابه خل ) المنافقين وهكذا امير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين وساير الائمة عليهم السلام فانهم سلام الله عليهم كلهم مشوا على هذا المنوال فتجب متابعتهم على كل حال ولكم في رسول الله اسوة حسنة
واما الاسلام والايمان على ما يوجب النجاة في الآخرة ودخول الجنة فهما يجريان على شيء واحد فالاسلام هو الايمان والايمان هو الاسلام وهما المذهب والدين فلا نجاة في الآخرة الا بهما وان كان لهما درجات فدرجات الاسلام بحسب الحقيقة الواقعية هي درجات الايمان ودرجات الايمان هي درجات الاسلام والفرق بين الاسلام والايمان بالعموم والخصوص المطلق بان كل مؤمن مسلم ولا عكس كما هو مورد الاخبار الكثيرة فانما هو ( هو في خل ) الاسلام والايمان باعتبار اجراء الحكم في هذه الدنيا والا بحسب الامر الواقعي والنجاة الاخروية ( الاخروي خل ) فلا فرق بينهما اما رأيت ما عنون في الكافي بابا في دعائم الاسلام وذكر فيه احاديث كثيرة دالة على ان الاسلام بني على الولاية واذا خلى عنها فلا يصح الاسلام وهي اعظم اركانه كما عن ابي جعفر عليه السلام قال بني الاسلام على خمسة ( خمس على خل ) الصلوة والزكوة والحج والصوم والولاية ولم يناد بشيء كما هو نودي ( كما نودي خل ) بالولاية فاخذ الناس باربع وتركوا هذه يعني الولاية وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له اخبرني بدعائم الاسلام التي لا يسع لاحد التقصير عن معرفة الشيء ( شيء خل ) منها الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه ولم يقبل منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ولم يضق به مما هو فيه لجهل شيء من الامور جهله فقال عليه السلام شهادة ان لا اله الا الله والايمان بان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله والاقرار بما جاء به من ( جاء من خل ) عند الله وحق في الاموال الزكوة والولاية التي امر الله سبحانه عز وجل بها ولاية آل محمد صلى الله عليهم الحديث والروايات بهذا المضمون والمعنى كثيرة جدا وهي كلها مبنية على الاسلام ( الاسلام والايمان خل ) الحقيقتين واما الروايات الواردة بالفرق كما عنون لها بابا في الكافي فهي مبنية على الايمان والاسلام الظاهريين الدنياويين بحسب اجراء الاحكام الظاهرية على المنتحلين بها فكم من كافر عند الله مخلد في نار جهنم يجري عليه حكم الاسلام اذا اظهر الشهادتين ولم يأت بما يخالفهما وكم من ضال خبيث في الواقع يجري عليه حكم الضلال والكفر بحسب الظاهر فعند جريان الاحكام الظاهرية يفرق بين الاسلام والايمان كما في الكافي عن ابي عبد الله عليه السلام انه سأل ( سأله خل ) رجل عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما فقال عليه السلام الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس من شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلوة وايتاء الزكوة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام وقال الايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان اقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان ضالا والروايات بهذا المعنى كثيرة فلولا ان هذه الروايات في مقام الظاهر كيف جعل في تلك الروايات الولاية من دعائم الاسلام فتبين ان الدين عند الله هو الاسلام والاسلام هو الايمان وبه يحصل النجاة في الآخرة كما قال امير المؤمنين عليه السلام على ما رواه الكليني قال عليه السلام لانسبن الاسلام نسبة لم ينسبه احد قبلي ولا ينسبه احد بعدي الا بمثل ذلك ان الاسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الاقرار والاقرار هو العمل والعمل هو الاداء ان المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكنه ( ولكن خل ) اتاه من ربه الحديث وفيه عن ابي جعفر الثاني عن ابيه وجده عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله خلق الاسلام فجعل له عرصة وجعل له نورا وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما عرصته فالقرآن ( فالزمان خل ) واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما انصاره فانا واهل بيتي وشيعتنا فاحب اهل بيتي وشيعتهم وانصارهم فانه لما اسري بي الى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل لاهل السماء واستودع الله حبي وحب اهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملئكة فهو وديعة الى يوم القيمة ثم هبط بي الى الارض ونسبني لاهل الارض فاستودع الله حبي وحب اهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني امتي ( امتي فمؤمنوا امتي خل ) يحفظون وديعتي في اهل بيتي الى يوم القيمة الا فلو ان رجلا من امتي عبد الله عز وجل وعمره ( عز وجل عمره خل ) ايام الدنيا ثم القى ( لقي خل ) الله عز وجل مبغضا لاهل بيتي وشيعتي مافرج الله صدره الا عن نفاق وبالجملة فالاسلام الحقيقي الذي به النجاة لا يكون الا بالايمان بل الاسلام في هذا المقام عين الايمان فلا تكفي الشهادتان في النجاة في الآخرة الا بالقران بين الشهادتين الاخيرتين وهما ( هي خل ) الشهادة بالولاية وبالحامل لها الذي هو الشيعة فافهم الكلام وبما ذكرنا لك اجمع بين الروايات الكثيرة المتخالفة بما لا يوجب طرح احدها ولا عدم فهم شيء منها فانها في مقام الفرق يريد مقام الظاهرة ( الظاهر خل ) وفي مقام ( المقام خل ) الجمع يريد الباطن الذي عليه النجاة فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال وفي دولة الباطل واخفاء الحق والضيق على المؤمنين وعدم نضج طبيعتهم وعدم الناصر لهم ما دامت الدولة للفاسقين وعدم رفع علم اهل الحق ولوائهم وكسر شوكة الظالمين لا يمكن حفظ الشريعة ( الشيعة خل ) في معاشهم وحفظ انفسهم الا بالفرق بين الاسلام والايمان والمذهب والدين على ما بينت لك مجملا والا فاين يفارق الايمان الاسلام ومتي يفارق الاسلام الايمان وكيف يقبل الله عملا عند مفارقة كل منهما لصاحبه ولكن الداء العضال ومحنة الرجال حفظ هذه ( هذه الفرقة خل ) اليسيرة والشرذمة القليلة بين هؤلاء الانذال اشباه الرجال ولا رجال نسئل الله العصمة والحفظ والنجاة
واما حق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين فاعلم ان لي كلاما في بعض مصنفاتي في شرح هذه المراتب الثلثة مفصلا مشروحا احببت ان انقله لك لما يشتمل عليه من الفوائد العظيمة واني لضيق المجال وتبلبل البال لا يسعني الآن انشاء كلام مستأنف فاكتفيت بنقل ما كتبته هناك مفصلا مشروحا وقلت : اعلم ان الصورة المانعة عن النقيض الثابتة الجازمة المطابقة للواقع الحاصلة من التفات النفس المطمئنة الى الوجه العقلي من القلب المتوجه المقابل الى اعلى عليين بشرط استدامتها في ذلك المقام ورسوخها في ذلك ( ذا خل ) المرام مع التفاتها الى جهات المعارضة وحيثيات المناقضة هي المسمى بعلم اليقين وهو اول مقام الترقي العلمي بعد تنزلات ( تنزله خل ) فان الترقيات الاولية انما هي لتحصيل العلم وكانت مراتب نازلة عن العلم ودونه ولذا سميناها بالعوالم السافلة للعلم اذ نسبة العلم الى تلك المراتب نسبة الانسان من حيث جسمه وروحه المتعلقة به الملتقية ( الحليفة خل ) اليه الى الارضين السابعة السفلى وما تحتها من البحر العظيم والريح العقيم والعذاب الجحيم وكذا نسبة العلم الى المراتب العالية والمقامات الفوقية كما سنذكره ان شاء الله تعالى نسبة الانسان الكذائي الى السماء السابعة وفوقها من الكرسي والعرش والحجاب والسر فتحقق لك ان العلم في رتبة الصفات كالانسان في رتبة الذوات كما ان حقيقة الانسان هي الجامعة للمراتب العالية والسافلة من حيث وحدته وهو الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر ولذا كان مظهر اسم الله الجامع ومربوب لذلك الاسم الشريف كذلك العلم هو الجامع للمراتب العالية والسافلة والمتوسطة بوحدته وشخصيته واعلى كل جمال وابهى كل نور وجلال اذ ما من كمال الا وفيه منه اصل وما من بهاء الا وهو له فرع فهو ظاهر الولاية وباطنه ولذا لما انقسم الوجود والموجود وقع العلم في حصة مولينا امير المؤمنين عليه وعلى اخيه وزوجته وبنيه الصلوة والسلام وكان ذلك قسمته كان ( كما خل ) قال عليه السلام :
رضينا قسمة الجبار فينا لنا علم وللاعداء مال
فان المال يفني عن قريب وان العلم باق لا يزال
بيان علم اليقين هو النفس او ما تدركه في رتبة ( رقبة خل ) مقامها بعد الانخلاع عن التعلقات البدنية والانزعاج عن الشهوات الجسمانية الجسدانية وانقيادها للعقل الكامل والتفاتها الى عالمها الاول وتوجهها الى الرأس المرفوع من القلب الى اعلى عليين واعراضها كلية و( او خل ) اغلبية اكثرية عن الرأس المنكوس الى اسفل السافلين فتنطبع فيها من الانوار الالهية الحقيقية المفاضة على العرش على جهة الوحدة والانبساطة ( الانبساطية خل ) الواحدية لا الاحدية ( لاحدية خل ) المفاضة منه على الكرسي على جهة الكثرة والجزئية والتصور بالصور الشخصية فالمنطبع في النفس حينئذ هي الصورة الحقة الشخصية الجزئية المتكثرة المتعددة من الانوار الالهية والحقايق اللاهوتية لكنها على نحو الكثرة المستلزمة للهيبة وظهور العظمة والجلال والقهر والغلبة لربنا الكريم المتعال ولذا كانت مورثة ( مورثا خل ) للخشية كما اخبر عنه الحق بقوله الحق بالحصر انما يخشى الله من عباده العلماء وقال السجاد عليه السلام لا علم الا من خشيتك ولا حكم ( الا خشيتك ولا الحكم خل ) الا الايمان بك ليس لمن لم يخشك علم ولا لمن لا يؤمن بك حكم وقال مولينا الصادق عليه السلام اذا تحقق العلم في الصدر خاف وانك لو تأملت علمت وجه حصر العلم في الخشية اذ بعد منع النقيض لا يعتبر ولا يعتمد الا على ما هو الثابت الجازم المطابق للواقع ولا يكون كذلك الا اذا اتصلت النفس بالعقل وتكون اختا له وتبيض لونها بعد ما كان اسود حتى يكون كلون السماء ولا يكون كذلك الا بعد ما ظهر له من نور الكبرياء والجلال ومشاهدة تلك الصور ( الصورة خل ) الحقة المنبئة عن عظمة الحق اذ لكل حق حقيقة وعلى كل صواب نور فيري مقهورية الكل ( فيري مقهوريته ومغلوبية الكل خل ) مع كثراتها فيحصل له من تصور ذلك الخوف المستلزم للهرب وهو قوله عليه السلام ومن خاف هرب ومن هرب نجي والكلام في هذا المقام طويل وبالجملة ان مدعي العلم ان وجدت له فيه الخشية بعلامته التي هي الهرب فهو ممن ادرك ظاهر العلم والحق والنور والا فان وجدت فيه الاهمال والكسالة وعدم الميل والرغبة وعدم التوغل في المخالفة فهو من العوام ( العلوم خل ) والمقلدين وان ادرك شيئا فانه لم يدركه كما هو الواقع عن بصيرة بحيث يقف على اليقين في مقام الظاهر والصورة وان خالفه المخالف فهو والعوام على حد واحد الا ان ما عنده من الصور الغير الثابتة اكثر مما عند غيره من العوام وان وجدت فيه المخالفة والتوغل في المعصية وعدم المبالاة بالشريعة المصطفوية على ما هو عليه عامة الشريعة من الفرقة المحقة الناجية فهو من الذين نكست رؤسهم عند ربهم فانطبعت فيها من الخزنة ( الخزينة خل ) السفلى ما يعاند الاولى العليا ويضادها ويناقضها وتعرف ذلك من علمه الا ان معرفة ذلك وتميزه ( تمييزه خل ) ومعرفة مراتبه ومقاماته صعبة اذ ليس الكل من اهل هذا المقام على نهج واحد وطور غير متعدد بل هناك مراتب كثيرة ولكل مرتبة اهل
ولكل رأيت منهم مقاما شرحه في الكتاب ( الكلام خل ) مما يطول
والحاصل ان المراتب الاربعة المذكورة في مقام العلم في الصدر احدها مرتبة علم اليقين وتقابلها التضاد ( علم اليقين والاخرى تقابلها تقابل التضاد خل ) وهي في اسفل السافلين كما ان الاولى في اعلى عليين واطلاق العلم عليها من جهة الضدية اذ من المناسبات مناسبة التضاد كما ان الشمس تطلق على رسول الله ( رسول الله صلى الله عليه وآله محمد بن عبد الله خل ) والقمر في القرآن على عليّ بن ابي طالب امير المؤمنين صلوات الله عليه ابد الآبدين وكذلك الشمس تطلق على اول المنافقين وصدرهم وفخرهم وسيدهم ابي الدواهي عليه لعنة الله ما مرت الدهور والقمر يطلق على ثانيهم ومظهر القبايح والمفاسد في قوله تعالى الشمس والقمر بحسبان وحسبان دركة من ( من دركات خل ) النيران بشهادة القرآن وامثال ذلك من الالفاظ التي تطلق على شيء ( الشيء خل ) وضده وكذلك العلم اذا اطلق على الصورة الحاصلة الثابتة الجازمة الغير المطابقة للواقع والعلماء يسمونه بالجهل المركب والصورتان الاخيرتان مقام المستضعفين من الطرفين فلا يحكم عليهم الا بما عندهم معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده فلا يعد الانسان عالما معتمدا عليه معتبرا علمه الا اذا بلغ مقام علم اليقين وهو كما قلنا عبارة عن الصورة الموصوفة وقبل ذلك فلا تعد عالما ولذا قال الحق سبحانه كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم وهذا اليقين والثبات الجازم المطابق انما هو في الصورة فقط والا فهو في المعنى الوجداني الواقعي الكلي الشامل الجامع لتلك الصورة وغيرها بمعزل عن الوصول اليه والادراك له اذ بعد ما قطع مسافة ذلك العالم وما وصل اليه وان كان يدرك من تلك الصورة معنى الا ان ذلك ليس ما نحن بصدد بيانه بل هو المتنزل ( هل هو المنزل خل ) الى تلك الصورة والمتقيد بها واين هما مما اردنا من الوحدة الكلية الحقيقية ثم ان هذا المقام اي مقام علم اليقين وان كان مقام الظاهر والصورة الحقة الواقعية الا ان له مقامات كثيرة ودرجات عديدة حيث ان الصورة ( الصور خل ) مختلفة بعضها اعلى واشرف من الاخر كما ترى الاختلاف في الاجسام بعد اجتماع الكل في رتبة الجسمية وكذا الامر في الصور المنتزعة عنها اذ النفس مرآة تنطبع فيها صورة ما يحاذيها ويقابلها فالانتقاش انما يكون بحسب المقابل كما يكون بحسب المرآة ولا شك ان الصورة المنطبعة من العالي اشرف واعلى واغمض وادق واوسع وازيد من الصورة المنطبعة من السافل ولما كانت المراتب المختلفة بالعلو والسفل كائنة ما كانت وبالغة ما بلغت ( ما بالغت خل ) تجمعها مراتب ثلثة العالي الذي ليس فوقه في تلك الرتبة والسافل الذي ليس دونه فيها والمتوسطات كما نشاهد في الاجسام فانها مع كثرتها ووفورها غير خالية عن هذه المراتب الثلاث ( الثلاثة خل ) اذ اعلى مراتبها الافلاك وادنى مراتبها المتولدات من حيث هي هي اي الارض وما بينهما ( بينها خل ) المتوسطات كالعناصر كانت مراتب عين ( علم خل ) اليقين ايضا على ثلاثة وقد اخبر الحق سبحانه عنها بقوله الحق ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا ومتاعا الى حين ولا شك ان هذه المراتب انما هي مراتب ظاهر الجلد الذي هو علم الظاهر ولما كانت ( كانت مراتب خل ) العلم مختلفة كانت محاله ومواقعه ايضا كذلك اذ الشيء الواحد من حيث وحدته لم يختلف آثاره وذلك اما بالآية التي يأخذها عضدا لآثاره وافعاله وبجهاته في ذاته والثاني اعتباره في هذا المقام لا يخلو عن تكلف بل تعسف فيثبت الاول فللنفس آلات وهي المسماة عند القوم بالقوي الباطنة تدرك المراتب السافلة من الصور المنطبعة ( المنطبقة خل ) المنتزعة من ( عن خل ) الخارج بها وهي تختلف بعضها يدرك القشر المحض والظاهر والظاهر الخالص اي ظاهر الظاهر والآخر يدرك اللب من القشر كالصوف والآخر الثالث يدرك لب اللب من القشر وهو النفس في ذاتها وجوهرها وحقيقتها وكل تلك مراتب الصورة وعلم الظاهر وتسميتها باللب والقشر اضافي فتفطن لادراك هذه الامور واحفظها واستعد لفهمها فان هنا مقامات اخر وتفاصيل يطول الكلام بذكرها ولذا تركناها ولكنا ربما القينا اليك من هذا الباب زيادة على ما ذكرنا في بيان اقسام العلم وسر اختلافها وتشتتها بعون الله تعالى وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
القول في مبدء تحقيق علم ( تحقق عين خل ) اليقين - اعلم ان الشخص مهما هو ملتفت الى الجسد والبدن لا يتعدى ادراكه عن عالم الحس والظاهر ولا يعرف الا ما عرفه بالحواس الظاهرة الحسية فينكر الذي لا يدرك بالحواس الجسمية كما كان كثيرا ( كثير خل ) من الكفار والمنافقين من الزنادقة والدهرية على هذه الطريقة وحديث الاهليلجية لمولانا الصادق عليه السلام اكثره لاثبات هذا المدعي من ان الشيء اعم من ان يكون مدركا بالحواس الظاهرة او الباطنة وذلك لشدة التفاتهم وركونهم الى عالم الحس والجسم بحيث نسوا بالكلية مراتب الاخر فاذا التفت الى النفس من جهة العقل واعرض عن النفس الملتفتة الى الجسم يضعف هذا الحجاب الذي كان معدن الظنون والشكوك والوسواس وغيرها ويرق ويلطف حتى تبين ( حين يتبين خل ) ظهور النفس من ورائها فاذا اشتغل فيها والتفت فيها ( اليها خل ) واستقر فيها ( فيها ورسخ خل ) وتمكن منها حصل له ( له مقام خل ) علم اليقين وذلك انما كان لشدة التفات النفس وان كان من جهة العقل فاذا قطع نظره عنها والتفت الى العقل وترك ما تقتضيه ( يقتضيه خل ) النفس من الصور والهيئات والكثرات وتوجه الى العقل التفاتا كليا وتوجها اصليا يضعف ( يضعف هذا خل ) الحجاب ويرق ويلطف حتى يشبه العقل كما قال الله تعالى فان تابوا واقاموا الصلوة وآتوا الزكوة فاخوانكم في الدين قال الشاعر ولنعم ما قال :
رق الزجاج ورقت الخمر فتشاكلا وتشابه الامر
فكأنما خمر ولا قدح وكأنما قدح ولا خمر
فاذن يظهر سلطان جبروت العقل بعد مضي جنود النفس ويلوح نوره من افق القلب بعد ذهاب ظلمة الكثرات النفسانية فيشرق في القلب ويملأ ( يماد خل ) بنوره جميع فضائه ويذهب باشراقه كل الظلمات من الظنون والشكوك ( الشكوك وامثالهما فان الظنون والشكوك خل ) لواقح الفتن ومكدرة لصفو المنايح والمنن فيحصل له علم اوسع من الاول ويتحقق لديه ادراك اشمل فيملأ في قلبه نور اليقين لانه حينئذ يدرك ( يدرك معاني خل ) الاشياء على جهة العموم والكلية والانبساط فاذا عرفها من حيث انفسها وحققها ورسخ فيها وعرف شيئا واحدا بهذه المثابة فلا يزول علمه بها وان تبدلت عليه الصور واختلف ( اختلفت خل ) الجهات والحيثيات والاضافات فانه يعرفه مع كل صورة وفي كل صورة وبكل اعتبار وجهة وحيثية بل يعرف امورا كثيرة ايضا بتلك المعرفة الاولية كتلك الصور المبدلة ( المتبدلة خل ) المعتورة عليه التي هي حصة من ذلك المعنى جزئيات لذلك المعنى وافراد وتعينات له فاذا عرف ذلك حق معرفته فيعرف بها جميع افراده واجزائه وجزئياته وظهوراته وتطوراته وافعاله في نفسه وافعاله من حيث تعيناته وتشخصاته فيتسع علمه وينفسح ( فيتسع عليه وينفتح خل ) قلبه فيشاهد الامور الغيبية التي هي عبارة عن ظهورات الشيء الواحد وتطوراته واليه اشار ( اشار مولينا خل ) رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله ليس العلم بكثرة التعلم بل هو نور يقذفه الله على قلب من يحب فينفسح ( يقذفه في قلب من يحب فينفتح خل ) فيشاهد الغيب وينشرح فيحتمل البلاء قيل هل لذلك من علامة يا رسول الله قال صلى الله عليه وآله التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله انتهى انظر الى قوله صلى الله عليه وآله في العلامة فانه صريح في ما ذكرنا من تحقق مبدء هذا العلم وكذا قوله صلى الله عليه وآله فينفسح ( فينفتح خل ) الخ واي انفساح واتساع اكثر من ذلك فانه يدرك بشيء واحد امورا عديدة بل غير عديدة وغير متناهية
بيان حقيقة علم ( عين خل ) اليقين - اعلم ان هذا العلم الكلي والنور الالهي الذي مقره القلب اي العقل هو المسمى بعين اليقين وهو البيت الذي يأوي اليه الشخص في معرفة العلوم المشار اليها في تأويل قوله تعالى واوحى ربك الى النحل وهم آل محمد سلام الله عليهم ان اتخذي من الجبال اي الاجسام الظاهرة مقر الارواح الغيبية او العجم لكونه مطارح اشعة العرب كالاجسام هو ( كما هو خل ) شأن السافل بالنسبة الى العالي بيوتا اي ( ان خل ) اتخذي من احوالهم واوضاعهم وظواهرهم اي ادرك منها قواعد كلية ومعان الهية حقية مما يجمع كل تلك الاحوال بجامع واحد فان الامور المتباينة المختلفة مع تبيانها واختلافها يجمعها شيء واحد بسيط وكل هذه الامور المتباينة المتضادة لو تأملتها بالتأمل الصادق وجدتها احوال ذلك الشيء الواحد واعراضه واجزائه وجزئياته وشؤناته وتطوراته وظهوراته ومكملات وجوده وظهوره ومتمماته كذلك وشرائطه وعلله واسبابه وظواهره وبواطنه وذلك الشيء الواحد هو البيت الذي يسع كل تلك الامور وتأوي اليه لادراكها فاذا دخلت البيت تطلع على جميع ما فيه لان اهل البيت ادري بالذي فيه ثم قال تعالى ومن الشجر اي من النفوس والارواح المتعلقة بالابدان والمنقطع ( المنقطعة خل ) عنها المتعلقة بعالم القدس او العرب على ما فسر في الحديث ( بالحديث خل ) الذي رواه عليّ بن ابرهيم ومما يعرشون اي من الارتباط ( الارتباطات خل ) البرزخية بين الجبال والشجر والصور المقدارية والهيئات المثالية او الاعم ليشمل الارتباط ( الارتباطات خل ) الرقايقية ثم كلي من كل الثمرات وهو استنباط تلك الافراد والجزئيات من ذلك المعنى الواحد الكلي اما بضم صغري سهلة الحصول اليه لينتج ( ليحصل خل ) لك الامر بالبديهة كما اذا عرفت الانسان من حيث هو ( هو هو نسخة ) وعرفت انه حيوان ناطق فتحصل ( فتحصله خل ) كبري كلية وتقول كل انسان حيوان ناطق فاذا اردت استنباط الجزئيات منها فانظر فيها فان وجدت ذلك المعنى فيها تجعلها صغري وضمها الى الكبرى وقل ( قال خل ) هذا حيوان ناطق وكل حيوان ناطق انسان لينتج لك هذا انسان وهكذا تتعرف في جميع جزئيات ذلك وافراده فمعرفة تلك الحقيقة الجامعة باستخراج ( واستخراج خل ) جميع اطوارها منها هو عين اليقين فتلك الحقيقة الجامعة باب ينفتح منها الف باب من العلم وكل معنى باب من الابواب لكونه شيئا واحدا منطو ( منطوي خل ) فيه الكثرات وصالح لقبولها كالمداد فانه معنى الحروف ولب الهيئات والحدود وليس فيه في ظاهر الحال شيء من تلك الا انه صالح لها ومندرجة تلك الكثرات في وحدته وثابتة فيه ثبوتا ذكريا لكنها معدومة العين فاذا تصور بالصور المختلفة والهيئات المتشتتة ترى ظهور المداد في تلك الاحوال بل لا تراها شيئا الا بمداد ( الا بالمداد بل لا ترى شيئا الا المداد خل ) فيتسع علمك وينفسح فهمك وقلبك لمشاهدة تلك الامور الغايبة في ذلك المعنى كالمداد مثلا فانت لا تزال فيه على يقين وبصيرة ( بصيرة بل تزداد بصيرة وخل ) علما ويقينا بذلك الشيء اذا رأيته يظهر في كل شيء من مظاهره ولا تشك فيه بوجه لان الشك اذا كان بالنفي والاثبات من اصل ذلك المعنى انه هل هو كذا ام لا ام هو هو ام لا ( ام لا او خل ) باعتبار اختلاف الجهات والحيثيات والاعتبارات يلتبس ( تلتبس خل ) عليه امر ذلك الشيء فيري ذلك الشيء من حيث تصوره بالصورة الاخرى او حيثية اخرى معارضا لذلك الشيء من حيثية وجهة ( حيثية وجه خل ) اخرى وهو في الحقيقة شيء واحد فيحصل عنده احد الاقسام المذكورة من الريبة والشك والوهم وامثالها فان كان الشك باعتبار الامر الاول فهو خارج عما نحن بصدده لان العالم بعد ما خرج عن مقام علم اليقين ( اليقين ومادخل في رتبة عين اليقين خل ) بل اول صعوده منه وان كان باعتبار الامر الثاني فلا يمكن فرضه لمن دخل ذلك الباب وعرف الشيء من حيث هو لا من حيث الصورة فلا يتحقق الشك اذا ابدا ولا الظن بمراتبه واقسامه ثم قال تعالى فاسلكي سبل ربك ذللا وسبيل ( سبل خل ) الرب هو الذي ذكرنا لك من اتحاد الامر ( من اتخاذ امر خل ) الجامع الصادق على الكل اما على نحو جمعيته الكلي لافراده او ( وخل ) الكل لاجزائه او العلة المادية لمعلولاته و( او خل ) المنير لانواره او الفاعل لافعاله او المقابل بصورة ( لصورة خل ) المتجلية في مرايا ظهوراته او المطلق لقيوداته او ( وخل ) الكلمة لدلالتها المختلفة حسب افهام المخاطبين فاذا سلك هذا السبيل على هذا الطريق كان سالكا لطلب ( لسبيل خل ) الرب ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه اي علوم مختلفة متحدة ( متحددة خل ) الحقيقة من احوال العلوم ( العوالم خل ) العلوية والسفلية والنورانية والظلمانية والحقيقية والمجازية والخلقية والامرية اذ ليس العلم الا احوال العالم والاعيان الموجودة والاختلاف انما هو لاختلاف المعاني الكلية المستدعي كل معنى منها علوما من سنخه كالنور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة والنور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة والنور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة والنور الابيض الذي منه البياض او منه ابيض البياض مثلا اذا علم حقيقة الجسم من حيث هو وما يقتضيه من حيث ذاته وما يصلح لان يعرض عليه شعب ( ينشعب خل ) منه العلم الطبيعي من احوال الاجسام من الفلكي والعنصري والبسيطي والمركبي واذا عرف حقيقة مقدار الاشكال الشبحية فيما ( وما خل ) يصح عليها وما تقتضيه من حيث ذاتها ينفتح له باب العلم الرياضي بجميع انحائه واقسامه وكذلك امثالهما ( امثالها خل ) من المعاني الكلية الجامعة ويختلف العلماء في معرفة ذلك المعنى الكلي وكذا في كيفية استنباط تلك الجزئيات منه فيه شفاء للناس لانه اذن يدرك الحق ويعرض عن الباطل لانه يرى ( يرق خل ) الشيء ويشاهده على نحو ( نهج خل ) يستخرج منه جميع احواله فيسكن عنده ولا تضطرب ( لا يضطرب خل ) اذ الحق يشفي العليل ويبرد الغليل بخلاف الباطل فانه يعلل الفهم ويسقم القلب ويعوج الفطرة ويكدر الصفوة من المشاعر والقوى كما قال مولينا عليّ بن الحسين عليهما السلام واقشع عن بصائرها سحاب ( عن ابصارنا سحائب خل ) الارتياب واكشف عن قلوبنا اغشية المرية والحجاب وازهق الباطل عن ضمائرها ( ضمائرنا خل ) واثبت الحق في سرائرنا فان الشكوك والظنون لواقح الفتن ومكدرة لصفو ( لصفح خل ) المنايح والمنن الدعاء فاذا ادركت الحق وعلمت الصواب فاعلم انه شفاء لكل مرض من امراض الجهل والسهو والغفلة والشك والظن وغيرها من كل باب ولعمري ان هذه الآية الشريفة متكفلة لبيان عين اليقين على احسن ما يمكن ولا بيان ازيد من ذلك لا يقال ان هذا تأويل يخالف الظاهر والاصل عدمه للزوم ارتكاب المجاز لانا نقول بعد ما فسر النحل بآل محمد سلام الله عليهم والجبال بالعجم والشجر بالعرب او بالعكس ولم يحضرني الآن ( الآن لفظ خل ) الحديث فلا محيص الا الى ما ذكرنا لا يقال انه من الاخبار الآحاد التي لا توجب ( لا يوجب خل ) علما ولا عملا لانا نقول اذا كان الخبر الواحد محفوفا بالقرائن القطعية يتعين العمل به سيما عند اعتضاده بالعقل القاطع وانت لو تأملت على حقيقة الامر في ما ذكرنا ينكشف لك الواقع ان شاء الله ولو كشف الغطاء لمااخترتم الا الواقع فافهم
مراتب علم ( عين خل ) اليقين - اعلم انه كما كان في مرتبة علم اليقين مراتب ثلاثة ( ثلاث خل ) كذلك يكون في مرتبة عين اليقين فان فيها مراتب ثلاث حسب التفات النفس اي الشخص الى المقامات العقلية النورية المحضة اولها وهو ادناها اول ظهور مقام العقل قبل انمحاق جهات النفس الصاعدة الى الروح والتفات العقل النازلة له الى ( النازلة الى خل ) الروح ايضا وثانيها وهو اوسطها بل اولها مقام العقل في حد ( مد خل ) ذاته في مرتبة ذاته وبلوغه الى مقام قاب قوسين قبل ان يصل الى مقام او ادنى وهو مرتبة الحقيقة ( مرتبته الحقيقية خل ) وذاته الواقعية من غير نزول وصعود فافهم وثالثها وهو آخرها واعلاها مقام العقل حين التفاته الى الفؤاد النور الذي خلق منه الذي يدرك به المؤمن صاحب الفراسة الاشياء فاذا قطع التفاته عن نفسه فذلك مقام آخر وعالم آخر كما سيظهر لك ان شاء الله تعالى
القول في الفرق بين علم اليقين وعين اليقين - اعلم ان الفرق بينهما في غاية الوضوح ونهاية الظهور كالفرق بين الارض والسماء ( السماء والارض خل ) فان النفس هي الارض والعقل هو السماء لان علم اليقين فيه ادراك الصور المعينة لذلك المعنى في حد خاص وتعين معين على الوجه الثابت الجازم المطابق للواقع مدرك ( مدركه خل ) النفس المطمئنة عند نظرها الى عليين حين ما رجعت الى ربها وكانت راضية مرضية ودخلت في عباد الله الصالحين فاستحقت بذلك دخول جنة القرب والصواب امتثالا لقوله تعالى يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي فلا نصيب ( فلا تصيب خل ) لاهل هذه المرتبة اي مرتبة علم اليقين لادراك ( الا ادراك خل ) ذلك المعنى من حيث ذلك التعين بتلك ( فتلك خل ) الصورة كما انه عرف الانسان من حيث ظهوره في الفرد الخاص كزيد مثلا على الوجه الثابت الجازم والمطابق للواقع فاذا تعين ذلك المعنى الكلي بتعين آخر قد يلتبس عليه ولا يدركه بل يراه معارضا لذلك المعنى الاول المتعين بتعين آخر لجهله بالوحدة لكون مقامه مقام الكثرة فلا يرى الوحدة ما دام في ذلك المقام بخلاف مقام عين اليقين فان فيه ملاحظة الوحدة والاعراض عن الكثرة ومعرفة الاشياء الكثيرة ومعرفة الشيء الواحد ففي مقام علم اليقين علم ويقين وشيء جزئي على وجه مخصوص وفي مقام عين اليقين يعرف الباب الذي ينفتح منه الف باب ومن كل باب الف باب ومن كل باب الف باب وهكذا الى ما لا نهاية له فلا ساحل لبحر علمه ولا منتهي لكنه فهمه ولا ينسد عليه الباب بل هو واقف دائما وسائل للمداد ( للمدد خل ) ابدا من ذلك الجناب باب الابواب وسر الحجاب الذي تنتهي اليه المسببات والاسباب وبهذا العلم يعاين ( يعاني خل ) ويشاهد الملك الذي له رؤس بعدد رؤس الخلايق ممن وجد ومن سيوجد الى يوم القيمة وما ورائه الى ما شاء الله وبعلم اليقين يعرف رأسا من تلك الرؤس ووجها من تلك الوجوه فما اقل هذا المقام بالنسبة الى ذلك المقام وبعلم اليقين يعرف ان في القرآن حقيقة ومجازا وكناية واستعارة ( كناية واشارة واستعارات خل ) وتلويحات وبعين اليقين تعرف ( يعرف خل ) النقطة الواحدة السارية في كل تلك الاطوار ويظهر عنده حكمة الله العزيز الجبار فتطوى لديه طوامير الحقيقة والمجاز والتواطؤ والتشكيك والنقل والارتجال ويشاهد الحقيقة ( الحقيقة الواحدة خل ) في كل الاحوال ويعرف البواطن القرآنية في خلال تلك الاحوال ليشاهد ظهور الحقيقة الواحدة في قوس النزول في كل عالم على حسب ذلك العالم فيطلق الماء مثلا على الحقيقة المحمدية ( المحمدية مرة خل ) وعلى الحقيقة العلوية اخرى وعلى الرتبة الزكية الفاطمية اخرى وعلى السادة الاطهار وامناء ( الاطهار امناء خل ) الملك الجبار اخرى وعلى ( على حقيقة خل ) العرش الاعظم اخرى وعلى الكرسي المقدم اخرى وعلى سر السموات اخرى وعلى سر الارضين اخرى وعلى حقيقة الكواكب اخرى وعلى النار اخرى وعلى الهواء اخرى وعلى مبدء المتولدات اخرى وعلى المنجمد اخرى وعلى المايع اخرى والكل حقيقة في بعضها تشكيك وفي بعضها تواطؤ وفي بعضها حقيقة بعد حقيقة وهكذا تصاريف ساير الالفاظ من نوع ما ذكرنا بالايجاز فعين اليقين به يعرف بواطن الاشياء لا سيما الكتاب والسنة وبعلم اليقين يعرف قشورها وظواهرها وفي كلتا الحالتين ناظر بنور الله طارق باب الله مستمد من الله مصيب امر الله ناطق بحجة الله لكن في مقام علم اليقين منجمد وفي مقام عين اليقين ذائب وعين اليقين باب باطن مقره العرش وعلم اليقين باب ظاهر مخزنه الكرسي في الكوكب ( الكواكب خل ) والبروج والمنازل والمحال والمواقع وبعلم اليقين يستدل بدليل المجادلة لاهل الصورة وبعين اليقين يستدل بدليل الموعظة الحسنة لاهل المعنى وبالجملة فعلم اليقين وعين اليقين بينهما فرق بين وتميز ( تمييز خل ) ظاهر من نوع ما ذكرنا وامثاله فخذه وكن لله شاكرين ( وكن من الشاكرين خل ) وهذا مجمل احوال علم عين اليقين
القول في مبدء تحقق حق اليقين - اعلم ان النور الرباني والفيض السبحاني الذي اثبتنا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل انه هو العلم وهو اول صادر عن الحق سبحانه بالنسبة الى مراتب كل شخص ومقاماته الذي امره الله سبحانه بالاقبال اليها وبالمسافرة ( المسافرة خل ) من الحق الى الخلق فسافر ممتثلا ( متمثلا خل ) واقبل الى الخلق مرتبة بعد مرتبة الى ان وصل ( جاء نسخة ) الى التراب وانجمد وانقطع عن الحيات ومات ثم اراد الله سبحانه احيائه كما قال تعالى كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم امره سبحانه بالاقبال والمسافرة من الخلق الى الحق بعكس السفر الاول اي الرجوع الى الوطن بعد الهجرة فاقبل اليه سبحانه ممتثلا ( متمثلا خل ) لقوله ومجيبا لدعوة ربه فمر في صعوده كما كان في نزوله الا انه ( ان خل ) في الثاني كان على جهة الخفاء وفي الاول على جهة الظهور كما هو شأن الصعود بعد الهبوط فمر في صعوده على مقام النبات ولم يظهر فيه ادراك وشعور الا فعل النمو والذبول ومر على الحيوان فظهر في هذا المقام الشكوك والظنون والاوهام والوسواس والارتياب والنجوى والخيالات الغير المستقلة الباطلة والكاذبة وبعض الادراكات الحقة الجزئية على ما فصلت وبينت وشرحت فبعد ما قطع تلك المسافة اما صاعدا الى اعلى عليين واما هابطا الى اسفل السافلين ووصل الى مقام النفس ومر عليها فصار مبدء انشراح الصدر بالايمان والعلوم الحقة والصور النفس الامرية وفي مقابلة انشراح الصدر بالكفر والادراكات الثابتة الجازمة الباطلة الغير المطابقة لما في نفس الامر وهي مجتثة وان كانت ثابتة وذلك هو الحرج والضيق قال الله تعالى فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون وهذا مقام علم اليقين والجهل المركب كما مر مشروحا مفصلا فبعد ما قطع في صعوده مقام النفس ودخل في الباب العقلي وانفتحت له ابواب من العلم فصار في هذا المقام مبدء عين اليقين الى هنا كان آخر مقامات التعين والتشخص فبعد ما قطع مسافة هذا العالم مع وسعته وبعده لحق بمركزه وعاد الى عالمه وادرك ذاته بذاته فادرك كل شيء بذلك الادراك اذ الكل من شيء واحد وهو الجنان الصاقورة الذي روح ( الذي ذاق روح القدس خل ) من حدائقه الباكورة فهو يدرك حقيقة الشيء من حيث هي مع قطع النظر عن التعينات والتشخصات باي وجه كانت ويحيط بالاشياء المقيدة احاطة تامة كلية بحيث اذا وصل الشخص الى ذلك المقام لا يشذ منه جهة من جهات الشيء وحال من احواله وحيثية من حيثياته فهو يحيط بكل ذلك علما
بيان حق اليقين - فاذا وصل الى هذا المقام بعد قطع تلك المسافات يحصل حق اليقين وانه الحق ( لحق خل ) اليقين والنور المبين ويدرك جميع مراتب الاشياء في اماكنها ويدرك اجسامها بالقوى الجسمانية واشباحها بالقوى الشبحية وارواحها بالقوى الروحانية وانوارها بالقوى النورانية واسرارها وحقايقها بذاته وحقيقته فلا يكون شيء في رتبته ( رتبة خل ) الا وقد وقع علمه عليه وهذا بخلاف عين اليقين فانه كان يخفى فيه حقيقة الشيء التي هي جهة الاحدية الامكانية وانما كان فيه ظهور الواحدية بالاحدية فهي الكاف المستديرة على نفسها وفي هذه المرتبة يعرف الحق سبحانه بكمال المعرفة التامة الحقيقية التي لا اتم منها ولا اكمل مما يتصور في حق الممكن ويمكن له ( له لا خل ) كما هو الواقع عليه اي معرفة المثال الذي القاه الله تعالى في هوياتنا لنعرفه به والآية التي ارانا الله اياها اي النور الوصفاني والنقش الفهواني المكنون المخزون في اللب الانساني الذي وقع عليه السؤال في حديث كميل لمولانا الولي الملك المتعال ما الحقيقة قال عليه السلام ما لك والحقيقة لعلو شأنها ونبالة مكانها ولاختصاص الخصيص من الكملين من الشيعة بها وانت لست منهم ( فيهم خل ) وما وردت مائهم وشربت شربهم فزعم كميل انها من الاسرار التي يخص بها امير المؤمنين عليه السلام وهو صاحب سره فتعجب من انكاره عليه السلام وطرده عن هذا الباب فقال ( قال خل ) اولست بصاحب سرك فاجابه عليه السلام بما يناسب مقامه ولم يأخذه بما اساء من ( عن خل ) الادب لانه عليه السلام من اهل بيت ( بيت العصمة وخل ) العفو والكرم فقال عليه السلام بلى ولكن يرشح عليك ما يطفح مني فلما عرف كميل مقامه وعلم انه ليس محلا لذلك ( لذاك خل ) فجاء في مقام العجز والضعف بأني وان لم اكن لادراكها قابلا ولكن لكل سؤال جواب ورب حامل فقه الى من هو افقه منه فاجابه عليه السلام بقوله الحق كشف سبحات الجلال من غير اشارة ( اشارة وكميل خل ) وان علم ان هذا المقام عال بعيد المنال ولم يمكنه الوصول اليه الا انه اراد ان يدركه بالوصف المقالي ولما لم يعرف تلك الفقرة فاستزاد البيان فقال زدني بيانا ( بيانا فقال عليه السلام محو الموهوم وصحو المعلوم فقال زدني بيانا خل ) فقال عليه السلام هتك الستر لغلبة السر فقال ( قال خل ) زدني بيانا قال عليه السلام جذب الاحدية لصفة التوحيد فقال زدني بيانا قال عليه السلام نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره فقال ( قال خل ) زدني بيانا فقال عليه السلام اطفئ السراج فقد طلع الصبح ه وهذه المضامين ( المضامين كلها خل ) لا يكون الا في مقام حق اليقين وهو لا يكون الا في اعلى المشاعر والمدارك وهو فوق العقل فمقر حق اليقين هو الفؤاد وهو نور الله الذي خلق منه الشيء وان سبق الى اكثر الاوهام ان ليس ( ليس فيه خل ) فوق العقل شيء الا الذات القديمة تبارك وتعالى
بيان الاستدلال على وجود مرتبة فوق العقل نقول برهانه على جهة الحكمة والموعظة الحسنة من اظهر الاشياء وانما خفاؤه لشدة ظهوره اذ قد يخفى الشيء لاجل شدة الظهور واما على دليل ( جهة خل ) المجادلة التي ( بالتي خل ) هي احسن فنقول حيث ان الناس من جهة بقائهم في مقام الصدر والنفس وعدم ترقيهم الى المقامات فوقها لا يدركون غير المجادلة فلو القيت اليهم من دليل الحكمة او دليل الموعظة الحسنة اللذين هما الاصلان والعمدتان في الايصال الى المعرفة واليقين والايقاف عليها ( الايقان عليهما خل ) لكنهم من جهة قصرهم ( قصورهم خل ) يقولون ان هذا المطلب بقي بلا دليل وبرهان ولذا ( لذا لو خل ) اردنا ان نلزم عليهم شيئا نأتيهم ( فاتهم خل ) بالمجادلة وهي ادنى الدلالات واخفي الاشارات وذلك مبلغهم من العلم فنقول هذا العقل شيء موجود ام لا والثاني بديهي البطلان والاول هل هو موجود مستقل بالله من الاعيان الخارجة النفس الامرية ام لا والثاني ايضا باطل لما برهن في محله والاول ( الاول هل خل ) هو اشرف من غيره ام لا والثاني باطل ايضا لاعترافهم بان العقل من صقع الربوبية وهو المجرد عن المادة مطلقا ذاتا وفعلا والاول هل هو مركب او بسيط والثاني باطل لاعترافهم بان كل ممكن زوج تركيبي ولا شك في امكان العقل والاول هل هو مركب من الوجود والماهية او غيرهما والثاني باطل لعدم غيرهما والاول هل الوجود امر متأصل ذا تحقق وتذوت في العين الخارجي ام لا والثاني باطل لاعتراف محققيهم بذلك ولما اقمنا عليه من البراهين القاطعة في كتابنا اللوامع الحسينية وليس هنا محل استقصاء هذا المرام والاول هل الوجود اشرف ام الماهية والثاني باطل والاول هل له علم وكمال ونور وبهاء وجمال اشرف واعظم من علم العقل وكماله وجماله ام يساوي العقل في الكمالات ام يكون دونه فيها شيء ام ليس فيه شيء منها والثلاثة الاخيرة باطلة جزما اما الاول فللزوم مساواة العالي والسافل من حيث هو سافل في الكمالات والمزايا والفضايل وهو باطل جدا والا لم يكن العالي عاليا من حيث هو كذلك ولا السافل سافلا كذلك وبطلان الاول من الثلاثة يستلزم بطلان القسمين الاخيرين بالطريق الاولى فثبت الاول من الاربعة ( من الاول خل ) وهو ان يكون الوجود ( للوجود خل ) الذي هو جزء العقل المتعين بالحدود العرضية والتعين ( العرضية بالتعيين خل ) المعنوي في الحد العقلي اعلى واشرف واقدم بهاء و( واقدم وخل ) اكثر بهاء واعظم نورا وسناء واشد تحققا وتذوتا وتأصلا واقرب منه مبدء واشد نورا واجل خطرا واعلى منزلا واوفر حظا واجزل قسما في كل خير ونور ( نور وخير خل ) وحق من العقل وعينية تلك الكمالات كلها له مما سبق برهانه وحيث كان العقل مقر عين ( العين خل ) اليقين وجب ان يكون مقر حق اليقين هو الوجود بل هو الحق اليقين لما قد عرفت من ان كمالاته كلها ذاتية وليس له فعل في رتبة ذاته ويعبر عنه اهل البيت عليهم السلام في محاوراتهم بالفؤاد واعلم انا قد نتغافل في هذا المقام عن ذكر احواله على جهة البسط في الكلام وما فيه من الاسرار بالبيان التام نظرا الى ما قال الامام عليه السلام :
اني لاكتم من علمي جواهره كيلا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
واقول كما قال الشاعر في حفظ السر :
اخاف عليك من غيري ومني ومنك ومن زمانك والمكان
فلو اني جعلتك في عيوني الى يوم القيمة ما كفاني
فاعلم يا اخي ( اخي انه خل ) الى هنا انقطع مقامات العلم وليس فوق هذه المرتبة ( الرتبة خل ) مقام وادراك وفهم ونور وظهور للشيء في نفسه ولا لغيره له اذ ( لغيره اذ خل ) ليس وراء عبادان قرية ولذا قلنا ان مقام الفؤاد اعلى المقامات واشرف الدرجات وظهور الحق سبحانه للشخص في هذه المرتبة اكمل الظهورات بالنسبة اليه في المراتب الامكانية وليس ( يسمي خل ) توحيده للحق سبحانه فيه التوحيد الحقيقي والفناء الواقعي الذي هو البقاء التحقيقي والوصول ( الواصل خل ) الى هذا المقام في كل آن في الترقي ولكن الترقي انما هو فيه ولا يصعد من هذه المرتبة ابدا لامتناع ذلك وظهور الحق سبحانه في مقام عين اليقين يسمي بالتوحيد الشهودي ويرى الموحد في ذلك المقام كل الموجودات باطلة مضمحلة وظهور الحق في مقام عين ( علم خل ) اليقين يسمى بتوحيد الذات وهو يستدل من المعلول على العلة ومن الآثار يعرف المؤثر وليس توحيد في مقام الشك والظن والوهم والخيال فمن زعم ان التوحيد يجتمع مع الظن فقد قال محالا واتى باطلا وليس في محال القول حجة ولا في المسئلة عنه جواب ولا في معناه لله تعظيم هذا ما سنح بالبال في معرفة هذه المراتب على جهة المشاهدة والعيان والاستدلال والبرهان وما ( وما اكثر ما خل ) طويت ذكره في هذا المقام مما يتعلق به لامور منها اختلال البال بعروض الامراض المانعة من استقامة الحال ومنها اداؤه الى التطويل المورث للكلال والملال ومنها احتياجه الى مقدمات كثيرة تؤدي الى البسط في المقال ومنها عدم احتمال الناس ويسارعون ( يسارعون اليه بالانكار ويبالغون في الجهل ويسارعون خل ) الى اظهار شنايع الاحوال ( الاحوال كيف خل ) وقد ابتليت بزمان قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعا الغي اتباعه فلبوه من كل جانب ومكان باللسان والجنان وهذا الذي ذكرناه كفاية لمن استبصر واستهدي للصراط المستقيم صراط الذين انعمت ( انعم الله خل ) عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين انتهى ما ذكرته مع زيادة يسيرة في المقدمات الاربعة عشر التي رسمتها لشرح اربعين حديثا نسئل الله التمام مع الاتصال بخير ختام
واما الحقيقة والطريقة والشريعة - فاعلم انه قد اكثر الحكماء والصوفية فيها من الكلام واذا تأملتها وجدتها نفخا من غير ضرام لا يسمن ولا يغني من جوع ولو اردت ان اذكرها وابين ما فيها من الفتور والقصور لطال بنا المقال وهو لا يقتضي حالي مع ما انا عليه من اختلال البال فانا اذكر لك ما عرفته من كلمات محمد المفضال وآله خير عترة وآل عليه وعليهم صلوات الله بالغدو والآصال فنقول ان العبد اذا عرف نفسه عبدا ممكنا فقيرا لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا فيجب ان يعرف ربه وخالقه ورازقه وما يقتضي صفة كينونته وكيفية سلوكه مع عبده ويجب ان يعرف نفسه والاسباب التي توجب ( يوجب خل ) استيهالها وقابليتها للفيض الابدي والنعيم السرمدي وتوجه العناية عن الله سبحانه وتعالى اليه ويجب ان يعرف كيفية ( كيف خل ) سلوكه مع ربه على مقتضى كينونته وصفاته وحيث ان العبد جاهل مايعرف شيئا من هذه الامور يجب على الله سبحانه في الحكمة ان يبين هذه الامور ويشرحها لهم وقد تقدم في شرح قوله عليه السلام يا من دل على ذاته بذاته ان بيان الله سبحانه لعبده في كل ما يجب على الله بيانه على قسمين حالي ومقالي فنقول ان بيان الله تعالى سبحانه معرفة نفسه وما يتعلق بهذه المعرفة من التوحيد واركان التوحيد وحملته ومحاله واسمائه ومظاهره ( مظاهره واسمائه خل ) وصفاته وثوابه وعقابه وساير ما يتعلق بها هو المسمى بالحقيقة لان تلك هي حقيقة اصلية كلما عداها تدور عليها وتتفرع منها فهي الاصل الثابت والشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ولما كان الخطاب النبوي الصادر عن الوحي الالهي بقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي صدق بقوله انا لا نخاطب الناس الا على ما يعرفون وجب على الله سبحانه في الحكمة ان يشرح هذه الحقيقة ويبينها لاطوار الموجودات وذرات الكاينات على حسب مقامها ومرتبتها فتعدد مراتب هذا العلم اي الحقيقة بحسب اختلاف مراتب الموجودات واختلاف مشاعرهم فمنها ما يدرك بعلم اليقين والمدرك لها النفس وشؤنها وآلاتها واطوارها ومنها ما يدرك بالقوة الحافظة وهي العالمة ومنها ما يدرك بالقوة الواهمة موضع الصور الغيبية التي ليست من شأنها الظهور في الكون الجسمي ( الجسم خل ) ومنها ما يدرك بالقوة ( بالقوة المتخيلة محل الصور الغيبية التي من شأنها الظهور في الكون الشهودي الجسمي ومنها ما يدرك بالقوة خل ) المفكرة وهي موضع التفريق والجمع والاتصال والانفصال والحركة والسكون ومنها ما يدرك بالحس المشترك وهو احوال تظهر في عالم البرزخ من جابلقا والجابلصا ( جابلصا خل ) وهما اللتان تأوي اليهما الارواح بعد مفارقتها من ابدانها الجسمانية لا الجابلقا و( ولا خل ) الجابلسا اللتان خلق فيهما ابونا آدم عليه السلام ولا التي تظهر في آخر الرجعات عند مسجد الكوفة وما ورائها الى ما شاء الله ومنها ما تدركه في الجنة التي خلق فيها آدم عليه السلام بآلاتها وآلات اهلها وقواها ومشاعرها ومنها ما تدركه في موضع يكون طالع الدنيا فيه السرطان والكواكب في اشرافها وليس هناك ( اشراقها وليس هنالك خل ) الا مشرق واحد ومغرب واحد وجنوب واحد وشمال لا تعدد ( متعدد خل ) المشارق ولا المغارب ومنها ما تدركه في الجزيرة الخضراء على ساحل البحر الابيض وهي التي فيها ظهور مولينا صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلني فداه واعانني على طاعته وطلب رضاه عليه وعلى آبائه السلام ومنها ما تدركه في باطن العرش محدد الجهات عند ظهور اسم الله البديع ومنها ما تدركه في ظاهر العرش محدد الجهات عند ظهور القطب الظاهر بمعدل النهار ومنها ما تدركه في باطن الكرسي عند ظهور اسم الله الوارث ومنها ما تدركه في ظاهر الكرسي عند ظهور الكواكب والبروج والمنازل النورانية والظلمانية ومنها ما تدركه في باطن السماء السابعة عند ظهور اسم ( الاسم خل ) الرب ومنها ما تدركه في ظاهر السماء السابعة عند ظهور باطن فلك زحل ومنها ما تدركه في ظاهر السماء السابعة عند ظهور ظاهر فلك زحل ومنها ما تدركه في باطن الخارج المركز لزحل ومنها ما تدركه في ظاهر الخارج المركز المذكورة ( ظاهر الخارج المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن التدوير لزحل ومنها ما تدركه في ظاهر التدوير المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في ظاهر المتمم الحاوي لزحل ومنها ما تدركه في باطن المتمم المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن جوزهر فلك زحل ومنها ما تدركه في ظاهر الجوزهر المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن المتمم المحوي لزحل ومنها ما تدركه في ظاهر المتمم المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن السماء السادسة عند ظهور الاسم العليم ومنها ما تدركه في ظاهر السماء السادسة عند ظهور المشتري ومنها ما تدركه في باطن الخارج المركز للمشتري ومنها ما تدركه في ظاهر الخارج المركز المذكورة ( ظاهر الخارج المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن التدوير للمشتري ومنها ما تدركه في ظاهر التدوير المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن المتمم الحاوي للمشتري ومنها ما تدركه في ظاهر المتمم الحاوي المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن المتمم المحوي للمشتري ومنها ما تدركه في ظاهر المتمم المذكور ومنها ما تدركه في باطن جوزهر الفلك المشتري ومنها ما تدركه في ظاهر الجوزهر المذكور ومنها ما تدركه في باطن السماء الخامسة عند ظهور الاسم ( اسم خل ) الباطن ومنها ما تدركه في ظاهر السماء الخامسة عند ظهور الاسم القاهر ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في باطن الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في ظاهر الخارج المركز ( ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في ظاهر الخارج ) ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في باطن فلك التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في ظاهر فلك التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في باطن المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في ظاهر المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في باطن الجوزهر ومنها ما تدركه عند ظهور المريخ في ظاهر الجوزهر ومنها ما تدركه في باطن السماء الرابعة عند ظهور الاسم ( اسم خل ) الحكيم ومنها ما تدركه عند ظهور الشمس في باطن الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور الشمس في ظاهر الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور الشمس في باطن المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور الشمس في ظاهر المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظاهر ( ظهور خل ) الشمس في باطن الجوزهر ومنها ما تدركه عند ظهور الشمس في ظاهر الجوزهر ومنها ما تدركه في باطن السماء الثالثة عند ظهور الاسم الشكور ( المشكور خل ) ومنها ما تدركه في ظاهر السماء الثالثة عند ظهور الاسم ( اسم خل ) المصور ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في باطن الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في ظاهر الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في باطن التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في ظاهر التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في باطن المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة ( ظهورها خل ) في ظاهر المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في باطن المتمم المحوي ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في ظاهر المتمم المحوي ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في باطن الجوزهر ومنها ما تدركه عند ظهور الزهرة في ظاهر الجوزهر ومنها ما تدركه في باطن السماء الثانية عند ظهور الاسم المقدر ومنها ما تدركه في ظاهر السماء الثانية عند ظهور الاسم المحصي ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر الخارج المركز ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن المدير ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر المدير ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر المتمم الحاوي ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن المتمم المحوي ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر المتمم المحوي ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في باطن الجوزهر ومنها ما تدركه عند ظهور عطارد في ظاهر الجوزهر ومنها ما تدركه في باطن سماء الدنيا عند ظهور وجه من اسم الرب ومنها ما تدركه في ظاهر السماء الدنيا عند ظهور الاسم المبين ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في باطن الحامل ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في ظاهر الحامل ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في باطن المايل ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في ظاهر المايل ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في باطن التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في ظاهر التدوير ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في باطن الجوزهر ومنها ما تدركه عند ظهور القمر في ظاهر الجوزهر ومنها ما تدركه في باطن الكرة الاثيرية ( الاثرية خل ) عند ظهور الاسم القابض ومنها ما تدركه في ظاهر الكرة المذكورة ومنها ما تدركه في باطن الطبقة الاولى من كرة الهواء ومنها ما تدركه في ظاهر الطبقة الاولى من الكرة المذكورة ومنها ما تدركه في باطن الطبقة الثانية عند ظهور الاسم الحي ومنها ما تدركه في ظاهر الطبقة المذكورة عند ظهور الشهب الثواقب ( الثاقب خل ) والكواكب ذوات الاذناب والصاعقة ومنها ما تدركه في باطن الكرة الزمهريرية ومنها ما تدركه في ظاهر الكرة المذكورة وهي بظاهرها وباطنها الطبقة الثالثة للهواء ومنها ما تدركه في باطن الكرة البخارية الممتزجة بالهباء والدخان ومنها ما تدركه في ظاهر الكرة المذكورة وهذه الكرة محدودة باربعة عشر ( محدود بسبعة عشر خل ) فرسخا وثلث وهي بظاهرها وباطنها الطبقة الرابعة للهواء ومنها ما تدركه في باطن الريح الموكل عليها الملك الجنوب من جنود اسرافيل ومنها ما تدركه في ظاهر الريح المذكورة ومنها ما تدركه في باطن الريح الموكل عليها الدبور من جنود جبرائيل ومنها ما تدركه في ظاهر الريح المذكورة ومنها ما تدركه في باطن الريح الموكل عليها الصبا ( صبا خل ) من جنود ميكائيل ( جبرائيل خل ) ومنها ما تدركه في ظاهر الريح المذكورة ومنها ما تدركه في باطن الريح الموكل عليها ملك الشمال من جنود عزرائيل ومنها ما تدركه في ظاهر الريح المذكورة ومنها ما تدركه في باطن السحب المزجاة ومنها ما تدركه في ظاهر السحب المذكورة ومنها ما تدركه في باطن السحب المتراكمات ومنها ما تدركه في ظاهرها ومنها ما تدركه في باطن السحب المكفهرات ومنها ما تدركه في ظاهرها ومنها ما تدركه في باطن الامطار المعتصرة من السحب ومنها ما تدركه في ظاهرها ومنها ما تدركه في باطن الارض عند ظهور اسم الله الشكور ومنها ما تدركه في ظاهر الارض عند ظهور اسم الله المميت ومنها ما تدركه في باطن الارض الحاملة للمياه لتكوين النبات ومنها ما تدركه في ظاهرها ومنها ما تدركه في باطن المزاج الحاصل عند اجتماع العناصر وتصادم بعضها مع بعض وحصول الطبيعة الوحدانية الاخرى في المعتدل الحقيقي ومنها ما تدركه في ظاهر المزاج المذكورة ( المذكور خل ) في المعتدل الحقيقي ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهر المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة في النوع بالنسبة الى الخارج ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل ( المعتدل الحقيقي خل ) الغالب عليه الحرارة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الحقيقي الغالب عليه الحرارة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهر المزاج المذكورة ( المذكور خل ) ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الرطوبة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الرطوبة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الرطوبة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الرطوبة في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه اليبوسة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه اليبوسة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه اليبوسة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه اليبوسة في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة واليبوسة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة واليبوسة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة واليبوسة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة واليبوسة ( اليبوسة والبرودة خل ) في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة والرطوبة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة والرطوبة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة والرطوبة ( الرطوبة والبرودة خل ) في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه البرودة والرطوبة في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة واليبوسة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة واليبوسة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة واليبوسة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة واليبوسة في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة والرطوبة في النوع بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة والرطوبة في الصنف بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة والرطوبة في الشخص بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة والرطوبة في العضو بالنسبة الى الداخل ومنها ما تدركه في ظاهره ومنها ما تدركه في باطن المزاج الغير المعتدل الغالب عليه الحرارة والرطوبة او البرودة او اليبوسة ( عليه الحرارة واليبوسة والرطوبة والبرودة خل ) مفردا او ( وخل ) الحرارة والرطوبة او ( وخل ) الحرارة واليبوسة او البرودة والرطوبة او البرودة واليبوسة مركبا في كل واحد من النوع او الصنف او الشخص او العضو بالنسبة الى الخارج ومنها ما تدركه في ظاهر كل واحد من هذه الامزجة ومجموع عدد الظاهر والباطن يكون اربعة وستين ومنها ما تدركه في باطن الرتبة الجمادية ومنها ما تدركه بظاهرها عند تمام المزاج وخفائه وعدم حصول الابتهاج ومنها ما تدركه في باطن الرتبة المعدنية عند ظهور الاسم العزيز ومنها ما تدركه في ظاهرها باختلاف انواعها واصنافها واشخاصها ومنها ما تدركه في باطن الرتبة النباتية عند ظهور الاسم الرازق ومنها ما تدركه بظاهر هذه الرتبة على تفاوت احوالها واطوارها من اشجارها واثمارها ومنها ما تدركه عند ظهور باطن الرتبة الحيوانية المتعلق بها الروح البخاري المتشعب من جوزهر القمر عند ظهور الاسم المذل ومنها ما تدركه في ظاهر هذه الرتبة على اختلاف اجناس الحيوانات وانواعها واصنافها واشخاصها ومنها ما تدركه في باطن رتبة الملئكة المدبرات حملة التدبير في هذه المراتب والمقامات المذكورة عند ظهور اسم الله القوي ومنها ما تدركه في ظاهر هذه الرتبة العظيمة على اختلاف متعلقاتها في اطوارها واوطارها واكوارها وادوارها ( اوحارها خل ) ومنها ما تدركه في باطن رتبة الجن عند ظهور اسم الله اللطيف ومنها ما تدركه في ظاهر هذه الرتبة على اختلاف اجناسها وانواعها واصنافها واشخاصها ومنها ما تدركه في باطن الرتبة الانسانية في مقام ظهور ( الظهور خل ) النفس القدسية عند ظهور اسم الله الجامع ومنها ما تدركه في ظاهر هذه الرتبة العلية باختلاف اطوارها من قوله تعالى ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم اطوارا ومنها ما تدركه في باطن رتبة الغوث الاعظم والقطب المقدم والسر المعمي والرمز المنمنم عند ظهور قوله تعالى رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده منها ما تدركه في ظاهر هذه الرتبة العالية العلية عند ظهور النفس الملكوتية الالهية التي اصلها العقل عنه وعت واليه دلت واشارت وشابهته اذا كملت فهي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى من عرفها لم يشق ابدا ومن جهلها ضل وغوي فهذه مجمل المقامات والدرجات التي يظهر فيها علم الحقيقة على حسب ما بينه الله سبحانه للخليقة على ما تدركه النفس المطمئنة الراضية المرضية بعلم اليقين في هذه المقامات والدرجات والمراتب وفي كلها ظهرت الحقيقة الالهية والآية المرئية والحقايق الآفاقية والانفسية حسب ما تظهر عند اصحاب علم اليقين وهم الذين اشار اليهم الله سبحانه في قوله الحق كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم وتلك مشاهدة يقينية وبصيرة حقيقية ورؤية ايمانية وايقانية كما قال امير المؤمنين عليه السلام لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقيقة الايمان فتلك رؤية ايمانية يقينية حاصلة بظهور الادلة الواضحة الموجبة لليقين النازلة من عليين القاطعة للشك والريب والظن والتخمين فاذا واظب وداوم على هذا اليقين يظهر له ( له سر خل ) عين اليقين ويؤدي الليل الى النهار ويكشف صبح العيان عن وجه السماع الاستار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار ويشاهد تلك الحقيقة بعين اليقين ويشاهدها العقل في مراتب منها في باطن العقل المنخفض عند ظهور اسم الله البديع ومنها في ظاهره عند ظهور المرة السوداء وعند ظهور اللام الاحمر وعند ظهور الياقوتة الحمراء ومنها ما يدركه في باطن العقل المستوي ومنها ما يدركه عند ظاهره ومنها ما يدركه في باطن العقل المرتفع عند ظهور النقطة في بسم الله الرحمن الرحيم ومنها ما يدركه في مقام العقل المرتفع عند ظهور انا النقطة تحت الباء ومنها ما يدركه في باطن الالف اللينية في الم ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن باء البهاء من البسملة ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الجيم في الجلال والجمال والجناب والجمع وجمع الجمع ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن دال الدوام والديموم والدنو والدليل والدلالة ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن هاء هو الاسم الاعظم الهوية المطلقة ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن واو الولي والولاية والوهاب والوحدة والواحدية ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الزاء في الزكي والزاكي ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الحاء في الحكيم والحليم والحامد والحمد ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الطاء في الطالب والطمطام والطهر والطاهر والطيب ومنها ما يدركه ( تدركه خل ) في ظاهرها ومنها ما يدركه ( تدركه خل ) في باطن الياء في اليقين ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الكاف في الكمال والكامل والكلام والكليم والكلمة اي كلمة التوحيد وكلام الله والكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وكهيعص ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن اللام في لا اله الا الله ولا معبود سواه الحافظة للالف اللينية ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الميم في المهيمن والملك والمرشد والمنان ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن النون في النعمة والنور ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن السين في السمع والسميع والسامع ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن العين في العلي والعظيم والعفو ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الفاء في الفرد والفتاح والفاتح ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن ( الباطن خل ) الصاد في الصبور ( الصبور والصبار خل ) والصمد ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن القاف في القدوس والقدير والقاهر والقوي ( والقوي والقاهر خل ) ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الراء في الرب والرازق والرفيع والرشيد والرؤف ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الشين في الشكور والشهيد ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن التاء في التواب ومنها ما يدركه في ظاهرها ( ظاهره خل ) ومنها ما يدركه في باطن الثاء في الثابت ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الخاء في الخالق والخبير ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الذال في ذي الجلال والذارئ ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الضاد في الضار ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الظاء في الظاهر ومنها ما يدركه في ظاهرها ومنها ما يدركه في باطن الغين في الغفار والغني والغفور ومنها ما يدركه في ظاهرها وهذه المراتب في الحروف التكوينية والتدوينية مواقع ظهور علم الحقيقة يدركها العقل المرتفع ومنها ما يدركه الفؤاد ومن سر الحقيقة التي هي ظهور الحق سبحانه تعالى على ما بينه في نفسه ( بنفسه خل ) في اطوار مراتبه بلا كيف ولا اشارة والتعدد في هذا المقام منقطع والاختلاف مرتفع وهناك التوحيد ظاهره في باطنه وباطنه في ظاهره ظاهره موجود لا يخفى ( موجود ليس يحصي خل ) وباطنه مفقود لا يرى فبيان الله سبحانه وتعالى لخلقه من معرفة توحيده واسمائه وصفاته وكينونات افعاله وآثاره ومجالي شؤناته واطواره للخلق بالخلق في كل مرتبة بحسب مقامها وكل مقام بمقتضى كينونته وهذا مجمل ما يتعلق ببيان الحقيقة وسرها في الاكوان والاعيان وحيث ان بيانه سبحانه وتعالى يجب ان يكون كاملا كان على قسمين بيان حالي وبيان مقالي وجميع ما ذكرنا من المراتب يتضاعف ( بتضاعف خل ) مرة ليكون علم الحقيقة ظاهرا في الحال والمقال وعلى الله التوكل في كل حال
واما علم الطريقة فهو بيان الحق سبحانه لعبده بنفسه ( نفسه خل ) اي بنفس ( نفس خل ) العبد بتعريفه سبحانه اياها لان الخلق كلهم جهال الا ما علمه ( علم خل ) الله سبحانه سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال عليه السلام على ما رواه الكليني في الكافي ان الله اجل ان يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به فحيث ان العبودية لا تتم الا بان يعرف العبد نفسه وما يقربه من ربه وما يبعده عنه ويعرف مفصوله وموصوله وما يؤل اليه امره فوجب في الحكمة على الله سبحانه ان يعرف نفسه والاسباب التي توجب استيهالها وقابليتها للفيض الابدي والنعيم السرمدي وتوجه العناية عنه سبحانه وتعالى اليه وهذا البيان والتعريف والوصف والتوصيف والشرح والتبيين لايصال العبد الى ما الغاية لخلقه والعلة في وجوده من افاضة النعم الغير المتناهية عليه وايصال الفيض اللاتناهي اليه هو علم الطريقة والمتكفل لبيانها علم الاخلاق والآداب وهي معرفة النفس من حيث تجليها ( تجليها بالفضائل وتخليها خل ) عن الرذائل وهي علم الطريقة والفريضة اي تعديل المزاج لظهور ( بظهور خل ) الابتهاج لتكون قابلا لحمل دوام المدد ودوام مقابليته ( مقابلته خل ) لوجه السرمد والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين عليه السلام في حديث الفلسفة قال عليه السلام اليس من اعتدل طباعه صفا مزاجه ومن صفا مزاجه قوي اثر النفس فيه فصار موجودا بما هو انسان دون ان يكون موجودا بما هو حيوان وقد دخل في الباب الملكي الصوري وليس له عن هذه الغاية مغير فعلم الطريقة علم الاخلاق ومعرفته ( معرفة خل ) تهذيب النفس بدليل الموعظة الحسنة المعروفة التي تجري في جميع الاخلاق الطيبة والملكات الحسنة لان دليل الموعظة الحسنة هو الترديد بين الحق المقطوع به والباطل المشكوك فيه واخذ ما فيه النجاة القطعي وترك ما فيه الهلاك ولو بالاحتمال كما قال الصادق عليه السلام لابن ابي العوجاء حين انكر على الطائفين لبيت ( بيت خل ) الله الحرام فقال عليه السلام ان كان الامر كما يقولون وهو كما يقولون فقد نجوا وهلكتم وان كان الامر كما تقولون وليس كما تقولون فانتم وهم سواء محصله ان الحق لا يخلو اما ان يكون الحق معك او مع الطائفين بالبيت فان كان الحق معك على فرض المحال من انكار الصانع والحشر والنشر فانتم وهم سواء بعد ما متم ولا يضرهم ما فعلوا من الاعمال الخاصة كما انكم لا تعملونها وتعملون ما يضادها فبعد الموت ليس عليكم شيء ولا عليهم وان كان الحق مع الطائفين كما هو الحق والواقع من اثبات الصانع والحشر والنشر فقد نجوا حيث انهم اتوا بما يوجب نجاتهم في الآخرة وتقربهم ( يقربهم خل ) زلفي عند الله وهلكتم ( هلكتم انتم خل ) حيث قصرتم عن الاتيان بما يوجب نجاتكم واتيتم بما فيه هلاككم في الآخرة فمتابعة الطائفين موجب للنجاة على كل حال سواء كان الحق معكم ومعهم ومتابعتكم ليس فيه النجاة اذا لم يكن الحق معكم فاذا اتبعتم الطائفين فانتم الناجون قطعا يقينا ومن هذا القبيل قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون يخاطبهم بقوله ان كان كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم وامثالها من الآيات فهذا الدليل يستعمل في جميع ما يوجب القرب الى الله والزلفى لديه وترك جميع ما يوجب البعد عن الله سبحانه واستيهال رحمته ومغفرته من فضله وكرمه ولما كانت ( كانت النفوس خل ) مختلفة فاصلاحها لاستيهالها للكمالات مختلفة فحيث ان الله سبحانه اتى كل نفس هديها والهمها فجورها وتقويها كان علم الطريقة في كل مرتبة على حسبها فسبيلها سبيل علم الحقيقة فيجري في جميع ما ذكرنا من المراتب التي عددناها في كل شيء بحسبه فلا يحتاج الى تعداد ثان فيتوصل الى هذا العلم بالمراتب الثلاث التي هي علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين بمراتبها واحوالها كما اشرنا الى مجمل منها فقس ما لم نذكر بما ذكرنا
واما الشريعة فهي بيان الله سبحانه وتعالى للخلق كيفية سلوكهم معه سبحانه وهي الاحكام الشرعية التكليفية الالهية التي نطقت بها الكتب السماوية والصحف الالهية من العبادات والمعاملات والعقود والايقاعات والاحكام على ما هو المقرر لاهل كل مرتبة عن الله سبحانه وهو قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا فاستبقوا الخيرات فالشريعة التي للانسان نوعها غير التي للجن والتي للجن غير التي للحيوانات وهكذا ساير الموجودات على حسب تكاليفها من بارئ السموات وسامك المسموكات فلاحظ الشريعة التي هي الاحكام التكليفية في جميع تلك المراتب المذكورة بالنوع التي بلغ عدد مجموع ما ذكرناه مفصلا ثلاثمأة واثنان وعشرون وفي كل هذه المراتب شريعة الهية على حسب مقتضي مقامها ولما كانت المراتب المذكورة التي بلغ عددها مجموع ما ذكرناه في السلسلة العرضية وكانت السلسلة الطولية ثمانية وهي الحقيقة المحمدية وحقيقة الانبياء وحقيقة الرعية وحقيقة الجن وحقيقة الملائكة ( وحقيقة الملائكة وحقيقة الجن خل ) وحقيقة الحيوانات والنباتات والجمادات وما ذكرناه في تعداد المراتب هذه المراتب فهي باعتبار مقام الجامعية وهي من السلسلة العرضية وان سميت بهذه الاسماء ( الاشياء خل ) وفي كل مرتبة من هذه الثمانية جميع ( جمع خل ) تلك المراتب التي عددناها موجودة فاذا لوحظت تلك المراتب في هذه الثمانية يبلغ عدد المجموع الفين وخمسمأة وستة وسبعين ( الفا وخمسمأة وست وسبعون خل ) فيكون في كل من علم الحقيقة والطريقة والشريعة يلحظ فيها هذه المراتب فيضاعفها ثلاث مرات فيبلغ عدد الجميع سبعةآلاف وسبعمأة وثمانية وعشرين فمحصل القول انه ورد عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال الشريعة اقوالي والطريقة افعالي والحقيقة احوالي فعلم الحقيقة معرفة الله سبحانه وما يتبعها من اصول العقايد في كل عالم بحسبه وهي حال رسول الله صلى الله عليه وآله والائمة صلى الله عليهم لانهم الادلاء على الله وابواب معرفته وقد قال امير المؤمنين عليه السلام لو اراد الله ان يعرف نفسه خلقه بغيرنا لفعل ولكنه سبحانه جعلنا ابوابه والادلاء عليه الى ان قال عليه السلام نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا وقال عليه السلام بنا عرف الله وبنا عبد الله ولولانا لماعرف ( ما عرف خل ) الله وماعبد الله وفي الزيارة الجامعة الكبيرة من اراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم فهم سلام الله عليهم حالهم وكينونتهم ظهرت على ما هم عليه من هيكل التوحيد وفطرة التفريد والله سبحانه قد خلق الخلق كلهم على الفطرة ولكنهم قد غيروها بمتابعة الشيطان وبدلوها بعدم سلوكهم مسلك الرحمن كما اخبر الله سبحانه عنهم عن لسان ابليس فقال ولآمرنهم فليغيرن خلق الله واما محمد وآله صلى الله عليه وآله ما غيروا الخلقة وبقوا على الفطرة فكانوا بذلك الاسماء الحسنى والامثال العليا والكبرياء والآلاء كما قال مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه في الكافي في تفسيره ( تفسير خل ) قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها قال عليه السلام نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها وفي زيارة امير المؤمنين عليه السلام وروحي له الفداء السلام على اسم الله الرضي ونور وجهه المضيء وقال امير المؤمنين عليه السلام الاسم ما انبأ عن المسمى فهم سلام الله عليهم الادلاء على الله فحالهم طريق معرفة الله وحالهم هي الآية المحكمة في الحديث الذي سنذكره ولقد قال عليه السلام اي آية اكبر مني واي نبأ ( آية خل ) اعظم مني وهم الآيات المحكمات المتقانتات ( المتقنات خل ) الواضحات ليس فيها تشابه ولا اختلاف ولا تضاد ولا تناقض ولذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال الحقيقة احوالي ( حالي خل ) وانما ذكرنا الائمة عليهم السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله واجرينا عليهم حكمه لانهم حقيقة واحدة ونور واحد واشهد ان ارواحكم ونوركم وطينتكم واحدة لانفرق بين احد منهم وقال عليه السلام كلنا محمد كما ذكرنا سابقا واما الطريقة فهي تهذيب ( تكذيب خل ) النفس بتهذيب الاخلاق وعلم النفس ( النفس وعلم خل ) من حيث تحليها بالفضائل وتخليها ( تخليتها خل ) عن الرذائل وهذه هي فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لان الله سبحانه وتعالى وصفه وقال وانك لعلى خلق عظيم فافعاله على مجري اخلاقه وهي على مجري الملكات الالهية الخارجة عن حدي الافراط والتفريط وهي الاستقامة التي امره الله سبحانه بها وقال واستقم كما امرت وهي الطريقة التي يجب الاستقامة بها في قوله تعالى وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا يعني لو استقاموا على تهذيب الاخلاق وتحصيل الملكات الالهية التي ادب الله بها نبيه صلى الله عليه وآله لاسقيناهم ماء غدقا يعني لامددناهم بالماء الذي هو الحيوة وهي ( هو خل ) العلم والنور والايمان الموجبة لدوام الابد وبقاء السرمد لقوله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي وبالجملة فافعال رسول الله ( رسول الله صلى الله عليه وآله هي الجارية على الاعتدال الخارجة عن حدي التفريط والافراط فكانت افعاله صلى الله عليه وآله خل ) وافعال الائمة من خلفائه سلام الله عليهم فريضة عادلة اي طريقة مستوية معتدلة غير خارجة من ( عن خل ) الاعتدال والتساوي والاستقامة في جميع ما يصدر عنه من سلوكه مع نفسه وسلوكه مع ربه وسلوكه مع غيره صلى الله عليه وآله فكانت افعاله وكذا افعال خلفائه وامنائه صلى الله عليهم فريضة عادلة يعني طريقة معتدلة مهذبة مصفاة عن الاعوجاج واما الشريعة فهي الاحكام التكليفية الالهية التي ( التي اتى خل ) بها رسول الله صلى الله عليه وآله من مبدء الوجود الى مستقر الشهود في الوقت الذي كان آدم بين الماء والطين الى يوم ينفخ في الصور فهي ( فهو خل ) اقواله عن الله تعالى لانه صلى الله عليه وآله ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وها انا اذكر لك حديثا شريفا في بيان المراتب الثلاث ونختم به الكلام ليكون ختامه مسك ( مسكا خل ) روي الكليني (ره) ثقة الاسلام باسناده عن ابي الحسن موسى عليه السلام قال دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد فاذا جماعة قد اطافوا برجل فقال ما هذا فقيل ( قيل خل ) علامة فقال صلى الله عليه وآله وما العلامة فقالوا له اعلم الناس بانساب العرب ووقايعها وبايام ( وقايعها بايام خل ) الجاهلية والاشعار العربية قال فقال رسول الله ( الاشعار الغريبة فقال النبي صلى الله عليه وآله خل ) ذلك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه ثم قال النبي صلى الله عليه وآله انما العلم ثلاثة آية محكمة او ( وخل ) فريضة عادلة او ( وخل ) سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل
اقول اعظم شيء في رفع الوسواس ان لا تلتفت اليه ولا تحزن عند وروده ولا تشغل نفسك بالاهتمام لاجل وروده واعتقد ان ذلك لا يضرك ما دامت ( دمت خل ) كارها لوروده وهو قوله تعالى انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله فان هذا وامثاله من النجوى الشيطانية ليتمكن من الانسان في القاء شبهته ومكائده فاذا اعرضت عنه وكلما اتاك اعرضت عنه واعتقدت ان هذا من الشيطان فلا يضرك فيذهب باسرع وقت واذا بقيت تلتفت اليه وتعارضه برد ما يوسوس اليك يتردد عليك ويكرر الورود ويضيق الامر عليك فتحسر ( فتنحسر خل ) المدارك وتضعف عن مدافعته فيقع ( فتقع خل ) والعياذ بالله في الريب قال عليه السلام لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ( فتشكوا فتكفروا خل ) ولذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله على ما رواه الكليني في الصحيح عن ابي عبد الله عليه السلام قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله هلكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله اتاك الخبيث فقال لك من خلقك فقلت الله فقال لك الله من خلقه قال اي والذي بعثك بالحق لقد كان كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذاك والله محض الايمان قال ابن ابي عمير فحدثت بذلك عبد الرحمن بن الحجاج فقال حدثني ابي عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله انما عني بقوله هذا والله محض الايمان خوفه ان يكون قد هلك حيث عرض ذلك في قلبه وروى الكليني ايضا بسنده عن الثقة الجليلة ( الجليل خل ) عليّ بن مهران ( مهزيار خل ) قال كتب رجل الى ابي جعفر عليه السلام يشكو اليه لئيما ( لمما خل ) يخطر على باله فاجابه في بعض كلامه ان الله عز وجل ان شاء ثبتك فلا تجعل لابليس عليك طريقا قد شكا قوم الى النبي صلى الله عليه وآله لمما تعرض لهم لان تهوي بهم الريح و( او خل ) يقطع احب اليهم من ان يتكلموا به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اتجدون ذلك قالوا نعم فقال والذي نفسي بيده ان ذلك لصريح الايمان فاذا وجدتموه فقالوا ( فقولوا خل ) آمنا بالله ورسوله ولا حول ولا قوة الا بالله وفيه ايضا بالاسناد عن حمران عن ابي جعفر عليه السلام قال ان رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال يا رسول الله اني ( انني خل ) نافقت فقال والله ما نافقت ولو نافقت ما اتيتني فعلمني ما الذي رأيت اظن العدو الحاجز ( الحاضر خل ) اتاك وقال لك من ( قال من خل ) خلقك فقلت الله خلقني فقال لك من خلق الله قال اي والذي بعثك بالحق لكان كذا فقال ان الشيطان اتاكم من قبل الاعمال فلم يقو عليكم فاتيكم من هذا الوجه لكي يستزلكم فاذا كان كذلك فليذكر احدكم الله وحده وبالجملة فلا يدفع الوسوسة الا بذكر الله والاعراض عن ابليس وعن وسوسته مثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث فاذا كففت عن الحمل عليه بنهج ( ينبح خل ) مرات ثم يسكت ويرجع فاذا كثرت الحمل عليه يشتد نباحه وحملته عليك وربما يظفر لك ويصيبك ( بك وتصيبك خل ) منه اذية جزئية او كلية فاياك ثم اياك والتغافل عما ذكرت ( ذكرت لك خل ) فانه يوقعك نعوذ بالله في مهاوي ردية صعبة يصعب عليك التخلص منها واذا حصل لك شيء من الوسوسة فكرر : توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا فان تكراره والمواظبة عليه يذهب الله به وسوسة الصدر ويوسع عليه الرزق ويقضي عنه دينه فان ( وان خل ) شئت فقل : اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وشفاء صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي الله ( الله الله خل ) ربي لا اشرك به شيئا فمواظبة هذا الدعاء يرفع جميع ما يجده الانسان من الوسوسة وحديث النفس والهم والغم واكثار الصلوة على محمد وآل محمد ( وآله خل ) يدفع كل بلية ويوصل الى كل موهبة وعطية هذا آخر ما اردنا رسمه في جواب هذه المسائل وقد كتبته في اثناء السفر بخاطر موزع وقلب مسقم ( مقسم خل ) وبال مبلبل وخاطر مشوش وكلما ذكرته في هذه الوريقات قد اخذناها من الائمة السادات عليهم سلام الله رب البريات غير مشوب وغير مختلط بشيء من اوهام الحكماء من المشائين والاشراقيين والرواقيين وغير مختلط بشيء من مخترعات الصوفية ( الصوفيين خل ) فاني منذ عرفت نفسي لم اعتمد على كتاب ولم اتكل على خطاب ولا على سؤال وجواب الا ما ورد علينا عن ائمتنا الاطياب فخذه وكن من الشاكرين وليس وراء عبادان قرية وقال الشاعر ونعم ما قال:
اذا شئت ان تختر لنفسك مذهبا ينجيك يوم الحشر من لهب النار
فدع عنك قول الشافعي ومالك واحمد والمروي عن كعب احبار
ووال اناسا نقلهم وحديثهم روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
وانا اقول :
اليكم والا لا تشد الركائب ومنكم والا لا تنال الرغائب
وفيكم والا فالحديث مخلق وعنكم والا فالمحدث كاذب
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم وظالميهم ومنكري فضائلهم اجمعين قد فرغ من املائها منشئها في الجزيرة التاجية القريبة ( المقربة خل ) لمسجد الكوفة في سادس شعبان وذلك بعد رجوعه عن ( من خل ) زيارة امير المؤمنين عليه السلام في اليوم السابع والعشرين من رجب ( رجب المرجب خل ) حامدا مصليا مستغفرا سنة ١٢٥٨