شرح كلمات معميات للفخر الرازي في التوحيد

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

رسالة في شرح كلمات معميات للفخر الرازي في التوحيد

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد السابع

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه ومظهر لطفه محمد وآله وصحبه اجمعين

اما بعد فان العبد الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي يقدم اليكم العذر من بسط المقال وشرح حقيقة الحال وايراد غرايب المطالب التي تخطر بالبال من جهة تراكم الامراض والاعراض وتبلبل البال واختلال الاحوال وقد احببت ان تأتيني هذه العبارات الدقيقة المشتملة على الاسرار الغامضة العميقة قبل هذا الوقت لاؤدي بعض حقها من التحقيق واوصل الطالب السالك في فيافي معرفتها سواء الطريق فانها ولعمري كلمات ما ادقها واغمضها واشارات ما ارفعها واكملها وتلويحات ما ابهاها واسناها ومطالب ما اخفاها وابينها ودلائل ما اعظمها واتمها تحتاج الى بيان وافى وشرح كاف شافي ولكني الان في واسع العذر وآت بما هو الميسور فانه لا يسقط بالمعسور وتلك العبارات وان كانت فارسية الا اني احببت ان اجعل شرحها عربيا لشرافة اللغة العربية وليكون نفعها اشمل وبرهانها اكمل وبيانها ادل ليعلم كل اناس مشربهم وينال كل احد مطلبهم

قال السائل اعزه الله وابقاه وبلغه ما یتمناه واخذه بهواه الى رضاه : جناب فخر الدین رازی در این كلمات اشاره خفی بسه دلیل از دلایل وحدت ویك دلیل از شركت فرموده : سد توحید از پی توحید است با تو توحید از پی توحید است وقطع توحید از دو قدرت با وجود یا جمع است میانه در بود ونبود یا در قدرت رجو ( رجوحی بی تفاوت یا در قدرت سنوحی ظ ) بی تفاوت این دلایل توحید است هر كه داند از دلائل توحید است نیك وبد دلیل خلاف است هر كه دارد دلیل خراف است انتهى كلامه

اقول قد اجاد المحقق المدقق وافاد وجمع في هذه الكلمات الوجيزة مراتب التوحيد على مذاق اهل الكشف والشهود واهل الحقايق والاشارات والتلويحات وعلى مذاق اهل النظر من العلماء المتكلمين والحكماء المشائين والرواقيين فقدم اهل المشاهدة لانهم المقدمون السابقون وارباب الوصال القدسيون لقد شربوا من رحيق القدس وجلسوا على سرير الانس وهبت المغايرة وارتفعت المخالفة المؤداة الى المنافرة فقرن الفرق بالوصل والجمع بالفصل فقدمهم واشار الى طريقتهم اولا ثم عطف على اهل النظر الظاهر واشار الى ادلة التوحيد على مذاقهم وطريقتهم ولك ايضا ان تجعل الكل على مذاق العرفاء الكاملين والاجلاء الموحدين كما سيأتي اليه الاشارة بواضح العبارة فنقول قد اشار الفاضل الكامل بالفقرة الاولى الى موانع التوحيد وحجبه وان التوحيد نفسه حجاب بين الموحد بالكسر والموحد بالفتح وبالفقرة الثانية الى كيفية الوصول الى حقيقة التوحيد ومقام الوحدة والتجريد وبالفقرة الثالثة الى دليل التركيب على فرض التعدد والاشتراك وبالفقرة الرابعة جواب ما يرد على الدليل المذكور من الاعتراض وبالفقرة الخامسة الى الدليل المشهور بالتمانع من ادلة التوحيد وبالسادسة اشارة الى دليل الفرجة والدليلان المذكوران اي التمانع والفرجة اعلى واعظم يستدل اهل الظاهر على التوحيد وبالفقرة السابعة اشار الى وصف الحال وبيان المقال وبالثامنة اشار الى مقام اهل التوحيد وعلو مرتبة اهل التفريد والتجريد وبالتاسعة اشار الى اصل وقوع الكثرة والاختلاف والتعدد في العالم وبالعاشرة اشار الى احكام القاطنين مقام الاختلاف المعرضين من مرتبة الوحدة والايتلاف تلك عشرة كاملة اشار بها الى احوال الاصول والفروع والوحدة والكثرة والحق والخلق بادلتها واحكامها

اما الفقرة الاولي سد توحيد از پي توحيد است فترجمتها ان سد باب التوحيد لاجل التوحيد فان پي في اللغة الفارسية لها معان يراد منها معنيان احدهما العلة والسبب وثانيهما العقب والتأخر ففي هذه الفقرة يراد به العلة والسبب كما في قول الفردوسي :

پي مصلحت مجلس آراستند نشستند وگفتند وبرخواستند

اي لأجل المصلحة وفي الفقرة الثانية يراد منه العقب والتأخر والمعنى اعلم ان الله سبحانه ما جعل لرجل من قلبين في جوفه ففي حال التوجه الى شيء يمتنع التوجه الى شيء اخر مطلقا فلا يتمحض التوجه اليه الا بالاعراض عن كلما عداه حين التوجه فاذا عرفت هذه المقدمة النافعة فاعلم ان توحيدك لله سبحانه ليس الا توجهك الى الواحد الاحد اي الى الذات الاحدية من غير اعتبار جهة وجهة وحيث وحيث وكيف واين ومتى ولا يتأتى لك هذا التوجه الا اذا اعرضت بتوجهك عن كلما سواه من الامكان وما فيه والا لكنت متوجها الى الكثرة وانت مرادك التوجه الى الوحدة والتوجه على طبق التوجه اليه فلا يسعك التوجه الى الاحمر بملاحظة البياض ولا الى العالي بملاحظة السافل وهذا ظاهر معلوم فالتوجه الى الواحد لا يكون الا بالاعراض عن ملاحظة كلما يقتضي التعدد والاثنينية ولو بالاعتبار وملاحظة الاعراض وعدم الملاحظة وهو قول امير المؤمنين عليه السلم كشف سبحات الجلال من غير اشارة ه‍ فان الاشارة الى كشفها سبحة فالموحد يجب ان يتوجه الى ربه ناسيا لنفسه وملقيا لها ولاعتبارها وماحيا قويها ومشاعرها ومداركها ومدركاتها معرضا عنها وعن جهاتها وكمياتها وكيفياتها وجواهرها واعراضها وعلويها وسفليها ومجرداتها ومادياتها وفلكياتها وعنصرياتها وذواتها وصفاتها واشعتها واثارها واطوارها واوطارها واكوارها وادوارها وكلياتها وجزئياتها ولوازمها وشرايطها ومتمماتها ومكملاتها وكلما لها وبها ومنها واليها وفيها وعنها وعندها وساير احوالها من لم ومم وعلى م وفيم وبم ومتي واذ ومذ وقد وحتى واذما وكيفما وغيرها من غير التفات اليها بل من غير التفات الى انه غير ملتفت اليها فان هذه الالتفات التفات الى السوي وهو شاغل وحاجب فاذا التفت الى نفسه والى توحيده وانه موحد وهو سبحانه موحد فقد التفت الى ثلثة اشياء التوحيد والموحد والموحد والله سبحانه واحد فلا يتوجه اليه بما يتوجه الى الثلثة فالكثرة لا ترى الا الكثرة كالوحدة فهو ح مثلث ناظر الى ربه من حيث انه موحد بالفتح والى نفسه من حيث انه موحد بالكسر والى التوجه الى الواحد من حيث انه توحيد فقد جعله سبحانه ثالث ثلاثة ولا تقولوا ثالث ثلثة انما الله اله واحد فأنى تصرفون وهو عين الشرك الذي اشار اليه الله سبحانه بقوله وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وقد قال بعض الشعراء في هذا المعنى وقد اجاد :

ما وحد الواحد من واحد الا وقد اشرك في واحد

فالنظر الى التوحيد سد لباب التوحيد فالموحد هو المتوجه الى الاحد سبحانه بلا كيف ولا اشارة وهو الدنو منه في قوله عليه السلم ان العبد ثلثة احرف العين علمه بالله والباء بونه عن الخلق والدال دنوه من الخالق بلا كيف ولا اشارة وللبلوغ الى اعلى درجات التوحيد امر الله سبحانه لموسى ان يلقي عصاه المشار اليها في التأويل بالنفس فقال القها يا موسى فالقيها بجميع مقاماتها بالاعراض عنها الى ان شرب من عين سلسبيل المحبة وورد شرايع المصافاة والمودة وخرج من نفسه وتوجه الى ربه وازال الاكدار بازالة الاغيار فلم‌ير الا الواحد القهار ودخل المدينة على حين غفلة من اهلها وفي الحديث ان نبيا من الانبياء قال يا رب كيف الوصول اليك قال الق نفسك وتعال الى فمشاهدة نفسه انه موحد وملاحظة التوحيد حجاب وسد لباب التوحيد وطريقه كما قال الفاضل المذكور ثم اراد ان يبين التوحيد وكيفية الوصول اليه بعد ان ذكر نفس التوحيد حجاب كما قال الصادق عليه السلم المحبة حجاب بين المحب والمحبوب

قال : الفقرة الثانية ما لفظه با تو توحيد از پي توحيد است وپي هنا بمعنى العقب اي معك التوحيد عقيب التوحيد وهذا له معنيان احدهما التوحيد معك اي ليس شيئا خارجا عن حقيقتك وذاتك وانما هو تجليه سبحانه لك بك كما قال امير المؤمنين عليه السلم لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها واليها حاكمها فتوحيده ظهوره لك بك في سر غيبك وكامن فؤادك وذاتك بلا كيف ولا اشارة وهو الربوبية التي هي كنه العبودية كما في قول الصادق عليه السلم العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية وهو قوله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فتوحيده ظهور التجلي وهو فيك وبك وعندك ومعك لا من حيث انت وفي وعند ومع فالتوحيد معك على كل حال في غيبتك وحضرتك الا انه بكل شيء شهيد واليه اشار ما في المثنوي بالفارسية :

ناگهان در جنبش آمد بحر جود جمله را از خود بخود بيخود نمود

فاذا كان التوحيد معك في سر ذاتك وغيب هويتك وخالص طويتك فانما يظهر لك بعد قطعك النظر عن التوحيد الذي مر ذكره من انه وجدان نفسه انه موحد فاذا وجد نفسه ما القاها فاذا لم‌ تكن حية تسعى فاذا لم‌ تكن حية كانت ميتة فاذا القاها عند ظهور نور تجلي باريها باندكاك جبل انيتها وهو قول امير المؤمنين عليه السلم اطفأ السراج فقد طلع الصبح فيكون ظهور نور التجلي الظاهر على جبل الانية الذي هو التوحيد بعد اندكاك جبلها واضمحلال نفسها التي منها مشاهدة وملاحظة التوحيد وكونه هو الموحد فاذا زالت هذه المشاهدة وارتفعت هذه الملاحظة يظهر عقبها التوحيد المحض والتجريد الخالص الذي هو فقدان نفسه ووجدان خالقه فهناك يسبح في لجة بحر الاحدية وطمطام يم الوحدانية وتخلص له المشاهدة وتتمحض له المواصلة فيكون موحدا اذا لم يجد نفسه موحدا فاذا وجد نفسه ولو موحدا كان مشركا لظهور الاغيار المستلزمة للاكدار فيكون التوحيد الذي معك ظهوره بعد التوحيد الذي هو الحجاب فذلك هو الظهور بلا كيف ولا اشارة ولا عبارة ولا جهة ولا حيث ولا اعتبار فهناك يصحو المعلوم بعد محو الموهوم ويغلب السر عقيب هتك الستر ويطلع الصبح بعد اطفاء السراج ويظهر النور المشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره ويجذب الاحدية اي التوحيد المحض لصفة التوحيد وهو الذي ذكرنا مما يستلزم التحديد والتشخيص فاذا ظهر التوحيد ارتفعت الكثرات فلم‌يجد الا الواحد البحت البات فاين يجد الغير حتى يحتمل التعدد فيسئل عن دليل الوحدة فاهل التوحيد لا يسئلون الدليل عن التوحيد اذ لا يجد سواه ولا يعرفون ما عداه ولا يرون غيره ولا يشاهدون شيئا معه فاي حاجة لهم الى الدليل اذ لا يحتملون الخلاف والنقيض فظهور التوحيد بنفسه هو دليل التوحيد فاتحد الدليل والمدلول وهو قول مولينا الحسين عليه السلم ايكون لغيرك من الظهور حتى يكون هو المظهر لك متي غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم‌تجعل له من حبك نصيبا تعرفت في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء بكل شيء وهو من اعظم الادلة للذايق شراب المحبة وهنا مقامات كثيرة طويت ذكرها خوفا من التطويل وصونا من اصحاب القال والقيل وهذا احد المعنيين لهذه الفقرة وثانيهما ان الواصلين مقامات المعرفة والواردين مناهل المصافاة والمحبة والمستنيرين بنور التجلي والمستشرقين باشراقات انوار المتجلي لم يزالوا في ازدياد اذ ذاك عطاء ما له من نفاد فكلما تجلى لهم الجبار بنور العظمة بظهور التوحيد الذي هو من لوازم المحبة بلا كيف ولا اشارة بحكم المحو والصحو يظهر لهم مقام في عالم التجلي اعلى ومرتبة اسنى فاذا وصلوا اليها وتمكنوا منها يظهر لهم مقام اعلى بعد المقام الاول فلا يزالون يتصاعدون في مقامات رفيع الدرجات بحكم المحو والصحو بعد المحو والصحو وتظهر لهم درجات التوحيد الى ما لا نهاية له اذ بكل تجلي تصفو القابلية وتندك جبل الانية فتحكي الظهور الازلي اعظم واشد كالزجاجة التي كلما تصفيها اكثر يظهر نور الشمس فيها اكثر واليه الاشارة في الحديث القدسي كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية فلا يزال يظهر لك توحيد عقيب توحيد وهو معنى قول الفاضل المحقق : با تو توحيد از پي توحيد است يعني ان التوحيد معك ولا يزال يظهر توحيد عقيب توحيد بانحاء التجليات وظهور نور رفيع الدرجات او يظهر معك توحيد وراء توحيد بحكم المحو والصحو ولا نهاية لهذا التجلي والظهور ابد الابدين ودهر الداهرين في الدنيا والبرزخ والقيمة والجنة ودرجاتها ومقاماتها فافهم راشدا واشرب صافيا

ولما ذكر الفاضل المذكور حقيقة التوحيد عند العرفاء الواصلين واهل المشاهدة الكاملين واصحاب الحقايق السابقين وذكر ما يحجبه وما يكشفه ومراتبه ودرجاته وانها لا تزال في ازدياد وما لها من نفاد وتختلف مراتب التوحيد بانحاء الظهورات والتجليات وان دليلهم على التوحيد نفس شهودهم للتوحيد اذ لا يجدون سواه ولا يرى نور غير نورك ولا يسمع غير صوتك واشار الى قول بعض العارفين من سئل عن التوحيد فهو جاهل اراد ان يذكر الدليل على التوحيد على مقتضى افهام اهل النظر الظاهر لان للعلم درجات وللناس مقامات فقال قطع توحيد از دو قدرت با وجود يعني قطع التوحيد من القدرتين مع الوجود اي الوجودين يستلزم التوحيد وبيانه اذا فرض الهان فلا بد لكل منهما قدرة ووجود والا لم يكونا الهين ولا بد ان تكون القدرة والوجود عين كل منهما اذ الفرض قدمهما فاشتركا فيما يجب ان يكون لكل منهما في الذات والصفة الذاتية واشار بالوجود الى الذات وبالقدرة الى الصفة الذاتية لا خصوصية القدرة اذ الحكم يشترك في العلم والحيوة وخص القدرة بالذكر دون غيرها لشمولها لباقيها وبالجملة اذا اشتركا في شيء والمفروض انهما مغايران فلا بد في كل منهما من وجود جهتين اي ما به الاشتراك وما به الامتياز فيلزم التركيب وهو يستلزم الاقتران والانفعال والامتزاج والاختلاط والاحتياج وكل منهما يضاد القدم لانه الذي وجوده لذاته بذاته والمحتاج هو الذي وجوده لغيره فلا يمكن الجمع بين ما وجوده بذاته مع ما وجوده لغيره لانه جمع بين النفي والاثبات فقطع التوحيد بما ذكرنا من وجود ما به الاشتراك وما به الامتياز المستلزم للتركيب المستلزم للاحتياج الى مركب واجزاء وحدود خاصة يستلزم وجود قديم ازلي واحد غير محتاج الى شيء اصلا بحال من الاحوال صحت ان يكون واحدا والا للزم ما ذكرنا فيتسلسل وهو مع الترتيب محال لاستلزامه عدم جميع في تلك السلسلة فوجود فرد واحد دليل انقطاع السلسلة وحصول مبدء لها كما هو المعلوم الظاهر فقطع التوحيد بفرض قادرين موجودين يستلزم التوحيد لاستلزامه التركيب المضطر الى وجود قديم واحد ازلي قادر كامل والقول بان ما به الاشتراك عين ما به الامتياز فكلام سوفسطائي شعري لا يصغى اليه لان ذات كل منهما اذا كان عين الامتياز عن الآخر فاين الاشتراك اذن فاذا انتفى الاشتراك تعين ان يكون كلا منهما جامعا لنقيض ما عند الاخر لا الضد فان الضدين امران وجوديان بينهما اشتراك في الوجود والتضاد وان امكن هذا القول في النقيض ايضا لكن الكلام لضيق العبارة فيكون احدهما موجودا والآخر معدوما واحدها قديما والآخر حادثا واحدها حيا والآخر ميتا فان الامتياز بين هذه الاشياء يمكن ان يكون بالذات اذ لا جامع بينهما وهذا الكلام ايضا من باب المسامحة لاشتراك المذكوران في الشيئية لا سيما على قول من يذهب الى ان الشيء اعم من الوجود واما اذا كان كل منهما موجودين قادرين فكيف يمكن فرض ان القدرة ممتازة عن قدرة الآخر بالذات الا بمحض القول الذي لا معنى له كما في قوله تعالى ام تنبئونه بما لا يعلم ام بظاهر من القول وهنا كلام يسبق الى بعض الاذهان نذكره فيما بعد انشاء الله تعالى

ثم اشار الفاضل المحقق الى حل الشكوك الواردة والشبهات اللازمة بقوله يا جمع است در بود ونبود يعني او يلزم الجمع بين الوجود والعدم بيانه ان تعدد الآلهة يستلزم التركيب فان نفيته ثبت المطلوب من التوحيد وان الزمت به كما اتفق لبعض العلماء في التركيب العقلي فقد جوزه واما التركيب الخارجي فقال به جمع كثير من اهل التشبيه والتجسيم والوثنية والثنوية وغيرهم من الذين اثبتوا لله ولدا او زعموه فردا منحصرا للكلي وغير ذلك مما هو صريح التركيب او يلزم ذلك فحوى معتقدهم فعند التزام التركيب يلزم الجمع بين الوجود والعدم فان التركيب يستلزم الاحتياج والمحتاج ليس وجوده لذاته بذاته والا لم يكن محتاجا الى الغير فوجود الاحتياج دليل اكتساب وجوده من غير وهو دليل انه لم يكن فكان بجميع المعاني لاهل المذاهب فوجود المحتاج لذاته عدم قد اوجده الغير ووجود القديم لذاته بذاته فاذا فرضت تركيبه لزم احتياجه فكان اصله عدما هف فمن جهة انه قديم يجب ان يكون موجودا لذاته ومن جهة انه محتاج يجب ان يكون معدوما في اصله صالحا للوجود فقد جمع في الشيء الواحد الوجود لذاته والعدم لاصله فكان موجودا بما هو معدوم ومعدوما بما هو موجود وبطلان الجمع بين الوجود والعدم من الاوليات التي لا تحتاج الى تجشم الاستدلال وهذا ظاهر معلوم وربما يعترض على الدليل المذكور اي دليل التركيب بانه يلزم اذا كان صدق الوجود والقدرة والوجوب ذاتيا على كل منهما ولم لا يكون التمايز بينهما ذاتيا وصدق الوجود والقدرة عليهما عرضيا كصدق الماشي على الانسان والفرس المتمايزين بالذات فان لزم اشتراك فانما هو في المفهوم العرضي وهذا لا دخل له في حقيقة الذات فلا يلزم التركيب في الذات حتى يتفرع عليه ما ذكر وقد سبقت هذه الشبهة الى بعض الاذهان السقيمة السخيفة وصعبت على اكثر الافهام وتمحلوا في الجواب عنها بكثرة النقض والابرام فاشار الفاضل المدقق الى جوابها بقوله : يا جمع است ميانه بود ونبود وتقرير الجواب على نهج الصواب ان الوجود والقدرة اذ كان صدقهما عليهما اي على الالهين العرضيّا ( العرضيّين ظ ) والعرضي هو الخارج عن حقيقة ذات الشيء فيلزم ان تكون ذات كل منهما عارية عن الوجود والقدرة كما مثلتم بالماشي في الانسان والفرس فانه غير صادق على حقيقة ذات الانسان والفرس فح يجب ان يكون كل منهما اي من الالهين غير قادر بالذات وغير موجود كك ومن حيث انهما الهان قديمان يجب ان يكونا قادرين موجودين وعلى قولكم يجب ان لا يكونا كذلك فاجتمع الوجود والعدم فهما موجودان قادران في عين عدم وجودهما وقدرتهما فان قلت ان الاشتراك في المفهوم والامتياز في المصداق واشتراك المفهوم لا يؤدي الى الاشتراك في المصداق فلا يلزم ما ذكر من التركيب قلت هل هما في المصداق الخارجي موجودان واجبان قادران ام لا فان قلت لا لزم الجمع بين الوجود والعدم كما ذكر او لزم ان يكون الاله في ذاته غير موجود ولا واجب فيكون في ذاته ممكنا معدوما فينقلب الوجود امكانا على هذا الرأي الفاسد والفكر الكاسد وان قلت نعم ما الزم من التركيب والتعدد والاشتراك والاحتياج وجميع ما ذكرنا سابقا وقد ذكرنا في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا وساير مصنفاتنا ان المفهوم عنوان للخارج فلايكون العنوان مخالفا للمعنون والا لم يكن عنوانا فان كان في العنوان تركيب ففي المعنون بالطريق الاولي والا فلا فح صح ما الزم في حل هذه الشبهة من الجمع بين الوجود والعدم فارتفعت الاشكالات والشبهات بحذافيرها بهذه الفقرة الموجزة المختصرة كفت بفضل معبرها شاهدا ودليلا

ثم لما اتقن هذا الدليل واحكم هذا السبيل وابطل شبهات اصحاب القال والقيل اخذ في بيان دليل التمانع الذي هو لمقاصد التوحيد جامع مانع وهو اعظم الادلة في هذا الشأن واحكم الاركان لهذا البنيان فقال يا در قدرت رجوحي بي تفاوت يعني او يلزم ان يكون في القدرة رجحان من غير تفاوت يقتضي ذلك وبيانه انه اذا كان الهان لايخ اما ان تكون ارادتهما متوافقة او متخالفة فعلى الاول اما ان يقدر كل منهما على التخالف بالتفرد والاستقلال ام لا فان كان الثاني فهو العجز الظاهر المنافي للقدرة التامة المقتضية لشأن القديم الازلي وعلى الاول الذي هو مرجعه الى الشق الثاني من الترديد الاول اي في صورة التخالف فلايخ اما ان تقع ارادتهما معا او لا تقع معا او تقع ارادة احدهما دون الآخر فعلى الاول يلزم اجتماع النقيضين او الضدين كما اذا اراد احدهما وجود زيد والاخر عدمه او اراد احدهما اصفرار شيء والاخر احمراره او اراد احدهما حركة شيء والاخر سكونه وعلى الثاني يلزم عجزهما المنافي لشأنهما فيبطل كونهما اي قدمهما فعلى الثالث فعدم وقوع ارادة احدهما الضعف في قدرته وقوة في قدرة الاخر فيلزم منه الترجيح بلا مرجح وهو باطل بالضرورة من جميع العقلاء فانهم وان اختلفوا في الترجيح بلا مرجح فجوز بعضهم واحال آخرون كما ان مذهب الفاضل هو الاول واما في الترجيح بلا مرجح فلا اشكال عند جميع العقلاء في استحالته وممن صرح بذلك الفاضل المذكور في شرح الاشارات وفي عدة من كتبه اما لزوم الترجيح بلا مرجح في هذه الصورة فلأن المفروض ان كلا منهما قديمان لم يتعلق به جعل الجاعل فقوة احدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح فان قلت ان هذا الكلام انما يجري في الممكن الذي اصله العدم ويحتاج في وجوده الى موجد وليس وجوده لذاته بذاته فما هذا شأنه لا يجوز ان يترجح وجوده على عدمه من غير موجد وجاعل ومرجعه انه لا يمكن للحادث ان يوجد الا بمحدث فلو وجد حادث بدون محدث لزم الترجح بلا مرجح وفيه لزوم اجتماع الوجود والعدم وهذا محال بالضرورة واما القديم فحيث كان وجوده لذاته بذاته فهو مترجح بذاته ولا يحتاج الى مرجح لان المفروض قدمه ولذا قيل ان الذاتي لا يعلل فح لا يرد الترجح بلا مرجح عند قوة قدرة احدهما على الآخر فلا يجري هذا الاستدلال قلت ان هذا الكلام صحيح لكن القديم الذي وجوده لذاته بذاته لا يفعل فيه القوة والضعف لان الضعف نقصان في الوجود والناقص لا يكون وجوده لذاته اذ الذاتي لا يتخلف فالضعف والقوة واحتمال الزيادة والنقصان دليل الحدوث والامكان والحادث الممكن يحتاج الى علة وموجد ومرجح والمفروض استقلالهما وعدم موجد لهما فيكون هذه القوة الزايدة التي هي من شأن الحدوث قد ترجح من غير مرجح وعلى هذا يتم الاستدلال في قوله : يا در قدرت رجوحي بي تفاوت فان القديم لا يعقل فيه القوة واحتمال الزيادة والنقصان دليل الحدوث والامكان والحادث الممكن يحتاج الى علة وموجد ومرجح والمفروض استقلالهما وعدم موجد لهما فيكون هذه القوة الزايدة التي هي من شأن الحدوث قد ترجح من غير مرجح وعلى هذا يتم الاستدلال في قوله : يا در قدرت رجوحي بي تفاوت فان القديم لا يعقل فيه الزيادة والنقصان فظهور الزيادة والقوة في احدهما دون الآخر مع تساويهما في القدم واللامجعولية ترجح من غير مرجح وهذا ظاهر معلوم فاشار الى الجزء الاعظم من الاستدلال تلويحا على الباقي كما شرحنا وفصلنا فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال

ولما ذكر دليل التمانع الذي هو من اقوى دلائل التوحيد عند اصحاب النظر اخذ في ذكر دليلين اخرى احدهما دليل الفرجة فقال يا در قدرت سنوحي بي تفاوت يعني على فرض التعدد او يلزم ان يكون في القدرة سنوح من غير تفاوت يعني على السوية والسنوح في اللغة له معان يراد منها هنا معنيان احدهما وسط الشيء والآخر العروض يقال سنح لي رأي اي عرض وارادة المعنيين من اللفظ المشترك في اطلاق واحد هو الاصح وبيان هذه الجملة اما على معنى العروض فهو انه اذا كان الهان فلا بد ان يكون بينهما ما يوجب تعددهما بعد اتحادهما في القدم والوجود وذلك الباين عارض عرض لكل واحد منهما فصار مبدء للتعدد وهذا العارض لايخ اما ان يكون قديما او حادثا فان كان حادثا اما ان يكون له محدث او لا فعلى الاول لايخ اما ان يكون المحدث نفس هذين الالهين المتحدين في العلم والقدرة او لا فعلى الثاني بطلت الوهيتهما وعلى الاول يلزم انفعال الشيء من اثره وان يكون القديم محلا للحوادث وان يكون الحادث مؤثرا في القدم بان يجعلهما اثنان ويلزم ان يكون هذا العرض عبثا لغوا لتنزيل الواحد الذي هو الاشرف الى المتعدد الذي هو الاخس بلا موجب لذلك وهو السنوح من غير تفاوت اي عروض حالة لا موجب يقتضيه الا للتنزل من الاعلى الى الاسفل وذلك لا يلتزمه عاقل فكيف بالقديم الحكيم العادل وان لم يكن لهذا العرض الحادث محدث كان ترجحا من غير مرجح وهو ايضا من السنوح بلا تفاوت وذلك في البطلان بمكان وان كان العارض قديما لزم ما تقدم من الترجح بلا مرجح لضعف العارض بالنسبة الى معروضه على التفصيل الذي قدمنا ذكره وان كان فرض كون القديم عارضا غير معقول لاقتضاء القدم الاستقلال واقتضاء العروض الاضمحلال ويلزم الجمع بينهما من المفاسد ما لا يسعه المقال واما على معني الوسط فهو انك اذا ادعيت اثنان يلزمك فرجة وهي ما تتحقق به الاثنينية وهو ثالث متوسط بينهما قديم معهما ثم يلزمك في هذه الثلثة لتحقق كونها ثلثة ما يلزمك في الاثنين فتكون القدماء خمسة وحيث ان هذه الخمسة متمايزة يلزمك فيها ما لزم في سابقتهما فتكون تسعة الامر يرتقى الى ما لا نهاية له من الالهة وتحقق هذه الآلهة الغير المتناهية انما هو بتوسط ذلك المايز الوسط الفاصل فيكون مشاركا مع الطرفين مساويا لهما في القدم فيكون ذلك سنوحا من غير تفاوت اي وسط يجري عليه حكم الطرفين بلا تفاوت فيكون جاريا مجريهما الها معهما (ظ) وكذلك الحكم في المايز الوسط بين هذه الثلثة الى ما لا نهاية له فيلزم على فرض تعدد الالهة حصول سنوح اي وسط يجري عليه الحكم بلا تفاوت مع غيره فح تتناهى الالهة في العدد الى ما لا نهاية له في الكثرة ولقد كررت الكلام ورددته للتفهيم والتبيين فهذه هي الادلة التي ذكرها الفاضل المدقق والنحرير المحقق باكمل بيان واوضح تبيان باخصر عبارة والطف اشارة قد فاز العارف بها بالنصيب الاوفى من الرقيب المعلى

ثم اشار الى وصف الحال توضيحا للمقال بقوله اين دلايل توحيد است وقد ذكر السائل سلمه الله في اول السؤال انه اشار الى ادلة ثلثة من دلايل التوحيد ودليل واحد لنفي الشركة ودليل نفي الشركة يستلزم التوحيد وهذا التفصيل في بادي الرأي غير موجه ولما كان السائل من ارباب المعقول والفطرة السامية التي اليها المطالب العالية تؤل يجب ان توجه كلامه توجيها قابلا عند اهل الفروع والاصول فطفقنا نقول ان المراد بالادلة الثلثة احدها دليل التركيب والاحتياج الذي اشار اليه بقوله وقطع توحيد از دو قدرت با وجود وثانيهما دليل التمانع الذي اشار اليه بقوله يا در قدرت رجوحي بي تفاوت وثالثها دليل الفرجة واليه الاشارة بقوله يا در قدرت سنوحي بي تفاوت وهي العمدة لاهل النظر في هذا الشأن واما دليل نفي الشركة التي هي اعم من الشرك الخفي والجلي فقد اشار اليه بقوله في الكلام الاول سد توحيد از پي توحيد است با تو توحيد از پي توحيد است وعلى هذا التفصيل يصح المقصود فان الادلة الثلثة دلائل التوحيد ونفي الشرك الجلي والدليل الاول دليل نفي الشرك مطلقا الذي اشار اليه الله تعالى بقوله وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فاثبت التوحيد مع الشرك ولا منافاة وبقوله تعالى ايضا افرأيت من اتخذ الهه هواه وقوله عليه السلم كلما يشغلك عن الله فهو صنمك وامثالها مما ينافي توحيد المحض وان كان يجامع التوحيد الذي مقابلة الشرك الجلي الذي يكون سببا للخلود في النار ابد الابدين هذا تقرير السؤال واما حقيقة الامر فكل فقرة دليل مستقل للتوحيد ونفي الشريك فتكون الادلة ستة كما ذكرنا واوضحنا او سبعة لاشتمال الفقرة على الدليلين اللذين احدهما الفرجة كما تقدم

ثم اخذ في وصف الموحدين وذكر جملة التوحيد بقوله هر كه داند از دلايل توحيد است يعني كل من يعلم هذه الادلة كان من دلايل التوحيد وبيانه ان الله سبحانه وتعالى خلق الاشياء على فطرة التوحيد يعني الفها ورتبها على هيئة تدل الناظر اليها على التوحيد كما الف كلمة لا اله الا الله التدويني والقولي من الحروف المؤلفة الممكنة الدالة على توحيده وسبحانه وتفريده ثم لما ظهرت الاشياء في هذه الدنيا فان طابق فعلها كينونتها في العلم والنور والهداية والخير وسلوك سبيل المعروف الناظر الى الله سبحانه وتعالى كان دليلا للتوحيد وكلمة للتفريد والتجريد كالانبياء عليهم السلم والاولياء وكل من خالف فعله كينونته وسلك بفعله سبيل الشيطان كان فعله دليل الشيطان وكينونته دليل الرحمن ثم تتغير الكينونة والفطرة شيئا فشيئا من قوله تعالى ولامرنهم فليغيرن خلق الله كان بكله من دلايل الشيطان فيدعو الى البعد عن الرحمن فكل من عرف ادلة التوحيد واعتقدها ودان بها وعمل بمقتضاها فذلك يدخل في زمرة الاولياء والانبياء فيكون من دلائل التوحيد بحكم من تبعني فانه مني فتنفعل له الاشياء وتنقاد له الاسباب وشابه اوائل جواهر عللها وقطع مسافة سيرها وسفرها في النوع لا في الشخص فانه لا يتناهى ومرادنا هو الاسفار الاربعة وهي السفر من الخلق الى الحق وفي الحق بالحق ومن الحق الى الخلق وفي الخلق بالخلق فح قد فارق الاضداد وشارك به السبع الشداد فافهم راشدا واشرب عذبا صافيا وفقك الله للخير والعمل به

ثم اخذ الفاضل المحقق في الاشارة الى اصل وقوع الكثرة والتعدد في العالم فقال نيك وبد دليل خلاف است يعني الحسن والقبح دليل خلاف التوحيد بيانه ان الناظر الى التوحيد خارج عن مقام الكثرة وسايح في لجة الوحدة سالم عن علايق التناقض والتضاد واقف بسر كينونته على باب المراد فلا يرى سواه ولا يتوجه الى ما عداه ولا يلتفت الى غيره فلما تنزل عن تلك الرتبة فحصل الخلاف اي الادبار وجعل خلفه الى مبدئه وهذا اول مقام التعين وظهور قول كن وعالم فأحببت ان اعرف فحصلت للاشياء جهتان جهة الى مبدئه وجهة الى نفسه فتحقق من النظر الى الجهة العليا الحسن ومن النظر الى الجهة السفلى القبح فلو كان باقيا في مقام القدس ومتكئا على سرير الحب والانس وماحيا نفسه وشاهدا رمسه بلا كيف ولا اشارة لماوجد تعددا وكثرة فلما نظر الى العالم الادنى وخرج عن جنة الحب والمسجد الاقصى وادبر عن المبدء الاعلى رأى الاشياء مختلفة بالاقبال والادبار وبالعكوس والظلال وبالظلمات والانوار كل ذلك عند الخلاف اي جعل خلفه الى ربه بمعنى نظره الى غيره فمشاهدة الحسن والقبيح دليل على انه في عالم الكثرة والكثرة دليل قطع الوحدة فكان كما قال الحسن والقبح دليل الخلاف لا سبيل اهل الوفاق والايتلاف فانهم مستغرقون في لجة بحر الاحدية ومنغمسون في تيار يم الواحدية ليس الا الانفاس تخبر عنه وهو عنها مبئ (كذا) معزول فافهم فهمك الله

ثم لما بين مبدء الكثرة وعلة وقوعها بالاشارة اخذ في بيان وصف اهل عالمها فقال هر كه دارد دليل خراف است يعني كل من عنده الخلاف فوجوده دليل الخراف وذلك ظاهر واضح لان المقصود هو الله والمطلوب هو الله والعماد هو الله والسناد هو الله وكل ما سواه مما دون عرشه الى قرار الارضين السابعة السفلي باطل مضمحل فالناظر اذا صرف نظره عنه سبحانه وعن توحيده وتجليات اسمائه وصفاته وتوجه الى غيره من الفقراء المحتاجين والضعفاء المعدومين فهو خرف احمق وكيف يسئل محتاج محتاجا واني يرغب معدم الى معدم اللهم اني اخلصت بانقطاعي اليك واقبلت بكلي عليك وصرفت وجهي عمن يحتاج الى رفدك وقلبت مسئلتي عمن لم يستغن من فضلك ورأيت ان طلب المحتاج الى المحتاج سفه من رأيه وضلة من عقله وكم قد رأيت يا الهي من اناس طلبوا العز بغيرك فذلوا وراموا الثروة من سواك فافتقروا وحاولوا الارتفاع فاتضعوا فصح بمعانيه بمعانيه امثالهم حازم وفقه اعتباره وارشده الى طريق صوابه احتباره فانت يا مولاي دون كل مسئول موضع مسئلتي ودون كل مطلوب اليه ولي حاجتي انت المخصوص قبل كل شيء مدعو بدعوتي لا يشرك احد في رجائي ولا يتفق احد معك في دعائي ولنختم الكلام ولقد كررته ورددته للتفهيم والبيان فلو خفي مع ذلك شيء فليس انشاء الله لقصور في التعبير بل لعلو في المعبر عنه واذا شافهنا جنابكم وحظينا بادراك لقائكم يتيسر كل يسير ويسهل كل عسير وان الله سبحانه على ذلك لقدير نسئل الله سبحانه تعجيل الملاقاة برفع الموانع ودفع العوايق انه بالابة ( بالاجابة ظ ) جدير وهو على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصادر
المحتوى