شرح حديث في اشارات النبي (صلى الله عليه وآله)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - شرح حديث في اشارات النبي (صلى الله عليه وآله)

رسالة في معنى عبارات من حديث في اشارات النبي (ص)

وهو مروي في البحار عن الحسن عليه السلام

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم ان الاشارات بالايدي عند التكلم هي هيئات المعاني التي تعلق بها الخطاب كما اردت ان يأتيك الشخص اومأت بيدك بقبض الاصابع الى نحوك تشير بها الى المدعو ان تنتقل من مكانك اليّ كأنك تجذبه بها اليك واذا اشرت اليه بالمضي دفعت باصابع يدك اليه بعكس اشارة الاقبال وكذلك ترفع يدك في الاشارة الى العالي وتخفضها في الاشارة الى السافل وتدير بها في الاشارة الى المستدير وهكذا فالاشارات هيئات المعاني التي تعلق بها الخطاب للبيان والناس تختلف في ذلك على حسب استقامتهم وعدمها ولما كان صلى الله عليه واله كما قال تعالى وانك لعلىي خلق عظيم وقال تعالى وسراجا وهاجا مع ما ايده الله بالحكمة وحفظه بالعصمة كان في ذلك وغيره بمكان ينحط عنه كلما سوى الله تعالى فكلما يرد منه فهو طبق ما في مشية الله تعالى لذلك ونحن لا نحيط بمراداته في اشاراته لانها على مقتضى عقله الكامل واستقامة طبعه واعتدال مزاجه هذا مجمل الامر كله وقد يظهر ( لنا خ‌ل ) بعض ما يفعل (ص) على حسب ما اظهر

فمن ذلك انه اذا اشار اشار بكفه كلها لانه لو اشار ببعض الاصابع لكان البعض الاخر مصروفا عما توجه اليه المشار به فيكون ليده الشريفة باعتبار اصابعها جهتان وهو خلاف الاستقامة الحق من قوله تعالى ولا يلتفت منكم احد فكما يراد بالمخاطب في الظاهر الجمع المشتمل على الافراد الحقيقية كذلك يراد في التأويل افراد الشيء الاعتبارية

واذا تعجب قلبها اشارة الى غرابة المتعجب منه كأنه يطلب من الحاضرين تفسيره او طلب كشفه المعبر عنه بقلبه بان يجعل باطنه ظاهرا او تفألا بالقلب التبين او التبيين كما فعل (ص) ردائه في الاستسقاء تفألا بقلب الجدب الى الخصب

واذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن ابهامه اليسرى للتنبيه بالضرب او التقرير على وجه لا يكون تصدية كما يفعل المشركون الذين حكى الله عنهم وماكان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية اي تصفيقا بالراحتين احديهما على الاخرى

واذا غضب اعرض واشاح اي اذا غضب اعرض لان اقباله بوجهه الكريم اقبال رحمة الله واذا غضب اشار بصرف الرحمة وهو غضب الله استجير بالله ورسوله (ص) من غضب الله ورسوله (ص) واشاح اي الح في غضبه حتى ينتصر اذ لا صارف له لان فعله فعل الله ( تعالى خ‌ل ) كما قال وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى

واذا فرح غض طرفه اي استحيي من الله واستكان لله فان الله لا يحب الفرحين واما قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا فالمراد به الرضاء به لا الرضاء بحطام الدنيا والا فان الممدوح من حال المؤمن ان يخاف عند الطاعة كما لا يقنط عند المعصية

جل ضحكه التبسم لان القهقهة خفة واستفزاز بالعقل والتبسم طلاقة البشر والله يحبه كما قال تعالى لعيسى ويحيى عليهما السلام فيما اختلفا فيه احبكما الى الطلق البسام

يفتر عن مثل حبب الغمام اي اذا تبسم بدت اسنانه كالبرد النازل من السحاب لبياضها وصفائها

قال الحسن عليه السلام فكتمتها الحسين عليه السلام زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني اليه وسأله عما سألته ( عنه خ‌ل ) ووجدته قد سأل اباه عن مدخل النبي (ص) الخ وانما كتم الحسن عليه السلام صفة النبي صلى الله عليه وآله اخاه الحسين عليه السلام بامر الملك المحدث ليتبين للمؤمنين ان الحسن عليه السلام وان كان افضل من الحسين عليه السلام واكبر الا انه لا يستمد منه وانما يستمد ممن يستمد منه الحسن عليه السلام ( يستمد الحسن منه خ‌ل ) لان موردهما واحد قوله ( فوجدته قد سبقني اليه ) يريد به اني وجدت الحسين عليه السلام قد سبق تعليمي له بان تعلم من ابيه عليه السلام لا انه قد سبق تعلمي لان الحسن عليه السلام قد تعلم ذلك قبل الحسين عليه السلام

واعذر فان القلب غير مجتمع وليس لي وقت والاشارة تكفي لاولي الالباب وصلى الله على محمد واله الاطياب وكتب احمد بن زين ‌الدين الاحسائي

المصادر
المحتوى