رسالة في جواب سائل - ٤ (عن ثلاث مسائل)

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في جواب سائل

عن ثلاث مسائل

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد العاشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال سلمه الله تعالى : كيف امامة الابن على الوالدين من جهة التقدم عليهما

اقول ما الذي اراد سلمه الله تعالى من الامامة هل هي الرياسة الكبرى من قبل الله سبحانه على الخلق وكون حاملها اولى بالخلق من انفسهم واموالهم او امامة الجماعة التي هي سبيل ودليل وحكاية لتلك الرياسة من حيث المتبوعية والتابعية وكيف كان فالوالدان على قسمين والدا الروح ووالدا الجسد والاول على قسمين احدهما والدا الروح التي هي من امر الله وثانيهما والدا الروح التي هي النفس الامارة بالسوء فالوالدان بقول مطلق ثلثة وقد وقعت الاشارة اليهم في الكتاب الكريم بقوله تعالى ووصينا الانسان بوالديه احسانا وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا فالذان يجب احسانهما دائما على كل حال هما القسم الاول من القسم الاول فلا تجوز مخالفتهما والاساءة اليهما بحال من الاحوال لانهما محل نظر الله ومهبط امر الله ونهيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة ويدخل في حكمهما كل متبوع اصيل متأصل متمحض في التابعية كما قال عز وجل ومن تبعني فانه مني وفي الحديث القدسي يا بن آدم اطعني اجعلك مثلي اقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون فالتابع يعرب باعراب المتبوع صفة كان او بدلا فافهم والذان يجب مخالفتهما والاساءة اليهما وترك المواساة لهما هما القسم الثاني من القسم الاول ولذا كناهما الامام عليه السلام بابي ‌الدواهي وابي‌ الشرور وهما الاصل في كل شر وخبيث وقبيح وعاص والكل فروعهما واولادهما ولذا اذا ظهر الحجة عجل الله فرجه يجعل معاصي الخلق كلها في اعناقهما ويقبلانها ويسلمان انهما فعلاه ويظهر ذلك في كلام مولانا الهادي عليه السلام في الزيارة الجامعة بالمقابلة عند قوله عليه السلام ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه فيكونان في الشر ان ذكر اصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ويدخل في حكمهما كل متبوع اصيل متأصل متمحض في التابعية لهما لما ذكرنا في مقابلهما حرفا بحرف ولذا ترى العلماء لا يفرقون في التابع بين اعراب الرفع والنصب وبين الجر والكسر كما هو المعلوم وهم الائمة الدعاة الى النار والذان يجب مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف هما والدا الجسد اي والد حامل لجسد الولد حين نزل من شجرة المزن وهذان قد يحملان طيبا وقد يحملان خبيثا وهو قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي اما الوالدان الاولان مع الاوسطان فبينهما كمال التباين والتضاد فلا يجتمعان ولا يقترنان ابدا لان سيرهما متصاعد الى العليين وسيرهما متسافل الى السجين فاني يلتقيان بحسب اصلهما وذاتهما واما الاخيران فبينهما وبين القسمين الاولين تباين جزئي يجتمعان ويفترقان اذ قد يكون والد جسماني هو ولد روحاني مثل آباء الانبياء والاوصياء عليهم السلام اذا لم يكونوا انبياء او كانوا انبياء ومنزلتهم اسفل من اولادهم وقد يكون والد روحاني هو وليس بولد جسماني كالانبياء عليهم السلام بالنسبة الى ساير اممهم ورعاياهم كما قال النبي صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة وقد يكون ولد جسماني وليس بوالد روحاني ولا بولد روحاني لوالده الجسماني مثل محمد بن ابي‌ بكر وعليّ بن يقطين من جهة النور وكنعان بن نوح عليه السلام من جهة الظلمة كما قال عز وجل يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح وقال امير المؤمنين عليه السلام في محمد انه ابني من صلب ابي ‌بكر وقال مولانا الكاظم عليه السلام في حق عليّ انه ليس من ولد يقطين فان المؤمن في صلب الكافر كالحصى في اللبنة فان المطر يذيب اللبنة والحصى يبقى على حاله انما قال عليه السلام ذلك لان اباه الصادق عليه السلام لعن يقطين وما يتناسل منه وقد يكون والد جسماني وهو والد روحاني والوالدة ليست كذلك بل العكس مثل الصديقة الطاهرة الزهراء صلى الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها وقد نص الله تعالى بذلك في قوله الحق هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وقد يكون والد جسماني هو والد روحاني والوالدة ايضا كذلك في وجه من الوجوه نظرا الى بعض الروايات والآيات مثل امير المؤمنين عليه السلام وفاطمة عليها السلام للحسن والحسين عليهما السلام واما في الحقيقة فكالاول هذا من جانب الخير والنور واما في جانب الظلمة والشر فكوالد ابي ‌بكر وعمر فانهما ولداهما في الباطن وكيزيد لعنه الله فانه ولد معوية في الظاهر والباطن وقس على ما ذكرنا ما لم نذكر وقد يكون الشخص ولد الاولين بالذات في الباطن وولد للاوسطين باللطخ والعرض في الظاهر وولد الآخر في الجسم كالشيعي العاصي او الكافر الذي يسلم والمخالف الذي يستبصر وقد يكون بالعكس في جميع ما ذكرنا كالمخالف المعاند الناصبي الذي تصدر منه افعال الخير وحسن الخلق وحسن الصورة وامثالها او كالمسلم الذي يرتد ويموت وهو كافر ولما كان الشيء يتبع الجانب الاقوى فيحكم عليه بمقتضى ذلك وان كان الجانب الاضعف موجودا ولكنه مضمحل لا يعبؤ به ولما كان الروح هو الاصل في الشيء وما بالذات هو الاصل لما بالعرض فكان الوالد الروحاني الحقيقي هو الاصل المقدم والوالد الجسماني لا يعارضه في التقدم واجراء الاحكام ولذا قام اجماع المسلمين على وجوب تبعية الآباء والامهات لاولادهم ان كانوا انبياء او اوصياء الانبياء لانهم وان كانوا آباء في الصورة الظاهرة البشرية الجسمانية ولكنهم اولاد في الباطن المعنوي الروحاني وقولي والد في الجسماني اريد به محض الحاملية الظاهرة والا فالجسم الاصلي تنزل الروح فلا يفارقه لان منشأهما واصلهما واحد فاذا كان كذلك فلا تقدم لهم على اولادهم لا بالذات ولا بالشرف ولا بالعلم فوجب عليهم المتابعة وللاولاد الانبياء او الائمة والاوصياء الحكم والرياسة والتقدم على آبائهم لانهم اولادهم في الحقيقة والى ذلك يشير قول الشاعر :

اني وان كنت ابن آدم صورة ولي فيه معنى شاهد بابوتي

وكذلك قام الاجماع على جواز امامة الاولاد اذا كانوا مستأهلين وصالحين للآباء في صلوة الجماعة اذا كانوا سبقوهم في العلم والورع والتقوى لما ذكرنا من حكم قوة الباطن وكذلك اذا تساووا لصلوح كل واحد منهم للامامة وجاز تقديم الابن على الاب في صلوة الجماعة بلا اشكال ولا خلاف لان الصلوة حكم وتكليف على العاقل من حيث هو كذلك ولا مدخلية في ذلك للجسد لان التوجه والاقبال انما يكون بالقلب والعقل والروح والجسد انما هو آلة فيعتبر في ذلك الابوة الباطنية كما ذكرنا واما اذا كان المأموم اعلم واعرف من الامام سواء كان والدا ام غيره فقد منع ابن ابي ‌عقيل جواز الاقتداء وقال انه لا يجوز وهو الاشبه بالمذهب من عدم جواز تقديم المفضول على الفاضل ويؤيده قوله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فان المساواة عامة في كل شيء وتخصيصها بالامامة الكبرى دعوى بلا بينة وقوله عليه السلام على ما في وسايل‌الشيعة امام القوم وافدهم فقدموا افضلكم والامر ظاهر في الوجوب والحمل على الاستحباب كما فعله صاحب الوسائل وغيره لا وجه له ظاهرا وقوله عليه السلام على ما في الوسائل والعلل والبحار وغيرها من ام في قوم وفيهم من هو اعلم منه لم يزل امرهم الى سفال وقوله عليه السلام على ما رواه الشيخ سليمن بن عبد الله الماحوزي في كتابه المسمى بازهار الرياض قال سئل الصادق عليه السلام عمن لا تجوز الصلوة خلفه قال عليه السلام لا تصل خلف من لا يمسح الرجلين ولا خلف من لا يقنت في الركعتين قبل الركوع ولا خلف من لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ولا خلف من لا يؤمن بالرجعة ولا خلف من لا يقول ان الامام معصوم ولا خلف من يمسح على الخفين ولا خلف الغالي ولا خلف المجهول ولا خلف المجاهر بالفسق ولا خلف الفاسق ولا خلف السفيه ولا خلف المجبرة ولا خلف من يقول ان الله كلف عباده ما لا يطيقون ولا خلف من يقول ان الله جسم ولا خلف من تشهد عليه بالكفر ويشهد عليك به ولا خلف الواقفي ولا خلف من يتولي ولا يتبرء ولا خلف الناصب ولا خلف المجذوم والابرص ولا خلف المحدود ولا خلف ولد الزنا ولا خلف الحاقن لبول ولا خلف الشاك في دينه ولا خلف من يبتغي على الاذان اجرا ولا خلف من هو اقل منك معرفة ولا خلف غلام غير محتلم ولا خلف الاعمى ولا خلف من يصلي جالسا ولا خلف المخنث ولا خلف المأبون ه‍ وانما ذكرت تمام الحديث لما فيه من الفوائد والا فالشاهد في قوله عليه السلام ولا خلف من هو اقل منك معرفة وهذا بصريحه يدل على مذهب ابن ابي‌ عقيل فان النهي ظاهر في الحرمة ولا يضر ما في هذا الحديث من ذكر بعض الامور المكروهة مثل الصلوة خلف الاعمى وامثاله فان المجاز لا يطرد مع ان الغالب ذكر الامور المانعة لا المكروهة وبالجملة فلو لم ‌ينعقد الاجماع على الجواز وحمل هذه الاخبار وامثالها على الكراهة لكان ما ذكره ابن ابي‌ عقيل متجها وعلى اي حال فالاحتياط لا يخفى واما شيخنا واستادنا جعلني الله فداه فالذي ذكره في الحيدرية هو الكراهة لكن الاحتياط طريق السلامة والله سبحانه هو العالم بحقايق احكامه فظهر لك انشاء الله حقيقة الحال في امامة الابن للوالدين بما لا مزيد عليه والحمد لله

قال سلمه الله تعالى : ما حكم مستحق رد المظالم هل هو الهاشمي او مطلق الفقير

اقول اذا كان في ماله مال الغير فان كان يعرف القدر والمالك فيعطيه ان كان موجودا وهو متمكن من الاعطاء والا فيعطي ورثته ان مات وفي صورة الانقراض يرجع الى حاكم الشرع وان لم يتمكن من الاعطاء يجعله امانة عنده فان مات قبل الايصال يوصي بها الى من يوصلها اليه وان لم يعرف القدر والمالك فلا يخلو اما ان يعلم ان ذلك بقدر الخمس ام لا ففي الصورة الاولى يؤدي الخمس الى الهاشميين دون غيرهم على الاحوط وسيأتي الكلام في ذلك والا فان علم انه انقص ام ازيد فمختار شيخنا اطال الله بقاه وزاد في عزه وعلاه انه يعطي الفقير مطلقا هاشميا كان ام غيره فلو استشكل احد بان ذلك يسمى صدقة وهي محرمة على الهاشميين نقول الظاهر ان الصدقة المحرمة على الهاشميين هي الزكوة المفروضة كما ورد في عدة اخبار منها رواية اسمعيل بن الفضل الهاشمي قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن الصدقة التي حرمت على بني ‌هاشم ما هي قال عليه السلام الزكوة قلت فتحل صدقة بعضهم على بعض قال نعم ومنها صحيحة العيص ابن القاسم عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال ان اناسا من بني‌ هاشم اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فسئلوه ان يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله تعالى للعاملين عليها فنحن اولى به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا بني ‌عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ومنها حسنة محمد بن مسلم وابي ‌بصير وزرارة عن ابي ‌جعفر وابي ‌عبد الله عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الصدقة اوساخ ايدي الناس وان الله حرم على منها ومن غيرها ما قد حرم وان الصدقة لا تحل لبني عبدالمطلب ه‍ فان والاوساخ ظاهرة في الزكوة بقرينة انها مطهرة للمال ومنها صحيحة جعفر بن ابراهيم الجعفري الهاشمي عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال قلت له اتحل الصدقة لبني ‌هاشم فقال انما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحل لنا فاما غير ذلك فليس به بأس ولو كان كذلك مااستطاعوا الى ان يخرجوا الى مكة هذه المياه عامتها صدقة ومنها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي ‌عبد الله عليه السلام قال عليه السلام لو حرمت علينا الصدقة لم يحل لنا ان نخرج الى مكة لان كل ما بين مكة والمدينة عامتها صدقة الى غير ذلك من الاخبار الدالة بظاهرها على ان الصدقة المحرمة على بني ‌هاشم هي الزكوة المفروضة واما ما سوى ذلك من ساير الصدقات من الكفارات ورد المظالم وغيرها فلا تحرم عليهم وقال في المدارك واوجب العلامة في التذكرة وجماعة في صورة الزيادة اخراج الخمس ثم التصدق بالزايد ه‍ والشهيد الثاني مال اليه في شرح‌اللمعة وان قال ويحتمل قويا كون الجميع صدقة كما ذهب اليه شيخنا ادام الله بقاه والاحتياط يقتضي دفع الجميع في صورة الزيادة الى الاصناف الثلثة من الهاشميين لان هذه الصدقة لا تحرم عليهم كما ذكرنا من اختصاص الحرمة بالزكوة المفروضة واما في صورة النقصان فهي صدقة على الهاشميين وغيرهم وان لم ‌يعلم القدر اصلا ولا المالك فالمشهور بين فقهائنا رضوان الله عليهم وجوب اخراج الخمس منه فبذلك يحل الباقي ولعل حجتهم في ذلك ما رواه الشيخ عن الحسن بن زياد عن ابي‌ عبد الله عليه السلام قال ان امير المؤمنين عليه السلام اتاه رجل فقال يا امير المؤمنين اني اصبت مالا لااعرف حلاله من حرامه فقال عليه السلام اخرج الخمس من ذلك فان الله تعالى قد رضي من المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعمل بمثل ذلك وفي الكافي عن عليّ بن ابراهيم عن ابيه عن النوفلي عن السكوني عن ابي‌ عبد الله قال ان رجلا اتى امير المؤمنين عليه السلام فقال اني اكتسبت مالا اغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد اردت التوبة ولا ادري الحلال منه من الحرام وقد اختلط عليّ فقال امير المؤمنين عليه السلام تصدق بخمس مالك فان الله تعالى رضي من الاشياء بالخمس وساير المال لك قال في المدارك وفي الروايتين قصور من حيث السند فيشكل التعلق بهما مع انه ليس في الروايتين دلالة على ان مصرف هذا الخمس مصرف خمس الغنائم بل ربما كان في الرواية الثانية اشعار بان مصرفه مصرف الصدقات فمن ثم لم يذكر هذا القسم المفيد ولا ابن‌ الجنيد ولا ابن ابي ‌عقيل والمطابق للاصول وجوب عزل ما يتيقن انتفاؤه عنه والتفحص عن المالك الى ان يحصل اليأس من العلم به فيتصدق به على الفقراء كما في غيره من الاموال المجهولة المالك وقد ورد التصدق بما هذا شأنه روايات كثيرة مؤيدة بالاطلاقات المعلومة وادلة العقل ولا بأس بالعمل بها انشاء الله تعالى انتهى كلامه اقول اما قصور السند فمنجبر بعمل الاصحاب والشهرة عندهم واما الدلالة فالرواية الاولى لا شك في ظهورها في المراد فان الامر باخراج الخمس لا يتبادر منه الا الذي للهاشميين كما هو المعروف من الاطلاقات واما الرواية الثانية فكك ايضا الا ان الاولى اظهر اما ذكر التصدق فلا ينافي لصحة اطلاقه عليه كما ذكرنا من قبل وقد اطلق كثيرا فما ذكره المشهور هو المتجه والله اعلم واما موثقة سماعة كما رواه ابن ‌ادريس (ره) في مستطرفات السرائر عن كتاب الحر بن محبوب عن سماعة قال سئل ابا عبد الله عليه السلام رجل من اهل الجبال عن رجل اصاب مالا عن اعمال السلاطين فهو يتصدق منه ويصل قرابته ويحج ويعطى الفقراء ليغفر له ما اكتسب من السيئات وهو يقول ان الحسنات يذهبن السيئات قال فقال ابو عبد الله عليه السلام ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تحبط الخطيئة ثم قال ابو عبد الله عليه السلام ان كان خلط الحرام حلالا فاختلطا جميعا فلم ‌يعرف الحلال من الحرام فلا بأس ه‍ فهي محمولة بما اذا علم ان الحرام اكثر من الخمس ام انقص كما هو مختار جماعة من اصحابنا كما تقدم واذا علم المالك وجهل القدر فيجب مصالحته فان ابي قال في التذكرة دفع اليه خمسه لان هذا القدر جعله الله مطهرا للمال وهذا ليس بشيء لان الظاهر من هذا التقدر على فرض الصحة والعمل به فيما اذا كان القدر والمالك مجهولين بقرينة قوله عليه السلام فتصدق بخمس مالك اذ في صورة وجود المالك لا معنى للتصدق على الغير لانه ظلم ولا عليه ايضا لانه ماله وذلك معلوم فاذن يجب دفع ما يحصل به يقين البرائة فرد المظالم في مقام يتعين باستحقاقه الهاشميين وفي مقام على الاحوط وفي مقام يعمهم والفقراء على ما فصلنا لك في الشقوق المذكورة فافهم واستبصر

قال سلمه الله تعالى : وكيف حكم البطيخ مثلا اذا سقي بالماء المغصوب الخ

اقول الظاهر ان ذلك من قبيل اتلاف العين فيضمن بالمثل او بالقيمة واما البطيخ فحلال كما اذا اغتذى العبد بطعام مغصوب فلا يحكم عليه ان فيه عين مال المغصوب او اذا اغتذت الجارية بالمغصوب وحملت واتت بولد وغير ذلك من امثاله ولذا قالوا ان من غصب ارضا فزرعها فالزرع للغاصب والحكم في المقامين واحد وان قال ابن ‌الجنيد بالتخيير بين ان يعطي نفقة الزرع ويأخذها وبين ان يتركها له وهو قول متروك ضعيف وهو ايضا لم يستند في ذلك الى ان عين الغصب من الاجزاء الارضية في الزرع والا لما صح القول بالتخيير بل لرواية في خصوص المقام عن النبي صلى الله عليه وآله لم‌ تثبت ولم يعمل بها الاصحاب وبالجملة لا ينبغي التوقف في ان ذلك من باب اتلاف العين حتى الشيخ في المبسوط ذكر ان من غصب حبا فزرعه او بيضا فاستفرخها ان الزرع والفرخ للغاصب زعما منه ان العين قد تلفت في الموضعين والحق انهما للمالك لبقاء العين وان حصلت لها نماء وزيادة فان الاستحالة وتغيير الاوصاف واخراج الاسم لا تؤثر في الحلية والحرمة وليس هذا المقام موضع استقصاء الكلام في ذلك واما في مثل المقام فلا اظن احدا يتوقف في ان ذلك من باب اتلاف العين فيطالب بالمثل او القيمة كالماء المغصوب او استعمله احد بالشرب او بالتوضي او بغير ذلك فانه ضامن العوض اذ لا يمكن استيفاء العين يقينا والله سبحانه وتعالى هو العالم بحقيقة احكامه والحمد لله رب العالمين

*******************

كتب منشيها كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي حامدا مصليا مسلما مستغفرا

المصادر
المحتوى