شرح بعض فقرات اللوامع الحسينية

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

شرح بعض فقرات اللوامع الحسينية

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثاني

شركة الغدير للطباعة و النشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم ونستعين على القوم الظالمين ( بسم الله الرحمن الرحيم خ‌ل )

الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام على خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم و مبغضيهم و منكري فضائلهم اجمعين ابد الابدين

اما ( بعد ظ ) فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان الله سبحانه و تعالى لما وفقني لرسم الجزء الاول من كتاب الموسوم باللوامع الحسينية في المعارف الالهية و الحقايق اللاهوتية و شرح الاسماء و الصفات و العلل و المبادي و ساير الاسباب و المعدات و كانت مشتملة على معان بديعة مبتكرة و ان كانت عند آل ‌محمد صلى الله عليهم و خواص شيعتهم معروفة مشتهرة و معذلك مشتملة على الفاظ محررة محبرة موجزة مختصرة مكتفية بادنى عبارة و اخصر اشارة و كانت لا تنالها لفظا و معنى ايدي الافهام و لا تصل اليها طامحات ( لامحات خ‌ل ) العقول و الاحلام امرني من تجب عليّ طاعته و الزمت علي نفسي رعايته و هو جناب الاكرم المكرم العالم العامل المعظم المقدم ذو الفطرة الزاكية و السريرة الصافية السامية المؤيد المسدد الممجد الاخوند الملا مشهد بن المرحوم المبرور الشبستري اصلح الله حاله و طهر باله و جعل مع الرفيق الاعلى مآله بمحمد و آله صلى الله عليهم ان املي عليه شرحا يحل عبارته و يفك رموز اشارته و يسهل صعابه و يفتح للطالبين الراغبين بابه فاستخرت الله سبحانه و امتثلت امره في حال تبلبل البال و اختلال الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و في وقت قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعي الغي اتباعه فكثر مجيبوه و عظم ملبوه و مع ذلك آتى بما هو الميسور لانه لا يسقط بالمعسور و اقتصر على حل العبارة و ذكر بعض ما فيها من الاشارة معرضا عن التطويل و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل

قلت : بسم الله الرحمن الرحيم

اقول اعلم ان اسرار البسملة كثيرة و جواهر لطايفها و حقايقها عجيبة غريبة لا تحصى عجائبها و لا تفنى غرايبها كيف لا و هي مجمع صور العالمين و فيها تفصيل النشأتين و قد اشرنا الى بعض اسرارها و دللنا على مقدار سم الابرة من تلالأ انوارها في عدة مواضع من رسائلنا الا اني اشير هنا الى ما لم‌ اشر في كتاب و لا ذكر في خطاب و لا جرى في سؤال و لا جواب و هو من الواردات الالهية و الاضافات الغيبية فنقول ان البسملة هي الاسم الاعظم كما اشير اليه في الدعاء اللهم اني اسالك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم و قال مولينا الرضا عليه السلام ان البسملة اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضه و هو اقرب الباطن من الظاهر المعبر عنه بقرب المداخلة و هو اقرب من الملاصقة فباطنها الاسم الاعظم و ظاهرها الحامل للنور الاقدم في قوله (ع) و انا النقطة تحت الباء و قد دلت الاخبار و شهد صحيح الاعتبار على ان الاسم الاعظم هو الحي القيوم و قد اشير الى هذين الاسمين الاعلين فيها معنى و خطا و لفظا اما الاول فليطلب في رسالتنا الموضوعة لذلك و اما الثالث فاذا استنطقتها يخرج الحي فاحاط بالوجود كله و قام به الخلق و الامر اذ لهذا الاسم المعظم المكرم ثلثة مظاهر الاول الماء الذي به حيوة كل شيء المداد الاول مبدء المبادي و اسطقس الاسطقسات الثاني الهواء كبد العالم الذي به النضح ( النضج خ‌ل ) و الاصلاح و التهيؤ للقبول الثالث الماء الجسماني على المعنى الاعم الذي عليه مدار علم البيان و المعاني فتم الكون بدوا و تحققا بالاسم الحي و لما كان الحي في هذا المقام ليس من الصفات الذاتية لحكم الاقتران الممتنع من الازل لزمه القيوم فذكر الاسمان احدهما بالتصريح و الثاني بالتلويح ( بالتلويح و اما خ‌ل ) في الكتابة فاذا استنطقتها يكون تسعة ‌عشر فيظهر الاسم الواحد اول مظاهر الاحدية و هو يدل على ما يدل عليه القيوم و زيادة اما الاول فظاهر و اما الثاني فانه يدل على اضمحلال الغير و لا شيئية السوي و يصح قوله تعالى و هم بامره يعملون و من يقل منهم اني اله من دونه الخ و لا يتم الواحد الا بالاحد فهو المتمم للاسم الاعظم فاذا تحلت الاحدية في الواحدية ظهر مقام الفعل و الايجاد و الولاية المقتضية للعبودية المطلقة و تلك العبودية و هي المتحققة بالاصل الواحد و الاركان الاربعة و المتممات الثلثة و هي حدودها ليظهر هيكل التوحيد فالاصل الواحد هو النقطة في البسملة و الركن الاول الذي هو الآخر كالسجود في الصلوة مقام الفناء المطلق هو الالف اللينية المطوية في النقش و الخط و اللفظ للاشارة الى الفناء المحض و الركن الثاني مقام الركوع الالف القائمة في الله و الركن الثالث مقام القيام المتصل بالركوع و هو الالف المبسوطة في الرحمن و الركن الرابع مقام تكبيرة الاحرام هو الالف الراكدة في الرحيم و المتممات الثلثة من القرائة و التشهد و التسليم ظهرت في الله الرحمن الرحيم فلما تمت مقامات العبودية و صح امتثال اطعني ترتب عليها مقتضاها اجعلك مثلي تقول للشيء كن فيكون فاول ما ظهر من تجلي الاحد في الواحد الكاف فاول ما ظهر من الكاف مقامات التجلي و التوصيف فظهر عنها الهاء في هو الاشارة الى تثبيت الثابت و لما كان الهاء هي حرف الظهور و المقبول و كان مقدما على المظهر ظهر عنها الياء للاشارة الى الرتبة الثانية ارض القابليات فلما ظهر المقبول بالقابل في القابل تمت الكلمة فظهرت العين التي لها من العدد سبعون و هي تمام كن فلما تمت الكلمة ظهر و وجد بحر الصاد اول المداد فاشار الى الكل بعد البسملة بقوله تعالى كهيعص فلما تم سريان بحر الصاد على ارض القابليات صحت الاستدارة التامة فظهر القاف الجبل المحيط بالدنيا نفصل القاف باللام و رجع الجميع الى هو و اليه يرجع الامر كله فابتدء من الواحد المتقوم بالاحد و اختتم به و ثبتت الاسفار الاربعة و التجليات الالهية و ظهر معنى قوله عليه السلام في الدعاء يا قل هو الله احد فاستجمعت البسملة قوى الاسم الاعظم من الاسماء و هي ( هو خ‌ل ) الحي القيوم الواحد الاحد الرب الظاهر المقتدر المحصي القابض المحيي العليم فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم و انما كانت الحروف المقطعة في القرآن في مبدء النصف الآخر الكاف و في مبدء النصف الاول الالف لان النصف الاول حيث كان حاكيا مقام الوحدة و التوحيد فظهرت فيه قوى البسملة في الخط فاستنطقت بالواحد و ظهرت حرفه و هي الالف القائمة و اما النصف الآخر فحيث كان شارحا مقام الصنع و الايجاد ظهرت البسملة اللفظية اي الخطية حاملة للالف اللينية الحاكية لمقام الاحدية فاستنطقت منها الكاف فتولدت عنها الهاء لانها غيبها فلما تكررت الهاء اربع مراتب في الطبايع تمت الكاف و تولدت من الهاء الياء لانها تكرارها و ظهرت الهاء في الياء على معنى فتلوح على هياكل التوحيد آثاره و تولدت عنهما ( عنها خ‌ل ) النون فتمت كلمة كن لان الامام الرضا عليه السلام قال حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما فالنصف الاول لبيان احكام الحق فالمبدء الالف و النصف الآخر لبيان احكام الخلق المبدوء ( المبدء و خ‌ل ) بالكاف المتممة لكن فافهم و لا تتوهم اني صعبت المسالة و اشكلت العبارة و ذلك لقصوري في التعريف و التبيين بل لصعوبة المطلب و علو مقامه و ارتفاع شانه و هو عند اهله لمن اجلى الواضحات و ابين البينات

قلت : حمدا لمن خلق الانسان

اقول انما اتينا بالجملة الفعلية و اثرناها على الاسمية لبيان شرافة الجملة الفعلية على الاسمية لانها حاملة للفعل العامل في كل الاسماء و كل الذرات و الاسم معمول و مفعول له او خلق الله الاشياء بالمشية و خلق المشية بنفسها و هي الفعل و هي كلمة كن و للدلالة على الحدوث و صفة ( صفته خ‌ل ) الامكان لدلالتها على التجدد و الانتقال على الدوام و الاستمرار من قوله تعالى انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون و الذكر هو المدد الكوني الغيبي لقوله تعالى بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون او من قوله تعالى ذكرا رسولا فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون و التجدد من قوله تعالى وقل رب زدني علما و الاستمرار و الدوام من قوله تعالى ادعوني استجب لكم ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحسرون يسبحون الليل و النهار لا يفترون فهو دائم الطلب و الله سبحانه دائم الفيضان و الافاضة فالاستمرار مع التجد ( التجدد خ‌ل ) و هو صفة الحدوث و الامكان و ذلك مؤدي الجملة الفعلية و انما حذفنا الفعل و فاعله و اقتصرنا على ذكر المفعول المطلق لبيان ان الفعل هو الغيب المستتر و هو الاسم المحجوب الذي حجبه الله سبحانه و هو الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلا يخرج منه الى غيره و الفاعل مرفوع معلو ( معلم خ‌ل ) بالضم الى عالم ذلك المخزون و هو ادنى ما استاثره الله تعالى كما في دعاء الصحيفة و لم ‌يبلغ ادنى ما استاثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين فالاعلى هو الفعل و الادنى هو اسم الفاعل المرفوع المرتفع بالفعل و بقي الاثر من حيث هو اثر الذي هو المفعول المطلق دالا على (ظ) الفعل و فاعله و ذلك على طبق العالم التكويني فنصبه دل على رفع الفاعل و لولا ذلك لتوهم في حقه الاستقلال و لذا قالوا لا اله الا الله و لا حول و لا قوة الا بالله ليعلم انهم عبيد مكرمون و انوار مخلوقون فنصبه دليل انتصابه من الفاعل المرفوع بالفعل المتقوم بالذات قيام صدور بلا كيف و لا اشارة و الكل مضمحلون دون ظهور الذات و معدومون عند جلالها و جمالها و كبريائها و اتينا بالمصدر لكونه اول مشتق من الفعل و اول حادث عنه به و اول حامل لظهوره و مثال نوره و اول حاك عن وجهه و اول مؤكد له فيكون حمدا في قوة قولك حمدت حمدت الا ان الثاني شعاع للاول و المصدر اول ذات تذوتت منها الذوات و تاصلت منها الصفات و الاعراض و الجهات و قولهم انه امر اعتباري غير صحيح لان المبدء القابض اولا من الحق القديم بفعله لا يصح ان يكون اعتبارا محضا لا وجود له في الخارج و التحقق و هو مادة المواد و هيولي الهيوليات و اسطقس الاسطقسات و جوهر الجواهر قد اشتق منه الاسم الفاعل و الاسم المفعول و هو الامر المفعولي فيكون هو الاولى بالذكر و احري بالبيان في مبدء الكتاب التدويني المطابق للكتاب التكويني و اخترنا مادة الحمد دون الشكر و غيره مما يدل على الثناء لان الحمد اول متولد من البسملة التي هي الاسم الاقدم الذي به خلق الله بضرب من التنزل و المعبر عنه بالتكرير فان استنطاق البسملة الواحد كما سبق و حرفه الالف المتكررة في الباء المتكررة في الدال التي بها تمام الاركان الاربعة و الطبايع و هي قد تكررت في الحاء فاذا تكررت الحاء خمس مرات ظهرت الميم فالدال لبيان الاصل الاول الكائن المجتمع من الطبايع الاربع و الميم لسر التخمير و التعفين لطينة آدم عليه السلام الاول و الحاء لبيان كون الاصل الاول في العالمين الاجمال و التفصيل و الغيب و الشهادة و الظاهر و الباطن فاذا ظهر سر البسملة الذي هو الالف التي هي سر الحمد و حقيقته في مبدء الحمد كان احمد و هو اول ما خلق الله و اول ما صدر به الكتاب التكويني فوجب ان يكون في اول الكتاب التدويني تأسيا و لذا كان الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري على قصد التعظيم سواء كان في مقابلة النعمة ام لا و اللسان اعم من ان يكون حاليا او مقاليا و الاول اعم من ان يكون جوهرا ام عرضا و الجميع اعم من ان يكون غيبا ( غيبيا خ‌ل ) او شهادة و الكل اعم من ان يكون اجمالا او تفصيلا و بالكل يقع الثناء على الله تعالى من حيث هو لا لاجل امر آخر كما قال عليه السلام ما عبدتك خوفا لنارك و لا طمعا في جنتك بل وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك و العبادة هي الثناء على الله تعالى بلسان الكينونة و الحقيقة و هذا المقام اشرف المقامات و اعظمها و لذا قال (ص) الفقر فخري و به افتخر و لذا اشتق اسمه الشريف من مادة الحمد فهو احمد و محمد و حامد و حميد و له المقام المحمود عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا فتصدر هذا الكتاب بما صدر الله سبحانه به كتابيه التكويني و التدويني نعم حذفنا الالف و اللام لبيان كمال الاضمحلال نظرا الى القول اشهد ان محمدا عبده ( عبده و رسوله خ‌ل ) و هو سبحانه اتى بالالف و اللام التعريف لبيان الرسالة المستلزمة للولاية الحاكية لمقام اجعلك مثلي فكساه الله سبحانه ثوب الجلال و الجمال و توجه بتاج الكرامة و الاقبال و عرف الحمد بالالف و اللام فمقام الخضوع و الاطلاق اقدم من هذا المقام فحيث ان لنا مقام الكبرياء و العظمة و الربوبية فله سبحانه ملاحظة ذلك المقام فافهم و اللام في قولنا لمن خلق الانسان صلة و ارتباط و تمليك و اختصاص و مضمونها و مؤداتها و مسماها يكون هو الباب و الجناب و الحامل للواء و خلق فعل و الخالق اسم فعل لاشتقاقه من خلق المشتق من خلق و اسماء الافعال حادث عند الامامية كافة و قد نصوا على ذلك في عدة من كتبهم الكلامية و الانسان هو الكامل الموصوف من عند الله تعالى بذي الخلق بذي الخلق العظيم و هو الحيوان بالحيوة الابدية الالهية الاولية الكلية قد انحصرت افراده في اربعة ‌عشر لا غير قال عليه السلام خلقنا الله من طينة الاحد وفي الزيارة حيث لا يلحقه لاحق و لا يفوقه فائق و لا يسبقه سابق و لا يطمع في ادراكه طامع حتى ( حتى لا يبقى ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق خ‌ل ) و هو الناطق بالتوحيد و التمجيد و التفريد و التنزيه و التقديس و العبودية و رفع الاضداد و التنزه عن الاقتران و الحدود و هو المدرك للكليات و الحقيقية ( للكليات الحقيقة خ‌ل ) و هو المراد و هو المريد و هو المحبوب و هو الحبيب و هو المدلول و هو الدليل خلقه الله لنفسه و خلق الخلق لاجله و هو جمال الله و ما سواه جماله و هو جلال الله و ما عداه جلاله و سمي الغير بالانسان من باب الحقيقة بعد الحقيقة و نسب الحكم اليه من باب التبعية كما ياتي بيانه و يتضح برهانه فافهم

قلت : و علمه القرآن الناسخ لجميع الاديان

اقول التعليم من الله سبحانه ايجاد العلم و احداثه فيما يشاء من عباده على حسب قابلية كينونته من زيادة و نقصان و قلة و كثرة و العلم ظهور المعلوم للعالم و الظهور امر اضافي قائم بالمعلوم قيام تحقق و هذا التعليم تكويني و تشريعي و كل منهما واقعي و نفس الامري و الواقعي هو الحكم الاولي الالهي المثبت في الورقة العليا من اللوح المحفوظ و هو الثابت الباقي الذي لا يزول و لا يتغير و لا يتبدل لانه الحكم للكينونة الاولي في العالم الاعلي و النفس الامري هو الحكم الثانوي المتغير المتبدل الذي هو المثبت في الورقة السفلي من اللوح المحفوظ الذي هو عبارة عن لوح المحو و الاثبات و معنى هذا التعليم هو الكشف عن حجاب القلب و عن باطن هذه الالواح و ظاهرها حتى يرى ما فيها رؤيته عيانية في جميع المراتب و المقامات و هو معنى ارائة الله آياته في الآفاق و في الانفس و اشهاده لمن شاء خلق السموات و الارض و ارائة ابراهيم على نبينا و آله و عليه السلام ملكوت السموات و الارض و اليه الاشارة في قوله تعالى فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد فافهم فكم من خبايا في زوايا و القرآن حقيقة الهية كانت مخزونة تحت حجاب الواحدية و مصورة على هيكل التوحيد و هيئة التفريد و التجريد معلنة لله بالحمد و الثناء و حاكية عن الله سبحانه لموسى و غيره اني انا الله و ان الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فانزلها الله سبحانه الى الخزائن الغيبية ما لهداية ( بالهداية خ‌ل ) الخلق و ارشادهم في كل مقام بحسبه متلبسة في كل خزينة و مرتبة لباسها و ظاهرة في كل مرتبة بصفة اهلها و هي في كل هذه المراتب محفوظة المقامات سالمة المراتب من تنزلها الى الدرة البيضاء عالم العقول و هي اذن نور ابيض قائم يسبح الله سبحانه و الى عالم الارواح و هي اذن نور اصفر و الى عالم النفوس و هي اذن نور اخضر و الى عالم الطبايع و هي اذن نور احمر و الى عالم المثال و هي اذن نور اخضر يميل الى السواد و الى عالم الاجسام و هي اذن نور اخضر ايضا على احسن صورة و اعلى استقامة و اشرف هيئة في عالم كان طالع الدنيا السرطان و الكواكب في اشراقها ( اشرافها خ‌ل ) و هي هناك تدعو الى الله سبحانه بجميع مراتب الدعوات فلما تحركت الافلاك و تقدم الليل على النهار و الظلمات على الانوار حصلت الآفاق المائلة و جائت الاحكام النفس الامرية و صار الاعلى اسفل و الاسفل اعلى و الظاهر باطنا و الباطن ظاهرا ظهرت تلك الحقيقة الاولية بحدود الالفاظ و الخطوط و النقوش و بقيت محفوظة فيها حفظ الاجزاء ( حفظا لاجزاء خ‌ل ) الاصلية الحافظة للنفس الناطقة في حدود النطفة و العلقة و المضغة و العظام و اكتساء اللحم و الجنين و المرضع و الفطيم و الصبي و المراهقة و البلوغ و التمام و الكمال و الانحطاط و الشيب و الهرم و في اطوار المرض و الصحة و السمن و الهزال و القوة و الضعف و غيرها من باقي الاحوال فالشخص هو هو و ان عرته هذه الاحوال و هي اعراض لا تخرج الشيء عن حقيقة ما هو عليه و ذلك معلوم واضح و كذلك القرآن الظاهر بحدود الالفاظ فانه لا يخرج باختلاف القارين و صوغهم الهواء بحدود الالفاظ الخاصة و صورها عما هو عليه من كونه قرآنا كلام الله حقيقة قارة ثابتة و سيظهر في العود الجاري على حكم البدو في القيمة لقوله تعالى كما بدأكم تعودون بصورة اهل المحشر و ياتي من كل صف من صفوف الملائكة و الجن و الانس و الانبياء كاحسن صورة اهل ذلك الصف الى ان ياتي و يقف عند الصراط و يشفع للقاري و التالي له و المضيع حقه و ذلك معلوم في الاخبار المتكثرة ثم القرآن على قسمين تكويني و تدويني كالفرقان فالقرآن ( فالفرقان خ‌ل ) التكويني هو محمد صلى الله عليه و آله و الفرقان كذلك هو امير المؤمنين عليه السلام و قد قال (ع) انا كتاب الله الناطق و القرآن التدويني هذا هو الكتاب المبين من حيث الجامعية و اللطيفة السارية و الفرقان هو تفاصيل الكتاب بالارباع او الاثلاث او غير ذلك و سيأتي لذلك زيادة بيان عند ذكر الميزان فترقب و النسخ اظهار انقطاع حكم من الاحكام الالهية بانقطاع وقته و مدة وجوده و تغيير المصلحة المقتضية لذلك و اظهار حكم آخر عند حلول اجله و وجود المصلحة المقتضية لاثباته و ابرازه و قد تقصر مدة الحكم فيتغير في زمان حيوة النبي (ص) و قد تطول مدته الى بعد وفاته فيوصي الى وصيه (ع) تغيير ذلك الحكم عند حلول اجله و النسخ قد يكون في زمانه صلى الله عليه و آله و قد يكون بعد وفاته لكنه بحكمه و بيانه لوصيه و القائم مقامه صلى الله عليه و آله و قولنا الناسخ لجميع الاديان مسامحة و مماشاة باعتبار ظهوره الثاني في هذه النشأة بعد مضي الانبياء عليه و عليهم السلام ليكون هو خاتمهم بل التحقيق ان نبينا صلى الله عليه و آله هو النبي على العالمين لقوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا و العالمون ما سوى الله تعالى على التفصيل كما تقول الحمد لله رب العالمين فالعالمون الذين كان الله ربهم يكون محمد صلى الله عليه و آله نبيهم فاذن يدخلون الانبياء عليهم السلام في العالمين و قد نص الله سبحانه في القرآن على هذا المعنى بقوله تعالى واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءاقررتم و اخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين و قال (ص) كنت نبيا و آدم بين الطين و الماء ( الماء و الطين خ‌ل ) فاذا ثبت ذلك فلا ريب ان القرآن علم الله...

( الى هنا وجد في النسخ الموجودة )

المصادر
المحتوى