رسالة في جواب الميرزا شفيع الصدر  (سؤالين)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب الميرزا شفيع الصدر

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثاني

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات ذات تبيين صدرت مني جوابا لمسئلة عويصة مشكلة بعث بها الاخ الروحاني الفرد الذي ليس له ثاني كريم الاخلاق طيب الاعراق المؤيد بلطف اللطيف البديع جناب الآميرزا محمد شفيع ايده الله بصنوف تأييداته ووفقه بجميع ( بجوامع خ‌ل ) توفيقاته وجعلت كلامه ( كلماته خ‌ل ) سلمه الله تعالى متنا وجوابي كالشرح له ليطابق كل جواب بسؤاله والله المستعان وعليه التكلان

قال سلمه الله تعالى : المسئلة التي تعسر على حلها واستدعي من جنابكم الامجد المؤيد من الفرد الصمد ان تبين تلك المسئلة بيانا واضحا وتبيانا لايحا بحيث لا يخفى على ذي حجي وينتفع بها كل من القى السمع وهو شهيد وهي هذه : ان ضمير الفاعل في نحو زيد ضرب ونحوه هل يرجع الى ذات زيد ولا تقولون به او الى عنوانه ودليله وان كان المقصود هو الذات فان كان الثاني فهل للعنوان وجود قبل الفعل حتى يصح كونه مرجعا له او بعده حتى يصح الاضمار قبل الذكر لفظا ومعنى فان كان الاول فلا بد من ان يوضح طريق كون وجوده قبل الفعل وان كان الثاني فلا بد ( فلا بد من خ‌ل ) ان تعرف وجه صحته

اقول لا ريب عند كل عاقل عارف ان الفاعل مشتق من المصدر والدليل على ذلك ان الفاعل معمول للفعل ومرفوع به ولا ريب ان العامل هو الفاعل المؤثر والمعمول هو المفعول المتأثر ولا شك ان متعلق الفعل اثر له ومعموله ومفعول له ( ومعموله مفعول له خ‌ل ) والا لكان اما نفسه او اعلى منه ولا ريب ان الشيء لا يؤثر في نفسه من حيث نفسه والا لكان ( كان خ‌ل ) تحصيلا للحاصل لانها ان كانت تامة فلا يعقل احداثها وان كانت ناقصة فلا يعقل تأثيرها فان الشيء قبل تحققه لا يحقق غيره والذات قبل تمامها لا يحدث فعلا ضرورة وكذا لا يؤثر الشيء في الاعلي منه والا كان المفعول من حيث هو كذلك فاعلا والفاعل من حيث هو مفعولا وهو في البطلان بمكان ايجوز العقل ان يؤثر الاشعة في ذات السراج والقيام والقعود في ذات الشخص وذلك معلوم بالضرورة وكذلك معلوم بالضرورة ان الفعل يعمل في الفاعل ويرفعه ولولا الفعل لماكان مرفوعا موصوفا بالرفع ابدا وهذا لا يخلو اما ان يكون هذا التأثير في اللفظ فقط دون المعنى او في المعنى دون اللفظ او في اللفظ والمعنى كليهما والوسط بديهي البطلان لان تأثير الفعل في لفظ الفاعل ظاهرا كان ام ضميرا بارزا كان ام مستترا معلوم ظاهر متفق عليه لدي كل اهل العلم بحيث انكاره مصادمة للضروري ومزاحمة للبديهي فبقي اما على الاول او على الآخر اما على الاول ( اما الاول خ‌ل ) فلا يصح ايضا لاستلزام ان لا يكون الواضع حكيما حيث جعل الاصل في الذات فرعا في اللفظ والظاهر وجعل الفرع ( والفرع خ‌ل ) في الذات اصلا في اللفظ وجعل ( اصلا وجعل خ‌ل ) الاسفل اعلى والاعلى اسفل وهو خلاف الحكمة لانها وضع الشيء في موضعه ولعمري ان هذا لا يصدر عن جاهل فضلا عن حكيم عالم اذ لا ريب ان جعل الاصل حقيقة اصلا لفظا والفرع فرعا هو الاصل الذي تقتضيه الحكمة الالهية وقد ثبت ان الواضع لهذا العلم هو مولينا امير المؤمنين عليه السلام وهو لا يخل بالحكمة ولا يترك الاولى والاليق كما هو المعلوم فاذا بطل الاول ثبت الآخر بان يكون العامل هو العامل في اللفظ والمعنى والمعمول هو المعمول في اللفظ والمعنى ولا شك ان المعمول هو الاثر وقد برهنا ان ذلك هو المصدر وهو المفعول المطلق الذي تعلق به الفعل اولا ويؤيده بل يدل عليه قوله عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها والاشياء جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي وهو كلما سوى الله ولا شك ان الفاعل ليس هو الذات والا لمااثر وعمل فيه الفعل بل هو اسم الفاعل واذا ثبت ان الاسم الفاعل اثر للفعل فلا يتقدم على الفعل لان الاثر لا يتقدم على مؤثره والفرع لا يتقدم على اصله ولا ريب عند جميع اهل العلم من اهل النقل والعقل ان الاسم الفاعل والاسم المفعول والصفة المشبهة مشتقة اما من الفعل او من المصدر على الخلاف ولا ريب عند احد ان المشتق فرع للمبدء فكون الاسم الفاعل مشتقا وفرعا ( مشتقا فرعا خ‌ل ) للفعل اتفاقي عند الجميع والمشتق متأخر عن المبدء لفظا فيكون كذلك معنى لما بينا من اقتضاء الحكمة الاصلية ودعوى العرضية تحتاج الى دليل واضح فاذا كان الاسم الفاعل متأخرا عن الفعل في الرتبة فاعلم انك اذا قلت زيد ضرب مثلا فزيد في قوة قولك ( مثلا فتريد بقولك خ‌ل ) زيد الضارب لا زيد من حيث هو فانه من حيث هو هو ليس الا هو فيظهر زيد بمتعلق كل فعل فينسب اليه اثره فاذا ضرب يكون ضاربا واذا نصر يكون ناصرا واذا قتل يكون قاتلا وهكذا فالضمير المستتر في زيد ضرب انما يرجع الى الضارب المشتق المتحصل من الفعل المتأخر عنه المتقدم على الضمير فلا يكون اضمارا قبل الذكر لانك لما ذكرت ضرب وجد الضارب حين تعلق ضرب بالضرب فاستتر ضميره فرجع الى المذكور حكما كما في قوله تعالى اعدلوا هو اقرب للتقوى فقد ذكر العدل حين قوله تعالى اعدلوا فرجع الضمير اليه وان لم يذكر بصيغة مصاغة معلومة فيكفي لارجاع الضمير هذا المقدار وهكذا ههنا فان عند قولك ضرب تحقق الضارب فرجع اليه الضمير ( فيرجع الضمير اليه خ‌ل ) فقولك زيد ضرب ضرب الضارب فهو يرجع الى الضارب ولما كان الضارب مثالا لزيد القى مثاله بفعله ( القى بفعله خ‌ل ) في هوية الضرب ليعرفه به والمثال آية وحكاية ليس له ظهور لنفسه الا الممثل المحكي عنه فاذا ظهر الممثل اضمحل المثال وخفي ولذا لما ذكر اضمحل جهة الضارب من حيث حكايته فاكتفي بذكره عن ذكر مثاله والا فزيد في نحو قولك زيد ضرب واقع في مقام الضارب فكانك قلت الضارب ضرب ولما كان الضارب وان كان مشتقا من ضرب ومتفرعا عليه ومنتهيا اليه الا انه حيث كان حكاية للذات وصفة لها احدثها زيد بفعله ليكون ( لتكون خ‌ل ) دليلا عليه وعنوانا له فهي آية وحكاية ودلالة على الذات فتقدم على الفعل لاجل تلك الحكاية وان لم يتحقق الا بالفعل لان الفعل من حيث هو له جهة انية واما الاسم الفاعل فليس الا نفس الحكاية فتقدم لشرف الدلالة وان كان متأخرا في الوجود لكنه متقدم في اللحاظ ولذا ( لهذا خ‌ل ) لا يتحقق الضارب الا بعد ضرب وبه ولكنه لاجل انتسابه الى الذات تقدم اعتباره عليه كما انك اذا قابلت مرايا ( مرآة خ‌ل ) فالصورة التي وجدت وحصلت انما تحققت بفعلك واشراقك وتجليك وظهورك ولكنك حين التفاتك اليها تجد نفسك المشرقة اولا ولا تجد فعلك واشراقك فاذا وجدت ذاتك من حيث هي من حيث ظهورها في المرآة نسبت اليها الفعل والاشراق واوضح منه مثالا مقايسة المرآة مع الشاخص الخارجي الذي لا يمكنك تراه الا بالمرآة فاذا نظرت اليها تجد صورته فيها فتلتفت اليه اولا ثم تنسب اليه الفعل والاثر مع ان الذي ادركته هو ( هي خ‌ل ) صفته التي احدثتها بفعله ولكنها حيث كانت منسوبة الى نفس الشاخص من حيث هو اضمحل اعتبار الفعل فلوحظت متقدمة على الفعل فقيل الضارب ضرب او زيد ضرب اي زيد الظاهر بالضرب وهو الضارب فمرجع الضمير الاسم الفاعل وهو العنوان الذي نريده ( نريد خ‌ل ) وهو بعد الفعل وجودا وقبله لحاظا فيصح ان تقول ان الضمير يرجع الى الذات اي الى الذات الظاهر من غير ملاحظة الظهور وهو المراد والمقصود في الاسماء وجميع الصفات ( في جميع الاسماء والصفات وخ‌ل ) الفعلية ويصح ان تقول ان المرجع هو العنوان اي الاسم الفاعل مرة بملاحظة الفاعلية ومرة من غير ملاحظتها واما ان العنوان قبل الفعل فقد بينا لكم انه بعد الفعل بالضرورة وجودا والضمير عبارة عن جهة ظهور المرجع ولا يظهر الفعل الا بعد تعلقه بالاثر وبعد تحقق العنوان لانه نفس الظهور ومع ( الظهور مع خ‌ل ) قطع النظر عن التعلق الخاص ولا ريب ان الضمير انما هو معمول للفعل وهو وان كان مساوقا للعنوان الا انه من حيث العنوان مقدم عليه ومن ( عليه من خ‌ل ) حيث المعمولية متأخر عنه ولذا تجد الفاعل اظهر في المفعول من نفس المفعول ونحن اقرب اليكم منكم ولكن لا تبصرون لان المفعول انما ظهر بفاضل ظهوره فهو اظهر منه له ( اظهر له منه له خ‌ل ) وان كان به فافهم فانه دقيق وقد اشار الى هذا المعنى مولينا الحسين عليه السلام في دعاء عرفة الهي امرتني بالرجوع الى الآثار فارجعني اليها بكسوة الانوار وهداية الاستبصار حتى ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السر عن النظر اليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك على كل شيء قدير والدقيقة في قوله عليه السلام مصون السر الخ الا ترى انك اذا نظرت في المرآة تجد وجهك وتراه قبل التفاتك الى نفس الصورة والمرآة وان كان ما عرفته الا بها فالعنوان مقدم على الاثر من حيث الظهور وعدم التعلق ومساوق ( التعلق مساوق خ‌ل ) معه في الاصل والذات ومؤخر عن الفعل من حيث الحقيقة ولذا قلنا في تعريف الاسم الفاعل انه عبارة عن حكاية الفعل للمفعول عدم استقلالية نفسه والضمير ظهور المرجع وحكايته بوصف خاص وهو من التوابع المتأخرة فالمرجع هو الظهور من حيث هو لا من حيث التعلق والضمير المستتر الغائب في الفعل هو اثره ومعموله الفاني بنفسه عند ظهور مبدئه وهو يرجع ويعود ويؤل الى ذلك العنوان الحاصل بالفعل من غير ملاحظة الفعل نفسه فيكون مقدما عليه من حيث الحكاية مؤخرا ( ومؤخرا خ‌ل ) عنه من حيث الوجود ومساوقا له من حيث الظهور فمالزم الاضمار قبل الذكر لان الضمير ليس عين الفعل وانما هو معموله الذي هو ظهور اثره من حيث مبدئه لا من حيث نفسه وهو تابع متأخر عن الظهور من حيث هو فمرجع الضمير نفس ظهور الذات من حيث هو والضمير ظهورها من حيث تعلق الفعل وفي الحقيقة هو شرح وبيان للمرجع ثم انه ( للمرجع انه خ‌ل ) لا يتخيل متخيل ان ذلك هو الذات البحت بل انما هو الذات الظاهرة بالفعل وهو العنوان والآية والعلامة والمقام والتجلي والمثال والظهور والاسم الفاعل والنقش الفهواني والخطاب الشفاهي والحقيقة من مبدئه والنفس التي من عرفها فقد عرف الله والمثل الاعلى وامثالها من العبارات وكذلك تقول زيد ضرب وزيد علم او تقول زيد ضارب وزيد عالم وليكن عندك معلوم ان الضرب هو المصدر وهو نفس الاثر والمفعول المطلق واذا لاحظته من جهة ظهور المبدء فيه وتجليه له به بان تزيد في وسطه الذي هو سره وقلبه ظهور الاصل الواحد الذي هو الالف اللينية فيكون الاسم الفاعل فاذا لاحظته من جهة نفسه وانه اثر ومفعول تزيد فيه جهات الحدود الستة والاربعين يوما لميقات موسي واني خمرت طينة آدم اربعين صباحا فيكون الاسم ( لميقات موسى فيكون الاسم خ‌ل ) المفعول فالفعل الذي له الضمير المستتر الغايب في باطنه في الغالب هو الفعل التأكيدي الظاهر من باطن المفعول المطلق التأكيدي فهو وان كان فعلا في الصورة لكنه شبح ومثال للفعل الاصلي وهو الذي يشتق منه الاسم الفاعل والاسم المفعول من مادة واحدة فتقول زيد ضرب او زيد ضارب وقد يطلق زيد ضرب ويراد به الفعل الاصلي والضمير الغائب المستتر ليس في باطنه وسره وانما هو فان ومضمحل عند ظهوره وسطوع نوره فحينئذ يكون زيد هو الذات الظاهرة في الفعل والضمير مثاله الظاهر في المفعول تأكيدا ( تأكيد خ‌ل ) وآية للمثال الاول لا فرق بينه وبينه الا انه شبحه ومثاله عبده وخلقه فتقه ورتقه بيده بدؤه منه وعوده اليه ففي المثال الاول يكون المرجع هو باطن الباطن والفعل هو الباطن والضمير هو الظاهر المطابق للباطن والكل في صقع واحد والفرق بالحكاية للشبح والحكاية للفعل وذلك المرجع الذي هو باطن الباطن متقوم بالفعل الاصلي ومتأخر عنه وموجود به ومستمد منه وصادر عنه فافهم فاني قد اطلقت عنان القلم في هذا الميدان فان فهمته فالحمد لله والا فليس لقصور فهمك وادراكك بل لعلو المطلب وفقدان المشعر والله ولي التوفيق

قال سلمه الله تعالى : وان تفرق جنابكم فرقا بينا بين مقام البيان والابواب حتى لا يخفى على مثلي فاني لا اعرف من الشيخ المرحوم اعلى الله مقامه ورفع في الخلد اعلامه فرقا بينا بين مقام البيان والابواب فانه رحمه الله مثل للابواب المصباح الذي قبله النار التي هو مثال للفعل وقبله الزيت الذي هو مثال للارض الجرز ومثل للبيان القائم الذي قبله قام الذي هو مثال للفعل وقبله القيام الذي هو مثال للارض الجرز فلما كان بيانها واجبا على جنابكم حتى يكون حجة على المخالفين ( للمخالفين خ‌ل ) ارجو من الله ان لا تخيبني من الجواب وتنبهني ( ينبهني خ‌ل ) لطريق الحق والصواب ولا تنساني من الدعاء اوقاته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقول الفرق بين المقامين في غاية الوضوح والظهور بحيث لا يكاد يشتبه على احد فان مقام البيان في مثال المصباح هو النار من حيث الظهور والتعلق بالزيت ومثال المعاني مس النار ومثال الابواب الشعلة والفاعل حقيقة هي النار الغيبية وفعلها النار الظاهرة والمفعول الاول الشعلة وساير الموجودات الاشعة فالشعلة باب النار الى الاشعة في الافاضة والاصدار لا يصل الى الاشعة شيء الا بالشعلة وهي قائمة بمس النار قيام تحقق وقيام عضد وركن وقائمة بالنار من حيث التعلق والمس قيام صدور وقائمة بالنار الغيبية بلا كيف ولا اشارة وبدون احد هذه القيامات الاربعة ( وفي مثال القائم فالبيان هو القائم والمعاني هو القيام وحيث انه الفعل اللازم والابواب في اول مقام المفعولية في المفعول به لم يظهر فيه مثال الابواب بخلاف المصباح فان المراتب كلها مجتمعة كما عرفت مجملا ) والاصل في المسئلة ان الله سبحانه وتعالى لما امتنع ان يكون فعله بالمباشرة لانها من صفات الحوادث المفتقرة وجب ان يكون ايجاده للاشياء بفعله واول متعلق الفعل للايجاد لكونه المفعول المطلق والمجعول الاول بغير واسطة لا بد ان يكون له جمال ونور وكمال ولجماله يجب ان يكون جمال ولجمال جماله جمال ولجمال جمال ( جمال جمال خ‌ل ) جماله جمال وهكذا فحصل حين وجود الفعل وتعلقه مقامات : الاول مقام الفعل في نفسه وهو الحركة الايجادية وخلق ساكن لا يدرك بالسكون وهي الذكر الاول والمحبة الحقيقية الثاني مقام التعلق المعبر عنه بالمس في قوله تعالى ولو لم ‌تمسسه نار الثالث مقام المصدر نفس الاثر الحاصل من التعلق من حيث ملاحظة كونه محلا للصدور الرابع مقام الاثر من حيث انصداره وصلوح دلالته على المؤثر وهو المفعول المطلق الذي وقع ( يقع خ‌ل ) تأكيدا للفعل والخامس مقام الاثر من حيث حدوده وجهاته وترتب الآثار عليه وهو المفعول به وعند تعلق الفعل باحداث الاثر من حيث تعلقه به وظهوره عليه يحصل مقام آخر وهو الاسم الفاعل ولا شك ان هذا الاسم وهذه الصفة انما حصلت بتعلق الفعل بالمتعلق فالاثر من حيث تعلق الفعل به يسمى الفاعل اي الاسم دون الذات ومن حيث هو مفعول مجعول مصنوع ومرادنا هنا الاسم والصفة اي هذه الصفة التي يسمونها صفة فعلية انما تحصل في هذه الحالة لا الذات الاقدس سبحانه وتعالى كما هو مذاق الصوفية ولما كان الفعل في مقام الذات فانيا مضمحلا لا يلتفت اليه حين اسناد الاثر والفعل فيقال الفاعل ويقصد ويراد ( يراد به خ‌ل ) الله سبحانه بدون ملاحظة الفعل وتعلقه وبالجملة فالفاعل هو الفعل المتعلق بالاثر الذي نعبر عنه بالمحل وهذا المقام وان كان ثالث المقامات الا انه من جهة الحكاية والدلالة اعلى المقامات ولما دلت الادلة القطعية ان محمدا وآله صلى الله عليه وعليهم هم اول الموجودات وماسبقهم حادث اختصوا بكونهم محال المشية اي الاولية الابتدائية والا فكل حادث محلها ولما كانوا (ع) هم جمال الله وكلما سويهم جمالهم وجمال جمالهم وجمال جمال جمالهم وجمال جمال جمال جمالهم وهكذا الى ما لا يتناهى كان لهم مقامات صلى الله عليهم وهذه المقامات نشأت من مقامين احدهما عدم مشاهدتهم لانفسهم وعدم ملاحظتهم لانيتهم وثانيهما مقام المشاهدة على وجه الاضمحلال والفنا وحاشا ان يكون لهم نظر الى انفسهم نظر استقلال وهو المقام الثالث لغيرهم عليهم السلام لا لهم ففي المقام الاول اما ان يكونوا ملحوظا نفس ظهور العالي فيهم بفعله لا بذاته ولكن من غير ملاحظة الفعل وهو المسمى بمقام البيان وهذا في مقامين احدهما مقام الظهور المطلق الغير المتعلق بشيء من الاشياء ومقام من المقامات حتى عن الاطلاق وهذا مقام التوحيد المحض وهو اعلى المقامات واليه الاشارة بقول امير المؤمنين عليه السلام اما البيان فهو ان تعرف ان الله واحد فتعبده ولا تشرك به شيئا وثانيهما مقام الظهور المطلق عند تعلقه بمتعلق من المتعلقات وشأن من الشؤنات المتميزة وهذا له ثلث مقامات احدها مقام التعلق بشأن غير مرتبط بشأن آخر او امر آخر بلا اضافة ولا نسبة كالظهور المتعلق بالقدس فتقول قدوس وسبحان وحي وموجود وامثالها من الاسماء الدالة عليه تعالى من غير ملاحظة اقترانها وانتسابها بشيء آخر والظهور المتعلق بهذه الشؤنات المتميزة الغير المرتبطة المشتقة من هذا التعلق اسم له ( أله خ‌ل ) تعالى هو المسمى عند الفرقة المحقة بصفات القدس وثانيها مقام التعلق بشأن مرتبط بغيره لكنه لم ‌يلحظ في هذا التعلق جهة الصنع والايجاد بحال من الاحوال وان كانت الاسماء لم تحصل الا بالفعل الا انه لم ‌يلاحظ جهة التعلق الفعلي بوجه من الوجوه لا انه يلاحظ عدمه لظهور ( كالظهور خ‌ل ) المتعلق بشؤن في مفاهيمها ربط واضافة الى الغير كالعلم مثلا والقدرة فان العلم يقتضي معلوما والقدرة مقدورا والسمع مسموعا والبصر مبصرا وغيرها من امثالها فتقول العالم القادر السميع البصير عند ملاحظة الظهور في هذه المتعلقات والشؤنات وهذا القسم هو المسمى عندهم بصفات الاضافة وان كانت حين اطلاقها عليه سبحانه لا تلحظ فيها جهة الربط والاضافة بحال من الاحوال وثالثها مقام الظهور المتعلق بشأن مرتبط ملحوظ فيه جهة الصنع والايجاد والفعل وان لم يلحظ في مدلولها الفعل وانما يراد بها الذات البحت فمقام ظهور المتعلق بتعلق خاص على الوجوه الثلثة هو مقام الاسماء والصفات وهو آخر مقامات ( مقامات مقام خ‌ل ) البيان في وجه واحد والآثار والتأثيرات في عالم الامكان والكون ( الكون والامكان خ‌ل ) كلها تنسب الى هذه الاسماء في هذه المقامات في هذا المقام والكل يراد بها الذات الاقدس جلت عظمتها وان كانت كلها بالتعلقات الفعلية ولعلك سمعت الادعية المروية في مهج‌الدعوات وغيره المتضمنة باسناد المفعولات الى الاسماء مثل قوله عليه السلام باسمك ( وباسمك خ‌ل ) الذي خلقت به العرش وباسمك الذي خلقت به الكرسي وباسمك الذي خلقت به جبلات الخلايق وغيرها والموجودات كلها متعلقات هذه الاسماء ( متعلقات الاسماء خ‌ل ) وهي اسماء حادثة فعلية يراد بها القديم تعالى شأنه ففي هذه الاسماء لا يقصد الا الله سبحانه لاضمحلال الفعل عند الذات الاقدس وان كانت قد حصلت عند تعلق الفعل بالمفعول المطلق الاول انتهى المخلوق الى مثله والجأه الطلب الى شكله وهذا هو مقام البيان الذي ذكره العالم العلامة مولينا ( ذكره العلامة خ‌ل ) قدس الله نفسه الزكية الرضية المرضية وهو مقام عدم مشاهدتهم لانفسهم بحال من الاحوال حين كونهم محال ( محالا خ‌ل ) للمشية ومهابط للارادة واما النظر الثاني فهو ان يكون الملحوظ هو الاثر اي المتعلق من حيث الدلالة على المؤثر اي مقام المصدر فذلك هو مقام المعاني كالعلم والقدرة والعظمة والكبرياء والجلال ( الجلال والجمال خ‌ل ) والعزة والقدس والسلطنة والملك وامثالها من الشؤن التي ذكرها عليه السلام في دعاء السحر من قوله عليه السلام اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه الى آخر الدعاء فبعد ما فصل بعض المراتب اجمل في آخر الدعاء وقال اللهم اني اسألك بما انت فيه من الشأن والجبروت واسألك بكل شأن وحده وجبروت وحدها الدعاء وهذه الشؤن وامثالها مما يصلح ان ( لان خ‌ل ) يكون متعلقا لذلك الظهور المطلق ومنشأ لاشتقاق اسم للظاهر هو مقام المعاني وهي الاحوال الغير القارة الا بمتعلق وهذه المقامات لهم عليهم السلام عند عدم مشاهدتهم لانفسهم وغيرها مما سوى الله سبحانه فالمقام الاول اي البيان حين كونهم محال ( محالا خ‌ل ) للمشية المطلقة ومهابط للارادة العامة والثاني اي مقام المعاني في مقام الاثر من حيث كونه مصدرا واما مقاماتهم عليهم السلام في المقام الثاني اي مقام مشاهدتهم لانفسهم فكثيرة نذكر منها المقامين اللذين ذكرهما مولينا واستادنا العلامة فاولهما مقام ظهور حقيقتهم المطلقة التي هي ظهور مقدار سم الابرة من نور العظمة بالحدود الكلية والجهات المعنوية وهو مقام المفعول به وهو مقام العقل الكلي والنور المحمدي صلى الله عليه وآله الذي استنطقه الله سبحانه حين اوجده فنطق بالتحميد والتمجيد ثم قال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل فاوجد الله سبحانه في هذا المقام باقباله وادباره جميع الكون واطواره فهم سلام الله عليهم في مقام العقل باب الله الى الخلق في جميع الاطوار التكوينية والتشريعية والوسايط في جميع الافاضات فالفيض النازل من الرحمة الواسعة الكلية ينزل اولا اليهم ( اليهم اولا خ‌ل ) سلام الله عليهم ومنهم ينبسط الى كافة الموجودات وحقايق الذرات فهم في هذا المقام بمنزلة الاب فان الولد خلقه الله سبحانه بواسطة الاب فهو باب الفيض الى الولد في الجملة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة والعالم كله امة ( امته خ‌ل ) فهما ابواه عليهما وعلى الطيبين من اولادهما الصلوة والسلام اما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله ما معناه ففتق نوري فخلق منه العرش والكرسي وفتق نور عليّ عليه السلام وخلق منه الملئكة وفتق نور الحسن عليه السلام وخلق منه الشمس والقمر وفتق نور الحسين عليه السلام وخلق منه الجنة والحور العين فهم من حيث انفسهم في المقامات التي قدرها الله لهم باب الله الى الخلق في جميع الاطوار والاكوار والادوار والاوطار فاذا كانوا باب الله بمعنى ان الله تعالى بهم يفتح الكون والوجود وبهم سلام الله عليهم يختم عوالم الغيب والشهود في الدارين على جميع المعاني كانوا باب الخلق الى الله سبحانه وتعالى بمعنى من اراد الله بدء بهم ومن وحده قبل عنهم ومن قصده توجه بهم فهم الابواب مطلقا في اول مقام تعيناتهم من رتبة العقل الكلي الى آخر المراتب من حيث ظهور القطبية وفي مقام انما انا بشر مثلكم يوحي الى وفي مقام ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون هم حجة الله على الخلق على التفصيل الذي ملأ مولينا قدس الله نفسه شرح الجامعة منه والحقير ايضا في شرح الخطبة واجوبة المسائل البهبهانية استوفيت هذا الباب والمقصود في هذا المقام الفرق بين مقامي البيان والابواب فظهر لك ان مقام البيان في مقام حقيقتهم من حيث كونها محلا للمشية ومظهرا للفيض الاقدس المطلق بمراتبه على ما اشرنا اليه ومقام المعاني في مقام حقيقتهم لا من هذه الحيثية بل من حيث هي مصدر للفعل وصالحة لتعلق الظهور المطلق بها ومقام الابواب في مقام انيتهم الخاضعة الخاشعة لله سبحانه في مقام القطبية ومقام الامامة في مقام بشريتهم فالاولان في مقام ظهورهم عليهم السلام بالعلية ( بالعلية والآخران في مقام ظهورهم عليهم السلام بالقطبية خ‌ل ) وهذا بيان ما اردت من الفرق باوضح بيان يليق بالمقام ولكن المقام صعب شامخ قل الواصلون وكثر النازلون والمتحيرون وليكن عندك معلوما ان كل من يدعي فيهم عليهم السلام الربوبية بالاستقلال والتفويض فهو كافر يلعنه الله ويلعنه اللاعنون وما ذكرنا اثبات لعبوديتهم وخضوعهم واستكانتهم صلى الله عليهم فلما خضعوا وخشعوا وذلوا لله تعالى رفعهم الله واعزهم بحيث طأطأ كل شريف لشرفهم وبخع كل متكبر لطاعتهم وخضع كل جبار لفضلهم وذل كل شيء لهم واشرقت الارض بنورهم وفاز الفائزون بولايتهم صلى الله عليهم ولعنة الله على اعدائهم وظالميهم وناصبيهم ومنكري فضائلهم ابد الآبدين

وفرغ من كتابتها منشيها غرة ( قد فرغ من كتابتها غرة شهر خ‌ل ) رمضان المبارك سنة ١٢٥٢ حامدا مصليا مسلما

المصادر
المحتوى