
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني المقيد بوثايق الآمال والاماني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات ذات تبيين امليتها جوابا لمسائل اتتني من بعض الاخوان الذي لم يتبين له بعد الحق المبين ولم يميز بين الغث والسمين ( وخل ) اراد بذلك الاستبصار بتهذيب البيان الوافي والاسترشاد بتحرير القواعد من الكلام الكافي ليصل الى منتهى المطالب ونهاية المآرب من الورود على شرايع اليقين والخروج عن لواقح الفتن مما يرد على القلب من الظن والتخمين وقد اتتني مسائله وفقه الله وسدده في وقت تراكم الاشغال وتزاحم موجبات الاختلال وتبلبل البال وعروض الامراض المانعة من استقامة الحال وحصول الجواذب من كل جانب وانا في هذه الحالة كما قال الشاعر :
كم بجنبي للصبابة واد كل آن حمامة نواح
ولكن لا يسع ترك الجواب لمكان الاسترشاد والاستبصار ولكني آت بما هو الميسور لانه ( اذ خ ) لا يسقط بالمعسور والى الله سبحانه ترجع الامور
قال سلمه الله تعالى : يا سيدي اشكل على امور لا نعرفها بينها لي ان كنت من اهله انشاء الله لكن بلسان المتعارف ولسان القوم لا بلسان يثني الاشكال بل باوضح بيان ودلائل من الكتاب والسنة لا يحتاج الى مبين آخر ولا يجر الكلام الى كلام آخر توجر انشاء الله
اقول قوله سلمه الله ان كنت من اهله دليل لما ذكرنا من عدم تبين الامر له وعدم وضوحه لديه فيجب ان نبين له فاقول اما انا فلست بأهل لأن يتوجه الى بالمسائل ولا ان يطلب مني البراهين والدلائل ولست من فرسان هذا الميدان ولا من سباق هذا الرهان ما انا وما خطري ولكني حيث قابلت شمس هداية انوار آل محمد الاطهار عليهم سلام الله في آناء الليل و( الليل واطراف خل ) النهار وانقطعت اليهم واعرضت عن كل ما سويهم ونصبت هدايتهم عليهم السلام بين عيني وجعلت القرآن امامي وصحاح احاديث آل الله ( آل محمد خل ) وحسان الادلة من آيات الله محيطة ملتفة بي استشرقت بحمد الله من تلك الانوار وجست خلال تلك الديار فسقط الى من الاسرار ما تضيء بها القلوب وتشرح بها الصدور ويحل بها كل مشكل وتوضح ( يوضح خل ) بها كل معضل ( معقل خل ) وقد قالوا عليهم السلام ما من احد ( عبد خ ) احبنا وزاد في حبنا واخلص في معرفتنا وسئل عن مسئلة الا ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة وقال تعالى الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فان قلت :
وكل يدعي وصلا بليلى وليل لا تقر لهم بذاكا
قلت :
اذا انبجست دموع من ( في خل ) خدود تبين من بكى ممن تباكي
ولا ريب ان للحق دلالات وعلامات يصل اليها الطالب الراغب لقد قال امير المؤمنين عليه السلام اين يتاه بكم وفيكم عترة نبيكم اين تذهبون ورايات الحق منصوبة واعلام الهداية واضحة الخطبة ولا شك ولا ريب ان العلماء الاعلام يكتفون في اثبات حقية مطلب اذا اقترن بدليل عقلي ولا يسئلون عن غيره ولا يتوقفون عن قبوله او دليل نقلي اذا كان قطعيا في المطالب التي تتعلق بغير المعلومات من الاحكام الفرعية التوقيفية سواء كانت شرعية او وضعية على معانيها ومراتبها واقسامها فاذا كان المطلب مقترنا بدليل عقلي ونقلي من محكمات الكتاب والسنة دون متشابهاتهما فلا ريب ان ذلك اولى بالقبول واحرى بالاذعان والتصديق فاذا كان الدليل العقلي المحض يكفي في اثبات الحق فالدليل العقلي المقترن بالنقلي المعتضد بالشواهد والآيات والامثال والعلامات اولى افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدي فما لكم كيف تحكمون ونحن بحمد الله لا ندعي امرا ولا مطلبا الا ونأتي بالدليلين بواضح البيان ولايح البرهان فمن هذه الجهة فلو ( لو خ ) سألتني لوجدتني اهلا للسؤال وما اخطأت حقيقة الحال فاني انقل عن آل محمد المفضال مما وصل الى من بعض فواضل جودهم وكرمهم فعنهم اقول واليهم استند وبهم اعتمد وعلى الله اتوكل ومنهم استرشد ومن الله التوفيق والتسديد ( السداد خل ) في المبدء والمعاد :
اليكم والا لا تشد الركائب ومنكم والا لا تنال الرغائب
وفيكم والا فالحديث مخلق وعنكم والا فالمحدث كاذب
وقوله سلمه الله تعالى لكن بلسان المتعارف ولسان القوم ما ادري اي عرف يريد واي قوم يسئل فان كان العرف العام المشترك بين كل الناس فهذا ليس الا البديهيات والمعلومات والمسائل العاميات وبهذا العرف لا يعرف ازيد من البديهيات والضروريات ( الضروريات واما العلماء والخواص فمتعارفهم مختلف والسنتهم متفاوتة ولكل اصطلاح خل ) ولكل قوم لسان لا يشبه لسان الآخر الا ترى ان لسان اهل النحو لا يشبه لسان اهل الصرف ولسانهما لا يشبه لسان اهل المنطق فاذا تكلم المنطقي عن عرفه ولسانه لا يفهمه النحوي واذا تكلم المنجم بعرفه ولسانه لا يعرفه ( لا يعرفه المنطقي ولا الهندسي واذا تكلم الحكيم بعرفه ولسانه لا يعرفه خل ) الفقيه واذا تكلم الفقيه بعرفه ولسانه لا يفهمه ( لا يعرفه خل ) الحكيم وهكذا كل طائفة متعارف عندهم لسان ولهم ( عندهم خل ) عرف يتكلمون به لا يفهمه غيرهم الا من بيانهم وارشاداتهم وهداياتهم فلولا ان يبين اهل كل لسان مراده لا يعرفه اهل لسان الآخر ويتكلم مع كل احد بلسانه فقوله سلمه الله تعالى بلسان المتعارف ولسان القوم قول غريب وكلام عجيب لأن العرف متفاوت والالسنة مختلفة وهو قوله تعالى ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف السنتكم والوانكم والاختلاف عام لأنه مصدر مضاف كما انه يشمل اللغات يشمل الاصطلاحات فالالسنة مختلفة والعرف متفاوت والكلام بما يفهمه كل عرف وكل لسان في الزايد من البديهيات ماجرت عليه عادة الله وعادة آل الله صلى الله عليهم الا ترى ان القرآن ( الاتري القرآن خل ) مع ان الله سبحانه قال كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ومع هذا كله ترى ما عليه الناس من الاختلاف والتناقض في كل آية آية وكلمة كلمة حتى آل الامر انهم ( الامر الى انهم خل الامر الى ان خ ) قالوا ان القرآن ظني الدلالة يعني محكماته واما المتشابهات فلا تدل على معنى محصل وكذلك الاحاديث ترى ما عليه الناس من الاختلاف في فهمها ولست ادري ان الله واوليائه تكلموا بلسان القوم ام لم يتكلموا ومن القوم هل الائمة ( الامة خل ) ام غيرهم فان كان غيرهم فلا يخاطبونهم وان كانوا هم والائمة قد تكلموا بلسانهم فلم هذا الاختلاف وكلهم عربيون فهل الله ورسوله صلى الله عليه وآله واوليائه عليهم السلام قصروا في الاداء بالمتعارف وبلسان القوم ام القوم قصروا في التفهم والتبيين ( التبين خل ) فان قلت الاول ( بالاول خل ) كفرت مع ان الله سبحانه وتعالى قال وماارسلنا من رسول الا بلسان قومه وان قلت بالثاني فالتقصير ليس من المبين بل من السامع حيث لم يتفهم ولم يتوجه وقد قال الشاعر :
ومن حضر السماع بغير قلب ولم يطرب ( فلم يطرب خل ) فلا يلم المغني
فالذي يجب على العالم ان يأتي بالكلام على القواعد المقررة والقوانين المضبوطة المتلقاة من اهل العلم عليهم السلام فان عرف السامع بالتوجه والاقبال لفهم المراد والاصغاء مع الانصاف لادراك المقصود فقد فاز بالنصيب من المعلي والرقيب والا فلا يلوم الا نفسه ولا يعاتب الا شخصه وقد قال الشاعر ونعم ما قال :
علي نحت القوافي من مواقعها وما علي اذا لم تفهم ( لم يفهم خ ) البقر
فانت اذا سمعت الخطاب وعرفت المراد على الوجه الصواب فهنيئا لك على ما اعطيت من نعمة الفهم والادراك وان لم تعرف ( لم تفهم خ ) المراد وانت من اهل الانصاف اسئل ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا بعين الانصاف متجنبا عن جادة الجور والاعتساف حتى تنال المراد من فهم المراد ولا تستنكف من الطلب والسؤال فان الله تعالى يقول فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ويجب السؤال الى ان يحصل العلم لقد قال الشاعر :
اطلب ولا تضجرن عن مطلب فآفة المطلوب ان تضجرا
الا ترى الحبل وترداده في الحجر الصم لقد اثرا
وقد قال مولانا الصادق عليه السلام ان الرزق مقسوم مضمون قد قسمه عادل بينكم وسيفي وان العلم مكنون مخزون قد امرتم بطلبه فاطلبوه والناس في التفهم لهم مراتب فمنهم من يفهم الكلام بأدنى اشارة ومنهم من يحتاج الى صريح العبارة ومنهم من يحتاج الى التكرار مرة ثانية ومنهم من يحتاج اليه ثالثة ورابعة على حسب تفاوت الناس في العقول كما شرح مولينا الصادق عليه السلام ( ذلك مما خ ) يطول الكلام بذكره
وقوله سلمه الله تعالى لا بلسان يثني الاشكال جوابه ان المتكلم يتكلم بصريح المقال بما لا يعتريه الاشكال ولكن اذا اعتراه الاشكال من جهة السامع وعدم تفطنه ( بالمراد خل ) فيثني الاشكال ويثلث فليسئل ( فيسئل خل ) حتى يزول كما جرت عليه الخطابات الالهية والكلمات المعصومية على قائلها آلاف الف سلام وتحية
وقوله سلمه الله تعالى بل باوضح بيان مثل كلامه السابق فانه لا كل بيان واضح عند المتكلم هو الواضح عند المخاطب ( السامع خ ) فان المطالب مختلفة والتعبيرات متفاوتة وليس كل ما لا تعرفه من قصور في فهمك او فتور في ذهنك بل لأن من المطالب ما لا يعرف الا بدليل الحكمة وانت تريد ان تعرفه بدليل المجادلة فلن تدركه ابدا ومنها ما لا يدرك الا بدليل المجادلة وانت تريد ان تدركه بدليل الحكمة والموعظة الحسنة فلن تدركه ابدا ومنها ما لا كيف له وانت تريد ان تعرفه بالكيف ومنها ما هو خارج عن مدرك الظاهر ولا يدرك الا بالسر والباطن وانت تريد ان تعرفه بلسان ( لبيان خل ) الظاهر فلن تعرفها ( فلن تعرفه خ ) ابدا ومنها ما لا صورة له وانت تريد ( ان خ ) تعرفه بالصورة فلن تعرفه ابدا ومنها ما يتوقف على ذكر مقدمات كثيرة وانت تريد ان تدركه بغير تلك المقدمات فلن تدركه ابدا والعبارة قد تكون غير مأنوسة عندك او انها ناقصة وامثال ذلك من الامور المانعة عن ادراك المطلوب فكيف يكون مع ذلك اوضح بيان مع هذه الموانع والامور فالذي على العالم هو ان يبين المقصود على ما هو عليه من القواعد والقوانين المقررة لادراك ذلك الشيء فالذي يطلبه من تلك القوانين والقواعد يفهمها والامر عنده واضح كالشمس في رابعة النهار والذي لا يراعيها فيبقي لديه الاشكال ويكثر عليه الداء العضال فلا ينجو ولا يخلص منه الا ان يأتي من بابه ويسئل ( يسئله خل ) عن اصحابه ويراعي قواعده فأنت اذا اردت ان تبصر بالسمع او تسمع بالعين او تشم بالفم او تذوق بالانف لن تحصل ابدا وهو قوله تعالى وأتوا البيوت من ابوابها وانا انشاء الله تعالى مبين لك ما سئلت باوضح بيان يمكن في المقام بالادلة الساطعة والبراهين اللامعة من الكتاب والسنة ( وخل ) اسئل الله التوفيق في فهمها ودفع العوارض عنك في ادراكها انه ذو الفضل العظيم والمن الجسيم
قال سلمه الله تعالى : منها ان من الضروريات دينا ومذهبا ان نبينا صلى الله عليه وآله افضل الانبياء بل افضل البرية بل اشرف الممكنات ومن بديهيات الكتاب والسنة انه صلى الله عليه وآله وامته مأمورون بمتابعة ملة ابرهيم ما المراد بملة ابرهيم التي امرنا بمتابعتها هل المراد بها الاصول او الفروع و المجموع وعلى كل التقدير ( على التقادير خل على التقديرين خ ) كيف التوفيق بين القول بكون شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وملته ناسخة لجميع الشرايع والملل السابقة وبين كونه صلى الله عليه وآله مأمورا بوجوب متابعة ملة ابرهيم فان قلت المراد بها الاصول خاصة قلت فما وجه الاختصاص مع ان الاصول بالنسبة الى الكل على نسق واحد لا يتفاوت في الشرايع لأن المراد منها بالنسبة الى الشرايع هو التوحيد وان قلت ان المراد بها الشرائع خاصة لأن بعض الآداب والسنن من شريعة ابرهيم عليه السلام باق في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله قلت الامر بالنسبة الى الشرايع السابقة الاخر كذلك فما وجه التخصيص وان قلت المراد المجموع من حيث المجموع قلت يعود الكلام كما زبر وان اغمضنا عن جميع ما ذكر فكيف التوفيق بين القول بالافضلية وكونه صلى الله عليه وآله مأمورا بمتابعة ملة ابرهيم عليه السلام وهل وجوب متابعة ملة ابرهيم عليه السلام الا كون ابرهيم اماما عليه صلى الله عليه وآله وهو مناف للافضلية
اقول لا شك ولا ريب ان نبينا صلى الله عليه وآله افضل الانبياء عليهم السلام بل اشرف الممكنات والموجودات والممكنات كلها من اشراقات نور وجوده واشعة غيبه وشهوده ولولاه لما كان كون ولا وجد عين وهذا من المعلومات وقد دلت عليه الادلة القطعية من العقلية والنقلية واطبقت عليه الامامية واتفقت معهم ( عليهم خل ) الاشاعرة واما المعتزلة والقاضي ابو بكر وعبد الله الحلبي وغيرهم ذهبوا الى ان الملائكة افضل و( او خل ) اشرف من الانبياء ومن نبينا صلى الله عليه وآله وذكروا لهم ادلة وحججا وقد ذكر المجلسي (ره) في البحار في مجلد احوال الانسان حججهم وبراهينهم على التفصيل فأمة محمد صلى الله عليه وآله طائفة منهم غير مقرين بافضليته صلى الله عليه وآله واشرفيته عن ( على خ ) جميع الممكنات فقوله سلمه الله من الضروريات دينا ومذهبا فيه غموض اما مذهب الامامية كما ( فكما خل ) ذكرت من انهم يفضلونه صلى الله عليه وآله بحقيقة ما هو اهله على جميع الموجودات والممكنات والضرورة هنا قائمة واما ضرورة الدين فان اراد به ما يرادف المذهب فلا بأس وان اراد به دين الاسلام كما هو مقتضي مقابلته مع المذهب فالضرورة لا تتحقق الا باعتراف جميع المقرين بمحمد صلى الله عليه وآله من جميع الفرق والمذاهب واهل كل فرقة عالمهم وجاهلهم رجالهم ونسائهم دنيهم وشريفهم فاذا تخلفت طائفة منهم لا تتحقق به الضرورة كما هو مقتضى مؤدي لفظ الضرورة فالمعتزلة ( هم خل ) فرقة من فرق الاسلام بل هم والاشاعرة فرقة واحدة من فرق الثلثة والسبعين وهم قد خالفوا في افضلية نبينا صلى الله عليه وآله على جميع الموجودات لأنهم فضلوا الملائكة عليه فكيف يمكن دعوى الضرورة الا ان تخرج المعتزلة من الاسلام وهو خرق للاجماع المركب فان من قال بكفر المخالفين حكم على الجميع اشعريا كان ام معتزليا ومن قال باسلامهم ( فقد خل ) حكم على الجميع كذلك ولا احد من المسلمين قال بكفر المعتزلة دون الاشاعرة فاذا ( فان خ ) دعوي الضرورة والحالة ( الحال خ ) هذه غفلة بينة واضحة ولكن الحق ما ذكرت من ان نبينا صلى الله عليه وآله افضل الانبياء فيكون افضل الموجودات كلها لأن الانبياء افضل من سواهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله مخاطبا ليهودي يا يهودي لا ينبغي ان اصغر ما عظمه الله من قدري ان الله تعالى اوحى اليّ يا محمد فضلك على الانبياء كفضلي وانا رب العزة على كل الخلق
وقوله سلمه الله تعالى ومن بديهيات الكتاب والسنة انه صلى الله عليه وآله وامته مأمورون بمتابعة ملة ابرهيم فيه غفلة ظاهرة لأن ظاهر كلامه كما هو صريح ما بعده ان هذه التبعية مختصة بابرهيم دون غيره من الانبياء عليهم السلام والامر ليس كذلك فان الآيات الواردة في هذا الباب على ثلثة وجوه :
الاول ما يدل على لزوم تبعية نبينا صلى الله عليه وآله لجميع الانبياء كما قال تعالى في سورة الانعام وتلك حجتنا آتيناها ابرهيم على قومه الى ان قال تعالى ووهبنا له اسحق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين واسمعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ذلك هدى الله الى ان قال اولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده والاقتداء في الظاهر هو المتابعة بل اعظم واشد فيها ففي هذه الآية امر الله سبحانه ( سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله خل ) ان يقتدي بهدى جميع الانبياء ويتبعهم وقال ايضا في سورة آل عمران قل آمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابرهيم واسمعيل ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم وهذه الآية ظاهرة في التبعية لباقي الانبياء عليهم السلام فان الايمان بالنبي ظاهر في متابعته
الثاني ما يدل على لزوم تبعية نبينا صلى الله عليه وآله ملة ( لملة خل ) ابرهيم والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة منها قوله تعالى ان ابرهيم كان امة قانتا لله حنيفا الى قوله تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابرهيم حنيفا وما كان من المشركين ومنها قوله تعالى قل صدق الله فاتبعوا ملة ابرهيم حنيفا وما كان من المشركين ومنها قوله تعالى وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفا ومنها قوله تعالى ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابرهيم حنيفا ومنها قوله تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابرهيم حنيفا ( حنيفا وما كان من المشركين خل ) ومنها قوله تعالى قد كانت لكم اسوة حسنة في ابرهيم والذين معه الى ان قال لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر
الثالث ما يدل على ( الى خل ) ان ما اوحى الله الى سائر الانبياء هو الذي اوحى الى نبينا صلى الله عليه وآله والآيات كثيرة منها قوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابرهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ومنها قوله تعالى ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك فحصر الامر اي امر ما اوحى الى النبي فيما قيل للرسل من قبله والجمع المحلي باللام يفيد العموم فيكون كلما قيل للنبي صلى الله عليه وآله من قبل الله ومن قبل المخلوق هو عين ما قيل لجميع الرسل والانبياء من قبله صلى الله عليه وآله ومنها ظاهر قوله تعالى ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان امر الله قدرا مقدورا ومنها قوله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابرهيم واسمعيل واسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ومنها قوله تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ومنها قوله تعالى قل ما كنت بدعا من الرسل وقوله تعالى لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وامثالها من الآيات فانها كلها ظاهرة الدلالة واضحة المقالة ان ما ( المقالة بأن كلما خ ) اوحي الله الى سائر الانبياء هو الذي اوحاه الى نبينا صلى الله عليه وآله فاذا عرفت هذه الوجوه الثلثة ( من الآيات خل ) عرفت انه وان اندفع بهذا احد اشكالات جنابك وهو انحصار تبعيته ( انحصاره بتبعيته خل ) صلى الله عليه وآله وامته بملة ابرهيم (ع) كما توهمه جنابك السامي لكنه قد اتسعت دائرة الاشكال بالنسبة الى تبعيته صلى الله عليه وآله لجميع الانبياء واقتدائه بهم بعين ما ذكرته في ملة ابرهيم عليه السلام حرفا بحرف لأنه صلى الله عليه وآله لا ريب في افضليته من جميع الانبياء بدليل خاتميته وثبوت ان كل خاتم هو الفاتح فكيف يجوز تبعية من هو الافضل للمفضول وهذا شيء يأباه العقل والنقل كما ذكر جنابك في ابرهيم خاصة ثم في الوجه الثالث يرد اشكال آخر قد ذهل جنابك عنه حيث ان التابع غير المتبوع فاذا كان الموحى الى الانبياء هو الذي اوحى الى نبينا صلى الله عليه وآله فأين التبعية والفرعية ثم انه كيف يصح هذا مع ان شريعته صلى الله عليه وآله ناسخة لجميع الشرايع فكيف يكون عين تلك الشرايع وما هذا الا مناقضة ظاهرة ثم يرد هنا ( هناك خل ) اشكال آخر من آيات اخر وهو قوله تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله فاذا كان الرسول هو المطاع فكيف يكون مطيعا ضرورة ان التابع مطيع للمتبوع واختصاص الطاعة بالذي ارسل اليه اي الرعية لتكون المطاعية اضافية خلاف الاصل لأن الاصل حمل الكلام على حقيقته ( وخل ) حيث لم يذكر متعلق الطاعة يجب ان يكون عاما في كل شيء اذ لم يذكر ان الرسول مطاع في مقام دون مقام حتى يكون مطيعا في مقام ومطاعا في مقام وقوله تعالى ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم ان اتبع الا ما يوحى اليّ فاذا كان النبي صلى الله عليه وآله لا يتبع الا الموحى اليه من شريعته فكيف يتبع ملة غيره من ابرهيم عليه السلام وسائر الانبياء عليهم السلام فان قلت على ظاهر الآية الاولى ان الرسول لا يكون الا مطاعا وانت عممت هذه المطاعية وجعلتها حقيقية ( حقيقة خ ) يلزم ان لا تكون الشرايع ستة ( سنته خ ) وان يكون كل نبي صاحب شريعة جديدة ضرورة ان غير صاحب الشريعة يكون مطيعا لصاحب الشريعة وتابعا لملته وشريعته قلت لا يلزم ذلك فان الرسول مبعوث من الله سبحانه ( وخل ) لكنه سبحانه امره ان ( امر بأن خ ) يعمل على موجب تلك الشريعة وليس معنى ذلك ان صاحب الشريعة مبعوث عليه ولا انه تابع له بل النبي مبعوث من الله ( سبحانه خل ) ولكن عمله على مقتضى تلك الشريعة التي اتى بها صاحبها لا انه ( لأنه خل ) تابع له ومطيع لامره بل انما هو تابع وحي الله الذي اوحيه ( اوحي خل ) اليه من العمل على مقتضى تلك الشريعة على حسب مقتضيات موضوعات وكينونات الرابعة ( الرعية خل ) مثاله ان السلطان يبعث حاكما الى بلد ( بلدة خل ) او قرية ويعطيه قانونا يأمره ان يعمل عليه مع الرعية ثم يبعث حاكما ( حكاما خل ) الى بلاد اخر من قبله ويأمرهم ان يعملوا على ذلك القانون الذي ( من خ ) عند ذلك الحاكم فاولئك الحكام كلهم منصوبون عن السلطان والطريقة طريقته ( طريقة السلطان خل طريقة واحدة خ ) وان كان حمله ذلك الحاكم فهم المطاعون ولا يطيعون الا السلطان ( للسلطان خل ) وكذلك اولوا الشرايع هم حملة ذلك القانون وسائر الانبياء بمنزلة الحكام فالانبياء والرسل لا يكونون الا متبوعين وهو قوله تعالى انا انزلنا التورية فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا وبالجملة لا يكون النبي من حيث انه نبي الا متبوعا مطاعا ولا يصح ان يكون تابعا مطيعا وهذا الذي ذكرناه هو تقرير الاشكال الذي اورده جنابك اما الجواب فهو كلمة واحدة اقرره لك وابينه فاصغ اليه بسمع الانصاف وانظر بعين البصيرة وتجنب عن جادة الجور والاعتساف لترى الامر ظاهرا واضحا والحكم لامعا لايحا فنقول ان التبعية لها معنيان ولها اطلاقان احدهما تبعية يكون التابع مقهورا مغلوبا محكوما عليه والمتبوع قاهرا غالبا حاكما له على التابع الرياسة والحكومة وهذه الرياسة قد تكون رياسة علية بأن يكون التابع شعاعا للمتبوع وقد يكون ( تكون خل ) قطبية كرياسة القلب ومتبوعيته للاعضاء والجوارح وهذا المعنى هو الظاهر من العرف في الجملة بحسب ظاهر النظر وثانيهما تبعية يكون التابع ظاهرا بعد المتبوع لا ان يكون مقهورا مغلوبا لديه ( له خ ) بل العبارة الحقيقية في التابع بهذا المعنى ان تقول انه الثاني السالك سبيل الاول وهذا المعنى هو الظاهر من اهل اللغة قال في القاموس تبع ( تبعه خل ) كفرح تبعا وتباعة مشي خلفه ومر به فمضى معه فالتابع بهذا المعنى لا يكون ادنى من متبوعه فان الذي اتى به المتقدم لما جاء المتأخر سلك ذلك المسلك ومشي على ذلك المنهج ولا يلزم ان يكون السالك لمسلك الاول ادنى من الاول او يكون الاول الذي سلك مسلكا اقوى من الثاني كما يقال ان فلان الفقيه انما اتبع طريقة المجتهدين او المجتهد الفلاني في كيفية الاستنباط باتباعه في مسلكهم واقتدائه به او بهم في هذا المنهج لا يلزم ان يكون يقلدهم او يقلدوه او لا يخالفهم ولا يخالفوه بل المقصود في هذه التبعية انه يسلك ذلك المسلك ويمشي على ذلك المنوال ولا يخالف طريقتهم ولا يترك سنتهم ولكنه يعمل بما ادى اليه نظره ويحكم بما ذهب اليه فكره ( ذكره خل ) من مقتضى الطريقة التي سلكها من طريقتهم والسنة التي اقتدى بها من سنتهم وبالجملة كل من سبق الى طريقة وقاعدة وقانون فاذا جاء الآخر واخذ تلك الطريقة وسلك ذلك المسلك ومشي على ذلك المنهج يقال انه اتبعها وان لم يعمل الا بقوله ولم يتبع الا ما ادى اليه فهمه ونظره وهذا معلوم ظاهر وقد دل على ذلك بصريح الدلالة قوله تعالى قل ما كنت بدعا من الرسل يعني طريقتي ليست مخالفة لطريقتهم وسنتي ليست منافية لسنتهم بل انا على سنن الانبياء ومسلكهم فيما سلكوا به من دعويهم النبوة وارشادهم الخلق الى التوحيد والتفريد وسلب الانداد ونفي الاضداد لله سبحانه وان يكون معصوما مطهرا منزها مسددا وان لا يقول الا عن الله ولا يتبع الا وحي الله ولا يتقول على الله وان يكون جميع اوامره ونواهيه ورخصه وعزائمه بأمر من الله بانزال ملك مسدد وروح مؤيد وان يكون له وصي منصوب عن الله معصوم مطهر بتطهير الله واع ما حمله رسول الله صلى الله عليه وآله من احكام الشريعة واطوار الملة فهذه هي الطريقة التي عليها جميع الانبياء والمرسلين وهذه سنتهم وهي ملتهم والاعتقاد بهذه الامور اعتقاد رعيتهم فلما سبقت الانبياء عليهم السلام ( في الظهور خل ) في القوس الصعودي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله آخرهم وخاتمهم واتى بعدهم اقتص اثرهم وسلك مسلكهم واقتدى بهديهم من الاتيان بهذه الامور التي لا تثبت النبوة الا بها ولا تظهر الا بسلوكها ولذا ان الجاثليق الذي اتى من الروم مع مائة نفس من العلماء والاساقفة ووصل الى المدينة وكان قد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسئل عن وصيه القائم مقامه ارشدوه الى ابي بكر فلما ادخل ( ان دخل خ ) عليه وسئله انك خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله قال نعم ثم قال هل اوصى اليك رسول الله صلى الله عليه وآله امر امته قال لا بل اجتمع على المسلمون واختاروني عليهم خليفة ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينصب خليفة فقال له الجاثليق قد تناقض كلامك مرة تقول انا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ومرة تقول ان النبي صلى الله عليه وآله مااستخلف بل اختاروني ( اختارني خل ) قومي ورضوا بي خليفة فأنت اذا خليفة قومك لا خليفة النبي صلى الله عليه وآله ثم التفت الجاثليق الى اصحابه اولئك الاساقفة وقال لهم ان هذا الرجل لم يكن نبيا لأنه لم يقتص اثر الانبياء ولم يقتد بهديهم ولم يسلك سبيلهم فانا قرأنا في الكتب السماوية انه لا يموت نبي الا ويجعل له وصيا بعد موته ولم يدع رعاياه سدي مهملين وهذا لما لم يجعل لشريعته حاملا ولم يعين له وصيا غانما ( عالما خل ) علمنا انه ليس على سنن الانبياء بل كان رجلا حكيما فساس ( ساس خل ) الناس بتسخيره وسخرهم بتدبيره وبالجملة النبوة لها قوانين وقواعد وكليات يجب ان يجري عليها جميع الانبياء فاذا خالفوا شيئا منها عرفنا انه ليس بنبي لا ان كل واحد منهم من اولي الشرائع يتبع الآخر في خصوصيات الشريعة وجزئيات الاحكام التي للائمة ( للأمة خل ) كما يقال ان المجتهد لا يكون مجتهدا الا اذا عرف النحو والصرف واللغة والمنطق والمعاني والبيان على الخلاف وعلم الكلام وعلم تفسير آيات الاحكام وعلم الرجال وعلم متون الفقه لتحصيل الاجماع ومعرفة الشهرة وعلم الاصول وان تكون ( يكون خل ) له القوة القدسية واستنباط الاحكام من الكتاب والسنة والاجماع ودليل العقل فاذا جمع هذه الخصال وسلك هذه الطريقة ( الطريقة واقتص هذا الاثر فهو المجتهد وكل من يأتي فيما بعد ليجب ان يسلك هذه الطريقة خل ) ويقتدي بهذه الهداية ويقتص هذا الاثر وليس ذلك تقليدا لهم في جزئيات الاحكام بل يخالفهم بل ربما يخالف مشهورهم اذا دل الدليل المعتبر عندهم فان ( فاذا خل ) لم يسلك هذا المسلك ولم يقتد ( لم يهتد خ ) بهذه الطريقة فليس بمجتهد بل يجب هجره وعدم الاعتناء ( به خل ) وكذلك النبوة لها علامات ودلالات فلكل ( فكل خل ) نبي لا بد ان يتبعها ويقتص اثر الانبياء منها ( فيها خل ) ويسلك مسلكها ويهتدي بهديها فالله سبحانه امر نبيه صلى الله عليه وآله ان اتبع تلك الطريقة واقتص ذلك الاثر ويقتدي ( واقتد خل ) بتلك الهداية حتى ان الذين آمنوا بالرسل واعتقدوا بالكتب يعلمون ان الذي انت عليه هو الذي كانت الانبياء عليهم السلام عليه من علامات النبوة واسباب الهداية حتى يعلموا انك لا تقول الا عن الله و( ان خل ) شريعتك ناسخة لتلك الشرايع وان دعوتك امة النبي الذي قبلك ينسخ ( بنسخ خل ) شريعته والعدول عن ملته دعوة عن حق الى حق وعدول عن حق الى حق ولذا قال ( الله خ ) تعالى قل ما كنت بدعا من الرسل الى ان قال ان اتبع الا ما يوحى اليّ فقد بين الله سبحانه ان النبي صلى الله عليه وآله على طريقة الانبياء الماضين وعلى سيرتهم ومسلكهم ولا يتبع الا ما يوحى اليه وكان مما يوحي اليه ان شريعته ناسخة لتلك الشرايع وملته نافية لتلك الملل ومتابعته ( فمتابعته خل ) لهم في الكليات التي بنيت عليها الشريعة الالهية ولذا قال سبحانه وتعالى تفصيلا لذلك المجمل وشرحا لذلك المبهم شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا الى ان قال ان اقيموا الدين فبين سبحانه ان ما وصى به نوحا والذي اوحى الى رسول الله صلى الله عليه وآله وما وصى به ابرهيم وموسى وعيسى هو اقامة الدين عن الله رب العالمين ودين كل نبي عن الله ما نطقت به شريعته وحكمت به ملته ويزيد ( تزيد خ ) ما ذكرنا توضيحا وتصريحا قوله تعالى قد كانت لكم اسوة حسنة في ابرهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده الا قول ابرهيم لأبيه لاستغفرن لك ومااملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك انت العزيز الحكيم فلما ذكر سبحانه طريقة ابرهيم وقومه وسيرتهم ثم امر سبحانه بتأسيهم ثم كرر القول بالتأسي تأكيدا وشرحا لما يتأسى به فقال ( له خ ) سبحانه لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وقال ايضا سبحانه تبيينا لطريقة الانبياء وتحقيقا لما اتفقوا عليه والطريقة التي يجب ان يسلكوها بقوله تعالى قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون وبالجملة فالطريقة التي يجب ان يتبعها الانبياء عليهم السلام ونبينا صلى الله عليه وآله في طريقة النبوة هي التي ذكرنا من التوحيد ونفي الشرك ( الشريك خل ) والعصمة والطهارة في النبي ونصب الوصي عن الله سبحانه واتباع وحي الله والعمل بما يوحى اليه مما يقتضي احوال المكلفين بالنسبة الى زمان كل نبي طابق غيره او خالف اتفق او اختلف وهذه هي السنة التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وهي السنة المتبعة والطريقة المعتدلة فاذا خلا نبي من شيء من هذه الخصال في هذه الطريقة تبطل نبوته ولا تثبت حجته
وقوله سلمه الله تعالى ما المراد بملة ابرهيم جوابه ما ذكرناه من انها هي السنة التي يجب ان يكون عليها جميع الانبياء من اثبات التوحيد لله سبحانه وتعالى ونفي الاضداد والانداد وعدم اتباع الهوى والوقوف على ما يوحى اليه الله ونصب الوصي المعصوم الطيب الطاهر عن الله وعدم التقول على الله واظهار المعجزات من الله وهي التي اشارت اليها الآية الشريفة كما ذكرنا قبل من قوله تعالى قد كانت لكم اسوة حسنة في ابرهيم الى قوله تعالى واغفر لنا ربنا انك انت العزيز الحكيم ومحصلها التوحيد والتبري عن كل معبود سوى الله سبحانه والتجنب عن كل من لا يدين بدين الله والاعراض عن كل ما لا ينسب الى الله والتوكل والاعتصام بالله والتوجه الى الله وهذه ونحوها المستفاد من الآيات الشريفة هي ملة ابرهيم وهي ملة جميع الانبياء
وقولكم هل المراد به الاصول او الفروع او المجموع جوابه ما ذكرناه من انها صفات وعلامات ودلالات يجب ان يكون ( تكون خ ) الانبياء عليها حتى تثبت بها نبوتهم وتكمل بها حجتهم وتكون الرعية على بصيرة من امرهم ومع هذا كله كل نبي يعمل على شريعته المختصة به ولا يتبع غيره لأن الرسول لا يكون الا مطاعا واما الاختصاص بابرهيم عليه السلام فسنبين وجهه عن قريب انشاء الله تعالى
وقوله سلمه الله تعالى وعلى التقادير كيف التوفيق الى آخر جوابه ان لا منافاة بين كون شريعته ناسخة لجميع الشرايع وبين كونه (ص) مأمورا بمتابعة ملة ابرهيم لأن المراد بملة ابرهيم هي ملة سائر الانبياء عليهم السلام بلا فرق وهي كليات صفات يجب ان يكون الأنبياء عليهم السلام عليها وهي شرايط النبوة ودلالات الرسالة كما مثلنا لك بالمجتهدين فان المجتهد اذا لم يتبع طريقة المجتهدين ولم يسلك مسلكهم ولم يقتد بهدايتهم ( بهديهم خ ) من نحو الاستنباط ومعرفة جهات الاستدلال لا يكون مجتهدا ولا يصح تقليده والعمل بقوله واتباعه لطريقة المجتهدين لا يلزم ان يكون مقلدا لهم فيما قالوا وتابعا لهم فيما ذهبوا فالمجتهد مع انه لا يجوز له الا اتباع طريقة المجتهدين والسلوك لمسلكهم والاقتداء بهم واقتصاص اثرهم لا يجوز له تقليدهم ومتابعتهم في جزئيات ما يقولون او كليات ما يذهبون فمن اتباع طريقتهم ان لا يقلدهم ومن اتباع سنتهم ان لا يأخذ عنهم الا بدليل قاطع وبرهان ساطع فعند قيام الدليل لا يقال انه آخذ عنهم ومقلد لهم ومتبع لقولهم وكذلك الانبياء لأن المجتهدين آيات وعلامات للانبياء امابلغك عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال علماء امتي كانبياء بنياسرائيل فملة ابرهيم كملة سائر الانبياء هي الطريقة والسنة التي تتحقق بها النبوة ومن ملته ( ملة ابرهيم خ ) ان لا يكون نبي تابعا لنبي آخر ولا يكون رسول مطيعا لرسول آخر وقد افصح عن رفع الاشكال كلام الله الملك المتعال خطابا لنبيه ( محمد خ ) المفضال عليه وآله سلام الله بالغدو والآصال قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم ان اتبع الا ما يوحى اليّ ولما بين ( الله خ ) سبحانه انه صلى الله عليه وآله ليس ببدع من الرسل بل هو على طريقتهم ومنهاجهم وعلى سبيلهم ومنارهم وانه يقتفي آثارهم ويقتدي بهم قال سبحانه قل يا محمد ان اتبع الا ما يوحى اليّ فتبين من هذا البيان التام ان من كونه ليس ببدع من الرسل ومن كونه على طريقتهم ان لا يتبع احدا من الرسل سوى ما اوحى اليه فمن متابعته لملة ابرهيم وغيره من الانبياء عليهم السلام ان يكون صلى الله عليه وآله متبعا ومطاعا وغير متبع الا لما يوحى اليه وما اوحى اليه ان يكون شريعته صلى الله عليه وآله ناسخة لجميع الشرايع والملل وذلك ظاهر معلوم وانما كررت العبارة ورددت للتفهيم والتوضيح
وقوله سلمه الله تعالى فما وجه الاختصاص جوابه ان لا اختصاص بابرهيم عليه السلام كما بينا لك وتلونا عليك الآيات الدالة على وجوب متابعته صلى الله عليه وآله واقتدائه بسنن الانبياء الذين قبله كما قال تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم فبما ذكرنا تبين ان قوله سلمه الله تعالى في اول المسئلة ومن بديهيات الكتاب والسنة ان نبينا صلى الله عليه وآله وامته مأمورون بمتابعة ملة ابرهيم بديهي البطلان كما ان قوله الاول من الضروريات دينا ومذهبا الى آخر ضروري الفساد كما بيناه واوضحناه فما اسرع ما تحصل لهؤلاء الجماعة الضرورة والبداهة وليس الا لعدم اعطائهم التأمل حقه وعدم التدبر في الكتاب والسنة فاذا كانت الآيات صريحة الدلالة على عدم حصر الاقتداء بملة ابرهيم بل لزوم اتباعه واقتدائه بهدي اسحق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى والياس واسمعيل واليسع ويونس وآباء هؤلاء الانبياء وذرياتهم واخوانهم اذا كانوا انبياء او معصومين وقد اثبت جميع الانبياء من الاولين والآخرين فكيف يختص جناب مولانا سلمه الله تعالى بوجوب متابعته صلى الله عليه وآله لملة ابرهيم دون غيره ثم يدعي في ذلك البداهة ثم ينسبها الى الكتاب والسنة مع ان الآية الدالة على لزوم الاقتداء بالانبياء هي في سورة الانعام وهي من السور المشهورة التي يتعاطي قرائتها الخواص والعوام في اكثر المهام افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وبالجملة هذا الكلام ساقط من اصله واما وجه تخصيص ابرهيم وذكر متابعته منفردة في بعض الآيات فمن جهة ان ابرهيم عليه السلام كان مقبولا عند جميع الطوائف من كفرة اهل الكتاب والكفار الذين ليسوا بأهل كتاب لأن ابرهيم ابو العرب وابو العجم وابو بني اسرائيل ومن هذه الجهة كان له مزية قبول عندهم وكانوا يقبلون ويصغون الى من كان على طريقته وسنته وذلك معلوم ومذكور في اكثر التفاسير كتفسير الصافي وكنز الدقايق ومجمعالبيان وغيرها وكثرة الاشغال ( الاشتغال خ ) تمنعني عن ذكر ما ذكروا ونشر ما بينوا ومما ذكرنا ظهر ( تبين خ ) لك الجواب عن جميع ( وجوه خ ) الترديدات التي ذكرت وعن قولك وان اغمضنا عن جميع ما ذكر فكيف التوفيق بين القول بالافضلية وكونه (ص) مأمورا بمتابعة ملة ابرهيم وهل وجوب متابعة ملة ابرهيم الا كون ابرهيم اماما عليه صلى الله عليه وآله وهو مناف للافضلية لأنا بينا لك سابقا ان التبعية لها معنيان واطلاقان وهذا الذي فرعت عليه هو معناها بالمعني الاول والمقصود هنا المعنى الثاني وذلك لا ينافي الافضلية وكون شريعته ناسخة كما ذكرنا في المجتهدين حرفا بحرف والدليل على ان المراد ما ذكرناه ما رواه العياشي في تفسيره عن ابي جعفر الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل يقول فيه ( فيه صلى الله عليه وآله خ ) وقد ذكر ابرهيم دينه ديني ودينه ( ديني خ ) دينه وسنته سنتي وسنتي سنته وفضلي فضله وانا افضل منه وهذا صريح في ان المراد بهذه التبعية سلوك ( سلوكه خ ) مسلكه ومسلك الانبياء لا انه يتبعه في الاحكام ومسائل الحلال والحرام حتى ( يكون خ ) مغلوبا مقهورا عليه بل هو على ملة ابرهيم فيما ينبغي ان يكون الانبياء والاولياء والسعداء والصديقين والشهداء عليه كما قال ابو جعفر الباقر عليه السلام على ما في كنز الدقايق عن جابر الجعفي انه (ع) قال ما من احد في هذه الامة يدين بدين ابرهيم غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس منها براء مع ان شريعتنا بالضرورة من الدين ناسخة لشريعة عيسى التي هي ناسخة لشريعة موسى التي هي ناسخة لشريعة ابرهيم عليه السلام فكيف يكونوا عليهم السلام وشيعتهم على ملة ابرهيم لولا المعنى الذي ذكرناه من انهم على السنة والطريقة التي عليها ابرهيم وسائر الانبياء من مقتضيات النبوة وما ينبغي ان يكون عليه الرعية من الحق والتمسك به والباطل والتجنب عنه لا على معنى التبعية التي عليها الرعية بالنسبة الى انبيائهم كما ذكرناه مكررا مرددا باوضح بيان واكمل تبيان فان اشكل عليك بعد هذا البيان الواضح والبرهان اللائح من الكتاب المنير والعقل المستنير والسنة التي الى كل خير وحق تشير فاسئل الله ان يصلح وجدانك وانا كما قال المتنبي :
وهب اني اقول الصبح ليل ايعمى الناظرون عن الضياء
قال سلمه الله تعالى: منها ان من المسلمات ان الأئمة الماضين ليس مماتهم كمماتنا بل هم احياء عند ربهم الموت والحيوة فيهم ولهم عليهم السلام سواء فهل تلك الحياة في البرزخ ام في عالم الدنيا ام في عالم آخر لا نعرفه وعلى التقادير فهي الابدان الدنيوية البشرية ام في الابدان المثالية ام في غيرهما هات الجواب مع البرهان ان كنت من الصادقين ومع الصادقين وكن مع الصادقين
اقول قوله ان من المسلمات ان الأئمة الماضين ليس مماتهم كمماتنا بل هم احياء عند ربهم ما ادري ما الذي اراد من انهم عليهم السلام احياء عند ربهم بعد الممات ولسنا نحن كذلك فان كان مراده بالضمير المتكلم المجرور في قوله كمماتنا المستضعفين الذين قلوبهم ميت ( ميتة خ ) في دار الدنيا قالوا من غير تحقيق واظهروا اعتقادا لا عن بصيرة وتدقيق وهم اهل الجهل وعدم الشعور والادراك لا يعقلون ما يقولون ولا يهتدون سبيلا ولا يجدون برهانا ولا دليلا فصحيح فان المستضعفين اذا ماتوا يلهي عنهم ولا يسئل عنهم في القبر بل هم ميتون لا ينشر لهم ديوان الا اذا بعثوا يوم القيمة فاذا بعثوا فهم من الخمسة الذين يؤجج الله لهم نارا يوم القيمة اسمها الفلق وما ادريك ما الفلق يحس لهيبها ووهجها مسيرة الف سنة فيؤمرون بأن يدخلوا تلك النار فان دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما وذلك علامة الطاعة وان لم يدخلوها دخلوا النار في العذاب والنكال لأنه علامة المعصية وهؤلاء الخمسة الذين يجدد لهم التكليف وهم المستضعفون والاطفال والمجانين الذين استوعبت ( استوعب خ ) ايام تكليفهم بالجنون والذين لم يسمعوا صيت الاسلام والذين ماتوا في زمان الفترة وهؤلاء الخمسة اذا ماتوا يلهي عنهم ويؤخر ثوابهم وعذابهم وليس لهم برزخ وهم المرجون لأمر الله والدليل على ما ذكرناه من ان المستضعف ( المستضعفين خ ) من الخمسة الذين يلهي عنهم في القبر ولا يسئل وهو من ضعفاء العقول كالبله والصبيان ما رواه في معالم الزلفى عن ابي جعفر عليه السلام انه قال لا يسئل في القبر الا من محض الايمان محضا او محض الكفر محضا قلت له فسائر الناس فقال ملهي ( يلهي خ ) عنهم وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال انما يسئل ( في القبر خ ) من محض الايمان محضا و( محض خ ) الكفر محضا وما سوى ذلك يلهي عنهم وامثال ذلك من الروايات كثيرة وفيه في الكافي عن زرارة قال سئلت ابا جعفر عليه السلام في ( عن خ ) المستضعف فقال هو الذي لا يهتدي حيلة الى الكفر فيكفر ولا يهدي ( لا يهتدي خ ) سبيلا الى الايمان ولا يستطيع ان يؤمن ولا يستطيع ان يكفر فهم الصبيان ومن كان من الرجال و( او خ ) النساء على عقول الصبيان وفيه عن ابي جعفر عليه السلام قال المستضعفون الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ولا يستطيعوا ( سبيلا الذين لا يستطيعون خ ) حيلة الى الايمان ولا يكفرون وهم اشباه عقول الصبيان من الرجال والنساء وفيه عن زرارة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن المستضعف الى ان قال والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على عقول الصبيان والروايات في هذا المعنى كثيرة واما ( اما ان خ ) المستضعفين الذين وصفناهم من الذين يلهي عنهم وانه يؤجج لهم نارا يؤمرون بالدخول فيها فيدل عليه ما رواه في الكافي بالاسناد عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام الى ان قال عليه السلام انه اذا كان يوم القيمة جمع الله عز وجل الاطفال والذي مات من الناس في الفترة والشيخ الكبير الذي ادرك النبي (ص) وهو لا يعقل والاصم والابكم الذي لا يعقل والمجنون والابله الذي لا يعقل كل واحد منهم يحتج الله عليه فبعث ( فيبعث خ ) الله ملكا من الملائكة فيقول لهم ان ربكم يأمركم ان تثبتوا ( تثبوا خ ) فيها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما وادخل الجنة ومن تخلف عنها ادخل النار وبهذا المعنى روايات كثيرة واما ان تلك النار اسمها الفلق فيدل عليه ما رواه السيد الجليل في معالم الزلفى بالاسناد عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وقلت له اخبرني ايعذب الله خلقا بلا حجة فقال معاذ الله قلت فاولاد المشركين في الجنة ام في النار فقال الله تعالى اولى بهم الى ان قال فيأمر الله عز وجل نارا يقال لها الفلق اشد شيء في جهنم عذابا فتخرج من مكانها سوداء مظلمة ( مظلم خ ) بالسلاسل والاغلال فيأمرها الله عز وجل ان تنفخ في وجوه الخلائق نفخة فتنفخ فمن شدة نفخها تنقطع ( تتقطع خ ) السماء وتنطمس النجوم وتجمد البحار وتزول الجبال وتظلم الابصار وتضع الحوامل حملها ويشيب الولدان من هولها ثم يأمر الله تبارك وتعالى اطفال المشركين ان يلقوا انفسهم في تلك النار فمن سبق له في علم الله عز وجل ان يكون سعيدا القى نفسه فيها فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على ابرهيم ومن سبق في علم الله ان يكون شقيا امتنع فيأمر الله النار فتلتقطه لتركه امر الله وامتناعه فيكون متبعا ( تبعا خ ) لآبائه في جهنم الحديث وفيه باسناده عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال اذا كان يوم القيمة احتج الله على سبعة الطفل الذي مات بين النبيين والشيخ الكبير الذي ادرك النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يعقل والابله والمجنون الذي لا يعقل والاصم والابكم قال فيبعث الله عز وجل اليهم رسولا فيؤجج لهم نارا فيقول ربكم يأمركم ان تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ومن عصى سبق الى النار وهذه المسئلة وان كانت معروفة في المذهب مشهورة بين العلماء وما كان يحتاج ( الى خ ) تطويل الكلام بذكر هذه الاحاديث لكن لقلة اطلاع هؤلاء الجماعة على الاخبار وسرعة مبادرتهم الى الانكار ذكرنا بعض الروايات لئلا يطول لهم لسان في التشنيع والبهتان ويتبين لهم ان ما ذكرناه ونذكره من الصادقين عليهم السلام وبالجملة ان كان مراده من قوله ان ممات الائمة ليس كمماتنا يريد بضمير المتكلم هؤلاء الخمسة او السبعة فهو كما ذكر ( فان خ ) هؤلاء بعد الموت ليس لهم شعور ولا ادراك ولا يحسون بسؤال ولا جواب واما غير هؤلاء من المؤمنين والكفار من ماحضي الايمان وماحضي الكفر فان ارواحهم اذا فارقت الدنيا اما الى جنة الدنيا متنعمون شاعرون مدركون وقد نص عليه سبحانه في كتابه ولا تحسبن الذين قتلوا الآية وهذه الآية لا اختصاص لها بالائمة بل انما هي لكل من قتل في سبيل الله من امام او ( من الامام وخ ) الرعية بل مطلق الشيعة سواء قتل شهيدا او مات حتف انفه وقد قال عليه السلام كما في روضة الكافي بطريق صحيح عن ابيبصير ليث المرادي البختري قال قلت جعلت فداك الراد عليّ هذا الامر فهو كالراد عليكم فقال يا ابا محمد من رد عليك في هذا الامر فهو كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى الله يا ابا محمد ان الميت على هذا الامر شهيد قلت وان مات على فراشه قال اي والله فالمؤمن اذا كان ماحض الايمان حي بعد موته لا اختصاص له بالنبي والأئمة وقد تكاثرت الاخبار واستفاضت بل تواترت ( تواتر خ ) في ان المؤمن اذا ادخل القبر اتاه رومان فتان القبور واملي عليه اعماله فتخرج ثم يأتيه النكير والمنكر ( المنكر والنكير خ ) على الصورة المهولة ثم يخرجان فتأتي الملائكة بايديهم اطباق النور للنثار عليه ثم يأتون بهودج من نور فيجعلون روح المؤمن في القالب المثالي في ذلك الهودج ويحملونه الى الجنة فهم فيها متنعمون وفي كل جمعة او في كل عيد او في كل شهر يأتون وادي السلام ثم يزورون اهلهم او الى نار الدنيا بعكس ما ذكر ( ذكرنا خ ) من احوال اهل جنة الدنيا وقد عقد في كتاب معالم الزلفى بابا في ان الاموات يزورون اهاليهم واورد احاديث كثيرة لا يسعني الآن ذكرها ( الآن ان اذكرها خ ) لما بي من كثرة الاشغال ( الاشتغال خ ) والاعراض فعلى هذا فكيف يمكن ان يقال في ان الائمة مماتهم ليس كمماتنا بل هم احياء عند ربهم يرزقون وهذا الكلام صريح في ان الحياة ليست لغيرهم كأنه ماسمع قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون بضميمة قوله تعالى الذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء وقوله عليه السلام ( في الحديث خ ) ان كل مؤمن شهيد وان مات حتف انفه ليعم جميع المؤمنين وكأنه لم يسمع قوله تعالى جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب انه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وكأنه لم يعلم ان جنة الآخرة ليس فيها بكرة وعشيا بل هي ظل ممدود وكأنه لم يطرق ( لم يتطرق خ ) سمعه قوله تعالى ومن دونهما جنتان مدهامتان الى آخر الآيات وكأنه لم يسمع ما ورد في اخبار الرجعة ان الجنتين المدهامتين تظهران في الكوفة وما ورائها الى ما شاء الله وكأنه لم يسمع الاحاديث المتواترة معنى في ( في معنى خ ) تنعم المؤمن بعد الموت في البرزخ وتألم الكافر في النار وكأنه لم يسمع ما خرق ( طرق خ ) الاسماع وملأ الاصقاع ان القبر اما روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر ( حفرات خ ) النيران وبالجملة فهذه المقابلة التي ذكرها من ممات الائمة عليهم السلام مع ممات غيرهم من ان الائمة سلام الله عليهم احياء دون من سويهم قول عجيب وكلام غريب ممن له ادنى معرفة بأسلوب الشريعة وادنى روية في منهج المذهب والملة وقد قال مولانا الصادق عليه السلام انه اذا مر على قبر مؤمن حمل حنطة يعلم كم فيه من حبة وبالجملة مقتضى المذهب والدين وما تواترت به الاخبار عن الائمة الميامين عليهم السلام وما دلت عليه آيات القرآن المبين ما سوى الطوائف الخمس والسبع التي تقدمت كلهم احياء بعد موتهم الا ان منهم من يتنعم في الجنة ومنهم من يتألم في النار ولا يلزم من ذلك تساويهم مع الائمة عليهم السلام لأنهم احياء فلو كان غيرهم احياء لتساووا فان هذا الكلام يجري بعينه في الحيوة الدنيوية فان الامام عليه السلام حي في الدنيا وسائر الناس كذلك وكذلك في الآخرة فان الائمة عليهم السلام احياء هناك واهل الجنة احياء وقد قال تعالى وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون وبالجملة فهذا كلام مختل النظام منحل الزمام
ثم الاعجب والاغرب من كلامه الاول قوله ثانيا هل تلك الحيوة في البرزخ ام في عالم الدنيا ام في عالم آخر لانعرفه لأن الضرورة والبداهة قاضيتان بأن الموت الدنيوي عبارة عن مفارقة الروح من البدن فاذا فارقت الروح البدن كانت في عالم البرزخ لا الآخرة ولا الدنيا لأن الطفرة في الوجود باطلة والدنيا والآخرة مختلفتان ( مختلفان خ ) متباينتان فلا بد من برزخ جامع والائمة عليهم السلام في مقام ظاهريتهم يظهرون مع الخلق على حسب مراتبهم فاذا فارقت ارواحهم ابدانهم الدنيوية كانت في الابدان المثالية كساير الناس وحياتهم حيات برزخية نعم لو ارادوا ان يظهروا لأجل المعجزة وخرق العادة في الدنيا بالابدان الدنيوية لفعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله مرارا كثيرة وقد ظهر لابيبكر ووبخه بغصبه للخلافة كما في الكافي باسناده عن ابي جعفر الثاني عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام لقي ابا بكر وقال له اما تعلم ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله خ ) امرك ان تسلم عليّ بامرة المؤمنين وان تتبعني فجعل يشكك ( يشكل خ ) عليه فقال اجعل بيني وبينك حكما فقال عليه السلام ترضى برسول الله صلى الله عليه وآله فقال ومن لي به فاخذ بيده حتى ادخله مسجد قبا فاذا رسول ( برسول خ ) الله صلى الله عليه وآله قاعد في المحراب فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله الم آمرك ( الم آمر خ ) ان تسلم لعليّ وتتبعه قال بلى قال فاعتزل وسلم اليه واتبعه تسلم قال نعم الى آخر والاحاديث في هذا المعنى من ظهوره (ص) لابي بكر وغيره وكذا ظهور امير المؤمنين والحسن والحسين وباقي الائمة عليهم السلام لأهل هذه الدنيا عند ظهور المعجزات وخوارق العادات وكذا ظهور الانبياء من آدم ونوح وابرهيم وغيرهم من حياتهم بعد الموت كثيرة جدا والذي وقفت عليه من الاخبار في هذا المعنى اربعين حديثا قال جامع تلك الاحاديث ان الروايات بهذا المعنى كثيرة ولولا كثرة الاشغال ( الاشتغال خ ) وبلبال البال لذكرت بعض الاحاديث ليظهر لك الحق الصراح ( القراح خ ) ولكن هذا الظهور بالبدن الدنياوي قليل ليس بدائم وانما يكون في ( من خ ) بعض الاحوال لأجل المعجزة وخرق العادة واما حياتهم سلام الله عليهم مستقرة ثابتة في البرزخ في جزائر بحر الاخضر من ذلك البحر وقد روى السيد الجليل والمولي النبيل في كتاب معالم الزلفى بالاسناد عن داود بن كثير الرقي قال كنا في منزل ابيعبدالله (ع) ونحن نتذاكر فضائل الانبياء عليهم السلام فقال عليه السلام مجيبا لنا والله ماخلق الله نبيا الا ومحمد افضل ( منه خ ) ثم خلع خاتمه ووضعه على الارض وتكلم بشيء فانصدعت الارض وانفجرت بقدرة الله عز وجل فاذا نحن ببحر عجاج في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة خضراء وفي وسطها قبة من درة بيضاء حولها ماء اخضر ( دار خضراء خ ) مكتوب عليها لا اله الا الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله خ ) على امير المؤمنين ولي الله بشر القائم فانه يقاتل الاعداء ويغيث المؤمنين وينصره عز وجل بالملائكة عدد نجوم السماء ( السموات خ ) ثم تكلم صلوات الله عليه بكلام فثار ماء البحر وارتفع مع ( من خ ) السفينة فقال ادخلوها فدخلنا القبة التي في السفينة فاذا فيها اربعة كراسي من الوان الجواهر فجلس هو عليه السلام على احدها واجلسني على واحد واجلس موسى واسمعيل كل واحد منهما على كرسي ثم قال للسفينة سيرى بقدرة الله فسارت من ( في خ ) بحر عجاج بين جبال ( الجبال خ ) الدر واليواقيت ثم ادخل يده في البحر فاخرج درا وياقوتا وقال يا داود ان كنت تريد الدنيا فخذ حاجتك فقلت يا مولاي لا حاجة لي في الدنيا ورمى به في البحر فغمس يديه في البحر واخرج مسكا وعنبرا فشمه وشممني وشم موسى عليه السلام واسمعيل ثم رمى به في البحر وسارت السفينة حتى انتهينا الى جزيرة عظيمة فيما بين ذلك البحر فاذا فيها قباب من الدر الابيض مفروشة بالسندس والاستبرق عليها ستور الارجوان محفوفة بالملائكة فلما نظروا الينا اقبلوا مذعنين له عليه السلام بالطاعة مقرّين له بالولاية فقلت يا مولاي لمن هذه القباب فقال عليه السلام للائمة من ذرية محمد صلوات الله عليه فكلما قبض امام صار الى هذا الموضع الى الوقت المعلوم الذي ذكره الله قال عليه السلام قوموا بنا حتى نسلم على امير المؤمنين عليه السلام فقمنا وقام ووقفنا بباب احدى القباب وهي اجلها واعظمها وسلمنا على امير المؤمنين عليه السلام وهو قاعد فيها ثم عدل الى قبة اخري وعدلنا معه وسلم على الحسن بن عليّ عليهما السلام ( ثم عدل عليه السلام خ ) وعدلنا معه الى قبه بازائها فسلمنا على الحسين بن عليّ عليهما السلام ثم ( ثم الى عليّ بن الحسين عليهما السلام ثم خ ) على محمد بن عليّ عليهما السلام كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ثم عدل الى بيته في الجزيرة وعدلنا معه واذا فيها قبة عظيمة من ( في خ ) درة بيضاء مزينة بفنون الفرش ( الفروش خ ) والستور واذا فيها سرير من ذهب مرصعا بانواع الجواهر فقلت يا مولاي لمن هذه القبة فقال للقائم منا اهل البيت صاحب الزمان عليه وعلى آبائه السلام ثم اومى بيده وتكلم بشيء فاذا نحن بالمدينة في منزل ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فاخرج خاتمه وختم الارض بين يديه فلم ار فيها ( منها خ ) صدعا ولا فرجة ثم قال السيد رحمه الله راوي الحديث قلت قد تقدم ان الانبياء والائمة عليهم السلام يصعد بهم الملائكة الى السماء وهذا الحديث لا ينافي ما تقدم انتهى وبالجملة فانهم عليهم السلام بعد مفارقة ارواحهم من اجسادهم مقرهم ومستقرهم في عالم البرزخ سماؤه وارضه ( وخ ) شرقه وغربه اما ظهورهم في هذه الدنيا او صعودهم الى جنة الآخرة في بعض الاحوال من ( في خ ) بعض الاطوار يطول الكلام بذكر مواقعها ومحالها ثم اعلم انا قد بينا في كثير من مباحثاتنا ورسائلنا واجوبتنا للمسائل ان الاشياء كلها لها شعور وادراك على حسب حالها ( من خ ) القوة والضعف وقد برهنا عليه براهين قطعية من العقلية والنقلية من محكمات الكتاب ومحكمات السنة وفقرات الزيارات والادعية بما لو اردنا بيانه لطال بنا الكلام وانا في شغل عنها فعلى هذا فالبدن بدون الروح له شعور جمادي جسماني على حسبه واذا تعلقت الروح فيعظم الشعور والادراك وتظهر الحركات والسكنات وتفعل الافعال وتدرك الحقايق والنكات فاذا فارقت الروح البدن ينتفي ذلك الشعور والادراك وفهم تلك الحقايق والنكات ويبقى البدن العاري عن الروح بشعوره الخاص به وادراكه المختص ولذا ( لذا ان خ ) تؤخذ الروح الى جنة الدنيا او الى نارها ويبقى بجسد ( الجسد خ ) في القبر فيفتح له باب اما في الجنة او في النار ولو كان البدن ليس له شعور فأي فائدة في فتح باب الجنة ليدخل عليه الروح والريحان وفتح باب النيران ليدخل عليه العذاب والهوان فان الذي لا شعور له لا يحسن ان يفعل معه هذه الافعال والخلق متفاوتون في قوة ادراك الجسد عند مفارقة الروح فمنهم قوي ومنهم ضعيف واما الامام عليه السلام فشعور بدنه الشريف وادراكه وقوة حياته مثل حياة ابداننا وشعورها وقوة حركاتها اذا تعلقت بها الروح بل اعظم لأن الله سبحانه خلق اجسادهم من الماء وقال تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي الم تنظر ( اولم ينظر خ ) الى قوله تعالى هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا مع ان الله سبحانه ذكر في كل موضع يذكر فيه خلقة الانسان وخلقة البشر انه خلقه من تراب كما قال سبحانه ومن آياته ان خلقكم من تراب ثم اذا انتم بشر تنتشرون وقال تعالى خلق الانسان من صلصال كالفخار وامثالهما من الآيات كثيرة واما هذا البشر فقد خلقه الله من الماء ولذا كان ابا تراب وليس لهذه الآية مصداق من كل العالم سوى امير المؤمنين عليه السلام لأنه نسيب رسول الله ( لأنه نسب نبي الله صلى الله عليه وآله خ ) وصهره وقد بين سبحانه ان هذا البشر انما خلقه من ماء ثم ذكر ان من الماء كل شيء حي فبين سبحانه ان حقيقة هذا البشر بجميع مراتبه ( انما خ ) خلق من عين الحيوان وعين الحياة فاذا تعلقت الروح باجسادهم كانت حياة فوق حياة ونورا على نور فاذا ( واذا خ ) فارقت الروح اجسادهم تبقى حيوة الجسم وادراكه وشعوره اما سمعت ان رأس الحسين عليه السلام كان يقرأ القرآن وهو على رمح وقبض بيده الشريفة ( الشريف خ ) لمنع الجمّال حتى قطعها وتكلم الحلقوم الشريف بلا رأس وسلم الرأس الشريف على عليّ بن الحسين عليه السلام لما امتنع يزيد لعنه الله ان يسلمه اليه حتى يسلم عليه وان امير المؤمنين عليه السلام عند تغسيله كان يقلب بدنه الشريف من غير حاجة الى التقليب كفعل رسول الله (ص) وان رسول الله صلى الله عليه وآله اوصى الى امير المؤمنين عليه السلام انه ( ان خ ) بعد ما يغسله ويحنطه ويكفنه فيقعده ( يقعده على سريره خ ) ويسئل منه ما يشاء فانه يعلمه صلى الله عليهما وآلهما فقال امير المؤمنين عليه السلام علمني رسول الله (ص) في ذلك المقام الف باب من العلم ينفتح من كل باب الف باب وهكذا اطوار اجسادهم واظهارهم الافعال المنبئة عن كمال الشعور والادراك كثيرة جدا وهكذا ( هذا خ ) الادراك والشعور لا ينافي الموت فان الله سبحانه صرح في خطابه لنبيه صلى الله عليه وآله بقوله تعالى انك ميت وانهم ميتون ثم ان غسل الميت لا يكون الا بعد الموت وتلك العلوم انما علمها رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الموت وان الحسين عليه السلام لما دعى اصحابه وهم مجزرون كالاضاحي على الارض وسماهم واحدا واحدا باسمائهم وتلك الجثث الزواكي تتحرك وتتموج كل ذلك بعد الموت فتبين مما ذكرنا ان الموت حيثما يطلق في كلمات ( كلام خ ) الله وكلمات آل الله واطلاقات ( كلمات خ ) الناس يراد به مفارقة الارواح من الاجساد وما ظهر من آثار الحيوة من تلك الاجسام والاجساد فانما هي حيوة جسمانية جسدانية بدنية لا دخل لها بتعلق الروح فان كان مراد جنابك ان الائمة الماضين ليس مماتهم كمماتنا بل هم احياء عند ربهم هذا المعنى هو الصواب والصحيح فان ابداننا اذا فارقتها ارواحنا لم تحس ولم تدرك ولم تشعر شيئا واما ابدانهم واجسادهم المطهرة عند مفارقة الروح اياها في كمال الشعور والادراك والحيوة والحركة وكل جزء جزء منهم سلام الله عليهم اذا تفككت بالسيف كان له ادراك وشعور يتكلم اذا شاء ويعقل ( يفعل خ ) اذا اراد وتلك كرامة من الله وموهبة اكرمهم الله بها بحقيقة ما هم اهله دون ما سويهم فهذا هو الجواب الصواب عن كل ما ذكرت قد اوضحت لك بالبرهان والبيان فخذ الجواب مع البرهان عن الصادقين عليهم السلام لتعلم اني بحمد الله من الصادقين ( الصادقين انا والفضل لله والمنة له امتثلت امر الله في قوله تعالى وكونوا مع الصادقين فأنا مع الصادقين خ ) وانقل عن الصادقين فلا محالة اكون من الصادقين واما غيري المخالف لي فليس مع الله فليس من الصادقين نسئل الله العصمة والصواب والاتكال عليه في المبدء والمآب
قال سلمه الله تعالى : منها انه تواتر من كلماتكم المنسوبة اليكم ان نبينا والائمة عليهم السلام لهم مدخل في خلق الخلق فما المراد من ذلك هل لهم شركة في خلق الخلق ام هم مستقلون فيه ام امر الخلق بعد خلقهم مفوض اليهم ام خلقوا الخلق باذن الله نعوذ بالله من جميع ذلك ام المراد وراء تلك الاحتمالات مما هو غير معقول لنا بين من سرّ الحق انشاء الله
اقول ادلة التوحيد من العقل والنقل منعنا ( منعت خ ) ان يكون لله شريك في ذاته وفي صفاته وفي افعاله وفي عبادته وان يكون سبحانه متعددا مختلفا وان يكون خلقه عنه معزولا ومستغنيا بأن ترتفع حاجة الخلق عنه سبحانه في حال من الاحوال وفي طور من الاطوار فحينئذ فلا يصح ان يكون لله شريك في احداث شيء من مخلوقاته وان يكون الاله متعددا حتى يكون كل امام ( يكون الامام خ ) الها من دون الله مستقل في الاحداث والايجاد او يكون الامام امير المؤمنين (ع) وحده مستقلا في هذه الاحوال والافعال لتكثر اجزائه وتتعدد ( تعدد خ ) جهاته وشؤنه واطواره ولسائر ما يقتضي الحدوث وينافي القدم او يكون الله سبحانه قد فوض امر الخلق الى احد بحيث يكون ذلك فاعلا بدون الله وان كان باذنه وامره كالعبد اذا امره المولى بأن يفعل شيئا فهو حين الفعل معزول عن المولى ( الولي خ ) وخارج عن يده واحاطته واستيلائه وهذا ( وبهذا خ ) المعنى لا يمكن ان يكون في الامكان فان الممكن لو استغنى عن الله واعتزل عنه سبحانه في حالة واحدة يجوز ان يستغني ويعتزل ( يستغني عنه ويعزل خ ) في كل الاحوال وهذا محال فالتفويض بهذا المعنى باطل وقد اجتمعت ( اجمعت خ ) الامامية على بطلان التفويض في الافعال الاختيارية فما ظنك في ايجاد الحوادث الكونية وذلك قد اجتمع ( اجمع خ ) على بطلانه المسلمون بل المليون كافة وعامة فمن قال بمدخلية احد في خلق العالم لاحداث الموجودات مدخلية تشريك او استقلال او تفويض او اذن يرجع الى التفويض فهو كافر والقول به كفر وزندقة وهو قوله تعالى هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون ولكن الله سبحانه حيث كان يجل عن مباشرة الاشياء بذاته حتى ان المولى ( مولى خ ) المجلسي رحمه الله جعل الفعل بالمباشرة مستحيلا عليه سبحانه بمعنى انه لا قدرة له عليه لأنه قال المقدورات ثلثة قسم يقدر عليه الله والخلق وقسم يقدر عليه الله دون الخلق وقسم يقدر عليه الخلق دون الله وجعل ( رحمه الله خ ) هذا القسم هو الفعل بالمباشرة وبالجملة ان الله سبحانه وتعالى قادر على ما يشاء بما يشاء كما يشاء لكنه سبحانه جعل العالم عالم الاسباب فيجري الاشياء باسبابها حتى انه قد خرق الاسماع وملأ الاصقاع ان الله سبحانه ابى ان يجري الاشياء الا بالاسباب كما خلق النبات بالمطر والارض والبذر وخلق الانسان من نطفة ( النطفة خ ) والعلقة والمضغة وسائر الاطوار واما ( واقام خ ) بنية الانسان بالقلب والروح وحفظ تدبرها ( تدبيرها خ ) بالقلب والروح فلولاهما لم تنتظم البنية ولم تتم الخلقة وحفظ وجود الانسان بالرزق الذي هو الشراب والطعام فلولاهما لم تتحفظ ( لم تحفظ خ ) هذه البنية بهذه الخلقة والفطرة وجعل ظهور الانسان وخلقته في عالم الاجسام بالأب والأم فلولاهما لم يكن الولد الا نادرا كآدم وعيسى وان كان ( الله خ ) سبحانه قادرا ان يخلق هذه الاشياء ويوجدها بدون تلك الاسباب وكذلك جعل الملائكة مدبرات ومقدرات ومقسمات وحافظات ومعقبات وخلاقات وقد بعث ملكين خلاقين يقتحمان رحم المرأة من فمها ويقولان يا رب كيف نخلقه ذكرا ام انثى فيأتيهم النداء بما يريد الله سبحانه ثم يقولان كيف نخلقه شقيا ام سعيدا ( سعيدا او شقيا خ ) فيأتيهم النداء بما يريد الله سبحانه مع ان الله سبحانه قادر ان يخلق الولد من غير الرحم او انه يخلقه فيها من غير الملك وكذلك الله سبحانه جعل الشمس سببا لاحداث النهار وايجاده وان كان قادرا ان يوجده بدونها وكذلك جعل النار ( النهار خ ) سببا للنضج والماء سببا للدفع والهواء سببا للهضم والتراب سببا للامساك مع انه قادر ان يوجده ( قادر على احداث هذه الاشياء خ ) بدون هذه الاسباب وكذلك جعل سبحانه عزرائيل سببا للموت وميكائيل سببا للرزق واسرافيل سببا للحيوة وجبرئيل سببا للخلق مع انه سبحانه قادر ان يوجد هذه المسببات من دون تلك الاسباب وبالجملة انكار وجود الاسباب في ايجاد الاشياء وخلقها انكار للضروري ومصادمة للبديهي فاذا تحققت هذه الاسباب وثبتت مدخليتها في خلق الخلق ( واطواره خ ) فنقول ولا قوة الا بالله فما المراد من هذه المدخلية هل لتلك الاشياء اي الاسباب الموجبة لوجود المسببات شراكة مع الله او هي مستقلة دون الله او ان الله سبحانه فوض اليها الامر او امر آخر وهذه الوجوه المذكورة كلها مستحيلة والمدخلية ثابتة فان قلت ان عزرائيل حين يقبض الارواح يقبضها بشراكة من الله او باستقلال دون الله او بتفويض الامر اليه فهذه الوجوه الثلاثة قد دلت الضرورة على بطلانها وابى المذهب اثباتها وان قلت لم يفعل عزرائيل ولم تجر الاشياء بالاسباب فقد كذبت القرآن وابطلت الوجدان فبالضرورة تكون هذه المدخلية بامر آخر وراء تلك الاحتمالات عرفته او لم تعرف ولا محيص لك عن اثباتها ولا مناص عن حصولها فاذا كانت مدخلية هذه الاسباب ما استلزمت شراكة ولا الاستقلال ولا التفويض فلتكن مدخلية الائمة سلام الله عليهم في العالم من هذا القبيل لا تستلزم استقلالا ( استقلال خ ) ولا شراكة ولا تفويضا ( تفويض خ ) فكيف تجوز مدخلية غيرهم من دون استلزام شيء من هذه الوجوه وتعرفه وتعقله ولا تعرف مدخلية الائمة (ع) الا بهذه الوجوه الباطلة ولا تعقل غيرها وهل هي الا مجازفة ومكابرة وبالجملة ان الله سبحانه لما جعل العالم عالم الاسباب واجرى الاشياء باسبابها خلق محمدا وآله سلام الله عليه وعليهم وجعلهم السبب الاعظم لوجود هذا العالم وما اريك تستنكف سببية غيرهم واريك تستنكف سببيتهم عليهم السلام واذا اخبروك انه ورد في الحديث ان الله سبحانه وتعالى اقام الاراضي السبعة على قرن ثور تحت الارض تقبل وتعظم الله في اظهار قدرته على جعل قوام الاراضي السبعة بقرن ثور واذا اخبروك ان قوام الارض بأحد الائمة او بكلهم ولو خلت الارض منهم لساخت بأهلها تنكر وتستغرب وتستوحش واذا اخبروك بأن ذنب البقرة بقرة بني اسرائيل احييت ( احيت خ ) ذلك الميت المقتول تقبل وتمجد الله وتعظمه حيث جعل في ذنب البقرة قدرة احيي بها الميت وتسبح الله وتقول سبحان الله العظيم واذا اخبروك بأن الله سبحانه اظهر في امير المؤمنين عليه السلام واولاده الطاهرين بعد رسول الله الصادق الامين عليه وعليهم سلام الله ابد الآبدين ودهر الداهرين آثار قدرته واقام بهم الارض بعظمته ( به خ ) تستوحش وتستغرب وتنكر وتقول ان ذلك لا يكون واذا اخبروك بأن عيسى على نبينا وآله وعليه السلام خلق الطير واحيى الموتى تنبسط لقبوله وتنشرح لتصديقه وتنبسط ( تبسط خ ) شرحه وبيانه وتذكر اصله وبرهانه واذا اخبروك بأن امير المؤمنين والائمة عليهم السلام فعلوا ذلك تنقبض وتنكر وتستوحش واذا اخبروك بأن عيسى ( عليه السلام خ ) روح الله وكلمته تقبل وتسلم وتمدحه عليه السلام به واذا اخبروك بأن امير المؤمنين ( عليه السلام خ ) نفس الله تنكره وتستغرب منه وتستوحش حتى يؤل الامر في الانكار والاستيحاش الى ان حكّوا هذه الفقرة من الزيارة التي تلقاها جميع علماء الشيعة من اهل الظاهر والباطن بالقبول ولم ينكرها احد من علماء المعقول والمنقول واذا قرأ وتلى عليك الحديث الوارد عن امير المؤمنين عليه السلام في النفس الملكوتية اصلها العقل عنه وعت ومنه نشئت وعليه دلت وشابهته اذا كملت فهي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى من عرفها لم يشق ابدا ومن جهلها ضل وغوي تقبل وتصدق وقد اطلق ذات الله على ما اطلق عليه شجرة طوبي وسدرة المنتهى وجنة المأوى وهي النفس التي اصلها العقل متفرعة عليه واذا سمعت ان نفس الله اطلقت على امير المؤمنين عليه السلام الذي العقل ( للعقل خ ) والنفس هو السبب في وجودهما تنكر وتشمئز نفسك واذا اخبروك بأن ميكائيل يقسم الارزاق وميكائيل ( اسرافيل خ ) بيده الحيوة التي في كل الموجودات وعزرائيل منه الممات وجبرئيل ( جبرائيل خ ) به الخلق ومن جنوده الملكان الخلاقان المذكوران سابقا وان الخلق والموت والرزق والحيوة السارية في كل الموجودات كلها من هؤلاء الاربعة باعوانهم من الملائكة تصدق وتعظم الله سبحانه وتبجله في اجراء القدرة الظاهرة بهذه الاسباب واذا اخبروك بما اصطلح عليه الاطباء من اطلاقهم على الكبد قاسم الارزاق تقبل وتصغي اليه بسمع الرضى واذا اخبروك بأن الامام او احد الائمة عليهم السلام تجري من ايديهم هذه الافعال تشمئز نفسك ويضيق صدرك ويتكدر خاطرك تكاد تميز من الغيظ وتقول انه تفويض او اشتراك ( او استقلال خ ) او غير هذه الوجوه ليست بمعقولة وتسلم هذه الامور وتعقلها ( تعلقها خ ) من غير لزوم شيء ( منها خ ) في الملائكة واذا اخبروك بأن الله سبحانه خلق العرش وجعل له ثلثمأةالف ركن وستونالف ركن وجعل ( لكل خ ) عند كل ركن ثلثمأةالف وستونالف ملك لو ان اصغرهم امر ببلع السموات والارضين السبع كانت في لهواته كالخردلة الصغيرة بالنسبة الى البرية الواسعة فامرهم بحمل العرش فعجزوا ( عنه خ ) ثم خلق سبحانه عند كل ركن ضعف ما كان سابقا فامرهم بحمله فعجزوا ثم خلق سبحانه عند كل ركن عشرة اضعاف ما كان سابقا فامرهم بحمله فعجزوا ثم قال لهم سبحانه تنحوا عن العرش فامر اربعة من الملائكة بأن يحملوه وجعل فيهم من القدرة والقوة ان يحملوا ما عجز عنه كل هذه الملائكة بسر اسم الاعظم واذا اخبروك بهذا الحديث تنبسط لقبوله وتنشرح لتصديقه وتظهر عظمة الله سبحانه في الملائكة الاربعة واذا اخبروك بأن امير المؤمنين (ع) واولاده الطاهرين هم الذين يقيمون العرش ويحملونه ويجرون آثاره تشمئز نفسك ويعتريك الداء العضال ومن هذا القبيل كثير ولست ادري لماذا هذا الانكار والتعدي في حق الائمة الاطهار عليهم السلام وانزالهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها القادر المختار فاذا سئلوا عن ذلك يموهون على العوام ويلبسون على الطغام بأن سببية ما ذكر قد دل عليه الدليل بخلاف الائمة عليهم السلام فانه لم يدل على ذلك دليل والدليل على ان ما يذكرون من عدم الدليل تمويه وتلبيس ان مدخلية الحادث في خلق الخلق ان كانت توجب تلك الوجوه المذكورة من الاستقلال او الشراكة او التفويض فلا ريب انها قد دلت الادلة القطعية من العقلية والنقلية على بطلانها واستحالتها ( امتحالها خ ) فلا يعارضها الادلة السمعية فوجب انكارها كما تنكر ( تذكر خ ) ان يكون لله سبحانه يد او عين او جنب من الجوارح وتحمل ما دل على هذه الامور على وجوه اخر ولااريك تنكر مدخلية هذه الاسباب والعلل والمعدات ( المعللات خ ) الا ان تختار مذهب الاشاعرة وان لم توجب مدخلية السبب في فعل الحق سبحانه من خلقه ( سبحانه خ ) لخلق هذه الامور والوجوه الفاسدة بل انما منعهم عن القبول عدم الدليل فلماذا لا يطلبون الدليل على ثبوت مدخليتهم عليهم السلام ويحكمون ببطلان القول به وبكفر القائل به فان الذي لم يتحقق له دليل على مطلب من المطالب وليس مما يحكم العقل ببطلانه يتوقف ولا يطعن على القائل به ولا يحكم بكفره وفسقه ولا يجوز سوء القول فيه اذ ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم وجناب السائل كان الوجه له ان يسئل عن الدليل لا ان مدخليتهم عليهم السلام على اي وجه اما بالشراكة ( بالشركة خ ) او بالاستقلال او بالتفويض او بوجه آخر غير معقول ويا لله العجب انهم يثبتون القياس بالطريق الاولى في جزئيات الاحكام الشرعية الفرعية التي لا سبيل للعقل فيها ولا يثبتون في هذا المقام الذي طريق العقل اليه واضح السبيل فاذا دل الدليل القطعي واجماع المذهب الفرقة ( واجماع الفرقة خ ) المحقة ان الائمة عليهم السلام اشرف وافضل من الملائكة بل الملائكة انما خلقوا من فاضل نور امير المؤمنين عليه السلام كما في الحديث المروي في البحار والعوالم والمنتخب للشيخ فخر الدين الطريحي وكتب المجلسي ( رحمه الله خ ) اغلبها من الفارسية والعربية وحديث ابن مسعود وغيرهم ولما كانت الطفرة في الوجود باطلة بالضرورة فالفيض الواصل الى الاسفل لا يمكن الا بواسطة الاعلى كما ان الفيض ( فيض خ ) الواصل الى الشعاع لا يصل اليه الا بعد ما يصل الى الشمس في وساطته ومدخليته لايصال المراد ( المدد خ ) الى الشعاع ( فالشمس خ ) شريك مع الله او مستقلة دون الله او مفوض اليها الامر الم تعلم ان النهار قد خلقه الله لكنه سبحانه انما خلقه بالشمس وجعلها علة لوجوده وان كان سبحانه قادرا ان يخلقه بدون الشمس فاذا كان للسافل مدخلية في احداث شيء وايجاده فمدخلية العالي بالطريق الاولي وهذا ظاهر معلوم ثم نقول ان ما يجري بايدي الملائكة وبسائر الاسباب خير او شر حق او باطل فان قلت انه شر كفرت وان قلت خير فيكون حقا وقد قال مولانا عليّ بن محمد الهادي العسكري عليهما السلام ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه واشهد ان الحق لكم ومعكم وفيكم وانتم اهله ومعدنه ومأويه ومنتهاه فأي دليل تطلب اصرح مما ذكره عليه السلام في الزيارة الجامعة وقد قال عليه السلام في زيارة آل يس الى ان قال عليه السلام ومن تقديره منائح العطاء بكم انفاذه محتوما مقرونا فما شيء ( منا خ ) الا وانتم له السبب واليه السبيل الى ان قال عليه السلام فلا مذهب عنكم يا اعين الله الناظرة الزيارة وبالجملة هم عليهم السلام محال مشية الله والسبب الاعظم في ايجاد كلما خلق الله ومدخليتهم في خلق العالم مدخلية تسبيب لا المشاركة ولا الاستقلال ولا التفويض بل الله سبحانه هو الفاعل وهو الخالق والرازق وحده ولكنه سبحانه اجرى فعله تعالى بما يشاء من خلقه كما يشاء لما يشاء وهو القادر على نفي الاسباب لكنه سبحانه اجرى عادته على اجراء فعله بالاسباب لحكم ومصالح كثيرة وقال امير المؤمنين عليه السلام على ما في الكافي ان الله سبحانه لو اراد ان يعرف نفسه خلقه بدوننا لفعل ولكنه سبحانه جعلنا ابوابه وسبله نقلت معنى الحديث فمدخلية التسبيب لا يلزم منه محذور عقلا ولا نقلا ولا وجدانا ولكنك اعلم ان سببيتهم لوجود العالم ليست من حيث ظهورهم في العالم الجسماني في مقام وللبسنا عليهم ما يلبسون بل هم في مقام ذاتهم ورتبة حقيقتهم في مقام انوارهم كما في احاديث خلق انوارهم عليهم السلام واما في مقام الجسد الدنيوي وساطتهم صلى الله عليهم وساطة تشريع وفي حقيقة ذواتهم وساطتهم وساطة تكوين ومدخليتهم مدخلية تسبيب فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم ( اسلم خ ) تسلم
فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم تكن ( لم يكن فهم خ ) فتأخذه عنا
وما هو الا ما ذكرناه فاعتمد عليه وكن في الحال فيه كما كنا
ولقد بسطنا القول في ذلك في عدة من كتبنا ومصنفاتنا وما ذكرناه هو موضع السؤال عن كيفية مدخليتهم سلام الله عليهم ومعناها وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم ومنكري فضائلهم اجمعين الى يوم الدين وقد فرغ من املائها منشيها كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي في عصر يوم الخميس من شهر صفر لمظفر سنة ١٢٥٨ حامدا مصليا مستغفرا