رسالة في جواب سائل - ۲ (الفرق بين المشية والارادة والقدر والقضاء...) (٢٥ سؤال)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب سائل

25#### مسألة

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الرابع عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على مبغضيهم ومنكري فضائلهم اجمعين ابد الآبدين

اما بعد فان العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي يقدم العذر الى ذلك الجناب المستطاب المرجع لاولي الافئدة واولي الالباب من تأخير رسم الجواب وعدم البسط في المقال وشرح حقايق الاحوال وذكر خفايا المطالب والاسرار بجوامع الاستدلال لما انا عليه من توارد الاعراض والامراض وتوفر الاشغال ومقاساة الشدايد والاهوال ومكابدة ما يطرء من الجهال ومدافعة معارضاة اهل الضلال وكثرة ما اشاهد من اهل النفاق ودواعي تبلبل البال وتوفر موجبات اختلال الاحوال فاني قد ابتليت بوقت قد مد الجور باعه واسفر الظلم قناعه ودعي الغي اتباعه فلبوه من كل جانب واوان واجابوه باللسان والجنان فالمستكن في القلب من الاحوال العجيبة والمعاني الغريبة كيف يتأتى بيانه والحال هذه والمستجن في الصدر من لطايف الصور والحقايق كيف يمكن ابرازه لمن هذا اوانه وزمانه وقد احببت ان تأتيني هذه المسائل في غير هذه الحالة لاؤدي بعض حقها من التحقيق واوصل السالك سبيل المعارف والحقايق سواء الطريق ولكني آت الآن بما هو الميسور المقدور وما اتمكن من رسمها في السفر مع تبلبل البال بمعاناة الحل والارتحال واكتفي بالاشارة والوح بصريح العبارة اعتمادا على ذلك الفهم العالي والادراك السامي وجعلت سؤاله ايده الله وابقاه متنا وجوابي كالشرح له ليطابق كل جواب بسؤاله

قال سلمه الله تعالى : المسئلة الاولى - هل يصدر من الواحد اكثر من واحد ام لا

اقول اما في الامكان فلا يمكن لان الواحد الحقيقي في عالم الامكان ممتنع الوجود لان الحادث له جهتان احديهما الدلالة على مبدئه والثانية ظهور كينونة نفسه بابداء شئوناته المختلفة مما ينزه مبدئه عنها مثلا الجسم له مقامان احدهما مقام انه اثر مخلوق فيدل على خالقه ومؤثره وثانيهما مقام ان له حيز وصورة وحدود واجزاء وقرانات وتركيبات ولا شك انه بهذه الجهة حجاب من مبدئه ينزه خالقه وصانعه عن تلك الصفات والاقتضاءات وهكذا الكلام في النفس والروح والعقل وغيرها مما يوجد في الامكان المتحقق بكن فيكون ومتعدد الجهات مركب مختلف فالحادث محال ان يكون بسيطا واحدا من جميع الجهات ولذا قالوا ان كل ممكن زوج تركيبي وحيث لا وحدة في الامكان وجب ان يقال اطلاق الواحد على الممكن اضافي نسبي والا فلا واحد الا الله سبحانه فوجب تقييد الواحد الامكاني بالواحد من حيث الوحدة فنقول ان الواحد من حيث الوحدة لا يصح ان يصدر منه الا الواحد كذلك لما علم بالضرورة ان بين الصادر والمصدر يجب ان يكون مناسبة تصحح صدور ذلك الصادر عنه لا غير والا لصح صدور كل شيء من كل شيء وهو في البطلان بمكان الا ترى ان الحار من حيث هو كذلك لا يصدر منه البارد والرطب من حيث هو كذلك لا يصدر منه اليابس والحمرة من حيث هي كذلك لا تصدر منه البياض كالبياض والحمرة من حيث هي لا تصدر منها الحمرة كالحمرة وهكذا فلا بد من جهة خاصة في المصدر بها يصح صدور ذلك الصادر منه وهو معلوم واضح لمن انصف وتدبر وهو اجماع من جميع العقلاء من الحكماء وغيرهم حيث قالوا الواحد لا يصدر منه الا الواحد الا ان خلافهم في ان المناسبة مع ذات المصدر او فعله وبه امتاز المحق من المبطل فحينئذ لا يمكن ان يتعلق جعله من حيث مناسبته لمجعول خاص بتلك الجهة والحيثية بغير ذلك المجعول فان ذلك الغير اما ان يكون مساويا مع ذلك المجعول من جميع الجهات ارتفعت الاثنينية وان كان مغايرا جاء التناقض واجتماع الضدين فيكون حين يصدر الاسود من حيث هو منه يصدر منه اللااسود وتجويز ذلك مكابرة للضروري ومصادمة للبديهي ويلزم من ذلك جواز صدور كل شيء ولا يقول به عاقل فاذن لا يمكن ان يصدر من الواحد من حيث هو كذلك اكثر من واحد من حيث هو كذلك فالكاتب من حيث هو كاتب لا يصدر عنه القيام والقائم من حيث هو كذلك لا يصدر عنه القعود وهكذا في جميع الافعال والاحوال واليه الاشارة في قوله تعالى لمن يعقل ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه والقلب هو الفاعل وان كان بواسطة الجوارح هذا حال الممكن الحادث المخلوق ولما كان حقيقة الممكن هي الفقر والاحتياج وصفاته وجهاته صفات الفقر والاحتياج وحقيقة الواجب هي الغني والاستقلال وصفاته صفات الغني والاستقلال وجب ان لا يوصف كل منهما بما يوصف به الآخر فيجب نفي صفات الممكن واحواله وصفاته الذاتية فالممكن وصفاته بجميع شئوناته واطواره ومقتضياته صفات سلبية للواجب سواء كانت صفات كمال او نقص وهو قوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وقول مولينا الرضا عليه السلام كلما في المخلوق يمتنع في خالقه فاذا امتنع شيء في الامكان من ظهور آثار القدرة لا يجب ان تمنع في الواجب لما ذكرنا من ان الممكن واحواله فقر والا لزم مساوات الفقير مع الغني بالذات بل ما يتعلق باظهار القدرة مما لا يستلزم نقص وجب ان يكون واجبا في الواجب لعموم قدرته وسعة رحمته ولذا تصفه بانه قريب من حيث بعده وبعيد من حيث قربه عال من حيث دنوه دان من حيث علوه ظاهر في عين خفائه وخفي في عين ظهوره بلا اختلاف جهة ولا حيث مع انه في الممكن ممتنع فاذا جاز ذلك وجب ان يكون ما امتنع في الممكن من صدور اكثر من واحد من الواحد وجب ان يمتنع ذلك في الواجب والا لساواه وقد نص على ما ذكرنا مولانا الصادق عليه السلام في دعاء كل يوم من شهر رمضان في قوله عليه السلام لا يشغله علم شيء عن علم شيء ولا خلق شيء عن خلق شيء فاذا لم يشغله خلق شيء عن خلق شيء فحين صدور شيء عنه يجب ان يصح صدور غيره عنه والا لشغله خلق شيء عن خلق شيء فاذا طابق العقل والنقل والوجدان يجب التصديق له والتسليم والاذعان فاذن يجب ان يكون الله سبحانه قادرا على ذلك اي ان يصدر عنه سبحانه اكثر من واحد وهو المطلق وهذا كلام جرى على ظاهر المقال من دليل المجادلة بالتي هي احسن الذي هو اضعف جهات الاستدلال واما اذا نظر الى ما هو المعروف في الفطرة الاولى عند اهل البصيرة الالهية وما جرى على السنة العلماء فهذا الكلام ساقط من اصله لان الذات من حيث هي لا يباشر الخلق ولا يتصل به ولا يقترن به ولا تجتمع معه فلا نسبة ولا اقتران ولا انفصال ولا اتصال ولا تباين ولا تساوي ولا عموم ولا خصوص انقطعت عنده سبحانه النسب والاضافات وعدمت عنده جهات القرانات وهو سبحانه احدي الذات وذلك معلوم بضرورة الاسلام والايمان والفاعل من حيث هي فاعل لا يكون الا بالفعل لان المشتق لا يصدق الا بالمبدء وهو الفرع لا تفاقهم على ان الاشتقاق اقتطاع فرع من اصل فوجب ان يكون الاسم الفاعل متاخرا عن الفعل والفاعل الموجد المصدر لا يكون الا متعلقا ومشتقا وهو لا يكون الا متاخرا وقد اجمع على ذلك اهل المنقول من اهل العربية واللفظ لا يخالف المعنى والاسم على طبق الحقيقة فلنقطع الكلام وقد اشبعنا الكلام في هذا المقام في عدة مواضع من رسائلنا ومصنفاتنا واجوبتنا للمسائل وقد جعلنا هذه المسئلة من الضروريات بالادلة القطعية من العقلية والنقلية والآن ليس لي اقبال شرحها وتحقيقها مع انه يؤدي الى تطويل المقال ويخرجنا عما نحن فيه وبالجملة قولهم ان الواحد لا يصدر منه اكثر من واحد ان كان مرادهم انه لا يمكن ان يصدر من الواحد الذي هو الله سبحانه اكثر من واحد فغلط واضح فانه سبحانه لا يقاس بخلقه وما دل على امتناع شيء في الامكان لا يدل على امتناعه في القديم بل كلما يمتنع في الامكان يجب اثباته في القديم الا ان يستلزم نقص في اثباته في القدم مثل الكثرة والعدم واللاشيئية وامثالها فان كلها نقص في حقه تعالى فقولهم ان الكثرة في عين الوحدة والوحدة في عين الكثرة والجمع بين الوجود والعدم والشيئية واللاشيئية يمتنع في الامكان فيجب اثباته في القديم ساقط من اصله لما بينا ان الكثرة والعدم نقص واثباته عليه سبحانه محال من هذه الجهة والا فاي مجال للعقل في ادراك ما يستحقه سبحانه من الصفات والكمالات وما يثبته العقل كله يرجع الى الكمال والنقص وقد قال امير المؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها وتشير الآلات الى نظائرها فالادوات والآلات الامكانية كيف تصل الى القديم الحق سبحانه وتعالى وقد قال مولانا الصادق عليه السلام ان كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم وقد قامت ضرورة الدين على ان الذات الحق سبحانه لا تدرك والبراهين العقلية لا تصل اليه وذلك معلوم واضح لمن جانب التقليد وان كان مرادهم ان مع امكان صدور الاكثر من واحد منه تعالى ماصدر منه سبحانه الا الواحد فهو صحيح لا لامتناع ذلك عليه سبحانه بل لان صنعه سبحانه وايجاده لما كان يجب ان يكون على احسن ما يمكن واشرف والطفرة في الوجود باطلة وقاعدة امكان الاشرف متجهة فوجب ان يكون اول ما صدر عنه سبحانه واحدا لانه اشرف من الكثرة والبساطة اشرف من التركيب فلا يمكن في الحكمة العدول منه الى غير الاشرف لانه ترك الاولى ولا يجوز على الله سبحانه لانه سبحانه عاقب انبيائه بترك الاولى وهو سبحانه لا يفعل ما يعيب عليه غيره وهو سبحانه يقول اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم فاول ما صدر في الجعل الاول يجب ان يكون واحدا ولكن الواحد الحقيقي كما ذكرنا سابقا غير موجود في عالم الامكان فذلك الواحد المجعول اولا ليس بواحد حقيقي لا يمكن فرض الكثرة فيه بحال من الاحوال فهو بالنسبة الى كلما عداه واحد ولكنه في نفسه متكثر وبالنسبة الى ماعداه بسيط وان كان في نفسه مركبا وهذا هو حكم الواحد الذي في مبدء الاعداد فانه متكثر قد غلبت عليه جهة الوحدة نعم وحدته بالنسبة الى باقي الاعداد والا فلا واحد الا الله سبحانه وعلى ما ذكرنا فابن امرك فانه القول الفصل والمذهب الجزل فلو شافهنا جنابك لاوضحنا لك الامر الا ان الاشارة الى المراد وقد فصلنا هذه المسئلة وشرحناها كمال الشرح واجبنا عن جميع ما يرد عليها في كتابنا اللوامع الحسينية

قال سلمه الله تعالى : ما اول صادر عن الله جل جلاله

اقول لما قضت الضرورة بان الطفرة في الوجود باطلة وان ما قرب من مبدئه كان اشرف مما بعد عنه وجب ان ينظر الى اشرف الموجودات وافضلها فان وجد فذاك اول الصادر فنقول انه قد قام الاجماع من المسلمين ومن الفرقة المحقة ان محمدا صلى الله عليه وآله اشرف الموجودات وافضلها ولم ‌يخلق الله سبحانه خلقا افضل ولا اشرف ولا اكرم منه وكلما خلق الله سبحانه من خلقه وان عظم مقامه وجل شانه دون مقامه ومرتبته فلا فخر قبل فخره ولا شرف قبل شرفه ولا سؤدد قبل سؤدده وهو سيد الموجودات واشرف الكائنات وخيرة الله في جميع البريات بجميع المقامات ولا شك في ذلك ولا ارتياب عند كافة اهل الاسلام وعند الفرقة المحقة يشارك النبي صلى الله عليه وآله امير المؤمنين واولاده الطيبون عليهم السلام في تلك المزايا والشرف وهو وهم سلام الله عليهم مساوون في الحقيقة والذات وان كان النبي صلى الله عليه وآله له الفضل من باب التشكيك لا غير ذلك وقد نص الله سبحانه ان امير المؤمنين عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه وآله في آية المباهلة ونص ايضا سبحانه وتعالى ان الولد جزء لوالده في قوله تعالى وجعلوا له من عباده جزءا وقوله تعالى ذرية بعضها من بعض ومن تبعيضيته والجزء من سنخ الكل والجزء والكل حقيقة واحدة وما عند القوم من ان الجزء مقدم على الكل تصديق ذلك يستلزم بطلان ما اجمع المسلمون والفرقة الناجية على اثباته وهو عدم تقدم آل ‌محمد سلام الله عليهم جدهم صلى الله عليه وآله في الوجود وتأخرهم عنه ايضا لا يجوز بنص القرآن حيث جعل الولد جزء لولده ( لوالده ظ ) فلم ‌يبق الا انهم عليهم السلام في الوجود مساوقون لوجوده صلى الله عليه وآله وهو قوله عليه السلام كلنا محمد اولنا محمد آخرنا محمد اوسطنا محمد واليه الاشارة في الزيارة واشهد ان ارواحكم ونوركم وطينتكم واحدة وفي الاحاديث الكثيرة الدالة على ان محمدا وعليا صلى الله عليهما وآلهما كانا نورا واحدا في الاصلاب الطاهرة والارحام المطهرة الى ان افترقا في صلب عبدالله وابو طالب وامثالها مما يدل صريحا على انهم عليهم السلام حقيقة واحدة ظهرت باربعة ‌عشر فالحقيقة واحدة والحدود مختلفة كاختلاف حدود الانسان الا ان حقيقة الانسان ظهرت بحدود مختلفة في افراد غير متناهية وتلك الحقيقة ظهرت بحدود مختلفة في افراد متناهية وهي اربعة‌ عشر وهذه الاربعة ‌عشر لهم حقيقة واحدة قد تعلق بها جعل واحد كحقيقة الانسان فانها حقيقة واحدة تعلق بها جعل واحد وافرادها حصص من تلك الحقيقة والتفاوت بين الافراد من حيث الحدود والعوارض الخارجية واما هي فحقيقة واحدة تصدق على الافراد على المتواطي كما قالوا فاذا ثبت ووضح بالضرورة ان محمدا وآله المعصومين سلام الله عليهم هم افضل الخلق واشرفهم واعلاهم فلا يخلو اما انهم هم الصادر الاول من حيث الحقيقة والذات والمجعول الاول والمخلوق الاول واول ما تعلق به الجعل والايجاد والصدور اولا بل الصادر الاول والمجعول الاول غيرهم وهم في اواسط الوجود واواخره او اول اضافي فان كان الاول ثبت المطلب وحصل المقصود وذلك ما كنا نبغي وان كان الثاني جائت الطفرة وبطلت قاعدة الامكان الاشرف وكان ما بعد المبدء انور واشرف مما قرب عنه وما قرب الى المبدء اخس مما بعد عنه والفاعل ما كان عالما بالاشرف حتى يوجده اولا او كان عالما فرجح مرجوحا وفضل مفضولا واتى بخلاف الحكمة وترك الاولى في الاحداث والايجاد وجعل الاصل فرعا والفرع اصلا وقدم ما حقه التاخير واخر ما حقه التقديم او ان الخلق حقيقة واحدة فلا تكون كاملة ولا تكون الفاعل كاملا لان الكامل اذا لم يكن له جمال ونور لم يكن كاملا ولما ان الفاعل انما يعرف كماله بفعله ونقص الفعل دليل على ضعف الفاعل وقلة نوره او على بخل الفاعل وحرصه على جميع ما عنده او مانع يمنعه عن الاتيان بما هو الاكمل الانور الاتم والكل باطل لا يلتزم به من كان له ادنى روية وشعور وادراك وحيث بطل الثاني ثبت الاول وهو المقصود فكان محمد وآله صلى الله عليهم هم حقيقة واحدة هي الصادر الاول فان قلت ان الشرافة قد تكون من جهة سبقه في الوجود وقد يكون من جهة الرتبة الجامعية ولعل هم عليهم السلام شرافتهم من جهة الاولى دون الثانية قلت الرتبة الجامعة انما تتحقق عند تنزل الحقيقة الاولى العليا الى مراتبها ومقاماتها بحكم الاقبال والادبار فهي واحدة في المبدء الاول ومتكثرة في الكون الثاني وذلك لا ينافي كونه اولا بل لا يكون الشيء ذا مراتب الا بتنزله من المرتبة الاولى الى كينونات قد حصلت بالتنزل بلحوق الحدود والاعراض والاضافات كالحبة المزروعة المتنزلة الى مراتبها في اطوار الشجرة والاغصان الى ان ترجع الى ما كانت اولا فلا فرق في المقامين وكل شريف يجب ان يكون اولا وان كان آخرا وكل آخر هو شريف يجب ان يكون اولا وكل خاتم هو الفاتح كما ان كل فاتح هو الخاتم فهم سلام الله عليهم مبدء الوجود ومصدر الغيب والشهود فان قلت انك ذكرت في المسئلة الاولى ان مبدء الخلق والصادر الاول يجب ان يكون واحدا فلو كان الصادر الاول هم اهل البيت عليهم السلام ناقض كلامك قلت لا تناقض اصلا لانا بينا ان الواحد الحقيقي الذي لا شوب للكثرة فيها لا يمكن في عالم الامكان والحدوث ولذا قالوا كل ممكن زوج تركيبي فالواحد الاول الذي هو المجعول الاول حقيقة واحدة الهية اولية والكثرات شئون ذلك الواحد اما سمعت الله يقول خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء كثيرا وقال تعالى وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وقال تعالى وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر وقال تعالى ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فالمبدء الاول حقيقة واحدة ولما كان تلك الحقيقة انما وجدت بكن فيكون فمن حركة الامر هو الاسم الفاعل تحدث الحرارة ومن سكون المجعول وكونه متعلق الامر والفعل تحدث البرودة ومن نسبة الفعل الى المفعول تحدث الرطوبة مع الحرارة لانها وجه الفاعل ومن نسبة المفعول الى الفاعل تحدث البرودة مع اليبوسة فحصلت الطبايع الاربع وقارنت بالوجوه الثلثة للشيء الحاصلة من اصل التركيب وهي الجزءان مع الهيئة التركيبية والمجموع سبعة وهذه السبعة ثنيت بالاجمال والتفصيل والغيب والشهادة فكانت اربعة ‌عشر وهي السبع المثاني وهذه الوجوه في المبدء اجمالية غير ظاهرة قد غلبت عليها جهة الوحدة كما تقول رجل صفراوي او سوداوي على انه لا يخلو من ساير الطبايع وانما سميته بالطبيعة الغالبة وكذلك القول في الحقيقة المحمدية فانها واحدة لا تعدد فيها كالواحد الذي في مبدء الاعداد فاذا نظرت اليها من جهة مبدئها ومن جهة انها هي المبدء كانت واحدة وهي من نفسها وتفاصيل احوالها كانت متعددة الا ترى ان الواحد بالنسبة الى غيره واحد وبالنسبة الى نفسه جميع الكثرات انما تتولد منه فانك اذا نظرت الى نفسها وجدته ثلثة من حيث الجهة العليا والسفلى والجامعة بينهما الرتبة الجامعة والثلثة اذا نظرت الى نفسها ونسبت بعضها ببعض وضربتها في نفسها ظهرت تسعة فاذا اضفت اليها الواحد الاول وجه المبدء كانت عشرة واذا لاحظت نسبة بعضها ببعض وضربتها في نفسها كانت مائة واذا كعبت العشرة كانت الفا وهكذا فجميع الكثرات انما تولدت من الواحد بما كان مذكورا فيه بالذكر الاجمالي فهو واحد في الظهور ومتكثر في البطون كما هو شان الامكان فالحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله لامكانها لا بد ان تكون متكثرة ولكن لكمالها وشرافتها يجب ان يكون في اشرف مقامات الكثرة من اقرب الكثرات الى الواحد ولما كانت السبعة هي العدد الكامل وكمالها في تثنيتها كما برهن في محله وحقق في موضعه وجب ان لا تزيد كثرة تلك الحقيقة الوحدانية الاولية الالهية وتعددها عن اربعة ‌عشر بحكم مستقر وامر مقدر فظهر لك كمال الظهور ان الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله اول الصادر وهي واحدة في الحقيقة واربعة‌ عشر في الظهور والروات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة بل حد التواتر مشاهدة عليه وقد طرق سمعك احاديث خلق انوارهم وانها كانت قبل الخلق ورواية جابر بن عبد الله الانصاري عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ورواية عباس بن عبد المطلب ورواية ابن ‌مسعود وغيرها من الروايات التي كادت تبلغ حد التواتر وفي الزيارة الجامعة فبلغ الله بكم اشرف محل المكرمين واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في ادراكه طامع وغيرها من الروايات ولا ينبغي ان يشك في انهم هم الصادر الاول مؤمن موحد يؤمن بالله ورسله وخلفائه فان الضرورة قاضية بذلك والعقل والنقل متفقان بما هنالك ثم اعلم انه قد اختلفت الروايات في الصادر الاول ففي بعضها انه العقل كما في قوله عليه السلام اول ما خلق الله العقل وفي بعضها انه عقل محمد صلى الله عليه وآله وفي بعضها انه روحه صلى الله عليه وآله وفي بعضها انه الماء وفي بعضها انه الهواء وفي بعضها انه النار وفي بعضها انه المشية وفي بعضها انه الاختراع والابداع وفي بعضها انه النور وفي بعضها انه نور محمد صلى الله عليه وآله وفي بعضها انه النفوس المقدسة المطهرة وهذه الروايات مشهورة معروفة قد وقع نظر جنابك عليها فلا يحتاج الى ذكرها وتكرارها ليكون كناقل التمر الى هجر وهذه الاختلافات مرجعها شيء واحد والاختلاف انما هو في التبير كقول الشاعر :

وما الوجه الا واحد غير انها ذا تعدد المرايا تعددا

واما ما ورد انه العقل فالمراد به عقل محمد صلى الله عليه وآله فلا اسبق منه فيكون العقل عقله كما قال صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله عقلي الا ان هذه الاولية اضافية لا حقيقية وهي بالنسبة الى ساير الموجودات المقيدة والحقايق المجردة والروحانيات المستعدة كما نص عليه مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه في الكافي ان العقل اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش فالعرش هو الحقيقة المحمدية واركانه اربعة وهي مراتب الحقيقة المقدسة من العقل والروح والنفس والجسم والعقل والروح الجانب الايمن منها والنفس والجسم الجانب الايسر والعقل الايمن الاعلى والروح الايمن الاسفل والنفس الايسر الاعلى والجسم الايسر الاسفل وحيث ان عقله صلى الله عليه وآله اصل للعقول وروحه اصل للارواح ونفسه اصل للنفوس وجميع ماعداها تابعة لها فكان العقل اول المخلوقات المجعولات المقيدة الظاهرة وان كانت قبله مراتب لكنها اسباب الوجود العقل كما تقول اول ما كتبته الالف مع ان الحركة حركة اليد والقلم والدوات واللوح قبلها واما ما ورد انه الروح فالمراد به العقل لان الروح برزخ بين العقل والنفس فيجري عليه حكم كل واحد منهما واما ما ورد انه الماء فهو الماء الذي به حيوة كل شيء وقد علمت ذلك المذهب على ان حيوة الاشياء ووجودها وتحققها وثبوتها بالحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله بحيث لو لم ‌يكن نظرها اليها ساخت الارض باهلها اي ساخت ارض الامكان والاكوان والاعيان لانها المقصود في الايجاد وما سواها انما خلقت لها كما يفصح عنه قوله تعالى في الباطن واصطنعتك لنفسي وقوله تعالى في الحديث القدسي لولاك لما خلقت الافلاك والروايات الدالة على ان الارض لو خلت عن الحجة لساخت باهلها وتلك الحقيقة هي المقصود للذات في خلق الذوات والصفات وما سواها فروع وتوابع وهل يبقى الفرع بدون الاصل والتابع بدون المتبوع فهي الماء الذي منه كل شيء حي ولو كان المراد به الماء الذي هو احد العناصر ينتقض بالعنصر الآخر فانه حي وليس وجوده به لان حيوة كل شيء بحسبه ولو كان المراد لاجل انه احد اركان وجود الشيء وعممنا العناصر بالروحاني والجسماني ليشمل العوالم المجردة والافلاك البسيطة فلا فائدة في الاختصاص بالماء بل كل من هذه العناصر يفيد هذه الافادة فلا معنى لتخصيصه به واما ما ورد من انه هو الهواء فالمراد بالهواء في استعمالات اهل البيت عليهم السلام في امثال هذه المقامات الشيء الموجود الغايب من غير نوع الاجسام من عالم الغيب فالنفس المجردة والروح البسيطة يطلق عليها الهواء كما في قول مولينا الحسن عليه السلام ان الروح متعلق بالريح والريح متعلق بالهواء ويطلق على الغيب المطلق كما في قوله عليه السلام ما معناه كان الحق ظاهرا في عماء فوقه هواء وتحته هواء وفي قول امير المؤمنين عليه السلام ان قلت الهواء صفة فالهواء من صنعه فبالجملة فبتتبع اخبار اهل العصمة عليهم السلام مع التدبر التام يظهر لك هذا المعنى من موارد استعمالاتهم عليهم السلام وحينئذ فالمراد بالهواء هو الغيب ولا شك ان الموجودات كلما قرب الى المبدء كان ابعد عن الاوهام والاحلام فكان غيبا ولما كانت الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله اقرب الاشياء من الذوات والصفات وساير الكينونات الى الله سبحانه كان لن يصل الى مقامها طامحات العقول والافهام وهو الملك في قول عليّ بن الحسين في الصحيفة واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولن ‌يبلغ ادنى ما استأثرت من ذلك اقصى نعت الناعتين والملك حادث مخلوق فاما ان يكون المراد به الحقيقة كان غيبا يصح اطلاق الهواء عليه وان كان ادنى منه فالحقيقة المقدسة اولى بان تكون غيبا لانه اعلى من هذا الملك الموصوف بما ذكره عليه السلام ولذا قال امير المؤمنين عليه السلام ظاهري ولاية وباطني غيب لا يدرك واشار ايضا اليه في بعض الفقرات من الخطبة الشقشقية لمن يعقل ويسمع وهي قوله عليه السلام ينحدر عني السيل ولا يرقى الى الطير وتلك الحقيقة هي المراد بالهواء الذي هو اول ما خلق الله واما ما ورد من انه النار فالمراد به نار المشية كما في قوله تعالى يكاد زيتها يضيء ولو لم ‌تمسسه نار اي نار المشية ولما كانت تلك الحقيقة المقدسة هي الزناد القادح بتلك النار كانت المشية وجها من وجوهها والاولية اضافية او ان المراد بالمشية الفعل الذي به ايجاد الاشياء وهي يد الله الباسطة فالمراد بها تلك الحقيقة ايضا لانها يد الله الباسطة وعينه الناظرة وجنبه القوي وصراطه السوي واما ما ورد من انه النور فالحقيقة المقدسة هي النور المطلق والضياء الازهر والنور الذي اشرق به الوجود فامتاز الغيب من الشهود وتبين الموجود من المفقود وهم مثل نور الله الذي ضربه الله سبحانه في الكتاب العزيز الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح واما ما ورد من انه هو الاختراع والابتداع فان الاختراع والابتداع من اسامي الارادة كما في قوله ( قول ظ ) مولينا الرضا عليه السلام الاختراع والابداع والارادة معناها واحد واسمائها ثلثة والارادة اما هي المشية كما في احد اطلاقاتها او بحكم المشية كما ذكرنا فراجع واما ما ورد من انه نور محمد صلى الله عليه وآله فهو الاصل والاضافة بيانية ونور محمد صلى الله عليه وآله نور عليّ امير المؤمنين ونوره نور الائمة الطاهرين فالنور واحد والحقيقة غير متعددة فالاحاديث والروايات واما ما ورد من انه النفوس المقدسة المطهرة فهم سلام الله عليهم تلك النفوس المقدسة المطهرة التي طهرهم الله تطهيرا على الحقيقة فطهارتهم وطهارة غيرهم على التبعية فالاحاديث والروايات غير مختلفة المراد وانما الاختلاف في التعبيرات لحكم خفية واسرار دقيقة غيبية يضيق الصدر باظهارها ولا يضيق بكتمانها وهذا مختصر المقال في جواب هذا السؤال ولولا الكسالة والملال وقلة الاقبال لاريتك من عجايب المقال في شرح هذه الاحوال ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولكن الامور مرهونة باوقاتها

قال سلمه الله تعالى : هل تفنى الارواح بعد مفارقتها للابدان ام لا

اقول جواب هذه المسئلة يحتاج الى معرفة الفناء والروح اما الفناء فاعلم انه يطلق على امور الاول الدثور والاضمحلال والتغيير والاحتياج الثاني انحلال التركيب وذهاب الهيئة الاعتدالية المورثة لتحقق المزاج الموجب لفقد الحواس والشعور والادراك الثالث العدم والخروج عن عالم الكون الى عالم الامكان وهو العدم الامكاني الرابع العدم المحض والهلاك ايضا يطلق على هذه المعاني ولا يحتاج هذه الاستعمالات الى شاهد من كلماتهم لانها في الظهور بحيث لا يحتاج الى الدليل واما الروح فله اطلاقات كثيرة في استعمالات اهل البيت عليهم السلام واطلاقاتهم لكنا نعرض عن تلك الاطلاقات ونتكلم في الروح الذي هو محل السؤال اي المقارنة للبدن والمفارقة عنها فنقول حيث ان الطفرة باطلة بالضرورة وامكان الاشرف وتكوينه مما لا بد منه الحكيم الكامل العالم الغير المحتاج القوي القادر الغير المعارض وقد نص الله سبحانه عليه بقوله الحق وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم وقد افرد الشيء وجمع الخزائن لبيان ان الشيء الواحد يتنزل من عالم اعلى الى عالم اسفل كما هو مدلول النزول ولا ريب ان النزول لا يكون الا من العالي الى السافل ولا ريب ان العالي اشرف عن ( من ظ ) السافل فاذا عرفت ذلك فاعلم ان حقيقتك التي بها انت المضاف اليها كل شيء الدالة بالاضافة على انها غير المضافات لضرورة المغايرة بين المضاف والمضاف اليه فتقول روحي ونفسي وجسمي وعقلي وكوني ومكاني وزماني وغيرها من النسب والاضافات وتلك الحقيقة هي الاسم الذي بالحروف غير مصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وباللون غير مصبوغ بريء عن الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور كما قال مولانا الصادق عليه السلام على ما رواه ثقة الاسلام في الكافي وغيره في غيره ولما كانت الادوات انما تحد انفسها والآلات انما تشير الى نظائرها واراد الله سبحانه ان يريد بها قدرته وآثار صنعه ويعلمها اسمائه وصفاته فامرها بالادبار والتنزل الى العوالم والمراتب والمقامات فعند نزولها الى كل مرتبة المعبر عنها بالخزينة اتصفت بصفاتها ولبست لباسها وتحلت بحليتها ليتعدد بذلك انحاء علومها في اطوارها ومراتبها ليظهر بها جلال الله وجماله وعظمته ولما رايناها قد تنزلت الى عالم الاجسام وتحلت بحلية الجسم علمنا قطعا انها قد مرت بعوالم اعلى منها ونزلت من الاعلى الى الاسفل الى ان وصلت الى العالم الجسماني المحدود بالعوارض فاول ما تنزلت اليه عالم العقول وسياتي لك ذكر العقل وحقيقته ثم تنزلت الى عالم الارواح مقام الرقائق وورق الآس ثم تنزلت الى عالم النفوس وتشخصت وتمايزت واستحقت للتكليف من الله سبحانه تعالى فكلفها فقبلت او انكرت فجري عليها حكم القبول والانكار على نهج الاستقرار والاستيداع ثم لما اقتضت الحكمة انزالها الى هذه الدار مقام الاجسام محل النقش والارتسام لمصالح كثيرة ذكر منها الامام عليه السلام على ما رواه الصدوق في علل الشرايع ولما كان عالم الاجسام في كمال التدنس والكثافة وعالم النفوس المعبر عنها بالارواح في بعض الاطلاقات في كمال التجرد والشرافة فالاتصال بين هذين العالمين لا بد من وجود عالم برزخ بينهما لا تكون في الكثافة مثل الاجسام ولا في الرقة واللطافة مثل النفوس وهو المسمي بعالم المثال وعالم الاظلة في بعض الاطلاقات فالنفس المعبر عنها بالروح قد تعلقت بالمثال وتحلت بحلية عالمه ولبست لباسه ثم تعلقت بالجسم ولما اراد الله سبحانه تعالى اماتة الشخص لمصالح كثيرة ومقتضيات عظيمة لا يسعنا الآن ذكرها لادائه الى التطويل فاول ما ينزع عنه لباس الجسم وبقيت النفس لابسة حلية المثال مستقرة في عالمه وموجودة فيه نعم انتزعت عن البدن الجسماني فالبدن اضمحل ودثر وذهبت الصورة التركيبية ولم يقدر ان يحفظ الصورة النوعية ففني الجسم وبقيت الروح في عالمه فهي اما منعمة او معذبة او ملهى عنها الى تفصيل ربما نذكره فيما بعد فان اريد بالفناء المعنى الاول اي الدثور والاضمحلال والاحتياج والتغيير من حال الى حال فهذا المعنى ثابت للروح قبل مفارقتها للبدن وبعد مفارقتها عنه اذ لا شك ان كل ممكن حادث محتاج فقير يمده الله سبحانه بمدده آنا فآنا فهو لا يزال في تغيير واستبدال انظر الى السراج واعتبر حاله وزواله وفنائه واحتياجه الى المدد آنا فآنا وانحفاظ صورته النوعية تفهم ما اقول وان اريد بالفناء انحلال التركيب واختلال المزاج وفقد الشعور والادراك فهذا المعنى لا يحصل للروح بعد مفارقتها عن البدن فان روح المؤمن اذا كان ممن محض الايمان محضا في حظيرة القدس جنة الدنيا تتنعم فيها وتاتي كل يوم او يومين او ثلثة ايام او يوم الجمعة او يوم العيد او كل سنة على حسب منازلهم وفضائلهم الى وادي السلام وتبقى هناك من طلوع الفجر الى ان يصير ظل كل شيء مثله ثم ينادي بها جبرئيل فيرجع بها الى الجنة وينزلها منزلها التي اعد الله سبحانه له وياتيها رزقها كل غداة وعشي واليه الاشارة في صريح قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله من فضله الآية وقوله تعالى جنات عدن وعد الرحمن عباده بالغيب انه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ولا شك ان في الجنة الآخرة ليس بكرة ولا عشيا وانما هي ظل ممدود ونور موجود وان كانت الروح ممن محض الكفر محضا فيؤتي بها في بئر بلهوت بوادي برهوت في ارض حضرموت ولم‌ تزل تتعذب فيها وهكذا الحال في اهل الجنة والنار الى ظهور دولة آل محمد الاطهار عليهم السلام بالعشي والابكار فترد الارواح التي في جنة الدنيا ونار الدنيا الى ابدانها واجسادها وترجع الى ان تموت او تقتل وتذوق اهل النار العذاب الادنى في الدنيا باجسامهم واجسادهم وتستمر بهم الحال على هذا المنوال الى ان ينفخ في الصور فاذا نفخ في الصور فصعق من في السموات والارض اي سماء المقبولات وارض القابليات وتموت الارواح والاشباح والنفوس والعقول وكل شيء سوى وجه الله بمعنى اضمحلال التركيب وتفرق الاجزاء وذهاب الصورة النوعية وتكون حال الارواح وباقي المجردات بين النفختين كحال الاجسام والاجساد في هذه الدنيا عند مفارقة الارواح عنها حرفا بحرف لان نسبة الاجزاء الروحانية والعقلانية والجسمانية من حيث التركيب والجزئية واحدة في كل بحسبه ففناء الارواح بمعنى الثاني انما تكون بين النفختين لا غير الا ارواح المستضعفين فانها ماحيت حتى تموت بل اذا مات المستضعف تبقى روحه ميتة عديمة الحس والشعور الى ان ينفخ في الصور النفخة الثانية نفخة الدفع وان اريد بالفناء المعنى الثالث فلا يصح كالرابع بالطريق الاولى لقوله عليه السلام ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء وانما تنتقلون من دار الى دار وذلك هو مقتضى الحكمة الالهية وكينونة الايجاد والموجودات الغيبية والشهودية وتفصيل المقال في هذا الاحوال يؤدي الى تطويل المقال وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية

قال سلمه الله تعالى : ما ارض الجنة والنار وسمائها

اقول ان الله سبحانه يبدل الارض غير الارض فارض الجنة طيبة طاهرة تقية نقية زكية كالفضة الصافية حصاؤها اللؤلؤ والمرجان ونباتها الزعفران وارضها مشرقة انور من الشمس المضيئة الآن وهي متسعة يعني تتسع هذه الارض بعد تبديلها وتصفيتها بما لا يدخل تحت القياس ولا يحيط بها حواس الناس وقد روي ان من ادى زكوة ماله يخلق الله سبحانه تعالى له جوادا فيقول له اركب هذا الجواد واركض في ارض الجنة سنة فما بلغ جوادك فهو لك وانه ليقطع في اقل من طرفة عين بقدر الدنيا سبع مرات الحديث وهذا جزاء اداء الزكوة فقط فما ظنك باقامة الصلوة التي هي اعظم واعظم واعظم لانها خير موضوع وهذا هو العطية الاولى فاذا صارت الجمعة وزار محمد ( محمدا ظ ) وآله فان زيارتهم سلام الله عليهم زيارة الرب كما ان طاعتهم طاعة الرب ومحبتهم محبة الرب وهكذا فيضاعف الله سبحانه تعالى عند الزيارة في كل جمعة ضعف ما عنده سابقا وهكذا شانه في كل جمعة والضعف اما زيادة في المثل او زيادة بالضرب وعلى التقديرين فانظر ماذا ترى والامر اعظم واعظم واعظم في السعة وهي الارض الدنياوية التي كانت مطوية فتتسع في الجنة الا ان سعة جنة الدنيا اكثر من الدنيا اذا كانت مستقيمة كسعتها في الرجعة بسبعين ‌الف مرة وسعة جنة الآخرة اكثر من سعة جنة الدنيا بسبعين ‌الف ‌الف مرة وهذا كلام تقريبي واستغفر الله من التحديد بالقليل وقولي ان الارض تبدل كما في الآية الشريفة ليس تبديلا حقيقيا بحيث تكون الثانية غير الاولى بل هي هذه الارض لكنها على حالة وقت كان طالع الدنيا سرطان والكواكب في اشرافها والخلق كلهم على الخط الاعتدالي في خط الاستواء ولما تحركت الافلاك على خلاف التوالي وحصلت الآفاق المايلة وعصى آدم ربه بمعنى ترك الاولى ونسي العهد الذي اخذ عنه في العالم الاول من قوله تعالى ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسي ولم ‌نجد له عزما ونسي بمعنى ترك كما في قوله تعالى نسو الله فنسيهم لا بمعنى النسيان الذي هو بمعنى السهو وهو المراد بترك الاولى واخراج آدم في ( من ظ ) الجنة فلما خرج منها قال

تغيرت البلاد ومن عليها ووجه الارض مغبر قبيح

فالتغيير لا يكون الا بثبوت الاصل وتبدل الاعراض فقوله تعالى يوم تبدل الارض غير الارض يعني تبدل الارض المشوبة وتتصفى عن تلك الكدورات الحاصلة من معاصي اولاد آدم وساير العصاة المردة عن الابالسة والاجنة وتبقى صافية طيبة طاهرة لا ان هذه الارض ارض اخرى كيف واهل الجنة هم اهل الدنيا والمكان لا بد ان يكون مناسبا للمتمكن فافهم فالجنة والنار هما موجودتان الآن على ما هما عليه في محلهما ومكانهما واما ارض النار فمقابلات ( فمقابلة ظ ) ما ذكرنا في ارض الجنة حرفا بحرف بلا زيادة ولا نقيصة وهي ارض سوداء غبراء عفنة جائفة نعوذ بالله منها واما سماء الجنة فهي ما يظهر بعد ما تبدل السموات وتتصفى عن لوازم مقتضيات جهات الانيات وصعود ابخرة السيئات من اراضي الانيات ووصولها الى ظواهر تلك السموات واحداث الكسوف والخسوف وساير التغيرات وحركاتها بالتسخير والغير المتعارف وحركات بعض الدوائر على غير اقطابها كحرة ( كحركة ظ ) مائل القمر وتدوير عطارد وغيرهما وبالجملة لحقت السموات من عرضيات الارض ابخرة مكفهرة متصاعدات وصارت سببا لاختلاف تاثيرها وعدم صفاء مقتضياتها واذا تصفت وتنقت عن تلك الكدورات رجعت الى اصلها وصفائها وسعتها وكينونتها الاصلية من كونها صفوة الماء اي البحر الحاصل من ذوبان الياقوتة الحمراء من خشية الله سبحانه فاذا ظهر صفائها ظهرت سعتها فصار يعطي الجنة لكل مؤمن في الجنة بقدر الدنيا بسمواتها وارضها سبع مرات وذلك اول العطاء ويزداد في كل جمعة عند زيارة الرب بالضعف فانظر ماذا ترى ان قلت ان السؤال وقع عن حقيقة السماء والارض وما ذكرته وصف رسمي لا بيان حدي والرسم لا يكشف عن الواقع ولا يفتح منه باب ولا ينال به المراد وضرب بينهما الف حجاب قلت ان هذا الجواب من قبيل قوله تعالى يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس وان ابيت الا شرح الحال فاعلم بمختصر المقال ان الله سبحانه خلق ياقوتة غلظها سبع سموات وسبع ارضين لا السموات الظاهرة الآن بل السموات الاصلية التي ترجع اليها الاكوان في العود وهي التي كانت في البدو ثم نظر سبحانه الى تلك الياقوتة بنظر الهيبة فذابت وماعت خشية لله واستشعارا لعظمته واستحقارا لنفسه وانيته كانت ماء رجراجا وبحرا مواجا فتلاطمت الامواج وضربت بعضها بعضا الى ان تصفت وامتاز الصافي من غيره فصعدت ابخرة وهي صفو الماء وسلالته ولطيف سره ولبه حاملة لنار الهيبة التي بها ذابت الياقوتة لان العالي انما يظهر في الوجه الاعلى فلما صعدت تلك الابخرة صفت وتلطفت ورقت وانضمت الى مبدئها فقلت رطوبتها وظهرت يبوسة مقام مبدئها فحملت تلك الحرارة العظيمة التي هي وجه باريها فانقلب البخار دخانا وهو قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان والماء نارا فمن الدخان الموصوف المذكور لا الدخان المظلم المكفهر المغبر خلق الله سبحانه سماء الجنة لانها اشرف المراتب والمقامات والطفرة في الوجود باطلة والصعود يجب ان يكون الى ما نزل منه فوجب ان يكون اول ما تعلق الجعل والابداع من السموات العالية سماء الجنة على ما هو عليه فانبسطت السموات واستدارت وتحققت وتكونت فمادتها صفو ذلك الماء والبحر الحاصل من خشية الله سبحانه وهيبته وعظمته وصورتها كرامة الله وصفة فضله المحيط لراهبين هيبته وخائفين مقامه كما قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان وهي صورة الاستدارة وهيئة الاحاطة وظهرت فيها اسماء الله وصفاته ومظهرها الكواكب من الشمس والقمر المركوزة فيها والكواكب حملة تلك الهيبة التي بها ذابت الياقوتة وهي الشعلات النارية المستجنة في صفو تلك الابخرة فلما سفلت خفيت ولما ارتفعت ظهرت كما هو شان كل عال بالنسبة الى سافله والزبد الصافي الباقي من زبد ذلك البحر لا الذي يذهب بل الذي يوقد في نار العناية بالمشية الكلية ابتغاء حليته التي هي هيكل او متاع للاستمداد بتلك الامدادات الالهية وذلك الزبد انضج واصفى واعدل ما يكون او يمكن ان يكون من الاجسام الباقية بعد صعود الابخرة التي بها مبدء نشو السموات الاولية فامتدت من ذلك الزبد الارض العليا وعليها جبل قاف وهي مطاف الاشباح القدسية وماوى النفوس الطاهرة الغيبية الالهية الجسمانية وتلك الارض والسماء هي ارض وسماء الجنة ليست مائلة واقطابها ليست مختلفة وحركاتها على اقطابها متساوية وكلها تدور دورة متسعة غير مختلفة ولا تحتاج الى قاسر ولا مسخر بل تتبع ارادة الله بشهوة انفسها وميل ارادتها وتأثير المنطقة والقطب واحد ومقتضي دوائر الكبار والصغار وغير مختلف ومشرق هذه الارض والسماء يسمى جابلقا ومغربها يسمى جابلصا وسمائها تسمي هورقليا وهي لغة سريانية معناها ملك آخر وهو الذي قال تعالى يوم تبدل الارض غير الارض والسموات وهي تطهيرها بعد تلطخها بكثافات الاعراض وموجبات الامراض وتلك الاعراض والروابط حيث ان آخر تصفياتها يوم القيمة وهناك يرجع كل فرع الى اصله وتبقى هذه الارض مددا لاهلها يوم القيمة لان مدد كل شيء من سنخه ولذا ورد ان هذه الارض تكون نقية ياكلها اهل المحشر الى ان يفرغوا من الحساب فاذا فرغوا من الحساب تنقطع تلك الروابط والنسب العرضية فيكون غذائهم اما من الجنة او من النار وهو قوله تعالى كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وماكان عطاء ربك محظورا وان اردت زيادة بيان في الكشف عن حقيقة سماء الجنة وارضها فاعلم ان الله سبحانه اخذ قبسة من شعاع نور الحسين عليه السلام عند ما خلقه وامتحنه واستنطقه ووجده كما احب واراد في الخلق الاول والقديم الاول فاصطفاه واختاره وطهره واجتباه قبل خلق العالم بمائة‌الف دهر ثم خلق سبحانه من تلك القبسة والشعاع الياقوتة الحمراء على ما وصفتها لك سابقا فخلق منها سماء الجنة وارضها اما ارض النار وسمائها نستجير بالله منها فاعلم ان الله سبحانه خلق بحرا منتنا اسودا واجراه من حرارة نار الغضب وهو المسمى بالطمطام ثم تحرك هذا البحر بقوة الظلمة من شمال الكلمة وتصادمت اجزائها وانعقدت فصارت حقيقة مظلمة سوداء مدلهمة وهي المعبر عنها بسجين وهي ارض جهنم وسمائها وليس لها سماء الا المراتب السافلة التي تتراكم فيها انواع العذاب فقطب جهنم سمائها وذلك القطب يدور على اصلين خبيثين مجتثين هما مبدء الشرور والقبايح في مقابلة القطبين القطب الجنوبي والشمالي وقطبي النار ظلمتان هما اصل جهنم ونيرانها وسلالها ( سلاسلها ظ ) واغلالها وهما ظلمة ابي الدواهي وابي الشرور والارض كما وصفناها من ظلمتها ونتنها وشدة حرارتها محيطة بهم في ظلمات متراكمة وغواسق مدلهمة لا يرون ضياء ولا ينظرون الى نور صم بكم عمي مشوه الخلقة مغير الفطرة ما اسوء ما لهم وما اصبرهم على النار نسئل الله النجاة منها بالنبي وآله الاخيار هذا مقدار ما يمكن من بيان هذه الحقايق وكشف استار تلك الدقايق ولا يسعنا الكلام ازيد مما ذكرنا اذ ما كلما يعلم يقال ولا كل ما يقال حان وقته والى الله المشتكى خذ ما القينا اليك والله خليفتي عليك

قال سلمه الله تعالى : ما محل الجنة والنار الآن ويوم القيمة وما وقود النار الآن

اقول اما محل جنة الدنيا الآن فمن وراء جبل قاف من جانب المغرب الى ما شاء الله واما محل نار الدنيا فمحلها في حضرموت وهي واد باليمن وفي تلك الوادي واد سوداء غبراء يقال لها برهوت وفي برهوت بئر تصعد منها لا يزال دخان اسود اغبر منتن يقال لها بلهوت وعيون بقر وهي تمتد الى جبال الشام الى جبل اسمه كمد وهذا الجبل ليس من ارض الشام لانها الارض المقدسة وهو واقع على ظاهرية الشام كالارض السبخة والماء المالح في الاراضي الطيبة كارض النجف الاشرف وارض كربلاء على ساكنيهما آلاف التحية والثناء وجنة الدنيا اصلها وادي السلام ارض كربلاء بحدود الحرم ففي ارض الطف قطب الجنة ولذا كانت مسكن الحسين عليه السلام لان الجنة بارضها وسمائها انما خلقت من نور الحسين عليه السلام فافهم ضرب المثل وفي ارض النجف تفاصيل اصولها ولذا تاوى الارواح الى وادي السلام كل جمعة والظاهر انها تأتي لزيارة الرب هناك ليزدادون في النعيم المقيم ثم تمتد من وادي السلام الى ما وراء جبل قاف من ناحية المغرب الى ما شاء الله واما جنة الآخرة فهي في باطن كربلاء ووادي السلام الى جهة المغرب من جابلصا وجابلقا ونسبة جنة الآخرة الى جنة الدنيا الى هذه الدنيا اذ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وهكذا نسبة نار الآخرة الى نار الدنيا نسبة نارها الى الدنيا حرفا بحرف وها انا اضرب لك مثلا تعرف به حقيقة الامر ولا يخفى عليك بعد ذلك شيء من احوال الآخرة وهو ان الجنين في بطن الام لا شك انه في عالم الاجسام ولا يستريبه عاقل فاذا نضجت طينته واستوت قابليته خرج من بطن الام الى هذه الدنيا فيرى سعتها واحاطتها ما لا يقاس بما في البطن وهكذا نسبة هذه الدنيا الى الآخرة اي الى البرزخ الذي فيه جنة الدنيا ونارها فانها بطن الام بالنسبة اليها وكذلك نسبة جنة الدنيا ونارها بالنسبة الى جنة الآخرة ونارها فان الموت ولادة كما ان الولادة موت والكل انتقال من عالم الى عالم وحيث كان الانتقالات في قوس الصعود كان المنتقل اليه اوسع واعظم من المنتقل عنه كما كان الامر في النزول بالعكس ولما كان الصعود عود الى ما نزل منه كان العالم المنتقل اليه عين المتنزل منه وهكذا فالجنة والنار في محلهما ونحن ننتقل اليه والخلق ينتقلون اليهما بولادتهم عن بطن الام التي هي الدنيا ثم عن بطن الام الاخرى التي هي البرزخ فالجنة والنار الاصليين اللتين هما في الآخرة هما المسكن المالوف والموطن المعروف فافهم راشدا واشرب عينا عذبا صافيا واما وقود النار الآن هو كما قال سبحانه وقودها الناس والحجارة فان العصاة من اهل النار الآن في النار ولا يحسون بها لما هم عليه من سكر الاغترار بهذه الدنيا واحوالها وزخارفها وشهواتها اما سمعت الله سبحانه يقول الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما ياكلون في بطونهم نارا ويقول سبحانه يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين ويقول ايضا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين وهكذا امثالها من الآيات فان الامام عليه السلام قد ذكر ان في القرآن نحوا من ثلثين آية تدل على ان اهل النار في النار الآن وذلك لا شك فيه ولا ريب يعتريه وذلك مقتضى حكمة الله سبحانه وتعالى ان يصنع كل احد بما هو عليه من سعادة وشقاوة وما يستحق باعمالهم واحوالهم واقوالهم الناس مجزيون باعمالهم ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا ولكن الناس اكثرهم لا يشعرون لهم قلوب لا يعقلون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون فافهم

قال سلمه الله تعالى : هل نور القمر من نور الشمس كما تقوله الحكماء ام له نور على حدة

اقول قال مولينا الباقر عليه السلام ان الله سبحانه تعالى خلق الشمس من سبع طبقات طبقة من النار وطبقة من صفو الماء وجعل سبحانه طبقة من هذه وطبقة من اخرى حتى اذا كانت الطبقة الاولى الظاهرة المرئية جعلها من نور النار ولذا كانت الشمس حارة مشرقة مضيئة وكذلك القمر خلقه كذلك الا انه تعالى جعل الطبقة الاولى الظاهرة من صفاء الماء ولذا كان ظاهر القمر باردا يؤثر البرودة والرطوبة في العالم نقلت معنى الحديث فكانت الشمس ظاهرة بالحرارة واليبوسة التي من شأنها الاشراق والانارة لانها حلية الفاعل وصفته وظهور اثره وكان القمر ظاهرا بالبرودة والرطوبة التي هي حلية القابل وصفته وظهور اثره وحقيقتهما واحدة وطبقات وجودهما غير مختلفة الا ان ظاهرهما مختلف ليكونا مثالا ومثلا للذين خلقت السموات والارض وساير الموجودات لهما ولما كانت البرودة والرطوبة ليس فيهما انارة واضائة بقي القمر يستمد النور من الشمس وياخذ عنه وهو قوله تعالى جعل الشمس ضياء والقمر نورا والضوء والنور اذا اجتمعا افترقا فيكون المراد بالضياء هنا المنير وبالنور الشعاع واذا افترقا اجتمعا فيطلق احدهما على الآخر كقوله تعالى الله نور السموات والارض وقول امير المؤمنين عليه السلام انا من محمد كالضوء من الضوء واطلق الضوء على النور في الحديث كما اطلق النور على الضوء في القرآن وحيث كانت الشمس مثالا للنبوة والقمر مثالا للامامة والولي يستمد من النبي وجب ان يكون القمر يستمد من الشمس ولا ينافي كونهما حقيقة واحدة كما ان النبي والولي كذلك الا ان الفرق كما بينا

قال سلمه الله تعالى : هل الاسم عين المسمى ام غيره

اقول لا ريب ان الاسم دليل المسمى وعلامته وآيته والآية صفة ذي الآية وحقيقة الدلالة دلالة الاثر ولا يعقل ان يكون الاسم عين المسمى الا باعتبار ظهور الشيء بنفسه لنفسه او لعلته فانه في هذا المقام من جهة اسم ومن جهة مسمى واما في دلالة الاثر على المؤثر والسافل على العالي كيف يكون الاسم عين المسمى والا للزم ان يكون الاثر عين المؤثر وهو في البطلان بمكان وقد قال مولانا الرضا عليه السلام ان الله خلق اسماء لنفسه ليدعوه بها خلقه فاول ما اختار لنفسه العلي العظيم فاذا كان الاسم مخلوقا دليلا على الله تعالى فكيف يعقل ان يكون هو الله وقد قال الصادق عليه السلام في حديث هشام يا هشام الخبز اسم للماكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والاسم غير المسمى يا هشام ان لله تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم عين المسمى لكان كل اسم اله وقال ايضا عليه السلام فمن عبد الاسم دون المسمى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمسمى معا فقد اشرك ومن عبد المسمى دون الاسم فذاك التوحيد وفي رواية اخرى ومن عبد المسمى بايقاع الاسماء عليه فذاك التوحيد وفي زيارة امير المؤمنين (ع) السلام على اسم الله الرضي ووجهه المضيء وعن الصادق عليه السلام على ما في الكافي نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها وبالجملة لا ينبغي الشك في ان الاسم غير المسمى لان الاسم ما انبأ عن المسمى والخلق كلهم آثار دالة على الله سبحانه تعالى والكل اسماؤه والامام عليه السلام هو الاسم الاعظم والنبي صلى الله عليه وآله هو الاسم الاعظم الاعظم الاعظم والذكر الاعلى الاعلى الاعلى وهذا معلوم واضح ولكن الاشكال في محل نزاع القوم والمراد من هذا النزاع فان كان المراد من الاسم الاثر الدال على المؤثر فاي عاقل ينازع في ان الاثر عين المؤثر الاعلى مذهب وحدة الوجود الذين لا يرون هناك اثرا ولا مؤثرا بل حقيقة واحدة سارية في الحدود كالبحر في امواجه وان كان بالاسم المفاهيم الذهنية والصور المنتزعة من اللفظ الحاصلة في الذهن فهناك وان كان لهم نزاع في ان الشيء بحقايقها معراة عن الحدود الخارجية تدخل في الذهن او باشباحها ولكن اطلاق الاسم لا ينصرف الى هذا المفهوم الذهني ولا يقع اطلاق الاسم عليه وان كان المراد من الاسم الاعيان الثابتة من حيث ظهور الوجود فيها وكون كل واحد منها مظهر مقام من المقامات الالهية وهذه قد وقع الخلاف في انها هل هي عين الذات والاعيان مستجنة في غيب ( غيبها ظ ) كما هو مذهب كافة الصوفية ومن يحذو حذوهم كما قال شاعرهم :

فلولاه ولولانا لما كان الذي كانا

وانا عينه فاعل ماذا ما قيل انسانا

الى ان قال :

فاعطيناه ما يبدو بنا فينا واعطانا

وكنا فيه اكوانا وازمانا واعيانا

الابيات وقال آخر الاعيان الثابتة مستجنة في غيب الذات استجنان الشجرة في النواة وقال آخر الاعيان الثابتة مستجنة في غيب الذات ومندرجة فيها اندراج اللوازم في الملزومات وقال هذا الآخر في موضع آخر ان هذه الاعيان ليست امورا خارجة عن ذات الحق بل هي ذاتيات وانيات للحق وانيات الحق لا يقبل الجعل والتغيير والتبديل والزيادة والنقصان وقال في موضع اخر والاعيان الثابتة عينه الغير المجعولة وهكذا من ساير اقوالهم ام لا بل الاعيان امور حادثة واذكار امكانية محلها وجه الاسفل من المشية وبها ظهور الاسماء الالهية واصل نزاعهم انما يكون من هذا المقام فان الاشاعرة والصوفية عندهم ان تلك الاعيان عين الذات وعند اهل البيت عليهم السلام واتباعهم من الامامية كالاثنا عشرية ومن يتبعهم من ساير الفرق ان هذه الاعيان حادثة مخلوقة هي منشأ الاسماء والصفات ولكن فيه ايضا تكلف لان ذلك العين الثابت ليس هو الاسم وانما الاسم ظهور الحق فيه فالمغفرة ليست اسما وانما الاسم ظهور الحق بالغفران الذي اشتق منه الاسم الغافر وبالجملة المسئلة في تحرير محل نزاعهم غير منقحة ولو اردنا تحقيقها وتفصيلها يطول بنا المقال وليس لنا ذلك الاقبال لا سيما في السفر لمعاناة الحل والارتحال وساير دواعي الاختلال واقتصرنا على الكلام على موضع السؤال

قال سلمه الله تعالى : كيف تزيد صدقة الرحم العمر ولكل اجل كتاب

اقول لا شك ان لكل اجل كتاب ولا منافاة في ذلك فان هذه الزيادة ايضا في الكتاب فان في اللوح المحفوظ مكتوب فيه جميع ما يجري على الشيء في الحادث بجميع صفاته واسبابه واحواله ومتمماته ومكملاته وشرايطه وعلله ومعداته وجميع ماله ومنه وعليه وبه وفيه ولديه وهكذا ساير اطواره من الاحوال التدريجية وجهات التدريج وتحقق الاشياء شيئا بعد شيء كل ذلك في كتاب من قبل ان تراها لعلمه السابق واللاحق والمساوق وحيث علم سبحانه انه يصل رحمه بالصدقة عليها باختياره وارادته وشهوته طاعة لله كتب له ذلك فان فعل وزاد فهو في كتاب وان لم يفعل ولم يزد فهو في كتاب فان هذا الكتاب له اوراق وكل ورقة موضع اثبات نوع من الحقايق ففي احديها مكتوب فيها اشياء لا تزيد ولا تنقص ولا تتغير ولا تتبدل بل لا يمكن التغيير والتبديل وهي ثبت الامور التي وقعت فان ما وقع لا يمكن ان لا يقع وفي الثانية منها مكتوب فيها اشياء لا تزيد ولا تنقص ولا تتغير ولا تتبدل ولكنه يمكن في حقه ذلك امكانا ولا يوجد كونا مثل سعادة الابالسة وشقاوة الانبياء وعدم تحقق القيامة للمكافات والجزاء وعدم ظهور الامام القائم للانتقام من الاعداء وهذه وما ضاهاها مكتوب في هذه الورقة ولا يقع عليها المحو والاثبات ابدا في الحكمة وان كان يمكن في ذلك في القدرة وفي الثالثة منها مكتوب الاشياء التي تمت شرايطها ووقعت اسبابها على مسبباتها وعللها على معلولاتها ومضى التقدير فيها وحتم الامر عليها لكن في بقائه يجري عليها المحو والاثبات وهذه الاقسام الثلاثة كلها من المحتومات الا ان في الاولى لا يمكن المحو وفي الثانية لا يقع وفي الثالثة يقع وفي الرابعة منها مكتوب فيها الاشياء المشروطات والحوادث المقدرات وان الشيء الفلاني سبب للآخر او شرط له وعلة له فاذا وقع الشرط على المشروط يقع كذا من الآثار وهذه غير محتومة وكل ما وقع الشرط على المشروط يحتم وكلما لم يقع فلا والانبياء عليهم السلام يخبرون بالذي حتم واما عما في الورقة الرابعة فلا يخبرون الا اذا علموا ان اسباب وجودها وشرايطها قد تمت ولا مانع لها في الغيب والشهادة وحده وهذا القسم ربما يتخلف اخبارهم كما اخبر النبي صلى الله عليه وآله عن موت ذلك الحطاب وقصته معلومة وهناك ورقة خامسة جامعة لهذه الاوراق كلها وتلك لا يعلمها الا الله والائمة عليهم السلام يزدادون من تلك الورقة واليها الاشارة بقوله تعالى ثم قضى اجلا واجل مسمى عنده فالاجل المقضى ما في الورقة الثالثة والمسمى ما في الورقة الخامسة وهذه الاحوال التي تجري من الخيرات التي تزيد وتنقص بعد حتم غيرها كل ذلك في ذلك الكتاب والى ما ذكرنا من التفصيل الاشارة بقوله تعالى لكل اجل كتاب

قال سلمه الله تعالى : ما حقيقة العقل حتى يتبين اقباله وادباره

اقول العقل نور الهي بدء من الاختراع الاول جوهر مجردة عن المادة الملكوتية والجسمانية والشبحية البرزخية وعن المدة المقدارية المثالية والمدة الزمانية اول نور مشرق من صبح الازل وآدم الثالث واول ولد تولد من آدم الثاني الذي هو الوجود المقيد اعني الماء النازل من سحاب المشية الذي به كل شيء حي ومن حوائه ارض الجرز ارض القابلية اي الماهية الاولى وهو اول غصن اخذ من شجرة الخلد وهو القلم في قوله تعالى ن والقلم وما يسطرون وهو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش وهو النور الابيض الذي منه البياض وهو روح القدس وهو الملك المسدد للانبياء وهو العمود من النور الذي يرى الامام عليه السلام احوال الخلايق وهو النفس الرحماني الثاني وهو عبد من عباد الله قائم في طاعة الله صورته هيكل التوحيد وصفته الرضا والتسليم ومقامه الركوع وطبيعته البرودة واليبوسة في ظاهر ذاته والبرودة والرطوبة في ظاهر فعله والحرارة واليبوسة في اصل ذاته والحرارة والرطوبة في مقام قراناته واتصالاته في اقباله وادباره وادراكه المعاني الكلية المجردة عن الصور النفسية والمثالية والجسمية ودليله الموعظة الحسنة وسبيله اليقين وطريقته التقوي وعلم الطريقة وصفته الاستقامة ومكانه كل الممكن المكون الموجود بالوجود الكوني ووقته الدهر وهو الوقت الثابت المستمر الذي يجمع المختلفات الزمانية ويفرق مجتمعاتها ولونه البياض في صفته والسواد في ظاهر ذاته والحمرة في باطن حقيقته والصفرة في مبدء ادباره ومقبل على الله عز وجل ومنقطع عن كل ما سواه قاصر نظره اليه فانما خلقه الله سبحانه قبل الاكوان واوجده قبل اطوار الاعيان قال له سبحانه اقبل اي الى الخلق لاظهار نعمة الله واعلان كلمته واثبات شواهد قدرته فاظهر الله سبحانه باقباله الذي هو ادباره عنه حقايق الاكوان ومستجنات غيوب الاعيان ففي كل مرتبة نازلة اظهر قشره واستتر في لبه الى ان ظهرت القشور المتراكمة فخفى اللب المقصود بالحقيقة ثم امره سبحانه بالاقبال فكان اقباله بحسب الاسباب الظاهرية والباطنية بظهور الاسباب عند بلوغ الولدان الحلم فهناك اول ظهوره ومقام كمال الولد فيكلف ليكون سببا لكمال الظهور ومستشرقا بشوارق النور فهو في اول ظهوره عقل للملكة اي للاستعداد والتهيؤ القريب الى كمال الظهور فاذا قوي في العلم والعمل كان اقدم للفعل ان يكون جميع مداركه واحواله حاضرة لديه وهو ناظر الى جميع الاحوال السفلية ومطلع على مراتب الوجودات المقيدة واذا قوي ايضا بالعلم والعمل كان عقلا مستفادا فيعود الى بدئه ويحصل له الاتصال بعالم لا نهاية فيقف حينئذ على باب فوارة النور فلا غاية لادراكاته ولا نهاية لظهوراته وهذا هو العقل الكلي في العالم الاكبر وما في الاشخاص الانسانية شان من شئونات ذلك العقل الكلي وقبسة من انواره وهذا الذي في الانسان هو مدار التكليف والسعادة والشقاوة والثواب والعقاب ولما كان كل شيء مركبا من النور والظلمة وهما متعادلان متعاكسان في الفعل كان للعقل ايضا ضد وهو ماهيته لكنها ضعيفة مغاوية لتراكم الانوار فيه لكونه من الخلق الاول ولكن العبد اذا انهمك في المعاصي واعرض عن الله عز وجل وبارزه بالعصيان والطغيان يضعف ذلك النور ويخفى فبقدره تقوي تلك الظلمة وتظهر الى ان يذهب النور بالكلية ولم يبق له اثر وتاثير الا بقدر ما يمسك الوجود وتكثر الظلمة وتقوي الى ان يذهب النور بالكلية ويكون لها التاثير والاثر فيخفى الوجه الاعلى من العقل الذي هو النور الذي به عبد الرحمن واكتسب الجنان وتطهر ( تظهر ظ ) النكرا والشيطنة فيبقى للشخص حينئذ ادراك وتميز ويدرك الكليات ويفهم الدقايق ويقع عليه التكليف لكنه لا يميل الى الخير ولا يحبه ولا يقبل على الله سبحانه ولا على اوليائه وانما هو يبغضهم وهو قوله عليه السلام انه ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قيل والذي في معوية قال عليه السلام تلك النكرى والشيطنة وليست بعقل لكنها شبيهة للعقل وذلك هو ما ذكرنا لك من تعاكس الضدين اللذين تركب منهما الشيء فضد النور الكلي ظلمة كلية فافهم وقد يطلق العقل ما سوى الخارج من الحواس الباطنية كما اذا قالوا المقبول في مقابلة المحسوس

قال سلمه الله تعالى : ما الفرق بين القضاء والقدر والامضاء والمشية والارادة

اقول هذه الاسماء كلها للفعل من حيث تعلقاته في مراتب الشيء الى ان يكمل فان الشيء لا يوجد في الكوني الا بمادة وصورة نوعية وشخصية وقران تلك الصورة بالمادة لتمامه واظهاره مشروح العلل مبين الاسباب ولما كان الشيء بجميع اركانه حادثا والحادث لا يوجد الا بفعل المحدث وجب اولا ان يتعلق الجعل بهذه المراتب لتمامه والفعل المتعلق بكل مرتبة منها لاسم خاص غير الاسم الفعل من حيث تعلقه بمرتبة اخرى وان كان كل واحد منها يطلق على الآخر اذا انفرد بالذكر فالفعل المتعلق بمادة الشيء المعبر عنها بالكون يسمى مشية واليه الاشارة بقول مولينا عليه السلام في حديث يونس اتدري ما المشية قال لا قال عليه السلام هي الذكر الاول ولا ريب ان الشيء مبدء ذكره واوله وجود المادة وقبل ان توجد مادته لا ذكر له ولا تحقق والمشية على قسمين امكانية وكونية فالمشية الكونية هي التي ذكرناها والامكانية سابقة عليها وهي المتعلقة بامكان الاشياء وذكرها وصلاحيتها لتعلق الفعل اليه مثاله حركتك من حيث هي هي قبل تعلقها بمتعلق خاص من الاحوال النفسانية الغيبية والجوارحية الشهودية تجدها صالحة للتعلق بكل ما يمكن ان يصدر عنك ويذكر كله على التفصيل بوجه الوحدة فيها ولم يبق الا ذاتك والذي يمتنع صدوره عنك وكل ما سوى هذين مذكورين في نفس تلك الحركة كمذكورية الاعداد كلها في الواحدة وهذه هي المسماة بالمشية الامكانية وما ذكرناه اولا يسمى بالمشية الكونية الامكانية تسمى ايضا بالكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وعالم الامر والعلم السابق والولاية المطلقة والاسم الذي مستقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره وامثالها من الاسماء والفعل المتعلق بالصورة النوعية الكلية فذلك يسمى بالارادة وهي قد اشار اليه مولانا الرضا عليه السلام في حديث يونس قال اوتدري ما الارادة قال لا قال هي العزيمة على ما يشاء والعزم هو الثبات والتثبت والتحقق وثبات المادة وتحققها لا تكون الا بلحوق الصورة عليها وان كانت نوعية اجمالية والفعل المتعلق بمقادير الصورة الشخصية والهندسة الايجادية من مدة الفناء والبقاء والآجال والارزاق وساير ما يتعلق بها من زمان ومكان وكم وكيف وجهة ومرتبة وساير الحدود والاوضاع يسمى بالقدر وهو قوله عليه السلام القدر هو الهندسة ووضع الحدود والفعل المتعلق بالزام هذه الحدود والصور المادة الثانية وجعلها بهذا الاقتران شيئا واحدا يستحق اسما واحدا تام التركيب والحدود يسمى بالقضاء وهو التركيب فبالقضاء يتم الشيء فاذا قضي فلا بداء في تكوين الشيء فان الشيء قد تم وكمل بالقضاء فالقدر يوجد ويحصل حدود الشيء واجزائه والقضاء يركبه ويتممه وهو قوله تعالى هو الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك اي خلق مادتك بالمشية وسويك اي هياك للتصوير والتخطيط والتحديد بالارادة فعدلك يعني عدل حدودك واجزائك على حسب كينونتك بالقدر وفي اي صورة ما شاء ركبك مما تقتضي كينونة ذاتك بالقضاء ففي القضاء اتمام وعقد ثان وبالقدر حل ثاني وبالارادة عقد اول وبالمشية حل اول وحلين مع عقدين لا بد منهما فحلله واعقده وحلله واعقده والامضاء هو الفعل المتعلق باظهار الشيء مشروح العلل مبين الاسباب تام الخلقة كامل الصنعة فهذه الخمسة اربعة منها اركان الشيء والخامس اظهاره فالامضاء انما يقع يوم السبت والقضاء يوم الجمعة واول اقتران القدر بالقضاء يوم الخميس وتمام التقدير يوم الاربعا وظهور الارادة في القدر يوم الثلثا وتمام تحقق الارادة يوم الاثنين وظهور المشية الذكر الاول يوم الاحد فافهم واغتنم واشكر الله ومن هذا البيان التام ظهر لك ان القدر مقدم على القضاء وهو المعروف عن ائمتنا عليهم السلام كما قال مولانا الكاظم عليه السلام بعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الارادة وبالارادة كان القدر وبالقدر كان القضاء الحديث والروايات بهذا المعنى كثيرة بل لا تجد غيرها مما يدل على غير ما تدل عليه فلا تغتر اذن بقول من يزعم ان القضاء مقدم على القدر وان القضاء حكم اجمالي والقدر تفاصيل ذلك الحكم وان كل ذلك خرص وتخمين لا يقوم به البرهان

قال سلمه الله تعالى : معرفة الله تعالى فطرية ام كسبية

اقول ان الممكن الحادث حيث لا تمكنه معرفة الحق سبحانه لان القديم عن قدمه والحادث لا يصعد الى رتبة الازل والمعرفة بغير ذلك محال والله سبحانه انما خلق الخلق لمعرفته كما قال عز ذكره كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فوجب على الله سبحانه ان يعرف نفسه خلقه بتعريفه لهم نفسه وبدون لم يعرف احد ربه وهو قوله عليه السلام في الدعاء بك عرفتك وانت دللتني عليك ودعوتني اليك ولولا انت لم ادر ما انت وقوله عليه السلام اعرفوا الله بالله وقوله عليه السلام ان الله اجل ان يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به واذا وجب على الله سبحانه ان يعرفهم نفسه وجب ان يكون تعريفه اياهم اجلي واوضح مما يمكن ان يكون من التعريف ولما كان التعريف على قسمين حالي ومقالي اجلاهما الحالي واخفاهما المقالي واكملهما الجمع بينهما ففعل سبحانه وتعالى وله الحمد والشكر وعرفهم نفسه اياهم بالتعريف الحالي بان خلق صفة معرفته وما يريد من الخلق من اوامره ونواهيه وعلومه واسراره بحيث اذا نظر الناظر اليها يعرفها من غير معلم بل يكون صفة معرفته واضحة ظاهرة جلية بحيث لا يخفى على احد من المخلوقين ولما كان الوصف بالتعريف الحالي كلما قرب الى من وصف له وعرف له اكمل واوضح واتم للحجة واكمل لايضاح الحجة وادخل لا تمام النعمة وجب عليه سبحانه ان يجعل صفة معرفته بالبيان الحالي قريبة اليهم مرفوعة الحامل بينهما وبينهم لا تمام الحجة بينهما واكمال النعمة ولما انه لا شيء اقرب الى الشيء من نفسه اليه جعل سبحانه وله الشكر والحمد حقايق الاشياء بيانا حاليا ووصفا الهيا وصف نفسه لهم بهم وخلقهم على هيئة وفطرة كينونة اذا نظروا اليها وتاملوا فيها تبين لهم صفات الحق سبحانه من توحيده لاركانه واسمائه وصفاته وخلفائه وجميع ما تناط معرفته تعالى به فكل شيء من انس وجن صفة معرفته تعالى وهيكل توحيده ولذا قال عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه وقال صلى الله عليه وآله اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه وذلك التوصيف والتعريف هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وصبغة الله التي صبغهم بها ومن احسن من الله ثم حملوا ثم دلهم سبحانه عليه في كتابه بقوله الحق وفي انفسكم افلا تبصرون وقال عز وجل سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقال ايضا ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون وقال سبحانه وكاين من آية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون وقال تعالى اولم ‌ينظروا في ملكوت السموات والارض وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم وقال تعالى قل انظروا ماذا في السموات والارض وامثالها من الآيات الناصات على ان صفة معرفته سبحانه تعالى واودعها في حقيقة كل شيء وحيث ان الخلق لما نزلوا الى هذه الدنيا واشتغلوا عن الله بهوى انفسهم ونسوا الله انسيهم انفسهم وعموا عن رشدهم وجهلوا ما عندهم وطلبوا ما عندهم من غيرهم بعث الله سبحانه انبياء مذكرين باقين على الاشهاد الاول لما اشهدهم على انفسهم وبقوا يذكرون الخلق ما نسوا ويعلمونهم ما جهلوا ويامرونهم بالرجوع الى انفسهم حتى يجدوا ما عندهم ويعرفوا بذلك ربهم فمن قال ان معرفة الله فطرية واراد هذا المعنى بان كينونة الاشياء مجبولة مفطورة على معرفته سبحانه فقد صدق واصاب ومن قال انها كسبية ان اراد تلك المعرفة وان كان الخلق مفطور عليها لكنها يحتاج الى تدبر ونظر وتفكر في نفسه وما فيها من عجايب الخلقة من قول امير المؤمنين عليه السلام :

دوائك فيك وما تشعر ودائك منك وماتبصر

اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وانت الكتاب المبين الذي ( باحرفه يظهر المضمر )

وقال ايضا على ما في الغرر والدرر الصورة الانسانية هي اكبر حجة على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجمع صور العالمين وهي المختصر من اللوح المحفوظ وامثالهما من الروايات فقد اصاب ونطق بالصواب وهو السر في الاتيان بالسين الاستقبالية في قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق مع ان تلك الآيات موجودة متحققة ثابتة لما ذكرنا لك سابقا واما الارائة فتتوقف على نظر المكلفين وتدبرهم وتفكرهم وتذكرهم ما عرفوا سابقا مما جبلت عليه كينونتهم حتى ينكشف لكم الحجاب وتنفتح عليهم الباب لظهور ذلك الجناب وهذا النظر ليس له طريق خاص لا يمكن ان يتعداه الى غيره بل يحصل بالتفكر في نفسه وفي العالم والتدبر في ملكوت السموات والارض والمذاكرة مع ابناء نوعه ومزاولة الكتب وممارستها ومشاهدة الشيء الواحد في الاشياء بجهاتها واطوارها فهذه وامثالها اسباب لفتح باب معرفة نفسه وكشف الغطاء التي بينه وبين معرفة ربه حتى يصدق عليه قوله تعالى فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد وان اراد بان معرفة الله كسبية ان تلك المعرفة لم تكن حاصلة له قبل ذلك الكسب وانما حصلت بالكسب والنظر فباطل اذ لا ينفع مسموع اذا لم يكن مطبوعا فيكذبه الادلة العقلية والنقلية والشواهد الوجدانية ومقتضيات الحكمة فعلى هذا البيان التام تبين لك انه يصح ان تقول ان معرفة الله فطرية وانها كسبية وانها فطرية وكسبية والكل صحيح على الوجه الذي ذكرناه والصورة التي فصلناها فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال

قال سلمه الله تعالى : هل يجب اعادة فواضل المكلف ام لا

اقول لا يجب ذلك كما قال المحقق الطوسي (ره) في التجريد لا يجب اعادة فواضل المكلف والا لم يكن فرق بين الدنيا والآخرة لان الدنيا انما كانت لظهور هذه الفواضل ولذا ترى انها تعتور عليه بلا حصول تغيير في ذاته وبيانه ان الله سبحانه تعالى خلق بدن الانسان من عناصر الاربعة وهذه العناصر لا تتم به الخلقة ولا تكمل به الصنعة الا ان تكون بينها اقتران واجتماع على وزن مقدر وكيل مستقر يحصل به المزاج وتحفظ به الصورة النوعية فعلى هذا يختلف ميزانها بحسب الكم وان اعتدل بحسب الكيف على الاصح عندنا فعناصر الاربعة على الهيئة الاعتدالية التي بها يحصل المزاج ويقوم بها الجسم ويصون عن التهافت والاضمحلال وتنحفظ بها كينونته وتسلم بها سريرته وطويته هي المسماة بالعناصر الغريزية فحرارتها حرارة ورطوبتها رطوبة غريزية وبرودتها غريزية ويبوستها يبوسة غريزية والاخيرتان وان انكرهما الاطباء الا انه على النهج الذي ذكرنا لا ينكرونه وانكاره في انكارهم على النهج الذي هم يقولون عندنا كلام ومناقشة وبالجملة فالعناصر التي بها قوام البدن وحفظ صورة النوعية هي المسماة بالغرايز وبها يتحقق الجسم وباختلال بعض منها ذاتا وصفة او مقدارا يختل او ينعدم فما تقوم به البدن والجسم هي تلك العناصر الاصلية الالهية الغريزية وبها يكون البدن في كمال الاعتدال وقوة المزاج والصحة والعافية وجودة التركيب وتناسب الاعضاء وحسن الشمايل وامثالها من امثالها الحقيقية ولما جعل الله سبحانه تعالى هذه الدار دار الابتلاء والامتحان والفتن وجعل المكلف مختارا وميسرا في اجراء مقتضياته وميولاته وشهواته كان المكلف بحسب عدم اعتداله وعدم مراعاته لحال الستة الضرورية التي بها تقوم المزاج واعتداله كان تغلب على كل عنصر من تلك العناصر ما يخرجه عن الوزن المقدر اما بزيادة من ذلك العنصر كيفا ومقدارا او بنقصان منه بزيادة ما يضاده من غيره وهذه الزيادة تسمى بالغرايب وهي الفواضل وهي التي وجودها يوجب الامراض والاسقام وتشويه فالاختلال بالاعضاء وعدم تناسبها وساير احوالها فوجود هذه الفواضل والغرايب مضر بمقتضى تلك الغرايز ولذا ترى الطبيب عند غلبة الصفراء الحاصلة بزيادة عنصر النار على القدر الذي يقوم به البدن بسقيه المبردات مقدار ما تنقص تلك الحرارة الغريبة الزائدة ويرجع البدن الى اعتدال وعند غلبة السوداء الحاصلة بزيادة التراب عن القدر الموزون المقدر بقوام البدن بسقيه المرطبات فيرجع الى الاعتدال والصحة وكذلك عند غلبة البلغم والدم والحاصل وجود هذه الغرايب والفواضل مضرة للبدن ومخرجة اياه عما هو عليه من الاقتضاءات والشئونات الحقيقية الاصلية فلو امكن الانسان بطبيب حاذق ومعالجات حقيقية ان تدفع تلك الغرايب عن نفسه ولا تعود اليه لفعل وكان محمودا ولكن حيث ان الدنيا ليست بدار استقامة ولا بدار المقامة والستة الضرورية للبدن ما تجري على جهة الاستقامة والاعتدال كان دفع هذه الغرايب بالمرة شيء عزيز الوصال بعيد المنال الا بالنسبة الى اهل الجزيرة الخضراء والتسعة والثلثون عالما التي هي وراء جبل قاف اذا ما عرتهم العوارض ولا اعتورت عليهم الغرايب لاعتدال طبايعهم واستقامتهم وتوجههم الى الملأ الاعلى الموجب لصفاء المزاج وتلك الغرايب بل الفواضل هي علة الفساد والابادة والفناء والاضمحلال فاذا انتقلت الابدان والاجساد الى الدار الآخرة التي هي الحيوان فلا موجب لوجود تلك الاعراض التي هي علة الفساد والفناء فاعادتها نقص غرض الحكيم فانه سبحانه اعادها للحيوة والدوام الابدي كما قال عز وجل وان الدار الآخرة لهي الحيوان وهذه الغرايب والفواضل موجب وسبب للابادة والموت وهو سبحانه جعل العالم عالم الاسباب ويجري افعاله بها فاذا وجدت اسباب الفناء في دار البقاء لزم التضاد وهو محال على الله سبحانه مع ان هذه الغرايب التي هي الفواضل لا دخل لها في كينونة البدن ولا هي من عرضياته اللازمة وانما هي اعراض توجب الفساد والله سبحانه قبيح عليه ان يعيدها في دار البقاء والصلاح وهو معلوم بالضرورة عند كل عاقل فضلا عن العالم فضلا عن الكامل فقولكم هل تجب اعادة فواضل المكلف ام لا جوابه انه لا يجوز والا لكان للقبيح وناقضا لغرض الايجاد ولم يصح قوله تعالى كما بدءكم تعودون والتوالي كلها باطلة والملازمة ظاهرة ولما كانت هذه الغرايب هي العناصر الحاصلة عن زيادة القدر الموزون وتحفظ البدن سماها شيخنا العلامة اعلى الله مقامه بالجسد الثاني وسماها تلك الغرايز التي هي قوام البدن بالجسد الاول وقال ان الجسد الثاني لا يعود يرجع عناصر الى اصله فلا تعود ويريد منه الغرايب فان الحرارة الغريبية ترجع الى عناصرها كالتراب والماء والهواء وهي ليست من البدن ولا له ولا اليه وانما هي كالثوب تنزعه ثم لا تلبسه ابدا وهذا مذهب جميع اهل الاسلام بل جميع اهل الملل والاديان

تنبيه اعلم ان الجسد قد يطلق على الجسم التعليمي والمراد به الصورة فان الصورة العارضة للجسم الاصلي الذي هو الجسد الاول قد تختلف مع بقاء الجسد فان اهل الدنيا يرجعون ويعودون في الآخرة على صور شتى غير صورتهم الدنياوية فقبيح الصورة اذا واظب على قرائة سورة يوسف يحشر يوم القيمة على صورة يوسف وكذلك اذا واظب على قرائة سورة يس يخرج من قبره ويتلألأ كالبدر في ليلة تمامه وهكذا من ساير الاحوال الطيبة التي هي بغيرها في الدنيا وكذلك بالعكس فان حسن الصورة يرجع يوم القيمة قبيح الصورة وهو قوله تعالى ونحشره يوم القيمة اعمى قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك آياتنا من قبل فنسيتها وكذلك اليوم تنسى والمتكبر يحشر يوم القيمة كصورة الذر وله ضرس كجبل احد وامثالها من الصورة المختلفة التي اخبر عنها اهل البيت عليهم السلام فالصورة تختلف واصل المادة التي هي العناصر الغريزية موجودة تظهر بصور اعمالها ان خيرا فحسن الصورة في الصورة الانسانية وان شرا فعلى اقبح صورة من الصور الشيطانية البهيمية وهو قوله عز وجل وجائت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فافهم وثبت ثبتك الله

قال سلمه الله تعالى : ما معنى قوله عليه السلام لك يا الهي وحدانية العدد

اقول يريد بذلك عليه السلام تنزية الحق سبحانه عن وحدة العدد لان وحدة العدد وحدة في مبدء الاعداد وفيه ذكر جميع الاعداد وما من العدد الا ويذكر فيه بالنسبة مثلا ان الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الاربعة وهكذا الى آخر مراتب الاعداد الغير المتناهية وآخر مقاماتها بدوا وعودا وهذه الوحدة ليست بحقيقية وانما فيها ذكر الكثرات التي هي الاعيان الثابتة والكثرة في الوحدة شان الامكان وانما هي وحدة مشوبة بالكثرة واما وحدة الحق سبحانه فلا شوب للكثرة فيها بحال من الاحوال وطور من الاطوار ولما كان الامكان ملك الله سبحانه والملك خلق واثر لا يجري عليه ما هو اجراه ولا يتصف به ما هو انشاه قول مولانا سيد الساجدين لك يا الهي وحدانية العدد واللام للتمليك والاختصاص يعني ان وحدانية العدد ملكك وخلقك فلا يوصف بها لان الاثر فقر والمؤثر غني فل ايوصف صفته الفقر بالغني بالذات فلا يتوهمن متوهم ان وحدة العدد من صفاته سبحانه تعالى لانها من ملكه فلا يوصف المالك الجاعل الخالق به يوصف به المملوك المجعول المخلوق وهذا رد على القائلين باثبات الاعيان الثابتة في الازل فانها لا تكون الا في مقام الوحدة العددية بل كل وحدة فيها ذكر الكثرة عددية وان اختلف الاصطلاح بجعل الوحدة اقساما متعددة مثل الوحدة الحقيقية والوحدة الانبساطية والوحدة الجنسية والوحدة النوعية والوحدة الشخصية والوحدة العددية والتحقيق ان الوحدة حقية وهي وحدة ذات الله ووحدة حقيقية وهي الوحدة الفعلية من قوله تعالى وما امرنا الا واحدة ووحدة عددية وهي وحدة فيها ذكر الغير وهي على اقسام انبساطية وهي التي لا ثاني لها في جميع الاكوان وجنسية وهي التي لا ثاني لها بالنسبة الى افرادها وله ثان بالنسبة الى جنسها ونوعية وهي كالجنسية الا انها احد افرادها والحكم واحدة في اصل الوحدة وشخصية وهي وحدة فرد من نوع ووحدة نوع من جنس ووحدة جنس من منبسط فان كل مرتبة منها فرد لاعلاها فالشخص فرد للنوع والنوع فرد للجنس والجنس فرد للحقيقة الجامعة المبسوطة على جميع اطوار الوجودية بلا كيف ولا اشارة فالوحدة الشخصية تشملها جميعا بهذا الاعتبار وعددية وهي الظاهرة المعروفة بين الناس من العوام والخواص من الوحدة الظاهرة بالواحد الذي هو مبدء الاعداد المتلو بالاثنين المتلو بالثلثة المتلوة بالاربعة وهكذا الى ما لا نهاية واما عند الخصيصين فكلما سوى الوحدة الحقيقية وحدة عددية على الوجه الذي ذكرنا ولذا قال عليه السلام لك يا الهي وحدانية العدد وخص الوحدة العددية بالذكر دون باقيها مع تنزهه سبحانه عن الجميع واما الواحد ( الوحدة ظ ) الحقيقية وان كان الحق سبحانه منزه عنها في ذاته لكنها هي من صفات افعاله بخلاف الوحدة العددية باقسامها فانها من صفات مفعولاته فافهم

قال سلمه الله تعالى : ما معنى قوله عليه السلام في دعاء المشهور بدعاء كميل فغرني بما اهوى واسعده على ذلك القضاء

اقول اما قوله عليه السلام فغرني بما اهوى ظاهر واما توهم انه ينافي العصمة فتوهم لانه من قبيل حسنات الابرار سيئات المقربين ومن قبيل قول الشاعر :

لقد قلت ما اذنبت قالت مجيبة وجودك ذنب لا يقاس به ذنب

واما معنى الفقرة الثانية فقد بينا سابقا واشرنا الى انه لا يكون شيء في عالم الامكان الا بمشية وارادة وقدر وقضاء وامضاء لكن هذه الافعال لا توجب الالجاء في الذات والفعل وانما يتيسر لما خلق من اجرائه على جهة الاختيار واثبات ميولاته على نحو شهواته فهو سبحانه تعالى يقضي ما يعلم انه بشهوته وميله واختياره الحسن او السيئ يرتكب ذلك الشيء فالقضاء الخاص حافظ وما عدا لا ملجأ وجابر وقاسر ولذا قال عليه السلام واسعدني على ذلك القضاء ولم يقل والجأني الى ذلك القضاء فالمساعدة من الله بحفظ الشيء وحفظ اعماله وافعاله فيما يشاء ويريد بما يشاء ويريد حاصله ولولاها لبطلت الاشياء وفسدت الغرايز واضمحلت الطبايع وذهبت الميولات وعدمت الصفات والذوات او جاء الالجاء والاضطرار اللذان ينزه عنهما خالق الارضين والسموات وهو قوله عز من قائل كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وماكان عطاء ربك محظورا فمساعدة القضاء لا تنافي شيئا من قواعد الاسلام والمذهب وهو ظاهر انشاء الله تعالى

قال سلمه الله تعالى : ما الجمع بين الاخبار الواردة في شان الائمة عليهم السلام اذ في بعضها انهم يزدادون في كل ليلة جمعة وفي بعضها لولا انا نزداد لنفد ما عندنا وفي بعضها انهم اذا شاؤا علموا علموا وفي بعضها انهم يعلمون علم ما كان وما يكون

اقول اما ما ورد من انهم يزدادون في كل ليلة جمعة فالمراد به الامور التي ما كانت موجودة في عالم الكون بوجه من الوجوه ووجدت وتمت فاحكام الاسبوع انما تتم في ليلة الجمعة وتاتيهم الملئكة ويخبرهم بجميع الاشياء التي نزلت من عالم الغيب العدم الامكاني الى عالم الوجود فيما يتعلق بذلك الاسبوع كلها يخبرونهم عليهم السلام بها وبها يزدادون في كل ليلة جمعة وكلما يتعلق باحوال السنة من الآجال والارزاق والفقر والغني وساير الذوات والصفات والجواهر والاعراض مما تنزل من عالم الغيب الذي ذكرناه الى خزانة الوجود والشهود تنزل الملئكة والروح في ليلة القدر ويخبر بها امام العصر واما ما يتعلق بكل آن فان من الامور التي توجد في يوم الشان من الحوادث والوجودات والفيوضات التي يوجدها الله سبحانه تعالى وينزلها من فوارة القدر بامر مستقر فياتيهم سلام الله عليهم العلم بها في كل آن وبهذا البيان التام اجمع بين الروايات التي وردت في ان العلم الحقيقي الذي يحسبونه عليهم السلام علما هو ما يتجدد عندهم في كل آن فآن لان فيض الله لا ينقطع وفوارة الحدوث والايجاد دائمة الفوران ويد الله سبحانه ما غلت كما هو توهمته اليهود من امة موسى وفي امة محمد صلى الله عليه وآله مقابلون لتلك الفوارة فياتيهم في كل آن بجميع مراتبهم على حسب مقام ذلك العلم والمعلومات فمنها نكت في القلوب ومنها نقر في الآذان ومنها صوت كوقع السلسلة في الطست وامثالها من وجوه علمهم المتجدد في كل آن انظر كتاب الكافي فيما رواه ثقة الاسلام عن ابي‌ بصير من قوله عليه السلام يا بامحمد ان عندنا الجفر والجامعة وعندنا مصحف فاطمة وعندنا علم ما كان وما يكون وكل ذلك يقول ابوبصير انه لعلم ويقول عليه السلام علم وليس بذاك الى ان قال ابو بصير فاي شيء العلم اذن قال ما يحدث شيئا فشيئا وآنا فآنا نقلت معنى بعض الحديث والحديث كله عندكم موجود وبين الروايات التي وردت انهم عليهم السلام يزدادون في كل ليلة جمعة والروايات التي وردت انهم عليهم السلام يزدادون في كل ليلة القدر والقرآن صريح بذلك بان احكام جميع السنة في ليلة القدر واحكام جميع الاسبوع في ليلة الجمعة واحكام جميع الليل والنهار بين الطلوعين في كل يوم واحكام الجزئيات الموجودات آنا فآنا وانما كررتها ورددتها للتفهيم واما ما ورد من قولهم عليهم السلام لولا انا نزداد لنفد ما عندنا فليس المراد به خصوص العلم بل كل شيء فان الحادث المخلوق الممكن فقير مضطر ضعيف لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا حيوة ولا موتا ولا نشورا وهو المحتاج الى المدد آنا فآنا محتاج الى فيض جديد فلولا ذلك المدد لفني واضمحل هذا حكم كل ممكن حادث فانه لا يقوم الا بمدد جديد مثاله السراج فانه اذا انقطع عنها الدهن لنفد ما عنده واحترق وكذلك بدن الانسان لولا ما ياتيه من مدد جديد لضعف الى ان نفد ما عنده ومات الا ترى انه اذا مااكل يومين كيف تنحل قواه وتضعف الى ان يموت وهلك ولما كان الامام عليه السلام هو الممكن الفقير بل هو افقر الخلق الى الله لانه فقره اليه سبحانه من وجهين وفقر غيره من وجه واحد لانهم يستمدون عنه سبحانه بما ينحفظ به وجودهم ويستمدون عنه سبحانه لامداد غيرهم وغيرهم يستمدون لحفظ وجودهم ولذا خصهم الله بالذكر وقال يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله وفصل الضمير يفيد الحصر وهم الناس بالاصالة وشيعتهم بالتبعية وقد قال الله تعالى ام يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله قال الباقر عليه السلام نحن الناس المحسودون وبالجملة هم الناس في مقام المدح وفي مقام الذم ظلالهم وعكوسهم فاذا تمحضوا في الفقر لاحتاجوا الى مدد جديد ولم يزدادوا بالحظ الاولى لنفد ما عندهم كما هو شان الامكان وانما قالوا ذلك عليهم السلام لبيان فقرهم وحاجتهم الى الله لئلايتوهم فيه الغلو ولا يقال فيهم الاستقلال يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه وقال تعالى ولما ضرب بن مريم مثلا فافهم ضرب المثل وتعيها اذن واعية واما ما ورد من انهم عليهم السلام اذا شاؤا ان يعلموا علموا فذلك هو الذي لم يوجد في الكون اصلا ولم يدخل في العين راسا ولم يتعلق به الجعل في عالم الكون بل انما هو غيب في الامكان فذلك الذي اذا شاؤا وارادوا من الله سبحانه ان يعلمهم فعل لان لهم عليهم السلام عنده الجاه الوجيه والشان الكبير والامر الخطير لا يردهم اذ سئلوه ولا يحينهم ( لا يخيبهم ظ ) عن بلوغ ما املوه لانه ما (كذا) يحبهم ويحبونه فاذا شاؤا ان يعلمهم الله مما كان في الغيب عنده في اطوار الامكان مما لم يوجد في الوجود يعلمهم الله سبحانه تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه يعني من علم الغيب الا بما شاء مما شاؤا ان يعلمهم اياه لانهم المجتبون والمرتضون الذين يعلمهم الله الغيب فلا يظهر على غيبه احد الا من ارتضى من رسول وقال تعالى وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فاذا شاؤا ان يعلموا علموا بتعليم الله من الامور الغيبية التي لم تدخل في الكون واما ما ورد من انهم عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما هو كائن فذلك كلما دخل في الوجود مما تعلق به الجعل فان الموجودات بدلالة العقل والنقل اشعة انوارهم وعكوسات آثارهم لانهم هم الصادر الاول فكل مخلوق تحتهم ولا شك ان العالي يحيط بالسافل فكلما دخل في خزينة من خزائن الاكوان من قوله تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم سواء كان نزل من الخزانة العليا الى الخزانة السفلي بل ولا يتنزل فيما بعد على حسب تمام القابليات في الثانية فهو بالنسبة الى الخزينة العليا كان وبالنسبة الى الخزينة السفلي تكون فما كان وما يكون مما جرى عليه قلم الاختراع فعندهم عليهم السلام علمه وهذا ليس بغيب وانما هو مشهود عندهم لان عالم الكون باجمعه بيت قد خلقه الله سبحانه لهم فهم صاحبوا البيت واهل البيت ادري بالذي فيه كيف وان الله سبحانه ذكر في القرآن انه لا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وما فرطنا في الكتاب من شيء وفيه تفصيل كل شيء وكل شيء احصيناه كتابا وعلم الكتاب كله عندهم على ما نص عليه مولينا الصادق عليه السلام وقال تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين وكل منهم الامام المبين صلى الله عليهم الا ان يخرج من مذهب الاثني ‌عشرية خارج ويقول بقول اهل السنة والجماعة ان الامام هو القرآن فاذا قال ذلك لا يفيده شيء ايضا مما يروم انكاره لان علم القرآن عندهم باتفاق من جميع المسلمين فعندهم علم ما كان وما هو كائن ابد الابد ودهر السرمد مما دخل في عالم الكون ولبس حلة العين وجرى عليه قلم الاختراع وسطر في لوح الابتداع فملخص المقال في الجمع بين هذه الاخبار هو الذي ذكرنا لك فلا تسمع بعد هذا الى اغاليط المنكرين لفضل آل محمد سلام الله عليهم وشبهات المشبهين وعبارات المموهين وجميع الاخبار والاحاديث ترجع لو فرضنا بظاهرها ما ينافي ما ذكرناه الى ما ذكرناه ولو كان لي مجال وللقلب سعة واقبال لبسطت المقال في هذه الاحوال وذكرت الاقوال وادلتها واشرت الى ضعف الاستدلال ولكن فيما ذكرنا كفاية وقد ذكرت في شرح الخطبة الشريفة الطتنجية عند قول امير المؤمنين عليه السلام وعلمت ما كان وما يكون وما كان في الذر الاول مع آدم الاول الى قوله عليه السلام كل ذلك علم احاطة لا علم اخبار ما يشفي العليل ويبرد الغليل فاطلبه ان اردت الزيادة والا ففيما ذكرنا كفاية

قال سلمه الله تعالى : هل امير المؤمنين عليه السلام مساو للنبي صلى الله عليه وآله في الفضل ام النبي افضل

اقول قد اجمع المسلمون ان النبي صلى الله عليه وآله افضل من امير المؤمنين عليه السلام وقد قال امير المؤمنين انا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله ولو تمسك متوهم بالتساوي بقوله تعالى وانفسنا وانفسكم يرده ما عند اهل النحو ان النفس يقع تأكيدا والتأكيد من التوابع والتابع لا يساوي المتبوع وما ورد في الاخبار كما اشرنا سابقا في ذكر الصادر الاول من انهم واحد وحقيقة واحدة فالمراد انهم في رتبة واحدة في سلسلة العرض واختلفت مراتبهم بحسب مقامهم الا ترى ان الانسان شخص واحد واجزاؤه واعضائه من حقيقة واحدة يعني ليس بين اجزائه تفاوت كتفاوت المنير مع الشعاع والمؤثر مع الاثر ولكنه بين الاجزاء تفاوت بين كالتفاوت الحاصل من القلب والصدر وبين الصدر والدماغ وبين الدماغ والكبد وامثالها من الاعضاء الرئيسة والمرؤسة فالحقيقة المحمدية شيء واحد وشخص واحد كما تقول زيد شخص واحد فرسول الله صلى الله عليه وآله قلبه وامير المؤمنين عليه السلام صدره والائمة الطاهرون دماغه وفاطمة الزهراء عليها السلام الجسد الجامع فيها يفرق كل امر حكيم وهم متساون بهذا المعنى ولكل منهم فضل فرسول الله صلى الله عليه وآله افضل من امير المؤمنين عليه السلام بثمانين ‌الف درجة كما في حديث جابر اول ما خلق نور نبيك يا جابر كان يطوف حول جلال القدرة ثمانين ‌الف سنة ولما بلغ الى جلال العظمة خلق فيه نور عليّ عليه السلام وقد يشار الى ما ذكرنا بقول النبي صلى الله عليه وآله كنا نورا واحدا في الاصلاب ولما انتقلنا الى صلب عبدالمطلب قيل لنصف كن محمدا وللنصف الآخر كن عليّا ولا يجوز العكس بان يقال لنصف كن عليا وللنصف الآخر كن محمدا كما كان العرش والكرسي حقيقة واحدة في البحر الحاصل من ذوبان ياقوتة حمراء فقيل لنصف كن عرشا وللنصف الآخر كن كرسيا ولا عكس وبذلك كان العرش افضل من الكرسي ورسول الله صلى الله عليه وآله افضل من امير المؤمنين عليه السلام وبالجملة لا يحتاج في هذا المقام الى تطويل الكلام وتجسم الاستدلال بالنقض والابرام لانه شيء معلوم عند كافة المسلمين والفرقة المحقة ولا اعتبار بقول الغلاة الخارجين عن الحدود التي حددها الله لهم وقد قامت بافضلية النبي صلى الله عليه وآله ضرورة الاسلام ومعنى تساويهم انه ليس بينهما ترتب علية ومعلولية ومنيرية وشعاعية ومؤثرية واثرية فافهم واعلم ان ما ذكرنا من التفاوت وعدم التساوي انما هو بالنسبة الى مقامهم ورتبتهم الذاتية واما بالنسبة الى الخلق وما يتعلق باحوال الرعية اي المخلوقين كافة فهما في ذلك سواء وكذلك الائمة عليهم السلام سواء فيما يتعلق باحوال جميع خلق العالم وانما التفاوت بين بعضهم مع بعض في الرتبة الذاتية فافهم

قال سلمه الله تعالى : هل القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه افضل من الحسن والحسين او هما افضل منه

اقول قول رسول الله صلى الله عليه وآله المتفق عليه بين الفريقين ان الحسن والحسين عليهما السلام سيدي شباب اهل الجنة وما دل بالدليل القطعي من العقلي والنقلي ان ليس في الجنة شيخ ولا شاب يدل على انهما افضل من في الجنة فاذا كانا افضل من في الجنة يكونا افضل الخلق طرا لان اهل النار لا فضل منهم ولما كان مؤدي هذا الخبر عموم الفضل الشامل لجميع الخلق استثنى رسول الله صلى الله عليه وآله اباهما وقال وابوهما خير منهما ولما قال ابوهما انا عبد من عبيد محمد علمنا ان محمدا صلى الله عليه وآله سيد الخلق ثم امير المؤمنين عليه السلام بعد سيد الخلق ثم الحسنان عليهما السلام بعدهما وفي دعاء العديلة ما يدل على ان الحسن افضل من الحسين عليه السلام لقوله فيه ثم من بعده سيد اولاده الحسن بن عليّ ثم اخوه السبط التابع لمرضات الله الحسين وفي كلام الحسين عليه السلام في كربلا يعزي اخته زينب الطاهرة الى ان قال عليه السلام جدي خير مني وابي خير مني واخي خير مني ولكل مؤمن برسول الله اسوة الحديث واما مولانا وسيدنا القائم عجل الله فرجه وروحي له الفداء فلا شك عندي انه افضل التسعة لقول النبي صلى الله عليه وآله تاسعهم قائمهم افضلهم وفي رواية اخرى تاسعهم قائمهم اعلمهم افضلهم وهذا يدل على افضلية من التسعة المعصومين عليهم السلام لا على الحسن والحسين بشيء من الدلالات الثلث وتوقف شيخنا البهائي بارجاع ضمير قائمهم الى آل محمد عليهم السلام بعيد عن الصواب لانه اضمار بلا مرجع ولو فرضنا انه يرجع الى آل محمد عليهم السلام فيقال تاسع آل محمد عليهم السلام فكلام باطل غير واقع وان قال ان المراد تاسع تسعة وقائمهم يرجع الى آل محمد فهذا تفكيك للضمير وهو عيب عند اهل اللسان وبالجملة فالتوقف ليس في محله لان المراد بتاسعهم تاسع تسعة هو قائمهم لان امير المؤمنين عليه السلام قام بالسيف واما التسعة الباقية فلم يقم احد منهم بالسيف الا قائمهم فيكون افضلهم لان الله سبحانه يقول وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنيى والمجاهدين هم رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين والحسن والحسين والقائم عليهم السلام والقاعدون هم الائمة الثمانية الذين وعدهم الله الحسنى

قال سلمه الله تعالى : هل يجوز تسمية القائم عليه السلام باسمه الشريف ام لا

اقول المستفاد من الاخبار الكثيرة المروية في الكتب المعتبرة مثل اكمال ‌الدين وغيبة الطوسي والبحار والعوالم عدم جواز التسمية وهو الاحوط بل الاقرب واحتمال انه مخصوص بزمان الغيبة الصغرى لاستحسانات واستبعادات مستنبطة من قوله عليه السلام ان دللتهم على الاسم اذاعوه وان عرفوا المكان دلوا عليه مدفوع باخبار كثيرة بتقيد عدم التسمية وتحديده الى ظهوره عجل الله فرجه كما في الاكمال عن امير المؤمنين عليه السلام الى ان قال اما اسمه الشريف فلان حبيبي وخليلي عهد الى ان لااحدث به باسمه حتى يبعثه الله عز وجل الحديث وفيه عن الكاظم عليه السلام انه قال عند ذكر القائم عليه السلام تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ به الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وفي المعالم عن توحيد الصدوق عن ابي ‌الحسن الثالث انه قال في القائم عليه السلام لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وفيه باسناده قال خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه السلام ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس وفيه عنه عليه السلام من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله وفيه عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال صاحب هذا الامر رجل لا يسميه باسمه الا الكافر وهذه الروايات كغيرها صريحة الدلالة على حرمة التسميه باسمه الشريف مطلقا واما ورد في بعض الادعية وحديث اللوح الاخضر وامثاله فمحمول على انها لبيان انها اصل الاسم وانه لا يجوز ان يسميه بينه وبين نفسه واما في ملأ من الناس ومجمع منهم فلا يجوز كما قال عليه السلام من سماني في جماعة من الناس فعليه لعنة الله فاحذر كل الحذر ان تسميه باسمه الشريف وبالجملة ان ما ذكرناه هو الاحوط في الدين وان كان الاختصاص بالغيبة الصغرى يحتمل والله هو العالم

قال سلمه الله تعالى : فاطمة عليها السلام افضل من اولي العزم وهم نوح وابراهيم وموسى وعيسى ام هم افضل منها

اقول لا شك ولا ريب ان فاطمة عليها السلام بعد ابيها وبعلها وبنيها افضل من كل المخلوقين من الانبياء والمرسلين واولي العزم منهم اجمعين والملئكة المقربين والشهداء والصديقين وكل الخلق اجمعين والفرقة المحقة الا من شذ منهم متفقون على افضليتها كيف وانها من الحقيقة المحمدية التي هي افضل الخلق وقد قال الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى كلا والقمر والليل اذ ادبر والصبح اذا اسفر انها لاحدى الكبر نذيرا للبشر ان الضمير المؤنث يرجع الى الزهراء عليها السلام وانها لاحد الائمة الذين هم الكبر وحديث عباس بن عبد المطلب ان الله سبحانه تعالى خلق نور محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين قبل الخلق وقبل ان ان يخلق آدم ونوح ثم فتق نور محمد صلى الله عليه وآله وخلق منه العرش والكرسي ثم فتق نور امير المؤمنين عليه السلام وخلق منه الملئكة ثم فتق نور فاطمة عليها السلام وخلق منه السموات السبع والارضين السبع ثم فتق نور الحسن عليه السلام وخلق منه الشمس والقمر والكواكب ثم فتق نور الحسين عليه السلام وخلق منه الجنة والحور العين والاحاديث بهذا المعنى كثيرة ولعمري ان هذا لا يحتاج الى بيان ولا استدلال ولقد كتبت في هذا المعنى في جواب مسئلة جناب الحاج مكي البحراني في اثبات افضلية الزهراء عليها السلام من جميع الانبياء خصوصا اولي العزم بآيات من القرآن صريحة الدلالة واضحة المقالة بحيث لا مجال لاحد فيها الانكار والمناقشة وانما كتبتها لاجل انها اراد مني الاستدلال بالقرآن والا فكونها افضل من اولي العزم على مضمون الروايات اوضح من الشمس وابين من الامس وان اردت التفصيل وزيادة الاستدلال فاطلب تلك الرسالة فان ما فيها كفاية

قال سلمه الله تعالى : وهل وقع في القرآن زيادة وتحريف ام زيادة بلا تحريف ام لم يقع في القرآن شيء اصلا

اقول قد اجمع المسلمون مع دلالة العقل الصريح انه ما وقعت في القرآن زيادة لان القرآن معجزة في الله لو اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثله لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا فالزيادة ان كانت مثل القرآن فقد سمعت ان الله سبحانه نفى عنه قدرة الانس والجن وان لم تكن مثله لا يخفى على احد مع ان الامر ليس كذلك فالزيادة ما وقعت باجماع من المسلمين واما التحريف بمعنى النقصان اي نقصان ما كان في فضائل اهل البيت عليهم السلام ومثالب اعدائهم ومدح اوليائهم واحبائهم فلا شك انه قد وقع لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال كلما كان في الامم الماضية يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولو انهم لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه والله سبحانه تعالى اخبر في القرآن بان الامم الماضية قد حرفوا كتبهم وحرفوا الكلم عن مواضعه وجب ان يكون في القرآن كذلك اما التحريف في الزيادة فمحال ان يقع فلم يبق الا انه تحريف بالنقصان والاحاديث الدالة على التحريف والنقصان كثيرة وقد ذكر بعض العلماء والظاهر انه السيد نعمة‌الله الجزايري انه وقف على الفي حديث يدل على التحريف في القرآن فاذا لم يثبت الحكم بالفي حديث فباي شيء يثبت ورد هذه الاخبار اعتمادا على بعض الاستحسانات والاستبعادات وظواهر بعض الآيات الغير الدالة على مقصودهم جرأة عظيمة على الله وعلى اولياء الله وما تمسكوا في دفع التحريف بقوله تعالى نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون تمسك بما هو اوهن من بيت العنكبوت وانه لمن اوهن البيوت فان الذكر المنزل والقرآن المرسل محفوظ عند صاحبه المقرون به الغير مختلف احدهما عن الآخر كتاب الله واهل بيت نبي الله وهو محفوظ عند الامام عليه السلام وتحريف القرآن كتحريف باقي احكام الشريعة التي وقعت اما سمعت قول الامام سيد الساجدين عليه السلام في دعاء الصحيفة اللهم ان هذا المقام لخلفائك وامنائك ومواضع اصفيائك قد ابتزوها الى ان قال عليه السلام يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا وشريعتك محرفة عن جهات اشراعك وسنن نبيك صلى الله عليه وآله وسلم متروكة فكما ان الشريعة حرفت والسنة تركت والاحكام تبدلت فليكن آيات القرآن نقصت ولا امتناع في ذلك عند استيلاء سلطان الباطل وغلبة الجور وفساد الخلق بالاعراض عن الامام عليه السلام فكما ان الامام الغائب عجل الله فرجه روحي له الفداء عليه وعلى آبائه السلام يرفع تلك التحريفات ويدفع تلك التمويهات ويكشف عن صريح الحق ويمحي دولة الباطل يظهر القرآن على ما انزله الله والشرع على ما اشرعه الله والدين على ما يرضى الله فالايمان ببعض والانكار لبعض مما يسخطه الله وهو قوله تعالى افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرو ببعض فما جزاؤ من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحيوة الدنيا وما قالوا من انه على القول بالتحريف يلزم عدم حجية القرآن لاحتمال التحريف في كل آية آية قول زور وتوهم فاسد وخيال كاسد فان التحريف ليس بالزيادة حتى يلزم ما قالوا وانما هو بالنقيصة واحتمال ارتباط الموجود بما سقط فينتفي المقصود باطل بالاصل مع ان القرآن في كل مقام تام فلو كانت آية باعتبار ارتباطها بالتي سقطت تخرج عن الحجية ولم يظهر منه الحكم المراد من الله لوجب على الامام المسدد الذي شانه تاييد اهل الاستيضاح وتسديدهم ان يبينها وينص عليها كما قال امير المؤمنين عليه السلام وان خفتم الاتقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء الآية انه سقط من بين قوله تعالى وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى وقوله فانكحوا اكثر من ثلث القرآن وحيث لم يبينوا ولم يدلوا علمنا ان تلك الآيات باقية على الحجية وقد نص على ما قلنا امير المؤمنين عليه السلام على ما رواه في الاحتجاج في الجواب عن سؤال طلحة وبالجملة لا ينبغي التشكيك في نقصان القرآن ولا ينبغي الاصغاء الى تلك الاستبعادات التي منها ان القرآن كان معروفا بينهم معلوما لديهم والصحابة كيف يرضون فتبصر ما علموا انه من الله لان معلومية جميع آيات القرآن عندهم ليست باعظم ولا باعرف من امر غدير خم ونصب امير المؤمنين عليه السلام في ملأ يزيدون على سبعين‌الفا فقد انكروا وقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يتخلف احدا وتمسكوا باجماع الامة في اثبات خلافة ائمتهم وكذلك معلومية القرآن بجميع آياته ليست باعظم ولا هي باعرف ( من ظ ) الصلوة المفروضة التي كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وآله في مدة ثلث وعشرين سنة كل يوم بمحضر من الخلق عامتهم خمس مرات فانهم قد اختلفوا فيها اي اختلاف في هياتها وشرايطها وآدابها فان امكن في هذا الامر الظاهر المعروف الذي لا يمكن ان يكون شيء اظهر منه ففي القرآن الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله متفرقة غير مجتمعة وكل واحد من الصحابة عنده شيء من القرآن لا كله ومااجتمعت آيات القرآن كلها الا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله جمعه امير المؤمنين عليه السلام اولا واتى به اليهم ولم يقبلوا وقالوا لا حاجة لنا اليك ولا الى قرآنك ثم نادي مناديهم بان كل من عنده شيء من القرآن يأتي به مع شاهدين عادلين انها من القرآن فلو كان هذا الذي عندنا هو القرآن الذي اتى به امير المؤمنين عليه السلام فلماذا لم يقبلوا ولماذا قال امير المؤمنين عليه السلام لن‌تروه ولن يظهر هذا القرآن الا بعد ظهور الحادي‌ عشر من ولدي ولو كان القرآن بجميع آياته معلوم عند الصحابة فلماذا احتاجوا الى شاهدين وهذه الرواية وان لم يكن مسلمة عند العامة فهي معلومة عند الشيعة ولا يشكون ان امير المؤمنين عليه السلام اتى اليهم بالقرآن ولم يقبلوا والاجماعات التي يدعونها كلها غير كاشفة عن قول المعصوم عليه السلام فلا حجية فيها وكيف يعقل اجماع الفرقة مع وجود ما يقرب من الفي حديث عن اهل العصمة والطهارة بخلافه ويشبه هذا الاجماع لو فرض وقوعه بالاجماع الذي اجمعوا على خلافة الاول وصرف الامر عن امير المؤمنين عليه السلام وبالجملة هذه المسئلة معلومة معروفة واضحة لمن له ادنى اطلاع باصول المذهب والدين وادنى تتبع في اخبار الائمة الطاهرين من آل طه ويس سلام الله عليهم اجمعين اعلم انا قد ذكرنا سابقا ان الزيادة ماوقعت ومرادنا منها زيادة آية او كلام متسق منتظم نعم قد وقع بعض الزيادات بالنسبة الى بعض الحروف مثل ابدال حرف بحرف او تقديم وتأخير تقديم آية وتاخير آية اخرى والى هذا الذي اشرنا اليه يشير كلام مولانا الباقر عليه السلام لولا ان القرآن زيد ونقص ما خفي امرنا على ذي حجي ومراده عليه السلام زيادة بعض الحروف وتقديم بعض الآيات على بعض فان الآية التي قدموها فقد زيدوا في محل الذي لم يكن لها ونقصوها عن المحل الذي جعله الله لها اما نقيصة بعض الحروف وابداله بآخر في قوله تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس قال الصادق عليه السلام كيف يكونون خير امة وقد قتلوا امير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام بل انما هي خير ائمة وكذلك قوله تعالى ان يكون امة هي اربى من امة كان نزولها هي ائمة هي اربى من ائمة وكذلك قوله تعالى جعلناكم امة وسطا كيف تكون الامة امة وسطا ليشاهدون اعمال الخلايق وانما كانت ائمة وسطا لانهم قطب الوجود ونقطة دائرة الغيب والشهود وعرش المعبود وكذلك قوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار كيف يتوب على النبي وليس عليه ذنب سيما عند اقترانه بالمهاجرين والانصار والا فربما يؤل له ذنب كما في قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر فكانت الآية لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والانصار كما نص عليه الامام الصادق وكذا قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله فقد قال الامام عليه السلام كيف يمكنهم ان يحفظوه من امر الله فان امر الله اذا جاء لا يرد بل الآية كانت يحفظونه بامر الله وغيرها من امثالها فان هذه تغييرات من نقصان حرف وابدالها بحرف مما لا يوجب خلل في نظم القرآن وقد بينها لنا ائمتنا عليهم السلام فنقف على حد ما بينوا واما التقديم والتاخير فكما في قوله تعالى افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن كان قبله كتاب موسى اماما ورحمة فقد كانت الآية هكذا افمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه اماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى فالذي على بينة صلى الله عليه وآله وتاليه الشاهد له الذي هو امير المؤمنين عليه السلام وهو اماما ورحمة وكتاب موسى الذي هو التورية كان فيه بيان احوال النبي صلى الله عليه وآله والولي فلما اراد القوم التمويه على الناس لصرف قوله تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين وصرف الحديث الذي ورد من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية عن امير المؤمنين عليه السلام واولاده الطيبين وان المراد بالامام هو القرآن قدموا هذه الفقرة واخروا الفقرة الاخرى لتمكنهم من ذلك التاويل الباطل فلولا هذا التقديم والتاخير كان لا يلتبس امرهم عليهم السلام وكذلك في قوله تعالى واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى اذا جاؤا قال اكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما ماذا كنتم تعلمون ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون فقدموا قوله تعالى واذا وقع القول عليهم فالتبس الامر على العوام فلو انهم جعلوه في محله وهو بعد قوله تعالى ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون واذا وقع القول عليهم اخرجنا الآية كانت الآيات المذكورة صريحة في رجعتهم وظهور دولتهم عليهم السلام ورجعة المنافقين للنكال والعذاب للاجماع على ان دابة الارض قبل يوم القيمة وهذا الحشر الذي قبل خروج دابة الارض ليس هو يوم القيمة فلم يبق الا القول بالرجعة فماكان خفي امرهم على ذي حجي من المؤمنين وبالجملة اذا سمعت زيادة في القرآن بعد الاجماع على عدم الزيادة فاصرفه الى ما ذكرنا فانه باب ينفتح منه الف باب فافهم وفقك الله للصواب

قال سلمه الله تعالى : ولد الزنا مؤمن ام كافر وعلى الثاني فهل هو نجس ام طاهر

اقول ولد الزنا حكمه حكم ساير الخلق مكلف مختار فاذا كلفه الله سبحانه وقبل التكليف وامن بالله سبحانه وصدق نبيه صلى الله عليه وآله واقر بخلفائه الائمة الاثني ‌عشر عليهم السلام يجب ان يحكم عليه بالاسلام والا يجب القول اما بعدم تكليفه او بتكليف ما لا يطاق والله سبحانه يقول ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا فقبول ولد الزنا الايمان ومع ذلك الحكم بكفره ينافي القواعد الاسلامية والعقلية فيجب القول باسلامه وايمانه اذا اتى بشرايط الايمان والاسلام فاذا حكمنا بايمانه وجب الحكم بطهارته من غير اشكال ولا ريب واما ما ذهب اليه ابن‌ادريس فتوهم منه من جهة بعض الروايات المشعرة بنجاسة ولد الزنا ولم يتفطن ان الرواية اذا كان مخالفا لاصول المذهب والادلة العقلية والروايات المحكمة يجب العدول عنها وتاويلها بما يوافق المذهب وهو من لا يرى العمل باخبار الاحاد ولا اجماع في المقام ان لم‌ندع الاجماع على ايمانه وطهارته ولم يتفطن ان المراد من ولد الزنا شخص خاص واتباعه وهم الرجس النجس الكفرة الفجرة نعم ابن الزنا اذا كفر يجري عليه حكم الكفر وان امن يجري عليه حكم الاسلام الا انه لا يدخل الجنان الاصلية وانما يدخل جنان الحظاير وهي بالنسبة الى الجنان الاصلية نسبة شعاع الشمس الى الشمس فكل ما في الجنان الاصلية توجد في الحظاير الا انها اقوى من الحظاير بسبعين درجة والسر في ذلك ان ولد الزنا حيث انعقدت نطفته على خلاف محبة الله فبدنه وما يتعلق به من المشاعر والقوى ظلماني فاذا امن وعمل صالحا يخرجه الله سبحانه من الظلمات الى النور فيحصل له النور التشريعي خاصة دون النور التكويني واما غيره اذا كان مؤمنا عاملا عالما من اولاد الحلال فله نوران نور تكويني لانعقاد نطفة ( نطفته ظ ) على محبة الله سبحانه ونور تشريعي اكتسبه من الاعمال الصالحة فلو ان الله سبحانه جعلهما في مكان واحد فقد ساوى بين ذي النورين وذي نور واحد وهو لا يجوز على الحكيم مع انه سبحانه جعل العالم عالم الاسباب فيوجد المسبب عند وجود سببه فلا بد ان يكون لاولاد الزنا محل وموضع في الجنة ادنى وانزل من محل غيره من اولاد الحلال وربما يتوهم متوهم ان ابن الزنا ليس له تقصير وانما التقصير من ابويه فتوهم فاسد لان التقصير وان كان من ابويه لكنه صار سببا للبدن المظلم المكدر كما ان الابوين اذا اتيا بقاذورة او بجيفة منتنة جعلوها عندك فانك لا تخليها (ظ) عندك في مكان شريف نظيف حيث انها ليس لها تقصير بل انما ترميها في المحل اللايق بها وكذلك ولد الزنا نعم لو عذبه الله سبحانه وان اطاع وادخله جهنم مع اسلامه وايمانه اتجه هذا القول ولكنه سبحانه يجازيه بعمله بفضله وكرمه ويجعله في درجة اللايقة به كتفاوت درجات اهل الجنة ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما تعملون والقول بان ابن الزنا لا يوفق للخير ولا يوفق للايمان حتى يدخل الجنة وحظايرها قول باطل لدلالة بعض الروايات على حسن حال بعض اولاد الزنا ونص الامام امير المؤمنين عليه السلام على انه من شيعته كما في رواية جندب المروية عن امير المؤمنين عليه السلام وهي طويلة اعرضنا عن ذكرها وبالجملة فاصول المذهب والادلة العقلية وعموم الروايات وعموم التكليف وقوله تعالى ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا وبعض الروايات الخاصة في ولد الزنا وحسن حاله كلها صريحة الدلالة واضحة المقالة على حسن حاله اذا امن وصحة ايمانه واسلامه اذا اسلم واما الروايات الدالة على انه لا يبغض امير المؤمنين عليه السلام الا ولد الزنا فلا يدل على ما ذكروه لان المبغض ولد الزنا لا كل ولد الزنا مبغض وذلك واضح معلوم ان شاء الله

قال سلمه الله تعالى : هل يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة

اقول لا يجوز ذلك فان الامام عليه السلام لا يخل بالواجب ولا يمنع المحتاج عن حاجته لان الحاجة اذا تحقق انها ماسة فكيف يعقل من الامام عليه السلام الذي هو ممهد ومبعوث لرفع الحاجة عن اهلها في الدين ان لا يرفعها فاذا فعل ذلك فقد خالف ما بعث له فيلزم من ذلك ان النبي صلى الله عليه وآله لا يعرف الانتقاد حيث اختار للخلق من لا يقوم بحوائجهم ولا يهديهم الى سبيل الحق الذي لا بد لهم منه او ان الله اخطأ في الاختيار وان صدر ذلك من النبي المختار وبالجملة اذا تحققت الحاجة فلا يجوز التاخير ولكن الكلام في الحاجة فان كل من سئل عن مسئلة لا يلزم ان يكون محتاجا اليها وان توهم انه محتاج اليها فتاخير البيان عن وقت السؤال والكلام يجوز واما عن وقت الحاجة فلا يجوز اصلا وهذا ظاهر واضح

قال : هل يجوز تقليد الميت ام لا

اقول العلماء قد اختلفوا في هذه المسئلة فهم بين مانع لتقليد الميت مطلقا بدوا واستمرارا وبين ناف بدوا وموجب استمرارا الى ان يجد الاعلم فيوجب العدول اليه وبين موجب للاستمرار مطلقا وان وجد الاعلم وبين مجوز لتقليده مطلقا ولو كان بدوا والذي انا عليه وادين الله به ما عليه جمع كثير من العلماء وجم غفير من الفقهاء هو القول الاول بالمنع من تقليده مطلقا ووجوب العدول الى الحي سواء كان الحي اعلم ام لا والعلماء قد ادعوا عليه الاجماع حتى قال بعضهم ان حرمة تقليد الميت كان مما يتفرد به الشيعة عن مخالفيهم ولا يزالون يعرفون بذلك وجواز تقليد الميت كان من متفردات مذهب العامة وكانوا يعرفون به فلولا ذلك الا تفرد العامة واتفاقهم عليه وعدم ورود نص قاطع وتحقق اجماع من الفرقة المحقة بالجواز لكان كافيا ومستقلا في المنع من تقليد الميت مطلقا لان الرشد في خلافهم مع ورود الاخبار المصرحة بالمنع لان العلم يموت بموت حامليه كما في البحار عن روضة الواعظين قال النبي صلى الله عليه وآله ان الله تعالى لا ينتزع العلم انتزاعا ولكنه ينتزعه بموت العلماء وفيه ايضا عن تفسير الامام عليه السلام قال ابومحمد الحسن العسكري عليه السلام حدثني ابي عن جدي عن ابيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله لا ينتزع العلم انتزاعا ينتزعه من الناس لكنه يقبضه بقبض العلماء فاذا لم ينزل عالم الى عالم يصرف عنه طلاب حطام الدنيا الحديث وفيه وفي الكافي في حديث كميل عن امير المؤمنين عليه السلام الى ان قال كذلك يموت العلم بموت حامليه الحديث ولا شك ان التقليد خلاف الاصل ولذا اوجب الحلبيون الاجتهاد عينا ولم يرخصوا لاحد التقليد وعلى فرض ثبوت التقليد وكون وجوب الاجتهاد كفائيا وجب الوقوف فيما خالف الاصل على حد ما دل عليه الدليل القاطع ولا يطرد في جميع الاحوال كما هو الظاهر المعلوم وما دل عليه الدليل فغاية ما ثبت به واستفيد منه هو ثبوت تقليد الاحياء وما سوى ذلك فلم يصح عليه دليل من الاجماع لبداهة الخلاف وكون المشهور على المنع ولا من نص من كتاب او سنة يخصص الاصل الاول او يعمم الاصل الثاني في كل افراده بل المستفاد منه المنع كما سمعت الاشارة اليها ولا من عقل مقطوع به وما ذكروا من حصول الظن بقول الميت والظن عند قصد ان العلم حجة وان الميت كان يجوز الرجوع اليه حال حياته فكذا بعد موته بحكم الاستصحاب باطل للمنع من حجية الظن مطلقا الا ما قام عليه الدليل القاطع وهو الظن الحاصل من الكتاب والسنة واقوال اهل اللغة وامثالها واما ماعداه فلا يجوز التعويل عليه والركون اليه لان الظن لا يغني من الحق شيئا وليس هنا موضع اجراء الاستصحاب لتغير الموضوع المستدعي لتغير الحكم يقينا والقول بانه يستلزم العسر والحرج المنفيين بالشرع ممنوع لانه بعد موت المجتهد يحضر عند الآخر ويعرض عليه عمله الذي كان يعمله مسابقا فما يوافق رايه يقره عليه وما يخالفه ينبهه عليه وليست المخالفة اكثر من الموافقة ليصعب عليه التعلم واذا لم يتمكن من الحضور ياخذ من الواسطة الثقة او من كتابه فاذا لم يتمكن من الحي بنفسه او بواسطة او بكتابه فليرجع الى الاحتياط ان تمكن منه لقوله عليه السلام عليك بالحايطة في دينك وان اشتغال الذمة تستدعي البرائة اليقينية وان لم يتمكن من الاحتياط يعمل بها هو المشهور بين الفقهاء في المسئلة لقوله عليه السلام خذ ما اشتهر بين اصحابك واترك الشاذ النادر فان المجمع عليه لا ريب فيه والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد والمحل وحكم المقلد عند فقد المجتهد مثل حكم المجتهد عند فقد ظهور الامام عليه السلام لقوله عليه السلام هم حجتي عليكم وانا حجة الله وان لم تكن المسئلة مشهورة بل كانت خلافية فان كان يمكنه التاخير وليس موضع الحاجة وجب التاخير والارجاع لقوله عليه السلام فارجه حتى تلقى امامك وان لم يمكنه التاخير فان كان من باب المعاملات يرجع الى الصلح والتراضي وجوبا والا فعليه التخيير والاخذ بايهما شاء واراد من باب التسليم لقوله عليه السلام ما معناه بايهما اخذت من باب التسليم وسعك وان اردت ان تعرف الحقيقة فالسر في ذلك فاعلم انا بينا في رسالتنا في التسديد ان المجتهد ليس الا لبيان الامام عليه السلام ومرآة تحكي حكم الامام عليه السلام وان الاحكام تابعة لصفات المكلفين بل هي من صفات المكلفين وتختلف بحسب الاوقات والازمان والاماكن والقرانات والاوضاع وخلط الكفار بالمؤمنين والمنافقين بالمسلمين واستيلاء سلطان الجور وغلبته وعدم الغلبة او ضعفها والامام عليه السلام هو عين الله الناظرة الشاهدة لهذه الصفات وهذه الاحوال فيجري رعاياه وغنمه على حكم تلك الاقتضاءات وهي مختلف وقد قال تعالى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وهذا هو علة اختلاف المجتهدين وتشتت آرائهم وتبدلها وتغيرها فهو عليه السلام يجري تلك الاحكام على الرعايا بالسنة المجتهدين من اهل الاستيضاح والبيان فاذا مات المجتهد انقطع ذلك اللسان ولا يصلح لان يكون محلا لظهور الامام عليه السلام فتبطل حكايته ويفسد اخباره فلا بد من العدول عنه والاصغاء لحكم الامام بلسانه وهو الفقيه الحي الثقة الامين وعلى هذا استقر الوجود واتسق النظام فان الاحكام كلها تكوينية كانت ام تشريعية من الله الحي القيوم ولا تصح ان تكون الوسايط بينه وبين عباده فيما يؤدي اليهم امواتا فان الميت يضاد الحي وجهته تخالف جهته وسيره يخالف سيره الا ترى ان الامام عليه السلام اذا مات ولو لم يكن مكانه امام آخر يحفظ حكم الله ووحيه لساخت الارض وبطلت الاحكام وهلكت الخلايق فلو جاز ان يكون الميت واسطة يجب ان لا يخرب العالم اذا مات الامام عليه السلام ولم يكن من يقوم مقامه وليس المجتهد فيما فيه اليه الوساطة باقوى من الامام عليه السلام حتى ان ما دخل وظهر في الوجود بمقتضي وساطة الامام عليه السلام ينهدم ويفنى ويعدم بخروجه عن الدنيا ويحتاج الى مثله حي حافظ ولا يبطل ما كان فيه المجتهد واسطة ان هي الا قسمة ضيزي ولعمري ان القول بتقليد الميت لا ينطبق الا على مذهب العامة المنكرين للوسايط الاحياء واما على مذهب الشيعة فلا اذ لو يبقى ما اتى به المجتهد محفوظا بعد موته لكان محفوظية ما اتى به النبي صلى الله عليه وآله من الاحكام الوجودية والشرعية اولى فلماذا تسيخ الارض باهلها وتبطل الحركات والسكنات وتضمحل العلوم والموضوعات فضلا عن الاحكام والشرعيات وحكم الله سبحانه واحد في الجميع وحكم المجتهد بالنسبة الى الامام مثل حكم الامام بالنسبة الى الله سبحانه قال عليه السلام شيعتنا آخذون بحجزتنا ونحن آخذون بحجزة ربنا والحجزة النور وقال عليه السلام انا لاشد اتصالا بالله من شعاع الشمس بالشمس وان شيعتنا لاشد اتصالا بنا من شعاع الشمس بالشمس فافهم واتقن فاذن فالقول بتقليد الميت ساقط من اصله سواء كان ابتداء او استمرارا ويجب العدول عنه سواء وجد الاعلم ام لم يوجد ولا يقال ان العدول عن الاعلم الى غيره يستلزم تفضيله عليه والله سبحانه ما رضي بالتساوي لانا نقول ان المجتهد اذا مات انقطع علمه الذي يصل الينا لانه كان حاملا حاكيا لا اصلا مؤسسا فبعد موته لم يبق له علم اصلا فلا يقال له عالم على الحقيقة فضلا عن ان يكون اعلم فلا يصح ان يكو لسانا فلا يصح الرجوع اليه لان الرجوع اليه من حيث كونه حاكيا لا من حيث هو هو فلا دلالة لآية عدم الاستواء على المراد اصلا وكانك تستهزء بي وتقول ان هذه كلمات لم يذكرها احد من العلماء وانا اقول كما قال المتنبي :

وهب اني اقول الصبح ليلا يعمى الناظرون عن الضياء

قال سلمه الله تعالى : ما يفعل باطفال المشركين يوم القيمة

اقول هؤلاء تؤجج لهم نار يوم القيمة اسمها الفلق قل اعوذ برب الفلق تصل حرارتها ووهجها الى مسيرة الف سنة يؤمر بخمس طوائف منهم الاطفال ومنهم المجانين الذين استوعبت ايام تكليفهم كلها بالجنون ومنهم المستضعفون ومنهم الذين ماسمعوا صيت الاسلام ومنهم الذين ماتوا في الفترة اي بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وهؤلاء الطوائف الخمس تؤجج لهم نار ويؤمرون بالدخول فان دخلوا مسلمين مطيعين لامر الله ورسوله صلى الله عليه وآله كانت عليهم بردا وسلاما فيخرجون منها ويدخلون الجنة بغير حساب وهذا لا اشكال فيه وانما الاشكال في اطفال المؤمنين والذي اذهب اليه واعتقده انهم ايضا تؤجج لهم نار ويؤمرون بالدخول فيها فان دخلوها مسلمين دخلوا الجنة وان ابوا يسبق بهم الى النار وهو قوله تعالى وان منكم الا واردها فان النار قد تاججت في عالم الذر اولا فمن دخلها كان من اهل الجنة ومن ابى كان من اهل جهنم والمستضعفون وباقي الاقسام الذين لم يتبين بواطنهم في الدنيا يظهرها يوم القيمة بتاجيج النار والروايات مطلقة غير مقيدة باطفال الكفار نعم قد روي الكليني (ره) في الكافي وفي حديث آخر اما اطفال المؤمنين فيلحقون بآبائهم واولاد المشركين يلحقون بآبائهم وهو قوله تعالى بايمان الحقنا بهم ذرياتهم ه‍ وهذا خلاف المتفق عليهم بينهم ان اطفال الكفار يكلفون كما ذكرنا فيحمل الحديث على الاب الحقيقي لا الولادتي كما قال تعالى في ابن نوح يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فاهل الخير والحق كلهم من اولاد النبي صلى الله عليه وآله والولي كما قال صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة واهل الشر والباطل كلهم من اولاد ابي الدواهي وابي الشرور فيلحقون بآبائهم واذا تاملت في الآية وجدت صدق ما ذكرنا فانه سبحانه قال والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم الآية فان شرط الالحاق تبعيتهم آبائهم بالايمان فاذا كلفوا وآمنوا في القيمة يلحقهم الله سبحانه بدرجة فضلا وكرما وان لم يعملوا عمل آبائهم ولذا قال تعالى وماالتناهم من عملهم من شيء وما في بعض الروايات من ان اطفال المؤمنين يدفعون الى فاطمة عليها السلام لتربيهم او الى ابرهيم عليه السلام وسارة فمحمول على الاطفال الذين علم الله منهم الصدق والخير وانهم من اهل الايمان اذا كلفوا فينبتهم الله نباتا حسنا ويكفلهم مولاتنا الزهراء وابرهيم وسارة ولا ينافي ذلك تكليفهم في القيمة على الوجه المذكور للتميز والتشخيص وبالجملة فالكافر قد يكون في صلب المؤمن كما ان المؤمن قد يكون في صلب الكافر فالعلة المقتضية للسؤال عن اطفال الكفار بان تؤجج لهم النار هي العلة في اطفال المؤمنين لوجود الخلط اذ لم يقم دليل على ان كل من يموت من اطفال المؤمنين لا غير ومدعي ذلك مكابر مباهت فالاطفال بقول مطلق تؤجج لهم نار لتميز الاخيار من الاشرار روى ثقة الاسلام في الكافي عن زرارة عن ابي ‌جعفر عليه السلام قال سئلته هل سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الاطفال فقال قد سئل فقال الله اعلم بما كانوا عاملين ثم قال يا زرارة هل تدري قول الله الله اعلم بما كانوا عاملين قلت لا قال لله فيهم المشية انه اذا كان يوم القيمة جمع الله عز وجل الاطفال والذي مات من الناس في الفترة والشيخ الكبير الذي ادرك النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يعقل والابكم والاصم الذي لا يعقل والمجنون والابله الذي لا يعقل وكل واحد يحتج عليه الله عز وجل فيبعث الله اليهم ملكا من الملائكة فيؤجج لهم نارا ثم يبعث اليهم ملكا فيقول لهم ان ربكم يامركم ان تثبوا فيها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما وادخل الجنة و( من ظ ) تخلف عنها دخل النار انتهى وبهذا المعنى روايات كثيرة فابن على ما ذكرنا امرك وكن من الشاكرين

قال سلمه الله تعالى : هل يجوز الجمع بين الفاطميتين ام لا

اقول الذي يظهر من قواعد المذهب وطريقة الفرقة المحقة ان الجمع بينهما يجوز وقد كان الجواز مذهب جميع اصحابنا المتقدمين من معاصري الائمة عليهم السلام الى زمان الشيخ الحر واستقر عملهم كافة على العمل بعموم قوله تعالى واحل لكم ما وراء ذلكم فاذا استقر عملهم عليه ولا معارض سوى رواية رواها الشيخ في التهذيب بسند ضعيف ورواها الشيخ الصدوق في العدل بطريق صحيح وهاتان الروايتان قد اعرض عنهما الاصحاب وراويهما ايضا فيكون ذلك دليل عدم حجيتهما ودليل ضعفهما لاسيما عند القدماء من اصحابنا الذين لا يرون العمل بهذا الاصطلاح بل يصح عندهم ما استقر عليه العمل وما اعرض عنه الاصحاب ضعيف جدا وان كان صحيحا بحسب الاصطلاح فالاعتماد على رواية اعرض عنها الاصحاب كافة وتخصيص كتاب الله بها جرئة عظيمة وجسارة جسيمة وما قيل ان ذلك ايضا مذهب الصدوق فكلام شعري لان الصدوق لو عمل بهذه الرواية وعلم انه يمكن بها تاسيس الحكم الشرعي وتخصيص كتاب بها لاوردها في الفقيه الذي جعله ما فيه حجة بينه وبين الله دون ساير كتبه فكيف يهمل ذكرها في الكتاب المذكور ويعمل فيه على العموم ويذكرها في علل الشرايع الذي لم يلتزم به ذلك الالتزام وهذا اقوى قرينة على انه لا يرى العمل بها وبالجمله فلا حجية في الخبر المذكور بعد اعراض الاصحاب عنه وقد اردت ان ابسط القول في هذا المقام واذكر ما يترتب عليه من النقض والابرام واكتب عبارات المجوزين واخرج الغث من السمين وابين فساد توهمهم ولكني في واسع العذر من كثرة الاشغال وضعف الحال وتبلبل البال وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية وماتمكنت من رسم هذه العجالة الا في طريق سفرنا الى زيارة مولانا امير المؤمنين عليه الصلوة والسلام في بعض المنازل وصرت بحيث ان السفر لي راحة والحضر مشقة والله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والصلوة والسلام على محمد وآله الطاهرين الطيبين

المصادر
المحتوى