دروس شهر رمضان سنة ١٢٥٧

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

دروس شهر رمضان سنة 1257

في شرح اوائل خطبة التوحيد لامير المؤمنين عليه الصلوة والسلام

الليلة الثالثة من شهر رمضان المبارك سنة

١٢٥٧

من مصنفات

السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي

جواهر الحكم المجلد الخامس عشر

شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة

البصرة – العراق

شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

مقدمة تجب معرفتها لمن اقر بالله وبرسوله ولمن اقر للرسول خليفة قائم مقامه وهي ان كلام الخليفة بقول مطلق جامع لجميع المعاني وحاو لجميع ما اراد الله من الخلق بجميع اطواره في جميع العوالم في الدنيا والبرزخ والقيمة بل وفي ترقيات الخلق في الجنة على حسب مقاماتهم الى ما لا نهاية له ابد الآبدين ودهر الداهرين من غير تحديد وتعيين لان النبي (ص) مبعوث على جميع ما سوى الله من اعراضها وجواهرها كلها والخليفة ايضا قائم مقامه (ص) وحجة على الجميع يوصلهم الى ما اتى به النبي (ص) من الاحكام والشرايع التدوينية والتكوينية مطلقا ولا شك في ان من العوالم المكلفة الدنيا واحوالها وما فيها ومنها البرزخ ومنها الآخرة وترقياتها فاذا صدر عنه (ع) كلام يجب ان يكون فيه جميع ما يحتاج جميع الخلق في العوالم الثلثة من الدنيا والبرزخ والآخرة من مبدء الوجود الى آخر نهايات الجنة وترقياتها الى ما لا نهاية له لانها لا تنقطع ابدا لان فيض الله متسرمد بلا زوال ورحمته كاملة تامة فلا تنتهي قط وبالجملة كل كلام صادر عنه (ع) فيه جميع احكام ما سوى الله من الدرة وما فوقها ومن الذرة وما تحتها قال (ع) اوتيت جوامع الكلم ثم ان كلامه (ع) يترقى آنا فآنا لما يسير من عالم الى عالم نسبة ترقيات كلامه (ع) نسبة الجنين في بطن امه الى هذه الدنيا لانه لما ولد يترقى شيئا فشيئا كما ترى الى ان يصير في الجنة يرى ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره فلا يكون حاجبا لما وراءه ولا يجهل شيئا مما هو هناك نافذ الحكم عالما بكل شيء اراد الله سبحانه مما لا يخطر على قلب بشر من الناس لكن الناس نيام لا يشعرون قال (ع) الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا واهل البرزخ نيام اذا بعثوا انتبهوا وهم نيام اذا اكلوا من كبد الثور انتبهوا وهم نيام اذا اكلوا من كبد الحوت انتبهوا وهم نيام اذا شربوا من عين الكافور انتبهوا وهم نيام اذا شربوا من عين سلسبيل الذي مزاجه زنجبيل انتبهوا وهم نيام اذا دخلوا الكثيب (ظ) الاحمر انتبهوا وهم نيام اذا دخلوا الرفرف (ظ) الاخضر انتبهوا وهم نيام اذا دخلوا ارض الزعفران انتبهوا وهم نيام اذا دخلوا عالم الاعراف انتبهوا وهم نيام اذا دخلوا عالم الرضوان انتبهوا فهناك لا نوم ولا سنة ه‍ نسبة علم كل عالم الى عالم آخر من العوالم المذكورة في الترقي نسبة البحر الى القطرة ترقيات كلامه (ع) وتطوراته كترقيات القرآن واطواره بالصور المختلفة في العوالم المتعددة اذ القرآن كان نورا ابيض ثم صار نورا (ظ) اصفر ثم صار نورا اخضر ثم صار نورا احمر ثم صار نورا اخضر عميق ثم نورا اخضر يميل الى السواد ثم في يوم القيمة يأتي على صورة انسان فيمر على صفوف الخلق من الانبياء والانسان من الرعايا والملائكة كل صنف من اهل الصفوف يراه في النورانية والكمال والحسن والجمال احسن ما يكون من نوعه ناظرين الى القرآن متعجبين عما هو عليه سائلين بعضهم عن بعض اي نبي من الانبياء هذا والآخر يقول اي ولي من الاولياء والآخر اي ملك من الملائكة وهكذا لان القرآن نزل من العالم الاعلى بل نزل (ظ) بعلم الله فكذلك كلامه (ع) فاذا ترقيت في هذه العوالم المذكورة الى عالم الرضوان وعرفت هناك من هذا اللفظ اي كلمة الحمد لله مثلا معنى من المعاني اللانهاية هذا المعنى المدرك لك في ذلك العالم الاقصى هو الذي يعرفه الانبياء بظاهريتهم من لفظ الحمد لله من كلمة الحمد لله في هذه الدنيا بل ما فهمت هناك بالنسبة الى ما فهم الانبياء (ع) عدم لا شيء فاذا علمت الترقي في نفسك فاعلم ان الانبياء هكذا اذ هم يترقون ايضا في العوالم المذكورة الى مقام رضوانهم فهم عليهم السلام كل ما يعرفون هناك في اعلى مقاماتهم هو بالنسبة الى ما قصد الامام (ع) من ذلك اللفظ بعينه في هذا العالم ليس بشيء لان الكلام على قدر عقل المتكلم فكلما كان المتكلم عاليا مقامه كاملا عقله وفهمه كان كلامه ايضا كذلك والدليل على هذا المدعى قول مولينا الصادق (ع) حيث قال ان حديثنا صعب مستصعب خشن مخشوش اجرد ذكوان مقنع وفي اخرى قال عليه السلام ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن وفي اخرى الا نبي مرسل او ملك مقرب او مؤمن ممتحن قال (ع) الصعب هو البعير الذي لا يركب ضد الذلول والمستصعب هو البعير الذي يخافه من يراه ويهاب منه لان من ليس هو من نور الامام عليه السلام يخاف طبعه من كلامه (ع) ولا يقبل اليه حتى يفهم بل يقول لست انا مكلفا بهذا الحديث وانما تكليفي فهم مسألة الحلال والحرام لا غير واما من هو من سنخ نور امامه (ع) مخلوق من طينته اي من فاضله فهو لما رأى احاديث امامه عليه السلام حيي واستبشر يقبله ولو لم يفهم لكن خواص شيعتهم يفهمون كلام امامهم اي الذين يتأدبون بآدابهم وينهجون منهجهم ويسلكون مسلكهم قال (ع) كما في حديث كميل هجم بهم العلم على حقايق الايمان ( الامور خ‌ل ) وباشروا ارواح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بابدان ارواحهم معلقة بالمحل الاعلى الحديث خشن اي صعب مخشوش اي مخزم لصاحبه اجرد يعني يفهم من كل كلمة من كلماتهم ما يفهم من كلامهم كله يعني ان كل كلمة من كلماتهم عليهم السلام تام الدلالة تام المراد ولذا قال الباقر عليه السلام لو شئت لاستخرجت جميع ما يحتاج اليه الناس من الف‌لام الصمد فيفهم من بعض كلامهم (ع) ما يفهم من الكل كالالماس كلما تكسره تراه مثلثا وكالماء كلما ترمي فيه بشيء تراه بصورة الدائرة والامام (ع) ليس الا لله فليس في كلامه قصور واختلاف مثاله اي مثال ما قلنا من ان في بعض كلامه جميع ما كان في كل كلامه « لا » من « لا اله » لان « لا » يدل على التوحيد اذ حرف « لا » للنفي والنفي فرع الثبوت وبالجملة جميع كلامه من مطلقه ومقيده وعامه وخاصه ومجمله ومبينه كل واحد منها يفهم ما يفهم من الكل لكن اولئك كالانعام لهم قلوب لا يفقهون بها مع ان ماء الحيوة في الظلمات اي في ظلمات سواد الكلمات والآن يناديهم اسكندر الى الكيل والاخذ منه يسمع بعض ولا يسمع آخرون ذكوان يعني ان حديثهم ذكاء للمؤمن اذا نظر الى كلامهم (ع) يزيد في فطانته ومعرفته وله معنى آخر وهو ان حديثهم ذكوان اي طري دائما وله معنى آخر يعني ان كلامهم كريم يظهر منه ما كان مستترا من الاسرار والرموز دائما لان قلبهم عليهم السلام يقابل كلامهم (ع) فيجري من فوارة قلبهم الذي هو خزينة العلوم الالهية الى كلامهم (ع) ومن كلامهم تجري تلك المعاني والفيوضات الى ذهن الناظر هذا الفيضان ديمومي من دون نفاد ولا زوال بحيث اذا اراد المؤمن ان يكتب من حديث واحد من احاديثهم (ع) مجلدات يتمكن من ذلك وقال عليه السلام ان كلامنا يفسر بعضه بعضا هذا الذي قلنا انما هو حكم لمؤمن من هؤلاء المؤمنين من عرض الناس واما الخواص من شيعتهم فهم يفهمون من كلمة واحدة بالالطاف الالهية والعنايات (ظ) الربانية ما لا يجده غيرهم من جميع كلماتهم (ع) لان الخاص من شيعتهم حي قابل حيا فيجده ما لا يجده سواه انت الآن حي قابلت حيا تزيد ما شاء الله ولكن اكثركم لا يشعرون قوله (ع) مقنع يعني عليه حجاب والحجاب على انواع اذ الحجاب هو القناع فمرة يكون القناع قناع الظاهر وتارة قناع الستر واخرى سر السر ومرة سر مستسر او سر مقنع بالسر واخرى قناعه سر لا يفيده الا سر وهكذا الى ما لا نهاية له فالمؤمن لازال يكشف قناعا فيرى وراء القناع معنى جديدا طريا لم يكن قبل ذلك فلذا قال عليه السلام ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا نبي مرسل او ملك مقرب او مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للايمان ه‍ واعلم ان في الحديث اشكال بين على ما مهدنا من طريقتنا المستقيمة المأخوذة من الكتاب والسنة من ان المؤمن الممتحن من شعاع الانبياء والملك من شعاع المؤمن بواسطة كما فصل في محله بناء على هذا يرد علينا اشكال وهو انه كيف يكون يفهم الملك من معنى الحديث ما لا يفهمه المؤمن وكيف يكون يفهم المؤمن من الحديث ما لا يفهمه النبي وهم في السلسلة الطولية كل واحد منهم اثر للآخر اذ الملك اثر للمؤمن والمؤمن اثر للنبي (ص) وشعاع منه فنقول في حله هل المفهوم من الحديث الواحد معنى واحد (ظ) او معان مختلفة متعددة كتعدد النبي والملك والمؤمن في المرتبة او المراتب الثلثة انما هو رتبة شيء واحد فنقول انه ورد عن ابي عبد الله عليه السلام قال ذكرت التقية يوما عند عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال والله لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لكفره او قتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما فما ظنكم بسائر الخلق ان علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله الا صدور منيرة او قلوب سليمة او اخلاق حسنة ان الله تعالى اخذ من شيعتنا الميثاق كما اخذ على بني آدم ألست بربكم فمن وفي لنا وفي الله له بالجنة ومن ابغضنا ومن لم يؤد الينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا انتهى اما الاختصاص بالثلثة اي النبي المرسل والملك المقرب والمؤمن الممتحن فهو لاجل انحصار شرافة الاشياء في النبي والملك ثم الانسان من الرعية لانهم محل عناية (ظ) الله من بين سائر الموجودات من الحيوانات والجمادات والنباتات والاجنة لانها فضول وقشور بخلاف الثلثة المشار اليها لانهم اصول فاما المؤمن فالمراد به مؤمن الانسان والمؤمن يعرف ظاهر كلامهم عليهم السلام واما المؤمن الممتحن فهو يعرف باطن كلامهم (ع) لانه هو الذي رسخت حقيقة الايمان في قلبه بحيث لم يحم حوله اضطراب ولو خالفه الثقلان فهو كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف ولا يخفى ان للانسان الترقي شيئا بعد شيء بخلاف الملك فانه لا يزيد بوجه من الوجوه فالملائكة المقسمات لازال مقسمات والحافظات لازال حافظات والمدبرات لازال مدبرات والمعقبات لازال معقبات فلا يترقون عما هم عليه ابدا واما الملائكة المقربون منهم فهم الذين دائمون واقفون في مجلس الانس والحضور وهم محل افاضة الله تعالى ثم هم يفيضون العلوم الى قلوب المؤمنين فهؤلاء الملائكة الذين هم ديمومي الحضور هم المقربون قرب المكانة لا قرب المكان واما الانبياء المرسلون فهم لما بلغوا مقام النبوة صار لهم زيادة نور على لطيفة ذاتهم كالسراج لانه متنور في نفسه ومنور غيره بخلاف الغير المرسلين لانهم كالجمرة ينورون انفسهم فقط واما الذي لطيفة ذاته ناقصة منه فهذا كثير وهو جملة من الرعايا والمؤمن الممتحن من الرعايا ذو قلب طاهر نقي رسخ فيه الايمان حقيقة بحيث يقبل جميع ما يأتي من امامه (ع) ما لم يكن فيه انكار ضرورة ولا انكار اجماع من الشيعة الذي كان كاشفا عن قول المعصوم او رضائه ولا انكار عقل قاطع يعرفه الناس عدله فانه راجع الى الضرورة ايضا بهذا الاعتبار واما ما ينافي قول العلماء فهذا لم يكن دليلا على بطلان ما عليه المؤمن الممتحن اذا كان عند المؤمن علما فوق علم العلماء لان العلوم تزداد يوما فيوما كعلم النحو والمنطق والاصول ونحوها كلما رفعت لهم علما وضعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية ولا نهاية والايمان له درجات باعتبار درجات العلوم فلا يجوز لصاحب درجتين من الايمان ينكر على من هو صاحب اربع درجات وهكذا فالمؤمنون البالغون كالجبل لا تحركهم العواصف عواصف النفس الامارة بالسوء لان علم العلماء اثبت من الجبال الراسيات الثابتات كيف وعلمهم من فاضل علم الامام (ع) ولذا نقول ان الشيء له حالتان حالة من حيث المعاني فمن هذه الجهة علمه علم آل محمد (ع) لا علمه هو فلا يحتمل علمه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن كما سبق في حديث سلمان لانه وان كان سافلا لكنه حمل احكام العالي كلها على قدر حكايته اياه الا ترى انك حين ما تقرأ قوله تعالى اني انا الله لا اله الا انا انت حاك اذا والله سبحانه هو المتكلم لكنه بلسانك فانت حينئذ لسانه تعالى وقد ورد في سلمان انه اوتي علم الاولين والآخرين قيل يعني علم التورية والانجيل قال (ع) لا بل علم محمد وعليّ (ع) لان السلمان حكي علمهما (ع) كالمرآة للشاخص فعلمه علمهما (ع) لا يحتمل هذا العلم لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن والنبي صلى الله عليه وآله هو الذي كان علمه بوحي من الله تعالى حيث قال وماينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي وقال فيه (ص) انك لعلي خلق عظيم ولا ريب في من وصفه تعالى بالعظمة كان عظيما بحيث لم يكن وراها عظمة الا ترى ان الفقير اذا قال زيد كثير المال ووصفه بالتمول لعل يقول له الف ريال واما ملك التجار اذا اراد توصيف احد بذلك يقول فلان عنده كر او كرور واما السلطان اذا اراد ذلك يقول فلان صاحب الخزينة او خزائن هذا اذا كان مثل هؤلاء السلاطين واما اذا كان مثل سليمان النبي في القدرة والسلطنة او كذي ‌القرنين فلا حد لتوصيفه فعليه ( فعلى هذا ظ ) ما ظنك بالله الذي خلق العوالم اللانهاية فانه اذا وصف احدا بالكثرة او العظمة لم يكن لها حد قط اذا كان الوصف مطلقا والعظمة حاصلة بالاقبال الى الله المتعال والاعراض عما عداه بحيث لا يرى نفسه بل كان قد اندك جبل انيته ومهيته بالمرة فلما كان كذلك يكون فعله فعل الله واليه الاشارة في قوله تعالى مخاطبا لنبيه (ص) وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى وما صدر عن ذلك الطود العظيم اما قول او عمل فان كان قولا فقد قال تعالى في حقه وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي وقال عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون فعلى هذا كلامه كله وما يعمله باسره بوحي خاص من الله سبحانه فاذا تمهدت هذه المقدمة الشريفة نقول قد اجمعت الشيعة على ان عليّا عليه السلام نفس محمد (ص) بآية انفسنا فيكون ما ثبت لمحمد (ص) ثبت لعليّ عليه السلام وما ثبت له عليه السلام ثابت لاولاده عليهم السلام ضرورة ان الولد جزء للوالد فما ثبت للكل ثابت للجزء ثم نقول ان القرآن قد اتى به رسول الله (ص) وكذلك الاحاديث القدسية وغيرها كلها واما القرآن فقد قال تعالى وانه اي القرآن لقول رسول كريم وما عداه لا اشكال فيه الا ان الفرق بين الثلثة باعتبار النسبة كما تقول ان الكعبة بيت الله من صلى فيها صلوة واحدة يكتب له بكل ركعة مائة الف ركعة ومن صلى في مسجد النبي في المدينة صلوة يكتب له بكل ركعة عشرة آلاف ركعة ومن صلى في مسجد الكوفة صلوة يكتب له بكل ركعة الف ركعة مع ان ارض الكوفة اشرف من المدينة والمدينة اشرف من مكة المعظمة ولكن الفضيلة انما هي باعتبار النسبة العرضية لان الشرافة شرافتان عرضية باعتبار النسبة وذاتية باعتبار اصل الكينونة في اول الايجاد في سبق الاجابة فاذا عرفت ذلك فقد عرفت ان الثلثة منه صلى الله عليه وآله الا ان القرآن منسوب الى الله لفظا ومعنى والحديث النبوي والولوي منسوب اليهما (ع) لفظا ومعنى والحديث القدسي منسوب الى الله سبحانه معنى لا لفظا هذا قولهم في الفرق واما نحن فنقول انها كلها من الله في الحقيقة وكلها كلام الله لانهم عليهم السلام لا يفعلون ولا يقولون الا بامر من الله لما قلنا اذ كلها خرج من مصدر واحد وانما التفاوت باعتبار النسبة والاضافة كما قلنا قل الله خالق كل شيء وانه موجد كل شيء مثال الثلثة كما تقول عند قراءة القرآن اني انا الله لا اله الا انا فاعبدني - ولا تشرك بي شيئا وتقول قال رسول الله (ص) من يتعمد على كذبا فليتبوء مقعده من النار وتقول انت قلت انا كذا وكذا ثم اعلم انه تعالى لما قال لنبيه (ص) ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي قال للرعية لكم في رسول الله اسوة حسنة فافهم مسألة قالوا كل ما فعله النبي (ص) ليس بواجب وانما هو راجح الا اذا دل الدليل على وجوبه واما نحن فنقول ما فعله النبي (ص) فهو واجب فلنا متابعته لقوله تعالى عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون والامر للوجوب الا اذا دل الدليل على العدم والحاصل ان النبي (ص) موصوف بالعظمة ولا يكون العظمة الا بالعبودية التي هي اصل للعظمة فكان هو (ص) لا يسبقه بالقول ولا بالوحي فيكون امره امر الله ونهيه نهي الله وفعله فعل الله حيث لا فرق بينه (ص) وبين الله تعالى الا انه عبده وخلقه خلقه لنفسه بل خلق الائمة لنفسه لا لانفسهم كما قال مولينا الشيخ في هذا المقام كلاما ما احسنه واحلاه وهو ان الله خلق كل شيء على ما هو عليه والا لما كان هو اياه واما هم عليهم السلام فخلقهم الله الايكونوا لانفسهم وانما خلقهم ان يكونوا له تعالى والا لما كانوا هم على ما هم عليه فاذا كانوا هم عليهم السلام لله تعالى كان فعلهم فعله وامرهم امره ونهيهم نهيه ومعرفتهم معرفته واسفهم اسفه كما في الكافي عن ابي ‌عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : فلما آسفونا انتقمنا منهم فقال ان الله لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق لنفسه اولياء يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخطه لانه جعلهم الدعاة اليه والادلاء عليه فلذا صاروا كذلك ولا تتوهم ان ما يصل الى الله سبحانه يصل ذلك الى خلقه لكنه لم يقل هذا من ذلك بل قال من اهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني اليها وقال : من يطع الرسول فقد اطاع الله وقال : ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فكل هذا وشبهه على النهج الذي ذكرته لك ومثله الرضا والغضب فلو كان الله سبحانه محلا للاسف والضجر اللذين هما مخلوقان لله لجاز لقائل ان يقول ان الله يبيد يوما لانه اذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير واذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الابادة ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه ولا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا بل هو الخالق للاشياء لا لحاجة فاذا كان ايجاده لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه فافهم انتهى الحديث وقال في الكافي ايضا عن ابي عبد الله (ع) قال ان الله خلقنا فاحسن خلقنا وصورنا فاحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتي منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سمائه وارضه بنا اثمرت الاشجار واينعت الثمار وجرت الانهار وبنا ينزل غيث السماء ونبت عشب الارض وبعبادتنا عبد الله ولولا نحن ماعبد الله ه‍ وفيه عنه (ع) في قول الله عز وجل : ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها قال نحن والله اسماء الله الحسنى التي لا يقبل الله من العباد الا بمعرفتنا ه‍ الى غير ذلك من الاخبار فاذا كانوا هم اسم الله تعالى والادلاء عليه وانه تعالى خلق العرش والكرسي والسموات والشمس والقمر والنجوم والكواكب كلها وجبلات (ظ) الخلايق باسرها بالاسم كما في الدعاء على ما رواه في مهج الدعوات كما سيأتي فيما بعد ان شاء الله تعالى كانوا لا يدلون هم (ع) الا على الله وذلك جار في اقوالهم وافعالهم واعمالهم وما لهم واليهم وبهم وفيهم وعنهم ولديهم وعندهم حيث ليس لهم جهة غير جهته تعالى فيكون كلامهم كلام الله فعلى هذا لا فرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي لانها من الله لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون

و صلى الله على محمد وآله

الليلة الرابعة من شهر رمضان المبارك سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله واعلم انه (ع) اختلف صدور الكلام منه باعتبار انه يعطي كل ذي حق حقه فلما كان الناس على اصناف شتى كل واقف على ما هو عليه هذا من اصحاب القشر والظاهر العوام وهذا اهل اللب والمعنى والحقيقة وهؤلاء اهل الفصاحة والبلاغة اجرى الكلام على حسب مقاماتهم ومراتبهم التي كانوا عليها وهذا هو معنى الحكيم الذي يضع كل شيء محله لانه عليه السلام هو الذي يرجع الناس اليه عند الاختلاف والتشاجر واليه نزلت الآية في الكتاب الكريم فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما والدليل على ان المخاطب فيها هو مولينا عليّ (ع) قوله تعالى قبل الآية حيث قال ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ضرورة ان المخاطب في جاؤك غير الرسول بقرينة قوله واستغفر لهم الرسول فلو كان المخاطب فيها هو الرسول لكان المناسب ان يقول واستغفرت بدل واستغفر لهم الرسول والاصل عدم كونها نازلة من باب الالتفات بل الآية هذه في على تنزيلا وتأويلا كما في تفسير عليّ بن ابرهيم (ره) فعلي هذا يكون المراد من قوله فلا وربك الآية هو عليّ عليه السلام فيكون هو (ع) الميزان الرافع للخلاف الذي يجب التسليم له والرجوع اليه وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير واحسن تأويلا واعلم ان ما في قوله تعالى فيما شجر بينهم من ادوات العموم يعني جميع ما وقع فيه الخلاف والنزاع لجميع امة محمد (ص) وامة محمد (ص) هم العالمون كلهم ضرورة انه (ص) نذير للعالمين ثم اعلم انه لا بد ان يكون هو عليه السلام حكما في جميع ما يحتاجون اليه من العلوم والاحكام والامدادات التي يحتاج اليها الناس ثم اعلم انه لا بد ان يكون هذا الحاكم عالما بالمعلومات بعلم احاطة على جميع الخلق وما يحتاجون اليه حتى يكون حجة الله بالغة ووجوب كون الامام (ع) كذلك ثابت من باب اللطف ثم انه لا بد ان يكون الامام (ع) يتمكن منه الخلق اما بنفسه او باعواضه وابداله وكلماته وبياناته ولكن الناس لم يدركوا الامر كما هو بل جعلوا بهوائهم لانفسهم قواعد وقوانين يرجعون اليها عند الحاجة حتى قال من قال من اجلائهم واكابرهم ان الاحاديث ليست امورا برهانية تميل اليها القلوب وتسكن عندها النفوس والحاصل كلامنا كان في تفسير قوله الحمد لله فلما فرغنا من ذكر المقدمة وقلنا ان قوله عليه السلام قول الله وكلامه كلام الله عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وماتشاؤن الا ان يشاء الله اردنا تفسير قوله الحمد لله فنقول انه عليه السلام ابتدأ بالحمد نظرا الى قول النبي المكرم المعظم صلى الله عليه وآله وسلم كل امر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد لله فهو اجزم ( اجذم ظ ) او ابتر قال العلماء الابتداء على ثلثة اقسام حقيقي واضافي وعرفي كل ذلك ليس بشيء لما ستعلم في محله فاما الذي نقوله نحن فهو ان الاسم هو ما دل على المسمى كما قاله عليه السلام فلما كان ائمتنا عليهم السلام ادلاء على الله كانوا هم اسم الله قال (ع) نحن الاسماء الحسنى وهذا الكلام كما ترى يفيد الحصر لضمير الفصل والخبر المعرف باللام واما الباقون من الخلق فهم اسم الاسم او اسم اسم الاسم وهكذا فلما كانوا هم (ع) اسماء الله فاعلم ان اسمه تعالى نوعان اسم تدويني واسم تكويني وهم (ع) في هذا المقام اسم الله التكويني الذي به خلق كل شيء من خلق الماديات والمجردات والغيبيات والشهوديات كلها كما ذكر في مهج الدعوات في الدعاء اللهم اني اسألك باسمك الذي اذا ذكرت تزعزعت منه السموات وانشقت منه الارضون وتقطعت منه السحاب وتصدعت منه الجبال وجرت منه الرياح الى ان قال وبالاسم الذي وضع على الجنة فازلفت وعلى الجحيم فسعرت الى ان قال وعلى الشمس فاشرقت وعلى القمر فانار واضاء الى ان قال وبالاسم القدوس القديم المتقدم المختار الجبار المتكبر الكبير المتعظم العزيز المهيمن الملك المقتدر الحميد المجيد الصمد المتوحد المتفرد المتعال وبالاسم المخزون المكنون في علمه المحيط بعرشه الطاهر المطهر المبارك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الاول الآخر الظاهر الباطن الكائن قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد فناء كل شيء لم يزل ولا يزال ولا يفنى ولا يتغير نور على نور الى ان قال وبالاسم الذي خلق به جبلات الخلق كلهم فاذا عرفت معنى الاسم وفعله وتأثيره فاعلم ان من الاسماء اسم الجلالة معناه كما ذكره الصدوق في كتاب التوحيد عنه (ع) الى ان قال قلت له (ع) الله قال (ع) الالف آلاء الله من النعيم على ولايتنا واللام الزام الله الخلق ولايتنا والهاء هوان لمن خالف ولايتنا وفي هذا المعنى سر عجيب وامر غريب وشيء لطيف لا يدركه الا الاقلون النادرون الذين هم اقل من الكبريت الاحمر والغراب الاعصم ثم اعلم ان البسملة مركبة من الكلمات الاربعة الاسم والله والرحمن والرحيم فاما الاسم فهو الرتبة الجامعة الشاملة للاسماء كلها واما الثلثة الاسماء الاخرى بعده فهي تفصيله نسبة الاسم اليها نسبة المطلق الى المقيد فتبصر فان هذا الاسم هو الاسم المخزون المكنون الذي عنده تعالى كما فصل حكمه في محله ثم اعلم ان الائمة عليهم السلام هم اسم الله تعالى وهم الادلاء عليه كالاسم اللفظي المركب من الالف واللام ثم اللام والهاء حرفا بحرف يعني انه كما الفت هذه الحروف تأليفا بحيث لا يدل بتأليفه الا على الله سبحانه فكذلك حقيقتهم حقيقة الفت وخلقت بحيث لا تدل الا على الله تعالى فهي اي الحقيقة اسم الله لا انها اي الحقيقة المحمدية هو الله حاشاه حاشاه بل انما هي اسم الله في الزيارة السلام على اسم الله الرضي ثم اعلم ان البسملة حروفها تسعة‌ عشر اذا استنطقتها كان المستنطق واحدا والواحد هو على صورة الالف فاذا كررت كانت باء والباء اثنان والاثنان لا يقوم به الاركان فلا بد من التكرار فاذا كررت الباء كان دالا والدال تمام الاركان الاربعة التي هي اصل الشيء واذا كررنا الدال حصل الحاء فاذا جمعت بين الدال والحاء كان حدا والحد اثني عشر فاحفظوا حدود الله ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الكافرون الظالمون ثم اذا كررت الحاء خمس مرات حصل منه الميم الجامعة للمراتب كلها قال تعالى خمرت طينة آدم اربعين صباحا فلما كانت الميم جامعة جعلناها ( جعلت خ‌ل ) في الوسط وحيث كانت تفصيل الحاء اكثر من الدال جعلت على اليمين والدال على اليسار فصار حمدا والحمد تفصيل البسملة كما اشرنا واذا اردت ظهور الحمد في عالم الاجسام كررت الميم مرة ثانية فكان محمد فالحمد اتى بالتفصيل المطوي في البسملة والتكوين على طبق التدوين فاعرفه ان كنت من اهل العدل والدين فلما كان الحمد تفصيل البسملة صارت البسملة مصدرا للحمد اشتق منها والحمد مادته شكل التربيع لان مخرج الحاء والميم والدال مخرج الربع ولكنه في الصورة فمثلث لانه مركب من ثلثة احرف وهي الحاء والميم والدال فالحمد بوحدته مبدء الاعداد المزدوجة والاعداد المفردة ضرورة انا قد برهنا وقررنا بامتناع الواحد الحقيقي في عالم الامكان وانما هو هذا حكم الوجوب تعالى فلا يكون الواحد في الحدوث موجودا حقيقة وانما الامكان مركب من جهتين جهة الفاعل وجهة المفعول نفسه ولا شك ان الاثنين لا يتحقق الا بالربط بينهما فيكون بملاحظة الربط مثلثا فاول مرتبة الممكن هو التثليث وهي الجزءان والهيئة التأليفية فعليه يكون الثلثة اول الفرد كما ان الاربعة اول الزوج اذ الاثنين مع ملاحظة الربط والارتباط من الطرفين اربعة فالواحد ثلثة الام والام والابن وهو اربعة بملاحظة الجد وهو سبعة ان لوحظ المبدءان مبدء الفرد ومبدء الزوج وهو ااثنا عشر بضرب الثلثة في الاربعة وهو اربعة عشر بضرب السبعة في نفسها وهو اثنان نبي وولي فلما كان الحمد كلمة جامعة كما ذكرنا بانه جمعت الكمالات العددية ايضا فان قلت انه واحد صدقت وان قلت انه اثنان صدقت وان قلت انه ثلثة اصبت وان قلت انه اربعة وصلت وان قلت انه سبعة ادركت وان قلت انه ااثنا عشر بلغت وان قلت انه اربعة عشر حصلت هذه كلها علمنا الله بالحمد (ص) فلما علمت ان الحمد تفصيل للبسملة علمت ان كلما قلت الحمد لله وابتدأت به فقد ابتدأت بالبسملة واذا ابتدأت بالبسملة فقد ابتدأت بالحمد لله فلما ادركت ما اشرنا من بعض احكام الحمد فالتفت الى ما يتلي عليك مما اراد الله سبحانه من التحلي لهذه الحقيقة المقدسة الجامعة بحلية منه واراد ان ينسبها الى نفسه وان كان هو تعالى اظهر من كل شيء لكنه من شدة ظهوره خفي ومن عظم نوره استتر فاتي بحرف التعريف اشارة الى انه لا فرق بينه تعالى وبينها في التعرف والتعريف اذ من عرفه فقد عرف الله وحرف التعريف الف من حيث اتصالها باللام لانها مظهر للالف والالف مقامها الوحدة والاستقلال واللام اشارة الى الكثرة وهي للوقاية للالف فلما اراد الله سبحانه ان يعرفه (ع) للعالمين قدم الالف على اللام حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه ولذلك ذل كل شيء لهم وخضع كل جبار متكبر لكبريائهم وطأطأ لهم كل شريف وكل متبختر لشرفهم فلما اذهب الله عنهم الرجس والقذر والكثافات وطهرهم (ظ) عن الدنس والنجاسات قدمهم على كل شيء وشرفهم على كل شيء فجعلهم متبوعا لكل شيء ومقصودا لكل شيء قولنا اذهب عنهم الرجس ليس انه هناك رجس متحقق ثابت ثم اذهب به عنهم وانما هذا كقولك ان الله ليس بجسم وانه لا في جهة يعني ان هذا لرفع الرجس المتوهم الامكاني فهذا القول مكنسة لغبار الاوهام الباطلة الضعيفة فلما عرفهم الله تعالى بعد ما اذهب عنهم الرجس وبين انهم ليس فيهم اختلاف خصهم الله لنفسه فقال الحمد لله يعني ان هذه الحقيقة ليست لنفسها ضرورة انهم عليهم السلام صنعوا لله فلو خلقهم الله تعالى لانفسهم كان خلقهم على خلاف ما هم عليه سلام الله عليهم ثم ان الحمد هو بسم الله الرحمن الرحيم لان كلما في الحمد في البسملة والحمد هو الثناء باللسان على جميل الاختياري نعمة كان او غيرها يعني لسان الله بل نفسه نفس الثناء اي نفس اظهار كمالاته انا لا احصي ثناء عليك انت (ظ) كما اثنيت على نفسك فهو صلى الله عليه وآله حيث ليس له جهة انية صارت كينونته (ص) ثناء الله تعالى واذا علمت انه الحمد وانه الثناء علمت ان كل امر ذي بال بغير ذكرهم عليهم السلام فهو ابتر واقطع لانه بهم فتح الله وبهم يختم فهم مفتتح كل شيء ومبدء كل شيء وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الليلة السابعة من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله وقد بينا ان الحمد هو الحقيقة المحمدية وانها واحدة باعتبار انها حقيقة واحدة وانها اثنان باعتبار النبوة والولاية او باعتبار النبي والولي لان النبي بمنزلة المادة والولي بمنزلة الصورة وهما من اركان التوحيد كما قال الرضا (ع) الى ان قال بشرطها وشروطها وانا من شروطها ولا ريب ان المشروط عدم عند عدم الشرط قال تعالى خطابا لنبيه انما انت منذر ولكل قوم هاد وقال صلى الله عليه وآله انا المنذر وانت الهادي يا عليّ فعلى النبي الاراءة اراءة الطريق وعلى الولي (ع) الايصال الى المطلوب وعلى النبي اجمال البيان وعلى الولي تفصيله وشرحه فهما عليهما السلام اصلا لكل شيء ومبدءاه فالحقيقة واحدة باعتبار واثنان باعتبار وثلثة باعتبار اي الاب والام والابن واربعة باعتبار ملاحظة الجد معهم وسبعة باعتبار ملاحظة ان الغير المكررة من اسمائهم سبعة محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وموسى وجعفر واثنا عشر باعتبار ضرب الثلثة في الاربعة واربعة عشر باعتبار تثني السبعة فيكون السبع المثاني فلذا وجبت سورة الحمد في كل صلوة مرتين ليتم العدد ( ١٤ )

فائدة اعلم ان السورة (ظ) كلها على حدود اولها لان الكلمة الاولي منها محيطة بجميع ما فيها ثم اعلم ان اصل كل شيء الوجود الا انه لا يتم لا يتم (كذا) الا بالمهية والصلوة لا تتم الا بالركعة الثانية وبيان ذلك هو ان الله سبحانه لما كان المجهول الكنه والمجهول المطلق والمنقطع الوجداني والعقل لا يدرك الا ما كان محدودا معينا في عالم الامكان وصف نفسه بوصفين حالي ومقالي والوصف الحالي هو حقيقة الاشياء وذواتهم وهو اولى من المقالي واقرب وهو تعالى لا يترك الاولى ثم ذلك الوصف الحالي الدال على الله تعالى كالوصف القالي لا اله الا الله حرفا بحرف ثم ان هذا الوصف القالي كما ان واسطة بيانه وايصاله هو النبي والولي (ع) كذلك الوصف الحالي الكينونتي (كذا) الذي هو حقيقة الاشياء وذواتها اذ الكتابان متطابقان وان القالي بيان وشرح للحالي فالنبي (ص) صاحب الارادة والولي هو صاحب اعطاء كل ذي حق حقه من النعيم والجحيم وهو نعمة الله على الابرار ونقمته على الفجار وهو الفارق بين المؤمنين والكفار ثم الاخيار والاشرار من اهل الجنة والنار والحاصل ان الله تعالى لما كان كاملا يكون وصفه كذلك فمقتضي الكمال الجمع بين وصفي الحالي والقالي اي التعريف الموصوفي والوصفي لا يظن ظان ان قولنا التعريف الموصوفي المراد به هو ان الموضوع له للقرآن هو حقيقة الشيء وانه هو المقصود منه لانه لا يغني من الحق شيئا وانما المراد به ان الذوات والحقايق من الاشياء حيث لا تدرك وراء انفسها ولا تعرف غيرها انما تحد الادوات انفسها رجع من الوصف الى الوصف ودام الملك في الملك انتهى المخلوق الى نفسه والجأه الطلب الى شكله لان الطريق مسدود والطلب مردود ولا يكون وصفهم الا لانفسهم كوصف النملة والا ففي الحقيقة ان الحقيقة من الشيء وصف لله لا انها موصوف نعم انما هي موصوف باعتبار الادراك الواقع عليها واما باعتبار المراد والقصد فالموصوف هو الله تعالى والوصف الحالي هو آية الله المذكورة في قوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق والمادة في الشيء آية النبي (ص) كما ان الصورة له آية الولي (ع) ولا شك ان الولي ركن التوحيد كما ان النبي (ص) كذلك فهما اركان التوحيد وهو من شروطه كما سبق آنفا ثم انه تعالى كما عرف نفسه للخلق كذلك الولي عرف نفسه لهم ليعرفوه وانت قبل وجودك وحقيقتك ليس لك ذكر ولا يمكنك التوجه الى الله تعالى والاقبال اليه سبحانه واما حقيقتك اي ذاتك حيث كانت نورا من صبح الازل الامام (ع) والنبي الذي له من الله السلام اذا عرفتها وتوجهت بها الى الله فقد تمكنت من ذلك فمعرفة النبوة والولاية موجودة في نفسك وتلك المعرفة هي نفسك وانما هي حقيقتك الجامعة وهي التي قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم الآية والاتيان بالسين الاستقبالية انما هو لاجل ان الآية لا تعرف من اول الامر وانما تكون المعرفة بعد النظر والتدبر فهي اشارة الى هذا وتلك الآية الآفاقية هي التي قالها الصادق (ع) في قوله اي آية اراها الله سبحانه في الآفاق وانفس الخلائق غيرنا وهي التي قال مولينا امير المؤمنين (ع) اي آية اكبر مني وهو (ع) الآيات كلها كما في قصة فرعون واريناه آياتنا كلها يعني عليا (ع) اذ هو (ع) الاسم الذي ملأ اركان كل شيء وهو الذي قال تعالى وفي انفسكم أفلاتبصرون من عرف نفسه فقد عرف ربه لكن لما نسوا الله فانساهم انفسهم

تنبيه انكار الخلق معرفته تعالى لم يكن لاجل نسيانهم ربهم وغفلتهم عن بارئهم وصانعهم جل وعلا بما ظهر لهم بهم في انفسهم وذواتهم بما يحتاجون من التوحيد والرسالة والولاية واحكام العبودية من الخضوع والخشوع وسائر الاحكام والآداب مفصلا مشروحا ولكن الناس على حد قول الشاعر : آنچه خود داشت ز بيگانه تمنا مي‌كرد والدليل على المدعي اي معرفة الخلق بجميع ما يحتاجون اليه النقل الساطع والعقل اللائح فاما العقل فنقول لا شك انه تعالى كامل مقتضى الكمال الايجاد على نحو لا يقال لو كان كذا لكان احسن اذ من المعلوم ان كلما كان الصنع كاملا يكون ادل على كمال الصانع القدير ولا ريب ان الجامعية والعلم اولى واكمل وارجح ولا مانع لذلك بوجه من الوجوه واما النقل فمنه قوله (ع) في الزيارة الجامعة الكبيرة فبلغ الله بكم اشرف محل المكرمين واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في ادراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه فعرفتهم (ع) في المقامات العشرة ثم ان اسماءهم (ع) مكتوبة على كل شيء موجودة في كل شيء فاسمهم في العرش والكرسي والسموات والارضين ورؤس الجبال وفي المياه والانهار والبحار وغيرها بل ان الله كتب على كل شيء لا اله الا الله محمد رسول الله عليّ ولي الله الا ان في كل شيء على حسب ذلك الشيء ولكن اكثر الناس عن لب العرفان لغافلون مع انه تعالى عرفهم الا انهم نسوا الذكر فجهلوه فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ويؤيد ذلك ما انزل الله في كتابه المجيد لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا فلولاكان ما اراده تعالى من العباد موجودا فيهم محفوظا عندهم مكتوبا في الواح مراتبهم ومشاعرهم لماكان للمنة والامتنان معنى بل كان واجبا عليه تعالى ضرورة انه تعالى خلقهم للمعرفة والعبودية فلولا ما شاء منهم فيهم موجودا وجب عليه تعالى بيان تكليفهم على ما به رشدهم وهدايتهم من الاوامر والنواهي دون ان يمن عليهم بذكره فعلم من هذا البيان ان الاله المنان جعل ما يريد من الانسان في حقيقته التي هي كتابه كما ينظر اليه صريح ما عن عليّ (ع) :

وتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وانت الكتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر

واليه ناظر قوله ايضا كما في الغرر والدرر حيث قال ان الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيمينه وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب وهي الحجة على كل جاحد وهي الصراط المستقيم الى كل خير وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار ه‍ هذه كلها باخبار النبي (ص) وانبائه (ص) لكن النبوة لا بد لها من حامل فانظر الى السموات والارض ماذا ولكن اكثر الناس لغافلون ثم اعلم ان الانتفاع من هذا الكتاب التدويني انما هو بعد النظر والانتفاع من الكتاب التكويني الحالي الذي من عرفه عرف الرب تعالى والحاصل ان الله سبحانه عرف للخلق ما اراد منهم من اعتقاداتهم وفروعهم وشرايعهم واحكامهم وبين لهم ما يتقون وذلك التعريف والبيان قسمان احدهما حالي والآخر مقالي والحالي وصفه تعالى نفسه لعبده بنفسه اذ الوصف كلما كان اقرب الى من وصف له كان اكمل وكل ما هو اكمل اولى واحسن وترك الاولى يستلزم ارتكاب القبيح المستلزم للعجز اولا والجهل ثانيا والبخل ثالثا وترجيح المرجوح على الراجح رابعا واللوازم كلها كما ترى باطلة كيف وانه تعالى عاتب انبياءه وعاقبهم على ترك الاولى فكيف هو تعالى يترك ما عاتب تاركه فان فعله يتوجه اليه تعالى ما انزله في الكتاب أتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم ولا شك ان الاقرب الى الشيء من نفس الشيء ليس الا نفسه فجعل سبحانه نفس الشيء تعريفا حاليا وكتابا نفسيا وبيانا ذاتيا فلما كان الجمع بين الكتابين اولى قارن الحالي بالمقالي ذلك اتمام الصنع واكمال الامر انه من لدن قادر حكيم ثم اعلم ان هذا الكتاب المستطاب الالهي من اوله الى آخره وصف الكينونة قال (ع) ان القرآن نزل ارباعا ربع فينا وربع في اعداءنا وربع في القصص وربع في الشرايع والاحكام وفي اخرى انه نزل اثلاثا ثلث فينا اهل البيت (ع) وثلث في اعدائنا وثلث في القصص والاحكام وفي اخرى ان القرآن قد كني فيه تعالى عن اسمائنا بكل خير وكني فيه عن اسماء اعداءنا بكل باطل وشر يعني نصفه فينا ونصفه في اعدائنا وفي اخرى ان القرآن كله في اهل البيت (ع) كما هو صريح قول عليّ (ع) كل ما في الكتب الماضية والصحف المنزلة في القرآن وكل ما في القرآن في الحمد وكلما في الحمد في البسملة وكل ما في البسملة في الباء وكل ما في الباء في النقطة وانا النقطة تحت الباء ه‍ واما الاحكام التي في القرآن من الحدود والعقود والصلوة والزكوة فهذه شرح عبوديتهم وخضوعهم لله سبحانه واما الحمد فجامع جميع ما في البسملة التي جامعة فيها احكام القرآن واسراره فمن اتى بالحمد فقد اتى بجميع ما في القرآن ورد في من قال الحمد لله كما هو اهله ومستحقه فقد اتى بجميع حمد الحامدين واما ان البسملة والحمد له صارا مستحبين فلبيان انهما اسمان للائمة (ع) وهم (ع) يحبون ان يذكر اسماؤهم مع كل شيء فلا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فانه لفسق وهم (ع) اسم الله تعالى كما سبق ويأتي فيما بعد ان شاء الله تعالى

فائدة انهم (ع) يحتاجون الى جبرئيل في عالم البشرية كما يحتاجون الى السمع والبصر لادراك القلب في عالم الاجسام واما هم (ع) في عالم الارواح والنورانية فلا يحتاجون الى جبرئيل كما ورد ان النبي (ص) في ليلة المعراج لما اسري به ووصل الى بيت المعمور لم يبق معه (ص) من الملائكة الا من كان من سنخ ذلك العالم وهكذا في كل عالم الى ان وصل الى العرش وهو (ص) لابس ثيابه التي كان لابسا في الارض وهو (ص) متنعل بنعله الذي كان يمشي به الى المستراح والحاصل لهم عليهم السلام مقامان احدهما لطيف والآخر كثيف واللطيف يدرك الكثيف وينفذ فيه كالجن الذي ينفذ في الاجسام بلطافته واما العرض فلو اريد اظهاره في العالم فلا بد من جوهر يكون مظهرا للعرض والا لم يظهر قط

و صلى الله على محمد وآله

الليلة الثامنة من شهر رمضان المبارك من شهور ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله اقول انه لا يخفى على ذي حجي ان الالف من الحروف اكثر دورانا لكنه عليه السلام خطب خطبة ليس فيها الف اولها : حمدت حمد معترف حمدا الخ ماكنا منه الآن ولكن الكلام الحين في تفسير الحمد لله فنقول انها جملة اسمية والجملة جملتان اسمية وفعلية قالوا ان الاسمية اشرف من الفعلية ونحن قلنا بل الفعلية اشرف لانا نجد عيانا ان الاسم يقع معمولا للفعل من دون عكس ولا شك ان العامل اشرف من المعمول فلا اعتماد على ما رأوا وانما الاعتماد على ما رووا لانهم انما يروون عن عليّ (ع) لانهم اخذوا النحو من عليّ عليه السلام فما ادركوا ما تلقوه منه فما رأوه ليس بحجة نعم اذا طابق الدليل فذاك حجة وكذلك الذي اتفقوا عليه من المسائل المنسوبة الى عليّ عليه السلام من دون معارض يعارضه من المذهب والدين والجملة الفعلية قد تكون على تعبير حمدت الله حمدا وقد يكون على تعبير احمد الله حمدا كذا وكذا والكل له نكتة واقعية لانه اذا تكلم المتكلم باذن من الله ووحيه فلا يكون الاختلاف في تعبيراته عبثا والا يلزم العبث في فعل الله تعالى وهو محال لا يجوز بحال من الاحوال وان اردنا تفصيل الوجوه وعلتها يطول بنا الكلام فنقتصر الكلام في معرفة الجملتين الاسمية والفعلية فنقول ان القوم ذهبوا الى شرافة الجملة الاسمية اتفاقا منهم لان الاسم هو الاصل وهو المشتق منه وبه يتم الكلام دون الفعل اذ ضرب ضرب ليس بكلام بخلاف زيد قائم واما نحن فنقول ان الفعل اشرف لانه الاصل وهو المشتق منه للاسماء كلها قال عليه السلام خلق الله المشية بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشية والمشية هو الامر الذي هو كن قال انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون يعني امره قوله كن وهو ما انبأ عن حركة المسمى كما قاله عليّ عليه السلام فهو الامر الذي قام به السموات والارض ومن آياته ان تقوم السموات والارض بامره اي سماء المقبولات وارض القابليات كائنة ما كانت وبالغة ما بلغت فبالفعل خلق الله الكائنات وعنه صدرت الموجودات من المجردات والماديات والفعل هو الخلق الساكن الذي لا يدرك بالسكون اي لا بالمقابلة التي هي ضد الحركة لان الضدين (ظ) به كونا وعنه صدرا ولا يجري عليه ما هو اجراه والسكون هنا كناية عن الاستقلال واما الاسم فهو اثر للفعل معمول له ومتأثر منه كما في قولك ضرب ضربا والاسم وان كان يطلق في بعض الاطلاقات على المنبئ اذ كان مشتقا من الوسم وهو العلامة والدلالة على المسمى

فائدة واعلم ان كل موجود فاعل وفعل ومفعول والمراد من الفاعل هو الذات المسمى الدال الذي اشتق من المصدر المشتق من الفعل والمراد من الاشتقاق هو اقتطاع فرع من اصل يدور على حروف اصوله الفروع واما انه فعل فبملاحظة وساطته بين الفاعل والمفعول واما انه مفعول فبملاحظة هويته وانيته والفعل هو ما دل على معنى كائن في نفسه مقترن باحد الازمنة الثلثة وهو ما انبأ عن حركة المسمى انما هو حركة يعني انه ليس بساكن لا يستمد بل هو لازال مستمد من ربه وانه متصرم منقطع فاشار بالحركة الى امرين احدهما الاستمداد والآخر الانقطاع والتصرم والفناء والزمان مطلق الوقت وهو لم يكن جزءا لمهية الفعل وانما هو امر خارج عن حقيقة الفعل لكن لما كان الفعل لا يوجد في الخارج ولا يتعلق بمتعلق الا في زمان من الازمنة الثلثة قال مقترنا بها وان الفعل لا كيف له كما ان الله تعالى لا كيف له وهو المأثور فلما اراد الله تعالى ان لا يتوهم في حق الفعل الاستقلال قال مقترنا بالزمان بلسانه عليّ عليه السلام لانه تعالى هو الواضع كما حققناه في محله والنحاة انما اخذوا تعريفهم منه عليه السلام

فائدة كلما كان فيه الاضمحلال اكثر في الامكان كان الكمال له اكثر بخلاف الاستقلال لانه نقص للامكان وكمال للواجب ولذا قال الرضا عليه السلام الفعل خلق ساكن لا يدرك بالسكون يعني لا يدرك بالاستقلال في احد المعاني فلما عرفت ان الكمال في الحدوث الاضمحلال كالفعل دون الاستقلال كالاسم وعلمت ان الخضوع والعبودية هو الاصل في الامكان عرفت ان الفعل اشرف من الاسم لانه دال على الاستقلال فالفعل هو الائمة عليهم السلام والاسم هو الرعية لانيتهم والمشتقات هم الانبياء (ع) والحرف هو الملك اذ هو جهة الرب بين الاشياء والربط لا تذوت له الا تذوتا حرفيا ثم اعلم ان الفعل هو المجعول الاول الذي لا يلحقه لاحق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في ادراكه طامع وهو اي الفعل النبوة والولاية والفعل هو احداثه تعالى لا من شيء لا غير لانه سبحانه لا يهم ولا يروي ولا يفكر فاذا اراد شيئا يقول له كن فيكون من دون لفظ ولا كيف لفعله كما انه لا كيف له وهو الاسم الذي خلقه بالحروف غير متصوت وبالشخص غير مجسد الى ان قال منفي عنه الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار بل هذا الاسم اثر للفعل فكيف الفعل نفسه في انه لا حد له ولا قطر قولنا ان الفعل مقترن بالزمان باعتبار المتعلق معناه ان الزمان ليس جزء لازما للفعل ولا انه صفة ذاتيه له وانما هو حاصل بالاقتران عند الاقتران في هذا العالم والقرينة في ذلك قولهم مقترنا باحد الازمنة الثلثة اي الحال والماضي والاستقبال وهذه الازمنة كلها باعتبار الافلاك والاجسام عند القشريين وهي جزء مقوم للشيء عندنا ثم ان الزمان عندنا استمرار الشيء وهو غير الشيء فهو امر زايد على الحقيقة نفسها والفعل هو الحقيقة المحمدية وهو الاصل لانه اما انه سبق الحقيقة او لحقها او هو هي فان قلت انه سبقها فقد خالفت ضرورة المسلمين لانهم قالوا انه صلى الله عليه وآله اول خلق الله قال لا يسبقهم سابق الى ان قال ولا يطمع في ادراكهم طامع مع ان الخلق طمعوا في الربوبية فان قلت انه بعد الحقيقة فهو ثابت له اذا بطريق الاولى وان قلت انه هي وهي هو فقد اتيت بالمراد وشربت من بحر الصاد ثم ان اول ما صدر عن الفعل هو المفعول المطلق فلما تعين المفعول المطلق صار المفعول به وله وفيه ومعه واما انه اي الفعل اشرف من الاسم فلانه مشتق من الفعل فما هو في ظاهر اللفظ مشتق من الشيء فهو مشتق في المعنى منه ضرورة ثبوت المناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى لما برهنا في محله بان الواضع للالفاظ هو الله تعالى وانه سبحانه حكيم وقلنا ان المناسبة الملحوظة بين اللفظ والمعنى اولى من عدمها والا لزم النقص وترك الاولى في الصنع وذلك ينادي على نقص الصانع تبارك وتعالى ثم انا قد قلنا مرارا ان الاستدلال على ما هناك اي عالم المعنى والروح لا يعلم الا بما هيهنا اي عالم اللفظ والجسد فعلي هذا كل شيء تراه فرعا في اللفظ فهو فرع في المعنى وكل شيء اصل في اللفظ فهو اصل في المعنى الا ما خرج باعتبار اللطخ والعارض فاذا علمت ذلك اجريته في قولك ضربت ضربا لان ضرب هو الفعل والتاء من ضربت هو الفاعل المشتق من الفعل وضربا هو المفعول الاول المطلق الذي بتبعيته حصل المفعولات كلها فجميع ما دون الفعل به كان ومنه صدر كما قال (ع) ثم خلق الاشياء بالمشية كما ان المنويات كلها بالنية والحاصل الفعل هو الامام والاسم المشتق هو النبي والحرف هو الملك والجوامد من الاسماء هي سائر الموجودات فان قلت على ما ذكرت كان الانسب ان يقال فيهم (ع) انهم (ع) هم الافعال الحسنى دون الاسماء الحسنى قلت الاسم له اطلاقات فمرة نطلقه ونريد به ما دل على المسمى فعلى هذا يشمل الاسم الاسم والفعل والحرف ضرورة ان كل واحد منها دال على الله فيكون الكل اسما ومرة نطلقه ونريد به الاسم في قبال الفعل والحرف هذا هو المراد هنا ثم ان الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله واحدة انقسمت على قسمين وذلك في التقسيم الاولى قسمت الى نبي وولي قال تعالى للنصف كن محمدا وللآخر كن عليا كما في الخبر فصار احدهما مبدء الاجمال كله كالعرش للاجسام والآخر مبدء التفصيل كله وهو اذا محل الكثرة والاختلاف كالكرسي وهو عليّ (ع) قال (ص) ما اختلفوا في الله ولا في وانما الاختلاف فيك يا عليّ ولاجل هذا ترى الاختلافات في الفعل المضارع دون الماضي على ما بينا في محله بان الماضي هو رسول الله (ص) والمضارع هو عليّ (ع) لانه مع النبي (ص) ارتضعا من حقيقة واحدة واما الافعال الستة الاخر الباقية التي غير الماضي فهي مشتقة من المضارع فاذا ثنيتها كانت اثنتي ‌عشر والتثني انما هو باعتبار ملاحظة الغيب والشهادة ومن اللطائف والاسرار هو ان اسم عليّ (ع) بصورته هذا اي بتقديم العين على اللام ثم اللام على الياء يقرأ على انواع اربعة : على حرف جر وعلى فعل وعلى اسم عليّ وعلى صفة مشبهة فعلى كونه حرف جر يعمل ولا يعمل وعلى كونه صيغة المبالغة يعمل ويعمل هذا انما هو في رتبة بابيته وعلي كونه علما يعمل ولا يعمل هذا انما هو في رتبة بشريته قال النحاة ان الكلمة اما ان تعمل ولا تعمل او لا تعمل وتعمل او تعمل وتعمل او لا تعمل ولا تعمل هذه الكلمة هي هذه الحقيقة المقدسة الجامعة لجميع المراتب والمقامات وهذا الاسم الشريف (ظ) يجر كل اسم ويعمل فيه الا اسم احمد لفظا واسم عمر للعدل التقديري الفرضي وقولنا نسبة النبي الى الولي نسبة الماضي الى المضارع او نسبة العرش الى الكرسي لان الكثرات والتفاصيل انما هي في المضارع والكرسي وسر ذلك هو انه شأن الولاية بخلاف العرش ولذا خوطب النبي كما في التنزيل ليس لك من الامر شيء ثم قال في حقه (ص) ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين مع انه (ص) مطاع للانبياء اجمعين حيث قال تعالى في حقه (ص) وحقهم (ع) عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون اي الانبياء لا يسبقونه اي لا يسبقون محمدا (ص) بالقول وهم اي الانبياء بامره اي بامر محمد (ص) يعملون وذلك لاجل انهم (ع) رعية محمد (ص) فمن يقل منهم اي من الانبياء اني اله اي اني مستقل في التلقي بدون النبي محمد (ص) فذلك نجزيه جهنم ولا استغراب في ذلك لانه (ع) قال من اصغى الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق من الله فقد عبد الله وان كان الناطق من الشيطان فقد عبد الشيطان مع هذا كله فقد قال في حقه صلى الله عليه وآله ليس لك من الامر شيء فافهم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الليلة التاسعة من شهر رمضان من شهور سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون قلنا ان الحمد عبارة عن الحقيقة المحمدية وقلنا انها واحدة في مقام وسبعة في مقام واربعة عشر في مقام بيان ذلك هو ان الله تعالى لما كان كاملا يكون فعله كاملا على كمال ما ينبغي لان الكامل لا يصدر منه الا الكامل والا لزم اما جبر او عجز او بخل او ارتكاب قبيح واللوازم كلها باطلة بالعقل القاطع والنقل الساطع فكذلك الملزومات فعلى هذا كان صنعه كاملا ليدل كمال الصنع على كمال الصانع ولا ريب ان الوحدة اشرف من الكثرة لانه كمال فيجب ان يكون خلقه تعالى في اول ما يتعلق به الجعل واحدا اذ الواحد لا يصدر عنه الا الواحد هذا بالنسبة الى الامكان لا انه ليس بقادر على اصدار اكثر من الواحد لانه كفر عندنا ضرورة ( ان ظ ) ربنا لا يوصف بالعجز بل انه على كل شيء قدير واما قولهم انه لا يصدر عنه تعالى الا الواحد فله ملاحظتان احديهما انه لا يجوز صدور اكثر من الواحد منه تعالى ذلك ينافي قدرته تعالى الكاملة ولقد قال عليه السلام في دعاء شهر رمضان الى ان قال ولا يشغله علم شيء عن علم شيء ولا يشغله خلق شيء عن خلق شيء ولا حفظ شيء عن حفظ شيء ولا يساويه شيء الدعاء فثبت صدور الكثرات عن بارئ النسمات ولما كان الامكان من شأنه الكثرة وكان المجعول الاول في غاية الشرافة والكمال لا بد ان يكون كثرته اشرف الكثرات واكملها لان الضرورات تتقدر بقدرها فما يقدر من الكثرات في المجعول الاول لا بد وان يكون في المفردات الثلثة وفي المزدوجات الاربعة لانه (ظ) لا اقل في المزدوجات الا الاربعة كما انه ليس في المفردات اقل من الثلثة اذ اقل العدد الذي ينتهي الاعداد المزدوجة الاربعة واما الاثنان فهو ليس الا اربعة باعتبار النسبة الملحوظة من الطرفين ولاجل ذلك يقال للرجل زوج وللمرأة زوجة باعتبار ملاحظة النسبة بينهما لان كل واحد منهما مركب من ذات ونسبة فلما ثبت ان الواحد الحقيقي ليس الا الله سبحانه ثبت ان الواحد الامكاني ثلثة الا انه اي الواحد غلبت فيه جهة الوحدة كما ان يقال فلان صفراوي مثلا مع انه مركب من الاخلاط الاربعة وكون الواحد ثلثة بملاحظة جهة الرب وجهة النفس والجامع بينهما لانه غيرهما كما ان السكنجبين غير الحلاوة والحموضة وانما هو عبارة عن المجموع من حيث المجموع فعلى هذا مبدء الاعداد ثلثة لا واحد كما ذهب اليه فيثاغورث الحكيم واما من عداه من العلماء فعلى ان مبدأ الاعداد اثنان لحدهم الذي حددوه به وهو ان العدد نصف مجموع حاشيتيه ولكن الحق هو الذي ذهبنا اليه من انه هو الثلثة فلما ثبت المبدءان وثبت ان المجعول الاول كامل ثبت ان الجمع بين المبدئين اكمل من عدمه فثبت ان تلك الحقيقة المقدسة الجامعة في مقام الكثرة سبعة ولما كان صنع الكامل لا يكون الا كاملا وثبت ان الكمال لا يتحقق الا بالاجمال والتفصيل بالغيب والشهادة ثنينا السبعة فصارت اربعة عشر فيكون تلك الحقيقة المقدسة الاولية واحدة في مقام الكمال وسبعة في مقام الكثرة والاجمال وهي اربعة عشر في مقام التفصيل تكرير مفيد قال عليه السلام الحمد لله واعلم ان لا كل من حضر سمع ولا كل من سمع وعي ولا كل من وعي فهم ولا كل من فهم عرف المقصود وايضا ليس كل من فهم وعرف المقصود له قوة البيان وقدرة التفهيم اذ فهم المسألة شيء وتفهيمها شيء آخر ثم ان كلما نقول نحن ليس الا وله دليل من الكتاب والسنة فللناظر السامع طلب الدليل من مظانه ولا يخرج شيء من كل شيء الا وله اصل في الكتاب والسنة لان الاشياء كلها والالفاظ باسرها والمقاصد بتمامها موجودة فيهما اذ فيهما تبيان كل شيء معروف ان السيد شريف لما صنف كبرى في المنطق بني ان يدرسه ابنه فلما درسه وتم الكتاب قال السيد شريف لابنه يا بني اخرج الى السوق انظر الى ما يقوله الناس فلما خرج اليه ورجع الى ابيه فقال لابيه يا ابتاه ان الناس منهم من يبيع ومنهم من يشتري ومنهم من يقول كذا وكذا من القصص والحكايات فقال له ابوه بعد ما سمع مقالة ابنه يا بني ما عرفت انت من الكتاب حرفا فدرسه ثانيا فلما فرغ من المرة الثانية امره بالخروج الى الناس كالاول فلما ذهب ورجع الى ابيه قال مثل ما قال في الاولى فقال له ابوه يا بني انك ماعرفت من الكتاب شيئا فرده ثالثا الى الدرس فلما تم الكتاب امره ابوه بالخروج والنظر فاذا هو يسمع منهم ما سمع رجع الى ابيه فقال له يا اب ان الناس لا يتقولون الا في التصور والتصديق والقياسات والاشكال وسائر المسائل المنطقية فقال له ابوه اذا يا بني قد عرفت الكتاب كبرى فاذا علمت ( عرفت خ‌ل ) المثال علمت مقصودنا وادركت مطلوبنا لانا ما نذكر مما نذكره الا وله دليل في الخارج من الآيات التدوينية القرآنية والآيات التكوينية الخلقية فاذا تمهدت هذه المقدمة نقول ان مرادنا في اثبات النبوة الخاصة بان نبينا (ص) هو محمد بن عبد الله (ص) بالعقل وحده وهذه المسألة مناسبة لتفسير الحمد حيث ان الحمد اشارة الى الحقيقة المحمدية كما اشرنا اليه سابقا فنقول واعلم انه لا شك ولا ريب ان الكامل المطلق من جميع الجهات لا يكون كذلك الا باحداث اثر كامل دال على كماله المطلق وغناه التام وذلك انا لما تتبعنا في العالم ونظرنا الى الآفاق والانفس وجدنا ان كل صانع لا يأتي بما يأتي من صنعه الا على اكمل ما ينبغي في حقه ما لم يمنعه مانع من الامور الخارجية ولا ريب انه تعالى كامل ذاته وصفاته وانه لا مانع لاحداثه كاملا اذ لا ساد لقضائه ولا راد لامره فكيف يتصور المانع وهو تعالى قادر لا عجز فيه وكيف لا وهو كريم لا بخل له وكيف لا وهو عالم لا جهل فيه ثم كيف لا وهو لا يرتكب القبيح بحال من الاحوال اذ هو مستغن لم يزل ولا يزال فلما ثبت كمال الواجب تعالى بطل صدور الاثر الناقص عنه لان الاثر الناقص دليل على نقص صانعه فلما بطل النقص ثبت الكمال اذ لا واسطة بينهما بحال وايضا انه تعالى لما اراد خلق الخلق على ما يمكن من جميع الوجوه وكان قادرا عليه كيف وانه امر ممكن والعقول السليمة متفقة على وقوع اثر كذلك وقع ما اراد كيف اراد لما اراد فعلى هذا نقول لا ريب في ان المجعول الاول لا بد وان يكون كاملا على كمال ما ينبغي بحيث لا يقال في صنعه تعالى لو كان كذا لكان احسن والا لزم تقدم الاخس على الاشرف وذلك قبيح في الحكمة على الله المنيع المتعال لا يقال بناء على ما اصلت من عموم الدليل لا بد وان يكون جميع الخلق انبياء معصومون لانه اولى واكمل وهو تعالى قادر على ذلك لانا نقول انه سبحانه لو خلق الناس كلهم انبياء للزم النقص في خلقه تبارك وتعالى ونقصان الخلق دليل على نقصان الخالق وقد علمت فساده مرارا اذ لو كان الخلق اجمعون هم الانبياء يلزم ان لا يكون لهم رعية فاذا لم يكن لهم رعية لزم نقصهم ونقصهم يستلزم نقص الواجب تعالى كما اذا فرض انه تعالى اوجد شمسا لا نور لها فلما ثبت كمال الصنع ثبت وتحقق ان يكون لصنعه صنعا واثرا ولصنع صنعه صنعا واثرا وهكذا كما عرفت في السلسلة الثمانية الطولية وستعرفه عن قريب ان شاء الله وبالجملة ان الكامل لا يكون الكامل الا وان يكون له نور وشعاع والا يكون ناقصا هذا بالنسبة الى الحكمة واما بالنسبة الى القدرة فهو تعالى على كل شيء قدير ولهذا قلنا نحن نعلم كل شيء في الحكمة ولانعلم شيئا باعتبار القدرة واليه ناظر قوله تعالى ولئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك فلما ثبت ان يكون للاثر نورا وشعاعا ثبت فقر النور الى المنير ابد الآبدين كالنور من السراج والا لكان النور سراجا فلو كان النور سراجا لزم نقصان السراج لانك فرضته انه لا نور له فنقصانه راجع الى نقصانه والتالي باطل والمقدم مثله ثم نقول لا يكون الخلق الا مختارا لانه اشرف من المضطر وهو تعالى قادر على احداثه والاختيار انما يتحقق بحصول مبدء ميلين متضادين من الخير والشر والنور والظلمة والاقبال والادبار والملك والشيطان حتى قال النبي صلى الله عليه وآله لكل نفس شيطان قيل حتى لك يا رسول الله قال نعم ولكنه اسلم وفي اخرى اعانني الله عليه ورد انه (ص) قال لابنته فاطمة لا يغرنك قول الناس انك ابنة رسول الله والله لو عصيت لهويت ه‍ فلما ثبت شرافة المجعول الاول مطلقا ثبت شرافته مطلقا في جميع المراتب والمقامات حتى في العدد ولا شك ان كلما قرب الى المبدء اشرف مما ليس كذلك ولا شك ان اشرف الاعداد واقربها الى المبدء الواحد ولا شك ان الكثرة كلما تكون الكثرة فيها اقل كان اشرف واولى كما ان العشرة اشرف من الاثني عشر والثمانية من العشرة والستة من الثمانية والاربعة من الستة ضرورة كلما قرب الى الكامل يزيد في كماله فكلما قرب الى الوحدة من الكثرات كان اشرف مما بعد فاذا تمهد هذا نقول لا شك ان الواحد الحقيقي من جميع الجهات ليس الا الله سبحانه واما الواحد الامكاني فهو ثلثة في الحقيقة جهة الى المبدء وجهة الى نفسه ثم الجامع بينهما وهذا هو اقل الكثرات والثلثة هو مبدء الاعداد كما ذهب اليه فيثاغورث الحكيم وانه لمن المدققين من حكماء الاوائل هذا في الاعداد المفردة واما مبدء الاعداد المزدوجة فهو الاربعة حيث ان الاثنين لا يتم الا بالنسبة بينهما فيكون اربعة فاذا لوحظ جمع الثلثة والاربعة يكون سبعة وذلك اذ المجعول الاول مبدء للكمالات الفردية والزوجية وجامع لما في الاعداد من الكمال ولما كان لكل شيء غيب وشهادة ظاهر وباطن اجمال وتفصيل حيث قلنا ان الجامعية اشرف واكمل وجب ان تظهر السبعة في العالمين فيكون اربعة عشر والحاصل هذه الحقيقة واحدة في مقام وسبعة في مقام واربعة عشر في مقام وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الليلة الاحدي ‌عشر من شهر رمضان ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قد ذكرنا البارحة ان الحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله واحدة وهو اول المجعولات واصل المفعولات وذكرنا انها كاملة لقربها الى مبدئها وقلنا ان الكامل لا يصدر عنه الا كاملا وقلنا ان مقتضى الكمال ان تكون تلك الحقيقة المقدسة واحدة في مقام واثنان في مقام وانها ثلثة وانها اربعة وانها سبعة وانها اثنتاعشر وانها اربعة عشر فلما ذكرنا هذا اردنا ان نبرهن ان تلك الحقيقة خليفة الله ورسوله وحافظ سره وعيبة علمه وباب حكمته وانه هو النبي الخاتم وانه سيد الانبياء والمرسلين وانه اشرف الخلق اجمعين وان اسمه واسم ابويه واسم اولاده واسم صهره ووصيه وعدد اوصيائه وكل ما يتعلق به كذا وكذا اثبت ذلك كله بالعقل الخالص الصريح من دون استناد الى نقل من الكتاب والسنة ولا اعتماد على قول احد من الناس فنقول انه لما كانت تلك الحقيقة المقدسة اول الحوادث واصلها يجب ان يكون واحدا لانه كمال وذلك الكمال ثابت للمبدء المتعال فيكون اثره متصفا به لانه (ظ) دليله وآيته ثم نقول انه لما كان من شأن الخلق والامكان الكثرة ظهرت تلك الحقيقة على كثرة هي اشرف الكثرات لان الضرورات تتقدر بقدرها فصار عددهم اشرف الاعداد واشرف العدد العدد التام ثم الكامل لانه قد قرر في محله بان العدد على اربعة اقسام تام وزائد وناقص وكامل فاما العدد الناقص فليس لهم (ع) واما الثلاثة الباقية التي هي التام كالستة والزائد كااثنا عشر الحاصل من تكرار الستة بملاحظة عالمي الغيب والشهادة كما سيأتي والكامل كالسبعة لانها جامعة بين مبدئي الزوج والفرد لا يقال ان الاربعة عشر عدد ناقص فجمعت فيهم مراتب الاعداد كلها وذلك لكمال جامعيتهم (ع) لانا نقول ان الاربعة عشر في الحقيقة كمال فوق كمال لان السبعة الاخرى تكرار للسبعة الاولى فلما كان الخلق الاول كاملا ساريا في جميع الاطوار حتى في العدد ثم لما تمت تلك الحقيقة الاولية العليا وتم قلبها وصدرها ودماغها وجسدها ظهرت منها انوار وبرزت عنها آثار حيث اسلفنا ان الكامل لا بد له من اثر ونور والا لم يكن كاملا فلما كملت وتمت اشرقت من اخس مراتبها وآخر مقامها وهو رتبة الجسم بيان ذلك هو ان ذلك الخلق المعظم المكرم (ص) هو رسول الله (ص) واما صدره فهو عليّ (ع) واما دماغه فهو الائمة الاحد عشر من ولده واما جسد ذلك الخلق الكامل فهو فاطمة تنبيه واعلم ان الآثار كلها من الجسد الذي هو آخر المراتب لما برهنا ان الاثر لا يبرز الا من جهة اسفل الشيء وآخر مرتبته بعد تمامية ذلك الشيء فلما ظهر نور تلك الحقيقة المقدسة يجب ان يكون ملحوظا في نورها امور ثلث حيث انه رتبة ثانية من الخلق لا ان الخلق الاول اول لهذا الخلق الثاني حاشاه وانما هو اول وهذا ثان تعبيرا وتفهيما كما ستعرفه عن قريب احدها يجب ان يعلم ان هذا النور المتشعشع من تلك الحقيقة الاولية الذي هو علة ومنشأ لحقيقة اخرى رتبة هذا النور ومقامه دون مقام الخلق الاول وثانيها ان الكثرات المضمحلة المغمورة الفانية الغير الظاهرة في الخلق الاول تلك الكثرات ظاهرة في هذه الرتبة الثانية وثالثها انه اي هذا المقام الثاني هو منسوب الى الله تعالى ومقبل اليه سبحانه وانه من امره وبامره ثم بيده تعالى وان مقام هذه الحقيقة الثانية التي عبرنا عنها بالنور من الاول مقام العشرات من الآحاد اذ الاول رتبة ( رتبته خ‌ل ) رتبة الآحاد ولا ريب في ان اول رتبة الثانية هو العشرات كما ان آخر رتبة الآحاد التسعة والتسعة حرفها حرف ط وهو اسم لسيدتنا فاطمة الزهراء (ع) والتسعة آخر مرتبة الآحاد منها نشأت وعنها صدرت هذه الحقيقة الثانية كما برهن في محله ولعل نذكره فيما بعد ان شاء الله تعالى فلما كانت العشرة من شأنها الكثرة ولكن من حيث قربها الى المبدأ يجب ان يكون كثرتها اقل ما يفرض في حقها لان الضرورات تتقدر بقدرها ولا ريب في ان اقل مرتبة الكثرة في العشرة نسبة بعضها الى بعض يعني بضرب العشرة في العشرة فيكون حاصل الضرب منها في نفسها المائة هذا بيان مرتبة هذا الخلق ومقامه حيث كان في المرتبة الثانية واما بيان ان الكثرات والظلمات المضمحلة في الخلق الاول تلك الكثرات انما ظهرت في هذه المرتبة فهو ان الشيء مركب من الوجود والمهية فاما الوجود فهو جهة من ربه من الشيء وهو نور الله وهو الفؤاد وهو واحد لا كثرة فيه واما المهية فهي منشأ الكثرات واصل التفاصيل والظلمات وهي عبارة عن الاركان الستة وهي حدود الشيء وهي الكم والكيف والجهة والرتبة والزمان والمكان فلما لوحظ في كل واحد من الستة الطبايع الاربعة التي لا بد لكل شيء كما برهن في محله فصار الحاصل من ضرب (ظ) الستة في الاربعة ملاحظة الاربعة في كل واحد من الستة اربعة وعشرين واما بيان ان هذه الحقيقة التي هي منسوبة الى الله الى امره فصار كل مرتبة من مائة واربعة وعشرين الفا لان الواحد عنده تعالى الف واليه الاشارة بقوله تعالى وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون فصار عدد هذا الخلق الثاني مائة الف واربعة وعشرون الفا اما المائة فلبيان مقام هذا الخلق مائة من المرتبة الثانية واما الاربعة والعشرون فلبيان ان هذا الخلق الثاني ظهرت الكثرات الفانية المضمحلة في الخلق الاول فيهم ولبيان ان مبدأ الكثرات هو الستة الملحوظة فيها اي في كل واحد منها الطبايع الاربع واما الالف فلاجل نسبة هذا الخلق الى الله سبحانه حيث انهم انبياء الله ورسله الى خلقه والنبي لا يكون نبيا الا ان يكون مطاعا وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله ظهر فيه مطاعية الله تعالى لان المطاع هو الله وحده ولكن كل من توجه اليه تعالى ونظر الى فيضه وكرمه يجعله تعالى مطاعا لما عداه فلما تمت هذه الحقيقة الثانية وكملت برز منه نور ذلك النور منشأ لحقيقة اخرى فلما كانت هذه الحقيقة حقيقة ثالثة بعيدة عن المبدأ ظهرت فيها جهات الكثرات كلها بحيث لا عد لها ولا حصر الا لبارئها وصانعها ولمن علمه اياه ربها فلما بعدت هذه الحقيقة الثالثة وجب ان لا يدرك عددها ووجب ان يغلب عليها ظلمة الانية ووجب ان يظهر منها المعاصي والسيئات بخلاف الحقيقة الثانية لانها حيث كانت قريبة من المبدأ وكان اول بدو ظهور الكثرة واول نشو ظلمات المهية وحدودها ماصدر عنها الا ترك الاولى واما الحقيقة الاولى المتشعبة باربعة عشر شعبة فتلك الحقيقة لما كانت واقعة في بحبوحة النور بل هم اصل النور واصل الخير فلما كانت تلك الحقيقة المقدسة عين النور واصله لم يصدر عنهم ترك الاولى ولا مكروه من المكروهات بل المباحات ثم لما كانت هذه الحقايق الثلثة كل واحد منها قريبا من الاخرى صار كل واحد منها على صورة الحقيقة الاولى لان حقيقة الانبياء لما كانت حكاية عن الحقيقة المحمدية وحقيقة الانسان من الرعايا لما كانت حكاية عن حقيقة الانبياء عليهم السلام صارت صورتهم على صورة الانسان اذ صورة الانسان اشرف الصور واكملها بخلاف المراتب الاخرى من السلاسل الثمانية الطولية من حقيقة الجن وحقيقة الملك وحقيقة الحيوان وحقيقة النبات وحقيقة الجماد لبعد تلك الحقايق والمراتب عن الكمال الذي هو المبدء المتعال ولتمكن الظلمة واستيلائها في تلك الحقائق البعيدة لغلبة شهواتها وانياتها وظهور خلاف الاستقامة فلما تمت حقيقة الرعايا وكملت ظهر منها نور هو منشأ لحقيقة اخرى وكذلك الحقيقة الرابعة لما تمت وكملت ظهر منها اثر ثم الحقيقة الخامسة بالنسبة الى السادسة والسادسة الى السابعة ثم هي الى الثامنة وبالجملة كلما بعدت الحقائق من السلسلة الطولية عن الحقيقة الاولية الاولى العليا ظهرت فيها جهات انيات المهية وكثافات ظلمة الاعراض وبرزت منها آثار جهة الادبار الى ان آل الامر في الادبار والاعراض الى مقام لا يرى فيه نور ابدا كما ان الجمادات الغاسقة لا نور فيها بوجه من الوجوه هذا الذي قلنا من المطالب في اثبات المراتب واعدادها ونورانيتها وظلمتها كلها بدليل العقل المحض كما ترى ان العقل هو الحاكم بان كل ما كان اقرب الى المبدأ كانت الكثرات فيه اقل كما فصلنا اجمالا من ان البعيد بواسطة يكون متشعبا بمائة الف واربعة وعشرين الفا ومن ان البعيد بواسطتين وجب ان لا يكون له حصر في عدده لبعده عن المبدء وهكذا الى ان وصلت النوبة الى الجمادات التي ظهرت فيها جميع جهات الكثرات في الوانها واعراضها وكمها وكيفها وزمانها ومكانها ورتبتها وجهتها واختلاف انواعها واجناسها واصنافها واقسامها واوضاعها وتشعبها اكثر مما كان لما قبلها من الحقايق من النباتات والحيوانات والملك والجن والانس والامام والنبي (ع) الا ترى ان المرآة المقابلة للشاخص تنطبع فيها صورة واحدة ثم اذا قابلت تلك المرآة بمرآة اخرى تنطبع فيها صورتان ومرآة ثم هكذا في الثالثة المتقابلة للثانية تظهر فيها ثلث صور ومرآتان وهكذا في المرآة الرابعة والخامسة الى ما لا نهاية فافهم كيفية تكثرات مراتب الموجودات الامكانية وتطورات نشأة الحدوث بامر من الله العزيز الحكيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ليلة الخميس ١٢ من شهر رمضان المبارك من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قلنا ان الحقيقة المحمدية كاملة لها اشعة وانوار ولها شؤن واطوار وقلنا ان السلسلة ظاهرا ثمانية ولكنها في الحقيقة لا حصر لها فالثمانية وما عداها بتمامها الى ما لا نهاية اطوار لتلك الحقيقة المقدسة وهي واحدة قال تعالى يا احمد خلقتك لاجلي وخلقت الاشياء لاجلك وما امرنا الا واحدة فبهم ملأت سماءك وارضك يعني بنورهم وظهورهم لا بجسمهم في خطبة يوم الغدير ملأ الدهر قدسه ورد انه تعالى لما خلق النبي محمد بن عبد الله عليه صلوات الله خر مغشيا عليه الف سنة فلما افاق من غشوته اوحى الله اليه فقال له يا احمد انت المراد وانت المريد وانت الحبيب وانت المحبوب اشارة الى ان الخلق منحصر بذلك الخلق الشريف وهو (ص) لما كان كاملا اذ هو الذي خلقه الله فعرف به اجمالا بيان ذلك ان الله تعالى قال في جواب داود النبي (ع) حيث سأله لم خلقت الخلق قال تعالى كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فحيث خلق محمدا قبل العالمين جميعا عرف به لكنه معرفة اجمالية لا التفصيلية ثم اراد ان يظهر تلك الكمالات المكنونة الغيبية في حقيقته قال له تعالى ادبر فادبر اذ المراتب من العقل الى الجسم ما حصلت الا بالادبار عن الحق الذي هو نفس الاقبال فلولا الادبار كانت الحقيقة فاقدة لاحكام الجسم واحواله واوضاعه فلما تنزلت في المراتب التي نعبر عنها بالابحر العشرين والحجب الاثني عشر من مراتب العقل والروح والنفس والطبيعة والمادة والمثال والجسم والمشاعر فلما تنزلت الحقيقة ووصلت الى التراب ماتت فيها مع انها حصلت مراتب والمقامات ( مقامات ظ ) وحصلت لها البسة ومراتب الباطن وباطن الباطن الى السبعة او اكثر ومراتب الظاهر وظاهر الظاهر الى السبعة او اكثر فكلما تنزلت الى عالم غير الاول اختفى اثرها الذي كان قبل ذلك في المرتبة الاولى العليا وهكذا الاسفل فالاسفل الى ان مات في التراب وهذا الموت كما ترى لا بد ان يسبقه حيوة لبطلان الطفرة ولقوله تعالى كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ولا شك ان الحيوة اشرف فهي مقدمة على الموت فلما اراد هو سبحانه ( وظ ) تعالى رجوعها الى ما منه بدئت وعودها الى بدوها خاطب الله اليه ان يا ايها العقل اقبل فاخذ في الاقبال فاول ذلك الاقبال من مرتبة الجماد الى المعدن والنبات ثم الى الحيوان ثم الى الجن ثم الى الانسان كما ان آدم ابوالبشر (ع) قبله جن وقبل الجن حيوانات وقبلها نباتات وقبلها جمادات ورد ان اسم نبي الجن يوسف بن يانان فلما اراد الله خلق هذا الآدم جامعا مملكا خلقه حقيقة كاملة صالحة لكل شيء فقال لها ادبري الى جميع المراتب والمقامات فلما تمت المراتب والمقامات قال تعالى لها اقبلي فاقبلت وكان حينئذ الاخس مقدما على الاشرف كما ان في النزول كان الامر بالعكس فاخذ في الصعود من الجماد الى النبات ثم منه الى الحيوان ثم منه الى الانسان وهكذا الى الاعلى فالاعلى الى ان وصل الى المحل الذي نزل منه ونحن الآن لسنا بصدد بيان كيفية النزول والصعود وبيان المنازل والاطوار والشؤن والادوار لانها بحث آخر والحاصل لما كان العالم غلبت عليه البرودة وعدم النضج والاعتدال الحاصل بالادبار عن المبدأ المتعال احتيج الى واسطة من اولئك الاكابر من الانبياء الذين قلنا انهم ثاني رتبة الحقيقة وقلنا انهم يجب ان يكون عددهم مائة الف واربعة وعشرون الفا لما ذكرنا لكن هذه الواسطة يجب ان يكون من اواسطهم لا من اعاليهم ولا من اسافلهم اما من غير اعاليهم فلان بنية العالم كانت ضعيفة فلو ظهر احد من الاقوياء منهم لكان يحرق نوره اياهم فلم ينتفعوا منه ولا من اسافلهم لان شدة البرودة تقتضي حرارة قوية تدفعها فلذا امده الله تعالى باربعة وعشرين من الاسماء العظام ليكون متمكنا من دفع البرودات والجهالات واظهار الكمالات والعلوم والاسرار وهذا الخلق الاول يجب ان يكون مخلوقا من خمس واربعين الحاصل من جمع الآحاد اي من الواحد الى التسعة وبعبارة اخرى من جمع بيوتات المثلث واضلاعه لان المثلث ابو الاشكال واشرفها وكل شيء مثلث واما الدائرة فهي وجه من المثلث ثم ان هذه الخمس والاربعون يجب ان يستنطق منها احرف ثلثة حرف منها ما يدل على انه واحد وحرف منها ما يدل على انه مخلوق من العناصر الاربعة وحرف منها ما يدل على انه مخلوق من عشر قبضات وانه مخمرة طينته بيد الله اربعين صباحا وذلك بملاحظة الاربعة في العشرة فصار حرف الاول الالف والثاني الدال والثالث الميم فقدمت الالف لانها اول الاجمال وانها هو حرف الوحدة ثم الدال لانها اول التفصيل ثم الميم لانها تفصيل التفصيل اذ الالف اصل للدال والميم وهما تفصيلها فقيل آدم بالالف اللينية ولم يقل ادم من غير الف اللينية اذ الالف المتحركة من اولادها وان الالف اللينية هي اصل الحروف ومادتها وانه (ع) حيث كان مستمدا من الله ومتوجها اليه تعالى كان الانسب الالف اللينية دون المتحركة ثم يجب ان يكون زوجته التي هي من سنخه التي تكون الفروع والنتايج كلها بنكاحه اياها من ضلع ذلك المثلث اذ الرجل خلقه الله من جزئين من العقل وجزء من النفس والمرأة خلقها الله تعالى من جزئين من النفس وجزء من العقل وان ضلعا واحدا (ظ) من المثلث خمسة‌ عشر يجب ان يكون اسمها حواء ثم هذا آدم وحواء بهما حصل هذه الفروع كلها ومنها تشعبت بل نقول كل اصل منه تتشعب الفروع وكل اول منه تفرع الاطوار والشؤن هو اسمه آدم وذلك الاصل مسمى بآدم فنقول ان الاصل الذي تشعبت الفروع الطينية منه هو هذا آدم ابو البشر المعروف والذي تشعبت منه العقول هو آدم العقلي والذي تشعبت منه الحقايق هو آدم الافئدة وهو اصل لها وهكذا ولذا قال (ع) انا آدم الاول الاكبر الاعلى وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ليلة السبت ١٤ من شهر رمضان ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي ل ايبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

بعد ما ذكرنا وجوب بعثة واحد من اواسط الانبياء دون اعاليهم واكابرهم ودون ان يكون من اسافلهم وذكرنا انه لا بد ان يكون من اول الخلق الانساني وذكرنا انه لا بد ان يعطيه الله اربعة وعشرين اسما من اسمائه تعالى لمؤنة العالم لينتضجوا وليصلح فسادهم فلما فرغنا عن هذا البيان اردنا ان نقول حيث اقتضت بنية العالم وجود آدم النبي اولا للاصلاح والاهلية وانه لم يبق ابد الآبدين وان الخلق لا يكملون في زمانه لزيادة البرودة الحاصلة من الادبار عن الله سبحانه احتجنا الى بدله بعد رحلته من هذه الدار وخروجه الى دار القرار وهكذا الى ان تستأهل البنية وتتقوى بتكرار هؤلاء الاكابر فلاجل ذلك صارت الشرايع ستة وبيان الستة يمر عليك فيما بعد في طي الكلام في انسب المقام وان كان الامر بمعونة ما قال تعالى وما امرنا الا واحدة واضحا الا ان الاشارة الى الدليل يوجب النور فنقول الوحدة كمال في صنع الكامل دون الكثرة وقد عرفت بان كمال الصانع بكمال صنعه فوجب ان يكون صنعه واحدا ومعنى وحدة الصنع ان يكون امره في جميع خلقه متسعا منظما يعني ان يكون سلوكه وايجاده بالنسبة الى جميع المخلوقات على نهج واحد فما ترى حينئذ في خلق الرحمن من تفاوت ومعنى ان امره تعالى واحدة هو ان كلما يقتضي ايجاد السموات والارض يقتضي تلك الذرة حرفا بحرف وكلما يقتضي الكل يقتضي البعض فاذا عرفت هذا نقول ان الله جعل لهذا البدن اي لتحققه وتربيته وحصوله محلا مناسبا له وذلك المحل هو الرحم من الام ولا ريب ان هذا الجسم من اول وقوع النطفة في الرحم الى اوان بلوغه وصلاحيته لولوج الروح انما هو باطوار ستة اذ النطفة لما استقرت في الرحم يأتيها الملائكة الخلاقين المدبرات فيدبرونها بالحرارة الغريزية التي هي يد للملائكة فيربونها يوما فيوما الى تمام الاربعين حتى يجعلونها اي تلك النطفة صالحة لان يفاض عليها صورة اخرى وهي صورة العلقة فلما استأهلت لصورة اخرى ولبستها يذهب حينئذ حكم النطفة وجاء حكم العلقة ثم يربيها الملائكة كالاول الا ان هؤلاء الملائكة الذين كانوا يدبرون النطفة غير هؤلاء اذ المدبرون للعلقة اقوى من المدبرين للنطفة وهكذا الى ان استأهلت العلقة لافاضة صورة اخرى وهي صورة المضغة فلما جاءت المضغة ذهبت العلقة وتغير حكمها لتغير الموضوع الى ان تكتسي العظام لحما ثم ربتها الطبيعة بقوة الملائكة المدبرات واصل الطبيعة هي الحرارة الغريزية التي محلها الدم الاصفر الذي في تجاويف القلب الصنوبري وذلك الدم الاصفر محل الطبايع الاربع بما تقومت به من الاجزاء البخارية فانها اي الاجزاء البخارية الحاملة للطبايع الاربع اربعة اقسام جزء ناري حار يابس وجزء هوائي حار رطب وجزءان مائيان باردان رطبان وجزء ترابي بارد يابس فبحركة فلك القمر وطبعه ثم بما لحقته من طبايع الكواكب تلطفت الاجزاء وتكلست تكليسا صالحا حتى ساوت في اللطافة مع جوزهر فلك القمر فلما ساوته تعلقت بها الروح الحيوانية المودوعة هناك من مجاورتها له ومشاركتها اياه في نوع التركيب والمقام ومساواتها له في النضج والاعتدال المقتضي لتعلق الحيوة الحيوانية الحسية وبالجملة تدبير الملائكة بالطبيعة وبالملك ليس هذا هو نفس الطبيعة ولا نفس القوى وانما الملائكة هم ذوات متأصلة وانهم حملة الفيوضات بين المشية وهذا الشيء المستفيض فلا يتوهم متوهم ان الملائكة المدبرات للنطفة هي بعينها الملائكة المدبرات للعلقة وهكذا الى تمام الاطوار الستة لان الملائكة ذوات ناقصة لا تقبل الكمال ولا ريب ان الملائكة الذين جعلهم الله لتربية العلقة اقوى من الملائكة الذين هم لتربية النطفة بناء على هذا يكون لكل طور ملك خاص بذلك الطور لا غير وهذه الروح الحيوانية هي المقصودة من هذه التطورات ولا ريب ان النطفة بنفسها وحدها لا تتمكن من ظهور الروح وكيفية اتصال الروح وولوجها في هذا البدن بعد ما اكتست العظام لحما وحصلت لها عروق واعصاب وشريانات واوردة مثل الجمرة المجعولة قريبا من الحطب كي يشتعل بتكليس النار اياه شيئا فشيئا فاذا عرفت ذلك علمت كيفية تعلق الروح الحيوانية في هذا البدن وهذا الروح هي المقصودة من هذه المقدمات الخمسة بحيث لولا الروح لماكان للبدن فائدة ولا غاية فلما تمت الخلقة وولجت الروح يغذيه الله تعالى مما اعده في الرحم من دم الحيض كما كان ذلك غذاؤه من يوم النطفة فلاجل ذلك لا تحيض المرأة بعد ما حبلت ورد ان رجلا مات فجاء رجل فقص رأس الذي مات وقد وقعت في زمن المنصور الدوانيقي تحيرت العلماء في حكم المسألة فالتجؤا الى ان جاؤا عند مولينا الصادق (ع) فطلبوا منه الحكم قال (ع) فاسألوها عن علمائكم قالوا انا قد سألناهم انهم لم يعرفوها قال (ع) حكمه ان القاتل عليه لاولياء المقتول مائة دينار تصرف كلها للميت فلما افتى الامام بها قالوا يا ايها الامام من اين له هذا الحكم قال (ع) يا قوم أليس اذا اسقط رجل نطفة آخر كان عليه لصاحب النطفة عشرون دينارا ثم أليس اذا اسقط علقته عليه اربعون دينارا أليس اذا اسقط مضغته عليه ستون دينارا أليس اذا اسقط عظامه عليه ثمانون أليس اذا اسقط العظام المكساة لحما عليه مائة دينار كل ذلك حكم لمن لم تلجه الروح فهذا الميت الذي قص رأسه حكمه حكم الجنين قبل الايلاج واما قوله (ع) تصرف المائة للميت لا للورثة فانهم ليس لهم حق بوجه من الوجوه لاجل ان الارث انما ينتقل الى الورثة بعد خروج الروح لا مطلقا فحيث لم يكن المقصوص رأسه حيا لم يكن للورثة فيها استحقاق وما يدل عليه تأييدا هو ان الولد اذا خرج من بطن امها حيا ولو في آن ما ثم مات فكان الارث من جهة الروح ولوجا وخروجا فاذا عرفت هذا البيان في معرفة تربية هذا البدن في الاطوار لولوج الروح الحيوانية التي هي المقصودة من تلك المقدمات فاعلم ان الروح الانسانية ايضا يحتاج الى اطوار ومقدمات واغذية كما احتاج البدن الى الاغذية في التربية ولا ريب ان الغذاء للروح الانساني ليس من هذا الاكل والشرب الذي كان للبدن وانما غذاؤه العلوم والاعمال ولا ريب ان تربية البدن لا يلاج الروح كان محتاجا الى محل وهو الرحم كما زبرنا كذلك الروح الانساني يحتاج الى محل وذلك المحل هو هذه الدنيا وهي بطن الام لظهور الروح الانسانية وكما ان الروح الحيوانية كانت مسبوقة بتطورات خمسة كذلك الروح الانسانية لانه ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وكما ان البدن كان محتاجا الى مدبر كذلك هذا البدن الانساني وهذا المدبر هو النبي (ص) وولوج الروح الانساني هو المقصود لانه ليس (ظ) كل من على صورة انسان هو انسان في الحقيقة كما اخبر عنه تعالى فقال ثم قست قلوبكم فهي كالحجارة او اشد قسوة والمشبه في الكتاب والسنة عين المشبه به كما برهنا عليه غير عديدة (كذا) وليس كل من على صورة انسان هو انسان في الواقع لانه قد يكون نباتا قال عليه السلام نحن الناس وشيعتنا وباقي الناس غثاء وكذلك قال تعالى واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى يؤفكون وقد تكون الصورة صورة انسان وهو في الواقع بهيمة من البهائم ثم قال تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون فلا كل من على صورة الانسان انسان بل للانسان علامات وآداب وامارات في علمه وعمله وسلوكه وفهمه وهم قليلون قال عليه السلام الناس كلهم بهائم الا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل وفي رواية المؤمنة اعز من المؤمن والمؤمن اعز من الكبريت الاحمر وهل رأي احد منكم الكبريت الاحمر ه‍ قال تعالى وقليل ما هم وقليل من عبادي الشكور والحاصل ظهور الروح الانساني يحتاج الى مقدمات واطوار كالروح الحيواني فالروح الحيواني بمنزلة النطفة يدبره المدبرون وهم آدم ونوح وابرهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) فهؤلاء الخمسة كلهم مقدمات لا يلاج الروح اي الشريعة السادسة وكلهم لاستيهال الروح الحيواني لان يفاض عليها الروح الانساني فيصير انسانا دون ان يكون حيوانا كما عن مولينا عليّ (ع) في معنى الفلسفة في جواب اليهودي حيث قال : من اعتدل طباعه صفا مزاجه ومن صفا مزاجه قوي اثر النفس فيه ومن قوى اثر النفس فيه سما الى ما يرتقيه ومن سما الى ما يرتقيه فقد تخلق بالاخلاق النفسانية ومن تخلق بالاخلاق النفسانية فقد صار موجودا بما هو انسان دون ان يكون موجودا بما هو حيوان فقد دخل في باب الملكي الصوري وليس له عن هذا الغاية مغير وبالجملة صارت غاية الغايات ونهاية النهايات ولوج الروح الحيوانية القدسية اي الروح الانساني وصلى الله على محمد وآله

الليلة الخامس‌عشر من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قلنا ان الشرايع ستة خمسة منها مقدمات للسادسة بل للسابعة اذ الشيء لا يتم الا باطوار ستة اما في الانسان الكبير فالشرايع الستة من آدم الى نبينا خاتم محمد بن عبد الله (ص) واما في الانسان الصغير فالنطفة والعلقة والمضغة والعظام ثم اكتسائها لحما ثم انشاء خلق آخر وهذه الستة في الانسان الوسيط هي الماء الرقيق ذو الوجهين والماء الابيض الغليظ والماء الابيض الرقيق والماء الاصفر والماء الاحمر والانفحة وهذه الستة في الايام يوم الاحد ثم الاثنين ثم الثلثا ثم الاربعاء ثم الخميس ثم الجمعة واما يوم السبت فهو يوم الكمال ويوم ظهور الآثار فلما كانت الكينونات غير ناضجة من حيث برودة الادبار والقوس انما كان قوس الصعود ظهر الاخس قبل الاشرف مع ان الاصل للعالم هو الحقيقة المحمدية ثم الحقيقة العلوية اذ هما اصلا كل اجمال وتفصيل اذ هما اصل الوجود من الغيب والشهود بل واصل كل شيء والحقيقة المحمدية لها اطلاقان احدهما نطلقها فنريد منها الحقيقة الجامعة السارية الصادقة على الكل اي على الاربعة عشر قال (ع) اولنا محمد وآخرنا محمد واوسطنا محمد وكلنا محمد وثانيهما نطلقها فنريد بها احد الاربعة عشر وكذلك الحقيقة الولوية فانه لها اطلاقان تارة نريد بها الحقيقة الثانية في الاثني عشر الصادقة على الكل اذ كل واحد منهم ولي فتلك الحقيقة اي الولاية سارية في كلهم كالحقيقة المحمدية واخرى نطلقها فنريد بها الاصل لاحد عشر (ع) ولكن لما كان الخلق في قوس الادبار بعد ان ضعفت الكينونات وخرجت الحقايق عن النضج التام والاعتدال العام القابل لها بحيث لم تتحمل الفيوضات من المبدأ الاول من غير واسطة والا لانعدمت الا ترى في التجلي الذي تجلى سبحانه لموسى بن عمران (ع) مات بنو اسرائيل من عدم الاعتدال وعدم القابلية للنور الاعظم فلما لم يكن لهم تحمل وجب وجود الواسطة كنون الوقاية الداخل في الافعال كي تحفظها عن الاشتباه وعن دخول الكسر فيها فكذلك هنا لانه لما كان ذلك النير الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم في غاية التقدس والتنزه والاشياء كانت في غاية الخساسة والتدنس جاءت نون الوقاية لحفظ السافل عن الدثور والانعدام ثم بهذا ينحفظ العالي عن المباشرة من دون واسطة فحكمه حكم المتعلق اذا كما قلنا ان الاصل في عالم الاجسام هو العرش والكرسي لانهما بابان للفيوضات الاجمالية والتفصيلية لسائر الاجسام الواقعة بعدهما واعلم ان العروش كثيرة منها العرش الجسماني ومنها كما قال (ع) من زار الحسين (ع) بكربلا كمن زار الله في عرشه لان الحسين (ع) عرش الله وان شئت قل ان هذه الارض التي هي مصرعه (ع) عرش الله لتجلي تلك الحقيقة المقدسة عليه فلما كانا (ع) هما اصلان للامدادات الجسمانية وكانت الجسمانيات السفلية في غاية التدنس والبعد بحيث لم يكن لها قابلية الاستفاضة من دون واسطة جعل هو تعالى السموات السبعة بين العرش والكرسي وبين الكائنات السفلية التي هي تحت فلك القمر واسطة كنون الوقاية ذلك حكمة من الله ورأفة لعباده فاذا عرفت ما قلنا من القاعدة الكلية الشريفة السارية نقول ان الشرايع ستة كلها مقدمات للسابعة وتلك الشرايع نون الوقاية لظهور هذه الشريعة الباقية الغير الفانية قال (ع) انما خلقتم للبقاء لا للفناء وقال انكم لا تموتون وانما تنتقلون من دار الى دار وانما صار حرف الوقاية النون دون حرف آخر من الحروف اذ هي نون كن وهي وحدتها فعلية وكثرتها ذكرية وحيث كان الفعل في الظاهر واحدا ناسبت وحدتها وحدة الفعل ثم ناسبت بكثرتها الذكرية الظاهرة في المتعلق بعد التعلق به اختيرت النون دون غيرها من الحروف فان قلت ان اللام هي ايضا من حروف الكثرة فلماذا اخذوها للوقاية قلنا ان اللام هي النون مع الالف في كتابة وهي كثرتها فعلية ووحدتها ذكرية بعكس النون وان كان حرف اللام حرف الوقاية ايضا لكنها للالف التي هي حرف من الحروف دون ان يكون وقاية للفعل لان الفعل وحدتها فعلية يناسب ما كانت وحدتها كذلك فذلك لا يكون الا النون ثم ان الفعل كلمة انزجر لها العمق الاكبر والعمق الاكبر هو الامكان والامكان هو الكثرة نفسها والحاصل النون كثرتها امكانية صلوحية كالصورة النوعية للصور الشخصية واللام كثرتها كونية تفصيلية شخصية فافهم واما قول النحاة بان النون للوقاية كما قالوا فهم لا يفقهون سر تخصيصها بها وان كانوا قالوا فيها وجوهات لكنها غير موجهة وذلك انهم لم يحصلوا ما حصلوا من العلم من معدنه فلذا قال شيخنا اعلى الله مقامه وهو شيخ الكلام خذ ما رووا دع ما رأوا اذ ما يروونها رووها كما سمعوا واما ما رأوا من المفاهيم والمعاني فكلها من ميولات خيالاتهم ومشتهيات اوهامهم وهي غير مطابقة للمرادات الالهية كما يظهر للمتتبع فيها لان عجائب امورهم في العلوم وفي تصرفاتهم كثيرة غير محدودة فليس هيهنا محل ذكرها وان كان الذكي الفطن يعرف اغاليطهم وخرابيشهم (ظ) من انحرافهم عن الحق اذ لو كانت علومهم مأخوذة من معدنها لماكانت تخالف اصلها حيث ان العلوم كلها صفة للحقيقة كما ان القرآن كله في النقطة والنقطة هو مولينا عليّ عليه السلام حيث قال وانا النقطة تحت الباء نعم كذلك قال تعالى والذين لا يؤمنون بالآخرة جعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا وبالجملة كان كلامنا في الشرايع الستة في انها مقدمة ووقاية للشريعة السابعة لان شريعة نبينا محمد (ص) اصل الشرائع وسرها ولبها نسبة شريعته (ص) الى تلك الشرايع نسبة الروح الى البدن فلولا الروح لا فائدة للبدن وهي شريعة لا نسخ لها ابدا قال (ع) انما خلقتم للبقاء لا للفناء وهي اشرف الشرايع ظهرت في آخر الشرايع لما قلنا من ان القوس قوس الصعود فان قلت على هذا كان الموافق ان يظهر فاطمة (ع) اولا ثم الائمة الثمانية ثم القائم ثم الحسين ثم الحسن ثم عليّ (ع) ثم رسول الله (ص) يعني يظهر الانزل فالانزل الى آخرهم قلت كذلك الا اذا جاء المانع الذي يكون اقوى من المقتضى لانا قد علمنا ان شريعته (ص) لا نسخ لها وعلمنا انه مطاع وعلمنا ان الذي بعد الاول يكون تابعا وعلمنا ان الاوصياء لا يكونوا اوصياء لمن هو اقدم منهم ولا يضر تقديم النبي الذي هو الاصل في قولنا ان القوس قوس الصعود لان مرادنا بالصعود بالنسبة الى النوع لا بالنسبة الى الافراد الا ترى ان نوع الانس اشرف من الجن وانه قد ظهر بعد الجن كآدم (ع) واما هذا النوع اي نوع الانسان من الانبياء لا بد ان يتقدم افراده الاخس على الاشرف فليس مشروطا ولا مقصودا وانما المقصود تقديم نوع الاخس على نوع الاشرف وان كان من كمال المطابقة ملاحظة تقديم الافراد ايضا الا انه خولف هذا الكمال لاجل المصالح كما عرفت في نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله من كون المانع اقوى من المقتضى ثم انا قد بينا مرارا ان السلسلة على ثلثة اقسام سلسلة صعودية وسلسلة نزولية وسلسلة ظهورية فهذا الذي نحن بصدده كما اشرنا هي الثالثة يعني ان نسبة ترتب افراد النوع بعضها مع بعض ظهورية واما نفس النوع بالنسبة الى نوع آخر فصعودية والمراد بالصعودية تقدم الاخس على الاشرف اي السافل على العالي كما ان المراد بالنزولية تقدم الاشرف العالي على الاخس السافل وبالجملة هذه الشريعة لما كانت احسن الشرايع واكملها ظهرت في آخرها قال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم وهذه اشارة الى هذه النكتة الشريفة الخفية على اغلب الناس بناء على هذا صارت الانبياء وشرايعهم واسطة لها واليه ناظر تأويل قوله تعالى وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين قال الباقر عليه السلام نحن القرى المباركة وشيعتنا وحملة علومنا القرى الظاهرة ولا ريب ان اول من كان من شيعتهم هم الانبياء واما نحن فشيعة الشيعة فلما كان بين الاصل والفرع واسطة ستة وهي الشرايع الستة المذكورة وكان كل شريعة بعضها منها بل كان كل منها يوما وكان كل يوم عند ربك كالف سنة مما تعدون ظهر ذلك النور الاعظم (ص) في تمام آخر الالف السادس واول ظهوره في ابتداء اول ظهور الالف السابع وهذا الظاهر لما كان اصلا لكل شيء وكان قطبا للوجود من الغيب والشهود وجب ان يكون له اسمان اسم في السماء واسم في الارض ليربي بكل اسم مربي ذلك الاسم سواء كان سماويا او ارضيا وهذان الاسمان كنايتان عن الموجودات كلها اذ السماء اشارة الى جهة المقبولات والقابليات المجردة ام المادية المركبة فكان اسمه في السماء احمد وفي الارض محمد ووجه التخصيص قد ذكرنا سابقا فلا نعيد ولما كان ظهوره في هذا العالم بالعبودية التي هي اصل الرسالة وابوها وتلك العبودية لله سبحانه وجب ان يكون اسم ابيه عبد الله ولما كانت المرءة مخلوقة من جزئين من النفس وكمال النفس النفس الكاملة تكون امه آمنة اي آمنة من المعاصي والسيئات كلها بناء على هذا وجب ان يكون اسم امه آمنة ولما كان هو صلى الله عليه وآله اصلا لكل شيء من الموجودات وواسطة لكل الكائنات من الكليات والجزئيات مجرداتها ومادياتها غيبياتها وشهودياتها حتى ابوه وامه وجب موت ابيه وامه ليكون هو (ص) يتيما مستقلا لا يتكل على احد ولا يتبع احدا ولما كان هو (ص) اصل النبوة وسر حملة الفيوضات باسرها وكان حامل النبوة اي عليه اعباء النبوة العامة التامة الشاملة الكاملة الجامعة على كاهله الشريف وجب ان يكون في الكاهل علامة منه وتلك العلامة هي المعروفة بخاتم النبوة الذي كان نقشه في الحقيقة لا اله الا الله محمد رسول الله (ص) ولما كان توجهه (ص) دائما الى الله ناظرا اليه بجهته الاعلى الاولى وجب ان يكون خاتم النبوة على كتفه الايمن لانه الجهة الاقوى من جهتي الشيء وذلك الخاتم علامة النبوة وان كانت العلامات غير محصورة اذ النبوة كانت ظاهرة من لسانه ويده وبيانه وتقريراته واحواله واوضاعه ومشيه وقيامه وقعوده وركوعه وسجوده وكلامه ومن كلما له ومنه وبه وعنه الا ان خاتم النبوة له شأن آخر وثبات دون ما هو لسائر الجوارح والاعضاء فافهم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ليلة الاثنين السادس‌عشر من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

انا قد ذكرنا سابقا ان الشرايع الست لما كملت يجب ان يكون صاحب الشريعة السابعة هو هذا الكبير الاعظم والنور الاقدم الاقوم ووجب ان يكون ظهور هذه الشريعة بعد الالف السادس من ظهور آدم لان تمام الشيء على ما حققنا انه انما يكون في ستة ايام وقلنا ان كل يوم من ايام الدهر كان في عالم الزمان الف سنة فاول ظهوره (ص) في اول الالف السابع وهذا الظاهر المعظم المكرم يجب ان يكون له اسمان اسم لاهل الملكوت الاعلى واسم لاهل الملك الادنى وبعبارة اخرى اسم عام واسم خاص فالاسم العام هو كل خير بمعنى ان كل مسمى بخير وجب ان يكون اسمه لهم (ع) فيكون الصلوة اسمهم كما ان عليا ومحمدا من اسمائهم وكما تقول انهم يد الله وجنب الله بمعنى ان اسمهم يد الله واسمهم جنب الله واسمهم اذن الله واسمهم قلب الله ثم روح الله ونفس الله وكلام الله وحجاب الله ودليل الله ونور الله وفيض الله وسر الله وستر الله كما تقول انه محمد وعليّ وحسن وحسين وكما تقول اسمه عرش وكرسي وسماء وارض وكوكب وزحل ومشتري ومريخ وشمس وزهرة وعطارد وزهرة (كذا) وكما انهم اسمهم شجر وثمر وجنة وصلوة وزكوة وصوم وجهاد ومكة ومني وزمزم وصفا وبلد الحرام ومسجد الحرام وملك وكما ان اسمهم (ع) بحار وجبال وتلال واسمهم آدم ونوح وابرهيم وسليمان وايوب وداود وذو القرنين وخضر والياس وموسى وعيسى ودانيال الى غير ذلك من اسمائهم من كل خير من الخيرات والنعم وكما ان اسمهم نعمت الله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها واعلم ان كل خير من الاسم او المسمى فهو اسمهم (ع) حينما خلقهم الله تعالى ولكن الله سبحانه اعار تلك الاسماء لمن دونهم ممن حكى جهة من جهاتهم فهم عليهم السلام سبقوا كل احد في كل من الخيرات كلها فلو لم يكن اسم كل خير اسمهم لم يسبقوا هم ذلك الاسم ولا ذلك الشيء الخير مع انهم (ع) حازوا الخيرات كلها وسبقوا الكائنات فسبقوا كل شيء لانهم سبقوا في الوجود واجابوا الداعي المعبود قبل كل مبروء ومذروء فيكون كل الخيرات بقضها وقضيضها بهم تحققت ومنهم برزت ومن لدنهم نشأت ثم تأصلت ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه فلما كان اسمهم العام ورسمهم الشامل التمام ظاهرا في كل شيء من البداية الى النهاية بكم فتح الله وبكم يختم ثبت انهم ملأوا السموات والارض وانهم (ع) وجه الله الذي فاينما تولوا فثم وجه الله وثبت انهم (ع) لا جهة لهم الا جهة الله اذ هم آية الله ودليله وباب الله وجهته وحجاب الله وصراطه وكمال الله ونوره وقولي ان كل مسمى لخير يجب ان يكون اسمه لهم (ع) مستند من وجوه اقرب الوجوه واسهلها هو الذي انحطت دونه الافهام وتحيرت لديه الاحلام وعجزت عنده العقول والاوهام وذلك اثبات المناسبة الذاتية بين الاسم والمسمى وهذا كان امرا ضروريا عند ائمتنا (ع) وعند اصحابهم معلوم ذلك لمن تتبع الاخبار وجاس خلال تلك الديار فيرى الامر بحيث لم يحتج في فهمه الى بينة وبرهان ولكن الاصوليين من قلة اطلاعهم وضعف باعهم نسبوها الى عباد بن سليمان الصيمري مع ان عباد واحد من القائلين بهذه المسألة وانها ضرورية عند الاصحاب في زمن الائمة (ع) بل عند المخالفين ايضا منهم ورد انه كان زنديق بمصر بلغه عن ابي عبد الله (ع) اشياء فخرج الزنديق الى المدينة ليناظر الامام (ع) فلم يصادفه (ع) بها فقيل له ان الصادق (ع) خارج الى مكة قال هشام بن الحكم ونحن كنا مع ابي عبد الله (ع) فصادفنا الزنديق اذ نحن مع الصادق (ع) في الطواف وقد كان اسم الزنديق عبدالملك وكنيته ابو عبد الله فلما حضرنا الزنديق وقد رآنا في الطواف ضرب كتفه كتف ابي عبد الله (ع) فتوجه اليه ابو عبد الله (ع) فقال له ما اسمك قال اسمي عبد الملك فقال (ع) وما كنيتك قال كنيتي ابو عبد الله فقال له ابو عبد الله فمن هذا الملك الذي انت عبده أمن ملوك الارض ام من ملوك السماء ثم اخبرني عن ابنك انه أعبد اله السماء ام عبد اله الارض قل ما شئت تخصم قال هشام بن الحكم قلت للزنديق أما ترد عليه قال قبح قولي اخره انظر الى صراحة الحديث على المدعي ثم التفت الى ان المخالف المخاصم لو وجد مذهبا ضعيفا لتمسك به لا محالة ولو بالنقل اذ الغريق يتشبث بكل حشيش ومن المخالفين القائلين بالمناسبة الذاتية هو عبد الله الديصاني ورد انه سئل هشام بن الحكم فقال له ألك رب فقال بلى فقال أقادر هو قال نعم فقال يقدر الرب ان يدخل الدنيا كلها في البيضة لا يكبر البيضة ولا تصغر الدنيا قال هشام على بالنظرة الى ان سأل مولاه الصادق (ع) فاجاب عبد الله الديصاني والحديث طويل الى ان قال جاء الديصاني الى الصادق (ع) فلما قعد لديه (ع) قال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي قال له (ع) ما اسمك فلما سمع الديصاني ذلك خرج من عنده (ع) ولم يخبره باسمه فقال له اصحابه لم لم تخبره باسمك قال لو كنت اقول له عبد الله كان يرد على جعفر بن محمد فيقول من هذا الذي انت عبد له فقال اصحابه عد اليه فقل له دلني على معبودي ولا تسئل عن اسمي فرجع اليه الحديث وانت عليم بانه لا خفاء في دلالتها على المدعي لا سيما قول اصحابه له عد اليه فقل له دلني الخ اذ لولا هذا ظاهرا معروفا عندهم لما صح سكوت عبد الله ولا تقول قوله بهذا القول هاتان الروايتان ذكرهما الكليني في كتابه الكافي وغيره في غيره مع اعتضادهما بالادلة العقلية اذ لا ريب في انه تعالى هو الواضع وهو الحكيم ولا ريب ان الوضع مع المناسبة اولى من دونها ثم انه تعالى قادر لا عجز فيه عالم لا جهل له وانه تعالى لم يكن لامره ساد قط ولا لحكمه مانع ابدا فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يترك الاولى واعلم انا قد افردنا لاثبات هذه المسألة الشريفة رسالة خاصة وذكرنا هناك الادلة القطعية على اثباتها من العقلية والنقلية فالمتتبع في الاخبار والمتجسس خلال تلك الديار يرى الامر اوضح من النار على المنار بل انور من الشمس في رابعة النهار ومن الادلة في اثبات المسألة الشريفة العويصة هو انه تعالى واضع الالفاظ والاسماء مطلقا حتى الاعلام الشخصية لان امر الله واحدة وماتري في خلق الرحمن من تفاوت وما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فلا فرق اذا بين الاعلام النوعية والشخصية فلا معنى لهذا الاختلاف ولا ثمرة له الا الخسران ولا فائدة في هذا التقسيم بل انما هي قسمة ضيزي اذ ورد ان الاسماء تنزل من السماء وورد في التنزيل من الرب الجليل ان الاعلام الشخصية واضعها هو الله تعالى قال تعالى لم نجعل له من قبل سميا في تسمية يحيى بن زكريا واما قوله تعالى ان هي الا اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وذلك كما قالوا يعوق ويغوث ولات وعزي ومنات الثالثة الاخرى وغيرها فهذا توبيخ لهم لان التسمية من دون سلطانه تعالى ليس بشيء فلا يكون وضعهم وضعا فعلي هذا لا يكون الواضع الا الله وحده وعلى هذا المشهور المنصور حيث قالوا بان الله هو الواضع الا انهم اختلفوا في الاعلام الشخصية وانت عرفت مما ذكرنا اثبات كونها بوضع من الله تعالى بالآية والرواية والعقل فلما كان الواضع هو الله تعالى نقول هل هو تعالى ارسل رسولا الينا لتعليم اللغات ام انزل كتابا فيه ذكر الاوضاع والاسماء كالقاموس مثلا ام بعث لنا ملكا كي يخبرنا به ولا ريب بخبرتك ان الثلثة لم تكن قط ثم اختلف الاصوليون في كيفية وضعه تعالى بانه تعالى هل علم آدم الاسماء كلها اولا ثم علم آدم (ع) ثانيا اولاده وهذا اضعف الاقوال في المسئلة لانا قد علمنا علما بديهيا قطعيا بان اللغات والاسماء في الازمنة والايام جميعها تتزايد وتنوجد على ما لم يكن قبل ذلك فهل هذه الزيادات في اللغات من باب خلق علم ضروري بمعنى انه يأتي الناس لغات عند فاقتهم يعني انه سبحانه يخلق ذلك الاسم او الكلمة في ذلك الحين كما يعلم هو سبحانه الصغير البكاء عند وقوعه على الارض ام اللغات بالهام من الله في القلوب عند الحاجة اليها نقول ان هذا الخلاف لا يضرنا بشيء ضرورة ان الامر على كل تقدير من التقديرات الثلثة لا ينافي كونه تعالى واضعا لها بل نقول هو المتعين ضرورة ان الحادث لا ينسب الا الى محدثه والفرض ان المحدث تعالى واحد لا شريك له فيكون هو الواضع مطلقا الاسماء تتنزل من السماء فان قلت كيف يكون المناسبة الذاتية ثابتة ونحن لاندركها ثم على فرض الاثبات والادراك يجب ان لا يحتاج احد الى لغة من اللغات ثم يلزم من اثباتها ان لا يكون للاسماء وضع اذ الوضع للنقيضين يدفع المناسبة قلنا اما اولا فانا نعلم قطعا وجزما بان ادراك الشيء غير اثبات الشيء لانا نثبت كثيرا ما اشياء ولاندركها كما اثبتنا وجود الواجب ثم اثبتنا صفاته وبرهنا الامر بين الامرين وقررنا ان للوضوء مناسبة واقعة مع الصلوة ولكنا لا ندركها وكما اثبتنا الحسن والقبح عقليان ولا ندركه واثبتنا بان الشارع الحكيم تعالى لم يجعل هذه الاحكام والحدود عبثا بل جعل لها مناسبات واقعية وحسن واقعي فاذا علمت المناسبة في شيء فليكن هذا من ذاك واما ان اثبات المناسبة مغن عن الافتقار باللغة فلانا قد اشرنا بان اثبات الشيء غير فهمه واما ثالثا ان اثبات المناسبة مستلزم لقدم الوضع فباطل لانا نقول ان الالفاظ حادثة مؤلفة من الحروف الهجائية فبناء على هذا يحتاج الى الوضع قطعا نعم لو قلنا ان الالفاظ قديمة فذلك الحين لا تحتاج الى وضع ابدا واما رابعا ان الوضع للنقيضين يدفع المناسبة فهذا قول بارد وكلام لم يخرج من معدن التحقيق ولا من فكر صائب عميق ولا رأي مستقيم دقيق بل قائله ليس له في العلم ضرس قاطع ولا له في جهات الاشياء واوضاعها تدرب في الجملة ضرورة ان معنى البديهيات الاولية هو ان الامكان حادث باحداث الله سبحانه وحده لا شريك له وانت خبير بان الالفاظ من الحوادث ثم انت عليم بان الحادث لا يوجد بسيطا قط وانت عليم ايضا ببديهتك بان كل شيء من المجعولات انما جعله صانعه مركبا من العناصر الاربعة ثم عليم بان للشيء جهات واطوار واحوال واوضاع وله عوالم لا نهاية ولا اقل ان كل ممكن زوج تركيبي وهذا القول ملأ الاصقاع وخرق الاسماع فاذا ثبت هذا يكون الشيء مناسبا بكل جهة شيئا من النقيضين فلا يلزم شيء بحال من الاحوال كما ان الشيء الواحد حار باعتبار وبارد باعتبار ورطب باعتبار وكل ذلك اعتبارات متأصلة واقعية ذات آثار واحكام لمن له نظر واسلام لله الملك العلام فمن عرف هذا يفتح له الف الف باب من باب العلوم الغامضة من كلياتها قال (ع) ذهب من ذهب الينا الى عيون صافية تجري بامر الله لا نفاد لها فان قلت على بيانكم هذا بان بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية كما ان بين اسم محمد (ص) مناسبة ذاتية مع مسماه الشريف فما تقول بين اسم محمد بن اشعث الملعون قاتل الحسين (ع) من المناسبة الذاتية مع ان الحروف في الاسمين متحد وهذا شيء واضح لا خفاء فيه ولا حجاب قلت اعلم ان الكتاب كتابان كتاب الابرار وكتاب الفجار ان كتاب الابرار لفي عليين وان كتاب الفجار لفي سجين والحروف الثمانية والعشرين ايضا على قسمين احدهما مكتوب في سجين للكتاب السجيني وثانيهما مكتوب في عليين للكتاب العلييني وكلا الحرفين في الصورة سواء كالماء والبول فيشتبه عليك باعتبار الصورة كما في الانائين المشتبهين وان كان الامر عند الله والراسخين في العلم معلوما ولكن نحن على ما كنا فيه لا نميز بين حروف الظلمانية والنورانية الا باعتبار المسمى فان عرفنا المسمى بانه من اهل الخير والصلاح عرفنا ان اسمه خير ونور وان عرفنا عكسه فعكسه والحاصل كلامنا في اسمائهم (ع) العام بمعنى ان كل اسم خير فهو اسمهم (ع) اعاروه ذلك باعتبار الحكاية كما ان الانبياء (ع) اسماؤهم كانت من قبل ان يسمون بها للائمة (ع) فاذا ماتوا ورثوها السلام على وارث آدم صفوة الله الخ الا ترى ان في زيارة امير المؤمنين عليه السلام تقول وانت زائره (ع) السلام على آدم صفوة الله السلام على نوح نجى الله السلام على ابرهيم خليل الله الخ فاذا كانت الاسماء المسلم عليهم اسماء للانبياء اقول أليس من سوء الادب ان الزائر لمثل امير المؤمنين (ع) وهو بمحضره وانه يريد زيارته فيعرض في تلك الحالة ويلتفت الى من دونه من شيعته فيخاطب الانبياء ويسلم عليهم نعم ليس من الادب ان يلتفت الزائر الى غير المزور لاسيما اذا كان مثل عليّ امير المؤمنين (ع) فيكون المطلوب من فقرات الزيارة هو عليه السلام كيف لا وقد شرح ذلك في خبر آخر بقوله انا آدم الاول انا نوح الاول انا ابرهيم انا ذوالقرنين وهكذا فعلى هذا كانوا هم الوارثون كما قال تعالى نحن نرث الارض ومن عليها وبالجملة كما كان اسمهم محمد وعليّ وحسن وحسين الى غير ذلك من اسمائهم المعروفة كذلك اسمهم صلوة قال انا الصلوة لا ان هذه الاركان المخصوصة هم (ع) بل الصلوة اسمهم والمراد بالصلوة الولاية قال (ع) الصلوة عمود الدين اذا قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ما سواها ولا ريب ان الاحباط ليس من مذهبنا لقوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وكيف يكون ذلك متصورا وان الرب تعالى عادل فلو اريد بهذه الصلوة الصلوة التي هي ذات الاركان المعروفة يلزم الجبر والظلم على الله تعالى وذلك كيف يعقل في شأن العدل بانه تعالى لا يقبل الزكوة من المزكي بعلة كون صلوته اي الاركان المخصوصة مردودة وكذلك رد حجه الصحيح وصومه المقبول واعماله المرضية اذ رد هذه الاعمال بفساد الصلوة خلاف العدالة وخلاف العدل ظلم وهو تعالى عن ذلك علوا كبيرا بناء على ما ذكرنا لا يكون المراد من الصلوة التي هي موجبة لصحة الاعمال وقبولها وردها الا الولاية التي اذا فقدت عدمت الاعمال وحبطت قال تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين والمراد بالايمان هو عليّ (ع) ولذا ترى زبر الايمان مطابقا لبينات اسم على كما ان زبر الاسلام يطابق لبينات اسم محمد وذلك لان نسبة البينات الى الزبر نسبة الصفة الى الموصوف قال بالفارسي :

كردي چو حساب اسم الله تمامبر كوي محمد وعليّ گير مقام

از بينه اسم عليّ ايمان جويو از بينه اسم محمد اسلام

فهو (ع) ايمان لا يحبط عمل الا بالكفران به فقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا فالاقرار بالولاية من اصعب الاعمال ولذا قال تعالى واستعينوا بالصبر والصلوة وانها لكبيرة الا على الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم قال (ع) الصبر رسول الله والصلوة اقامة ولايتي فهو (ع) صلوة وصراط وميزان لان الواقف عليه كالواقف على ما هو احد من السيف فمنهم من يمر عليه كالبرق الخاطف ومنهم من يمر عليه كالفرس الجواد ومنهم من يمر عليه حبوا يأخذ منه النار شيئا ويترك شيئا حتى يمر منه بهذه الحالة واما قوله تعالى لا تقربوا الصلوة وانتم سكارى فالمراد منه انكم لا تقربوا اليها وانتم غافلون عن الله تعالى بفضيلة محمد بن عبد الله (ص) وانتم متكبرون في فضله غير مصدقين بمقامه ودرجته والحاصل قال عليه السلام ان الله خلقنا من طينة مخزونة تحت العرش ثم جعل من فروعنا كل خير وكني عن اسماءنا في القرآن بكل خير فنحن الصلوة ونحن الزكوة ونحن مكة ومني ونحن زمزم والصفا ونحن بيت الحرام ونحن مسجد الحرام ونحن الشهر الحرام الى غير ذلك مما في الخبر وهذا النوع من اسمائهم (ع) هي اسماءهم العامة واما اسمهم الخاص فسأتلوه عليكم في الليلة الآتية بمحمد وآله وشيعته

وصلى الله على محمد وآله

الليلة السابع ‌عشر من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

لما ذكرنا ولا حول ولا قوة الا بالله ان بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية بالدليل الواضح والبيان اللايح وقلنا ان كل مسمى خير اسمهم (ع) نقول ان الاسم قسمان اسم عام واسم خاص وكل واحد منهما لفظي ومعنوي فاما الاسم اللفظي العام فقد ذكرناه البارحة فقلنا ان اسمهم محمد وعليّ واسمهم الجنة والسموات والكواكب والنجوم والشمس والقمر ثم يد الله وعين الله وجنب الله واذن الله وجلال الله وجمال الله وستر الله وسر الله وحجاب الله وامر الله وكلمة الله وحكم الله وكمال الله وعرش الله ثم الصوم والصلوة والحج والزكوة وغيرها لانهم (ع) مبدء الوجود واصل الموجودات واول المجعولات فجمع فيهم جميع الخيرات بل ومنهم نشأت وعنهم برزت لانهم اصل الخير ومعدن الحق اشهد ان الحق معكم ومنكم وفيكم واليكم فما يشذ منهم (ع) خير ابدا ولاسبقهم سابق فلو سبقوا عليهم السلام بشيء من الكمالات لماكانوا سبقوا الخلق مع ان كونهم اول خلق الله ضروري والطفرة باطلة فحازوا جميع المحاسن والخيرات كلها من دون استثناء لا يتوهمن متوهم في ان هذه الزكوة هي هم (ع) اذ هذا توهم باطل وانما المراد بها انه كما كان محمد اسمه كانت الزكوة اسمه فاذا عرفت ذلك فقد عرفت انه (ع) مسمى كل خير وعلمت ان الاسماء المستعملة في غيرهم (ع) عارية منهم (ع) حتى ان آدم ونوح وابرهيم وموسى وعيسى اسماؤهم (ع) لان المراد من آدم على ما بينا سابقا هو انه كل اصل تشعب منه فروع فهو آدم وانت خبير بان جميع الفروع في العالم ليست الا انها متشعبة منهم (ع) فهم عليهم السلام اولى بهذا الاسم وهذا المعنى فيهم اعظم واعظم واما نوح فسمي به لكثرة نوحه وخضوعه لله وخشوعه له ولا ريب انهم (ع) في هذا المعنى اعظم واعظم واما ابرهيم فانه انما سمي به لانه بر وهيم في معرفة الله سبحانه وانت تعلم بان هذا المعنى في ائمتنا (ع) اكثر واكثر لان معرفتهم (ع) اكثر من ابرهيم فيكون هيامهم وبرهم اكثر وقد كان نبينا هو البر الرؤف العطوف قال تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم بالمؤمنين رؤف رحيم وانما سمي موسى به لان مو هو الماء وسى هو الشجر وذلك انه حيث كان موسى في تابوت يمشي على وجه النيل الى ان وصل الى اشجار هي قبال قصر فرعون فامر باخذه فحيث وجد (ظ) في الماء والشجر سمي به واما هذا الاسم بالنسبة الى نبينا محمد صلى الله عليه وآله فهو حقيقة لانه (ص) هو الماء الذي به حيوة كل شيء وانه هو الشجرة المباركة شجرة المزن وشجرة طوبى التي اصلها في دار عليّ (ع) وفروعها في دور الجنة ليس بيت الا وفيه غصن من تلك الشجرة واما اعداؤهم فهم شجرة الزقوم طعام الاثيم طلعها كأنه رؤس الشياطين فهم عليهم السلام القرى والقرية والمدينة اذ ورد عن سيدنا الباقر (ع) نحن القرى المباركة وشيعتنا القرى الظاهرة للسير الى القرى المباركة كما في تفسير قوله تعالى وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين وقال (ص) انا مدينة العلم وعليّ بابها واعداؤهم القرى الهالكة ثم من اسمائهم الشمس شمس الهداية واما اعداؤهم فشمس الضلالة قال تعالى الشمس والقمر بحسبان نزولها بعد قول النبي (ص) ان الاول شمس هذه الامة والثاني قمرها وحسبان واد من جهنم وان اردت من الشمس والقمر المعروفين اللذين يسبحان في الفلك فالمراد بحسبان حينئذ الحساب قال تعالى وجعلنا الشمس والقمر آيتين لتعلموا عدد السنين والحساب فتسمية الاول والثاني بالشمس والقمر من باب تسمية الاعمى بالبصير ومن باب تسمية الملدوغ بالسليم ومن باب قوله « برعكس نهند نام زنگي كافور » ورد ان الشمس والقمر يؤخذ نورهما فيحشران على صورة العجل فيدخلان جهنم لانهما عبدا من دون الله واما انهما ليسا هذين المعروفين السابحين في الفلك وانما هما الاول والثاني لقول السجاد (ع) كما في الصحيفة ايها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير المتصرف في فلك التدبير آمنت بمن نور بك الظلم واوضح بك البهم وجعلك آية من آيات ملكه وعلامة من علامات سلطانه الى ان قال في كل ذلك انت له مطيع والى ارادته سريع ولا ريب ان تعيش الموجودات السفلية واستمداداتها منهما فكيف يعقل دخولهما في نار جهنم مع ما سمعت من الاطاعة والعبودية فيكون المراد بالشمس والقمر المخلدين هما المشار اليهما آنفا لانهما عبدا من دون الله قال (ع) من اصغي الى ناطق فقد عبده ان كان الناطق عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان وبالجملة كان كلامنا في الاسم العام لهم (ع) فنقول كل مسمى خير اسمه خير فكان حروف اسمه من عليين وكل مسمى شر اسمه شر فكان حروف اسمه من سجين وقد يتشابه الاسمان اسم الخير واسم الشر وذلك في صورة الصورة كمحمد لمحمد بن عبد الله ولمحمد بن اشعث الملعون وقد اخبر تعالى عن ذلك حيث قال في سورة ابرهيم ألم ‌تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء وقال ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار وقال تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب الله الامثال فهذه الاسماء الخبيثة صورة تشابه صورة الاسماء الطيبة الا انها من سجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين نعرفها بمسمياتها فان كان المسمى خيرا فالاسم خير وان كان شرا فالاسم شر وبالجملة ان الاسماء كلها طيباتها اسماء لهم اولا ثم لما حكت الاشياء وجها من وجوههم من الكمالات التي هي لهم (ع) استعير لهم اسم مناسب للحكاية فسموهم به من باب الحقيقة بعد الحقيقة لا من باب الحقيقة والمجاز ولا من باب النقل والارتجال ولا من باب الاشتراك اللفظي لان الاصوليين قسموا الالفاظ الى اقسام ستة لم يكن الحقيقة بعد الحقيقة منها بل انما هو قسم آخر وايضا ان الاصوليين لم يصرحوا بان الاقسام منحصرة في الستة لا غير بحيث يكون اكثر منها باطلا نعم غاية ما في الباب انهم لم يجدوا الا الستة المعروفة عندهم ويؤيد ما قلنا ما ذكره السيد في المفاتيح في بيان الوضع العام والموضوع له الخاص حيث قال ان هذا القسم ليس من الاقسام الستة المعروفة وانما هو قسم آخر ولا دليل على منع هذا القسم وايضا لا دليل على حصر الاقسام في الستة انتهى كلامه واما نحن فقد قلنا ان هذا القسم باطل رأسا لانا لما اثبتنا ان الواضع هو الله واثبتنا انه تعالى حكيم قادر على لحاظ كل فرد فرد على حدة عند الوضع قلنا ان هذا القسم انما اثبتوه لتعليلهم بان الواضع لما لم يكن متمكنا من ملاحظة كل فرد فرد لاحظ امرا كليا جامعا لجميع الافراد ثم وضع اللفظ بازائه نعم ان هذا انما يصح اذا كان الواضع هو الخلق واما اذا كان الواضع هو الله وكان قادرا على الملاحظة على كمال ما ينبغي فليأت به ان ربي على كل شيء قدير فلما ابطلنا هذا القسم اثبتنا محله الذي هم نفوه وهو هذا الذي سميناه بالحقيقة بعد الحقيقة وهو الوضع الخاص والموضوع له العام وهناك قسمان آخران صحيحان هما الوضع الخاص والموضوع له العام والوضع الخاص والموضوع له الخاص واما هذا القسم الذي نفوه ونحن اثبتناه فهذا قد عرفناه بالكتاب والسنة وفحوي كلماتهم (ع) ثم بالعقل المستنير وبالآفاق واثبات الشيء لا ينفي ما عداه بمعنى ان اتيانهم دون هذا القسم لا يدل على بطلان هذا القسم كم ترك الاول للآخر واما قولنا ان الحقيقة الثانية عارية اسمها واطلاقها عليها حقيقة فلان علامة الحقيقة موجودة وهي عدم صحة السلب مثاله النور فانه اسم للمنير وللشعاع فاطلاقه على كل واحد منهما حقيقة لعدم ( صحة ظ ) السلب الذي وجوده دليل على المجاز فلا يجوز لك ان تقول ان الشعاع ليس بنور مثال آخر نقول ان اليد في قوله بل يداه مبسوطتان اسم للقدرة حقيقة حيث ان اثبات الجارحة لله تعالى باطل واطلاقها على الجارحة حقيقة لعدم صحة السلب عنها مثال آخر نقول ان الصلوة اسم للحقيقة المحمدية اولا حقيقة ثم في الاركان المخصوصة من باب الحقيقة بعد الحقيقة فان قلت كيف يكون الصلوة اسمهم (ع) مع انه قد ورد عنهم (ع) ان الصلوة ما يفتتح بالتكبير ثم يختتم بالتسليم قلت ان هذا هو الذي نريد من معنى الصلوة لانهم (ع) لولا تريهم كبيرا اكبر من كل شيء بل اكبر من ان يوصف كيف تسلم لهم فالتسليم موقوف على معرفة انهم اكبر من كل شيء فاذا عرفتهم (ع) كذلك فقد صليت وبالجملة جميع الاسماء اسم لهم ان ذكر الخير كنتم اوله واصله وفرعه ومعدنه ومأويه ومنتهاه لا يقال ان الفرع المراد به هو الشعاع المنفصل لان المراد بالفرع هيهنا هو الفرع المتصل كالاغصان من الشجرة فان قلت بناء على ما قلت ان كل اسم اولا اسمهم (ع) فما تقول في قوله تعالى لم نجعل له من قبل سميا يعني انه ما وضع هذا الاسم لاحد قبل يحيى وهذا صريح بظاهره ان يحيى لم يكن اسما لهم (ع) قلنا ان المراد بالسمى هو الذي يتحد مع سميه في الوجود والحقيقة ولا ريب ان يحيي من شعاعهم (ع) فلم يكن في رتبتهم ليكون سميا معهم (ع) لان الشعاع عدم عند المنير انعداما صرفا وليسا بحتا والشعاع من المنير وان الاثر لا يتحد وجوده مع وجود مؤثره بحال من الاحوال حتى يقال انه سمي له كما تقول انا عالم وتقول الله عالم ولا ريب ان علمك لم يكن علمه تعالى ولا يقال ايضا انك سمي لله سبحانه وكذلك الكريم المطلق في الله وفيك فاذا عرفت ذلك هنا فاعلم يحيى بالنسبة اليهم (ع) لانهم ادلاء على الله تعالى في كل حال وهم عليهم السلام آية الله في مقاماتهم كلها فلما عرفنا انه (ع) لم يكن له سمي علمنا انه تعالى ليس له سمي ايضا فافهم واغتنم ثم نقول ان الضرورة من المسلمين قاضية بان اول خلق الله هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله فاذا كان اول خلق الله لا يشذ منه خير ولا كمال في حال من الاحوال فلما حاز الخيرات وسبق الكمالات صار الخلق من اشعة نوره يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله وسراجا منيرا فاذا لم يكن السراجية منحصرة فيه لما كان هذا فخرا له ولا كان امتنانا عليه فلما كان هو (ص) منيرا صار الخلق كلهم نوره وشعاعه ولكنه استثنى من الخلق اناسا منهم نفسه (ص) ومنهم ذرية ذلك النفس ذرية بعضها من بعض لان الولد جزء الوالد والوالد كان نفس النبي (ص) فصار كلهم سراجا وهاجا فلما كان الامكان نورا له (ع) يكون النور دالا على المنير لان الشعاع هو الاثر فيكون هو من فاضل انواره واشراقات آثاره ومن عكوسات كمالاته والدليل على كون محمد بن عبد الله (ص) اول الخلق من القرآن المجيد كثير منه قوله تعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين لان الخاتم هو الفاتح والا لم يكن خاتما حيث انا ذكرنا ان السلسلة سلسلة الصعود فلما كانت السلسلة صعودية لا يكون الخاتم الا الفاتح اذ الصعود صعود من الاخس الى الاشرف الذي نزل منه كما بدءكم تعودون فلو لم يكن هو (ص) خاتما على الحقيقة كان الخاتم غيره اعلى منه والحاصل كل شيء هو اسمهم فهذه الانوار من السراج مثلا كلها اسماء معنوية مسمى للاسماء اللفظية وكل نور مبدء اشتقاق اسم للمنير يعني اسم النور اسم لفظي ونفس النور الذي هو المسمى للاسم اللفظي هو اسم معنوي فلما عرفت ان العالم باسره اسماؤهم قل فما احلى اسماءكم والحاصل ان الاسماء الطيبة كلها للمنير وهي اسماء لفظية وهذه الانوار التي هي مسميات للاسماء هي اسماء معنوية للمنير هذا اسمهم العام بكلا قسميه من اللفظي والمعنوي بقي لنا بيان اسمهم الخاص بقسميه سنبينه ان شاء الله وصلى الله على محمد وآله

الليلة الثامن‌عشر من شهر رمضان المبارك من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

سأل سائل قابل : ما وجه تسمية عيسى بعيسى (ع) كما ذكرتم في موسى وما عداه اجاب روحي فداه انا ما وقفنا عليه بنص خاص من المعصوم وان كان في النفس شيء لكن لا نتكلم مما علمنا من العلوم الا اذا وجدنا حديثا منهم عليهم السلام عاما او خاصا ولقد سمعت عن مولينا الشيخ قال رأيت الرضا (ع) في المنام فقلت له يا سيدي اني اجد اشياء ظاهرة كالشمس في رابعة النهار وما ارى هناك حديثا ظاهرا منكم اتكلم بذلك الذي وجدته ام لا قال قال عليه السلام اني لا احب ابرازه والتكلم به الا بعد ورود النصوص (ظ) بالعموم او الخصوص وكذلك نحن في وجه تسمية عيسى (ع)

واما الاسم الخاص اللفظي فهو المصدر والمشتق والصفة المشبهة كالحمد والحامد والحميد ومحمد وقلنا ان الالف اذا كررتها حصل الدال واذا كررت الدال حصل الحاء واذا كررت الحاء خمس مرات حصل الميم فصار محمد ثم بزيادة ميم اخرى في مقابلة عالم الشهادة صار محمد وبزيادة الاصل اي الالف فصار احمد على التفصيل الذي ذكرنا سابقا ولما كان مقامه مقام الجمع والايتلاف صار يومه يوم الجمعة والمراد بجامعيته هي النبوة والولاية لانه (ص) نبي وولي ولما كان هو صاحب الجمع صارت حروف اسمه مربعا اذ الحاء والميم والدال كل واحد منها له ربع وبعبارة اخرى انه (ص) حيث كان صاحب الشكل المربع وكان بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية وجب ان يكون اسمه مربعا اي اربعة احرف ويكون مادة اسمه حروفا مربعة اما الدال فلما كان اول الشكل ومبدئه في الحروف ظهر في آخر اسمه الذي هو الاول في عالم الغيب فلما تكررت الدال كانت الحاء وتكرار الدال اشارة الى نزوله من عالم اللانهاية الى عالم النهاية ثم الحاء تكررت خمس مرات ظهرت الميم وهي اشارة الى اطوار نزوله في عالم النهاية من عالم العقل المرتفع الى العقل المستوي الى العقل المنخفض الى الروح الى النفس ولما كان الدال تكرار الباء وهي تكرار الالف الذي هو المبدأ وكان هذا الاصل الاقدم والنور الاعظم هو مبدأ الكل فمقتضى المناسبة الذاتية ان يأتوا بالالف الذي هو المبدأ ثم يجعلوا في مبدء اسمه ليحكي كونه (ص) هو المبدأ فسمي احمد وهذا هو اسمه الشريف في الملكوت الاعلى لكونه ( كذا - لكون ظ ) اهله اقرب الى المبدأ من الملك الاسفل واما اهل الاجسام وخاصة اهل الارض فزيد لهم الميم لبيان نزوله من عالم الملكوت الى ذلك العالم بعد خمسة عوالم وهي تكرار الحاء في عالم النفس وعالم الطبيعة وعالم المواد وعالم المثال وعالم الجسم ثم شدد الميم الثاني لبيان اتصال عالم الغيب وعالم الشهادة فالميم الاول لبيان عالم الشهادة كما ان الثاني لبيان عالم الغيب فلما كان مقامه (ص) مقام المحبة والمودة والتأليف والايتلاف صار كوكبه كوكب الزهرة لانه كوكب المحبة والايتلاف هذا اسمه الخاص اللفظي واما اسمه المعنوي الخاص فلا ابرزها لاحد من الناس ابدا وصلى الله على محمد وآله

الليلة العشرون من شهر رمضان المبارك سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

لما ذكرنا انا بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية وقلنا ان كل مسمى خير فهو اسمهم (ع) اردنا ان نقول انه لما كان نبينا (ص) هو المتبوع في العوالم وان تربية العوالم بالاسماء وان العوالم باعتبار النوع عالمان وجب ان يكون له اسمان اسم لاهل الملكوت الاعلى واسم لاهل الملك الاسفل يعني اسم لاهل السموات واسم لاهل الارضين فالاولون يدعونه باحمد والآخرون بمحمد (ص) ومادة الاسمين واحدة وهي الحاء والميم والدال والتفاوت انما هي في الملحقات ومادة اسمه الشريف التربيع وهو شكل الايتلاف والمحبة والاجتماع فلما كانت مادة اسمه التربيع وجب ان يكون نكاح النساء في حقه (ص) ان لا يكون له حد معين كما لغيره (ص) لما ذكرنا من شدة الود والحب والايتلاف في مزاجه الشريف فلا يكون له جهة منافرة فلما كان له الايتلاف والمحبة والاجتماع كان يومه يوم الجمعة وكوكبه الزهرة ولما كان هو صاحب شكل المربع وكان بين الاسم والمسمى مناسبة ذاتية وجب ان يكون اسمه الشريف رباعيا اي اربعة احرف كما كان مادة حروفه مربعة والدال لما كان اول الشكل ومبدأه في الحروف ظهر في آخر اسمه الذي هو اول في عالم الغيب فلما تكررت الدال كانت الحاء ثم تكررت الحاء خمس مرات ظهرت الميم التي هي اشارة الى اطوار تنزله من العقل المرتفع الى العقل المستوي الى العقل المنخفض الى الروح الى النفس ولما كان الدال تكرر الالف بواسطة الباء الذي هو المبدء وكان هو (ص) مبدأ الكل فمقتضي المناسبة الذاتية ان يأتوا بالالف الذي هو المبدأ وانما جعل في مبدأ اسمه دلالة على انه (ص) هو المبدأ فسمي احمد وهذا اسمه الشريف في الملكوت الاعلى واما اهل الملكوت الاسفل اي اهل عالم الاجسام والارض فزيد لهم الميم لبيان نزوله (ص) من عالم الملكوت الى ذلك العالم بعد خمسة عوالم وهي تكرار الحاء في عالم النفس وعالم الطبيعة وعالم المواد وعالم المثال وعالم الاجسام وشد الميم الثاني لبيان اتصال عالم الغيب وعالم الشهادة فالميم الاول لبيان عالم الشهادة كما ان الثاني لبيان عالم الغيب وانما قدم الميم الاول لعالم الشهادة اي لبيان حكم المناسبة لعالم الشهادة واصل اسمه (ص) حم فالميم الاول ظهور الحاء والحاء ظهور الدال ويجب ان يكون ابوه (ص) اسمه عبد الله لان الاب يحكي جهة العقل كما ان الام تحكي جهة النفس والعقل اول مقام العبادة وينبوعها اذ العبادة في مقام الفرق وهو اول مقام الفرق ولما كان هو صلى الله عليه وآله في مقام الجسم والجسمانيات لم يخرج عن حكم العقل وما يقتضيه من احكام العبادة فما وصل ما وصل الا بالعبادة فكانت العبادة اصلا له في بلوغه الى مقامات القرب وجب ان يكون ابوه الظاهري اسمه عبد الله فلذا كان بينات عبد يوافق زبر محمد (ص) والبينات فرع للزبر والولد فرع لوالده من حيث الولادة ثم يجب ان يكون مبعثه (ص) بعد مضي اربعين سنة من ولادته لانه مقام الكمال لاجتماع مراتب القابليات والمقبولات وكمال نضج الطبيعة واعتدال البينة لئلا يكون على الله حجة مطلقا ويجب ان يكون يوم الذي بعثه الله (ص) يوم النيروز اول انتقال الشمس الى برج الحمل وهو اليوم الذي خلق الله الدنيا والعود كالبدو فيتصل الآخر بالاول اذ الختم على طبق الفتح والآن اول مقام ظهوره (ص) اول مقام نضج العالم وصفائه واعتداله فان اول ظهوره (ص) استدار الزمان كهيئة يوم خلق الله السموات والارض فان طالع الدنيا يوم خلقت السرطان والشمس في شرفها في برج الحمل ولما كانت الام جهة ظهور النفس وهي سبعة اطوار وهي اكملها الكاملة ثم المرضية ثم الراضية ثم المطمئنة وكل هذه النفوس مقام الرحمة والامن فيجب ان يكون اسمها آمنة يعني آمنة من كل خطأ لكونها تابعة للعقل الذي هو عبد الله ولما كان الاب الظاهري دليل العقل وكانت الام الظاهرية دليل النفس وكان هذا النبي (ص) يجب ان يكون جامعا لجميع الكمالات على الاطلاق وجب ان يسمي ابوه عبد الله وامه آمنة ولما كان مقام العقل والنفس مقام القيود ورتبة الحدود وجب ان يبقى رسول الله (ص) يتيما من غير اب وام حتى يكون متفردا في النشو ومتوكلا على الله وحاميا حول جلاله وربوبيته وطائفا حوم فيضه ومدده وناظرا اليه تعالى لا الى الاسباب ومفوضا امره الى رب الارباب وداعيا صانعه بلسان حاله الفقر فخري وبه افتخر كما كان داعيا بلسان قاله ثم لما كان مقامه (ص) مقام الاجمال والبساطة وهو مقام النبوة وهو المتصدي لامرها والحامل لاعبائها ويجب ان يكون هذا المعنى ظاهرا لكماله المطلق في ظاهر بشريته وجب ان يكون على كتفه الايمن خاتم النبوة لبيان انه الحامل على كاهله اعباء النبوة واحكام الرسالة وما سواه تابع له مطيع لامره ومقدمة لظهوره ولما ذكرنا ان الاربعة عشر واحد منهم قطب وواحد آخر جامع وحاو وكان نسبته اليهم نسبة المحل الى الحال والمحل الظاهر منه الحال بتفاصيل احكامه يجب ان يكون الغالب عليه البرودة والرطوبة وهي طبيعة الانثى ولما كانت هذه من حقيقته (ص) وزيادة الاعتناء في شأنها وجب ان يكون بنتا لمحمد (ص) لا ابنا ولما كانت هي آخر المبادي فيكون نسبة هؤلاء الاربعة عشر (ع) في الكائنات نسبة الآحاد الى سائر المراتب من الاعداد ولذا قلنا انها آخر المبادي وهي التسعة فانها آخر الآحاد وجامعة لمراتب هذه المبادي ومن جهة المناسبة بين الاسم والمسمى وجب ان يكون اسمها الشريف استنطاق التسعة وهو الطاء واذا ضم معها كمالاها الظهوري والشعوري يظهر من كمالها الظهوري خمسة واربعون واستنطاقها مه ومن كمالها الشعوري واحد وثمانون واستنطاقها فا واذا جعلت الطاء قطبا وقدم الكمال الشعوري واخر الظهوري يكون فاطمة فبهذا ظهر اسمه الشريف حاكيا لمقامها ومرتبتها في التكوين ولما كانت فاطمة (ع) شأن ( شأنا ظ ) من شأون محمد (ص) ومقامه الاجمال وجب ان يكون لها من عليّ (ع) ابنان اكبر منهما يحكي مقام جده مما حكته امه الطاهرة والاصغر منهما يحكي مقام ابيه الطاهر (ع) وجب ان يكون النسل والانوار المطهرة والاولاد الطاهرون من الاصغر لانه صاحب مقام ابيه الظاهر بالولاية التفصيلية ولما كان الولد فرع الوالد وبسطه وتكريره وكان الوالد مبدأ اسمه اللام وجب ان يكون مبدأ اسمهما السين لانها تكرير اللام وانبساطها ولما كانا حاكين مقام جدهما (ص) من جانب الام التي هي فرع للاب وصفة له وجب ان يكون في اسمها حرف هي صفة حرف اسم جدهما ولما كان اصل الاسم هناك الميم بيناتها نون وهي صفة الزبر وجب ان يكون فيهما ما يدل على ذلك وكان اصل اسم جدهما حرفين فالميم ظهرت فيهما بالبينات لبيان ما ذكرنا فالحاء يجب ان يجعل في اسمهما ليدل على انهما حقيقة واحدة فصارت مادة اسمهما السين والحاء والنون فالسين من حيث كونها قطبا هناك وجب ان يكون في الوسط والنون من حيث كونها فرعا وجب ان يكون في الآخر والحاء من حيث كونها اصلا وجب ان يكون في الاول فكان الاسم حسن ولما كان الاصغر منهما هو صاحب التفصيل والانوار مقام العشرة الباقية يجب ان تظهر فيه ما يدل عليها زيدت الياء بعد السين لبيان ان تلك العشرة الكاملة هو (ع) واولاده الطاهرون سلام الله عليهم اجمعين وصلى الله على محمد وآله

الليلة الثانية والعشرون من شهر رمضان ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله قد بينا ظهور النبي المطلق المكرم (ص) باسمه واسم ابيه وامه واسم زوجاته وبينا صفاته التي منها خاتم النبوة الذي كان على كتفه الشريف وذكرنا وجه ظهور شرعه الشريف في الالف السادس والآن اردنا ان نقول ان هذا النبي المكرم المعظم صلى الله عليه وآله لا بد وان يكون ظاهرا باللغة العربية لانها اشرف اللغات واحسنها واحلاها وهي لغة تطابق الكينونة الانسانية التي هي احسن الصور فتكون لغته احسن اللغات وذلك لانه تعالى خلق كل ما خلق على مقتضى كينونته وحالته كما ان مقتضي حالة آدم (ع) هو انه (ع) كان يتكلم مع اولاده كل على لغة تناسبه هذا انما كان باعتبار المتعلق واما اصل الكينونة الانسانية فتقتضي ان تكون لغتها عربية وهذه اللغة لغة اهل الجنة والجنة كما ترى يرجع فيها كل شيء الى اصله فلما كانت لغة العرب اشرف اللغات وكان الانسان اشرف الخلق ناسب ان يكون لغة الانسان عربية وانها اصل اللغات فوجب ان يظهر هذا النبي المفخم المكرم (ص) على اللغة العربية اذ هي لغة الجنة واما لغة اهل النار فمجوسية ولغة الزبانية منها تركية كما عن عليّ (ع) وذلك لاعوجاج كينونتهم وتغيير فطرتهم عن الاستقامة والاعتدال وقد ورد ان الانبياء كانوا في مناجاتهم مع الله تعالى بلغة العربي واما مع رعيتهم فبلغتهم واما سليمان بن داود فجمع بين لغات ثلثة اما مع ربه في مناجاته فعربي واما مع عسكره فتركي واما مع ندمائه فارسيا واعلم ان لغة الفرس لغة المرأة اذ فيها الحلاوة المهيجة للشهوة ومقربها لظهور نفس الامارة في لغة الفارسي فلما كان اصل اللغات واشرفها لغة العرب ماتقوم الصلوة صحة ( صحيحة ظ ) الا بالعربي وليس للعرب الافتخار حينئذ على العجم اذ الفطرة الانسانية عربية مطلقا والعربية ليست محض اللسان واللهجة خاصة وانما يكون العربية مؤلفة من خصال عشرة الايمان والمحبة والمروة والفتوة والشجاعة والسخاوة وكرم النفس وكرم العرق واللسان فلما جاء اللطخ صار لسان الشيعة المؤمن لهؤلاء المخالفين كالعكس ولكنه يرجع كل الى اصله عند الموت بيان ذلك اجمالا هو ان كل من كان الغالب عليه الصفة العربية يلحقه لسانه والا فيؤخذ منه ما هو عليه من لغة العرب فالمؤمن اذا مات ينقلب لسانه عربيا وان كان عجميا بخلاف الكافر فانه اذا مات ينقلب لسانه عجميا وان كان في العربية في غاية الفصاحة وذلك لما قلنا من حكم اللطخ في هذه الدنيا فلذلك ترى هناك مؤمنا لسانه عجمي وترى كافرا قد بلغت لغته الغاية والنهاية ورد ان عجوزا اتت الى عليّ (ع) فقالت له ان ابني مات وقد كان لي مال عنده لا ادري الآن اين جعله فقام عليّ (ع) الى ان اتى قبره الذي دفن فيه فقال (ع) يا فلان قم فقام وهو يقول شالا شالا رينا رينا يعني لبيك لبيك وقد كان رجلا عربيا الا انه قد انقلب لسانه بعد موته سأله عن ذلك الامام (ع) قال اني لما قبضت على خلاف ولايتك انقلب لساني عجميا كما ترى فالمؤمن ينقلب لسانه عربيا بعد القبض والمنافق ينقلب عجميا كذلك وان كان من افصح العرب قال (ع) شيعتنا العرب وعدونا العجم ومعنى ذلك كما ذكرنا من الصفات العشرة والمؤمن له صفات حميدة وهو عزيز شريف لا يغلب ولا ينقلب ابدا بحال من الاحوال لان الله معه في كل حين يحفظه في كنفه ورد في زيارة الحسين (ع) لا ذليل والله معزك ولا مغلوب والله ناصرك نعم المؤمنون محفوظون عزيزون الا ان الدولة حيث كان للباطل امروا بالصبر قال تعالى يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون صابروا اي مروا بالصبر ورابطوا هذا خطاب للعلماء اي رابطوا قلوب الشيعة بذكر المعارف والفضائل ومعرفة الولاية واحفظوها عن الابالسة والشياطين واتقوا الله اي من ايثار الفتنة واعلم ان الله سبحانه جعل اختيار كل شيء باختيار المؤمن الا ذلة نفسه وافتضاحها فلا يجوز للمؤمن ان يورط نفسه في ورطة لا يقدر ان يخلصها منها لاسيما اذا كانت الدولة للباطل لان المؤمن في ذلك الوقت يجب عليه السكوت والصمت وكف النفس عن احوال الناس كلها فلا يتعرض احدا من الناس بوجه من الوجوه اذ العارفون الكاملون البالغون شأنهم في دولة الباطل عدم التعرض لهؤلاء الخلق المنكوس المعكوس قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون ايام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون لان الناس لا يطلبون الحق ولا يريدونه مع انهم يرون ان الحق مع ائمتنا (ع) ويرون انهم هم معدن العلم والسخا واصل الشرف والحياء وانهم ليس فيهم من قبائح الصفات والافعال ومع ذلك يميلون الى اعدائهم ومخالفيهم لا يكون ذلك الا لعدم المناسبة بينهم وبين الحق شبيه الشيء ينجذب اليه أولايرون ان الحسين (ع) بعد قتله انكسفت الشمس وانخسف القمر مع انه لا كسوف في العاشر وانما الكسوف في آخر الشهر بالاتفاق وكذلك لا ينخسف الا في الثالث ‌عشر او الرابع ‌عشر او الخامس ‌عشر من الشهر لا قبل ذلك ولا بعد بالاتفاق ثم أولا يرون ان السماء بكت دما عبيطا أولا يرون ان الارض قد فار منها الدم فلولا له (ع) رابطة مع العالم لما ظهر كذلك والعجب انهم مع ذلك لم يؤمنوا به (ع) وانما اقبلوا الى اعدائهم الاخباث الارجاس كابن‌ زياد وخالد ووليد وكانوا يقولون انه امام مع وجود عليّ (ع) وهذا الخبيث خالد كان يأمر بملأ الحوض خمرا ثم يرمي بنفسه الى الحوض فيشرب منه حتى يظهر النقصان من اطراف الحوض وكان هذا الملعون كان زانيا نقل كما زبر انه كان صلى ذات ( يوم ظ ) جماعة بالناس فاذا قد تقيأ الخمر في محرابه الذي كان يصلي فيه ثم حكي من احواله الخبيثة زائدا على ما ذكر انه فجر ببنته في حجر ظئره يا سبحان الله كيف كان الناس يميلون الى مثل هذا وهم يجعلون الامام الذي دار عليه السموات والارض غريبا وحيدا اما الحسين (ع) لعل تقول قبل قتله (ع) كان الامر تلبس عليهم فما عرفوه ولذا اجمعوا على قتله واما بعد قتله (ع) وظهور هذه الكرامات من كسوف الشمس وخسوف القمر ونزول المطر وظهور القراءة من رأسه الشريف وهو على السنان وفوح رائحة المسك من ابدانهم المرمية في ارض الطف وغيرها أليس هذه كلها شواهد ظاهرات وآيات باهرات ودلالات واضحات على مقام رتبة الامام (ع) ودرجته والعجب انهم مع ذلك يتبعون الخلفاء الانجاس الذين هم معدن الجهل والطغيان واصل الشر والعدوان لكنهم مع تلك الحالة لم يذكروا في ائمتنا (ع) شيئا من القبايح ولا نسبوا اليهم عيبا من العيوب هذا عبد الملك بن مروان ابو البخر كان نتن فمه بحيث يموت الذباب لو حاذى فمه في طيرانه فلذا سمي بابو الذباب كما كني بابي ‌الحجر لبخله والعجب ان هذا الموصوف المكني بابي ‌الذبان وابي ‌الحجر سمي بابي ‌المؤمنين والعلة كلها مناسبة الناس معه وعدمها مع الامام الحق الذي معدن الخيرات والكمالات فلاجل عدم المناسبة لما آل امر الخلافة الى مولينا امير المؤمنين (ع) بقي مدة خمس سنين لم يتمكن من حج بيت الله مكة المعظمة وذلك لاعوجاج الناس ونفاقهم وكان هو (ع) في المدة المزبورة مشغولا بالحروب والغزوات وتجهيز العساكر واما هذا معوية كانت مدة دولته اربعين سنة عشرون سنة كان مستقلا ورد انه لما كان مولينا الحسن عليه السلام جهز بالعسكر وخرج الى معوية نهب امواله عليه السلام اصحابه الذين خرجوا معه ثم ضربوا على فخذه ضربة منكرة الى ان رجع عليه السلام وحده الى ان صالح (ع) مع معوية فلما صالح قال له اصحابه عليه السلام يا مذل رقاب المسلمين انت اذللتنا حيث صالحت مع معوية مع انهم نكثوا العهد ولم يرضوا بالجهاد وهذا مسلم بن عقيل لما بايعوه معه في الكوفة وقت الصبح وهم ثمانية ‌عشر الف نفس فلما دخل الليل لم يكن معه (ره) الا معدود قليل هكذا حال الناس وديدنهم في كل زمان فلن‌تجد لسنة الله تبديلا فمن عرف سر الخليقة وعرف الناس لا يغتر بقولهم قط لان الناس كناس فمن اعتمد على الناس لم يعرف شيئا قط فاتقوا الله في حفظ اعتباركم ما دامت الدولة للظالمين سيروا معهم كأنكم لستم بشيء قال عليّ (ع) ان العلماء من آل محمد (ع) هجم بهم العلم على حقائق الامور وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بابدان ارواحهم معلقة بالمحل الاعلى اولئك خلفاؤ الله في ارضه وقال (ع) شيعتنا خرس صمت في دولة الباطل فلا يتعرضون احدا نعم يظهرون بلسانهم ثم يسكتون هذا انما هو لاتمام الحجة واكمال النعمة ولاعلاء كلمة الحق كما كان مولينا عليّ (ع) في مدة خمس وعشرين سنة ديدنه هكذا فكان العالم اذا سألوه يجيبهم عن مسألتهم والا فهو ساكت عنهم بل انسه بترك العشرة معهم فاذا قال له الناس نحن نحبك لا ينكر عليهم بل يسلم لهم بذلك ويصدقهم على ما يقولون فيه مع انه يعلم ثم يرى انهم يخالفون ربهم ويرتكبون المعاصي والسيئات ويفعلون القبائح والمحرمات كيف هم يصدقون مع الرجل لا والله ليس الا كذب صرف وبالجملة المؤمن لا يغتر بقول الناس ابدا فلو قالوا لك انا نحن انصارك انا نحن معينك ثم مغيثك واعلم انهم يتقولون بذلك ولكنهم قوم لا يفقهون كما ورد ان الصادق عليه السلام جاءه رجل من اصحابه فقال يا سيدي ما تقوم انت بالامر ليس الآن وقت القعود عن الامر فلا يسعك السكوت مع كثرة اعوانك قال (ع) كم يكون اعواني قال الرجل عشرون الف لا بل خمسون لا بل مائة الف لا بل نصف الدنيا قال (ع) يا فلان أيخف لك ان تخرج الى ينبع وهو موضع قريب الى المدينة ثم امر (ع) بان اسرجوا حماره وبغله فامر الرجل بان يركب البغل وهو عليه السلام ركب حماره فلما خرجوا الى الصحراء فاذا قد رأوا راعيا يرعى اغناما قال عليه السلام يا فلان لو وجدت لي ناصرا على عدة هذه الاغنام لخرجت عليهم ولقمت بالامر قال الراوي فلما عددت الاغنام فاذا هي سبعة‌ عشر ورد ان عليا عليه السلام مع فاطمة والابنين الطاهرين الحسنين عليهما السلام كانوا ذات ايام يدورون دور المدينة وهي مدة اربعين ليلة وكانوا يأخذون في المدة عنهم العهد والميثاق على المتابعة والمشايعة فلما صار صبح تلك الليلة كان الناس كأن لم يعاهدوا وقد كان مولينا امير المؤمنين عليه السلام خليفة لم يتمكن عن عزل شريح القاضي والعلة في هذا هي ان الشيعة والناصر كانوا قليلين واما اللسان فلا اعتبار عليه بوجه من الوجوه فلذا قال شيخنا العلامة انار الله برهانه احملوا كلام ائمتنا (ع) على حقايقه من غير حمله على المجاز قال (ع) الناس كلهم بهائم الا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل وقال (ع) ان المؤمنة اعز من المؤمن والمؤمن اعز من الكبريت الاحمر وهل رأي احدكم الكبريت الاحمر ه‍ فلما كان كذلك فلا اعتماد على احد نعم لا تكذبهم ان يخبروك بانا معك خالطوهم بالبرانية وخالفوهم في الجوانية ما دامت الامرة صبيانية يعني الامير كان كالصبيان لا عقل له ولا رأي وبالجملة الناس في زماننا الآن وقبل زماننا كانوا يرون ان الحق مع اهله وان الباطل اهل الجهل والنكراء والعناد مع ذلك كانوا يخالطون معهم كما ان اهل كوفة رأوا ان الحجاج يقتلهم ويأسرهم ويظلمهم مثل ما ورد ان الحجاج مرة واحدة قتل من الناس مائة الف نفر سبرا فلما مات الحجاج كان سبعون الف نفس في محبسه ثلثون الفا كانوا من النسوان واربعون الفا من الرجال وكان المحبس غير مسقف لم يمنع عن الحر ولا عن البرد ورد ان كوفة هذه كان فيها اربعمائة علم تحت كل علم اربعة آلاف فارس هذه لما اراد الحسين عليه السلام منهم مونسا للطريق اي طريق السفر حفظا له ولعياله الى ان يصلوا الى المدينة لم يجبه (ع) احد مع انه (ع) طلب منهم ذلك بل قالوا له يا حسين خذ عيالك واخرج من الكوفة وهذا سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه صعد المنبر فقال متعتان كانتا في زمن رسول الله (ص) حلالان وانا احرمهما لم يقل احد لماذا تحرم ما حلله رسول الله واما مولينا عليّ (ع) فلما اراد ان ينهاهم عن صلوة التراويح بالجماعة ضربهم بالدرة وهي سوط صغير صاحوا فقالوا وافضيحتاه واديناه واعمراه مع انهم كانوا يدعون التشيع فهكذا شأن هذا الناس النسناس وبالجملة ما دام الناس غائبا حرام ان يتعرض احد في امر احد من هذا الخلق ورد انه كان مع عليّ (ع) من العسكر في صفين مائة الف وخمسين الف الا واحدا لم يبق بعده (ع) من هؤلاء العسكر لنصرة الحسن ولا للحسين (ع) احد لان الناس اهل الدنيا وارباب الغرض والمرض فلا اعتناء بشأنهم ابدا فاتقوا الله من الاعتراض والتعرض وايثار الفتنة لانكم الآن في الحرم لا يجوز لكم شيء من الذي حلال للمحل فلا يسوغ الا السكوت ورد ان عليّ بن الحسين (ع) قال ذات يوم لزيد يا زيد قتل الانسان اعظم ام قتل الطير قال بل قتل الانسان قال (ع) فاذا لا تتعرضوا لاحد لانكم الآن في الحرم والحاصل السكوت اولى للشيعة ما دامت الدولة للظالمين امران هما مأمول الناس وهما عين مقصودي وهما قرة عيني احدهما القتل يعني اقتل وثانيهما انصراف الناس عني وذلك اني قبل الحين كنت حافظا من القرآن والاحاديث والادعية والزيارة اغلبها وكان ما يمر عليّ يوم الا ويرد عليّ خاطر جديدا واما الآن فمن كثرة المعاشرة مع هذا الناس الكناس نسيتها بالمرة فلولا انه عهد مأخوذ عليّ وانه امر واجب لما كنت ابرز ابدا لاني من حين كنت في الرحم نطفة ثم مضغة رباني ربي من غير وجود احد معي الى ان كبرت وبلغت الى ما بلغت فلا احتاج الى الناس ابدا لان ربي موجود معي يربيني على احسن ما يكون وبالجملة اني لا اخاف من القتل لانه غاية آمالي ان اقتل في مشهد مولاي الحسين (ع) او في مشهد مولينا عليّ (ع) او بين الحرمين لكن ليس لي تلك السعادة فاقول في ابرازي بين الناس لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء الا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس اولها ولالفيتم دنياكم هذه ازهد عندي من عفطة عنز والحاصل لولا كان البراز لازما على لابراز فضائل آل محمد (ع) لكنت اسد على الباب لان المؤمن في دولة الباطل على سيرة امامه غايب ليس بظاهر الا ترى ان النقباء والنجباء غائبون مستورون محجوبون عن الناس غير ظاهرين بين هؤلاء الناس الكناس فلا يزيدني كثرة حولي عزة ولا تفرقهم عني وحشة فليس العالم عالما اذا اعتمد على هذا الخلق فمن اعتمد عليهم ليس بعالم قط ولا انه عرف شيئا لانهم مايتبعون احدا الا بالمناسبة شبيه الشيء ينجذب اليه فاذ ليس فليس فلما رأيت هذا الخلق لا يتبعون امامهم اعلم انهم ليس لهم مناسبة معه (ع) ولا ريب في ان النور لا يدل على غير المنير ولا عنده شيء الا هو ومجمل القول في معرفة الخلق هو انهم لا يخلو من انهم كفار او لا فان كانوا كافرين جاحدين معرضين عن الحق لا يتبعونك قطعا ويقينا ما داموا معرضين وان كانوا غير كفار ولا هم يتبعونك فهؤلاء غلب عليهم اللطخ بناء على هذا لا ينفع التعرض لهم بوجه من الوجوه واما الذي من النور الى النور فهو لا يحتاج الى التعرض وانما هو اذا شيئا حقا (كذا) يلح في تحصيله من دون تعرض وزحمة واما غيرهم فلا تعتمدوا عليهم واتقوا الله لعلكم تفلحون والفلاح انما يكون بظهور الامام (ع) ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب ونصر الله هو الصاحب عجل الله فرجه وصلى الله على محمد وآله

الليلة الخامس والعشرون من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليه السلام : الحمد لله والجملة جملة اسمية انما اتى بها دون الفعلية ثم الجملة الفعلية لها اقسام قسم هي فعل الماضي وآخر المضارع نحو حمدت الله واحمد الله لان الحمد جملة مستقلة غير متصرمة دالة على المراتب كلها وهي مراتب المبادي والمشتقات والفعل والفاعل وفيها جميع ما في العالم بل وفي قوله الحمد لله جميع ما في الخطبة ضرورة ان ما في الخطبة ذكر التوحيد ومعرفة الله وذكر الايجاد واول الموجود وذكر ايجاد السموات والارض وذكر المبدء والمعاد ولا ريب ان المراتب والكثرات كلها ثابتة باقية دائمة عند الله وهذا لا يناسبه الا الجملة الاسمية الثابتة المستقلة بخلاف الفعلية لانها دائمة الحدوث والاضمحلال وذلك ينافي المقصود من الدلالة على المراتب والمقامات لان الحمد مصدر دال على الفعل ثم دال على الفاعل ثم دال على الذات الظاهرة ثم دال على الذات البحتة دلالة رسم دلالة الفقير على الغني كدلالة البناء على البناء فلما كانت الجملة الاسمية فيها استقلال وثبات دلت على المراتب واما الجملة الفعلية فحيث كانت متصرمة مضمحلة فانية غير ثابتة لم يكن دالة على المراد ولذلك لم يقل حمدت الله ولا احمد الله اما انه ما قال حمدت الله لاضمحلالها واما ما قال احمد الله فلانه يدل على الاضمحلال والزيادة وهي التجدد والتصرم آنا فآنا لان الفعل المضارع يدل على التجدد والحدوث بخلاف الفعل الماضي لانه يدل على الدوام والثبوت فان قلت لم لم يقل حمدا لله قلت لانها جملة نكرة والنكرة تنافي الحكمة الالهية لا سيما في مقام المبدأ اول الموجودات لان اول الموجودات اعرف المعارف فلهذا عرف الحمد بلام التعريف ولانه لما كان مقامه مقام الكثرة التي نظرها الى الوحدة في السفر الثالث من الاسفار الاربعة التي هي السفر من الخلق الى الحق ثم الحق في الحق ثم من الحق الى الخلق الذي هو الشاهد في المقام ثم في الخلق بالحق لان الالف حرف الوحدة والتوحيد وهي حرف التوحيد على الاصح وبالجملة فلما كانت الكثرات متعلقة الى الواحد اتى باللام اشارة لهذه الدقيقة وصلى الله على محمد وآله

الليلة السادس والعشرون من شهر رمضان ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قال عليّ عليه السلام : الحمد لله قال تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين والمراد بالحمد الحقيقة المحمدية نسب تعالى الحمد اليه من دون قيد ولا تعيين ليعم الجهات والاعتبارات كلها حيث انا نعلم ان الاطلاق دليل على انه تعالى اراد العموم في كل جهة والا لعينه فحيث لم يعينه علمنا ان المتعلق لم يكن مقيدا بشيء دون شيء فعلى هذا لا يكون له صلى الله عليه وآله جهة يخالف جهة الله ابدا فلما كان هو صلى الله عليه وآله مقبلا بكله ناسيا جهة نفسه بالمرة كانت جهته جهة الله وحدها فيكون بذلك اشرف الخلق ولا يكون الاشرف اشرف من جميع الجهات الا ان يكون اول الموجودات وقد دل اجماع المسلمين على ان اول الخلق واشرفهم هو محمد بن عبد الله فلما كان كذلك علمنا ان الذي لله مطلقا هو هو (ص) الذي اسمه الحمد ويؤيد ما قلنا قوله تعالى وسلام على المرسلين لئلا يقال سلام الا في مقام الخطاب فلما لم يكن فيه جهة من جهات غيره تعالى ولو بالوهم افرده تعالى اياه (ص) بالذكر فقال الحمد لله لانه ليس له جهة غفلة ولا جهة فتور ابدا ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقد بينا ان هذه الحقيقة تشعبت الى اربعة عشر شعبة اصلهم واولهم وقطبهم وشرفهم واوليهم وسيدهم وفخرهم هو محمد بن عبد الله (ص) وقد بينا اسمه (ص) واسم امه وابيه وبينا صفاته ومهر النبوة ( خاتم النبوة خ‌ل ) وعدد زوجاته وبينا ان مادة حروف اسمه مربع وبينا صفاته مما له وبه وعنه وفيه وعنده ولديه ومعه وعليه والآن اردنا ان نبين انه صلى الله عليه وآله اقرب الاربعة عشر الى الله سبحانه ولا ريب ان القريب الى الله تعالى لا بد وان يكون فيه جهة الوحدة اظهر فلما قرب اليه تعالى ظهر فيه جهة الوحدة الاجمالية ولا ريب في ان كل اجمال له من تفصيل والا لا يعرف ذلك الاجمال كما ان الاعداد المفصلة من الاثنين والثلثة فصاعدا لولاها ما عرفنا تشعب الواحد وشؤنه واطواره وهذه انما كانت للقدرة الظاهرة المختصة في المخلوق وهي القدرة الاجمالية التي هي اليد الاولى العليا اليمنى وسائر الموجودات الاجمالية ايادي لتلك اليد وقد يعبر عنه بالملك الذي له الف الف رأس لكل رأس الف الف وجه ولكل وجه الف الف فم ولكل فم الف الف لسان ولكل لسان الف الف لغة يسبح الله ويهلله ويقدسه ويمجده وانه لهو الملك الذي له الف الف يد ولكل يد الف الف ذراع ولكل ذراع الف الف كف ولكل كف الف الف اصبع ولكل اصبع الف الف عقد كل عقد سبب من الاسباب لمسبباتها وهذه القدرة التي استطالت على كل شيء والقدرة قائمة باليد والمراد باليد هي الحركة لا نفس الجارحة واليد التفصيلية اي القدرة التفصيلية هو الخلق الثاني والبشر الثاني فهما اليدان المبسوطتان في قوله بل يداه مبسوطتان فالقدرة الاجمالية ظاهرة في المخلوق الاول والقدرة التفصيلية ظاهرة في الخلق الثاني وهو مقام الباء من بسم الله الرحمن الرحيم التي ظهرت منها وهذا فرع من الاول مستمد منه وهذا آيته وهذا تاج رأسه وتابوت علمه ومفصل اموره ودليله وناشر علمه وفضائله وهو اصل القديم للموجودات والفرع الكريم منه (ص) وهذا سلطانه وبرهانه وحكمه وعلمه وهذا بشر ثان وهذا هو فصل الخطاب والاول هو الحكمة والولاية الاجمالية نفسه رب هب لي نفسي فالحكمة حقيقته وفصل الخطاب نفسه ولسانه وانما يسرناه بلسانك لتنذر به قوما لدا قال تعالى في داود وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب فالحكمة حقيقة داود اي محمد (ص) لانه داوي جرحه بالود فصار حبيبا وفصل الخطاب نفسه هذا البشر الثاني والنور الشعشعاني هو الباء من بسم الله الرحمن الرحيم وهو ثان للالف تستدعي رابعا وهو ثامنا وهو ستة وهكذا فاذا حصل اثنان حصلت اعداد غير متناهية ولما كان الخلق يدور على الفعل والمفعول وكان المفعول على قسمين قابل ومقبول فالفعل هو امره الذي قال ومن آياته ان تقوم السماء والارض بامره وظهور هذا لا يكون الا من الثاني لانه مظهره اذا اراد شيئا ان يقول كن فيكون احفظه ينفعك بعد حين فلما كان هناك امور ثلثة الفعل والمقبول والقابل وهذا في مقام التفصيل وحامل التفصيل ليس الا البشر الثاني وجب ان يكون في اسمه حروفا دالة على الثلثة احد الامور الثلثة الفعل الذي هو الامر الذي هو كن الذي كان الكون الذي هو الخلق الذي هو جميع ما سواه تعالى من الدرة الى الذرة ثم لا بد ان يكون خلق الله تعالى كاملا والكمال يقتضي ان يكون في الشيء مراتب عشرة التي نعبر عنها بقبضات العشر وهي القلب والصدر والعقل والعلم والوهم والوجود الثاني والخيال والفكر والحيوة والجسد ولكن لما تنزل الشيء في قوس الادبار ومات في التراب خفيت الكمالات واحتجبت وكمنت في الجماد واراد تعالى اظهارها حتى يكون العود كالبدو فادار الله عليه الافلاك وعمل فيه الملائكة المدبرات والمقسمات ثم عمل فيه الكواكب والنجوم حتى تأهلت تلك الحقيقة النازلة الجمادية لظهور الروح الحيوانية فتلك الاسباب من الاملاك والافلاك والكواكب والنجوم لاستيهال الجمال لظهور الروح الحيواني كالنار بالنسبة الى العود الاخضر للاشتعال وذلك بمجاورته للنار وتيبيسها شيئا فشيئا فالنار هي نار المشية حامل الولاية فلما كان مراتب القابليات ومراتب الشيء لا يتم الا بقبضات عشرة ظاهرة آثارها وجب ان يدور الشيء ثلث دورات دورة جمادية ودورة معدنية ودورة نباتية ليستأهل لظهور الفيض المكنون فيه من الروح الحيوانية والثلثة في العشرة بالضرب ثلثون فلما تمت الثلثون وظهرت بتلك الاسباب المذكورة اتى بمراتب المقبولات العشرة التي هي الاصل وواعدنا موسى ثلثين ليلة واتممناها بعشر الآية واعلم ان الانسان خلق من عشر قبضات تسع من الافلاك التسع من كل فلك قبضة وقبضة من العناصر الاربعة كل قبضة لا تتم الا في اربعة ادوار دور عناصرها ودور معادنها ودور نباتها ودور حيوانها وهذا جار في القبضات كلها بل وفي كل جزء من اجزاءه بل جار في الغيب كالشهادة اذ العبودية جوهرة كنهها الربوبية واما اصل العناصر واولها فهو طبيعة الحرارة التي هي اول ما خلق الله من الحركة الكونية وهي علة العلل في الاشياء المتحركات ثم خلق الله تعالى طبيعة البرودة واصلها من السكون الكوني الذي هو علة العلل في الاشياء الساكنات هذا اول الزوجين ثم تحرك الحار على البارد فامتزجا فتولد من الحرارة اليبوسة وتولد من البرودة الرطوبة فكانت اربع طبايع منفردات التي يسمونها بالبسايط والحاصل لما علمت ان الخلق وجميع الموجودات يدور على الفعل والمفعول وقد علمت ان للمفعول جهتان جهة القابل وجهة المقبول وعلمت ان المقبولات عشرة والقابليات ثلثون حصل لك مراتب ثلثة مرتبة الفعل الذي هو الامر ومرتبة القابليات ومرتبة المقبولات فاذا علمت ذلك فاعلم ان هذه المراتب مراتب تفصيلية للشئ لا تظهر ولا توجد بولاية تفصيلية يعني ان حامل هذه التفاصيل هو الولي المطلق الذي هو الباء اي التعين الثاني الكرسي (كذا) اي اليد اليسري فلما كانت التفاصيل مرجعها الى مبدأ التفصيل واصل التفصيل وجب ان يكون في حروف اسمه الشريف ما دل عليها فلا بد ان يؤتي بحرف يدل على الامر كن وحرف يدل على مراتب القابليات وحرف يدل على المقبولات فلما نظرنا في القرآن رأينا انه تعالى قال انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ورأينا ان كن سبعون عددا فاستنطقنا السبعون عينا فلما كانت مراتب القابليات ثلثين استنطقنا الثلثين لاما ولما كانت مراتب المقبولات عشرة استنطقناها فصارت ي فلما جمعنا الحروف الثلثة صار على فالعين اشارة الى عالم الامر واللام اشارة الى عالم اللام والياء اشارة الى عالم الخلق الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين هذه القابليات والمقبولات وان كانت موجودة في التعين الاول الخلق المجمل مقام الوحدة والبساطة الا انها كانت هناك على سبيل الاجمال والتفصيل دون التفصيل فلذا اتى في اسمه الشريف ميم التي هي مجموع القابليات والمقبولات فاجتمعت المراتب هناك وتفصلت هنا فلما عرفت الاجمال في الادوار الثلثة في الجماد والمعدن والنبات فاعلم ان المراد بالمعدن هو الذي لم تظهر آثار العناصر كلها فيه بل انما ظهر واحد من الاربعة فاذا ظهر في تلك الحقيقة النازلة المخفية آثارها الحرارة واليبوسة وغلب العنصر بتلك الاسباب من كر الافلاك وتدبير المدبرات والمقسمات واشعة الكواكب حصل معدن الياقوت واذا غلبت طبيعة البرودة والرطوبة بتلك الاسباب المذكورة حصل اللؤلؤ واذا ظهرت طبيعة البرودة واليبوسة بتلك الاسباب حصل معدن الالماس وهكذا جميع المعادن وبالجملة ان المعدن عبارة عن ظهور طبيعة من الطبايع الاربعة واما النبات فالمراد به ما ظهر منه جميع العناصر مفصلا لان بالحرارة يميل النبات الى العلو وبالبرودة واليبوسة حصل للنبات عروق ثابتة في الارض وبالحرارة والرطوبة يتغذى ويبسط ثم يعرض وبالبرودة والرطوبة يدفع الفضولات فلما حصل للشيء النازل في قوس الاقبال والصعود هذه المراتب من المعدنية والنباتية بتدبير الاملاك والافلاك واشعة الكواكب وظهرت فيه العناصر مفصلا استأهلت لظهور الروح الحيواني في دورة اخرى فلما ادار الله تعالى عليه الافلاك شابه الشيء جوهر الفلك وشارك السبع الشداد تعلق من الافلاك الروح الحيواني الى البخار الذي في العلقة الصفراء في تجاويف القلب فقام الشيء حيوانا حساسا شاعرا دراكا وصلى الله على محمد وآله

الليلة السابع والعشرون من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

قد بينا لكم ان الحمد هو الحقيقة المحمدية وبينا لكم ان له (ص) اسمين (ظ) احمد ومحمد وبينا لكم ان كوكبه الزهرة ويومه الجمعة وزوجاته تسعة وقلنا على كتفه مهر النبوة ثم قلنا انه لا بد وان يكون له وصي ووزير حامل للولاية المطلقة التفصيلية وانه مبدأ كل كثرة واختلاف ولما كانت الاحكام يجري على الاشياء من حيث الصفة لا من حيث الوجود ولما كانت الكثرة مبدءه الوحدة فالوحدة اب للكثرة واصلها فيكون حامل الولاية الاجمالية اما لحامل الولاية التفصيلية لان لكل اجمال تفصيل ولكل عرش كرسي ولكل مادة صورة فيكون صاحب الولاية يسري في الاسماء سريان الماء في الاشجار وسريان الواحد في الاعداد هذا في العرضية القشرية واما في السلسلة الطولية فيسري سريان ظهور المنير في المحال والمجالي والتعينات او نقول ان سريان الوجود في الموجودات مرة كسريان ظهور المنير بنوره ومرة سريان الوحدة في الكثرة والواحد في الاعداد ففي الطولية سريان النور في محاله ومظاهره او قل سريان التجلي في التعينات بظهوره لا بذاته بخلاف ما اذا كان في السلسلة العرضية لانه يسري سريان الحقيقة الواحدة في اطوارها وشؤنها كالشجرة في اغصانها واوراقها ولقاحها فلما كان الاختلاف في حامل الولاية التفصيلية اي الرتبة الثانية مقام الصفة لا مقام الوجود في مقام التفصيل دون الاجمال وجب نسبة الصنع والنور والفعل والتأثير الى الرتبة الثانية اي التعين الثاني كما نسبت الاختلافات الى الكرسي وان كانت من العرش اولا الا انها ظهرت في الكرسي كذلك الفعل والتأثير كما قال الامر يومئذ لله اي في القيمة مع ان الامر في الدنيا وفي الآخرة لله تعالى لا لغيره يعني اسم الله تعالى يظهر في ذلك اليوم يعني ان ذلك اليوم مظهر اسم الله تعالى نظيره كما في الدعاء اللهم ارحمني اذا اشتدت اليك فاقتي مع ان الممكن لازال فقير ولكن المراد به من حيث الظهور لا من حيث الوجود الحقيقي لانه حينئذ موجود فهذه النقطة الثانية التي هو التعين الثاني هي سارية في جميع الموجودات وانها تفصيل هذه النقطة واما التعين الاول فهو لما قبل العين اي لفظ كن يعني اول من قبل الامر هو التعين الاول واما قبل التعين الاول فليس الا مقام اللاتعين وهو ذات بحت بسيط فلما قبل التعين الاول العين ظهر اسم الله العلي العظيم هذا هو التعين الاول واسم العلي جامع لجميع الاسماء وهو اول اسم اختاره تعالى لنفسه يا عليّ يا عظيم يا غفور يا رحيم انت الرب العظيم الذي ليس كمثله شيء هذا الاسم كان للتعين الاول اجمالا ظهر هذا الاسم في الثاني كمال الظهور فالعلي هو العالي المرتفع على كل مذروء ومبروء فلما ارتفع عن كل شيء صار قيوما ولا يكون قيوما الا ان يكون حيا ولا يكون حيا الا ان يكون قادرا عالما لانه اجمع الاسماء واعلاها فيكون جميع الاسماء من هذا الاسم الشريف لانه اول الاسماء اول ما اختار لنفسه العلي العظيم فلما كان اول ظهور تعين الاول في مقام تعين الثاني وظهرت الاسماء والصفات في هذه الرتبة الثانية قال تعالى كهيعص لان اول سورة من منتصف آخر القرآن نزل مبدوا بالحروف المقطعة التي بدؤها الكاف كما ان النصف الاول من اوائل السور المبدوة بالحروف المقطعة الالف كما في الم والم المص الر الر المر واما الكاف في اول نصف الآخر فاشارة الى كاف كن مقام الفعل لان النصف الاول من القرآن اشارة الى الحق والنصف الآخر اشارة الى الخلق واول الخلق الفعل اي المشية التي هو كن واول كن الكاف مقام الكثرة بالنسبة الى النصف الاول مقام الوحدة بالنسبة الى نون من كن واصل الكاف الهاء والهاء اشارة الى ميادين الخمسة المذكورة في الفوائد من مقام النقطة والالف والحروف والكلمة والدلالة حق وخلق لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما وكل مرتبة من التوحيدات الخمسة غير الاخرى فلما كانت العوالم اربعة اللاهوت والجبروت والملكوت والملك وظهر التوحيدات الخمسة في هذه العوالم الاربعة صارت عشرين لان في كل عالم من العوالم الاربعة خمس توحيدات كما هو مذكور في محله فمن اراده يطلب هنالك فالكاف اشارة الى مقام الخلق مقام الكثرة مقام التعين الثاني مقام اعطاء كل ذي حق حقه فهذه العوالم الاربعة من اللاهوت والجبروت والملكوت والناسوت كليات العوالم فلما ظهرت التوحيدات الخمسة في العوالم الاربعة صار عشرين فلما استنطقناه صارت كافا فاول تفصيلها بالتكرير هو الياء ثم حصل بالتكعيب اي ضرب الهاء في الياء التي تفصيلها صار خمسون فاستنطقنا الخمسون صار نونا فلما اتصلت الكاف بالنون صار كن ولا شك ان الكاف عددا عشرون والنون خمسون فاذا جمعنا صار سبعين والسبعون لما استنطقناه حصل العين ثم بملاحظة الكاف مع العين صار تسعين ثم استنطقنا التسعين صار صادا فتم كهيعص واما ملاحظة الكاف مع العين فلتحصيل الصاد لانا حيث اردنا جهة الوحدة فزدنا الكاف على العين واذا اردنا جهة الكثرة زدنا النون حرف الكثرة ولا شك ان الكاف جهة الوحدة والنون جهة الكثرة فلما اردنا حصول البحر الوحداني من كن وهو المخلوق الاول من المشية وان شئت قل ان الصاد هو التعين الاول كانه قال كن فيكون لان كن هو ع وفيكون هو ص وبالجملة كلما نريد الوحدة نأتي بحرف الوحدة وكلما نريد الكثرة نأتي بحرفها ولا شك ان الاشياء كلها واحدة منها موجود من الوحدة والكثرة ولكن بعض الاشياء الغالب فيه جهة الوحدة وبعضها الغالب فيه جهة الكثرة كما تقول انه زيد صفراوي مع ان الطبايع الاخر الثلث موجودة فيه ايضا لان المراد بكونه صفراويا الجهة الغالبة فيه كذلك الاشياء في الوحدة والكثرة كما قلنا في ضمير المتكلم وحده انا لان حكم الوحدة غالبة وحكم الكثرة مضمحلة فلهذا اكتنفت النون بالهمزتين اولا وآخرا لان هناك ظهور سلطان الوحدة واما في المتكلم مع الغير فاتي بالحاء التي هي حرف الوحدة مكتنفة بالنونين اشارة الى ان الوحدة مضمحلة اذ هناك ظهور سلطان الكثرة كما قلنا في حرف التعريف اذا قدمت الهمزة التي هي حرف الوحدة حرف التثبيت والتعريف واذا قدمت اللام التي هي حرف الكثرة فقيل لا صارت حرف نفي وحرف عدم لان الحكم للمقدم من الحرفين فان كان حرف الوحدة مقدما فالحكم له وان كان حرف الكثرة مقدما فالحكم له فلما زدنا مع اللام النون اجتمع الحرفان اللتان هما للكثرة جميعا فصار النفي للتأبيد واذا زيد مع اللام الميم صار لنفي المضارع وقلبه ماضيا وبالجملة كلما ظهرت سلطان حرف الوحدة وكان غالبا يكون الحرف حرف اثبات اضمحل حرف الوحدة وغلب حرف الكثرة يكون الحكم حكم سلطان الكثرة فيكون الحرف حينئذ حرف نفي كما ترى ذلك في ال ولا والحاصل لما كان مقام التعين الثاني اي النصف الثاني من القرآن مقام الابداع والاختراع صار غالب اسماءه تعالى في سورة مريم الرحمن الذي يعطي كل ذي حق حقه والرحمة وذكر رحمة ربك وقل ان كان للرحمن ولد الآية بخلاف التعين الاول ضرورة كون حكمه الاجمال والوحدة والبساطة فلذا صار اسمه تعالى الظاهر في النصف الاول اسم الله وهذا التعين الاول هو الاسم الاعلى في السجود كما ان التعين الثاني في مقام ذكر الركوع اي الرب العظيم واما الاسم الاعلى للتعين الاول فلان اشرف اعمال الصلوة واحوالها السجود لانه مقام الفناء فناء المطلق مقام السكر مقام اندكاك المهيات مقام الموت فلذا يجعل اشرف الاعضاء وهو الجبهة على انزل الموجودات واخسها الذي هو التراب واما في التعين الثاني الذي يقول فيه ربي العظيم فليس رتبته رتبة الاضمحلال ومقام الفناء المطلق وانما مقامه مقام ملاحظة الانية في الجملة واما مقام تكبيرة الاحرام فهو مقام عالم الملك عريض الكبرياء واما القيام فهو مقام القيام بالامر والخدمة له تعالى فلما قام بالخدمة خضع له فهوى للركوع فلما خضع رفعه الله تعالى عن الخضوع اي الركوع وخضع ثانيا فاعدم نفسه واماتها شكرا له وخشوعا وذكره باسمه الاعلى والاسم الاعلى اشرف الاسماء واما العظمة فهي بعد اسم الاعلى وان كان هذا الاسم اي الظاهر بالعظمة كان للتعين الاول لكنه لما لم تكن الكثرات الا في التعين الثاني اعطي الاول هذا الاسم للتعين الثاني فصارت العظمة اسما للتعين الثاني وصلى الله على محمد وآله

الليلة الثامن والعشرون من شهر رمضان من سنة ١٢٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عليّ عليه السلام كما في نهج البلاغة : الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون الخطبة

انا قد بينا الولاية العامة الاجمالية والولاية العامة التفصيلية وقلنا ان الاجمال فيه جهة الوحدة غالبة فيكون هو اول فيكون هو اشرف وقلنا ان صاحب الولاية الاجمالية من جهة اضمحلاله وفنائه بالنسبة الى مبدئه لما كان على كمال ما ينبغي بحيث لا انية له ولا مهية لم يظهر منه اثر ابدا قال تعالى ليس لك من الامر شيء وقال تعالى هنالك الولاية لله الحق والحق صفة لله والصفة غير الموصوف قال تعالى ويستنبؤنك احق هو قل اي وربي انه لحق وحيثما كان سبحانه تعالى لا يباشر الاشياء ولا يتولى امرهم بذاته جعل لظهور ولايته تعالى محلا كان ذلك المحل هو التعين ولما كان التعين الاول اقرب الاشياء الى المبدأ واقربها الوحدة وهو اشرف وجب ان يكون مقامه مقام الوتر والفجر هو الحسين (ع) وليال عشر هي الحسن والتسعة من ذرية الحسين (ع) والشفع هو عليّ عليه السلام لانه له كفو من سنخه وحقيقته وانما صار الحسين عليه السلام هو الفجر لانه (ع) به ظهر نور الحق قال تعالى ان قرآن الفجر كان مشهودا واما النهار فهو القائم عجل الله فرجه وانما عبر عنهم بالليل لخفاء امرهم عليهم السلام واما النبي (ص) فهو وتر لانه لا احد يعانيه ولا احد يدانيه وهو المثل الاعلى فكما انه تعالى لا شبيه له ولا نظير ولا مثيل له كذلك هذا التعين الاول الاقدم والنور الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف التعين الثاني لانه له كفو ومثل نسبة الثاني الى الاول نسبة الكرسي الى العرش او قل نسبة المضارع الى الماضي لان الفعل الماضي واحد مبني لا يدخله اعراب ولا يختلف باختلاف العوامل واما فعل المضارع فهو محل الاختلاف ومحل دخول الاعراب والكثرة وانه مشتق منه للافعال الستة الاخرى واما اسم الفاعل واسم المفعول فهما مشتقان من المصدر لانا قلنا ان الفعل المطلق اي الفعل الماضي الثابت النافذ الذي ليس في مقابلة المضارع يشتق منه شيئان احدهما فعل من سنخه والآخر مصدر من سنخ الاسم والمراد من الفعل هو المعنى الذي كائن في نفسه لا الحدث مع الزمان ثم اشتق من الماضي صيغ ستة اي افعال ستة المضارع والامر والنهي والجحد والنفي والاستفهام واشتق من المصدر اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم الزمان واسم الآلة واما الماضي المطلق فنحن نعبر عنه بالوجود المنبسط وهو الفعل الماضي يعني الثابت قال عليه السلام ان الفعل خلق ساكن لا يدرك بالسكون فرتبة الفعل المضارع من الفعل الماضي رتبة الباء من الالف ورتبة الباء رتبة الكثرة فلهذا تشعبت الافعال من الامر والنهي والجحد والنفي والاستفهام من المضارع واختلاف المضارع بهذه الافعال انما هو بحسب التعلقات وانما سمي المضارع مضارعا لانه اخو الماضي حيث ارتضعا من ثدي واحد وحقيقة واحدة فتلك الحقيقة الواحدة قد قال الله تعالى للنصف منها كن ماضيا وللنصف الآخر كن مضارعا لا العكس كما قال تعالى للنصف كن عرشا وللآخر كن كرسيا كما قال تعالى لتلك الجوهرة اي لنصفها كن محمدا وللآخر كن عليا فهما في مقام الحقيقة واحدة وفي مقام اخوان وفي مقام ابنا عم فهما (ع) اخوان في مقام العرش والكرسي لان احدهما اجمال والآخر تفصيل مع ان لكل واحد منهما وجود على حدة معزول عن الآخر فليس احدهما الوجود والآخر المهية كما قيل والعرش والكرسي كلاهما من حقيقة واحدة وهي ذلك الدخان الذي صعد من تلك الياقوتة الحمراء التي نظر اليها سبحانه بنظر الهيبة فماعت وذابت حتى صعد منها دخان واحد وهما في الآخرة كالقلب والصدر وكالعقل والنفس واما كونهما ابني عم فكالشمس والقمر لان الشمس ابن العرش من الكرسي والقمر ابن الكرسي واعلم ان الافراد كلها قد انشعبت من حقيقة واحدة واصل واحد فلا محالة تكون الافراد المنشعبة من الحقيقة الوحدانية اخوة كالعقل والنفس من الفؤاد لانهما اخوان ابوهما واصلهما الفؤاد ثم اعلم ان الاصل لعالم الاجسام العرش والكرسي ولكن لما لم يكن للموجودات السفلية قابلية تلقي الفيض من العرش والكرسي بلا واسطة لتعاليهما وتدنس السفليات اتى بالافلاك السبعة وقايات لحفظ السفليات عن الاحتراق واما الشمس فهو بيت المعمور واما القمر فهو صاحب التفصيل لتعلموا عدد السنين والحساب لا يقال ان الفؤاد مقام الولاية لانا نقول انه اي الفؤاد ليس بولاية ولا نبوة وانما الفؤاد اسم بالحروف غير متصوت وبالشخص غير مجسد وباللون غير مسبوق مستور بغير حجاب بريء عنه الامكنة والحدود مبعد عنه الاقطار والنبوة ليس فيها انية ولا مهية ولا تعين بخلاف الولاية لانها هي التي لها انية وهو التصرف وهو التدبير وان النبوة وساطة بلا ملاحظة انية وتعين وانما هو حامل الفيض وحده واما التصرف فهو للولي وبالجملة ان النبوة بالنسبة الى الولاية نسبة الاب فهو (ص) اب لعلي (ع) كما في الرواية سئل الرضا (ع) رجل فقال له لماذا سمي رسول الله (ص) بابي ‌القاسم قال (ع) لان له (ص) كان ابنا اسمه قاسم قال الراوي أوما تراني اهلا للزيادة قال نعم لان رسول الله (ص) قال انا وعليّ ابوا هذه الامة وان عليا (ع) من الامة وانه (ع) قسيم الجنة والنار فيكون هو (ص) ابا لعلي عليه السلام وبالجملة لما كان الله سبحانه لا يباشر الاشياء بذاته وانما يباشرها بالحملة والمراد بالحملة التعين فظهر الفعل والتأثير والصنع في مقام التعين التفصيلي بخلاف التعين الاجمالي لانه لا يظهر في شيء اذ لا انية له كالهواء الذي لا يظهر فيها نور الشمس للطافتها وعدم انيتها واضمحلالها كما في الخطبة التي خطبها يوم الجمعة والغدير الى ان قال واشهد ان محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الامم على علم منه انفرد عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس وائتمنه آمرا وناهيا عنه اقامه في سائر عالمه في الاداء مقامه اذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار ولا يمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه احد من بريته الخطبة فلا انية له (ص) كالزجاجة الصافية بخلاف المرآة لانها من حيث الزيبق الذي معها كان لها انية فبذلك يجتمع معها النور فيظهر منها التأثير بل كأنها كوكب دري يوقد من شجرة ولا ريب ان كلما كان الشيء كثافته اكثر يظهر فيه الفعل اكثر كالقند الاحمر لانه احلى من القند الابيض لزيادة كثافة الاحمر وكذلك الشكر والقند الابيض اذ الشكر احلى من القند لما مر ومثله العسل الاحمر بالنسبة الى العسل الابيض ثم اعلم ان النبوة نبوتان والولاية ولايتان ولاية ظاهرة وولاية باطنة وكذلك النبوة ظهورا وبطونا مثالهما العرش والكرسي والشمس والقمر فان العرش مثال للنبوة الباطنة والكرسي للولاية الباطنة والشمس للنبوة الظاهرة والقمر للولاية الظاهرة نسبة الكرسي الى العرش بالاخوة ونسبة العرش والشمس والقمر نسبة ابني العم لان الشمس ولد للعرش من الكرسي لانها يستمد من الكرسي ولذا لم يكن للشمس عرض لانها لازال سيرها على المنطقة اي منطقة البروج والقمر ولد الكرسي لكنه يستمد نوره من الشمس واما التأثير والفعل فللكرسي لانيته بخلاف العرش فلذا صار اطلس لانه مندك المهية مضمحل الانية فلم يكن محلا للفعل والتأثير الا الكرسي لانه مقام ظهور القدرة والتعين ولا ريب ان الذي لم يكن له مهية ولا تعين اشرف من غيره لان الاضمحلال في الامكان هو الكمال وانه لهو الاصل فيه وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

المصادر
المحتوى