
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
في التوحيد روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام في بسم الله الرحمن الرحيم قال عليه السلام الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وفي رواية ملك الله
اقول وانا الواثق بالله الغني ان هذا الحديث يشتمل على جميع اسرار البسملة لا يعرفها الا اهله وانا الفقير الحقير المعترف بالقصور والتقصير اعرف وجها منها ولو اردت اكتب ما اعرف من هذا الحديث الشريف بامداد مراد البحار واقلام الاشجار في صفحات الارض والسماء لنفدت قبل ان ينفد بيان واحد منها الا اني اشير بالاجمال الى بعض منها
فاعلم انه قد صح عندنا معاشر الشيعة ان الكتاب التدويني طبق الكتاب التكويني والكتاب التدويني طبق السبع المثاني والسبع المثاني طبق العالم الثاني والعالم الثاني طبق العالم الاول فصح المطابقة بالآدميين الثلثة الآدم الاكبر طبق جميع القرآن والآدم الاوسط المسمى بعبد الكريم عند القوم اهل هذه الصنعة وعندي المسمى بعبد الله لانه فارق الاضداد ازال الاغيار فشارك السبع الشريف لقوله تعالى اياك نعبد وطبق السبع المثاني والآدم الثالث اي المولود الانساني طبق العالم الثاني ولا نتكلم في العالم الاول لانه اجل من ان يدركه افهامنا وتعرفه عقولنا واوهامنا ولان الناس لا يتحملون والائمة عليهم السلام امروا بكتمانه فصح بالدليل ان كلما في بسم الله الرحمن الرحيم على الترتيب الذي في العالم ولما كان القران رمز واشارة وتلويح وايماء ونحن جهال لا نعرف شيئا الا بالبيان ولا يعرف البيان الا العالم به عليه السلام فبين ولما كانت مراتب الانسان متفاوتة منهم من اهل التلويح ومنهم من اهل الاشارة ومنهم من اهل التصريح والعبارة والاولين يعرفان المراد من العبارة والثالث لا يعرف التلويح ولا الاشارة يجب عليه ان يراعي الضعيف ويعين الفقير وليعلم كل اناس مشربهم وينال كل احد مطلبهم ولما كان بدو العالم واول الوجود العقل الكلي الذي هو العقل المحمدي صلى الله عليه وآله وجميع الموجودات انما وجدت به فينقسم العالم الى ثلثة اقسام الجبروت والملكوت والملك
قال عليه السلام في العالم الثاني الباء بهاء الله والبهاء هو الذي ابتدأ عليه السلام به دعاء السحر في الثاني شهر رمضان اللهم اني اسئلك من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي اللهم اني اسئلك ببهائك كله والبهاء هو الضياء وهو الشمس قال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والشمس مظهر اسم الله النور وبها نورت الانوار وهو قوله تعالى الله نور السموات والارض وانما اشار اليه بالباء الذي هو من عالم الشهادة في الحروف اشارة لكمال ظهوره وغاية بروزه لانه العرش الذي صارت العوالم غيبا فيه فهو اظهر من كل شيء لان كل شيء انما ظهر بظهوره واستنار بفاضل نوره فهو اظهر من كل ظاهر أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى يحتاج الى دليل تدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار تكون الاثار هي التي توصل اليك لكنه اخفى من كل شيء لانه فوق الافهام والعقول والاوهام لان كل شيء به خلق وهو الامر الذي اقام الله به السموات والارضين ولهذا اشير اليه في الحمد بالهمزة التي من اقصى الحلق واخفى الحروف ولهذه الاشارة وجه اخر سنذكرها انشاء الله تعالى
والسين سناء الله السناء هو نور الضياء وهو القمر المستنير من الشمس قال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا والقمر مظهر اسم الله المبين لانه به يستنين الاشياء وهو يبينها باعطاء الحيوة لها فالوجود للشمس والحيوة للقمر فالمادة لها والصورة له وهو ما ذكرنا لك سابقا ان الموجودات مادتها خلقت من نور محمد صلى الله عليه وآله وصورتها خلقت من نور عليّ قال (ص) انا وعليّ ابوا هذه الامة فهو عليه السلام النور الذي به حيوة الوجود ظاهرا وباطنا قال تعالى افمن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا اي نور الولاية لعليّ بن ابي طالب امير المؤمنين والطيبين من اولاده اذ لمن لم يكن له هذا النور لم يهتد الى الصراط المستقيم ولا تنفعه محبة النبي صلى الله عليه وآله لانها لا يجتمع مع بغض عليّ امير المؤمنين عليه السلام وكذا بالعكس وكذا قوله تعالى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور اي اماما هاديا ولذا سمى المنكرين للولاية الميت وقال اموات غير احياء وما يشعرون ايان يبعثون وقال ان الله يسمع من يشاء وما انت بمسمع من في القبور وسماهم الظلمة وقال او كظلمات في بحر لجي وهو الاول وهو السر المقنع بالسر في مراتب التضاد يغشاه موج وهو الثاني وهو لعنه لله السر المستتر بالسر في هذه المرتبة من فوقه موج وهو الثالث لعنه الله وهو السر الباطن الظاهر في الكلمة السفلي والشجرة الخبيثة المجتثة وهو تمام الجهل الكلي من فوقه سحاب وهو الرابع ولعنه الله بعدد ما في علمه وعذبه عذابا يستغيث منه اهل النار وهو مرتبة الظاهر في تلك المراتب اللهم خص انت اول ظالم باللعن مني وابدأ به اولا ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ظلمات بعضها فوق بعض وهو بنو العباس فوق بني امية اللهم العن يزيد بن معوية خامسا والعن عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمرا وآل زياد وآل مروان الى يوم القيمة والعنهم لعنا وبيلا وعذبهم عذابا اليما وبالجملة السناء والنور هو الامام امير المؤمنين والطيبون من اولاده صلوات الله عليهم اجمعين واعداءهم هم الظلمة على ما فهمت بالاشارة واذا حصل لك الثبات في هذا المقام ينكشف لك سر الباطن على وجه وفقك الله وايانا لطاعة والتقوى بالنبي وآله ائمة الهدى
والميم مجد الله وفي رواية ملك الله وهو الشيعة بجميع مراتبها السبعين كما ذكرنا وهم ظاهر الامام وظهوره كالاشعة من الشمس ولهذا عبر عنهم بالملك واشار الله سبحانه اليهم بالميم الذي هو من عالم الشهادة الظاهرة بالتفصيل لان لها من العدد اربعين وهو اشارة الى تمام القابليات والمقبولات لان الشخص الانساني له قلب المأخوذ من محدد الجهات وصدر المأخوذ من فلك الكرسي وعقل المأخوذ من فلك زحل وعلم المأخوذ من فلك المشتري ووهم المأخوذ من فلك المريخ ووجود المأخوذ من فلك الشمس وخيال المأخوذ من فلك زهرة وفكر المأخوذ من فلك عطارد وحيوة المأخوذ من فلك القمر وجسم المأخوذ من الارض المركب من العناصر الاربعة وكل من هذه العشرة له دورات اربع الاولى دورة العنصري وهو آخر مراتب نزولها ومحل اجتماعها في يوم الجمعة الثانية دورة المعدنية وهو اجتماعها في مقام النطفة وفي ذلك المقام كل الافلاك يدبرون النطفة كل بما له الثالثة دورة النباتية وهي مقام تكسى لحما ولما دارت هذه القبضات هذه الدورات الثلث تهيأت لتعلق النفس الحيوانية عليها وظهور هذه القبضات كل على حدة ويسمى هذه المرتبة مرتبة القابلية وهي ثلثون ليلة التي وعد الله موسى ان ينزل عليه التورية فاذا سمعت منا نقول رتبة القابليات يزيد به هذا المعنى واللام في اكثر المواضع اشارة اليها الرابعة دورة الحيوانية وهي مقام الظهور والتفصيل والتمايز فيتمايز تدبير الافلاك مراتب الانسانية فيتعلق العرش بقلبه والكرسي بصدره وفلك زحل بدماغه وهكذا ساير الافلاك وهذه هي رتبة المقبولات وهي العشرة الليالي التي اتم الله تعالى بها ميقات موسى قال تعالى وواعدنا موسى ثلثين ليلة واتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة وهي الميم في بسم الله الرحمن الرحيم التي اشار اليها الامام عليه السلام بانه ملك الله اي عالم الشهادة وانما اشار اليها بالميم بوجهين احدهما ان الميم هو حرف شفوي وهي من عالم الشهادة والثاني للاشارة الى هذه المراتب وان كانت في غيرها الا انها ليست بهذا التفصيل والظهور والتمايز او قل ان الشيعة لها مراتب اربع الاولى مرتبة الملائكة المقربين والثانية مرتبة الانبياء والمرسلين والثالثة مرتبة المؤمنين الممتحنين والرابعة مرتبة ضعفاء الشيعة العاصين الذين يشفعهم ائمتهم في القيمة ويخاطبون اي الكفار والمنافقين ويقولون توبيخا لهم اهؤلاء الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون ولكل من هذه المراتب الاربعة عشرة مراتب واذا ضربت الاربعة في العشرة يكون اربعين وهو قوى الميم فافهم ولا تكن من الغافلين
فتم بهذه الثلثة الاحرف جميع الوجود واقبال العقل وادباره وصعوده في مراتب الاسماء والتكوين وكل ما يتعلق بالوجود لوجهين الوجه الاول يتعلق بالتأويل وسنذكره انشاء الله تعالى في مقامه والوجه الثاني يتعلق بهذا الباب فنقول ان الامام عليه السلام اشار الى اقبال العقل وادباره بطريقين احدهما بالتلويح وهو بكل حرف حرف من هذه الاحرف الثلثة في كل عالم من العوالم وبين اختلاف العوالم واختلاف المراتب واختلاف مرتبة اشخاص القاعدين والنازلين والصاعدين وثانيهما وهو الاشارة بالمجموع الى نزول العقل الكلي وصعوده اما الاول فاعلم ان الامام عليه السلام قال ان الباء بهاء الله وقد ذكرنا ان البهاء هو الضياء وهو المنير لنص قوله تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقد صح بالدليل العقلي والنقلي ان محمدا صلى الله عليه وآله هو المنير الكامل المستنير منه كل الاشياء ولا شك ان هذا المقام ليس مقام عقله صلى الله عليه وآله قبل الاقبال والادبار لانه قبله ليس منيرا لما تحته او ليس اذ ذاك مستنير حتى يكون منيرا فيجب ان يكون بعد الادبار فيجب ان يكون مجد الاقبال اذ لا يصح ان يكون منيرا في مرتبة المميت التي هي مرتبة التراب وان كان منيرا بالنسبة اليها لكنه لا يكفي في المقصد ويجب ان يكون صاعدا مرتبة الاسماء لانه صلى الله عليه وآله قد استنارت منه كل الاشياء ولا شك انه صلى الله عليه وآله يمد الاشياء باسم خاص له مثلا يمد الجماد باسم الله المميت ويمد النبات باسم الله الرازق ويمد الحيوان باسم الله المذل ويمد الحي باسم الله العطوف ويمد الملك باسم الله القوي ويمد الانسان باسم الله الجامع ويمد الماء باسم المعنى ويمد الهواء باسم الحي ويمتد النار باسم القابض ويمد فلك القمر باسم المبين ويمد فلك عطارد باسم المحصي ويمد فلك الزهرة باسم المصور ويمد فلك الشمس باسم النور ويمد فلك المريخ باسم القاهر ويمد فلك المشتري باسم العليم ويمد فلك زحل باسم الرب ويمد فلك المنازل باسم المصور ويمد فلك البروج باسم غني الدهر ويمد فلك الكرسي باسم الشكور ويمد العرش باسم المحيط ويمد جسم الكل باسم الحكيم ويمد المثال باسم الظاهر ويمد المادة باسم الآخر ويمد الطبيعة باسم الباطن ويمد النفس باسم الباعث ويمد العقل باسم البديع وسيتحقق هذا المطلب انشاء الله تعالى بالتفصيل التام فاثبت صعوده ونزوله في المراتب الاكوان والاعيان والاسماء والصفات بقوله عليه السلام الباء بهاء الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن ولولا الخوف من فرعون وملأه لارخيت عنان القلم في هذا الميدان حتى يقطع الزمان ويسير في الدهر الى ان ينتهي الى السرمد لكن لا كل ما يعلم يقال ولا كلما يقال حان وقته ولا كلما حان وقته حضر اهله
به پيري رسيدم در اقصاي يونان بدو گفتم اي آنكه با عقل وهوشي
در عالم چه بهتر بهر چيز گفتا اگر راست پرسي خموشي خموشي
ولما كان العالم يدور على هذه الثلثة وكل منها له نسبة في نفسه ونسبة وارتباط بغيره ويترتب على كل منهما حكم سوى حكم الآخر اراد عليه السلام ان يبين كلا الحكمين فاشار بالبهاء في قوله الباء بهاء الى المقام المحمدي صلى الله عليه وآله اما مقامه اي مقام الثالث منه في نفسه قد ذكر لك مما يظهر من كلامه عليه السلام واما نسبته الى غيره فله مقام العلية ولما سواه مقام المعلولية وله مقام المحيطية ولما سواه مقام المحاطية وله مقام الاولية والاخرية الاول والثاني يعرف من كونه صلى الله عليه وآله منيرا وغيره مستنيرا ولو كان منيرا فوق مقام محمد صلى الله عليه وآله يجب ان يقوله لانه اول الوجود والباء في البسملة اشارة الى اول الوجود لصحة المقابلة والمطابقة فافهم والثالث يعرف من الاشارة اليه بالباء لان الباء تدل على ان مقام اولية نفس اخريته كما سيجيء انشاء الله تعالى
ولما فرغ من بيان نسبتي النبي صلى الله عليه وآله اراد ان يبين الامام وكلا نسبتيه فقال السين سناء الله فاشار بالسين الى ان نسبته الى النبي صلى الله عليه وآله كنسبة الملكوت الى الجبروت لان له منزلة القلم وله منزلة اللوح قال تعالى ن والقلم وما يسطرون لان السين في وسط الحروف واشرفها واعلاها لتطابق زبرها وبيناتها وهي ملكوت الحروف واشار بالسناء الى استنارته من النبي صلى الله عليه وآله كالقمر المستنير من الشمس قال عليه السلام انا محمد كالضوء من الضوء واشار بتأخره عن مقام الباء بلا فصل الى انه الخليفة بلا فصل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يعني انه اسم الله الرحمن الذي هو تحت اسم الله وبتقدمه على الميم التي هي اشارة الى جميع مراتب الوجود انه العلة على الكل وهو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وله ولاية الحمد التي اعطاه اياها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي والله الاشارة الى الكمال قوسي الصعود والنزول لان الشخص ما لم يكن كاملا لم يكن مستكملا والكمال التام لا يتحقق الا اذا سافر اربعة اسفار فتمكن اي بلغ مقام التمكين بعد رفع حجاب التلوين وهو قوسي الصعود والنزول وهي في الحقيقة خمسة اسفار الاول السفر من الحق الى الخلق للتكوين في كل بحسبه في الكلي كلي والجزئي جزئي وهو اذا امر الله العقل بالادبار عنه الى الخلق وهو نزوله في هذه المراتب الكونية الى ان وصل مرتبة الجماد الثاني السفر من الخلق الى الحق وهو ايضا للتكوين وهو اذا امره الله تعالى بالاقبال اليه وناداه بنداء اقبل ويصعد حتى يقطع المسافة الكونية وياخذ في الاسماء على التفصيل الذي يجيء انشاء الله تعالى الى ان بلغ مقام البديع واتصل الاول بالاخر فكان الاول نفس الاخر الثالث السفر في الحق بالحق وهو اذا تجاوز عن قاب قوسين وبلغ الى او ادنى وفني فناء المحب في محبوبه والطالب في مطلوبه الرابع السفر من الحق الى الخلق للتكميل والهداية والارشاد
از بشري رسته بود بار ( باز ظ ) براي بشرتا بكمال آورد پايه نقصان گرفت
والفرق بين هذا السفر والاول ظاهر لانه للتكوين وهذا للتكميل وهو مقام البقاء والصعود ار هذين السفرين طويل الخامس السفر من في الخلق بالحق للعصمة عن الخطاء والزّلل لانه عليه ان الناقصين ويرشد الضالين وينجي الهالكين ولو كان مثلهم لم يتصور ذلك ولذا يقولون :
ذات نايافته از هستي بخشكي تواند كه شود هستيبخش
وهذا معنى قولهم ان الكامل المرشد يجب ان يقطع الاسفار ويصل الى محل القرار وان كانوا لا يعرفون المراد ولكنهم كما قال الشاعر :
قد يطرب القمري اسماعنا ونحن لا نفهم الحانه
فصح بالدليل ان الامام عليه السلام يجب ان يكون جامعا لقوسي الصعودي والنزولي لانه المجيب للمضطر اذا دعاه والكاشف للسوء عمن ناجاه وهو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير فافهم وثبت ثبتك الله بالقول الثابت وهديك الى صراط المستقيم وفي السين اشارة خفية الى ما ذكرنا من ان اسم محمد صلى الله عليه وآله هو الامام وله دورين كما يدل عليه قوى السين على ما عرفت سابقا فذكر هذا المطلب في هذه الكلمة مرتين مرة بالتلويح في تمام الكلمة ومرة بالاشارة لبعض والتصريح للآخر في البسم بناء على تفاوت مراتب الادراك فافهم
ولما فرغ الامام الصادق عليه السلام عن بيان مقام الامام وكلا نسبتيه بالتفصيل والاجمال اراد ان ينبه على مقام الشيعة فقال الميم ملك الله فاشار بالملك الى انها ظاهر الامام كالاشعة للشمس وانها الواسطة للوصول الى القرى التي بارك الله فيها قال الامام الباقر على جده وجدته وابائه وعليه وابنائه الاف السلام في قوله تعالى وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما امنين قال عليه السلام نحن القرى التي بارك الله فيها والقرى الظاهرة شيعتنا وقال عليه السلام ان شيعتنا لتفضل منا كما تفضل الاشعة من الشمس فقد ذكر نسبتها الى ما فوقه ونسبتها الى ما تحتها فثبت ان الشيعة لا بد لها من اكمال هذين القوسين والا لم تكن هي القرى الظاهرة لان القرى الواقعة بين المكة واليمن كلها معمورة الا ان صعودها ونزولها ليس كليا بل جزئي ومن اختلاف العبارات والاشارات اشارة الى اختلاف اكمال هذين القوسين حتى ان الحجر لا بد له من هذا الاكمال والا لم يصل الى حد التكليف لان التكليف فرع ظهور العقل وظهوره فرع نزوله كما سياتي انشاء الله تعالى لكن صعوده ونزوله ليس كصعود النبات ونزوله وكذا صعود النبات ونزوله ليس كصعود الحيوان ونزوله وهو ليس مثل الانسان وهو ليس مثل الامام صلوات الله عليه وهو ليس مثل النبي صلى الله عليه وآله وصعود النبي اول وصعود الامام ثاني انا من محمد كالصعود من الضوء وصعود الانبياء بالتبعية وصعود الانسان بالفاضل والشعاع وصعود الحيوانات بفاضل الفاضل وشعاع الشعاع وهكذا الى ان ينتهي الوجود لا تنكر هذا الترتيب لان السراح الذي خلقه الله آية له ومثالا لخلقه وفعله يكذبك ثبت وافهم وكل ذلك يعرف من ترتيب كلام الامام عليه السلام اذا فهمت تلويحات كلماتهم واشاراتها وتصريحاتها لاهل كل لغة بلسانهم ويناسبهم فانت اعلم الناس وافهمتهم قال عليه السلام انتم افقه الناس ما عرفتم معنى كلامنا
ولما فرغ الامام عليه السلام عن بيان ما يدل عليه لفظ البسملة من بيان مراتب الوجود وبدء ايجاده ومنتهاه والوسائط التي في الوجود لابطال الطفرة واختلاف مراتب الموجود وتفاوت درجاتهم يعني ما يتعلق بخلق الذوات على اختلافها كما فهمت مما اشرنا اليه لك ان كنت ذا بصر حديد اراد ان يذكر عليه السلام ما يتعلق بالصفات وما يتعلق بالتكليفات من الواجبات والمندوبات والمحرمات وما يترتب عليها من المثوبات والعقوبات وان المكلفين العاصين على قسمين قسم يصلح لهم الفضل وقسم لا يصلح لهم ذلك بل لا يحسن للحكيم ان ينعم عليهم بالتفضل والرحمة المكتوبة فقال عليه السلام الله الالف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا واللام الزام خلقه ولايتنا والهاء هوان لمن خالف ولايتنا
اقول وانا الواثق بالله ان في هذه الكلمة جميع اسرار بسم الله الرحمن الرحيم مما ذكر ومما لم يذكر وذلك لان الامام عليه السلام لما قال الالف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا اثبت كل ثابت ان نعمة الله التي انعم بها خلقه على انحاء:
منها ايجاد ذاتهم وكونهم ووجوداتهم بعد ما لم يكونوا شيئا مذكورا في هذا المقام اثبت امور من الوجود الاول الفعل الذي هو الولاية الثانية مراتب الفعل من المشية والارادة والقدر والقضا والامضاء لان الشيء الموجود لا بد له من وجود وهو ذكره الاول والمتعلق به المشية ولا بد له من ماهية مؤكدة للوجود ومشية له والمتعلق بها الارادة وهي العزيمة على ما يشاء ولا بد له من حدود وهيئات ومقادير من الاجال والارزاق والمشخصات الستة من الكم والكيف والمتعلق به القدر ولا بد له من تركيب وتسوية المشار اليه بقوله تعالى في اي صورة ما شاء ركبك والمتعلق به القضاء ولا بد له من اظهار وابراز شروح العلل مبين الاسباب والمتعلق به الامضاء الثالث الركن الاسفل الايسر من العرش المركب من الانوار الاربعة وهو الطبيعة وهي جهة فعل الشيء وايجاده وهي الة الملك للايجاد والطبخ والهضم ومن هذه الجهة توهم بعضهم انها هي الملك الموكل بالاشياء والقيوم لها كالزنادقة كالدهرية وامثالهما الرابع جبرئيل وهو الملك الموكل بالخلق والايجاد المستمد من النور الاحمر الركن الرابع من العرش وتحته تسمون ( تسعون ظ ) جندا من الملائكة وتحت تلك الملائكة ملائكة لا يحصي عددها الا الله الخامس فلك الشمس وهي المدبرة للوجودات الثانية والمتعلقة بخلقها وايجادها السادس كرة النار وهي الفاعلة الموجدة باذن الله تبارك وتعالى السابع ريح الدبور وريح من طرف المشرق والموكل عليه الدبور وهو ملك من الملائكة من جنود جبرئيل ولهذا قال عليه السلام نصرت بالصبا وهلكت عاد بالدبور مع قوم عاد اهلكهم الله بجبرئيل فافهم الثامن نطفة الرجل وطبعها طبع جبرئيل وهي الفاعلة الموجدة ونطفة المراة هي القابلة المصورة وبينهما برزخ وهو القاضي التاسع القوة الجاذبة في الانسان المرة الصفراء العاشر الوجود الثاني للشخص الانساني الحادي عشر الماء المقطر اولا من الشجرة النابتة في طور سيناء الشجرة الزيتونة التي ليست بشرقية ولا غربية بل هي على سواء الجبل وهو الدهن الذي يضيء المصباح به وهو النار قال تعالى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون الثاني عشر الارض اي اليبوسة المنحلة اي المادة اي العسل اي نطفة الرجل لما انعقدت بعد ما كانت كيلوسا كيموسا بعد ما ابيضت بالسقي وهو الذكر كثير الشهوة طالب الجامع لا يكتفي بزوجة واحدة بل يريد اربع زوجات ولا يكتفي بهن بل يطلب ست جواري وهو جد خبيث (ظ) يدخل بابنته ولا يبالي انها هل تصح في الشرع ام لا وهو الواحد الذي يغلب التسع من بنات البطارق سيغلب تسعا من بنات البطارق الثالث عشر الشيء الشيء الذي يشبه البرق اي احمره لان البرق هو المركب من الاحمر والاصفر وهو الفتى الشرقي والنقي الكوشي والنار المحرقة والشمس المشرقة والمرة ورنجار النماس الاخضر الرابع عشر الطاووس وهو من الطيور الاربع الذي امر الله ابراهيم باخذهن الخامس عشر الياقوت من المعادن السادس عشر الحمرة من الالوان في الاعراض وامثال ذلك من الامور التي بذكرها يطول الكلام واشرت الى بعضها ذلك ان تأخذه قاعدة تصرفها الى كلما شئت وكل ما ذكر من الامور المتعلقة بخلق الشيء وايجاده وتكوينه فافهم فهمك الله من مكنون العلم ومخزون السر بالنبي وآله الطاهرين
ومنها هو الحيوة اي حيوة كل شيء من الموجودات فان حيوتهم غير ايجادهم وخلقهم وفي هذا المقام يثبت امور الاول الارادة وهي الصبح الازل الذي هو اثر شمس الازل وهي المتعلقة بالصورة وحيوة كل شيء بها بالاجمال والحيوة في الحقيقة هي العزيمة على ما شاء لان الوجود بدون الماهية والشيء بدون الحيوة لم يثبت ولم يتحقق الثاني هو النور المشرق من صبح الازل وهو الركن الايمن وهو الروح الكلي الذي من فاضلها البراق والبقرة الصفراء قال عليه السلام ان البقرة خلقت من زعفران الجنة ومعلوم ان حيوة كل شيء بروحه الثالث اسرافيل صاحب النفخ والصور وهو الملك الموكل بالحيوة وهو سبب البحث في يوم النشور وتحته من الجنود تسعون ملكا كما لجبرئيل وتحت تلك الملائكة ملائكة لا يحصي عددها الا الله تبارك وتعالى الرابع باطن فلك المريخ وفلك القمر ايضا وهو المدبر للحيوان من جهة الحياة والحياة الثانوية للاشياء به ومنه واليه الخامس كرة الهواء وهو المعنى للاشياء اي الوجودات الثانية بتسخير المجدد وتقدير فلك القمر السادس ريح الجنوب والجنوب ملك من جنود اسرافيل السابع نطفة المراة على وجه لان بها حيوة الولد الثامن القوة الهاضمة الكبد والدم التاسع الحيوة الثانوية للاشياء والوجودات الثانية واما الوجودات الاولية فحيوتها بصورها وماهياتها العاشر الارض اي الجسد الماخوذ منه الروح وبملك الموت الذي وكل به والقالب الكثيف الملون بالوان الطواويس الحادي عشر الماء المقطر ثانيا مثلثا مربعا اي مسبعا المنحل فيه نصف اليبوسة بنات البطارق وهي تسعة او عشرة والمجموع تسعة عشرة وهو مجموع حروف بسم الله الرحمن الرحيم الثاني عشر الماء ذو الوجهين زحل ومريخ كوكبا امير المؤمنين عليه السلام وهو يجري في الوجهين وهو ام موسى التي اوحى الله تعالى اليها ان ارضعيه فاذا خفت عليه من فرعون الثفل وجنوده وهو الكثافة وعدم النزاهة والنظافة فالقيه في اليم وهو المعروف عندهم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين فوفي الله سبحانه بوعده انه لا يخلف الميعاد واورثه الارض ومكنه فيها وارى فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يعملون وانزل عليه التورية التي فيها نور وهدي يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام فافهم وكن به ضنينا الثالث عشر الطيار والفرار والاسرب والزاج والفتاة الغربية والريح مادة البلغم وريح الصبا اشبه الاشياء بالثلج فافهم الرابع عشر الديك من الطيور الاربعة التي امر الله ابراهيم ان ياخذهن لما اراد من الله ان يريه احياء الموتى الخامس عشر الذهب من المعادن على الاصح الاظهر وكون الشمس مربية له لا ينافي ذلك فان الرطوبة من المكان فافهم السادس عشر الصفرة من الالوان والاعراض السابع عشر البا والواو والياء والنون والسين والتاء والضاد من الحروف اللفظية الثامن عشر البديع والحي والباعث والمبين من الاسماء الحسنى وهو الحروف الملفوظة لبسم الله الرحمن الرحيم واذا اردت ان تعد يمكنك اكثر من هذا الا ان غيرها يدخل معها في الحكم وهو الجزئيات التي يتفرع على هذا الحكم الكلي فافهم وفقك الله وايانا
ومنها هو الرزق لكل شيء لان الله سبحانه خلق الخلق واحياهم ولا بد في الحكمة ان يرزقهم وهو ما به يتقوم الشيء وهو وجوده وباب فيض الله وجوده وهنا يثبت امور الاول الفعل الخاص بالشيء على ما فهمت الثاني الدواة الاولى والمداد الاول والنفس الرحماني الثانوي وهو الوجود ومبدأ الخير والجود وهو جهة الشيء من ربه الكريم الودود الثالث هو النور المشرق عن صبح الازل اللايح على هياكل التوحيد اثاره وهو الركن الايمن الاعلى من العرش وهو القلم والمداد الثاني والدواة الثانية والنفس الرحماني الثالث وعرش الرحماني ومحل استواء السبحان وهو النقطة في بسم الله الرحمن الرحيم الرابع ميكائيل صاحب ارزاق الخلايق وسايقها الى ذويها قال تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين وتحته من الجنود تسعون جندا من الملائكة كلها قائمة بامره صادرة عن حكمه وهو الحاكم عليهم باذن الله تبارك وتعالى وتقدس الخامس فلك الجوز من القمر وفيه ينبوع الرزق فافهم السادس كرة الماء قال تعالى ومن الماء كل شيء حي والحيوة اعم مع ان الماء هو الاسم المحي لا الحي فافهم السابع ريح الصبا التي نصر بها رسول الله (صع) والصبا ملك تحت جنود ميكائيل الثامن دم الحيض فانه غذاء للطفل في بطن الام الى ان يخرج منها الى الدنيا وهو رزقه فيها العاشر الارزاق الثانية للوجودات الثانية وهو الماكل والمشارب التي مكون تحت فلك القمر المركب من الطامع الاربع الحادي عشر الجيم والزاي والكاف والسين والتاء والثاء والطاء من الحروف وطبعها يوافق ما ذكر من الامور المتقدمة وهو بارد رطب وهو الحروف المائية الثاني عشر الباعث والمعني والمبين في الاسماء الحسنى وميكائيل يفعل بهذه الاسامي الشريفة ويسوق الرزق الى مستحقه الثالث عشر الحمامة من الطيور الاربعة امر الله تعالى ابراهيم الخليل لاثبات معنى الخلقة وتصديق وعده الذي وعد من احياء الموتى بقوله ان لي خليلا لو سئلني احياء الموتى لاجبته وبيان انها له الرابع عشر الفضة من المعادن وهي تتكون بنظر فلك القمر وتدبيره ينفخ عليه بريح الصبا الخامس عشر البياض من الالوان والاعراض وغيرها من الامور التي بذكرها يطول الكلام ولو كان لك بصر حديد تدبر في العالم وترى ما فيه من الامور المتعلقة بالرزق بصرك الله وايانا لملاحظة ما كتب في الافاق والانفس من الايات العجيبات سبحانه وتعالى عما يشركون
ومنها الممات لكل شيء قال الله تعالى هو الذي خلق الموت والحيوة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو في الدنيا والآخرة اما في الدنيا فعلى انحاء منها موت جسمه وهو على قسمين احدهما الجسم النامي النباتي كما للاشجار والنباتات والحيوانات وهو عبارة عن نزح النامية النباتية عنه وهو اذا تخللت الالات الجسمانية وهذا التخلل انما يحصل اذا قطع منها الماء الذي به حيوة الاشياء من الجسمانيات او قطع عنه الحرارة الباعثة للتعفين والنضج والطبخ اي نظر الشمس والقمر ولهذا اذ انكسفت الشمس او انخسف القمر امر الشارع عليه السلام ان يصلي الناس للكسوف والخسوف لانه حبس الحرارة عن العالم في وقت الاحتياج اليها وكذ البرودة كك وفي هذا فساد الكلي في العالم السفلي فامر الشارع عليه السلام بالصلوة لان يجبر بها هذا الكسر العظيم فان الاعمال اقوى للامدادات من الشمس والقمر ولهذا اذا واظب الشخص بالاعمال الصالحة بقوى جسمه اي بنية ويطول عمره وللكلام هنا مجال واسع ينبغي الاعراض عنه هذا هو موت الاجسام النباتية فصح ان الموت طبعه بارد يابس فافهم وثانيهما موت الاجسام الحيوانية كما للحيوانات بالمعنى الاعم وهو عبارة عن مفارقة الروح الحيوانية عنها وهي تفارق اذا تخللت الالات الجسمانية وهي انما تتخلل اذا تخلل الدم الاصفر الذي في تجاويف القلب الذي هو محل الروح الحيوانية الفلكية الحساسة وهو انما تخلل اذا فارقت الروح النامية وهي انما تفارق اذا تخللت الالات الجسمانية وهي تفارق اذا قطع عنها مددها فصح بالبرهان ان الموت بارد يابس فافهم ومنها موت نفسه وهو على قسمين احدهما الجهل وذلك لانه عدم العلم وهو على قسمين بسيط وهو الذي يقابل العلم وهو الصورة الحاصلة من الشيء في النفس او عندها ولا شك ان حيوتها بها فلو محيت الصورة وزالت لماتت بموت الصورة لان النفس هي عين تلك الصورة وهذا الجهل يقابل العلم تقابل عدم الملكة ومركب وهو الذي يقابله تقابل تضاد وهو عدم العلم بعدم العلم وهذا هو الموت الاكبر والهلاك الاعظم في هذا العالم ق والشك وهو يقابل العلم الثابت الجازم المطابق للواقع في اعتقاد الشخص والوهم وهو يقابل الراجح اي طرف المرجوح والسفطة وهي المعلومة المعروفة المذكورة في كتب القوم ولا يحتاج الى بيان هنا لان الكتب مشحونة بذلك وانت اذا تاملت في محاوراتهم لا تجد سواها وكل ذلك موت لان حيوة النفس بضدها ومن الموت التقليد لان طبعه طبعه لان العرفاء والمكلمين يشيرون اليه بالليل وبالظلمة كما في القرآن والاحاديث والظلمة معلومة ان لونها السواد وحصل الاتفاق لاهل هذا الفن ان البارد اليابس لونه السواد وايضا ان الظلمة هي ضد النور الذي هو الرحمة وطبعها حار رطب فطبعها بارد يابس وهو طبع الموت فافهم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وثانيهما الموت الاعظم والهلاك الاكبر وهو اذا كانت النفس امارة بالسوء واليها الاشارة بقوله تعالى الهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر وقال تعالى اموات غير احياء وما يشعرون ايان يبعثون والوجوه كثيرة احدها ان الماهية هي الناظرة الى نفسها وتعبد الشمس من دون الله والنفس الامارة وزبرها ووجهها وجهتها راسها منكوس الى الثرى فاذا سخرت اليه وما مكنت سلطان الوجود والعقل وغلبت على جنوده اخرجت الملائكة وبقى الشخص بجميعه مظلما والظلمة هي الموت كما ان النور هي الحيوة قال تعالى افمن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات اي الشهوات الجسمانية والمستلذات الطبعانية قال تعالى لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الخاسرون
مسلط آنگهي گردد ترا تخت سليماني
كه خاتم را ز دست ديو نفس خويش بستاني
وهذا الحكم يجري ايضا في النفس اللوامة والملهمة الا ان فيهما من الحيوة بقدر سم الابرة بل اقل كما في الجمادات واما النفس المطمئنة فهي اول الحيوة واول نورانيتها فح لونها ازرق شديد الزرقة وهي التي بدؤها من الله ونفخت فيه من روحي ولا اعلم ما في نفسك وعودها اليه يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك وهي الكلب المعلمة الذي يحل اكل ما يمسك عليك قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلموهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله ان الله سريع الحساب وهي الشركة التي آمنت فيحل نكاحها ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن وهي بلقيس التي اسلمت مع سليمن العقل لله رب العالمين وقالت رب اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمن لله رب العالمين وهي الارض المقدسة التي كان يامر موسى العقل والوجود الانوار الربانية ان تدخلوا فيها يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون فارسل اليها رجلين يوشع بن نون وزير موسى وهو روح المتعلق بفلك المشتري او زحل وكالب بن يوحنا وهو روح المتعلق بفلك زحل او المشتري فطهرا تلك الارض قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموهم فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين فتدخل عليها اي على تلك الارض المقدسة هي النفس المطمئنة الانوار التشعشعة من فلك الكرسي وفلك البروج وفلك المنازل وفلك الاطلس على ترتيب وتفصيل لا يناسب في المقام ذكرها وهو الابيض الغربي اذا سقيتها به فلما تراكمت عليها الانوار وكثرت مزاوجتها ومجامعتها مع الابيض الغربي اقلها ثلث مرات فتصير راضية بقضاء الله وقدره غير معترضة على الله تعالى في حال من الاحوال دار من الامور فاذا كانت كك فيرضى الله سبحانه عنها فتكون مرضية فح لونها زبرجد ياكلون السماء بل يميل الى البياض كمال الميل الان فيه شيء من السواد وهو الحجاب الذي يتلألأ بخفق ولا اعلم الا وقد قال انه زبرجد فاذا بلغت الى هذه المرتبة تصلح لدخول جنة الخواص المضافة الى الله سبحانه يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي وهل من الذي قال تعالى للشيطان ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وفي هذا المقام يتم السقيات الثلث وخرجت ثلث رهط من التسعة المفسدة في الارض تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون فلما طهرت الارض من هذه الثلثة ولاول خرج بالسقي الاول في النفس المطمئنة والثاني خرج بالسقي الثاني في النفس الراضية والثالث خرج بالسقي الثالث في النفس المرضية فتم ايضا الدورات الثلث دورة القابليات الدورة المعدنية والدورة النباتية والدورة الانسانية وبقيت الستة المفسدة والتساقي الستة والدورة الرابعة فاذا خرجت الستة بالتساقي الستة ودارت الرابعة دورة تامة تمت الكرة فدارت بالوضع على الاستقامة على جهة بدئها وهو التوالي وهناك تكون النفس كاملة وفي هذا المقام كمال الحياة للنفس وقد ذبح موتها بصورة كبش املح فلا تموت انشاء الله تعالى وح تشابه السبع الشداد خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان اكها ( زكيها ظ ) بالعلم والعلم والعمل فقد شابهت جواهر اوايل عليها ( عللها ظ ) واذا فارقت الاضداد اي تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون فقد شارك بها السبع الشداد يؤثر في العالم السفلي كتاثيرها وهي الحياة الابدية الباقية الدائمة وهي الجبال العشرة التي جعل ابراهيم على كل جبل جزء من الحمامة وجزء من الديك وجزء من الطاووس وجزء من الغراب فدعهن فاتينه سبعا فعلم ان الله على كل شيء قدير وهذا كيفية موت النفس وحياتها ذكرتها بالاجمال واما الموت الاول فقد عرفته فاعلم ان حيوتها اذا سلب ضده مثلا اذا ذهب الجهل يحيي العلم واذا ذهب الشك يجيء اليقين واذا ذهب الوهم يجيء الظن والقطع واذا ذهبت السفطة ( السفسطة ظ ) يجيء الانصاف واذا ذهب التقليد يجيء الاجتهاد وفي كل ذلك حيات النفس فافهم واشرب عذبا صافيا هناك الله انشاء الله تعالى ومنها موت عقله وهو (ظ) قسمين لان العقل عقلان قال الامام امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب روحي فداه وصلوات الله على محمد وعليه وزوجته وبنيه الطيبين الطاهرين :
رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع
فلا ينفع مسموع اذا لم يك مطبوع
كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع
والعقل المسموع هو الذي يسمونه بالاكتسابي وهو ما يحصل باعتبار الكسب على اختلاف مراتبه والمطبوع اختلف العلماء فيه لكن الكلام الجامع هو ان نقول انه هو التميز الذي يصير صاحبه مكلفا ومثابا ومعاقبا وبه يعرف الحسن والقبح ويتميز بينهما والجيد والردي وامثال ذلك وهذا التعريف هو التعريف الجامع لكل ما قالوا وانت اذا اردت الاطلاع على الاقوال فانظر في رسالة سيدي وسندي وفي كل الامور معتمدي استادي ومن به في كل حق استنادي التي كتبها في حقيقة العقل ومعرفة الحلول والاتحاد واستخراج كل ذلك من قوله تعالى الم والعقل المسموع هو ظهور العقل المطبوع بعد ما كان مخفيا وشهوده وبروزه بعد ما كان بالقوة لان الشيء لا يعرف ما لم يكن فيه فافهم ومراتب العقل المطبوع متفاوتة مرتبة اولها العقل الهيولاني وثانيها العقل بالملكة وثالثها العقل بالمستفاد وهذه الثلثة تجري فيها كلما قلنا في النفوس من الدورات الثلث المعدنية والنباتية والحيوانية ومن التساقي الثلث ومن خروج الثلثة المفسدة ورابعها العقل بالفعل واتمام التساقي الست والدورة الرابعة وخروج التسعة المفسدة وهناك محل القرار ومحل السجدة لله الواحد القهار لانه ملك الشرق والغرب قال امير المؤمنين عليه السلام :
خذ الطيار والطلقا و ( شيئا ظ ) يشبه البرقا
اذا مزجته سحقا ملكت الغرب والشرقا
فافهم فانه من غوامض اسرار اهل البيت مما وصل الى الخواص من اهل الباطن لانه اخت النبوة وعمقه المروة احدهما موت العقل السمعاني وهو يحصل اذا تخللت الاته اي الاكتساب اي كسب كان من الخياطة والصباغة والعلم والمعرفة والكمال وطلب الكمال او بالاعمال الصالحات والرياضات وفعل الواجبات والمندوبات وترك المكروهات والمحرمات والتضرع الى الله سبحانه والبكاء من خشيته في الخلوات ومواظبة الصلوات وامثالها من العبادات او بالاكل مثل اكل اللبن واللبن والعسل واليمو والسمن والقرنفل واه والحلويات والتمر والاشياء الدسومة وامثالها مما يجفف الرطوبات ويقوي القلب والحرارة الغريزية ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله المؤمنون حلويون ويعني بهذا المؤمن ما قال الامام الباقر عليه السلام الناس كلهم بهائم الا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل او بالمعالجات كالحجامة على القفا قال النبي صلى الله عليه وآله لما عرج بي الى السماء ووصلت الى سماء السابعة ما لاقيت ملكا في ذلك السماء الا ووصاني ان آمر امتي بالحجامة على القفا وبيان ذلك ان سماء السابعة هي فلك زحل وهو مدبر في العقول الجزئية ومؤثر فيها والعقول الجزئية في الوجود الثاني انما هي بنظره والملائكة التي فيه هي المدبرات وكلها تحت الملك الكلي الذي هو موكل على تمام الفلك وروحه وكل تلك الملائكة الكلي وجنوده مأمورون من الله سبحانه لاصلاح عقول الناس ولهذا وصوا النبي صلى الله عليه و آله بالحجامة لاخراج الدم وهو رطب لان الرطوبة اذا كثرت يضعف العقل لان العقل الغالب فيه اليبوسة انما وصوا بالحجامة دون الفصد لان بالفصد يخرج الدم من الظاهر والقشر بخلاف الحجامة فان الدم يخرج بها من كل الشخص وجميع عروقه واعصابه وانما قالوا بما على القفا لانهم بصدد اصلاح العقل وهو حملة الدماغ وامثالها من المعالجات او بالاذكار او بغير ذلك من الامور التي بها يزداد العقل وموت هذا العقل يتخلل هذه الالات الجسمانية وثانيهما موت العقل الطبعاني بجميع مراتبه واقسامه من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل بالمستفاد وبيان حقيقة موت كل من هذه المراتب لا يمكن الآن لتعجيل السفر وللتطويل وسيجيء انشاء الله تعالى في مقامه الا اني اقول لك كلاما مجملا اذا عرفته عرفت موت جميع هذه المراتب
فاقول ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ان العقل هو النور الالهي وهو شيء واحد بسيط لا اختلاف فيه ولا تعدد وهو العقل الكلي للشخص الكلي وهو المقصود بالذات في الايجاد وهو الذي خلقه لاجله وقربه اليه وشرفه وكرمه ولكن لما كان كاملا ومنيرا بالذات فيكون له ظهورات وانوار واشعة ورؤس ووجوه يظهر اذا وجدت قابلية الظهور فاذا وجدت يظهر هذا النور العظيم فيها حسب ما هي عليه فاذا لم توجد لم تظهر ابدا كالشمس فانه مهما لم يوجد جسم كثيف لم يظهر نورها فمهما وجد يظهر فيه حسب ما هو عليه لا حسب ما هي عليه فترى في المرآت مثالها وما ترى في غيرها مع ان ظهورها واحد وامرها واحد وما امرنا الا واحدة كلمح البصر فاذا ارتفعت القابلية ارتفع النور ويعود الى اصله هذا مثال العقول الجزئية فانها مثال العقل الكلي وظهوره فيها وهو انما يظهر في الدماغ وهو محله فاذا اختل الدماغ اختل الظهور رأسا او يختل حسب اختلال الدماغ كالمجانين والمرضى والاطفال واذا اعوج الظهور فيكون نكراء وشيطنة كما انك اذا نظرت في المرآة السوداء ترى وجهك اسود وزرقاء ترى وجهك ازرق وحمراء تريه احمر وعوجاء تريه معوجا مع انك انت ما تغيرت عن حالتك الاصلية وما عرض لك نقص من هذه التغييرات والتبدلات هذا مثال العقلي الكلي واختلاف مراتب ظهوراته يكون في قابليته ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان وفي قابلية النكراء والشيطنة واما مثال مراتبه الاربع العقل الهيولاني اه فاعلم ان القابلية كلما كانت اصفى كان ظهور النور فيها اشد فاذا اردت كثرة النور صف القابلية فيزداد حسب صفاء القابلية مثلا الحجرة اذا اشرق عليها الشمس توجد النور فيها وهو مثال العقل بالملكة هذا مثال العقل الهيولاني واذا اذبتها وصفيتها وازلت اوساخها تكون زجاجة كأنها كوكب دري واذا اذبتها وصفيتها وازلت اوساخها تكون بلورا يظهر النور فيه اشد واكثر مما في الزجاجة بحيث يحترق الشيء اذا وضع عليه حين اشراق الشمس عليه وهذا مثال العقل بالمستفاد واذا صفيت البلور وازلت اوساخه يكون الماسا ويظهر النور فيه اشد واكثر مما في الزجاجة والبلور وهذا مثال العقل بالفعل فافهم واجعله قاعدة كلية ينفتح منه الف باب وموت كل مرتبة من المراتب هو فقدان محله المتعلق بها
فاذا عرفت حقيقة الموت وماهيته واقسامه ومراتبه فاعلم انه يثبت في هذا المقام امور كما في الخلق والحيوة والرزق الاول الفعل الخاص المتعلق بالشيء الخاص لانه لما ذكر الموت يذكر الفعل بالكناية لان الموت لا يتحقق الا بفعل من الله سبحانه قال تعالى هو الذي خلق الموت ولا يكون خالقا الا بالخلق فتبا لاقوام يقولون ان الموت امر اعتباري لا يقبل الجعل والايجاد لانه عدم الحيوة وهو فقدان الثاني النور الشرق عن صبح الازل وهو الركن الايسر الاعلى من العرش الذي استوى عليه الرحمن برحمانيته فاعطى كل ذي حق حقه وساق الى كل مخلوق رزقه النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة اللوح الاخضر الذي عزرائيل ينظر فيه وفيه اسماء جميع الموجودات فاذا محى اسم شخص من ذلك اللوح يقبض روحه الشجرة التي تحتها مقام عزرائيل فاذا سقطت ورقة من تلك الشجرة ووقعت على كل اي اسم من اسماء المكتوبة في اللوح يقبض روح صاحبه الثالث عزرائيل الموكل بموت الخلايق قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم في كل عالم بحسبه وتحته تسعون ملكا من الملائكة قائمون بامره ولا يعصون الله ما امروا من اطاعة عزرائيل في كلما يقول ويفعلون ما يؤمرون من قبض الارواح في عالم الاجسام والاشباح بل في الارواح فافهم الرابع ظاهر فلك زحل لان ظاهره العذاب وهو ريش الغراب فاذا ازلته فاعلم انه هو العقاب فباطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ولذا كان نجم امير المؤمنين على اخيه وعليه وابنائه صلوات المصلين الخامس كرة التراب لانها مظهر اسم الله المميت وفيها نعيدكم السادس ريح الشمال وطبعه طبع الموت لانه بارد يابس السابع التربة التي يقبضها الملك باذن الله تبارك وتعالى ويمزجها مع نطفة الرجل ونطفة المرأة لكونهما متضادتين لان نطفة الرجل حارة يابسة ونطفة المرأة باردة رطبة والتراب بارد يابس فتناسب نطفة الرجل بيبوسته وتناسب نطفة المرأة ببرودته فيصح الامتزاج وهذا يسمونها بالقاضي ويقولون في رموزهم فجاء القاضي واشار اليهما بالتراخي وامثال ذلك الثامن الاموات الثانوية الجسمانية الحاصلة من نزع الروح النامية النباتية والروح الفلكية الحساسة الحيوانية التاسع الاموات الاولية الروحانية وهو على انحاء منها موت الوجود وهو اذا غلبت عليه الماهية فلما غلبت عليه وارادت قتله امر الله الملك باسم الله القابض ان ينزع الوجود الا بقدر الامساك منها موت الماهية وهو اذا غلب عليها الوجود وقتلها ولا يبقى لها اثرا وانما قلنا في الوجود انه يقتل الماهية وقلنا في الماهية انها لا تقتل الوجود لان الوجود هو النور وهو الشيء الثابت الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء والماهية هي الظلمة وهي العدم الشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الارض ما لها قرار والنور اذا كثر واستولى يضمحل الظلمة ويزيلها وهو معنى قتلها واما الظلمة اذا تراكمت وكثرت لا تزيل النور ولا تضمحله لانها ظلمة وقوام وجودها به وما رأى احد تسلط الظل على الشاخص نعم اذا جاءت الظلمة في موضع يذهب النور في موضع اخر لبطلان اجتماع النور والظل اي الظلمة في صقع واحد كما لا يخفى منها موت العقل والنفس والطبيعة على ماديت بمراتبها واقسامها منها موت المادة وهي تموت اذا ماتت الصورة وكذا الصورة تموت اذا ماتت الهيولاء وكلاهما تموتان اذا حصل المفارقة بينهما ولا موت اعظم من موت الفراق
يقولون ان الموت صعب وانما مفارقة الاحباب والله اصعب
لعن الله فرق بينهما لعنا وبيلا وعذبهم عذابا اليما ليستغيث منه اهل النار وان كانت المادة الموجودة لا تفارق عن الصورة كك وكذا الصورة لا تفارق عنها كذلك آه آه
وفي النفس لبانات اذا ضاق لها صدري
نكتت الارض بالكف وابديت لها سري
فمهما تنبت الارض فذاك النبت من بذري
العاشر الاموات الاخروية ويدخل فيها احكام البرزخية اعلم ان الجسد جسدان جسد عنصري وهو الذي عرفت حكمه وجسد عنصري لكن لا من عناصر الدنيا بل من عناصر البرزخ وهو عالم هورقليا الغائبة في ليب هذه العناصر وغيبها وكانت جنة ادم من ذلك العالم وهذا الجسد اذا مات الانسان يبقى في القبر مستديرا اي متكسرا وانما كسره يصوغه صيغة لا يحتمل الكسر وانما الانسان خلق للبقاء لا للفناء وهذا الكسر هو ازالة اوساخه واذهاب كثافاته لانه لما تنزل الى هذا العالم اي الدنيا باذن الله تعالى تكثف لاجل ظهوره فيها ولمناسبة بها ليقنع فيها وليكون عالما بما لم يعلم وبصيرا بما لم يبصر قال ابن سينا في قصيدة له :
هبطت اليك من المحل الارفع ورقاء ذات تعزز وتمنع
الى ان قال :
ان كان اهبطه الاله لحكمة طويت على الفطن اللبيب الالمعي
لتكون عالمة بما لم يعلم وتكون سامعة بما لم يسمع
ولما اراد الله سبحانه ان يرجعه الى عالمه ويعيده الى مركزه كسره في الطين لتطهيره واذهاب اوساخه لطفا لله سبحانه عليه انه لطيف بالعباد رحيم عليهم في يوم المعاد وكان بالمؤمنين رحيما وقاله الذهب المغشوش اذا اردت تصفيته وتزكيته تذيبه في الالة وتميته حتى يذهب جميع اوساخه وجميع ما ليس منه ويحصل لك هذا اذا وضعته في التراب ومضت عليه الدهور والازمنة والاعوام يصفى صفاء ما يوجد مثله وهذا معنى موت الجسد الاصلي الطينة التي خلق منها الشيء وليس كموت الجسد العنصري الظاهري القشري لانه وسخ يذهب ويعود كل جزء الى كله واما هذا الجسد الاصلي فيبقى في القبر مستديرا ويصفو الى نفخ الصور فاذا نفخ في الصور نفخة الصعق تعلقت الارواح بهذه الاجساد فتحشر في القيمة واما جسمه المثالي البرزخي فله حكمين لان الناس على ثلثة اقسام المؤمن العارف والكافر العارف والمؤمن الجاهل والكافر الجاهل فالاولان يدخلان مع قواليبهم المثالية في جنة البرزخ وهو جنة هورقليا التي في طرف المغرب ونار البرزخ البرهوت التي في طرف المشرق واما الجاهلون فهم في قبورهم لا يخرجون فان كانوا اقروا بالولاية الظاهرة يخد له خدا يصل اليه الروح في قبره وبالعكس بالعكس فاذا جاء يوم القيمة يحشرون ويسئلون اما الى الجنة او الى النار واما هذا الخد فلجزاء اعمالهم الصورية الظاهرية ان الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر وهم الشيعة وانثى وهم الاعداء انيدعون من دونه الا اناثا وانيدعون الا شيطانا مريدا لعنه الله والكلام في هذا المقام طويل الذيل والامساك احسن فالارواح في قوالبهم المثالية ساهرة لا تنام تنعمون او تعذبون الى ان تنفخ اسرافيل في الصور نفخة الجذب فينابون يعني يموتون يعني يذهب شعورهم واحساسهم وادراكهم ماتتفكك الاجزاء والارتباطات وهذا كسر ثاني اي موت ثاني وانما كان هذا الكسر لاخراج جسم الاخرة وهذا كما عرفت في جسد الآخرة حرفا بحرف فاذا ذهبت الاوساخ وزالت الكثافات وطهرت الاراضي المقدسة امر الله ميكائيل ان ينزل المطر من بحر الصاد وهو بحر تحت العرش وفيه رايحة المني فانزل ميكائيل ذلك الماء بجنوده التسعين وذلك الماء من ذلك البحر الى الارض ثم امر جبرئيل ان يجمع الاجزاء المتناسبة المؤتلفة الختلفة المتفرقة ثم ينفخ عليه بريح الدبور الى ان يقر الاجزاء جسدا تاما مثل الاول بعد الطبخ والتعفنات الكثيرة اوليس الذي خلق السموات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون ولما تمت الاجساد كل في قبره ومكانه ومرتبته امر الله سبحانه اسرافيل بنفخ الصور فاذا نفخ في الصور فاذا هم قيام ينظرون فالارواح يرتبط بعضها ببعض ويحصل لهم بالشعور والادراك والتميز اكثر واعلى واشد من الاول بسبعين مرتبة فتعلق باجسادهم واجسامهم فيحشر في القيمة للحساب وهذا هو الصوغ الثاني وهذا صوغ لا يحتمل الكسر ابدا الحمد لله رب العالمين فيدخل اهل الجنة الجنة بفضله وكرمه واهل النار النار بعدله ورحمته الواسعة التي هي مقتضى عمله اي الشخص فينادون يا اهل الجنة لكم الخلود ابدا ويا اهل النار لكم الخلود ابدا فانقطع الموت فلا موت ولا كسر الا الموت الاعظم والهلاك الاكبر استجير بالله منه اللهم ان ادخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك وان ادخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك (ص) وانا والله اعلم ان سرور نبيك احب اليك من سرور عدوك فاغثنا واجرنا يا مجير هذا مجمل الكلام في تفاصيل مراتب الموت في الدنيا والآخرة ولقد اختصرت العبارة واقتصرت على الاشارة لان المزكي يدرك بنظر واحد ما لا يدرك البليد بالف شاهد الحادي عشر الاسم المميت والباطن الثاني عشر الاراضي كلها من حيث الارضية كالثقل الحاصل من يقطر الشجرة الطورية ثم من تصفية المقطر ثم من يقطر المقطر الى ان انحلت نصف اليبوسة وكل ذلك ارض ينزع منها الروح ثم يعيد اليها ورجع منها فتموت فيها ثم تحيي وهكذا الى اخر العمل منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخري وهي مظهر اسم الله المميت الثالث عشر القاضي وهي الله نفخة وهي التي يموت والملك بين نطفة الرجل وهو الاحمر الشرقي ونطفة المراة وهي الابيض الغربي الرابع عشر الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى ان فيها قوما خاسرين وانا لن ندخلها ابدا ما داموا فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموهم فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين فافهم الخامس عشر الغراب من الطيور الاربعة التي امر الله ابراهيم باخذهن لكن اذا ازلت ريشها فقد فزت فوزا عظيما بالله عليك لا تنسى الفقراء والمساكين واحسن اليهم كما احسن الله اليك ولا تتبع الفساد في الارض انه لا يحب المفسدين السادس عشر السود من الالوان لاتفاق اهل الفن بان كل اسود لا بد ان يكون باردا يابسا وهو طبع الموت السابع عشر السرب من المعادن الثامن عشر المرة السوداء في الانسان بالجزئي
وهذه هي الامور المتعلقة بالموت يعني كلياتها واما جزئياتها فلا تنحصر تحت علمنا ولا تنضبط في عدنا وانما يحصرها محصيها اي خالقها وهذه الكليات هي مجموع بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
واذا عرفت هذا القدر من الكلام فاعلم ان كل ذلك من النعم التي انعم الله تعالى بها العباد بولاية آل محمد صلوات الله عليهم وقد قال الله تعالى في مقام الامتنان على خلقه بالنعم والاحسان هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يحييكم وهذه المراتب الاربعة هي تمام الوجود وهي مجموعها الاسم الاكبر الاعظم الاجل وكل مرتبة منها ركن من اركانه كما سيجيء انشاء الله تعالى في الموقف الثاني من الموقف الثاني من مواقف المنزل الاول من منازل الاسفار الاربعة في تاويل بسم الله الرحمن الرحيم والعباد المنعم عليهم على قسمين عام وخاص :
اما العام وهو ان تريد بالعبد كل جزء من اجزاء العالم وكل فرد من افراده اذ في كل ذرة من ذرات الوجود تمام ما في الكل فكلما في الكل فاعلم انه في الجزء بالتفصيل الذي فيه اذا لم تلاحظ الجزئية قال الشاعر ونعما قال :
كل شيء فيه معنى كل شيء فتفطن واصرف الذهن الي
كثرة لا تتناهى عددا قد طوتها وحدة الواحد طي
فكل فرد من افراد العالم وجزء من اجزاءه عبد خالص لله تعالى العبادة ومقر له بالوحدانية والالوهية ومعترف لنبيه صلى الله عليه وآله بالرسالة والنبوة ولامير المؤمنين بالولاية والامامة وهي المأخوذة لهم في يوم الميثاق حين سئلهم لما سئلوه ان سئلهم الست بربكم ومحمد نبيكم وامير المؤمنين امامكم فاجابوا وقالوا بلى انت ربنا ومحمد نبينا وعليّ ولينا منهم من قال وصدق بلسان الحال ومنهم من قال وصدق بلسان القال ومنهم من صدق بلسان الحال والمقال اولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة واجر عظيم واعد الله لهم جنات جنة الوجود وجنة العقل وجنة النفس وجنان الخمس الحواس الظاهرة والباطنة وجنة الجسم ولكل هذه المراتب نار وباب من الجحيم الا جنة الوجود وجنة العقل اذ لهما باب من الحميم ولا يعودون الى ما تلك البلدة اليها ولذا كانت ابواب الجنان ثمانية وابواب النيران سبعة تجري من تحتها الانهار اي انحاء العلوم والمعارف والكمالات العقلانية والنفسانية والبرزخية والجسمية في العوالم الثلثة يحلون فيها اساور من ذهب اي يفاض عليهم من العلوم اعظمها واشرفها واكرمها واقدمها واعلاها واقواها علم المحبة وعلم السكر والمودة الذي قال الامام الصادق على جده وابائه وعليه وابنائه السلام في مصباح الشريعة اذ راح ريح المحبة في الفؤاد استأنس في ظلال المحبوب وهذا الاستيناس بينه الامام عليه السلام بقوله لو كشف سبحات الجلال من غير اشارة ومحو الموهوم وصحو المعلوم الحديث وهذا ان قلنا بان الذهب حار يابس كما هو مذهب جماعة من اهل الصناعة من وصل الى مقام المحبة وبلغ الى محل المودة يحسن بحرارتها ويبوستها واحراقها واحراق القلب بها سيما اذا حصل الفراق اي بلغ مقام الشوق وهي ح اشد من نار الجحيم واقوي من العذاب الاليم قال امير المؤمنين عليه السلام اني صبرت على عذابك فكيف اصبر على فراقك اني صبرت على حر نارك فكيف اصبر عن النظر الى كرامتك الدعاء لكن المحبوبين ينكرون هذا المقام نعم من لم يذق لم يدر او المعرفة (كذا) ان قلنا بان الذهب حار رطب طبع الحيوة والروح كما هو الحق عندنا واما كون الشمس مربية له لا ينافي ذلك لان الرطوبة ليست منها بل من المكان الذي يتكون فيه بتربيتها اياه ولا ريب ان بالمعرفة حيات القلوب وبعدمها تموت والجاهل هو الميت المقبور في قبر طبيعته قال تعالى او من كان ميتا اي جاهلا عاريا عن الكمالات وخاليا عن المعارف والدلالات فاحييناه بافاضة العلوم والمعارف والكمالات عليه وجعلنا له نورا اي علما ومعرفة او جميع العلوم والكمالات اللايقة لرتبته ومقامه ان قلنا ان الذهب معتدل كمال الاعتدال كما هو رأي بعض من الحكماء الالهيين ولذا يشيرون به الى النبي صلى الله عليه وآله لكمال اعتدال طبيعته واستقامة سريرته قال امير المؤمنين عليه السلام خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكيها بالعلم والعمل فقد شابهت اوايل جواهر عللها واذا فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد فافهم ان كنت من اهل الفؤاد
وفضة اي علم الطريقة والشريعة باقسامها ومراتبها من الاوبار والاصواف والاشعار اما الاول فظاهر لكونها الحمامة الطائرة في هواء ميكائيل المستمد من جواهر فلك القمر واما الثاني فلكونها هي الصورة ومبدء الشئون (ظ) التمايزة لانها الولاية والرحمة والصور انما خلقت من فاضلها وظلها وهي الخلق الاخر الذي انشأه الله تعالى بعد اكتساء اللحم وهي النفس باقسامها من النامية النباتية والحيوانية الحساسة الفلكية والناطقة القدسية والملكوتية الالهية في كل عالم من العوالم الثلثة اي الكبير والوسيط والصغير ومعارج عليها يظهرون في مراتب صعودهم الى الله سبحانه بعد ما نزلوا في هذه المراتب من غير الظهور والبروز وقد اشار الى هذه المراتب التي سميناها معارج الخزائن في مراتب النزول وقال سبحانه وتعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم واذا اراد الشيء بعد نزوله من هذه المراتب الصعود اليها ليتصل الاول بالآخر فيصير الآخر عين الاول يسمى بالمعارج وهي ثمانية معارج :
المعراج الاول في الجسم وله ملاحظتان الاولى ملاحظة معراجيته بحصول الادراكات الجسمانية الحواس الخمس الظاهرة من السمع والبصر والشم والذوق واللمس لانه في هذه الحالة معراج للشيء بالنسبة بحالة كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم يكسى لحما هذا معراج يظهر عليه في مراتب الصعود في التكوينات الثانية ملاحظة معراجيته حين صعوده الى الله تعالى بعد نزوله وصعوده ونزوله وهذا للسالكين الذاهبين الى ربهم وهذا معراج يظهر عليه بعد كشف حجاب الاسود شديد السواد كالليل الدامس وهو حجاب الاعراض من الصور والالوان وامثال ذلك لان الشيء اذا كشف له حجاب الاعراض يصل الى الجسم وهو الحجاب الاسود وكونه معراجا بالنسبة الى ما تحته والا فهو في اسفل المراتب وادنى المقامات فافهم فهمك الله وايانا من مكنون العلم ومخزون السر بالنبي وآله الطاهرين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم وظالميهم وغاصبي حقوقهم اجمعين الى يوم الدين ابد الآبدين دهر الداهرين
المعراج الثاني معراج المثال ومقام الخيال وجنة جنة هورقليا وناره برهوت وهو الاقليم الثامن وسمائه مقعر فلك القمر الدهري وارضه محدب وعرش الزماني وهو الططنج بين الططنجين والبرزخ بين العالمين وهو الخزينة السادسة بملاحظة والسابعة بملاحظة اخري والمعراج الثاني وله ايضا ملاحظتان الاولى ملاحظة معراجيته بحصول الادراكات البرزخية اي ادراك الحس المشترك فانه في هذه الحالة معراج بالنسبة الى حالته الاولية الجسمانية هذا في التكوينات واول امتثال قوله تعالى اقبل الثانية ملاحظة معراجيته حين صعوده الى الله سبحانه وثاني امتثال قوله تعالى اقبل بعد نزوله وصعوده ونزوله وهو انما يحصل بعد كشف حجاب الجسم الحجاب الاسود الغليظ الظلماني مظهر اسم الله المميت وفي هذا المقام ينكشف للسالك المسافر الذاهب الى الله سبحانه هذا العالم واحواله واطواره فيشاهد الاجنة والملائكة المتعلقة بهذا العالم ويري الاشباح ويسمع صرير الافلاك وان كان بعض هذه الامور ينكشف في المعراج الاول الا ان هنا اكمل واتم وهذا المقام اول خوف الخائفين ومبدء علم العلماء العاملين قال الله انما يخشى الله من عباده العلماء واحوال هذا المقام واهله لا يمكن ان يكتب يحتاج الى المشاهدة والمشافهة ان وفقت للطلب فطوبي لك فتجد قال عليه السلام من طلب وجد وجد والا فاطلب العارف واسئله حقيقة الامر لتعرف منه الرسم لان وصفه له حق وحد وحقيقة ووصفه لك رسم ومجاز فهمك الله وايانا من مكنون العلم بالنبي وآله الطاهرين
المعراج الثالث معراج المادة وقد سميناه في بعض رسائلنا بلجة الهباء ولها ايضا ملاحظتان كالاول والثاني الاولى ملاحظة معراجيته باعتبار الصعود التكويني واول امتثاله لقوله تعالى اقبل بعد ما قال له ادبر وهذا وان كان تشريعيا الا انا تبعنا القوم في اصطلاحاتهم والثانية ملاحظة معراجيته حين صعوده الى الله سبحانه بعد نزوله وصعوده وهو ثاني امتثاله بقوله تعالى اقبل وهذا انما يحصل بعد كشف حجاب المثال الحجاب الاخضر المايل الى السواد وهذا الحجاب هو الحجاب الكمد زبرجدي اللون في هذا المقام للسالكين المتحركين كشوق لا يناسب ذكرها في هذا المقام من وصل عرف لا تتوهم انه لا يمكن بيان مراتب كشوف العارفين في هذا المقام وغيره من المقامات كما هو زعم بعض العلماء لان الله سبحانه ما ابهم الامر وما اخفى شيئا مما توجد على عباده بل خلق كل شيء شروح العلل بين الاسباب يعرفه اهله قال تعالى ويضرب الله الامثال للناس وما يعقلها الا العالمون وكأين من اية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون والفقير ما ذكرت لاغتشاش الحال واختلال الاحوال وكوننا في السفر الذي هو قطعة من سقر ولان بالبيان يطول الكلام ولا يقتضيه المقام ولانه به يرتاب الجاهلون ويسلك سبيل الانكار الملحدون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
المعراج الرابع معراج الطبيعة النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة وهو حجاب الياقوت وهو التابوت الذي فيه سكينة من ربه وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة ولها ايضا لحاظان مثل ما تقدم
المعراج الخامس معراج النفس وهنا مرتبتان المرتبة الاولى ما به الحيوة في كل عالم بحسبه المرتبة الثانية ما هو اخت العقل وللاولى مراتب اربع المرتبة الاولى النفس الناسية النباتية التي اصلها العناصر وموادها من لطايف الاغذية وفعلها النمو والدبول وهذا اول معراج من معارج هذه المرتبة واخر خزائنه من خزائنها والثانية النفس الفلكية الحساسة التي اصلها من عناصر ارواح الافلاك ومقرها الكبد وفعلها التحرك بالارادة وما يناسب هذه المرتبة وهذا ثاني معراج من معارج هذه المرتبة وثالث خزائنه من خزائنها والثالثة النفس الناطقة القدسية التي اصلها العلوم الحقيقية ومقرها التأييدات العقلية وفعلها المعارف الالهية وسبب فراقها تخلل آلات الجسمانية وهذا ثالث معراج من معارجها وثاني خزائنه من خزانها والرابعة النفس الملكوتية الالهية التي اصلها العقل منه دعت واليه دلت واشارت واليه تعود اذا كملت وشابهت وهي ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى من عرفها لم يشق ابدا ومن جهلها ضل وغوى وهذا رابع معراج من معارجها واول خزانة من خزائنها وليس بعد هذا المعراج معراج للنفس لا تعرج الى هذه المرتبة الا الروح التي هي من امر الله قال تعالى يسئلونك عن الروح قل الروح من امر ربي وقال تعالى تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة فاصبر صبرا جميلا انهم يرونه بعيدا ونريه قريبا ولا يصل الى هذه المعراج احد الملك المقرب والنبي المرسل الا الذي قال قل الروح من امر ربي وفي المرتبة الثالثة يصل اليها الانسان فقط وفي الثانية يصل اليها الحيوان البهائم فقط وفي المرتبة الاولى يصل اليها النبات فقط واما الجامع (ع) فله كل المراتب ويظهر على كل هذه المعارج لان العالي لا يفقد ما عند السافل لان معطي الشيء ليس فاقدا له لا في ذاته بل في ملكه ولذا نقول ان الحيوانية في الامام اربع حصص احديها ذاتية والباقي عرضية وفي الانسان ثلث خصص منها احديها ذاتية والباقي عرضية وفي الحيوان حصتان منها احديها ذاتية والاخرى عرضية ولكل من هذه المراتب مراتب ومقامات
ولكل رأيت منهم مقاما شرحه في الكلام مما يطول
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وفي كل هذه المقامات والمعارج تجري الملاحظتان المذكورتان الا ان في هذا المقام تفصيل لا يسعني الآن بيانه وذكره فليطلب في مواضع اخر من هذا الكتاب انشاء الله تعالى لا تظن ان هذه الانفس شيء واحد لكنه له مراتب وانما هي مختلفة متعددة بحسب الحقيقة والواقع حصص وحقايق مختلفة في القرب والبعد اما رأيت كلام امير المؤمنين عليه السلام لما سئله الاعرابي عن النفس قال عليه السلام عن اي الانفس تسئل قال يا سيدي وهل هي الا واحد قال عليه السلام وانما هي اربعة النفس النامية النباتية الى اخر الحديث لكن لما كان الانسان مظهر اسم الله الجامع جمع الله تعالى فله هذه المراتب كلها فله معارج ومدارج على ما فهمت بالاجمال وللمرتبة الثانية التي هي اخت العقل سبعة مراتب وفي هذه المراتب لا يجري الملاحظة الاولى من الملاحظتين على الظاهر بل الجاري هنا الملاحظة الثانية وهي ثاني امتثاله لقوله تعالى اقبل المرتبة الاولى النفس الملمة تلهم بالخير بحسب سنخ ذاتها وتلهم بالشر بحسب الطبع وتغير خلق الله سبحانه الذي فطر الناس عليه وهذا معراج بالنسبة الى النفس الامارة التي لا تامر الا بالشر ولا تختار الا بالباطل ولا تشتهي الا الامور الخبيثة وكلما يخالف الشرع الشريف ولا يصل بشخص الى هذه الرتبة الا بمواظبة الاعمال الصالحات والمسارعة الى الخيرات والمبرات فانها تستنير شيئا فشيئا الى ان بلغت الى هذه المرتبة فاذا لم يف وصعد تبلغ نفسه الى المرتبة الثانية وهي النفس اللوامة تفعل المعصية بحسب التطبع والتغير ثم تلوم الشخص عليها وتوبخه فيها من الذات والحقيقة وهذا ثاني معراج من معارجها المرتبة الثالثة النفس المطمئنة وهي التي اطمئنت في الطاعة ولا تميل الى المعصية ابدا وهي التي تجانب الاصرار وتلازم الاستغفار وهنا مقامات ومراتب لا يحصي عددها الا الله تعالى وهي التي عودها الى الله تعالى وبدءها منه قال تعالى ونفخت فيه من روحي قال ايضا يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك ومراتب هذا المقام كثيرة الا انها تجمعها ثلثة مراتب المرتبة الاولى مرتبة ما رأيت شيئا الا ورأيت الله بعده هذا اول مقامات المطمئنين المؤمنين الممتحنين بنظر واعتبار والمرتبة الثانية مرتبة ما رأيت شيئا الا ورأيت الله معه هذا وسط الامر اي لخواصهم والمرتبة الثالثة مرتبة ما رأيت شيئا الا ورأيت الله قبله وهذا اعلى مقاماتهم واقصى درجاتهم قال الحسين على جده وابيه وامه واخيه وعليه وبنيه وشيعته ومواليه آلاف السلام وروحي فداهم في دعاء يوم عرفة ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك ليكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا تعرفت الى في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء وقال الامام عليه السلام وان كل معبود مما دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل ما خلا وجهك الكريم فانه اعز واجل واكرم من ان يصف الواصفون كنه جلاله وتهتدي القلوب الى كنه عظمته الدعاء قال الامام عليه السلام ان الله اكرم واجل ان يعرف بخلقه وانما الخلق يعرف به وكل هذه المذكورات تلويحات لا يعرفها الا اهل التلويح ان كنت منهم فاسبح في هذه اللجة تخرج منها اللئالي والدرر والا فلا تحم حوله لتغرق في هذه البحر المتلاطم والطمطام المتعاظم المرتبة الرابعة مرتبة النفس الراضية وهي مقام ادنى مقامات العبودية لان النفس لما اطمئنت في الايمان بالله سبحانه ترضى كلما يفعل ولا تعترض عليه في امر من الامور ووجه من الوجوه ويقول يا الهي انت لي كما احب واجعلني كما تحب ووفقني لما تحب المرتبة الخامسة النفس المرضية قال الله تعالى فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وقال تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه قال تعالى نسوا الله فنسيهم وقال عز وجل اشارة الى هاتين المرتبتين يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي المرتبة السادسة النفس الكاملة وهي المشاركة للسبع الشداد وهي التي اطاعت الله فتقول للشئ كن فيكون وهي التي تسمع بالله وتبصر بالله وتعلم بالله وهي التي احبها الله سبحانه وهي التي استنارت بنور العقل بحيث صار لونه كلون السماء وهذا المقام اخر معارجها واقصى مقاماتها ليس وراء عبادان قرية والا انها في تلك المرتبة العالية العلية تسير الى الله سبحانه وترقى بلا غاية ولا نهاية قال تعالى كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية من وصل الى هذا المعراج عرف ما لا يعرفه غيره وعلم ما لا يعلمه سواه الواصلون يعرفه ما اقول والقاصرون ينكرون والسالكون المسافرون يسكتون اللهم بلغنا واياهم الى رضاك اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل صالح يوصلني اليك اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم من الجن والانس من الاولين والاخرين الى يوم الدين امين يا رب العالمين وهذه المعارج كلها معراج النفس ففي كل معراج يظهر له من المعارف والكمالات والعلوم ما لم يظهر في المعراج الاخر كما عرفت مما ذكرنا لك
المعراج السادس معراج الروح عالم الاظلة والرقايق وعالم ورق الاس النور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة وهو الخزينة الثانية من الخزائن في الموجودات المقيدة وهو البرزخية الكبرى في ذلك العالم ومبدء الشئون ومنشأ الصور وفي هذا العالم يأول العارفون هذا البيت بالفارسية :
ترسا بچه بودم همچون بت روحاني كز دير برون آمد سرمست بناداني
اذا كان السالك واقفا في هذا المقام باقيا في تلك الرتبة لان هذا المقام عندهم مقام صعب كثير الاقطار فيه ظلمات ورعد وبرق اللهم بلغنا اليه واجعلنا مصون السر عن النظر اليه ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليه انك على كل شيء قدير كم من عاقل عاقل اعيت مذاهبه وكم من جاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الاوهام حائرة وصير العالم النحرير زنديقا
ولهذا المعراج ايضا ملاحظتان الملاحظة الاوىي في الاقبال الاول والثانية في الاقبال الثاني بعد الادبار الثاني كما ذكرنا مرارا فراجع تفهم
المعراج السابع معراج العقل ولهذا المقام على ما سمعت سابقا مرتبتان المرتبة الاولى العقل الطبعاني وهو باعتبار الملاحظة الاولى في الاقبال الاولي والمرتبة الثانية العقل السمعاني اي الاكتسابي وهو باعتبار الملاحظة الثانية في الاقبال الثانوي ومن ملاحظة العقل الطبعاني مع العقل السمعاني يحصل اربع مراتب التي ذكرنا لك سابقا وسنذكر انشاء الله تعالى لاحقا راجع وانتظر وفقك الله تعالى وكل ذلك معارج للعاقل باعتبار العقل لو كان لي مجال واسع وبال غير محل لاطلت الكلام في هذا المقام لكن للقلب جواذب من كل جانب كل يجذبه اليه قال الشاعر ونعما قال :
كم بجنبي للصبابة واد كل يوم حمامة نواح
فاقتصرت على هذا القدر من الكلام وصلى الله على خير الانام محمد وآله الكرام
المعراج الثامن معراج النور وعالم السرور ومقام المحبة والحبور ومحل اتحاد المحب والمحبة المحبوب كلا ولا محبة ولا محب ولا محبوب وهو مقصد القاصدين ومنتهى امل العارفين واخر وغاية مرام السالكين وهو المنزل الذي ينزل فيه المسافرون ليس بعده منزل اخر وهو المعراج الذي لا معراج فوقه وهو المقام الذي السكوت عنه احسن واولى بل لا ينبغي والسائل عنه جاهل وهو الذي قال عليه السلام من سئل عن التوحيد فهو جاهل ومن اجاب عنه فهو مشرك انا لااتكلم عن هذا المقام في هذا المقام لانا تكلمنا عنه في اول الكلام وسنتكلم عنه انشاء الله تعالى في غير هذا المقام هذا وهذا المقام هو الذي حير الصوفية ووقعوا فيما وقعوا في ضلال مبين ولقد قلت فيما نظمت بالفارسية :
نيست ممكن هيچ سالك را وصول در مقام ذات حق غير از جهول
او چه داند حق چه وخلقش چه استاو چه داند خود كه وواجب كه است
او مجرد كرده خود را از خوديا و رسيده در مقام بيخودي
ليك غافل بود كو خود در كجا اين مقام از حق بود يا خلق راست
چونكه ديده او صفات حق در آنگفت حق اين وگفته بر زبان
من حقم من حق منم معبود تو من وجود مطلقم مسجود تو
من همانم كو تو او را عابديآن خداوندم كه او را ساجدي
الى آخر الابيات اذا عرج العارج بهذا المعراج يقف ويسير بلا غاية ولا نهاية ليس لمحبتي غاية ولا نهاية وكان بينهما حجاب يتلألأ بخفق ولا اعلمه الا وقد قال انه زبرجد يا محمد لقد وطأت موطئا ما وطأه احد قط حتى الملك المقرب والنبي المرسل قف ان ربك يصلي يقول سبوح قدوس انا رب الملائكة والروح وهذا المقام هو المخصوص لنبينا وآله عليه وآله السلام بالاصالة ولا شك وريب ان لكل نبي امة ولكل امام شيعته ولكل سراج اشعة ولكل منير نور لا فرق بينه وبينه الا انه عبده وخلقه فتقه ورتقه بيده عوده اليه وبدؤه منه المانع في هذا المقام يعلم حقيقة المرام ولا يبلغه الا من اطلعه الله على مكنون علمه ومخزون سره
واما الخاص فهو ان تريد بالعبد العباد الخاصة المثلثة وقد يطلق عليهم الآدميون الثلثة :
العبد الاول هو آدم الاول الاكبر اي الانسان الكبير وهو العالم بجميع اجزائه وجزئياته او افراده ومراتبه وكلياته وجزئياته واجناسه وفصوله واصنافه واشخاصه واعراضه وجواهره ومجرداته ومادياته وبسائطه ومركباته وغيوبه وشهاداته وانواره وظلماته وجميع ما فيه وبه وعنه واليه ومنه وهو عبد صالح لله مخلص له العبودية ومقر له بالوحدانية وهو تأويل قوله عليه السلام في الدعاء سبحان من دانت له السموات اي المقبولات مطلقا في كل عالم بحسبه والارض اي القابليات مطلقا وهو اللام في العلم والسين في بسم الله الرحمن الرحيم ومجموع السموات والارض وهو الميم في العلم والميم في بسم الله الرحمن الرحيم فافهم بالعبودية ولما كان العبد هو الموحد المزيل لسبحات الجلال الماحي للموهوم على ما قال الامام الصادق عليه السلام في العبد العين علمه بالله والباء بونه عن الخلق والدال دنوه بالله بلا كيف ولا اشارة ثالث العبد اول التوحيد اي اعلاه واشرفه واقدمه واوليه مقدمات له وبعبارة اخرى الاولين هو المقدمات والثالث هو النتيجة او الاولين الطريق والثالث المنزل والمراد بالاولين المقامين الخوف انما يخشى الله من عباده العلماء لا علم الا خشيتك ولا حكم الا الايمان بك ليس لمن لم يخشك علم ولا لمن لم يؤمن بك حكم والرجاء وهو مقام اليقين ومحل وجدان الفضل اذا اشرق نور اليقين في القلب رجا الحديث والثالث هو المحبة التي ينجلي ضياءها في الفؤاد واذا انجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة فاستأنس في ظلال المحبوب فيؤثر محبوبه على من سواه والحاصل ان العبد لما كان هو الموحد الكامل العارف الواصل عقب الامام عليه السلام كلامه في الدعاء بقوله واقرت له بالوحدانية ولذا كانت مرتبة العبودية اعظم المقامات واعلى الدرجات فتقدمها في التشهد فتقول واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآلمحمد ولما كانت مراتب التوحيد حسب مراتب الموحد لكونه صفة له مختلفة وكانت المراتب منحصرة كلياتها في السرمد والدهر والزمان فصل الامام وقال في الدعاء المذكور لا اله الا الله الحليم الكريم هذا التوحيد باعتبار ظهور الحق في السرمد الذي هو مقام النفس التي هي معرفة الرب وهو اعلى مقامات التوحيد واعظم درجاته ثم تنزل من ذلك المقام الى مقام الدهر وقال لا اله الا الله العلي العظيم هذا باعتبار ظهور الحق في الدهر فاشار الى جبروته بقوله العلي وهو قولك في السجود سبحان ربي الاعلى وبحمده والى ملكوته بقوله العظيم وهو قولك في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده وهذا التوحيد لاولي الالباب الذين اثني الله عليهم في الكتاب بقوله ان في ذلك لعبرة لاولي الالباب لو وجدت محله لبينت اسرار هذه الكلمات لكن الان يضيق صدري باظهارها ولا يضيق بكتمانها ثم تنزل من ذلك المقام الى مقام الزمان وقال عليه السلام لا اله الا الله الملك الحق المبين هذا باعتبار ظهور الحق في الزمان فاشار الى جسم الكل الذي هو كل الزمان وتمام باسم الملك ثم فصل هذا المجموع فاشار الى العرش باسم الحق والى الكرسي باسم العدل والى السموات والارضين باسم المبين لمناسبة ظاهرة غير خفية عند اهلها ومخفية عند الغير ولما فرغ من التوحيد الذي هو اعلى درجات العبد اخذ في التنزيه والفرق بينهما ان المقام التوحيد لا ينظر الى الغير باطلا مضمحلا كما في الادعية الكثيرة فتش تجد انشاء الله تعالى فقال سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ولما فرغ من التنزيه قال والحمد لله رب العالمين وهو مقام الاثبات اي اثبات صفات الكمال ولقد اطلنا الكلام واخرجنا عما نحن فيه فلنرجع ونقول ان العبد المخلص الحقيقي الواقعي هو الانسان الكبير وهو الاسم المخلوق الذي ليس بالحروف مصوت ولا بالالفاظ منطق ولا بالشخص مجسد ولا باللون مصوغ بريء عن الامكنة والحداد ومنفي عنه الاقطار والجهات جعله الله اربعة اركان وحجب واحدا منها وهو الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظله فلايخرج منه الى غيره واظهر ثلثة منها لفاقة الخلق اليها
العبد الثاني هو آدم الثاني والانسان الوسيط وهو المسمى بعبد الكريم وعبد الواسع عند القوم وبعبد الله عند الفقير لقوله تعالى اياك نعبد وهو الشاب التقي الزكي العالم الصالح الزاهد الذي احبه الله فكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها اذا سئله يعطه واذا سكت عنه يبتديه وهو مظهر اسم الله الوهاب والجواد وهو الذي ينجي الهالكين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكا ويستخلف اخرين وهو اخت النبوة وعصمة المروة التي يعلم الناس ظاهرها ويعلم عليّ امير المؤمنين عليه السلام ظاهرها وباطنها وما هو الا ماء جامد وهواء راكد ونار حائلة وارض سائلة فافهم فهمك الله وايانا من مكنون العلم ومخزون السر بالنبي وآله الطاهرين الاكرمين الاطيبين
العبد الثالث هو آدم الثالث وانسان الصغير وهو انت من حيث انت مسافر فيك ان وجدت الشعرة التي فيك لكليك فقد فزت فوزا عظيما والا فقد صرت شيطانا رجيما اعرف نفسك تعرف ربك اعرف ربك تجد حطك
وكل هذه العبيد الثلثة وليهم الله ورسوله والذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون فكلها من الولاية والى الولاية وبالولاية وعن الولاية وفي الولاية وللولاية هنالك الولاية لله الحق وتلك الولاية الازلية محجوبة عن الظهور لكمال الظهور ولها مجلي وهو الولاية الثانوية التي هي صاحب الازلية الاولية وهي الازلية الثانوية وهي الولاية الحقيقية ولهذا قال الامام الصادق عليه السلام في الحديث السابق الذي نحن بصدد شرحه الالف آلاء الله على الخلق من النعيم بولايتنا واما وجه اختصاص الالف بهذه الاشارة فهو ان الالف لها من الحروف ثلثة احدها الالف وهي الاشارة الى آدم الاول وانسان الكبير و ثانيها اللام وهي الاشارة الى الانسان الوسيط والمولود الفلسفي لكونها من وسط المخرج كما ان الالف من اعلى المخرج وثالثها الفاء وهي الاشارة الى آدم الثالث والانسان الصغير لكونها من اسفل المخرج وهي شفوية وهي ملك الحروف وادنى مراتبها واما وجه اختصاص هذه الحروف بهذه الاشاراة فهو ان الالف ثلثة احرف وهي اشارة الى العوالم الثلثة التي ينضمها العالم الكبير مفصلا مشروحا بينا وهي الجبروت والملكوت والملك واما وجه اختصاص هذه الحروف بهذه الاشارات اما الاول الذي هو الالف فلانها القائمة وطولها الف الف ذراع ولها من العدد واحد وهو اس الاعداد وكل العدد به يوجد وفيه يستمد كما ان الالف ايضا اس الحروف وكل الحروف تظهر وتوجد بها كما هو المقرر المحقق عند اهل الجفر وكذا العقول التي عالمها عالم الجبروت فصحت المناسبة فصحت الاشارة واما الثاني الذي هو اللام فلانها من اوسط الحروف ولها من العدد ثلثون وهو تمام دورة القمر وهو حال النفوس التي عالمها عالم الملكوت فصحت الاشارة لاجل المناسبة الذاتية الحقيقية واما الثالث الذي هو الفاء فلانها من اسفل الحروف وهي التي يعدونها ملك الحروف وادني مراتبها واسفل مقاماتها وهو حال الاجسام التي عالمها عالم الملك فصحت الاشارة
واما اللام فهي الاشارة الى المراتب التي للانسان الوسيط على كمال التفصيل والوضوح والظهور الاول كونه نطفة معدنيا بعد ما كان كيلوسا وكيموسا بالحل والعقد والتعفينات والتقطيرات الثانية كونه نباتا شجرة ذات غصون واوراق و اصول وفروع وهو بعد تساقي الست والطوف في الاسبوع واخذ الانفخة وحبس القاضي في محبس الزجاجة الثالثة كونه حيوانا بجميع مراتبه واقسامه واطواره واحواله الى ان يكون انسانا كاملا بالسقيات الكثيرة وانما قلنا ان الالف اشارة الى عالم الكبير واللام اشارة الى عالم الوسيط مع ان كلا منهما ذو مراتب ثلث لان اللام اظهر وابين من الالف كما ان عالم الوسيط اظهر وابين من عالم الكبير بل العالم الكبير انما يعرف بالعالم الوسيط ولذا يسمونه بمرآة الحكماء فافهم وبعد كم من خبايا في زوايا وسنشير اليها انشاء الله تعالى في الموقف في المقام الثاني من الموقف الثاني من منازل بسم الله الرحمن الرحيم واما الفاء فهي حرفان وهي الاشارة الى العالمين الظاهرين في العالم الصغير وهما الغيب والشهادة ولما كانت المراتب الثلثة التي في العالم الكبير والعالم الوسيط غير ظاهرة في العالم الصغير ولهذا ما ذكر في الاشارة اليه ما له ثلثة احرف كالاولين الالف واللام فافهم فهمك الله وايانا من مكنون العلم ومخزون السر بالنبي وآله الطاهرين
ولما ذكر الامام عليه السلام كيفية ايجاد الذوات وخلق الموجودات من حيث الذات على اكمل تفصل واتم بيان بقوله والالف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا ولما كان لكل ذات صفة ولكل مسمى اسم اي لكل شيء تكليف بمقتضى ذواتهم وبه بقاءهم ووجودهم وبه يتوجهون الى وجه مبدئهم اراد ان يبين عليه السلام تكاليف الاشياء وما يجب عليها من حق الله سبحانه قال عليه السلام واللام الزام خلقه ولايتنا هذا في التكوينات والتشريعات اما في التكوينات فكما عرفت مما سبق وستعرف انشاء الله مما سيجئ واما في التشريعات فاعلم ان جميع العبادات والطاعات والرياضات وكل التكاليف ثناء وحمد وشكر للمكلف ومتمم ومكمل للمكلف اما التتميم ففي الواجبات والاجتناب عن المحرمات واما التكميل ففي المستحبات والاجتناب عن المكروهات وان كان فيهما ايضا تتميم اذا لم تقبل الواجبات وكذا المعاصي والذنوب والسيئات الخبائث والشرور كلها ثناء ومدح وتنزيه وتكريم وتعظيم للمكلف بالطاعات والآمر بها وذم وتقبيح للناهي عنها والآمر بخلافها والطايع والعاصي كلاهما يثنيان على الله سبحانه باكمل الثناء واعظمه ويسبحان بحمده وكلاهما يذمان الشيطان الرجيم وآناء الليل واطراف النهار مشغولان بلعنه وطرده وهو سر ما ورد في الادعية والاحاديث المكثرة ان كل شيء خاضع لله خاشع له ينيب اليه ويسبح بحمده قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم فثبت ان كل ذلك ثناء على الولي وشكر له هنالك الولاية لله الحق
وبيان هذا الاجمال هو ان الله سبحانه في مرتبة ذاته وصقع هويته جل شأنه اجل واكرم واعظم من ان يتطرق اليها الفعل والايجاد والا لكان معه شيء كان الله ولم يكن معه شيء والان على ما كان فظهر بنفس الظهور فكان الولاية المطلقة ثم خلق بها كل مذروء ومبروء قال الصادق عليه السلام خلق الله الاشياء بالمشية وخلق المشية بنفسها فالولاية هي التي وقف ببابها السائلون ولاذ بجنابها الفقراء الطالبون يستمدون منها ويطلبون عنها ويثنون عليها بجزيل الثناء اذ لا يصلون الى ما فوقها ولا يتجاوزون حدها وهي تثني على نفسه وتستمد منها وتدور عليها دورة متوالية وكلها نفس الثناء على الله سبحانه اذ لا شيئية ولا تذوت الا به تعالى شأنه والمراد بالسائل الواقف بباب الولاية والفقير اللائذ بجنابها ليس هو المؤمنون الطائعون بل الظالمون العاصون ايضا لان الولاية هي الرحمة التي وسعت كل شيء على كمال العموم كيف وان العاصي شيء موجود غير مستغن عن الله سبحانه لانه بمعصيته ما خرج عن حد الامكان يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني ومن كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا لكنه تعالى يمده من سنخه ومما يطلب منه والا لما كان حكيما والحكم هو الذي يضع الشيء في موضعه فثبت ان الاشياء والموجودات كلها مستمدة من الولي وكلها يثنون عليه ويحمدون له ويشكرون ليس له حمد ولا شكر بل الحمد انما هو لله وحده لا اله الا هو مثاله السراج فانه باب النار ووجهها وجنابها وجهتها والاشعة انما خلقت بالنار لانها الفاعلة لان السراج مركب من الدهن ومن ظهور النار وليس الدهن فاعلا ابدا وانما الفاعل هو النار بظهورها لكنها لا تظهر الا بالسراج ولا توجد الاشعة بكلها الا به فلما اوجدت السراج وجدت الاشعة والاظلة التي هي الظلمة فكلاهما اي الاشعة والاظلة واقفان بباب النار الذي هو السراج وسائلان منه ويستمدان عنه ولا يثنيان الا عليه وهو يمد الاشعة من سنخها وهو النور والاظلة من سنخها وهو الظلمة اذ لو مد الظلمة بالنور لتم النور ولم يبق للظلمة اثر قط وهو خلاف حكمة الحكيم الكريم العظيم وفيمد الاشعة بالنور والاظلة بالظلمة فاذا رأيت الظلمة تدلك على كمال النور وبهائه وسنائه وضيائه وكلما كان الظلمة اقوى كانت جهة الدلالة اشد واتم واعظم كما لا يخفى على من له نظر في العالم وكذا النور كلما كان اعظم كانت جهة الدلالة اقوم واحكم فالسراج هو السراج الوهاج والسراج النير الذي اشار اليهما الله سبحانه في القرآن والمصباح الذي هو مثل نور الله سبحانه فافهم المثال تفهم الممثل من كل الوجوه فالزم الحق سبحانه ولايتهم على المؤمنين بالتفضل عليهم والتكريم لهم والرحمة عليهم قال تعالى فساكتبها للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون وهو خلق النور لهم من مادة امره لهم بالطاعة ومن صورة فعلهم وهيئة عملهم من الحور والقصور والانهار والجنان وامثال ذلك وكل ذلك ما خلق الله سبحانه من اعمال العبد قال تعالى سيجزيهم وصفهم انه حكيم عليم وكلها من ولاية آل محمد صلى الله عليهم ثم الزم ذلك عليهم كالزام اللازم على الملزوم كالاحراق على النار والاضاءة على السراج والصلالة على الحجر واللين على الماء وامثال ذلك ولعمري ان هذا الكلام من الامام (ع) صريح في تعدد الجعل في الشيء بابي هو وامي قد اشاره الى الاربعة بالكناية وصرح بالفرد الخفي النادر الذي لا يكاد تهتدي العقول اليها وهو الالزام لان الالزام لا يكون الا بعد خلق الملزوم واللازم والملازمة ففي قولك زيد قائم على ما قال الامام اربعة جعول الجعل الاول المتعلق بزيد والجعل الثاني المتعلق بالقيام والجعل الثالث المتعلق بالنسبة والرابطة التي بين زيد والقيام والجعل الرابع هو الزام القيام على زيد وهو الاذن وكذا الكلام في الوجود والماهية والكلام عن هذا المرام لا يناسب المقام والحاصل ان ادخال اهل الجنة الجنة من الزام الولاية على الخلق والزم الحق سبحانه ولايتهم على الكافرين والمنافقين بادخالهم النار وتعذيبهم بانواع العذاب والعقوبات لمخالفتهم ولايتهم لما خالفوا ولايتهم الزم عليهم ولايتهم فالزام الولاية في الوجودات التشريعية ولك ان تجعله في الشرعيات الوجودية لكن المقام لا يناسب تلك الملاحظة وهذا الملاحظة وهذا المعنى للالزام على التأويل اظهر وعلى الباطن خفي جدا لا يهتدي اليه الا من اطلعه الله على مكنون علمه ومخزون سره فافهم فهمك الله ومعنى آخر هو ان تقول ان المراد بالزام خلقه ولايتهم هو امر الله تعالى خلقه بكل خير ونهيه عن كل شر في كل عالم من العوالم في كل مرتبة من المراتب فللشخص عوالم عديدة كثرة وفي كل عالم له تكليف وامر ونهي وثواب وعقاب خلاف ما في العالم الآخر كما دلت عليه الايات ونطقت به الروايات
منها عالم الوجود ومعرفة الحق المعبود فالزم الحق سبحانه ولاية آل محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم عليهم في ذلك العالم بان امرهم ان يكشفوا سبحات الجلال ويمحو الموهوم ويطفؤ السرج ولا ينظروا الى الغير حتى بعدم النظر وعدم الملاحظة ونهاهم ان ينظروا الى الغير ويلاحظوا السواء وان كان بطريق الاضمحلال والافناء والاعدام قال تعالى مخاطبا لاهل هذا العالم فاسر باهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم احد الا امراتك انه مصيبها ما اصابهم ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب والمراد بالصبح في الاية الشريفة هو الذي قال الامام امير المؤمنين عليه السلام لكميل اطفأ السراج فقد طلع الصبح فاذا نظروا الى الغير وراوا السواء فقد عصوا وخالفوا الولاية وهوان لمن خالف ولايتنا وبرأ (ظ) ووعدهم بالثواب اذ امتثلوا الامر بان يصحو له المعلوم ويظهر له السر ويشرق له النور من صبح الازل ويجذب الاحدية صفة التوحيد وتوعدهم اذا عصوا باخراجهم عن الجنة جنة الوصال وشرب رواح امال وفتح لهم باب التوبة بان يقولوا اللهم اني اسئلك بمحمد وانت المحمود وبعليّ وانت الاعلى وبفاطمة وانت فاطر السموات والارض وبالحسن وانت المحسن وبالحسين وانت قديم الاحسان ان تقبل توبتي وتغفر ذنبي ومعنى ذلك الرجوع الى مقامه ومكانه ومرتبته والتسليم له بامرة المؤمنين وهو قوله تعالى فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم ومعنى ذلك ما قال امير المؤمنين عليه السلام في حديث سلمان عن قول الله عز وجل اني ابتليت ادم بالبلاء فوهبته بالتسليم له بامرة المؤمنين وهذا نمط توبة اهل ذلك العالم
ومنها عالم العقول ويسمى بالجبروت ومحل ظهور الحق سبحانه بالشهود وتوحيد اهل ذلك العالم التوحيد الشهودي والزم الحق سبحانه ولاية آل محمد صلوات الله عليهم على الخلق في ذلك العالم بان امرهم ان ينظروا الى الاضمحلال والاعدام كما قال الامام وان كل معبود مما دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل ما خلا وجهك الكريم فانه اعز واجل واكرم من ان يصف الواصفون كنه جلاله وتهتدي العقول الى كنه عظمك الدعاء وقال الحسين عليه السلام على ما مر في الدعاء يوم العرفة ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى تكون الاثار هي التي توصل اليك الدعاء ونهاهم ان ينظروا اليها بنظر التحقق والشيئية والتذوت فاذا نظروا اليهم كك وان كان من جهة ملاحظة كونهم من الاسباب التي قرر الله عز وجل فقد عصوا وخالفوا للولاية وترددوا فيها كما فعل يعقوب على نبينا وعليه السلام لما طلب اولاده منه يوسف وقال اني ليحزنني ان تذهبوا به واخاف ان يأكله الذئب وانتم عنه غافلون قالوا لئن اكله الذئب ونحن عصبة انا اذا لخاسرون ولهذا ابتلي من فراق يوسف وتبيض عيناه من الحزن وكما فعل يوسف لما رأى وجهه في المرآة وخطر بباله اني لو كنت عبدا لكنت غاليا في القيمة وامثال ذلك مما هو المذكور في الروايات المتكثرة من استناد الانبياء الى التردد في الولاية وثوابهم اذا امتثلوا بالامر ان يفيض الله تعالى عليهم من الاشراقات الباطنية وترتيب القياسات البرهانية وان يتجلى في قلوبهم بحيث لا يرون شيئا الا ويرون الله تعالى قبله فاذا كانوا على هذه الحالة يرقيهم الله تعالى مرتبة التوحيد الحقيقي الذي هو مقام السكر والصعود وهو التجلي الجمالي ومقام ظهور النور الجلالي ولقد قلت فيما نظمت بالفارسية :
وهم باشد وهم كثرتبينيتديده بگشا ديده حقبينيت
تا بهبيني جمله را نور خداستپس نظر كردن بغير او خطاست
چشم را از علم اخباري بپوشدر عياني جان من قدري بكوش
تا كه توحيد شهودي حاصلتآيد واز جملگي بربايدت
نور حق را در دلت بيني ظهوركرده باشد همچو موسى كوه طور
پس قدم بالا نه از اين مرتبهغير حق را جملگي گردان تبه
پس تجلي جمالي را بهبينعشق عشق را كه گويند هست اين
الى اخر ابيات وعقابهم ان يدخلهم الله تعالى في نار الشك والوهم والريبة ويخرجهم عن جنة اليقين والمعرفة وهذا هو العذاب الاليم وتوبتهم ان يستغفروا الله تعالى ويتلقون بالكلمات ليعيدهم الله تعالى الى مكانهم ومرتبتهم ويشرفهم بشرف القرب اليه لان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
ومنها عالم النفوس ويسمى بالملكوت والزم الحق سبحانه على اهل ذلك العالم ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله بان امرهم ان يوحدوا الله تعالى بما كتب لهم في الالواح الافاقية والانفسية حيث قال سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يعقلون افلم ينظروا في ملكوت السموات والارض وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين وكل هذه الايات خطاب لاهل هذا العالم ويسمى توحيد اهل هذا العالم توحيد الذات الذي هو تحت توحيد الشهودي والحقيقي بمرتبة وهو كما في الايات فافهم ونهاهم ان يصوروا المعصية ويخيلوها كما نهى عيسى بن مريم الحواريين قال على نبينا وعليه السلام ما معناه اياكم والزنا قالوا يا نبي الله نحن لا نزني قال عليه السلام نعم لكن اردت ان لا تخيلوه فاذا فعلوا ذلك فقد عصوا وخالفوا الولاية وهوان لمن خالف ولايتنا ووعدهم بالثواب اذا امتثلوا بالامر وان يدخلهم جنة العلم ويبقى لهم بنور العلم ليعلموا طريق الجدال ويعرفوا لسان اهل المقال فيقطعوا حجة اهل الجدال من اهل الضلال وهم اهل المجادلة بالتي هي احسن وتوعدهم اذا عصوا ان يدخلهم نار الجهل ويذيقهم شراب المتخيلات الباطلة والتصورات الفاسدة الكاسدة وامرهم بالتوبة اذا عصوا ان يتلقوا بالكلمات المذكورة ومعنى ذلك ان يتركوا المعصية التي في حقهم وهو ما ذكرنا لك آنفا فاذا تابوا تاب الله عليهم انه هو التواب الرحيم ستار العيوب غفار الذنوب
ومنها عالم الاجسام ومقام الاغراض والالوان ويسمى بعالم الملك والشهادة وتوحيد اهل هذا العالم المقبول عنهم انهم متبعوا الشرع الشريف ولم يظهر لهم ما يخالف ما قرر الشارع عليه السلام وان كانوا لا يرون الا ذلك وبيان احوال اهل هذا العالم في التوحيد مما لا يناسب هذا المقام فالاعراض عنه احسن واولى والزم الحق سبحانه وتعالى ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله على اهل هذا العالم بان امرهم بالطاعات الواجبة مثل الصلوة والصوم والحج والخمس وامثال ذلك من الواجبات التي لا بد منها ولا يجوز تركها بوجه من الوجوه ونهاهم عن المعاصي والقبايح والمحرمات مثل الزنا واللواط وشرب الخمر واكل مال اليتيم وامثال ذلك من المحرمات التي لا بد من تركها ولا يجوز فعلها بوجه من الوجوه ووعدهم بالثواب اذا امتثلوا الامر وهو ان ينعم عليهم بازدياد الاموال والبنين والاولاد والتطويل في العمر والمساهلة في الامر وفي الجنة يعطيهم الحور والقصور والجنات والانهار وامثال ذلك من المستلذات الجسمانية وتوعدهم اذا عصوا ان يعذب عليهم بالنار الموصوفة في القرآن والاحاديث وامرهم بالتوبة اذا خالفوا ان يتلقوا بالكلمات المذكورة يعني يرجعوا ويندموا ويستغفروا الله يجدوا الله توابا رحيما فافهم
وهذه مراتب العوالم التي للشخص التي يقع فيها التكليف والامر والنهي والثواب والعقاب والبشارة والانذار والوعد والوعيد وهنا عوالم اخر لا يسع المقام لذكرها وكل هذه التكاليف في كل هذه العوالم من الزام الله تعالى ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله على خلقه فقد عرفت من هذا التقرير ان المراد بالزام الله تعالى ولاية آل محمد صلى الله عليه وعليهم على خلقه هو الامر بكل الخيرات والطاعات والعبادات وكل ما يرضي الله تعالى لان ولايتهم هي مبدء الخيرات واصل الحق والطاعات قال الله تعالى هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا فكل خير من الولاية وبالولاية وللولاية والى الولاية
ولما ذكر الامام عليه الصلوة والسلام التكليفات والتشريعات بعد ذكر التكوينات والذوات والتدونات اراد ان يبينه على ما ترتب على التكليف الذي هو من الزام الولاية من الثواب والعقاب وان الموجودات المكلفين على قسمين قسم يشملهم الفضل وقسم لا يشملهم فقال عليه السلام والهاء هوان لمن خالف ولايتنا ولك ان تريد من هذا الكلام الشريف المعنى الخاص والمعنى العام :
اما الخاص فهو ان تحمل الهوان على الهلاك الاكبر والموت الاعظم الذي لا حيوة بعده لان اطلاق المطلق ينصرف الى الفرد الكامل وان تريد بالمخالفة المعاندة والجحود والانكار على ما قال الله تبارك وتعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا لان هذا الهلاك الابدي والخلود الدائمي ليس للذين يعصون عن جهل ولغلبة الشهوة وهم اخيار وصلحاء وشيعة يحبون اهل البيت عليهم السلام ويقبلون عما يرد عنهم ويؤيده ما روي ان سائلا سئل ابا عبد الله عليه السلام عن الشيعة هل يدخلون النار قال عليه السلام لا قال السائل وان زنى وان سرق قال عليه السلام وان زنى وان سرق وكذا ما ورد عن السجاد زين العابدين صلوات الله عليه واجداده وابنائه في تفسير هذه الاية وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخريا ام زاغت عنهم الابصار قال عليه السلام والله لا يرون انكم مائة ولا خمسين ولا عشرة ولا واحدا انكم لفي الجنة تحبرون وفي النار تطلبون وكذا هذه الاية في الباطن ونادى اصحاب الاعراف وهم الائمة عليهم السلام على ما ورد عنهم رجالا يعرفونهم بسيماهم وهم فلان وفلان واتباعهم واشياعهم قالوا ما اغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون اهؤلاء وهم قوم من الشيعة يعملون المعاصي ويرتكبون المحارم لكنهم ماتوا على محبة اهل البيت ومودتهم وكان الكفار يقولون هؤلاء لا ينالهم الله برحمة بسوء اعمالهم وقبح افعالهم وائمتهم عليهم السلام بفاضل نورهم شفعوهم عند الله تعالى فعفاهم الله تعالى واذن لهم بالجنة فخاطبوهم اي المنافقين توبيخا لهم اهؤلاء الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا اي الشيعة الجنة لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون هكذا روي عنهم عليهم السلام في احاديثهم والمتتبع يجد انشاء الله تعالى الحاصل ان الايات والروايات والعقل والعالم كلها شاهدة وناطقة على ان الشيعة لا يدخل الجحيم ابدا وان عصوا قال النبي صلى الله عليه وآله حب على حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة واما انهم قد يتفق من كثرة معاصيهم وذنوبهم يطهرون بنار الحظاير ثم يرجعونهم الى الجنة كالذهب المغشوش اذا وضع في النار لاجل التصفية فلا يقال له الهوان والهلاك بل هو اللطف والشفقة لان الهوان والهلاك العياذ بالله فيجب ان يكون المراد بهذه المخالفة المعاندة والجحود والانكار فيدخل الذين ظلموهم وتركوهم وغصبوا حقهم وارثهم او اذي مؤمنا لاجلهم او ترك صلوة وزكوة من جهة انهم قالوا وانهم شرعوا على ذلك او قتل مؤمنا من جهة انه شيعتهم وامثال ذلك وفاعل كل ذلك كافر ملعون نجس العين لا يدخل الجنة ابدا خالدون في النار لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون وابدا لا ينالهم الله برحمة اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون اللهم العنهم لعنا وبيلا وعذبهم عذابا اليما يستغيث منه اهل النار وهذا الكلام من الامام عليه السلام ترد على الذين قالوا بانقطاع العذاب وان اهل النار يؤل امرهم الى النعيم واستدلوا ببعض الامور الواهية المموهة مثل ان الله تعالى سبقت رحمته غضبه وان الله تعالى ذو فضل ومن على العباد وانه تعالى قال ورحمتي وسعت كل شيء لكنهم جهلوا الامر وما عرفوا ان الفضل يحسن في موضع صالح واما الموضع الذي لا يصلح فلا يحسن وفاعل ذلك ليس بحكيم لانه وضع الشيء خلاف موضعه وهو لا يطلب الخير ابدا ولا يحسن ان يعطى طالب الشر خيرا وبالعكس لان قابليته لا تقتضي دخول الجنة وهل رأيت العاقل يضع الكثافات والفضلات والنجاسات في مكان طاهر زكي نظيف في كمال الصفا وكل من يفعل هذا يعده الناس من السفهاء والبلهاء والحمقاء والله تعالى حكيم كريم يضع الاشياء في مواضعها سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ويلزم عليهم ان يجوزوا ان الله تعالى لا يدخل في النار احدا بل لا يخلق النار لانه ذو فضل ومن وجود وكرم ولا شك انه تعالى اذا لم يدخل الكفار والمنافقين حتى الابليس رأسا كان اقرب واتم في التفضل من انه يدخل ويخرج لان رحمته وسعت كل شيء وسبقت غضبه وهل هم ليسوا شيئا في اول الامر قبل دخولهم النار فماوسعتهم الرحمة فاذا دخلوا النار يصيرون شيئا فوسعتهم الرحمة وكل هذا تمويهات وتشكيكات ناش من عدم معرفة الرحمة وعدم معرفة الوسع والشمول اعلم ان الرحمة رحمتان رحمة الرحمانية ورحمة الرحيمية ويعبر عن الاول بالرحمة الواسعة وعن الثاني بالرحمة المكتوبة قال تعالى ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين آمنوا وعملوا الصالحات فالرحمة الواسعة هي رحمة العدل والفضل وهي مقتضى الحكمة والرحمة المكتوبة هي مجرد الفضل ليس فيها شيء من العدل فقوله تعالى ورحمتي وسعت كل شيء يعني وضعت كل شيء في موضعه واعطيت كل شيء ما سئل مني واجبت مسئلة من سئلني من الخيرات والشرور فعذاب الكفار والمنافقين من الرحمة التي وسعت كل شيء ونجاة المؤمنين وادخالهم الجنة من الرحمة التي كتبها لهم الحاصل ان العارف اذا نظر في الامور بل في كل شيء سيما القرآن والاحاديث يقطع بان المعاندين لآل محمد (ص) ومخالفيهم ابدا في النار دائما سرمدا لا يخفف عنهم العذاب آنا ودقيقة كلما طال عليهم المبدأ يضاعف عليهم العذاب كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب كلما ارادوا ان يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها وقيل ذوقوا عذاب الحريق لو كان لي مجال واسع شرحت حقيقة الامر في هذه المسئلة فليطلب في مواضع اخر من هذا الكتاب المستطاب
واما المعنى العام فهو ان تريد بالهوان هو انحطاط رتبة العالي في رتبة السافل والمخالفة هو المعصية او ترك ما لا ينبغي تركه وهو الذي يسمى في الاحاديث بالتردد في الولاية والشك فيها كما في حديث سلمان حيث قال ما قتيل كوفان لولا قال الناس لسلمان واه واش رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك كلاما اشمأزت منه القلوب يا محنة ايوب قال امير المؤمنين عليه السلام اتدري ما محنة ايوب قال لا قال عليه السلام لما كان عند الامغاث ( الانبعاث ظ ) عند النطق شك وبكى قال هذا امر عظيم وخطب جسيم قال الله تعالى اتشك في صورة انا اقمتها اني ابتليت ادم بالبلاء فوهبته بالتسليم له بامرة المؤمنين وانت تقول هذا امر عظيم وخطب جسيم فوعزتي وجلالي لاذيقنك عذابا الحديث ومثل ما ورد ان يونس شك في الولاية وادم شك وايوب شك ويعقوب شك ويوسف شك وداود شك وامثال ذلك من الاحاديث والاخبار واقوال العلماء وليس المراد من الشك ما توهم من ...
( انقطعت هنا النسخة الموجودة )