
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات كتبتها لمسائل اتى بها بعض الاخوان المخلصين والاخلاء الروحانيين من ناحية الاحساء المحروسة من الاسواء سلمه الله تعالى وابقاه مع كمال اشتغال البال واختلال الاحوال واقتصرت على مجرد من غير التعرض الى دليلها لضيق المجال وتبلبل البال نسئل الله سبحانه الهام الصواب في المبدء والمآب وجعلت كلامه سلمه الله متنا وجوابي كالشرح كما هو عادتي في اجوبة المسائل
قال سلمه الله تعالى : اللهم انا لمضطرون الذين اوجبت اجابتهم وقد توجهنا الى جهتك الوجيهة وقلبنا سؤالنا واعتمادنا الى المعتمد المؤيد السيد كاظم قبل شيخنا ومعه وبعده قدس سره حيث اطمأنت وسلمت به وله مشفوعا بافراد شيخنا المقدس الشيخ محمد العبد الجبار ونحن نحمد الله حيث لم يخل ارضه من حجة بل له الحمد على كل حال
ما يقول سيدنا ومولانا المؤيد بالصواب من الملك الوهاب اطال الله بقاه وجعلني من كل سوء فداه هل يختار ان الصلوة الوسطى هي صلوة الصبح كما اختاره شيخنا المقدس قدس سره
اقول الذي افهم من الاخبار وملاحظة الاعتبار ان صلوة الوسطى هي صلوة الظهر لانها وسط النهار ومبدء الوجود واول صلوة فرضها سبحانه ووسط النور والوسط في اخبارهم عليهم السلام والقرآن في الغالب يراد به الاصل والكامل كما قال تعالى قال اوسطهم وقال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس والوسط هو القطر والقلب المساوي نسبته لجميع الدائرة ولذا قال عليه السلام والعقل وسط الكل والظهر قطب واصل لجميع الاوقات وكلها تدور عليه وهو اول ظهور النور واستوائه على كل شيء ولذا ينقطع الظل عند الزوال وبعض البلاد في بعض الاوقات واكثر الروايات مصرحة بها منطبقة عليها وهذه الصلوة كالاسم الاعظم وليلة القدر خفيت بين الصلوات والاسماء وليالي شهر رمضان لمحافظة المكلفين على كلها لتحصيلها ولذا كانت الصلوة جميعا تصلح ان تكون وسطى واما حقيقة الامر فهو الذي ذكرنا
قال سلمه الله : وعن ليلة القدر هل هي الثالثة والعشرين من شهر رمضان ام التاسعة عشر ام الحادية والعشرين
اقول اصل ليلة القدر هي الثالثة والعشرون واما الليلتان الاخريتان فانهما مقدمان ومتممتان لها لان الاولى اي التاسعة عشر هي ليلة تقدير الآجال والارزاق ووفد الحاج وساير الشئون والاطوار والليلة الحادية والعشرون ليلة الابرام والقضا الا انها يقبل البدا والمحو والاثبات ولم يبلغ بعد الا محل الحتم واما الثالثة والعشرون فهي ليلة الامضاء واتمام التدبير وسقوط المحو والاثبات لقوله عليه السلام فاذا امضى فلا بد فعلى هذا لك ان تقول جميع هذه الثلاث ليلة القدر ولك ان تخصها بالاخيرة لانها الاصل فافهم روى الكليني ثقة الاسلام في جامعة الكافي عن اسحق بن عمار قال سمعته يقول وناس يسئلونه يقولون تقسم ليلة النصف من شعبان قال فقال لا والله ذلك الا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان واحد وعشرين وثلث وعشرين فان في تسعة عشر يلتقي الجمعان وفي ليلة احدى وعشرين يفرق كل امر حكيم وفي ليلة ثلث وعشرين يمضي ما اراد الله عز وجل من ذلك وهي ليلة القدر قال الله عز وجل خير من الف شهر قال قلت ما معنى يمضيه في ثلث وعشرين قال انه يفرق في ليلة احدى وعشرين امضائه ويكون فيه البداء فاذا كانت ليلة ثلث وعشرين امضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدء له فيه تبارك وفيه ايضا عن زرارة قال قال ابو عبد الله عليه السلام التقدير في ليلة تسعة عشر والابرام في ليلة احدى وعشرين والامضاء في ليلة ثلث وعشرين وفيه ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام قال في ليلة تسعة عشر من شهر رمضان التقدير وفي ليلة احدى وعشرين القضاء وفي ليلة ثلث وعشرين ابرام ما يكون في السنة الى مثلها ولله جل ثناؤه ان يفعل ما يشاء في خلقه وهذا هو التفصيل الذي ذكرنا لك وقد ذكرنا في الجزء الثاني من شرح الخطبة الطتنجية ما فيه بيان وشرح وتفصيل لهذه المسئلة على اكمل ما يكون وليس لي الآن اقبال ذكر تلك التفاصيل فاكتفينا بالاشارة
قال سلمه الله : وما الذي ثبت عندكم عن حمل عيسى هل هو تسع ساعات كما اختاره شيخنا
( اقول ) نعم كما روي عن الصادق عليه السلام ان مريم كانت مدة حملها تسع ساعات روى القمي عن عليّ بن ابراهيم ان جبرئيل نفخ في جيبها فحملت بعيسى بالليل فوضعته بالغداة وكان حملها تسع ساعات جعل الله لها الشهور ساعات وفي الكافي عنه عليه السلام ان مريم حملت بعيسى (ع) تسع ساعات كل ساعة شهر
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم سيدنا ومولانا في ميت اوصى ببعض ماله او كله وقفا للتعزية للحسين عليه السلام او للزيارة على ما تشهد به الوصية مع اشتباه المتقدم من قوليه على ان الثلث لا يفى بهما مع باقي وصاياه ولو شهدت بعض النساء هل يثبت بالواحدة ربع الوصية وبالاثنين نصفها ام لا ولو شهدت على جهة قبل
اقول الوصية بكل المال او بالبعض الذي هو اكثر من الثلث لا تنفذ ولا تمضي الا في الثلث الا مع رضاء الورثة حين الوصية او بعدها او بعد موت الموصي فان امضت الورثة الوصية قبل الموت في الزايد تمضي وتنفذ وليس لهم الرجوع والعدول بعد الموت على الاصح وان امضوا بعد الموت فان استمروا عليه فلا كلام وان عدلوا الجميع فالظاهر ان لهم ذلك فتخرج الوصية من الثلث وان عدل ورجع البعض فيخرج الزايد على حسب نصيبه فان لم يمضوا ولم يرضوا او كانوا صغارا او مجانين او غيرهما ممن لا يصح امضاؤه فان كان الثلث يفي بما اوصى فيجب اخراج الجميع منه وان كان لا يفي فان رتب الوصية اما باداة الترتيب كثم والفاء او في الذكر فقط بالعطف بالواو او بدونه او صرح بترتب بعضها على بعض ولو بالبداءة بما ذكره اخيرا بان عد جملة ثم قال ابدؤا بكذا ثم بكذا فالوصية لا تخلو اما يوصي بحقوق مختلفة او متحدة فالاول كما اذا اوصى بحقوق مالية وبدنية ومتبرع بها فالاولى تخرج من الاصل والباقية من الثلث مقدما بالواجبة على غيرها وفي صورة تعدد الواجب الاول فالاول الى ان ينتهي الواجبة ثم المتبرع بها الاول فالاول حتى يستوفي الثلث يقتصر عليه ويترك الباقي لعدم نفوذها فيه فان حصر الحقوق المالية في الثلث يبدء بها اولا ثم في البدنية الاول فالاول الى ان يكمل وبالجملة يؤخر المتبرع بها عن الواجبة لاشتغال الذمة بها ويؤخر الواجب البدنية عن المالية والثاني كما اذا اوصي بحقوق واجبة متعددة او متبرع بها مستحبة فكذلك يخرج الاول فالاول حتى يستوفي الثلث ويترك الباقي لان الوصية الصادرة بعد استيفاء الثلث لعدم استيلائه على ما زاد على الثلث عن الثلث بعد موته وان لم تكن مرتبة بان ذكر اشياء متعددة ثم اوصى بالمجموع من غير ان يترتب في الوصية او ذكر مرتبا ثم قال بعد ذلك لا تقدموا بعضا على بعض فنقص الثلث فانه يوزع على الجميع بالنسبة ثم ان علم الحال في الترتيب وعدمه يعمل على مقتضى ما علم وان جهل الحال فالاصل عدم الترتيب وعدم ترجيح البعض على البعض وان علم الترتيب وجهل المتقدم والمتاخر واشتبه وح فالعمل بالقرعة لاخراج المقدم وهو الوجه لانها لكل امر مشكل فان بالتوزيع نقص حق للمستحق المعلوم بثبوته وان جهل تعينه فيتعين بما جعله الله سبحانه سببا للتعيين عند الاشتباه وهو القرعة وقد قالوا عليهم السلام ان القرعة لكل امر مشكل وهذا منه واما شهادة النساء فانها تثبت بها الوصية منضمات ومنفردات مجتمعات ومتفرقات فثبت بالواحدة ربع الوصية وبالاثنين نصفها وبالثلثة ثلثة الارباع منها وبالاربع تمامها واما شهادتهن في الولاية اي التصرف في الموصي به والدفع الى الموصى له او الولاية على الاطفال الصغار فلا تقبل بحال لا منفردات ولا منضمات بل لا بد من عدلين ذكرين ولا يكفي الشاهد واليمين
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم لو شهد الوصي فيما يتهم فيه هل يقبل قوله خاصة هنا ام لا
اقول لا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصى فيه ولا فيما يجر به نفعا او يستنيد ( يستفيد ظ ) ولاية والضابط ان شهادته متى كان لنفسه فيها حظ لم تقبل ويتحقق ذلك بامور منها ان يشهد بما هو وصى فيه بان يجعله وصيا لمال معين فنازعه فيه منازع فيشهد للموصى له ومنها ان يجعله وصيا على ولده الصغير فيشهد للولد بمال فانه يستفيد بها ولاية على المال ومنها ان يشهد للورثة بمال فيه ثلث الميت فانه يجر بها نفعا باعتبار زيادة الثلث وهذا هو المشهور بينهم وخالف ابن الجنيد على ما نقل عنه انه قال شهادة الوصي جايزة لليتيم في حجره وان كان هو المخاصم للطفل ولم تكن بينة ومال اليه المقداد في شرحه وقال به بعض المتاخرين من اصحابنا والمسئلة لخلوها من النص غير خالية من الاشكال فان استفيد اجماع في المقام فهو والا فادلة قبول الشهادة شاملة للمقام والتهمة المدعاة موهونة بانها انما تحققت بما يوجب جر النفع الى نفسه لا الى غيره كما هو المفروض ومجرد صرفه الوصايا عن الميت لا يتحقق له نفع دنيوي بل ربما اوجب الضرر الدنيوي بل يوجبه من اشتغاله بذلك عن قضاء حوائجه والسعي في مطالبه واموره وكلما كثرت الوصايا واتسعت الدائرة فيها وفي اموال الاطفال كان الضرر اعظم والمنع له من السعي في اموره اتم ومحض هذا التصرف والتولية لا يسمى تهمة ولا يقال له جر منفعة نعم لو كان للوصي اجرة او جعالة ربما يتجه كلام المشهور ومراعات للاحتياط في امثال هذا المقام من اعظم المهام وهذا كله اذا كانت شهادته فيما هو وصى فيه واما لو كان المشهود عليه خارجا عما هو وصى فيه كما لو جعله وصيا على غلة اطفاله فشهد لهم بدين او جعله على تفريق مال معين فشهد للورثة بحق آخر لمورثهم ونحو ذلك مما لا يدخل تحت وصيته فلا اشكال في قبول شهادة لارتفاع التهمة المتوهمة في الشق الاول
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في نيابة المرأة عن الرجل او مطلقا هل تصح ام لا
اقول لا اشكال في جوازها في الحج وقضاء العبادات عن الميت وامثالها الا ما نص الشارع عليه وعينه للرجال كما في مسئلة التراوح لنزح البئر اذا كان الماء كثيرا ولا يمكن نزح الجميع فيجب او يستحب نزح الكل لوقوع النجاسات الموجبة لنزح الكل فان هناك يتعين الرجال ولا تنوب عنهم النساء لا منضمات ولا منفردات وهكذا في كل موضع يتعين الرجل بنص او اجماع او غير ذلك واما فيما سواه فتصح النيابة مطلقا على كل حال
قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز لمن استوجر ان يستاجر غيره بدون اذن موجره ام لا وهل فرق في ذلك بين المستاجر للصلوة او الحج او غيرهما ام لا
اقول ان لم يكن مقصود الموجر خصوص الشخص لمدخلية في نفسه كورعه وتقويه او بصيرته او قوته او غير ذلك من الملكات المخصوصة بالاشخاص الغير العامة فذلك لا يجوز التجاوز والاستيجار للغير الا باذن الموجر وان لم يكن المقصود ذلك بل المقصود ايقاع الفعل من اي عامل كان وان لم يذكر هذا المعنى في عقد الاجارة فالظاهر جواز استيجار الغير بتلك الاجرة او باقلها او باكثرها وان جهل الحال فالاحوط عدم التجاوز وعدم استيجار الغير وان كان الجواز لا يخلو من قوة
قال سلمه الله تعالى : وعن التارك للزيارة مع عدم العذر شرعا هل هو يعد فاسقا ام لا
اقول اذا قلنا ان الزيارة مستحبة فتارك المستحب بلا عذر لا يعد فاسقا والا لم يكن فرقا بينه وبين الواجب نعم اذا علم من الترك عدم الاعتناء وقلة المبالاة فانه ح يفسق بل يكفر اذا ادى ذلك الى الاستهانة وقد دلت روايات كثيرة على وجوب زيارة مولانا الحسين عليه السلام في العمر مرة وفي كل سنة مرة للموسر وهي وان حملت على المبالغة في الاستحباب والحث على الزيارة الا ان المؤمن المتدين لا ينبغي له تركها كيفما امكن ويراعي الاحتياط عند اليسار فانها من اعظم شعائر الدين
قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز للزوج منع زوجته مع عدم خوفها على بضعها ام لا وهل يعتبر خوفه ام هي خاصة
اقول اذا ما وجب الزيارة على الزوجة بنوع من النذر واليمين باذن الزوج او قبل ان تتزوج به فلا يجوز للزوج منعها اذا كان بضعها مأمونة و ح يعتبر خوفها وامنها لان التكليف لها يعتبر اجتماع شرايطه عندها الا اذا كانت غير رشيدة واما في صورة عدم الوجوب فيجوز له المنع وان امن من بضعها ولكنه لا ينبغي له ذلك ولا يمنعها فيما فيه سرور رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء والائمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين
قال سلمه الله تعالى : وهل يشترط في رجوع المطلق ثلاثا المواقعة بعد كل طلقة ام يكفي التوالي ولو بمجلس واحد
اقول لا يجب في الرجوع المواقعة بل القصد والفعل الدال عليه اما بصريح اللفظ كان يقول رجعت او بالفعل كان يقبلها ويلمسها بقصد الرجوع وامثال ذلك فاذا تحقق ذلك صح الرجوع وصح الطلاق بعده ولا يشترط تعدد المجالس بل يكفي ذلك بشرط قصد الرجوع ولو في مجلس واحد لوجود المقتضى ورفع المانع ولا اشكال فيه
قال سلمه الله تعالى : في قطعة قاع موقوفة على عبادة مثلا او جزء مؤبدا ثم طرء عليها الخراب بحيث حاصلها لا يكفي اجرة العمل هل يعمل بقدر الحاصل
اقول نعم يعمل بقدر الحاصل لان ذلك هو الميسور ولا يسقط بالمعسور
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في الاقراء هل هي الحيض الثلاث ام الاطهار
اقول الاقراء والقروء التي هي عدة المطلقة هي الاطهار على المشهور والادلة على ذلك قائمة والروايات الدالة على انها هي الحيض مطروحة محمولة على التقية وهي بالنسبة الى غيرها شاذة كالقائل بها وبمضمونها
قال سلمه الله تعالى : وهل عبادة المميز شرعية ام تمرينية
اقول المعروف من الادلة ان التكليف يدور مدار العقل كما قال تعالى للعقل على ما رواه ثقة الاسلام في اول الكافي ان الله تعالى خلق العقل الى ان قال بك اثيب وبك اعاقب والمعني واحد عند التأمل فمتى ما تحقق العقل المدلول عليه بالتميز والرشد تحقق التكليف ولذا كان انبياء الله سبحانه يكلفون بالعبادة في اول ولادتهم وقد قال تعالى حكاية عن عيسى واوصاني بالصلوة والزكوة ما دمت حيا وبرا بوالدتي وفي يحيى واتيناه الحكم صبيا وامير المؤمنين عليه السلام آمن وهو ابن سبع سنين او عشرة والجواد عليه السلام صار خليفة ابيه وهو ابن سبع سنين ومولانا الحجة عليه وعلى آبائه الصلوة والسلام كان اماما وحجة الله على كل الخلق وهو ابن خمس سنين والاصل اشتراك التكليف والحكم من الامام عليه السلام والرعية الا في موارد خاصة ترامت عليها ادلة قطعية كخواص النبي صلى الله عليه وآله والولي والى الآن لم يسمع ان من خواص الانبياء التكليف عند التميز والرشد دون غيرهم وذلك معلوم رفع الله العقاب عن الاطفال اذا خالفوا امر الله الى ان يبلغوا تفضلا منه سبحانه عليهم ويكتب لهم الثواب ويقبل اعمالهم فلو صلى المراهق المميز صلوة الظهر ثم بلغ قبل خروج الوقت لا يعيد صلوته وما صلاها كان مخاطبا بها واتى بما اراد الله سبحانه فلا يحتاج الى الاعادة وهكذا ما فعله في حال صباه عند رشده وتميزه من العبادات واما المعاملات فقد دلت الادلة القاطعة بانها ماتصح الا من البالغ الشرعي والعاقل فلا يصح ما اوقعه الاطفال قبل البلوغ ولو كانوا لمميزين واختلفوا في الوصية هل تصح من المميز ام لا على اقوال الا ان المشهور بينهم جواز وصية الصبي المميز اذا بلغ عشر سنين لا اقل من ذلك وتدل عليه روايات كثيرة ونقل الاجماع عليه ايضا هو الحق الذي لا محيص عنه وانكار ابن ادريس وطرحه للاخبار الكثيرة المعاضدة بعمل الطائفة تمسكا بالعمومات التي خصصت بهذه الاخبار لا وجه له اصلا وقطعا
قال سلمه الله : وهل يجوز لمن استاجر على عمل ان يستاجر مع الاذن وان كان باقل من الاجرة
اقول لا ريب في الجواز في هذه الصورة وقد تقدم ايضا ما يصلح لان يكون جوابا لهذه المسئلة
قال سلمه الله تعالى : وهل تجب معرفة امهات الائمة عليهم السلام باسمائهن وتنزيههن عن الشرك وهل تلزم ذلك متصاعدا الى آدم ام هن خاصة
اقول اما معرفة امهات الائمة عليهم السلام فلا تجب معرفتهن لعدم الغاية المترتبة عليها وكذا آبائهم عليهم السلام متصاعدين الى آدم على نبينا وآله وعليه السلام نعم يستحب معرفة آبائهم عليهم السلام الى عدنان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله واما تنزيههن من الشرك من حيث انفسهن لا من جهة آبائهن فيجب ذلك لانهم عليهم السلام لم ينقلوا من طاهر الا الى طاهر وطاهرة وفي الزيارة اشهد انك كنت نورا في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها يعني انك في وقت الجاهلية ماكنت تنتقل الا من طاهر الى طاهر ولا تسكن الا في طاهر وليكن عندك معلوما ان آباء الائمة عليهم السلام وامهاتهم حين كونهم عليهم السلام في اصلابهم وارحامهن معصومون مطهرون كعبد الله حين كون النبي صلى الله عليه وآله في صلبه الى ان انتقل الى رحم آمنة وآمنة حين كان صلى الله عليه وآله في رحمها الى ان خرج الى هذه الدنيا وهكذا الائمة سلام الله عليهم بعد الحسن والحسين عليهما السلام بالنسبة الى امهاتهم حال الحمل لان نور الامام عليه السلام يمنعها عن ارتكاب المحارم وعن الوقوع في المآثم والعظائم واما فاطمة عليها السلام فعظمها اظهر من ان تنكر
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في معرفة اولي العزم هل تجب على المكلفين ام لا
اقول اما وجوب الاعتقاد والايمان بالانبياء فمما لا شك فيه قد نطق به القرآن واخبار اهل البيت سلام الله عليهم واما وجوب معرفة كل واحد واحد بالخصوص فلا يجب ذلك واما الاربعة من اولي العزم على نبينا وآله وعليهم السلام لاشتهارهم مااظن انه خفي على احد وهذا الحكم بعينه في الملئكة واما الافضل فميكائيل ثم اسرافيل ثم جبرائيل ثم عزرائيل ويظهر من بعض الاخبار تقدم اسرافيل وله وجه
قال سلمه الله تعالى : وما تقولون في سليمان بن صرد الخزاعي هل هو مرضي عندكم ام لا وكذا القول في العباس وابنه عبد الله بن العباس والمختار وزيد بن عليّ بن الحسين عليهما السلام
اقول اما سليمان فضعيف الا ان يتدارك الله برحمته لاجل طلبه بثار الحسين عليه السلام وقتله واما العباس وابنه فهما مواليان لامير المؤمنين عليه السلام ومعاديان لاعدائه ولم يبايعا الا كرها ولكن حب الدنيا قد غلب عليهما وصدر منهما بعض الافعال الغير المرضية وذلك لسوء اختيارهما وقلة معرفتهما بامامهما ولا يغرنك كثرة روايات ابن العباس فانها كلها تقليدات ولم يشم رايحة معرفة الامام عليه السلام ازيد مما عند العوام والا هو وابوه يريان الامامة لامير المؤمنين (ع) لا للمتفلتين عليه واما المختار فله حق عظيم على رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام وعلى الشهداء والصالحين وعلى الملئكة المقربين بل على كل المؤمنين والخلق اجمعين وحاشاهم ان لا يعرفوا حقه ويتركوه في اليم العذاب وجسيم العقاب وكلما نسب اليه من المساوي كلها من مفتريات المخالفين وموضوعاتهم والروايات الواردة في ذمه كلها ضعيفة السند ولو صحت تحمل على التقية والروايات في مدحه كثيرة معتبرة وفعله الحسن الجميل الممدوح اعظم شاهد على اخلاصه ومحبته لاهل البيت عليهم السلام واما انه يذهب الى امامة محمد بن الحنفية فحاشاه من ذلك وانما هو من المخلصين لمولانا زين العابدين عليه السلام نعم ربما يظهر تبعيته لمحمد لرواج امره لا لانه امام مفترض الطاعة بل لانه كبير عظيم من اولاد امير المؤمنين (ع) فله شأن ومقام عند الناس والامام عليه السلام ترحم عليه واظهر الرضا عنه وشكر سعيه ولا يظهر الرضا عمن هو مخالف لطريقتهم عليهم السلام ومباين لشريعتهم مع مخالفته للتقية لان ذمه والوقيعة فيه من مذهب المخالفين وما ذكره الشهرستاني في الملل والنحل من عدة من الكيسانية القائلين بامامة محمد بن الحنفية غلط فاحش لا اعتبار بقوله هنا لانه مشى على مذهبه وطريقته المعروفة وبالجملة لا ينبغي الشك في جلالة شأن المختار فلولا ضيق الوقت واستعجال السائل لبسطت القول في هذا المقام ولذكرت فيه رضي الله عنه ما يشفي العليل ويبرد الغليل وفيما ذكرنا كفاية واما زيد بن عليّ ( بن ظ ) الحسين عليهما السلام فلا شك انه مرضي ممدوح قد بكى عليه الصادق عليه السلام وترحم عليه وخروجه ليس لادعاء الامر لنفسه بل لتمهيد الامر للامام عليه السلام وان اخطأ في ذلك وبالجملة لا شك في ذلك عند كافة الشيعة الامامية الاثني عشرية والاحاديث المروية في ذلك كثيرة مشهورة مسطورة في الكتب المعتبرة كالكافي وعيونالاخبار وغيرهما تتبعها فخذها ظاهرة الدلالة واضحة المقالة على ما ذكرنا في حسن حال زيد السعيد على ابيه واخيه وجده آلاف التحية والثنا
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم لو دعى المحب الموالي للسب العياذ بالله هل يسوغ له ان يتقي على دمه ام لا وعلى الجواز بلسانه دون قلبه هل يلحق البراءة بذلك ام لا
( اقول ) قوله تعالى من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم اظهر العذر لكل من اكره على اظهار اعتقاد باطل وقول فاسد وقلبه مطمئن وصدره منشرح للايمان والاسلام ولا فرق في ذلك بين السب والبراءة وروي عن عليّ بن ابراهيم باسناده الى ابي عبد الله عليه السلام انه قيل له ان الناس يروون ان عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة ايها الناس انكم ستدعون الى سبي فسبوني ثم تدعون الى البراءة مني فلا تبرأوا مني قال الصادق عليه السلام ما اكثر ما يكذب الناس على عليّ عليه السلام ثم قال عليه السلام انما قال عليه السلام ستدعون الى سبي فسبوني ثم تدعون الى البراءة مني واني لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله ولم يقل ولا تبرأوا مني فقال له السائل ارايت ان اختار القتل دون البراءة فقال والله ما ذلك عليه وما له الا ما مضي عليه عمار بن ياسر حيث اكرهه اهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان فانزل الله عز وجل الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها يا عمار وان عاد فعد فقد انزل الله عز وجل عذرك وامرك ان تعود ان عادوا عليك
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في اغتصاب فدك ومع مقابلة ذلك لحديث ما ضاع مال في بر ولا بحر الا وله فيه حق
اقول ان محمدا وآله صلى الله عليه وعليهم نسبوا شيعتهم الى انفسهم فنسبوا ذنوبهم وتفريطهم في حق الله الى انفسهم الشريفة فيخيرون بذلك كسر ما يجري عليهم عقوبة لمعاصيهم فاذا استغفروا لذنوبهم يريدون بذلك ذنوب شيعتهم الى ان انزل الله قرآنا فقال ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فاذا فعلت الشيعة شيئا يستحقون بذلك القتل والهتك والسبي والنهب وامثال ذلك فيجعلون انفسهم الشريفة وقاء لشيعتهم لعدم صبرهم وتحملهم كما فعل بالحسين عليه السلام ونهبت امواله وسبيت نساؤه وذلك كله لاستحقاق (ظ) انفس شيعته واموالهم وذراريهم جعل عليه السلام ماله ونفسه وذريته وعياله واصحابه بدلا ووقاء لهم وكذلك فدك والعوالي انما اخذ لهذه الجهة واذا فعلت الشيعة ما يوجب خللا ونقصا في العبادة والاعمال فهم عليهم السلام يتداركونها كما روي عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث الطاس والمنديل انه قال عليه السلام شككت في وضوئي وحاشاه عليه السلام عن الشك والسهو لكنه فعل ذلك لتدارك فعل بعض الشيعة وهم عليهم السلام يجبرون الكسير الا ما يقع منهم في العبادات وغيرها عمدا وتهاونا فان ذلك كسر لا يجبر في الدنيا الا ان يوم القيمة لهم الشفاعة الكبري لشيعتهم خاصة وهم الذين ارتضي الله دينهم ولا يشفعون الا لهم ولهم عليهم السلام عناية ورافة ورحمة كما اخبر الله سبحانه عنها بقوله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم واما البلايا التي تجري على المؤمنين فهو لان لا يطغوا لقوله تعالى ان الانسان ليطغى ان رءاه استغنى ولئلا ينسوا الله سبحانه وتعالى والاقبال عليه لا لعقوبة اعمالهم فانها توجب امورا عظاما قد كفوا عليهم السلام مؤنتها عنهم فافهم
قال سلمه الله تعالى : في اليتيم هل يجب على عدول البلد او المحلة النظر فيما يصلح ماله وحاله مع عدم كونهم اولياء عن اب فان قلتم نعم هل ياذن الجناب الاجل في ذلك لاحد ومع خوف الضرر هل ينتفي الوجوب وان قل الضرر
اقول اذا لم يكن لليتيم اب او جد وان علا او وصي من جهتهما ولم يكن هناك حاكم شرعي ولا نايبه ووكيله وكان لليتيم مال واثاث وعقار فان كان ماله في معرض التلف والتفريط فيجب على كل مسلم مؤمن حفظ ماله عن الضياع والتلف لانه مال معصوم يجب حفظه كفاية وان كان ماله محفوظا لكنه يحتاج الى من يبيعه فينفقه عليه فيجب ايضا حفظ نفسه بماله وحفظ ماله عن تفريط المتصرف على المؤمنين لوجوب حفظ النفس المحترمة المعصومة كالمال المحترم المعصوم وان كان ماله محفوظا وله من ينفق عليه فلا يجوز التصرف في ماله على الاحوط خصوصا اذا قصد به التجارة والنماء لاجل اليتيم وان كان على وجه المصلحة لان التصرف في مال الغير بدون اذنه غير جايز والاذن في هذا المقام لا يمكن الا من الولي او وصيه او من الامام او نايبه الخاص او العام ولا ضرورة تلجى ليكون من باب التعاون على البر فيبقى المال موقوفا الى ان يكبر ويرشد اليتيم والجواز على وجه المصلحة وان كان له وجه لصحيحة ابن بزيع والمتعاون على البر الا ان ما ذكرنا هو الاحوط لتطرق المناقشة في الآية والرواية والاحتياط طريق السلامة واما مع الضرر الغير المتحمل عادة فينتفي الوجوب قطعا لان الامر اذا دار بين حفظ نفسه وماله وحفظ مال الغير ونفسه فلا شك ان نفسه اولي كماله الا ان يكون ذلك الغير نبيا او اماما فانه يجب حفظه وان كان فيه ضرر نفسه او ماله بل هلاكهما واما الضرر القليل فالظاهر انه ايضا كذلك لعموم الادلة الا ان الاحتياط طريق السلامة والراحة في الدنيا والاخرة
قال سلمه الله : وما قولكم مولينا في روح الميت بعد قبض الملك لها هل يصعد بها الى السماء ام تبقى في يده حتى يوضع في قبره فتعاد للمسئلة وهل تعاد الى فمه للتكلم ام الى صدره كما قيل وهل المسؤل عنه ح الاصول خاصة ام مع غيرها
اقول ان روح الميت اذا كان من اهل الخير والايمان اذا قبضها الملك يشيعها الملئكة وتلف في سندس اخضر من حلل الجنة ويصعدون بها الى العرش فتخر ساجدة لله تبارك وتعالى تحت العرش ثم يردون به الى محل جسدها وتبقى هناك تنظر وترى الى ان يدخل الجسد في القبر فتدخل الروح فيه وتحل بالجسد من فمه الى صدره لأن اصل الأدراك والمعرفة في القلب وهو في الصدر ولا بد من احياء الصدر حتى يتم له المشاعر والمدارك فياتيه رومان فتان القبور اولا فيملي عليه جميع افعاله من حركاته وسكناته من اول بلوغه الى اوان موته ثم يحمل تلك الصحيفة في عنقه ثم يخرج عنه وياتيه الملكان الاسودان الازرقان رأساهما في السماء السابعة ورجلاهما في الارض السابعة يخطان الارض خطا ولهما شعور وعيناهما كل واحدة منهما كالمشعل ولهما صوت اعظم من الرعد الشديد والنار يخرج من فيهما وبيد كل واحد منهما عمود من نار نسئل الله النجاة يسئلانه عن ربه وعن نبيه وعن كتابه وعن قبلته وعن ائمته وعما يعتقد في معاده بالبراهين القاطعة والحجج الواضحة والميت اذا راي هذه الحالة العجيبة يغشى عليه فيحضر امير المؤمنين عليه السلام فيجيب عنه فيقولان له بعد ذلك نم نومة العروس وان كان الميت من المنافقين فيقبض الملك روحه باصعب ما يمكن ثم يذهب بها الى سجين ثم يؤتى بها الى محل جسده مغللة منكلة ولا تزال معه في حسرة وندامة واسف ولهف وويل وثبور وتنادي حامل النعش ان يبطؤا بها الى القبر الى ان يدخل الجسد في القبر فتدخل فيه من فيه الى صدره ثم يقوم للحساب ثم يجري الذي قلناه ويحضر امير المؤمنين عليه الصلوة والسلام ويامر بعذابه ونكاله فيضربانه بمرزبة نار تملأ قبره نارا ثم تنزع الروح الى برهوت ويبقي الجسد معذبا الى ان تقوم الساعة الصغري اعاذنا الله سبحانه من اهوال الموت وما بعده وشدائده
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم مولينا في اطفال المشركين والمنافقين هل يجدد لهم التكليف بعد البعث ام لا
اقول الاطفال مطلقا سواء كان من المسلمين او المؤمنين او الكافرين او المنافقين والمستضعفين يجدد لهم التكليف يوم القيمة يأجج لهم نار لهبها يصل مسيرة الف عام ثم يؤمر الاطفال ومن يراد تكليفه وهم المستضعفون والذين ماتوا في الفترة غالبا اي بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله والذين ما سمعوا صيت الاسلام والذين استوعب ايام تكليفهم الجنون وهؤلاء يؤمرون بالدخول في تلك النار فمن دخلها طائعا ممتثلا كانت عليهم بردا وسلاما ومن ابى ولم يدخل دخل نار جهنم وكان من الكافرين وما قيل من ان التكليف الاطفال مخصوص باولاد الكفار لقوله تعالى والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء فشرط سبحانه متابعة الذرية للآباء في الايمان وهو لا يكون الا بالتكليف نعم اذا آمنوا وصدقوا يلحقهم الله سبحانه بدرجة آبائهم وان لم يعملوا اعمالهم تفضلا من الله وتكرما عليهم لاجل آبائهم وهو قوله تعالى وما التناهم من عملهم من شيء ولانا نجد بالعيان ونص القرآن ان الكافر يتولد من المؤمن والمؤمن يتولد من الكافر ويتبين الكفر والايمان بالاجابة وعدمها فاذا مات قبل البلوغ ولم يحصل الاجابة لعدم التميز في الدنيا فلا بد من التمييز في الآخرة ليعطي الله سبحانه كل ذي حق حقه ولا يكون ذلك عند الخلق الا بالتكليف فوجب والقول بان كلمن مات فهم من الذين كانوا في علم الله من المؤمنين خرص ماقام عليه دليل اصلا
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم هل يسوغ للمؤمن ان يبخل بالمستحب على اخيه في الله مع شدة احتياجه ام يكون ذلك وجوبا عليه واذا منع المحتاج مطلقا حتى خاف الهلاك ولم يلتفت اليه هل يسوغ له تناول شيء من مال مخالف وان لم يبلغ حد النصب ام لا
اقول ان كان المحتاج كما ذكرت من شدة الحاجة الى ان يخاف الهلاك فح يجب على كل مؤمن قادر على سد ان يعطيه ما يسد به الرمق او يدفع به عنه الهلاك كفاية وخرج في هذه الصورة عن حد الاستحباب واذا منع المحتاج حتى خاف على نفسه الهلاك ولم يقدر على شيء حتى الجيفة والميتة فح يسوغ له التناول مطلقا من كل مال مقدار سد الرمق لا فرق بين المؤمن والمخالف نعم اذا حصل الناصب وشبهه من الكفار فيأخذ مقدار الحاجة فيما بينه وبين الله سبحانه واذا لم يبلغ المحتاج الحد المذكور جاز منع المستحب لكنه ترك المستحب والمروة
قال سلمه الله تعالى : وهل ترون بين المخالف والناصب فرقا ام هما عندكم سواء وما قولكم في مال اهل الكتاب في مثل هذه الازمان
اقول ان الناصب هو الذي يظهر العداوة والاهانة لاهل البيت عليهم السلام الذين يريد الله ليذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا او لاحد من شيعتهم ومحبيهم لاجل محبتهم لا لاجل امر آخر من الاغراض الدنيوية او ينكر الحق بعد ما تبين له وهؤلاء هم النواصب الذين هم في حكم الكفار بلا تفاوت بل انجس واخبث واما ما عديهم ممن يظهرون الشهادتين ولا يتبين منهم العداوة ولا يقرون بما تقر به الشيعة هم المخالفون ويجري عليهم حكم الاسلام من الطهارة وعصمة المال والنفس والعرض وغير ذلك من احكام الاسلام واما اهل الكتاب فان كانوا باقين على شرايط الذمة فمالهم محفوظ والا فهم حربيون خارجون عن الذمة تجري عليهم حكم ساير الكفار الذي ليسوا في الذمة
قال سلمه الله تعالى : واذا خيف على وقف جهة خاصة كمسجد مثلا او شبهه من خراب او تلف هل يصح بيعه ام لا ومن الذي يتولاه مع غيبة الامام او الحاكم ايده الله
اقول الوقف لا يجوز بيعه مطلقا بضميمة ام بغير ضميمة الا ان المشهور بين الاصحاب استثناء موضع خاص فيه لكنهم قد اختلفوا في شروطه اختلافا فاحشا حتى من الواحد في الكتاب الواحد في باب البيع وفي باب الوقف فقلما يتفق فتوى واحد فضلا عن المتعددين ومستندهم من الرواية لو تم لا يشمل موضع السؤال فان صحيحة ابن مهزيار وحكايته تدل على جواز بيع الوقف اذا حصل خلف شديد بين اربابه يؤدي الى الفساد وتلف الاموال والنفوس ورواية جعفر بن حنان تدل على انه اذا احتاج الموقوف عليهم ولم يكفهم ما يخرج من غلة الوقف ورضوا بالبيع فانه يجوز البيع وفي الحكم المخالف للاصل يقتصر على القدر المنصوص عليه لو سلم عن المناقشة والنظر ولهما في المقام مجال واسع واما الاجماع الذي ادعاه المرتضي وابن زهرة مع اختلافهما في الشرط الموجب للبيع فلا يلتفت عليه وانما هو حجة عليهما دون غيرهما لانه اجماع في محل الخلاف وغايته هو الاجماع المحصل ولا حجية فيه الا لمحصله كما ذكرناه في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل من ان الاجماع المنقول لا بد فيه من العلم بالنقل الابتدائي فان كان منقولا عن اجماع محقق عام فحجة وان كان عن محقق خاص فلا الا على محصله وما نحن فيه من الثاني لوقوع الخلاف العظيم مع انه معارض بالاجماع الذي ادعاه ابن ادريس من عدم جواز البيع اصلا وذكر انه مذهب الامامية وبالجملة فعدم جواز البيع مطلقا لعلة هو الاقوي ففي الصورة المذكورة بالطريق الاولي فلا يجوز بيعه واذا آل امره الى الخراب وامكن رجوعه الى ولي الحبة فيقيم له ناظرا لاصلاحه وصرفه الى مصارفه يرجع اليه فانه المعد لجبر الكسر وتشفيف ( تثقيف ظ ) الاود وتعمير الخراب ان كان متمكنا والا فحاله حال غيره مما يضع لعدم ظهور من يقوم باصلاحه وتعميره بنفسه او بنائه الخاص او العام نعم لو خرج الموقوف عن الانتفاع بجميع الوجوه فيما وقف عليه كجذع منكسر او حصير خلق ونحوهما فيتولي المتولي الخاص بيعه او الحاكم مع عدمه او ساير عدول المؤمنين وشراء ما ينتفع فيه لانه احسان محض وتحصيل الغرض الواقف بقدر الامكان ولا ريب انه الاولي والامر بعدم بيعه حينئذ كاد ان يلحق بالعبث
قال سلمه الله تعالى : ولو كان الموقوف ارضا خرابا او انية او غير ذلك ولم يحصل متبرع متقرب بعمارته هل يصح بيع بعضه لاصلاح البعض ام لا
اقول الكلام في هذه المسئلة كسابقتها والقول بجواز البيع لا يخلو من اشكال لعدم الدليل الصالح الا بعض الاستحسانات وان الميسور لا يسقط بالمعسور والاحتياط هو المطلوب والوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في صلوة هدية الميت لو نسيها الملتزم بها هل يجب قضائها بعد تلك الليلة ام لا وان وجب هل تكون بتلك الكيفية ام صلوة ركعتين مطلقا
اقول اذا نسيها ولم يذكرها الا بعد طلوع الفجر فلا يقضيها لانها صلوة اول ليلة القبر وهي صلوة الوحشة فليرد الاجرة الى اهلها
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم مولينا هل يسوغ للولد السفر في طريق الطاعة كالزيارة او تحصيل معيشة مع كراهة الابوين او احدهما لفراقه ام يترك السفر وان اضطر
اقول اذا اضطر الى السفر فلا ريب في جوازه وان كرها او احدهما وبدون الاضطرار لا يجوز مخالفتهما الا في طلب العلم النافع في الدين او لطلاق امرأة او تزويج امرأة اذا تاقت نفسه اليها
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم لو نذر الانسان طعاما مثلا ان يصرفه في ليلة مخصوصة هل يصح له ان يأكله ( يأكل ظ ) منه هو وعياله ام لا وهل تبرء ذمته لو لم يأكل معهم اجنبي اصلا
اقول النذر على حسب قصد الناذر فان قصد صرف ذلك الطعام لاناس مخصوصون لا يجوز صرفه الا لهم فلا يأكل هو وعياله منه ان لم يفهم من القرينة ادخال نفسه وعياله وان قصد مطلق الصرف ولم يعينه فله ان يأكل هو وعياله او يا ( يأكل ظ ) اجنبي وتبرء ذمته كيف ما انفق
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا في المطلقة باينا هل يصح العقد على اختها في العدة مطلقا ام مع الكراهة بدون تحريم
اقول اذا كان الطلاق باينا لا اشكال في جواز العقد على اختها قبل خروجها من العدة ولا كراهة ولكنهم اختلفوا في عدة المتمتع بها قبل انقضائها فالمشهور جواز العقد على اختها على الكراهة وقيل بتحريم العقد قبل انقضاء العدة وهو الاحوط والرواية الصحيحة دالة عليه والروايات المجوزة محلها في الطلاق وليس في المتعة طلاق فلا تشمل عدتها وكيف كان فالمنع احوط لا سيما في مقام الفروج المستلزم لفساد النسل
قال سلمه الله تعالى : وهل تصح المعاملة على الارض الموقوفة الخربة او بسهم منها ام من الحاصل خاصة
اقول لا تصح المعاملة على الارض الموقوفة بما يخرجها عن الوقف وبالامور المنافية لغرض الواقف الذي هو كنص الشارع فلا تصح المعاملة الا بحاصله مع رضى الموقوف عليه لان الوقف عبارة عن تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة فالمنفعة ملك للموقوف عليه يتصرف فيها كيف يشاء بخلاف العين فلا تصح المعاملة بما لا يملك او بالمحجور عن التصرف
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم مولينا لو كان مثلا صحن او شبهه موقوفا لتعزية احد السادات سلام الله عليهم هل يجوز استعماله في ماتم امثاله سلام الله عليهم
اقول الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها فاذا عين لشيء خاص لا يجوز صرفه في غيره
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم فيمن له حق او عليه حق ودعاه خصمه او غريمه الى المحاكمة عند هؤلاء هل يسوغ له ذلك ام لا وهل فرق بين فوات المال ام لا
اقول قوله تعالى يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به يمنع الرجوع والمحاكمة الى كل باطل مخالف لطريق الحق المامور بالتجنب فلو فعل وتحاكم اليهم فكلما يأخذ بحكمهم فهو السحت وان كان حقه وماله نعم اذا التجأ الى ذلك للتقية ولا تلاف ماله بحيث لا يمكن ان يحصله الا بالرجوع اليهم فيجوز له الرجوع اليهم لانفاذ نفسه وماله وفي الحقيقة في الصورة الثانية قصده تحصيل ماله الذي لولا الرجوع اليهم يتلف ولم يكن هناك حاكم بالحق فاذا كان ودعاه خصمه اليه يجب عليه متابعته والرجوع اليه على كل حال واذا ما دعاه خصمه الحاكم بالحق الجامع للشرايط الفتوى لا يجوز له الرجوع الى غيره بحال من الاحوال
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في وديعة الناصب هل هي كماله ام بينهما فرق
اقول نقل عن ابي الصلاح انه ذهب الى ان وديعة الكافر الحربي تحمل الى الامام عليه السلام او نايبه الخاص او العام مستندا الى الاصول والقواعد المقررة في المذهب ولولا ظهور الاجماع والاجاز ( الاخبار ظ ) الكثيرة الدالة على وجوب رد الوديعة مطلقا ولو كان حربيا وناصبيا ولو كان قاتل عليّ بن ابيطالب روحي له الفداء وعليه السلام لكان لهذا القول وجه وجيه ولكن الحق ما ذهب اليه جمهور اصحابنا من وجوب رد الوديعة ولو كان ناصبيا لقوة الدليل المخصص لتلك العمومات وانقطاع قول ابي الصلاح ظاهر فيكون شاذا نادرا يجب تركه والاعراض عنه
قال سلمه الله تعالى : وعن قوله واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم الآية وقال تعالى واللذان ياتيانها منكم فآذوهما ما المراد بضمير المثنى
اقول المراد بالمثنى الرجل والمرأة اذا زنيا بشهوتهما واختيارهما وميلهما من دون اكراه للآخر واجباره يجب اقامة الحد عليهما ان كان محصنا فالرجم والا فالحد على ما قرر في الشريعة والآية الاولى في حكم الزنى في النساء خاصة لان شهوتهن غالبة لان شهوة الرجال تسع شهوة النساء فمن هذه الجهة في مقام الزنا تقدم النساء على الرجال كما في قوله تعالى والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة فقدم المرأة لقوة شهوتها بخلاف قوله تعالى والسارق والسارقة الآية
قال : وما قولكم في من يتخذ مثل المشحوف وما يشبهه ويركب به ليلا ويأخذ معه نارا مشعولة فيطفر السمك من الشط الى المشحوف بدون اخراج هل يكفي ذلك آلة للصيد
اقول لا ريب نصا وفتوى ان السمك اذا طفر ووثب من النهر الى الشاطي او غيره خارج الماء فاخذ مسلم فمات فان اكله حلال وان خرج ووثب ولم يأخذ مسلم فاكله حرام فح فما يثب ويقع في المشحوف ان اخذه المسلم قبل موته فلا اشكال في حليته وان لم يأخذه حتى مات فاشكال بناؤه ان المركب هل هو من آلات الصيد بحيث يصدق عليه اذا وقع فيه السمك الاخذ ام لا فان كان الاول فحلال والا فحرام وكيف كان فالاحوط التجنب مما لم يأخذه المسلم الى ان مات لان الاصل عدم التذكية والقدر المتيقن اخراجه او اخذه حتى يتحقق الصيد فاذا حصل الشك في ذلك فالاصل الحرمة
قال سلمه الله تعالى : وهل يحل الصيد لو اخرج الكافر مع مشاهدة المسلم ام لا
اقول المشهور بين الاصحاب حله وعدم اشتراط المخرج ان يكون مسلما واشتراط حضور مسلم عنده يشاهده وهو الاصح ومنع المفيد وابن زهرة نظرا الى العموم لا وجه له مع خصوص النص في هذا المورد لان العام يحمل على الخاص ويخصص به وهذا لا اشكال فيه
قال سلمه الله تعالى : ولو خبزت الكافرة في التنور هل يصح للمسلمة الخبز بعدها ام لا بدون تطهير الماء
اقول فرض هذه المسئلة ان التنور اذا تنجس هل تطهره النار ام لا بد من تطهيره بالماء والا فاذا امكن فرض خبز الكافرة وعدم تنجس التنور بان كان العجين من غيرها وهي باشرت وجه الخبز الملاصق ليدها مع عدم النفوذ الى الوجه الآخر اللاصق للتنور فانه طاهر لعدم وصول نجاسة المباشرة اليه فالتنور طاهر لا يحتاج واما اذا تنجس بمباشرة الكافرة للعجين فالمشهور بين الاصحاب ان النار لا تطهر الا ما احالته رمادا او دخانا وهما هنا غير متصور ولكن بعض مشايخنا كان يذهب الى التطهير اذا سجر بعده بالنار وهو غير بعيد الا ان قول المشهور احوط وهو طريق السلامة
قال سلمه الله تعالى : واذا ركب الكافر فص الخاتم مثلا هل ينجس ويمنع الصلوة فيه لمباشرة الش (كذا) مع انه مستور ام لا
اقول اذا احتمل عدم مباشرة الكافر بالرطوبة او بنفسه بل بآلة طاهرة فالاصل الطهارة ولا يمنع الصلوة بشيء واذا علم المباشرة بما ينجسه فلا تصح الصلوة فيه وان كان مستورا لان وجود النجاسة هو المانع ظاهرة كانت ام مستورة
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في زوجتي ابي القاسم صلى الله عليه وآله هل وقع منه لهما النكاح الحقيقي المعروف ام لا
اقول الذي قام عليه من اهل الاسلام ودل عليه الكتاب والسنة انهما زوجتاه وتزوجهما وقوله تعالى تبتغي مرضات ازواجك وقوله تعالى عسى ربه ان طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن الآية وقد نزلت فيهما صريح في ذلك وما يلزمنا بعد ذلك الفحص عن اكثر من ذلك وطرق العلم شتي وجهات التخرصات كثيرة وليس كلما يعلمه العالم يقدر ان يفسره فان من العلوم ما تحتمل ومنها ما لا تحتمل ومن الناس من يحتمل ومنهم من لا يحتمل وبالجملة فالاعتقاد والحق هو الذي ذكرنا لك فقف عنده ولا تتجاوز حده والسلم
قال سلمه الله تعالى : هل ينعقد نذر الزوجة والمملوك قبل سبق الاذن ام لا ولو نذرا قبل سبق الاستيذان هل مبطل ام يتوقف على الاجازة وهل يلحق بهما الولد مع ابيه ام لا افدنا ايدكم الله وجعلني الفداء
اقول الظاهر عدم اشتراط الاذن في نذر الزوجة والمملوك والد ( والولد ظ ) فيما لهم الاستقلال وفاقا لجماعة من محققي اصحابنا قدس الله ارواحهم الزكية فان النص الوارد في المنع انما هو في اليمين خاصة وحمل النذر على اليمين قياس لانقول به واطلاق النذر على اليمين في بعض الاخبار لو فرضنا صحته مع انها ضعيفة لا تدل على اشتراكهما في جميع الاحكام فان المجاز لا يطرد والاصل في الاستعمال وان كان هو الحقيقة على الحقيقة الا ان علامة المجاز موجودة وهي عدم التبادر وصحة السلب فاذا صح التغاير اختص كل واحد بحكمه دون غيره فالحكم الجاري على اليمين لا يجري على النذر قطعا والمنع لهؤلاء الاشخاص الا باذن اولئك الاشخاص انما ورد في اليمين فلا يتعدى في النذر الا بدليل قاطع واذ ليس فليس وقد ذهب جماعة الى الاشتراط كاليمين ومنهم العلامة في القواعد الا انه نقل عنه فخر المحققين انه عدل عنه بعد ان تصفح كتب الاحاديث ولم يظفر بما يدل على مساواته لليمين وعلى القول الثاني فهل يتوقف الانعقاد على الاذن ام ينعقد ولكن لهم الحل قولان اصحهما الاول وان كان اشهرهما لقوله عليه السلام لا يمين لولد مع والده ولا المملوك مع مولاه ولا للمرأة مع زوجها واقرب المجازات ان نفى الحقيقة نفى الصحة
قال سلمه الله تعالى : لو نذر صرف شيء في وقت معين واعسر وقته هل يقضي ام لا وعلى الاول هل يقصد القضاء في مثل ذلك الوقت ام مطلقا
اقول اذا صح النذر بشرايطه وانعقد واشتغلت ذمته به فيجب عليه الاداء فاذا تعذر في وقته يقضيه لقوله عليه السلام اقض ما فاتك كما فاتك مع ان القضا ليس عندنا بامر جديد والا كان اداء لانه تكليف جديد ولا يجوز فيه نية القضاء لمنافاتها التكليف الجديد الا تجوزا وتوسعا ولا يشترط القضاء في مثل ذلك الوقت المعين لقضاء المعين والتخصيص اذن بوقت دون آخر من دون اذن من الشارع ترجيح من غير مرجح بل ربما كان الارجح تعجيل القضاء في اول وقت الامكان والانتظار ينافي ذلك
قال سلمه الله تعالى : وهل يشترط القدرة على المنذور حال النذر ام يكفي تجددها الى الوقت المعين
اقول معنى قول الفقهاء رضوان الله عليهم في النذر انه يجب ان يكون مقدورا للناذر صلاحية تعلق قدرته به عادة في الوقت المضروب له فعلا او قوة فان كان وقته معينا اعتبرت فيه وان كان مطلقا فالعمر والقدرة الفعلية غير مرادة لهم وان كانت هي المتبادرة لحكمهم بان من نذر الحج وهو عاجز عنه بالفعل لكنه يرجو القدرة ينعقد نذره ويتوقعها في الوقت فان خرج وهو عاجز بطل وكذا لو نذر الصدقة بمال وهو فقير او نذرت الحايض الصلوة او في وقت يمكن فعلها فيه بعد الطهارة وغير ذلك وانما اخرجوا بالقيد الممتنع عادة كنذر الصعود الى السماء او عقلا كالكون في غير حيز والجمع بين الضدين او شرعا كالاعتكاف جنبا مع القدرة على الغسل وامثالها وبالجملة لا اشكال ولا ريب في ذلك
قال سلمه الله تعالى : ولو نذرت المرأة ثم تزوجت هل يكون للزوج فسخه مطلقا او مع تفويت بعض حقوقه ام ليس له ذلك لانعقاده سابقا
اقول بعد انعقاد النذر سابقا لا سبيل للزوج الى فسخه وحله لانه عقد عقد الله سبحانه فلا يحل الا بدليل منه واذ ليس فليس ولا يضع التخريجات العقلية لو سلمت عن المناقشات فان الشريعة لا تؤس بامثالها
قال سلمه الله تعالى : ولو كان لليتيم سهما شايعا في ملك يطلب شركاؤه القسمة هل يقسم قبل بلوغه ام لا
اقول الناس مسلطون على اموالهم فمتى طلب الشركاء القسمة ولم يكن ضرر على اليتيم يقسمونه مع ولي اليتيم ولا تعطل الاموال لاجل مشاركته
قال سلمه الله تعالى : ولو تطهر او استعمل الانسان ماء نجسا ثم اعلم بعد الاستعمال اينجس ما باشره من ثياب وشبهه
اقول اذا علم يقينا ان ما استعمله حال الاستعمال كان نجسا ولم يعلم واستعمله ثم تبين له انه نجس ينجس جميع ما باشره فان العلم والجهل لا يؤثران في الحكم المذكور بعد التبين نعم اذا جهل ليس عليه جناح واثم في استعمال تلك المتنجسات لان الناس في سعة ما لم يعلموا
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ومولانا الامام السيد اطال الله بقاه في المستثنى في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم الا ما قد سلف وفي قوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف هل كانتا حلالا في بعض الشرايع المتقدمة ام من الجاهلية
اقول هذا الفعل ما كان جايزا في شريعة من الشرايع نعم في الجاهلية كانوا يستعملونه وقد روى القمي عن الباقر عليه السلام كان في الجاهلية في اول ما اسلموا في قبائل العرب اذا مات حميم الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان اصدقها فيرث نكاحها كما يرث ماله فلما مات ابو قبيس بن الاشلت القى ابنه محصن بن ابي قبيس ثوبه امرأة ابيه وهي كبيشة بنت معمر بن معبد فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل بها ولا ينفق عليها فاتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله مات ابو قبيس بن الارث فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل عليّ ولا ينفق عليّ ولا يخلي سبيلي فالحق باهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ارجعي الى بيتك فان يحدث الله في شأنك شيئا اعلمك فنزل ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا فلحقت باهلها وكان نسوة في المدينة قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيشة غير انه ورثهن غير الابناء فانزل آية يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها الى قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف وهو استثناء من لازم النهي فكانه قيل تستحقون العقاب بذلك الا ما سلف في الجاهلية فانكم معذورون فيه
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في الارض الموقوفة لو صلى فيها اتصح فيها الصلوة ام لا وما الحكم وما الحكم لو كانت مغصوبة او الماء خاصة مغصوبا هل يباح من النهر ام لا والماء الذي يخص المغصوبة هل يجب تجنبه حال كونه جاريا في النهر المشترك او المباح ام يباح ذلك حتى يدخل الارض المغصوبة ام لا
اقول الوقف ان كان خاصا يحتاج الى اذن الموقوف عليه اما صريحا او فحوى او بشاهد الحال فلا تصح الصلوة من دون الاذن وان كان عاما فان كان للصلوة واشباهها من افعال الخير فلا اشكال للصحة وان كان لجهات اخر ولا يكون فعل الصلوة مخلا بشيء من تلك الجهات تصح الصلوة والا فلا واما المكان المغصوب والارض المغصوبة فلا تصح الصلوة مع العلم بالغصبية وتمكن الاجتناب ومع الجهل بالغصب والنسيان والاضطرار للصلوة فيه تجوز واما مع الجهل بالحكم الشرعي ففيه خلاف والبطلان اصح لعدم معذورية الجاهل في امثال هذا المقام من الاحكام التي تعم بها البلوى واما الصلوة في الصحاري والبراري والبساتين الماذون للدخول فيها لعامة الناس والتردد اليها وامثالها فانه تصح الصلوة فيها وان لم يحصل الاذن التصريحي نعم اذا علم الكراهة والمنع من اربابها فلا يجوز ولا فرق في ذلك بين ان يكون تلك الاراضي والصحاري مملوكة لجايز التصرف كالعاقل البالغ الرشيد المختار او ممنوع التصرف ومحجوره كالطفل والمجنون والسفيه وامثالها واما اذا كانت تلك الاراضي مغصوبة فذهب السيد المرتضى الى جواز الصلوة فيها ايضا للاستصحاب وهو الوجه اذا كان لغير الغاصب واما الغاصب فالظاهر انه لا يجوز له الصلوة فيه للعلم بعدم اذن المالك او وليه له واما الماء الجاري في النهر فحكمه حكم الصحاري اذا كان مغصوبا ولم يدخل ضرر وفساد من هذا الاستعمال على المالك فيجوز الشرب والتطهير وسقي الدواب واخذ شيء منها للطبخ والشرب وساير الاستعمالات وهذا مثل الاستظلال بظل حائط الغير والاستضائة من سراجه والماء المباح قبل الوصول الى المجري المغصوب لا ريب في جواز استعماله واما بعد الوصول الى الارض المغصوبة فكذلك ايضا كما اذا كان الماء والمجرى كلاهما مغصوبين الا اذا كان في الاستعمال ضرر على المالك فانه لا يجوز وهذا لا اشكال فيه والاجماع والسيرة قاضيان بذلك
قال سلمه الله تعالى : وما الحكم فيما ينسب الى حاكم الجور من العقارات مع عدم العلم بغصبية
اقول اليد ظاهرة في الملكية ما لم يعلم انها غاصبة عادية او ماذونة فيه عارية سواء كان ذو اليد حاكما او محكوما جائرا او عادلا مسلما او كافرا فتجري عليه جميع احكام الملك بانحاء التصرفات
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في الطريق الشرعي هل هو سبعة اذرع او خمسة اذرع
اقول حد الطريق خمس اذرع للخبر والاول اوضح سندا والثاني اكثر رواة وربما يجمع بالحمل على اختلاف الطريق في حاجة المرور كالتي للقوافل والتي للاملاك ولو زادها على السبع واستطرقت قيل صار الجميع طريقا فلا يجوز احداث ما يمنع المارة وفي الخبر قلت له الطريق الواسع هل يؤخذ منه شيء اذا لم يضر بالطريق قال لا وللمناقشة فيه مجال والاحتياط لا يخفى
قال سلمه الله تعالى : وما يقول مولينا فيمن اشترى عقارا مثلا خرابا او مطلقا ثم احدث فيها غرسا او شجرا وزادت قيمتها الاولى هل يجب الخمس في الزايد ام المعتبر الفاضل بعد المؤنة حول السنة في جميع مكاسبه وكذلك لو ظهر الوارث على ارض مورثة وعمل فيها وزادت بالنسبة الى الاول
اقول الارض والشجر والدار ليس فيها خمس الا ارض الذمي اذا اشتراها من مسلم نعم اذا اشترى الارض وثمنها فيه خمس يجب ان يخرج الخمس من الثمن واما نفس الارض والدار والعقار فلا زادت قيمتها او نقصت نعم يخرج الخمس من ارباح التجارات والمنافع والزراعات والغلات وامثالها اذا فضلت عن مؤنة السنة وهذا الحكم لا يختلف فيه الوارث وغيره
قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز لمن كان بيده خمس ان يصرف الحصة الثانية الى السادة المحتاجين بدون اذن الحاكم
اقول الجواز هو الاشهر الاظهر وعليه العمل انشاء الله تعالى فلا يتوقف على اذن الحاكم الا حصة الغايب المنتظر عجل الله فرجه وجعلني فداه وعليه وعلى آبائه السلام
قال سلمه الله تعالى : لو تعاقبت الاضياف وتباينوا في قوة الحال وضعفه هل يجوز لي التكلف ولو بالدين لبعضهم دون الآخر لان بعض الاشخاص يطلب عادته في الاكل ولا يرضى به بما يرضى به الفقراء ولو عملت هل اسلم من الاثم ام لا ام يجب التسوية مطلقا ولو بالتكلف ولو بالدين وما الحكم لو كان الحال ضعيفا ولا يمكنني التوسعة على الكل
اقول اكرام الضيف حق لازم لكن على حسب حال صاحب المنزل والتفاوت للاضياف على حسب درجاتهم لازم والتسوية مع تفاوتهم تضييع لحق الاكرام الا ان تجعل الزاد للاعلى وتكرم به للاسفل ايضا فان هذا اكرام زايد واما العكس فلا هذا اذا كان صاحب المنزل والبيت سعة حال يقوم بحق الاضياف على درجاتهم والا فكيف ما يمكنه وسعة حاله ولا يكلف بازيد من الاستطاعة والامكان
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم في قوله تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به الآية هل هذا في امور مخصوصة ام مطلقا ولفظ عوقبتم معناه ظلمتم ام غيره
اقول سبب نزولها ما رواه القمي ان المشركين يوم الاحد مثلوا باصحاب النبي صلى الله عليه وآله الذين استشهدوا فيهم حمزة فقال المسلمون اما والله لو مكننا الله منهم لنمثلن باخيارهم وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم احد من له علم بعمي حمزة فقال الحارث بن الصمت انا اعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة وكره ان يرجع الى رسول الله صلى الله عليه وآله فيخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين عليه واخيه وآله وزوجته وآبائه الصلوة والسلام يا عليّ اطلب عمك فجاء عليّ عليه الصلوة والسلام فوقف على حمزة وكره ان يرجع اليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقف فلما رآى ما فعل به بكى ثم قال ما وقفت موقفا اغلظ على من هذا المكان لان امكنني الله من قريش لاقتلن سبعين رجلا منهم فنزل جبرئيل عليه السلام فقال وان عاقبتم الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اصبر فمعنى عاقبتم وعوقبتم كله بمعنى العقاب والمكافاة بالفعل وهذه الآية هي معنى الآية الاخرى في قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فالمعنى ان صنع بكم صنيع سوء من قتل او نحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه
قال سلمه الله تعالى : وعن قول النبي صلى الله عليه وآله في الخط اني نبي امي لا اعرف الخط وعن نور الزهراء عليها وابيها وبعلها وآلها السلام واشراقه مع وجود نوره وابن عمه صلى الله عليه وآله
اقول اما قوله صلى الله عليه وآله اني نبي امي فهو كذلك منسوب الى ام القرى وهي المكة الطاهرة او المسجد الاقصى الذي هو نهاية مسيره صلى الله عليه وآله ليلة المعراج كما في قوله تعالى سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى وهو اقصى ما وصل اليه في سيره لا البيت المقدس كما زعموا واما قوله لا اعرف الخط فمراده صلى الله عليه وآله اني لا اعرفه على طريق التعلم والاستفادة والكسب كما هو شان الذين يعرفون الخط وساير الصنايع والعلوم وانحاء التكسب واما علمه صلى الله عليه وآله فقد احاط بكل ما دخل الكون والوجود بتعليم الله سبحانه نعم لم يكن مأذونا بكتابة الخط وقرائته وانشاد الشعر لحكمة الهية اقتضت ذلك واما نور الزهراء عليها السلام واشراقه على بيوت اهل المدينة وحيطانهم بالصبح بلون البياض وفي الظهر بلون الصفرة وفي المغرب بلون الحمرة فلكونها عليها السلام حاملا بالحسين عليه السلام الذي هو حامل التسعة المعصومين عليهم السلام فاجتمعت تلك الانوار فيها وتكاثرت فظهرت لصفاء قابليتها وشدة نورانيتها وضعف كينونتها بالنسبة الى رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه الصلوة والسلام حين حملا تلك الانوار ولم تظهر وذلك لضعف تلك الانوار في جنب نوريتهما صلى الله عليهما واما الزهراء عليها السلام فحيث تلك الانوار اقوى من نوريتها ظهرت فيها كنور السراج عند الشمس وطلوع الشمس عند ظهور القمر وساير الكواكب فلا تجد للكواكب نورا مع ظهور الشمس ولا يظهر نور السراج اذ اشعلته في الشمس ووجود الائمة سلام الله عليهم في صلب امير المؤمنين عليه السلام كنور السراج عند الشمس لا يظهر ووجودهم في صلب الحسين عليه السلام كذلك ووجودهم سلام الله عليهم في رحم الزهراء عليها وآبائها وبعلها وبنيها السلام كطلوع الشمس مع وجود القمر وظهورها في الزهراء سلام الله عليها دون ام امير المؤمنين عليه الصلوة والسلام لضعف قابليتها عن تحمل الظهور وحكايته واما في الزهراء عليها السلام فلقوة النورانية وصفاء القابلية مثال الفريقين كالبلور والصخرة فان في الثانية لا يظهر نور الشمس بخلاف الاول فالزهراء عليها السلام كالبلور وغيرها بالنسبة اليها كالصخرة فمن هذه الجهة ظهر النور فيها دون غيرها من امهات الائمة سلام الله عليهم وان كان يظهر لكنه لا بهذه المثابة
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ومولينا وامامنا هل يكفي المكلف في معرفته للائمة عليهم السلام اعتقاد انهم متساوون في الفضل ام لا بد من اعتقاده تفضيل الافضل عليهم السلام وهل معرفة امهاتهم سلام الله عليهم واجبة ام مستحبة
اقول اما رسول الله صلى الله عليه وآله فلا ريب انه افضل الكل ويجب اعتقاد ذلك لانه من الضروريات للدين واما امير المؤمنين عليه السلام فهو وان كان كذلك لقوله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وابوهما خير منهما وليس في الجنة كهل وكذلك الحسن عليه السلام افضل من الحسين عليه السلام للدعاء ثم من بعده سيد اولاده الحسن بن عليّ عليهما السلام وكذلك الحسين عليه السلام من بعده والقائم المنتظر عجل الله فرجه بعده لقوله صلى الله عليه وآله تاسعهم قائمهم افضلهم والائمة الثمانية سلام الله عليهم متساوون في الفضل بعده والزهراء سلام الله عليها بعدهم لان الرجال قوامون على النساء وان الرجل في كل من الرتب خير من المرأة في تلك الرتبة والتفاضل في الائمة عليهم السلام وان كان متحققا موجودا الا انه ادراكه شان الخواص والعلماء الفحول مختلفون فيه ويكفي للمكلف اعتقاد ان الائمة عليهم السلام خلفاء الله واوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله معصومون طيبون طاهرون اذهب الله عنهم الرجس وطهركم تطهيرا ولا يكلفون بازيد من ذلك في اصل كونهم من اهل المذهب واما في الكمال وزيادة البصيرة فلكل درجات مما عملوا وجهل هذا التفاضل لا يقدح في ايمانهم انشاء الله تعالى
قال سلمه الله تعالى : وهل يجوز زيادة الرضع على الحولين مع احتياجه وضعفه ام مطلقا وهل يختص الزيادة بالذكر ام مطلقا
اقول اما في الصورة الضرورة والاحتياج فلا اشكال في جواز الزيادة على قدر ما تندفع به الضرورة واما مطلقا فالمشهور بين الاصحاب انه لا يجوز الزيادة اكثر من شهرين وادعوا انه هو المروي ولم نقف على الرواية بعد الفحص التام نعم المروي عن الرضا عليه السلام نفي البأس عن الزيادة مطلقا من غير تقييد بشهر او شهرين وكيف كان فالعمل على المشهور هو الاحوط بل هو المشعر لانهم ادعوا الرواية فوجب تصديقهم لانهم عدول ثقات مؤتمنون لا سيما ابن الادريس الذي لا يعمل بالخبر الواحد قطع بالحكم المذكور مدعيا انه مروي والخبر المذكور عام يخصص الخبر الذي ادعاه الاصحاب لناديا عن الطرح لا للجمع لان الخبر المشهور هو المتعين للعمل لقوله عليه السلام خذ ما اشتهر بين اصحابك واترك الشاذ النادر ولا فرق في حكم الزيادة بين الذكر والانثى
قال سلمه الله تعالى : ولو ارادت ام الرضيع ارضاعه بدون اجرة هل يجوز للاب اخذه عنها مع عدم رضاء ام ام لا
اقول اذا تبرعت الام بالارضاع او ارادت الاجرة باقل ما تأخذه مرأة اخرى او بمثلها فلا ريب انها احق بالارضاع من غيرها ولا يجوز للاب انتزاعه منها نعم اذا طلبت الزيادة عما تأخذه الاخرى او تبرعت غيرها وهي طلبت الاجرة او لبنها يضر الولد لمرض فيها او يخاف على ( عليه ظ ) من موذ باقسامه فيجوز للاب ح انتزاعه منها واما بدون هذه الصور فلا لان لها حق الحضانة ولبنها اوفق لمزاج الولد والنصوص الواردة عن اهل الخصوص عليهم السلام واطباق الاصحاب بذلك
قال سلمه الله تعالى : ولو طلق المريض زوجته ولم يعلم من حاله احرامها الميراث هل ترثه مطلقا ام لا
اقول اذا طلق المريض زوجته في حال المرض ومات قبل ان يبرء من ذلك المرض ولم تتزوج المرأة بعد خروجها من العدة فترث المرأة من الرجل المطلق الى سنة ذلك مطلقا علم من حاله او لم يعلم لان الحكم جري على طلاق المريض من غير تفصيل واستنباط العلة واناطة الحكم عليها ليس من مذهبنا ولا من طريقتنا
قال سلمه الله تعالى : وما الحكم لو طرء الجنون على الزوج او الزوجة بعد الدخول هل يكون لاحدهما التسلط على الفسخ ام لا وهل يسوغ الطلاق ام لا وما قولكم في الجنون هل فرق بين المطبق ام لا
اقول لا خلاف في كون الجنون من عيوب الرجل المجوزة للفسخ المرأة النكاح في الجملة ثم ان كان متقدما على العقد او مقارنا له ثبت لها به الفسخ مطلقا سواء كان مطبقا ام ادوار وسواء عقل اوقات الصلوة ام لم يعقل وان كان متجددا بعد العقد سواء كان قد وطئ ام لا فان كان لا يعقل اوقات الصلوة فاكثر المتقدمين كالشيخ واتباعه على عدم الفسخ والاقوى عدم اشتراطه لعدم وجود دليل يفيد التقييد وتناول الجنون لاطلاقه لجميع اقسامه فان الجنون فنون والجامع بينها فساد العقل كيف اتفق نعم اكثر المتاخرين اشترطوا ذلك ويدل عليه رواية عليّ بن ابي حمزة وهي وان كانت ضعيفة به لانه من عمل الواقفية الا انها مجبورة بعمل الاصحاب وهو الاحوط لا سيما في الفروج واما افتقار الفسخ الى الطلاق فظاهر كلام شيخ الطايفة في النهاية افتقاره الى الطلاق حيث قال فان حدث في الرجل جنون يعقل معه اوقات الصلوات لم يكن لها اختيار وان لم يعقل معه اوقات الصلوات كان لها الخيار فان اختار ( اختارت ظ ) فراقه كان على وليه ان يطلقها وكذا قال ابن البراج في المهذب وابن زهرة وابن ادريس لم يذكر الطلاق والوجه انه لا يفتقر الى سواء تجدد بعد الدخول او قبله كغيره من العيوب وهو الاصح لان الادلة مطلقة في الفسخ عنده كذلك في عيب المرأة يتسلط الرجل على الفسخ عند حصوله وحدوثه بالمرأة لا خلاف نصا وفتوى والسلام
قال سلمه الله تعالى : ولو رجعت المختلعة في البذل في العدة والزوج لم يعلم بذلك هل يكون لها البذل مع عدم علمه وتبين منه ام له الرجوع ولو بعد العدة
اقول الظاهر من صحيحة ابن بزيع ان شاءت ان يرد اليها ما اخذ منها وتكون امرأته فعلت ورواية ابي العباس عن ابي عبد الله عليه السلام المختلعة ان رجعت في شيء من الصلح يقول لارجعن في بضعك انه يشترط علم الزوج في رجوعها حتى يتم له صحة رجوعه على انه عقد معاوضة لا يفسخ الا برضاء الطرفين كما ذهب اليه ابن حمزة وغيره من اصحابنا من ان الرجوع الى البذل لا يمكن الا برضاء الزوج ان ارادت ورجعت في البذل ويلزم منه الاضرار المنفي في المذهب لان رجوعها في البذل من غير علمه حتى يرجع يوجب في اخذ ما استحقه وقد جعله الله في حل من ذلك وبالجملة فالمال المبذول قد ملكه الزوج فلا يرجع ولا ينتقل الى الزوجة الا بدليل قاطع وقد قام الدليل على الرجوع فيما اذا رجعت وعلم الزوج بذلك حتى يصح له الرجوع وهو القدر المتيقن واما في غير ذلك فليس عليه دليل واضح فيجب الاقتصار على القدر المعلوم والشهيد (ره) في المسالك توقف فيه والاحتياط طريق السلامة فعلى ما ذكرنا ليس لها البذل اذ لا اثر لهذا الرجوع ولو صالحها لشيء احتياط ونجى واما الرجوع بعد العدة فلا يجوز على كل حال
قال سلمه الله تعالى : ولو وقع بين الزوجين نزاع واختلاف في الافعال ولم تحصل كراهتها لصورته بل لافعاله خاصة هل يقع بينهما الخلع ام كراهة الصورة خاصة ولو بذلت الزوجة بدون كراهة هل تعين مع البذل ام لا
اقول الخلع لا يكون الا بعد الكراهة من الزوجة بان يسمع منها ما لا يحل ذكره من قولها الا اغتسل من جنابة ولا اقيم لك حدا ولا وطئ فراشك من تكرهه ولم يعلم ذلك منها فعلا وقد ادعى ابن ادريس على ذلك الاجماع وهو مدلول الروايات الكثيرة الصريحة فلا تكفي ح مطلق الكراهة ولا ظهورها فعلا بل لا بد معها قولا كما في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام قال المختلعة التي تقول لزوجها اخلعني وانا اعطيك ما اخذت منك فقال عليه السلام لا يحل له ان يأخذ منها شيئا حتى تقول والله لا ابرء لك قسما ولا اطيع لك امرا ولاوذنن في بيتك بغير اذنك فاذا فعلت ذلك حل له ما اخذ منها وامثالها من الروايات كثيرة والمفهوم من كلام متاخري اصحابنا عدم اشتراط هذا الاقوال المخصوصة وما يشاكلها لانهم جعلوا مناط الخلع حصول الكراهة منها ولم يشترط احد منهم الاتيان بهذه الاقوال بل كلما دل على الكراهة من لفظ او فعل او نحو ذلك فهو كاف في صحة الخلع وترتب احكامه عليه لانهم فهموا من تلك الاخبار مطلق الكراهة ونزلوا تلك الاقوال والالفاظ المخصوصة منزلة المثال وهو صرف الكلام عن ظاهره بغير دليل واضح وبرهان لا يح والاصل حمل الكلام على الحقيقة حتى يقوم دليل على خلافها واذ ليس فليس واما اذا بذلت الزوجة والاخلات ملئمة ( والاخلاق ملتئمة ظ ) والاحوال عامرة فلم يصح الخلع ولم يملك الفدية ولو طلقها والحال هذه بعوض صح الطلاق ولم يملك العوض وله الرجعة واما عدم صحة الخلع لم يملك الفدية فان الله تعالى يقول ولا يحل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم ان لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به فلا يتبين مع البذل بدون الكراهة
قال سلمه الله تعالى : وما يقول سيدنا ومولينا في الحضانة للولد هل تجب على الامام ( الام ظ ) مجانا ام لا
اقول الام لا تثبت لها الحضانة الا بشرايط احدها ان تكون مسلمة اذا كان الولد محكوما عليه بالاسلام كولد المسلم لان الحضانة ولاية ولا ولاية للكافر على المسلم لقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وثانيها ان تكون حرة فلا حضانة للمملوكة لان منافعها مملوكة لسيدها فهي مشغولة بخدمته عن الحضانة ولانها ولاية كما سبق والمملوك ليس اهلا لها وثالثها ان تكون عاقلة فلا حضانة للمجنونة لان المجنون يحتاج الى من يحضنه فكيف يحضن غيره ولا فرق بين ان يكون الجنون مطبقا او ادوارا وفي الحاق المرض المزمن الذي لا يرجي زواله كالسبل والفالج والدق والمرض الذي يعدي كالجذام والبرص وامثالهما وجهان ورابعها ان تكون فارغة من حقوق الزوج فلو تزوجت سقط حقها سواء دخل بها ام لا ولو طلقت الام فهل تعود الحصانة اليها لزوال المانع وهو التزويج ام لا لخروجها بالنكاح عن الاستحقاق فلا تعود الا بدليل قولان ولعل الاول اقوى واصح لان الحضانة جعلت ارفاقا بالصبي فاذا تزوجت الام خرجت باشتغالها بزوجها وحقوقه عن الحضانة للطفل فلهذا اسقطت فاذا طلقت زال المانع فيبقى المقتضى سليما من المعارض فيثبت حكمه وعلى هذا انما تعود الحضانة بمجرد الطلاق اذا كان باينا واما اذا كان رجعيا فبعيد خروجها من العدة لان علاقة الزوجية باقية والاحكام جارية فحكمها حكم المتزوجة وقول من اعتبر عودها في العدة الرجعية ضعيف جدا وخامسها قالوا ان تكون امينة لان الحضانة ولاية فلا تثبت للخائن وسادسها ان تكون مقيمة فلو انتقلت الى محل يقصر فيه الصلوة سقط حقها من الحضانة وهذا كسابقه لم يقم عليها دليل من الشرع الا بعض التخريجات الوهمية والتعليلات الاعتبارية وهي غيره ( غير ظ ) معتبرة لتاسيس الاحكام الالهية وكيف كان اذا اتصفت الام بهذه الصفات تثبت لها الحضانة مع وجود الاب حولين كاملين اتفاقا واما فيما سواه فاختلفوا فيه اختلافا كثيرة وفي ايام الحضانة واوقاتها لها ان تاخذ الاجرة من الاب بما يتراضان ولا تجب عليها مجانا الا بعد فقد الاب او عجزه عن الاجرة بالمرة فاذا تبرعت الام ولم تتبرع الام او رضيت باقل ما تأخذه الام فللاب انتزاعه عنها كما هو مضمون روايات عديدة فح تسقط حضانتها والله سبحانه هو العالم
قال سلمه الله تعالى : وما قولكم مولينا في رجل قصد مكة حاجا فبات بمني ليلة التاسع فلما اصبح قصد الناس عرفة وهو مضى الى مكة غافلا او جاهلا او ضايعا لكثيرة الحاج واخذته الغفلة والجهل عن الاتيان بالموقفين وباقي المناسك بل لبس المخيط فهل يكفيه الحج مرة اخرى من دون كفارة ام لا وهل يلحق هذا بالعامد ام الناسي وهل تحرم عليه المحرمات قبل اتيانه بالحج
اقول اذا فاته الموقفان فقد فاته الحج وسقط عنه بقية اعماله وله ان يمضي الى مكة ويعدل بحجه الى العمرة فيأتي بها ويحل ويحج من قابل ولا يجب عليه الهدى على الاصح ولا يجوز له البقاء باحرامه الى قابل كما هو مدلول الامر بالعدول الى العمرة في الاخبار فاذا لبس المخيط قبل الاتيان بافعال العمرة فعليه الكفارة كما اذا لبسه في الاحرام لانه لا يحل الا بالاتيان بالعمرة فلو رجع الى بلاده ولم يأت بها فلا اشكال في بقائه على احرامه فيجب العود والاتيان ليحل ولو تعذر العود عليه لخوف الطريق فهو معذور عن اكمال العمرة فله التحلل بالذبح والتقصير في بلده ولو عاد قبل التحلل لم تحج الى تجديد احرام مستأنف من الميقات وان طال الزمان ثم يأتي بافعال العمرة الواجبة عليه ثم يأتي بعدها بما اراد من النسك ولو لم يتحلل فهو على احرامه فيجب عليه ان يتجنب عن كلما يحرم على المحرم ولا فرق في فوت الموقفين والحج بين العامد والناسي في احكام الدنيا واما في الآخرة فالفرق عظيم والعقوبة على الاول شديدة وتحرم عليه المحرمات قبل الاتيان بالعمرة فاذا اتى بها احل ويحج من قابل وصلى الله على محمد وآله الطاهرين