شرح حديث: لولاك لما خلقت الافلاك

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - شرح حديث: لولاك لما خلقت الافلاك

رسالة في شرح حديث لولاك لما خلقت الافلاك

في جواب السيد مال الله بن السيد محمد الخطّي

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الاول
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين الاحسائي انه قد سألني السيد الاواه السيد مال‌الله بن السيد محمد الخطي احسن الله احواله في الدارين عن الحديث القدسي وهو قوله تعالى : لولاك لما خلقت الافلاك ولو لا عليّ لما خلقتك ه‍ ولم‌ يكن الوقت وقت بسط فيقتضي بسطا فكتبت له الجواب

اعلم ان صدر هذا الحديث مستفيض بل متواتر معنى لا يختلف في معناه احد من المسلمين واما عجزه فلم‌ اقف عليه في كتاب نعم سمعناه من الافواه بل منقولا عمن يعتمد على قولهم ونقلهم اخبرني شيخي الشيخ محمد بن الشيخ محسن بن الشيخ عليّ القريني ( القرني خ‌) الاحسائي تغمده الله برحمته واسكنه بحبوحة جنته وكان صادق الحديث قال سألت الشيخ الفاخر زبدة الاوايل والاواخر الشيخ الاقا محمد باقر ابن الشيخ محمد اكمل اكمل الله رفيع رتبته وقدس طيب تربته عن قول الله تعالى : لولاك لما خلقت الافلاك وعن معناه فقال هذا لا اشكال فيه وانما الاشكال في تتمة الحديث وهو قوله تعالى : ولولا عليّ لما خلقتك وكلامه (ره) مع شدة فهمه ( فحصه خ‌ل) في تصحيح الاخبار وجودة فكره وعظيم اطلاعه وسابقته في ذلك المضمار كالنص على ثبوته عنده وان احتمل انه انما اورده كما سمعه ايرادا واستطرده عند ذكر استشكال الشيخ محمد في صدر الحديث استطرادا وان لم ‌يثبت عنده الا من السماع الافواهي الا ان الاول هو الظاهر وعلى كل حال فالجواب في معناه فاقول ان ذلك يحتمل وجوها كلها مرادة لله ( الله خ‌ل) تعالى

احدها ان الله تعالى خلق محمّدا وعليّا (ع) من نور واحد فقسم ذلك النور قسمين فقال للقسم الاول كن محمّدا (ص) وقال للاخر كن عليّا (ع) فيصدق انه لولا احد القسمين لم ‌يخلق القسم الاخر والا لم ‌يكن الشيء شيئا والى ذلك اشار عليّ عليه السلم في جوابه لليهودي لما سأله عن نصف الشيء فقال عليه السلم : مؤمن مثلي فافهم

وثانيها ان العلة في خلق النبي صلى الله عليه وآله من حيث هو نبي الاخبار عن الله والتبليغ للرسالة فيما يحتاج اليه الخلق ولا ريب ان النبي صلى الله عليه وآله في ذلك محتاج الى وجود عليّ عليه السلم لانه نصف النور الاخر ولهذا قال عليّ عليه السلم في خطبته في حق النبي صلى الله عليه وآله : فعلّمني علمه وعلّمته علمي

وثالثها انه صلى الله عليه وآله من حيث هو بشير نذير يتوقف فائدة ذلك على هاد ومضل يعني على مورد وذائد وهو عليّ عليه السلم قال الله تعالى : انما انت منذر ولكل قوم هاد وبيان هذا الحرف يوجب كشف السر عن مفتاح من الالف الباب الذي كل باب ينفتح منه الف باب بل ومن كل باب الف باب كما اومى اليه امير المؤمنين عليه السلم فيما رواه الشيخ حسن بن سليمن الحلي من تلامذة الشهيد الاول وهو شريك الشيخ احمد بن فهد الحلي رواه في كتابه مختصر بصائر سعد بن عبدالله بسنده الى اميرالمؤمنين (ع) في قوله (ع) ( تعالى خ‌ل) : ما منها كلمة الا مفتاح الف باب بعد ماتعلمون منها كلمة واحدة غير انكم تقرؤن منها اية واحدة في القران واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون وماتدرون بها الحديث

ورابعها انه صلى الله عليه وآله من حيث هو نبيّ لا بد له من اية تدل على نبوته وهي عليّ عليه السلم قال عليّ عليه السلم كما رواه الفريقان : الست اية نبوة محمد صلى الله عليه وآله وقال عليه السلم : ليس لله اية اكبر ( اعظم خ‌ل ) مني ولا نبأ اعظم مني

وخامسها انه صلّى الله عليه وآله قال : يا عليّ انت مني بمنزلة الروح من الجسد وقال صلى الله عليه وآله انت نفسي التي بين جنبي وروى الفريقان انه صلى الله عليه وآله قال انت مني بمنزلة الرأس من الجسد وقال تعالى : وانفسنا وانفسكم ولا ريب ان الروح والنفس والرأس يتوقف ( تتوقف خ‌ل ) وجود الجسد عليه

وسادسها ان النبوة مسبوقة بالولاية وهذا ظاهر ورسول الله صلى الله عليه وآله هو الظاهر بالنبوة وعليّ هو الظاهر بالولاية ولا نبوة الا بالولاية ومحمد (ص) صاحب التنزيل وعليّ صاحب التأويل والى ذلك الاشارة بقوله صلى الله عليه وآله : اعطيت لواء الحمد وعليّ حامله

وسابعها ان محمدا صلى الله عليه وآله من حيث انه خاتم النبيين يتوقف ختمه للنبوة على كون عليّ خاتم الوصيين اذ لو لم ‌تختم الوصية لم ‌تختم النبوة ولا يخفى في الظاهر ان الامر في هذا الوجه على العكس ولكن في الحقيقة لا منافاة في كون المعلول علة لكون علته علة من باب التضائف اذ الشيء لا يكون علة الا يكون ( بكون خ‌ل) المعلول معلولا له فافهم

وثامنها ان الاشياء كلها بحكم شيء واحد بل هي شيء واحد في الحقيقة فيتوقف بعضها على بعض لكون العالي مجازا ودرجة لما تحته في الصعود ووسيلة له الى المعبود وكون السافل مجازا للعالي ومظهرا في النزول ورابطة بين العلة والمعلول حتيى انه لو تغير البعض تغير الكل كما اشار اليه سبحانه في الحديث القدسي كما رواه الملا محسن في كتابه مفتاح ‌العرفان : ان نبيا من انبياء الله ( من الانبياء خ‌ل ) شكا بعض ما ناله من المكروه الى الله فاوحى الله اليه اتشكوني ولست باهل ذم ولا شكوي هكذا ( هذا خ‌ل ) بدؤ شأنك في علم الغيب فلم تسخط قضائي ( قضائي عليك خ‌ل ) اتريد ان اغير الدنيا لاجلك او ابدل اللوح المحفوظ بسببك فاقضي ما تريد دون ما اريد ويكون ما تحب دون ما احب فبعزتي حلفت لئن تلجلج هذا في صدرك مرة اخرى لاسلبنك ثوب النبوة ولاوردنك النار ولا ابالي الحديث فانه صريح في توقف الاشياء بعضها على بعض ولا يخفى على الناظر البصير رجوع هذا الوجه الى الاول في الجملة الا ان ذلك خاص وهذا عام وفيه ايضا وجوه اخر اعرضنا عنها لغموضها ولرجوع بعضها الى ما ذكر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

المصادر
المحتوى