شرح القصيدة البائية من كتاب شذور الذهب

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

شرح القصيدة البائية من كتاب شذور الذهب

لعليّ بن موسى الاندلسي

في علم الكيمياء

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثاني

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد الجاني والاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض من تجب عليّ رعايته والزمت على نفسي طاعته قد ارسل الى ابياتا لعلي بن موسى الاندلسي التي قالها في ديوانه المشهور بشذور الذهب في علم الصناعة الفلسفية واراد من الفقير شرحها وبيان رموزها وحل مغلقها واتتني تلك الابيات وانا مشغول البال بمعاناة الحل والارتحال مع انه سلمه الله يريد الجواب بالاستعجال فاجبت مسئوله مع اني لست من اهل هذه الصناعة وما بي من قلة البضاعة وكثرة الاضاعة وكتبت له بعض ما يحضرني في اثناء السفر لان ذلك هو الميسور ولا يسقط بالمعسور

قال اطال الله بقاه وسلك به مسلك رضاه بالنبي وآله صلى الله عليه وآله : وبعد يا مولانا عبدكم يرجو من فضلكم وجزيل احسانكم ان تمنوا عليه ببيان هذه الابيات بالطريق الذي يفهمه اهل العقول الفضل لكم كما قيل :

منوا وحنوا وارحموا وتعطفوا عودوا وجودوا واجبروا وتصدقوا

اقول هذه الابيات ومضامينها مما تحالف الحكماء والعلماء على كتمانها وصونها وابوا ان يتكلموا فيها الا بالرموز والاشارات البعيدة حتى قال صاحب كتاب جوهر الجواهر ان اقرب الرموز ان نشير الى البعيد بالقريب وبالعكس وقد سئل مولينا امير المؤمنين عليه السلام عن ذلك فاجابهم بالرمز والاشارة فقالوا زدنا يا اميرالمومنين قال عليه السلام لا زيادة على هذا فان الحكماء مازادوا عليه ولولا ان النفس لأمارة بالسوء لبينتها حتى تعلمت الصبيان في المكاتيب ه‍ فاذا كان كذلك فلا يجوز مخالفة الاكابر ولا يحسن فضح السر الا ان السائل لما كان من اهل الاجابة اجري الكلام على اقرب الطرق الى التصريح وربما اصرح في اثناء التلويح تفهمه اهل العقول السليمة اذا كانت مرتفعة ولم تكن منخفضة لان في هذا العلم سر التوحيد وحقيقة التنزيه والتفريد وبيان سر الخليقة ولب الحقيقة فانه عالم كعالم الانسان وجامع لما حواه الامكان والاكوان وهو الاسم الاعظم والنور الاقدم والمولود المكرم شقيق النبوة ومعدن الولاية والفتوة حفظه الله عن اعين الظالمين

قال سلمه الله تعالى نقلا عن الشذوري :

خذ البيضة الشقراء وانزع قشورها فان لها تحت القشور لبابا

اقول ان القوم لهم في تعيين مادة الحجر اقوال شتى وذلك على حسب ما وجدوا من التاثير حسب التدبير والذي وقفت عليه من اقوالهم مما ذكروا من الامور التي تصلح لان تكون حجرا ومادة لهذا المولود العزيز وقرة عين اهل التميز عشرة اشياء تجمعها قول شاعرهم :

فعدة الاحجار منها عشرة كاملة معلومة منحصرة

القرن والظلف مع الاشعار والقحف والدم مع المرار

والبيض والبول وثم العذرة وثم بالمني تتم العشرة

ثم انهم ردوا اغلبها وذكروا انها ماتصلح لان تكون حجرا اما الدم والمخ فشرطهما ان تكونا من البقرة الصفراء اذا قطرا ويتخذون المعظم القحف مكان الجسد المكلس وردوه بوجهين احدهما ان هذا الحجر فيه اصباغ وادهان واكلاس وليس يتم به عمل تام وثانيهما انه نجس ولا يجوز للمسلم ان يباشره لادائها الى نجاسات لا يمكن التحرز منها عادة واما عذرة الانسان وفيها ادهان ونشادر واصباغ وليس لها جسد ولا كلس ولا يتم به المقصود مع ما فيها من مباشرة النجاسات واما البيض من الحيوان فاحسنه بيض الدجاج واحسن اعماله في فصل الربيع والخريف قالوا ويتم به المقصود لكن فيه عسر تكليس الجسد وعسر تبييض الدهنة قال شاعرهم :

والبيض ان عاينته برفق وحسن تدبير له وسحق

اراك من الوانه غرائبا بدايعا طرائفا عجائبا

لكنني لست له بصاحب لانه غير سبيل الطالب

قد ذمه من قبلي الحكيم لانه بطبعه عليم

وقال صاحب هذه الابيات التي نحن بصدد شرحها يمتحن الاجساد بالحل والنفض مبتلي الارواح بالروح والخفض دع البيض ليس الصبغ في بيض طائر ولا حجر فض ولا شجر غض واما الشعر فقالوا ياخذون شعر الانسان البالغ اربع‌عشر سنة الى اربعين سنة ويغسلون بالطين والاشنان ويضعونه في القرع بعد تقطيره وتقريضه وتقطير مائه ودهنه ويخرجون الماء من الدهن وردوا هذا القول بوجوه عشرة الاول ان حجرهم هذا ليس يتم به الفعل والانفعال لان من علامات حجر القوم ان يخلط مائه دهنه الثاني ان حجر القوم فيه رزانة والشعر خفيف يعلو دهنه على مائه الثالث ان كلسه قليل وليس فيه رزانة الرابع ان حجر القوم فيه الطبايع الاربع المنفردة قبل التفصيل الخامس ان حجرهم فيه ماءان والشعر فيه ماء واحد السادس ان حجر القوم فيه غرائب ثلاثة زائدة على الشعر وان الشعر فيه غريب واحد السابع ان حجر القوم فيه عدة اجزاء منها الماء الابيض والدهنية والصبغ وارض البياض وارض الذهب الثامن ان حجر القوم اذا دخل الانسان حصل منه قوة والشعر يضر الانسان التاسع ان حجر القوم عينه واحدة في حال عبيطة واجزائه اربعة وليس كذلك الشعر العاشر ان حجر القوم مختلف الالوان حال عبيطه ايضا وذكروا في باقي الاحجار وجوها لانطول الكلام بذكرها هذا ما تلونا عليك من اقوالهم واما الذي عندنا فاستمع لما يتلي ان هو الا وحي يوحي واعلم ان الله سبحانه وتعالى لم يزل واحدا متوحدا كاملا غاية الكمال لا يشغله شان عن شان ثم خلق فعله سبحانه من كينونة اعتدالية قد غلب عليه سر الوحدانية يحكي جلاله وجماله في مبدئه ومئاله ثم خلق اثر فعله من فاضل تلك الكينونة الاعتدالية وعلى مثال تلك الهيئة الالهية اتقانا لصنعه واحكاما لامره ذلك تقدير العزيز العليم ثم لما ثبت ان الحادث لا بد له من تحصله من امتزاج الطبايع الاربع الفه سبحانه بكمال قدرته ولطيف حكمته من تلك الطبايع المتضادة مبقيا كل واحدة منها بصرافة تاثيرها ولطافة تدبيرها في حال اجتماعها وايتلافها المتحصل منها الوحدة البسيطة المستدعية للطبيعة الخامسة المعبر عنها بالكينونة الاعتدالية فلا تزاحم ح بين النار والماء ولا بين التراب والهواء في اظهار تاثير كل منهما بصرافة وحدتها لحيلولة قدرة الله بينهما ومنعها اياها عن تعدي كل ضد الى الآخر لكسر سورته ولا لميل مناسب الى الآخر لزيادة شوكته ولا يمنع اجتماعها من تاثيرها الكيفية الاعتدالية لاعانة كل واحدة منها الاخرى بنصف قوتها حيث امره الله سبحانه لكونها مطيعة له ومنقادة لامره ونهيه فاتقن سبحانه وتعالى تدبيره بان جعل في كل شيء تاثيرا اعتداليا وتاثيرات متضادة وتاثيرات بحسب القرانات والاوضاع فتغلب طبيعة مع بقاء نوع الاخرى وكذلك الطبيعتان وكذا الثلاثة وكذا باقي الاوضاع فيحصل منها تاثيرات عجيبة غريبة مختلفة ولما كان كل الموجودات على اختلافاتها انما حصل من قرانات هذه الكيفيات كان كل شيء يؤثر في كل شيء لتركب كل شيء منها وشواهد ما ذكرنا من الآيات والروايات ومقتضى العقل كثيرة ولبيانها مقام آخر انظر الى الجنة والنار واحوالها فان كل شجرة منها تثمر كل ثمرة مختلفة الالوان والطبايع وكل طير تفرد بكل الالحان وكل طعام يظهر منه طعم جميع الاطعمة وكذلك غيرها من الاحوال فظهر لك مما بينها ان الله سبحانه وتعالى خلق الاشياء كلها من المجردات والماديات والعقول والارواح والاجسام والاجساد بحسب الفطرة الاصلية صافية طاهرة مظهر لها الهيمنة والربوبية على ما سواها من آثارها وتاثيراتها فاذا كل شيء اكسير من الروحانيات والجسمانيات وتجعل ما سواها مثلها او اكل ما ينبغي من نوعه ولكن لما امرهم بالنزول والادبار وكلفها بالتكاليف من الاوامر والنواهي فاختلف الاشياء بعد التكليف وعمل به قوي واستنار وازداد تاثيرا ونورا ومن تكاسل عن قبول التكليف ضعف وغلبت عليه الرطوبات الغريبة وكذلك الحرارة الغريبية فتولدت فيه الامراض المزمنة وخرجت الطبايع عن الفطرة الاصلية ولا يصل اليها الا بالتصفية فصاحب الاكسير هو الذي يصفيها ويزيل اوساخها بحلها وعقدها وهي بين قريب الى الفطرة الاصلية غاية القرب وبين بعيد منها غاية البعد وبين متوسط بينهما والحكيم الذي يصفي تلك الارواح والاجساد ففي القريب يحتاج الى معالجة جزئية وفي البعيد الى معالجات قوية شديدة وفي المتوسط متوسط بينهما فظهر لك ان سر الاكسير يوجد في كل شريف وحقير وهو قول امير المؤمنين عليه السلام وان من شيء الا وفيه منه اصل وفرع فظهر لك ان حصرهم في الاحجار العشرة غلط وردها بما ذكروا غلط آخر اذ كل شيء له تدبير لمعالجة امراضه غير ما للآخر منه ولا يلزم ان يطلع كل احد على ما اطلع عليه الآخر من كيفية المعالجات وانحاء التدبير الا اذا احاط بالكل وح لا يرد الكل وقد قال الشاعر :

لو كنت تعلم كل ما علم الورى طرا لكنت صديق كل العالم

لكن جهلت فصرت تحسب كل مني هوى بغير هواك غير العالم

وبالجملة فلمعالجة هذه الامراض وازالة الاوساخ الكامنة في تلك الاخبار طرق شتى قد خفي اكثرها على الخلق نعم للكل طريق واحد ولو مشوا في التدبير والمعالجة على ما دبر الله سبحانه الانسان من كونه نطفة وعلقة الى ان جعله بشرا سويا وكاملا اديبا الا ان تربية الاغذية واخراجها من ثفل الكيموس والكيلوس وجعلها صالحة للنطفة مختلف بحسبها من لطافتها اذ منها ما هو لطيف كثير الغذاء حسن الكيموس كمح البيض ومنها ما هو بخلاف ذلك كالباذنجان ولا شك ان القسم الاول اقرب الى استحالته بالنطفة بخلاف القسم الثاني وكذلك مولود الفلاسفة كل شيء يصلح لان يكون مادة لتحقق نطفته الا ان الاشياء تختلف بحسب قوتها وقربها الى الاستحالة بالنطفة وضعفها وبعدها عنها كما ان اصل الانسان النطفة ولا يقال ان اصلها مثلا اللبن او اللحم او السفرجل او التفاحة او غيرها مما يستحيل الى النطفة فكذلك لا يقال ان اصل هذا الولد القرن او الظلف او الكبريت او الملح او غير ذلك وانما اصله ومادته الحجر الكريم وهو النطفة الحاصلة المتحققة في العلم العمل المكتوم وتتم النطفة بعد اتمام ربع العمل ومرادهم بالحجر هو النطفة المنعقدة من ماء الرجل والانثى الا ان كمال الحكيم ان يدبر هذه الاشياء مفردة او مركبة حتى يخرجها عن ثفل الكيلوس والكيموس بتكرار الحل والعقد والتعفين والتقطير حتى يوصلها الى مقام النطفة فتختلف الاعمال الى هذا المقام وبعد ذلك فيتحد العمل ولما ان الناظرين في هذا الفن لا احاطة لهم بشيء حتى ينظروا الى معنى كل شيء في كل شيء وقصروا نظرهم الى شيء مخصوص حصره بذلك الشئ فقال بعضهم من البول والآخر من العذرة وهكذا ولما ان الآخر ما تمكن من العلاج التام كما تمكن غيره وانما تمكن من بعضه حكم بفساد هذا القول وقال في البعض ان له صبغ لكن لا يتم وفي بعض لا كلس له وفي بعض لا جسد له وهكذا من امثاله مما سمعت سابقا من نقل اقوالهم كل ذلك لجهلهم بموقع العلم وحقيقة السر ومثالهم مثال العميان والفيل فاذا فهمت ما ذكرنا لك فاعلم ان اقرب ما يصلح لان يكون حجرا واسهل تناولا اليه هو الشجرة الطورية كما ذكره الله عز وجل في عدة مواضع من القرآن كقوله تعالى وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وقال ايضا سبحانه وتعالى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لم‌ تمسسه نار اشارة الى كمال صفائها وقابليتها لان يكون نطفة لهذا الولد المكرم وقالوا عليهم السلام انها على سواء الجبل وليس موقعها الا في اشرف المخلوقات وهو الانسان والجبل هو راسه وهو الطور فقوله خذ البيضة الشقراء يريد به هذه الشجرة والوجوه العشرة التي ذكروا في قدحها كما ذكرنا سابقا كلها باطلة مزخرفة بما ذكرنا من جهلهم بالتدبير والا فكل صفات الحجر فيها موجودة اذ صارت حجرا والنار وسيتضح لك انشاء الله ولا يمنعها ضعفها وخفتها فان النار هي الام التي تربيها وتحضنها حتى تجعلها كاملة رزينة انظر الى حالة الرجل اذا كانت نفسها الامارة بالسوء من ضعفه وخفته وقلة مبالاته مع حالته اذا كانت النفس مطمئنة من كمال رزانته وتمكينه ووقاره وقد ذكرنا ان السر في الكل واحد وكونها خفيفة احسن واسرع واقرب الى المقصود من الثقيل بالعوارض والغرائب فافهم والشذوري صرح بما ذكرنا في قصيدته الخائية :

لنا شجر في طور سيناء راسخ وفوق ذرات الشم منها شمارخ

يضيئ من الواد المقدس نارها ومن دونها للمستضيئ فراسخ

الابيات وقد اوردنا مقالته سابقا من افكاره لبيض الطائر وقال ايضا :

دعوني من صبغ النحاس بزرنيخ ومن عقد محلول الرصاص بمريخ

الى ان قال :

ومن ذوب فولاد على النار صابر بدهن محاح البيض والدم ملطوخ

وتوصيف البيضة بالشقراء قرينة واضحة لما ذكرنا من ان مراده الشجرة الطورية وانما عبر عنها بالبيضة لان البيضة مشتملة على قشر غليظ وقشر رقيق ونطفة المرئة وهي البياض الرقيق ونطفة الرجل وهي الصفرة الغليظة وان البيضة اقرب الاشياء الى جوهر البدن والحرارة الغريزية فكذلك هذه الشجرة اولها قشر غليظ كثيف ثم يستخرج منها نطفة الرجل ( المرئة ظ ) الماء الابيض الرقيق ثم نطفة الرجل الماء الغليظ وهو العسل والشحم والحبرة وانما وصفها بالشقراء وهي السوداء المائلة الى الحمرة لاختيار ذلك من جهة كثرة الرطوبة وقوة الحرارة والعامل في اول الامر يحتاج الى ماء كثير ذخيرة له خوفا من العطش وهذه طريقة جيدة ومنهم من قال الاسود احسن من الاشقر لقوة الحرارة المطلوبة في هذا المقام ويحتمل ان يكون الشقراء من جهة الاضافة الى صاحبها فان صاحب الشجرة لا بد ان يكون سنه من خمس ‌عشر الى ثلثين وهو فصل الربيع وبرج الحمل والاسود احسن من الابيض لقوة الحرارة في الاسود دون الابيض واذا كان اشقر فتكون فيه رطوبة معتدلة وحرارة قوية فيكون اسرع لاستخراج الماء ويحتمل ان يريد بها الاسود في المقامين لان الاشقر فالغالب عليه السواد والامر في ذلك بين لان في الاشقر رطوبة زائدة لكنها بطيئة في السير والاسود بالعكس والحكيم اذا كان ماهرا لا يضره ايا منهما اتفق قوله وانزع قشورها نزع القشور اشارة الى قشور ظاهرية وباطنية اما الظاهرية فالمراد غسلها عن الاوساخ وتنظيفها عن الكثافات التي هي قشور عرضية لتكون صالحة ومهيئة لازالة القشور الباطنة وكيفية هذا الغسل هي ان تغسلها اولا بالصابون وزاد بعضهم الاشنان وثانيا بالطين وثالثا بالبيض ورابعا بالخل وخامسا بالعسل وسادسا بالماء الصافي قالوا ان الماء البارد احسن وافضل من الحار اذ يكره غسل الاموات بالماء الحار وسابعا بالطين ايضا الى ان تنظف كمال النظافة وتكون براقا شفافا ثم تقرض ناعما باصغر ما يقدر واما الباطنية فالمراد حلها واستخراج المياه منها وكيفيته ان يوضع في اثال الى نصفه او ثلثه ويوضع عليه راس الفيل ويشد الوصل بينهما وبين القابلة فيجعل على المستوقد حتى يقطر منه ماء كثيرا فيفصل الى قسمين ثفل وماء والثفل له لون كالوان الطواويس والماء ان رايته ليس في كمال البياض فقطره مرة اخرى حتى يبيض وقوله فان لها تحت القشور لبابا اشارة الى ما ذكرنا فان الماء هو اللب الذي تحت تلك الكثافة وهو ظهور الماء الذي به حيوة كل شيء وبذلك الماء حيوة هذا الولد الكريم فافهم

قال سلمه الله تعالى نقلا :

فخذ ماءها فاخلطه في المح كي ترى حمامته فيها تصير غرابا

اقول اخذ الماء واخلطه في المح في الموضعين بينهما مراتب كثيرة بل بينهما ربع العمل اقتصر بهذه الكلمة الواحدة واني اشير الى تلك المراتب واعلم انك اذا فصلت الشجرة واخذت ماءها وميزته عن ثفلها وبيضت الماء ان احتجت اليه ثم بعد ذلك خذ قدر ما تريد من الثفل وهو الماء في اصطلاح اهل هذا الفن لغلبة البرودة والرطوبة عليه لا من جهة السيلان اذ ليس فيه سيلان واخلطه باربعة امثاله من الماء المقطر المفصل الممتاز وهو في عرفهم النار لغلبة الحرارة عليه وهو النار السائلة في كلام امير المومنين عليه السلام على بعض الوجوه وشبه هذا الماء بالمح بالحرارة خاصة ويحتمل ان يكون المراد بالعكس للمناسبة الصورية لا الطبيعية فيكون المراد بالمح هو الثفل لكثافته وانجماده وانعقاده والماء هو الماء لسيلانه الا ان ذلك بعيد عن اصطلاحهم ثم يجعل هذا المخلوط في الآلة العمياء ويطين راسها بطين الحكمة ويجعلها في حمام مارية بطن الفرس ويطبخه بنار الزبيل سبعة ايام ثم يخرجه يوم السابع ولا يفتحه حتى يبرد لئلا تطير الارواح لشدة المناسبة ثم يفتحه ويشد عليه راس الفيل ويطين بطين الحكمة بعد وضع القابلة وشدها شدا وثيقا ثم يقطر ويعزل الماء ثم يجعل على الثفل الباقي اربعة امثاله ويجعل في حمام مارية على قياس ما تقدم ولا يزال يفعل كذلك الى ان ينحل نصف اليبوسة ثم يجعل عليه مثله من الماء ويفعل كما تقدم ولا يزال يكرر العمل الى ان ينحل نصف اليبوسة فارم ما عندك من الرماد فانه لا ينفع اذ ليس فيه حيوة ولا يصلح لها ايضا فبقي عندك ح ماءان ماء رقيق وهو الحاصل من جعل اربعة امثال الثفل عليه وماء غليظ وهو الحاصل من جعل مثله عليه والاول نطفة المرئة والثاني نطفة الرجل فانقلب الامر فصار النار ماء والماء نارا وح يكون الماء هو الماء الرقيق والمح هو الماء الغليظ ويجب ان يجعل هذا الغليظ على النار المناسبة له حتى ينعقد ويكون في قوام المعسل وهو المسمي عندهم بالعسل والحبرة والشحمة فينظر ح فان كان ابيض في كمال البياض فهو والا يبيض بارسال الماء الرقيق اليه وغسله بتكرر التقطير الى ان يبيض وهذه التصفية والتبييض لجلاء المعمول من الذهب او الفضة والا فلا يفسد العمل بعدمها وهذا هو الحمامة البيضاء التي تغرد على غصن سدرة المنتهي ثم اخلط الماء بالمح بان تاخذ من الماء اربعة امثال المح على الوزن التحقيقي لا التقديري بخلاف المقادير المتقدمة اذ يكفي فيها التقدير فاخلطه بالمح اولا بمثله وهنا اول التزويج وهو معنى ما يقولون فزوجه اولا بابنته وهو كفوه فاذا جعل مثله معه فيوضع في بطن الفرس وحمام مارية مقدار اربعين يوما ثم يخرج فلا يفتح حتى يبرد فاذا قطر يخرج ماء اسود كالقار في كمال السواد وهذا علامة لصحة العمل فان خرج ابيض دل على فساده وعدم تاثير الحرارة ونفوذها في كل ذراته وذلك دليل عدم النضج وهو دليل الفساد وهذا هو المراد من قوله حمامته فيها تصير غرابا ولهدا مقام آخر اي صيرورة الحمامة غرابا لكنه في آخر العمل كما ياتي الاشارة اليه انش‍ ولذا يقولون ازل ريش الغراب ليكون عقابا

قال سلمه الله تعالى نقلا :

وقص جناحيه برفق فانه اذا قص منه الريش صار عقابا

اقول وجناح الغراب هو الكثافات والسواد وكيفية ذلك ان تقسم ما عندك من الماء على قسمين لان الباقي ثلثة امثال الثفل فتقسم قسمين وتجعل القسم الاول ثلثة اقسام به وتخلطه به ثلثة مرات وكل مرة تجعله في نار الزبل عشرين يوما ثم تخرجه وتقطره ففي المرة الاولى يميل لونه الى البياض وفي المرة الثانية يكون زبرجديا وفي المرة الثالثة يكون ازرقا الغالب عليه البياض كلون السماء او يكون ابيض والمعنى في كلتا الحالتين سواء لا يختلف وهذا البياض الثاني بعد السواد علامة النقاء الكامل والتصفية البالغة فبازالة السواد يزيل ريش الغراب فح يكون عقابا بالغا كمال الرشد والعلو والسير في الفضاء الوسيع لنيل منتهي المرام وقوله برفق هو الذي اشرت اليك من القاء الماء عليه ثلث مرات واجعله في كل مرة في نار الزبل مقدار عشرين يوما فلو انك زيدت الحرارة في اول الامر احترق او نقصتها لم تؤثر وانما جعل مدة البقاء عشرين يوما لان ذلك مدة انتقال النطفة من صرافتها الى العلقة وان كانت تتم بصرافة العلقة بعد اربعين يوما وهذا هو الجمع بين الاخبار الواردة في هذا الباب وذكر ما يقتضي الكلام في هذا المقام مما يطول ولسنا بصدده

قال سلمه الله تعالى نقلا :

وطيره بعد القص وانصب لصيده شراكا تسمى في الرموز قبابا

ثم تجعل ما بقي عندك من الماء ستة اقسام واسق المركب اولا بالقسم الاول واجعله في حمام مارية ثم اخرجه بعد سبعة ايام وقطره ثم اسقه بالقسم الثاني واجعله في نار الزبل سبعة ايام ثم اخرجه وقطره بعد ان يبرد كما ذكرنا وهكذا تفعل حتى تسقيه اربع مرات وفي هذا المقام يظهر النوشادر في قعر الانبيق فيستخرج ويعزل في مكان ويربط راسه ربطا وثيقا وهذا هو الانفحة وهو القاضي لكن له طبخ ياتي بيانه انشاء الله وهذا النوشادر محل ظهوره موضعان اما هذا الموضع كما ذكرنا واما في الاول عند استخراج المياه الاول في الماء الرقيق فان لم يظهر هناك يظهر هنا لا محالة ثم يطبخ وطريق طبخه ان تضعه وتخلطه مع الثقل وتجعله اولا على النار اللينة حرارتها حرارة جناح الطير تمام اليوم بليلة واليوم الثاني تجعل الحرارة ضعف اليوم الاول فلا تزال تضعف كل يوم اياها بمقدار الى سبعة ايام وفي اليوم السابع تشدد النار كنار السبك لحصول القوة البالغة للنضج البالغ ثم اخرجه فانه الخميرة وهي التربة التي يموثها الملك بين نطفة الرجل والمرئة لاجل الانعقاد فلولاها لم ينعقد لان نطفة الرجل حارة يابسة ونطفة المرئة باردة يابسة ومع كمال تضادهما ليست بينهما جهة يبوسة ليكون بها الانعقاد فالتراب هو العاقد وهو القاضي وهذه الانفحة هي منزلته في الانسان الصغير منزلة الذر المبثوث في الانسان الكبير فافهم فاذا طبخت النوشادر وحصلت الانفحة فاعمد الى السقي فاسق المركب كل مرة بسدس ما عندك من الماء الرقيق الى ان يخلص الماء بعد ست سقيات مع كل سقية تعفين وتقطير ثم عفن وقطر سابعا من غير سقي لاكمال النضج وهذا معنى قولهم فاخدمه بست جواري وطف به بيت الحرام اسبوعا وفي هذا المقام تم نصف العمل وهذا هو مراده من هذا البيت فان قوله طيره بعد القص فالمراد به التصعيد والتقطير فانه يصعد من تحت القرع الى اعلى الانبيق وهذا هو المراد من الطيران والشراك المنصوب للصيد هو الانبيق لان الماء يصطاد اصله من هناك وهو القبة ولذا قال تسمى في الرموز قبابا وانما قال شراكا للارتباط االحاصل بين اعلى الانبيق واسفل القرع وصعود تلك الاجزاء اللطيفة والابخرة الصافية على صفة الجبال وانما قال قبابا لكون الانبيق قبة على القرع او لكون تلك الابخرة في السماء وهي قبة على الارض وانما جمع القبة لكون ظهورها سبع مرات كما فصلنا لك من غير رمز ولا اشارة

قال سلمه الله تعالى نقلا عنه :

تصد منه طفلا كامل العقل سيدا ولكنه ان ضيم لا يتصابا

اقول هذا الكلام يحتمل وجهين احدهما ان يكون اشارة الى آخر العمل كما هو عادتهم في التقديم والتاخير مبالغة في المقيمة والرمز والمعنى على هذا الوجه انه يحصل من تكرر التعفين والتقطير والتكليس الاكسير المطلوب وهو في هذا المقام الاكسير الاحمر سماه طفلا اشارة الى ما قيل في مدح النبي صلى الله عليه وآله :

يا صغير السن يا رطب البدن يا قريب العهد من شرب اللبن

والمراد به نضارته وجدته وطراوته لقربه من الحرارة الغريزية وبعده عن تمكن الاعراض والغرائب الخارجة له عن ذلك البهاء والنجدة والنضارة والطراوة فيه وانه قريب العهد من شرب اللبن وهو الفيض الاولي الابتداعي الذي ينزل اليه انا فانا مع عدم تكثره بغرائب التنزل لانه ترقى وصعد الى الرتبة القصوى ولحق آخره باوله واوله بآخره فلم يحل بينه وبين صرافة المدد الاعراض والغراب اللازمة لمقامات التنزل وكذلك هذا المولود العزيز فانه قد صفي عن الاعراض والغرائب فالحق بمركزه كما قال امير المومنين عليه السلام فاذا فارقت الاضداد فقد شارك به السبع الشداد فهو اقرب الى شرب اللبن وهو الفيض من بحر الصاد واول المداد من غير فبقي على نضارته وجدته وطراوته كما يؤل الانسان اليه في الجثة ولما سماه طفلا والمتبادر منه عند العامة التعبير عن الجهل وعدم النضج والكمال والاعتدال رفع هذه الواهمة وابان عن خلاف هذه الارادة بقوله كامل العقل لانه ح ناظر الى اسم الله البديع الذي يربي العقل فالقاصر نظره الى المبدء اكمل نورا واشد بهاء ممن نظر الى غيره ايضا احيانا لانه بلغ اشده وبلغ اربعين سنة مع انه طفل فيكون قد بلغ في العقل اعلى مقاماته واقصى درجاته ثم وصفه بالسيادة لما قال امير المومنين عليه السلام من انه اخت النبوة ه‍ لان لها الولاية الظاهرة او الباطنة وهي اخت النبوة الحقيقية وان كانت اي الولاية الباطنة ابا للنبوة الظاهرة وهي اب للولاية الظاهرة او انها اخوه الاكبر وهي الاخت وهما ولدان للسيد الاكبر صلى الله عليه وآله قبل طوافه حول الجلالين او عند طوافه حول جلال القدرة في الوجه الاعلى منه فافهم ولما كان هذا الولد قد تولد من ذلك السيد الاعظم ظاهرا وباطنا وصورة ومعنى وخلقا وخلقا فكان سيدا جليلا ادعوهم لابائهم او ان الاكسير له ولاية مقيدة في عالم الجماد وهو الاسم الاعظم في هذا العالم والولاية المقيدة فرع وولد للولاية المطلقة فكان سيدا لانه تولد من امير المومنين عليه السلام وهو اول هاشمي قد ولده هاشم مرتين قوله ولكنه ان ضيم لا يتصابا اشارة الى كيفية القاء الاكسير حتى يظهر آثاره وبهاء ذاته يعني اذا كانت حرارة الذوبان عظيمة كالنحاس الذائب الذي يغلي في الذوبان فلو القي عليه الاكسير لاخترق وفني لشدة الحرارة التي ترجع الاشياء الى مباديها العالية فابقاوه على مثل هذه الحرارة القوية النحاسية هو الضيم والظلم فاذا ضيم لا يتصابا اي لا يصير هذا الطفل صبيا لم يبلغ مقام اظهار الآثار والشؤنات فاذا وجب القاء الاكسير على مثل تلك الحرارة فلا بد ان يجعل له وقاية من خلطه بالذهب او الفضة ثم الالقاء على ما هو المعروف عندهم وثانيهما ان يكون المراد بيان العمل على الترتيب فيكون المراد من الطفل هو المادة اي الماء المتحصل من التقطيرات السبعة وهو المتخلص عن الكدورات والغرائب سماه طفلا لانه اول مقام التخليص والدخول في صقع الاكسير فينمو ويكبر شيئا فشيئا الى ان يبلغ اشده ويبلغ اربعين سنة ويدعو بالدعاء كما حكى الله سبحانه عنه في سورة الاحقاف ووصفه بكمال العقل الى مقاماته المتقدمة او ان هذا الطفل هو الذي عجن عقله بنطفته فكمل عند ولادته لا الذي ياتيه عقله عند ولادته حتى يكمل ويستوفي بعد بلوغه كما ورد عنهم عليهم السلام ووصفه بالسيادة لانه ابن موسى بن عمران عليه السلام لكن اباه يتولد منه فيما بعد كما ياتي انشاء الله والى هذه الدقيقة اشيرت في القران في قوله تعالى ووصينا الانسان بوالديه احسانا وقد روي عن الصادق عليه السلام ان الانسان هو رسول الله صلى الله عليه وآله ووالداه الحسن والحسين فهذا الطفل اشارة الى الحسين عليه السلام ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله حسين مني وانا من حسين فافهم وقوله ولكنه ان ضيم لا يتصابا اشارة الى تدبيره برفق فانك اذا كثرت الحرارة يحترق فيموت وان قللتها لا ينمو وعلى الحالين لا يتصابا او ان هذا الطفل اشارة الى كل واحد من المياه الخمسة التي يستخرج من هذا الماء الطائف بالبيت الحرام اسبوعا وضيم هو القاؤها على الثفل المنتن الكثيف الباقي بعد استخراج المياه وهو الارض المقدسة التي فيها قوم جبارين قبل تطهير ذلك الثفل وتلك الارض عن الكثافات والقوم الجبارين وهو معنى قولهم ان العرب لا تحمل الصخور ومرادهم بالعرب هذه المياه والصخور تلك الكثافات او ان هذا الطفل اشارة الى الصبغ الاحمر وهو الماء الاحمر المستخرج بعد المياه كلها وهو موسى بن عمران في مصرهم بعد نجاته من فرعون انه كان عاليا من المسرفين وقبل دخوله الارض المقدسة وتعمير بيت ‌المقدس وللكل وجوه ومناسبات لا يسعني الآن بيانها لتشتت الطلب في السفر او ان هذا الطفل اشارة الى الارض المقدسة وكل هذه المعاني تصح على الحقيقة وبيان وجه صحة الجميع يحتاج الى بسط في المقال وليس لي الآن هذا الاقبال

قال سلمه الله تعالى نقلا :

ثلاث وسبع حمله وفصاله وان زدته حولين زاد شبابا

اقول على المعنى الاول للبيت المتقدم فالمراد به التساقي وهو مدة الحمل والمسقي ( السقي ظ ) وبه الفصال والمجموع عشرة فيكون مدة الحمل ح تسعة اشهر والفصال في شهر واحد لان الكامل القوي البنية الناضج الطبيعة لا يحتاج الى الرضاعة كثيرا فيستقل بالعمل والفعل واظهار الآثار الا ان فعله ح ضعيف لان الواحد يطرح على العشرة وان زدته حولين اي مرتين يتكرر السقي زاد شبابا لانه ح يطرح على المأة وكذا اذا كررت السقي ثالثا يكون الواحد على الالف ورابعا على العشرة الآلاف وهكذا وعلى المعنى الثاني يكون المراد من الثلثة هي السقيات الثلثة بمثله اولا كما مر والسبعة وهي طواف الاسبوع والمجموع عشرة والماء المذكور هو المتحصل من تلك السقيات فيكون مدة الحمل ح تسعة اشهر والفصال في شهر واحد والمراد من الشهر والسنة في امثال هذه المقامات هو الرتبة فالمرة وقد ذكرنا الوجه في ذلك في سائر مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل

قال سلمه الله تعالى نقلا :

فرضعه حتى لا يريد لنفسه سوى لبن العذراء منك شرابا

اقول وهذا البيت مرتبة بحسب المضمون في العمل مؤخر عن البيت الآتي لكنه قدمه حرصا للتعمية والالغاز كما هو دأبهم وديدنهم الا ان يجعل المراد من الطفل هو الارض المقدسة فح يكون في مقامه فالمراد بلبن العذراء ح هي الفتاه الغربية كما نشرح لك انشاء الله

قال سلمه الله تعالى نقلا :

وصيره شيخا في الفطام فانه اذا شب عن سن الرضاعة شابا

اقول مراده من هذا البيت تفصيل ذلك الماء الكامل وتحليل اجزائه واهدام بنيته واظهار برودته ورطوبته كما هو مقتضي سن الشيخوخة وبرودته ويبوسته كما هو سن الموت على الخلاف وما ذكرنا هو الوجه الجامع فافهم وكيفية هذا التفصيل هو انك بعد ما حصلت الماء المتخلص عن الغرائب والكدورات بالتساقي الثلث والتقطيرات السبعة او بالتساقي التسع والتقطيرات العشرة كما ذكرنا فاجعله على نار لينة جدا حرارتها كحرارة جناح الطير وشد عليه راس الفيل فيقطر ماء ابيض رقيق وهو ماء ذو الوجهين ظاهره فضة وباطنه ذهب ثم تضعف الحرارة فيقطر ماء ابيض غليظ وهذا هو زيبقهم وهو هرمس الحكيم والفتاة الغربية والماء والقمر ودهن المشتري و مصر والبحر والفرار والطيار ولعاب القمر والشمعة البيضاء ويوشع بن نون والحمامة واسم الله الباعث والباء وطير ميكائيل واسماؤه كثيرة هذه منها ثم تزيد في الحرارة فيقطر ماء اصفر براق وهو البراق وارض الزعفران ووادي الذهب ومركب العرب والبقرة الصفراء والروح والديك واسم الله الحي والهواء وطير اسرافيل وريح الجنوب والجيم او الباء وماء الزهرة ثم تزيد في الحرارة فيقطر ماء احمر قاني وهو لعاب المريخ والكثيب الاحمر ثم تخلط بين المائين الاصفر والاحمر وهو شيء يشبه البرقا والزرنيخ والطين وطور سينين وعصى وشجرة الذهب والطيب والذهب والنحاس والحديد والزنجار والمرقشيشا وما اشبه ذلك من الاسماء ثم اعزل هذه المياه واعمد الى الماء الاول الرقيق وضع شيئا منه على الثفل الباقي وضعه على النار ولو كان مكشوف الراس فيظهر على وجه الماء الصبغ الاحمر فيعزل وهو مادة الاكسير الاحمر وهو موسى وابراهيم في اصطلاحهم فاذا اخذت هذه الارواح والنيران والحراراة الغريزية من ذلك الطفل الكامل العقل يبقى شيء منهدم البنية ضعيف الطبيعة الغالب عليه البرودة مع الرطوبة في مقام واليبوسة في مقام آخر ثم امتزجت البرودة واليبوسة فصارت منشأ الكثافات والفضلات ولذا يبقى الثفل بعد اخذ تلك المياه منه منتنا اسود كثيفا خبيث الرائحة ويعبر عن تلك الكثافات والفضلات مرة بريش الغراب ومرة بالقوم الجبارين ومرة بالصخور وامثالها من العبارات ثم اعمد لتطهير هذه الارض بارسال الابيض الغربي اليه وتقطيره حتى تكون عنه تلك الاوساخ والاعراض والغرائب ويطهر ذلك الثفل ويكون في الصفاء كسحالة الذهب والفضة وهو قوله في البيت المتقدم :

فرضعه حتى لا يريد لنفسه سوى لبن العذراء منك شرابا

فافهم فيبقى عندك ح سبعة اشياء الاول الماء ذو الوجهين الثاني الماء الابيض الغربي الثالث والرابع الماء الاصفر والاحمر المختلط وهو الاحمر الشرقي والخامس الصبغ الاحمر مادة الشمس والسادس الارض المقدسة المطهر عن القوم الجبارين السابع الانفخة والقاضي والنوشادر فالطيار هو الابيض الغربي والطلق هو الارض المقدسة والشيء الذي يشبه البرق هو مزج الاحمر والاصفر وهو قول امير المؤمنين عليه السلام في الشعر المنسوب اليه :

خذ الطيار والطلق او شيء يشبه البرقا

اذا مزجته سحقا ملكت الغرب والشرقا

الى هنا يتم الرابع من النصف الآخر من العمل والذي ذكرنا من التحليل والتفصيل والتمييز لهذا الماء الواحد الى هذه المياه والامور الستة هو مراده بقوله اذا شب عن سن الرضاعة شابا وذلك واضح ظاهر انشاء الله

قال سلمه الله تعالى نقلا :

فاذبح اباه واتخذ دمه له اذا ابيض منه الاسودان خضابا

اقول هذا الاب هو الطفل الذي مر ذكره وذبحه هو تقطيره وتفكيك اجزائه واستخراج باطنه ودمه هو المياه المذكورة والضمير المجرور في اباه يرجع الى الطفل بالمعنى الاول اي الاكسير التام البالغ كما ذكرنا والسوادان احدهما عند التزويج الاول وتبييضه الى تمام الزوجات وثانيهما في الارض المقدسة اي الثفل المستخرج منه المياه فيبقى اسود منتنا كما ذكرنا وتبييضه بالابيض الغربي والخضاب اشارة الى الصبغ الابيض والاحمر وهذا البيت اشارة الى الربع الآخر من النصف الآخر وبه تمام العمل وظهور القمر في فلك الجوزهر والشمس في شرفها وتد السماء حين كان الطبايع السرطان بامر مستقر وبيان هذا السر المكتوم والرمز المختوم هو انك اذا اردت الصبغ الابيض اي اكسير الفضة بعد ان ذهبت جميع الاعراض والغرائب والسوادين وسائر الموانع فخذ جزء من الخميرة وهو القاضي وجزء من الشرقي وجزئين من الغربي وهو الماء الابيض الغليظ وحل الجميع واعقده فالحل بالتعفين والعقد باشتداد النار حتى يجف ثم خذ المائين الابيض الغربي والماء الشرقي على الوصف المذكور وجزء من الانفحة وضعه على الارض وحل الجميع واعقده على الرسم ثم خذ مرة ثالثة كالاول وحل الجميع واعقده فقد تم الاكسير الابيض فيفعل في الرصاصين والنحاسين واحدة على الف فيجعلها فضة خالصة على الروباص ويفعل في الزيبق فيجعله مثله اكسيرا تاما يفعل في غير الذهب من سائر الفلزات ويفعل في الفضة اذا القيته عليها ويجعلها مثله بل اشد تاصلا وهذه الستة هي التي يفعل فيها بلا واسطة ويفعل في الاحجار فيؤثر في كل حجر ابيض كاللولؤ والالماس واذا اردت تركيب الاحمر فخذ اكسير البياض جزء ومن الماء الاول الذي باطنه احمر وظاهره ابيض جزء ومن الصبغ الاحمر جزءان بعكس ما قلنا في البياض ومن الماء الشرقي جزء وحل الجميع واعقده كما مر وافعل ذلك ست مرات كما فعلت في الاول ثلث مرات واليه اشار الشذوري في القافيّة :

وذلك معنى قولهم ان واحدا سيغلب تسعا من بنات البطارق

فاذا تمت السقيات طلعت الشمس من مغربها ويتم اكسير الحمرة واحدة على الف من القمر ويكون ذهبا خالصا على الروباص وان القيته على الزيبق كان اكسيرا وكذلك ان القيته على الذهب ولا يوثر بلا واسطة الا في الزيبق والفضة وسائر الفلزات المنطرقة كالنحاسين والرصاصين يؤثر فيهما بواسطة اكسير البياض فيجعلها ذهبا ولو اردنا بيان الوجه في ذلك لطال بنا الكلام ولست بصدده

قال سلمه الله تعالى نقلا :

ولا بأس ان حانت هناك وفاته فان له بعد الممات ايابا

اقول هذا البيت معناه مقدم آخره لما ذكرنا مرارا والمراد بعد ان صير شيخا وجذبت منه الارواح التي هي المياه مات وموته ظهور ذلك الثفل المنتن الكثيف الخبيث والذي هو بمنزلة الكثافة البشرية في الجسد الاول والموت عبارة عن تفكيك الاجزاء كما في الانسان الكبير والصغير والوسيط على طبقهما فافهم قوله فان له بعد الممات ايابا اشارة الى تطهيره وازالة اوساخة بالماء الابيض الغربي ثم تعلق تلك المياه الستة التي هي بازاء المراتب الستة الايام خلق فيها السموات والارض بتلك الارض وهي الجسد الجديد فيعود بعد الموت تاما كاملا فلا يطرء عليه الموت ابدا وكيفية اذهاب الاوساخ والعوارض وتعلق تلك المياه قد مرت آنفا فراجع تفهم

قال سلمه الله تعالى نقلا :

ستفتح فيه الروح من بعد موته ويبعث حيا حين صار ترابا

ونفخ الروح هو ما ذكرنا من تعلق المياه بذلك الثفل وتركيبه معه وظهور الاكسير الاحمر بعد ما كان ترابا غاسقا مظلما منتنا سبحان من يحيي العظام وهي رميم والى احياء هذه الاموات اشار ابراهيم عليه السلام حين سال ربه رب ارني كيف تحيي الموتى قال او لم‌ تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير الآية والطيور هي الحمامة وهي الابيض الغربي والديك وهو الاصفر الشرقي والطاووس وهو الاحمر الشرقي والغراب وهو الارض المقدسة قوله تعالى فصرهن اليك اي اخلطهن وامزجهن كما ذكرنا من كيفية الخلط والمزج قوله تعالى ثم اجعل على كل جبل منهن جزء والجبال عشرة وكل جبل اشارة الى تساقي من التساقي التسع والمسقي ثم ادعهن ياتينك سعيا وهو تمام الاكسير وظهور تلك الطبايع بآثارها واعمالها وشئونات اطوارها واعلم اني شرحت لك كيفية العمل ولم‌ اكتم ولم ‌اترك الا ما يحتاج الى المشافهة والتوفيق والعمل والنية وللتردد مدخل والله الموفق للصواب وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين

قد فرغ من تسويدها منشئها بعد الزوال يوم الاحد الرابع والعشرين من شهر شوال المكرم في قرية ماران من قرى همدان في سنة ١٢٣٩ حامدا مصليا مسلما مستغفرا

المصادر
المحتوى