
حسب جوامع الكلم – المجلد الاول
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
أمّا بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد التمس منّي الابن الروحاني الشيخ العلي الشيخ عليّ بن المقدس الصالح الشيخ صالح بن يوسف أعلى اللّه رتبته ورفع درجته أن اكتب على هذا الحديث الأتي ما يحضرني من بيان المراد منه فإنّ شرّاحه لم يقفوا على شيء من المراد منه لانه من اصعب ما ورد لخروجه على خلاف ما تعرفه العقول المتفقّدة وانما هو جار على ما تعرفه الافئدة المؤيّدة فاعتذرت منه لشدة صعوبة ذلك وتَمَنُّعِه على المنال ولكثرة اشتغال البال بالحل والارتحال فلم يقبل مني عذرا فجعلتُ سؤاله امرا اذ لا يسقط الميسور بالمعسور وإلى اللّه ترجع الامور وتوكلت على الحيّ الذي لا يموت ربّ العزّة والجبروت ومالك الملك والملكوت
فاقول وباللّه استعين بسم اللّه الرحمن الرحيم في الكافي في باب حدوث الاسماء عليّ بن محمد عن صالح بن ابي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحَسَن بن عليّ بن ابي حمزة عن ابراهيم بن عمر عن ابي عبد اللّه (ع) قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوَّتٍ وباللفظ غير منطَقٍ وبِالشّخص غير مجسّدٍ وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ منفي عنه الاقطار مبعّد عنه الحدود محجوب عنه حسّ كل متوهّم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامّة على اربعة اجزاء معا ليس منها واحد قبل الاخر فاظهر منها ثلاثة اسماء لفاقة الخلق اليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه تبارك وتعالى وسخّر سبحانه لكلّ اسمٍ من هذه الاسماء الاربعة اركان فذلك اثناعشر ركنا ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا اليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصوّر الحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم العليم الخبير الحكيم العزيز الجبّار المتكبّر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الاسماء وما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة وهذه الاسماء الثلاثة اركان وحجبَ الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة وذلك قوله قل ادعوا اللّهَ أو ادعوا الرحمن ايّا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ه
اعلم ارشدك اللّه ان هذا الحديث الشريف ابعد غورًا من ان يطّلع على باطنه لأنه قد اشتمل على بيان تفصيل الوجود من الاجناس والفصول وتقسيم الفروع والاصول والذي يظهر لي انّ بيانه على ما اشير فيه اليه من التفصيل والتقسيم لا يحصل لغير اهل العصمة (ع) نعم يمكن الاشارة إلى كليّات تلك الاصناف ومجملات تلك الاوصاف وتنويعها في الاختلاف والائتلاف وهو غاية ما تصل اليه طامحات الافهام ونهاية ما تحوم حوله حائمات الاوهام ومع ذلك كله فلا تنال منه الّا بالاشارة وما اعزّ مَن يناله منتهى الحظّ ما تزوّد منه اللحظ والمدركون ذاك قليل ولا بأس بالاشارة إلى ما يمكن الاشارة اليه
فاقول وباللّه استعين قد اختلف المفسرون في المراد منه والذي اجرى على خاطري ان المراد بذلك الاسم المخلوق هو مجموع عالم الامر بجميع مراتبه الاربع وعالم الخلق بجميع مراتبه الثمانية والعشرين لان ذلك الاسم هو مجموع الوجود باسره وهو الاسم الاكبر المكنون المخزون وليس ذلك لفظيا فلا يكون مشتملا على تصوّر الحروف ولفظ النّطق وشخص الجسد وتشبيه الصّفة ولون الصبغ لانّها به كانت وعنه صدرت وليس جسما ولا مقدارا فلا تعتريه الاقطار ولا حدَّ له ولا حجب له غير ظهوره احتجب عن احساس الاوهام باِحْساسِها واسْتتر بظهوره
قوله (ع) : فجعله كلمة تامّة لاشتماله على جميع مظاهر الصفات الحقيّة والخلقيّة والاضافيّة من مبادي الحدوث والامكانات وعللها وجميع انحاء الخلق والرزق والحيوة والممات اذْ لم يوجد سواه بل كلّ موجود فمنه متفرّع وعنه انشقّ وبه تَقَوّمَ وله خُلِق واليه يعود
قوله (ع) : على اربعة اجزاء معا
۱) الجزؤ الاوّل عالم الامر وهو النقطة اعني الرحمة والالف اي العماء الاول والنَّفَس الرحماني بفتح الفاء والحروف المشار اليها بالسحاب المزجي والكلمة التّامة المشار اليها بالسحاب المتراكم وهذه الاربعة هي مراتب المشيّة في الوجود المطلق وهو الوجود الامري وانما قلنا انّ هذه الكلمة تامّة وقلنا انّ ذلك كلمة تامّة لانّ تمام هذه تمام جزء وذلك تمام كلٍّ وباعتبار آخر تمام هذه تمام جزئي وهذه تمام كلّيٍ وهذا الجزء هو المكوّن الحقّ والوجود المطلق والشجرة الكليّة والحقيقة المحمديّة ورتبته مقام أو ادنى ووقته السرمد وشأنه المدّ
۲) والجزء الثاني هو النور الابيض والقلم الجاري والالف القائم وخزانة معاني الخلق وهو العقل الاوّل وهو عقل الكل وهو ملك له رؤس بعدد الخلائق لم يخلق اللّه شيئا الّا ويكون في ذلك وجه لذلك الشيء ورأس خاصّ به تتفاوت الرؤس والوجوه بتفاوت ما هي لها
۳) والجزء الثالث هو النور الاصفر وخزانة الرقائق وهو الرؤس وهو الروح والنفس باعتبارٍ وباعتبارٍ آخر نور اخضر الّا ان الغرض بيان الاجزاء لا غير وله من الرؤس والوجوه كما للجزء الثاني
٤) والجزء الرابع النور الاخضر وجسم الكل وربّما فسّرت الاجزاء الثلاثة بما تتضمّن المسئلة من صفة اللّه وهي النور الابيض وهي شهادة انّ محمدا رسول اللّه (ص) وباعتبار هي شهادة الّا اله الا اللّه وهي الالف القائم ومن صفة الرحمن وهي النور الاصفر والالف المبسوط باعتبار وباعتبارٍ آخر بيّن بين صورته كضلعي المثلث القائم الزاوية هكذا وهي شهادة انّ الائمة الاثني عشر خلفاء رسول اللّه (ص) ومن صفة الرّحيم وهي النور الاخضر والالف الراكد الذي يظهر بصورة الياء ويكون ياء وهي الكروبيون والانبياء والمرسلون والاتباع لان الرحيم على الاقوى صفة الرحمن وصفته صفة لصفة الرحمن وبالجملة فالمراد بالاربعة الاجزاء بالعبارة الظاهرة المشيّة وعقل الكل ونفس الكلّ وجسم الكلّ
قوله (ع) : ليس شيء منها قبل الاخر لا ريبَ ان هذه الاجزاء بعضها متقدّم على بعض في الذاتِ وانّما تساوت في الظهور لتوقّف ظهور المشيّة على وجود ما بعدها فتكون هذه الاربعة متساوقة في الظهور فليس شيء منها قبل الاخر
قوله (ع) : فاظهر منها ثلاثة لفاقة الخلق اليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون المراد بالثلاثة التي اظهرها سبحانه العقل والنفس والجسم والمراد بالاسم الذي حجبَ هو المشية وهو الاسم المكنون المخزون وانما احتياج الخلق الى هذه الثلاثة لان التكوين والتكليف اللذَيْن بهما قِوامهم واستقامة نظامهم وبلوغهم غايات كمالاتهم لا يكونان بدونها اعني العقول والنفوس والاجسام وانما لم يحتاجوا الى الرابع لانهم لا يتوقف نظامهم ولا تكليفهم ولا بلوغهم أعلى الدرجات على معرفة المشيّة ومعرفة تقوّمِهمْ بها الّا في الاعتقاد ويكفي فيه معرفة العقول التي فيهم
قوله (ع) : فهذه الاسماء التي ظهرت فالظاهر هو اللّه سبحانه وتعالى وهي هذه المذكورة وقوله فالظاهر هو اللّه تبارك وتعالى المراد به ما اشرنا اليه فان صفة الاسم الكريم الذي هو اللّه هو العقل الاول اذ ليس المراد بهذه هذا اللفظ لانه قال : بالحروف غير متصوت وهذا متصوت بالحروف ملفوظ بالنطق ولا المراد به معناه الذي هو الذات المتصفة بالالوهيّة وانما المراد به مظهره وهو العقل كما اشار سبحانه بقوله : اللّه نور السموات والارض مثل نوره الخ فذكر اللّه وذكر مظهره وهو قوله : مثل نوره وهو العقل الاول وهو الاسم الذي اشرقت به السموات والارضون وهو المصباح الظاهر في الاشباح "وتعالى" اشارة الى صفة العليّ وهو النفس "وتبارك" اشارة الى صفة العظيم وهو الجسم وفي رواية اخرى فالظاهر هو اللّه العلي العظيم والمعنى واحد
قوله : وسخّر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء اربعة اركان فذلك اثنا عشر ركنا والاصل في ذلك انه لمّا كان كل جزء منها عالما مستقلا وجب ان يكون جامعا لما يتم به النظام من الاصول الاربعة التي هي الخلق والرزق والحيوة والممات فيكون كل واحد منها مربعا لاشتماله على الاربعة الاصول وسخّر سبحانه لكل اصل ملكا حافظا له قائما به قد وكّله اللّه بتلقّي فيوضاته وابلاغها غاياتها وجعل لكل ملك ملائكة يخدمونه في المراتب الثلاثة يسلكون فيها بهديه سبل ربّهم ذللا كلّ منهم من جنس ما وكّل به
• ففي العقول عقليّون مختلفوا المراتب لاختلاف مراتب العقل كما وكيفا
• وفي النفوس والارواح روحانيون ونفسانيون مختلفوا المراتب لاختلاف مراتب الروح والنّفس كذلك
• وفي الاجسام جسمانيون مختلفوا المراتب
كذلك واختلافهم في الاربع الطبائع الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة في المراتب الثلاث كذلك فان العقول تجري فيها الطبائع الاربع العقلية لذاتها وبما يطرء عليها من الاضافات من محالّها وكذلك النفوس والاجسام كلّ بحسبه لذاته أو لما اضيف اليه
• فالملك الموكل بركن الخلق والايجاد جبرئل وله جهة واجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسيه ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لجبرئل (ع) يتصرّف بها كما امر في العوالم الثلاثة عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الملك وهذه العوالم الثلاثة هي مجموع عالم الخلق وهو الوجود المقيد
• والملك الموكل بركن الحيوة اسرافيل (ع) وله جهة واجنحة عقلانيّة يطير بها في الجهات العقليّة ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لاسرافيل يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الملك
• والملك الموكّل بركن الرزق ميكائل (ع) وله جهة واجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لميكائيل (ع) يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة ايضا
• والملك الموكل بركن الممات عزرائيل وله جهة واجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقليّة ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة نفسانيّة يطير بها في الجهات النفسية ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها وله جهة واجنحة جسمانيّة يطير بها في الجهات الجسميّة ويتبعه في تلك الجهات اعوانه المجانسون لها فهذه ثلاثة اركان لعزرائيل يتصرف بها كما امر في العوالم الثلاثة المذكورة
فهذه اثنا عشر ركنا لكل ملك ثلاثة اركان ولكل ملكٍ طبيعتان واعوانهم كلّ على طبيعة متبوعه وللمتبوع على التابع هيمنةٌ وتسلّط من الجهة التي سخّر لها
فجبرئل يعين بحرارته اسرافيل في الحيوة وبيبوسته عزرائيل في الممات واسرافيل يعين بحرارته جبرئل في الخلق وبرطوبته ميكائيل في الرزق وميكائل يعين برطوبته اسرافيل في الحيوة وببرودته عزرائيل في الممات وعزرائيل يعين ببرودته ميكائيل في الرّزق وبيبوسته جبرئل في الخلق وقد دلّت الاثار على ان العرش الذي هو خزانة كل شيء من الخلق ولا يظهر شيء في الاعيان أو يرتبط بشيء منها الّا وقد كان فيه واليه الاشارة بقوله : الرحمن على العرش استوى لانه استوى برحمانيته على عرشه الذي هو خزائن كل شيء فاعطى بفضله ابتداء منه كل ذي حق حقه وساق بكرمه الى كل سائل منه فقير اليه رزقه لا ينزل شيء ولا يظهر من غيب العرش الّا بتقديره قال تعالى : وانّ من شيء إلّا عندنا خزائنه وما ننزله إلّا بقدر معلوم وعلى ان العرش مركب من اربعة انوار
۱) نور احمر منه احمرّت الحمرة
۲) ونور اصفر منه اصفرّت الصفرة
۳) ونور اخضر منه اخضرّت الخضرة
٤) ونور ابيض منه البياض ومنه ضوء النهار
وكلّ نورٍ من هذه الاربعة قد تقوّم به ربع من كلّ شيء من العوالم الثلاثة الجبروت والملكوت والملك فيكون ما تقوّم به الربع تامّا في الجهة التي به تقومت
قوله (ع) : ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا اليها اعلم انه لما كان كل ركن من هذه الاركان الاثنيعشر تاما في جهته فالنور الاحمر تام في تقويم ربع من الجهة العقلية وفي تقويم ربع من الجهة النفسية وفي تقويم ربع من الجهة الجسميّة وكذلك الاصفر والاخضر والابيض فاذا ثبت ان ما تقوم به ربع من كل عالم تام في ذلك دلّ ذلك على تدويره وتكويره في المتولدات الثلاثة المعدن والنبات والحيوان وذلك ان اصل مبدأ التكوين هو انّ اللّه سبحانه خلق الحرارة من حركة الفعل الكونية وخلق البرودة من سكون المفعول المكوّن فادار الحرارة على البرودة والبرودة على الحرارة فتكونت الطبائع الاربع فلما كانت الطبائع الاربع وتمّت جعلها بكمال صنعه واتقان علمه اصلا لعالم الغيب والشهادة فهي في كل عالم من جنس جواهر علله فادار هذه الاربعة بعضها على بعض فتولدت منها المعادن ثم ادارها في المعادن كذلك فتولدت النباتات ثم ادارها في الجميع فتولدت الحيوانات فصارت بذلك ثلاثين دورا وذلك لان الافلاك تسعة والارض عاشرة والشيء الكائن قد تكوّن من عشر قبضات من كل قبضات من كل واحد من هذه العشرة قبضة وكل قبضة قد اديرت ثلاث دورات في الطبائع الاربع قد تكوَّنَ في الاولى معدنها وفي الثانية نباتها وفي الثالثة حياتها سواء كانت القبضة جبروتيّة أو ملكوتية أو ملكيّة الّا ان طبائعها وادارتها ونفسها من جنس ما هي منه فصار ثلاثين دورا في كل ركن من الاركان الاثنيعشر فصار جميعها ثلثمائة وستين وفي كل واحد منها روحا به تقوَّمَ وهو اسم من اسماء اللّه وهو مظهر من مظاهر الاسم المكنون المخزون المشار اليه سابقا وهو في كل واحد فعل منسوب الى ذلك الواحد من الثلاثين الدور من كل ركن من الاثنيعشر فعل من افعال اللّه تعالى وهو فعله الخاص بذلك المفعول اعني الواحد المشار اليه وذلك الفعل هو اسم من اسماء اللّه تعالى
قوله (ع) : فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصور الى آخرها تمثيل للاسماء بذكر بعضها ثم قال عليه السلام فهذه وما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلثمائة وستين اسما
قوله (ع) : فهي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة اي جهة من جهاتها وفرع من فروعها لانها مظاهر لهذه الاسماء الثلاثة فهي نسبة لها اي بيان لصفتها وفعلها
قوله (ع) : وهذه الاسماء الثلاثة اركان اي اركان للكلمة التامة ويجوز ان يكون المراد لظهور الاسم المخزون
قوله (ع) : وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة يعني انه سبحانه قد حجب الاسم المشار اليه بهذه الاسماء اي بظهورها لانه اذا ظهر بنفسه غيّبها واذا اختفى ظهرت فلمّا ظهر بها احتجب بظهورها لان المشاء اذا ظهر خفيت المشيّة وذلك قوله تعالى : قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى يشير الى ان للاسماء الثلاثة على سائر الاسماء الثلاثمائة وستين هيمنة وربوبيّة لانها تدخل تحت هذه الثلاثة فهي صفاتها فقوله (ع) فله اي لكلٍّ من هذين الاسمين له سائر الاسماء الحسنى يعني تكون هذه الاسماء صفة للّه وداخلة تحت حيطته وكذلك الرحمن والمراد به هنا في هذا الحديث تعالى اي العليّ وكذلك العظيم وتبارك هنا بمعناه ومعنى دخولها ومعنى دخولها تحت حيطة هذه الثلاثة انها تنسب اليها تقول يا اللّه ارحمني يا اللّه ارزقني يا اللّه اغفر لي يا اللّه اهلك عدوّي وكذلك الرحمن ولا تقول يا رحيم اهلك عدوّي يا مهلك اغفر لي أو ارزقني بل تقول يا مهلك اهلك عدوّي يا غفور اغفر لي يا رازق ارزقني لعدم شمول ما سوى هذه الاسماء الثلاثة اعني اللّه والعليّ والعظيم ويراد بالعليّ معنى الرحمن أو يراد بالعظيم معنى الرحمن على الاعتبارين فتلخّص ان الاسم المذكور هو مجموع الوجود المطلق الذي هو عالم الامر والوجود المقيد الذي هو عالم الخلق وانه على اربعة اركان متساوقة في الظّهور وان سبق بعضها بعضا في الذات وان الاول منها المكنون المخزون هو المشيّة وان الثلاثة الظاهرة التي هي عالم الخلق عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الملك وان لكل واحدٍ من هذه الثلاثة اربعة اركان ركن خلق وايجاد وركن حيوة وركن رزق وركن ممات وان كل ركن تكوَّنَ من تسعة افلاك وارض وان كل واحد من هذه العشرة اديرت ثلاث دورات دورة في معدنه ودورة في نباته ودورة في حياته فيكون في كل ركن ثلاثون فعلا منسوبا اليه خاصا به وهو اسم من اسماء اللّه الجزئيّة وان تلك الثلاثة الاسماء الكليّة اركان للوجود المقيد الذي اوله العقل وآخره التراب وانه سبحانه قد حجب الاسم المكنون اكتفاء بظهور آثاره في الثلاثة لعدم احتياج الخلق الى ازيد من ذلك وان هذه الثلاثة تدخل تحتها باقي الاسماء كما انها تدخل تحت الاسم المكنون المخزون صلى اللّه على محمد الامين وآله الطيبين وشيعتهم الميامين
واعلم انّي قد ذكرت ما لم يذكره غيري من شرّاح هذا الحديث الشريف وكشفتُ من مُعَمَّى اسراره ما لم يكد يعثر عليه الفهم اللطيف ولم اترك شيئا وجدته في نور اللّه حال الكتابة والتأليف إلّا اشرت اليه إلّا ما كان من طريق التفصيل والتعريف والاستقصاء على ذلك يضيق به الزمان واحلتُ ما لم اذكره من جهة طريق الحديث ولغته وظاهر عبارته على ما ذكره الشارحون فليطلب مبتغيه ذلك من كتب ذويه والحمد للّه رب العالمين اوّلاً وآخِرًا وباطنًا وظاهرًا وصلّى اللّه على محمد وآله الطاهرين
وفرغ من نسخه منشئها العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي في التاسع والعشرين من صفر سنة العشرين بعد المأتين والالف من الهجرة النبوية على مهاجرها السلام تمت