فوائد في مباني الاصول

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - فوائد في مباني الاصول

فوائد في مباني الاصول

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – الجزء السادس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

فائدة - اذا ( فاذا خ‌ل ) وقع التكليف من الشارع الحكيم بفعل موقت في وقته فان كان ذلك الامر بذلك التكليف لسبب من المقبول المؤثر لزم دوام التأثر ما دام السبب المؤثر موجودا سواء اتى المكلف بما كلف به الذي يكون مانعا من التأثير ام لا وذلك مقتضى موجودية المؤثر الملزومة للتأثير والا لم يكن المؤثر من حيث المؤثر مؤثرا هذا خلف ومثاله اذا كلف الشارع الحكيم بصلوة الخسوف فان ايجاب الصلوة على المكلف العالم القابل للتكليف مستمر في كل جزء من الوقت المنصوب لها وهو من حين الاخذ في الخسوف الى حين الاخذ في الانجلاء على الاصح وقيل الى تمام الانجلاء وربما قيل فيه قولا ولقد وقفت عليه عن بعض الاصحاب وظني انه انقرض وهو من حين الاخذ في الانجلاء الى تمام الانجلاء وانقراضه يدل على فساده وانما كان الايجاب مستمرا لان المسبب كان مستمرا فلو ارتفع اثره بمجرد فعل المكلف الصلوة في اول الاخذ في الخسوف مرة واحدة لكان المؤثر غير الخسوف والمقطوع به هو لا غيره كما حقق في الحكمة ويأتي ان شاء الله التنبيه عليه في الجملة فان قلت لو كان الامر كذلك لمااهمل الشارع رعيته بل عليه ان يوجب عليهم الصلوة في كل جزء من اول الوقت الى اخره فلما لم يوجب ذلك علمنا انه لم يكن التأثير مستمرا لانه لا يجهل ولا يخل بالواجب قلت ان الاحكام التي تعم بها البلوى قد جرت بها عادة الملة الحنفية السمحة على اسهل وجوهها فاكتفى منهم بمجرد الامتثال بفعل صلوة واحدة لان العزم على الامتثال قائم مقام الاعمال نية المؤمن خير من عمله وانما خلد اهل الجنة واهل النار بنياتهم الى اخر معنى الحديث فكان ترك الايجاب تخفيفا من الشارع على رعيته مع انه قد ندبهم الى التكرير الى اخر الوقت فان قلت كيف يحسن الاكتفاء بالبعض من اثر الموجب مع انه دائم التأثير فان تلك الصلوة الواحدة انما هي ( هو خ‌ل ) موجة من بحر اثره ولو حسن الاكتفاء بالبعض للعلة المذكورة التي هي جريان عادة الملة السمحة على التخفيف عن المكلفين لحسن في نظائره من ابواب الفقه كالنزح من البئر للنجاسة وكطهارات المستحاضة ولو كثيرة مع ان الفقهاء اشترطوا في تطهير البئر اذا وقع فيه ما يوجب اخراج عدد مخصوص من الدلاء اخراج النجاسة اولا ثم نزح العدد المأمور به وقالوا لو نزح العدد قبل اخراج النجاسة لم يطهر البئر لاستمرار التأثير وقالوا يجب على المستحاضة في وضوءاتها واغسالها نية الاستباحة لا نية رفع الحدث لاستمرار التأثير نعم قيل لو نوت رفع الحدث السابق على الطهارة جاز وامثاله وهذا الذي ذكرت من هذا القبيل وقول اهل الاصول من اصحابنا المحققين (ره) ان امتثال الامر يقتضي الاجزاء والاجزاء يقتضي براءة الذمة في ظاهر الشرع من التكليف ففيه اطلاق والا فهو ممنوع لحكمهم في مواضع بما يخالف ذلك كحكم بعضهم باعادة الصلوة المتيمم في مواضع كمن منعه الزحام يوم الجمعة اذا وقع منه حدث ومن اهرق الماء بعد الوقت مع علمه بعدم الماء وكواجد الماء في اثناء الصلوة ومن دعاه المالك لدخول ارضه وبعد شروعه في العبادة امره بالخروج ومن جامع مع علمه بعدم الماء وفاقد الطهورين على قول الى غير ذلك فاطلاقهم ان كان ارادوا به غير العموم والا فبعضهم يمنع بعضا قلت المعلوم عندي من عرف شيئا من اسرار التكليف من اخبار اهل العصمة عليهم السلم وامداداتهم ان العلة الغائية التي لاجلها جرى التكليف لا تقتضي اكثر من صلوة واحدة لان وجود الناشئ من الصلوة وجود تشريعي والعلة التي جرى لاجلها التكليف حصص وجود وجودي والوجود التشريعي روح الوجودي وقليل الروح يقوم مقام كثير من الاجسام فلا يحتاج ذلك الحسس وان عظم الى اكثر من صلوة واحدة في المقابلة وامر الشارع المكلف بالاعادة انما هو للتكميل لان التأثير توجه الى جميع المكلفين فمن صلى سقط عنه ما لا بد منه لاسيما مع نية العزم على الامتثال وفي عمليه ما منه بد وهو الندب والتأثير المجدد بعد الواجب بالنسبة الى من صلى انما هو الندب ولا تضر وحدة الخطاب مع تعدد الارادة بخلاف استمرار التأثير في نزح البئر فان اثر حسي في جسم مائع ذائب رطب متساوي الاجزاء فاي جزء من الماء باشره مؤثر النجاسة انفعل وانفعلت به جميع الاجزاء فكل جزء مباشر النجاسة او مباشر المباشر فلا تتحقق في جزء منها مع وجود المنجس طهارة ابدا وكذلك في المستحاضة فان المحل قبل رفع الحدث لا يتأثر باتصال الحدث كما مر وبعد رفع الحدث يعود بلا تجدد كحالة الاولى وقول اهل الاصول ان امتثال الامر يقتضي الاجزاء حق والا لزم تكليف ما لا يطاق واما حكم بعضهم باعادة صلوة المتيمم في مثل المواضع المذكورة فلدليل اخر فصلوة المتيمم الاولى قد اجزئت في محلها لامتثال الامر هناك والاعادة بامر اخر وقد اجزأت بامتثال امره ولو لم يقتضي امتثال الامر الاجزاء لما اجزأت الاعادة ايضا وان كان ذلك الامر بذلك التكليف لسبب من القابل المتأثر

فائدة - الامر بالفعل يقتضي ايجابه فقط وامتثال ذلك الامر مع الاتيان بشرايط الصحة يقتضي الصحة وبراءة الذمة من التكليف ومع ترك الاتيان بها اختيارا يقتضي عدم صحة الامتثال للامر وعدم الصحة ( صحة خ‌ل ) الفعل وعدم البرائة من التكليف ومع تعذرها يقتضي صحة الامتثال وصحة الفعل في نفسه ثم ان شرط الصحة ان كان مع ذلك مرادا في نفسه بأن يكون رافعا للمانع من الصحة كالطهارة فاذا تعذر اقتضى عدم البرائة من التكليف ولو وجد مع تعذره بدله وهو الذي لا يراد لنفسه فلا يكون رافعا للمانع من الصحة وانما يرفع المنع خاصة وهو المعبر عنه بالاستباحة مع وجود المانع كالتيمم فانه يرفع المنع من الحدث والمانع موجود وهو الحدث فاذا وجد البدل الذي هو التيمم مع عدم التفريط في مبدله كان ذلك مقتضيا لبرائة الذمة ولو فقد كحال فاقد الطهورين كان مخاطبا بسبب الوجوب وهو الامر بالفعل المقتضي امتثاله صحة الفعل في نفسه لوجود شرط الوجوب لكن لما فقد شرط الصحة وبدله لم يقتضي ( لم يقتض خ‌ل ) وجود شرط الوجوب وجود البرائة من التكليف ولم يكن المانع من الصحة مقتضيا للمنع من الوجوب ولا من جواز امتثال الامر لانه اعم وثبوت الاعم لا يستلزم ثبوت الاخص ولهذا وجب عليه على الاصح الصلوة لوجود شرط الوجوب ولم يمنع منه عدم شرط الصحة الذي يقتضي البراءة لقوله عليه السلم اذا امرتكم بشيء ( بامر خ‌ل ) فأتوا منه ما استطعتم وقوله عليه السلم لا يسقط الميسور بالمعسور فان قلت انهم قالوا ان صحة الامتثال يقتضي الصحة قلت المراد انها يقتضي صحة الفعل في نفسه لا برائة المكلف لان المشروط عدم عند عدم شرطه ووجب عليه القضاء عند التمكن من احدى الطهارتين الذي هو شرط الصحة وشرط حصول البرائة وليس كلما صح الامتثال لحصول السبب حصلت الصحة والبرائة ولهذا قيل بوجوب الاعادة على المتيمم بسبب الزحام يوم الجمعة ولسبب ( بسبب خ‌ل ) الجماع مع علمه بعدم التمكن من الماء وبوجوب غسل المس على من مس الميت المتيمم لعدم الماء والمغسل بالماء بدلا من الخليطين او من احدهما وكثير منهم اوجبوا الصلوة على من تعمد الجنابة مع وجود الماء بالتيمم اذا خاف التلف باستعمال الماء او مع عدم الماء واوجبوا عليه الاعادة قضاء وهو بناء على ان الصلوة في الوقت للامر بها وان القضاء للبرائة ولم يكف التيمم في البدلية للتفريط ولهذا قال الشيخ في حق متعمد الجنابة بعد ان اوجب عليه التيمم والصلوة اداء قال ففرضه الغسل على كل حال فان لم يتمكن تيمم وصلى ثم اعاد اذا تمكن من ( عن خ‌ل ) استعماله وامثال ( امتثال خ‌ل ) ذلك وقد يكون المقتضي للبرائة مع فقد شرط الصحة حالا مانعا من النقيض ( المقتضى خ‌ل ) لعدمها ولولا عروض هذا المانع لم تحصل البرائة من ( على خ‌ل ) اصل التكليف لقيام المقتضى لعدمها كحال من صلى الى محض اليمين والشمال او الى عكس القبلة ظانا انها القبلة واستمر الاشتباه فانه هو المانع من الاعادة اذ لو ذكر الاول في الوقت لوجب ( لوجبت خ‌ل ) عليه الاعادة فلو ( ولو خ‌ل ) ذكر الثاني مطلقا وجبت عليه الاعادة في الوقت وخارجه وكذلك من دفن بغير غسل او غسل بماء مغصوب مع العلم او دفن الى غير القبلة او مع مخالفة الترتيب في الغسل او صلي عليه مقلوبا ولم يعلم الا بعد الدفن او غير ذلك فان من لم يوجب النبش لو كشفه السيل وجب عند ( عنده خ‌ل ) التلاقي للمأمور به مع امتثاله الامر قبل ذلك الا في الصلوة مقلوبا فانه يكفي ذلك مطلقا الا اذا علم قبل الدفن واهمل ولم يصل على القبر وبالجملة لم يكن الامتثال مقتضيا للبرائة وانما يمنعه من الاتيان بالفعل ثانيا عدم التمكن من الشرط المقتضي للصحة على اصل التكليف فاذا زال المانع قام حكم المقتضى فافهم والله الموفق

فائدة - قالوا ان الامر بالفعل الموقت اذا خرج الوقت قبل ايقاع الفعل فيه لا يقتضي ايجابه خارج الوقت وانما وجب القضاء بامر جديد وقالوا في الاستدلال على ذلك انا نقطع بأن الامر بصوم يوم الخميس لا يدل على صوم يوم غيره باحدى الدلالات الثلاث فلا يجب بذلك الامر والا لاقتضاه فان الوجوب اخص من الاقتضاء وثبوت الاخص يوجب ثبوت الاعم وعدم الاقتضاء دليل على عدم الوجوب لان انتفاء الاعم يوجب انتفاء الاخص وللقطع بانه اذا قال السيد لعبده ادخل السوق اليوم لا يدل على امر عبده بدخول السوق غدا او غيره من الايام ولان الامر بالفعل في وقت مخصوص يدل على وجود مصلحة في الايقاع في الوقت المخصوص والا لانتفت فائدة تعيين الوقت ولا دلالة في ذلك على وجود المصلحة في غيره من الاوقات لتحصل ( لتحصيل خ‌ل ) الفائدة الا بامر جديد يدل على وجود المصلحة في غير ذلك الوقت المعين فاذا فقد الامر الجديد علمنا عدم المصلحة بل ربما يدل ذلك على وجود المفسدة ولان الامر لو اقتضى الفعل بعد الوقت لكان اداء لاقتضاء ( لا قضاء خ‌ل ) لانه بمنزلة افعل ( افعله خ‌ل ) كذا اليوم او في غده وهو يقتضي التخيير بين الوقتين و( او خ‌ل ) الامر به فيهما وان كان على الترتيب فيكون الثاني اداء ولان الامر والنهي انما يقعان على الافعال لحسنها او قبحها ومن مقومات الحسن والقبح وقوعها على وجوه واعتبارات احدها ( احدهما خ‌ل ) التوقيت على ما حقق في الحكمة فعدم الامر دليل على عدم الحسن الذي هو منشأ المصلحة وقال اخرون ان الامر الاول كاف في وجوب القضاء فلو لم يدل الامر الثاني على عدم القضاء ( الاقتضاء خ‌ل ) فيما لا قضاء له كالجمعة والعيدين لوجب القضاء بمقتضى الامر الاول لان الامر بالصوم يوم الخميس امر بالصوم نفسه وبايقاعه يوم الخميس لما سيأتي فاذا فات يوم الخميس ولم يصم ذهب الامر بالقيد وبقى الامر بالصوم نفسه مقتضيا لايقاعه بعد وهو الحق وقول الاولين انا نقطع بأن الامر بصوم يوم الخميس لا يدل على صوم يوم غيره الخ انما يصح لو كان المقصود صوم الوقت المعين وليس كذلك بل المقصود ونفس الصوم وايقاعه في ذلك الوقت المعين و( المعين لان الوقت وان خ‌ل ) كان له خصوصية في صفة الصوم لا نسلم اجراءها في ذاته بل الذي يعطيه النظر في اخبار اهل العصمة عليهم السلم ان خصوصية الوقت خارجة عن ماهية الصوم وانما ذلك في صفته كالمكان واللباس والقبلة للصلوة وهو الظاهر عند الاطلاق فان المطلوب في الحقيقة انما هو نفس الصوم وتوقيته لزيادة صفته لا ان المطلوب التوقيت نفسه ولا المركب منها ( منهما خ‌ل ) لا غير وبيان ذلك يأتي فلا قطع بعدم دلالة الامر الاول على الفعل خارج الوقت بل يدل عليه في الحقيقة بالمطابقة لذاته وكذلك لا نسلم ان امر السيد عبده بدخول السوق اليوم لا يدل على دخوله غدا اذ ليس مراد السيد نفس الدخول في اليوم المعين بل مراده الدخول لغرض فان كان ذلك الغرض يعلمه العبد انه لا يصلح لغير ذلك اليوم بحسب العادة كان عدم اقتضائه الدخول ( للدخول خ‌ل ) في غير ذلك اليوم انما هو للقرينة وان علم ان سيده يريد تلك الحاجة وهي صالحة لذلك اليوم وغيره ولا قرينة معينة كان ذلك مقتضيا للدخول في غير ذلك اليوم اذ ليس مراد السيد ( السيد نفس خ‌ل ) الدخول في الوقت المعين وانما ذلك للحاجة فالامر لتحصيل الحاجة وان كان في الوقت المعين فذمته ( فذمة العبد خ‌ل ) مشغولة بطلب الحاجة الا ان تدل القرينة بانها للوقت لا غير ( لغيره خ‌ل ) كصلوة العبد على ما يأتي بيانه وذلك لان الامر بالفعل على اربعة اقسام موقت وغير موقت والموقت ثلثة فعل امر به وبهيئته ( بهيئة خ‌ل ) لنفسه وضرب له وقت لايقاعه فيه لتحصيل كماله وفعل امر به لنفسه وضرب بهيئته ( لهيئته خ‌ل ) ولايقاعه وقت وفعل امر به للوقت المضروب لايقاعه فيه وفعل امر به لنفسه ولم يضرب لايقاعه ولا لهيئته وقت وهو غير الموقت فالاول كالصلوة اليومية فانها امر بها وبهيئتها لنفسها وامر بايقاعها في الوقت المعين لتحصيل كمالها فاذا خرج الوقت ذهب الامر بايقاعها كذلك وبقي الامر بها وبهيئتها لان ايجاب ذلك ليس لخصوصية الوقت فيجب القضاء خارج الوقت لخصوصية نفسها ومن الدليل على ذلك ان الهيئة اشد اتصالا بها من الوقت مع انها ليس ذاتية لها بل قد تتقوم ذاتها بدون الهيئة ولهذا تسقط مع العجز والضيق كحال المطاردة والمرض الموجب للايماء و( ولو خ‌ل ) كانت ذاتية كالنية لسقطت عند تعذرها فلا يكون الوقت جزء منها بالطريق الاولى فافهم الاشارة ولا تميل بك العبارات المحكية ولا الى الشهرة اذ رب مشهور لا اصل له والثاني كصلوة الجمعة فانها من اليومية وهي صلوة الظهر غيرت هيئتها للوقت فاذا ذهب الوقت الخاص بالهيئة بقي الوقت الخاص بالذات فتصلي فيه اداء وفي خارجه قضاء وليست بدلا من الظهر والا لوجبت نية البدلية ولا واجبا مستقلا برأسه والا لما توجه التكليف بفرض الظهر الا بعد تعذر الجمعة فيحدث الامر بالظهر فيكون لابتداء الامر به وقت بعد التعذر وهو غير متعين للاختلاف في اخر وقت الجمعة الذي يبتدى وقت وجوب الظهر بانتهائه ولعدم تعين وقت التعذر واذا لم يكن وقت الاول انتفى التوقيت لعدم تحققه وانتفى الوجوب لان تعين الوقت سبب في وجوب التوقيت واذا انتفى السبب انتفي المسبب لان غير المعين لا يصلح للسببية وايضا لم‌ تحسن منك ان تقول اذا صليت الجمعة سقط عنك فرض الظهر لان السقوط فرض ( فرع خ‌ل ) الثبوت ولو وجب اول الوقت مع وجوب الجمعة لاقتضى التخيير وهو ممتنع مع تعذر ( تعين خ‌ل ) الجمعة ووجوبهما معا وهو قطعي البطلان او كونه مشروطا بعدمها وتعذرها وهو يقتضي عدم الوجوب لان الشرط حينئذ شرط الوجوب فلا يتحقق الوجوب الا بعد وجوده ولو كان كذلك لكان الظهر غير موقت الاول ويأتي ما ذكرنا والثالث كصلوة العيدين فانها انما امر بها للوقت خاصة لا لنفسها وفي اخبار اهل العصمة عليهم السلم تلويح واشارة الى ذلك فتؤدى فيه فاذا خرج ذهب بما له ولم يبق في الفعل فائدة بعد الوقت وحيث شرعت في نفسها وفي هيئتها للوقت كان من اداها لم تجب عليه الجمعة ذلك اليوم لقيامها بهيئتها مقام هيئة الجمعة لحصول الفائدة بالاجتماع والوعظ في ذلك اليوم وهو التذكير ليوم الحساب ووجه استحباب من يصليها اربعا مفصولة او موصولة مع عدم استجماع الشرايط ليس لانها شرعت في الوقت بل ان ما يشرع للوقت لا يخلو في نفسه من فائدة مع قطع النظر عن الوقت وان لم تكن توجب القضاء لان هذه الفائدة انما لحظت ثانيا وبالعرض الا انها لا تنقص عن رتبة مطلق النافلة لان النافلة كذلك في الاصل انما تلحظ فيه ( فيها خ‌ل ) الفائدة ثانيا وبالعرض فافهم والرابع غير الموقت امر به لنفسه ولا وقت له ولا قضاء اذ لا اداء له الا بمعنى ايقاعه واما ذوات الاسباب كالكسوف والخسوف فهي من الموقت عند السبب شرعت لنفسها عنده فليس لمحض السبب او خصوص وقته والا لماوجب له قضاء بعد انقضاء وقتها ولا لمحض نفسها والا لوجبت على كل حال ولهذه الاسرار التي اشرنا اليها توضيحات تتوقف على مقدمات وقد حققنا ذلك في مباحثاتنا وبعض الاجوبة لبعض المسائل ولو لم يخف الاطالة لكشفنا لك الامر حتى تعاينه فاذا عرفت ذلك ظهر الفرق بين ما للوقت وما في الوقت فاذا خرج وقت ما شرع في الوقت وجب قضاؤه لشغل الذمة به بخلاف ما للوقت فان قلت ان هذا التقسيم لا دليل عليه ليتم ما يتفرع عليه قلت ان هذا معلوم تشهد به العقول وتشير اليه الاخبار بحيث من وقف عليه لا يرتاب فيه فان قلت ان الامر بالفعل في وقت مخصوص يدل على وجود المصلحة والا لانتفت فائدة التعيين ولا دلالة في ذلك على وجود المصلحة في غيره الا بامر جديد يدل على وجودها في غيره فاذا فقد دل على عدم المصلحة بل ربما يدل ( دل خ‌ل ) على وجود المفسدة قلت لا معنى للشك في وجود المصلحة فيه اذا وقع خارج الوقت بعد بيان الفرق بين ما وجب في الوقت وبين ما للوقت للقطع بوجودها في ما وجب في الوقت ما وجد الامر به بل ما لم يوجد النهي عنه عملا باستصحاب ( باستصحاب نفس الشرع خ‌ل ) لان الاصل بقاء ما كان على ما كان على ان ما شرع في الوقت انما شرع لذاته وما كان كذلك لا تفارقه المصلحة لانها ذاتية له وانما شرع في الوقت لزيادة المصلحة والفضيلة كالامر بايقاع الصلوة في المسجد ومتعطرا وان سلمنا ان فائدة الوقت ذاتية قلنا لا تنحصر فيها بل تكون الفائدة من شيئين احدهما لازم للذات والثاني للوقت قام بدله مقامه وهو خارج الوقت ولو سلمت وحدة المركب بحيث يذهب بذهاب جزئه ( جزئيه خ‌ل ) جاء ذلك في الامر الجديد فان تركب من الوقت الثاني كان اداء والا كان بالاول فان قلت ان الامر والنهي انما يردان على الافعال لحسنها و( او خ‌ل ) قبحها ومن مقومات الحسن والقبح وقوعها على وجوه واعتبارات احدها التوقيت على ما حقق في الحكمة فعدم الامر دليل على عدم الحسن الذي هو منشأ الفائدة والمصلحة قلت لا نسلم انتفاء جميع مقومات الحسن لا سيما مع ثبوت اعواضها فان وقت القضاء عوض وقت الاداء وهو كاف في المدعي لان وقت القضاء وقت فان كان موقتا بالامر الاول ومترتبا عليه بمعنى التعويض لو فات الاول تم المطلوب وان كان بالثاني ولم يترتب على الاول كان اداء لانه ابتدائي وان كان بالثاني ويترتب على الاول فاما ان يكون مؤكدا او كاشفا او مبينا للفرق بين ما في الوقت وما للوقت ويأتي بيان ذلك كله على انا قد بينا ان الوقت انما هو من مقومات حسن الصفة لا الذات فراجع فان قلت ( قلت ان خ‌ل ) الامر الاول لو اقتضى الفعل بعد الوقت لكان اداء لا قضاء لانه بمنزلة ان يقول افعل كذا اليوم او في غد وهو يقتضي الامر فيهما وان كان على الترتيب فيكون الثاني اداء قلت ان الامر الاول انما اقتضى شيئين احدهما الفعل لنفسه وثانيهما انه اقتضى الوقت المحدود لايقاع الفعل لئلا يقع التقرير بالواجب لو كان واجبا لا وقت له مع تكريره ( تكرره خ‌ل ) في نفسه على المكلف فاذا انقضى الوقت لاجل انحصاره بتحديد اوله واخره لم يرتفع الفعل لان اثبات ايقاعه في وقت لا ينفي ما عداه فليس في نفسه محصورا الا ان يكون اصل مشروعيته لذلك الوقت ولما كان الفعل مرادا في نفسه بالذات وان يوقع في الوقت المخصوص وانقضى الوقت قبل الايقاع وجب ان يؤتي به ولما كانت الافعال لا يمكن ايقاعها الا في وقت كان الوقت الثاني عوضا عن الاول فيكون فيه قضاء فالوقت الثاني ليس بالاول ولا بالاول ( بالثاني خ‌ل ) ليكون اداء وانما لزم وجوب فعله عند ذكره مثلا ولا يكون الا في وقت فهو بدل فيكون قضاء لا اداء فان قلت انما قلنا بالامر الجديد المترتب على الامر السابق لانه مستقل غير مترتب على شيء ليكون اداء بل المراد ان ما وجب سابقا ان امر بفعله كان واجبا وانما كان قضاء لان وقت الفعل الذي امر به فيه قد خرج فامر بذلك الفعل الماضي فكان الموجب له هو الامر الثاني ولما كان في غير الوقت ( وقت خ‌ل ) الاول كان قضاء قلت ان قولكم ان الامر الثاني مترتب على الامر الاول لا يخلو اما ان يراد من ذلك ان الثاني مؤكد للاول او مقرر له او كاشف عن ثبوت ما ثبت به او مشترك معه في ايجاب الفعل خارج الوقت او مبين لما بقي وجوبه بعد الوقت لكون الامر به في الوقت مما لم يبق وجوبه لارتفاعه بخروج الوقت لكون الامر به للوقت لا في الوقت او مؤسس فان كان مؤكدا او مقررا ثبت ان القضاء بالاول وكذا ان كان كاشفا اذ لا معنى له الا انه كاشف عن بقاء اقتضاء الامر الاول للفعل في الوقت الثاني وان كان مشتركا فان كان للثاني حظ في التوقيت الابتدائي المستقل لم يحسن ان يكون الفعل قضاء للامر الثاني ولا اداء للامر الاول الا ان يوزع الفعل على الاداء والقضاء وهو ظاهر البطلان او ينفي مقتضى احدهما وهو ترجيح بلا مرجح او مقتضاهما معا فلا يكون الفعل موقتا فلا اداء ولا قضاء وانما هو ايقاع وان لم يكن له حظ في التوقيت الابتدائي فان تعلق مقتضاه بايقاع الفعل في الوقت الاول لزم التكليف بالمحال والا لم يكن موقتا لعدم ضرب وقت له لا من الاول لانه خارج وقته ولا من الثاني متعلق ( او يتعلق خ‌ل ) بالفعل خاصة دون القيد ويلزم منه عدم التوقيت بنفسه ويلزم منه اعتبار الامر الاول في توقيت القضاء ويلزم منه عدم اعتبار الامر الثاني وان كان مبينا كان القضاء بالامر الاول فيما كان في الوقت لا للوقت وان كان مؤسسا فان تعلق بالقيد لزم الاداء لانه قيد جديد لم يترتب على الاول فهو وقت التكليف والا دل على ان الاول لم يتعلق بالقيد لانه مثله فلا يعتبر الثاني بالتوقيت فلا يكون موقتا وان كان لاستدراك المصلحة الفائتة فان كانت الاولى فثبوتها متحقق بالاول فلا يحتاج الى الثاني وان كانت غيرها فهو تكليف جديد فيكون اداء او غير موقت واما على الاضراب في السؤال فنقول ان كان ما وجب في الاول باقيا كان الامر به لا يخلو من احد الوجوه المتعلقة من التأكيد والتقرير والتبيين والتشريك والكشف وهي المفروضة على وجود وجوب الفعل بالاول ويؤل الامر الثاني الى بيان ما في الوقت مما للوقت كما مر وان لم يكن باقيا بل ارتفع بخروج الوقت فكما مر ويلزم الاداء وقولكم ولما كان في غير الوقت الاول كان قضاء فيه انه ان كان هذا الوقت الثاني بالامر الاول كان اداء كما اعترضتم به وان كان بالثاني فان كان وجوب الفعل بالثاني فهو مرادنا من التأسيس اللازم منه الاداء وان كان وجوبه بالاول فان كان الوقت الثاني بالاول لزم الاداء وان كان بالثاني لزم انفكاك الفعل في الامر به عن الوقت وبهذا يسقط حجتكم من اصلها لانا قد اشرنا الى ان المأمور به في الحقيقة شيئان بامرين امر بالفعل وامر بالوقت فلما ذهب الوقت انقضى الامر به والامر بالفعل باق مستمر الى ان يأتي المكلف بالفعل ولما جهل المكلف الفرق بين ما للفعل وما في الوقت نبهه الشارع بأن هذا الفعل مما في الوقت فكان الامر بالتنبه واقعا في وقت فكان ذلك الوقت خارج وقت الفعل فكان فيه قضاء ولان الفعل لا يتخلع ( لا ينخلع خ‌ل ) عن الوقت فان قلت لو كان القضاء بمقتضى الامر الاول على ما فصلتم لما توقف القضاء على الامر الجديد وعدمه على عدمه قلت لما كان الامر بالفعل في الحقيقة على انحاء امر بالفعل وهيئته في الوقت وهذا يقتضي ان المصلحة فيه ذاتية وتقييده بالوقت لتحصيل كمال صفته وامر به للوقت وهذا ترجع المصلحة فيه الى الوقت خاصة كصلوة العيد وامر بهيئته للوقت كصلوة الجمعة كما مر وامر متردد باعتبار جهتيه في الوقت وللوقت كذوات الاسباب لوقوع اسبابها في وقت وخفي التمييز بين مراتب الامر على اكثر المكلفين وجب في الحكمة ان تجري على ما يعرفه ( تعرفه خ‌ل ) العوام كما هو حق ( الحق خ‌ل ) الامور التي تعم بها البلوى بحيث يشترك فيها العالم والجاهل فعين لهم الشارع عليه السلم ما كان في الوقت مما كان للوقت فامر بقضاء ما فات من اليومية وبصلوة الظهر مع فوات الجمعة وبعدم القضاء لصلوة العيد وبقضاء الكسوف والخسوف مع العلم او مع احتراق القرص اكمالا للدين واتماما للنعمة ومبالغة في اللطف اذ لولا التبيين من الشارع لما عرف الفرق في كل الافعال او جلها على انهم قالوا انما يثبت القضاء اذا سبقه وجود سبب وجوب الاداء ولم يؤد المكلف حتى خرج الوقت اما لتركه عمدا او لمانع منه عقلا كالنائم حتى خرج الوقت او شرعا كالحائض في قضائها صيام ايام عادتها او لرخصة تمنن بها على عباده المسافرين في ترك الصيام وفي قضائه اذا علموا قدومهم قبل الزوال والمريض اذا علم البرء قبل الزوال في جواز تناولهم ولو لم يقتض الامر عند وجود سبب الوجوب قضاء ذلك المتروك لما يترتب ( ترتب خ‌ل ) عليه وانما ترتب عليه وتفرع عنه لوجود سبب الوجوب كالدلوك والشهر في الامثلة المذكورة فان قلت انما قالوا لوجود سبب الوجوب دون الوجوب فان الحائض مأمورة بترك الصيام فلا يكون واجبا عليها ولهذا خطأوا من زعم تحقق الوجوب عليها وكلامهم انما يتم اذا تحقق الوجوب ولم يتحقق لانها غير مخاطبة به في حال الحيض لان سبب الوجوب ليس هو الموجب للفعل وانما هو وقت للخطاب الذي هو منشأ الايجاب قلت لا نسلم عدم الوجوب ولا عدم توجه الخطاب اليها بل هي مخاطبة بالصيام وانما منعت من الاداء لوجود المانع فذمتها مشغولة بالواجب فاذا زال المانع ظهر اثر المقتضى لان هذا المانع ليس مانعا من الوجوب كحال ما قبل البلوغ وانما هو مانع من الايقاع واليه الاشارة بقوله عليه السلم فتقعد ( فتعتد خ‌ل ) ايام اقرائها ولم يقل لم تؤمر ايام اقرائها فكان ذلك مانعا من ايقاع الفعل حينئذ المستلزم لصحته ولهذا وجب عليها قضاء ايام شهر رمضان لا ايام شهر شوال اذ لا يعقل وجوب قضاء ما لم يجب عليها ولو كان بامر جديد كان اداء لا قضاء وانما جدد الامر للمكلف بقضاء ما وجب عليه سابقا لما ذكرنا انفا من ان المكلف لا يكاد يفرق في التكاليف الموقتة بين ما شرع لنفسه في وقت فيجب قضاء فائته وبين ما شرع للوقت فلا يجب فكان من اتمام اللطف بالمكلف ارشاده فيؤمر بقضاء ما يجب لنفسه دون ما للوقت لفوات فائدته ومصلحته بفوات وقته الذي شرع له فكان الامر الجديد كاشفا عن تحقق وجوب سابق فان قلت لو كانت مخاطبة بالصيام كانت مخاطبة بالصلوة فيجب عليها قضاؤها فعدم الامر بالقضاء دليل على عدم الخطاب وحكمها حكم الصيام قلت انا نقول بذلك وانما منع من الاداء عدم شرط الصحة وهو الطهارة ولهذا تفعل كلما لم تشترط ( لم يشترط خ‌ل ) فيه الطهارة كسجود التلاوة وصلوة الاموات وكثيرا من المناسك الغير المشروطة بها وغير ذلك وانما سقط عنها قضاء الصلوة تخفيفا من الله سبحانه فان قلت انكم قررتم انه اذا توجه الخطاب الموجب وفقد شرط ( شرط الصحة خ‌ل ) كفاقد الطهورين وجب الاداء لوجود شرط الوجوب وان وجب القضاء لتحصيل برائة الذمة فعلى ذلك يلزمكم القول بجواز صيام الحائض وصلاتها وان وجب الصيام قضاء وسقط قضاء الصلوة تخفيفا لان ذلك مقتضى تقريركم قلت انما قلنا هناك بذلك لان المانع هو فقد الطهورين مع قبول المحل للتطهير الرافع او المبيح وهنا المانع امر مانع من القبول ( قبول خ‌ل ) المحل للتطهير مطلقا فليس فيه جهة من جهات التطهير بخلاف حالها بعد النقاء فان المحل قابل للتطهير وذلك القبول نوع من الطهارة ولذا قال سبحانه ولا تقربوهن حتى يطهرن اي حتى ينقين الا انه غير تام فاذا وقع عليه التطهير تمت الطهارة فالقبول هو الجزء الاسفل من الطهارة فاذا وجد وفقد الجزء الاعلى توجه اليه حديث فأتوا منه ما استطعتم لا يسقط الميسور بالمعسور اما اذا فقد القبول والمقبول فلا ميسور يبقى ولا مستطاع يؤتى فافهم ذلك فانه من مكنون العلم والله يحفظ لك وعليك فان قلت ان منكم من يستدل على مدعاكم بأن الوقت للفعل بمنزلة اجل الدين ( الدين فكما ان الدين لا يسقط اذا لم يؤد في اصله ويجب اداؤه بعده كذلك الفعل الموقت اذا لم يؤد في وقته لا يسقط ويجب اداؤه بعده وهو قياس مع الفارق فان الدين خ‌ل ) قد اشتغلت به الذمة في كل وقت ولهذا لو قدمه على الاجل صح بخلاف الفعل المأمور به فانه لا يصح تقديمه على وقته وهو الفارق قلت ليس مرادهم ان هذا دليلهم وانهم قاسوا هذا على ذلك وانما ( انما هو خ‌ل ) تسهيل للاستدلال وتنظير للدليل ولا ضرر فيه على دليلهم على انه انما جاز تقديمه على الاجل لوجوبه قبله ولو وجب الفعل قبله لجاز تقديمه عليه كما جعل وجوب اخراج زكوة غلة التمر اذا نضت وقد وجبت عند الاحمرار والاصفرار ولو اخرجها حينئذ صحت ولما اذن في تقديم الموقت جاز كتقديم صلوة الليل للشاب وغسل الجمعة لخائف الاعواز والوضوء قبل الوقت ولما منع من تقديم الفريضة قبل وقتها لانها لم تشرع قبله لم يجز تقديمها بخلاف الدين لوجوبه قبل الاجل وليست هذه حالة التنظير ( التنظير وانما حالة التنظير خ‌ل ) وجهة المشابه ( المشابهة خ‌ل ) وجوب قضائه بعد الاجل اذ ( اذا خ‌ل ) لم يؤد عنده بالوجوب السابق لا بامر جديد ولم يسقط بذهاب الوقت وهذا بعينه شبيه بما نحن بصدده بل هو احد افراده فانا نقول ان الفعل يجب قضاؤه بعد الوقت الموقت فيه بالامر الاول لا بامر جديد وهذا ظاهر وربما بنيت المسئلة على ان المأمور به شيئان فاذا ذهب احدهما بقي الاخر ام واحد ينتفي بذهاب ( بانتفاء خ‌ل ) جزئه وربما بنى ذلك على ان الجنس والفصل هل هما متمايزان في الوجود الخارجي ام لا والحق ان ذلك لا يبنى على مسئلة الجنس والفصل لان القيد ليس جزء الماهية في المأمور به والفصل جزء المهية والحق ان المأمور به بالذات هو الفعل والقيد مأمور به بالتبع والامر الخاص بالقيد للتنصيص على انه تبع والا لم يبتن على الفعل اصلا على ان قوله ما لا يدرك كله لا يترك كله وفأتوا منه ما استطعتم ولا يسقط الميسور بالمعسور يصدق على متحد الماهية اذا بقي منها ما يصدق عليه ( عليه مطلق خ‌ل ) الاسم شرعا او عرفا او لغة مثل من ادرك ركعة من الوقت وصدقه على المقيد بعد ذهاب القيد اولى بل لا يلزم ذلك مع فرض الاتحاد لاحتمال خصوص الفائدة به دون القيد وان اريدا معا لاحتمال ارادة التكميل من القيد والا لم يكن قيدا والحق ان الجنس والفصل متمايزان في الخارج بدليل تمايز اثارهما اذ ليس المراد من التمايز الانفصال والتعدد بل حصول شيئين في الخارج وتخلف اثر احدهما عن اثر الاخر دليل التمايز خارجا لما ترى ظاهرا من الحركة الحيوانية التي ليس فيها شيء من اثار الناطقية وبالعكس بخلاف النار ظاهرا فان اثر يبوستها لا يتخلف عن اثر حرارتها وهذا دليل الاتحاد ظاهرا وانما قلت ظاهرا لعدم الفرق في نفس الامر ولكن ليس هذا موضعه واما الاستدلال بجواز حمل هو هو فمردود بارادة المركب ثم ان اصالة البرائة قد ارتفعت بالامر الاول فلا تعود لان محلها ليس فارغا بل هو مشغول بشغل الذمة بالتكليف فاصالته باقية يستصحب لا براءة بالذمة بدون القضاء واحتمال البرائة وعدم ارادة خصوص المقيد لا ينفي ذلك لان الاحتمال التجويزي ليس بمساو ودعوى ان المتبادر من صم يوم الخميس وحده ( وحدة خ‌ل ) المكلف به بمعنى ان المقيد والقيد جزءا ماهية المكلف به مصادرة ودعوى ان اجراء الاستصحاب فيه لا يمكن لانتفاء الموضوع بانتفاء القيد مصادرة مفرعة على المصادرة بقي سؤال ليس يجري على لسان اهل الاصول ولا غيرهم وانما يجري على لسان اولي الافئدة بدليل الحكمة وجوابه كذلك اما السؤال فمن المعلوم ان الاوقات مظاهر للافعال الالهية عند ادوار الاثار كما تظهر الحرارة والرطوبة في فصل الربيع والحرارة واليبوسة في ( في فصل خ‌ل ) الصيف والبرودة واليبوسة في فصل الخريف والبرودة والرطوبة في فصل الشتاء وكما تظهر اثار الكسوف والخسوف في العالم فيأمر الشارع عليه السلم ان يصلي المكلف صلوة الكسوف ليدفع بها عنه اثار الغضب ويأمر الحكيم بالفصد في فصل الربيع لغلبة الدم ولم يأمر به في فصل الخريف فكان الاسباب التي لاجلها الاوامر والنواهي منشائها الاوقات لانها اوقات ظهورات الافعال الالهية فعلى هذا ثبت ان المأمور به حقيقة للوقت او هو مع الوقت لا الفعل خاصة وبهذا التقرير لا يثبت القضاء الا بامر جديد والجواب ان الذي اشرت اليه حق لا مرية فيه الا ان هذا هو مأخذ دليلنا وبيانه ان الشأن الذي نشأ به بسبب الوقت يتعلق بالمكلف ولا يرتفع ( يرفع خ‌ل ) عنه بخروج الوقت وان كان ناشيا به فامر الشارع عليه السلم لطفا بالرعية بالفعل الذي يرفع ذلك فليس الفعل للوقت وانما الفعل لرفع ما لزم المكلف بسبب الوقت فلا يكون مأمورا به لخصوص الوقت فاذا خرج الوقت بقي المكلف مطالبا بالفعل الا ترى ان الشمس اذا انكسفت ساعة تأخر اثر ذلك سنة فلو لم يصل لم يسلم من ضرر ذلك الاثر وانما الاوامر ( الاوامر الالهية خ‌ل ) والنواهي الربانية لدفع مضار وجلب منافع لا تنقضى بانقضاء وقت الطلب كالدم الزايد على ( عن خ‌ل ) الشخص في فصل الربيع فاذا امر بالفصد وتركه حتى خرج الوقت لم يذهب الدم الزايد بل يحتاج الى استفراغه بفصد او غيره ولو كان للوقت الذي هو السبب بحيث يذهب بذهابه لكان الفعل الذي هو الصلوة الكسوف ( للكسوف خ‌ل ) اذا تجلي ( انجلي خ‌ل ) القرص ذهبت الصلوة لذهاب السبب والى هذا يشير الحديث ومعناه اذا زالت الشمس نادى ملك من السماء قوموا الى نيرانكم التي اوقدتموها على ظهوركم فاطفئوها بصلوتكم وهذا ظاهر بأن الصلوة لم تشرع لخصوص الوقت وانما شرعت لاطفاء نيران المعاصي وان ( ان كان خ‌ل ) ذلك في الوقت المخصوص انجح لكن لا يدل على انها لا يطفى ( لا تطفى خ‌ل ) الا فيه بل هي لذاتها كذلك قال الله تعالى واقم الصلوة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات الاية وفي هذه الاية اشارة لمن يفهم ان الصلوة اليومية للوقت لا الموقت ( في الوقت لا للوقت خ‌ل ) في قوله تعالى واقم الصلوة حيث جعل طرفي النهار ظرفا للاقامة وقوله ان الحسنات يذهبن السيئات فافهم

المصادر
المحتوى