شرح الفائدة الاولى من الفوائد السبع

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - شرح الفائدة الاولى من الفوائد السبع

شرح الفائدة الاولى من الفوائد السبع

في الاشارة الى بيان كيفية تكون الموجودات

من مصنفات
الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الاول
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال احمد بن زين‌ الدين الاحسائي ثم بدا لي ان ازيد الفوائد فزدت سبع فوائد وشرحت الاولى وهي هذه:

الفائدة الثالثة ‌عشرة في الاشارة الى بيان كيفية تكون الموجودات وتنزلاتها في مراتب ظهوراتها وبيان ما يلحق اكوانها من عوارض مراتبها

اقول اشير بهذا الى بيان قبول الاشياء الحادثة للايجاد والتكوين وهذا القبول هو انفعالها اي انفعال اكوانها التي هي موادها المخترعة لا من مادة اخرى وانما اخترعها خالقها من اسبابها والاسباب هي افعاله تعالى الاولى والاسباب الثانية هي افعالاتها ( انفعالاتها خ‌م ) اذ كل محدث فهو متقوم بوجود اي مادة وماهية اي صورة فالوجود حقيقته ( حقيقة خ‌ل ) من فعل ربه والماهية حقيقته ( حقيقة خ‌ل ) من نفسه فالوجود خلقه الخالق عز وجل بفعله اولا وبالذات والماهية خلقها تعالى من الوجود من حيث هو هو ثانيا وبالعرض كما لو اردت ان تحدث صوتا مثلا ضربت خشبة بخشبة او حجر فان الصوت تتولد مادته من الهواء المنضغط بواسطة تصادم الخشبتين بحركة يدك وصورته تتولد من نفس انضغاط الهواء وضرابة الخشبتين وصلابتهما او ضد ذلك فالصوت لم ‌يكن مخلوقا من صوت اذ ليس في الهواء صوت ولا في الحركة ولا في الخشبتين وانما هو مخلوق لا من شيء وهذه الاشياء اسباب للاحداث الذي هو الفعل والفعل مع هذه الاشياء علة المخلوق اذ مادته اثر الفعل وتاكيده وصورته من هيئة الفعل لانها شعاع هيئته المنفصل يعني ان هيئته المتصل هي التي تقوم الفعل بها واما الهيئة التي هي هيئة المفعول شعاع تلك فلذا قلنا ان صورة المفعول هي هيئة الفعل المنفصلة اي المشرقة من هيئة الفعل وهذه الصورة هي ظاهر تكون المفعول وقبوله للتكوين وهي ناشٍ من مادة الفعل حين اعطاها فاعلها عز وجل التمكين من التكون ( التكوين خ‌ل ) والقبول واما تنزلاتها في مراتب ظهوراتها فاولها مرتبة الكون لانها قبل ذلك في الامكان الذي هو اول مذكوريتها اذ ليس وراءه الا الازل عز وجل وهي غير مذكورة فيه الا بما هي به في الامكان فالازل تعالى ذاكر ولا مذكور فلما جعلها بمشيته ممكنةً بعد ان لم‌تكن وقع عليها الذكر بما هي عليه من الامكان في الامكان وبما هي عليه من الكون في الكون بعد التمكين من التكون واعطاها من كل ما سالته بلسان تكونها وفعله الكوني ومشيته الكونية وبه اخترع موادها ووجوداتها وثانيها مرتبة العين لانها صورة النوع وفصله فالوجود حصة من الجنس الاعلى وهو اعلى الاجناس اعني الامكان وهذه الصورة النوعية حصة من الفصل الاعلى وهو اعلى الفصول وهذه الصورة يعبر عنها بالماهية الاولى وبالعين ابتدعها مبدعها سبحانه بفعله الابداعي وهو الارادة من مادتها كما ابتدع الصورة النوعية في الخشب من مادته وهذه المرتبة الثانية من التنزلات المذكورة للاشياء وهذه من الخلق الاول للاشياء اعني المادة الثانية للاشياء بالمعنى الاول الذي ذكرناه للوجود والماهية ومثال هذه الرتبة والتي قبلها لايجاد السرير ان اول ما تتنزل من رتبة امكانه في الاجسام ان الله تعالى اخترع عناصره بمشيته وهي اي عناصره وجوده اعني مادته الاولى وابتدع ماهيته اعني صورته النوعية التي هي الصورة التي هي الصورة الخشبية من مادته اعني عناصره وهذه الصورة النوعية الخشبية مادته الثانية للسرير وهي من الخلق الاول فاذا اريد صنع السرير اخذ حصةً من الخشب وهي مادته الثانية بالمعنى الاول الذي ذكرناه اعني ان الوجود بمعنى المادة والماهية بمعنى الصورة وقولي بالمعنى الثاني اعني ان الوجود بمعنى كونه اثر فعل الله وصنع الله وان الماهية بمعنى انه هو هو وهاتان المرتبتان من الخلق الاول وثالثها مرتبة القدر والتصوير وهي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء وغيرهما كتقدير المادة الذي نعبر عنه بالكم والكيف والوقت والمكان والرتبة والجهة والوضع والاذن والاجل والكتاب كما تقدمت الاشارة الى هذه ورابعها مرتبة القضاء واتمام تكوين الشيء وهذه المراتب المشار اليها في كل رتبة في قوس النزول من كونهم في العقل معاني مجردة عن المادة العنصرية والمدة الزمانية والصور الجوهرية والمثالية الشبحية ومن تنزلهم منها الى كونهم رقائق في الروح وهي اول تصوير تلك المعاني قبل اتمام التصوير كالمضغة من النطفة والعلقة ومن تنزلهم منها الى كونهم نفوسا وصورا جوهرية وهي اخر العقد الاول وهي عالم النفوس والذر وما قبلها اعني عالم الرقايق وهي عالم الاظلة لانهم هناك كصورة ورق الاس وعالم النفوس والذر خمسون‌ الف سنة وهي مدة خطابه تعالى لهم على لسان نبيه محمد صلى الله عليه واله بقوله الستُ بربكم ومحمد صلى الله عليه واله نبيكم ثم علي وليكم و جوابهم له بقولهم بلى وكانوا على اربعة اقسام مجيب بقلبه ولسانه وجوارحه وهم المؤمنون من الانبياء والمرسلين واتباعهم ومجيب بلسانه وقلبه منكر من بعد ما تبين له الهدى وهم المنافقون والكافرون الذين حقت عليهم كلمة العذاب ومجيب بلسانه خاصة وهم قسمان قسم اجاب بلسانه خاصة تبعا للمؤمنين وقلوبهم غير شاهدة بذلك وقسم اجاب بلسانه خاصة تبعا للمنافقين والكافرين وقلوبهم غير شاهدة بذلك وهذان القسمان ممن يلهي عنهم ولا يسئلون الا يوم القيمة بان يجدد لهم التكليف فيصير كل واحد منهم الى ما في علم الله سبحانه من اصله ولكل درجات مما عملوا فسعد في هذه الرتبة من سعد وشقى من شقى وهذان القسمان السابقون وخصيصوا اصحابهم وبعض خواصهم والفاسقون واتباعهم ممن تبين له الحق وانكره والقسمان الاخران موقوفون لامر الله كما مر والله عز وجل يميز الخبيث من الطيب بما امرهم من طاعته ونهاهم عن معصيته ويرجع امورهم الى امره كما قال علي بن الحسين عليهما السلام كلهم صائرون الى حكمك وامورهم ائلة الى امرك فلما اخذ ميثاقهم في عالم النفوس رجعهم الى الطين وهو الحل الثاني وذلك في مدة اربعمائة سنة والمراد بهذا الحل الكسر في الطبيعة اي النور المجرد الاحمر الذي هو ركن العرش الايسر الاسفل وهو الذي اشار اليه الصادق عليه السلام بقوله والخامس الكون الناري ومعنى كسرهم بعد التكليف في عالم الذر ان تلك الذوات ( الذرات خ‌ل ) الجواهر هو المخاطبة بالستُ بربكم والمجيبة ببلى انهم كانوا مشتملين على عقول وارواح ونفوس فلما اجابوا وسعد من سعد وشقى من شقى ووقف من وقف كسرهم واذابهم ذوبا حقيقيا كما تنحل المطاعم المختلفة في الكيلوس والكيموس وتتحد وتكون شيئا واحدا ولا يبقى لها في تلك الحال تمييز ولا عقول ولا شعور ولا احساس بشيء فلما حصصهم حصل فيهم بالتخصيص ( بالتحصيص خ‌ل بالتحصص خ‌م ) تشخصٌ ما ظاهرا من تعين الكم وباطنا بنسبته بان حصل للنفس وللروح وللعقل تعينٌ ما بنسبته تعين الهباء الا انه في العقل اضعف واخفى وفي الروح اقوى منه وفي النفس اقوى من الروح وهو تهيؤٌ معنوي وهذه المرتبة الخامسة في التنزل لا في الظهور ثم حصصهم بالمهملات بان جعلهم حصصا وهذه المرتبة السادسة في التنزل والظهور بان جعلهم متميزين قبل التصوير كما ميز النطفة التي خلق منها عمرو من ساير النطف التي في صلب ابيه زيد وميز النطفة التي خلق منها بكر من نطفة اخيه عمرو ومن ساير النطف التي في صلب ابيهما زيد ثم البسهم الصور المثالية التي ظهروا بها وصور صُور اجسامهم عليها ولتصوير الجسم مراتب اولها في الماء الذي عليه العرش قبل خلق السموات والارض ثم في العرش ثم الملئكة المدبرة ثم الرياح ثم السحاب ثم في الماء ثم في الارض ثم في النبات ثم في الكيلوس ثم في الكيموس ثم في الصلب ثم في الرحم وما يكون في ذلك من عوارض المطاعم والمشارب والفصول والكواكب وافلاكها وما اشبه ذلك وفي قوله وبيان ما يلحق اكوانها من عوارض مراتبها اشارة الى ما ذكرته وياتي بيان ما اردت في قولي هذا ايضا

  • ( قلت خ‌م ) اعلم ان الله سبحانه خلق الاشياء لا من شيءٍ اي لا من مادةٍ كانت معه غير مكونةٍ والا لكانت مخلوقة من حِصصٍ قديمةٍ لم ‌تزل تعالى ربي عن ذلك عُلوا كبيرا بل خلق لها مادةً اخترعها لا من شيء سبق
    ( اقول خ‌م ) لو فرض انه خلقها من حصص قديمة لوقع التنافي والتدافع بين الخلق اعني الفعل والمخلوق لان تلك الامور القديمة كانت على حال مغاير لحال المصنوعية فلا تكون مصنوعة الا بعد تغير حال القدم ويلزم انقلاب الحقايق وانه ممتنع وان لم ‌يتغير عن حال القدم لم ‌يكن الفعل فعلا ولم‌ يحدث شيء فلم ‌يكن مخلوق وايضا يلزم تعدد القدماء وعلى فرض من يجوز تعدد القدماء اذا لم ‌تكن في رتبة بل متعاقبة او ان القدماء المتعددة يجمعها وجود واحد كقول من قال بالمعاني والاحوال ومن قال بمغايرة الصفات حقيقة كابن‌تيمية وابن ‌بقاء واتباعهما او من قال بمغايرتها للذات كالاشاعرة او بمغايرتها للذات في المفهوم واتحادها في الوجود كبعض الحكماء والملا صدرا وما اشبه ذلك يلزم الاقتران بين القديمين الموجب للحدوث فيهما سواء كانا في رتبة ام متعاقبين لان فرض القدم فيهما موجب الاقتران كما قال الملا محسن في كتابه انوار الحكمة في بيان الكلام وانه عنده قديم قال التكلم فينا ملكة قائمة بذواتنا نمكن بها من افاضة مخزوناتنا العلمية على غيرنا وفيه سبحانه عين ذاته الا انه باعتبار كونه من صفات الافعال متاخر عن ذاته قال مولينا الصادق عليه السلام ان الكلام صفة محدثة ليست بازلية كان الله عز وجل ولا متكلم انتهى كلامه ومراده من التكلم الكلام نفسه بدليل استدلاله بالحديث المخالف لكلامه واول الحديث قال قلت له فلم ‌يزل الله متكلما قال عليه السلام ان الكلام صفة محدثة الخ فان الكلام على قوله انه عين ذاته انه قديم ويلزم اذا كان متاخرا عن ذاته ان يكون بينه وبين الذوات اقتران لاجتماعهما في صقع واحد وهو القدم ويلزم من الاقتران حدوثهما معا وكذلك يلزم الحدوث والتركيب لو قيل بانهما مذكورة ( مذكورتان خ‌ل ) في نفس الذات البحت المقدسة على ما يدل عليه هذه الالفاظ ومن لا يعرفه احد من جميع ما سوى الله عز وجل لانه لو كانت مذكورة في الذات لكانت بذلك الذكر متميزة عما سواها ويلزم من تميزها التركيب او الاقتران والافتراق ويلزم التركيب والحدوث وان لم‌ تكن متميزة ولو في علمه الذاتي لم‌ تكن مذكورة اصلا ومرادي بقولي ولا يعرفه احد انه تعالى لم‌ تكن لذاته فاقد الشيء ولا منتظرا ولا مستقبلا بل هو تعالى على حال واحد والاشياء الان كلها في الامكان والوقت الذي هي عنده فيهما في رتبة ذاته المقدسة اذ لم‌ يفقد في ذاته شيئا من الاشياء من مكان ذلك الشيء ووقته في كل رتبة من مراتب وجودات ذلك الشيء ولا يكون عنده تعالى شيء قبل شيء اذ لم ‌يكن في حال من احوال ذاته غير مالك لشيء من جميع ما في ملكه ولا جاهل لشيء في حال ولا منتظر مستقبل لشيء في حال بل هو تعالى في مرتبة ذاته التي هي ازل الازال عز وجل مالك لجميع ما في ملكه مع انه تعالى ليس معه شيء غير ذاته وكلما يسمى باسم غير ذاته تعالى فهو خلقه وكل شيء من خلقه ففي الامكان مسبوق بمشيته تعالى وهو تعالى السابق لكل شيء وكل شيء دونه قائم بفعله قيام صدور وباثر فعله قيام تحقق ولا كيف لشيء من ذلك لان الكيف بجميع اقسامه اثر فعله فعلمُه بكل شيء حضوره عنده تعالى في وقت وجوده ومكان حدوده الذي وضعه فيه واقامه فيه ولا يغيب عنه شيء ليكون جاهلا به ويتغير حالتاه بعد حضوره عنده تعالى عن ذلك علوا كبيرا لا يعزب عنه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم فاذا عرفت ما ذكرته لك عرفت حقيقته ( حقيقة خ‌م ) انه خلق الاشياء لا من شيء وانه ليس معه شيء غير ذاته وان كل ما سواه فهو تعالى قد احدثه خارج ذاته وانه سابق عليها بكل اعتبار وانه في رتبة ذاته عالم بها في امكانها ( اماكنها خ‌م ) بلا كيف وان كل من وصف فقد اخطا اذ لا يعرف كيف ذلك الا هو واما ما وصفته لك فانه مما وصف لي به نفسه تعالى فعرفته بنفي الاغيار مثلا لو قيل انه ما علمها قيل ( قبل خ‌م ) ان توجد لكان بعد ان وجدت عالما بها فيكون قبل خلقها فاقدا لها وبعد خلقه اياها كان واجدا لها فتختلف حالتاه ومختلف الحالتين حادث ويكون مستقبلا ناقصا وبعد ان خلقها كان مستكملا ولو قيل انه خلقها من شيء لكان ذلك الشيء قديما فان فرض انه هو ذاته لزم انه تعالى يلدها تعالى الله وان فرض انه غيره لزم ما قلنا من الاقتران والافتراق الموجبان للحدوث وامثال ذلك مما ذكرنا ولو فرض ان احدا من خلقه يعرف شيئا من ذلك لكان ذلك قولا بان ذلك الاحد قديم قد وصل الى هنالك وعاين ما ثم او نزل القديم تعالى الى الامكان حتى اجتمع من ( مع خ‌م ) ذلك الاحد فعرف ذلك الاحد ما شاهده بالاجتماع والعيان المستلزمان للمساواة بينهما ولو فرض انه ( ان خ‌م ) لذلك كيف لا يدركه احد من الخلق وقد ثبت ان الكيف مصنوع اجراه الله تعالى من فعله للزم ان يجري عليه ما هو اجراه والكيف مساوٍ لغيره من الحوادث فيصح ان يوصف تعالى بالحلول والجسمية والتحيز والتركيب والحركة والسكون والتاليف وساير احوال خلقه وتجري هذه الاشياء عليه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وذلك معنى ما قلت بل خلق لها مادة اخترعها لا من شيء سبق

  • قلت وانما هي تاكيد فعله واثره مثل ايجادِ ضربا الذي هو الحدث مِن ضرب وذلك هو هيولي الاشياء ووجودها وهو الذات الذي ذوت منه ومن اشعته الذوات
    اقول قد اشرنا فيما سبق في بيان كون الاشياء خلقها لا من شيء ان فعله سبب لاحداث الاشياء فبه تصدر ( تصور خ‌م ) اكوانها اي موادها وباسباب القبول اعني الامور الستة التي هي الكم والكيف والوقت والمكان والجهة والرتبة وبمتمماتها من الوضع والكتاب والاذن والاجل وبمكملاتها من سائر الاسباب القريبة والبعيدة تصدر اعيانها اعني صورها النوعية في الخلق الاول وعيونها وحقايقها الشخصية في الخلق الثاني وذوات الاشياء وحقايقها ليست من تلك الاسباب وان كانت تخترع بها كما مثلنا فيما مضى وفيما ياتي من ان الصوت يحدثه الفاعل لا من صوت بل يحدثه عن اسبابه التي هي الحركة والحجر الذي ضربت به على اخر والهواء لان الحركة لا صوت فيها والحجر لا صوت فيه ( والهواء لا صوت فيه خ‌م ) وان كان بالضغط والقلع والقرع يكون الصوت منه اذ الهواء في نفسه ليس صوتا فكما احدث الصوت من اسبابه التي ليست اصواتا وليس فيها اصوات في نفسها كذلك احدث الاشياء من الفعل الذي هو الحركة الايجادية مع انها ليست اشياء ولا مجانسة للاشياء ولكن الاشياء اثره وتاكيده وذلك مثل ضربا فانه اثر ضرب وتاكيده فيكون الحادث عن الفعل في نفس الامر بالنسبة الى الفعل عرضا له لان الحادث متقوم بالفعل نفسه تقوم صدور وباثره تقوم تحقق وباثر صفته وشعاع هيئته تقوم ظهور فاول صادر عن اول فعل كنور محمد صلى الله عليه واله يكون تقومه وتحققه عن ذلك الفعل كما وصفنا وذلك نور محمد واهل بيته صلى الله عليه وعليهم وجميع ما سواهم فمتقوم بذلك الفعل الحال في نوره تقوم صدور وبشعاع ذلك النور تقوم تحقق ( وبشعاع صفته وهيئته تقوم تحقق خ‌م ) وهكذا فالفعل وان كان بالنسبة الى الفاعل عرض اقامه فاعله بنفسه قيام صدور وقيام تحقق الا انه بالنسبة الى ما صدر عنه ذات تذوت ما صدر عنه لان اول صادر ليس له اصل يخلق منه ولم ‌يوجد شيء الا الفعل فصار ذاتا بتبعية تذوت الفعل لانه انما تقوم به الفعل تقوم صدور بتاثيره وتقوم تحقق باثره الذي هو نفسه فتذوت اول صادر من تذوتِ الفعل وكل شيء ممكن بعد اول صادر فهو عرض لاول صادر وان كان بالنسبة الى نفسه والى من دونه ذاتا ثابتةً مستقلة فاذا عرفت ما اشرت لك عرفت معنى قول سيدالشهداء صلوات الله عليه في ملحقات دعاء عرفة ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى يحتاج ( تحتاج خ‌م ) الى دليل يدل عليك و متى بعدت حتى تكون الاشارة ( الاثار خ‌م ) هي التي توصل اليك وقولي وذلك اشارة الى اول صادر اعني النور الذي تنورت منه الانوار صلى الله عليه واله فانه هو الهيولي الاولي الا انه لذاته هيولي لاربع ‌عشرة صورة لا يمكن ان يقبل صورة غير الاربع ‌عشرة ومن شعاعه المنفصل خلق الله عز وجل مائة واربعا وعشرين الف حصة لمائة واربع وعشرين الف صورة هم الانبياء عليهم السلام لا غير ذلك وهذه حقايق الانبياء عليهم السلام وذواتهم اعراض لاربعة‌ عشر وذوات المؤمنين اعراض لذوات الانبياء عليهم السلام وهكذا تنزل مراتب الوجود

  • قلت لان الجوهر ان كان جسما فهو متقوم بصفاته واعراض افعاله التي هي منشا قابليته للتكوين والظهور في اعيان رتبته
    اقول لما بينت ان الشيء المحدث احدثه خالقه عز وجل لا من شيء اي لا من اصل كان معه قديم غير محدث وقد اشرت فيما سبق وفي هذا الكتاب ان الشيء اعني المادة لا يتميز من نفسه بل انما تميزه اشياء مشخصة لم‌ تكن من نفس المادة اشرت هنا الى ان المشخصات لو كانت اجنبية من المادة لم‌ تكن جزء ماهية الشيء فلا بد ان تكون مخلوقة ( من مادة خ‌م ) من نفسها من حيث هي هي لانها هي حدود قابليته للايجاد ولهذا تكون اكوان الشيء وتكوناته من الكبر والصغر والبياض والسواد والقوة والضعف والشقاوة والسعادة وغير ذلك على حسب تحقق تلك المشخصات وبينت ان الجوهر اعني الشيء المتقوم بنفسه اي غير قائم بغيره كالاعراض سواء كان جسما ام مجردا عن الماد ( المواد خ‌م ) العنصرية والمدد الزمانية يكون منطويا في غيب ذاته في امكان تحققها من مبادي افعاله وصفاته من اعراضها فقلت ان كان الجوهر جسما فمشخصاته تنشا من افعاله ( وصفات افعاله خ‌م ) كالاعتقادات والاعمال والاقوال والاحوال من العبادات وغيرها من الانفعالات والالوان والابعاد فانها كامنة في امكاناتها من اسبابها فيه كما كانت مشخصات حبة الحنطة وظواهرها من الاكمام والتبن والعصف والعود الاخضر والورق التي هي قشرها وظاهرها واركان هيئتها وقوابلها واكمامها التي هي من اسباب تعددها اي تعدد الحبة فانها واحدة فاذا زرعت تعددت بتعدد الاكمام كما قال تعالى كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء وهذه الامور التي بها ترتب الحبة ونمت وتكثرت وتعينت وظهرت حال زرع الحبة كانت كامنة في غيب الحنطة قبل زرعها كما مثلنا به فيما ياتي فان قابلية الجسم تنشا من هذه الظواهر التي كانت كامنة في غيب امكانها من افعاله وصفات افعاله التي تعينه في مراتب ظهوره من رتبة الهباء وما بعدها الى ان يظهر في وقت وجوده ومكان حدوده من عالم الملك

  • قلت وان كان مجردا فهو متقوم بما تلبس وامكن فيه من صفات افعاله واعراض رتبته من الكون والى هذا المعنى الاشارة بقول امير المؤمنين عليه السلم والذي بالجسم ظهوره فالعرضُ يلزمه ه‍
    اقول ان كان الجوهر مجردا فهو متقوم اي متعين متشخص اي متميز عما يشاركه في رتبة وجوده في الدهر فان كان عقلا فهو متميز عن العقول المشاركة له في رتبته وهي اول الدهر وان كان نفسا فتميزه عن النفوس في رتبتها وهي اوسط الدهر وان كان حصة من الهباء فتميزه عن الحصص الهبائية في رتبتها وهي اخر الدهر واسفله وتميز المجرد مطلقا بما تلبس اي صاحب وامكن فيه اي فيما انطوى عليه من امكانات افعاله وصفات افعاله واعراض رتبته من الدهر فان امكانات افعاله وافعاله واعراضه الجبروتية والملكوتية التي تنشا عنها قابليته للايجاد ويتميز بها عن الانداد هي المشخصات له التي يتميز بها كما مثلنا في الاجسام حرفا بحرف لان المشهود دليل الغائب بل لا يعرف الغائب الا بالشاهد الا ان كل شيء بنسبته وقول امير المؤمنين عليه السلام وصلوات الله عليه في خطبته ( خطبة خ‌ل ) اليتيمية والذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه معناه ان الذي انما يظهر بالجسم وتحس به كالنفس فانها لما كانت مقارنة للجسم في افعالها يعني ان افعالها تتعلق بالاجسام وان كانت في ذاتها مفارقة للاجسام لحقتها في افعالها اعراض الاجسام فاذا استعملت الحواس الظاهرة كاللمس والذوق والشم والسمع والبصر في ادراك الملموسات والطعوم والروائح والاصوات والالوان لحقت افعالها الكيفيات والحركات الجسمانية التي هي اعراض الاجسام كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وكالسرعة والبطؤ وما اشبه ذلك كما يوجد عند مجسة بعض الاجسام وكما تشاهد في النبض من السرعة والخفة او السرعة والبطؤ او البطؤ والخفة او الامتلاء وذلك لما كانت افعال النفس انما تظهر في الاجسام لزمتها اعراض الاجسام لان قوله عليه السلام و الذي بالجسم ظهوره يريد به غير الجسم وقوله عليه السلام فالعرض يلزمه عرض الجسم بواسطة الجسم الذي لابسه يشير الى ان كل شيء اذا ظهر وتنزل بذاته لزمه اعراض الرتبة التي تنزل اليها حتى لو تنزل المجرد الى رتبة المادي بذاته لزمته اعراض المادي وهو ظاهر لا غبار عليه وعلى هذا لا يتنزل المجرد الى رتبة تحت رتبته الا بما يمكن فيه من امكانات ظواهره ومبادي افعاله وصفاتها وبظهور هذه الامور تشخص الظاهر بها في رتبة ظهورها بعد ما كانت منطوية في غيب امكاناتها منه كما مثلنا به من حبة الحنطة وظهور ظواهرها من العود الاخضر وما يظهر ( يحضر خ‌ل ) فيه من الورق والتبن والعصف والاكمام التي تتكثر فيها الحبة حتى تكون كما قال الله تعالى كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء وانما تتكثر وتتشخص بهذه الافعال وباعراض رتب اطوارها كذلك ما نحن بصدده من الاجسام والمجردات لان الحبة اية معرفتها فافهم

  • قلت والمراد ان المجرد لا يوجد الا اذا قبِل الايجاد وقبوله لا بُد ان يكون متاخرا عن مقبوله لان القبول فعل موجود والفعل صفة فاعله والصفة متاخرة عن الموصوف بالذات والرتبة لانها مخلوقة منه ولما لم‌ يكن موجودا قبل قبوله للايجاد لتوقفه على قبوله ولم ‌يعقل وجود الصفة قبل الموصوف وجب ان يكون ظهورهما معا لتوقف ظهور المقبول على ( ظهور خ‌م ) وجود القابل وتوقف تحقق القابل على وجود المقبول لانه صفة المقبول وذلك كالكسر والانكسار فان الانكسار فعل من الكسر وصفة له الا ان ظهوره متوقف على الانكسار
    اقول هذا الكلام فيه بيان لما اشتبه على الاكثرين من ان القابلية ان كانت مخلوقة لله لزم الجبر لانها غير المقبول والا كانت قديمة فتحيروا في ذلك ولم‌ يهتدوا اليه سبيلا فاردت بيان ذلك لمن كان له قلب او القي السمع وهو شهيد فقلت والمراد يعني بيان ما تحيروا فيه ان المجرد لا يوجد الا اذا قبل الايجاد وذكري المجرد لبيان ما هو اخفى لان المادي ظاهر التركيب والمجرد كالعقل الكلي عندهم بسيط لا تركيب فيه فاردت بيان هذه في المجرد ليعلم الوجهان التركيب في المجرد وبيان ما نحن بصدده ببيان واحد فقلت ان المجرد لا يوجد الا اذا قبل الايجاد لان قبول الايجاد ( هو خ‌م ) انوجاده فلو لم‌ ينوجد اذا وجد لم ‌يكن موجودا والانوجاد من افعال المطاوعةِ ( وافعالُ المطاوعة خ‌م ) كلها اختيارية وهي فعل الموجود والفعل لا يكون موجودا قبل فاعله بل متاخر منه رتبة وهو ايضا صفة الموجود والصفة متاخرة عن الموصوف بالذات والرتبة والله عز وجل خلق الصفة من موصوفها والفعل من فاعله وهذا كلام معترض يجب تقديم الاشارة اليه قبل ما نحن بصدده لئلا يعثر هنا من لم ‌يكن بالغا ( في المعرفة خ‌م ) وهو ان يقال اذا كان الله تعالى هو خالق فعل زيد العاصي منه كان زيد غير فاعل للمعصية وانما خالق المعصية ( فاعل المعصية خ‌م ) خالق الفعل والجواب ان الله سبحانه خالق كل شيء ولكن على غير ما فهم القائلون المعترضون وهم الاكثرون من اهل الظاهر واهل الباطن لان معرفة ذلك لا يعلمها ( لا يعرفها خ‌ل ) الا الامام عليه السلام او من علمه الامام عليه السلام اياها كما قاله ( قال خ‌ل ) سيد الساجدين عليه السلام والاشارة الى معرفة ذلك مما يجب علي خصوصا حين قلت انه تعالى خلق الصفة من الموصوف والفعل من فاعله لان الناظر في كلامي وان سلم خلق الصفة من الموصوف ينكر انه تعالى خلق الفعل من فاعله لئلا يلزم عنده اجبار المكلفين مع ان الفعل صفة والفاعل موصوف ولا فرق بين العبارتين لانهم ( لانسهم خ‌م ) بخلق الصفة وعدم انسهم بخلق الفعل ولذا قلت يجب علي مع علمي بانه لا يعرف ذلك وان بينته كل البيان الا من كان من اهله ممن خلقه عز وجل لمثل ذلك والحاصل هو ان الله سبحانه خلق المكلف واعطاه كل ما يتوقف عليه فعل ما امره به وترك ما نهاه عنه من الة وارادة وميل وشهوة ومعرفة ما ينفعه وما يضره ومن استطاعة وتمكين وتخلية سرب ومعونة وعقل وتميز واختيار ورفع اضطرار وغير ذلك الا ان جميع ما اعطى تعالى عبده المكلف في قبضته تعالى لا في قبضة المكلف اذ لو خلاه من يده لم ‌يكن هو ولا شيء مما اعطاه شيئا اذ كل مخلوق قائم بامره الفعلي قيام صدور وقائم بامره المفعولي قيام تحقق فاذا فعل المكلف المحفوظ بامر الله تعالى بتلك الامور المذكورة المحفوظة بامره تعالى فعلا باختياره مما امر به او نهى عنه من غير مشاركة مع الله تعالى في شيء مما ينسب اليه وقف الفعل واثره على الاذن من الله عز وجل فان اذن تعالى وقع الفعل المستقل به المكلف واثره والا فلا وقولي على الاذن من الله تعالى ما اريد به خصوص الاذن بل مع الستة التي ذكرها جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في قوله لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة بمشية وارادة وقدر وقضاء واذن واجل وكتاب فمن زعم انه يقدر على نقص واحدة فقد كفر وفي روايةٍ فقد اشرك وفي روايةٍ على نقض واحدة بالضاد المعجمة والمراد ان العبد المكلف اذا فعل فعله المستقل به لا يكون استقلاله اقوى من استقلال نفسه فانه في نفسه ما يوجد ولا يتحقق ولا يبقى لحظة الا بامره تعالى الفعلي والمفعولي وذلك هو السبعة التي ذكرها مولينا الصادق عليه السلام على النمط الذي ذكرنا ( وفعله مثله على حد سواء في توقف وقوعه على السبعة المذكورة على النحو الذي ذكرنا خ‌م ) مِن ان المكلف يفعل فعله على الاستقلال ولكن بالالات التي لا يمكن الفعل الا بها وهي التي اشرنا اليها بانها نعم الله تعالى التي انعم بها علي ( عليه خ‌ل على عبده خ‌م ) اذ لا يتمكن من شيء الا بها الا انها في قبضته تعالى اذ لو خلاها من يده لما كانت شيئا ومثال ذلك وايته استضائة الجدار بما اشرقت عليه الشمس به فانه في قبضة الشمس الا ترى ( انها خ‌م ) اذا غربت ذهبت بالاستضائة فبتلك الالات قدر العبد على الفعل فاذا فعل وقف وجود فعله ووجود اثر فعله على السبعة المذكورة فاذا تحققت السبعة للفعل واثره وقع الفعل واثره اذ لا يتمكن من شيء بدونها لان كل ما ذكرنا هي شرايط تمكينه من الفعل الا ترى الى الزاني اذا مالت ماهيته بنفسه الامارة الى الزنى من خلق شهوة الزاني بميله اليه ومن خلق النطفة ومن خلق الاتعاظ ( الانعاظ خ‌م ) بذلك الميل ومن خلق ذلك الميل بافتقار ( باقتضاء خ‌م ) الماهية والنفس الامارة اخبرني هل من خالق غير الله فالعبد بما ذكرنا فاعل لفعله فهذا معنى قولنا انه تعالى خلق الفعل من فاعله وليس مرادنا ان الله تعالى هو فاعل ( فاعل فعل خ‌م ) العبد بل مرادنا على حد ما قال الله عز وجل بل طبع الله عليها بكفرهم وما قال الصادق عليه السلام ووهب لاهل المعصية القوة على معصية ( معصيته خ‌ل ) لسبق علمه فيهم ومنعهم اطاقة القبول منه الحديث ولو امكن المكلف ان يقع منه فعل لم‌ ياذن الله تعالى له في الوقوع لكان تعالى يخاف الفوت واعلم اني لو زدت البيان على ما ذكرت لم ‌تزدد معرفة على ما ذكرت لك مع اني كررت العبارة وزدت في الكلام في البيان ولم ‌اساو قوله تعالى بل طبع الله عليها بكفرهم لان بيان معرفة هذه المسئلة وطريق ادراكها احد من السيف وادق من الشعر فان كنت تنظر بنور الله اعني الفؤاد فهمت وان كنت تنظر بالعقل او ما دونه فلا تصل الى كنه معرفتها قط والحاصل ان الانفعال الذي هو القبول صفة للمفعول مخلوقة منه والصفة متاخرة بالذات والرتبة عن موصوفها الذي هو المفعول لكن المفعول لا يمكن ان يوجد قبل ان يقبل الايجاد والانفعال هو قبوله للايجاد فقبوله للايجاد شرط لوجوده وشرط الوجود يتقدم ( يتوقف خ‌م ) وجوده على الوجود فكان الانفعال يجب تقدمه ويجب تاخره في حال واحد ولا يمكن تحقق التقدم والتاخر باعتبار واحد الا بلحاظ المساوقة كالكسر والانكسار والابوة والبنوة وهذا معنى قولي وجب ان يكون ظهورهما معا الى اخر الكلام

  • قلت فلما خلق الله المقبول اعني الهيولي انخلق فانخلق هو القبول وهو فعل من المخلوق اي المقبول خلقه الله تعالى بامكانه واستعداده من نفس المقبول من حيث نفسه اي من حيث هو هو وهذا القبول هو صورته وماهيته وظاهره اللازم له وظاهر المجرد اللازم له هو باطن جسمه فاذا تنزل الى رتبة الجسمية بظاهره ظهر جسمه وهو ومادة جسمه ايضا هي المقبول وظاهرها هي القبول اعني معيناتها من الكم والكيف والوقت والمكان والرتبة والجهة وما يلزم ذلك
    اقول ما ذكرنا قبل هذا فيه بيان هذا الكلام وقولي فلما خلق الله المقبول اعني الهيولي اريد به ان الممكن لا بد في ايجاده ان يكون مركبا من المادة والصورة والمادة هي المقبول يعني انها مقبولة للقبول وانما فسرت المقبول بالهيولي لان الشيء الذي يتركب منه الشيء المخلوق في الاصطلاح اذا كان قابلا لصور لا تتناهى يسمى هيولي واذا حلت به احدى الصور يسمى مادة فلما كنت مريدا للعموم من المقبول فسرته بالهيولي لانها هي العموم والوجود اذا ذكرته اريد منه المادة في الخاص والهيولي في العام كما هو عند كثير من الحكماء المتقدمين وقولي خلقه الله بامكانه واستعداده العطف في واستعداده تفسيري اذا اريد بالامكان التهيؤ القريب وقولي من حيث نفسه اي من حيث هو هو يعني مرادنا اذا قلنا من حيث نفسه انيته التي يدل عليها هو فان المشار اليه بالهاء من هو هو ذاته اعني جهته من نفسه وهي معود ضمير يكون في قوله كن فيكون فان الضمير المستتر في يكون يعود على ذات المكون من حيث نفسه وقولي وهذا القبول هو صورته وماهيته اريد به الصورة النوعية والماهية بالمعنى الاول كما ذكرنا سابقا مكررا ان مرادنا بالوجود والماهية بالمعنى الاول في الخلق الاول ان المادة هي الوجود والصورة النوعية هي الماهية كالعناصر في خلق السرير مثلا هي المادة وهي الوجود بالمعنى الاول والصورة الخشبية هي الماهية بالمعنى الاول وبالمعنى الثاني الوجود هو كونه صنع الله واثر فعل الله والماهية بالمعنى الثاني هو السرير وهنا نريد في المتن بالمعنى الاول فيكون القبول هو الصورة النوعية والماهية وقولي وظاهره اللازم له اريد ان الماهية هي ظاهر الشيء اذ ليس هو شيئا الا به وهي قبوله للايجاد المعبر عنه بالانفعال وباطن الشيء هو وجوده اعني مادته وهي حقيقته من ربه وهي النفس التي من عرفها عرف ربه وهي بمعنى الوجود بالمعنى الثاني لانك اذا نظرت ( الى المادة من حيث هي هي وجدت الماهية التي لا يعرف الله بها واذا نظرت خ‌م ) اليها من حيث كونها اثر فعله تعالى وجدت الوجود الذي هو حقيقة الشيء من ربه وبه تعرف الله تعالى لان الاثر يدل على المؤثر وقولي وظاهر المجرد اللازم له هو باطن جسمه اريد منه الاشارة الى بيان ما ذكرت سابقا في قولي وان كان مجردا فهو متقوم بما تلبس وامكن فيه الخ والمعنى ان المجرد اذا تنزل ظهر في مبادي افعاله لانها قوابل تكوينه ومقومات تكونه واوائل مبادي جسمه الذي تظهر فيه وبه اثار افعاله فهي باطن جسمه كالسنبلة فانها في حبة الحنطة كامنة فاذا زرعت وانشقت وظهر ما في مبادي افعاله من صور اثارها سنبلة خضراء فهي للحبة كالجسم للمجرد فان صور ( فان صور مبادي اثار افعاله من صور خ‌م ) اثار مبادي افعاله كامنة في مبادي افعاله فاذا تنزل ظهر جسما طبيعيا حاملا لجميع شؤنه فعلا وانفعالا وكان في غيبه فلما ظهر بالجسم وظهر الجسم مكن ( كمن خ‌م ) فيه كالحبة لما ظهرت بالسنبلة كمنت في السنبلة كما ترى كذلك الجسم لما ظهرت النفس به و ظهر كمنت فيه وكان محلا لجميع شئونها وهو المراد من قولي فاذا تنزل الى مرتبة الجسمية بظاهره ظهر جسمه وقولي بظاهره اريد انه لا يظهر ولا يتنزل بباطنه وانما يظهر باثاره لانه اية من ايات الله وجعله الله دليلا على ظهوره تعالى باثار فعله وقولي وهو ومادة جسمه ايضا هو المقبول اعني انه في الخلق الثاني الذي هو محل السعادة والشقاوة يكون مادة الخلق الاول وصورة هو مادة الخلق الثاني وذلك مثاله في ايجاد السرير في الخلق الاول حصة من العناصر هي مادة الخشب وحصة من الصورة النوعية التي هي الفصل اعني الخشبية ومجموعهما الخشب فصار الخشب الذي هو مادة السرير في الخلق الثاني مركبا من مادة وصورة فالمادة حصة من العناصر الاربعة وحصة من الفصل وهي الصورة الخشبية ومجموعهما مادة السرير في الخلق الثاني وصورة السرير التربيع المعلوم الذي به يكون سريرا فالمقبول في الخلق الاول والثاني هو المادة والقابل في الاول والثاني هو الصورة فبالصورة يتنوع الشيء ويتشخص كل في رتبته ( ويتشخص في كل رتبة خ‌م ) فيتعين المجرد بماهيته التي هي الصورة والانفعال وهي قبوله لفعل فاعله تعالى بحيث يتميز عن مماثله في رتبته تميزا معنويا عقليا وصوريا وجوهريا وحصيا هبائيا وصوريا مثاليا والقابل في الجسمية هو ظاهرها اي ظاهر الجسمية الذي به تتعين وهو المشخصات اعني الكم والكيف والوقت والمكان والرتبة والجهة وما يلزم ذلك كالاذن والاجل والكتاب والوضع وانما فسرنا القابلية بهذه الاشياء لانها تنشا عن هذه الاشياء وتتولد منها.

المصادر
المحتوى