
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
الحمد لله الذي عجزت الاحلام عن ادراك مائيته وقصرت الافهام عن الاحاطة بكيفيته وحسرت الاوهام عن البلوغ الى كنه حقيقته وكلت البصائر والابصار عن اصابة ذاته وهويته وذلت الرقاب لسطوته وعظمته وخشعت الاصوات لخيفته وجبروته وتدكدكت الجبال لاستشعار قدسه وقهاريته وتزلزلت الارض عند ظهور جلال قيوميته وتفطرت السموات دون تشعشع انوار كينونيته وانتشرت الكواكب والنجوم والبروج من خشيته وخضعت كينونات الكائنات لعزته وقامت النسمات والذوات والصفات بكلمته ووقفت فقراء القوابل والاستعدادات بباب رحمته واستغرقت حقائق الخلايق في بحار نعمته واستنطقت السنة خرسات الكائنات لاظهار قدرته واضمحلت الغرائز والطبائع دون بروز نور لاهوتيته ووقفت سفينة الممكنات في ساحل بحر آيته ووجلت قلوب الخلائق من مخافته وتوجهت الطلبات اليه باسمه وصفته وانصدت طرق الوصول اليه عن جميع بريته وانقطعت النسب والاضافات بينه وبين خليقته وتوجه اليه كل احد بصافي طويته وطلبه بكل مجهوده بعين حقيقته ونظر اليه سبحانه بلطف سريرته فلميقع نظره الا الى مقدار سم الابرة من نور عظمته فسبحان من عزيز جلت عزته عن الوصول اليه وعزت منعته عن البلوغ في ما لديه بل تجلى للخلق بهم بحقائقهم وظهر لهم في ذواتهم وسرائرهم وعرفهم نفسه بكينونتهم وابان عن نعته وصفته بذاته بذاتهم وطويتهم والقى مثاله في هويتهم واوضح نوره وظهوره في جبلتهم ووصف نفسه بهم بسر حقيقتهم واشرق شمس ظهوره في باطن عقيدتهم فكانت معرفته عين معرفة انفسهم فوقعوا من الرسم الى الرسم ووقفوا بباب الوصف والاسم فكانت الخلائق اسمائه وصفاته والحقائق آلائه وسماته فاصبحوا لا يرون سواه ولا يجدون ما عداه ولا يشاهدون سوى نوره ولا يلاحظون غير ظهوره قد ملأت الآفاق والانفس آياته واستولت على الاشياء صفاته وسماته واستقهرت النسمات لما تجلى جماله وبهائه فلم تكن الآثار الا ضياء نوره وسنائه فلا يرى نور غير نوره ولا يسمع صوت غير صوته ولا يشاهد ظهور خلا ظهوره علا نوره فظهر واستعلى قدسه فخفى واستتر فكان خفاؤه لشدة ظهوره واستتاره لعظم نوره فسبحان من استوى برحمانيته على العرش فصار العرش غيبا في رحمانيته كما صارت العوالم غيبا في عرشه محق الآثار بالآثار ومحي الاغيار بمحيطات افلاك الانوار واشهد ان لا اله الا هو العزيز الحكيم العليم الكريم الواحد الاحد الفرد الغني الذي لا يعرف بالمثال ولا يخطر بالبال ولا يدرك بالبيان والمقال ليس اليه حد منسوب ولا له مثل مضروب تعالى عن ضرب الامثال له والصفات المخلوقة علوا كبيرا واشهد ان محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وحبيبه وخليله وصفيه وصفته وخاصته وخالصته توجه بتاج الكرامة وحباه الوسيلة ودار المقامة اقام مراسم العبودية وعرفه سبحانه بالوحدانية و الصمدانية ونزهه عن الاضداد وقدسه عن الانداد وطهره عن الصفات الامكانية وصفاه عن الشوائب الكونية والوجدانية وتغوص في طمطام يم وحدانيته فاستغرق في لجة بحر احديته ودك جبال انيته وابطل شهود سره وسريرته واعرض عن كلما سواه شوقا لفرط محبته فقام يسير وحده على بساط مودته حتى اشرق له المحبوب مقدار سم الابرة بنور عظمته فغاب عن نفسه وفنى عن شخصه وخر مغشيا عليه ساجدا تحت عرش ربه وتلألأ نور البهاء والجمال في وجهه فناداه ربه وسيده ومولاه بلسان سره : انت الحبيب وانت المحبوب وانت الطالب وانت المطلوب وانت المراد وانت المريد اخترتك لغيبي واصطنعتك لنفسي فاذهب انت واخوك بآياتي ولاتنيا في ذكرى فبعثه على كافة الخلق رسولا بشيرا وقال تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا فاستخلصه واقامه مقامه في سائر عالمه في الاداء وجعله سلطانا مطلقا على كل من اقر بانه الله وشاهدا على كل معترف له بملكة الربوبية ومقر له برقية العبودية فهناه الله على هذا الفضل العظيم والمن الجسيم اذ اصبح وجه الله الباقي وحفظه الواقي ويده الباسطة ورحمته الواسعة وبرهانه الجلي وعضده القوي ونوره الذي لا يطفى وحجته التي لا تخفى وعينه الناظرة الى كل من في الارض والسماء ولسانه الناطق المعبر عنه في الخلاء والملاء صلى الله عليه وآله مصابيح الدجى واعلام الهدى ومنار التقى والانوار المضيئة لاهل الارض والسماء وابواب الله لكل الخلق مما يرى ومما لا يرى والسبل الواضحة والانجم اللائحة والبدور المضيئة والسرج المنيرة اركان التوحيد وارباب التفريد والتجريد والسن الحق المجيد واوتاد الارض لئلا تبيد محال مشيته ومساكن ارادته ومهابط فيضه وخزنة رحمته وتراجمة وحيه ولعنة الله على اعدائهم وظالميهم ومعانديهم ومبغضيهم وغاصبي حقوقهم اجمعين الى يوم الدين .
اما بعد عباد الله انصتوا فاذا انصتم فاسمعوا واذا سمعتم فعوا واذا اوعيتم فاحفظوا واذا حفظتم فاعلموا واذا علمتم فاعملوا فاني اوصيكم ونفسي الجانية الفانية الزائلة التابعة للهوى العاصية للمولى بتقوى الله فانها شفاء صدوركم ونوركم في لحودكم وقبوركم ولباسكم بستر عورات ذنوبكم وقبائحكم وفواحشكم اذا كشف المستور وبعث من في القبور وحصل ما في الصدور واعلم واردات الضمير وظهر العمل من الكبير والصغير والجليل والحقير ولا تغتروا بهذه الدنيا الزائلة ولا ترغبوا الى هذه الجيفة المنتنة الباطلة فانها مهلكة طلابها متلفة خطابها آخذة لما تعطي سلابة لمن تكسو واضعة لمن ترفع تاركة لمن يعشقها مغوية لمن اطاعها واغتر بها غدارة بمن ائتمنها وركن اليها هي المركب القموص والصاحب الخؤن والطريق الزلق والمهبط الهوي هي المكرمة التي لا تكرم احدا المحبوبة التي لا تحب احدا الملزومة التي لا تلزم احدا يوفي لها وتغدر ويصدق لها وتكذب وينجز لها وتخلف هي المعوجة لمن استقام بها الملاعبة بمن استمكنت منه بينا هي تطعمه اذ جعلته مأكولا وبينا هي تخدمه اذ جعلته خادما وبينا هي تضحكه اذ ضحكت منه وبينا هي تبكيه اذ بكت عليه وبينا هي قد بسطت يده بالعطية اذ بسطتها بالمسئلة وبينا هو فيها عزيز اذ اذلته وبينا هو فيها مكرم اذ اهانته وبينا هو فيها معظم اذ صار محقورا وبينا هو فيها رفيع اذ اوضعته وبينا هو لها مطيع اذ عصته وبينا هو فيها مسرور اذ احزنته وبينا هو فيها شبعان اذ اجاعته وبينا هي فيها حي اذ اماتته فاف لها من دار كان هذه فعالها وهذه صفتها فكيف يغتر العاقل بها وبزخارفها واعتبروا بمن مضى قبلكم كم من قصور شيدوها وكم من ابنية بنوها وكم من ارض عمروها وكم من لذائذ اكل اكلوها وكم من ملابس نفيسة لبسوها وكم من دور عالية سكنوها وكم من ديار وبلاد فتحوها وملكوها كلهم صاروا الى التراب وخربت تلك القباب وعاد ما بنوها الى الخراب وفقدوا الاولاد والاحباب وعدموا الاهل والاصحاب وتلك مساكنهم لم تسكن بعد ان في ذلك لذكرى لاولي الالباب واذكروا الموت هادم اللذات واقطعوا عن العلائق والشهوات وانتهضوا الفرصة واغتنموا المهلة وانتبهوا عن سنة الغفلة وتيقظوا عن رقدة الجهلة وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشيبته قبل هرمه وسعته قبل عدمه وخلوته قبل شغله وحضره قبل سفره وقبل ان يكبر ويهرم ويمرض ويسقم ويمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه ويتغير عقله وينقطع عمره وهو موعوك وجسمه منهوك قد جد في نزع شديد وحضره كل قريب وبعيد فشخص بصره فطمح بنظره وعرق جبينه وانقطع انينه وجذبت نفسه ونكب عرشه وحفر رمسه ويتم ولده وتفرق عنه عدده وقسم جمعه وذهب بصره وسمعه ومدد ووجه وجرد وعرى وغسل ونشف وسجى وبسط له ونشر عليه كفنه وشد منه ذقنه وقمص وعمم ولف وودع وسلم وحمل فوق سرير وصلى عليه بتكبير ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة وحجر منضدة فجعل في ضريح ملحود وضيق مرصوص بلبن منضود مسقف بجلمود وهيل عليه حفره وجثى عليه مدده فتحقق حذره ونسي خبره ورجع عنه وليه ونسيبه وتبدل به قريبه وحبيبه وصفيه وقديمه فهو حشو قبر ورحين (كذا) قفر يسعي في جسمه دود قبره ويسيل صديده من منخره ينسحق ثوبه ولحمه وينشف دمه ويرق عظمه حتى يوم حشره فينشره من قبره ويسئل عن حاله من مبدئه ومآله فليستعد للجواب اذ احضروه للحساب ونشروا عليه الكتاب ولا يغفل لاخذ حظه من الدنيا للاستعداد ليوم الجزاء .
هذه الفقرات لعيد الاضحى :
واعلموا عباد الله ان في هذا اليوم العظيم ينظر الله تعالى الى حجاج بيته الكريم وزوار ابي عبد الله الحسين سيد شباب اهل الجنة فيقول ملائكتي اما ترون عبادي قد اقفروا الاوطان وهجر الاولاد والنسوان يحنون اليّ حنين الطير الى اوكارها وينفدون على فجاج الارض واقطارها قد ملؤا البلاد تكبيرا وتهليلا واتخذوا الوحدانية وزيارة الشهيد المظلوم الي سبيلا يصيحون بالتلبية لبيك اللهم لبيك قد اتيناك من الذنوب هاربين اليك فاشهدكم وانا معكم من الشاهدين اني قد وهبت العاصين والمسيئين للمحسنين ووهبتهم اجمعين لمحمد صلى الله عليه وآله سيد المرسلين عباد الله وهذا يوم محضره زكوة ولصالح عملكم منماة ولسالف زللكم منجاة فابتغوا فيه الجنة واتبعوا فيه السنة باراقة دم سائل واطعام القانع الخامل والمعتر السائل واعلموا انه قد جاءت السنة باستحسانها واستسمانها والمغالاة في اثمانها والتجنب لنقصانها من كسر في اركانها او قطع في آذانها او هدم في اسنانها او نقص في ابدانها فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم لتكبروا الله على ما هديكم وبشر المحسنين ان افضل ما تلاه التالون وعمل به العاملون كلام من يقول للشيء كن فيكون قال الله تعالى فاذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها واطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق .