
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فان العبد الجاني والاسير الفاني محمد كاظم ( كاظم خل ) بن قاسم الحسيني الرشتي يقدم العذر اليكم من بسط المقال وشرح حقيقة الحال لما انا عليه من تصادم الامراض وتراكم الاعراض واختلال البال واغتشاش الاحوال وحدوث الموانع من استقامة الحال ولكني آت بما هو الميسور فانه لا يسقط بالمعسور اجابة لملتمسكم واداء لمقترحكم والله المستعان وعليه التكلان
قال سلمه الله : الاولى: ما يقول سيدنا ومولينا في مثل قوله تعالى قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب الا الله وقوله تعالى ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ان انا الا نذير مبين وقوله تعالى ولا اعلم الغيب وامثالها مما يدل صريحا على نفي علم الغيب عن النبي فضلا عن الائمة مع ان صحاح الاخبار عن الائمة الاطهار مستفيضة بثبوته لهم سلام الله عليهم فاين باب العرض وما وجه الفرض
الجواب - اقول اعلم ان له اطلاقان مرة يطلق ويراد به ما لم يلبس حلة الكون ولم يدخل في عالم الوجود ومرة يطلق ويراد به ما هو الغايب عن عالم الشهادة والاجسام من مكنونات عالم الارواح والاشباح ومستجنات عالم الانوار ومستسرات عالم الحقايق وسر الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر بنفسها وحروفها والفها ونقطتها ولب النقطة وغيرها من المراتب فالغيب بالمعنى الاول لا يعلمه احد الا الله سبحانه وتعالى فاذا اوجد شيئا من ذلك علمهم اياه وهو العلم الذي لا يحيطون بشيء منه الا بما شاء الله كونه وعينه في عالم الاكوان والاعيان في اي ( اي عالم من خل ) عوالم الالف الف واما الغيب الذي يعلمونه بتعليم الله سبحانه وهو الغيب بالمعنى الثاني فان جميع العوالم كلها حاضرة لديهم مشهورة عندهم لانهم خلفاء الله وامناؤه على كل حال فلا يعقل جهل الولي للمولى عليه والى هذا الغيب يشير ما في الصحاح المستفيضة والاخبار المتكاثرة بل المتواترة وقد نص سبحانه وتعالى على ذلك بقوله عز من قائل وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء وهم سلام الله عليهم هم المرتضون المجتبون لا يسبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق فقوله تعالى قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب الا الله يريد الغيب بالمعنى الاول مما يجري عليه احكام البداء فان الاحوال المغيرة الجارية على الاشياء قبل وجوداتها لا يعلمها احد الا الله وهو الاجل المسمى الذي اشار اليه بقوله ( اشار بقوله خل ) عز وجل ثم قضي اجلا واجل مسمى عنده واما الغيب الذي يعلمونه فهو من المحتومات التي دخلت في عالم الكون ولبست حلة الوجود ولم يجر عليه المحو والاثبات واما المشروطات التي يجري عليها المحو والاثبات تتوقف على شرايط واسباب وعلل ومعدات ومتممات مما لم توجد بعد فهذه لا يعلمونه الا اذا وجدت اسبابها وعللها وشرايطها بايجاد الله وتعليمه سبحانه بواسطة الحملة اي حملة العلوم على اختلاف مراتبهم وهي العلوم التي تتجدد عندهم في ليالي القدر وليالي الجمعة وآنا فآن لان فعله سبحانه دائم الافاضة وهم واقفون على فوارة باب الفيض فلا نفاد له ولا انقطاع وقد قال مولينا واستادنا في هذا المعنى شعرا وقد اجاد وافاد وهو هذا :
فراحتا الدهر من فضفاض جودهم مملوئتان وما للفيض تعطيل
والكلام في هذا المقام طويل وفيما ذكرنا كفاية
قال سلمه الله تعالى : الثانية - نريد فهم انهم علة فاعلية من كتاب الله او سنة نبيه واهل بيت نبيه سلام الله عليهم وازاحة شبهة المعاندين الجاهلين على وجه يتضح بيانه لذي عقل
اقول اعلم ان الذي يقول انهم (ع) علة فاعلية لا يريد انهم فاعلون بالاستقلال او بالوكالة او بالتفويض بل الفاعل له اطلاقان يطلق ويراد به الذات ويطلق ويراد به السبب والمعد والموصل والواسطة الا ترى ان الله سبحانه افصح عن هذا المعنى في مواضع من القرآن منها قوله تعالى انه لقول رسول كريم اي القرآن ولا شك عند جميع المسلمين ان القرآن قول الله وكلامه وقد نسبه الى الرسول وقال انه قول ( قوله خل ) سواء فسر الرسول بجبرائيل او النبي (ص) ولا شك ان كل واحد منهما ( منهما ليس خل ) قائلا للقرآن بل القائل هو الله سبحانه وانما هما سبب الوصول الى الخلق عن الله سبحانه وقد سماه سبحانه وتعالى قائلا للقرآن ومنها قوله فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون فجعل سبحانه في الاول الاشخاص هم الفاعلين ونسب الفعل اليهم وجعل اليد سببا موصلا وواسطة مفيضة ثم نسب الفعل الى اليد وجعلها فاعلة في قوله تعالى كتبت ايديهم فان الايدي فاعل كتبت ومنها قوله تعالى الله يتوفى الانفس حين موتها فنسب التوفي الى نفسه تعالى ثم قال الذين تتوفيهم الملائكة ثم قال قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم فنسب التوفي الى الملائكة في الاول وملك الموت في الثاني ولا ريب ان الملائكة ليسوا شركاء مع الله ولا هم فاعلون بالاستقلال ولا فوض الامر اليهم بل ليسوا الا اسبابا فنسب الفعل الى السبب وامثال ذلك كثيرة في كتاب الله وفي احاديث آل الله سلام الله عليهم وفي امثال العرب واشعارهم ومحاوراتهم وانكار هذا الاطلاق كانه مصادمة للضروري ومزاحمة للبديهي فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الذي يرى آل محمد سلام الله عليهم السبب الاعظم في خلق العالم وانهم المقدمون ( مقدمون خل ) في الايجاد وانه ما سبقهم سابق ولا لحقهم لاحق ولا طمع في ادراكهم طامع لان الخير اذا ذكر هم اصله ومعدنه ومأويه ومنتهاه وان الحق لهم ومعهم وفيهم واليهم وان الخلايق من الانبياء وما دونهم من ساير الموجودات من فاضل شعاع انوارهم فالذي يرى ذلك ويعتقد في حقهم ما هنالك له ان يطلق عليهم العلة الفاعلية بمعنى السببية ولا اظن احدا من الفرقة المحقة الا من سبقت فيه الشبهة او استحوذ عليه الشيطان بالعناد واللجاج ينكر هذا المعنى ولعمري ان كون عليّ امير المومنين (ع) يد الله قد ملأ الاصقاع وخرق الاسماع ولا يشك فيه احد وهو صريح الزيارات المتداولة المشهورة الواردة عن سادات البريات والله سبحانه في كتابه الكريم يقول وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان هذا رد على اليهود الذين زعموا ان الله سبحانه قد فرغ من امر الخلق والرزق والاحياء والاماتة وكنوا عن ذلك بغل اليدين لظهور ان اليد سبب الافاضة والامدادات وقد لعنهم الله سبحانه وكذبهم وذكر ان يديه مبسوطتان بالافاضة والايجاد وقد قام اجماع الفرقة المحقة على ان يد الله هو امير المومنين (ع) فيكون هو السبب الاعظم في الافاضة بنص من الله سبحانه وفي زيارة الحسين (ع) المذكورة في جميع كتب المزار مما وقفت عليه في زيارته (ع) المروية عن الصادق (ع) الى ان قال (ع) ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم ويصدر من بيوتكم الصادر عما فصل من احكام العباد وقد ثبت عند اهل العلم من اهل النقل ان الجمع المضاف يفيد العموم الاستغراقي وان المصدر المضاف كذلك والجمع المحلي باللام كذلك فاذن جميع ارادات الله سبحانه في كوني التشريعي والتكويني في جميع مقادير جميع الامور من الكائنات والحوادث تهبط اليهم وهم (ع) محلها وموقعها وبهم تصل الى ما شاء الله سبحانه وتعالى من خلقه وقد صرح سيدنا ومولينا الحسين (ع) في قنوته على ما رواه سيد بن طاوس (ره) في مهجالدعوات بقوله (ع) الهي انت الذي جعلت قلوب اوليائك مكمنا لارادتك ومحلا لمشيتك فاذا شئت ما تشاء حركت من سرائرهم كوامن ما اكمنت فيهم والكلام في هذا المقام طويل وقد افردنا رسالة في تحقيق هذه المسألة الشريفة بما لا مزيد عليه وقد كتب شيخنا المرحوم المقدس الممجد الشيخ محمد آل عبد الجبار كتبا متعددة في هذا الشان ما بين مطول ومختصر وهي عندكم موجودة فانظروا فيها يتبين لكم نوع المطلب وبيانه من الكتاب والسنة وضرورة المذهب وانا في واسع العذر في اشباع الكلام فيها ورد ما عسي ان يتوهم عليها لكثرة الامراض ولورود الاعراض والحمد لله على كل حال
قال سلمه الله تعالى : الثالثة: ما معنى ما ورد ان هذه الحمرة رئيت بعد قتل الحسين سلام الله عليه ولم تر قبله اليس هي من كرة البخار
اقول بلى هي من كرة البخار الممتزج بالهباء والغبار المتصاعد الى الجو المحتبس بين السماء والارض من مسافة سبعة عشر فرسخ وثلث فاذا كثر الغبار والبخار تكثر الحمرة لاحتباس شعاع الشمس فيه المقتضية لها باعتبار مزج صفرة نور الشمس ببياض رطوبات البخارية الحاملة للاجزاء الهبائية المتولدة منهما الحمرة كالزنجفر المتولد من الكبريت الاصفر والزيبق الابيض واذا قل البخار والغبار وصفي الجو قلت الحمرة بل لم تر ولما قتل مولينا وسيدنا الحسين (ع) تزلزلت الارض واندكت وضعف تماسكها لهذه المصيبة العظمى والبلية الكبرى وكذلك البخار تموجت واضطربت وتعطمطت ( تغطمطت ظ ) وتلاطمت وكذلك الانهار والآبار اضطربت وتزلزلت وكذلك الهواء تحرك واضطرب وكثرة ( كثرت خل ) الابخرة والادخنة واجزاء الغبار وتصاعدت فظهر فيها نور الشمس الحامل لنور العرش مستوى الرحمن لظهور الحمرة التي هي لباس الغضب على هذا الخلق المنكوس ولا يزال هذا الاضطراب وهذا التزلزل ولا تزال هذه الحمرة الى ان تدول دولتهم ويظهر مستورهم وياخذ لثاره فتخفف ( فتخف خل ) الحمرة ولا تزال كذلك الى آخر الرجعات عند ظهور الجنتين المدهامتين فكادت تنقطع لصفاء الارض وسكونها في الجملة لظهور تلك الانوار المشرقة من عالم الاسرار الحاملة لظهور عظمة الملك الجبار وتنقطع كمال الانقطاع يوم القيمة اذا تبدلت الارض غير الارض وهي فضة صافية بيضاء لانقطاع البخار باخذ الثار فافهم فان ذلك عبرة لاولي الابصار وقال ( فان قال خل ) قائل ان هذه الحمرة كانت قبل قتل الحسين (ع) قلت ( قلنا خل ) ربما كانت لكن لا بهذا الظهور والبروز واصل كينونتها ايضا كان سببها قتل الحسين (ع) في العالم الاول عالم الذر لما نفذت كلمة الله سبحانه بقتله (ع) لامور استحكمت اسبابها في ذلك العالم وقد اشرنا الى بعض تلك الاسباب في رسالتنا اسرار الشهادة ونسختها توجد في القطيف فلما عرض قتله (ع) في ذلك العالم على الخلق انهدت اركان الخلق وتزلزلت تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا فضعفت الاشياء وتضعضعت لهذا الخبر الشنيع وضعفت الارض عن التماسك فثار الغبار لظهور الاحمرار الدال على غضب العظيم الجبار على الخلق فكان ( الجبار فكان خل ) اصل وجود الحمرة في المشرق والمغرب قتل الحسين (ع) سيد شباب اهل الجنة ولكن لما اقترن الخبر بالعيان ظهرت ( اظهرت خل ) الحمرة وغلظت بظهور اسبابها وعالمها فافهم
قال سلمه الله تعالى : الرابعة - قد جاءت الآيات والروايات بوجوب الرضا بقضاء الله وقدره مع ورودها بوجوب كراهة المعاصي واهلها فان كانت المعاصي بقضاء الله وقدره جاء التناقض وان كان بغير قضاء ولا قدر فذلك قدح في التوحيد فما وجه الجمع والتوالف بين الكراهة والرضا وبماذا يزول التناقض والتخالف في القدر والقضاء تفضلوا علينا بدفع الاشكال بدفع ورفع المحال
اقول لا شك ولا ريب ان كل ما لبس حلة الكون ودخل في عالم الوجود من نور وظلمة وحق وباطل وخير وشر بقضاء الله وقدره كيف وقد قال مولينا الكاظم (ع) على ما رواه ثقة الاسلام انه لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة بمشية وارادة وقدر وقضاء واذن واجل وكتاب ومن زعم انه يقدر على نقص واحدة فقد كفر وفي رواية فقد اشرك وهذا شيء معلوم يشهد به المذهب ومحكم الكتاب والسنة الا ان القدر ليس حيث تذهب عامة الناس مما يوهم التنافي بين الرضاء بالقضاء والقدر وبين كراهة المعاصي وان كل شيء بقضاء الله وقدره لان القدر هي الحدود التفصيلية والهندسة الايجادية وترتب الاسباب والمسببات والعلل والمعلولات والشرايط والمشروطات واللوازم والملزومات والمتممات والمكملات كل ذلك بالميولات الذاتية والاقتضاءات الحقيقية مثلا ان الله سبحانه وتعالى جعل لكل امر مقتضى ولكل امر اثر ( اثرا خل ) والمكلف مختار صحيح الميل مخلي السرب فاذا مال الى عمل وتوجه الى امر فيترتب عليه مقتضاه ويظهر له اثره والله سبحانه ما جبره لذلك العمل ولكنه باختياره لما عمل ذلك العمل ترتب عليه مقتضاه فذلك المقتضى لهذا الاقتضاء من قدر الله سبحانه وترتب المقتضى على المقتضي من قضاء الله ولا شك ان ما فعله سبحانه وتعالى هو عين الحكمة والصواب اذ ما جعل الخلق مهملين ولا تركهم سدى معطلين بل جعل لكل شيء آثارا ومقتضيات ولوازم على حسب اقتضاء كينونة ذلك الشيء بما جعله الله سبحانه فيه من سر الاختيار فهو ح راض بما فعله الله سبحانه وتعالى وقدره وقضاه وان كان كارها لميله الى ذلك الفعل ان كان مما يترتب عليه من سوء القدر وشر القضاء فان قلت ان ذلك الميل ايضا بقضاء الله وقدره فجاء الاشكال قلت نعم ذلك الميل ايضا بقضاء الله ومشيته الا ان المشية على قسمين مشية حتم ومشية عزم والقدر ايضا كذلك قدر حتم لازم وقدر محبة عازم فقد يشاء شيئا بمشية العزم ولا يشاء ( لا يشاءه خل ) بمشية الحتم كالعكس لان الله سبحانه وتعالى حتم على نفسه وقدر تقديرا لازما في الاشياء ان لا يجبرها ولا يلجاها في طاعة ولا معصية فاذا مال العبد الى المعصية بشهوته وميله بحيث لا يرتدع عنها الا بالاجبار والاكراه والالجاء فلا يجبره الله سبحانه على تركها لانه ظلم محض ينافي قدرة الله سبحانه وحكمته فجرى قدره سبحانه ان لا يحول بينه وبين فعله ولو شاء ان لا يفعل ويحول بينه وبين فعله لما غلبت مشيته مشية الله وقدره وذلك معلوم انشاء الله تعالى بشهادة المذهب ومتواتر الكتاب والسنة ففعل العبد بجميع ميولاته وشهواته بقدر الله سبحانه وتعالى لكن لا بالقدر اللازم والقضاء الحتم على المكلف بحيث يلزم الاجبار بل حتم على نفسه سبحانه ان يدع الخلق وميولاتهم وشهواتهم نعم ربما يعينهم على فعل الخير وترك الشر بما لا يلزم الاجبار فاذا استلزم ذلك تركهم واختيارهم وهو قول مولينا الرضا (ع) ان الله لم يطع باكراه ولم يعص بغلبة وهو المالك لما ملكهم والقادر لما اقدرهم ( على ما اقدرهم خل ) عليه فان ائتمر العبد الى طاعته ليس لهم عنها ساد ولا لهم عنها مانع وان ائتمر الى معصية فان شاء ان يحول بينها وبينهم فعل والا فليس هو الذي اوقعهم فيها وملخص المقال انه يجب الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره فيما رتب الاشياء عليه وان كره ما يفعله من المعصية وفعل السوء مثلا ان الله سبحانه خلق السم وجعل فيه على ما هو عليه من قوة حارة ( حادة خل ) تقطع ما يباشره من الاجسام اللينة ( اللينية خل ) مما ينفعل بالكيفية فهذا الجعل هو القدر ولكنه نهاك عن تناوله لنفسك او لغيرك فاذا ناولته باختيارك بما جعله الله سبحانه فيك من القدر اللازم ان لا يجبرك على فعل رتب الله عليه مقتضاه وهو تقطع الاعضاء وازهاق النفس وهذا الترتب هو القضاء ولا شك ان هذا الترتب على مقتضى الحكمة من فعله سبحانه وتعالى محبوب لان خلافه يلزم الظلم وعدم اعطاء كل ذي حق حقه وعدم اجبارك ايضا بهذا الفعل حسن محبوب يجب الرضا به وميلك الى هذا الفعل القبيح باختيارك ( باختيار خل ) منك هو المبغوض المكروه ويجب عدم الرضا به فمن حيث انتسابه الى الله سبحانه وتعالى محبوب مطلوب يجب الرضا به ومن حيث انتسابه الى نفسه بما يرجع الى اختياره ( اختيار خل ) وشهوته بما يحفظه الله من كينونته مبغوض مكروه وذلك هو سر الامر بين الامرين فافهم وابن عليه امرك اذ ليس وراءه كلام وليس وراء عبادان قرية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال سلمه الله تعالى : الخامسة: هل يجوز التلفظ بالنية في الصلوة ام لا
اقول النية هي القصد البسيط الداعي لوجود العمل وهذا امر قلبي بلا اخطار ولا تصور ولا احضار ولا تلفظ فح اذا تلفظ او تصور يقع لغوا وعبثا وتقع الصلوة بالنية التي هي القصد اليها عامدا مختارا واما اذا جعل التلفظ بالنية مما يجب في الصلوة او في غيرها من الاعمال فذلك تشريع موجب لبطلان العمل وذلك ظاهر انشاء الله تعالى
قال سلمه الله تعالى : السادسة - الاحكام التي ذكروها في الضالة اذا كانت شاة هل تجري في المعزى الذكران ام لا وهل يرجع الاخذ بالانفاق ام لا وما الحكم لو كان اللقيط نفع بظهره او دره او خدمته
اقول الظاهر ان الاحكام الجارية في الشاة جارية في المعزى لاتحاد سنخيهما وجريان التعليل الذي ذكر في الشاة فيها اي في المعزى ايضا والمشهور بين الاصحاب ان ما لا يمتنع من صغير السباع وان كان اصله الامتناع كاطفال الابل والبقل والخيل والحمير حكمه حكم الشاة وهو الاصح وتردد المحقق في ذلك لا وجه له واما اللقيط اذا كان له نفع كالظهر والدر والخدمة فقد صرح الشيخ رحمه الله في النهاية انها للواجد بازاء ما ينفق عليه وقيل ينظر في النفقة وقيمة المنفعة ويتقاصان ولعله هو الاوجه اذ فيه جمع بين الحقين فيرجع ذو الفضل بفضل ماله اذ لا دليل على سقوطه ولا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفسه والرواية الواردة في الرهن بان الظهر يركب والدر يشرب وعلى الذي يركب ويشرب النفقة مع قطع النظر عن ضعفها تسريها الى هذا المقام قياس ظاهر فحينئذ فالقول الاخير هو الاصوب والاشبه بالمذهب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته