شرح احوال الشيخ الاوحد (بقلم الشيخ الاوحد) (السيرة)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - شرح احوال الشيخ الاوحد (بقلم الشيخ الاوحد) (السيرة)

شرح احوال الشيخ الاوحد

الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي (اع)

كتبه بالتماس ابنه الشيخ محمد تقي رحمه الله

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الثامن
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين بن ابرهيم بن صقر بن ابرهيم بن داغر غفر الله لهم اجمعين بن رمضان بن راشد بن دهيم بن شمروخ آل‌صقر وهو كبير الطائفة المشهورة بالمهاشير وشيخهم وبه يفتخرون واليه ينتسبون قعد داغر في بلدنا المعروفة بالمطيرفي من الاحساء وترك البادية ومنّ الله عليه بالايمان وله الحمد والمنة ليستنقذنا من الضلالة وكانت اولاده كلهم من الشيعة الاثني ‌عشرية الى ان اخرجني وخلصني من الارحام والاصلاب حتى اخرجني الى الدنيا وله الفضل والحمد والشكر فخرجت في وقت قد انتشر الجهل وعم الناس خصوصا في بلدتنا لانها نائية عن المدن وليس فيها احد ممن يدعو الى الله وعبادته ولا يعرف اهلها شيئا من الاحكام ولا يفرقون بين الحلال والحرام وكان مما تفضل عليّ عز وجل ان رزقني ذرية كرمهم الله بالعلم وكان كبيرهم سنا وعلما وهو الابن الاعز محمد تقي اعزه الله وهداه وجعلني من المنية فداه التمس مني ان اذكر بعض احوالي في حالة الصغر وفي حال التعلم لتكون كالتاريخ فاجبته الى ما التمس مني وكانت ولادتي في السنة السادسة والستين بعد المائة والالف من الهجرة في شهر رجب المرجب وعلى رأس السنتين من ولادتي جاء مطر شديد واتت بلادنا سيول من الجبال حتى كان عمق الماء في المكان المرتفع من بلدنا ذراعين ونصفا تقريبا وفي ذلك اليوم تولد المرحوم المبرور اخي الشيخ صالح تغمده الله برحمته واسكنه بحبوحة جنته وفي اليوم الثالث وقعت بيوت بلدنا كلها لم ‌يبق فيها الا مسجدها وبيت لعمتي فاطمة الملقبة بحبابة رحمة الله عليها وكان حينئذ عمري سنتين وانا اذكر هذه الواقعة وعلى مختصر القصة قرأت القرآن وعمري خمس سنين وكنت كثير التفكر في حالة طفوليتي حتى اني اذا كنت مع الصبيان العب معهم كما يلعبون ولكن كل شيء يتوقف على النظر اكون فيه مقدمهم وسابقهم واذا لم‌ يكن معي احد من الصبيان اخذت في النظر والتدبر وانظر في الاماكن الخربة والجدران المنهدمة اتفكر فيها واقول في نفسي هذه كانت عامرة ثم خربت وابكي اذا تذكرت اهلها وعمرانها ووجودهم وابكي بكاء كثيرا حتى انه لما كان حسين بن سياب الباشه حاكم الاحساء وتألبوا عليه العرب واتى محمد آل ‌غرير وحاصروا الباشه وقتلوا الروم واخذوا الاحساء وحكم فيها محمد آل‌ غرير وبعد ان مات حكم في الاحساء ابنه عليّ آل ‌محمد وقتله اخوه دجين ابو عرعر وكان مقتله قريب عين الحوار بالحاء المهملة ودفن هناك فاذا مررت وانا عمري خمس سنين تقريبا بقبره اقول في نفسي اين ملكك اين قوتك اين شجاعتك وكان في حياته على ما يذكرون اشجع اهل زمانه واشدهم قوة في بدنه واتذكر احواله وابكي بكاء شديدا على تغير احوال الدنيا وتقلبها وتبدلها وكان هذه حالي ان كنت مع الصبيان في لعبهم فانا مشتغل باللعب معهم وان كنت وحدي فانا اتفكر واتدبر وكان اهل بلدنا في غفلة وجهل لا يعرفون شيئا من احكام الدين بل كل اهل البلد صغيرهم وكبيرهم لهم مجامع يجتمعون فيها بالطبول والزمور والملاهي والغناء والعود والطنبور وكنت مع صغري لا اقدر اصبر عن الحضور معهم ساعة وعندي من الميل الى طرقهم ما لا اكاد اصفه وابكي وحدي شوقا الى ما اتخيله من افعالهم حتى اكاد اقتل نفسي واذا خلوت وحدي اخذت في الفكر والتدبر وبقيت على هذه الحال فلما اراد الله سبحانه انقاذي من تلك الحالات اجتمعت مع رجل من اقاربنا من المقدمين في طرق الضلالة المتوغلين في افعال الغواية والجهالة وقال انا اريد انظم بعض ابيات الشعر واريدك تعينني هذا وانا صغير ما بلغت الحلم وقلت له افعل فقعدنا في خلوة فاخذ اوراقا صغارا عنده يقلب فيها واذا فيها ابيات شعر منسوبة للشيخ عليّ بن حماد البحراني الاوالي تغمده الله برحمته ورضوانه في مدح الائمة عليهم السلام وهي :

لله قوم اذا ما الليل جنهم 			قاموا من الفرش للرحمن عبادا  
ويركبون مطايا لاتملهم اذا 			هم بمنادي الصبح قد نادى  
الارض تبكي عليهم حين تفقدهم 	    	لانهم جعلوا للارض اوتادا  
هم المطيعون في الدنيا لخالقهم 			وفي القيمة سادوا كل من سادا  
محمد وعليّ خير من خلقوا 			وخير من مسكت كفاه اعوادا  

فلما قرأ هذه الابيات القاها وقال الحاصل ان الذي ما يعرف النحو ماي عرف الشعر فلما سمعت هذا الكلام منه وكان صبي امه بنت عم امي تغمدها الله برحمته اسمه الشيخ احمد بن محمد آل ابن‌ حسن يقرأ في النحو في بلد قريبة من بلدنا بينهما قدر فرسخ عند المرحوم الشيخ محمد بن الشيخ محسن قدس الله روحه قلت للشيخ احمد ما اول شيء يقرأ فيه من النحو فقال عوامل الجرجاني فقلت له اعطني اكتبها فاخذتها وكتبتها ولكني استحيي ان اذكر لوالدي قدس الله روحه ونور ضريحه لانه كان عندي من الحياء شيء ما يتصور حتى ان ذلك الحال الذي اشرت اليه من الاشتياق الى افعال اولئك الفساق ما اطلع عليه احد الا الله سبحانه فمضيت الى موضع من بيتنا يقعد فيه والدي ووالدتي ونمت فيه وبينت بعض الاوراق التي فيها العوامل واتت والدتي وانا مغمض عيني كأني نائم ثم اتى والدي وقال لوالدتي ما هذه الاوراق التي عند احمد قالت ما اعلم فقال ناولينيها فاخذتها وانا ارخيت اصابعي من حيث لا تشعر حتى تأخذ القرطاس فاخذتها واعطته والدي رحمه الله فنظر فيها وقال هذه رسالة نحو من اين له هذه قالت ما ادري فقال رديها مكانها فردتها والنت اصابعي من حيث لا تشعر فوضعتها في يدي وبقيت قليلا ثم تمطيت وانتبهت واخفيت القرطاس كأني احب ان لا يطلعا عليها فقال لي والدي من اين لك هذه الرسالة النحو قلت كتبتها فقال لي تحب ان تقرأ في النحو فقلت نعم وجرت نعم على لساني من غير اختياري وانا في غاية الحياء كان قولي نعم اقبح الاشياء ولكن الله وله الحمد والشكر اجراها على لساني من غير اختياري فلما كان من الغد ارسلني مع شيء من النفقة الى البلد التي فيها الرجل العالم اعني الشيخ محمد بن الشيخ محسن واسمها القرين ووضعني مع ذلك الصبي الذي تقدم ذكره وهو الشيخ احمد رحمه الله فكان شريكي في الدرس عند الشيخ محمد وقرأت العوامل والاجرومية عنده

ورأيت في المنام رجلا كأنه من ابناء الخمس والعشرين سنة اتى اليّ وعنده كتاب فاخذ يعرف لي قوله تعالى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى مثل خلق اصل الشيء يعني هيولاه فسوى صورته النوعية وقدر اسبابه فهداه الى طريق الخير والشر يعني من هذا النوع وان لم ‌يكن خصوص ما ذكرته فانتبهت وانا منصرف الخاطر عن الدنيا وعن القراءة التي يعلمناها الشيخ لانه انما يعلمنا زيد قائم زيد مبتدأ وقائم خبره وبقيت احضر المشايخ ولا اسمع لنوع ما سمعت في المنام من ذلك الرجل شيئا وبقيت مع الناس بجسدي ورأيت اشياء كثيرة لا اقدر احصيها منها اني رأيت في المنام كأني ارى جميع الناس صاعدين على السطوح يتطلعون لشيء فصعدت انا سطح بيتنا واذا انا ارى شيئا اتى مما بين المغرب والجنوب وهو معلق بالسماء بطرف منه وطرف آخر متدل كالسرادق وهو مقبل الينا انا والناس كلهم وكلما قرب منا انحط الى جهة السفل حتى وصل الينا وكان اسفل ما منه ما كان عندي وقبضته بيدي واذا هو شيء لطيف لا تدركه حاسة اللمس بالجسم الا بالبصر وهو ابيض بلوري يكاد يخفى من شدة لطافته وهو حلق منسوجة على هيئة نسج الدرع ولم‌ يصل اليه احد من تلك الخلائق المتطلعين اليه غيري

ورأيت ليلة اخرى كأن الناس كلهم يتطلعون على السطوح كالرؤيا الاولي الى شيء نزل من السماء وقد سد جهة السماء الا ان جميع اطرافه متصلة بالسماء ووسطه منخفض ولم‌يصل من تلك الخلائق احد غيري لان اخفض ما في وسطه المتدلي هو الذي وصل اليّ فقبضته بيدي فاذا هو غليظ ثخين

ورئي لي ايضا كان جبلا عاليا الى عنان السماء وحوله من جميع جوانبه رمال منهالة وكل الخلائق يعالجون في صعوده ولم ‌يقدر احد منهم ان يصعد منه قليلا واتيت انا وصعدته كلمح البصر باسهل حركة الى اعلاه وامثال هذه من الامور الغريبة التي ربما اعجز عن احصائها

ثم اني رأيت ليلة كأني دخلت مسجدا فوجدت فيه رجالا ثلاثة وشخص آخر يقول لكبير الثلاثة يا سيدي كم اعيش فقلت من هؤلاء ومن هذا الذي تسأله فقال هذا الحسن بن عليّ بن ابيطالب عليهما السلام فمضيت اليه وسلمت عليه وقبلت يده وتوهمت ان اللذين معه الحسين وعليّ بن الحسين عليهما السلام فقال عليه السلام هذا عليّ بن الحسين والباقر عليهما السلام فقلت انا يا سيدي كم اعيش فقال خمس سنين او اربع سنين او قال خمس سنين واربع سنين فقلت الحمد لله فلما علم مني الرضا بالقضاء قعد عند رأسي وذلك كأني حين اظهاري للرضا بما قال نائم على قفائي ورأسي الى جهة القطب الجنوبي وهم عليهم السلام قيام على جانبي الايمن كالمصلين على الميت الا ان الحسن عليه السلام مما يلي رأسي فلما اظهرت الرضا بالقضاء قعد عند رأسي ووضع فمه على فمي فقال له عليّ بن الحسين عليهما السلام اصلح ان كان في فرجه خراب فقال الحسن عليه السلام الفرج لا يخاف منه وان اعقمه الله وانما يخاف من القلب فتعلقت به فوضع يده على وجهي وامرها الى صدري حتى وجدت برد يده الشريفة في قلبي ثم كأني انا وهم قيام فقلت له يا سيدي اخبرني بشئ اذا قرأته رأيتكم فقال لي :

كن عن امورك معرضا			وكل الامور الى القضا  
فلربما اتسع المضيق 			وربما ضاق الفضا  
ولرب امر متعب 			لك في عواقبه رضا   
الله يفعل ما يشاء 			ولا تكن متعرضا  
الله عودك الجميل 			فقس على ما قد مضى  

ثم قال ايضا :
رب امر ضاقت النفس به جاءها من قبل الله فرج
لا تكن من وجه روح آيسا ربما قد فرجت تلك الرتج
بينما المرء كئيب دنف جاءه الله بروح وفرج

وكان يقرأ من الاول فقرة ومن الثاني فقرة فقلت كيف هذا فقال عليه السلام قد يستعمل في الشعر هكذا فقلت يا سيدي هل رأيت القصيدة التي اولها :

الا انظرن يا خليلي بين احوالي 	   في ايها هو احلى لي واحوى لي  

فقال رأيتها وهي عجيبة الا انها ضائعة وذلك انما قال عليه السلام ذلك لاني نظمتها في التغزل فقلت له ان شاء الله تعالى انظم في مدحكم قصيدة ثم اني احببت انصرافهم لئلا انسى تلك الابيات وثقة مني بوعده عليه السلام ثم اني ذات ليلة قعدت آخر الليل لصلوة الليل وكان قريب بلدنا بلد اسمها البابة وفيها نخلة طويلة جدا مارأيت منذ خلقت نخلة طولها وعليها حمامة راعبية وهي تنوح فذكرتني تلك الرؤيا ومن رأيت فنظمت القصيدة في مدحهم عليهم السلام التي اولها :

بي العزا عز وجل الوجل 		وباح مدمعي بما احتمل  

وهي موجودة والحاصل ثم اني بقيت اقرأ الابيات كل ليلة واكررها ولا اراهم عليهم السلام كم شهر ثم اني استشعرت انه عليه السلام ما يريد مني قراءة الابيات وانما يريد مني التخلق بمعانيها فتوجهت الى الاخلاص في العبادة وكثرة الفكر والنظر في العالم وكثرة قراءة القرآن والاعتبار والاستغفار في الاسحار فرأيت منامات غريبة عجيبة في السموات وفي الجنات وفي عالم الغيب والبرزخ ونقوشا والوانا تبهر العقول ثم انفتح لي رؤيتهم عليهم السلام حتى اني اكثر الليالي والايام ارى من شئت منهم على ما اختار منهم الذي اراه عليه السلام واذا رأيت احدا منهم وانتبهت وانقطع كلامي قبل تمامه رجعت في النوم ورأيت ذلك الذي رأيته عند منقطع كلامي حتى اتممه واذا ذكر لي احد من الناس ان اذا رأيتهم تسأل لي الدعاء رأيت كذلك وقد ذكر لي اخي الشيخ صالح ان اذا رأيت القائم عليه السلام فاسأله لي الدعاء فرأيت القائم عليه السلام عجل الله فرجه وقلت له يا سيدي ان اخي صالحا يسألك الدعاء فدعا له وقال في زوجته ولد ثم حملت زوجته بزين ‌الدين ابنه

وكنت في اول انفتاح باب الرؤيا رأيت الحسن بن عليّ بن ابيطالب عليه السلام فسألته عن مسائل فاجابني ثم وضع فمه الشريف في فمي وبقي يمج على من ريقه وانا اشرب وهو ساخن الا انه الذ من الشهد قدر نصف ساعة كل ذلك وانا اشرب من ريقه

ثم بعد كم سنة رأيت النبي صلى الله عليه وآله فقلت يا سيدي اريد منك ان اخلع الدنيا اصلا بحيث لا اعرف فقال هذا اصلح فشددت عليه في الطلبة فتغافلني ومضي عني من حيث لا اشعر ففتشت عليه ثم وجدته وقلت له انا اريد منك هذا المطلب فقال يمكن بعد حين فتغيب عني فطلبته فوجدته وشددت عليه مرارا فمرة يقول هذا اصلح ومرة يقول بعد حين فلما ايست من مطلبي قلت له اذا زودني فرفع يمينه الشريفة واراد ان يمسح بها وجهي وصدري قلت له ما اريد هذا فقال لي ما تريد قلت اريد تسقيني من ريقك فوضع فمه على فمي ومج على من ريقه ماء الذ من الشهد وابرد من الثلج الا انه قليل وكنت انا وهو صلى الله عليه وآله قائمين فضعفت لشدة اللذة وبرد الماء فقعدت ثم قمت وهو يضحك من قعودي وضعفي وسقاني مرة اخرى كالاولى ثم مضى

والحاصل اني رأيت اكثر الائمة عليهم السلام وظني كلهم الا الجواد عليه السلام فاني متوهم في رؤيته وكل من رأيت منهم يجيبني في كل ما طلبت الا مسألة الانقطاع فان جوابهم لي فيه كجواب النبي صلى الله عليه وآله وكنت مدة اقبالي سنين متعددة ما يشتبه على شيء في اليقظة الا واتاني بيانه في المنام في اشياء ما اقدر اضبطها لكثرتها واعجب من هذا اني ما ارى في المنام شيئا الا على اكمل ما اريده في اليقظة بحيث ينفتح لي جميع ما يؤيد ادلته ويمنع ما يعارضه وبقيت سنين كثيرة على هذه الحال حتى عرفني الناس واشغلت بهم عن ذلك الاقبال وانسد ذلك الباب المفتوح فكنت الآن ما اراهم عليهم السلام الا نادرا من الاحوال

وكان من جملة هذه الامور النادرة اني رأيت امير المؤمنين عليه السلام في مجلس مشحون من العلماء والاجلاء فلما اقبلت قام عليه الصلوة والسلام فقعدت عند النعل فقال اقبل ما هذا مكانك فقمت ثم قعدت قريبا فقال اقبل ولم‌ يزل عليه السلام يقربني حتى اقعدني في جانبه فكان مما سألته هل يجوز بيع الصبرة فقال لا ثم ذكرت له حاجتي فقال انا ما في يدي شيء فقلت له نعم ولكني اتيت اليك من الذي بيني وبينك اريد مما اعرف من مقامك عند الله فلما قلت له ذلك قال ان شاء الله يكون بعد حين ه‍

وكنت في تلك الحال دائما ارى منامات وهي الهامات فاني اذا خفي عليّ شيء رأيت بيانه ولو اجمالا ولكني اذا اتاني بيانه في الطيف وانتبهت ظهرت لي المسألة بجميع ما تتوقف عليه من الادلة بحيث لا يخفى عليّ من احوالها حتى انه لو اجتمعت الناس ما امكنهم يدخلون على شبهة فيها واطلع على جميع ادلتها ولو اوردوا على الف مناف والف اعتراض ظهر لي محاملها واجوبتها بغير تكلف ووجدت جميع الاحاديث كلها جارية على طبق ما رأيت في الطيف لان الذي اراه في المنام معاينة لا يقع فيه غلط واذا اردت ان تعرف صدق كلامي فانظر في كتبي الحكمية فاني في اكثرها في اغلب المسائل خالفت جل الحكماء المتكلمين فاذا تأملت في كلامي رأيته مطابقا لاحاديث ائمة الهدى عليهم السلام ولا تجد حديثا يخالف شيئا من كلامي وترى كلام اكثر الحكماء والمتكلمين مخالفا لكلامي ولاحاديث الائمة عليهم السلام حتى بلغ منهم الحال الى ان اكثرهم ما يعرفون كلام الامام عليه السلام ويفسره بغير مراد المتكلم عليه السلام ولكن اذا اردت البيان فانظر بعين الانصاف لتعرف صحة ما ذكرت فاني ما اتكلم الا بدليل منهم عليهم السلام

ولقد كان بيني وبين الشيخ محمد بن الشيخ حسين بن عصفور البحراني رحمهم الله بحث كثير واكثر الانكار عليّ ثم انصرفنا فلما جاء الليل رأيت مولاي عليّ بن محمد الهادي عليه وعلى آبائه الطيبين وابنائه الطاهرين افضل الصلوة وازكى السلام فشكوت اليه حال الناس فقال عليه السلام اتركهم وامض فيما انت فيه ثم اخرج اليّ اوراقا على حجم الثمن وقال هذه اجازاتنا الاثني ‌عشر فاخذتها وفتحتها واذا كل صفحة مصدرة ببسم الله الرحمن الرحيم وبعد البسملة اجازة واحد منهم عليهم السلام

وكان مما امروني به ووعدوني به ووصفوني عليهم السلام به مما لا يصدق به كل من سمع استعظاما له واني لست اهلا له حتى اني قلت للنبي صلى الله عليه وآله من القائل بذلك فقال غير انا انا القائل فقلت يا سيدي انت تعرفني وانا اعرف نفسي اني لست اهلا لذلك فلأي سبب قلت ذلك فقال بغير سبب فقلت بغير سبب فقال نعم امرت ان اقول كذا فقلت امرت ان تقول كذا فقال نعم وامرت ان اقول ان ابن ابي ‌مدربس من اهل الجنة وكان رجلا من اهل بلدنا من جهال الشيعة وقال ايضا وامرت ان اقول ان عبد الله الغويدري من اهل الجنة فقلت عبد الله الغويدري من اهل الجنة فقال صلى الله عليه وآله لا تغتر بأن ظاهره خبيث فانه يرجع الينا ولو عند خروج روحه وكان عبد الله الغويدري رجلا عشارا من اهل السنة والجماعة ولم ‌نسمع عنه شيئا من فعل الخير الا انه كان يحب جماعة من السادة من اقاربنا ويخدمهم ويعظمهم ويكرمهم غاية الاكرام ثم بعد مدة تكلمت بهذا الكلام بمحضر جماعة من الشيعة فقال شخص منهم اسمه عبد الله ولد ناصر العطار وكان بينه و بين عبد الله الغويدري صداقة ومواخاة فقال عبد الله الغويدري شيعي فقلنا ليس بشيعي فقال والله انه شيعي ولا يطلع عليه الا الله وانا وهو رفيقي وانا اعرفه والحاصل من الاتفاق ان طوائف من البوادي اعتدوا على طائفة من الشيعة من اهل القطيف ووقع بينهم حرب واستعان الشيعة باهل الاحساء وخرج من الاحساء عسكر لاعانة اهل القطيف على البوادي وكان من جملة من خرج معهم عبد الله الغويدري فقتل في جملة من قتل فختم له بالشهادة في الدفاع عن المؤمنين

والحاصل ان من الامور الغريبة تعبير ما ذكرت من الرؤيا التي تقدم ذكرها فانه مما لا يحسن بيانه خصوصا للجهال والحساد واما انا فان افتريته فعليّ اجرامي

المصادر
المحتوى