فائدة في بيان مشية العزم ومشية الحتم

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

فائدة في بيان مشية العزم ومشية الحتم

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الثامن

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

فائدة جليلة - اعلم انّه لما اقتضت الحكمة الالهية لاقتضاء الكينونات الامكانية زايدا على اقتضاء حسن النظام وقبح الجبر والظلم على القادر العلّام ان تكون الاشياء كما هي اي يجري الحقّ سبحانه اياها على حسب مقتضى قابلياتها واستعدادها الحاصلة عند وجود المقبول بنفس القبول بالمقبول والا لم ‌تكن كما هي وقد فرضناها كك ولزم ما لوّحنا اليه تصريحا حكم الحق سبحانه على الاشياء بذلك وحتم ذلك لذلك واحبّه كذلك ولما كانت الاشياء لا تحقق لها ولا تأصل ولا تذوت ولا استقلال الا بالفعل اجرى فعله الحق الذي هو الولاية لله الحق على مراتب الموجودات عاليها وسافلها اقصاها وادناها على هذا النظام القويم والنهج المستقيم اذ لولا ذلك لفسدت السموات والارض فلم ‌يكن القابل حين كونه قابلا قابلا ولا المقبول حين كونه مقبولا مقبولا فلم ‌يصح كن فيكون وهذه طريقة جارية وحقيقة سارية في جميع اطوار الوجود بجميع احواله من التكوينيات والتشريعيات والذوات والصّفات فاحب ان يجري الاشياء على مقتضى كينوناتها وهذا هو المشية الحتمية النافذة حكمها في كل شيء في كل اطواره واحواله ومراتبه وخزائنه ومعارجه وترقياته وتنزلاته ولذا قال عليه السلم لا يخالف شيء منها محبتك وقال عليه السلم كلهم صايرون الى حكمك وامورهم آئلة الى امرك وقوله عليه السلم ليس لنا من الامر الا ما قضيت وقال عليه السلم لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة بمشية وارادة وقدر و قضاء واذن واجل وكتاب ه‍ انما كانت سبعة مع ان الفعل واحد لتعدد جهات تعلقات الفعل بتعدد جهات المفعول من الخلق والتسوية والتعديل والتركيب المشار اليها في قوله تعالى الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك واصل الحكم اربعة والسبعة وما زاد فهو تفاصيل التعديل المعبر عنه بالقدر ولما كان منشأ الايجاد والوجود الخير المحض والصلاح الخالص الغير المشوب بشيء من اضداده لعلو شأن الحكيم ان يجعله غاية لفعله العايدة الى مفعوله الا ان التمكن من جهة تحقق نفسه فاحب ذلك فدل الخلق اليه واراده منهم لكن هذه الارادة لا يجوز ان تكون حتمية لمكان التضاد والتناقض مع المشية الاولية المستلزم عدمها عدم الاشياء وفقد الكينونات في الواقع والجبر والظلم وخلاف الحكمة على ظاهر القول فكانت المشية الثانية عزمية اي مشية المحبّة فان وافقتا في الطاعات والخيرات وهو المطلوب والمراد ولذا قال عليه السلم وفي الطاعة يكون محبة الحق ومشيته وارادته وقدره وقضاؤه وفي المعصية فان خالفتا في المعصية فالحكم للمشية الاولية وهي اجراء الاشياء على نحو الكينونة والا لانعدم او لزم الجبر بانقلاب المهية فلم ‌يكن اياه بل هو غيره هف فلولا مشية العزم لم ‌يظهر الاختيار ولم ‌يثبت فعل للعبد ولولا مشية الحتم لكان التفويض لازما والجبر منعدما وهو من اقبح الاقوال واشنعها فكان بالمشيتين النمط الاوسط فلا جبر لوجود مشية العزم ولا تفويض لمكان مشية الحتم بل منزلة بينهما وهو اقتران الامرين معا العزمية والحتمية اوسع من السماء والارض لان الفرجة دهرية بل سرمدية واين هي من السماء والارض الزمانيين لا يعلمها الا العالم اي الامام صاحب الازلية الاولية ونفس الازلية الثانوية صاحب لواء الحمد لان العلم بحقيقة القيومية لا يمكن الا لمن اشهده الله تعالى خلق السموات والارض وخلق انفسهم بل اقام به الكون والعين والملك والملكوت والجبروت واللاهوت او من علمه اياه العالم بالتعليم الخاص وهم الشيعة لقولهم عليهم السلم نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وساير الناس غثاء فكان لله عز وجل مشيتين وارادتين مشية حتم وهو الحكم باجراء الموجودات على مقتضى كينوناتها وبعبارة اخرى اجابة المضطرين سؤالهم او سؤالهم لما سئلوه ان يسئلهم كما سئلهم كما سئلوا كما اراد وهي المحبة التي لا تخالفها ( لا يخالفها خ‌ل ) شيء اصلا وهو قوله تعالى ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون ومشية عزم وهي المحبة الثانوية التي هي المحبة الاولية في كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف على احد المعنيين والا على الآخر يناسب الاول وبهذه المشية كان التكليف وظهر الاختيار واثر الدعاء والاستغفار يأمر ولم ‌يشأ بمشية حتم وان شاءه بمشية عزم لحسنه ورجحانه ولو شاءه بمشية حتم لكان القابل غير قابل حين كونه قابلا او انقلبت الحقيقة والاول ليس بمتعلق القدرة والثاني قبيح لا يصدر عن الحكيم وينهي وهو يشاء بمشية حتم اي يجيب المضطر وان لم ‌يشأ بمشية عزم لعدم حسنه ورجحانه ومخالفته لمحبته الاولية التي لها خلق ما خلق وبرء ما برء فلا منافاة بينه وبين قوله عليه السلم فيما تقدم لا يخالف شيئا منها محبتك لان المحبتين متخالفتان فلا تناقض لان من شرايطه اتحاد الموضوع امر ابليس ان يسجد لآدم وشاءه ايضا بمشية عزم لكرامة آدم وتعظيم من كان في صلبه من الانوار المشرقة من صبح الازل ونقص مرتبة ابليس لكونه من الجن عن مرتبة آدم بمرتبتين لكونه انما خلق من نار الشجر ( الشجرة خ‌ل ) التي خلقت من فاضل طينة آدم في القوس النزولي الظاهرة اولا قبل ظهوره في القوس الصعودي كما هو شأن العالي والسافل في سلسلتي الصعود والنزول فافهم وما قال الملعون انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فانما كان كذبا وافتراء ولذا لعن وطرد وشاء ان لا يسجد بمشية حتم وهي ما قلنا من اجراء الشيء على نحو الكينونة واقتضاءها وتلك انما كانت حين اعراضه لعنه الله وان كانت قبله بالف دهر فلو شاء ان يسجد بمشية حتم لما سجد او انقلب ابليس عن حقيقته وكونه وقد قلنا انه باطل قبيح ولو لم ‌يشأ اصلا لما استوى على العرش وما اعطى كل ذي حق حقه وما ساق الى كل مخلوق رزقه لم ‌يتحقق شيء وهو يستلزم الجبر وان لا يجيب المضطر اذا دعاه وهو باطل بالضرورة ولما بطل الاحتمالان تعين الثالث وهو انه شاء ان لا يسجد كما في الحديث لئلا يلزم الجبر ومنع الفيض عن المستحق المحتاج وصح قوله تعالى الرحمن على العرش استوى فافهم وفقك الله لما يحب ويرضى ونهى آدم عن اكل الشجرة المعلومة ولم ‌يشأه بمشية عزم للمصلحة الخفية الدقيقة الا لاهلها وشاء ان يأكل بمشية حتم كما ذكرنا قبله حرفا بحرف فافهم واغتنم وكن من الشاكرين وانما نقلت بعض الحديث بالمعنيى ولم‌ يحضرني الآن لفظه

وكتب العبد الجاني ابن محمد قاسم محمدكاظم الحسيني الموسوي في مشهد مولينا الحسين عليه السلم حامدا مصليا مستغفرا في سنة ١٢٣٢

المصادر
المحتوى