
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
اما بعد فيقول العبد الفقير الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان المولي الافخر والنور الازهر ذا الفهم السليم والادراك المستقيم المؤيد بتأييد ( بتأييدات خل ) الاله الاكبر الآخوند الملا عليّ اصغر النيسابوري ( ابن لطف الله الخراساني النيشابوري خل ) عظم الله مقامه ورفع اعلامه قد طلب من الفقير الحقير بيان بعض اشارات الدعاء العظيم المشهور بدعاء السمات وكشف بعض رموزه وفتح مغلقه وحل معضله وكان ( فكان خل ) ذلك صعب المنال وعزيز الوصال سيما بالنسبة الى هذا العليل الكليل ( الكليل العليل خل ) على ان ما يفهم من فقراته مما لا يسعه الدفاتر وانما محله وموقعه الضماير الا ان لمقام السايل عندي واعتمادي على فهمه العالي وادراكه السامي نشير ( اشير خل ) الى ما يسعني بيانه بالاشارة واختصر في العبارة لاستعجاله وكوني على جناح السفر وكثرة تشويش ( تشوش خل ) البال وتفرق الحواس واختلال الاحوال لان ذلك هو الميسور والى الله ترجع الامور
فاقول ( اقول خل ) هذا الدعاء رواه الكفعمي عن الباقر عليه السلام قال لو حلفت ان في هذا الدعاء الاسم الاعظم لبررت فادعوا به على ظالمينا ومضطهدينا والمتعززين علينا ثم قال عليه السلام ان يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام لما حارب العماليق وكانوا في صور هائلة ضعف ( ضعفت خل ) نفوس بني اسرائيل عنهم فشكوا الى الله عز وجل فامر الله يوشع ان يأمر الخواص من بني اسرائيل ان يأخذ كل واحد منهم جرة من الخزف فارغة على كتف الايمن باسم عمليق و يأخذ بيمينه قرنا مثقوبا من قرون الغنم ويقرء كل واحد ( واحد منهم خل ) في القرن هذا الدعاء لئلا يسترق السمع بعض شياطين الانس والجن فيتعلموه ثم يلقون الجرار في عسكر العماليق آخر الليل ويكسرونها ففعلوا ذلك فاصبح العماليق كأنهم اعجاز نخل خاوية منتفخي الاجواف موتى فاتخذوه على من اضطهدكم من ساير الناس ثم قال عليه السلام هذا من مكنون العلم ومخزونه فادعوا به ولا تبذلوه للناس ( للنساء خل ) والسفهاء والصبيان والظالمين والمنافقين وروي ايضا عن الصادق عليه السلام بعينه الا انه ذكر ان محاربة العماليق كانت مع موسى رواه عنه عليه السلام عثمان بن سعيد العمري (ره) وعن الباقر عليه السلام قال لو يعلم الناس ما نعلمه من علم هذه المسائل وعظم شأنها عند الله وسرعة اجابة الله لصاحبها مع ما ادخر له من حسن الثواب لاقتلوا عليها بالسيوف فان الله يختص برحمته من يشاء ثم قال عليه السلام اما اني لو حلفت ان الاسم الاعظم قد ذكر فيها لبررت فاذا دعوتم ( دعوتم به خل ) فاجتهدوا بالباقي وارفضوا الفاني فان ما عند الله خير وابقى ه وانما ذكرت هذه الاحاديث مع انه خلاف المقصود من الاختصار لغاية عندي يظهر لدقيق النظر بعد ملاحظة قول مولينا الرضا عليه السلام قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال على هنالك ( اولوا الالباب ان ما هنالك خل ) لا يعلم الا بما هيهنا ه ولكل شيء ظاهر وباطن وكل منهما دليل على الآخر فافهم ايدك الله
ويستحب ان يقرء هذا الدعاء عند غروب الشمس من كل يوم ( من يوم كل خل ) جمعة لان يوم الجمعة مقام اجتماع العلل والمعلولات واقتران الاسباب بالمسببات وهو يوم العيد الاكبر ومحل نضج الثمار واستقامة الاشجار وفي هذا الدعاء سر الاسم الاعظم وهو باب فوارة النور و يوم الجمعة تقابل ( تقابله خل ) هذه الفوارة دون ساير الايام لسر يطول بذكره الكلام فاذا دعى به ذلك اليوم يقترن بالنجاح والاصلاح واما عند الغروب فذلك في القوس الصعودي كلما قرب الى الليل اي مقام البرودة والخضوع الكامل والذلة التامة والانكسار المطلق يكون اوفق لتحمله الشئون الربوبية ما دام تسير في هذا القوس وهو قوله تعالى ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا واعتبر النهار دون الليل المحض لكون هذه الاسماء انما ظهرت وبرزت من الشمس المضيئة التي تضيء في بحر قعر بحر ( في قعر بحر خل ) القدر المظلم المواج كثير الحيات والحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى فالاسماء اشعة فلك ( تلك خل ) الشمس وتجليها ( تحكيها خل ) والعبودية المطلق الى ( المطلوبة هي خل ) الليلة بل ليلة القدر لانا قد بينا ان نسبة ليلة الجمعة الى الليالي ( ليالي خل ) الاسبوع نسبة ليلة القدر الى الليالي ( ليالي خل ) السنة ولما كانت هذه الاسماء ظهرت عند ( ظهرت عند التعلق بالآثار والقابليات كان محل ظهورها كذلك في العالم الزماني وقت الغروب من خل ) يوم الجمعة فافهم
اللهم اني اسئلك باسمك العظيم الاعظم الاجل الاكرم
اعلم ان ( ان امر خل ) الله سبحانه واحد والخلق بكثرتهم وكثرة شئونهم ( شئونهم واطوارهم خل ) واوطارهم واكوارهم وادوارهم كلها عنده سبحانه كالنقطة المتوهمة الموجودة في وسط كرة محدد الجهات واستغفر الله عن التحديد والتكييف فوجدت تلك النقطة بما لها من المراتب اللاتناهى ( اللاتتناهى خل ) دفعة واحدة في غير زمان ومكان غير انفسها وهو قوله تعالى وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وبتعلق القدرة والقيومية بتلك النقطة الوجودية ظهر الاسم فلما تعددت مراتب تلك النقطة في مقاماتها ظهر تعدد مراتب ذلك الاسم الواحد ايضا في مقامه في مقامها ومراتبها فبقدر تعدد المراتب الوجودية تعددت مراتب الاسماء فكل اسم متعلق بطور من اطوار تلك النقطة فالاسم الاعظم هو الاسم الكلي الجامع لتلك الاسماء كلها على حسب مراتبها واطوارها واحوالها وباقي الاسماء كليتها وجزئيتها وعظمها وصغرها بالاضافة الى متعلقها في العموم والخصوص والاحاطة وعدمها فذلك الاسم الاعظم ( فالاسم العظيم خل ) الجامع الكلي هو اسم الله العلي ولذا وصفه سبحانه بالعظيم ( بالعظم خل ) في قوله تعالى وهو العلي العظيم وقال الرضا عليه السلام اول ما اختاره ( ان الله اول ما اختار خل ) لنفسه العلي العظيم واليه الاشارة بقوله تعالى فسبح باسم ربك العظيم في كل موضع من القرآن وذلك في اول النظر وكذلك حكم الركوع في الصلوة وذلك الاسم هو صاحب ( صاحب الهيمنة خل ) الالوهية قد ظهر بطبق الاسم الباطن فافهم واما الاعظم فهو بسم الله الرحمن الرحيم لقول السجاد عليه السلام واسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم وقول امير المؤمنين عليه السلام كلما ( وكلما خل ) في الحمد في البسملة وقول الصادق عليه السلام وفيه اسمك الاعظم واسمائك الحسنى وقول الرضا عليه السلام ان البسملة اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضه او من بياض العين الى سواده وذلك قرب المداخلة والبطون والظهور فانه ( المداخلة فانه خل ) اعظم واقرب من قرب الملاصقة فالاسم الاعظم باطن البسملة وهو الالفات الثلث المحتجبة احدها المطوية لفظا وخطا في البسم والثانية والثالثة المطويتان خطا لا لفظا في الله الرحمن الرحيم ( الله الرحمن خل ) وروي ان الاسم الاعظم هو الحي القيوم وهما مستخرجان عن ( من خل ) حروف البسملة مكتوبة وملفوظة وفي بعض النسخ تكرار الاعظم ثلث مرات لظهوره في العوالم الثلثة عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الملك في كل عالم بحسبه وكذلك ظهوره في جزئيات كل عالم واجزائه الى ما لا نهاية له واما الاجل فهو اعلى من الاعظم ويستفاد ذلك من دعاء ليلة المبعث وباسمك الاعظم الاعظم الاعظم وذكرك الاجل الاعلى الاعلى الاعلى وهو الاسم المقدس هو لانه باطن ( الله الذي هو سر البسملة وهو باطن العلي العظيم ) قل هو الله احد واما ( اما خل ) الاكرم فهو الاكرم من التكييف والتوصيف والتحديد وذلك هو الاسم الذي ليس بالحروف مصوت ( بالحروف متصوت ولا باللفظ منطق ولا بالشخص مجسد ولا بالتشبيه موصوف خل ) ولا باللون مصبوغ بريء من ( عن خل ) الامكنة والحدود ومنفي ( منفي خل ) عنه الاقطار محتجب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور وذلك هو الاسم هاء في هو قبل الاشباع وهو الاسم ( الاصل خل ) الذي تدور عليه دائرة الامكان والاكوان كلها بظهوره في اطواره وتكرر ادواره فان ( لان خل ) الهاء تكررت اربع مرات استنطقت عنها الكاف فكررت مرة واحدة ظهرت الياء فظهرت في الياء فاستنطقت النون وذلك كلمة كن وهي علة الايجاد وسر الانوجاد ومن المجموع استنطقت العين ومن ظهور الكاف في العين ظهر استنطاق الصاد وهي ( هو خل ) كهيعص وهو من الاسماء العظام ومن هذه الجهات عبر عنه بالاكرم للاشارة الى انه اصل الكرم وينبوع الجود وشرح هذه الاحوال لا يناسب الا بالاجمال فتصرف ما سمعت الى ما لم تسمع ولاحظ المعاني في الذوات واعلم ان الذوات هي تلك المعاني للذات سبحانه وتعالى ( تعالى والالفاظ بازاء المعاني خل ) وهو قوله عليه السلام انا الذات في الذوات للذات فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال ثم اعلم ان ظهور ذلك الاسم الاعظم لما كان من جهة المتعلقات وتعدد اطواره انما هو بها وهي انما تتقوم وتتحقق باستمدادها في اطوارها من ذلك الاسم باطواره واحواله وكليات وجوه المتعلق خمسة بالنسبة الى التفاته الى مبدئه من حيث هو كذلك الاول استمداده منه في حقيقة ذاته من جريان فوارة النور على قابلية استعداده والثاني استمداده منه في تمكينه لقابليته حتى يستفيد من تلك الانوار وتستجن فيه تلك الاسرار ويفتق فيرتقه ( ويفتق رتقه خل ) بحمل الاشجار ونضج الثمار والثالث استمداده منه لتسهيل عسيره عند النزول في المراتب السافلة بعد خطاب ادبر فان من كان في مقام اعلى اذا نزل الى الادنى يعسر عليه تداول احواله لشدة شوقه الى الاقبال كما قال :
تبكي اذا ذكرت عهودا بالحمي بمدامع تهوى ولم تتقطع
فان المطلق في كمال الاطلاق يعسر عليه التقييد بالحدود وانحاء التخطيطات ( التخصيصات خل ) كما بيناه ( بينا خل ) في سائر رسايلنا ومباحثاتنا والرابع استمداده منه لحيوته ( لحيرته خل ) بعد موته في كمال مقام الادبار عند وصوله الى مظهر اسم الله المميت اي التراب والخامس استمداده منه في حفظه عما يطرء عليه في القوس الصعودي من الاحوال المانعة عن الصعود ( الصعود والعود خل ) الى ما بدء منه والوصول الى الوطن الحقيقي الذي حبه من الايمان وهذه المراتب الخمسة جوامع احوال الخلق في القوسين الصعودي والنزولي ولا يخلو منها حالة من الحالات عند توجهها الى جنابه سبحانه وحضرة قدسه وجلاله وامدادات هذه الجهات كلها تكون بذلك الاسم الاعظم ولذا اشار اليه عليه السلام في المقامات الخمسة فقال ( في المقامات فقال خل ) :
الذي اذا دعيت به على مغالق ابواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت
السماء اي ( هي خل ) الخزائن العلوية الغيبية من مبدء سماء الاطلاق الى سماء الاجسام من اول محدد الجهات الى آخر كرة الهواء والبخار والهباء وهو قوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا وكلها مهابط الافاضات وابوابها جهات تعلقاتها بشئونات اطوارها بالقوابل السافلة والذوات الارضية الرحمة وهي الرحمة الواسعة اعطاء الارضية هي الرحمة الواسعة التي هي اعطاء خل ) كل ذي حق حقه والسوق الى كل مخلوق رزقه وفتحها نفس تعلقاتها وورود افاضاتها على المفاض عليه وهذه الفقرة اشارة الى الامر الاول وذلك الفتح انما يكون باسمه البديع الذي هو طور من اطوار الاسم الاعظم ( الاعظم الاجل خل ) الاكرم الذي هو العلي العظيم
واذا دعيت به على مضايق ابواب الارض للفرج ( للفرج بالرحمة خل ) انفرجت
هذا هو الامر الثاني والارض ارض القابليات وهي ممتدة من ارض الجرز والدواة الاولى الى هذه الارض المسكونة الى الارض الصرفة في كل مقام بحسبه والفرج هو تمكنها وتبينها ( تليينها خل ) بانزال المطر المناسب لها بالبرودة وانفراجها وانشقاقها على جهة المنفعة بالرطوبة فافهم ومضايق ابوابها عدم تمكنها من قبول النور كالحطب الخضر الرطب اذا القى عليه النار اللينة
واذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت
وهذا هو الامر الثالث وذلك بعد الادبار وحين التنزل الى المراتب السفلية
واذا دعيت به على الاموات للنشور انتشرت
وهذا هو الامر الرابع عند تمام الادبار ووصوله الى التراب ونسيانه الخطاب ويكون ذلك باسم الله المحيي
واذا دعيت به على كشف البأساء والضراء انكشفت
وهذا هو الامر الخامس وبه تمام الكمال وذلك باسم الله رفيع الدرجات في كل عالم يلايم طبايع اهل ذلك العالم من ( من اهل خل ) الاقبال الى الله سبحانه حتى لا تمنعهم كثرة الرطوبة والبرودة الحاصلتين من الادبار والنزول عن الخفة المستلزمة للصعود فالبرودة عدم ( عالم خل ) اقبالك الى الله والرطوبة ميلك الى ما سوى الله ( ما سواه خل ) وهما توالدان ( تولدان خل ) الامراض المزمنة من اللقوة والفالج والاستسقاء وامثالها وكذلك ( كذا خل ) اذا قلت الرطوبة الغريزية التي هي الميل الى الله سبحانه وكثرت الاخلاط السوداوية الارضية المخلوطة بالرطوبة الغريبية تشتعل بالحرارة الغريزية وتتولد منه الامراض الحارة مثل السرسام والجنون وامثالهما فافهم ضرب المثل اذ ليس لي وقت الشرح والبيان على الحقيقة فباسم رفيع الدرجات الذي هو وجه ذلك الاسم الاعظم تصلح البنية وتخف الكينونة فيصل الغريب الى الوطن ختم الله لنا بالحسنى
وبجلال وجهك الكريم
الجلال هو الجمال في بعض المقامات الا انه حيث ما يطلق يراد نور الجمال اي ظهور الوجه للغير فالجمال هو نفس الوجه والجلال هو ظهوره لغيره فيضمحل دونه سويه الوجه ( والوجه خل ) سر الذات والنور البات ودليل معرفتها وآية هويتها فيقتضي بذاته ان يكون اربعة عشر ولذا كان عظام الوجه اربعة عشر وعدد لفظ الوجه اربعة عشر الا ان سر الوحدة لما ظهرت فيها انمحت ( انمحقت خل ) فيها الكثرة فلا يشاهد فيها الا ( فلا يشاهد الا خل ) الوحدة قل هو الله احد ثم ذرهم ( قل الله ثم ذرهم خل ) في خوضهم يلعبون وجلاله حجابه وهو اما ملئكة العالين الذين ما سجدوا لآدم كما في قوله تعالى استكبرت ام كنت من العالين او ملائكة الكروبيين ( الكروبين خل ) وهذا ( هذه خل ) الرتبة اول تفاصيل ذلك الاسم الاعظم ( الاعظم اما خل ) بذاته او بظهوراته في اطوار شئوناته
اكرم الوجوه واعز الوجوه الذي عنت له الوجوه وخضعت له الرقاب وخشعت له الاصوات ووجلت له القلوب من مخافتك
وذلك لان الله اكرم من كل شيء فالوجه المنسوب اليه اكرم من كل وجه وهو ( وهو الجهة العليا لكل شيء وهو خل ) في كل مرتبة بحسبها الى ان لا تنظر ( لا تنظر الا خل ) الى الله واسمائه وصفاته كما قال عليه السلام وليس الا الله واسمائه و صفاته فالوجوه ح كلها ( فالوجوه كلها خل ) لله فترد كلها الى وجه واحد ولما ان الله سبحانه تجلى لكل شيء بكل شيء واحتجب عن كل شيء بكل شيء ذلت الوجوه من حيث انتسابها الى غيره تعالى لوجهه تعالى وذلك من حيث انتسابه الى نفس الله وهنا كلام كتمانه في الصدور خير من اظهاره في السطور فخضع وخشع ما يرى وما لا يرى لجلال وجهه تعالى الوجوه هي جهات تعرف الاشياء لغيرها والرقاب ربط الاعالي الى الاسافل وتعلق اللطيف بالغليظ وطريق ظهور الوجه من اللب والاصوات هي الافعال الصادرة بتلك الروابط والشئون اللاحقة والقلوب هي الحقايق الثابتة والذوات الاصلية فذلة الاشياء في الاولى وقوفها ( وفوقها خل ) بباب مشيته وفي الثانية وقوفها ( وفوقها خل ) بباب ارادته وفي الثالثة وقوفها ( وفوقها خل ) بفقرها بباب قدره وفي الرابعة وقوفها ( وفوقها خل ) بفقرها بباب قضائه كلهم صائرون الى حكمك وامورهم آئلة الى امرك قال سيد الساجدين عليه السلام الهي وقف السائلون ببابك ولاذ الفقراء بجنابك فافهم
وبقوتك التي بها تمسك ( التي تمسك خل ) السماء ان تقع على الارض الا باذنك وتمسك السموات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعدك
القوة هي مبدء القدرة واصلها وقد يطلق احدهما ( احديهما خل ) على الاخرى وهيهنا يحتمل الوجهان والقوة هي ما ظهر من قدرة الله سبحانه وتعالى في جلال وجهه لا في ذاته ولا في وجهه لان ( لا لان خل ) الذات والوجه ليس فيهما قوة وقدرة حاشا بل الذات عين القدرة والقوة وكذا الوجه وانما المراد بها القوة الظاهرة والقدرة المتعلقة بالمقدورات ( وبالمقدورات خل ) الكاينة في العوالم كلها ما سوى عالم الوجه ان قلنا ان الجلال هو ملائكة العالين اذ ليس في الوجه تعدد وكثرة ( كثرة وتعدد خل ) عوالم وان قلنا انه حجاب الكروبيين ففي ما سوى ( ففي سوى خل ) عالم العالين بافلاكه وعناصره ومواليده فافهم والسماء هي المقبولات والارض هي القابليات في كل عالم بحسبه الى هذا العالم الجسماني الظاهر بهذه السماء والارض المطويتين ( المعلومتين خل ) وامساكهما عن الزوال امدادهما بالمدد الجديد الجاري الساري ( الجديد الساري خل ) من تحت العرش الى ما لا نهاية له فتمسك كل واحدة منهما بالاحياء بعد الاعدام والافناء الوجوديين وهو قوله تعالى بل هم في لبس من خلق جديد ووقوع السماء على الارض بنفي الوسايط الرابطة او بنزولها عن مكانها ومقامها الاعلى ( الاصلي خل ) وفي ذلك فناء الارض والسماء الا ان يمسكهما الله سبحانه بقدرته على خلاف ما تدركه العقول فانه على كل شيء قدير وكذا ( كذلك خل ) الكلام في سماء النبوة وارض الولاية وسماء الولاية وارض النبوة حرفا بحرف فافهم
وبمشيتك التي دان لها العالمون وبكلماتك ( بكلمتك خل ) التي خلقت بها السموات والارض
المشية متفرعة على القوة المتفرعة على الجلال المتفرع على الوجه وهذه المشية هي فعله سبحانه وهو ذكره للاشياء قبل المذكورين بنحو من الانحاء وهي ذات متأصلة اصلها الله سبحانه ولها الهيمنة على كل مذروء ومبروء والاسماء المتقدمة انما حصلت من هذه المشية لكنها تقدمت عليها لشيء يطول الكلام بذكره فاذن وجب ان يدين ويخضع ويقر لها العالمون من عوالم الالف الف ( الالف الالف خل ) والكلمة هي المتحصلة من المشية في الوجه الثاني وهي كلمة كن وهي كلمة الله العليا ( هي المتحصلة من المشية في الوجه الثاني اي الكلمة التي في المفعول او الكلمة الفعلية لكنها في الرتبة الرابعة من المشية بعد النقطة والالف والحروف او كلمة القضاء ويناسبها التعلق بخلق السموات والارض والكل مراد وهي على المعاني مما ذكرت وما لم نذكر وهي كلمة الله العليا وهي قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن ( فيكون خل ) وهي الكلمات التي تلقيها آدم عليه السلام والكلمات التي اتمهن ابرهيم عليه السلام والتي لو كانت ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت وهي العين وقد حمل اياها التعين الاول السموات والارض على العموم الذي ذكرنا
وبحكمتك التي صنعت لها ( بها خل ) العجايب وخلقت بها الظلمة وجعلتها ليلا وجعلت الليل سكنا وخلقت بها النور وجعلته نهارا وجعلت النهار نشورا مبصرا وخلقت بها الشمس وجعلت الشمس ضياء وخلقت بها القمر وجعلت القمر نورا
الحكمة هي الولاية العامة التي تعطي كل ذي حق حقه كما ورد عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا والتدبير العام الكلي بالقدرة العامة والقوة الكاملة يورث صنع العجايب والغرايب من الاحوال العظيمة من تصرفات العالم وهيئاته واحواله مما لا يناسب هذا المختصر ذكر شرذمة من تلك العجايب ونذكرها ان شاء الله تعالى في شرح الخطبة عند قوله عليه السلام ولو علمتم ما كان بين آدم ونوح من عجايب اصطنعتها الخ وهذه العبارات ( العبارة خل ) اشارة الى ما في الخطبة ولذا نسب العجايب الى الحكمة التي هي الولاية وهي لواء الحمد واصل العجائب ومبدئها ظهور ( وظهور خل ) الهيكلين هيكل التوحيد وهيكل الكفر ولما كان في القوس الصعودي سبق الليل على النهار وقدم الظلمة على النور والظلمة ( قدم الظلمة والظلمة خل ) انية النور وماهيتها ( ماهيته خل ) خلقها الله سبحانه باسمه الحكيم تبعا للنور واثباتا له واحكاما لامره واتقانا لصنعه ثم جعلها ليلا فالليل لازمة للظلمة لزوم الزوجية للاربعة وهذا رد صريح على من يقول ( يقول ان خل ) الظلمة عدمية وان لوازم الماهيات لا تتعلق بها جعل سوى جعل الملزومات وكذلك القول في النور وجعلها نهارا وباقي الفقرات
وخلقت بها الكواكب
وهي الاجسام المركبة القوية في التركيب الحاملة للاسماء الالهية المتعلقة بتدبير العالم السفلي وتلك الاسماء هي اطوار اسم الله الحكيم ومجمل القول ان الكواكب قوى الافلاك في كل عالم وكل طور بحسبه وقولي الاجسام اريد به الانعقاد فافهم
وجعلتها نجوما
مضيئة لقبولها النور من الشمس اما كواكب الافلاك السبعة فاصلها الشمس في كل ما لها وبها ومنها واليها منها تستمد واليها ترد واما الثوابت في الكرسي فان ظهورها بنور الشمس لا وجودها
وبروجا
اثني عشر في عالم الابتداع الاول هي حروف لا اله الا الله وفي عالم الابتداع الثاني هي الائمة اثني عشر عليهم السلام وفي عالم الاجسام هي البروج المعروفة المنقسمة الى النارية والترابية والهوائية والمائية (والى النهارية والليلية)
ومصابيح وزينة ( وزينة خل )
هي نفس الكرسي وساير الافلاك التحتية حسب انطباقها ( انطباعها خل ) فيها الا ان ظهورها اي الزينة ( الرتبة خل ) في سماء الدنيا فلك القمر لانها اقرب تناولا ولا بحسب ( تناولا بحسب خل ) الاحساس فتزينت السماء بالكواكب كما تزينت ( يتزين خل ) الماء بها في الليل وظهور الزينة انما هي في كرة البخار وهي السماء التي منها المطر
ورجوما
في السماء الثامنة بفعلها وتأثيرها في السماء ( سماء خل ) الدنيا اي سماء المطر فان الادخنة المتصاعدة في الجو مهية ( مهيئة خل ) للاشتعال ومكلسة بورود اشعة الكواكب عليها واذا ( فاذا خل ) صعد الجني ومر على كل جزء فحرارته تعين ذلك الدخان للتكليس فيظهر اثر ذلك الكوكب الذي يحاذيه في الدخان ( يحاذيه فيه خل ) فيشتعل ويحترق الجني او انه يهرب فافهم
وجعلت لها مشارق ومغارب
الجمع اما باعتبار الكواكب فكل كوكب له مشرق واحد ومغرب واحد والكواكب لها مشارق ومغارب ولما كانت الكواكب هي الشعلات الكامنة في زبد البحر وتلك الشعلات هي نيران تعلقت بكثافة سفلية كانت الاسماء كلها كواكب والكواكب كلها اسماء مع اختلاف ظهوراتها في العوالم والمراتب والمقامات فاذن اشرق اسم الله البديع من افق العقل وغرب في افق النفس واسم الله الباعث اشرق من افق النفس ومغربه افق الطبيعة واسم الله الباطن اشرق من افق الطبيعة ومغربه افق المادة واسم الله الآخر اشرق من افقها ومغربه افق المثال والصورة واسم الله الظاهر مشرقه منها ومغربه في افق الاجسام واسم الله المحيط اشرق من افق الاجسام من حيث الاجمال وغرب في اول التفصل ( من حيث والاجمال وغرب التفصيل خل ) ومبدئه وهو تلك ( فلك خل ) العرش محدد الجهات وعلى هذا القياس تكون المشارق والمغارب كل كوكب اسم من اسمائه تعالى ( اسم من اسماء له خل ) تجلى في مقام وخفي ( خفاء خل ) في مقام واقول الاول مشرقه والثاني مغربه تجلي كل كوكب في كل مقام حين اشراقه لا بد من خفاء واقول في القوس النزولي فاذا عادت الاشياء الى مباديها بقي شرق بلا غرب ونور بلا ظلمة كذلك صنع الله ربنا وكذلك كل امام عليه السلام له مشرق في زمانه وما يتعلق به ومغرب اذا حان حينه وبلغ اجله على المعاني ( العالي خل ) كلها واما باعتبار ظهور كل ( باعتبار كل خل ) كوكب في البروج حسب حالها ( ما لها خل ) من العرض وعدمه وزيادة العرض وعدمها فيختلف طلوعها وغروبها حسب تلك الاحوال عند تحريك محدد الجهات اياها حركة التسخير ليجري الله سبحانه بها حكم التقدير او في حركاتها في انفسها واما الشمس وان لم يكن لها عرض لكن ( لها لكن خل ) يختلف طلوعها وغروبها حسب تدرجها في البروج حيث ان الشمس لازمة لسطح تلك ( فلك خل ) البروج ( دون معدل النهار وفلك البروج ) ليس على سطح معدل النهار وانما هو مقاطع له بنقطتين وتقسيم العالم باعتبار معدل النهار فتختلف ( فيختلف خل ) احوال الشمس ( الشيء خل ) باعتبار بعدها عنه وقربها منه ( اليه خل ) فافهم ( فافهم كما روي عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث ابن الكوا خل ) وكذلك جريان حكم الولاية في الهياكل الاربعة عشر
وجعلت لها مطالع ومجاري
فان كل كوكب له سبعون الف ملك يجرونه بالكلاليب ويظهرونه من مطلعه الخاص حيث ما طلب من الله سبحانه اياه بمكنون سره وحقيقة لبه على اختلاف شهواته وتفاوت مراتب ميولاته واراداته ولذا جمع المطلع لتعدد الميولات حسب شهوته للاماكن الخاصة وكذلك المجاري وذكر خصوصيات تلك الاماكن والمجاري والباعث للكوكب ليله ( لميله خل ) اياها مما لا تسعه الدفاتر الا اني اقول قولا مجملا وهو انها تابعة لحكم مولينا امير المؤمنين عليه السلام في اقتضاء انحاء ( انهار خل ) شهواتها وميولاتها مما يتفرع على الولاية العامة الظاهرة بايديها واعينها وابصارها وقلوبها في هذه الكواكب فاذا ظهرت الملئكة الصادرون عن امره عليه السلام تلك الكواكب من مطالعها يجرونها في مجاريها واما ( اما خل ) الشمس فلها مجرى واحد وهو سطح البروج الا ان تلاحظ مداراتها اليومية التي بها تحصل قوس الليل وقوس النهار حسب تدرجها في البروج واما باقي الكواكب من السبعة فلها ( ولها خل ) مجاري مختلفة حسب ما لها من العرض من الدوائر التي تنطبق بعضها ببعض ( مع بعض خل ) ثم تنفرج وتنفصل الى غاية البعد ثم تقرب وتضيق ( تتضيق خل ) الفرجة الى الانطباق واما الدوائر التي ليست بهذه المثابة فكدائرة الشمس وتعدد المجاري كما ذكرنا فيها حرفا بحرف فاذا اتوا بها الى مغربها ينزعون عنها النور فتبقى ساجدة تحت عرش ربها الى ان ( ان آن خل ) اوان طلوعها فيسئلون ربهم هل نكسيها حلة النور فيأتيهم النداء بما يريد الله سبحانه ثم يسئلون هل تظهرها ( نظهرها خل ) من مشرقها او ( ام خل ) من مغربها فيأتيهم النداء ايضا بما يريد الله عز وجل ثم يكسونها حلة النور فمنها ما يكسونه ( يكسونه حلة من نور العرش ومنها ما يكسونه حلة خل ) من نور الكرسي على اختلاف مراتبها ويطول الكلام بذكر تلك المراتب وتلك الاقتضاءات وانما ذكر المطالع اما لكونها اعم من المشارق كما ذكرنا واما لان ذكر المشارق والمغارب اولا لاجل المقابلة والتضاد وثانيا لاجل التفصيل واجراء الاحكام وما ذكرناه ( ذكرنا خل ) ظاهر وله باطن وتأويل على طبقه حرفا بحرف طويت التصريح به خوفا من التطويل
وجعلت لها فلكا ومسابح
الفلك دخان تصاعد بحرارة شمس اسم الله القابض من البحر المتحصل من ذوبان الياقوتة الحمراء حين نظر اليها الحق سبحانه بنظر الهيبة المشار ( المثار خل ) بالريح وتلك الادخنة المتصاعدة استقرت في جانب العلو حسب ما لها من اللطافة والغلظة فما كان الطف كان اعلى وما كان اغلظ كان اسفل لقربه من الظلمة فامتازت في تسع بعدد قوى الطاء وهي جواهر اوائل العلل فان التسعة اول مجذور تحققت من الواحد باعتبار كونه ثلثة اي باعتبار وجدانه لنفسه انه عبد خاضع والمسابح هي الافلاك التي تسبح فيها الكوكب وتتحرك فيها وهي كلية كفلك الخارج المركز للشمس على الاصح وجزئية اي ليست محيطة على الارض وهي افلاك التداوير لباقي الكواكب والسباحة دليل على ان ( دليل ان خل ) لها حركة اختيارية فيها واليه الاشارة بقوله تعالى وكل في فلك يسبحون وهي ايضا دليل كون الافلاك بحرا ذائبا لا كما يقولون من انها اجسام صلبة كصلابة الياقوت واما الكواكب الثابتة في الكرسي فالاصح ( فاصح خل ) ان لها حركات اختيارية وكل كوكب له فلك تدوير يسبح فيه وهي تتداخل وليست لها الخوارج المراكز لكونها جزئية والافلاك الشاملة كلية فلا يسبح فيها قطعا ولا يكفي لكل ذلك ( لا يكفي للكل فلك خل ) واحد لاختلاف شؤنها وطبائعها واحوالها ولا تتم ايضا لا ( بلا خل ) جامع كلي فانها جزئيات وحدود للشخص ( لشخص خل ) واحد فمن الكواكب النورانية ( النورية خل ) الاولية من يسبح في بحر القدرة ومنها من يسبح في بحر العظمة ومنها من يسبح في ( ومنها في خل ) بحر الكمال ومنها في بحر الجلال ومنها في بحر الهيبة ومنها في بحر العزة ومنها في بحر الكرم ومنها في بحر العلم ومنها في بحر الحلم وهكذا الى اربعة عشر ( اثني عشر خل ) بحرا او عشرين
وقدرتها في السماء منازل فاحسنت تقديرها
التقدير هو التخطيط والتحديد بالهندسة وذلك كان يوم الاثنين وقت العصر ثاني شهر رمضان في بلد الابتداع في بيت النون والمقدر هو الكاف في اول الشهر المذكور في بلد نزول ( المذكور بدو نزول خل ) القرآن في بلد الاختراع في ( اي خل ) آخر تلك البلدة بعد الزوال في بيت الالف القائم حين مالت الباء ( مالت الى الباء خل ) والله من ورائهم محيط والسماء سماء الارادة اي اعلاها اي البرزخ بين سماء المشية والارادة وهو المعبر عنه بالامر بين الكاف والنون على احد المعاني والمنازل اربعة عشر منزلة نورانية فوق الارض فاربعة عشر ظلمانية تحت الارض وحسن التقدير جعل الظلمانية فانها سبب ظهور النورانية فلولاها لم تظهر ومرادي بجعل المنازل الظلمانية هو جعل الصلوح فانه الذي يتعلق به الغرض اولا وبالذات ثانيا وبالعرض جعل تحققها واظهار آثارها فانه ايضا ( واظهار آثارها وان كان عند التحقيق والنظر الدقيق لا فرق بين المقامين والكل خل ) من حسن التقدير في الواقع الثانوي ومن حسن التقدير جعل النورانية اربعة عشر لاظهار كمال الكمال فان الكمال يتحقق بالسبعة وكمالها بمثناه ( بمثناها خل ) وهو قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني وكذلك الظلمانية لتطابق ( ليطابق خل ) الجندان ولئلا يكون لاحد حجة على الله سبحانه ومن حسن التقدير جعلها مترتبة على الطبايع ليعطي بها كل ذي حق حقه من الالوان والطعوم والروايح والمدارك وجودة التركيب وعدمها وامثالها مما يتفرع على اختلاف الطبايع في العلويات ومنه جعل الكواكب والافلاك والمنازل على الصورة الانسانية هيكل التوحيد فان العالم رجل والكواكب قواه والمنازل جهات تدبير القوى لانتظام كينونته ومنه جعل المنازل في كل مقام على العدد اللايق بحال ذلك المقام ففي الافلاك الظاهرة الجسمانية اربعة عشر وفي الافلاك الباطنة الروحانية كذلك وفي الافلاك الانسانية الجزئية سبعة وهي مراتبه من عقله الى جسمه وفي مقادير الازمنة سبعة وثلثون وثلثمائة ( ثلثمائة وستة خل ) وستون وفي مقادير الطبايع اربعة وفي الجهات ستة وهكذا امثالها وكلها وامثالها منازل قدرت لسير الكواكب فيها ويحتاج شرح هذه الاشياء الى بسط عظيم في المقام وذلك لا يناسب حال الاستعجال
وصورتها فاحسنت تصويرها
الضمير اما ان يرجع الى الكواكب كما هو الظاهر والانسب بسياق العبارة في ( من خل ) قوله عليه السلام وقدرتها وان كان فيه ايضا وجهان ومعنى تصوير ( وجهان معنى وتصوير خل ) الكواكب على وجوه كثيرة منها تصويرها حسب ما يتراءى للناس في العالم السفلي من اظهارها في كمال النورانية والتلألأ واللمعان والاشراق على هيئات كثيرة منها الغالب عليها الحمرة و( او خل ) الصفرة كالشمس ومنها الغالب عليها ( عليه خل ) الحمرة والسواد كزحل ومنها الغالب عليها ( عليه خل ) ( الحمرة كالمريخ ومنها الغالب عليها ) البياض كالمشتري والقمر وهكذا ما فيها من الكواكب ( من الثوابت خل ) والسيارات ومن حجمها اذ بعضها صغيرة الحجم وبعضها كبيرة وبعضها متوسطة ومن طبائعها وحسن الصورة المؤلفة منها اذ حسن الصورة لجودة التركيب وهي لايتلاف الطبايع وتناسبها وان كان بغلبة بعضها لبعض ومنها تصويرها حسب كينونتها الثانوية فانها في نفسها ما عدا الشمس ليست مميزة كالافلاك الا انها على احسن الصور واحسن تقوم وهي صورة الاستدارة وقد اطبق العقلاء على انها احسن الصور لقربها الى الوحدة والبساطة ومنها تصويرها على حسب كينونتها الاولى وهي الصورة الانسانية فان كل كوكب مصور عليها على احسن ما ينبغي ان يكون على حسب مقامه وقد ذكر الحكماء المتقدمون اخذا عن الانبياء عليهم السلام هيئات تلك الصور وصفاتها واحوالها والذي وقفت عليه منها ( منها هي خل ) هيئات الكواكب السبعة وهي مذكورة في الطلسم السلطاني من اراد ان يطلع على حقيقة الامر في صورها واشباحها فليراجع اليه واما ان يرجع الضمير الى المنازل فالمراد به تصوير البروج كصورة الحمل والثور الخ وتصوير المنازل كشرطين وبطين والثرياء الخ
واحصيتها باسمائك احصاء
فالله المحصي لها باسمائه كما تقول زيد ضرب باسمه الضارب وقام باسمه القائم واحصى باسمه المحصي والتعلق انما يرجع الى الاسم لا الذات والكواكب الظاهرة في العوالم الجسمانية وان كانت متناهية بحسب الظاهر لكنه لا يقدر على احصائها سوى الله سبحانه باسمائه وكذلك القول في الكواكب المعنوية وقولي بحسب الظاهر اريد ان بحسب الباطن لا نهاية لها كما ان الافلاك كذلك انظر الى الجنة واحوالها ودرجاتها وسعتها هل تتناهى الى حد سبحان من لا يتناهى وفعله لا يتناهى وملكه لا يتناهى ( لا يتناهى وقدرته لا تتناهى خل ) وعلمه لا يتناهى والاسماء هي رجال وعباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون واظن قد روي في بعض الاخبار ما معناه ان ملكا من الملئكة موكل بحساب عدد الكواكب وملكا من الملئكة موكل بحساب مثاقيل البحار ووزن السموات والارض الا ان السماء ( الاسماء خل ) تختلف بحسب الشمول وعدمه فافهم
ودبرتها بحكمتك تدبيرا فاحسنت تدبيرها
لانه سبحانه جعل لكل كوكب تدبيرا يصلح به شأنه في ذاته وفي تأثيره مثلا دبر الشمس في ذاتها بان جعل لها في كينونتها سبع طبقات طبقة من صفاء الماء والاخرى من نور النار وجعل الطبقة الظاهرة من نور النار فلولا ذلك لما تلقت الفيوضات من العرش ولولا ( لولا ان خل ) باطنها من صفاء الماء لما لزمت في سيرها منطقة فلك ( ذلك خل ) الكرسي ولذا وضع الواضع الحكيم لها من الاسماء اللفظية لفظ الشمس وجعلها من المؤنث السماعي له يدل ( السماعي ليدل خل ) بتذكير اللفظ الى انها من حرارة العرش ظاهرها وبالتأنيث الى انها مستمدة من برودة الكرسي بل هي من اولاده واعظمهم حتى نقول ( تقول خل ) ان الشمس ولد العرش من الكرسي ودبر القمر كتدبير الشمس الا انه تعالى جعل ظاهره من صفاء الماء ولولا ذلك لما تلقت احكام الصور والبينونة من الكرسي وان كان بالشمس ولولا ان في باطنه الحرارة لما حصل الفلك الجوزهر من تقاطع فلك الشمس معه وجعل للشمس باعتبار التأثير فلكا آخر خارج المركز ليحصل لها قربا وبعدا عن الارض ليستقيم النظام وتظهر الشئون المتكثرة وجعل سبحانه للقمر مع الخارج المركز فلك التدوير لان الاختلاف الواقع في الارض بسببه اكثر ولذا كان عليه الحساب فيحتاج الى قرب وبعد اكثر من الشمس وبالجملة تحقيق المرام لا يناسب ( لا يناسب هذا خل ) المقام وهذه الاشارة كافية لاهل الدراية في معرفة نوع المسئلة وهكذا الحكم في ساير الكواكب من السيارات والثوابت ( الثوابت بل خل ) في نفس الافلاك بل في كل شيء
ولكل رأيت منهم مقاما شرحه في الكتاب مما يطول
وسخرتها بسلطان الليل وسلطان النهار والساعات وعدد السنين والحساب
سلطان الليل هو القمر وسلطان النهار هو الشمس ولما كان النهار حارا يابسا في طبيعته والليل باردا رطبا والحرارة سلطانها الشمس والبرودة سلطانها القمر لان الاول يحكي العرش والثاني الكرسي صارت الكواكب كلها على نوعين ليلية ونهارية وذلك بحسب ما لها من الاقتضاءات والكيفيات وصار ايضا بعضها يطلع بالليل وبعضها ( ويطلع خل ) بالنهار لاجراء ما اراد الله سبحانه بها من امضاء ما مضى ( قضى خل ) من احكام التقدير ونسب النهار الى الشمس ونسب الليل الى القمر فافهم ومعنى آخر ان الله سبحانه سخر هذه الكواكب بسبب ظهور سلطان الليل اي تسلطه من تراكم الظلمة وقلة النور واختفائه وظهور البرودة والرطوبة وامثال ذلك وهو الغشيان الوارد في قوله تعالى يغشي الليل النهار وظهور سلطان النهار من غلبة النور وتسخين وجه الارض لتستعد القوابل السفلية في الليل وتمكن ( تتمكن خل ) من القبول ويظهر في النهار ما اعدت لها بالليل فافهم ضرب المثل فان الله سبحانه يقول ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون والليل والنهار انما يحصلان بتسخير الكواكب سيما الشمس والايام سبعة كالليالي كل يوم منسوب الى كوكب كالليل وكذلك تسخير الكواكب بسبب ظهور الساعات من الليل والنهار ومعرفة عدد السنين والحساب فكل ساعة من ساعات الليل والنهار منسوبة الى كوكب من السبعة كالشهر وقد ذكر العلماء كيفية هذه النسبة ولا يليق هذا المختصر بذكرها ولو لاحظوا نسبتها ( نسبته خل ) بالبروج كان اوفق لهم واحسن وكذا ( لذا خل ) لو لاحظوا نسبة عدد ايام الشهر مع ( على خل ) كوكب من كواكب المنازل كان احسن
وجعلت رؤيتها لجميع الناس مرأى واحدا
اي على نهج واحد لا تختلف رؤيتهم اياها بالنسبة اليها لانها العالي المحيط بالسافل فنسبته الى جميع ما تحته على السوي وان اختلفت رؤية الكواكب بحسب وقوف الاشخاص على وجه الارض لانه ليس مسطحا وانما هو كروي ولذا يظهر بعض الكوكب ( الكواكب خل ) لبعض ويغيب عن آخرين ونجد بعض الكواكب ابدي الظهور وبعضها ابدي الخفاء وبعضها يطلع زمانا ويغيب آخر فالمراد باتحاد الرؤية هو نوعها وطريقها لا المرئي واتحاد رؤية العالي للسافل بالسافل فيرجع هذا الى اتحاد الحكم الالهي في الواقع مع اختلاف المجتهدين فان اختلافهم لا يخرج الحكم عن حكم الوحدة لان الله سبحانه قد جعل رؤيته لجميع الناس مرأى واحدا الا ان الرائي ينظر بعينه ( ينظر الغيبة خل ) المستقيمة والمعوجة والصحيحة والسقيمة فمراد المجتهد حال النظر والعمل هو الحكم الاولي الواقعي وان وقع على ظهوره حسب مرآته فانها تختلف وهو واحد كما قال :
وما الوجه الا واحد غير انه اذا انت عددت المرايا تعددا
والكواكب هي المقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان فاذا ( فاذن خل ) اتحد نوع الرؤية والمرئي اذ لا يتصور طلوعه في موضع وغيبوبته في موضع آخر فاذن صار له تعطيل لظهوره في بعض الاماكن والله سبحانه يقول فاينما تولوا فثم وجه الله وقد قالوا عليهم السلام نحن وجه الله الذي يتوجه اليه الاولياء فتبين لمن يعقل مراده عليه السلام من قوله وجعل رؤيتها لجميع الناس مرأى واحدا وهو قوله عليه السلام ان لنا مع كل ولي اذن سامعة وقال الحجة عجل الله فرجه انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء واحاطت بكم الاعداء والله سبحانه يقول وما كنا عن الخلق غافلين وهذه الاحوال والامور التي ذكرها عليه السلام في هذه ( هذا خل ) الدعاء في ( من خل ) قوله وبرحمتك ( بحكمتك خل ) التي الى هذا المقام كلها انما جرى ووجد باسم ( باسمه خل ) الحكيم وقد ذكر في هذه الكلمات جميع احوال القوس النزولي والصعودي والكينونات الاولية والثانوية والثالثية وساير الاحوال والاوضاع العلوية والسفلية وانا قد اشرت لك الى نوع البيان ولولا اني اردت الاختصار لضيق المجال لسمعت عجايب وغرايب من الكلام والحكمة هي ركن الحكيم وهو الظاهر بالحكمة بنفسها وقد سمعت انها ولاية اهل البيت عليهم السلام كما قال النبي صلى الله عليه وآله انا مدينة الحكمة وعليّ بابها وكما ( كما خل ) قال صلى الله عليه وآله اعطيت لواء الحمد وعلى حاملها وحينئذ يتبين لمن له قلب او القى السمع وهو شهيد معنى قول الصادق عليه السلام في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم الى ان قال في الله الالف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا واللام الزام خلقه ولايتنا والهاء هوان لمن خالف ولايتنا فافهم وفقك الله
فاسئلك ( واسئلك خل ) اللهم بمجدك الذي كلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران في المقدسين فوق احساس الكروبيين فوق غمائم النور فوق تابوت الشهادة في عمود النار في ( وفي خل ) طور سيناء وفي جبل حوريث في الواد المقدس في البقعة المباركة من جانب الطور الايمن من الشجرة
لما ذكرنا في اثناء الدعاء عند ذكر حكمته سبحانه التي هي ركن اسمه الحكيم ما يتعلق بهذا الاسم المبارك من القوابل الخلقية والذوات الكونية والامكانية النورية في مقامات القوس ( قوس خل ) النزولي والصعودي فلما وصل مقام التوجه البالغ والاقبال الكامل بعد الغيبة كرر لفظ السؤال ليكون اللفظ دالا ( دالا وخل ) مطابقا على المعنى في الامر الواقعي ويأتي ان شاء الله بيان المجد الذي به كلم موسى والكلام القاء مثاله فيه بنفس المثال حتى كان مكلما بفتح اللام وبالمثال حتى كان مكلما بكسر اللام متكلم ( فتكلم خل ) له به وذلك الكلام هو عين موسى عليه السلام ولذا كان الكلام هو الكلمتان بالاسناد يعني كن فيكون وهو قوله عليه السلام ان الله تجلى لعباده بكلامه وذلك هو قول لا اله الا الله ويقال له ايضا كلمة كما اشتهر عندهم ان لا اله الا الله هو كلمة ( كلمة خل ) التوحيد لفناء الكلمة الثانية عند ظهور الكلمة الاولى فهو كلام وهو كلمة فافهم واعلم ( اعلم خل ) ان الكلام في يوم الخميس والاستماع كان يوم الجمعة اول الزوال والعبد صار بعد العصر في يوم الجمعة وقت قرائة هذا الدعاء المبارك فصار ( فصار رسولا خل ) في يوم السبت في المقدسين في زمرة الطائفة الذين قدسهم الله وطهرهم عما ينافي عبوديتهم لتسلم لهم حكاية الربوبية اي اولوا الالباب الواقفين مقام العقل المرتفع رتبة الاجمال والبساطة وهم المسبحون المقدسون الذين يقولون سبوح قدوس ربنا ورب الملئكة والروح فوق احساس بفتح الهمزة كما وجد بخط الشيخ شمسالدين جمع الحس والمضبوط في نسخ المصباح وكتاب ( المصباح كتاب خل ) الكفعمي بكسرها واحساس الكروبيين اصواتهم والحس والحسيس الصوت الخفي يعني ذلك الكلام كان اعلى من احساس الكروبيين واعظم من ان تناله مداركهم وقواهم ومشاعرهم و( في خل ) جميع شئوناتهم واطوارهم ويراد بالكروبيين هم الملائكة المقربون كجبرئيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل والكروبيون الذون ( عزرائيل لا الكروبيين الذين خل ) هم قوم من شيعة آل محمد عليهم السلام خلف العرش كما يأتي ان شاء الله تعالى غمائم جمع غمامة وهي السحائب البيض سميت غمامة لسرها ( لسترها خل ) لانها تغم الماء في اجوافها كانت تظل بني اسرائيل التابوت عن عليّ عليه السلام كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الانسان وعن الباقر عليه السلام ان هذا التابوت هو الذي انزله الله تعالى على ام موسى فوضعته امه فيه ( فوضعته فيه خل ) فالقته في البحر فلما حضرت موسى عليه السلام الوفاة وضع فيه الالواح ودرعه وما كان عنده من آثار النبوة واودعه وصيه يوشع بن نون فلم يزل بنوا اسرائيل يتبركون ( يتبرك خل ) به وهم في عز و شرف حتى استخفوا به فكانت الصبيان تلعب به فرفعه الله تعالى عنهم ه وعند اهل الكتاب حمل الى ناحية كرزيم من ناحية طور سيناء فكانت تظله ( تظلمه خل ) بالنهار غمامة وتشرق عليه بالليل عمود من نار يضيء لهم وكان تدلهم على الطريق ليلا وقال الطبرسي (ره) كان الغمام يظل بني اسرائيل من حر الشمس ويطلع بالليل عمود من نور يضيء لهم هذا ما في الظاهر واما الحقيقة فاعلم ان التابوت وعاء العلم وحامل الامر والحكم وهو في هذا المقام رتبة الفؤاد حيث كان المقدسين رتبة العقل والفؤاد هو باب المراد ومقام ظهور الاتحاد واول ظهور الكلام المركب من الكلمتين بالاسناد وهو المعنى ركن الاسماء وموقع نجومها ومحل ظهورها وان كان على جهة الاتحاد فاذا كان موسى هو الموسى الاول فالتابوت ( والتابوت خل ) هو موضع سره ومستودع علمه وباب حكمته ونسبت التابوت الى الشهادة اما على الظاهر فلانه كان يشهد لمن كان عنده بالنبوة فقد قالوا عليهم السلام ان مثل السلاح عند ذا كمثل ( عندنا مثل خل ) التابوت في بني اسرائيل فكل من يوجد عنده التابوت فهو دليل نبوته واستيلاء حكمه وامره وعلى الباطن على ( وعلى خل ) الاول لانه مقام التوحيد الشهودي ومشاهدة ظهور الحق سبحانه منفيا ( مفنيا خل ) لجميع الظهورات في مقام ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك الدعاء وعلى الثاني لانه شاهد دعوته وعصي عزه وآية نبوته والكلام على الثاني وان القى موسى الى الاول ( ان القى الى الموسى الاول خل ) بذلك التابوت كما في حديث المعراج الا ان ذلك الكلام كان ( كان في ما خل ) يتعلق بعالم الفرق من عالم الطريقة والشريعة واما كلام اني انا الله لا اله الا انا فهو انما كان فوقه فافهم واما ( اما خل ) عمود النار فهو في الظاهر كما سمعت واما في الواقع الاول ( الاولي خل ) فهو ظهور سر اسم الفاعل بعد فناء الفعل واحتراقه وروابطه وتعلقاته اعلم ان المفعول به هو مقام المقدسين في الدعاء والمفعول المطلق هو مقام الكروبيين والفعل المتعلق بالمفعول الوارد عليه هو مقام الغمائم والفعل في مقاماته الذاتية اي تمام رتبة الولاية هو مقام تابوت الشهادة والعمود من النار هو سر اسم الفاعل وما ذكرنا لا ينافي كون الفعل اعلى من اسم الفاعل لانه العامل فيه لان اسم الفاعل هو حكاية الفعل للمفعول عدم استقلالية نفسه فحين ظهور المحكي عنه يفني الحاكي والحكاية فان ما ظهر من الفعل للمفعول هو نفس المفعول وان كان ما ظهر له من الفاعل كذلك ولكن لما كان الظهور الثاني من الوجه الاعلى وهو الهاء من الكاف في كهيعص والظهور الاول من وجهه في نفسه وهو الاسفل بالنسبة الى ذلك الوجه وهو العين في كهيعص كان في الظهور الثاني فناء الظهور الاول لفناء الاسافل عند ظهور العالي وان كان في المرآة الواحدة الحاكية للمراتب المحققة في ذلك الشيء الواحد فافهم الاشارة ولا تقتصر على العبارة طور سيناء الطور جبل بالشام ناجي الله سبحانه موسى عليه السلام والسيناء هي الشجرة والطور هو النجف الاشرف لقوله عليه السلام ان النجف هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما واتخذ الله ابرهيم خليلا وعيسى روحا ومحمدا (ص) حبيبا والسيناء شجرة الولاية الظاهرة النابتة على سواء ذلك الجبل لا شرقية ولا غربية وانما هي في الوسط قال الله تعالى ( قال تعالى خل ) وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس وفي قرائة اهل البيت عليهم السلام ائمة وسطا على المعاني كلها فموضع ( فموقع خل ) تلك النار جبل الولاية ( للولاية خل ) ومنه ظهرت للنبيين والمرسلين وهو قول سيدنا امير المؤمنين عليه السلام انا صاحب الازلية الاولية والولاية جبل واحد تشعب منها جبال كثيرة منها جبل الاختراع وجبل الابتداع وجبل الواحدية وجبل الاحدية وغيرها وكان ظهور النار لموسى عليه السلام على جبل الولاية جبل الاحدية فافهم جبل حوريث وقيل حوريثا هو جبل بارض مدين خوطب عليه موسى اول خطابه ومدين مدينة قوم شعيب وهي تجاه تبوك بين المدينة والشام بها البئر التي استسقى منه ( منها خل ) موسى ( عليه السلام خل ) لابنة شعيب ومدين مسيرة ثمانية ايام عن مصر وتابوت يوسف عليه السلام حمل الى ناحية حوريثا من ناحية طور سيناء وهذا الجبل هو جبل الواحدية ولذا وقع الخطاب اولا على موسى عليه السلام وهو جبل الاسماء والصفات وهو شعبة من شعب جبل الابتداع كما ان الاول شعبة من شعب جبل الاختراع فافهم الوادي المقدس الارض المقدسة الشام والوادي قريب من بيت المقدس وهو واد طيب كما ذكره العلماء وقيل ان موسى قبض فيه الوادي هو وادي الولاية المطلقة المتعلقة في ( المطلقة في خل ) الكون الثاني على ما عندي من الاصطلاح في ارض الابتداع الثاني فافهم البقعة المباركة هي بقعة النبوة في مقام جلال العظمة ومن ( من خل ) جانب الطور الايمن اي جهته وطرفه فان النبوة طرف الولاية وجهتها على ما هو المشهور كما هو الحق في الرتبة الثانية واما في الرتبة الاولى العليا فالامر بالعكس بل الولاية طرف النبوة وجهتها هناك لان النبوة هي الالف والولاية هي النون فلما اقترنت الالف بالنون حدثت اللام فاستنطق منها اسم الولي فافهم فكم من خبايا في زوايا الشجرة هي الشجرة المباركة الزيتونة التي ليست بشرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ( النار خل ) وهي التي ظهرت تجلى منها لموسى وهي الشجرة الالهية الكلية والرحمة الواسعة والقدرة الجامعة والآلاء الوازعة وعن ابن عباس انها شجرة عناب وقيل انها شجرة العوسج وهذه الشجرة هي الكاف وهي تمام بسم الله الرحمن الرحيم والنار هي الهاء واستماع موسى (ع) هو الياء والكلام المسموع هو العين وسريان نور الكلام في كينونة موسى هو الصاد وهذا هو الاسم الاعظم كهيعص فافهم ولا تكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال وقال الشاعر ونعم ما قال :
فان كنت ذا فهم تشاهد ما قلنا وان لم يكن فهم فتاخذه عنا
وما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد وكن ( عليه وكن خل ) في الحال فيه كما كنا
وفي ارض مصر بتسع آيات بينات
في ( المصر في خل ) الظاهر معروفة وهي ناحية مشهورة ارضها اربعون ليلة في مثلها طولها من العرش الى اسوان وعرضها من برقة الى ايلة سميت بمصر بن مضراء ( مصراء خل ) بن حام بن نوح عليه السلام وهي اطيب الارض ترابا وابعدها خرابا ولا تزال البركة فيها ما على وجه الارض انسان ولا يصيبها المطر قد تغلب عليها فرعون وادعى فيها بها الربوبية فكان عاليا من المسرفين ومصر هي حمامة ابرهيم عليه السلام وهي فتاة الغربية واليها هرمس الحكيم وطبعها طبع الماء وبها حياة الاشياء وكوكبها القمر في فلكه الجوزهر وقد ( قد خل ) تغلب عليها من ادعي نفسه مع الله الها وسيظهر باطن قوله تعالى ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون فافهم المطابقة على جهة الموافقة والتسع الآيات التي اتى بها موسى عليه السلام ( عليه السلام باذن الله خل ) اثباتا لنبوته واظهارا لحجته هي المعروفة المذكورة في التفاسير وكتب السير والتواريخ فلانطول الكلام بذكرها وكذلك شرح بواطن تلك الآيات على التفصيل لعدم الاقبال وكمال الاستعجال ولاحتياجه الى بسط في المقال ومصر هي مصر الوجود والآيات التسع الظاهرة فيها هي الافلاك التسع وفرعون المتغلب عليها هو الجهل الكلي الظاهر بدرن كفره وخبث عصيانه ونتن طغيانه وكلماته ( ظلماته خل ) في كل ذرة من ذرات الوجود وهو الليل في قوله تعالى والليل اذا يغشى وموسى هو العقل الكلي الذي خفي امره وستر نوره وسيظهر نوره ويعلو برهانه اذا اغرق الله فرعون وجنوده ومراكبه في اليم كما يأتي ان شاء الله تعالى ومصر هي مصر الولاية والآيات التسع هي اول جذر الثلاثة الظاهرة بكماليه الشعوري والظهوري فلنقبض العنان فللحيطان آذان
ويوم فرقت لبني اسرائيل البحر
هذا في الظاهر معلوم وذلك حين ما امر الله ( سبحانه خل ) موسى ان يسري ببني اسرائيل فاعقبهم ( فتبعهم خل ) فرعون بجنوده واراد الله سبحانه اهلاكهم فرق البحر لبني اسرائيل بما في موسى من قوة الحرارة الالهية التي اكتسبها من نار الشجرة فافهم البحر هو الدنيا كما قال عليه السلام الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير وبنوا اسرائيل بنو عليّ عليه السلام ( عليهم السلام خل ) كما في الزيارة السلام على اسرائيل الامة ومفرق البحر هو رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم الدنيا كلها لهم عليهم السلام وذلك يكون ( يكون ظهوره خل ) في الرجعة عجل الله فرجهم واتيان صيغة الماضي لبيان ان الاشياء كلها قدرت وقضيت ومضت ( مضيت خل ) عنده كما قال عليه السلام جف القلم بما هو كائن
وفي المنبجسات التي صنعت بها العجايب
اشارة الى قوله تعالى واذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس مشربهم لان الله تعالى قسمهم اثني عشر سبطا كما قال تعالى عز وجل وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا امما وجعل لكل ( جعل على خل ) سبط واحدا ( واحد خل ) من اكابرهم ممن يهدون بالحق وبه يعدلون واليا حاكما فالعيون ايضا تقسمت الى اثني عشرة لاختصاص كل سبط بواحدة منها وهو قوله تعالى ( عز وجل خل ) قد علم كل اناس مشربهم بنوا اسرائيل هم بنو عليّ عليه السلام كما ذكرنا آنفا لكنه في هذا المقام اعم بل تحت ذلك المقام قول ( من قول خل ) النبي صلى الله عليه وآله انا وعليّ ابوا هذه الامة وموسى هو رسول الله ( موسى رسول الله خل ) صلى الله عليه وآله صاحب الولاية الكبرى والطائف حول جلال القدرة بالاصالة وعصاه هو امير المؤمنين عليه السلام حامل الولاية المطلقة والطائف حول جلال القدرة بالفرعية والحجر هو موقع الولاية ومحلها ومعدنها ومهبط نجومها وهي فاطمة الصديقة عليها السلام وضرب العصا بالحجر هو اقتران الحامل بالمحل وتقاطع الشمس والقمر في فلك الجوزهر وساعة بين الطلوعين وانبجاس العيون اي انفجارها هو ظهور الائمة الاثني عشر (ع) وهم الاسباط الهداة واختصت ( فاختصت خل ) كل طائفة من الامة بسبط من تلك الاسباط وعين من تلك العيون ولولا اتصال عليّ (ع) بفاطمة عليها السلام لما ظهر الولاية ولا انتفع ( لما انتفع خل ) الخلق به فامامته المتعلقة باحوال الخلق وشئوناتهم ما ظهرت وما وجدت الا باقتران على ( باقترانه خل ) بفاطمة (ع) كما ان الارض لو لم تكن لم يظهر ( لم تظهر خل ) آثار السماء وبركاتها ولولا الكلمة التامة لم يظهر معاني الحروف البسيطة وآثارها ومقتضياتها واحكامها وقد ذكرت هنا ما لم يذكره غيري اشفاقا ومحبة للسائل حرسه الله تعالى فمن لم يخرج من حدود كلماتي وملاحظة الصفات والقيودات اللفظية اندفعت عنه كل الشبهات وتلك العيون واظهارها وانفجارها هي العجائب التي حارت دونها الافكار وانحسرت عن ادراكها الانظار وعجزت عن تحملها الاسرار كيف وقد ظهر لموسى عليه السلام ذرة وهي جزء من مائة الف الف جزء من رأس الشعير من بعض اسرار تلك العيون اندك الجبل وخر موسى صعقا وهو من اكابر اولي العزم واي امر اعجب من ذلك فافهم
في بحر سوف وعقدت ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة وجاوزت ببني اسرائيل البحر وتمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا واورثتهم مشارق الارض ومغاربها التي باركت فيها للعالمين واغرقت فرعون وجنوده ومواكبه ( مراكبه خل ) في اليم
قوله عليه السلام في بحر سوف متعلق بمقدر اي بمجدك الذي ظهر في بحر سوف قيل هو بالعبرانية يمسوف وقال السيد بن طاوس يوم سوف اي بحر بعيد قعره وقال المجلسي (ره) كأنه اخذ من المسافة وهو جيد حسن والمراد به هو البحر الذي فرقه الله لبني اسرائيل وبحر سوف هو بحر القدر على تفسير ظاهر الظاهر وهو بحر فعل المضارع الجامع لما ( المضارع لما خل ) سوى الماضي والجحد والامر الحاضر وشرح هذا المجمل يؤدي الى التطويل ونوع الاشارة يكفي لمن لم يكن من اصحاب القال والقيل الغمر هو الماء الغزير ( الغريز خل ) الذي يغمر صاحبه اي يستوعبه ويستره وقلب الشيء باطنه والمراد ان الله سبحانه ( سبحانه وتعالى خل ) عقد ذلك الماء وجعلها اثني عشر قنطرة كل قنطرة لسبط من الاسباط وجعلها شبكة ( مشبكة خل ) حتى يرى كل سبط السبط الاخرى ( الاخر خل ) في قنطرته وقصتهم مشهورة فلا يحتاج الى ذكرها وعقد ماء البحر اشارة الى مرتبة ( رتبة خل ) القضاء بعد القدر فان في القضاء ابرام ولا بداء معه واما في الباطن وهو تتميم وتفصيل لما ذكرنا في قوله عليه السلام ويوم فرقت لبني اسرائيل البحر الحجارة بناء على الوجه الظاهر هو حجر مرمر وعلى التأويل كما ذكرنا هو حجر الياقوت وعلى الباطن هو الزمرد ولا منافاة بينها اذ كل في مكانه موجود والمشبه عين المشبه به كما قررناه ( ذكرناه خل ) في كثير من مباحثاتنا واجوبتنا للمسائل وبنوا اسرائيل حين جاوزوا ( جازوا خل ) البحر كانوا ستة مائة الف ظاهرا وعلى التأويل يراد به الامضاء بعد القضاء وعلى الباطن تنجيز ما علقه الله سبحانه وتعالى في قوله عز وجل لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما والبحر بحر الدنيا وذلك في الرجعة وتمام كلماته الحسنى عليهم ظهور ما وعده الله لهم من النصر والغلبة والفتح على عدوهم او ظهور كلمة التوحيد باهلاك عدوهم المانع لاظهارها وابانتها فصاروا يجهرون ( يجهرون بها خل ) بلا تقية ولا خوف وهو قول الله ( قوله خل ) عز وجل وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا على وجه الباطن والظاهر في امة موسى وفي هذه الامة والكلمة هي كلمة لا اله الا الله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعليّ امير المؤمنين (ع) وكل ( فكل خل ) منها مؤلفة من اثني عشر حرف ( حرفا خل ) ولما كانت الحروف التدوينية تطابق التكوينية وجب ان يكون تلك الكلمة العليا اي كلمة التوحيد مؤلفة وملتئمة من اثني عشرة ( اثنتي عشرة خل ) ذات من الذوات المقدسة ( القدسية خل ) الالهية وهو قوله عليه السلام في الدعاء فبهم ملأت سمائك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت فافهم ومشارق الارض ومغاربها هي في الظاهر مختصة ( مخصصة خل ) في ارض الشام بعد العمالقة وهي الارض المباركة والمقدسة التي كتب الله لهم وارض مصر فسكنوا في شرقي ارض شام وغربيها واما في الباطن والتأويل في الارض ( فالارض خل ) على عمومها وكذلك المشارق والمغارب وهو قول النبي صلى الله عليه وآله في الرجعة كما حكى الله سبحانه عنه في القرآن الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء روي عن الصادق عليه السلام انه (ص) يقرء هذه الآية في الرجعة ( ه خل ) وذلك بعد تطهير الارض عن كل رجس نجس وهي هناك هي الارض التي بارك الله فيها للعالمين والمواكب جمع موكب ( المراكب جمع مركب خل ) قال الجوهري الموكب ( المركب خل ) ركوب القوم للزينة والمراد هنا جيوشه وعساكره وفي بعض النسخ ومراكبه جمع مركب وهي الافراس وغيرها مما يركب لا السفن فموسى يبس الله له البحر بحرارة نار الشجرة وفرعون اهلكه بماء خطيئاته ورطوبة شهواته المقرونة بانياته الباردة اليابسة وهو قوله عز وجل مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارا على تفسير ظاهر الظاهر واليم هو البحر
وباسمك العظيم الاعظم الاعز الاجل الاكرم
وقد تقدم شرحه من ان الاسم العظيم هو العلي والاعظم هو البسملة والاعز هو الاسم الله والاجل هو هو والاكرم هو ه ( هو الهاء خل ) من غير اشباع ووجه التكرار اثبات لكمال الظهور في العالمين عالم الاجمال وعالم التفصيل عالم البساطة وعالم التركيب عالم ( وعالم خل ) الوحدة وعالم الكثرة
وبمجدك الذي تجليت به لموسى كليمك عليه السلام في طور سيناء
وقد سبق شرحه الا ان التجلي ليس بذات الله سبحانه وانما هو باسمه ومجده وذلك الاسم هو مربي موسى (ع) ووجه استمداده من ربه كما قال امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها وقال مولينا الكاظم عليه السلام ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب ( حجاب محجوب خل ) واستتر بغير ستر مستور وتوضيح هذا المطلب يأتي في ما بعد ان شاء الله ( تعالى خل ) ولو بالاشارة ووجه التكرار هو ان ما ذكره سابقا ما كان يتعلق بموسى خاصة وهنا ما هو مشترك بينه وبين ساير الانبياء او في الاول كان عليه السلام ملحوظ ( ملحوظا خل ) من حيث الانفراد والوحدة وهيهنا داخل مع ساير الانبياء وانما كرر ذكر موسى ( عليه السلام خل ) في هذا الدعاء لسر نوضحه ان شاء الله في آخر الشرح وقد سبق في اول الكلام ولا يعثر عليه الا ذو فطنة بالغة زاكية
ولابرهيم (ع) خليلك من قبل في مسجد الخيف
والخليل كما عن النبي صلى الله عليه وآله اما مشتق من الخلة التي هي الفقر فان الفقر الى الله سبحانه قد تخلل في كل مراتبه وقواه ومشاعره بحيث ملأ كله فلا التفت الى غيره تعالى ابدا ( ابدا ابدا خل ) كما يظهر ذلك في قصة المنجنيق المشهورة واتيان الملئكة له ( اليه خل ) وقولهم له هل لك حاجة الينا وقوله لهم اما اليكم فلا فلما تمحض في الفقر والعبودية بلغ رتبة الاصطفاء وظهرت فيه سر الامامة واما مشتق من الخلة بمعنى المحبة فقد تخللت محبة الله سبحانه في ظاهره وباطنه وسره وعلانيته بحيث لم يبق محل الذكر ( لذكر خل ) الغير وبذلك شابه اوائل جواهر علله وناسب الحبيب وهو لعمري من اعظم المقامات واجلى ( اجل خل ) المراتب ولا يناسب هذه العجالة شرح ما يقتضي هذا المقام من الكلام وبالجملة هذه الصفة تنبئ تفوقه على كل الانبياء لانها قريبة مما اختص به نبينا صلى الله عليه وآله وهو العبودية والمحبة غاية القرب فافهم ومسجد الخيف بمني مشهور
ولاسحق صفيك في بئر شيع
رقمه الشهيد (ره) بخطه بالشين المعجمة والياء المثناة من تحت وذكر انها بئر طمها عمال ملك اسمه ابومالك فسأله اسحق عليه السلام ان تعاد وتكنس ففعل ابو مالك ذلك ورمي بقمامتها فيكون معناه مأخوذا من قولك شاعت الناقة اذا رمت ببولها ويجوز ان يكون المعنى مأخوذا من الشيع وهي الاصحاب والاعوان لتشايعهم على حفرها او كنسها ومنه قوله تعالى في شيع الاولين اي اصحابهم ورقمه بعضهم بالسين المهملة والباء المفردة ( الموحدة خل ) ومعناه ان اسحق كاتب عليها ملكا يقال له ابو مالك وتعاهدا على البئر بسبعة من الكباش فسميت لذلك بئر سبع وذكر المجلسي (ره) نقلا عن التورية عند قصة بئر سبع انه وقع مجاعة في الارض فذهب اسحق ( عليه السلام خل ) الى باب مالك ( الى ابيمالك خل ) ملك فلسطين فترءا ( فتراء خل ) له الرب وقال لا تنحدر ( لا تتحدر خل ) الى مصر لكن اسكن الارض التي اقول لك فافتح ( وافتح خل ) عليها فاكون معك واباركك فاني لك اغطي ( اعطي خل ) جميع هذه الارض ولنسلك واتم القسم ( دائم القسم خل ) الذي وعدته لابرهيم (ع) واكثر نسلك كنجوم السماء واعطي خلفائك جميع هذه البلدان وتتبارك بنسلك جميع شعوب الارض وساق الكلام الى انه عليه السلام ذهب الى وادي جرادة ( جرارة خل ) وحفر هناك آبارا كثيرة الى ان انتهى الى بئر سبع وخاصمه اصحاب ابي مالك فصالحهم ووقع الحلف بينهم وسمى القرية بئر سبع الى يومنا هذا انتهى ثم قال (ره) فظهر ان شيع بالمعجمة تصحيف ( ه خل ) اعلم ان شيع جمع شيعة كما مر من الاستشهاد بقوله عز وجل وانه في شيع الاولين والبئر هو ينبوع الماء الذي هو العلم والنبوة والانبياء اكثرهم من بني اسرائيل وكلهم من شيعة محمد وعليّ عليهما السلام وكلهم نبعوا من عين النبوة والعلم ولما كان ( كان اسحق ابوهم واصلهم وكلهم اليه ينتمون وبه يستندون فكان هو عليه السلام صاحب تلك البئر ولما كان خل ) ذلك من كرامة الله سبحانه لاسحق عليه السلام وبركة منه سبحانه في ذريته ظهر تلك الآثار والاولاد من تجليه سبحانه له بسر الاسم الاعظم في عين النبوة التي كان حاملا لها وقد قال النبي صلى الله عليه وآله علماء امتي كانبياء بني اسرائيل ( بني اسرائيل بناء على ان المشبه عين المشبه به فيكون المعنى علماء امتي انبياء بني اسرائيل خل ) لان الخلق كلهم كانوا امته صلى الله عليه وآله وانبياء بني اسرائيل هم علماء الامة فثبت انهم عليهم السلم شيعة فهم الشيع والاصحاب قد اخذوا من معدن العلم والنبوة والمكني بالبئر واسحق ( عليه السلام خل ) كان اصل تلك العلوم والنبوة بحسب الظاهر البشري الجسماني فصح نسبة هذه البئر اليه واذا جعلنا المراد اسحق الاول فالامر واضح لانه صاحب البئر ظاهرا وباطنا حقيقة ومجازا على المعاني كلها
وليعقوب نبيك في بيت ايل
و هو اسم من اسماء الله سبحانه فجبرائيل يعني عبد الله وميكائيل يعني عبيد الله وبالجملة هذه الكلمات الثلث اي آل وايل واييل من اسماء الله سبحانه وقد اتفقت عليه كلمات اهل الجفر ويظهر ذلك ايضا من تلويحات الاخبار والآثار والمراد هنا بيت الله وهو بيت المقدس وفي التوراة ان اسحق عليه السلام امر يعقوب عليه السلام ان ينطلق الى ما بين نهر سورية ويتزوج من بنات خاله فخرج يعقوب عليه السلام من بئر سبع ماضيا ( ماحينا خل ) الى احران ( حران خل ) واتى الى موضع وبات هناك فاخذ حجرة من حجارة ذلك الموضع ووضعه تحت رأسه ونام هناك فنظر في الحلم سلما ( مسلما خل ) قائما على الارض ورأسه يصل الى السماء وملائكة الله يصعدون ويهبطون فيه والرب كان ثابتا على رأس السلم وقال انا الرب اله ابرهيم واله اسحق فالارض التي انت عليها وقد اعطيتها لك ولنسلك ويكون نسلك مثل رمل الارض وتتسع الى المشرق والمغرب وتتبارك بك ( فيك خل ) وبزرعك جميع قبائل الارض واحفظك حيث ما انطلقت واعيدك الى ( الى اهل خل ) هذه الارض ولا اخليك حتى اعمل جميع ما قلته فاستيقظ يعقوب عليه السلام من نومه فقال ان الرب في هذا المكان وانا لم اعلم وقال ما اخوف هذا الموضع ما هذا الا بيت ( بيت وباب خل ) السماء وقام يعقوب عليه السلام بالغداة واخذ الحجر الذي كان توسد به واقامه وسكب عليه ذهبا ودعى ( رعى خل ) اسم المدينة بيت ايل التي اولا كانت تدعى نورا ( فررا خل ) وقوله والرب كان ثابتا على رأس السلم يراد به ظهور الرب كان ظاهرا على رأس السلم وهو ( هي خل ) المنتهي اليه في مد بصر يعقوب ( عليه السلام خل ) حين نظر بذاته وقوله عليه السلام ان الرب في هذا المكان الخ يريد بيان حسن المكان حتى توجه اليه التفات الرب سبحانه واختياره من غيره من البقاع كما في الحديث القدسي انا عند القلوب المنكسرة وفي الحديث الله عند ظن كل امرأ وامثالهما اعلم ان ابرهيم ( ابرهيم انما خل ) سمي بذلك لانه ( انه خل ) بر وهيم في محبة الله سبحانه واسحق سمي به لانسحاقه واضمحلاله عند جلال عظمته وظهور كبريائه ولذلك اختار لابرهيم الخلة واختص اسحق (ع) بالصفوة اذ كلما كثر تذلل العبد واضمحلاله في جنب عظمة الله وقدرته زاد صفائه ويبلغ درجة الاصطفاء ويعقوب عليه السلام ( عليه السلام سمي به خل ) لانه ( كان مصداق قوله عز وجل وجعلها كلمة باقية في عقبه و ) هو الذي عقب الاولاد والاسباط وانبياء بني اسرائيل كلهم كانوا من ذريته ونسله فافهم فكان وصفه هي النبوة اثباتا لوفائه سبحانه بالعهد
واوفيت لابرهيم بميثاقك
وهذا ما واثقه سبحانه من البشارة باسحق ومن وراء اسحق يعقوب وعن الباقر عليه السلام ( عليه السلام ان خل ) هذه البشارة كانت باسمعيل عليه السلام من هاجر ( ه خل ) وذلك لاظهار السلطنة الكبرى والرياسة العظمى منه عليه السلام ويحتمل ان يراد بالميثاق الامامة واليه الاشارة بقوله تعالى وجعلها كلمة باقية في عقبه
ولاسحق (ع) بحلفك
وذلك ان الله عز وجل عاهد اسحق ان لا تنجلي الغمامة من ( عن خل ) نسله او حلف ان يجعل البركة والنبوة في اولاده كما في ( من خل ) حديث رؤياه
وليعقوب (ع) بشهادتك
قيل ان يعقوب (ع) لما احتضر جمع اولاده ( ولده خل ) واراد ان يخبرهم بما يأتي من الحوادث وبما يصيبهم من الشر فقال الله تعالى لا تعلمهم ذلك فان ذلك للنبي (ع) القائم في آخر الزمان ( عليه السلام خل ) وانا اعطيك درجة الشهادة ويحتمل ان يكون معناه واوفيت بشهادتك واخبارك اياه ان ولده يوسف (ع) حي فامل الاجتماع كما اخبر سبحانه وشهد ليعقوب هذه الامة ان يوسفه الذي هو الحسين عليه السلام حي عنده ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية ولا بد له من رجوع دولته وسلطنته ( رجوع ودولة وسلطنة خل ) لانتقام اعداء الله وقاتليه ويمتد ملكه وسلطنته الى خمسين الف سنة وهو قوله تعالى في الباطن وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين وعموم الارض ما تحقق الا فيه ( عليه السلام خل ) فان يوسف النبي (ع) ما ملك الا ارض مصر خاصة وان يوسف هو القائم عجل الله فرجه كما قال عز وجل قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم والمعاني كلها مرادة
وللمؤمنين بوعدك
وهو الذي وعدهم بقوله عز وجل وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا والمؤمنون هم الذين على عليه السلام يميرهم العلم وكان بذلك امير المؤمنين وهم الائمة عليهم السلام كما قال عز وجل ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ويدخل ساير من محض الايمان محضا فيهم بالتبعية كما قال عز وجل الم غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله حقا انما قال سبحانه بضع سنين فانه غيبة القائم عليه السلام كانت مكتوبة في اللوح المحفوظ في الصفحة الثالثة سبع سنين لكنها لم تكن محتومة وهو قوله تعالى لله الامر من قبل ومن بعد وقد روي هذا التفسير عن الباقر عليه السلام
وللداعين باسمائك فاجبت
اشارة الى قوله تعالى ادعوني استجب لكم فاشار عليه السلام الى ان محض الدعاء لا يكفي بل له شرط لا بد منه وهو ان تدعوه سبحانه باسمائه التي امر الله ان تدعوه بها كما قال سبحانه ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه وقال عز وجل في حق الملحدين ان هي الا اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وقال (ع) في الزيارة الجامعة الصغيرة يسبح باسمائه جميع خلقه وقال مولينا الصادق عليه السلام نحن الاسماء الحسنى التي امركم الله ان تدعوه بها وفي زيارة امير المؤمنين عليه السلام السلام على اسم الله الرضي ووجهه المضيء فلا يستجاب ( فلا يستجاب دعاء خل ) الا اذا دعي سبحانه باسمائه الا ان هذه الدعوة على قسمين قولي وكينونتي فالقول ( فالقولي خل ) اذا طابق الكينونة يستجاب وان خالف فالاجابة بسؤال الكينونة باسمائه تعالى لا القولي وان فرض انه باسمائه فان في اجابته عدم اجابته واما اذا خلا الدعاء عن الاسم فلا يستجاب اذ لا يصعد الدعاء اذا لم يقع على الباب و سواء عرف الاسماء في الكون الثاني ام على المعرفة الاولية في الكون الاول وسواء اقتصر على الاسماء اللفظية او قارنها بالمعنوية وسواء عرف كيفية المقارنة ام لا وشرح هذه الاحوال يقتضي بسطا في المقال وليس لي الآن ذلك الاقبال
وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران على قبة الزمان
فيه قرائتان : احدهما الزمان بالزاء المعجمة وقد تكرر ذكر هذه القبة في التورية والعلماء اختلفوا في تفسيرها فقيل انها هي القبة التي بناها موسى وهرون في التيه بامره تعالى فكان معبدا لهم وقيل ان المراد بها بيتالمقدس وقيل انها الفلك الاعظم محدد الجهات وهو المحيط بالزمان والزمانيات وانما سميت بها بيتالمقدس لشرفها وعظم محلها وقيل ان المراد ( وقيل المراد خل ) بها بيوت الانبياء (ع) وقيل انها هي المساجد وقد سئلت شيخي واستادي اطال الله بقاءه وجعلني فدائه عنها فقال هي قبة بلصيار بن جور ( بلصيال بن جود خل ) صاحب الحشيشة الفلسفية ( السفلية خل ) وقد كان في زمان نوح عليه السلام ولما سمع ان نوحا دعا على قومه واراد اهلاكهم بالغرق بني قبة محيطة على المدينة التي هو فيها ورصدها باسماء الله بالعزائم ( ورصدها بالعزائم خل ) واسماء الله سبحانه وجعلها بحيث يدخل فيها الهواء وضياء الشمس ولا يدخل فيها الماء وبذلك نجي اهل تلك المدينة عن الغرق ولكن الله سبحانه اخفاها عن اعين الخلق وابصارهم ولا يطلع عليها الا الانبياء والمرسلون والصفوة المنتجبون فاذا خرج سيدنا القائم عجل الله فرجه ( عليه السلام خل ) اظهر تلك المدينة ورآها كل احد وتلك القبة تسمى قبة الزمان اذ لم تبق في الزمان قبة لم تغرق سواها ولانها مستمرة على ( مع خل ) الزمان الى ظهور صاحب الزمان عجل الله فرجه وقد ظهر لموسى بن عمران (ع) على تلك القبة ظهورات تلك الاسماء التي بها نجاها الله سبحانه من الغرق واختصاص موسى عليه السلام بظهور تلك الاسماء على تلك القبة لكمال مناسبتها معه عليه السلام في الطبيعة والمزاج واظهار الآثار فان تلك الاسماء فالغالب عليها الحرارة واليبوسة وفيها يعطي ( بعض خل ) الاسماء الرطوبة ( الرطبة خل ) بما يحفظ تلك الحرارة واليبوسة وجعلها ( جعلهما خل ) صالحة لطبائع اهل المدينة ومصلحة لنظام معاشهم ومعادهم وموسى عليه السلام قد ظهر بالحرارة الغريزية فناسب تجلى تلك الاسماء المتجلية على تلك القبة له دون غيره لانه عليه السلام من حملة العرش وهو الحامل ركن ( لركن خل ) النار كما ان نوحا حامل لركن ( ركن خل ) الماء وابرهيم عليه السلام حامل ركن ( التراب وعيسى عليه السلام حامل ركن ) الهواء فكان عيسى عليه السلام بذلك روحا وابرهيم ( عليه السلام خل ) خليلا من الفقر ونوح نوحا لشدة النوح والبكاء واسمه عبد الخالق وموسى (ع) كليما فافهم
وثانيهما الرمان بالراء المهملة ومعناها انها قبة كان يتعبد فيها موسى وهرون (ع) فدخلها ابنا هرون وهما سكرانان فجائت نار فاحرقتهما فخاف بنوااسرائيل من ذلك فعملوا جبة وعلقوا في ذيلها جلاجل من ذهب ورمان ( رمانا خل ) من ذهب وربطوا فيها بسلسلة من داخل المكان الى خارج فمن دخل ذلك المكان لبس تلك الجبة فان اصابه شيء تحركت تلك الجلاجل والرمان فجروه بالسلسلة وذكرها ( ذكر خل ) صاحب البحار (ره) ان قصة الرمان والجلاجل مذكورة في توريتهم الآن وقصتها ( قصتهم خل ) ان الله تعالى اوحى لموسى ( الى موسى خل ) ان يصنع قميصا لهرون ويضع في اسافله باستدارة مثل الرمان والجلاجل فيكون رمانة ( رمانه من ذهب خل ) وبعدها جلجل من ذهب وليلبسه هرون عند خدمة بيتالمقدس فيسمع صوته اذا دخل واذا خرج وان يتخذ لبني اسرائيل ( الى بني اسرائيل خل ) اقمصة من كتان ( كتان ومناطق خل ) للكرامة والمجد فانه ( وان خل ) يلبس هذه كلها هرون وبنيه ليكون الله ( لله خل ) احبارا وان يصنع لهم ثيابين من كتان ليغطوا بها عورة اجسادهم فيكون سنة دائمة الى الابد لهرون ولنسله من بعده ه هذا ما يتعلق بظاهر العبارة اعلم ان موسى هو موسى الاول والزمان نهر يجري تحت جبل الازل ( الازلي خل ) الى ما شاء الله في ما لا تزال ( لا يزال خل ) وهذا هو الصاد والنون البحر الجاري تحت العرش وقبته هو العرش وهو المحيط به وما ظهر على هذا العرش ( على العرش خل ) من مجد الله هو اسم الرحمن المعطي لكل ذي حق حقه والسائق الى كل مخلوق رزقه وهو الاسم الكلي الجامع للاسماء كلها من الاسماء الحسنى ما عدا المبارك الله وصارت تلك القبة بما فيها من الاسماء والاسرار والعلوم من علم الكيفوفة ومصدر علم البداء ( مصدر البداء خل ) وعلل الاشياء وغيرها في المراتب والاحوال مسخرة ومملوكة يتصرف فيها كيف يشاء فالزمان هو الماء والقبة هي العرش كان حاويا له قبل ان يخلق الله ( سبحانه خل ) السموات والارض وهو قوله تعالى وكان عرشه على الماء وقد روي عن امير المؤمنين عليه السلام انه سئل كم ( لم خل ) بقي العرش على الماء قبل خلق السموات والارض قال عليه السلام اتحسن ان تحسب قال بلى قال عليه السلام اخاف ان لا تحسن قال بلى قال عليه السلام لو صب خردل حتى ملأ الفضاء وسد ما بين الارض والسماء ثم لو عمرت وكلفت مع ضعفك ان تنقل حبة حبة من المشرق الى المغرب حتى تنفد لكان ذلك اقل من جزء من مائة الف جزء من رأس الشعير مما بقى العرش على الماء قبل خلق السموات والارض واستغفر الله عن التحديد بالقليل ه واول السموات سموات العقول والارضون اراضي ( ارض خل ) النفوس فكان صاحب القبة قبلها بهذا المقدار بل ربما اعظم والله سبحانه اعلم وهذه القبة والزمان يتنزلان من عالم الى عالم لكن لا على ما هو المعروف من معنى التنزل حتى انتهت مراتب التنزلات الى هذا الفلك الاعظم الجسماني اي محدد الجهات وكان ( كذلك خل ) صاحبها في اطوار العالم الالف الف ( العوالم الالف الالف خل ) بل الى ما لا نهاية له هو الحقيقة في قبة الزمان ولها وجوه اخر تركتها خوفا من التطويل وخوفا ( تركناها خوفا للتطويل وصونا خل ) عن اصحاب القال والقيل واما الرمان فهو العلم اما علم المحبة او علم الولاية على تفاوت الرمان في طعمه ولونه وصفائه ولطافته ورينانيته ( ريانيته خل ) وقد ورد التصريح بذلك عن النبي صلى الله عليه وآله على ما رواه الكليني وغيره في حديث الرمانتين اللتين اتى بهما جبرئيل (ع) من الجنة فاكل رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة منهما وفلق الآخر فلقتين فاكل نصفا واعطى عليّا نصفه ( نصف خل ) الآخر ثم قال ان ( اما خل ) الرمانة الاولى فهي النبوة ليس لك فيها نصيب واما الثانية فهي العلم وانت شريكي فيه فقبة الرمان هي قبة العلم وهي لموسى عليه السلام لكن سدانة هذه القبة وخدمته واعلام الناس للدخول والخروج كانت لهرون و( وقد خل ) قال صلى الله عليه وآله انت مني بمنزلة هرون من موسى وقال صلى الله عليه وآله انا مدينة العلم وعلى بابها والقميص اشارة الى عالم النفوس والجلاجل جهات ظهورات العلم واطواره وكيفياته الذاتية والعرضية مما يطول الكلام بذكرها والرمانة مجمع العلوم المفصلة النازلة من العرش بكمال الحرارة الى الكرسي مقام الرطوبة والبرودة فانعقدت حبات حمر لاجتماع الحرارة والبرودة كالشنجرف المركب من الكبريت والزيبق وتعدد الجهات ( الحبات خل ) لوصول البرودة بكل قطرة مركب ( قطرة نزلت خل ) قبل ان تستكمل القطرات كلها وتجتمع فيكون حبة واحدة فانما هذا صفته عند النبي صلى الله عليه وآله وهو العلوم التي من كل باب ينفتح الف باب واكتساب البرودة وان كانت قليلة من جهة تعلق العرش بالكرسي وتوجه النبي (ص) لتعليم الولي (ع) وما اتى به جبرئيل ( جبرائيل خل ) عليه السلام من رمانة النبوة التي اكلها صلى الله عليه وآله ( صلى الله عليه وآله وحده هو بعد التفصيل من الكرسي فان جبرائيل قد اخذ من الولي واوصل الى النبي صلى الله عليه وآله خل ) وذلك من باب علمته علمي وعلمني علمه وقد شرحنا هذه المسئلة بكمال الشرح في الجزء الثاني من شرح الخطبة الطتنجية
وبايدك التي رفعت
اشارة الى قوله تعالى والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون والايدي جمع يد وهي القدرة والسلطنة او النعمة والاحسان وارتفاعها كونها فوق كل شيء ومحيطة بكل شيء واخذة بناصية كل شيء قال سبحانه يد الله فوق ايديهم وماقدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه والقبضة واليمين جزء اليد وصفتها قالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء واليد اذا افردت يراد بها امير المؤمنين عليه السلام كما في الزيارة السلام على اذن الله الواعية في الامم ويده الباسطة بالنعم وجنبه الذي من فرط فيه ندم و اذا جمعت كان جميع ما اشتملت عليه اليد حال ( حالة خل ) الاجمال والافراد فانها بعد ( بعدد خل ) حروفها اللفظية والمعنوية اربعة ( اربعة عشر خل ) فكل واحد منها تام ثبت ( تثبت خل ) له حكم الاستقلال وكل واحد جزء يكون تمام اليد العليا ( العليا وخل ) الكلمة التامة وبالجملة فهم سلام الله عليهم بحيث يطلق عليهم الافراد والجمع على الحقيقة واسرار اليد واشارات بعض احوالها ذكرنا في الجزء الاول من شرح الخطبة ومعنى رفعت كونها في محل مرتفع من القرب بحيث لا يلحقها لاحق ولا يفوقها فائق ولا يسبقها سابق ولا يطمع في ادراكها طامع ومعنى آخر انها رفعت في وقتها ومكانها عند الله سبحانه في الرجعة بعد استكمال ايامها وبلوغ وقت القيمة ونفخ في الصور ( نفخ الصور خل ) فترفع الائمة عليهم السلام الى السماء عن وجه الارض فاول من يرفع فاطمة الصديقة عليها السلام ثم ( ثم الائمة خل ) الثمانية ثم مولينا وسيدنا القائم عجل الله فرجه ثم سيدنا الحسين عليه السلام ثم مولينا الحسن عليه السلام ثم امير المؤمنين عليه السلام ثم رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا رفعت ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض ( السموات والارض خل ) الا ما شاء الله والذي يستقبل عندنا ليس عند الله سبحانه بمستقبل فافهم
وبآياتك التي وقعت على ارض مصر
اشارة الى قوله عز وجل خطابا لموسى عليه السلام واصطنعتك لنفسي اذهب انت واخوك بآياتي ولاتنيا في ذكري وقوله عز وجل فلا يصلون اليكما بآياتنا انتما ومن اتبعكما الغالبون ويريد بالآيات في هذا المقام هم الآيات والمقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان لا الآيات التسع فانها قد مضت وان احتمل التكرير الا ان التأسيس اولى مع ( مع انها في ذكرها اعلى وخل ) ان ذكرها بعد الايدي المرفوعة دليل قوي على ما نقول لاصحاب العقول لان موسى عليه السلام لما خاف من فرعون وملائه ( ملأهم خل ) وقال رب اني قتلت منهم نفسا فاخاف ان يقتلون الآية ( الآيات خل ) اجابه الله سبحانه بانهم لا يصلون اليكما بآياتنا فلاتكون هذه الآيات هي المعجزات لانها كانت حاصلة له قبل ذلك ( ذلك وكان خوفه من عنادهم خل ) وقد ورد التصريح بذلك عن احدهم عليهم السلام فانه ( انه خل ) قال المراد بآياتنا هو امير المؤمنين والائمة عليهم السلام فان فرعون لما هم على قتل موسى وهرون ظهر له عليّ روحي فداه بصورة راكب على فرس جلاله كلها ذهب وهو لابس لباس الذهب وبيده رمح من ذهب وما رواه ( مارآه خل ) (ع) سوى موسى وهرون وفرعون فلما رآه فرعون اضطرب وغشي عليه حتى وقع عن سريره ورفث في اسبابه فالآيات المرادة في هذا المقام هم الائمة الاعلام ( عليهم السلام خل ) قال (ع) ( قال عليّ عليه السلام خل ) ليس لله آية اكبر مني ولا نبأ اعظم مني وقال الصادق عليه السلام نحن الآيات التي اراها الله الخلق في الآفاق وفي ( وفي انفسهم او قال عليه السلام واي آية اراها الله في الآفاق وفي خل ) انفس الخلايق غيرنا والآيات هي تلك المقامات وهي تقع بظهورها وآياتها في مصر على المعاني كلها مما ذكرنا سابقا في معناها ( معناها وخل ) ما لم نذكر وشاهد ما ذكرنا ان الآيات ما ذكرنا توصيفه عليه السلام اياها
بمجد العزة والغلبة
اما انها عزيزة لانها لا تنال ولا يطاول ولا يحاول وقد اشار ( اشارت خل ) السهروردي في قصيدته الى بعض تعزز هذه الآيات بقوله فيها :
جائها من عرفت يبقي ( يبغي خل ) اقتباسا وله البسط والمني والسئول
فتعالى ( فتعالت خل ) عن المنال وعزتعن دنو اليه وهو رسول
الى ان قال :
منتهى الحظ ما تزود منها للحظ والمدركون ذاك قليل
وهذا اشارة الى بعض عزة تلك الآيات بقوله :
قذفتهم الى الرسوم وكل دمعة في طلولها ( طلوعها خل ) مطلول
واما الغلبة فلان بها ظهر الاسم القيوم المقتدر الغالب على كل شيء فلا يفوقه ( فلا يفوته خل ) شيء وفي الدعاء ( الدعاء وخل ) بكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر
بآيات عزيزة
وهذه الآيات هي مقامات الوحدانية ( هي مقام الواحدية خل ) والربوبية اذلامربوب عينا لا ذكرا
وبسلطان القوة
اي تسلطها واستيلائها على من تعلقت به وهو الربوبية اذمربوب ذكرا وعينا
وبعزة القدرة
اي علو ارتفاعها في مقام تعلقها وظهورها لمن تعلقت به وقد قلنا سابقا ان القوة مبدء القدرة فالقوة هي الاختراع اي الكاف والقدرة في هذا المقام هو تعلق الكاف بالنون
وبشأن الكلمة التامة
هو تمام التعلق ( التعليق خل ) حتى استنطقت كلمة كن وصارت في مبدء اسم صاحب الآيات رفيع الدرجات ذو العرش فالتعيين الاول هو الذي قبل العين اولا و( او خل ) صار محلا لها او صارت محلا له وصار مظهرا لها وصارت مظهرا له ولو صرحنا ( وصار مظهرا لها ولو صرحت خل ) بالامر اذن لارتاب المبطلون :
واياك واسم العامرية انني اغار عليها من فم المتكلم
وبكلماتك التي تفضلت بها على اهل السموات والارض واهل الدنيا والآخرة
هذه الكلمات هي تفاصيل تلك الكلمة التامة واغصان تلك الشجرة الطيبة وهي الكلمات التي تلقي بها آدم من ربه وهي الكلمات التي اتمهن ابرهيم وهي الكلمات التي توسل بها نوح فنجي من الغرق وهي الكلمات التي لو كان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت وهذه هي قصبة الياقوت وهي الهياكل الاربعة عشر صلوات الله عليهم التي تفضل بهم على اهل ( بهم اهل خل ) السموات والارض وهي ( واهل خل ) الدنيا والآخرة فصاروا يستضيئون بانوارهم ويهتدون بهديهم ويعيشون في ظلالهم ويدفع المكاره عنهم بهم فهم قدرة ( قدوة خل ) اهل السموات المقبولات مما في الوجود المقيد وارض القابليات في استمداداتهم وتلقياتهم الفيض عن ( من خل ) الله عز وجل واجرائه في حدود ذواتهم وشئون اطوارهم واحوالهم وآثارهم واهل الآخرة من اهل الجنة في تنعماتهم ( في انحاء تنعماتهم وتلقياتهم خل ) من الله عز وجل في مآكلهم ومشاربهم وملاذهم وعلومهم ووارداتهم وترقياتهم الى ما لا نهاية له وكل ذلك يصل الى المخلوقين بهم عليهم السلام فلولاهم لما استفاد الخلق شيئا ابدا لان الله سبحانه جعلهم اعضادا لخلقه فلا يستغنون عنهم وكذلك اهل النار في الآخرة ولا يصيبهم ( الآخرة لا يصيبهم خل ) ما يصيبهم من المكاره والآلام الا بهم عليهم السلام واما اهل الدنيا ( النار خل ) فاستفادتهم منهم عليهم السلام اظهر من الشمس وابين من الامس لمن ذاق شيئا من المطالب التي تتكلم ( نتكلم خل ) بها ولا يسعني الآن تفصيل انحاء التلقيات ووجه وجوه ( انحاء تلك التلقيات روحه وجوه خل ) الاستمدادات فقد تفضل الله سبحانه بهم على كل خلقه وهو قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
وبرحمتك التي مننت بها على جميع خلقك
وهذه الرحمة هي الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء وقد جعلها سبحانه مأة جزء واظهر في هذه الدنيا جزء منها بها يتراحم الخلق بعضهم بعضا واخفي تسعة وتسعين جزء فاذا كان يوم القيمة ضم هذا الجزء الواحد بها فرحم الخلائق فيتسع رجاء الخلائق لدخول الجنة حتى ان ابليس تمنى ( يتمنى خل ) ذلك فلا شيء من المخلوقين الا وشملهم هذه الرحمة رحمة الخير حتى اهل النار فان ( فاز خل ) وجودهم الاولى الذي هو الخير من هذه الرحمة ثم في الاقتضاء الثانوي بحسب المتعلق تكون لهذه الرحمة جهتان جهة تتعلق بنعيم اهل الجنة والجهة الاخرى تتعلق باليم اهل النار فعبر من ( فيعبر عن خل ) الاولى باليد اليمنى والثانية باليسرى وكلتا يديه يمين وشرحنا حقيقة هذا المطلب وما يتعلق به في كثير من مباحثاتنا ورسايلنا وهذه الرحمة التي من الله بها على جميع خلقه هو الامام عليه السلام كما ورد في تفسير قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ان الفضل هو النبي صلى الله عليه وآله والرحمة هو الامام امير المؤمنين عليه السلام لان الله سبحانه خلق لهما بهما منهما ما خلق وهو قوله تعالى لولاك لما خلقت الافلاك فكانوا عليهم السلام هم الرحمة التي من بها على كافة الخلق قال الله تعالى ( قال تعالى خل ) وما ارسلناك الا رحمة للعالمين وفي الزيارة خلقكم الله انوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم الزيارة وهذا واضح ان شاء الله
وباستطاعتك التي اقمت بها العالمين
الاستطاعة هي الاقتدار والقدرة المتعلقة بالمقدورين وهذه تكون بعد تمام الكلمة التامة التي هي كلمة كن وبعد ارادة الرحمة للخلق وهذه الاستطاعة هي الولاية المطلقة العامة وبها اقام الله العالمين في مراتبهم واماكن وجوداتهم وما تقتضيه كينوناتهم وكلما لهم وبهم ومنهم وعنهم وفيهم واليهم ولديهم و( وعندهم خل ) كلها قامت باستطاعتهم وهي الامر المفعولي او الفعلي الذي ( الذي به خل ) قامت السموات والارض كما قال الله تعالى ( عز وجل خل ) ومن آياته ان تقوم السماء والارض بامره وقال الصادق عليه السلام في الدعاء كل شيء سواك قام بامرك وهذه ( هذا خل ) الامر هو الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله ولما كان عليّ عليه السلام هو الظاهر بالولاية ظهر ذلك الامر فعليا كان او مفعوليا في اول اسمه وهو العين وهو استنطاق كن والعالمون جميع العوالم الالف الف ( الالف الالف خل ) او الى ما لا نهاية له وفي زيارة الحسين عليه السلام عن الصادق عليه السلام ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم ويصدر عن ( من خل ) بيوتكم الصادر لما فصل من احكام العباد الزيارة ( الزيارة وفي زيارة الحجة والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم والممحو ما لا استأثرت به مشيتكم الزيارة خل ) والسموات مطويات بيمينه
وبنورك الذي قد خر من فزعه طور سيناء
اشارة الى قوله تعالى ( عز وجل خل ) فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وهذا نور رجل من الكروبيين من شيعة امير المؤمنين عليه السلام كما عن الصادق عليه السلام على ما رواه الصفار في بصائرالدرجات معناه ( ما معناه خل ) ان الكروبيين قوم من شيعتنا جعله ( جعلهم خل ) الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم على اهل الارض لكفاهم ولما سئل موسى (ع) ربه ما سئل امر رجلا منهم فتجلى له بقدر سم الابرة فدك الجبل وخر موسى صعقا ه فاذن اضافته الى الله سبحانه اما في الظاهر فمن باب الشرافة والتكريم كما في قوله تعالى ونفخت فيه من روحي والكعبة بيت الله الحرام وطهر بيتي للطائفين وامثالها من الاطلاقات واما في الحقيقة فان خطاب السافل للعالي هو نفس السائل ( السافل خل ) فقول السافل للعالي انت لا يقع الا في نفسه وقول العالي انا لا يقع الا على نفس السافل فعلى السافل ان يقول دائما انت فهو حينئذ هو وعلى العالي ان يقول انا فهو حينئذ ايضا نفس السافل فان الخطابات والاشارات والضمائر لا تصل الى الذات الازلي سبحانه وتعالى وانما هي لظهوراته واي ظهور اعظم من نفسه بنفسه للعالي ( لنفسه بالعالي خل ) فافهم واتقن فلما خر الجبل اي طور سيناء صار اربع حصص حصة منها دخل البحر وصار غذاءا لحيوانات البحر وحصة منها ساخت في الارض وهي تهوى دائما والحصة الاخرى تفرقت في الهواء وهو الهباء المبثوث والرابعة بقيت على وجه الارض هكذا روي عن امير المؤمنين عليه السلام رواه عنه ابنه محمد بن الحنفية
وبعلمك وجلالك وكبريائك وعزتك وجبروتك التي لم تستقلها الارض
وهذه الخمسة في عالم الفرق والتفصيل وان كانت لها مدلولات خاصة متمائزة على ما تعرفه العوام من نحو التمايز الا ان المراد هنا شيء واحد يختلف اسمائه بحسب الجهات والتعلقات ( المتعلقات خل ) وذلك الواحد المراد هو اول الظاهر باول الظهور في التجلي الاول للمتجلي الاول بنفسه وهو علم من حيث تعلقه بالامكانات والكائنات تعلقا وحدانيا جمعيا بحيث كلها عنده نقطة بسيطة على كمال اختلافاتها في اوقاتها وامكنتها وازمنتها وشرايطها ولوازمها واسبابها وسائر متمماتها ومكملاتها وهذا العلم خلق من مخلوقاته خلقه وسماه علما وهو سبحانه في ذاته عالم بالاشياء في رتب اماكنها في الحدوث فافهم وهو جلاله القاهر الماحي للاشياء كلها بسر عزته و ( وهو خل ) كبريائه سبحانه التي بها ظهر الله اكبر على ما قال اكبر من ان يوصف اذ ليس ثمة شيء فيكون الله اكبر منه وهو عزته المنيعة التي امتنع بها ان يناله الافهام وتصل اليه الاوهام لانها عنده فناء محض وعدم بحت لكونها خلقت به فاني لها وادراك ما هو اعلى منه سبحانه وتعالى عما يقوله الملحدون علوا كبيرا وهو جبروته التي بها جبر الكسير وتمم القابليات ومكنها عن قبول ما يصل اليها من فيضه تعالى وبه ( بها خل ) اعطى كل ذي حق حقه ولا شك ان هذا النور العظيم والخطب الجسيم لم تستقله ولا تمسكه ولا تحفظه ( تحفظه خل ) الارض لانها خلقت به فيفني الاثر عند ظهور المؤثر والسافل عند ظهور العالي فاني يمكن لها ان تقله بل تعدم عند ظهوره وتفنى عند بروز نوره
وانخفضت لها السموات
فارتفعت اذ لولا انخفاضها لديه وذلتها ( زلتها خل ) وخضوعها بفناء انيتها والاعتراف بذل عبوديتها ما ارتفعت ولماكان بها الهيمنة على كل ما سواها من مذروء ومبروء والسموات على المعنى العام الشامل لكل مراتبها كما ذكر غير مرة انخفاضها ( وانخفاضها خل ) قبولها وانفعالها عما ورد عليها من فوارة القدر بتلك ( بذلك خل ) النور الانور والضياء الازهر
وانزجر لها العمق الاكبر
وهو عالم الامكان والاكوان وهو اكبر الاعماق اذ لا يجاوزه ( لا يتجاوزه خل ) شيء وكل ما في مشية الله وقدرته من الامور اللانهاية له قد حواه هذا العمق
وركدت لها البحار والانهار
وركودها بسر قابليتها من البرودة واليبوسة الحافظة لما يرد عليها من بحر الصاد من ذلك المداد وهذا الركود هو سبب ( وهذا هو الركود حسب خل ) جريانها وسيلانها كما ذكرنا في السموات لا الركود الظاهري اي الوقوف المحسوس فان الانهار دائمة الجريان والبحار دائمة الفوران وان كانت تقف الانهار وتنجمد البحار اذا اراد الملك المختار بسر الاسم الاعظم الا ان ذلك ليس في كل حال ولا يفتح به الف باب
وخضعت لها الجبال
بسر كينونته حتى كانت شاهقة شامخة
وسكنت لها الارض بمناكبها
اي ذلت وانقادت وسكنت حتى يتصرف فيها ما يشاء كالميت الساكن بين يدي الغسال ( الغاسل خل ) يتصرف فيه ويقلبه حيث يشاء كيف يشاء ولذا قيل :
اعدم وجودك لا تشهد له اثرا ودعه يهدمه طورا ويبنيه
واستسلمت لها الخلائق كلها
وهو قوله عليه السلام في الدعاء في الصحيفة كلهم صائرون الى حكمك وامورهم آئلة الى امرك وقوله لا يخالف شيء ( شيئا خل ) منها محبتك فاستسلمت الخلايق حتى يجري فيهم حكم المشية الحتمية والعزمية وهذا الكلام على الاجمال واضح ظاهر واما على التفصيل فقد تحيرت دونه طامحات العقول ووقف عنده اهل المعقول والمنقول الا ان من وقف على مباحثاتنا واطلع على رسايلنا واجوبتنا للمسائل فقد فاز باوفر النصيب من المعلي والرقيب
وخفقت لها الرياح في جريانها وخمدت لها النيران في اوطانها
ومعناها كما ذكرنا سابقا فان خمود النار ( فان الخمود لها خل ) عبارة عن بطلان تأثيرها معها اذا ( اذ خل ) السافل لا تأثير لها مع العالي وتذللها لديه وان كانت تحرق في ما عداها وتبرد اذا اراد العالي لانها عبد يطيع امر سيده
وبسلطانك الذي عرفت لك الغلبة به ( به الغلبة خل ) دهر الدهور
وهذا السلطان هو ( هو مولانا خل ) امير المؤمنين (ع) وذريته الطيبون الطاهرون والصديقة الطاهرة عليهم السلام واما رسول الله صلى الله عليه وآله فهو السيد الاكبر قال تعالى ان الصلوة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر ان ( لان خل ) الله سبحانه لا يباشر الاشياء بذاته لانه اكرم من ذلك وانما يخلق بفعله فجميع ما لله سبحانه ما ظهر للحق ( مما ظهر للخلق خل ) من عظمته وكبريائه وبهائه وعزته وقيوميته وقهاريته ( قهاريته وغلبته على كل شيء خل ) وامثالها من المعاني كلها انما ظهر بالفعل لا بذاته تعالى وهم سلام الله عليهم محل فعل الله او الفعل محل نورهم وهو حقيقتهم او هو شأن من شئونهم وعلى اي حال فعنهم ظهرت آثار قدرته سبحانه وبهم عرفت غلبته تعالى وقهاريته وقيوميته دهر الداهرين وابد الآبدين لكونهم باب الافاضة والاستفاضة وعلة الامداد والاستمداد فافهم
وحمدت به من في ( به في خل ) السموات والارضين
والحمد على ( اما على خل ) معناه اللغوي من الثناء على الكمال مطلقا و( او خل ) الاصطلاحي من الثناء في مقابلة النعمة وعلى ( النعمة على خل ) اي حال بهم ظهرت محموديته تعالى لان صفاته الكمالية المتوجهة للحمد والثناء انما ظهرت للخلق لاهل السموات والارضين بهم عليهم السلام وهو قوله عليه السلام في الدعاء فبهم ملأت سماءك وارضك حتى ظهر ان لا اله الا انت وقوله عليه السلام بنا عرف الله وبنا عبد الله لولانا ( ولولانا خل ) ما عرف الله وفي الزيارة من اراد الله بدء بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم وكذلك الآلاء والنعماء الظاهرة للمخلوقين التي تستوجب الحمد والشكر ماظهرت الا بهم عليهم السلام لما ذكرنا من انهم ابواب الافاضة والاستفاضة ومعدن الرحمة وخزان العلم وقد قال الصادق عليه السلام في تفسير الله الالف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا واللام الزام خلقه ولايتنا والهاء هوان لمن خالف ولايتنا واهل السموات في جميع تلقياتهم التكوينية والتشريعية يأخذون عنهم عليهم السلام كاهل الارض وبسط المقال في حقيقة هذه الاحوال والاسرار المستسرة فيها في شرح الخطبة ومرادي هنا الاشارة الى نوع المسئلة
وبكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لابينا آدم عليه السلام وذريته بالرحمة
اعلم انه قد سبق قضاء الله سبحانه ( تعالى خل ) في علمه السابق بان يرحم آدم (ع) وذريته بان يخلقه على هيكل التوحيد والصورة الانسانية فانها هيئة محبة الله عز وجل وصورة رضاه وصفة مشيته العزمية وسبق ايضا في علمه سبحانه ان يخلط تلك الكينونة بشيء من ( من لطخ خل ) كينونة اصحاب هيكل الكفر والصورة الشيطانية حتى اذا اصابهم شيء من مقتضيات تلك الكينونة الخبيثة استشعروا الحزن وتجلبوا ( تجلببوا خل ) بالخوف وزادوا ( ازدادوا خل ) في الخضوع والخشوع والتذلل والانكسار حتى تعلوا الكينونة الاولى الطيبة وتزكو وتنجو ( تنمو خل ) وتزداد طيبا وصفاء ونورانية اذ كلما كان الخضوع والاستكانة والخشوع اعظم جريان فوارة النور على تلك الحقايق والكينونات يكون اعظم فنورانيتها وصفائها تكون اعظم ( اعظم وهذا اعظم خل ) وهذا من اعظم النعماء ( النعم خل ) التي خص بها آدم وذريته وهو قوله عليه السلام لولا ( لو خل ) انكم تذنبوا لذهب بكم واتى بقوم اخر ( بقوم خل ) يذنبون ثم يستغفرون الا ان ذنب كل احد بحسب حاله ومقامه حتى تكون حسنات الابرار سيئات المقربين وهذا هو الرحمة المكتوبة البالغة التي سبق بها القضاء لآدم وذريته وهذا الحكم هو كلمة الصدق التي سبقت ولما كان علم الله السابق هو المشية وهي كلمة الله فمعناها ان المشية سبقت لآدم وهنا معنى آخر وهو ان سبق الرحمة لآدم (ع) انما كان سبب ( بسبب خل ) كلمته سبحانه كلمة الصدق التي سبقت لابينا ( لابينا آدم خل ) وذريته بالرحمة تكون ( يكون خل ) تلك الكلمة مستودعة في صلبه ( عليه السلام خل ) وصلب ذريته واطائب ارومته وتلك الكلمة ( الكلمة هي الكلمة خل ) العليا محمد وآله الطاهرين ( الطاهرون خل ) عليهم السلام
واسئلك بكلمتك التي غلبت بها كل ( غلبت كل خل ) شيء
وهذه هي كلمة كن الصادر من الرحمن عين ( حين خل ) استوى على العرش فاستولى عليه وعلى جميع ما احاط به فليس شيء اقرب اليه من شيء واليه ( اليها خل ) الاشارة بما في الزيارة طأطأ كل شريف لشرفكم وبخع كل متكبر لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شيء لكم لانهم عليهم السلام يد الله التي في قبضتها السموات والارض واخذه بناصية كل شيء والاسم الاعظم ( الاعظم الذي خل ) انقاد وذل له كل شيء وسموا كلمة لانهم امر ( اثر خل ) الله سبحانه المنبئ عن جميع مراداته كالكلمة الظاهرة فانها اثر المتكلم المنبئ لما اراد في غيبه وهو قوله تعالى ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن والمؤمن هو محمد (ص) واهل بيته الطاهرين ( الطاهرون خل )
وبنور وجهك الذي تجليت به للجبل فجعلته دكا وخر موسى صعقا
وهذا شرح لما تقدم من قوله (ع) وبنورك الذي قد خر الخ ( قد خر من فزعه طور سيناء خل ) فالوجه هو محمد وآله الطاهرون سلام الله عليهم اجمعين كما دلت عليه الادلة ( الادلة القطعية من خل ) العقلية والنقلية لانهم وجه الله الذي يتوجه اليه الاولياء من اراد الله بدء بكم ( ومن وحده قبل عنكم ) ومن قصده توجه بكم ونوره هو شيعتهم لانهم عليهم السلام قالوا انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع انوارنا فالكروبيون هم شعاع نورهم قد تجلى به لموسى (ع) بل هو حقيقة موسى عليه السلام لقول امير المؤمنين عليه السلام بل تجلى لها بها ( وبها امتنع منها ) فلو انه تعالى تجلى له بحقيقة محمد وآله (ص) لاحترق موسى (ع) وانعدم لفناء الاثر عند ظهور المؤثر كما ان بني اسرائيل احترقوا ( فنوا خل ) وماتوا وهلكوا عند التجلي لموسى (ع) لانه كان ظهور العلة فان الرعية خلقوا من شعاع الانبياء فلما ظهر نور الله الظاهر في حقيقة موسى (ع) الذي هو العلة مات اولئك وهلكوا بخلاف موسى (ع) فانه لم يمت ولكنه خر صعقا لان ذلك من الوجه الاعلى ولا يظهر الا بعد ( بعد قطع خل ) الالتفات عن الوجه الاسفل فلا يبقى له حينئذ التماسك فيصعق كما قال امير المؤمنين عليه السلام اطفأ السراج فقد طلع الصبح وقال جذب الاحدية لصفة التوحيد وقال هتك الستر لغلبة السر فلو كان التجلي بالحقيقة العليا الصادر على موسى عليه السلام ما صار على بني اسرائيل فعلمنا انه كان بظهوره تعالى فيه وذلك الظهور صفة استدلال احدثها ( تعالى خل ) في حقايق الاشياء ليعرفوه بها ويستدلوا عليه بها انظر حالة النوم فان الروح اذا التفت الى القلب وقطع نظره عن الظاهر بطلت الحواس الظاهرية وعطلت كالميت فكيف اذا قطع الالتفات عن كل ما يتعلق بالشخص من الاجسام والارواح والعقول وغيرها فلم يتمالك ولا بد من ان يخر مغشيا عليه كهيئة الساجد فانه حينئذ ساجد تحت عرش ربه فظهر لك ان الكروبيين حقايق الانبياء و( اي خل ) وجههم الى ربهم في تلقياتهم الفيوضات وهؤلاء ( هؤلاء ماةالف وخل ) اربعة وعشرون الفا سموا ملكا لتمحضهم في ذكر الله والوقوف بباب ارادته تعالى وليسوا من سنخ الملئكة المعروفين وكل واحد منهم لمعة نور من آل محمد عليه وعليهم السلام مستودعة في حقيقة الانبياء ليعرفوا بها ربهم ويبصروا بها امر معادهم ومعاشهم ويأخذوا بها ( منها خل ) انحاء التلقيات ( التعليمات خل ) من الوحي والالهامات والقذوفات ويوحدوا ( يوحد خل ) الله سبحانه بذلك وهي لا اله الا الله التكويني كما ان هذه كلمة ملفوظة حادثة تدل على الوحدانية كذلك تلك اللمعة كلمة ذاتية حادثة تدل على الوحدانية الا ان دلالتها مشاهدة الرسم ودلالة ( الدلالة خل ) اللفظية تصور الرسم فافهم ان كنت تفهم والا فاسلم تسلم
وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران
قد مضى شرحه فراجع
وبطلعتك في ساعير
اي بطلعة نور وجهك في ساعير وهو جبل نزل الوحي على عيسى عليه السلام اي تجلى الله تعالى برجل ( عليه السلام برجل خل ) من الكروبيين لعيسى بن مريم ( عليهما السلام خل ) كما ذكرنا في موسى حرفا بحرف الا ان الجبل ما اندك وان خر عيسى صعقا لعدم المقتضى كما كان هناك
وظهورك في جبل فاران
وهو جبل مسيرة يومين عن مكة المشرفة زادها الله شرفا وتعظيما والظهور هو التجلي الاعظم الذي تجلى الله سبحانه به لنبيه محمد المصطفى روحي فداه ( عليه وآله صلوات الله خل ) وهذا التجلي كان بوجهه تعالى لا بنور وجهه
بربوات المقدسين
ربوات جمع ربوة وهو كل مكان مرتفع اي الجبال التي تجليت للمقدسين الذين طهرتهم وقدستهم على كل ( عن كلما خل ) ينافي الربوبية ويضاد العبودية عليها ولا شك ان موضع التجلي في العبد هو اعلى المشاعر فيكون مكان التجلي ايضا هو اعلى الاماكن اما بحسب الظاهر كالجبال التي سماهن من طور سيناء وجبل ساعير وجبل فاران او بحسب الباطن كتجليه ( لتجليه خل ) سبحانه لابرهيم (ع) في مسجد الخيف ولاسحق في بئر ( بحر خل ) شيع و ربوات جامعة للامرين وحاوية للعالمين والمقدسين يشتمل ( يشمل خل ) الانبياء كلهم وكذا الاوصياء وكذا الاولياء البالغين درجة الكمال الحائزين رتبة الوصال ويجوز ان يراد بربوات جبل فاران وبالمقدسين نبينا ( لنبينا خل ) (ص) كما قالوا (ع) في قوله عز وجل فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ان النبيين هو النبي صلى الله عليه وآله والصديقين هو امير المؤمنين عليه السلام والشهداء هو الحسين والصالحين هم الائمة وحسن اولئك رفيقا هو القائم عليه السلام وقد ذكرنا الوجه فيه في كثير من مباحثاتنا فاذا جاز الجمع في التمكن مع كونه فردا في الظاهر جاز الجمع في المكان ويجوز ان يكون المراد بربوات المقدسين في منازل ( المقدسين منازل خل ) الائمة عليهم السلام لانهم الذين شهد الله لهم بالتقدس والتنزه عن كل رجس حيث قال انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وقد فعل كما اراد وله الحمد والشكر
وجنود الملئكة الصافين
الواقفين لاقامة الخدمة وهذه الصفوف مختلفة في الطول والعرض والعدد والصفة والهيئة وهذه الفقرة اشارة الى قوله تعالى وما يعلم جنود ربك الا هو
وخشوع الملئكة المسبحين
الذين شغلهم التسبيح والتقديس لا غير فمنهم من هو في القيام فلا يركع ومنهم في الركوع فلا يقوم ولا يسجد ابدا ومنهم في السجود فلا يركع ولا يقوم ابدا ومنهم ( منهم من هو خل ) مشغول بالذكر الخفي ومنهم بالذكر الجلي ومنهم صفوف يكتبون مناقب عليّ عليه السلام ومنهم من يحملون كتب فضائل عليّ ( فضائله خل ) عليه السلام ومنهم من هو مستغفر ( يستغفرون خل ) لشيعته ومنهم من ( من هم خل ) يخدمون زواره ( لزوارهم خل ) وزوار اهل بيته وشيعته ومنهم من يجاورون حرمه وحرم اولاده وشيعته وهكذا من انواع التسبيح والتقديس باللسان والجنان والاركان وقد ورد ( روي خل ) عنهم عليهم السلام انا لنحن الصافون ونحن المسبحون وهذا هو المناسب للمقام حيث اتى بهم بعد ذكر النبي صلى الله عليه وآله
وببركاتك التي باركت فيها على ابرهيم خليلك في امة محمد صلى الله عليه وآله وباركت لاسحق صفيك في امة عيسى عليه السلام وباركت ليعقوب اسرائيلك في امة موسى وباركت لحبيبك محمد صلى الله عليه وآله في عترته وذريته وامته
البركة هي الزيادة والنمو والبركات هي النعماء التي زادها الله سبحانه و( او خل ) جعل الزيادة فيها على المعاني كلها حسب شكر من انعم بها عليه والمراد هنا هي انما نسب البركات الى هؤلاء عليهم السلام بخلاف غيرهم لان الزيادة والبركة والخير انما جعلها ( جعلها الله خل ) سبحانه في نسلهم عليهم السلام دون ما عداهم لان جل الانبياء من نسلهم وان كان ابرهيم (ع) هو الاصل لكن من جهة اعتناء الله تعالى بشأن اسحق ويعقوب عند ذكر ابرهيم عليه السلام في عدة مواضع من القرآن ناسب ذكرهما معه تبعا له في كتابه سبحانه ( سبحانه في كتابه خل ) ونسب ايضا سبحانه البركة الى اسحق ويعقوب عليهما السلام فجاء الدعاء على طبق ما اراد الله سبحانه وانما نسب بركات ابرهيم ( عليه السلام خل ) الى امة نبينا (ص) لكمال اتصال ابرهيم عليه السلام به وشدة محبته له والاخلاص في ولائه صلى الله عليه وآله حتى شابهه في اقرب الصفات اليه وهي الخلة بمعنى المحبة فقد ( وقد خل ) نسب سبحانه الى نبينا ( سبحانه نبينا خل ) صلى الله عليه وآله في القرآن الى ابرهيم عليه السلام حيث قال تعالى واوحينا اليك ان اتبع ملة ابرهيم حنيفا وقال ملة ابيكم ابرهيم يخاطب الائمة عليهم السلام وامثالهما كثيرة في القرآن ولكونه اشبه الخلق خلقا وخلقا به صلى الله عليه وآله ونسب تلك البركات الى الامة اشارة الى عمومها وشمولها ولان نبينا صلى الله عليه وآله من البركات التي من بها الله سبحانه على ابرهيم ( تعالى ابرهيم خل ) حيث جعله من نسله فهو من افضل النعم التي من الله به على ابرهيم بان جعل نبينا صلى الله عليه وآله من سلالته فشملت هذه البركة العالية التامة الكاملة امته صلى الله عليه وآله وله الحمد وله الشكر ومن امته وشيعة وصيه ( وصيه عليّ خل ) عليه السلام ابرهيم (ع) فافهم واما ( انما خل ) نسب بركات اسحق عليه السلام الى امة عيسى عليه السلام رعاية لحكم الترتيب في الصعود والكون ( لكون خل ) مناسبة يعقوب عليه السلام لموسى (ع) اشد من اسحق له مثل كون امة موسى قطعهم الله اثني عشرة اسباطا امما كلهم من اولاد يعقوب (ع) كما كان يعقوب له اثني عشر ولدا والمناسبة الباطنية ان موسى مثال النبي صلى الله عليه وآله ويعقوب مثال عليّ عليه السلام واولاده الاثني عشر دليل الائمة الاثني عشر عليهم السلام وهم الاسباط الذين كانوا ولاة على امة موسى وغيرها من المناسبات مما يطول بذكرها الكلام وانما خص الانبياء الثلثة بالذكر مع ان الانبياء عليهم السلام كثير مما اشتمل على اممهم بركات هؤلاء عليهم السلام لان هذه الثلثة هم اولوا العزم وهم قطب رحى النبوة فلا يذكر غيرهم معهم الا لامور اخر وفوايد اخرى واما شمول بركات محمد صلى الله عليه وآله وعترته ( عترته خل ) وذريته وامته فواضحة ظاهر ( ظاهرة خل ) لا تحتاج الى البيان
اللهم وكما غبنا عن ذلك
اي عما ذكر من الظهورات والتجليات وآثار الاسماء العظام والآيات البينات والمعجزات الباهرات التي ظهرت على يد الانبياء وقد شاهدها الامم الماضية والقرون السالفة ( السافلة خل ) ورأوها رأي العين وآمنا به اي بجميع ذلك
ولم نره صدقا وعدلا
اي آمنا ايمانا صدقا لا يشوبه كذب وخديعة ونفاق وطمع وغير ذلك مما ينافي الاخلاص الحقيقي وعدلا اي معتدلا مستقيما غير معوج كما آمن ( امر خل ) به غيرنا من قولهم بان النبي صلى الله عليه وآله ليس بمعصوم وان الوصي لا يجب على النبي نصبه وانه يصح صدور القبايح من الله تعالى وامثالها من الاعوجاجات التي حصلت في عقايدهم حتى شنع عليهم اهل الاديان والملل نعوذ بالله من مضلات الفتن
ان تصلي على محمد وآل محمد
مفعول اسئلك الذي في اول الدعاء ووسطه ( اوسطه خل ) والصلوة مشتقة اما من الصلة وهي العطية اي ( اي ان خل ) تعطيهم الوسيلة والفضيلة والمنزلة الجليلة الرفيعة ورتبة ( الجليلة ورتبة خل ) الشفاعة الكبرى والرياسة العظمى واليد العليا او من الوصل اي بلغهم مقام نحن هو وهو نحن ( هو نحن كما في الحديث عن الصادق عليه السلام لنا مع الله حالات هو فيها نحن ونحن فيها هو خل ) الا انه هو هو ونحن نحن ( ه خل ) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله ما يقارب هذا المضمون ايضا او من الصلوان اي اجعلهم مقارن صفائك ( صفاتك خل ) واقمهم مقامك كما قال عليه السلام اقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار
وان تبارك على محمد وآل محمد
اي بان تجعل البركة والزيادة والنمو في ذواتهم وفي صفاتهم وفي احوالهم وفي رعاياهم وشيعتهم وغنمهم وفي حسن اخلاق شيعتهم وآدابهم وفي علومهم وكمالاتهم وفي اولادهم وفي ذراريهم ( وذراريهم خل ) وفي نعيمهم ودوام التجلي لهم وحسن النظر اليهم الى غير ذلك من الاحوال
وترحم على محمد وآل محمد
بان تنصرهم وتشفي صدورهم من اعدائهم وتأخذ حقهم من ظالميهم وتمكنهم في ارضك وتمدهم من فضلك وتنصر شيعتهم وتغفر محبهم ( محبيهم خل ) وترحم الضعفاء المتمسكين بهم وبحبهم وبولايتهم
كافضل ما صليت وباركت وترحمت على ابرهيم وآل ابرهيم انك حميد مجيد فعال لما تريد وانت على كل شيء قدير
وعلى ما ذكر عليه السلام في هذا ( هذه خل ) الدعاء اندفع الاشكال المشهور الوارد على قوله اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابرهيم وآل ابرهيم من ان المشبه به يجب ان يكون اقوى من المشبه ولا يصح في هذا المقام فان الصلوة على ابرهيم ليست ( ليست لها خل ) نسبة مع الصلوة على محمد (ص) فضلا من ( عن خل ) ان يكون اقوى واجيب بان المراد ليس هنا هو التشبيه بل الذكر بالطريق الاولى يعني كما صليت على ابرهيم وآل ابرهيم الذين هم ادنى واحقر صل على محمد وآل محمد الذين هم اعلى وافضل بالطريق الاولى ولا يلزم على هذا ان يكون ابرهيم وآل ابرهيم افضل من محمد وآل محمد (ص) وهكذا ( هذا خل ) كما تقول للسلطان مثلا كما انك تعطي الجهال اعط العلماء الابرار وذلك في الظاهر ظاهر واما على ما ذكره ( ذكروه خل ) (ع) في هذا الدعاء فلا يلزم ذلك فان المشبه به هو افضل ما صليت وليس له حد محدود ولا اجل محدود ( ممدود خل ) ونسبة الافضل كما تقول لله سبحانه يا اكرم الاكرمين ويا ارحم الراحمين ويا احسن الخالقين ويا خير الرازقين وهذا ليس لان ما لله لغيره الا ان ما له اعظم كما حسبه بعض من لم يصل الى حقيقة الامر وقد قال امير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ليس بينه وبين خلقه وصل ولا له عليها فضل وهذه النسبة انما هي حكاية المثال والصفة عند من هو في عالم الفرق قبل ان يصل الى عالم الجمع والآية فمن وصل هناك عرف موقع انا وانت وقد اشرنا لك سابقا وكذلك حين تقول اللهم صل على محمد وآل محمد كافضل ما صليت على ابرهيم (ع) وهذا الافضل هو اللايق بمقامهم (ص) ( واذا جعلت المشبه عين المشبه به كما هو التحقيق فالامر ظاهر ) فيكون افضل ما صلى على ابرهيم هو الذي يجعله لمحمد صلى الله عليه وآله وهذا الافضل كفضل الله على خلقه كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في جواب اليهودي الى ان قال (ص) يا يهودي لا ينبغي ان اصغر ما عظمه الله من قدري ان الله اوحى اليّ يا محمد فضلك ( ففضلك خل ) على الانبياء كفضلي وانا رب العزة على كافة الخلق نقلت معنى الحديث والنسبة الى ابرهيم (ع) لما ذكرنا مرارا من انه حكى صفته ومثاله المقتضي للصلوة وهو المحبة وهي المقتضية للوصل والوصال واذا جعلت المشبه عين المشبه به في قوله اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابرهيم وآل ابرهيم (ع) فله معنى دقيق رشيق يجب كتمانه وصونه على ( عن خل ) الجهال والضعفاء والمعاندين ومعنى صلواتك على محمد وآل محمد ودعائك لهم طلبك عن ( من خل ) الله تعالى تطهير ذاتك وتنوير سرك واشراق باطنك لتشييد سلطانهم وتسديد اركانهم (ع) وعلو شأنهم وظهور شوكتهم فالدعاء يرجع اليهم سلام الله عليهم لا انهم ( لانهم خل ) ينتفعون بدعاء شيعتهم في حقائقهم وذواتهم وامداداتهم الذاتية من الله عز وجل كما يظهر من اطلاق كلام من قال بالانتفاع لا لان ذواتهم وكمالاتهم صلوات الله عليهم بلغت حدا لا تقبل الزيادة فان الله سبحانه اكملهم واعطاهم ومنحهم بما لم يمكن فوقه ( لا يمكن فوقه كما هو صريح قول من نفي الانتفاع خل ) لان ذلك باطل وخروج ( اخراج خل ) الله سبحانه عن سلطانه ونفاد ( تنفيد خل ) لمننه وكرمه ونهاية لفيضه وفضله او نقصان لقابليتهم عليهم السلام حيث لم تقبل الزيادة ولا تستمد منه سبحانه اعظم مما عندها حاشا ربي وحاشاهم عن ذلك اذن اين قوله تعالى كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية بل هم دائما يترقون ويزيدون ويكملون لا لانهم كانوا ناقصين حاشاهم عن ذلك وانما هي زيادة كمال ونورانية وزيادة سلطنة وقيومية نعم بالنسبة الى الله هم في عين النقصان ويستكملون منه سبحانه كما قال سيدهم وفخرهم الفقر فخري وبه افتخر صلى الله عليه وآله ونداء قل رب زدني علما لا ينقطع منهم ( عنهم خل ) ودعاء اللهم زدني فيك تحيرا لا يفنى لا في الدنيا ولا في البرزخ ولا في الآخرة ولا في مقامات الجنة لكن هذه الترقيات الذاتية لهم لا يكون ( لهم عليهم السلام لا تكون خل ) بدعاء شيعتهم نعم دعاء شيعتهم ينفع لاظهار شوكتهم وسلطانهم وذلك انما هو ( انما كان خل ) بصفاء قابلية شيعتهم ونورية باطنهم حتى يظهر اشراق نورهم واعلاء كلمتهم كالشمس اذا اشرقت على بيوت كلها من الزجاجة ظاهرها وباطنها يكون نورها واشراقها وظهور عظمتها اكثر مما اذا كانت مشرقة على خزف ( زخرف خل ) واحجار غاسقة وكذلك الشجرة اذا كانت خضراء مورقة بالنسبة ( بالنسبة الى خل ) ما اذا لم تكن كذلك فافهم واتقن وقد جمعت لك بين الاخبار كلها واقوال العارفين العاملين ( العالمين خل ) في هذه الكلمات الموجزة
ثم تسئل حاجتك
لما روي انكم اذا اردتم الدعاء فصلوا على محمد وآل محمد (ص) اولا وآخرا فان الله يستحيي ان يستجاب ( يستجيب خل ) طرفي الدعاء ولا يستجاب ( لا يستجيب خل ) وسطه او انه يستحيي ان يستجاب ( يستجيب خل ) بعض الدعاء ويترك الآخر وهو المتفضل والاصل فيه ان الداعي ( فيه الداعي خل ) وقف على باب فوارة النور حينئذ فلا بد ان يصل اليه منها شيء اذ لا يجري ( لا مجري خل ) لها سوى ذلك الباب ولا وقوف للجريان
ايضا وتقول : يا الله
هو اسم للذات الظاهرة بالالوهية المستجمعة لجميع الصفات الكمالية من صفات القدس وصفات الاضافة وصفات الخلق فمن قال انه علم للذات المقدسة اخطأ وكذا من قال انه كلي له افراد لكنها منحصرة في الفرد ويمتنع الباقي بالدليل الخارجي وكذا من قال انه جامد فان مولينا الصادق عليه السلام صرح باشتقاقه ومن اراد حقيقة الحال فليرجع الى ساير رسايلنا واجوبتنا للمسائل
يا حنان
اي كثير العطف على العباد وعظيم الميل للاحسان اليهم وقضاء حوائجهم والتجلي لهم حينا بعد حين وآنا بعد آن
يا منان
اي كثير المنة والامتنان على الخلق بترادف نعمائه عليهم وتوفر آلائه عليهم وايجادهم من غير استحقاق واعطائهم حين القابلية ( اعطائهم قبل القابليات خل ) واعطاء قابلياتهم وتمكينها ( تمكينهما خل ) من قبول فيضه سبحانه
يا بديع السموات والارض
اي فاطرهما ومصورهما لا لشيء ولا على احتذاء مثال ويحتمل ان يريد بالابتداع ما يعمه والاختراع فيكون معناهما ( معناه خل ) خالقهما لا من شيء ولا لشيء ومقدرهما ومركبهما ومميتها ( ممضيهما خل ) وكاتب حدود ذواتهما واشعة صفاتهما الى انقطاع وجوداتهما وحافظهما وحافظ صفاتهما وافعالهما
يا ذا الجلال والاكرام
الجلال مقام القهر والعزة والتمنع والاكرام مقام البسط والعطية والايصال والاتصال فبهاتين الصفتين اقام الكونين واوجد العالمين وهما يداه المبسوطتان وظاهر ( فظاهر خل ) الباب وباطنه قال عز وجل فضرب بينهم بسور وهو النبي صلى الله عليه وآله له باب وهو الولي عليه السلام باطنه اي موافقته ومواجهته فيه الرحمة وظاهره اي مخالفته ومطاردته ( خطارته خل ) والادبار عنه من قبله العذاب
اللهم بحق هذا الدعاء وبحق هذه الاسماء التي لا يعلم تفسيرها ولا يعلم باطنها غيرك صل على محمد وآل محمد واذكر حاجتك وفي بعض النسخ : لا يعلم تفسيرها ولا تأويلها ( تأويلها ولا باطنها خل ) ولا ظاهرها غيرك
المراد بالتفسير والظاهر والتأويل والباطن في هذا المقام واحد وان كان في القرآن مختلفا لكل واحد معنى غير الاخر وذكرنا بعض تفصيل الامر في شرحنا على آية الكرسي وان احتمل الفرق ايضا في هذا المقام الا انه بعيد عن مدارك العقول والافهام اما ظاهر هذه الاسماء فكونها اسماء الله ( لله خل ) سبحانه دالة على نعوته الجمالية وصفاته الجلالية في مقاماتها ومراتبها واطوارها ( مقاماتها واطوارها خل ) ومواقف تنزلاتها وتعلقاتها بالامور اللانهاية لها بدوا وعودا فان تفاصيل تلك الاحوال لا يسع معرفتها الا الله ( لله خل ) سبحانه لانها كلها انما نشأت من اطوار الشمس المضيئة في قعر بحر القدر المواج المظلم ( المظلم المواج خل ) كثير الحيات والحيتان يعلو مرة ويسفل اخرى وتلك الشمس المضيئة هي الاسم الاعظم الذي تفرد الله جل شأنه به كما روي ما معناه ان الاسم الاعظم ثلثة وسبعون اسما اثنان وسبعون منها عند محمد وآله الطاهرين وواحد منها تفرد به الله عز وجل ومن ذلك الاسم علم البداء والكيفوفة ومن ذلك يستزادوا ( يستزاد خل ) الائمة عليهم السلام في كل حال وآن في الدنيا والآخرة ومن ذلك امداداتهم واستمداداتهم وهذا ( ذلك خل ) هو الاسم الذي استأثره الله في علم الغيب عنده لم يطلع عليه احد الا بعض الوجوه الظاهرة واما الاحاطة ( الاحاطة به خل ) فلا فلانه ( فانه خل ) خاص به وهذه الاسماء وان كانت جهات ظهوراته الا ان الاحاطة التامة بالشيء لا يكون الا بعد الاحاطة بجميع متعلقاته من شرايطه ولوازمه واسبابه ومعداته وعلله ويلزمه الاحاطة بذلك الاسم ايضا وهو مستحيل لغير الله جل شأنه فعلم هذه الاسماء والاحاطة بها على جميع الحقيقة ( على الحقيقة خل ) المطلقة خاص بالله سبحانه وحده لا يشركه شيء وباطن هذه الاسماء هي مدلولاتها الخاصة التي وضعت لها الالفاظ وسر الامر في الوضع مما لم ينطق به فمي ولم يجر به قلمي فان ذلك ايضا على الحقيقة الاولية مخصوص به تعالى وان ظهر للمخلوقين بعض الوجوه بحسب تفاوت درجاتهم والوجه الآخر ان علم ( يعلم خل ) هذه على الاستقلال من غير الاستناد والاستفادة من احد مخصوص بالله عز وجل الا انه ( انه سبحانه خل ) من كرمه وفضله يعلم من يشاء من خلقه ممن سبقت له من الله الحسنى وهو قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول وان قلت كل شيء هكذا فما وجه الاختصاص ولا تكون حينئذ لهذه الاسماء مزية قلت بلى الا ان التعليم على قسمين تعليم عام وهو الذي لا يخص بشيء دون شيء وبشخص دون شخص وتعليم خاص وهو الذي تختص ( يختص خل ) به اهل الاسرار ويحتاج في هذا التعليم من عناية خاصة زائدة على غيرها كما قالوا لا جبر ولا قدر بل منزلة بينهما اوسع من السماء والارض لا يعلمها الا العالم او من علمه اياه العالم ( ه خل ) ولا شك انه عليه السلام يريد به التعليم الخاص ( الخاص للعناية الخاصة خل ) وكذلك الامر في هذه الاسماء لمن عرفها وادرك اسرارها والوجه الآخر ان هذه الاسماء لا يعلمها الا الله عز وجل لان الادوات ( الادراك خل ) انما تحد انفسها والآلات تشير الى نظائرها فكما ان معرفة توحيده تعالى لا تمكن بغيره اعرفوا الله بالله كذلك معرفة اسمائه وصفاته لا تعرف ( ولا تعرف خل ) الا بها فالاسماء تعرف انفسها لا غيرها ولما كانت الاسماء مضمحلة فانية عند المسمى فنقول ( فتقول خل ) لا يعرفها سواه والمعنى في كلتا الحالتين واحد لا يتغير فافهم هذا السر المنمنم والرمز المعمي ولبسط المقال مقام آخر ولكن هذا امر آخر ( هذا آخر خل ) ما اردنا ايراده في شرح هذا الدعاء على نهج الاجمال والاختصار وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين الاخيار الابرار ( الطيبين الطاهرين خل )
قد فرغ من تسويدها في ( تسويد هذه خل ) العجالة مؤلفها يوم الاحد خامس من شهر ( خامس شهر خل ) شعبان المعظم في سنة ١٢٤٨ ( ١٢٣٨ خل ) في جامع الكوفة زادها ( زادها الله خل ) شرفا ( شرفا حامدا خل ) مصليا مستغفرا