الفوائد الثمان

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - الفوائد الثمان

الفوائد الثمان

من مصنّفات
الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الثاني
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الحمد لله

مما املاه العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الاحسائي هذه الفوايد الثمان في ( الثمان فايدة في خ‌ل ) هذه الاوراق بعض الاستدلال من الكتاب العزيز ومن العالم على بعض مسائل للعارفين فيها وسائل من طريق الكشف والتأويل المستفاد ( المستفادين خ‌ل ) من النص والتنزيل

منها الاولى -

ان الوجود الخير يقبل به الطيب ويدبر به الخبيث ويستنير المنير بالنور ويظلم به المظلم كما قال الله تعالى وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا

ومنها الثانية -

ان مراتب النعيم غدا واحواله مختلفة متعددة لا تكاد تتناهى وهي متفاوتة في الكم والذات والشدة والنور والبقاء والمرتبة ( الرتبة خ‌ل ) والوقت وغير ذلك ولكل منها اهل ولكل ( كل خ‌ل ) واحدة منها تكون نهاية لاحد من اهل النعيم في الجملة من الذرة الى الدرة ويجمعها كلها الكلي الكامل وقد ضرب الله مثلا لاولي الالباب وهو انه قد ورد ان الدنيا مزرعة الاخرة وما فيها فهو تذكرة واتوا به متشابها ولم ‌يكن ثم شيء الا وقد ضرب له مثلا هنا ( هذا خ‌ل ) فهم من فهم والزرع تبنه المجتمع منه للانعام وحبه للانام وذلك على احوال لا تنتهي الى حد وما لم ‌يجتمع من الحب فللطير ( فلطير خ‌ل ) والحيوانات الصغار كالنمل ثم يبقى بقية في الارض تقوت الكل ولا تخرج عن الارض وكذلك التبن قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ

ومنها الثالثة -

ان المقربين قرؤا قوله تعالى قل انظروا ماذا في السموات والارض فنظروا فلم‌ يخل وجودهم في حال عن وارد باية من ايات الله وقرؤا قوله تعالى وما تأتيهم من اية من ايات ربهم الا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق لما جائهم فسوف يأتيهم انباء ما كانوا به يستهزؤن فعرفوا ان من غفل عن مراد اية من تلك الايات فقد اعرض عنها ومن اعرض فقد كذب بالحق لما جائه ومن كذب فقد استهزء بالوحي واستحق وعيد ذلك فشغلهم بما عرفهم من نفسه وصفته وفعله عما سواه وهم في ذلك على مراتب ذواتهم فظهر من ذلك عصمة الانبياء والحجج عليهم السلم وظهر الجواب عما ورد عنهم من نسبة المعصية بان المعصية معصية حقيقة في مقامها وقد تكون طاعة فيما دونها فيعاتبون عليها فيما بينه وبينهم ويثنى عليهم بالثناء الخالد فتكون المعصية عند ترقيهم من مقام هم فيه وما تحته معصومون ابدا الى مقام لم ‌يصلوا اليه فاذا اراد تعالى نقلهم الى الاعلى ابانه ( بانه خ‌ل ) لهم فظهر لهم التقصير في الاسفل فهم ابدا مقصرون من نحوه تامون من نحوهم وان شئت قلت بالعكس ( في العكس خ‌ل ) فافهم وفي الدعاء تدلج بين يدي المدلج من خلقك

ومنها الرابعة -

ان الله ذات وصفة فاذا قلت يا الله انما دعوت الصفة وعنيت الذات ولهذا تقول للرجل القاعد يا قاعد ولا تقول له يا قائم واذا قام فعلى ( على خ‌ل ) العكس والصفة هي الالوهية وهي جميع الصفات ومظهرها الوجود المطلق بجميع انحائه والوجود المقيد كذلك ولا تطلق هذه الصفة الا على من يشتمل ( يشمل خ‌ل ) جميع الصفات وان كل ما سوى الله قائم به وهذا الذي اشرنا اليه هو الصفة والذات لا تطلق عليه العبارة ولا تحدده ( لا تجده خ‌ل ) الاشارة واما من نقص عن جميع الصفات فلا تطلق عليه الالوهية اي فلا تكون ( هي فلا يكون خ‌ل ) ذاته قرينة الالوهية التي هي صفة الحق سبحانه وتعالى قال تعالى لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق فان الحق الذي يشمل من الموجودات كل ما سوى الذات يطلق على الذات اي يكون صفة للذات والحق هو المشار اليه بقوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك وهو نفس الله الذي لا يعلم ما فيها عيسى عليه السلم فلا يصح ان تطلق عليه الالوهية وذلك هو الظاهر برحمة الله تعالى المكتوبة قال تعالى كتب على نفسه الرحمة في باطنه وبالرحمة المطلقة التي استوى بها الرحمن سبحانه على العرش في كله وهو الباب بين الخلق ورب ( بين رب خ‌ل ) الارباب باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب فذلك الظاهر بالرحمة المكتوبة في باطنه ذات اليمين وهو اذ ذاك يمين والعدل ( بالعدل خ‌ل ) في ظاهره ذات الشمال وليس هو اذ ذاك شمالا اذ لا يشار اليه بهو اذ العدل صفة ( صفته خ‌ل ) ذات الشمال والمكتوبة صفة ( صفته خ‌ل ) ذات اليمين والفرق ان باطنه منه وظاهره به لا منه وهما معا ظهور الرحمن على العرش وذلك الظهور هو الحق بقول مطلق الذي اشرنا اليه سابقا والى ما ذكرنا في هذه الابحوثة الاشارة بقول عليّ عليه السلم انا صاحب الازلية الاولية وقال عليه السلم في هذه الخطبة ولا اله الا الله ربي ورب ابائي الاولين فافهم

ومنها الخامسة -

ان الاعمال الصالحة والطالحة هي صور الثواب والعقاب وهي صفات العاملين فالطيب يتصف بالطيب والخبيث يتصف بالخبيث ومرد الصفة الى الموصوف والوصف الى الواصف قال تعالى الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات وقال تعالى سيجزيهم وصفهم انه حكيم يفعل ما يشاء ( يفعل اذا شاء خ‌ل ) بالسبب ويمضيه مشروحا لئلا يكون للناس على الله حجة عليهم ( عليم خ‌ل ) بموازين الصفات وبمواردها ومصادرها ومرادها وموادها

ومنها السادسة -

ونضع موازين ( الموازين خ‌ل ) القسط ليوم القيمة اشار باللام في ليوم ان الوزن للقيمة سواء كانت الصغرى او الكبرى وبالجمع في الموازين الى ان كل عمل له ميزان خاص به وان الوزن وزن اللون والمقدار والكم والنهاية ( النهاية والبداية خ‌ل ) والجنس والنوع والشخص والشكل والجوهر والاين والمتى وغير ذلك وقد يترتب في التقدم والتأخر في الزمان ( والزمان خ‌ل ) والدهر وفي المكان والمكانة وكل راجح في هذه المراتب فهو ثقيل حقيقة وكل مرجوح فهو خفيف كذلك وتتفاوت المراتب الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير

ومنها السابعة -

في الرسل والانبياء والحجج عليهم السلم اما وجودهم في نوع الانسان وقيام الحجة بهم عليهم فلا كلام عند العلماء واما في الجن ففيه خلاف في ان ( بان خ‌ل) رسل الجن هل هم منهم ام لا والاصح ان رسلهم منهم لقوله تعالى يا معشر الجن والانس الم ‌يأتكم رسل منكم يقصون عليكم اياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا وقوله تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وغير ذلك واعلم ان كل صنف من مخلوقات الله فانهم مكلفون وتكليفهم بالوسائط عن الله اما في الحيوانات فقول الله تعالى وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء اي ما تركنا فاذا كانت الحيوانات امما امثالنا وقال تعالى وان من امة الا خلا فيها نذير ( فكان في كل امة نذير خ‌ل ) وكل نذير انما يرسل بلسان قومه ليبين لهم واعلم ان في قوله امثالكم ايماء الى ان جميع الحيوانات مخلوقة من فاضل طين الاناسي واذا اردت بعض التفصيل فانظر في طبايع الحيوانات وخواصها ثم انظر اعمال بني ادم الطبيعية تجدها تحكي جميع طبايع الحيوانات لتعلم ان العقرب مثلا خلقت من فاضل طينة النمام وفي هذا اشارة تكفي اهل الاشارة واما في الجمادات فقول الله تعالى وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء وهذه الاية في الحيوانات ظاهرة وفي الجمادات وغيرها في بواطن التفسير باهرة وانما ذكرتها دون غيرها وغيرها اظهر في المقام لبيان اتساع فج الماخذ فتكون الارض هي الكتاب وهو البحر ذو العباب وكل ما فيه فهو حوته المنساب لقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وكل ما في الارض طائر ومن الله واليه سائر اما في السلسلة الطولية او السلسلة العرضية وكل منها على طريقة مبغوضة او على طريقة مرضية ( عرضية خ‌ل ) ولبعضها جناحان كما قال تعالى فاذا كانت الجمادات امم امثالنا بنحو ما قلنا في الامثال وفي التكليف والحشر والنشر فلتعلم ( فلنعلم خ‌ل ) ان الصانع واحد والصنع واحد وانما التفاوت في قوة الوجود وضعفه بنحو واحد في النسب من مرتبة الجامع الى الثرى ولا تزال ( فلا تزال خ‌ل ) الرسل والحجج تترى وان من امة الا خلا فيها نذير وبلسان قومه فقد يكون بظهور الاعلى في مقام الاسفل او نقل الاعلى للاسفل من السفل الى العلو بما فيه من فاضل الوجود الناهض باعباء الثقل ( النقل خ‌ل ) والتبليغ فيبلغ الاسفل في العلو من السفل ( او السفل خ‌ل ) فافهم

ومنها الثامنة -

ان العلم حقيقة نفس المعلوم والا لكان احدهما متأثرا عن الاخر فيلزم من تأثير العلم في المعلوم الجبر والمغايرة المستلزمة للفرق حقيقة المستلزم للفصل ( للفرق خ‌ل ) حقيقة المستلزم لعدم التأثير ويلزم من تأثير المعلوم حدوث العلم وكون المعلوم غير معلوم وتكون الرؤس اسفل والارجل اعلى وان لم‌ يكن بينهما تأثر ولم ‌يكن المعلوم نفس العلم به لم ‌تكن ( لم ‌يكن خ‌ل ) بينهما مطابقة ولا موافقة ومن الدليل على ان العلم نفس المعلوم قوله تعالى وما كان له عليهم من سلطان الا لنعلم من يؤمن بالاخرة ممن هو منها في شك الاية ولو اخذ بظاهر الاية لزم تقدم المعلوم الحادث على العلم القديم زمانا ودهرا بل وسرمدا والقول بتأويلها على المطابقة غير مطابق لان المطابقة ان كانت حادثة جاء ما قلنا انفا اذ على ( وعلى خ‌ل ) المطابق غير لائق لان العلم المطابق ان كان نفس العلم السابق فالتعدد انما هو كما قال عليه السلم العلم نقطة كثرها الجاهلون ويجيء ما اردنا وان كان غيره فذلك الغير ان كان حادثا فهو معلوم وفيه الكلام وان كان قديما وهو غير تعددت القدماء على ان المطابق عند القائل مسبوق فهو معلوم فهو نفس العلم ولو كان غيره جرى ما قلنا مع ان المغايرة بينهما يستلزم ( تستلزم خ‌ل ) اما تقدم احدهما على الاخر او المساوقة وهي اي المساوقة مع المغايرة تفك الرابطة بينهما والتقدم كذلك ( كذلك يلزم الفصل وهو خ‌ل ) يلزم الفرق وهو يلزم الفصل وهو يلزم عدم الرابطة والحمد لله رب العالمين

المصادر
المحتوى