
حسب جوامع الكلم – المجلد السادس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فيقول الفقير المسكين احمد بن زين الدين وفقه الله في هذه الدار لصراط اليقين بالعمل الموصل لدار القرار مع اخوانه المؤمنين انه لما لم يكن بعد علم التقوى واليقين الذي هو معرفة اصول الدين في مراد العارفين اجل قدرا واجمل ذكرا واجلى فخرا من العلم بمسائل الحلال والحرام اذ بمعرفتها ثبتت الاقدام عن الزلل وهي الطريق الى الملك العلام بالقول والعمل وقد صنف فيه علماؤنا ومشايخنا شكر الله سعيهم ورفع قدرهم واعلى برحمته ذكرهم ما بين مبسوط معتبر وبيان مختصر وما اشاروا في التحقيق اليه بما لا مزيد عليه فتشوقت نفسي الى مضمار سياقهم وان كنت الفسكل في لحاقهم فنظرت الى الكتاب الموسوم بتبصرة المتعلمين فاذا هو مشتمل على كثير من المهم من احكام الدين للعالم الرباني والعامل السبحاني واحد العصر وناموس الدهر المؤيد بالالطاف اللاهوتية المستمد من الانوار الجبروتية اية الله في العالمين جمال الحق والملة والدين الحسن بن يوسف بن عليّ بن مطهر ابو منصور الحلي البسه الله حلل جماله في الاجلة كما توجه بتاج كماله في العاجلة وبلغنا اقتفاء منواله وموئله فتأملت فيه وفي كثير ما حوى مع بساطة نظمه وصغر حجمه فهشعت نفسي الى ان اكتب عليه كلاما يبين بعض معانيه ويكون كالشرح لالفاظه ومبانيه وسميته صراط اليقين في شرح تبصرة المتعلمين فعلت ذلك اقتباسا لانوارهم ومعالمهم وانتظاما في اسمائهم وتشبها بهم لانال التخلق من مكارمهم كما قال الشاعر :
تشبه الخضرات الغانيات بها في مشيها فينلن الحسن بالحيل
فاسئل الله ان يثبتني في بلوغ المراد بمدد التوفيق والسداد ويجعله نافعا في المعاد انه على كل شيء قدير
قال قدس سره : بسم الله الرحمن الرحيم
استعانة بمدد اسمائه الثلاثة وتبريا من الحول والقوة وتلوذا باسمه الاعظم لقول الرضا عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضها لان فيها الاسم القائم على كل نفس بما كسبت والاسم المبسوط بالرحمة والنقمة والاسم الرؤف بالعباد وتعوذا بها لان حروفها تسعة عشر بعدد الزبانية كل حرف منها جنة لقارئها ( لمقارنها خ ) من واحد منهم كما رواه ( ابن مسعود وخ ) ابن عباس ودعاء وتملقا باقرب اية الى الله سبحانه لان سر ام الكتاب فيها وسر القرءان في ام الكتاب واتباعا لتعليمه عباده سبحانه واقتداء بكتابه وتيمنا باسمائه وتقديما لاسماء القديم على اسماء الحوادث ودفعا للمحذورات وعوائق الحادثات بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء ولقوله صلى الله عليه وآله كل امر ذي بال لم يبدء فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر اي مقطوع الطرفين الخير والبركة ولقول الصادق عليه السلام لا تدع البسملة ولو كتبت شعرا وروى سحرا والباء بهاء الله اي جماله والسين سناء الله اي شعاع جماله والميم ملك الله فصدورها على هذا الترتيب والله اسم الذات المستحق لجميع الصفات الحميدة والرحمن اسم خاص بصفة عامة فخصوصه دون خصوص الله فهو صفة الله وهما اسما الذات المستحق لجميع الصفات قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وباقي الاسماء تدخل في الحسنى بالتبعية وعموم صفة الرحمن شمولها لمقتضى الفضل والعدل في الدنيا والاخرة قال تعالى ورحمتي وسعت كل شيء وهي صفة الرحمن والرحيم اسم عام بصفة خاصة اما عمومه فلاطلاق لفظه على الله وغيره فهو على ما حقق في محله صفة للرحمن وان كانا معا صفة لله واما خصوص صفته فلان مقتضاها من حيث هي بدءا وعودا اختص بالمؤمنين وكان بالمؤمنين رحيما وقال تعالى فساكتبها للذين يتقون وهي صفة الرحيم والجار متعلق بفعل لانه الاصل في العمل وفي الوجود خلافا للبصريين لان الاسماء مسبوقة بالوضع والتسمية وهو معنى فعلي كما ذكره امير المؤمنين عليه السلام لابي الاسود وسبق المعنوية دليل على سبق اللفظية واليه الاشارة بقوله اياك نعبد واياك نستعين ولدلالة الفعل على التجدد والحدوث المرادين في البسملة على الاحوال المتكثرة المتضادة والفعل متأخر للاهتمام بالبسملة والانقطاع ولاسقاط فعله من عين الاعتبار والاستقلال وجريا على النظم الطبيعي والظرف لغو لا مستقر لان المستقر عام يوجب امرا خاصا واللغو خاص يوجب امرا عاما فهو اولى من المستقر وابلغ في الاعتماد واقرب الى السداد والاسم من الوسم وهو العلامة او من السمو وهو الرفعة والاصح الاول كما لا يخفى على من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد والله قال الخليل بن احمد انه مرتجل والا لزم التسلسل او الدور ولقوله تعالى هل تعلم له سميا بل هو علم جامع لاسمائه ونعوته وصفاته يعني صفات افعاله وقال الباقون انه مشتق وهو الحق لورود اشتقاقه في الاخبار عن الائمة الاطهار ولان العلم المرتجل لا يجمع الصفات المختلفة الاثار بل ذلك امارة الاشتقاق ولانه حينئذ يكون واقعا على الذات البحت وهو باطل لاتفاق العقلاء على نفيه ولقوله تعالى فله الاسماء الحسنى واما قوله هل تعلم له سميا فما يقول في الرحمن بل ما يقول في الرحيم الملك فجوابه لنا جوابنا له قيل واشتقاقه من الالوهة اي العبادة لانه يستحقها دون غيره وروي عن ابن عمرو انه مشتق من الوله اي التحير لتحير العقول في كنه عظمته وقيل من الهت الى فلان اي فزعت اليه وقيل من الهت اليه اي سكنت اليه وروي عن المبرد اي تسكن القلوب الى ذكره الا بذكر الله تطمئن القلوب وقيل من لاه اي احتجب لا تدركه الابصار وقيل من لاه بمعنى ظهر فهو من الاضداد لظهوره لمخلوقاته باياته سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقيل من تأله اي تضرع لان الخلق يتضرعون اليه وهذه الاقوال كما ترى لان استعمال المشتق من شيء مسبوق باستعمال ذلك الشيء ولا كذلك هذا بل الحق انها كلها مشتقة منه وفائضة عنه نعم القول الاول مروي عن الائمة عليهم السلام وتأويله يطابق ما اشرنا اليه ولولا خوف الاطالة لنبهنا على بعض من وجوه اشتقاقه ولكنه يحتاج الى تقديم مقدمات تخرج بنا عما نحن فيه وهذا الاسم عند المشهور من القول انه الاسم الاعظم وعدم الاجابة به لعدوم شروط الاجابة لانه اخص الاسماء بالذات واعمها للصفات فهي صفاته ولا يكون صفة لشيء منها ولاختصاصه بكلمة التوحيد ولانه كلما حذف عن لفظه حرف ازداد خصوصا في عمومه وعموما في خصوصه فاذا حذفت الالف كان لله ما في السموات والارض واذا حذفت اللام الاولى كان له وهو اخص واعم من الاولى وكانت الالف واللام حرفي تعريف لكل نكرة بل الخلق يعرفون به واذا حذفت اللام الثانية كان هو المشار بها الى الهوية وهي اخص واعم ومن ثم نص بعض العارفين الى ان هو هو الاسم الاعظم والرحمن الرحيم مشتقان من رحم وقد مضى بعض معناهما واما الاشتقاق فهو ظاهر في الرحيم واما في الرحمن ففيه خفاء لمخالفته لظاهر الاشتقاق فقد اختلف فيه هل هو منصرف ام لا وزيادة مبناه تدل على زيادة معناه وقد مر
الحمد لله القديم سلطانه الحمد لغة الشكر والرضا والجزاء وفي العرف الظاهر الثناء باللسان على الجميل الاختياري قيل وينتقض بحمد الله على صفات الله الذاتية فلا يكون جامعا اذ معنى الاختيار ان يصح اتصافه بضدها بل هو الثناء باللسان على جهة التعظيم او الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل ويرد على منعه الثناء على جمال الموجب والجواب عن الاول ان المراد بحمد الله على صفاته الذاتية باعتبار اثارها لانها عين ذاته فلا معنى لقولك الحمد لله على الله بل المراد الاثار وهي اختيارية كما هو ظاهر وعن الثاني بأن الثناء الجميل على جهة التعظيم والتبجيل ان توجه الى المختار فلا كلام وان توجه الى الموجب لغا وجه التعظيم في الثناء لانه لا يتوجه الى الصفة بل الى الموصوف ولا تعظيم ولا ثناء ان لم تكن الصفة منه وقيل الحمد والمدح سواء ذهب اليه الطبرسي في جوامعه والزمخشري في كشافه فيصدقان على الاختياري وغيره وهو كما ترى وهذا الحمد يكون على الفضيلة والفاضلة وتعريفه في العرف الخاص فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب انعامه وهو معنى الشكر في العرف الظاهر ومعنى الشكر في اللغة عرفان الاحسان ونشره او على النعمة وفي العرف الخاص صرف كل قوة فيما خلقت له وحرف التعريف في الحمد للجنس او الاستغراق فاختصاص جميع افراده به تعالى على الاول بمعونة حرف الجر في لله لانها للاختصاص وعلى الثاني بدونها ويشكل على الثاني اطلاقه على غيره تعالى والجواب ان ذلك ليس بالتأصل والحقيقة وعلى الاول بالعكس والجواب بالعكس والقديم ضد الحديث وتختلف معانيه باختلاف المتصف به اذ قصارى الوصف به اولية المتصف به قال تعالى حتى عاد كالعرجون القديم اي بعد ستة اشهر لان من اول ظهور الشماريخ الى انتهائها ستة اشهر تقريبا والقديم في الاصطلاح على ما عرفه ( المصنف خ ) في سائر كتبه الكلامية بانه الذي لم يسبق بالعدم بعكس الحادث وليس بشيء لانه قد حقق في الحكمة ان كل ما سبقه العدم لحقه العدم وكل ما له اول له اخر وقد انعقد الاجماع عقلا ونقلا على ان الجنة والنار لا يلحقهما العدم فلم يسبقهما عدم وهو ظاهر بل الحق في التعريف ان القديم الذي لم يسبق بالغير والحديث المسبوق بالغير فالله قبل كل شيء وبعد كل شيء ولا يلزم ما هو قبله وبعده الانقطاع لاحاطته بما لا يتناهى بما لا يتناهى كذلك الله ربي كذلك الله ربي والسلطان الحجة وقدرة الملك مأخوذ من التسلط والاقتدار او من السليط وهو الزيت ولان الزيت في السراج تملأ اشعته ما بلغت نورا وظهورا فمعنى الحجة من الاول ابلاء الاعذار ومن الثاني ظاهر وقد تطلق الحجة عرفا على الرسول والحافظ عنه والتعريف الايجادي النفسي وما فوقه وما تحته
العظيم شأنه العظم بكسر العين مقابل للصغر واستعماله في العظم المعنوي اكثر منه في الظاهر والشأن الامر والقصد وشئونه تعالى اثار صفاته ونهايات كمالاته
الواضح برهانه الواضح البين والمراد بالبرهان الدليل عليه يعني ان وضوح محجة الطريق اليه والدليل عليه ظاهر ظهورا استفادت الموجودات به وجودها في الاذهان والاكوان اي في الغيب والشهادة
المنعم على عباده بارسال انبيائه النعمة لغة اليد والصنيعة الحسنة اليك ولديك وعرفا المنفعة الحسنة من شخص الى اخر بقصد الاحسان والعباد من العبودية او من العبادة والاول لغة الرقبة ( الرقية خ ) وعرفا هي الرضا بما يفعل والثاني لغة الطاعة وعرفا فعل ما يرضي وارسال الانبياء بعثهم والنبي من انبأ ينبئ المخبر من الله فهو مهموز او من النبوة اي ( وهو خ ) الارتفاع فهو غير مهموز وقرء النبيئين والنبيين بالهمزة وعدمها والنبي هو الانسان المخبر عن الله بغير واسطة بشر والرسول الانسان المخبر عن الله بغير واسطة بشر وله شريعة فكل رسول نبي ولا عكس ومعنى نعمه على عباده بذلك ان الانبياء تكون بهم عليهم السلام نظام امر دنياهم وحفظ نفوسهم وحقن دمائهم وقوام امر اخرتهم وبلوغهم الى النعم الدائمة انما هي بالانبياء عليهم السلام فلا نعمة اكبر من ذلك وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها الم تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وهو ( هي خ ) النبي صلى الله عليه وآله
المتطول عليهم بالتكليف المؤدي الى احسن جزائه التطول التفضل والتكليف لغة مأخوذ من الكلفة وهي المشقة وعرفا بعث من تجب طاعته على ما فيه مشقة على جهة الابتداء بشرط الاعلام اي هو سبحانه المتفضل عليهم بالتكليف الموصل الى احسن جزائه على الطاعة لانهم لا يستحقونه ( لا يستحقون خ ) جزاء الا بفضله ولا يؤتي فضله الا المتأهل له والتأهل له انحاء اكملها واظهرها والزمها للجزاء القيام بالتكليف
وصلى الله على سيد رسله في العالمين قالوا الصلوة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الناس الدعاء والذي يظهر لي ان معناها لغة حقيقة مختلفة باختلاف مراتب من نسبت اليه بالوضع الاول من غير مجاز ولا نقل وهي بالتشكيك اشبه وبالاشتراك اوجه كوضع اليد للقوة حقيقة ومن دون تلك الحقيقة وضعت اليد على الكف حقيقة فافهم واما معناها عرفا فسيأتي في محله ان شاء الله تعالى
بقي هنا سؤال مشهور وهو ان الصلوة ( اذا فسرت بالرحمة والاستغفار لم يحسن تعديها بعلي خ ) واذا فسرت بمعنى الدعاء فتعديتها بعلي يكون للضرر لا للنفع والجواب اما عن معنى الرحمة فان المعنى ان الرحمة نازلة من الله على سيد رسله صلى الله عليه وآله وعن معنى الاستغفار فان على للتعليل نحو واتى المال على حبه اذ معنى استغفارهم ( له هو استغفارهم خ ) لامته لاجله صلى الله عليه وآله قال تعالى ويستغفرون للذين امنوا الاية وعن معنى الدعاء فقيل انما يكون بمعنى التضرر اذا كان بلفظ الدعاء لا بمعناه وهذا قول حسن اذا تمم وتمامه ان المحذور انما يكون لو كانت الصلوة متضمنة معنى الدعاء فانه يجب فيها ان تعدي بما يتعدي به الدعاء مثل سمع الله لمن حمده اي استجاب لان سمع ليس موضوعا لغة بمعنى استجاب بل ضمن معناه فعدي بما يعدي به واما الصلوة فانها وضعت ( لغة خ ) معداة بعليّ بمعنى الدعاء باللام فافهم والصلوة واجبة عليه عند ذكر اسمه وكنيته ولقبه وضميره على الاصح للاخبار المتكثرة ولاية صلوا عليه ويأتي بعض الادلة في محلها في وجوب الصلوة عليه في التشهد ان شاء الله تعالى
والسيد الجليل ( الكبير خ ) في قومه المطاع في عشيرته وان لم يكن هاشميا كما تستعمله العرب واما سيادته فهي بكل معنى صلى الله عليه وآله كما قال صلى الله عليه وآله انا سيد ولد ادم ولا فخر والعالمين جمع عالم وهو اي العالم صنف من الموجودات فالجمع لاستغراق العوالم والالف واللام لاستغراق افرادها يدل عليه ما رواه في العلل عن الرضا عليه السلام عن جده امير المؤمنين عليه السلام حين سئل عن العالمين فقال رب العالمين وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات الحديث وقيل هو ما سوى الله فمفرده اعم من جمعه وقيل الجن والانس وقيل كل ذي عقل وقيل كل ذي روح دب ودرج واحسنها واقربها الى الصواب الاول ولا يجمع هذا الجمع بالواو والنون مما هو على وزنه غيره والحق ان له اطلاقات مختلفة من باب المجاز او الظاهر
محمد المصطفى وعترته الطاهرين محمد من محا ومد او من كثرت خصاله المحمودة او انه اشتق له اسما من اسمه تعالى فقال تعالى انا المحمود وانت محمد والمصطفى المختار والعترة الال كما هو الحق فهم اشراف ( اشرف خ ) الاهل والمراد بهم عند الاطلاق اصحاب العباء عليهم السلام او الاثني عشر عليهم السلام او هم وخصيص شيعتهم بالتبعية كما يشير اليه بعض الاخبار واذا وصفوا بالطاهرين خص الاثني عشر عليهم السلام اذ المراد بالطهر العصمة والطاهرين من الرجس ( وخ ) هو الذنب الصغير والكبير قال تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا
اما بعد فهذا كتاب موسوم بتبصرة المتعلمين في احكام الدين اما بعد كلمة فصل يؤتي بها للفصل بين الخطبة والمقصود قيل اول من استعملها لذلك داود عليه السلام لقوله تعالى واتيناه الحكمة وفصل الخطاب وقيل في فصل الخطاب الذي اوتي داود عليه السلام اقوال وقيل محمد (ص) وقيل عليّ (ع) وقيل قيس ( قس خ ) بن ساعدة الايادي وقد انشد فيها :
لقد علم الحي اليماني انني اذا قيل اما بعد اني خطيبها
وقيل سحبان والذي اخبرني معلمي ان الاقوال كلها قريبة من الصواب وانها من توارد الخاطر فكل تكلم بها ابتداء والفاء بعدها للتضمن اما معنى الشرط والاشارة الى ما هو الموجود في الذهن او بعد ظهوره ( في الكون خ ) النقشي بان كانت الخطبة بعد والاول انسب بمقام المصنف ومعنى الكتاب يأتي وموسوم اي معلم بتبصرة المتعلمين قيل ان في هذا الكتاب اربعة الاف مسئلة على ما ذكره بعض العلماء المعتنين بهذا الشأن وفي احكام الدين متعلق بوضعناه محذوفا يفسره نظيره بعده والاحكام هي الخمسة الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح والحكم طلب الشارع من المكلف الفعل او الترك لذاتهما او لغيرهما او الرخصة فيما لا طلب فيه فالطلب لذات الفعل هو الواجب ولغيره هو المندوب ولذات ترك الفعل هو الحرام ولغيره هو المكروه والرخصة فيما لا طلب فيه هو المباح حتى يتوجه فيه الطلب فيلحق باحد الاربعة وانما كان الطلب لذات الفعل لاستلزام الفعل للغاية التي هي متعلق الطلب ومحله وجسده لان الطلب روح الفعل والترك ومادته وهي تتشكل بالفعل والفعل صورة الغاية وكذلك الترك والغاية هي الثواب والعقاب فهو في الفعل ذي الغاية هو الواجب الموجب للثواب وفي الترك ذي الغاية هو الحرام الموجب للعقاب فالطلب المتعلق بذلك هو الحكم مثله كما قال الشاعر :
كقطر الماء في الاصداف در وفي بطن الافاعي صار سما
هذا في الواجب والحرام واما في المندوب والمكروه فالطلب لذاتهما من الطلب لذات الواجب والحرام كمثل كونهما منهما وهو واحد من سبعين في الشدة والضعف في المكانة والعلة لا في المكان والقلة فافهم ولا تكثر المقال في العلم غير ما القي اليك فان العلم نقطة كثرها الجهال وهذا هو معنى قولنا لغيرهما هذا بيانه في الحقيقة والاشارة واما بيانه في الظاهر والعبارة فهو انما قلنا ان الواجب والحرام لذاتهما والمندوب والمكروه لغيرهما لان المفعول ان تحققت فيه الغاية التي لاجلها كان الامر والنهي في جميع جزئياته ولا تنفك عن فرد منها فالطلب لذاتهما لتحقق العلة الغائية فيهما وهو الواجب والحرام وان لم يتحقق ولم يلزم في كل جزئي من جزئيات المفعول الغاية المأمور لها وبها والمنهي لها وعنها بل قد تكون وتعرض في فرد لا على التعيين فالطلب لا لذاتهما وهو المندوب والمكروه بل لغيرهما وهو الواجب والحرام لانهما تابعان لهما مثلا وقد ( يقع وخ ) يعرض في المكروه الحرام كما اذا حكم بكراهة البول في ثقوب الحيوان لئلا يخرج ( منها خ ) ما يؤذيه او ينجسه اذ لو علم ذلك في ثقب لحرم البول فيه فالنهي عنها لا لذاتها بل للحرام ولكن لما لم يستلزم كل جزئي منها ذلك لم يحرم وكذا المندوب للواجب فالامر والنهي فيهما لغيرهما وقد حقق في محله وقال شيخنا البهائي (ره) في زبدته الحكم طلب الشارع من المكلف الفعل او تركه مع استحقاق الذم بمخالفته وبدونه او تسويته بينهما لوصف مقتضى لذلك يريد ان طلب الشارع من المكلف الفعل مع استحقاق الذم بمخالفته هو الواجب وبدون استحقاق الذم هو المندوب وان كان طلبه ترك الفعل مع الاستحقاق بالمخالفة هو الحرام وبدون الاستحقاق هو المكروه وان تسوية الشارع بين الفعل والترك هو المباح واراد بالوصف المقتضى لذلك من فعل المكلف وهو قيد للخمسة يعني ان كل واحد منها انما يكون ويتحقق لوصف في ( فعل خ ) المكلف يقتضيه وبيان ذلك الاقتضاء يطلب في موضعه وهذا التعريف في الظاهر مليح مع قطع النظر عن الاعتراضات الجدلية لكنه قشري لان المفهوم منه ان طلب الشارع واحد لذاته وانما نعرف اقسامه بما تعلق به اذ هو طلب توجب مخالفته الذم وهو الواجب والحرام وطلب لا توجب مخالفته ذلك وهو المندوب والمكروه ويتميزان بصفتي المطلوبين وهذا يوجب اختلاف الطلبين لذاتهما لا سيما على ما يختاره من ان المندوب غير مأمور به حقيقة فحصل الاختلاف الموجب للتعدد وقال فعلمت الاحكام بحدودها والمفهوم من اطلاقه ارادة الحدود الحقيقية والمعروف من عبارته الحدود الرسمية لاخذ الخاصة فيها ولبيان قوله لوصف مقتضي لذلك واما ما اشرنا اليه من التعريف فمن المكنون وما اسعدك به ان فهمته ووفقت له والدين لغة الجزاء والطاعة وهو المراد هنا
وضعناه لارشاد المبتدئين وافادة الطالبين الوضع لغة الحط يقال وضعه اي حطه بالمهملتين والارشاد الهداية والمراد بالمبتدي في طلب العلم وافاده اي اعطاه او اعطاه الفائدة والطالبين هنا طالب ( طلاب خ ) علم الشريعة بقول مطلق والا فالطالب للعلم حقيقة ما اتخذه زادا والا فليس طالب علم بل طالب جهل لان العلم حقيقة خشية الله تعالى قال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء وفي الدعاء عنهم عليهم السلام لا علم الا خشيتك ولا حكم الا الايمان بك ليس لمن لم يخشك علم ولا لمن لم يؤمن بك حكم ان الطالبين على ستة اقسام طالب الاخرة وطالب الاخرة للاخرة وطالب الدنيا للاخرة وطالب الدنيا وطالب الدنيا للدنيا وطالب الاخرة للدنيا فطالب العلم الاول ومن دونه الثاني ثم الثالث وشرها واضرها على الدين سادسها
مستمدين من الله المعونة والتوفيق انه اكرم المعطين واجود المسئولين الاستمداد هنا طلب المدد اي البسط من الله تعالى ذكره بالمعونة الالهية والتوفيق اصابة الحجة اي طلب البسط من الله بالاصابة
ونبدء بالاهم فالاهم اعلم ان الشريعة على اربعة اقسام عبادات وعقود وايقاعات واحكام لانها اما ان تتعلق بالامور الاخروية او الدنيا والاول العبادة والثاني اما ان يفتقر الى عبارة او لا الثاني الاحكام والاول اما ان يفتقر من الطرفين او لا والاول العقود والثاني الايقاعات واهمها العبادات واهم العبادات الصلوة وهي الاهم المراد فان قلت لو كان كذلك لوجب تقديمها على الطهارة لايجاب عبارته ذلك قلت انما قدم الطهارة لانها من شروط الاهم فقدم الشرط رعاية للنظم
واعلم ان خطبته رضوان الله عليه ان اغلب الفاظها يشتمل على براعة الاستهلال وانما لم ننبه على كل كلمة خوف الاطالة والملال والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
كتاب الطهارة اي هذا كتاب الطهارة وهو احد مصادر كتب الثلاثة كتب كتبا وكتابا وكتابة وجمعه كتب بضم التاء وسكونها وهو فعال بمعنى المفعول استعمل فيه كالخلق بمعنى المخلوق قال الله تعالى هذا خلق الله وهو لغة الجمع بالخرز قال الشاعر :
لا تأمنن فراريا ( فزاريا خ ) خلوت به على قلوصك فاكبتها ( فاكتبها خ ) باسيار
وهو هيهنا الجامع للمسائل المتفرقة باسم شامل وقيل هو الجامع لمسائل متحدة جنسا مختلفة نوعا والطهارة لغة النظافة والنزاهة مصدر طهر بضم الهاء وفتحها واصطلاحا استعمال طهور يرفع الحدث او منعه او الكراهة او يزيد فضلا فقولي استعمال طهور اي الماء والتراب ويرفع الحدث يدفع رفع الخبث او منعه اي منع الحدث ليدخل ما حظه استباحة الصلوة من الطهارة لرفعه منع الحدث من الدخول فيها وقولي او الكراهة ليدخل وضوء الجنب للنوم والحائض للذكر فانه طهارة بمعنى انه وضوء شرعي وحظه رفع الكراهة لا رفع الحدث كما في رواية محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام اما للطهر فلا ولكن تتوضأ وقت كل صلوة ثم تستقبل القبلة وتذكر الله فنفي عليه السلام كونه طهارة بمعنى رفع الحدث وسماه عليه السلام وضوء بمعنى شرعيته وكل وضوء طهارة بهذا المعنى وقولي او يزيد فضلا ليدخل الوضوء التجديدي ووضوء مديم الطهارة على قول وقد صرح قولي يرفع الحدث او منعه بجميع شرائط الطهارة من النية والقربة والوجوب والندب والاستباحة والرفع لمن اشترط ذلك او لم يشترطه والاضافة هنا بمعنى في فيكون الكتاب بمعنى المعاني او الالفاظ او النقوش او جميعها كما يظهر لك خلال ذلك
وفيه ابواب جمع باب وهو عرفا الجامع لمسائل متحدة جنسا مختلفة نوعا باعتبار اول وقيل هو الجامع لمسائل متحدة نوعا مختلفة صنفا فيكون تعريف الفصل على الاول انه الجامع لمسائل متحدة جنسا مختلفة نوعا لاعتبار ( لا باعتبار خ ) الاول وعلى الثاني الفصل هو الجامع لمسائل متحدة صنفا مختلفة شخصا
الباب الاول في المياه جمع ماء وانما جاز جمع اسم الجنس لاختلاف انواعه في مقام التقسيم باختلاف الاحكام الجارية الموجبة لتنويعه
الماء وهو العنصر الثقيل المائع لذاته واصله الرطوبة والبرودة اظهر بالمادة والصورة النوعية لمنافع العباد في حياتهم ونباتهم ومعادنهم وطهاراتهم وغيرها فلما لم تستغن الحيوانات كلها عنه في كل دور لانه مادة حياتهم لم ينفك عن شيء يحتاجون اليه اما ظاهرا واما كامنا ومما يحتاجون اليه حال عبيطته فانزل سبحانه لعباده الماء ظاهرا بحقيقته وكامنا فيما يحتاجون اليه فيه كذلك قال الله تعالى هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون ومما يحتاجون اليه الطهارة من الحدث والخبث واعلم انه سبحانه خلق من رطوبته البلة وقوة الدفع والازالة ومن برودته الثقل فكان بذلك غائصا دافعا ولهذا جعل الله تعالى في الانسان القوة الدافعة منه ثم اعلم ان كل شيء كان فقد جعل الله فيه لطيفة ربانية هي في الحقيقة اصل حقيقة ذلك الشيء فجعل ما اودع فيه اللطيفة على قسمين قسما لا تزيد لطيفته عن حقيقته وقسما في لطيفته فضل عن حقيقته فاذا باشر ما فيه فضل ما فيه نقص لعارض عرض له فعل فيه تكميلا بقدر فضله والماء من القسم الثاني فهو الماء واللطيفة الطهارة ويطلق على ما فضل عن حقيقته الطهورية واثره التطهير والدليل على اللطيفة التي اشرنا اليها عموم قوله تعالى خلق لكم ما في الارض جميعا ومن ذلك الماء واختصاص النفع لا يكون الا بطاهر وقال الصادق عليه السلام كل ماء طاهر الا ما علمت انه قذر وعلى الطهورية المؤثرة للتطهير قوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا والطهور من صيغ المبالغة تنبيها على زيادة المعنى بزيادة المبني بمعنى المطهر وقال تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به وقال عليه السلام الماء يطهر ولا يطهر
على ضربين اي نوعين باعتبار حقيقته في العبيطة والامتزاج وباعتبار التسمية
مطلق ومضاف فالمطلق ما يستحق اطلاق اسم الماء عليه عند اهل العرف بدون نصب قرينة مميزة بل باصل الوضع كما هو اهله ومستحقه ولا يخرجه عن ذلك تقييده باسم محله او صفته في بعض الاحيان كما يقال ماء البئر ( وماء البحر خ ) وماء المطر اذ استحقاقه لذلك ثابت لا يقال التقييد ينافي الاطلاق لانا نقول الاطلاق خاصة ( الحقيقة خ ) ولازم الاسم الذي ينتفي معرفة حقيقته بدونه والتقييد هنا انما هو بالنسبة ( النسبة خ ) وهي تنفك عن الاسم المعين باطلاقه لا انها تلزم ابدا ولا كذلك المضاف لان خاصة حقيقته ولازم اسمه هو معنى ما اضيف اليه فلا يخرجه عن الاطلاق وانما يخرجه عن ذلك حقيقة اضافته الى المغائر له في الحقيقة اللازم له كما يأتي فالبئر محل للمطلق والبحر اسم للمطلق فليس مغائرا ممازجا ولا ملازما والمطر هو الماء كذلك وانما التسمية بالصفة باعتبار الصفة فالاطلاق ثابت له ورسمه بالصفة الثبوتية والسلبية
كما قال ولا يمكن سلبه اي سلب اسم الماء عنه عرفا
والماء المضاف بخلافه لا يمكن اطلاق اسم الماء بدون اضافته عليه ويصح سلبه عنه لان صحة اطلاق اسم الماء من خواص المطلق
فالمطلق الذي مر تعريفه طاهر لحقيقته ولامتنانه سبحانه على عباده به و مطهر لفضل لطيفته عن حقيقته ولنص الكتاب والسنة ففي الصحيح عن ابي عبد الله عليه السلام ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وعنه عليه السلام وجعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون ولاجماع المسلمين لم ينقل فيه خلاف الا ما نقل عن سعد بن المسيب وعبد الله بن عمر من العامة انه لا يجوز التوضي بماء البحر مع وجود غيره ويبطله الاجماع وما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن التوضي بماء البحر فقال صلى الله عليه وآله هو الطهور ماؤه الحل ميته
وباعتبار وقوع شيء من النجاسة فيه ويأتي بيان اقسام النجاسة ان شاء الله تعالى في محلها
ينقسم اقساما اربعة جار وواقف وماء بئر واسئار
الاول الجاري وهو النابع من الارض المنبعث على ظهرها حقيقة
كمياه الانهار جمع نهر بسكون الهاء وفتحها وهو مجري الماء او حكما وهو ما كان مادته اخفض من وجه الارض التي فيها انبوبه الخارج بحيث لو شق نهر يساوي ما ظهر من مائها مجري ويجمع الامرين العرف بأن لا يسمى بئرا كما ينطق به تعريفه
ولا ينجس بما يقع فيه من النجاسة بجميع اقسامها
ما لم يتغير لونه اي لون الماء الجاري بلون النجاسة التي وقعت فيه
او طعمه اي طعم الماء بطعم النجاسة
او رائحته اي رائحة الماء
بها اي بالنجاسة فالضمير للنجاسة ولها لون وطعم ورائحة فان لم يقو الماء بكثرته او بتدافعه فأي صفاتها غلب ظهر في الماء وقد تظهر كلها فيه فائدة اعلم ان لون الماء البياض لان كل رطب بارد فلونه البياض كما قرر في محله وطعم الماء طعم الحيوة كما روي عنهم عليهم السلام وكذا رائحته رائحة الحيوة
فان تغير احد هذه الاوصاف تغيرا قطعيا بالنجاسة الواقعة به
نجس المتغير لقوله عليه السلام خلق الله الماء طهورا لا ينجسه الا ما غير لونه او طعمه او ريحه وقال عليه السلام الماء تقع فيه الميتة ان كان قد تغير ريحه او طعمه فلا تشرب ولا تتوضؤ منه فان استوعب التغير بها فلا كلام في النجاسة والا فان استوت سطوح المتغير وما لم يتغير او كان احدهما اخفض وكان ما لم يتغير كرا كان طاهرا بلا خلاف وكذا ما فوق المتغير اذا كان كرا وان لم يكن ما تحت المتغير كرا فهو نجس ايضا على الاصح وان تساوت السطوح او كان المتغير اخفض هذا اذا استوعبت النجاسة عرض الماء وعمقه والظاهر ان ما فوق المتغير يعني مما يلي المادة اذا نقص عن الكر وان كان اخفض من المتنجس انه طاهر ( وكذا ما بعد المتنجس اذا لم يستوعب النجاسة العرض والعمق اذا اتصل بما فوق المتنجس انه طاهر خ ) وان نقص عن الكر لقوله عليه السلام لا ينجسه الا ما غير لونه او طعمه او ريحه ولان الجاري بقول مطلق لا ينجسه ملاقاة النجاسة لاتصاله بالمادة النابعة كما هو المعنى هنا وهذا ماء جار لم يتغير وانما لاقي المتنجس والجاري لا ينجس بالملاقاة فهو على حكم الطهارة للاصل وعموم الروايات حتى يثبت خلافها كثبوتها وليس الا التغير ولم يكن وقد اشار المصنف الى ذلك مطلقا بقوله
خاصة دون ما قبله وما بعده ولم يقيد شيئا مما ذكر نعم يتوجه على ظاهر اطلاقه ما لو استوعبت النجاسة عرضه ( عرض الماء خ ) وعمقه وكان ما تحته اقل من كر فانه على الاصح ينجس الا ان يعتذر له ان هذه الصورة وكل استثناءها الى الحكم بنجاسة ما نقص عن الكر في الراكد لانها منه وبقي ما سواها على العموم
وحكم ماء الغيث حال نزوله وماء الحمام اذا كانت له مادة حكمه اما ماء الغيث حال تقاطره فحكمه حكم الماء الجاري واذا انقطع التقاطر اعتبر فيه ما يعتبر في الواقف عند ملاقاته النجاسة وهل يشترط في الحاقه بالجاري الجريان لانه المتيقن من معناه باتصال القطر مما يقع عليه الى مادته في السحاب كما في الجاري ولاشتراطه في صحيح عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه ويتوضؤ للصلوة فقال اذا جرى فلا بأس ولما روي في الحسن عن هشام بن الحكم عن ابي عبد الله عليه السلام في ميزابين سالا احدهما بول والاخر ماء مطر فاختلطا فاصاب ثوب رجل لم يضره ذلك ام يكفي التقاطر ام تكفي القطرة الواحدة لحصول الاسم الذي هو مناط الحكم بها اقوال قال الشيخ في المبسوط والتهذيب بالاول والمشهور الثاني وهو اظهر لعموم الاخبار ولصدق الاسم ولان ما ذكره عليه السلام في الحديث الاول يحتمل ان يكون اشتراطه للجريان ليغلب بكثرته النجاسة لاحتمال ان يكون ظهر البيت الذي يبال فيه قد انتن من كثرة البول عليه فلو لم يجر المطر لكان ما يؤخذ منه متغيرا ولجواز ان يكون قوله اذا جرى فلا بأس للكمال ورفع نفرة النفوس لا يقال ان مثل عليّ بن جعفر لا يخاطب الا بحقيقة الحكم لجلالة قدره ومعرفته لانا نقول ( ان خ ) الاخبار يلقونها عليهم السلام الى الرواة ليس بحكم خاص بهم بل لهم ولغيرهم الى يوم القيمة هذا اذا قلنا بحجية مفهوم الشرط واذا قام الاحتمال بطل الاستدلال وحمل العلامة في المنتهى الجريان في الصحيح على النزول من السماء لانه هو جريان المطر من السحاب واما حسنة هشام فلا دلالة فيها لانه اثبت له نفي الضرر في هذه الحال واثبات الشيء لا ينفي ما عداه ولما ذكرنا في صحيحة عليّ بن جعفر واما القول الثالث فذهب اليه بعض المتأخرين وليس بذلك لان القطرة لا يثبت بها اسم المطر عرفا ولا يدل عليها اصل ولا نقل فان قلت قول ابي عبد الله عليه السلام في رواية ابن يعقوب كل شيء يراه المطر فقد طهر صريح في ان القطرة تكفي في ذلك قلت اراد عليه السلام بقوله يراه اي اصابه وخلطه اذ فيها فيكف على ثيابنا لانه لا يكف من مثل قطرة ومما يؤيد ما اخترناه ما رواه هشام بن سالم عن ابي عبد الله عليه السلام عن السطح يبال فيه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب فقال لا بأس به ما اصابه من الماء اكثر منه وللزوم الحرج والمشقة ان اشترطنا الجريان لولا التخفيف واما ماء الحمام والمراد به حياضه الصغار اذا كان ( كانت خ ) لها مادة فحكمه حكم الجاري لقول ابي جعفر عليه السلام ماء الحمام لا بأس به اذا كانت له مادة وفي الصحيح عن ابي عبد الله عليه السلام هو بمنزلة الجاري وللضرورة اليه ولما في التحرز عنه من الحرج الشديد وهو منفي بالاية وهل يشترط في المادة الكرية ام لا الاحوط ذلك اذا كان سطح الماء ( المادة خ ) اعلى من سطح الحوض وان كان اخفض قيل يعتبر فيه مع ذلك قوة دفع المادة لتطهر ما علتها ( لتظهر فاعليتها خ ) في استهلاك النجاسة وان كان مساويا متصلا به قبل ملاقاة النجاسة وكانا معا كرا لم ينفعل الحوض ما لم يتغير والقول بعدم الاشتراط اقرب اذا بلغ الجميع الكر مطلقا لان الاصل عدم ما زاد اذ مع طهورية الماء تطهر ( تظهر خ ) بمجرد الاتصال اذا كان الجميع كرا وان لم يتموج او تساوي سطوحهما او لم تكن له قوة دفع من المادة والا لكان ما نقص عن الكر قليلا اذا لاقته قطرة بول وموج كان طاهرا لانه اقوى من الكر على استهلاك البول الكثير لو كان الحكم بالطهارة بالتموج والاستهلاك الظاهرين ولما في الصحاح وغيرها اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء واذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا ولعموم قول الباقر عليه السلام المتقدم ماء الحمام لا بأس به اذا كانت له مادة حيث لم يذكر الكرية في مقام البيان والحاجة وللزوم الضرر ولان الاحتياط قد يكون في عدم التحرز عنه كما قد تكون في تجنبه ثم اعلم ان الكلام فيما اذا كان بين المادة والحوض اتصال حال وقوع النجاسة اذا لم يشترط الكرية في المادة فلو وقعت النجاسة في الحوض قبل اتصاله بالمادة فان كانت كرا فكذلك وان نقصت فهل يطهر اذا اتصلا وبلغا كرا ام لا المشهور الثاني والاخبار تؤمي الى الاول وهو الاصح ويأتي الكلام فيه
الثاني من اقسام المياه الاربعة
الواقف وهو ما عدا الجاري وما في حكمه وماء البئر والاسئار والمراد بالواقف
كمياه الحياض والاواني الواقف من المطلق في نفسه طاهر مطهر اذا لم يطرء عليه ما ينقله عن حكم ذلك الاصل بنص الكتاب والاخبار والاجماع من المسلمين والاعتبار والمراد من الحياض ما يعم الغدير والحوض والمصنع وهو الحوض الذي اصطنع ليجمع فيه المطر والاواني ما من شأنها ان تنقل وكلها اذا بلغت كرا كان حكمها حكم الجاري اذا وقعت فيها النجاسة وذهب المفيد وسلار الى ان الاواني تنجس وان بلغت الكر لعموم صحيحة ابن ابي نصر عن الرضا عليه السلام عن رجل يدخل يده في الاناء وهي قذرة قال يكفئ الاناء وامثالها والعمل على خلاف ذلك لحملها على ما لم يبلغ كرا ولعموم الاخبار اما اذا لم تبلغ كرا فالمشهور بين علمائنا رضوان الله عليهم الحكم بالنجاسة لم ينقل خلاف من المتقدمين الا من الحسن بن عليّ بن ابي عقيل فانه استدل على طهارة الماء القليل مع النجاسة برواية ( بصحيحة خ ) محمد بن الميسر قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي الى الماء القليل في الطريق ويريد ان يغتسل منه وليس معه اناء يغترف به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضؤ ثم يغتسل هذا مما قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ورواية عثمان بن زياد قال قلت لابي عبد الله عليه السلام اكون في السفر فاتى النقيع ويدي قذرة فاغمسها في الماء قال لا بأس وغيرهما وباختلاف الاخبار وحملها على الاستحباب واختلاف تقديرها على اختلاف مراتبه ولاصل الطهارة الثابت بالكتاب والسنة والاجماع ولعموم الانتفاع من قوله تعالى خلق لكم ما في الارض وللزوم الحرج لولا الطهارة في كثير من المواضع والموارد ولان واجده والتراب ان انتقل الى البدل المشروط جوازه بفقدان مبدله اتفاقا وقد ثبت مبدله لما مر ولم يثبت ما ينفيه مما يقابل ما اثبته انتقل الى غير الارجح المجزوم به وترك الاحتياط ولان ما في الاخبار من النهي عن استعماله فهو للكراهة او للتنزه ورفع النفرة ولهذا اختلفت الاخبار في ازالة ذلك بحسب الاوضاع والاشخاص ولمنع حجية مفهوم الشرط فيما تضمنه منها وتبعه على مذهبه بعض متأخري المتأخرين والعمل على المشهور وهو مذهب كافة العلماء من المسلمين غير ابن ابي عقيل ومالك من الجمهور للاخبار الصريحة منها موثقة سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا اصاب الرجل جنابة فادخل يده في الاناء فلا بأس ان لم يكن اصاب يده شيء من المني ولصحيحة ليث البختري عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الجنب يجعل الركوة او التور فيجعل اصبعه فيه قال ان كانت يده قذرة فاهرقه وان كانت لم يصبها قذر فليغتسل ( فليغسل خ ) منه هذا مما قال الله ماجعل عليكم في الدين من حرج فجعل الحرج المنفي وضع يد الجنب الخالية من القذر في الاناء لا النجسة لانه امر باهراق الاناء والركوة اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء والتور بالمثناة الفوقانية اناء يشرب فيه وفي موثق سماعة قال سألته عن رجل يمس الطست او الركوة ثم يدخل يده في الاناء قبل ان يفرغ على كفيه قال يهريق من الماء ثلث حفنات وان لم يفعل فلا بأس وان كانت اصابته جنابة فادخل يده في الماء فلا بأس به ان لم يكن اصاب يده شيء من المني وان كان اصاب يده فادخل يده في الماء قبل ان يفرغ على كفيه فليهرق الماء كله وصحيحة ابن ابي نصر قال سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يدخل يده في الاناء وهي قذرة قال يكفي الاناء اي يكبه وغيرها من الاخبار ولان اصحاب الائمة عليهم السلام يسئلونهم عن القدر الذي لا ينجسه شيء فلو لم يقبل التنجيس لما حددوا لهم ما لا يحتمل النجاسة ولحكموا بالطهارة مطلقا ولان الرواية الاولى مع ضعفها باشتراك محمد بن الميسر واطراح الاصحاب لها من ديوان العمل لمقابلتها للصحاح الصراح المعمول عليها يمكن حمل القذر فيها على قذر المذي عند الملاعبة قبل الانزال وقوله عليه السلام هذا مما قال الله تعالى الاية لا ينافي ما قلناه لاستعمال ذلك كما في صحيحة ليث المتقدمة قال عليه السلام وان كانت لم يصبها قذر فليغتسل منه هذا مما قال الله ماجعل عليكم في الدين من حرج وقد مر واما قذر النجاسة فقد نفى الحرج فيه بمسئلة التيمم وهذا عندنا خير من الاطراح وليس هذا حملا بعيدا انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا وقال في الحبل المتين ولعل المراد بالقليل القليل العرفي لا الشرعي او المراد الشرعي ولكن مع الجريان وحمل الرواية بعض من تأخر عنه على التقية وجعل قرينة ذلك ذكر الوضوء فيها مع غسل الجنابة وهو حسن والقول في الثانية كذلك وقول من قال انه لم يرد خبر ( يدل خ ) على نجاسة القليل وانفعاله بالنجاسة بصريح اللفظ والمفهوم غير مسلم الحجية ليس بشيء فانه قد ورد ذلك صريحا كما رواه في الكافي في باب من اضطر الى الخمر لدواء عن ابي بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام ما يبل الميل ينجس حبا من ماء يعني ما يبل الميل من الخمر وغير ذلك واما عموم الانتفاع فكثير ممن خلق لذلك تحصل له اسباب تحدث النفع في الترك كالخمر نزل فيه تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا وانزل فيه انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر لا يسئل عما يفعل ولانا نمنع من لزوم الحرج اذا حكمنا بالنجاسة لان الله تعالى قد جعل السبيل بالمبدل منه ولانا لانسلم ان المبدل موجود حينئذ لان المبدل المانع من التيمم هو الطاهر وليس هو هذا والتراب طهور قطعا وليس هذا كذلك والاحتياط في تركه لحصول المانع حتى تثبت الاباحة ولان حمل النهي في الروايات على الكراهة ورفع النفرة خلاف الظاهر منها اذ الاصل في الاستعمال الحقيقة وهو حقيقة في التحريم كما حققناه في محله واما مفهوم الشرط فالاكثر على حجيته ولو سلمنا لما كان علينا بل قد يكون لنا سيما مع تخصيصه بغيره فالاصح نجاسة القليل والله اعلم
ان كان مقداره كرا وحده الف ومائتا رطل بالعراقي او كان كل واحد من طوله وعرضه وعمقه ثلثة اشبار ونصف شبر مستوى الخلقة لم ينجس بوقوع النجاسة فيه قد وضع الائمة عليهم السلام للكر والاطلاع على كميته ضابطين احدهما بالوزن والاخر بالمساحة لتسهل معرفته وقد اختلفت الروايات فيهما ظاهرا فاختلفت العلماء لذلك فمن الاول ما رواه ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال الكر من الماء الذي لا ينجسه شيء الف ومائتا رطل وفي صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال الكر ستمائة رطل وفسره الشيخان بالعراقي بالاولى وعليه العمل لان السائل عراقي فاجابه عليه السلام بما يفهم من عادة بلده ولانه تعبده به والاخرى ان يتعبده بوزن بلده وبعضهم اعتبر بلد المسئول عليه السلام ولان البيع والشراء اذا وقع في بلد برطل وغيره يحمل على رطلها والظاهر الاول لموافقته لصحيحة محمد بن مسلم فانه من الطائف وقد اجابه بوزن مكة فقال ان الكر ستمائة رطل لان رطل المكي رطلان بالعراقي والمدني رطل ونصف بالعراقي اذ العراقي مائة وثلثون درهما هي احد وتسعون مثقالا والمدني مائة وخمسة وتسعون درهما هي مائة وستة وثلثون مثقالا ونصف مثقال وذهب العلامة في التحرير الى انه اي الرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهما واربعة اسباع درهم عبارة عن تسعين مثقالا ومنهم المرتضى وابو جعفر بن بابويه ذهبا الى انه في الرواية مدني كما مر والقول الاول اشد وطأ واقوم قيلا لانه اوفق بالكر بالمساحة وبالجمع بين المعتبرتين ومن الكم الثاني روايات منها صحيحة اسمعيل بن جابر قال قلت لابي عبد الله عليه السلام الماء الذي لا ينجسه شيء قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته فان قلنا ان بعدا من ابعادها اسقط بلغ تكسيره ستة وثلاثين شبرا وان قلنا ان قوله عليه السلام سعته دليل على الاستدارة ولانها الاصل في المكيال فنضرب قطرها ( نصف قطرها خ ) في نصف محيطها والخارج في العمق بلغت ثمانية ( سبعة خ ) وعشرين شبرا وهو اظهر اذ لو اريد الابعاد الثلاثة وحذف احد البعدين لما قيل سعته لاختلاف سعة المربع لان ما بين الزاويتين المتقابلتين اطول مما بين الضلعين المتقابلين فهذا التوجيه اوجه من الاول ( فيكون مقويا للقميين فيما ذهبوا اليه من ان تكسيره سبعة وعشرون شبرا خ ) ومنها الصحيح عن اسمعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام ثلثة اشبار في ثلثة اشبار واستدل بها الصدوق على ذلك وهي قاصرة عن افادة مطلوبه لكنه ذهب الى انه عليه السلام اكتفى بذكر بعض الابعاد تمثيلا وهو قريب من ظاهر الصحيح الذي قبله ولكنه اقرب الى ما ذهب اليه الشيخان من ان الرطل في رواية ابن ابي عمير عراقي وفي صحيحة محمد بن مسلم مكي وابعد مما حمله في الاولى على المدني وهذه الرواية صحيحة اما عند الصدوق فلكون اصل اسمعيل عنده واما عندنا فلتوثيق محمد بن سنان عندنا على ان الشيخ في الاستبصار ذكر مكان عبد الله محمد وهو وان كان محمد يروي عنه البرقي ويروي هو عن اسمعيل فهو اولى غير بعيد فهي صحيحة على الظاهر ومنها رواية عثمان بن عيسى عن ابنمسكان عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا كان الماء ثلثة اشبار ونصفا في مثله ثلثة اشبار ونصف في عمقه من الارض فذلك الكر من الماء وعليها عمل الاكثر وضعف عثمان بن عيسى منجبر بالشهرة وتكسير هذا الكر يبلغ اثنين واربعين شبرا وسبعة اثمان شبر تضرب الطول في العرض تبلغ اثني عشر وربعا وتضربها في العمق تبلغ ذلك ومذهب القميين في الكر بالمساحة اقرب لصحة المأخذ ولقرب جمعه بين الكر بالوزن ولحمل رواية ابي بصير ( هذه خ ) على الاستحباب والقطب الراوندي قدر الكر عنده بهذه الرواية من دون ضرب فجعله عشرة ونصفا وهو متروك ونقل عن الحسن بن صالح الثوري انه قدر الكر بثلاثةالاف رطل وابنالجنيد الكر ما بلغ تكسيره مائة شبر وهما مدفوعان بالاخبار والاجماع قال في الذكرى والشلمغاني ما لا يتحرك طرفاه يطرح حجر ( بطرح حجر في خ ) وسطه وهو خلاف الاجماع وما ورد من تقدير ما لا ينجس بالملاقاة بالحب والقلتين وغيرهما فمحمول على ما يسع الكر اما الحب فظاهر واما القلة فقد قال ابن الجنيد في كتابه الكر قلتان ومبلغ وزنه الف ومائتا رطل وقال ابن دريد القلة في الحديث من قلال هجر وهي عظيمة ( تسع الواحدة خمس قرب فلا تنقص عما اخترناه وقوله (ره) او كان كل من طوله وعرضه وعمقه خ ) ثلاثة اشبار ونصف شبر بتنوين شبر وعدمه اختيار لمذهب المشهور كما ذكرنا لا كما اخترنا وقوله (ره) مستوي الخلقة لانه اقرب الى قصير الاصابع وطويلها وعريض اليد واقبها اذ التكليف بما لا يخص يخص حالة الاستواء لكون غيرها طرفين لها وقوله
لم ينجس بوقوع النجاسة ( فيه خ ) ما لم تتغير احد اوصافه كالجاري وقد مضت الاشارة اليه انفا
تنبيه وهل هذا التقدير المذكور تحقيقي ام تقريبي احتمالان والذي يظهر لي انه تقريبي ولا ينافيه ما ورد من ضبطه بالارطال المضبوطة بالدرهم والمثقال المضبوطة بالشعير لان الاطلاع على الوزن الحقيقي صعب لاختلاف اوسط الشعير واختلاف الموازين ولاختلاف الروايات في المساحة ففيها ثلثة اشبار وذراع وشبر ولا يخفى الاختلاف على من له ادنى ذوق وكذا شبر مستوي الخلقة مختلف ومثل هذا الاختلاف وان كان قليلا فانه يكون كثيرا فلا يكون ضابطا لحكم حقيقي على اختلاف الازمنة الموجبة لاختلاف الضوابط واما التقريبي فانه قريب وعلى التحقيقي فلو اغترف بيده من الكر المقدر وقد وقعت فيه نجاسة فان استهلكها قبل الاغتراف كان الباقي وما في اليد واليد كلها طاهرة والا كان الباقي نجسا وما في اليد طاهرا ان كان الاغتراف دفعة ولو كان شيئا فشيئا بحيث يحصل الفصل نجس ما في اليد ايضا وان كان دفعة فهل اليد طاهرة ام لا الظاهر نجاسة ظاهرها ( ظهرها خ ) لملاقاتها النجس ولا يعد ما يسيل من الاجزاء المتصلة مما في اليد بالحوض اتصالا وان لم نقل ان البلة عرض والله اعلم
فان تغير نجس كالجاري وان تغير بعضه وكان الباقي كرا اختص بالمتغير والا فالجميع نجس
ويطهر بالقاء الكر عليه دفعة عرفية وهكذا
حتى يزول التغير ولو اتصل به فالظاهر انه كذلك اذا زال التغير وان لم يمتزج به بادي الرأي وورود النص بالدفعة لا ينافي اتصاله بالكر او بتقاطر المطر عليه لانه بحكم الجاري وقد مضي الكلام في القدر الكافي وبنبع ماء من تحته ولو زال التغير من قبل نفسه او بحصول تراب او تصفيق رياح وغيرها فالمشهور بقاؤه على حكم النجاسة في غير الجاري والمشهور الطهارة فيه وان لم يدم نبعه وان كان قليلا واما غير الجاري فقيل بالطهارة ايضا فيه اذا زال تغيره وانا الان حكمي فيه الاحتياط ولو نجس القليل فتمم حتى بلغ كرا فالمشهور عدم الطهارة لانفعال التتمة بالمنفعل لانها مما يقبل الانفعال فيستصحب حكم النجاسة وقال السيد وابن ادريس والشيخ في احد قوليه وابنالبراج ويحيى بن سعيد بالطهارة وهو الحق لقوله عليه السلام اذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وتوجيهه بأن هذا حمل الخبيث ( الخبث خ ) قبل بلوغه الكر فيحمل لانه عليه السلام قال اذا بلغ الماء غير وجيه لان الحامل للخبث جزؤه الاول وللكل حكم غير حكم الجزء والا لزم ان ( الجزء خ ) لا يحمل خبثا ولصحيحة العلا بن الفضيل قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الحياض يبال فيها قال لا بأس اذا غلب لون الماء لون البول ووجه الاستدلال ان الغلبة علة الطهارة وهو يتحقق بعد كما يتحقق قبل ولان البول اول وقوعه يغير اول ما يقع فيه ثم يستهلكه وهذا مما لا ريب فيه فلو كان البول في كر حقيقة فبال فيه فانه حال البول يتغير الملاقي بحيث لا يكون غير المتغير كرا حينئذ البتة ثم يكون طاهرا لان قوله عليه السلام غلب لون الماء لون البول انما يكون بعد وقوع البول في الماء وتحقق لونه ثم يغلبه لون الماء بكثرته وهذا ما نحن فيه بعينه وغيرهما من الاخبار فانها ظاهرة لنا قال ابن ادريس بعد ان ذكر الزيادة المبلغة كرا اذا كانت يطلق عليها اسم الماء على الصحيح من المذهب وعند المحققين من نقاد الادلة والاثار وذوي التحصيل والاعتبار لان بلوغ الماء عند اصحابنا هذا المبلغ مزيل لحكم النجاسة التي تكون فيه وهو مستهلك بكثرته ( لها خ ) فكأنها بحكم الشرع غير موجودة الا ان يؤثر في صفات الماء فاذا كان الماء بكثرته وبلوغه الى هذا الحد مستهلكا النجاسة الحاصلة فيه فلا فرق بين وقوعها فيه بعد تكامل كونه كرا وبين حصولها في بعضه قبل التكامل لان على الوجهين معا النجاسة في ماء كثير فيجب ان لا يكون لها تأثير فيه مع عدم تغير الصفات والظواهر على طهارة هذا الماء المحدد اكثر من ان تحصي وتستقصي فمن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله المجمع عليه عند المخالف والمؤالف اذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبيثا ( خبثا خ ) فالالف واللام في الماء عند اكثر الفقهاء واهل اللسان للجنس المستغرق فالمخصص للخطاب العام الوارد من الشارع يحتاج الى دليل انتهى كلامه وهو طويل نقلنا بعضه ومن لاحظ ما اشرنا اليه سابقا من بيان فاضل اللطيفة الربانية التي يستمد ( في الماء التي خ ) تسمي الطهورية عرف انها لا تفارق الكثير الا بالتغير بالنجاسة لان اللطيفة جزء الماهية بل كلها الا انها تقوى بقوة الماء حتى يبلغ كرا فلا يقابلها الا التغير لقوتها لان الانفعال بدون التغير في الراكد يكون في غير الكر واما الكر فلا يتحقق فيه ولو تحقق فيه قبل ان يكمل كرا تحقق فيه بعد اكماله كرا فان اللطيفة ( القليل خ ) ينفعل بالملاقاة والكر بالتغير والحكم بنجاسة نصفي الكر قبل اجتماعهما فكذا بعده مردود بأن نجاستهما بالملاقاة والكر بالتغير لا بالملاقاة واجتماعهما لا يوجب التغيير وهذا كر من ماء مطلق ولم يعهد من الشارع انفعاله بغير التغير وعهد من الشارع انه اذا كان قدر كر لا ينجسه شيء الا ما غير احد اوصافه على ان قوته اي فاضل لطيفته ذاتية وشانها اذا كملت بحصول الكرية قابلت كل ملاق لا يغيرها بغلبتها عليه وعلى ذلك سياق كل الاخبار ولا دليل على النجاسة حينئذ بوجه وذلك ظاهر واعلم ان القائلين بالطهارة اختلفوا فيما يتممه كرا هل يشترط كونه طاهرا ام لا قال ابن ادريس بالثاني لعدم الفرق ونسب الى ابنحمزة الاشتراط وعدم الاشتراط اقوى بل يمكن انسحاب اتمامه بالبول اذا لم يخرجه عن حده في الاوصاف الثلثة وقوي في المبسوط الطهارة فيما تمم بطاهر وبمتنجس للخبر وجزم بعدم الطهارة اذا تمم بنجس
فروع : الاول ولو تغير بالمتنجس كالزعفران المتنجس وهو كثير اي كر فصاعدا لم ينجس ما لم يخرجه عن الاطلاق فاذا اخرجه نجس ولو بعد وقت الملاقاة كما لو غيره بما لم يخرجه ثم ذاب فاخرجه فانه ينجس ان لم يكن استهلكها من المتنجس قبل ان يخرج عن الاطلاق لان المضاف قليله وكثيره سواء ولو شك في اصابته النجاسة او شك في نجاسة الواقع فيه او رأي النجاسة بعد التطهير منه او اخبره مخبر بوقوعها وان كان عدلا فالاصل في ذلك كله الطهارة الثاني لو جمد فكالجامدات ينجس موضع الملاقاة خاصة ويقبل التطهير كغيره ويقشر موضع الملاقاة بقاشر الثالث لو جمد النجس لم يطهر الا بميعانه في الكثير واما امكان التخلل الذي فرضه الشهيد فغير ممكن بدون الميعان فلا يطهر به
الثالث من اقسام المياه الاربعة
ماء البئر وقد عرفها الشهيد في شرح الارشاد بانها مجمع ماء نابع من الارض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا ولا مزية في المناقشة وقد سبق تعريف الجاري وهو ما سواه الا مما له نوع مادة نابعة
ان تغير بوقوع النجاسة فيه اراد بوقوع النجاسة النجاسة الواقعة فيه فاضاف الصفة الى الموصوف
نجس قولا واحدا لما مر من الادلة
ويطهر بزوال التغير بالنزح الطريق الى تطهير البئر اذا تغير بالنجاسة من وجوه : منها النزح حتى يزول التغيير وهو مذهب المفيد وابن ابي عقيل والمصنف في المختلف وفي هذا الكتاب فيطهر لزوال الموجب ولقول الصادق عليه السلام فان غلبت الريح نزحت حتى تطيب ولحسنة ابي اسامة عن ابي عبد الله عليه السلام فان تغير فخذ منه حتى يذهب الريح وصحيحة ليث البختري قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عما يقع في الابار الى ان قال عليه السلام الا ان يتغير فتنزح حتى تطيب وصحيحة ابن بزيع عن الرضا عليه السلام ماء البئر واسع لا يغيره شيء الا ان يتغير فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لان له مادة وغيرها من الاخبار وقال ابن بابويه والسيد وسلار ينزح ماؤها اجمع لغلبة النجاسة بقهرها على قوة التطهير فلا يطهر باخراج البعض فان تعذر تراوح عليه اربعة يوما لموثقة الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال ينزف كلها فان غلب عليها الماء فلينزف يوما الى الليل الحديث وقال الشيخ في النهاية ان مات فيها شيء من الحيوان فغير لونه او طعمه او رائحته وجب نزح جميع ما فيها من الماء فان تعذر ذلك نزح منها الى ان ترجع الى حال الطهارة وقال نجمالدين فان غلب فالى ان يزول التغيير ويستوفي المقدر لوجوبه مع عدم التغير فكذا معه وقال ابن ادريس ان كانت منصوصة القدر نزح فان زال ( التغير خ ) والا نزح حتى يزول وان لم يكن منصوصة القدر نزح اجمع واقوى الاقوال الاول لما مر من الادلة في مواضع من كتابنا هذا وفي هذا الموضع ولروايتي جميل وسماعة الموجبتين للنزح حتى يذهب الريح من الماء ولافادة حتى ان ما بعدها غاية ونهاية لما قبلها والاستدلال بهما وبرواية ابن بزيع على تعذر النزح غير متجه وقوله عليه السلام لان لها مادة ليس تعليلا للتعذر كما ظن بل للاقتصار على زوال التغير لان له مادة فهو كالجاري وموثقة الساباطي المتقدمة في الترواح ( التراوح خ ) فانها صريحة في انه لا يكتفي بزوال التغير ولا على البعض الا بعد التعذر لا تنافي ما ذهبنا اليه لجواز حملها على الاستحباب وزيادة الطيب مع انها لا تقابل الصحاح الصراح ولا معنى لاستيفاء المقدر لان المقدر بالنسبة الى التغير على القول بالنجاسة بدون التغير نجاسة صغرى تدخل تحته ولا ينافي هذا زوال التغير قبل المقدر لاحتمال غلبة الماء عليه بالحركة والتموج فيزول قبل المقدر فاذا زال التغير الذي هو النجاسة الكبرى بقي ماء مطلقا قابلا لواردات الادلة فتتوجه له الادلة المطهرة ومن الوجوه غوره فانه اذا غار ونبع طهر لان هذا الماء غير ذلك المتغير ومنها اتصاله بجار حتى زال تغيره لقوة الجاري وقاهريته على استهلاك النجاسة ويأتي الخلاف هنا ومنها وقوع الغيث عليه كذلك ومنها القاء كر عليه فكر حتى يزول التغيير وليس هذا منافيا لما اخترناه من الاكتفاء بالتتميم كرا واما زوال التغيير من قبل نفسه فقد مضى الكلام في نظيره بل الاحتمال هنا اقوى لوجود المادة والله اعلم
والا فهو على اصل الطهارة لانه ماء كثير مطلق ولا يخرجه عما هو عليه في اصله ولا يخصصه من العموم الا دليل مثلها ولا دليل كذلك
واعلم ان الاصحاب اختلفوا في البئر اذا وقع فيها نجاسة ولم تغيرها على اربعة اقوال : فالمشهور عندهم النجاسة ووجوب النزح المقدر لها من الشارع الثاني الطهارة واستحباب النزح جمعا بين ما دل على الطهارة والاصل وبين ما دل على النزح والنجاسة وممن قال به ابن ابي عقيل ومنهم المصنف هنا لقوله والا فهو على اصل الطهارة الثالث الطهارة ووجوب النزح تعبدا جمعا بين الاصل وادلته وبين الامر الموجب للنزح بحمله على التعبد لا على النجاسة صرح به الشيخ في التهذيب والمصنف في المنتهى الرابع الطهارة ان بلغ كرا والنجاسة ان لم يبلغ ذهب اليه المصنف في بعض كتبه كما نقل عنه والاصح الثاني وهو استحباب النزح والطهارة للاصل والروايات المتكثرة كرواية ابن بزيع المتقدمة وحسنة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن بئر ( ماء خ ) وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة او يابسة او زنبيل من سرقين ايصلح للوضوء منها قال لا بأس وكرواية عليّ بن حديد عن بعض اصحابنا قال كنت مع ابي عبد الله (ع) في طريق مكة فصرنا الى بئر فاستقى غلام ابي عبد الله عليه السلام دلوا فخرج فيه فارتان فقال ابو عبد الله عليه السلام ارقه فاستقى اخر فخرجت فيه فارة فقال ابو عبد الله عليه السلام ارقه فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شيء فقال صبه في الاناء وكموثقة عمار عن الصادق عليه السلام وكصحيحة معوية عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلوة مما وقع في البئر الا ان ينتن فاذا انتن غسل الثوب ونزحت البئر وامثالها وتوجيهها بما لا يعطيه اللفظ ملفوظ لان الاحتمال انما يبطل الاستدلال اذا كان مساويا ولان المنطوق اذا طابق الاصل لا حيلة في صرفه عن ظاهره الا بمثل ذلك كله والاصل في الاستعمال الحقيقة ولانها لو نجست ماطهرت الا بنزح الجميع كما في التغير لان الانفعال قد شمل كل الماء وللزوم الحرج المنفي ولاختلاف تقدير النزح الدال على التساهل ( الدال على الاستحباب خ ) الدال على الطهارة والى بعض ما اشرنا سابقا من الاختلاف اشار بقوله وجماعة من اصحابنا حكموا بنجاستها بوقوع النجاسة فيها وان لم يتغير ماؤها ان القائلين بنجاسة البئر حكموا بطهارتها اذا نزح منها المقدر في الروايات لكل نجاسة مقدر وقد ذكر المصنف طاب ثراه هنا ما اختاره من اقوالهم وان لم يحكم به ونحن نرجح منها ما لو قلنا بالنجاسة قلنا به
قال (ره) واوجبوا نزح الجميع لوقوع المسكر او الفقاع او المني او دم الحيض او الاستحاضة او النفاس فيها او موت بعير او ثور فيها اعلم ان الحاكمين بالنجاسة اخذوا المقدر منها شرعا وايما نجاسة لم يرد فيها نص فالاكثر على نزح الجميع لها لان نزح البعض ليس اولى من نزح الكل ولعدم حصول البرائة يقينا بنزح البعض وقال ابنحمزة وجمال الدين احمد بن طاووس في البشري والشيخ في المبسوط وابن زهرة العلوي ينزح اربعون دلوا والمصنف في التذكرة قال السادس ما لم يقدر له منزوح قيل يجزي اربعون وقيل الجميع واختار الاربعين في ارشاده وفي المختلف محتجا لهم بقولهم عليهم السلام ينزح منها اربعون دلوا وان صارت مبخرة ولم نجد هذه الرواية الا في هذا الاحتجاج بها عندهم ويحتمل ان تكون هي رواية كردويه والاختلاف اما من النسخ في الاصل او من الراوي او بطريق اخر ويدل على هذا قول المصنف في المنتهى وبعضهم اوجب اربعين لرواية كردويه وهي انما تدل على ثلثين انتهى ووجه الاستدلال انه نقل حجة المستدل على الاربعين برواية كردويه ثم توهم انها الرواية الموجودة ولعلها رواية اخرى له غير هذه ولم تصل الينا وقيل ينزح ثلثون وبه قال المصنف في المنتهى في موضع منه وفي موضع اخر منه رجح نزح الجميع قال فيه اي في المنتهى اذا وقع فيها نجاسة لم يقدر لها الشارع منزوحا ولم تغير الماء فعندنا لا يتعلق بها حكم والقائلون بالتنجيس اختلفوا فقال بعضهم بالجميع لانه ماء محكوم بنجاسته فلا بد من النزح والتخصيص ببعض المقادير ترجيح من غير مرجح فوجب نزح الجميع وبعضهم اوجب نزح اربعين لرواية كردويه وهي انما تدل على نزح ثلثين ومع ذلك فالاستدلال بها لا يخلو من تعسف وتردد الشيخ في المبسوط والاقوى عندي تفريعا على التنجيس الاول انتهى وبالجملة فرأيه في هذه المسئلة مضطرب جدا فانه في المنتهى حكم فيها بحكمين مختلفين وكذا في المختلف بحكمين غيرهما كما رأيت وسمعت وترى وتسمع وقال به ايضا في المختلف فيما اذا وقع في البئر كافر ومات في الرد على ابن ادريس كما يأتي الى ان قال واما النقل الذي ادعاه الشيخ فلم يصل الينا واما الذي بلغنا في هذا الباب حديث واحد ذكرناه في كتاب مدارك الاحكام وهو ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد ابن ابيعمير عن كردويه قال سئلت ابا الحسن عليه السلام عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول والعذرة وابوال الدواب وارواثها وخرؤ الكلاب قال ينزح منها ثلثون دلوا وان كانت مبخرة وهو يدل على وجوب الثلاثين واما الاربعين كما ادعاه الشيخ فلا ومع ذلك فكردويه لا اعرف حاله فان كان ثقة فالحديث صحيح انتهى كلامه في المختلف ومرادهم ان هذه النجاسات المختلفة وان كان لكل واحد حكم بانفراده فلما انضمت بعضها الى بعض وذابت في الماء خرجت بذلك الى ما لا نص فيه فاجاب عليه السلام بالثلاثين واضعا اصلا فيما لا نص فيه ولو اريدت انفسها ولم تكن عامة لجعل في كل واحد ما يخصه مما قدر عنهم عليهم السلام والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة قال ابن ادريس فاما ما يوجد في بعض الكتب لبعض اصحابنا وهو قوله متى وقع في البئر ماء خالطه شيء من النجاسات مثل ماء المطر والبالوعة وغير ذلك ينزح منها اربعون دلوا للخبر فانه قول غير واضح ولا محكك بل تعتبر النجاسة المخالطة للماء الواقع في ماء البئر فان كانت منصوصة عليها اخرج المنصوص عليه وان كانت غير منصوص عليها فيدخل في قسم ما لم يرد به نص معين بالنزح فالصحيح من المذهب والاقوال الذي يعضده الاجماع والنظر والاعتبار والاحتياط للديانات عند الائمة الاطهار عليهم السلام نزح جميع ماء البئر فان تعذر فالتراوح انتهى ثم استشهد بكلام الشيخ وذكر في كلامه رواية اربعين ومن ثم اشترط بعضهم عدم تمائز بعضها من بعض والا لزم كلا حكمه وقال المحقق في المعتبر ويمكن ان يقال فيه وجه ثالث وهو ان كل ما لم يقدر له منزوح لا يجب فيه نزح عملا برواية معوية المتضمنة قول ابي عبد الله عليه السلام لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلوة مما يقع في البئر الا ان ينتن ورواية ابن بزيع ان ماء البئر واسع لا يفسده شيء الا ان يتغير ريحه او طعمه فهذا يدل بالعموم فيخرج منه ما دلت عليه النصوص بمنطوقها او فحواها وبقي الباقي داخلا تحت العموم وهذا يتم لو قلنا ان النزح للتعبد لا للتطهير اما اذا لم نقل ذلك فالاولي نزح مائها اجمع انتهى فجعل هذا الامكان وجها ثالثا ولم يذكره المختار في المختلف والبشري والاظهر الاول لانا اذا قلنا بانفعال البئر فلا تطهر مما لم يقدر له شيء الا بنزح الجميع لان ترجيح البعض من غير مرجح شرعي مع حكم الشرع بالنجاسة في الجملة على الكل على القول به ساقط من عين الاعتبار والرواية لا دلالة فيها على ما ادعياه بل صريحها في ماء المطر فيه ذلك حتى ان بعضهم قال انه خاص به كغيره مما قدر له وحمل هذه النجاسات على ذوبانها في ماء المطر فلو تمايزت لزمت احكامها المختلفة وايضا الرواية ضعيفة لا تقابل عمومات الروايات بالانفعال مع انها لا تخصيص فيها عام ولو افادت ذلك لم يكن ما لا نص فيه بل فيه نص هذا خلف والى ما اخترنا من نزح الجميع لما لا نص فيه ذهب المصنف في موضع من المنتهى فقال والاقوى عندي تفريعا على التنجيس الاول ه وذكر المصنف المسكر ليشمل بصفته الخمر بالمعنى الخاص وغيره والا فالخمر كذلك بالمعنى العام قال صلى الله عليه وآله كل مسكر خمر وفي الصحيح عن الكاظم عليه السلام ما فيه عاقبة الخمر فهو خمر والعاقبة هي الاسكار وقال الصادق عليه السلام في الفقاع انه خمر مجهول وهو بضم اوله وتشديد ثانيه قال السيد المرتضى في الانتصار هو الشراب المتخذ من الشعير وهذا تعريف مشهور عن غيره ايضا وفي القاموس الفقاع كرمان هذا الذي يشرب سمي به لما يرتفع في رأسه من الزبد وفي النبيذ وهو المتخذ من التمر لرواية الكلبي النسابة قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن النبيذ فقال حلال قلت فانا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك فقال عليه السلام شُهْ شُهْ تلك الخمرة المنتنة الحديث والعكر محركة الدردي وهو الثفل من كل شيء والمراد به هنا ثفل النبيذ والمسكر المايع بالاصالة فلا ينجس الجامد كالحشيشة وان لحقها الميعان والمشهور ان قليله وكثيره في الحكم سواء وقيل بل لقطرة الخمر عشرون دلوا كما يأتي وحيث ثبت ان الخمر والفقاع والنبيذ سواء في العاقبة في الاصل وان لم يلزم منه الاسكار لضعف الخمرية ( فيه خ ) كالفقاع اذ غليان غيره لا يبلغ به الاسكار بل له غليان خاص ولهذا قال عليه السلام انه خمر مجهول وان اختلف اصله فقد اتفق حكمه لانه مسكر ولانه خمر ومثل ذلك في نزح الجميع موت البعير والثور لصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام فان مات فيها بعير او صب فيها خمر فلتنزح ولصحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام فان مات فيها ثور او نحوه او صب فيها خمر نزح الماء كله والبعير بفتح الباء وقد تكسر الجمل البازل ويستعمل للانثى ايضا ويشملها النص وكذا الصغير منهما كالكبير ومثلهما صحيحة معوية بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام في البئر يبول فيها الصبي او يصب فيها بول او خمر فقال ينزح الماء كله واما المني فانه مشهور وليس فيه نص وقيل الاجود الحاقه بما لا نص فيه لذلك وهو يشمل مني الانسان وغيره مما له نفس سائلة على الاصح واما الدماء الثلثة فلا نص فيها ايضا وحكم الشيخ ومن تبعه بذلك لغلظ نجاسة دم الحيض لعدم العفو عن قليله والحق به الدمين الاستحاضة والنفاس واستضعف ذلك في المعتبر وجعل الاصل ان حكمه حكم بقية الدماء عملا بالاحاديث المطلقة وهو كما ترى والحق ابنالبراج عرق الجنب من الحرام وعرق الابل الجلالة وابوالصلاح بول وروث غير المأكول الا الرجل والصبي للنص فيهما والحق بعضهم الفيل لعدم النص وبعض خروج الكلب والخنزير حيين ويدفع هذا في الكلب صحيحة ابيمريم عن جعفر بن محمد عليه السلام كان ابو جعفر عليه السلام يقول اذا مات الكلب في البئر نزحت قال وقال ابو جعفر عليه السلام اذا وقع فيها ثم خرج منها حيا نزح منها سبع دلاء فخروج الكلب حيا من المقدر فلا ينزح له الماء وابن ادريس بناء على اصله من عدم جواز العمل بخبر الواحد ( الاحاد خ ) اطرح الصحيحة وجعله مما لا نص فيه فاوجب في خروجه حيا اربعين كما يأتي وفي الخنزير ورود النص بالشبه بالكلب المستلزم لحكمه حيا وميتا وكذا الاعتبار وما فيها من نزحها لموته وما في غيرها كذلك ( لموت خ ) الخنزير والفارة وغيرها من غير هذه فمحمول على تغير الماء به جمعا واما رواية عمرو بن سعيد الى ان قال حتى بلغت الحمار والجمل فقال كر من ماء والجمل والبعير سواء فلضعف الرواية بالنسبة الى ما فيها البعير فلا تقابل الصحيحة المعمول عليها ولجواز عود الكر على حكم الحمار لا الجمل فان حكمه مذكور في غيرها ولو قيل به لم يكن بعيدا او يحمل ما زاد على الاستحباب على ان الخطب علينا سهل في هذا الباب
فان تعذر تراوح عليها اربعة رجال التراوح تفاعل من الراحة ولو ساوت النساء والصبيان الرجال في القوة والعبالة فالظاهر الاجزاء
مثنى اي اثنين اثنين يتجاذبان الدلو وقال سيد المدارك ذكر جدي في روض الجنان ان احد المتراوحين يكون فوق البئر يمنح الدلو والاخر بينها يملأه وقوله ان استقراب العلامة في المنتهى الاجزاء بدون الاربعة ان علم مساواة نزحهم لنزح الاربعة قريب بعيد واما ما زاد عليها فالظاهر الاجزاء
يوما وهو يوم الصائم على الاظهر الاحوط ويدخلان من الليل ( فيه خ ) جزء اولا واخرا من باب المقدمة والتأهب للنزح داخل في الوقت المحدود على الاقرب اذ الاصل عدم وجوب الزائد ولا يكفي قدر اليوم من الليل ولا ملفقا لعدم صدق اسم اليوم عليه ولا فرق بين اليوم الطويل والقصير ولا يستحب تحري الاطول ويجتمعان في الصلوة جماعة وكذا في الاكل على الاقرب لان وقتهما مستثنى وفي الصلوة فرادى احتمال ولو وقع في الاثناء موجب نزح الجميع ( وجب خ ) الاستيناف ولو تعذر فليستأنف التراوح لان المقتضي واحد قيل ويتداخل ما بقي فيما لحق والاحوط الاستيناف ( الاستيفاء خ ) ثم الاستيناف والمستند من اصل هذا الحكم وبعض فروعه موثق الساباطي الطويل عن ابي عبد الله عليه السلام قال وسئل عن بئر يقع فيها كلب او فارة او خنزير قال تنزف كلها ثم قال فان غلب عليها الماء فلينزف يوما الى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما الى الليل وقد طهرت والكلام في التداخل وعدمه يأتي
ونزح كر لموت الحمار والبقرة وشبههما اما الكر في الحمار فمستنده رواية عمرو بن سعيد بن هلال وفي هذه الرواية زيادة والمعتبر في البغل كر ايضا واما البقرة ففي قول مشهور ولا نص فيه فالاولي الحاقها بما لا نص فيه ينزح ( بنزح خ ) كل الماء لها وادخالها في معنى الثور لغة او ادخالها في نحوه لان البقرة لغة للذكر والانثى فيقال للثور بقرة وفي صحيحة عبد الله بن سنان فان مات فيها ثور او نحوه او صبت فيها خمر نزح الماء كله وقال المصنف في المختلف اوجب الشيخ ابو جعفر لموت الثور نزح الماء وابن ادريس اطلق القول بنزح الكر لموت خمس من الحيوانات الخيل والبغال والحمير اهلية ( كانت خ ) او غير اهلية والبقر وحشية كانت او غير وحشية وما ماثلها في قدر الجسم والشيخان واتباعهما لم يذكروا حكمه لانهم اوجبوا النزح للبقر كرا ولم يتعرضوا للثور ولفظ البقرة لا تدل عليه ونقل صاحب الصحاح اطلاق البقرة على الذكر فيجب الكر انتهى ولولا كلام صاحب الصحاح على ان البقرة تطلق على الثور لما كان فيه الكر عنده على ان النص في الصحيحة بحكم الثور ولا نص في البقرة فلو الحقت به لانه يسمى بها لغة في نزح الجميع لكان اولى على ان في صحيحة عبد الله بن سنان فان مات فيها ثور او نحوه كما ذكر فنحو الثور في الحجم الفرس والبقر وفي الصورة البقرة وقد حكم على الثور ونحوه بنزح الماء كله ولو قيل بأن البقرة والفرس فيهما نص بنزح الجميع من الصحيحة لكان حسنا مع ان رواية الحمار بالكر ليس فيها شبه الحمار حتى يلحق به وهي فطحية وهذه صحيحة وفيها ذكر شبه الثور نصا ينزح ( بنزح خ ) الكل فانظر ماذا ترى وقوله في المنتهى ان تعليق الحكم على الماهية يستدعي ثبوته في جميع صور وجودها والا لم يكن علة هذا خلف يريد ان التعريف في الدابة لتعريف الماهية وانها اسم لما يركب تغليبا وليت شعري اي ماهية علق الحكم عليها واي حكم علق أهي الدابة في صحيحة بريد ام الحمار في رواية عمرو بن سعيد ام البعير في صحيحة الحلبي فان الدابة التي هي اسم لما يركب مطلقا منها البعير وفيه نزح الجميع والحمار وفيه كر فبقي من الدابة ما ليس فيه كر ولا نزح الجميع بل فيه دلاء ويأتي الكلام في الدلاء ومنه الفرس والفيل والزرافة فان لوحظ الجرم لحقت بالبعير ويعضده الاصل والا فالدلاء فأي ماهية علق الحكم عليها من هذه الخمسة واي حكم هو الدلاء او الكر او نزح الجميع فاعتبروا يا اولى الالباب مع انها كلها صور وجود المركوب ليس احدها اولى من الاخر فالماهية على كلامه فيها دلاء فسرت في الحمار بالكر والبعير ينزح ( بنزح خ ) الجميع بقي الفرس والفيل والزرافة بل والبقرة والجاموس وان لم يكونا من المركوب عادة او خلقت له فاختر لنفسك ما يحلو والصحيحة المشار اليها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام في البئر تقع فيه الدابة والفارة والكلب والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب وتوضأ فالدابة هي الفرس وفيها دلاء وحمل الدلاء على الثلثين او الاربعين فيقارب الكر ولا سيّما اذا اريد بالدلو الهجرية وهي اربعون رطلا كما قاله ابو الفضل الجعفي او ثلاثون رطلا كما قيل ايضا فانها بالاول الف وستمائة رطل اكثر من الكر وبالثاني الف ومائتا رطل وهو كر ولرواية عليّ بن يقطين عن ابي الحسن عليه السلام قال سألته عن الحمامة او الفارة او الكلب او الهرة فقال عليه السلام يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها ان شاء الله تعالى لانه قد ورد في السنور والكلب الثلثون او الاربعون فتحمل الدلاء عليه فيكون قريبا من الكر فبهذا وبملاحظة الحجم يحكم بالكر بعيد لانه اذا فسرت بما ذكر لزم ذلك في الدجاجة والحمامة واذا فسرت بما اشار اليه في المنتهى من اختلاف التفسير باختلاف الموجب كل بحسبه رجعنا في الكلام الاول فان اراد بالشبه انها شبه الحمار المنصوص عليه بالكر فتحمل عليه قلنا البقرة شبه الثور فتحمل عليه بل هي تصادقه في المسمى الذكر كما مر وقلنا تحمل الفرس على البعير والثور فنحن فيه شرع سواء مع انا نحمل الدابة على المعنى العام في الصحيحة فسرت بالفارة والطير وفيهما سبع دلاء كما يأتي ولم يذكر حكم الكلب وقد ورد في الدابة الصغيرة ولشيء صغير دلاء في صحيحتي عبد الله بن سنان والحلبي ومن تتبع الاخبار وجاس خلال تلك الديار عرف ان الدلاء انما تطلق في هذا الباب على الثلث الى العشر لا ازيد اذا اضيف اليها مميزها وقد قال الشيخ في التهذيب في صحيحة ابن بزيع في قوله عليه السلام ينزح منها دلاء من جهة دم القليل قال وجه الاستدلال من هذا الخبر هو انه قال عليه السلام ينزح منها دلاء واكثر عدد يضاف الى الجمع عشرة فيجب ان ناخذ به ونصير اليه اذ لا دليل على ما دونه انتهى ولم يرد انه لم يرد ما دونه مضافا اليه بل ورد الثلث والخمس والسبع والعشر واذا لم يضف اليها ( اخر خ ) مراتب القلة ولا اكثرها واطلق وهو للكثرة ولا ضابط لها تحققناه باحدعشر دلوا والاصل عدم الزائد على ذلك فاذا لم يقل به قائل فالاولى بل الاصح جعل الفرس والبقرة والفيل والزرافة مما لا نص فيه او الحاقها بما فيه نزح الجميع وبالجملة فمعنى قوله وما اشبههما عندهم كالبغل والفرس اي انهما يشبهان الحمار والبقرة في الحجم فينزح لهما الكر فهنيئا ( لشبههما خ جوامع الكلم ) للبقرة حيث كان لها شبه يوجب حكما كحكمها المدعي لها الا ان هذا مشهور قال في المبسوط لينزح كر للحمار والبقرة وما اشبههما وفي النهاية للحمار والبقرة والدابة وقال علم المرتضى في المصباح والمفيد في المقنعة وان مات فيها حمار او بقرة او فرس واشباهها من الدواب ولم يتغير الماء نزح منها كر من الماء فاما الحمار فله مستند واما البغل فلما رواه نجم الدين في المعتبر وهذا وان كان ضعيفا فانه منجبر بالشهرة واما الفرس والبقرة فان كان المستند لم يصل الينا وهو احرى بمقام هؤلاء الاعلام فحسن وان كان تكليفنا انما هو بما وصل الينا ولا نكلف غيره وان كان المشابهة خاصة فغير مسلمة ( مع انها لم ترد خ ) والله اعلم
ونزح سبعين دلوا لموت الانسان ومستنده موثقة عمار الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام فقال وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فاكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا ولا فرق بين الصغير والكبير والذكر والانثى قيل والمسلم والكافر لدخولها في مسمي الانسان بحكم التواطي وقال ابن ادريس وهذا في المسلم اما في الكافر فانه ينزح له الجميع واحتج بأن الكافر حال حيوته ينزح له الماء اجمع فكذا بعد موته لان الموت يزيده تنجيسا وقال المصنف والحق تفريعا على القول بالتنجيس ان نقول ان وقع ميتا نزح منه سبعون للعموم ونمنع من زيادة نجاسته ( فان نجاسته خ ) حيا انما هو بسبب اعتقاده وهو منفي بعد الموت وان وقع حيا ومات في البئر فكذلك لانه لو باشرها حيا نزح له ثلثون بحديث كردويه وابن ادريس بني ذلك على ان النجاسة التي لم يرد فيها نص ينزح له الماء اجمع ونحن نمنع في ( من خ ) ذلك انتهى ولا يخفى ما في القولين في الجملة اما في الاول فان الانسان اسم للمسلم والكافر بتخصيص المسلم به يحتاج الى دليل واما ان الموت يزيده نجاسة فهنا كلام وهو انه هل الخلاف بينهم رضوان الله عليهم ( فيما اذا وقع حيا ومات او خ ) فيما اذا وقع ميتا وانه ميتا انجس منه حيا فان كان الاول كما هو ظاهر عبارته في السرائر حيث قال فلما قال الشارع عليه السلام اذا وقع في البئر انسان ومات فيها يجب نزح سبعين دلوا علمنا ان هذا عموم ولما اجمعنا على انه اذا باشرها كافر وجب نزح جميع مائها علمنا انه خصوص الخ فظاهر ان الموت يزيده اي يزيد ماء البئر نجاسة لا يزيد الكافر نجاسة وهو متجه فنزح الكل له حينئذ لا يخلو من قوة كما ذكره الشيخ على في شرح القواعد مفصلا فارقا في ذلك بين الوقوع حيا وميتا بل هو الظاهر لثبوت الحكم بنزح الجميع قبل الموت فكذا بعده وان كان الثاني وهو ان ( اي خ ) الخلاف بينهم فيما اذا وقع ميتا كما فهمه سيد المدارك من كلام المصنف في المختلف فما قاله المصنف اولى للعموم من ان نجاسة موت الانسان ينزح لها سبعون لا غير لكن الظاهر من عبارة المصنف في المختلف ان الخلاف مطلق فانه قال اولا ان وقع ميتا ثم قال وان وقع حيا ومات فكذلك فلا فرق بين وقوعه حيا ومات ولا بين وقوعه ميتا بناء منه على ان ما لا نص فيه فيه ثلثون لرواية كردويه فيدخل ما لنجاسة حياته تحت السبعين وبناء على التداخل بنزح الاكثر وان كان مختلف السبب واما ما في الثاني وهو كلام المصنف في الرد على ابن ادريس قال فان نجاسته حيا انما هو بسبب اعتقاده وهو منفي بعد الموت ومثله كلامه في التذكرة قال وقال بعض اصحابنا ينزح للكافر الجميع لانه لو كان حيا لوجب الجميع حيث لم يرد فيه نص والموت لا يزيل النجاسة ويضعف بزوال الكفر انتهى فانا نمنع ذلك لانه لو انتفى بعد الموت لكان اذا غسل طهر حيث لم تبق الا نجاسة الموت وهي تزول بالاغتسال ( بالاغسال خ ) لكن اللازم باطل فالملزوم مثله وان اراد انه لا يزيد الماء نجاسة بناء على ما يرى من التداخل مطلقا كما في قواعده وان ما لا نص فيه فيه ثلاثون فمسلم لكن نمنع ان ما لا نص فيه فيه ثلاثون فانا نقول اولا ان رواية كردويه لا تدل على ما ادعاه وانما هي في ماء المطر فيه ما ذكر على ان كردويه مجهول الحال ودلالة روايته على ما ادعاه مجهولة مع انه حيث غفل عن النص على الثور في المختلف لم يقل بها فيه بل جعل فيه كرا فان كان ادخالا له في مماثله في الصورة وهو البقرة فهي ما ادخلت نفسها وان كان في مماثله في الحجم فقد قعد به دليل التخطي الى المماثلة في مس الكافر بما ( في خ ) رواية كردويه فالحق خصوصها بما فيها ولهذا قال الشهيد في الذكرى ثلثون لماء المطر وفيه البول والعذرة وابوال الدواب وارواثها وخرء الكلاب لرواية كردويه عن ابي الحسن عليه السلام فجعل الثلثين لماء المطر فيه ما ذكر كما في الرواية ثم قال بعد ذلك لا يشترط في ماء المطر اجتماع ما ذكر فيتعلق الحكم ببعضه احتياطا ولو انضم اليه نجاسة اخرى امكن المساواة للمبالغة ( للمساوات خ ) في الغلظ وان كان مبخرة انتهى فجعل ماء المطر فيه ما ذكر مناطا للحكم بالثلثين بحيث جعل الحكم لو نقص بعضها احتياطا او انضم اليها نجاسة اخرى جعله من باب الامكان وقال الشيخ في الاستبصار هذا مختص بماء المطر على هذه الصورة وقال الشيخ مفلح الصيمري في شرح الموجز ولم اجد قائلا بمذهب المختلف الا ما نقله الشهيد (ره) عن جمال الدين ابي الفضائل احمد بن طاووس في البشري انه اختار الثلثين لرواية كردويه هذه انتهى فالظاهر ان التفصيل الذي ذهب اليه المحقق الثاني الشيخ عليّ في شرح القواعد من انه ان وقع حيا نزح الجميع وان وقع ميتا فسبعون اقرب وقال سيد المدارك بعد ان نقل التفصيل عن الشيخ عليّ وعن جده في روضالجنان كما ذكرنا قال واما التفصيل فلا وجه له اقول بل الوجه كله له اما السبعون في وقوعه ميتا فللعموم ولان السبعين لنجاسة الموت لا لنجاسة الميت حيث لم تسبق نجاسة الميت بنجاسة ( نجاسة خ ) الموت الى الماء فكان الحكم للنص ولا يجحده ولولا ان اعتبار الاسباب الخفية المتساوقة في الوجود والتأثير قد يرغب عنه لبناء هذه الاحكام على الحنفية السمحة مضافا الى ما نذهب اليه من عدم الانفعال لقلنا هنا ايضا بنزح الجميع واخرجناه من العموم كما ذهب اليه ابن ادريس واما نزح الجميع في وقوعه حيا ومات فللحكم بالنجاسة وتحققها الموجب لنزح الجميع قبل الموت فبعد تعلقه بها وتوجه الخطاب وتمام فاعلية ( فاعليته خ ) المؤثر التام من دون صارف شرعي كيف تمحوه نجاسة اخرى اقل منه بل اما ان تزيده غلظا اي الماء او يبقى الاول على حاله لدخول الاصغر تحت الاكبر واما ان النجاسة الصغرى تزيد النجاسة الكبرى خفة وطهارة فغير معقول
فروع : الاول لا نزح للميت الطاهر ويجب للنجس وان تيمم الثاني اذا غسله كافر فان لم نقل بصحته فلا نزح ( له وان قلنا بصحته فلا نزح خ ) هذا حكم الميت نفسه اما حكم نجاسته من حيث مباشرة الكافر فالظاهر انه على كلا الامرين ينزح لها الماء ولا يكون تجويز الشارع عليه السلام لذلك وامره بالغسل قبل التغسيل للطهارة فلا يكون لنجاسته اثر بل امره بالغسل تخفيف لنجاسة نفسه اي باطنه وتغسيله المسلم لرفع حدث الميت وان اكسبه خبثا فانه لا يسقط الميسور بالمعسور وبيان حصول النية والقربة منه في الجملة يأتي في موضعه ان شاء الله تعالى الثالث الشهيد اذا مات في المعركة لم ينزح له والا نزح له هذا ان كان بامر الامام او نائبه الخاص والا فالحكم يعلم من القول بسقوط الغسل وعدمه الرابع السقط لدون اربعة اشهر لا ينزح له المقدر لعدم حصول الموت المتحقق بالحيوة والاحوط الحاقه بما لا نص فيه الخامس لو انكشفت عورته لمحرم اختيارا في اثناء الغسل فالمشهور عدم النزح له لصحة غسله لان النهي انما توجه الى فعل الحي القائم فيه لا الى الغسل القائم بالميت وقيل ينزح له لفساد غسله وفيه قوة السادس لو باشر ماؤها عضو قد تم غسله قبل الفراغ من باقي الاعضاء فالاظهر عدم النزح له لصحة غسله فلا يترتب على مباشرته شيء السابع لو قدم غسله في حياته لقصاص او حد فان قتل بذلك السبب او كان لاثنين وعفى احدهما واقتص الاخر لم ينزح له على الاصح لرواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال ولا بأس بمسه بعد القتل ولانه لولا ذلك لانتفت الفائدة في الغسل ولانه هو غسله بعد الموت الرافع لحدث الموت ولهذا قالوا يقدم غسله وقيل بوجوب النزح والغسل لمسه والحق الاول وان كان السبب لاثنين وغسل لواحد وعفى واقتص الاخر بدون استيناف غسل او مات مطلقا بدون قتل نزح له الثامن اذا غسل قبل برده او برد في الاثناء فنزح له التاسع اذا تخلل غسله حدث اصغر فالمشهور عدم النزح وهو الاقوى وقيل ينزح له لمساواته للجنب في ذلك فلذا حكم المفيد وابن ابي عقيل بالاعادة العاشر لو غسل المشتبه قبل الاستبراء بظهور العلامات المقررة ثم بعد ذلك استعلم حاله فاذا هو ميت نزح له لفساد غسله بالامر بالانتظار او الاستخبار المستلزم للنهي عنه والله اعلم
وخمسين للعذرة الذائبة والدم الكثير غير الدماء الثلثة اما الخمسون في العذرة في قول مشهور وفي رواية ليث البختري قال سألت ابا عبد الله عليه السلام الى ان قال وسألته عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشر دلاء فان ذابت فاربعون او خمسون دلوا وظاهر او التخيير فلا يتعين الخمسون نعم يمكن الاخذ بها اخذا بالمتيقن ويمكن حمل او على الاضراب كما في قوله تعالى وارسلناه الى مائة الف او يزيدون اي بل يزيدون والفائدة التدريج الى المراد باسهل ايراد ومعنى الذوبان في العذرة تفرق اجزائها كلا او بعضا في الماء بحيث لا يستبين فيه وهو معنى شيوعها عندهم الذي فسروا الذوبان به لا الشيوع الحقيقي الذي هو الانحلال الحقيقي فيعلم بهذا معنى الجامدة واليابسة في موضعه حيث يطلق واما الدم الكثير فالموجود في الروايات صحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن رجل ذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء واوداجها تشخب دما هل يتوضؤ من ذلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلثين الى اربعين دلوا ثم يتوضؤ منها واعلم ان الاصحاب قد اختلفوا في حكم الدم فقال ابن بابويه في الدم الكثير ما في هذه الرواية وفي القليل مثل ذبح دجاجة او حمامة او دم رعاف دلاء يسيرة وقال المفيد في القليل خمس وفي الكثير عشر وقال في النهاية في القليل عشر وفي الكثير خمسون واليه ذهب المصنف هنا وفي القواعد واختار مذهب ابن بابويه في منتهى المطلب وقال علم الهدى في المصباح في الدم ما بين الدلو الواحد الى العشرين لرواية زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كله ( واحد خ ) ينزح منها عشرون دلوا واعلم ان الخمسين في الكثير لم نجد فيها نصا وقال الشيخ مفلح الصيمري في شرح موجز ابن فهد بعد نقل الاقوال والاحوط مذهب النهاية وبه قال ابن ادريس وسلار وابنالبراج ودليل الجمع ( الجميع خ جوامع ) الروايات انتهى وهذا عجيب منه مع عدم النص في اكثرها والمعتبر في كثرة الدم وقلته هو نفسه وقال قطبالدين الراوندي هو بحسب البئر في الغزارة والنزارة والحق ما ذهب اليه ابن بابويه للصحيحة المتقدمة ولان الاصل عدم وجوب الزيادة لا يقال ان الاصل للمفيد والسيد لانا نقول قد ثبت الناقل عن ذلك الاصل وهو النص بقي اصله وفي الرواية ما بين الثلثين الى الاربعين والظاهر من هذا اللفظ ان التقدير من احد وثلثين الى تسعة وثلثين فلا يكفي ثلاثون ولا يجب اربعون ومنهم من فهم ان البينية بين الثلثين الى الاربعين فاخذ الاربعين عملا بالمتيقن وظاهر ابن بابويه المعنى الاول وقد يفيد كلامه المعنى الثاني على التخيير ولا بأس به وان كان الحكم بالاربعين احوط
تنبيه ظاهر عبارات اكثر الاصحاب في الدم الاطلاق ولم يقيدوا بذكر دم نجس العين دخولا او خروجا فهل يلحق بغيره للعموم ام لا لغلظ نجاسته ويفهم من الحاق القطب الراوندي وابن فهد لدم نجس العين بالدماء الثلثة الثاني فانهما جعلا قليله وكثيره في عدم العفو سواء وذلك امارة خروجه من العموم وفيه قوة فان قلنا به فهو مما لا نص فيه وان قلنا كذلك احتمل له نزح الجميع مطلقا واحتمل ان يكون القطرة فيها عشرون او ثلثون كما يأتي
واربعين لموت الكلب والسنور والخنزير والثعلب والارنب وبول الرجل والى هذا ذهب الشيخان ووافقهما السيد في الكلب ومع ابن بابويه في البول ومن المستند رواية سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام وان كانت سنورا او اكبر منها نزحت منها ثلثين دلوا او اربعين دلوا ورواية عليّ بن ابي حمزة البطائني عن ابي عبد الله عليه السلام قال والسنور عشرون او ثلثون او اربعون دلوا والكلب وشبهه وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وان وقع فيها كلب نزح منها ثلثون الى اربعين دلوا وان وقع فيها سنور نزح منها سبع دلاء استنادا الى رواية عمرو بن سعيد والسنور الى الشاة فقال كل ذلك يقول سبع دلاء والاصح ما ذكره المصنف للروايتين وليقين البراءة ولحمل سبع دلاء في رواية عمرو بن سعيد على الفارة خاصة اذا تفسخت لانها مذكورة فيها وخمس دلاء في حسنة ابي اسامة على الدجاجة على حذف مضاف اي ذرق الدجاجة وهي فيها وقوله ( فيها خ ) ما لم ينفسخ يحمل على الطير المذكور فيها وان الخمس رواية فيه والدلاء في صحيحة بريد العجلي على السبعة لموت الطير والفارة المذكورين بها ودلوان وثلاثة في رواية اسحق بن عمار على الدجاجة كما قلنا فيها والواو للعطف يعني خمسة ونزح البئر اذا مات فيها الكلب لرواية ( في رواية خ ) زرارة وصحيحة ابي مريم الكلب او الفارة او الخنزير على ما اذا ماتت وانتنت وغيرت الماء فينزح كله او تطيب كما مر فالعمل على ما ذكره قدس سره اولى لمطابقة الاخبار والاعتبار ولا يضرنا ضعف الروايتين لان ابن ابيحمزة وسماعة وان كانا ضعيفين في معتقدهما فهما ثقتان ونحن نريد منهما الصدق في النقل عن ائمتنا عليهم السلام ثم ليذهبا الى حيث القت رحلها امقشعم وقد روى جابر بن يزيد قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول ان لنا اوعية نملأها علما وحكما وليست لها باهل ومانملأها الا لتنقلها الى شيعتنا الى ان قال واياكم والاوعية فانها وعاء ( اوعية خ ) سوء فتنكبوها على انهما منجبرتان بالشهرة ويدخل في عموم الروايتين كل المذكورات وما شابه في الحجم في الجملة كالشاة على الاحوط وقال ابن فهد في موجزه فيها عشر لرواية اسحق بن عمار وقال ابن بابويه فيها من تسع الى عشر كما هو منطوق هذه الرواية فاذا كانت شاة وما اشبهها فتسعة او عشرة وللمشهور دلالة رواية سماعة وان كانت سنورا او اكبر منها نزحت منها ثلاثين او اربعين دلوا ولرواية البطائني والكلب وشبهه فيدخل في عموم اكبر منها وشبه الكلب الشاة وكذا ابن عرس والارنب والثعلب للشبه والسنور وان كان وحشيا على المشهور وللاحتياط والرواية المتقدمة ويدخل في شبه الكلب الذئب وابن اوي والدب والقرد والفهد وما اشبه ذلك في الحجم واما الزبرق فلم اجد متعرضا له والاحوط نزح الجميع له وان كان في شبه الكلب للسم لا لغلظ النجاسة والكلام في او وانها للاضراب او ان اخذ اكثر المقدرات للاحتياط وتحصيلا للبراءة قد مر
تنبيه هل يدخل في اسم الكلب كلب الماء هنا بل ( في خ ) مطلق النجاسة قولان وقال في الذكرى كلب الماء طاهر في الاصح لعدم فهمه من لفظ الكلب حقيقة فلو مات في البئر فالظاهر اربعون لحديث الشبه وهو كلام قوي واما بول الرجل فمستنده رواية عليّ بن ابي حمزة عن ابي عبد الله عليه السلام قلت بول الرجل قال ينزح منها اربعون دلوا
تنبيه قال ابن ادريس بول المرأة كبول الرجل لانه انسان وهي كذلك وتعلق الحكم بماهية الانسان وكذا البنت والاصح انهما مما لا نص فيه فيجب فيهما نزح الجميع لان الرجل لا يطلق على المرأة ولا تطلق عليه ولو اريد تعلق الحكم على الماهية لقيل ولبول الانسان كما قيل في موته ويدخل فيه المسلم والكافر لان الرجل هو الذكر البالغ من بني ادم نعم اورد الحر في هداية الامة وروى في بول الانسان كذلك اي نزح اربعين فعلى هذه الرواية يتجه كلام ابن ادريس لان الانسان يشمل الرجل والمرأة والبنت والخنثى المشكل ويمكن تعريف الانسان في هذه الرواية بالرجل جمعا فانه يعرف ( به خ ) لان العام يخصص ولا عكس وقال الشهيد في الذكرى ولفظ الانسان غير موجود في الرواية فهو مما لا نص فيه ورجح المصنف في المنتهى في هذا وامثاله مما لا نص فيه العمل برواية كردويه فنزح لهما ثلاثين دلوا والظاهر نزح الجميع وبول الخنثى المشكل على الظاهر مما لا نص فيه ويمكن الاستدلال على نزح الجميع لصحيحة ابنعمار المتضمنة لنزح الماء كله من البول والخمر بأن تقول فيه من حيث هو نزح الجميع بالصحيحة المذكورة خرج منه بول الرجل والصبي بالنص وبقي الباقي
فائدة : اعلم ان في هذه المواضع ( هذا الموضع خ ) وهو ما بين الاربعين والعشرة مقامين اعرض عنهما لانه لا يراهما :
المقام الاول نزح الثلاثين لماء المطر فيه البول والعذرة وابوال الدواب وارواثها وخرء الكلاب وهو المذكور في رواية كردويه فذكر كثير من العلماء هذا الحكم وجعله لماء المطر وفيه ذلك اقتصارا فيما خالف الاصل على مورد النص نعم ذكر الشهيد في الذكرى عدم اشتراط اجتماع هذه في ماء المطر بل يكفي بعضها احتياطا وقال لو انضم اليها نجاسة اخرى امكن المساواة للمبالغة في الغلظ لقرينة قوله وان كانت مبخرة وقال ايضا في البيان بعد ان ذكر ما فيها قال او احدها وقال ابن فهد في موجزه والنبيذ المسكر وكانه نظر الى ما في رواية كردويه قال سئلت ابا الحسن عليه السلام عن البئر تقع فيها قطرة دم او نبيذ مسكرا ( مسكر خ ) او بول او خرؤ قال ينزح منها ثلثون دلوا ولا يخفى ان قوله والنبيذ المسكر مخالف لما في الرواية اذ فيها قطرة والجزء كالكل الا ما اخرجه الدليل كقطرة النبيذ المسكر ولحم الخنزير والميت كما في الاخرى واكثر الاصحاب على حصر الحكم فيما في الرواية الاولى وهو ماء المطر فيه تلك المذكورات والذي يبرق ( يبرز خ جوامع ) من الروايتين ما ذكره في الذكرى ولقوله وان كانت مبخرة وقال الشهيد وجدت في نسخة بخط الشيخ في الاستبصار بضم الميم وسكون الباء وكسر الخاء معناه منتنة ويروي بفتح الميم والخاء ومعناها موضع النتن ومنهم من جعل الرواية الاولى مستندا للحكم فيما لا نص فيه بالثلاثين وان لم يكن مع ماء المطر كالمصنف على انه لم يعمل بها في الفرس والفيل والزرافة كما مر مكررا والله اعلم
المقام الثاني نزح عشرين لقطرة دم وقطرة خمر وقطعة من الميت ولحم الخنزير وبه قال ابن بابويه في المقنع وابن فهد في الموجز والمستند رواية زرارة قال قلت لابي عبد الله عليه السلام بئر قطر فيها قطرة دم او خمر قال الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منها عشرون دلوا الحديث ووجه الاستدلال انه سئل عن قطرة من دم او خمر فهو يسئل عن الابعاض فاجابه عليه السلام ان الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك اي في حكم الابعاض واحد لان جواب المعصوم لا يكون الا طبق السؤال
تنبيهان : الاول اذا كان الدم القليل اكثره كذبح طير واقله القطرة فكيف يحكم على القطرة بعشرين ولا قائل به فلو قيل ان القطرة من الدماء الثلثة بقرينة ذكر الخمر او دم نجس العين بقرينة لحم الخنزير لكان حسنا او يقال ان قطرة الدماء الثلثة في المقام الاول وقطرة دم نجس العين في الثاني لالحاقه بالدماء الثلثة فينقص منها ( عنها خ ) وانظر ما نحن فيه من هذا التناقض والدال على الطهارة وعدم الانفعال بحيث عجزنا عن التلفيق لهم كل ما داويت جرحا سال جرح الثاني الفرق بين قليل الخمر وكثيره اختيار الصدوق في المقنع والاكثر على عدم الفرق والذي يظهر لي من الرواية ان قوله عليه السلام والميت ولحم الخنزير ان قطعة الميت وان كانت ذات عظم وقطعة لحم الخنزير الخالية من العظم لكني لم اجد ممن يفرق بين الجزء والكل منبها على ذلك وممن افتى بمضمونها ابن فهد في موجزه مع انه ممن لا يفرق بين الجزء والكل الا في قليل الدم والخمر حيث يقول والقليل والكثير في غير الدم ( والخمر خ ) والجزء والكل الى ان قال واحد عملا بهما ويلزمه الفرق اذ لا معنى له غير هذا
تذنيب الظاهر ان المراد من الميت كل ذي نفس سائلة والقائلون بذلك يطلقون الميتة ويفهم من كلامهم ان الكل فيه المقدر والجزء فيه العشرون ويشكل على اطلاقهم قطعة العصفور وما اشبهه الذي لا يبلغ كله ذلك وقد صرح كثير من العلماء ان الجزء من الكل المقدر له لا يزيد عليه وانما الكلام في مساواته له او نقصه عنه فعليهم التقييد بالذي يزيد كله على العشرين او الثلثين ليسلم كلامهم من التناقض ولا يخفى على المتأمل اذ ظاهر هاتين الروايتين صريح في ان الجزء ليس كالكل وورود صب الخمر في نزح الجميع يدل على غير القطرة لان الصب انما يستعمل لما يمتد في الهواء من المائعات والقطرة تستدير في الهواء فذكر الصب دليل على ان قليله الذي ليس فيه ذلك ( ليس فيه ذلك خ ) فكيف والنص مخصص فمن قال بالفرق هنا اطلق ومن منع منع واطلق ولكنه مقيد بالنص وبالجملة فالعمل بهذين المقامين لا بأس به ولا سيّما على ما نختاره من عدم التنجيس
ونزح عشرة للعذرة اليابسة والدم القليل قد ذكر ( قبل خ ) للعذرة الذائبة خمسين وذكر هنا ان لليابسة عشرة لرواية ليث المرادي قال وسألته عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشر دلاء فان ذابت فاربعون او خمسون دلوا ولا معارض لها وعمل بها الاصحاب وان كانت ضعيفة بعبد الله بن بحر ( يحيي نسخة ) فهي منجبرة بالعمل واما الدم فعند جماعة لصحيحة محمد بن اسمعيل بن بزيع قال كتبت الى رجل اسأله ان يسأل لي ابا الحسن عليه السلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول او دم او يسقط فيها شيء من العذرة كالبعرة او نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلوة فوقع عليه السلام في كتابه بخطه عليه السلام ينزح منها دلاء قال الشيخ في التهذيب كما مر اكثر عدد يضاف اليها عشرة فيجب ان نأخذ به وفيها ذكر الدم والشيء من العذرة والمراد بها اليابسة جمعا ولقوله كالبعرة فقد تقدم معنى الذائبة فيكون في الدم القليل والعذرة اليابسة عشر لان النص على تعيين حكم في شيء مع النص على مشاركة اخر له في ذلك الحكم بعينه يوجب التعيين لمشاركه كما نص على العذرة بالعشر ثم على الدم وعليها بالدلاء فانه يوجب تفسيرها بالعشر فيهما ومثلها موثقة عمار الساباطي قال سئل ابو عبد الله عليه السلام عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء هذا اذا كان ذكيا الحديث والكلام فيه ما مر عن التهذيب وقال المفيد في الدم القليل خمس ولم اجد له نصا ويمكن الاستدلال له بصحيحة الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام في الفارة والسنور والدجاجة والطير والكلب قال ما لم يتفسخ او يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء ووجه الاستدلال ان هذه المذكورات كل له حكم معروف وان لم يكن عند السائل فعند غيره ومن ذلك الدجاجة والطير والفارة لها سبع دلاء فيحمل هنا على حذف مضاف اي دم الدجاجة والطير والفارة وهو دم قليل ففيه خمس دلاء كما في صحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام في ذبح الدجاجة والحمامة وفي دم الرعاف قال عليه السلام نزح ( ينزح خ ) منها دلاء يسيرة اذ لو اراد العشرة لما وصفها بالقلة واما غيرها فلم يذكر حكمه ولا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لقولهم عليهم السلام عليكم ان تسألوا وليس علينا ان نجيب لاحتمال ان الحاجة حال السؤال عنهما خاصة فاستطرد ذكر الباقي فلم يجب عنها ( عنهما خ ) عليه السلام لعدم الحاجة حينئذ وانتفاء المصلحة اذ ذاك لانهم اطباء النفوس عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون وهو سبحانه لا يسئل عما يفعل فاذا صحت ( مست خ ) الحاجة او قصدت بالمسئلة عنها اجاب عليه السلام وقد فعل صلوات الله عليه لما سئل عنها في محالها وقوله ما لم تتفسخ اي الفارة نفسها بأن تقع هي وانما وقع دمها وقوله او يتغير طعم الماء وهذا وان كان بعيدا جدا ولكنه اقرب من نسبة القول بلا دليل للمفيد على انه ربما وجد الدليل ولم يصل الينا واحسن اوجه حمل هذه الخمسة ما ياتي في الفارة وانما ذكرنا مثل هذه الوجوه البعيدة لتستشعر من قولهم عليهم السلام انا نتكلم بالكلمة ( بكلمة خ ) ونريد بها احد سبعين وجها فلا تستبعد شيئا من ذلك وقد يكون قريبا وقد يعرف بعض ادلة الدم القليل في بحث الكثير وقول المصنف ونزح عشرة ذكر الدلاء وهي مؤنث سماعي لورود استعمالها من اهل اللسان مذكرا وان كان التأنيث اكثر
وسبع لموت الطير والفارة اذا تفسخت او انتفخت وبول الصبي واغتسال الجنب وخروج الكلب منها حيا قد ذكر السبع لخمسة اشياء : لموت الطير وقد فسروه من الحمامة الى النعامة ومستند الحكم رواية البطائني عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الطير والدجاجة تقع في البئر قال سبع دلاء ورواية سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام عن الطير ( والفارة خ ) قال ان ادركته قبل ان ينتن نزحت منه سبع دلاء وصحيحة الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام اذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفارة فانزح منها سبع دلاء وصحيحة ابن يقطين عن ابي الحسن موسى عليه السلام قال سئلته عن البئر تقع فيها الحمامة والدجاجة فقال يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها ان شاء الله تعالى ولما كانت الدلاء مبهمة محتملة احتاجت لان يضاف اليها مميز والمميز في كل حيوان ورد فيه تقدير ذلك التقدير وان لم يرد فان كانت مما يمكن ان يكون مقدرها من العشرة فنازلا كان ما بين الثلاثين ( الثلثة خ ) والعشرة والاحتياط لا يخفى ويعرف ذلك بالمقام من تتبع اخبار الباب وكلام الاصحاب وان لم يكن فهي مما لا نص فيه الا ان ينفرد السؤال عنها ولم يكن معها غيرها يخصص له الدلاء حكم بالدلاء كما مر وما ورد من الخمسة الدلاء والدلوين والثلثة فمحمول على حذف مضاف او على حالة اخرى كما اشرنا اليها ونشير واختار سيد المدارك في الطير مطلقا غير العصفور الخمس لصحيحة الشحام كما اختارها في المعتبر وحمل ( حملا خ ) المطلق عليها والمقيد كالسبع على استحباب الزائد وياتي للسيد ذكر واعلم ان ما دون الحمامة ففيه كما في العصفور دلو وغيره هل يلحق به ام لا ويأتي
الثاني الفارة قد اختلفت اراء العلماء فيها لاختلاف دلالات الروايات فذهب المصنف الى ان فيها سبع دلاء اذا تفسخت او انتفخت فجعل اي الحالتين وجدت حكم بالسبع تبعا للمفيد وابي الصلاح وسلار الا انه قال في المراسم الشرعية اذا تفسخت وانتفخت سبع دلاء واذا لم تتفسخ ولم تنتفخ ثلاث دلاء فظاهر كلامه ان التفسخ هو الانتفاخ لحصره لذلك ولاتيانه بالواو لمطلق الجمع نفيا واثباتا وقال الشيخ اذا تفسخت فسبع دلاء وقال المرتضى في الفارة سبع وقد روى ثلاث ولم يقيد بشيء وقال ابن بابويه واذا وقع فيها فارة فدلو واحدة وان تفسخت فسبع وقال ابن ادريس وحد تفسخها انتفاخها وقال نجم الدين واما الانتفاخ فشيء ذكره المفيد وتبعه الاخران يعني سلار واباالصلاح وقال لا اعلم به شاهدا وقال المصنف واما ابنا بابويه فلا اعرف حجتهما وذكر الشهيد في اللمعة والفارة مع انتفاخها وقال الشهيد الثاني في شرح كلام الاول في المشهور والمروي وان ضعف اعتبار تفسخها فجعل الاول الاعتبار بالانتفاخ ونسب الثاني اعتبار التفسخ الى الرواية ايماء الى اعتباره بقرينة وان ضعف وقال نجم الدين ايضا ومعنى تفسخت تقطعت وتفرقت وقال بعض المتأخرين حد تفسخها انتفاخها وهو غلط ه وعني به ابن ادريس واعلم ان روايات السبع منها مقيد ومنها مطلق فمن المقيد رواية ابي سعيد المكاري عن ابي عبد الله عليه السلام اذا وقعت الفارة في البئر فتفسخت فانزح منها سبع دلاء ورواية ابي عيينة قال سئل ابو عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر فقال اذا خرجت فلا بأس وان تفسخت فسبع دلاء فجعل السبع فيها مع التفسخ وقوله في الثانية اذا خرجت يعني حية لا كما زعمه بعضهم في الرواية ان المعنى اذا خرجت اي لم تتفسخ فانها ان تفسخت فسبع دلاء والا فدلاء جامعا بها بين المقيدة والمطلقة وليس فيها مستند لذلك الجمع لانه اسند الخروج اليها فهي اذا حية وفي صحيحة ابي خديجة عن ابي عبد الله عليه السلام ذكر الانتفاخ ( وان له حالة غير حالة عدمه فهي الدليل على وجود الانتفاخ خ ) الذي ذكره المفيد ومتابعوه في الجملة وان لم يكن فيها دليل من حيث الحكم نفسه حيث جعل للفارة حالتين حالة انتفاخ وحالة عدمه وجعل حالة الانتفاخ ابلغ في التنجيس كما لا يخفى على المتأمل ومن المطلقة صحيحة ليث البختري قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عما يقع في الابار فقال اما الفارة واشباهها فينزح منها سبع دلاء و( مثلها خ ) رواية عمرو بن سعيد فانها تضمنت السبع دلاء للفارة من غير قيد ورواية البطائني عن الفارة تقع في البئر قال سبع دلاء كذلك ورواية سماعة عن الفارة في البئر والطير قال ان ادركته قبل ان ينتن نزحت عنه سبع دلاء وتحتمل هذه الوجهين وصحيحة ابن يقطين فقال يجزيك دلاء فان ذلك يطهرها ان شاء الله فيحمل المطلق على المقيد والا لما كان لزيادة كمية تأثير السبب زيادة اثر في مسببه وهذه الاسباب في الحقيقة ذوات كميات فلذا تختلف مسبباتها لان المستفاد من الاخبار ان للفارة ( الفارة لها خ ) احكاما ثلاثة اذا تفسخت ( انتفخت خ ) وانتنت اي بالماء فينزح لها الماء حتى يطيب كما في صحيحة ابيخديجة المشار اليها قال عليه السلام واذا انتفخت ونتنت نزح الماء كله وقولي حتى تطيب من غير هذه وقد مر فلاحظ وان تفسخت او انتفخت فسبع دلاء والا فثلاث لصحيحة معوية بن عمار ولا يقول شيخنا نجمالدين ان الانتفاخ ليس مذكورا فلم تترتب عليه مزية لانا نقول قد فسرت التفسخ بالتقطع وهذه حالة ثالثة بين ذلك وبين ما اذا ماتت واخرجت قبله والانتفاخ في رواية ابي خديجة مقرون بالنتن فما حكم شيخنا هل يلحقه بالنتن وهو غير حقيقته فينزح له الكل او بالتفسخ فسبع دلاء او بما قبل ذلك وقد قرن بالنتن فلا ريب انه اغلظ نجاسة من حالة الوقوع التي فيها ثلاث دلاء وقد ظهر مما اشرنا اليه من الروايات استدلال من تقدم ذكرهم الا ابن بابويه في الدلو الواحدة فاني لم اجد له دليلا ولو قليلا كما هي عادتي من باب المعونة والاظهر ما اشار اليه المصنف من الثلاث الحالات ويمكن ان يكون ( لها خ ) اربع حالات النتن فينزح له الماء والتفسخ او الانتفاخ فسبع وقبلهما حالتان اذا وقعت وماتت وفيها ثلاث دلاء واذا تفسخت غير هذا التفسخ الذي ذكروه وهو تقطعها وتفرق اجزائها بل تمعط شعرها قبل التفسخ فان ذلك تفسخ ايضا قال اهل اللغة تفسخ شعر الجلد اذا زال وهو بعد الوقوع وقبل التقطع وفيها خمس لصحيحة الشحام اذا لم تتفسخ او يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء وذكر سيد المدارك بعد ان فسر التفسخ بتفرق الاجزاء وجعل فيه السبع قال فالخمس بدونه لصحيحة الشحام ولا بأس به مضافا الى سهولة الامر عندنا
الثالث بول الصبي والمراد به الذكر المغتذي بالطعام قبل البلوغ وفيه سبع دلاء وهو المشهور لرواية منصور بن حازم عن عدة من اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال ينزح منها سبع دلاء اذا بال فيها الصبي وقال ابن بابويه والسيد ثلاثة دلاء قال المصنف ولم يصل الينا حديث يعتمد عليه يدل على ما ذهبنا ( ذهبا خ ) اليه والذي ذكره المصنف هنا اولى ويمكن حمل ما في صحيحة ابن بزيع من الدلاء في قطرات من بول او دم عليها لان الدلاء كما بينا مرارا مجملة محتاجة الى التفسير وتفسر ( تفسيره خ ) فيما فسر بقدر به كما هنا وفيما لم يذكر له قدر بالعشر لانها اكثر ما يضاف اليه اخذ المتيقن ( اخذا بالمتيقن خ ) كما في الدم القليل فيها ولا يلزم الجمع بين ارادتي الحقيقة والمجاز كما قيل بل هو ابهام يفسر في كل بحسبه كما هو شان الجموع المميز كمياتها بالاعداد وما في صحيحة ابنعمار ينزح الماء كله لصب البول والخمر فيحمل على التغير ( التغيير خ ) او على ان البول لغير الصبي والرجل كما مر وما في موثقة البطائني من دلو واحد في بول الصبي الفطيم فيحمل على من لم يغتذ بالطعام جمعا
الرابع اغتسال الجنب خاليا بدنه من النجاسة وينزح له سبع دلاء
تنبيهات : الاول هل يشترط فيه الارتماس ام يكفي اي حالة كانت قال ابن ادريس ينزح لاغتسال الجنب الخالي بدنه من نجاسة عينية المحكوم بطهارته قبل جنابته سبع دلاء وحد ارتماسه ان يغطي ( البئر خ ) رأسه فاما ان ينزل فيها ولم يغط رأسه ماؤها فلا ينجس ماؤها وادعى على ذلك الاجماع قال المصنف انما حصل له هذا الخيال بعبارة الشيخ ان ارتماس الجنب يوجب نزح سبع دلاء والارتماس انما يتحقق بما ذكره وكذا في لفظ ابن البراج وسلار قال في المراسم ولارتماس الجنب وابن حمزة والشيخان اورده بلفظ الارتماس كذلك وفي هذه المسئلة اربع روايات كل واحدة بلفظ غير الاخر الوقوع والنزول والاغتسال والدخول الاولى صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء الثانية صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام او نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء الثالثة رواية ليث البختري قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل ( الجنب خ ) يدخل البئر فيغسل ( فيغتسل خ ) منها قال سبع دلاء الرابعة صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال اذا دخل الجنب البئر ينزح منها سبع دلاء اذا نظرت اليها متأملا رأيت الاوليين والرابعة تشعر بالنزول في الماء ولا تفيد غير ذلك والثالثة تشعر بعدم الارتماس اذ لو اريد الارتماس لقيل فيغسل ( فيغتسل خ ) فيها لا منها وان كان من السائل لكن الجواب اطبق ( طبق خ ) السؤال والثلاث وان اشعرت بالنزول الا انه اعم من الارتماس لجواز الترتيب على انه اذا ( ان خ ) كان المانع هو الماء المستعمل فالغاية حاصلة وان هذا والذي يفيدك النص ما هو اعم والتخصيص يحتاج الى نص مخصص ولم يوجد والاجماع المدعي غير ثابت فالاوجه عدم الاشتراط وهو اختيار المصنف والشهيد والمحقق وغيرهم الثاني هل وجوب النزح لان المستعمل في رفع الحدث الاكبر غير مطهر فينزح ليكون طهورا فان اثبتنا الطهورية لم يجب ام ( او خ ) لا للنجاسة لانفصال الحدث فيه او لا بل تعبد شرعي خلاف قال سيد المدارك صرح جدي في الشرح بالثاني ه ولا يخفى وهنه لان الحدث نجاسة حكمية لا عينية ولما في الاخبار من ان الماء لا يجنب وقيل المقتضي للنزح هو كونه مستعملا في الكبرى قال المصنف وهذا انما يتمشّى عند الشيخين اما نحن فلا قال ومن العجب ان ابن ادريس ذهب الى ما اخترناه من بقاء الطهورية في المستعمل واوجب النزح ومثل معنى قول العلامة قال نجمالدين الى ان قال الا سلار فانه قال بالنزح ولم يمنع الطهورية والذي يقوي عندي لو قلت بانفعال البئر انه يجب وان قلت بطهورية المستعمل كما ذهب اليه سلار وابن ادريس تعبدا وقول نجمالدين اذا كان الجنب طاهر الجسد وماء غسله غير ممنوع منه فما وجه ايجاب النزح غير ملزم لان وجه الايجاب ان الشارع عليه السلام تعبد بذلك ولا يسئل عما يفعل الثالث هل يشترط في ثبوت هذا الحكم اغتساله بنية ام لا بل يكفي مباشرته للماء ظاهر المفيد الثاني لظواهر الروايات السابقة وقال المحقق والمصنف بالاول لان الملاقاة بدونها لا يزيل حكم الطهورية عنه بالاجماع وهو الاظهر لان الاخبار تشعر بذلك اذ فيها يدخل البئر فيغتسل منها ويقيد اطلاق غيرها بها ولانه المتبادر عند الاطلاق الرابع هل يرتفع حدثه ام لا قال الشيخان لا يرتفع للنهي عن الاغتسال في صحيحة ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا اتيت البئر وانت جنب ولم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به تيمم بالصعيد فان رب الماء والصعيد واحد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم والنهي في العبادة مستلزم الفساد فدلت على تحريم الوقوع وعلى نجاسة البئر بدليل ولا تفسد على القوم ماءهم وذهب المصنف الى الاول لان الموجب للنزح سلب الطهورية ولا يكون الا بارتفاع الحدث وثبوته حكما في الماء فيزال بالنزح واختاره ابن فهد وهو الاصح لما ذكر ولان النهي في الرواية يحتمل انه من جهة ( نجاسة خ ) بدنه او انه يكون ارشاديا كما تشير اليه صحيحة الرقي على ان الاشكال انما يتوجه الى الشيخين حيث ذهبا الى فساد غسله وحكما بالتنجيس مع انهما لا يقولان بذلك لان النزح عندهما لذهاب الطهورية ولا تذهب بالفساد اتفاقا الخامس هل يلحق به الحائض والمستحاضة والنفساء في هذا الحكم ( ام لا خ ) احتمالان من وجود العلة المستلزمة وجود المعلول ومن الاقتصار على مورد النص فيما خالف الاصل الظاهر والذي يقوي عندي الثاني فلا يترتب عليهن حكم للاصل الطاهر ( للاصل والظاهر خ ) ولعموم الاخبار الدالة على الاباحة في كل شيء قبل توجه الخطاب بها نعم من يرى النزح لتعود الطهورية فلا ريب عنده في الالحاق لكن يتم له هذا في الحائض والنفساء ويشكل في المستحاضة اذا لم يكن انقطاعه عن برء لعدم ارتفاع الحدث والاستباحة لا تنهض بالسببية
فرعان :
الاول لا يلحق الجنب به ( به الجنب الكافر خ ) لانه نجس فيجب له نزح الجميع على الاصح كما مر
الثاني يشترط خلوه من نجاسة عينية كما ذكر فلو كان عليه نجاسة مني نزحت كلها
الخامس خروج الكلب منها حيا ينزح له سبع دلاء على المشهور لصحيحة ابنمريم عن جعفر بن محمد عليه السلام قال اذا وقع فيها ثم اخرج منها حيا نزح منها سبع دلاء وقال ابن ادريس ينزح لخروجه حيا اربعون الحاقا بما لا نص فيه اذ لم يرد فيه نص متواتر بناء على مذهبه من عدم جواز العمل بخبر الاحاد وانما اوجب الاربعين لما قرره من ان كل نجس يزيده الموت نجاسة فميته اغلظ من حيه والكلب في ميته الاربعون فلخروجه حيا بطريق اولى والاصح الاول للصحيحة المذكورة وهي حجة عليه لا سيّما مع اعتضادها بعمل الاصحاب لم ينقل منهم خلاف الا منه على ان كلامه يعطي ان ينزح لخروجه حيا اقل من اربعين والا لغا قوله بزيادة النجاسة بلا مقابلة او ينزح له الكل اذ ليس فيه نص فالعمل على الاول اولى ولا يلحق به الخنزير اذا خرج حيا لعدم النص بل ينزح له الجميع
تذنيب قال ابن فهد في موجزه وينزح ست لوزغ وعقرب ولم نجد به رواية ولا قول فقيه غيره لان اقوال الفقهاء فيهما اربعة : الاول وجوب ثلاث دلاء وهو قول الشيخين وابنحمزة وابنالبراج وابن بابويه والشهيد ولهم في الوزغة صحيحة ابنعمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال ينزح منها ثلاث دلاء وفي هداية الامة للحر وروي في العقرب ثلاث الثاني دلو واحد وهو قول سلار وابي الصلاح ولهما ظاهر مرسلة عبد الله بن المغيرة عن ابي عبد الله عليه السلام في جلود الوزغ قال يكفيك دلو من ماء الثالث استحباب ثلث دلاء وهو قول المحقق في المعتبر والمصنف في النهاية والقواعد والتحرير ولم يذكراهما في الشرايع والارشاد الرابع عدم النزح اصلا وهو قول ابن ادريس لانهما ليس لهما نفس سائلة ولصحيحة ليث المرادي عن ابي عبد الله عليه السلام قال وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس واشباه ذلك فلا بأس ولموثق الساباطي عنه عليه السلام قال كل شيء ما ليس له دم فلا بأس وجعل ما افتي به الجماعة من النزح لرواية شاذة مخالفة لاصول المذهب قال المصنف في المختلف ويجوز ان يكون الامر بالنزح من حيث الطب بحصول الضرر في الماء بالسم لا من حيث النجاسة ولا شك ان السلامة من الضرر امر مطلوب للشارع فلا استبعاد لا يجاب النزح لهذا الغرض وهو توجيه حسن وبعض المحشين على الموجز ذكر في قوله وينزح ست لوزغ وعقرب ان مراده لكل منهما ثلاث وهو تخريج للعبارة والله اعلم
وخمس لذرق الدجاج كذا ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط وقيده سلار في المراسم وابن ادريس في السراير بالجلال وعللاه بأن مأكول اللحم لا يكون لذرقه حكم لانه طاهر ولم نجد على التقييد ولا الاطلاق مستندا ظاهرا واستشكل الامرين في المعتبر لان غير الجلال طاهر ولا دليل على الحكم في الجلال بخمس فاحتمل الحاقه بالعذرة اذ يسمى عذرة لغة ففي يابسه عشر وذائبه اربعون او خمسون كما مر واحتمل ثلاثين لرواية كردويه والظاهر لي بعد الحاقه بعذرة الانسان وادخاله في مدلول رواية كردويه ابعد والاقرب الحكم بالخمس اذ المقدرات معروفة في هذا الباب فتحت سبع خمس والدجاجة فيها سبع كما مر وذرقها لا يساويها مطلقا لانها اغلظ نجاسة منه واكبر جثة واوسع شيوعا وقد ورد فيها السبع والخمس فلا يبعد حمل السبع عليها والخمس على الذرق على حذف مضاف اي ذرق الدجاجة كما في صحيحة الشحام ولا يضرني في تقديره هناك بدم وهنا بذرق لما قررت سابقا من ( ان خ ) كلامهم يراد عن الكلمة احد سبعين وجها وانه لا ينزف ولاني لم اقل بالخمس في الدم القليل ولو قلت قلت ان باب التقدير واسع والفائدة في عدم ذكر المضاف ليعم جميع ما يحسن نسبته الى المضاف اليه في ذلك المقام بالحذف لا بالذكر لعدم التصرف في المذكور
وثلاث للفارة والحية اراد بالثلاث الدلاء في الفارة اذا ماتت ولم تتفسخ ( او تنتفخ خ ) فاما المستند في الفارة فصحيحة معوية بن عمار قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلاث دلاء واما الحية فقد ذكرها المصنف في بعض كتبه وفيها ثلاث قال في المنتهى عاطفا على حكم الفارة في الثلاث ولموت حية سواء تفسخت او لا والحق الشيخ بها الوزغة والعقرب واقتصر المفيد على الوزغة وقال ابوالصلاح للحية والعقرب ثلاث دلاء وللوزغة دلو واحدة وقال عليّ بن بابويه اذا وقع فيها حية او عقرب او خنافس او بنات وردان فاستق للحية دلوا وليس عليك فيما سواها شيء وابن ادريس اقتصر على الحية بثلاث اما الحية فلم نقف على حديث يدل على ما ذكره فيها ويمكن التمسك فيها بحديث عبد الله بن سنان الدال على حكم الدابة الصغيرة لكنه يدل على نزح سبع دلاء انتهى كلامه وقال في الذكرى وللحية في المشهور يعني الثلاث قال احالة على الفارة والدجاجة التي روى فيها دلوان وثلاثة وهو مأخذ ضعيف ثم قال وفي المعتبر يرى وجوب النزح معللا بأن لها نفسا سائلة واومأ الى الثلث لقول الصادق عليه السلام لموت الحيوان الصغير دلاء واقل محتملاته الثلاث انتهى اقول ليس فيما وصل الينا نص صريح يذكر الحية بشيء فيها بل روى كلما ليس له دم فلا بأس به وفي صحيحة ابن عمار في الوزغة ثلاث وروى منهال في العقرب عشر دلاء وروى ثلاثا ( ثلاث خ ) للعقرب وشبهه فيمكن التمسك للحية بعموم هذه الرواية فانها شبه العقرب من جهة السم فيكون الحكم بالثلث منوطا على الحيوان ذي السم من الحشرات فايما وجد فيه فهي حكمه ولهذا قال في المختلف ان الامر بالنزح من حيث الطب بحصول الضرر في الماء بالسم والتوقي منه مطلوب شرعا ويدل على هذا حسنة هرون بن حمزة الغنوي عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال غير الوزغ فانه لا ينتفع بما يقع فيه ويمكن الاستدلال بعموم صحيحة الحلبي التي اشار اليها المحقق بنزح دلاء في شيء صغير وحمل الدلاء على الثلث لانها المتيقن والاصل عدم ما زاد ولانه ذكر فيها بعد ذلك السبع للجنب ونزح الجميع للبعير والخمر ولا ريب ان الدلاء اقل من السبع هنا والشيء اعم العام فيشمل كل شيء صغير الا ما خرج بالدليل كالعصفور مثلا والله اعلم
ودلو في العصفور وشبهه وبول الرضيع اما الحكم بالواحدة في العصفور فلموثقة الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام قال واقله العصفور ينزح منها دلو واحد قال في المنتهى واما العصفور وشبهه فقال به الشيخان واتباعهما واستدل لهما بالموثق المذكور وهو لا يدل على الشبه صريحا وانما هو العصفور لا غير قال نجم الدين : فرع قال الصهرشتي كل طائر في حال صغره ينزح له دلو واحد كالفرخ لانه يشابه العصفور قال ونحن نطالبه بدليل التخطي الى المشابهة ولو وجد في كتب الشيخ او كتب المفيد لم يكن حجة ما لم يوجد الدليل انتهى وقال الشهيد في الذكرى لا يلحق صغار الطيور بالعصفور لعدم النص خلافا للشيخ نظامالدين الصهرشتي شارح النهاية بل ( الاولى نسخة ) الحاقها بكبارها انتهى ولا يخفى ان الحكم مع المشابهة ليس من الصهرشتي بل من الشيخين ففي النهاية فان مات فيها عصفور وما اشبهه نزح منها دلو واحد وفي المقنعة وان وقع فيها عصفور وشبهه نزح منها دلو واحد فقد حكما بالشبه مع حكمهما بأن ما فيه سبع من الحمام الى النعام وانما تفرد بالحاق الفرخ من الكبير حال صغره ويحتمل انه فهم منهما فيه الشبه بأن اول الشبه بالحجم حال الوقوع في البئر لا بما تنتهي اليه خلفه ( لخلقة خ ) الواقع في الكبر قال السيد المدارك وذكر الشارح قدس سره انه يدخل في شبهه كل ما دون الحمامة في الحجم وانه لا يلحق به الطير في حال صغره وهو مشكل والاجود قصر الحكم على ما يصدق عليه اسم العصفور اذ لا دليل على الحاق غيره به واولى منه نزح الخمس او الثلث للطير مطلقا لصحيحتي الفضلاء وعليّ بن يقطين عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام انتهى والمفهوم من كلام السيد في هذا الموضع وما بعده ان ما يسمي عصفورا فيه دلو وغيره والكبير والفرخ حال صغره فيه الخمس او الثلث لانه قال وينبغي ان يراعي في ذلك اطلاق الاسم ثم قال وقد عرفت ان المتجه الحاق الجميع بالطير وهذا اشارة الى قوله قبل واولى منه الخ و( ان خ ) اراد به غير ما يسمى عصفورا لقوله وينبغي ان يراعي في ذلك اطلاق الاسم فمحصل كلامه العدول عن السبع في الطير غير العصفور الى الخمس او الثلث ويشكل على اولويته اولوية تخصيص العام وتقييد المطلق لا العكس فالسبع خاصة ناصة في الحكم عامة لما لا يسمى عصفورا واراد بصحيحتي الفضلاء وابن يقطين صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عنهما عليهما السلام وفيها الى ان قال والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء وصحيحة عليّ بن يقطين عن الكاظم عليه السلام وليس فيها ذكر ( الطير نعم فيها ذكر خ ) الحمامة والدجاجة الى ان قال يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها ان شاء الله فحمل الدلاء على الخمس او الثلث والحمامة والدجاجة على فرخيهما او مطلق الطير لا يجدي نفعا مع وجود الارجح وتفسير الدلاء في الصحيحتين بالسبع اولى من تفسيرها بالخمس او الثلث وحمل السبع على الاستحباب جار في الخمس ولو قصر الحكم على الخمس لصحيحة الشحام كما تقدم عنه وعن المعتبر كان له وجه لكن لا معنى لقوله هنا او الثلث والاولى وان كان فيها الطير وهو يعم لكن الدلاء عامة فان فسرها بالثلث لانها المتيقن كان في الحمامة والدجاجة خمس وفي غيرهما ثلث ونقول ذكره او بين الخمس او الثلث ان كانت للترديد لم ينتفع بصحيحة الخمس اذ فيها فيكفيك فدونها لا يكفي ولا دليل صريح على الثلث ان كان ( كانت خ ) للتقسيم ولا على التقسيم على انه يلزم منه التخصيص كما ذكر سلمنا لكن ايها ذو الخمس وايها ذو الثلث على الثاني واي هي الخمس او الثلث على الاول ونحن وان رضينا ان الحمامة والدجاجة فيهما الخمس للصحيحة لم نرض ان فيهما الثلث فهل الثلث في الاكبر منهما والاصغر وانما ذكرنا هذا الكلام والانسب ان يكون هناك لما ذكره رحمه الله استطرادا والحاصل ان قوله والاجود قصر الحكم على ما يصدق عليه اسم العصفور متجه وغيره غير مسلم والظاهر ان ما يصدق عليه اسم العصفور كالصعوة والقبرة والسنونو اي الخطاف والعصافير البرية باقسامها بل يطلق على ما دون الحمام كما ذكر في الصيد للمحرم فيحمل قول الشيخين عصفور وشبهه ان العصفور هو الاهلي وشبهه ما يسمى به واراد الشهيد بصغار الطيور في كلامه الفراخ حال الصغر كما هو ظاهر كلامه واشترط الراوندي ان يكون مأكولا احترازا عن الخفاش فانه نجس وان كان في حجم العصفور وهو مشكل بعيد من جهة شرط المأكول ولا يبعد ادخال الخفاش في الشيء الصغير وفيه دلاء لشموله له قطعا وللشك في تسميته عصفورا ولم نجد مستند الشبه وانما ادخلنا غيره في العصفور بالاسم لا بالشبه والحجم واكثر العلماء على اعتبار الحجم في تناهي الخلقة فينزحون للخفاش دلوا وكذا كلما قارب حجم العصفور قال في السرائر وللعصفور وما اشبهه في المقدار دلو واحد وكذلك ينزح للخطاف والخشاف دلو واحد لانه طائر في قدر جسم العصفور انتهى والخشاف لغة ( والخشاف والخفاش لغتان خ ) فيه وهو المسمى بطوير الليل واما بول الرضيع فهو فتوى الشيخين وابنالبراج والمصنف وقال ابو الصلاح وابن زهرة العلوي لبول الصبي الرضيع ثلث دلاء فان اكل الطعام فسبع دلاء وقال السيد لبول الصبي سبع دلاء واطلق وقال ابن ادريس وان كان ذكرا غير بالغ قد اكل الطعام واستغني به عن اللبن فسبع دلاء وان كان رضيعا لم يستغن بالطعام عن اللبن والرضاع وحده من كان له من العمر دون الحولين سواء اكل في الحولين ام لا وسواء فطم فيهما ام لا قال المصنف اما ابن ادريس فلا ادري من اين حدد الصبوة بالحولين والجماعة انما قالوا اذا اكل الطعام ينزح له سبع دلاء واذا لم يأكل ينزح له دلو واحد وقال المحقق لبول الصبي سبع وفي رواية ثلث ولو كان رضيعا فدلو واحد وقول المصنف قوي اما في الصبي المغتذي فقد مر دليله وفيه سبع واما الرضيع الذي لم يغتذ فلخفة نجاسة بوله ولهذا يكفي في الطهارة منه الصب والرش كما يأتي ان شاء الله تعالى وفي موثقة البطائني عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر فقال دلو واحد فان اريد بالفطيم ما قارب الفطام كما قيل فهو دليلنا وان اريد المفطوم فدليلنا الاولوية ولو قيل بتفصيل مراتب الصبي على ثلث الرضيع الى الفطام وفيه دلو واحدة وبعده الى ست سنين وفيه رواية الثلث ومنها الى البلوغ وفيه رواية السبع لكان حسنا لان اختلاف التقدير باختلاف النجاسة في الغلظ اما الى الفطام فظاهر واما الى الست بأن يكون ما قبلها اخف مما بعدها الى البلوغ فهو خفي جدا وفي الاخبار ما يومئ اليها كثيرا في بواطن التفسير وليس هذا مقام بيانه وقد حققناه في مباحثنا ( مباحثاتنا خ ) بحيث لا يشك فيه الا اهل الغباوة نعم لم يؤذن لنا بالتفرد بالقول فان قيل به فانا اول العابدين والا فالسبع للصبي المغتذي الى البلوغ وغيره فدلو او ثلث وتقييد البيان في الرضيع بابن المسلم عجيب فانه لم يقيد في الرجل بالمسلم ولا فرق بينهما ولا نص فارق وتبعه البهائي في اثنا عشريته بعدم العصر في الغسل ( القليل خ ) من بول الرضيع من المسلم ولعلهما نظرا الى مباشرة البول لنجس العين فتغلظ ( فتتغلظ خ ) نجاسته بعد الحكم عليها بالخفة ويلزمهما ان يجرياه في بول الصبي بل في بول الرجل الغير المسلم لان الرضيع انما حكم بكونه نجس العين لالحاقه بابيه فيلحق بما لا نص فيه وعموم النص ينفيه وتقييدات ابن ادريس استفادها من حكم الاصحاب على الرضيع الذي لم يغتذ بالطعام بالدلو وغيره بالسبع ومن ايماء بعض ما ذكرنا ( ذكر خ ) من الاخبار المبني على الاغلبية
خاتمة وفيها مسائل : الاولى الجزء كالكل في الحكم لانه منوط بنوع النجاسة لا بكمها فاصبع الانسان فيه سبعون كالانسان على المشهور وقال ابن بابويه في المقنع بالفرق فجعل للكل ما قدر له وللبعض ما في رواية كردويه ورواية زرارة المتقدمتين في المقامين ان لم يزد ما للبعض عما للكل وقال ابن فهد الجزء كالكل واستثني ما في الروايتين وهي قطرة الخمر والنبيذ وقطعة الميتة ولحم الخنزير وقطرة الدم والبول ولم اجد احدا صرح بذلك غيرهما بل حكموا بالمساواة الا الشهيد فانه لم يتعرض لشيء ويأتي احتمال المحقق الثاني عن المدارك وينبغي ان يقيد الدم بدم نجس العين وان ( او من خ ) الدماء الثلثة جمعا بين الدليلين وكذا البول ببول المرأة والخنثى وصغيريهما كما اومأ اليه ابن فهد بقوله والبول يتناول الانثى والخنثى والا فقد مضى ان لقليل الدم عشرا وهو اكثر من القطرة والزيادة في كم النجاسة يقتضي الزيادة في كم المطهر ولهذا في كثيره اربعون قال المحقق في الشرايع الا ان يكون بعضا من جملة لها مقدر فلا يزيد حكم ابعاضها عن جملتها وقال سيد المدارك لا ريب في عدم زيادة الابعاض عن الجملة وانما الكلام في وجوب منزوح الجملة للبعض فقيل بالوجوب لتوقف القطع بيقين البراءة عليه واحتمل المحقق الشيخ عليّ (ره) الحاقه بغير المنصوص لعدم تناول اسم الجملة له و( هو خ ) انما يتم اذا كان منزوح غير المنصوص اقل من منزوح الجملة اذ لا يعقل زيادة حكم الجزء على الكل انتهى يريد به على القول بنزح ما في رواية كردويه لغير المنصوص وكان ذلك الجزء من كل فيه ازيد من الثلثين وهو حسن واعلم ان في المقنع بالفرق قوة اذ في الروايتين ذكر ابعاض جميع انواع النجاسات بعض البول والخمر والنبيذ المسكر والدم ولحم الخنزير والميت والميت شامل لكل حيوان ميت ففي بعض كل ميت عشرون الا ما يتجاوزها كله فقد جمعتا كل النجاسات الا المني والعذرة ولا دليل على المساواة الا طلب اليقين وقد يكون فيهما بل لعل الحكم انما نيط بالكم او به وبالنوع ولولا مخالفة الاعلام لكان الحكم بهما متجها الثانية الصغير كالكبير الا بول الصبي وفراخ الطيور حال صغرها عند الصهرشتي والانثى كالذكر الا في بول المرأة خلافا لابن ادريس والا البقرة على قول مشهور لدخولها في الاسم الشامل للصغير والكبير والذكر والانثى الثالثة يدخل في الفارة الجرذ الاهلي والبري وهو كبيرها واليربوع للشبه لصحيحة ليث المرادي قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عما يقع في الابار فقال اما الفارة واشباهها فينزح منها سبع دلاء وهو ظاهر الرابعة لا يشترط في النزح النية لانه جار مجري ازالة النجاسة ووجوب النية منفي بالبرائة الاصلية فيطهر حينئذ بنزح الصبي والمجنون والكافر مع عدم المباشرة ويشكل على من يحكم بانفعال مائها فانه انما يطهر بنزح الجميع او انه متعبد بنزحه ولو للاستعمال فتجيء النية وقد قالوا في مسئلة التراوح لا يكفي مقدار اليوم من الليل ولا الملفق منهما وقال بعضهم لا تكفي الا الرجال في التراوح وان ساوتهم النساء والصبيان في القوة وكل هذه ( الشروط خ ) يومئ الى نوع عبادة ولا ينافي هذا رواية ابي عيينة عن الصادق عليه السلام في من توضأ من البئر ثم وجد ( بعد خ ) فيها فارة فلا اعادة عليه قائلا (ع) قد استقى اهل الدار منها ورشوا لان هذا دليلنا على عدم الانفعال لانه عليه السلام انما قال ذلك له رفعا لنفرة نفسه لما تقدم من ان مثل هذا لا اعادة عليه وان لم ينزح لها ولو من القليل اجماعا منا وبالجملة فالمسئلة مشكلة ومخالفة الاصحاب اشكل نعم من يرى الطهارة فالنزح لنفرة النفوس يكفي كيف ما اتفق واما للاستحباب الشرعي فكذلك لا يتم بدونها لكني لم اجد مشترطا وهذا دليل على ان ذلك ليطيب الماء وتطيب النفوس خاصة الخامسة اذا وجد في البئر نجاسة حكم بها من حين الوجدان لاصالة الطهارة واصالة عدم سبق وقوعها ولرواية ابي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام بئر يستقي منها ويتوضأ به ويغسل منه الثياب ويعجن به ثم يعلم انه كان فيها ميتة قال فقال لا بأس ولا يغسل منه الثوب ولا تعاد منه الصلوة ومثلها صحيحة معوية بن عمار في هذا المعنى وتقدمت وروايتي ابان وابي عيينة كذلك وللاجماع منا لا اعلم فيه مخالفا وخالف ابو حنيفة من العامة فقال ان وجدت متفسخة او منتفخة اعاد عبادة ثلثة ايام والا فعبادة يوم وليلة قال في المعتبر ومستنده خيال ضعيف السادسة اذا تكثرت النجاسة فاما ان يكون الواقعان جزئيين ( او جزئين خ ) او جزئيا وجزءا وكل منها ( منهما خ ) اما ان يكونا متفقين نوعا او جنسا او مختلفين كذلك وكل منها اما ينزح لكل منهما الكل او البعض او لاحدهما البعض وللاخر الكل فهذه ست وثلثون صورة ( سقط خ ) منها ما تكرر او امتنع اثنان وعشرون صورة بقي اربعة عشرة تسعة منها يجب فيها نزح الجميع اتفاقا وهي : الاول بعيران الثاني بعير وثور الثالث بعير وخمر الرابع بعير وانسان الخامس بعير ودم السادس خمران السابع خمر ومني الثامن خمر وانسان التاسع خمر ودم وخمس منها فيها الكلام وهي : الاول انسانان والثاني انسان وحمار الثالث انسان ودم الرابع دمان الخامس بول ودم فان كانت مختلفة الحقيقة مطلقا فالمحقق في المعتبر والشرايع على عدم التداخل لاختلاف المقتضي وان كانت متفقة مطلقا قال في المعتبر ففيه تردد ووجه التداخل ان النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد اذ النجاسة الكلبية او البولية موجودة في كل جزء فلا يتحقق زيادة توجب النزح ووجه عدم التداخل ان كثرة الواقع تؤثر كثرة في مقدار النجاسة فتؤثر شياعا في الماء زائدا الخ انتهى وعدم فرقه بين اسم الجنس الافرادي وبين الجزئي يشعر بانحصار مناط الحكم بالنوع او الكم في انفسهما وهو وان سلم في النوع ممنوع في الكم اذ لا ضابط غير العرف كالدم في القلة ثم هو كثير فمنه ( فيه خ ) اربعون حتى يغير وذهب الشهيد في الدروس والبيان الى عدم التداخل مطلقا وهو ظاهر الموجز حيث قال ولا يتداخل لو اجتمع منها متماثلا وذهب المصنف الى التداخل مطلقا صرح به في القواعد وغيره لعدم الدليل على التعدد وللاصل بعد نزح المقدور ( المقدر خ ) وللامر بالسكوت عما سكت الله عنه ولا تشددوا على انفسكم وغير ذلك وذهب في المنتهى الى التفصيل فقال ان كانت من نوع واحد فالاقرب سقوط التكرير في النزح لان الحكم معلق على الاسم المتناول للقليل والكثير لغة اما اذا تغايرت فالاشبه عندي التداخل انتهى وهو وان لم يجزم هنا في الوجهين الا ان ظاهر كلامه في المتفق الراجحية وفي التداخل على المختلف وان رجحه على التعدد بأن نسبه الى الاشبه واستدل عليه واحتمل بعضهم القدر المشترك او الاكثر مقدرا جمعا بين الاعتبارين هذا اذا لم يكن فيها ما يوجب نزح الجميع واما اذا كانا يوجبان نزح الجميع سواء كانا مختلفين او متفقين جزئيين او جزئين او كان احدهما يوجب نزح الكل مطلقا فانه ينزح لهما الجميع ( وهي خ ) التسعة المتقدمة ولا يكلف بالمعدوم ويتداخل قولا واحدا فاذا جاء ماء بعده فلا يتعلق به شيء مطلقا بالاجماع وما عدا ما فيه موجب الجميع وهي الخمسة الباقية فالاظهر ان يقال ان كانا جزئيين مختلفين او متفقين لم يتداخلا لتعدد السبب التام المستقل في السببية وكذا الجنس ( والجزئي خ ) وان كانا اسمي جنس ( جنسين خ ) وهما متفقان تداخلا لعدم الدليل على التعدد شرعا واعتبارا ولقضاء العرف بالوحدة والاتحاد لعدم المغائرة شرعا وعرفا وان كانا اسمي جنس مختلفين فان تعاقبا في الوقوع او تمايزا وان تساوقا في الوقوع لم يتداخل لتحقق التعدد بالتعاقب او التمايز في العلة كذلك وان لم يتمايز الحق بما لا نص فيه فيه عندنا نزح الجميع ان لم يكونا في ماء المطر كما مر وقول سيد المدارك في نفي البعد عن التداخل مطلقا على حد ما يقال في تداخل الاغسال والغسلات المعتبرة في التطهير وقد عرفت ان علل الشرع معرفات للاحكام مردود لورود النص في الاغسال والغسلات هناك فليقتصر فيما خالف الاصل على مورد النص والحق ان علل الشرع اسباب وان عرف بها الحكيم عليه السلام بعض الاحكام اذ لا يعدل المعرف عن العلة الحقيقية الى الاقناعية الا لجهله بها او لعجزه عن التعبير عنها بما يناسب المقام او التفهيم وكل هذه منتفية عن العالم الحكيم نعم قد لا يعرف المعرف له العلة لابرازها له في تمام البيان والظهور بحيث يتساهلها ويستقلها على حكم المعلول جهلا منه بها فيكون الحكيم بذلك قد جمع بين علمه وانه لا يصح ان يكون لله حجة يسأل فيقول لا ادري لانه عالم وحجة وليقطع العذر وبين عدم ظلم الحكمة ان ابرزها لغير اهلها وظلم اهلها ان منعهم على حد قوله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي حيث قالوا ان اجابنا عن الروح فليس بنبي ولا يصح الا يجيب فاجاب بحقيقة الجواب ولم يجبهم ولولا خوف الاطالة والخروج عما نحن فيه لشرحت بعض العلل ليتحقق الحق لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ولكن ليس هذا مقام ذلك وانما ذكرناه ليعلم اصلنا فيه لابتناء بعض الاحكام عليه السابعة لو وقع فيها حيوان غير مأكول وخرج حيا لم تنجس الا الكلب واخويه لان الماء لا يصل الى ما ( في خ ) جوفه لانضمام المخرج نعم لو كان مجروحا وفيه دم او فيه نجاسة اخرى او فرض دخول الماء في جوفه وعلم اتصاله بالنجاسة نجس على القول بالنجاسة لان المتصل بها اتصل بالبئر الثامنة لو سبق اليها نهر جار واتصلت به طهرت وليس ( ولكن لا خ ) لكونها كجزئه لتخرج عن مسمى البئر بل لما ذكرنا وليس في رواية كردويه دلالة على العدم لان ماء المطر فيها نجس بما فيه لقلته او تغيره ومرادنا به الطهور الكثير واشتراط المساواة او اللبث او الامتزاج حسا غير متجه التاسعة النزح بعد اخراج النجس ان لم يستهلك اذ لا فائدة فيه قبله لبقاء الموجب واستمرار التأثير لدوام الملاقاة ولقولهما عليهما السلام في صحيحة الفضلاء يخرج ثم ينزح من البئر دلاء وغيرها من المعتبرات رتبه بحكم ثم المفيدة للتعقيب وللاجماع العاشرة لو تمعط الشعر نزح او استخرج حتى يعلم خروجه او استحالته واضمحلاله ثم ينزح المقدر ويكفي الظن فيهما فان استمر عطلت الحادية عشرة اذا لم نقل بالانفعال حينئذ فايما دلو خرج فيها شيء اهريقت والخالية طاهرة كما في مرسلة عليّ بن حديد عن ابي عبد الله عليه السلام وقد تقدمت الثانية عشرة روي العلا بن سيابة عن الصادق عليه السلام في بئر محرج يقع فيه رجل فمات فيه فلم يمكن اخراجه من البئر ايتوضأ في ذلك البئر قال لا يتوضأ فيه ويعطل ويجعل قبرا ( قبره خ ) وان امكن اخراجه اخرج وغسل ودفن قال رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا سويا اقول المحرج بضم الميم وفتح الحاء المهملة والراء المشددة من الحرج اي الضيق ( المضيق خ ) وروي مخرج بالمعجمة بعد الميم المفتوحة مكان خروج الفضلات اعني الكنيف وعليه يحمل ( قوله خ ) رجل مات في بئر مخرج قال صاحب مجمعالبحرين قال في الوافي واما جعل المخرج بفتح الميم والخاء المعجمة الساكنة وجعل التوضئ تجوزا عن التغوط فيشبه ان يكون تصحيفا مع انه لا تساعده النسخ وقال بعض العلماء انه ( ان خ ) صاحب الوافي نقله بالمهملة لانه نسخه كذلك وهذا اظهر معنى ثم ان اريد بالوضوء رفع الحدث فالمراد بنفيه التحريم ان تغيرت ومع عدمه فلا استحباب وان اريد ( به خ ) كناية عن التغوط فهو حرام لوجوب جعلها قبرا الثالثة عشرة لو تعددت النجاسة من موجب نزح الجميع للجميع كما تقدم ويتداخل لعدم وجود المنزوح فان تعذر لكثرة المادة مثلا فهل يكفي التراوح لها كلها يوما واحدا لعدم الدليل على التعدد واصالة البرائة ام لا بد من الرواح يوما لكل نجاسة لان التراوح يوما عوض نزح الجميع وكل واحدة منها مقتضية له ام يراعي زوال التغير ان كان وان نقص عن تراوح يوم والا فتراوح يوم واحد وهذا الاخير اقوى عندي الرابعة عشرة لو وقع فيها عصير عنب قد غلا واشتد حتى غلظ وثخن قبل ان تذهب ثلثاه قال في المختلف الخمر وكل مسكر والفقاع والعصير اذا غلا قبل ذهاب ثلثيه بالنار او من نفسه نجس ذهب اليه اكثر علمائنا كالشيخ المفيد والشيخ ابي جعفر والسيد المرتضى وابو الصلاح وسلار وابن ادريس وظاهر كلامه ان العصير اذا غلى نجس عند الاكثر وظاهر كلامه ذلك وان لم يشتد وقال الخراساني في الكفاية واكتفى بعضهم في التنجيس بمجرد الغليان وقال في التذكرة اذا غلا يعني العصير حرم حتى تذهب ثلثاه وهل ينجس بالغليان او يقف على الشدة اشكال وظاهره انه توقف في توقف التنجيس على الشدة وظاهر قول الاكثر نسبة التنجيس الى المشهور وظاهرالذكرى على العكس حيث نسبه الى ابنحمزة والمحقق وفي روضالجنان نسبه الى مشهور المتأخرين وقد تسمى ( سمي خ ) خمرا في صحيحة الحجاج عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والبتع من العسل والمزر من الشعير والنبيذ من التمر ومثلها رواية عليّ بن اسحق الهاشمي عن ابي عبد الله عليه السلام وقول الشهيد في البيان ( بيانه خ ) ولم اقف على نص يقتضي تنجيسه الا ما دل على نجاسة المسكرات لكنه لا يسكر بمجرد غليانه واشتداده ان اراد نصا يفيد التنجيس فموجود مثل ان الخمر من خمسة كما في المعتبرتين وغيرهما ومن الخمسة العصير من الكرم فيشمله قوله تعالى انما الخمر والميسر الاية فيكون بعموم الاسم داخلا فان قيل المراد به في الروايات الخمر قلنا كذلك ومنه العصير بالنص فان قيل ان علة ( العلة في خ ) التنجيس الاسكار والمعروف من العصير عدمه قلنا النصوص دلت على ان العلة في تحريم الخمر الاسكار كما دلت عليه صحيحة عليّ بن يقطين عن ابي الحسن عليه السلام ان الله تبارك وتعالى لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته الخمر فهو خمر وقد حكم بتحريم العصير في كتبه وعلة التحريم في الخمر والعصير واحدة لا انها يحتمل ان تكون اخرى ليتجه له الجواب عن غيره فيلزمه الجواب عن نفسه لنا على ان ذلك اذا لم يشتد واما اذا غلي واشتد فهو خمر كما نقله في الذكرى عن المعتبر من قوله محرم مع الغليان حتى يذهب الثلثان ولا ينجس الا مع الاشتداد انتهى ورواية عمر بن يزيد تشير اليه فتأملها قال قلت لابي عبد الله عليه السلام الرجل يهدي الى البختج من غير اصحابنا فقال عليه السلام ان كان ممن يستحل المسكر فلا تشربه وان كان ممن لا يستحل فاشربه فان قيل انما عنى بالمسكر الخمر لا العصير يعني انه يجتري على العظيم فيجتري على الحرام فلا يدل على انه مسكر قلنا صحيحة معوية بن عمار مثل هذه الرواية وفيها ويقول قد طبخ على الثلث وانا اعلم انه يشربه على النصف فالظاهر انه هو سماه مرة مسكرا وسماه اخرى باسمه والبختج بضم الباء العصير المطبوخ اصله ( فارسي خ ) معرب مي ( من ظ ) پخته وقال في البيان في المطهرات وبصيرورة العصير النجس خلا وهذا صريح لانه لم يرد المتنجس والخمر لا يسمى عصيرا وهو رحمه الله لم يردها والا لقال وبصيرورة الخمر وبعضهم اكتفى في التنجيس بمجرد الغليان قال وهو المنصوص عليه في النصوص الصحاح والحسان وقال الشيخ حسين بن عصفور البحراني في شرح كفاية الخراساني ويؤيده ما في العياشي في تفسير قوله ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا على ما سيجيء لفظه ان المراد بالمسكر هو العصير العنبي ومقتضاها اطلاق المسكر عليه والخمر وان لم يوجد فيه الاسكار بالفعل انتهى وادلة القول بالتنجيس مع الاشتداد ترجع الى ما سمعت والقائل به كثير والاحتياط يقتضيه واصل الطهارة يرفعه نحو ما سمعت المعتضد بفهم كثير من الاصحاب له منها وحكمهم بالنجاسة لذلك وبالجملة فالقول بنجاسته اذا غلى واشتد قبل نقص ثلثيه قوي والله اعلم وقال ابنحمزة ان غلى بنفسه فهو نجس وان غلى بالنار حرم وقيل ان المعقول ان العكس اقرب للاشتداد وهو الشرط كما عند الاكثر ويجوز ان يكون اذا غلى بنفسه تكون الحرارة الطف وتنجس الابخة ( الابخرة خ جوامع ) فيه فيكون ابلغ في الاشتداد والله اعلم الخامسةعشرة الدلو حيث يطلق في هذا الباب فهي المعتادة على البئر ما لم يخرج بقدرها عن العرفية والا فالعادي على غيرها ولو كان لها دلوان فالاغلب وان تساويا عرفا وعملا وان اختلفا في الوزن الصنجي في التحقيق فايهما شئت ما جمعهما العرف لان الحكم متفق وهو واحد في نفسه وان اختلفت اوضاعه بكيفياته وكمياته بحسب الذوات والاوقات لان تعلقه كلي كما حقق في محله وقال في المعتبر هي المعتادة صغيرة كانت او كبيرة لانه ليس في الشرع فيها وضع فيجب ان يقيد بالعرف انتهى وظاهر عبارته ان الاعتبار بدلو البئر كبيرة او صغيرة وليس هذا معنى الرجوع الى العرف ففي العبارة تناقض الا ان يريد بالصغر والكبر كما ذكرنا بحيث لا تخرج بهما عن العرف كما في اخر كلامه لان ما لم تخرج عن العرف فالاعتبار بدلوها وقيل هي الدلو الهجرية ووزن ملئها ثلثون رطلا وقال ابوالفضل الجعفي اربعون رطلا والاصح الاول فيكون الاعتبار في كل بئر بما اعتادت به كذلك السادسة عشرة قال المصنف في التذكرة ولو اخرج باناء عظيم ما يخرجه العدد فالاقوى الاجزاء وقال في القواعد فالاقرب الاكتفاء وقال في المعتبر لو نزح باناء عظيم ما يخرجه الدلاء المقدرة ففي الطهارة عندي تردد اشبهه انه لا يجزي لان الحكمة تعلقت بالعدد ولم يعلم حصولها بعدمه انتهى وفيه ان العدد ان كان مرادا لنفسه شرعا جائت العبادة وان كان لينجذب من المادة طهور بعد تخفيف المنفعل فلا فرق بين الواحدة والكثير اذا تساويا او زادت الواحدة وان كان ليكثر التموج والحركة فتستهلك ما ثم فكل ما كثر كان ابلغ بأن يجعل الدلوين الصغيرتين عن كبيرة وتنتفي فائدة العدد ولكن الاحوط عدم الاكتفاء بدون العدد بل الاصح ذلك للامر به في الاخبار ونسكت عن النية السابعة عشرة اذا وجب نزح عدد ثم صب دلو منها مطلقا في بئر طاهرة او في المنزوحة وكانت الدلو الاخيرة بعد انفصالها منها فالاقوى الاكتفاء بنزح ذلك المقدر لا ازيد لانها نجاسة لها مقدر شرعا والاصل عدم الزيادة ولانها لا يعقل زيادة ايجابها على موجبها ولا زيادة نجاستها عليه وان كانت غير الاخرة ( الاخيرة خ ) في المنزوحة فالاظهر عدم احتسابها من العدد وعدم ايجابها لشيء بل ينزح ويكمل العدد من غير تلك الدلو ولو اوجبت غير الاخيرة زيادة للحكم لها بذلك لمااوجبت الاخيرة غير دلو واحدة بل لم يوجب تمام المقدر غير الاولى وفاقا لابن فهد في موجزه حيث قال لو صب من المنزوح في غيرها مطلقا او فيها وكان الاخير وجب المنزوح ولو كان غيره لم يحسب ه وخلافا للمصنف قال في المنتهى اما اذا القى الاخير بعد انفصاله عنها فالوجه دخوله تحت النجاسة التي لم يرد فيها نص وكذا لو رمي الدلو الاول في بئر طاهر الحق بغير المنصوص وقالت الحنفية تطهر البئر الثانية بما تطهر به الاولى وليس بجيد لان النزح الاول وجب لنجاسة معينة والماء المصبوب مغاير لها فلا يلحقه حكمها من حيث النص واما القياس فيه فباطل خصوصا على رأيهم من انه لا يجري القياس في الامور المقدرة كالحدود والكفارات انتهى وفيه ان النجاسة معينة فانها نجاسة البول او الدم او الكلب مثلا وهي بنفسها موجودة في الماء وفيها فلا تغاير ولا قياس بل النص الموجب لنزح اربعين من بول الرجل موجب لنزحها للدلو منها كذلك وهذا هو الذي قواه في النهاية الثامنة عشرة اذا القي المنزوح له والماء المنزوح او بعضه مثلا في بئر طاهرة قال المصنف في المنتهى فالاولى التداخل وهو مذهب الحنفية وعلى ما اخترناه عدم التداخل ولو كانت في المنزوحة فقيل ( فقبل خ ) تمام النزح اخرجت النجاسة ونزح عدد الماء الواقع او قدره ان لم يكن معدودا ولو تقريبا بغلبة الظن ( ثم خ ) نزح العدد المقدر للنجاسة بتمامه ويتداخل مع بقية النزح الاول ولا فرق بين الاول والاواسط ولو كان بعد الفراغ فهي طاهرة فينزح على ما اخترناه المقدران والله اعلم التاسعة عشرة المتساقط حالة النزح من الدلاء عفو مطلقا سواء كان من الاخيرة ام ( ام من خ ) غيرها لحصول المشقة مع الحكم بالنجاسة بل ربما يتعذر مع ذلك الطهارة او يتعسر جدا نعم لو كان في الدلو ثقوب لا تطلق عليها معها الصحة عرفا فانه لا يعفى عن المتساقط لان التكليف بضبطه في الوسع فلا يعذر في التفريط باهماله ولا كذلك الاول لتعذره بل قال بعضهم في التعليل للعفو عنه ولانهم حملوا ما ورد عنهم عليهم السلام من ثلاثين الى اربعين على وجوب ثلاثين واستحباب الزائد وهو يدل على طهارة الدلو بعد النزح كما ياتي والعفو عن المتساقط كذلك والله اعلم العشرون لا يجب غسل الدلو ولا الرشاء ولا النازحين لان ذلك حكم شرعي لو وجب وجب على الشارع بيانه ولم يجز له اغفاله وترك التعرض منه عليه السلام لذلك دليل ظاهر على طهارتها مضافا الى الاصل على انه لو كان نجسا لماطهرت البئر لحصول الملاقاة بعد اخراج اخر دلو لكنها تطهر اجماعا فالدلو طاهرة وكذا الرشاء والنازحين لعدم الفرق
الحادية والعشرون لا ينجس جوانب البئر بما يتساقط للزوم المشقة والحرج المنفيين قال في المنتهى وهو احد وجهي الشافعية والاخر تنجس فتغسل لو اريد تطهيرها وليس بجيد للضرر وعدم امكان التطهير وكذا حماء البئر اذا نزحت كلها طاهر لما مر من التعليلات ولسكوت الشارع عليه السلام عنه
الثانية والعشرون يحكم بالطهارة اذا فارقت الدلو الاخيرة وجه الماء والمتساقط من الدلو عفو كما مر للمشقة والحرج المنفيين وقال ابو حنيفة لا يحكم بالطهارة الا بعد ان تنحي الدلو عن رأس البئر لانه هو الانفصال الحقيقي وليس بشيء لتحقق الامتثال و( بانفصالها عن وجه الماء ودعوى ارادة خ ) انفصالها عنها من كل وجه حتى الفضاء الخالي من الماء بل المسامت للبئر تحكم لا يلتفت اليه
الثالثة والعشرون لو جف ماؤها قبل نزحها ثم عاد قال في المعتبر ففي الطهارة تردد اشبهه انها تطهر لان طهارتها بذهاب مائها وهو حاصل بالجفاف كما هو حاصل بالنزح فلو نبع بعد ذلك فالنابع طاهر لانه نبع في محل طاهر انتهى ووجه التردد عنده ان عوز الماء بعد غوره امارة على ان العائد هو الغائر لانه يجوز ان يكون هو ذلك قال في المنتهى كما يجوز ذلك يجوز ان يكون العائد قد انصب اليها من مواد وجهات لها فاذا جاز الامران جوازا متساويا كيف يجعل الاعادة امارة على احد الجائزين دون الاخر وايضا وجه اخر للتردد ان النزح تعلق بها فلا تطهر بدونه والحق الطهارة لان هذا العائد ماء اخر قطعا وانما الاحتمال انه هو الاول فمن جوز ذلك فعليه البينة بذلك ولان النزح انما تعلق بماء وقد ذهب هو مع متعلقه وهذا غيره فلا يتعلق به شيء قال الله تعالى معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
تذنيب - لا تنجس البئر بمجاورة البالوعة وان قربت ما لم يتغير احد اوصافها بالنجاسة لاصل الطهارة ولان الحكم بالنجاسة منوط بالعلم بحصولها لا بعدم العلم بالطهارة ولرواية محمد بن القاسم عن ابي الحسن عليه السلام في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة اذرع او اقل او اكثر يتوضأ منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء نعم يستحب تباعد البالوعة عنها بخمسة اذرع ان كانت الارض صلبة او كانت البئر اعلى قرارا منها والا فسبعة اذرع والمراد بالبالوعة هنا البئر التي يجتمع فيها النجاسات وماء النزح من النجاسة لا ما يعد للمطر ( وغيره خ ) اذا خلا من النجاسة فانها طاهرة وهذا هو المشهور وعليه العمل ومستنده رواية الحسن بن رباط عن ابي عبد الله عليه السلام عن البالوعة تكون فوق البئر قال اذا كانت فوق البئر فسبعة اذرع وان كانت اسفل من البئر فخمسة اذرع من كل ناحية ولمرسلة قدامة بن ابي يزيد الحمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته كم ادنى ما يكون بين البئر والبالوعة فقال ان كان سهلا فسبعة اذرع وان كان جبلا فخمسة اذرع وظاهر قوله عليه السلام في الاولى من كل ناحية انه قيد للمقدارين وبالجمع بين مدلولي الروايتين حكم المشهور كما ذكر وقال ابنالجنيد ان كانت الارض رخوة والنظيفة تحتها فاثنا عشر ذراعا والا فسبعة اذرع وله رواية محمد بن سليمن الديلمي عن ابيه قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن البئر يكون الى جنبها الكنيف فقال لي ان مجرى العيون كلها من جهة ( مهب خ ) الشمال فاذا كانت النظيفة فوق الشمال والكنيف اسفل منها لم يضرها اذا كان بينهما اذرع وان كان الكنيف فوق النظيفة فلا اقل من اثنيعشر ذراعا وان كانت تجاهها بحذاء القبلة وهما مستويان من مهب الشمال فسبعة اذرع وقيل هي مع ضعفها لا دلالة له فيها صريحة على ما فصله وهذا القول لا ثمرة فيه فان روايات الباب عند القائل كلها ضعيفة وكذلك ليس للمشهور بدون الجمع بين الروايتين فيهما دلالة صريحة فان كان دليلهم بالجمع فدليله هذه مع المستفاد من غيرها من التقييدات ولحظ بعض من المتأخرين في فوقية القرار فوقية الجهة من هذه الرواية فحكموا مع الاستواء والرخاوة بخمسة اذرع اذا كانت النظيفة شمالا وبالجملة فالمقام مقام استحباب والامر فيه سهل فلا بأس بقول المشهور واعلم انه قد قسمت الصورة في المسئلة الى اربعة وعشرين بالحصر العقلي لانهما اما ان يكونا في جهة الشمال والجنوب او فيما بين المشرق والمغرب وعلى كل منها اما ان يكون الارض صلبة او رخوة وعلى كل تقدير اما ان يستوي قرارهما او يكون قرار النظيفة اعلى او اسفل فهذه اربع وعشرون صورة فحكموا في سبع منها بسبعة وفي سبععشرة بخمسة والذي استفدته من الجمع بين الروايات كلها ان هذه الاربعة والعشرين تنقسم على ثمانية اقسام : الاول وفيه صورة وهي انه ان كانت البالوعة شمالا واعلى في رخوة فتسعة اذرع لحسنة زرارة ومحمد بن مسلم وابي بصير الى ان قال وان كان البئر في اسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة اذرع لم ينجسها شيء والاستدلال بالمفهوم لا يعجز عن الاستحباب ولا يضر الاضمار هنا اذ من المستبعد ان يضمروا هؤلاء من غير المعصوم عليه السلام وافضل من ذلك اثنيعشر لرواية الديلمي الى ان قال فقال وان كان الكنيف فوق النظيفة فلا اقل من اثني عشر ذراعا فتحمل الفوقية على المعنيين معا في الرخوة جمعا وعلى هذا المعنى قياس ما استفدته الثاني صورتان وان كانت غربا او جنوبا وهي اعلى في رخوة فسبعة لرواية ابنرباط المتقدمة قال اذا كانت فوق البئر فسبعة اذرع ورواية قدامة فقال ان كانت سهلا فسبعة اذرع فالفوقية للقرار فقط وافضل منه تسعة للحسنة المتقدمة ويحمل قوله من اسفل الوادي على غير الاعلى من الجهة الثالث صورتان وان كانت شمالا او جنوبا مستويتي القرار في رخوة فسبع لما ذكر الرابع ثمان صور وان كانت شمالا او جنوبا او غربا واسفل او شرقا واعلى والكل في رخوة او شمالا واعلى في صلبة او جنوبا في صلبة او شرقا او غربا في رخوة وهما في هذه الثلاثة مستويان مع احتياط في افضلية الاخير فخمسة اذرع لرواية ابنرباط المتقدمة وان كانت اسفل من البئر فخمسة اذرع من كل ناحية ولاحظ وجه الاستدلال في التقسيم فانه خفي يحتاج الى سفينة محكمة وانما اشرت الى بعض تنبيها وتركت اختصارا ولرواية قدامة قال وان كان جبلا فخمسة اذرع وافضل منه سبعة لرواية الديلمي قال وان كانت تجاهها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة اذرع ولرواية ابن رباط كما مر الخامس ست صور وان كانت شمالا واسفل او سواء او جنوبا او شرقا او غربا وهي اعلى في صلبة او شرقا واسفل في رخوة فخمسة اذرع لرواية ابن رباط كما مر السادس صورتان وان كانت جنوبا واسفل او غربا وهما سواء والكل في صلبة فثلاثة او اربعة لرواية زرارة ومحمد بن مسلم وابي بصير التي اطلقنا عليها الحسنة كما مر فقال عليه السلام ان كانت البئر في اعلا الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة اذرع او اربعة اذرع لم ينجس ذلك شيء وافضل منه خمسة لما مر في مثل رواية ابنرباط السابع صورتان وان كانت غربا واسفل او شرقا وهما سواء والكل في صلبة فثلاثة اذرع او اربعة للرواية الحسنة مع احتياط في افضلية الخمسة لما مر الثامن صورة وان كانت شرقا واسفل في صلبة فثلاثة اذرع او اربعة لما مر واذا اردت ان تعطيك الروايات المعنى فاعطها حقها من التأمل والانصاف ولا تقف على الاقوال واما ان اردت الاقوال فقد اوتيتها ولكن هذا ما افادتنيه الاخبار مع قطع النظر عن اقوال العلماء والله اعلم ثم اعلم ان الظاهر اعتبار فوقية الجهة ايضا للاعتبار وللتعليل في رواية الديلمي بل في رواية قدامة اعجب واظهر فانه يظهر منها مع ذلك ان للغرب على الشرق فوقيةٌ ما وكذا لنقطة الدبور على القطب الجنوبي فوقية بالجهة ولنقطة الصبا على مشرق الاعتدال فوقية ما وللقطب الشمالي على الجنوبي فوقية ما وتمام الفوقية بالجهة لنقطة مهب الشمال على نقطة مهب الجنوب ومهب الشمال من القطب الشمالي الى مغرب الاعتدال ونقطة ما بين ذلك وهلم جرا وذلك قوله عليه السلام فيها الماء يجري الى القبلة الى يمين ويجري عن يمين القبلة الى يسار القبلة ويجري عن يسار القبلة الى يمين القبلة ولا يجري من القبلة الى دبر القبلة فجعل فوقية الجهة في عدم صعود الماء اليها كفوقية القرار واشار الى فوقية ما في الجملة في الباقي بعضها على بعض والله اعلم بالصواب
الرابع من اقسام المياه التي عددت قبل اسئار الحيوان جمع سؤر بالهمزة وهو لغة الفضلة والبقية قال في المعتبر السؤر مهموزا بقية المشروب وفي الذكرى المراد به ماء قليل باشره جسم حيوان قال سيد المدارك وهو يعني ما في الذكرى غير جيد لمخالفة نص اهل اللغة عليه ولما دل عليه العرف العام بل والخاص وقد عرفه بانه ماء قليل لاقاه فم حيوان ولا بأس به ولكن اللغة لا تأبي ما ذكره الشهيد بل يمكن الاستدلال له بصحيحة العيص بن القاسم عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال وتوضأ من سؤر الجنب اذا كانت مأمونة وتغسل يديها قبل ان تدخلها الاناء ووجه الاستدلال انه سمى بقية ما اغتسلت منه من الجنابة سؤرا وليس المراد به ما تشرب منه لقوله اذا كانت مأمونة وفسر ذلك بقوله وتغسل يديها قبل ان تدخلها الاناء او عطفه عليه لانها اذا لم يكن مأمونة فقد تباشره وفي يديها قذر وهي لم تعلم لعدم اعتنائها بمستحبات الطهارة والتنزه ولو اريد بقية المشروب لسقطت فائدة غسل اليدين بل انما امره بالوضوء من الماء الذي ليس فيه كراهة وهو كونها مأمونة فلا تباشره بقذر بل ولا تمسه قبل ان تغسل يديها فقد تكون فيه كراهة وقوله ان ذكر بعضهم لذلك استطرادا لا يقتضي التعميم بل تقتضيه وقد صرحوا به فقد قال في السرائر والسؤر عبارة عن ماء شرب منه الحيوان او باشره بجسمه من المياه وسائر المائعات انتهى وقد صرح به هو على نحو ما ذكروه واورد الاخبار في الكراهة لسؤر الحائض مثل موثق عليّ بن يقطين وفيه بفضل وضوء الحائض كما يأتي وقد اتى به استدلالا للسؤر بفضل الوضوء وهو دليل الشهيد واتباعه قبل وبعد وقوله واما ثانيا فلان الوجه الذي لاجله جعل السؤر قسيما للمطلق مع كونه قسما منه وقوع الخلاف في نجاسة بعضه من طاهر العين وكراهة بعض اخر وليس في كلام القائلين بذلك دلالة على اعتبار مطلق المباشرة بل كلامهم ودليلهم كالصريح في ان مرادهم السؤر ( بالسؤر نسخة ) المعنى الذي ذكرناه خاصة فتأمل انتهى مدخول اذا ما اختلف في نجاسته ليس لمجرد شربه بل لطهارته او نجاسته وليس من وقع الخلاف منه في شيء منها قائلا بطهارته واما كلامهم فانه مصرح فيه بالعموم فكلام الشهيد احسن وان كان لكلامه وجه وهو الاغلبية على ان من تأمل الاخبار وجد فيها تسمية ما لاقاه حيوان مطلقا سؤرا كما في صحيحة العيص بن القاسم التي ذكرنا بعضها قال وتوضأ من سؤر الجنب وفيها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو وعايشة في اناء واحد يغتسلان جميعا استدل عليه السلام للعيص بفعله صلى الله عليه وآله وهو صريح في مدعي الشهيد والله اعلم
اسئار الحيوان كلها طاهرة اعلم ان الحيوان اما ادمى او غيره فاما الادمى فقسمان مسلم وكافر فاما الكافر فسؤره نجس ويأتي بعض الكلام فيه في تقسيم الكافر واما المسلم فقسمان مؤمن وغيره فاما المؤمن فسؤره طاهر مطهر شاف ( اما انه طاهر فظاهر خ ) واما انه مطهر ففي الظاهر كذلك وفي الباطن فلان فضلته تغسل نجاسات الذنوب وتستنير بها القلوب والاخبار به كثيرة فمن ارادها طلبها من مظانها عند اهلها واما انه شاف ففي الظاهر انها لا تمر بداء الا ابرأته وفي الباطن تشفي القلوب من امراض الذنوب والمراد به هنا من اقر بالشهادتين بشروطهما واستقر على ذلك قلبه بعد البيان والعلم الذوقي وقرن هذين بالعمل بهما فهذه الثلثة من وجدت فيه كلها فهو ذلك وقليل ما هم وتختلف درجات الايمان لانها ( على خ ) سبعة اجزاء كل جزء سبعة اجزاء واما المسلم فله اطلاقان يطلق تارة على من اقر بالشهادتين بشروطهما من غير معرفة او اقر وعرف ولم يعمل على الاصح وتارة على من اقر بالشهادتين لان من كان كذلك فقد خرج عن دار الكفر اذا قام بمقتضى ظاهرهما ولم ينكر ما علم من الدين الخاص ضرورة عن معرفة بل اما ان ينكر قبل ظهور البيان من الله له او لا ينكر وهذا من سؤرهما طاهر مطهر وان اختلف مقام الطاهرية والطهورية لان الاول اولى لكونه على ظاهر الايمان لكن يجمعهما هنا اصل في الجملة ولا معنى لذكر الموافاة في التقسيم لترتب الاحكام الظاهرة على الحال لا الاستقبال واما غير الادمي فمأكول اللحم منه قسمان طيب اللحم وسؤره طاهر اذا لم يكن ياكل العذرة بالاتفاق كالانعام والمأكول من الطير لرواية ابنسنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بأن يتوضأ مما يشرب منه ما يؤكل لحمه وموثق عمار بن موسى عن ابي عبد الله عليه السلام قال سئل عن ماء تشرب منه الحمامة فقال كل ما اكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب ورواية ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال فضل الحمامة والدجاج لا بأس به والطير وموثق سماعة قال سألته هل يشرب سؤر شيء من الدواب او يتوضأ منه قال فقال اما الابل والبقر والغنم فلا بأس وصحيحة جميل بن دراج قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن سؤر الدواب والغنم والبقر ايتوضأ منه ويشرب قال لا بأس وغير ذلك والقسم الثاني مكروه اللحم كالخيل والبغال والحمير الاهلية لا الحمر الوحشية لطيب لحمها ولا الطير المكروه اللحم فانه لا كراهة فيهما ويأتي واما غير مأكول اللحم فاومى الشيخ في الاستبصار والتهذيب الى المنع من (سؤر خ ) غير مأكول واستثنى ما في الموثق عن عمار بن موسى من تعميمه وهو البازي والعقاب والصقر اذا عري منقارها من الدم وكذا ما لا يمكن التحرز منه كالفأرة والهرة والحية لما رواه في كتابيه عن اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان ابا جعفر عليه السلام كان يقول لا بأس بسؤر الفأرة اذا شربت من الاناء ان يشرب منه ويتوضأ منه حاملا له على عدم امكان التحرز من مثلها وانه عفى عن سؤره لئلا يشق على الانسان وقال في النهاية بعد ان نفي البأس عن غير الكلب والخنزير ونفي عن اسئار الطيور كلها البأس قال الا ما اكل الجيف او ما كان في منقاره اثر دم فجعل اكل الجيف مطلقا في سؤره البأس كسؤر ما في منقاره اثر دم وهو قول بنجاسة سؤرهما وقال في المبسوط والتي لا يؤكل من الانسية كلها نجسة عدا ما لا يمكن التحرز منه كالحية والفارة والهرة وغير ذلك وقال ابن ادريس في السرائر بعد ان حكم بطهارة سؤر الطيور كلها وحيوان الحضر على ضربين مأكول اللحم وغير مأكول اللحم فمأكول اللحم سؤره طاهر وغير مأكول اللحم فما امكن التحرز منه فسؤره نجس وما لا يمكن التحرز منه فسؤره طاهر وفرع على الطهارة للعفو سؤر الهرة وان شوهدت قد اكلت الفأرة ثم شربت من الاناء فالسؤر طاهر وان لم تغب الا ان يكون الدم مشاهدا في الماء او على جسمها فتنجس الماء لاجل الدم قال وكذلك لا بأس باسئار الفار والحيات وجميع حشرات الارض ثم قال واما سؤر حيوان البر فجميعه طاهر مطلقا لم يستثن الا الكلب والخنزير فحسب ونقل عن الشيخ في الخلاف الحكم بنجاسة المسوخ لتحريم بيعها وظاهر مذهبه في النهاية وعليه المتأخرون ومذهب اكثر المتقدمين الاباحة في جميع السباع والبهائم والحشرات والمسوخ والطيور لا فرق في الحكم بين الاهلية والوحشية لرواية عمار الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام انه سئل عن ماء شرب منه باز او صقر او عقاب فقال كل شيء من الطير تتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وصحيحة ابن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن السنور قال لا بأس ان يتوضأ من فضلها انما هي من السباع فقوله عليه السلام انما هي من السباع استدلال له بالمعروف طهارته عندهم وصحيحة البقباق قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن فضل الهرة والشاة والبقر والابل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم اترك شيئا الا سئلته عنه فقال لا بأس به الحديث فقد دلت بالنكرة في سياق النفي العامة على نفي البأس عن فضل ما سوى الكلب والخنزير في حكمه اجماعا ولمشاركته له في الرجاسة كما يأتي ولرواية معوية بن شريح قال سأل عذافر ابا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن سؤر السنور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع يشرب منه ( ويتوضأ منه خ ) فقال نعم اشرب منه وتوضأ الحديث ومثله موثقته ايضا ولموثق اسحق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام ان ابا جعفر عليه السلام كان يقول لا بأس بسؤر الفارة اذا شربت من الاناء ان يشرب منه ويتوضأ منه ولان السؤر تابع لطهارة المباشر وهي طاهرة فيكون سؤرها طاهرا وهو الاصح لما ذكر ولما يأتي واستدلال الشيخ وابن ادريس فيما انفردا به بمثل ظاهر الكراهة من مرسلة الوشا وبمفهوم المخالفة من رواية عبد الله بن سنان المتقدمة حيث قال عليه السلام لا بأس بأن يتوضأ مما يشرب منه ما يؤكل لحمه ان ما لا يؤكل لحمه به بأس وكمرسلة سماعة وقد سئل عليه السلام عن الدواب فقال واما الابل والبقر والغنم فلا بأس ومفهوم كل شيء يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال وفي ( رواية عبد الله بن الحسن وخ ) رواية ابي بصير في حية دخلت حبا من ماء وخرجت منه قال ان وجد ماء غيره فليهرقه وطرح ما شمته الفارة والكلب او اكلا منه في صحيحة عليّ بن جعفر وغير ذلك مما دل على عدم الانتفاع بما باشره غير مأكول اللحم الا ما استثنى مما لا يمكن التحرز عنه فلا دلالة لهما في شيء وان قلنا بحجية المفهوم لانه لا يقابل المنطوق وان كان في قوته بل كلها لنا اما الكراهة فظاهرة في الكراهة والمفهوم ينفيه المنطوق واثبات الشيء لا ينفي ما عداه ونفي البأس في الانعام نفي المكروه واهراقه ان وجد غيره دليل على جواز استعماله ويحتمل في مثلها للسم لا للنجاسة وليس الجواز في الحية والفأرة والهرة للضرورة كما قالا بل التعليل في الهرة انها من السباع المحكوم بطهارة سؤرها لديهما ينفي ذلك وطرح ما شمته الفأرة والكلب من باب عموم المجاز ففي الكلب على الوجوب وفي الفأرة على الاستحباب والتقييد حاصل لمن طلبه واستثناء الطيور الثلثة باطل بالكلية في الرواية المدعي بها الاستثناء وهو كل شيء من الطير فتوضأ مما يشرب منه الحديث فمن ادعى غير ما اخترناه فعليه الدليل كما لنا نعم يكره سؤر بعض ما ذكر كالفارة بل كلما لا يؤكل لحمه من الجوارح والحشرات ذوات السموم والجلال بل ما يجوز ان يأكل العذرة كما ذكره سلار في المراسم وقال في المبسوط يكره سؤر الدجاجة على كل حال بناء منه على انها مظنة لاكل العذرات غالبا وهو قوي ويكره سؤر ولد الزنا للاصل وللعموم ولانه مسلم فيكون طاهر العين ولورود الاخبار بانه اذا صلح يسكن مع مؤمنين الجن وفساق الشيعة ومجانينهم في الاخرة جنة من دون جنة المؤمنين وقال ابن بابويه وابن ادريس والسيد المرتضى بنجاسة سؤره لانه كافر ولمرسلة الوشا عن ابي عبد الله عليه السلام انه كره سؤر ولد الزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل ما خالف الاسلام الحديث فانه جعله في حكم الكافرين بتشريك العطف فيكون منهم ولرواية ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا يغتسل من ( لا تغتسل في خ ) البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر الى سبعة اباء الحديث على ان الظاهر ان هذه ليست ضعيفة لانها من كتاب ابن ابي يعفور كذا قيل والاظهر الكراهة للعموم ولما ذكر ولان الاولى حيث عطف لم يعطف عليه اليهودي بل اعاد المضاف الذي هو سؤر اشعارا بالاختلاف ولا اختلاف بين السؤرين الا الكراهة والنجاسة ولا يلزم من التشريك في الذكر النجاسة ولحمل الثانية على الكراهة بقرينة التعليل اذ معنى لا يطهر لا ينجب والا لزم نجاسة سؤره الى السبعة الاباء ولا يقولان بذلك مع انه مفسر به في الروايات فاذا ثبت ما قلناه من معنى التعليل ثبتت الكراهة و( كذا خ ) يكره سؤر اكل الجيف اذا خلا موضع الملاقاة منهما من اثر النجاسة والمسوخ كما ذكره الشيخ فانه لا ينقص قوله عن الكراهة ولانها سنخ النجس الملعون كما حققناه في محله والدليل في ذلك مثل مرسلة الوشا الصريحة في ذلك والجمع بين الاخبار فيما دل على النهي والغسل عن مباشرة بعضها كالفارة كما في صحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الفارة الرطبة وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلي فيها قال اغسل ما رأيت وما لم تره فانضحه ( بالماء خ ) وهي محمولة على الاستحباب جمعا كما مر وكذا اراقة الماء ونزحه لبعض كما مضى وبين ما دل على الطهارة الا الهرة فلا كراهة في سؤرها للاخبار الدالة على ذلك بانها من اهل البيت وقوله صلى الله عليه وآله انها من الطوافين عليكم ونفي البأس لانها سبع ولصحيحة زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام في كتاب عليّ عليه السلام ان الهر سبع ولا بأس بسؤره ولاني استحيي من الله ان ادع طعاما لان الهر اكل منه وغير ذلك وكذلك يكره سؤر الحائض غير المأمونة على الاصح واطلاق الشيخ والسيد المرتضى في المبسوط والمصباح كراهة سؤرها يأباه ظواهر الروايات لصحيحة العيص بن القاسم عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن سؤر الحائض قال عليه السلام لا تتوضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب اذا كانت مأمونة وتغسل يديها قبل ان تدخلها الاناء جمعا ومثلها ( جمعا بينها خ جوامع ) وبين ما دل على الجواز كرواية عنبسة بن مصعب عن ابي عبد الله عليه السلام قال اشرب من سؤر الحائض ولا تتوضأ منه اذ ما يجوز شربه يجوز الوضوء به ورواية الحسين بن ابيالعلا الخفاف قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن سؤر الحائض يشرب من سؤرها قال نعم ولا يتوضأ وعمومهما مخصص بمثل موثق عليّ بن يقطين عن ابي الحسن عليه السلام في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحائض فقال اذا كانت مأمونة فلا بأس والقول بكراهة سؤر الحائض مطلقا كقول السيد المرتضى والشيخ للاخبار المطلقة وشدة الكراهة في غير المأمونة كما تفيده الاخبار من اختبرها لا يخلو من قوة
الا الكلب والخنزير والكافر لا خلاف في نجاسة الكلب والخنزير عندنا ومن مستند الاجماع صحيحة الفضل بن عبدالملك قال سألت ابا عبد الله عليه السلام الى ان قال فلم اترك شيئا الا سألته عنه فقال لا بأس به حتى انتهيت الى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء بيان الرجس بالكسر القذر ويحرك وتفتح الراء وتكسر الجيم والماثم وكل ما استقذر من العمل كذا في القاموس وحكى صاحب الصحاح عن الفرا ان النجس اذا تبع الرجس كان بكسر النون وسكون الجيم يقول (ع) رجس نجس والرجس يشمل القذر الظاهري والباطني لغة فتأكيده بالاخص بعد الاعم تأكيد لنجاسته ومثلها رواية معوية بن شريح قال سأل عذافر ابا عبد الله عليه السلام الى ان قال قلت له الكلب قال لا قلت أليس هو سبع قال لا والله انه نجس لا والله انه نجس اقول حيث لم يكن نجس تبع رجس فهو بفتح النون وبسكون الجيم وكسرها وفتحها ومعناه ضد الطاهر ويطلق بفتح النون والجيم على المنجس وهو هنا محتمل الثلثة وان كان في الاخير اظهر فتأمل وقوية محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال اغسل الاناء ومرسلة حريز عن ابي عبد الله عليه السلام اذا ولغ الكلب في الاناء فصبه ورواية ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ولا يشرب سؤر الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا يستقي منه يعني انه لا ينقص عن الكر فاذا كان كرا او ازيد فلا بأس لانه لا يحمل النجاسة كما مر واما الخنزير فليس في سؤره ظاهرا رواية نعم الروايات على نجاسته ووجوب غسل موضع الملاقاة عنه للنجاسة متظافرة كصحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام الاتية وللاجماع من هذه الفرقة على نجاسته واكثر الجمهور ولمشاركته في معنى الرجس للكلب كما قال تعالى او لحم خنزير فانه رجس والمراد بالرجس كما مر القذر ظاهرا وباطنا فهو اخو الكلب ولقول الشيخ (ره) انه يسمي كلبا وفي القاموس الكلب كل سبع عقور وغلب على النابح وفي صحيح عليّ بن جعفر عن اخيه ( موسى خ ) عليه السلام قال وسالته عن خنزير شرب في اناء كيف يصنع قال يغسل سبع مرات وبالجملة فلا ريب في ان حكمه حكم الكلب بل نجاسته اغلظ كما هو ظاهر واما الكافر فقسمان الاول اليهودي والنصراني والثاني من سواهما من المشركين والغلاة والخوارج والمجسمة والنواصب وغير ذلك فاما اليهودي والنصراني فقد قطع الشيخ والمرتضى وابن بابويه واتباعهم بل اكثر العلماء على نجاستهما والمفيد في احد قوليه وقال في الرسالة الغرية بالكراهة وابنالجنيد وابن ابي عقيل جمعا بين ما دل على النجاسة وبين ما دل على الاباحة كموثق عمار الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز او اناء غيره اذا شرب منه على انه يهودي فقال نعم قلت فمن ذلك الماء الذي يشرب منه قال نعم ورواية الخراساني قال قلت للرضا عليه السلام الخياط والقصار يكون يهوديا وانت تعلم انه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا بأس فنفى البأس عن عمله مع ان من ذلك المباشرة برطوبة او مباشرة الرطب وقال قلت للرضا عليه السلام الجارية النصرانية تخدمك وانت تعلم انها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا بأس بغسل ( تغسل خ ) يديها فاشار بغسل يديها الى ازالة ما لعله يكون ثم من اثر النجاسة ( الجنابة خ ) والاخباث ولو كانت نجسة لكانت تزداد بغسل يديها نجاسة للرطوبة وحسنة المعلي بن خنيس قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لا بأس بالصلوة في الثياب التي يعملها المجوس والنصارى واليهود فاجاز الصلوة في الثياب ومن المعلوم انها لا تعمل يابسة لا سيّما القطن وموثق الحلبي قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الصلوة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء ولو كان نجسا لاوجب غسله نعم يستحب لرواية جميل بن عياش ابيعليّ البزاز قال سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن الثوب يعمله اهل الكتاب أصلي فيه قبل ان اغسله قال لا بأس وان تغسل احب الى اقول والاصح الاول يدل على ذلك حسنة السعيد الاعرج قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال لا ومرسلة الوشا المتقدمة بانه قد كره سؤرهم وصحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال اذا علم انه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام الا ان يغتسل وحده في الحوض ( فيغسله خ ) ثم يغتسل وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلوة قال لا الا ان يضطر اليه يعني عند التقية واما اذا عدم الماء فيجب التيمم ولا يجوز استعماله ولو اريد به عدم غيره من الماء كما ظنه بعض لجاز مع وجوده بلا خلاف والظاهر ان الهاء في فيغسله للحوض اي يغسل المسلم الحوض بعد اغتسال النصراني باجراء المادة عليه حتى يطهر قال وسألته عن فراش اليهودي والنصراني ينام عليه قال لا بأس ولا يصل ( لا تصل خ ) في ثيابهما وقال لا يأكل المسلم مع اليهودي في قصعة واحدة ولا يقعد على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق يلبس ( للبس خ ) لا يدري لمن كان هل يصلح الصلوة فيه قال ان اشتراه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله فانظر الى هذه المعتبرات المصرحات بالنجاسة وتشريكهم مع المشركين والنصاب المجمع على نجاستهم وكفرهم ولانهم كفار كما في روايتي زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال لا ينبغي نكاح اهل الكتاب قلت جعلت فداك واين تحريمه قال قوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر وفي الاخرى في قول الله عز وجل والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم قال هي منسوخة بقوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر وغيرهما والكوافر جمع كافرة فثبت انهم كفار ومشركون لقوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله الى قوله سبحانه عما يشركون فاذا ثبت شركهم بنص القرءان وكفرهم وقد قال الله تعالى انما المشركون نجس ( والنجس خ ) بفتح النون والجيم مصدر نجس كفرح وقصرهم بانما على هذه الصفة دليل على انهم ما هم الا كذلك ووصفهم بالمصدر للمبالغة نحو رجال عدل كما هو معروف ومعناها التنجيس يعني انما المشركون منجسون كقول الخنساء في صفة الناقة : وانما هي اقبال وادبار اي مقبلة ومدبرة ولحمل تلك الاخبار المخالفة الضعيفة لو صحت على التقية لانها على مذهب الجمهور على انها محتملة غير ما ارادوا منها كقوله ( كقول خ ) على انه يهودي في موثق الساباطي يعني شرب منه على ظن ذلك فلا يلزمه مع عدم العلم حكم العلم ومثلها الثانية والثالثة والرابعة في عدم العلم بالتنجيس وان النجاسة لا تثبت بعدم العلم بنقيضها وغير ذلك واما القسم الثاني من الكفار فاصنافهم كثيرة لا يكاد يتسهل ضبطهم فمنهم الدهرية وهم اقسام كثيرة كالثنوية زعموا ان النور والظلمة ازليان والمانوية اصحاب ماني بن قاتر الحكيم زعموا ان العالم مصنوع مركب من اصلين قديمين احدهما نور والاخر ظلمة والمزدكية اصحاب مزدك الذي ظهر في زمان قباد والد انوشروان وهو كالمانوية الا ان النور عنده يفعل بالقصد والاختيار والظلمة بالخبط والاتفاق ومثل قوله الديصانية والمرقوبية اثبتوا اصلين قديمين نورا وظلمة واثبتوا ثالثا قديما وهو المعدل الجامع والكينونية زعموا ان الاصول ثلثة النار نورانية وطبعها الخير والماء ظلماني وطبعه الشر والارض متوسط ( متوسطة خ ) معدلة جامعة وغير ذلك من اصحاب الاهواء كثيرة ومنهم عبدة بيوت النيران وسائر اصناف الحيوانات والجمادات والنجوم ومنهم الغلاة وهم الذين يجعلون عليا والائمة عليهم السلام اربابا بمعنى ان ليس ورائهم منتهى وليسوا مسبوقين في ذات ولا صفة ولا اسم ولا طاعة واما اذا جعلهم العارف مسبوقين في هذه الاربعة الاحوال وان اثبت لهم ما يزعمه الجاهلون بل العارفون صفات الوهية وكمالات ربوبية اذا علم وشاهد واعتقد ان ما وصل اليهم وبرز عنهم من ربهم لا يسبقونه في شيء هو ربهم واليه يرجعون هو المالك لما ملكهم والقادر على ما اقدرهم عليه وهم بامره يعملون فان ذلك هو الايمان حقا والقائم به هو الذي سؤره شفاء لما في الصدور ارجع الى قولهم الحق ان امرنا هو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر وسر المستسر وسر مقنع بالسر وقول الحجة عليه السلام في دعاء شهر رجب لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها اليك اعضاد واشهاد ومناة واذواد وحفظة ورواد فبهم ملئت سمائك وارضك حتى ظهر الا اله الا انت اقول ان كبر عليك ما في الدعاء فتأمل في قوله عليه السلام فبهم ملئت سمائك وارضك وقولهم عليهم السلام اجعلونا مربوبين وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا وبالجملة فمن تجاوز ما حد وهو حد العبودية ورفعهم عنها فهو الغالي الملعون النجس لكن حقهم عليهم السلام ان يكون العارف يرفعهم عما سواهم من الخلق لان العبودية لها درجات غير متناهية بمعنى عدم تناهيها في الخلق ففوق كل مقام مقام فقد يقول ( العارف خ ) فيهم بمقام عال يتوهمه الجاهل انه ربوبية لعدم احاطته ومعرفته بما ثم وان فوق ذلك المقام مقاما للعبودية اعلى ومن ثم قيل في كثير من اصحاب الائمة عليهم السلام بالغلو حيث عرفوا قليلا من كثير قال ذلك فيهم من يروي عن ائمتهم عليهم السلام وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا ويروى عنهم عليهم السلام ان الذي خرج الينا من علمهم عليهم السلام الف غير معطوفة والحاصل ان الغالي من لم ير لهم منتهى منه كانوا واليه يعودون وعنه يقولون وبامره يعملون ( واما من اثبت لهم ما قلنا فما عسى ان يقول والله سبحانه يقول خ ) قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا فكل ما سواهم مما في ملك الله مقصر عاجز عن اقل قليل وقد اشار عليّ عليه السلام الى هذا المعنى في قوله تعالى وكان عرشه على الماء فقال امير المؤمنين عليه السلام لمن سأله عن ذلك افرأيت لو صب على الارض خردلا حتى سد الهواء وملأ ما بين الارض والسماء ثم اذن على ضعفك ان تنقله من المشرق الى المغرب ثم مد لك في العمر حتى تنقله واحصيته لكان ذلك ايسر من احصاء ما لبث العرش على الماء قبل خلق الارض والسماء ( وخ ) انما وصفت لك عشر عشير من مائةالف جزء واستغفر الله من القول في التحديد وفي بعض نسخ الحديث من القليل في التحديد فانظر واعتبر وافهم ما اراد لهذا ( هذا خ ) العبد الولي الامام على صلوات الله عليّ ابن عمه وعليه وعليّ بنيه وشيعته ومواليه ولنقبض العنان فللحيطان اذان وتعيها اذن واعية ومنهم المجسمة بالحقيقة قال شيخنا الشهيد في البيان وفيهم نظر اقربه المنع يعني المنع من تغسيلهم لانهم كفار والمراد بهم من يعتقد ان المعبود جسم على اي شكل كان سواء كان على صورة حيوان او غيره ثم قال اما المجسمة بالتسمية المجردة فلا منع ذكر ذلك في غسل الاموات ولا يخفى ما في الشقين اما اولا فلان ذلك انما يتجه في شان من يقول ذلك او يعتقده وهو يعلم انه ينافي الوجوب الذاتي واما مجرد اعتقاد التشبيه بالمخلوق فغير متجه والا لكان اكثر الخلق مجسمة مشبهة لان الذي يتوهمه سواء كان جسما او غير جسم بل مجردا عن صفات الاجسام لا بد وان يكون اعتقد غير المعبود بالحق اذ ليس كل مجرد عن صفات الاجسام معبودا بالحق بل كل اهل الدهر والسرمد مجردين عن صفات الاجسام لان الاجسام محصورة في الزمان خاصة ويجمع كل الاجسام وصفاتها ومايحل فيها محدد الجهات واهل الدهر هم المعبر عنهم عندنا بعالم الملكوت وعالم الجبروت واهل السرمد هم عالم الامر والابداع اي البرزخية الكبرى لا السرمد الذي يطلق على الازل فاذا توهم ما ثم وذلك ليس فيه من صفات الاجسام فيكون ( يكون خ ) مشبها وهذا بحر عميق وباب واسع فلا يستقر اكثر الخلق فيه على قرار جامع ليس فيه تشبيه وان حصره في الاجسام معناه ( منعناه خ ) بالاخبار العامة في التشبيه كمعني قولهم عليهم السلام كلما توهمتموه في ادق معانيه مخلوق مثلكم مردود عليكم هذا ان اراد بنقيضه التنزيه الحقيقي كما هو رأي اكثر المتكلمين من حصرهم ما سوى الله في الجواهر والاعراض ولهذا عبرت عن التجسيم بالتشبيه لعدم الفرق في المئال وان اراد به ( في خ ) الحقيقة الاضافية اي كل واحد وما يتحققه على قدر ما اوتي كما ورد عنهم عليهم السلام ما معناه حتى ان الذرة لتزعم ان لله زبانين يعني ان النملة الصغيرة تثبت لله قرنين اذ ( في خ ) ثبوتهما في نوعها تمام الكمال فتصفه بما تجده كمالا في حقها وقد اشار بعض العارفين الى هذا المقام بقوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون يعني بهم كل الخلق فالواصف بشيء هو عند من هو اعرف منه تجسيم مسلم واما ثانيا فلأن المجسم لفظا كما قال بالتسمية المجردة يعني عن الاعتقاد فان كان ممن علم ( يعلم خ ) ان ذلك ينافي الوجوب الذاتي وانما ذلك استعارات تمثيلية ومجازات تشبيهية فالاصح ان مثل هذا مسلم وان كان هذا فعله محرما اذ ليس فيه الا القول الفاحش وسوء الادب فالقول بكفرهم ضعيف جدا وان كان ذلك اللفظ ممن يعلم ( لا يعلم خ ) ان ذلك ينافي الوجوب الذاتي فمن اين يحكم على هذا بالاسلام وقوله الكفر وان اريد انه يعجز في التعبير عن البسيط الا ( بالتركيب خ ) فهذا بعيد عن العبارات ( لان العبارة خ ) معروفة عند المسلمين لا يعدل عن لفظها مسلم وانما تفاوتت الحظوظ في بلوغ المعنى المراد منها وابعد من ذلك توهم وجود شخص من اصناف المسلمين ( تجسم باللفظ وتنزه بالقلب بل الذين وجدناهم بالعكس فالاولى ان يقال ان المتعبد بالتجسيم خ ) لفظا او معنى او بالتشبيه كما سبق من بعد ان تبين له الحق كافر مطلقا معنى او لفظا فقد ورد التكفير على اللفظ والمعنى قال تعالى لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وقال غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا وغير ذلك وفي الحقيقة انهما متلازمان بل المعنى بدون اللفظ لا يبلغ بظاهر الشرع هذا المبلغ كما هو شأن المنافقين الذين يحكم الشهيد عليهم بظاهر الاسلام ومنهم الخوارج الذين خرجوا على عليّ عليه السلام وحاربوه ومنهم من خرج على امام عادل من الله ومنهم النواصب وهم الذين نصبوا العداوة للائمة عليهم السلام بأن عادوهم او عادوا محبهم لمحبتهم لا مطلقا او قدح في الائمة عليهم السلام بقول او فعل او قدم عليهم من اخرهم ( اخره خ ) الله عنهم او فضل عليهم غيرهم من الناس او سمع النص فاخذ ذات الشمال او انكر فضايلهم الظاهرة او احب هؤلاء لذلك او مال اليهم لاجل ذلك او زعم ان لهم في الاسلام نصيبا مع ذلك وما اشبه ما ذكرنا اذا كان ما ذكرناه منه عن معرفته بضد معتقده بأن تبين له الحق في نفسه ثم عدل لا مطلق حصول هذه فانها مع عدم العلم في نفسه بضدها لا يكفره ولا يخرجه عن الاسلام والاخبار مشحونة بذلك والقرءان ينطق اناء الليل واطراف النهار به قال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وقال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا اي عقلا وقال تعالى وعلى الله قصد السبيل وقال تعالى لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين انما ينهيكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين الاية واعلم ان بعض معاصرينا من اهل العلم وغيرهم حتى الغوغاء يقولون بكفر كل ما سواهم ولا يستثنون وقال المرتضى وابن ادريس بنجاسة من لا يعتقد الحق عدا المستضعف وفسره ابن ادريس بالذي لا يعرف اختلاف المذاهب ولا يعاند اهل الحق عليه واقول اما ابن ادريس والسيد فهما عملا بما ظهر لهما وان كان الحق خلافه واما اهل زماننا فقد كنت اجتمع فيهم مجلسا بعد مجلس فقد تنقطع حجة احدهم اليوم وغدا يرجع طريا كأن لم يكن شيء ولا ادري ما هذا التضييق على انفسهم وهم لا يعلمون هو دين ( جعله خ ) الله حنيفا سمحا وهم يريدونه يهوديا حرجا ولولا اني في ( امر خ ) اخر تصرفت ( لصرفت خ ) لي برهة واوردت في كتابي هذا كل دليل وصل الى وشحنت ذلك بالحجج القاطعة ولكن ليس هذا مقامه وايضا لا ينتفع ( به خ ) الا من ينتفع بالقليل من الاشارة وقد ذكرتها ( هذا خ ) الا ان بعض المعاصرين اشار الى بأن اذكر في هذا الباب شيئا من الاخبار مما يدل على اسلام بعض من غيرنا وطهارتهم في الجملة ولو كان حديثا واحدا فاجبته وفي ( نفسي خ ) شيء لاستلزامه التطويل
فاقول اعلم ان المعنى الغائب اي المعقول له ثلث مراتب اي مواضع اولها العلم ومقره الصدر اي ( يعني خ ) صدر النفس وهو صور المعلومات المجردة عن المواد والمدد والثاني اليقين ومقره القلب اي العقل هنا وهو معاني المعلومات المجردة عن المواد والمدد والصور والثالث المعرفة ومقره ( مقرها خ ) الفؤاد وهو المعبر عنه بلسان الشرع ايضا بالنور الذي خلق منه اي نور الله في قولهم عليهم السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وبلسان الاشراقيين بالسر وهو الفيض الالهي الاولى اللائح اثره على هيكل العبد وشكله وانزلها العلم وضده الجهل وهو عدم الصورة وفوق العلم اليقين وهو لا يكون مع الشك وقد يكون عن عدم الانكار وضده الريب والشك ولو عن جهل وفوق اليقين المعرفة وهي الصحو ولا تكون عن شك ولا غفلة وضدها العام الانكار وهو يكون بعدها عن شك وغفلة ولا يتحقق قبلها اذ الانكار بعد التعريف وقد يطلق بعض الثلاثة على الاخر لجهة جامعة ولكن لا ينافي ما قلناه لان تقسيمنا تزييل بالحقيقة وتحقق ( تحقيق خ ) ما قلناه يطلب من مواضعه اذا عرفت ذلك فاعلم ان معنى قولهم عليهم السلام من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية وما اشبه ذلك مما ورد عنهم عليهم السلام هو الانكار لان المراد بالمعرفة المعرفة الحقيقية ونفيها اثبات ضدها العام وهو الانكار كما قال تعالى ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون جمعا بينه وبين ما دل مما ورد على ان نفيها لا يخرج عن الاسلام اذ المراد بها هنالك العلم ونفيها اثبات ضدها وهو الجهل كما في صحيحة ضريس الاتية وغيرها ومن دليل ما قلناه ما رواه في روضة الكافي عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الكندي عن غير واحد عن ابان بن عثمان عن الفضيل عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام ان الناس صنعوا ما صنعوا اذ بايعوا ابا بكر لم يمنع امير المؤمنين عليه السلام من ان يدعو الى نفسه الا نظرا للناس وتخوفا عليهم ان يرتدوا عن الاسلام فيعبدوا الاوثان ولا يشهدوا الا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وكان الاحب اليه ان يقرهم على ما صنعوا من ان يرتدوا عن جميع الاسلام وانما هلك الذين ركبوا ما ركبوا فاما من لم يصنع ذلك ودخل فيما دخل فيه الناس على غير علم ولا عداوة لامير المؤمنين صلوات الله عليه فان ذلك لا يكفره ولا يخرجه عن الاسلام فلذلك كتم عليّ عليه السلام امره وبايع مكرها حيث لم يجد اعوانا فهذه الرواية صريحة في ان من لم يعاند عن معرفة غير كافر وانه عليه السلام انما اقرهم على الشهادتين طلبا لحفظ ظاهر الاسلام لانه لو طلب حقه من مانعيه وقاتلهم لقتل معهم اناساهم على ظاهر الاسلام فكان الاحب اليه ذلك وان ذهب حقه وقولي ظاهر الاسلام لان باطن الاسلام هو باطن الايمان قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام وهو الايمان هنا فحظ ظاهر الاسلام في الدنيا وباطنه في الدنيا والاخرة فيكون ظاهر الاسلام الذي حظه في الدنيا ان تجري عليه احكام ( الدنيا من خ ) الحدود والمواريث والتناكح والطهارة في المباشرة وغيرها كما هو مصرح به في صحيحة زرارة الاتي بعضها ولو كانوا كلهم كفارا لماحسن ان يقول وكان الاحب اليه ان يقرهم على ما صنعوا من ان يرتدوا عن جميع الاسلام اذ لا يقرهم على الكفر خوفا من ان يكفروا ولا يسمى الاسلام كفرا هذا وقد ورد ما يدل على ان منهم من يحتمل ان يدخل الجنة بل ( بلي خ ) يدخل بدون احتمال كما ذكره عليّ بن ابرهيم في تفسيره في سورة المؤمن في قوله تعالى ذلكم بما كنتم تفرحون في الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون يعني من الفرح قال حدثني ابي عن الحسن بن محبوب عن عليّ بن رئاب عن ضريس الكناسي عن ابي جعفر عليه السلام قال قلت له جعلت فداك ما حال الموحدين المقرين بنبوة رسول الله صلى الله عليه وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم امام ولا يعرفون ولايتكم فقال عليه السلام اما هؤلاء فانهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان له عمل صالح ولم تظهر منه عداوة فانه يخد له خدا الى الجنة التي خلقها الله بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته الى يوم القيمة حتى يلقي الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فاما الى الجنة واما الى النار فهؤلاء من الموقوفين لامر الله قال وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والاطفال واولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم واما النصاب من اهل القبلة فانهم يخد لهم خدا الى النار التي خلقها الله بالمشرق ودخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم الى يوم القيمة ثم بعد ذلك مصيرهم الى الجحيم وفي النار يسجرون ثم قيل لهم اينما كنتم تشركون من دون الله اي اين امامكم الذي اتخذتموه دون الامام الذي جعله الله للناس اماما اقول فقوله ولا يعرفون ولايتكم نص فيما فصلناه من ان المعرفة المنفية المراد بها العلم وضدها الذي اثبت لهم بحرف النفي هو ضد العلم وهو الجهل ولهذا قال وليس لهم امام بمعنى انهم اتبعوا من اتبعوا عن ( من خ ) غير معرفة فكانوا غير معتقدين حقيقة لان الجواب طبق السؤال وقوله عليه السلام فمن كان له عمل صالح الى قوله بحسناته وسيئاته فاما الى الجنة واما الى النار يبين ان من لم يهتك ظاهر الاسلام ينال في الدنيا اجره كما ذكر وفي البرزخ روح الجنة بفتح الراء لعمله الصالح الذي هو روح الايمان البرزخي ( بفتح الراء كذلك خ ) لا الايمان الظاهري ولا الايمان الاخروي وهو اي الايمان البرزخي يكون من الشهادتين والعمل الصالح الظاهري وهو ما خلا عن المعرفة والمحبة عن جهل اذ العمل على الصحيح جزء الايمان بل الايمان كله عمل ويأتي ان شاء الله تعالى تحقيق ذلك ودخولهم الجنة او النار متفرع على طينتهم وليس هؤلاء من المستضعفين لعطف المستضعفين عليهم والحاقهم بهم في انهم موقوفون لامر الله والعطف والالحاق يقتضي المغايرة فدلت على انهم من لم يظهر منهم عداوة من هؤلاء اذ ليس على العباد ان يعلموا حتى يعلمهم الله كما روي ولقوله تعالى وعلى الله قصد السبيل وتعليم الله الذي تكون به الحجة هو التعريف العقلي بل الذوقي في كل بحسبه مع ان المعروف ان الجاهل لا يكون حبه حبا حقيقيا ولا بغضه بغضا حقيقيا بل يكون ذلك منه لاغراض واعراض فاذا زالت الاعراض وانقطعت الاغراض ذهب ( ذهبت خ ) متعلقاتهما وان كان قد تجري عليه احكام ذلك ظاهرا في الكفر والاسلام والايمان بل في هذه الصحيحة انه قد يدخل بعض منهم ( الجنة خ ) ومثلها صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام الى ان قال اما لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولي الله فيواليه ويكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له على الله حق في ثوابه ولاكان في ( من خ ) اهل الايمان ثم قال اولئك المحسن منهم يدخله ( الله خ ) الجنة بفضل رحمته وقد يكون منهم المسلم الضال كما رواه في الكافي عن سفيان بن السمط قال سأل رجل ابا عبد الله عليه السلام عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما فلم يجبه الى ان قال فقال فالقني في البيت فلقيته وسألته ( فلقيه وسأله خ ) عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما فقال الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله واقام الصلوة وايتاء الزكوة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام وقال الايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان اقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان ضالا اقول ما دمت ملاحظا اطلاق المعرفة على ضد الانكار تارة وعلى ضد الجهل اخرى لا تلتبس عليك مرادات الروايات لا يقال ان مثل هذه الروايات تحمل على التقية فلا حجة فيها لانا نقول ان تلك وامثالها لا تقبل الحمل على التقية لتصريحها بضدها بل ناصة على ان كل من اقر بالشهادتين ولم يفعل ما ينافيها مما مضي فهو مسلم ويشملهم اسم الاسلام بما ظهر منه من قول الاسلام ما لم يخرج من فيه كلمة الكفر باقسامها المتقدمة كما في رواية حمران بن اعين عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول الايمان ما استقر في القلب وافضى الى الله عز وجل وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لامره والاسلام ما ظهر من قول او فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها وبه حقنت الدماء وجرت عليه المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلوة والزكوة والصوم والحج فخرجوا بذلك من الكفر واضيفوا الى الايمان الى ان قال أرأيت من دخل في الاسلام اليس هو داخلا في الايمان فقال لا ولكنه اضيف الى الايمان وخرج عن الكفر وساضرب لك ( مثلا خ ) تعقل به فضل الايمان على الاسلام ارأيت لو ابصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد انك رأيته في الكعبة قلت لا يجوز لي ذلك قال فلو ابصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا انه قد دخل المسجد قلت نعم قال وكيف ذلك قلت انه لا يصل الى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد قال اصبت واحسنت ثم قال كذلك الايمان والاسلام والروايات في هذا كثيرة والكلام على كل شق يطول به المقام والاشارة قد مرت بما يوضح العمى ( المعمي خ ) ويكشف المستور بالايماء وما ورد مما يدل بأن كل من قدم من اخره الله ناصب وانك لا تجد احدا يقول اني ابغض آل محمد فالمراد به ما اشرنا اليه من كون ذلك بعد البيان من الملك الديان وقد مر مكررا لكن قد يتوهم من الاخبار المتقدمة وغيرها ان المراد بالاسلام ظاهر الدين والايمان هو باطنه مع ظاهره مع اتحادهما في الظاهر كما ظنه بعضهم لمثل رواية عبد الله بن مسكان عن بعض اصحابه عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له ما الاسلام فقال دين الله اسمه الاسلام وهو دين الله قبل ان تكونوا حيث كنتم وبعد ان تكونوا فمن اقر بدين الله فهو مسلم ومن عمل بما امر الله عز وجل به فهو مؤمن وكرواية ابي بصير وكرواية عبد الرحيم القصير وكما روي انه لا يزني الزاني وهو مؤمن وغير ذلك مما يدل على ان الاسلام ظاهر والايمان باطن مع اتحادهما في الظاهر فليس الفارق بينهما الا المعرفة والعمل فمن كان عارفا طائعا كان مؤمنا ومن كان عاصيا او غير عارف لم يكن مؤمنا بل هو مسلم وهو غفلة عن المحصل من الاخبار بعين الاعتبار المعروف لاولي الابصار فانه كما ان للايمان مراتب كذلك للاسلام مراتب وللكفر مراتب وذكر المسلم للمقر بدين الله في قوله عليه السلام في رواية ابن مسكان فمن اقر بدين الله فهو مسلم الحديث هو لان المراد بالاسلام هنا هو الايمان عند الاكثر وهو الاسلام الباطن المطابق للايمان الباطن اذا قارنه العمل وهذا ( كما ذكرنا خ ) قبل دليلنا على ان القول مطلقا سواء اشتمل على صورة الايمان الظاهرة مع صورة الاسلام الظاهرة او على صورة الاسلام فقط ليس بايمان وانما الايمان ذلك مع العمل لان الايمان عمل كله وليس ما نحن فيه فان التبس الامر عليك بخلاف ما قلنا وفصلنا فاسئل الله ان يصلح وجدانك الم تسمعه عليه السلام يقول فمن اقر بدين الله فهو مسلم يعني به الاقرار بالصورتين بدون العمل وقال من عمل بامر الله عز وجل فهو مؤمن فقال في الاولى اقر بدين الله والمعروف ان من اقر بدين الله تعالى يثاب والا لم يكن ذلك دينا والاسلام الذي نحن فيه لا يستحق عليه ثوابا غدا اصلا وقال في الاخرى ومن عمل بما امر الله عز وجل فجعل الفارق عملا بامر فافهم وكذا ما شابه هذا مما ورد كذلك واعلم ان للاسلام مراتب اولها الاقرار بالشهادتين واخرها الاقرار بجميع دين الله والاخبار ترد في كل الاقسام والمتنازع فيه هو الاول والقول بأن الاسلام ليس الا مرتبة واحدة وهي رتبة من اقر بدين الله قول عن غفلة وعدم تدبر وعدم فهم للامثال المضروبة منهم عليهم السلام بالمسجد والكعبة وغيرهما لان مثل الايمان وهو الكعبة ذات صورة ظاهرة كمثل الاسلام وهو المسجد ذو صورة ظاهرة وياتي بيانه فان قوله عليه السلام وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لامره يريد بالطاعة والتسليم الولاية ولذلك اخذ في الايمان وقوله والاسلام ما ظهر من قول يعني الشهادتين او فعل كالصلوة لا ما يعم ذلك ويعم قول الايمان ولذا بينه بقوله وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها وفسره بقوله واجتمعوا على الصلوة الى قوله والحج يعني جعل هذا تفسيرا لما ظهر من قول او فعل وقوله فخرجوا بذلك من الكفر يعني من دار الكفر كما في رواية عبدالرحيم القصير لان الكفر لا يتحقق الحكم به ظاهرا الا بلفظ الكفر واما ابطان الكفر اذا ظهر معه الاسلام فليس بكفر ظاهرا وان كان نفاقا فتجري عليه احكام الاسلام حتى يظهر قول الكفر فيحكم به كما في موثقة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال دخل رجل على عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال ان امرأتك الشيبانية ( خارجية خ ) تشتم عليا عليه السلام فان سرك ان اسمعك منها ذلك اسمعتك قال نعم قال فاذا كان غدا حين تريد ان تخرج كما كنت تخرج فعد واكمن في جانب الدار قال فلما كان من الغد كمن في جانب الدار وجاء الرجل فكلمها فتبين ذلك منها فخلي سبيلها وكانت تعجبه فليت شعري اذ كانت في صحبته اليس يعلم بما هي ( عليه خ ) اين التوسم والتفرس والنظر بنور الله ولم يتركها ويخل سبيلها حتى سمع منها كلمة الكفر وكان النبي صلى الله عليه وآله يغتسل مع عايشة من اناء واحد وقوله واضيفوا الى الايمان يعني قد ينسبون الى الايمان مجازا في بعض الاحوال في التسمية قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون وفي بعض الاحكام كالحدود والمواريث وغيرها كما هو مذكور فيها وقوله ارأيت من دخل في الاسلام الى قوله وخرج عن الكفر صريح ان المسلم ليس بكافر ولا مؤمن وان اضيف الى الايمان في بعض الاحوال وقوله عليه السلام وساضرب لك مثالا الى اخره اعلم ان العلماء المحققون قد ذكروا ان الحكيم العليم القادر على العبارة بكل اشارة لا يكون ( في كلامه خ ) للمشبه به والممثل به حقيقة في تلك الصفة الا حقيقة صفة المشبه والممثل وقد حققنا ( حققناه خ ) في مباحثاتنا ولا تطلب مني ذكر الدليل فلو ذكر لكل اشارة دليلها والدليل قد يستطرد فيه ما يحتاج الى الدليل لفني العمر قبل ان تفني مسئلة اذ العلوم كلها مرتبطة بعضها ببعض لانها كلها يجمعها وجود واحد من واحد عليم فالمسجد غير الكعبة ظاهرا وباطنا اما باطنا فظاهر واما ظاهرا فلأنه لو نذر صلوة في المسجد وصلوة في الكعبة فصلى في الكعبة ولم يصل في المسجد وان صليها فيها خاصة لم تبرء ذمته لان المتبادر من المسجد انه غير الكعبة والتبادر امارة الحقيقة ولاستحباب صلوة الفريضة فيه وكراهتها فيها والداخل في الكعبة دخل في المسجد وليس حينئذ فيه وان كان فيما هو فيه فيكون سلبه عنه اذ هو فيها دليل المغايرة فتكون الكعبة نهاية للداخل في المسجد بزيادة صورة ظاهرة على صورة المسجد الظاهرة فصرح التمثيل ان الاسلام غير الايمان وان الواصل الى الايمان قد دخل في صورة الاسلام الظاهرة من قول وفعل كما مر ووصل الى صورة الايمان الظاهرة وهي ذلك مع هذا الامر قولا وفعلا حيث ان للايمان صورة ظاهرة تخصه كما كان للاسلام ويكون بين الصورتين عموم وخصوص مطلق ظاهرا فكل مؤمن مسلم ولا عكس وتوجيه التشبيه على هذا التوجيه من ( في خ ) التشبيه اشار اليه عليه السلام بقوله كذلك الايمان والاسلام على انك اذا رجعت الى اصول العدل ومستنداتها من القرءان والروايات والعقول اخذت بيدك الى ما قلنا من انه لا تكليف الا بعد البيان والتعريف ألا تقرء قول الله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون وغير ذلك وقد كان فيما اشرت اليه ذكري لمن كان له قلب او القي السمع وهو شهيد ولقد اومئت الى كل دليل فهمته مما لو ذكرته بتمامه وما يتعلق به لكان ينبغي ان يكون في مجلد واحد فلم يبق بعد الا ذكر روايات الباب كلها وايات الكتاب او جلها والكلام على كل كلمة وهو كما ترى لا يسعه العمر ويملأ الدهر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
واما ولد الزنا فقد تقدم بعض الكلام فيه وانه في حكم المسلمين في الجملة وخالف فيه ابو جعفر بن بابويه والسيد المرتضى وابن ادريس والاصح عدم النجاسة لعدم كفره وقد مر ومن الادلة على معنى ( ما مضى خ ) من الروايات مرسلة الوشا عن ابي عبد الله عليه السلام انه كره سؤر ولدالزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الاسلام وكان اشد ذلك عنده سؤر الناصب ووجه زيادة الناصب على ساير الكفار في النجاسة والعذاب يوم الحساب تقف عليه في فوائد هذا الباب ومن ذلك صحيحة ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل صافح مجوسيا ( قال خ ) يغسل يده ولا يتوضأ وصحيحة عليّ بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة وارقد معه على فراش واحد واصافحه قال لا قال في الوافي وارقد بفتح الدال لعطفه على المؤاكلة ورواية خالد القلانسي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام القى الذمي فيصافحني فقال امسحها بالتراب او بالحائط قلت فالناصب قال اغسلها وقوية محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سألته عن رجل صافح مجوسيا قال يغسل يده ولا يتوضأ وموثق ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في مصافحة المسلم لليهودي والنصراني قال من وراء الثياب فان صافحك بيده فاغسل يدك ورواية عيسى بن عمر مولى الانصار انه سئل ابو عبد الله عليه السلام عن الرجل يحل ( له خ ) ان يصافح المجوسي فقال لا فسأله أيتوضأ اذا صافحهم قال نعم ان مصافحتهم تنقض الوضوء يأتي بيانه في الفوائد ان شاء الله تعالى وفيما مضى كفاية على ان هذا لا يحتاج الى دليل
فوائد : الاولى اختلف في معنى الجلال فقيل ما كان جميع غذائه عذرة الانسان حتى نبت لحمه عليه واشتد عظمه ( بحيث يسمى في العرف جلالا خ ) وقيل ذلك او الى انه يسمى جلالا عرفا وقيل هو ان يكون اغلب غذائه العذرة ولا يضر اغتذاء غير الاغلب من غيرها واوسطها اوسطها لانه اذا نبت لحمه واشتد عظمه كان جلالا حقيقة واذا كان يسمى جلالا عرفا كان يسمى جلالا شرعا الثانية الذي يظهر لي ان لذلك مسبارا ( معيارا نسخة ) اخر وهو ان كل حيوان يكون جلالا في مدة ما يستبرء به كالبعير اذا اغتذا اربعين يوما بالعذرة والبقرة عشرين يوما والشاة عشرة ايام والدجاجة ثلثة ايام لان نسبة الغذاء صاعدا ونازلا من ( في خ ) النمو والذبول وقتا وكما على حال سواء نعم قد يسرع نمو بعض الاطعمة الطيبة ( لقربها من الغذاء خ ) كاللبن او اللحم على خلاف وكذا التحلل قد يكون بطيئا لكن النجاسة معهود تحللها ونموها فيتساوي الحالان ومبني الحكم بالطهارة والنجاسة على ذلك الثالثة اذا قلنا بحجية مفهوم الشرط كما هو المشهور دلت صحيحة العيص بن القاسم على كراهة سؤر المرأة الجنب اذا لم تكن مأمونة اي لم تغسل يديها قبل ان تدخلها الاناء كما ذكر فيها من الجمهور واحمد بن حنبل ذكره ( فكره خ ) فضل وضوء المرأة وغسلها على الرجل مطلقا وفي رواية له اخرى حرمه وحكىي عن اسحق والحسن وابن المسيب الكراهة وعن ابنعمر لا يكره الا ان تكون جنبا او حائضا وورد من طرقهم ما ينافي ما قالوا مع الاصل واما من طرقنا فالظاهر من الصحيحة ومن غيرها انها اذا كانت المرأة جنبا وهي غير مأمونة الكراهة بل المستفاد منها ومن غيرها الكراهة من كل متهم كما في البيان وغيره لما ذكر فيها وفي غيرها للمساواة نفيا واثباتا بل في صحيحته قال سألته عن سؤر الحائض قال توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب الرابعة معنى زيادة الناصب في نجاسته وفي عذابه وغير ذلك اعلم ان الدور ثلاثة كما ورد في الرواية دار الكفر ودار الاسلام ودار الايمان والناصب صاحب الدارين الاولين فله ضعف عذاب الدارين لاستحقاقه لوازم الكفر من النجاسة وغيرها ولوازم معاصي دار الاسلام ولان النجاسة والعذاب على قدر انكار البيان وكفر النعمة فالكافر انكر بيان الرسالة ونعمتها والناصب انكرهما وانكر بيان الولاية ونعمتها بعد الاقرار بالاولين فكان كافرا مرتين كما قال تعالى سنعذبهم مرتين فيجب على الوالي ( الولي خ ) عليه السلام مضاعفة بغضهم كما يجب عليه مضاعفة ثواب من امن بالنبوة والولاية فالنجاسة على قدر الادبار وكذا العذاب والبغض والطهارة والحب والثواب على قدر الاقبال جعلنا الله واياكم ايها المؤمنون ممن يموت على محبة محمد واله عليهم السلام ويكر في رجعتهم ويحشر في زمرتهم امين امين الخامسة ما في رواية عيسى بن عمر المتقدمة وغيرها من ان مصافحة المجوسي ينقض الوضوء حمله الشيخ في التهذيب على غسل اليد وينافيه النقض فانه لا ينقض الوضوء الا ان يراد به ان النجاسة هي المنافية لما اوجده الوضوء من صحة الدخول في الصلوة حتى تزال يطلق عليها المناقضة في الجملة مجازا اذ يكفي في ذلك ادنى ملابسة ويحتمل الاستحباب للوضوء بمجرد المصافحة ويحتمل ان يكون تنقصه ( ينقصه خ ) بالصاد المهملة اي تنقص ( ينقص خ ) ثوابه فجعل تمامه ما نقص بالاعادة واولى بالجميع من ( من الجميع في خ ) توجيهه ان يراد بالوضوء الطهارة المعنوية فان مصافحتهم فيها نوع ميل فيحتاج الى الطهارة فيتوضؤ بماء التوبة فان قيل هذا خلاف الظاهر قلت ان سلمنا انه خلاف الظاهر من مراد السائل لم يكن خلاف الظاهر من مراد المسئول عليه السلام جمعا بين كلاميه السادسة المراد بالسؤر الماء الذي هو دون الكر ليتحقق حكم ملاقاة الحيوان الملاقي له لانفعاله بحكمه واما الكثير فلا يطلق عليه ذلك كما في موثق ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام ولا يشرب سؤر الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا يستقي منه يعني فانه لا بأس به يتوضأ منه ويشرب لانه لا يكون سؤرا والا لنجس حسب ما مضى وهو المراد من قول العلماء رضوان الله عليهم ماء قليل السابعة اذا اكلت الهرة الفارة وشربت من الاناء ولم تغب فان خلا فمها عن دم الفارة او شيء من لحمها لم ينجس لما دل على طهارة سؤرها بلا قيد واشتراط غيبتها ليكون احتمال انها شربت من ماء كثير فطهرت فاسد وهو اختيار المصنف في النهاية مقويا له انه ينجس الاناء حينئذ الا اذا غابت عن العين واحتمل ولوغها في ماء كثير لان الاناء معلوم الطهارة فلا يحكم بنجاسته بالشك الثامنة ريق شارب الخمر ليس بنجس اذا خلا من اثر الخمر فلو شرب من قليل لم ينجس لان ريق المسلم طاهر وليس مادته من مزاج الخمر لان الريق من ( العرقين خ ) اللذين تحت اللسان جعلهما الله عونا للانسان على الكلام ولبدرقة الطعام فاذا خلا من اثر النجاسة فالاصل الطهارة لان الموجود منه ليس هو المصاحب لان ذلك نزل معها الى المعدة وهذا غيره والفم لا ينجس اذا خلا من اثر النجاسة لانه من البواطن ولرواية عبدالحميد بن ابي الديلم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام رجل يشرب الخمر فبصق على ثوبي من بصاقه فقال ليس بشيء التاسعة ما لا نفس له لا ينجس بالموت وان مات في القليل او في المائعات فلا اثر له كالجراد والخنافس والذباب والنمل لموثق عمار الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما اشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه قال كلما ليس له دم فلا بأس به وما يموت فيه الوزغ والعقرب قال في المبسوط يكره وقال في النهاية اذا مات فيه ما ليس له نفس سائلة فلا بأس باستعماله ( باستعمال خ ) ذلك الماء الا الوزغ والعقرب خاصة فانه يجب اهراق ما وقع فيه وغسل الاناء حسب ما قدمناه والذي قدمه هو قوله قبل وكذلك كل اناء وقع فيها نجاسة وجب اهراق ما فيها من الماء وغسلها ثلاث مرات ولعله استند الى مثل موثقة ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام الى ان قال قلت فالعقرب قال ارقه ومثل رواية الغنوي عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال غير الوزغ فانه لا ينتفع بما يقع فيه ورواية سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال وان كان عقربا فارق الماء وتوضأ من اناء غيره وكذا قال ابن بابويه في المقنع اذا وقعت العظاية في اللبن حرم لرواية عمار الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام عن العظاية تقع في اللبن قال يحرم اللبن العظاية دابة من اصناف الوزغ وحكم المحقق في المعتبر بنجاسة ما ماتت فيه حية وعللها بأن لها نفسا سائلة وميتها نجس والاصح الطهارة للاجماع على ان ما لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت والاخبار بذلك متكثرة مجملة ومفصلة وقد مر بعضها في كتابنا وياتي وحمل ما ورد فيها باراقة الماء وعدم الانتفاع به على الكراهة جمعا على التوقي من سمومها لانها سمية العاشرة اذا تغير الماء القليل بموت ما لا نفس له تغييرا ( تغيرا خ ) يسلبه الاطلاق زالت عنه الطهورية لما مر ( من خ ) ان الاطلاق خاصة الحقيقة وامارة فاضل اللطيفة التي هي الطهورية وتبقى على حكم الطهارة بحيث يكون بحكم المايعات فلو كان كرا فصاعدا والحال هذه نجس بالملاقاة ولو زال تغيره بما لا نفس سائلة له ولم يكن للنجاسة قاهرية على احد اوصافه فالذي اختاره عود الطهورية وعدم تحمله للنجاسة لما مر من الادلة في نظره ( نظيره خ ) الحادية عشرة ما يعيش في الماء اذا كان له نفس سائلة نجس الماء بموته فيه عندنا بالاتفاق وعند غير الحنفية وما ليس له نفس سائلة فلا و( قد خ ) مر دليلهما فلا حاجة الى ذكره الثانية عشرة ما تولد من الطاهرات كدود الخل والنحل من رماد التنور ودود اللحم المذكي ( الذكي خ ) وغير ذلك طاهر بلا خلاف وما تولد من النجاسة كدود العذرة فكذلك عندنا اتفاقا وخالف ابنحنبل فيه قياسا على ما تولد من الكلب مثلا بالتناسل وهو قياس مع الفارق على ان الحكم منوط بالاسم لا بالتولد كما يأتي وللعموم في النوعين وتردد المعتبر لا معنى له لانه ان كان للغير فلا يحسن لفظا وان كان لتعارض الادلة عندنا ( عنده خ ) فلا تعارض لا في الاخبار ولا في الاعتبار الثالثة عشرة قال في المعتبر لو ضرب صيد محلل فوقع في الماء فمات فان كان الجرح قاتلا فالماء على الطهارة والصيد على الحل وان لم يكن قاتلا واحتمل ان يكون موته بالماء او الجرح فالصيد على الحظر لعدم تيقن السبب المبيح للحل وفي تنجيس الماء تردد الاحوط التنجيس اقول هذا بناء على قطع النظر عن الدم والا فانه ينجس بالدم واما الصيد فكما ذكر اذ الاصل فيه الميتة حتى يحصل اليقين واما الماء فوجه التردد تعارض الاصلين اصل الماء فانه يقينا طاهر ونجاسته مشكوك فيها وانما حكم على الصيد بالاصل بالعلم بموته واصل الميت فانه اذا ثبت نجاسته وان كان حكما لا ريب في انفعاله به ان كان مما لا يقبل ( يقبل خ ) الانفعال والاظهر التنجيس لان ذلك الاصل طري ( جرى خ ) عليه اصل شرعي ولان الحكم بالطهارة مع الحكم بموت الصيد تناقض وهو اختيار المصنف في المنتهى قال وهو مستحيل ( فانه خ ) كما يستحيل اجتماع الشيء مع نقيضه كذا يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه وهو ظاهر الرابعة عشرة قال المصنف في المنتهى لو لاقى الحيوان الميت او غيره من النجاسة ما زاد على الكر من الماء الجامد الاقرب عدم التنجيس ما لم يغيره وقال لنا قوله اذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شيء وبالتجميد لم يخرج عن حقيقته فان الاثار الصادرة عن الحقيقة كلما قربت ( قويت خ ) كانت اكد والبرودة من معلومات طبيعة الماء وهي تقتضي التجميد ( الجمود خ ) اما لو كان ناقصا عن الكر ( هل يكون خ ) حكمه حكم الجامدات حيث يلقي النجاسة وما يكشفها ام يدخل تحت عموم النجس القليل الاقرب الاول لانه بجموده يمنع من شيوع النجاسة فيه فلا يتعدي موضع الملاقاة بخلاف الماء القليل الذي يسري ( تسري خ ) النجاسة في جميع اجزائه انتهى اقول قد مضى في كتابنا ان الجامد حكمه حكم الجامدات لكن لا بأس بالتحدث قليلا مع المصنف فاما قوله الاقرب عدم التنجيس يعني في الكثير فينبغي ان يسمى بالكبير بالموحدة التحتية لا بالمثلثة واستدلاله بالحديث الذي يمنع وجوده في القليل النجس اذا تمم حتى بلغ كرا وان كنا نجعلها فرصة لا يشمل الماء الجامد اذ المتبادر منه الماء المايع على ان قوله في الصغير لانه بجموده يمنع من شيوع النجاسة فيه يمنع من الفرق بينهما فاذا كان الجمود يمنع من شيوع النجاسة يمنع من استهلاكها فلا فرق واستدلاله بانه ماء كثير ممنوع بل ينجس فيهما موضع الملاقاة خاصة على السواء واما قوله يدخل تحت عموم النجس القليل انما يدخل تحت عموم الثلج لا تحت عموم الماء وقوله فان الاثار الصادرة الى اخره لقد فاتك الشنب وان كنت حكيت ان البرودة التي جمد بها ليست جزء الماهية وانما هي ( شيء خ ) خارج اخر وان دخلت مع برودة الماء في اسم ( واحد خ ) ولو كانت هي برودة الماء لكان ابدا جامدا لانها لا تفارقه والا لم يوجد لفوات جزء ماهيته وللزمه انه اذا جمد كان اثقل لان الثقل من البرودة لا من الرطوبة كما حقق في محله وقد اشرنا اليه سابقا فلاحظ سلمنا لكن على هذا اذا زاد فعله بالبرودة زاد طهوريته بها حتى تبلغ به الجمود فيكون جامدا اطهر منه مايعا والحاصل الاولى الاقتصار على ما قل ودل وهو ( انه خ ) بحكم الجامدات يطهر منه موضع الملاقاة بالماء نعم لو لاقته جامدا ثم ذاب قبل التطهير فان لم يكن كرا نجس على الاصح المشهور مطلقا وان كان كرا فالاظهر عندي الطهارة كما مر مكررا مطلقا اي سواء كان ذوبانه دفعة او تدريجا وسواء ( كان خ ) الجزء النجس اولا او اخرا الخامسة عشرة لو نزى طاهر العين على نجس العين او بالعكس حكم على المتولد منهما بما يلحقه من الاسم لان الحكم منوط بالاسم فان استبان فلا كلام والا اعتبر بخواص كل منهما فما جرت فيه جرى عليه حكمه وهي كثيرة تطلب من الكتب الموضوعة لمعرفة خواص الحيوانات كما روي شيخنا بهاء ( الملة وخ ) الدين ان اعرابيا سأل عليا عليه السلام فقال اني رأيت كلبا فوطأ شاة فاولدها ولدا فما حكم ذلك في الحل فقال عليه السلام اعتبره في الاكل فان اكل لحما فهو كلب وان رأيته يأكل علفا فهو شاة فقال الاعرابي رأيته يأكل هذا تارة ويأكل هذا تارة فقال اعتبره في الشرب فان كرع فهو شاة وان ولغ فهو كلب فقال الاعرابي وجدته مرة يلغ ويكرع اخرى فقال اعتبره في المشي في الماشية فان تأخر فهو كلب وان تقدم او توسط فهو شاة فقال وجدته مرة هكذا ومرة هكذا فقال اعتبره في الجلوس فان برك فهو شاة وان اقعي فهو كلب فقال انه يفعل هذه مرة وهذا اخرى فقال اذبحه فان وجدت له كرشا فهو شاة وان وجدت له امعاء فهو كلب فبهت الاعرابي عند ذلك من علم امير المؤمنين عليه السلام اقول وانا اجده ( ان لم اجده خ ) مسندا لكن هذا وامثاله من الخواص في معرفة المشبه ( المشتبه خ ) مما لا شك فيه ويعلم صحة ذلك بالنظر في اسباب ذلك بعين واحدة في مظانه لا بعينين والله اعلم بالصواب السادسة عشر حكم بعض اصحابنا بنجاسة لعاب المسوخ لانه فضلة متولدة من لحم المسوخ ومادته اذ لو بقي فاحالته هاضمته لاحالته من جنس لحمه ومعنى المسخ في الاصل هو صيرورة الحقيقة حقيقة اخرى منكوسة بنوع من العذاب وهو اللعنة كما قال تعالى في حق اصحاب السبت ( كما لعنا اصحاب السبت خ ) وهي مسخهم قردة وخنازير وهو اي المسوخ بهذه الطريقة رجس قطعا شرعا ولغة فاذا ثبت ان المسخ بالعذاب كما دلت عليه الاخبار مما لا ينكر وان معناه اللعنة وهي البعد من الرحمة تحققت النجاسة ولانعني بالنجس غير هذا كالكافر على انه كافر كما روي بل مسخ من الكافر كما قال ابوالفتح محمد في كتاب كنز الفوائد وروى ابو نصر قال كنت عند الامام الباقر محمد بن عليّ صلوات الله عليه ذات يوم وسام ابرص على حائط ينق فقال صلوات الله عليه هل فيكم احد يدري ما يقول هذا المسخ قلنا ماندري فقال صلوات الله عليه ولكني ادري ما يقول ( يقول خ ) لئن شتمتم معوية لاشتمن عليّا فقلنا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله لئن ( لو خ ) امرت بقتله فقال صلوات الله عليه ( للغلام خ ) يا غلام اقتل هذا الوزغ فانه مسخ وهو عدو مولانا ( امير المؤمنين خ ) عليّ بن ابيطالب عليه السلام قلت جعلت فداك يا ابن رسول الله وهذا الوزغ ممن يبغض ( عليا خ ) امير المؤمنين صلوات الله عليه قال يا ابا نصر تدري ما كان هذا الوزغ قبل ان يمسخ في هذه الصورة قلت الله ورسوله وابن رسوله اعلم قال صلوات الله عليه كان رجلا من بنيامية وكان جبارا عصيا ذا سلطان شديد وحشم وعبيد فمسخه الله عز وجل كما ترى الحديث فيكون نجسا فيكون لعابه نجسا واعلم اني انما اورد مثل هذه الاخبار اعتمادا على بيانها لا على روايتها على اني مكلف بالايمان بمثلها ما لم تخالف الكتاب والمعروف من المذهب ومعنى المخالفة ان لا اجد للمخالف محملا فان ذلك لي ان اقول فيه واما ما علمت المحمل فيه ورأيت الموافقة فالاعتماد على بيانه فانه لا ينقص عن تبيين واحد من الناس وقال الشيخ كما مر المسوخ نجسة لتحريم بيعها والاصح عدم النجاسة للاصل ولعمومات الروايات الدالة على طهارة ما سوى الكلب والخنزير من الحيوانات ولان المسوخ غير هذه وانما هذه صورها وامثالها كما في رواية ابيالعلا الخفاف قال قلت لابي الحسن عليه السلام أيحل اكل لحم الفيل قال لا فقلت لم فقال لانه مثله وقد حرم الله عز وجل الامساخ ولحم ما مثل بها في صورها وتعليل الشيخ بتحريم البيع عليل اذ ليس كل ما لا يجوز بيعه نجس نعم يكره ذلك دفعا لشبهة الخلاف كما قال في المعتبر ولان هذه خلقت من فاضل طينة المسوخ كما حقق في محله ولظواهر بعض الروايات الدالة على النهي نحملها على الكراهة والله اعلم السابعة عشر قال الشيخ يحيى بن حسين بن عشيرة البحراني بعد ذكر المسوخ والحكم عليها بالطهارة واما تعيينها فروى ابن بابويه في كتاب الخصال باسناده الى معتب عن ابي عبد الله عليه السلام ان المسوخ من بني ادم ثلاثة عشر صنفا القردة والخنازير والخفاش والضب والدب والفيل والدعموص والجريث والعقرب وسهيل والزهرة والعنكبوت والقنفذ قال الصدوق الزهرة وسهيل دابتان في البحر وليسا بنجمين ولكن سمي هذان النجمان بهما كالحمل والثور والمسوخ جميعها لم تبق اكثر من ثلاثة ايام ثم ماتت فهذه الحيوانات على صورتها سميت مسوخا استعارة انتهى اقول وهذا المعنى مذكور في الروايات ولكن ليس هذا معنى المذكور فيها بل معنى امثالها واشباهها انها خلقت من فاضل طينتها كما ذكرنا ونريد بفاضل الطينة ما فضل اي ما انعكس عن طينة المسوخ في الاظلة لا هذه الطينة العنصرية نعم هذه الطينة العنصرية نسبة كون طينة هذه الحشرات من طينة المسوخ كنسبة ما بين الطينتين هناك ولا يجوز البيان ازيد مما قلنا لان مثل هذه الاشياء مأمور بكتمانه ( بكتمانها خ ) الا على سبيل النبذ كما قاله سيد الوصيين عليّ عليه السلام والدعموص دويبة سوداء تكون في العذرات اذا نشفت والجريث كسكيت سمك واعلم ان الروايات مختلفة في عددها واجناسها ولا مزية لذكرها والحاصل انها اكثر من الثلاثةعشر وذكر الامام عليه السلام ذلك لا ينفي غيره وقد ذكر غيره واعلم ان اكثر هول المطلع على اصناف المسوخ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
واما المضاف وهو الضرب الثاني من قسمي الماء كما مر تقسيمه اليهما وهو اي المضاف باعتبار ما اضيف اليه على اقسام ثلاثة ذكر المصنف منها اثنين اكتفاء بهما في التمثيل او ان احد القسمين قسمان باعتبار الحقيقة فقال واما المضاف فهو المعتصر من الاجسام هذا احدها ويجوز ان يكون اراد بهذا قسمين لان الاصحاب يقسمونه الى معتصر ومصعد والممتزج ( ممتزج نسخة ) ولا يبعد ان يكون اراد بالمعتصر ما هو اعم من الاولين فان المصعد في الحقيقة معتصر وان كان بالنار لانها اعظم الات الاعتصار لان معنى اعتصره استخرج ما فيه وذلك بالنار ابلغ كما ذكر وحقق في الحكمة النظرية والمراد بالمعتصر ما استخرج من الاجسام بالعصر كماء الليمون وبالمصعد ما استخرج بالنار وشبهها كالشمس والادوية الحادة كما لو صعد بالماء المعشر الذي يعملونه الحكماء والثالث هو قوله او الممتزج بها بكسر الزاي كما اذا مزج بالزعفران مزجا يسلبه الاطلاق بحيث يصح سلبه عنه بذلك في حقيقة التسمية بل في الحقيقة لان الاطلاق كما ذكرنا مرارا انه خاصة الحقيقة وهي مركبة من الرطوبة والبرودة لا غير تركيبا معتدلا لانهما بسيطتان في مقام الماء لا يظهر ذلك الاعتدال بالبساطة الا مع الاطلاق الذي هو الخاصة للزومها له لذاته كما بين في محله فنفي الاطلاق نفي للتركيب ونفي التركيب نفي للماهية المركبة فلا يكون المضاف مطلقا وان كان في اصله ماء ولكنه قعدت به الممازجة عن العبيطة التي يلزمها الاطلاق ولذلك تختلف كيفياته لذاته لاختلاف كيفيات المضاف اليه ولا تختلف كيفيات المطلق لذاته ومن ثم لا يصدق عليه الاسم المطلق الا تجوزا وقد مضي بعض الاشارة اليه " كماء الورد والمرق " مثل بالاول للمعتصر سواء كان باليد وشبهها كماء الرمان وماء الليمون او بالالة النارية وهو المصعد كماء الورد وبالثاني للممتزج فان المرق كان ماء فامتزج باجزاء من توابل اللحم واجزاء من الدهن خرج بذلك عن الاطلاق لامتزاجه بما اخرجه عن الاسم بانحلاله فيه وهو اي المضاف طاهر في نفسه اجماعا للاصل ولعموم الانتفاع به قال تعالى في معرض الامتنان خلق لكم ما في الارض ولا يكون الا بما يجوز استعماله ليصح به الامتنان ولانه من المطلق ولكنه بالممازجة ضعفت اللطيفة حتى لا يكون فيه زيادة عن نفسه كما مر
وهو ينجس بكل ما يقع فيه من النجاسة سواء كان قليلا او كثيرا قال في المعتبر وهذا هو مذهب الاصحاب لا اعلم فيه خلافا وهو كذلك واستدل عليه بما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن الفارة تموت في السمن فقال ان كان جامدا فالقوها وما حولها وان كان مايعا فلا تقربوه وبما رواه الخاصة عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال اذا وقعت الفارة في السمن فماتت فان كان جامدا فالقها وما يليها وكل ما بقي وان كان ذائبا فلا تأكله ولكن اسرج به وترك التفصيل ليعم الكثير والقليل وما رواه السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت فاذا في القدر فارة فقال يهرق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل ولان المايع قابل للنجاسة والنجاسة موجبة لنجاسة ما لاقته فيظهر حكمها عند الملاقاة ثم تسري النجاسة بممازجة المايع بعضه بعضا اقول اطلقوا على المضاف الميعان نظرا الى ما انحل فيه من الجسم من انه قد تنحل الاجزاء في الماء حتى تكون ماء كماء الورد فانه مازجه بالانحلال في التغذية فاتحد في كيموسه فلما صعد صعدت اليبوسة المنحلة في الرطوبة المشاكلة بعد انعقاد الرطوبة باليبوسة المشاكلة ومن انه قد تتصغر الاجزاء من دون انحلال كالمرق فهو به اشبه من الذوبان وان اطلق عليه نظرا الى الصورة والمئال الا ان الذوبان يتصور بعد تصور الجمود يقال ماع يميع جرى على وجه الارض وماع السمن ذاب ثم اعلم انه يقبل التطهير اذا لم يكن دهنا بأن يلقي عليه كر دفعة عرفية قال المصنف في القواعد وان بقي التغيير ما لم يسلبه الاطلاق فيخرج عن الطهورية او يكن التغيير بالنجاسة فيخرج عن الطهارة ونحوه في المنتهى ونقل عنه في التحرير انه قال ويطهر بالقاء كر عليه فما زاد دفعة بشرط الا يسلبه الاطلاق ولا يغير احد اوصافه وقال في المعتبر قال الشيخ في النهاية فان وقع فيه شيء من النجاسة لم يجز استعماله قليلا كان او كثيرا قلت النجاسة او كثرت تغير احد اوصافه او لم يتغير ولا طريق الى تطهيره الا ان يختلط بما زاد على الكر من الماء الطاهر المطلق ولا يسلبه اطلاق اسم الماء ولا يغير ( لاغير خ ) احد اوصافه فان سلبه او غير احد اوصافه لم يجز استعماله وان لم يغيره ولم يسلبه جاز استعماله فيما يستعمل فيه المياه المطلقة وقال الشهيد في المختصرين وينجس بالملاقاة وان كثر وطهره بصيرورته ماء مطلقا وقيل بملاقاة المطلق الكثير وان بقي اسمه وقال في الذكرى وطهره في المبسوط باغلبية كثير المطلق عليه مع زوال اوصافه لتزول التسمية التي هي متعلق النجاسة وقال والفاضل جمال الدين تارة بزوال الاسم وان بقي الوصف لانه تغير بجسم طاهر في اصله وتارة بمجرد الاتصال وان بقي الاسم لانه لا سبيل الى نجاسة الكثير بغير تغيير بالنجاسة وقد حصل والثاني اشبه وقال الشيخ عليّ ويطهر بصيرورته مطلقا وان بقي التغيير لا باختلاطه بالكثير مع بقاء الاضافة وقال ابنعشيرة البحراني وطهره بأن يلقي عليه كر دفعة سواء كان قليلا او كثيرا وسواء تغير المطلق بصفاته او لا ما لم يسلبه الاطلاق فيخرج عن كونه طهورا وهل يخرج عن كونه طاهرا استشكله العلامة في النهاية اقول هذه عبارات الاصحاب ولا يخفي ما في بعضها والكلام على كل واحدة يطول به المقام ومن اعتبر نظر مع ان المنقول عن الشيخ في النهاية لم اجده فيها وانما هو في المبسوط على اختلاف بعض الالفاظ والمعاني لكون ( يكون خ ) ذلك ( نقلا خ ) بالمعنى الذي فهمه نجمالدين ومفهوم التحرير انه اذا تغير احد اوصافه بالمتنجس وان لم يسلبه الاطلاق نجس كمنطوق المنقول عن الشيخ وما نقله في المعتبر ساكتا عليه يدل بمفهومه ان الكر لا يكفي في تطهيره مطلقا لقوله الا ان يختلط بما زاد على الكر والصراط المستقيم ما ذهب اليه المحقق الثاني و( رجحه خ ) الشهيد في المختصرين واللمعة وهو ظاهرالذكرى وهو احد قولي المصنف كما قاله في الذكرى وجعله اشبه مختارا له واختاره الشهيد الثاني في الروضة وافتي به ابن فهد في موجزه وهو انه اذا القي عليه كر فصاعدا دفعة عرفية ولم يسلبه الاطلاق وان تغير به احد اوصاف المطلق فقد طهر لان التغير بغير النجاسة لا يخرج المطلق عن حكمه فيكون الكل ماء مطلقا لا يقال انما تغير بالمتنجس المصاحب للنجاسة في جميع اجزاء المضاف الذي غير لون المطلق والمنقول عن الشيخ الحاق المتغير بالمتنجس بالمتغير بالنجاسة لذلك فلا يكون طهورا بل ولا طاهرا حتى يلحقه ( لا يلحقه خ ) تغير في احد اوصافه لانا نقول ان الالحاق لا دليل عليه بل الاصل خلافه على انه ماء مطلق حينئذ اتفاقا فاذا لاقي النجس طهره بقوة لطيفته وهذا التغيير ليس من النجاسة فلا يتصور الحكم بالنجاسة مع المطلق الكثير الا بالتغيير بالنجاسة فحسب وان سلبه الاطلاق فان كان قبل الامتزاج او معه كان نجسا لان النجاسة في مضاف لا في مطلق وقول المصنف ان التغيير بالمتنجس لا بالنجاسة لا يجده نفعا لان المضاف حامل لها ولا تزول ابدا عنه حتى يتخلله المطلق ويسلب عنه الاضافة لان النجاسة لازمة لها لا تنفك عنها فكان المطلق مضافا مع وجود النجاسة فيه فينجس وقول المصنف ان الكثير لا ينجس الا بنجاسة ( بالنجاسة خ ) مسلم له في المطلق لكن هذا مضاف ولا يقول هو بفائدة الكثير ( الكثرة خ ) فيه وان كان بعد الامتزاج كما لو كان في ماء الزعفران مثلا شيئا منه ( وخ ) لم يذب ثم نجس وامتزج بالكثير ثم بعد المزج والتخلل ذاب ذلك حتى سلبه بذلك الذائب الاطلاق فانه طاهر غير مطهر واعلم ان مجرد الاتصال بدون الممازجة الظاهرة هنا لا تنفع بخلاف القليل المطلق اذا نجس فانه على ما اخترناه انفا يكفي فيه مجرد الاتصال وقد ذكرنا دليله في خلال شرحنا هذا مرارا وما يوجد في عباراتهم فالمراد ( به خ ) مجرد المزج سواء تغير ام لا سلب الاطلاق ام لا كما هو مختار المصنف في اكثر كتبه اذ الاقوال ثلثة كما نقلناه عن الذكرى الاول قول المبسوط والاخران للمصنف فراجع وقال الشيخ يحيي بن عشيرة البحراني في شرح الجعفرية وينبغي ان يعلم ان موضع النزاع ما اذا اخذ المضاف النجس والقى في الكثير المطلق فسلبه الاطلاق ولو ( فلو خ ) انعكس الفرض وجب الحكم بعدم الطهارة جزما لان موضع المضاف النجس نجس لا محالة فيبقى على نجاسته لان المضاف لا يطهر والمطلق لم يصل اليه فينجس المضاف به على تقدير طهارته انتهى اقول وهذا غير متجه لان موضوع المضاف النجس ليست نجاسته منفصلة متميزة غير نجاسة المضاف بل هي نجاسة المضاف فالحكم بطهارة جميع اجزاء المضاف حكم بطهارة المحل جزما اذ نجاسة المحل ليس الا عبارة عن نجاسة الاجزاء اللاصقة به بما حملت من النجاسة فاذا زالت نجاستها وطهرت كما هو المفروض فمن اين يحكم بنجاسة المحل فالاصح عدم الفرق بين الحالين على ان الاصحاب لم يذكروا الفرق اذ ليس بين اطراف المضاف النجس وبين الموضع نجاسة غير سطح المتنجس وهو منه والفرض طهارته
ولا يجوز رفع الحدث به على المشهور الاصح لما ذكر من الادلة بل ادعى عليه الاجماع فان ( بان خ ) خلاف ابن بابويه في جواز رفع الحدث الاصغر والاكبر بماء الورد ونقل الشيخ في الخلاف جوازه عن بعض الاصحاب غير مضرين في الاجماع لكون الخلاف من معلوم النسب واستشكل بعدم معلومية من نقل عنهم الشيخ وكون دعواه الاجماع يدل على المعلومية عنده ويحتمل انه اراد به ابن بابويه واعتقاد الاجماع بعد المعلومية غير مسلم لان نقله عن بعض اصحاب الحديث يحتمل عدم المعلومية فلا يتحقق دخول المعصوم فيه كذا قيل وحكى المصنف عن ابن بابويه بانه ( انه خ ) يجوز الوضوء والغسل من الجنابة بماء الورد لما رواه في الكافي عن عليّ بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابي الحسن عليه السلام قال قلت له الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلوة قال لا بأس بذلك وطعن فيها بسهل بن زياد وبما نقله ابن بابويه عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد من عدم الاعتماد على ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس فكيف يستدل بها اقول لا حجة على ابن بابويه بذلك لان اعتماد المتقدمين ليس على مثل هذا الاصطلاح الجديد وانما يحتاج اليه من لم تصل اليه الكتب الاصول وجهل القراين الموجبة للعمل مع ان بعض الاصحاب ذكر ان الرواية موجودة في اصل يونس فلا يضر توسط محمد ولا سهل بن زياد ولا احتمال كون عليّ بن محمد غير علان كما ذكره بعضهم او عدم اعتماد علان كما ذكره فخر الدين في جامعالمقال حيث جعل ( صحة خ ) عدة سهل متوقفة على صحة النقل عن النجاشي بأن محمد بن ابي عبد الله فيها هو ابن عون الاسدي فان كان صح النقل صحت والا فلا مع انه ذكر فيها علان ولم يصححها به واعلم ان عبارة الصدوق في الفقيه هكذا وقال الصادق عليه السلام اذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شيء والقلتان جرتان ولا بأس بالوضوء منه والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد انتهى ونسخة الاصل ليس فيها لفظة منه فعلي تقدير ثبوتها فالظاهر ان مرجع الضمير الكر المعبر عنه بالقلتين فيكون كلامه على هذا طبق كلام المشهور والفائدة فيه الرد على الحنفية فانهم لا يجوزونه وورد في اخبارنا ذلك وحمل على التقية منهم ويكون قوله والاستياك بماء الورد جملة برأسها وعلى نسخة الاصل فالظاهر منها ما نقل عنه لان الاستياك معطوف على ما قبله ويكون المجرور متعلقا بالثلاثة وهذا هو الظاهر لنقل العلماء منه ذلك ولتصريحه في اخر اماليه بذلك حيث يقول ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة بماء الورد والاصح المشهور كما قلنا للاجماع سابقا ولاحقا كما في الذكرى وهذا يؤيد ان من نقل عنه الشيخ معلوم النسب كما هو الظاهر ولرواية ابينصر ( ابي بصير خ ) عن ابي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ منه للصلوة قال لا ( الا خ ) انما هو الماء والصعيد وصحيحة ابنالمغيرة عن بعض الصادقين (ع) قال اذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن انما هو الماء والتيمم فان لم يقدر على الماء وكان نبيذا فاني سمعت حريزا يذكر في حديث ان النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء والظاهر ان قوله فان لم يقدر على الماء الخ انه كلام ابنالمغيرة والمراد بالنبيذ هنا ما طرح فيه تميرات ليطيب طعمه وتذهب ملوحته ولم يسلبه الاطلاق والمراد بالماء في الروايتين الماء المطلق ( للاطلاق خ ) وهو الطهور ولقوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا فامتن بالمطلق المنزل من السماء ولو كان الطهور يحصل في غيره لكان الامتنان بالاعم منه اعم امتنانا ولجواز وجدان المضاف عند فقدان المطلق الموجب للتيمم في قوله تعالى ولم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا حيث امر بالتيمم مع فقد المطلق وجد المضاف او لا ولشذوذ رواية يونس لمقابلتها لاجماع الخاصة ومطابقتها لمذهب العامة كابيبكر الاصم وابن ابيليلي فتحمل على التقية وقد قال بعض العلماء ان اكثر النقل عن الرضا عليه السلام في خراسان بمجمع كثير من العامة ولهذا ترى اكثر الاخبار المنقولة عنه صلوات الله عليه توافق العامة وكونها في اصل يونس لا ينافي حملها على التقية نعم ينافي الطعن فيها بالرواة ولجواز حمل ذلك على التحسين والتطيب به للصلوة كما ذكره الشيخ لان استعمال الرائحة الطيبة افضل منها لغيرها والاخبار به متظافرة وقول بعض العلماء ان سلم التحسين في الوضوء نظرا الى معناه اللغوي لم يسلم في الغسل وكيف يمكن حمل الاغتسال عليه لا معنى له لانه اذا امكن الحمل في الوضوء على التطيب للصلوة وانها به افضل وهو معنى التحسين لها فالاغتسال به ابلغ في التطيب والتحسين فيكون ابلغ في الامكان ونفي البأس منه عليه السلام عن ذلك نفي للاسراف في الطيب ولو اغتسلت به اذ لا اسراف في الطيب ولجواز ان يكون المراد بقوله ماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد ولم يخرجه عن الاطلاق فانه يسمي ماء الورد بالمجاورة كماء البئر وماء البحر وقال المصنف في التذكرة ( هو خ ) محمول على اللغوي او على الممتزج بماء الورد بحيث لا يسلبه الاطلاق واذا قام الاحتمال بطل الاستدلال ولما مضى من التحقيق ولان المنع من الصلوة بدون الطهارة شرعي لا خلاف فيه بين المسلمين فتبقي ذمة المكلف مرهونة بالامر بالطهارة من رافع للمنع يقينا ولا يقين في الطهارة من المضاف برفع المنع بهذه الرواية ولا سيّما في مقام مرجوحية الخلاف ولا ريب في ان الاحتياط للرفع مع وجود المائين في استعمال المطلق وقول الشيخ التقي محمد تقي المجلسي (ره) ان الاحوط مع عدم المطلق الوضوء بالمضاف لا التيمم ضعيف لما مر ولانه ليس بماء وفاقد الماء فرضه التيمم للكتاب والسنة والاجماع وكانه جنح الى ما رواه ابن بابويه فان صاحب التنقيح قال ان ابن بابويه لا يجوز ذلك مطلقا بل بماء الورد خاصة في السفر عند عدم المطلق وقال في الذكرى وظاهر الحسن بن ابي عقيل حملها على الضرورة وطرد الحكم في المضاف والاستعمال والاحتياط احسن من التجويز
ولا الخبث به وان كان طاهرا هذا مذهب اكثر الاصحاب وخالف في ذلك ابن ابي عقيل فجوز به رفع الخبث مع عدم المطلق لانه اولى من الصلوة في النجاسة والسيد المرتضى في شرح الرسالة وقال يجوز عندنا ازالة النجاسة بالمايع الطاهر غير الماء وهو قول المفيد في المسائل الخلافية لاطلاق قوله تعالى وثيابك فطهر وبما رواه الجمهور ان خولة بنت يسار سألت النبي صلى الله عليه وآله عن دم الحيض يصيب الثوب فقال صلى الله عليه وآله حتيه ثم اقرضيه ثم اغسليه ولما رواه حكم بن حكيم الصيرفي عن الصادق عليه السلام قلت لا اصيب الماء وقد اصاب يدي البول فامسحه بالحايط ثم تعرق يدي فامسح وجهي او بعض جسدي ثم يصيب ثوبي قال لا بأس ورواية غياث بن ابراهيم عن ابي عبد الله عليه السلام عن ابيه عليّ عليه السلام قال لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق ووجه الاستدلال ( في الاية خ ) انه تعالى في الاية امر بتطهير الثياب ولم يخصص ذلك المطلق ولو اريد لبين واطلق ليتناول كل مايع وكذا في الرواية وكذا صرح به في رواية ( روايتي خ ) حكم وغياث فانهما صريحتان في ان المايع يزيل الخبث كازالة الدم بالبصاق وما ذكر في بعض الروايات من الازالة بالماء لا ينفي ما سواه لانه احد الاشياء المزيلة للخبث ومثل حسنة الحلبي قضية في عين وقضايا الاعيان لا عموم لها فسلم ما نحن فيه ولو سلم التخصيص لم يدل على التعيين لجواز ان يكون للاغلبية والافضلية شرعا او عرفا او الاكثرية ولان عين النجاسة لو حكت لم يبق ما يتوجه اليه الخطاب كمن نذر ذبح شاة فماتت ولان الاصل جواز الازالة بكل مزيل فيبقى حتى يرد المنع الصريح ولان تطهير الثوب ليس باكثر من ازالة النجاسة وقد زالت بغسله بغير الماء مشاهدة اذ الثوب لا تلحقه عبادة ودعوى الاختصاص من التبادر العادي مردودة لان العادة لا تجب ولو كان كذلك لوجب المنع من غسل الثوب بماء الكبريت والنفط وغيرهما مما لم تجر العادة بالغسل فيه ولما جاز ذلك ولم يكن معتادا اجماعا علمنا عدم الاشتراط بالعادة وان المراد بالغسل ما يتبادره اسمه حقيقة من غير اعتبار العادة وبه قال ابوحنيفة واحمد في احدي روايتيه والاصح المشهور لما رووه في صحيحتي مسلم والبخاري من حديث اسماء ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن دم الحيض يصيب الثوب فقال صلى الله عليه وآله حتيه ثم اقرضيه ثم اغسليه بالماء ولما روى اصحابنا في حسنة ابي العلا الخفاف قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي يبول على الثوب فقال ( قال خ ) يصب عليه الماء ثم يعصره وروي عن ابي عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال يصب عليه الماء ولحسنة الحلبي ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام رجل اجنب في ثوبه وليس معه غيره فقال يصلي فيه واذا وجد الماء غسله وغير ذلك مما ذكر فيها الماء للازالة وجه الاستدلال ان ازالة النجاسة اذا اطلقت تبادر الى الازالة بالمطلق والتبادر امارة الحقيقة فحقيقة الازالة لا توجد بدونه وان اطلقت الى ( على خ ) الازالة بغيره فمجاز كما في رواية غياث لان غير المطلق انما يزيل ما كثف من النجاسة واما قلعها حقيقة فلا يحصل بغير المطلق لانه بالغ في رقته ولطافته وسرعة انفصاله واتصاله واضمحلاله وعدم دسومته ولزوجته مع ثقله وتلززه وعظم بلته فهو اشد المائعات نفوذا فاذا مر بالنجاسة استخرجها من مسام المماس بحذافيرها وانفصل بها في اسرع فعل على ما فيه من الطيب والبركة وامتنان الله تعالى به علينا لطهارة النجاسة المعنوية التي هي الحدث كما عن ( عند خ ) المفيد والسيد و( ان خ ) غيره لا يرفع الحدث مع ان العمدة في ذلك على النية وهما يعلمان ان المطلق ابلغ في الازالة فاعتباره في ازالة الخبث اولى لعدم النية ولكثافته ولان من الخبث لطيفا لا يتعلق ( لا يتعقل خ ) ازالته بكثيف بدون ازالته مع لطخ من المتنجس كالبول والماء النجس فلا يقلعهما ما هو اغلظ منهما لشدة نفوذهما الا مع ما حلا فيه كباطن القدم بالارض لتحلل الاجزاء لا سيّما بالوطئ على الارض تحللا سيالا كما حقق في محله وللنص والمطلق متعبد به لذلك لما ذكرنا من عظم صفاته وما لم نذكر انظر الى بيان جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فيما نقل عنه في مصباحالشريعة قال عليه السلام فان الله قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ودليلا الى بساط خدمته وكما ان رحمته تطهر ذنوب العباد كذلك النجاسات الظاهر يطهر ( يطهرها خ ) الماء لا غير قال ( الله خ ) تعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرى بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا الى ان قال (ع) وتفكر في صفاء الماء ورقته وطهوره وبركته ولطيف امتزاجه بكل شيء وفي كل شيء واستعمله في تطهير الاعضاء التي امر الله بتطهيرها الحديث ولان المايعات لغلظها ولزوجتها ودسومتها بالنسبة الى المطلق وبطؤ نفوذها ونفودها اذا حملت شيئا من النجاسة لم تنفصل عن المغسول بل يبقى اجزاء منها بما فيها من النجاسة فتتسع النجاسة كما هو ظاهر وعدم ذكر المطلق في بعضها في الغسل اتكال على ما علمه السائل بل لو اريد غيره لوجب الارشاد اليه لانه غير معلوم لا في التبادر ولا في العادة ولا في الخواطر ولان قضايا الاعيان حجة والا لوجب التخصيص من الشارع كما في صلوته صلى الله عليه وآله اذا ام الناس في مرضه وهو قاعد سلمنا لكن اين ما امرونا بالتفريع اذ القوا الينا الاصول ولبطل العمومات وتعطلت الاحكام في اكثر ما تعم به البلوى والتخصيص بالذكر ان لم يدل على التعيين احتيج الى التبيين والسكوت مع التخصيص بالذكر مع عدم سؤال يقتضيه ولا قرينة حال تنافيه يقتضي التعيين فيه فان قوله صلى الله عليه وآله ثم اغسليه بالماء وقوله عليه السلام ويصب عليه الماء واذا وجد الماء غسله ظاهر في المدعي وقوله ولان عين النجاسة لو حكت لم يبق ما توجه ( يتوجه خ ) اليه الخطاب ان حكت مع سطوح ( سطح خ ) المماس حتى قلع معها منه شيء فمسلم ولكن هذا غير مراده وان كان انما حك النجاسة فقط فممنوع لتوجه الخطاب اليه بالتطهير بالمطلق ( المطلق خ ) كما في صحيحة العيص قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه قال يغسل ذكره وفخذيه ولا ريب ان الرجل لم يبق في ذكره شيئا من جرم النجاسة وتوجه الخطاب اليه لان الحك لا يقلع النجاسة الا على النحو الذي ذكرنا وقوله ان الاصل جواز الازالة بكل مزيل مدفوع لان الاصل الان للشرع بعد وروده بالمطلق لان الاصل الازالة به لقوله تعالى فجعلنا عاليها سافلها فافهم فانه من مكنون العلم وقوله ان تطهير الثوب ليس باكثر من ازالة النجاسة وقد زالت بغسله بغير الماء مشاهدة يدفعه ان النجاسة لم تزل وان لم تر ظاهرا لما قدمنا اذ المشاهدة عن بصيرة تريك وجودها ولانه اذا لاقي النجاسة انفعل عنها اتفاقا فيحتاج الى تطهير لا يقال ان المطلق كذلك لانا نمنع انفعاله عند وروده على النجاسة كما هو مذهبه في الناصريات والاجماع انعقد على عدم انفعال المطلق في الازالة فبقي المضاف في شرك الخلاف ولان الثوب النجس منع الشارع عليه السلام من الدخول في الصلوة به واذن بعد غسله بالماء فلو غسل بغيره بقي رهنا في منعه حتى يحصل الاذن واما رواية حكم بن حكيم الصيرفي فمطرحة لان البول لا يزول عن الجسد غير باطن القدمين وما اشبههما بالتراب اتفاقا منا ومنهما على ان الرواية لا دلالة فيها على الدعوى اذ ( وخ ) الدعوى ازالة النجاسة بالمايعات لا بالجامدات وقال صاحب الوافي انها تحتمل ان يكون المسح ازال ظاهر النجاسة كله فبقيت رطوبة المتنجس لا النجاسة وانما تجب الازالة والتطهير من النجاسة لا من المتنجس او انه شاك في اصابة البول ليده او لكل اليد ولم تعرق كل اليد او شك في شمول العرق لها او اصابة اليد البدن او بعرقها فانه لا يضر مع اصل الطهارة اذ لا ينقض اليقين بالشك ابدا ومثلها صحيحة العيص عن ابي عبد الله عليه السلام عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فاصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا في الاستدلال والجواب عنها على انه ليس فيهما انه طاهر ونفي البأس يحتمل للضرورة وعدم الماء فنفي البأس عن الفعل مع الضرورة فيغسل اذا وجد المطلق فهو اعم من الطهارة وهو لا يدل على الاخص ورواية غياث المتقدمة وروايته الاخرى عن ابي عبد الله عليه السلام عن ابيه عن عليّ عليهما السلام لا يغسل بالبصاق شيء غير الدم وما في الكافي وهو هكذا وروى ايضا انه لا يغسل بالريق شيء الا الدم ضعيفة لان الظاهر ان الاصل فيها غياث وهو بتري فلا عبرة بنقله وان كان ثقة فان امثال هذه الفرق يتسلط عليهم الشيطان لا سيّما في روايات العمل لقوله تعالى ولا تجد اكثرهم شاكرين وانما يعتبر رواية بعضهم غالبا اذا اعتضدت بروايات الامامية وكانت مقوية او بعملهم وهذه مخالفة في العمل والرواية والاصل فلا يعمل بما يتفرد به ويتوجه عليه قوله تعالى ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا فتبينا فوجدناه كاذبا على انه يمكن حملها على الاستعانة بالريق في الغسل او على دم ما لا نفس له كدم البراغيث وغيرها وما قيل في حمله انه في الصريب الصيقل ( الصقيل خ ) كالسيف والمرأة فيجوز بالبصاق ليس بشيء لما قلنا من اتساع النجاسة وما رواه في التهذيب عن عبد الاعلى عن ابي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الحجامة أفيها وضوء قال لا ولا يغسل مكانها لان الحجام مؤتمن اذا كان ينظفه ولم يكن صبيا صغيرا يحمل على ان الحجام غسله فلا يغسل ( يغسله خ ) مرة اخرى لانه امين في غسله بقرينة قوله اذا كان ينظفه الخ كما نرى كثيرا منهم يغسل موضع الحجامة وقد يكون لا يغسل مكانها اذا كان الغسل مضرا فينظف بالخرقة تخفيفا للنجاسة وتنشيفا لئلا تتعدى والله اعلم
تذنيبات : الاول لو مزج الطاهر من المضاف المسلوب الاوصاف كماء الورد اذا كان كذلك بالمطلق فالحكم للاكثر عند الشيخ فان تساويا جاز الاستعمال لانه مع عدم الاوصاف والامتزاج بمثله يتناوله الاطلاق قال في الذكرى والقاضي ابنالبراج يمنعه اخذا بالاصل والاحتياط وقال سيد المدارك وعن ابن البراج المنع من الاستعمال مع المساواة وظاهر عبارةالذكرى انه يمنعه مطلقا وقال المقداد في التنقيح وقال القاضي بالمنع مطلقا اخذا بالاصل والاحتياط ولعل السيد انما خصص منعه مع المساواة من ( في خ ) نقلا لذكرى حيث نقل عن الشيخ الى ان قال فان تساويا جاز الاستعمال والقاضي ابن البراج الخ يجعل ( بجعل خ ) ضمير يمنعه يعود الى حالة المساواة والظاهر منالذكرى الاطلاق كما قاله المقداد صريحا قال في الذكرى والشيخ الفاضل جمال الدين يقدر المخالفة كالحكومة في الحر فحينئذ يعتبر الوسط في المخالفة فلا يعتبر في الطعم حدة الخل ولا في الرائحة ذكاء المسك وينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة والرقة والصفاء واضدادها ولا فرق هنا بين قلة الماء وكثرته انتهى وقال نجمالدين في الشرايع ولو مزج طاهره بالمطلق اعتبر في رفع الحدث به اطلاق الاسم ولم يفصل كما فصل غيره وهو قوي جدا وان كان اذا تأملت عباراتهم لم تر اختلافا الا في الالفاظ فان الاسم هو مناط الحكم لان اعتبار صفات الماء كما في الذكرى وتقدير المخالفة كما هو المنقول عن المصنف انما هو لتحصيل الاطلاق الا ما ذهب اليه ابنالبراج وهو غير متجه لانه اذا مزج وتناوله الاطلاق لم يكن الاصل فيه المضاف لان المضاف الاصل فيه المطلق وانما عرض ما انحل فيه حتى اخرجه عن الاطلاق فاذا توجه الاطلاق الذي هو خاصة الحقيقة التي هي الاصل ذهب اسم المضاف الذي هو عارض بسبب عارض واما الاحتياط فانما هو في استعماله لا في تركه والتيمم لان التيمم انما يشرع اذا لم يوجد المطلق ( كما هو ظاهر خ ) هذا في معدوم الاوصاف واما موجود الاوصاف فالحكم باعتبار الاسم باجماع الاصحاب على ما نقله جماعة
الثاني لو اشتبه المضاف بالمطلق ولم يكن غير المشتبه وجب الطهارة بكل واحد منهما لان ذلك مقدمة للواجب اذ لا تحصل ( لا يحصل خ ) بواحد فقط للشك في المطهر مع تيقن الحدث وما لا يتم الواجب الا به واجب ولا يضرها عدم الجزم بالنية عند كل طهارة لان اشتراط الجزم في الممكن نعم يشترط الجزم فيهما لا غير ولو وجد غير المشتبه وجب اجتنابهما واستعماله خاصة للجزم في النية وكذا لو امكن مزجهما ولا يخرج المجتمع عن الاطلاق وجب ولا يستعمل كل منهما حينئذ فلا يرتفع والحال هذه بذلك الحدث الا عند من قال بالتخيير في المزج وعدمه وبعضهم منع من المزج وبعضهم منع من استعمالهما كما ذكره المصنف في النهاية وقال الشهيد في الذكرى ولو ميز العدل في هذه المواضع امكن الاكتفاء لاصالة صحة اخباره وفيه ان مفاده الظن ولا يصار اليه مع امكان التوصل الى العلم باستعمال المطلق باستعمالهما ومثله التحري ولو اخبر العدلان فالظاهر الاكتفاء باخبارهما لوجوب قبول شهادتهما شرعا والاولى ما ذكر اولا ولو انقلب احدهما فالظاهر وجوب الوضوء والتيمم لتيقن حصول براءة الذمة من عهدة التكليف لاحتمال ان المنقلب هو المضاف فيتوضأ بالمطلق ولانه قبل الانقلاب كان مقطوعا بوجوده ولاحتمال ان الباقي المضاف او المشتبه به كما قيل فتيمم ( فيتيمم خ ) وليكن التيمم اخيرا ليتجه ( لتتجه خ ) صحته ويحتمل التيمم خاصة لان التكليف بالوضوء انما هو مع وجود المطلق ولم يتحقق والا لتعين ولان الاصل البراءة من وجوب طهارتين ولان المضاف لا يرفع الحدث سواء كان عالما بكونه مضافا او لا وعالما بالحكم او لا قال المصنف في النهاية فكما يجوز ( لا يجوز خ ) رفع الحدث بالمضاف فكذا لا يجوز بالمشتبه به والوجه الاول وعندي انه لا فرق بين المشتبه الواحد وبين المشتبهين وانقلب احدهما والمصنف فرق بين المسئلتين وهو كما ترى نعم لو اخبر العدل هنا بأن المنقلب ( المشتبه خ ) هو المضاف امكن الاكتفاء لافادته الظن والمرء متعبد بظنه ولا ينتقل الى البدل مع ظن وجود المبدل للخبر واما العدلان فبطريق اولى
الثالث لو نقص المطلق عن الطهارة وامكن تتميمه بالمضاف بحيث يبقى على اطلاقه فالوجه وجوب المزج لتوقف حصول الواجب على ممكن التحصيل وتحصيله بالمزج فيجب وقال في المبسوط لا يجب عليه بل يكون فرضه التيمم والاحوط والاصح الاول لما قلنا وللاتفاق على صحة الطهارة به وللاتفاق على تعينه بعد المزج وعدم جواز التيمم بعد حصول هذا الماء ولو وجد مطلقا اخر تخير بينه وبين تتميم هذا واجبا تخييريا واستعمل ما شاء
الرابع لو وقع في احد الانائين او اكثر نجاسة واشتبها لم يجز استعمال احدهما في رفع حدث ولا خبث ولا في شرب الا مع الضرورة وادعى اكثر اصحابنا عليه الاجماع ويكون فرض المحدث الذي لا يجد غيرهما التيمم لما رواه عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال سئل عن رجل معه اناءان فيهما ماء وقع في احدهما قذر لا يدري ايهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا ويتيمم ومثله رواية سماعة وهما وان كانا فاسدي المذهب الا انهما ثقتان في الحديث وهما من الاوعية السوء التي ملؤها عليهم السلام علما لتنقلها الى شيعتهم كما ورد عنهم عليهم السلام والاصحاب تلقوهما بالقبول وعملوا وافتوا بمضمونهما ووهنهما منجبر بالشهرة والعمل والقبول وحملهما على المتغيرين احدهما بطاهر والاخر بنجس عدول عن الظاهر المتبادر لا يلتفت اليه بعد ما ذكرنا ( ذكر خ ) ولا يفيد التحري شيئا قال المصنف في النهاية ولان الصلوة بالماء النجس حرام فالاقدام على ما لا يؤمن معه ان يكون نجسا اقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام فيكون حراما ولانه لو جاز الاجتهاد هنا لجاز بين الماء والبول الخ وقال هنا في المعتبر ولو كان التحري صوابا لاطرد في الماء والبول وقد اجتمعوا على اطراح التحري هناك والاصح صحة التيمم لهذا وان لم يهرق الانائين خلافا للنهاية والاهراق في الروايتين كناية عن النجاسة لامكان الانتفاع بهما للشرب للضرورة وامكان تطهيرهما على حال كما لو وضعا لتقاطر المطر ولو انقلب احدهما لم يجز التحري ولم يزل يقين النجاسة وليس الاصل الطهارة بل الاصل لحكم الشرع النجاسة خلافا لبعض الشافعية فيتوضأ والحق والاحوط ما قدمناه ولو ميز العدل لم يكف وان اخبر بالسبب لعدم الدليل على القبول كما لا يجب القبول منه لو اخبر بالنجاسة ولو ميز العدلان او اخبرا بالنجاسة قبلت شهادتهما لوجوب قبولها شرعا وتمسك ابنالبراج باصل الطهارة في النجاسة معارض بالاصل الشرعي من قبول ذلك وان لم تفد القطع اذ مبنى اكثر احكام الشرع على ذلك وهذا احدها ولو شهدا بنجاسة احد الانائين واخران بنجاسة الاخر فان لم يتنافيا نجسا معا وان تنافيا فقال صاحب الذكرى ان ذلك اشتباه والقرعة ونجاستهما وطرح الشهادتين ضعيفة وقال الشيخ في الخلاف سقطت شهادتهما واطلق وقال في المبسوط الى ان قال على وجه يمكن او لا يمكن لا يجب القبول منهما والماء على اصل الطهارة و( او خ ) النجاسة فايهما كان معلوما عمل به ثم قال واذا قلنا اذا امكن الجمع بينهما قبلت شهادتهما وحكم بنجاسة الانائين كان قويا لان وجوب قبول شهادة الشاهدين معلوم من ( في خ ) الشرع وليس متنافيين انتهى والاصح ما ذكره في الذكرى من ان ذلك اشتباه لانه مقتضي قبول الشهادة والنجاسة من النص فيحكم بنجاستهما للروايتين والحكم بالنجاسة هنا بالبينتين يوجب رفعهما وطرحهما مذهب الشافعي عند تعارض البينتين ومذهب اصحابنا اذا اشكل الامر الرجوع الى القرعة لكونها لكل امر مشكل وليس هذه المسئلة من مواضعها اذ موضعها ( ما خ ) لا مناص عنه وهذه لها المناص عنها الى التيمم
تنبيهان : الاول لو تطهر باحد الانائين او بهما لم يصح صلوته ولم يرتفع حدثه ولا فرق بين ان يصلي بعد الوضوئين او بعد احدهما للمنع من استعمالهما بخلاف ما لو كان الاشتباه بين المطلق الطاهر والمضاف او المستعمل في الحدث الاكبر على المنع من استعماله ثانيا الثاني لو احتاج الى امساك احدهما خوف العطش امسك ما شاء ولا يتحري لعدم الفائدة ولو كان معه متيقن الطهارة واحد المشتبهين واشتبها وجب الاجتناب للزوم اخذ الحائطة للدين ولو عطش شرب المتيقن وتيمم وكذا لو اراد الامساك للشرب او الطهارة امسك الطاهر وكذلك في ازالة الخبث ولو احتاج الى الشرب والازالة شرب الطاهر بخلاف المضاف والمستعمل في الحدث الاكبر فان الطهارة اولى بالمطلق المطهر وازالة الخبث اولى به مع المضاف لا مع المستعمل وقال المصنف في النهاية ويحتمل وجوب استعمال احدهما في غسل النجاسة عن الثوب والبدن مع عدم الانتشار لاولوية الصلوة مع شك النجاسة عليها مع تيقنها ومع الانتشار اشكال فان اوجبنا استعمال احدهما في ازالة النجاسة فهل يجب الاجتهاد او يستعمل ايهما شاء الاقوى الاول انتهى والصحيح المنع وعلى الجواز فالاقوى عدم وجوب الاجتهاد لما مر والله اعلم
تذنيب تنظر سيد المدارك في اصل هذه المسئلة بأن اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه الا مع تحققه بعينه لا مع الشك فيه وفيه ان المشتبهين واحدهما بول لا يتحقق ( لم يتحقق خ ) النجس بعينه بل هو مشكوك فيه كما نقول مع انهم اتفقوا على اجتنابهما قولا واحدا ولا فرق بين الصورتين على ان القطع بوجوب ( يوجب خ ) الاجتناب ثابت بهاتين الروايتين المعتضدتين بالعمل المدعي عليه الاجماع عملا وفتوى واستبعاد سقوط حكم هذه النجاسة شرعا كما ذكر ( ذكرنا خ ) غير ملتفت اليه بعين التحقيق والتنظير بحكم واجدي المني في الثوب المشترك قياس مع الفارق والفارق النص ولان مناط الحكم في ( مناط حكم خ ) واجدي المني بمكلفين كل منهما كلف لوصف اقتضاه لا باعتبار اخر ( الاخر خ ) وان اقتضى الاشتراك في ثوب واحد حصر الجنابة فيهما فان كل واحد مكلف بنفسه لا باعتبار الاخر فلما لم يكن المقتضي موردا للتكليف ضعفت نسبة الجنابة التي لم تصح نسبتها اليها ( اليهما خ ) الا من جهة الاشتراك الى مكلف لا يصح ان يخص عقلا ولا نقلا بما لا يختص به ولقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى فسقط لزوم الحكم لكل منهما ولهذا اذا قويت الرابطة بينهما حتى كأنهما شيء واحد ظهر اثر الاختصاص كما لو ام احدهما الاخر فان المأموم على الاصح لما قلنا تبطل صلوته اذا لم يقرء لنفسه واذا قرء ضعفت الرابطة وقوي الاستقلال زال الاحتمال فهم من فهم ثم لما زال الاختصاص المقتضي للزوم المقتضى للوجوب اقتضى الاشتراك والعموم لاستحباب الغسل لهما مثلا وغيره واما في الانائين المشتبهين فان مناط الاشتباه المشتمل على الممنوع منه بمكلف واحد وان كثرت المشتبهات او لم يبق الا واحد منها فكلف بما اختص به بل لا يمكن فرض الاشتراك وان كثر المكلفون كما هناك فالمسئلة في الحقيقة على العكس فالمناظرة بها قياس مع الفارق وقول السيد واعترف به الاصحاب في غير المحصور ايضا والفرق بينه وبين المحصور غير واضح عند التأمل انما فرقوا بين المحصور وغيره ان غير المحصور لو وجب اجتنابه لزم الحرج وهو منفي بالاية ولا يلزم من اجتناب المشتبهين حرج بل لنا المخرج الى التيمم واذا احتيج اليهما للشرب كما مر جاز بل وجب استعمالهما وقوله ويستفاد من قواعد الاصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء وخارجه لم ينجس الماء بذلك ولم يمنع من استعماله وهو مؤيد لما ذكرناه مدخول لان الشك في النجاسة لا يعارض اصل الطهارة واما هناك فالاصل النجاسة من حكم الحاكم حتى يرد منه التطهير ولم يرد ولا يقال ان الاصل هنا ( هناك خ ) الطهارة لان ذلك الاصل محاه الاصل الطاري فهذا الان هو الاصل وانتقلنا من معلوم الى معلوم وقوله اطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضي عدم الفرق في ذلك بين ما لو كان الاشتباه حاصلا من حين العلم بوقوع النجاسة وبين ما لو طرء الاشتباه بعد تعين النجس في نفسه ثم قال والفرق بينهما محتمل لتحقق المنع من استصحاب ذلك المتعين فيستصحب الى ان يثبت الناقل عنه منقوض بمنع الاحتمال لان تعين النجس في نفس الامر حاصل قبل الاشتباه وبعده كما هو المفروض وانما المفقود تعيينه بعد الاشتباه في الحالتين وقد ثبت الناقل عن الاستصحاب وهو النص فثبت حكم المنع منهما مطلقا وقوله ولو اصاب احد الانائين جسم طاهر بحيث ينجس بالملاقاة لو كان الملاقي معلوم النجاسة فهل يجب اجتنابه كالنجس ام يبقى على اصل الطهارة فيه وجهان اظهرهما الثاني وبه قطع المحقق الشيخ عليّ (ره) في حاشية الكتاب ومال اليه جدي قدس سره في روض الجنان لان احتمال ملاقاة النجس لا يرفع الطهارة المتيقنة الخ مدفوع بأن اختيارهما لا ينافي ما قلناه وانما ينافي ما قاله لان من يقول بذلك اراد ان الانائين من جهة النص منع من استعمالهما فقام ذلك مقام نجاستهما ( النجاسة خ ) في حظر الاستعمال فاذا باشر احدهما جسما يبقى على اصل الطهارة ولكن ليس هذا مقابلا لكلامنا بل المقابل لكلامنا انه اذا ازيل به نجاسة او تطهر به عن حدث هل يطهر الخبث ويرتفع الحدث فليقل ودون ذلك خرط القتاد فاذا لم يزل الخبث ولا يرفع الحدث لم يكن له مصرف الا انه اذا باشر الطاهر لم ينجسه فلا يكون للتنظر ( للتنظير خ ) من اصله فائدة
الخامس لا تجوز الطهارة من الماء المغصوب لانه تصرف في مال الغير بغير اذنه وهو قبيح ممنوع منه عقلا ونقلا فان استعمله في رفع الحدث بطلت الطهارة ان علم الغصب والحكم واثم ولزمه المثل او القيمة ولو اشتبه بالمباح فالاظهر والاحوط وجوب تجنبهما فلو تطهر بهما بطلت لاستلزامه للتصرف في مال الغير بغير اذنه وهو منهي عنه والنهي في العبادة يستلزم الفساد وكل منهما منهي عنه لاستلزامه ذلك اذ لا يرتفع الحدث باستعمال احدهما قولا واحدا ولانه لا يؤمن معه ذلك المحذور ولا يكفي الاجتهاد ولا التحري وقال في المنتهى ولو تطهر بهما ففي الاجزاء نظر ينشأ من اتيانه به وهو الطهارة بماء مملوك فيخرج عن العهدة ومن طهارته بماء منهي عنه فيبطل وهو الاقوى ولو جهل الحكم فكذلك عند الاكثر لعدم المعذورية والقول بالصحة في الاشتباه مع جهل الحكم قوي وان كان القول بالبطلان مع تعين الغصب وجهل الحكم اقوى ولو جهل الغصب او نسيه صحت طهارته لامتثاله بالمأمور ( به خ ) ولان المانع هو العلم بالغصب وهو مفقود فلا يكون منهيا عنه ولقوله صلى الله عليه وآله رفع عن امتي الخطاء ويلزم الجميع المثل او القيمة ( كما مر خ ) لان الجهل والنسيان انما يرفع الاثم لا الحق حتى انه لو استمر الجهل والنسيان الى الاخرة تولي اداءه الشارع عليه السلام واذا لم ينكشف الحال من المشتبه طلب الخلاص من الحق بصلح او شبهه ولو انكشف فان وافق المغصوب فكما مر انفا ولو وافق المباح سقط الضمان خاصة ولو اذن المالك فان خصص اقتصر على تخصيصه وان اطلق لم يشمل الغاصب لان شاهد حال الغصب اقوى من اطلاق الاذن ولو اذن لكل احد فالظاهر انه لا يشمله لذلك ما لم يخصصه ثم ان كان قبل الاستعمال فان علم الاذن قبل فلا كلام في الجواز ولو لم يعلم ففي صحة طهارته اشكال ينشأ من جرأته على ما نهي عنه فتبطل ومن امتثاله الامر المطابق للواقع والاصح البطلان ولا يعتبر بالظن الكاذب واما الاثم فان تاب من لم يعلم الاذن وطلب من المالك البراءة مع الامكان او عزم مع عدمه فلا اثم والا فلا وان كان بعد الاستعمال لم يؤثر شيئا في رفع الحدث من استعماله ( لاستعماله خ ) للمنهى عنه والنهي يستلزم في العبادة الفساد لمنافاته للقربة فهو محدث تجب عليه الطهارة لما تجب له وعلى كل تقدير فلا يؤثر الاذن في سقوط الضمان شيئا ولو استعمل ذلك المغصوب او المشتبه به في ازالة النجاسة طهر المحل واثم وضمن للمنع من التصرف في مال الغير بغير اذن وكذا في المشتبه على النحو الذي مر ولو صلى في الثوب المغسول بالمغصوب وكان رطبا فان امكن انفصال ما فيه من الماء بالعصر ورده الى مالكه وجب فلو صلى فيه بطلت صلوته ولو لم يمكن استخراج شيء منه صحت ( صلوته خ ) لانه كالشئ التالف الذي لا يمكن رده ومثل هذا ماء الشيء الذي لا يقصد منه الماء لذاته كالبطيخ لو اصاب الثوب ماؤه وهو مغصوب صحت صلوته لذلك وغسل الميت عبادة على الاصح لاعتبار النية فيه وهي الفارقة بين العبادة وغيرها ولدلالة بعض الاخبار على ذلك في تعليل وجوبه بخروج النطفة وتشبيهه بالجنابة فتجري فيه تلك الاحكام وقيل انه كازالة النجاسة والنية تكليف الحي والتعليل والتشبيه لا دلالة فيهما فيطهر بالمغصوب والاصح الاول
تتمة لو غصب ارضا فحفر فيها بئرا فالاصح ان الماء ايضا مغصوب لا تجوز به الطهارة ولو اجرى اليها ماء مباحا فان حصل في ملكه قبل لم يكن مغصوبا والا فقيل انه يملكه المالك بحصوله في ملكه وان لم يتول سياقه والاصح انه ليس بمغصوب وانه للسائق ويترتب عليها ما مر من الاحكام ويتيمم مع وجود المغصوب لانه بحكم المعدوم وكذا المشتبه للنهي عن استعماله على الاصح كما ذكرناه
قال قدس سره مسائل وهي اربع ذكر لتتميم مباحث المياه الاولى : الماء المستعمل في رفع الحدث طاهر مطهر الماء المستعمل في رفع الحدث الاصغر طاهر مطهر اجماعا منا وعليه اكثر الجمهور لقوله عليه السلام خلق الله الماء طهورا لم ينجسه شيء الا ما غير طعمه او ريحه ولما رواه الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله مسح رأسه بفضل ما كان في يده وانه صلى الله عليه وآله قال الماء لا يجنب وعنه صلى الله عليه وآله الماء ليس عليه جنابة وانه صلى الله عليه وآله كان اذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وصب عليه السلام على جابر من وضوئه ولرواية زرارة عن احدهما عليهما السلام قال كان النبي صلى الله عليه وآله اذا توضأ اجتبي ما سقط من وضوئه فيتوضؤن به ورواية عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل الى ان قال عليه السلام فاما الذي يتوضأ به الرجل فيغسل وجهه ويده في شيء نظيف فلا بأس ان يأخذه غيره ويتوضأ به وغيرها ولان الاستعمال لا يخرجه عن الاطلاق لا شرعا ولا عرفا ولا لغة فيكون طاهرا للآية والرواية وللاستصحاب وقال الشافعي في الجديد انه طاهر غير مطهر لكونه مضافا الى الاستعمال وقال ابو حنيفة انه نجس نجاسة غليظة كالدم لا عفو عما زاد عن قدر الدرهم منه في ثوب المصلي وما قدمنا من النقل منهم عن النبي صلى الله عليه وآله مبطل لما ذهبا اليه ولا فرق بين رافع الحدث الاصغر والتجديدي ولا بين المرة الاولى والثانية كما توهمه الشافعي لان الحدث ليس نجاسة جسمية كالخبث ينفصل عن محله ويكون في الغسالة وانما هو نجاسة معنوية وخبث حكمي ولهذا يقال ارتفع ولا يقال زال الا على معنى ارتفع وبالعكس مع ان دعوى الانتقال مصادرة كما قاله صاحب المعتبر والمراد بهذا الماء ما جمع من المتقاطر من الوجه واليدين كما اشار عليه السلام اليه في رواية عبد الله بن سنان في شيء نظيف والظاهر ان المراد بقوله عليه السلام في رواية عبد الله بن سنان فاما الذي يتوضأ به الرجل فيغسل وجهه ويده في شيء نظيف الخ الوضوء الشرعي لدلالة ما ذكر من الاخبار عليه بأن المسئول عنه انما هو الوضوء لتوهم الناس انه لا يستعمل مرتين في رفع حدث فبين صلى الله عليه وآله لهم ذلك واقرهم عليه وهو المتبادر من ذلك وصرحت به رواية زرارة وقوله فيغسل وجهه ويده في شيء نظيف ارشاد منه للسائل لانه اذا غسل وجهه ويده في وضوئه في اناء نظيف بقي على حكم طهارته اذ لو كان في نجس نجس على ان الوضوء الشرعي لا يحصل منه ماء ينفصل الا من وجهه ويديه عندنا الا عند من يغسل رجليه وليس لنا معهم كلام وقول صاحب استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار فالظاهر ان المراد به غسل الوجه واليدين لا الوضوء الشرعي واحتمال ارادة الوضوء الشرعي لا يضر بالحال الا من جهة التخصيص بوضوء غير الغاسل وجهه ويده ومقتضي الاول جواز الاستعمال مطلقا الا ان الاجماع قد ادعي في المنتهى والمعتبر على ان المستعمل في رفع الاصغر طاهر مطهر من غير فرق بين الذي رفع به الحدث وغيره الخ لا معنى له لا في ترجيحه الوضوء اللغوي من الرواية ولا في نقله ما ادعي عليه الاجماع لتعقيد كلامه وبعده عن مرامه وبيان ذلك لا مزية فيه واما المستعمل في رفع الحدث الاكبر كالجنابة فهو طاهر اذا خلا جسد الجنب من النجاسة اجماعا منا للاصل ولان التنجيس انما يثبت من الشرع ولم يدل عليه ورواية عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال الماء الذي يغسل به الثوب او يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه واشباهه من جمع المستعمل مع الغسالة التي قيل فيها بالنجاسة المقتضي للتسوية المستلزمة للنجاسة لا تدل على ذلك لان المشاركة في المنع من الوضوء كافية وان اقتضت المجامعة في الذكرى ( الذكر خ ) لا تقتضي التسوية من كل وجه على ان المستعمل فيها محمول على استعمال من على بدنه نجاسة بقرينة التشريك فيكون غسالة كذا قاله بعض الاصحاب وللعموم الشامل له وهل هو مطهر ام لا فذهب الشيخان والصدوقان وكثير من المتقدمين الى عدم طهوريته لرواية عبد الله بن سنان المتقدمة ولرواية بكر بن كرب قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغتسل من الجنابة فيغسل رجليه بعد الغسل فقال ان كان يغتسل في مكان يسيل الماء على رجليه فلا عليه ان يغسلهما وان كان يغتسل في مكان تستنقع رجلاه في الماء فليغسلهما وما رواه محمد بن اسمعيل قال سمعت رجلا يقول لابي عبد الله عليه السلام اني ادخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فاغتسل وينتضح على بعد ما افرغ من مائهم قال اليس هو جار قلت بلي قال لا بأس وكذلك صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام وسئل عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء وخبر محمد بن عليّ بن جعفر عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال من اغتسل من الماء الذي اغتسل فيه فاصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه فقلت لابي الحسن عليه السلام ان اهل المدينة يقولون ان فيه شفاء من العين فقال كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل ما خلق الله ثم يكون فيه شفاء من العين ومرسلة عليّ بن الحكم عن ابي الحسن عليه السلام وفيها ويغتسل فيه ولد الزنا والناصب لنا اهل البيت وهو شرهم وصحيحة ابن مسكان وتقدمت الى غير ذلك وقال المرتضى وابن ادريس والعلامة ومن تبعهم بطهوريته لانه يمتنع التيمم مع وجوده فيجب استعماله وهو الاصح لانه ماء مطلق طاهر في الاصل مطهر ورفع طهوريته مشكوك فيه بل لم يثبت ما يدل على ذلك لقيام الاحتمال المساوي لخلافه وقول الشيخين انه صلى الله عليه وآله نهي عن اغتسال الجنب في الراكد فاما لسلب الطهورية او لسلب الطهارة وايا ما كان فالمدعي حاصل ولان الصحابة اذا اعوزهم الماء لم يجمعوا المستعمل لطهارة اخرى ولما مر من الاخبار ليس بشيء لان النهي عن الاغتسال للتنزيه لا لسلب الطهارة للاجماع على ذلك ولا لسلب الطهورية والا لماجاز استعماله مطلقا كما في صحيحة محمد بن مسلم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغتسل من مائه قال نعم وكذا يظهر من صحيحة العيص بن القاسم قال سألت ابا عبد الله عليه السلام هل يغتسل الرجل والمرأة من اناء واحد فقال نعم يفرغان على ايديهما قبل ان يدخلا ايديهما الاناء قال وسألته عن سؤر الحائض فقال لا تتوضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب اذا كانت مأمونة ثم تغسل يديها قبل ان تدخلهما الاناء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل هو وعايشة في اناء واحد فيغتسلان جميعا انتهى لا يقال ان هذا لا يلزم ان يكون مستعملا لانا نقول انه لا يكاد يسلم من القطرة المنفصلة حالة الاغتسال ان تقع في الاناء وبذلك يتحقق الاستعمال وهو ظاهر وقد صرح بذلك في صحيحة الفضيل بن يسار عن ابي عبد الله عليه السلام قال في الجنب يغتسل فينضح ( من الماء خ ) من الارض في الاناء ( انائه خ ) فقال لا بأس هذا مما قال الله ماجعل عليكم في الدين من حرج وفي الصحيح عن الفضيل بن يسار قال سئل ابو عبد الله عليه السلام عن الجنب يغتسل فينضح من الماء من الارض في الاناء فقال لا بأس هذا مما قال الله ماجعل عليكم في الدين من حرج ولو لم يجز استعماله لمانفي البأس عنه وليس في ترك الاستعمال حرج لقيام التيمم مقامه حيث لا يكون رافعا للحدث مع فقد غيره من الماء كما في صحيحة عليّ بن جعفر عن ابي الحسن الاول عليهما السلام قال سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية او مستنقع أيغتسل منه للجنابة او يتوضأ منه للصلوة اذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوف ان تكون السباع قد شربت منه فقال اذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه وكفا عن امامه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله فان خشي الا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فان ذلك يجزيه فان السؤال عن ماء قليل يلزم من استعماله استعمال المستعمل اذا لم يجد غيره فلو لم يكن مطهرا لامره بالتيمم ولما كان المقام مقام كراهة دله على التفصي منهما مهما امكن فامره ان ينضح الارض حوله لئلا ترجع الغسالة المستعملة فيه التي لاجلها ورد النهي فان الارض اذا نضحت شربت الماء بسرعة اذا كانت يابسة ولا سيّما اذا كان عليها تراب فان القطرة اذا وقعت لبست منه غلافا فتدرجت ووقعت في الماء قال له فان خشي الا يكفيه يعني اذا خشي نقص الماء بحيث يدعوه ذلك الى التيمم المشروط صحته بفقد الماء استعمل هذا وان رجعت الغسالة فيه وهو قوله عليه السلام فان ذلك يجزيه ومن اجل ان المقام مقام كراهة صرح بها خبر محمد بن عليّ بن جعفر عليه السلام بأن استعماله قد يورث الجذام فتكون الحكمة في الكراهة من جهة الطب كما في هذا الخبر ومن جهة النجاسة الخبيثة لان الجنب قد لا يخلو منها ولهذا علل في الاخبار المتقدمة باغتسال ولدالزنا والناصب وحيث لم يتحتم حصول الغاية التي لاجلها جاء النهي في كل مستعمل بفتح الميم الاخيرة بالنسبة الى النجاسة ولكل مستعمل بكسر الميم الاخيرة بالنسبة الى المرض توجه حمل النهي على الكراهة كما هو شأن امثال هذا المقام واما رواية ابنسنان ففيها مع جمع المستعمل مع الغسالة التي لا تخلو غالبا من النجاسة ان في طريقها ابن فضال وهو فطحي قد امرنا بالتثبت عند خبره واحمد بن هلال وهو غال ضعيف وردت فيه ذموم كثيرة عن سيدنا ابيمحمد العسكري عليه السلام مع امكان حمل نفي الجواز فيها على نفي الارجح لانه احد افراد الجواز واما عدم جمع الصحابة للمستعمل لطهارة اخرى فان ذلك انما يكون عند قلة الماء وفي تلك الحال يكتفون عند الاستعمال باقل ما يمكن به الاجزاء ولا يكاد يجتمع منه شيء ينتفع به في طهارة مع ما فيه من الكلفة الا بأن يجمع من كثيرين لو اتفق استعمالهم وحفظهم لذلك وهذا فرد نادر لا ينبه على مثله الحكيم مع ما فيه من لزوم الاطلاع على جنابة الغير التي يراد منهم كمال الاستتار فيها فسقط الاحتجاج بذلك لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فالقول ببقاء الطهورية مع موافقة الاصل الصحيح المتيقن هو الصحيح المتيقن والله اعلم
فروع : الاول الحكم ببقاء الطهورية انما هو على تقدير خلو بدن ( جسد خ ) الجنب والحائض من النجاسة العينية واما اذا كانت فيه نجاسة وكان الماء المستعمل كرا قبل الاستعمال ولم يكن بئرا فكذلك بالنص والاجماع وان كان بئرا فقد مر الكلام فيه في احكام البئر وان لم يكن كرا كان نجسا لانه ماء قليل لاقي نجاسة وقال في المنتهى فالمستعمل اذا قل عن الكر نجس اجماعا فان اراد بالاجماع المحصل من القراين القاطعة بدخول قول المعصوم عليه السلام في جملة اقوال الاكثرين القائلين بانفعال القليل وان ما ورد عنهم عليهم السلام مما يوهم بعدم انفعال القليل انما اريد به غايات عثر عليها على سبيل القطع من القراين الحالية والمقالية بحيث وضع كلا في موضعها كالتقية في صحيحة محمد بن الميسر المتقدمة هناك بقرينة ذكر الوضوء مع الغسل مثلا وكالقلة العرفية العامة لا الخاصة وان المراد بالقذر المذي لا المني كما مر الى غير ذلك حتى وصل بذلك الى اليقين بدخول قوله عليه السلام في جملة اقوال القائلين بالانفعال فنعم ما اراد وهو المراد والا فان الاجماع لم يثبت كما مر من خلاف ابن ابي عقيل واتباعه الثاني اذا كان كرا بعد الاستعمال فقال الشيخ في المبسوط زال عنه حكم المنع وهو كذلك لقولهم عليهم السلام اذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وتردد في الخلاف بناء على انه ماء محكوم بالمنع من استعماله قبل بلوغه كرا فكذا بعده عملا باستصحاب نفس الشرع وقال المصنف في المنتهى والذي اختاره تفريعا على القول بالمنع زوال المنع هيهنا لان بلوغ الكرية موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي وما ذلك الا لقوته فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الذي لو كانت نجاسة لكانت تقديرية ولانه لو اغتسل في كر لما بقي انفعاله لعدمه فكذا المجتمع ولا يخفي ما في هذا الكلام لانه انما ( يتم خ ) على ما اخترناه من مذهب السيد وابن ادريس فيما لو تمم القليل الملاقي للنجاسة كرا كما تقدم واما على ما يختاره ( مختاره خ ) فلا بل ما ذكره حجة لنا عليه هناك وهنا واما قوله (ره) لا يقال يرد ذلك في النجاسة العينية لانا نقول هناك انما حكمنا بعدم الزوال لارتفاع قوة الطهارة بخلاف المتنازع فيه فلا يدفع عنه ما يرد عليه لان الطهارة ليست ( ليس خ ) منشأ للطهورية وان بلغت الكرية والا لكان المضاف اذا بلغ الكر كان طهورا فان كان بلوغ الكر من المطلق موجبا لرفع المنع لقوته كما ذكر فمرحبا بالوفاق وارتفاع الخلاف والا فليقل بقول الخلاف هنا ليتم له ما هناك الثالث لو ارتمس فيه ناويا للغسل صار الماء مستعملا وطهر الجنب بلا كراهة لان الاستعمال انما يتحقق بعد ذلك وكذا لو ارتمس فيه اثنان دفعة عرفية بحيث لا يكون بينهما تقدم ولا تأخر عرفا ولو سبق احدهما كان مستعملا في حق الثاني ولو مسه بشيء من جسده بنية غسله وكان مرتبا وتساقط فيه ( من خ ) ذلك العضو ماء كان مستعملا ولو كان لا بنية غسله فظاهر المفيد ذلك وقال المصنف فالاقرب ان الماء لا يصير مستعملا وهو الاقرب لصراحة الاخبار بأن المستعمل انما هو في الاغتسال لا بالمس والامر بغسل اليدين للاغتسال من الاناء ارشادا للاستظهار عما عسي ان يكون قذر لا يعلم الرابع لو اجتمع من المستعمل كر فوقعت فيه نجاسة فقال في المعتبر لم تنجسه نعم لا يرتفع ما كان فيه من المنع وهو جار على حكمه عليه من ذهاب طهوريته وقد كان نسبة رفع الطهورية الى الرواية والحق انه طاهر مطهر لما قلنا انفا الخامس المستعمل في الاغسال المندوبة وفي غسل الثوب والاناء الطاهرين ليس بمستعمل بهذا المعنى عندنا خلافا للحنفية بل لو غسل يده للطعام او منه كان مستعملا عندهم لانه استعمال مندوب اليه شرعا بخلاف ما لو ازال به الوسخ الطاهر والحق عدم الاستعمال مطلقا هنا السادس لو ارتمس في القليل بحيث يشمله فنوي رفع الحدث وبعد ما نوى استعمل ذلك الماء اخر قبل ان يخرج الاول منه فهل يكون في حق الثاني مستعملا قبل خروج الاول من الحالة التي نوى فيها ام لا لانه انما يكون مستعملا بعد الانفصال والحق الثاني لعدم تحقق الانفصال الذي يتوقف عليه تحقق الاستعمال المذكور والا لتعذر الغسل الترتيبي الذي هو افضل من الارتماس السابع لو اغتسل فيه واجد المني في الثوب المشترك فهل يكون بذلك مستعملا الاصح لا لعدم تعيين ( تعين خ ) الجنابة والاستحباب حكم وتعبد شرعي والا لماجاز لبثهما في المسجد واما بطلان صلوة المأموم منهما على القول به فلشدة الارتباط كما في بيع الصفقة فتتعين الجنابة مع وحدة الصلوة عند القائل به ولذا لو اغتسلا فيه لم يتحقق الاستعمال وان انحصرت الجنابة فيهما لعدم التعيين ( التعين خ ) في كل منهما لعدم الوحدة حينئذ بخلاف الصلوة ومثل ذلك الشاكة في الحيض كناسية الوقت مع استمرار الدم اذا اغتسلت في الاوقات المحتملة للانقطاع فان الاصح عدم تحقق الاستعمال للاصل الثابت وللشك فيما يزيله الثامن المستعمل في غسل الجمعة والعيدين والكسوف مع استيعاب الاحتراق ولو قلنا بوجوب ذلك فيما قيل فيه بالوجوب طاهر مطهر اما على القول بالاستحباب فقد مر وهو ظاهر واما على القول بالوجوب فكذلك لان الظاهر ان ذلك انما يكون في الاحداث الكبرى الظاهرة ولو قلنا بوجوب غسل الكسوف والخسوف كذلك ولرؤية المصلوب بعد ثلاثة ايام فيما ( مما خ ) قيل فيه بالوجوب وقلنا انها احداث معنوية فالظاهر عدم تحقق الاستعمال فيها لان مبني هذا الحكم على ما اسسه الشارع عليه السلام من الاحكام الظاهرة لان ما يعم به التكليف يجري على المعروف غالبا والله اعلم ( بالصواب واليه المرجع والمئاب خ )
الثانية : الماء المستعمل في ازالة النجاسة نجس سواء تغير بالنجاسة او لم يتغير عدا ماء الاستنجاء اعلم ان الغسالة وهو الماء القليل الذي تغسل به النجاسة اما ان يتغير بالنجاسة احد اوصافه الثلثة او لا فان تغير نجس بالنص والاجماع وان لم يتغير بها فقال في المبسوط فهو نجس وفي الناس من قال لا ينجس اذا لم تغلب النجاسة على احد اوصافه وهو قوي والاول احوط ه وقال في الخلاف في موضع منه اذا اصاب الثوب نجاسة فغسل بالماء عن المحل فاصاب الثوب او البدن فان كان من الغسلة الاولى فانه نجس ويجب غسله والموضع الذي يصيبه فان كان من الغسلة الثانية لا يجب غسله الا ان يكون متغيرا بالنجاسة وفي موضع اخر منه قال اذا اصاب من الماء الذي يغسل به الاناء من ولوغ الكلب ثوب الانسان او جسده لا يجب غسله سواء كان من الدفعة الاولى ( او الثانية خ ) او الثالثة وقال في الدروس وفي ازالة النجاسة نجس ان تغير والا فنجس في الاولى على قول ومطلقا على قول وكرافع الاكبر على قول وطاهر اذا ورد على النجاسة على قول والاولى ان ماء الغسالة كمغسولها قبلها وفي الخلاف طهارة غسلتي الولوغ والاخبار غير مصرحة بنجاسته انتهى وقال في البيان والماء المستعمل في غسل النجاسة نجس سواء ( كان خ ) في الاولى او الثانية او ثالثة الولوغ او سبع الخنزير ولو اجتزأنا بالاولي في موضعها حكمنا بطهارة الثانية انتهى وبالجملة فالاقوال فيها مختلفة فمنهم من قال الغسالة كالمحل قبلها فيغسل ما اصابته من الغسلة الاولى تمام العدد ومن الثانية بنقص واحدة وهكذا الى السبع لانها اخر المقدرات اذ بعد ذلك المقدر لتلك النجاسة سواء كانت من ذي المرتين او ذي الثلث او ذي السبع كالفارة والخنزير طاهرة اتفاقا وذلك في غير مخصوص النجاسة كالولوغ فان الغسالة منها ليست بحكمه وهذا مختار الشهيدين في اللمعة والروضة عليها ومنهم من قال كالمحل بعدها فيغسل عن الاولى بنقص واحدة وهكذا ومنهم من قال كالمحل قبله اي الغسل فهي نجسة مطلقا ومنهم من قال كالمحل بعده اي الغسل فهي طاهرة مطلقا ومنهم من جعل حكم الغسالة حكم المستعمل عنده في الحدث الاكبر طاهر غير مطهر ويظهر من ظاهر عبارة المعتبر ذلك حيث قال ان ما تزال به النجاسة لا يرفع الحدث ه ولعل التشريك مستفاد من رواية عبد الله بن سنان المتقدمة والاصح القول بالنجاسة مطلقا لانه ماء قليل لاقي نجاسة فيجب ان ينجس وهو مختار صاحب المعتبر والشيخ في المبسوط وان قوي فيه الطهارة الا انه جعل ذلك احوط كما مر كلامه اما الصغرى فظاهرة واما الكبرى فتحوط كليتها عن منع المانع النصوص المستفيضة الصحيحة الصريحة كما تقدم خرج من ذلك ما اخرجه النص الصريح المعتضد بالعمل والوفاق كماء الاستنجاء وان قيل فيه بالعفو لعدم المنافاة هنا فبقي ما سواه داخلا تحت منطوق تلك الاخبار ولا يخرج شيئا منه ما اورده المطهرون من الاعتبار لانه في الحقيقة اجتهاد في مقابلة النص بل في صحيح الاعتبار حقيقة مطابقة تلك الاخبار وان اردت ان اتلو عليك بعض ذلك تنبيها لطريق البيان ومشاهدة للعيان ( العيان خ ) فاستمع لما يوحى
اعلم ان الراعين اعني اصحاب الشرع عليهم السلام الذين استرعاهم امر غنمه كما قال الصادق عليه السلام لعبيد بن زرارة والذي فرق بينكم هو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه وهو اعرف بمصلحة غنمه في فساد امرها فان شاء فرق بينها لتسلم ثم يجمع بينها لتسلم من فسادها وخوف عدوها الحديث كما ( على ما خ ) رواه الكشي في كتابه كانوا اطباء النفوس وهم بامر الله يعملون وقد قال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر فسلكوا في الرعية هذا المسلك الحنفي السمح وكان من ذلك انهم تبينوا ( بينوا خ ) ان الماء القليل ينفعل بالنجاسة وقرروه حتى قر في صدور الرعية وكان هذا الفرد الذي نحن بصدده من جملة ذلك لما يأتي من الدليل وليس هو مما لا يمكن التحرز منه فترد فيه الرخصة المطهرة التي يحب الله الاخذ بها كما في ماء الاستنجاء وغيره من الرخص ولا من ساير افراد القليل المنفعل التي لا تعم بها البلوى وانما تقع نادرة بل هي كثيرة الوقوع تعم بها البلوى الا انها مما يمكن التحرز منها ولكن بكلفة وان لم تبلغ الحرج المنفي لانها غالبا يصيب جسد الانسان وثيابه قطرات صغار بل كبار لا يكاد يحترز منها الا الفطن لما قد يلزم ( ذلك خ ) من ذلك المغسول او عصره مثلا فاعرضوا عليهم السلام عن التنصيص على نجاسة الغسالة بما يبلغ شهرة تنجيس القليل اعتمادا على ما اثبتوا هناك وهذا منه وتغافلا عن هذا لما فيه من نوع الكلفة ليسامح ( لتسامح خ ) فيها من غفل عن الحكم او عن مأخذه او من جهله فاذا سأل عن ذلك سائل اجابوه بانه نجس ومن سكت سكتوا عنه تخفيفا على الرعية ليكون من لم يعلم معذورا والا لكان مؤاخذا بما علم حيث لم يحترز والحال انه ليس من اهل الفطنة والاحتراز كما امروا عليهم السلام بالسكوت والكف عن تنبيه النساء على انهن يجنبن بالاحتلام لئلا يتخذنه علة فاذا سئل عن ذلك اخبر بالحكم كما في صحيحة ابن بزيع قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن المرأة ترى في منامها فتنزل عليها غسل قال نعم وصحيحة عبد الله بن سنان وغيرهما فكذا ما نحن فيه اذا لم يسأل سكت واذا سئل اجاب بالحكم كما رواه في المعتبر والعلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى عن العيص بن القاسم قال سألته عن رجل اصابته قطرة من طشت فيه وضوء قال ان كان من بول او قذر فيغسل ما اصابه وليس في هذه المسئلة اصرح من هذه الرواية فان الظاهر من الوضوء فيها بفتح الواو انه الغسالة لا ماء الاستنجاء لقرينة ذكر القذر ولا وضوء الصلوة لان الشهيد في الذكرى روى فيها زيادة بعد قوله ما اصابه وان كان وضوء الصلوة فلا يضره واما صحتها ودلالتها فكفي بهذه المشايخ الثلاثة الذين هم نادرة الزمان في كل عصر واوان وبنقلهم مصححا ومستندا وبعملهم مرجحا وعضدا على انه نقل ان الشيخ تغمده الله برحمته في الخلاف اوردها مستدلا بها على نجاسة الغسلة الاولى كما مر فتكون عنده صحيحة لانه كانت عادته في كتابه ( كتابيه خ ) الاستبصار والتهذيب اذا نقل الحديث من كتاب الراوي اقتصر على ذكره ولم يذكر السند المتوسط اعتمادا على هذه القاعدة واختصارا وطيا لما عسي ان يقع بذكره عند الناظر الى بعض الروات وهن في الرواية لاقتصاره على حال الراوي وهو رحمه الله عنده صحيحة لما ذكر ولقرائن تحصل له لم تحصل للناظر على انه ربما ذكر السند في المشيخة من الكتابين او في الفهرست وهذه الرواية من ذلك القبيل وقد ذكر سند هذه الرواية في فهرسته الى الراوي قال عيص بن القاسم له كتاب اخبرنا به ابن ابيجنيد عن ابنالوليد عن الصفار والحسن بن متيل عن ابرهيم بن هاشم عن ابن ابيعمير وصفوان عنه انتهى فتكون صحيحة عنده ونحن وان عددناها في الحسن الا انها مع تأييدها بالاخبار الكثيرة والاصل معتضدة بعمل هؤلاء المشايخ الاربعة الاركان الذين ليس يعدل شأنهم في ابناء جنسهم شأن فليس قرية وراء عبادان واما الطعن بالاضمار فليس بضار لان صاحب الاصل اذا روي مسائل عن الامام عليه السلام فليس قد سألها في مجلس واحد وهي متعددة كتبها في اصله بعد ان يذكره في اول مسائله هكذا وسألته عن كذا وكذا وسألته عن كذا وكذا وهذا معروف عند اهل النقول من اصحاب الاصول فاندفع الطعن عن الدلالة والسند والمتن واحتج في المختلف لما قلنا بما رواه عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال الماء الذي يغسل به الثوب او يغتسل به من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه وهو كذلك ولا يضرنا ما قلنا فيها سابقا في المسئلة الاولى بتوجيه المعنى والطعن في السند لاختلاف المقامين لانا هنالك انما طعنا فيها بضعف السند حيث جعلها الخصم مستندا لحكم قام الدليل على خلافه وهنا قام الدليل على وفاقه فيجبر وهنها ويقوي ضعفها واما توجيهنا لمعناها فانما هو بالنسبة الى غسل الجنابة وهنا انما هو بالنسبة الى غسل الثوب عن النجاسة مع انا قد ذكرنا في اول كلامنا على تلك المسئلة ان دلالتها على النجاسة بحيث لا يجوز ان يتوضأ منه انما هو من جمع المستعمل مع الغسالة التي قيل فيها بالنجاسة المقتضي للتسوية المستلزمة للنجاسة الخ فراجع وحيث احتمل الخصم ان المنع مستند الى اغتسال الجنب قلنا على قوله بامكان حمل نفي الجواز فيها على نفي الارجح لانه احد افراد الجواز واما ما استدل ( استدلوا خ ) به اصحاب الاقوال المتقدمة على ما ادعوه فلم ينهض بحجة وانما هي اعتبارات معارضة بعد النص باقوى منها ولولا خوف الاطالة لتكلمت على كل كلمة منها لترى وما ادعاه اصحاب الفرق بالورود وهو السيد ومتابعوه فهي ( فهو خ ) علل بعد الورود ولم يدل عليها دليل ولم يرد بها كثير ولا قليل وقد اعترف في جواب المسائل الناصرية انه لم يجد للاصحاب فيه كلام ونقل عن الشافعي الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه ثم قال والذي يقوى في نفسي عاجلا الى ان يقع التأمل صحة ما ذهب اليه الشافعي يعني به ان الماء ان ورد على النجاسة لم ينفعل بها وان وردت عليه نجسته ثم انه حكم به وجعله مذهبا له وتبعه على ذلك الاعتبار كثير من العلماء الاخيار وتراءي لهم ان في ذلك جمعا بين الاخبار وليس كذلك وانما هو اعتبار عليه غبار فان الاناء اذا كان فيه نجاسة وصببت فيه ماء لتشرب ثم بعد ذلك الصب رأيت النجاسة أكنت تشرب وتقول الماء وارد على النجاسة وهو طاهر او لا فرق عندك بين الورود وعدمه لاجتماع النجاسة مع الماء في الحالين ولا اراك تشرب منه وانما حداهم على الحكم بالطهارة ( بطهارة الماء خ ) اذا ورد على النجاسة دون العكس ما يلزمهم في ازالة النجاسات بالقليل لولا هذا القول التخميني على انه اذا غسل الثوب في المركن ورد الماء على بعض النجاسة وبعضها وارد على الماء ( وخ ) هذا هو المعروف لان الثوب قد جمع من المركن فاذا صب على الثوب لم يقع على جميع اجزاء النجاسة بل يرتسب ( يترسب خ ) الماء الواقع الى قعر المركن وينتشر في القعر ويظهر من الجوانب حتى يعم الثوب فيكون بعض النجاسة واردا على الماء فينفعل بها فينفعل الكل فلا يطهر الثوب ابدا لبقاء النجس ( المنجس خ ) مع انه (ع) امر ان يغسل في المركن مرتين كما في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة ه لتنفصل الاولى بالنجاسة والثانية بالماء المتنجس واما الجاري لما كان كثيرا متدافعا لكثرته وكان بذلك مستهلكا للنجاسة فاكتفي فيه بالمرة كما قال عليه السلام وكذلك الكثير لهذه العلة ولاحظ هنا ما ذكرناه انفا في اتمام الكر وما يستدل به للفرق من خبر الاعرابي الذي بال في المسجد فامر صلى الله عليه وآله ان يراق عليه ذنوبا من ماء وغيره مما ورد في تطهير الارض كذلك فيحمل على انه قد حضر البول مع التراب واخرج ثم اريق عليها الذنوب رفعا لنفرة النفوس ولقد روي ابن ابيجمهور في عوالياللئالي في قصة الاعرابي انه صلى الله عليه وآله قال خذوا ما بال عليه من التراب فالقوه واهريقوا على مكانه ماء وهو مؤيد لهذا التأويل او ان الارض مصبة ( منصبة خ ) بحيث تجري الغسالة وتخرج لان الاعرابي بال في طرف المسجد لا في وسطه او ان البول قد جف او خيف ان يجف قبل ان تشرق عليه الشمس فاريق عليه الماء لتعود الرطوبة او لتبقي الرطوبة حتى تجففها الشمس فيطهر واذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال والقول بأن كثيرا من المحققين والمحدثين استدلوا بطهارة المغسول بالادلة المتكثرة والاجماع على الفرق بين الورودين والا لماطهر المغسول لان الماء ماء قليل وهو ينفعل بالنجاسة لولا الفرق وذلك هو السر في طهارة الغسالة ظاهر السقوط بل طهارة المغسول بالرخصة والامر ونفي الحرج والتكليف بالمحال وان الله سبحانه يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر فبامتثال امره طهر وبرخصته وتخفيفه نقا كما في ماء الاستنجاء فسقط القول بالورود لعدم الورود فتأمل وتطلع الى نفحات الله من باب المجاهدة فيه لطلب الحق يهدك سبله وان الله لمع المحسنين والقول بطهارة الثانية دون الاولى عار عن تحقيق الاعتبار ومفاد الاخبار لان المحل ان كان طاهرا بعد الاولى لم نحتج ( لم يحتج خ ) الى الثانية والا فالثانية كالاولى لعدم الفرق لان المقتضي موجود وكذا القول بأن الغسالة كالمستعمل طاهرة غير مطهرة ونقل المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى الاجماع على ذلك خال عن التحقيق وناء عن سواء الطريق فان الاجماع انما هو في عدم رفع الحدث لا في الطهارة ولكثرة المخالفين من معلوم ومجهول واما رواية عبد الله ابن سنان المتقدمة التي هي المستند فقد مر الكلام عليها فلاحظه واما على ما اخترناه من الحكم بالنجاسة مطلقا فالمتخلف من الماء في الثوب بعد العصر وفي الاناء بعد الاراقة هل هو طاهر او نجس او معفو عنه وبكل قائل والحق الاول والا تسلسل فلزم المحال وعدم الامتثال والمنع من الاستعمال والعفو انما يتحقق مع عدم التعدي كما اذا كان يابسا اذ كل يابس ذكي فان ترطب او باشره رطب تنجس وان لم يتنجس على القول بالعفو مع المباشرة بالرطوبة فهو معنى الطاهر شرعا وعرفا ولغة فيكون النزاع لفظيا لكن يجب ان يعلم ان المراد بالمتخلف ما لا يمكن اخراجه عن المغسول الا بمشقة خارجة عن العادة بان يعصر الثوب مثلا عصرا زائدا على المعتاد فلو امكن اخراجه بالعصر المعتاد بحيث لا يخرج ( لا يحوج خ ) الى فعل القوي من الناس ولا كل قوة الغاسل مطلقا قويا او غيره وجب الاخراج والا لم يطهر وقوله (ره) عدا ماء الاستنجاء استثناء من استثناء من عموم الغسالة لانه غسالة ومذهب الشيخين الطهارة بل الاكثر وقد نفي الخراساني (ره) في كفايته الخلاف فقال وغسالة الماء المستعمل في الاستنجاء طاهرة بلا خلاف ولعله اراد بالطهارة عدم المنع والا فلا فقد قال المرتضى في المصباح لا بأس بما ينضح من الاستنجاء على الثوب والبدن وهو ظاهر في ارادة العفو كما فهمه الاصحاب رضوان الله عليهم من كلامه بل قال المحقق في المعتبر وكلامه صريح في العفو الا ان كلام صاحب المعتبر في العبارة عن مراد السيد متناقض فانه قال وكلامه صريح في العفو وليس بصريح في الطهارة انتهى وانت خبير بانه ان ( اذا خ ) لم يكن صريحا في الطهارة لم يكن صريحا في العفو لان نفي البأس صريح في الطهارة لا في العفو والاصح الطهارة لان التحرز منه يلزم منه المشقة الشديدة والعسر والحرج المنفية بالكتاب والسنة والعفو لايدفع الحرج ابدا لا تساع النجاسة مع المباشرة بالرطوبة ( برطوبة خ ) والا فلا معنى للعفو عن الطهارة ولما ذكرنا سابقا في الاشارة الى الحكمة في طهارة رطوبة الثوب المغسول بعد انفصال الغسالة الاخيرة ولما رواه محمد بن النعمان الاحول في الحسن عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت اخرج من الخلاء فاستنج ( فاستنجي خ ) بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به فقال لا بأس به ومثلها ما رواه الاحول ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له استنجي ثم يقع ثوبي فيه وانا جنب فقال لا بأس به وصحيحة عبد الكريم بن عتيبة ( عتبة خ ) الهاشمي قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجي به اينجس ذلك ثوبه قال لا وروى الصدوق في العلل عن الاحول قال دخلت على ابي عبد الله عليه السلام فارتجت عليّ المسائل فقال لي سل عما بدا لك فقلت جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجي به فقال لا بأس به فسكت فقال أتدري لم صار لا بأس به قلت لا والله جعلت فداك فقال ان الماء اكثر من القذر والمراد باكثرية الماء استهلاك اعتبار حكم النجاسة فيه لما ذكرناه وذلك بشروط:
احدها اذا لم يتغير بالنجاسة فان تغير احد اوصافه الثلثة بالنجاسة نجس للعمومات الشاملة له وللاجماع قال في المعتبر واما نجاسته مع التغير فباجماع الناس ولان غلبة النجاسة على الماء مقتضية لتنجيسه ولهذا قال عليه السلام ان الماء اكثر من القذر في العلة في طهارته والمشهور ان ذلك مخصوص بالاستنجاء من البول والغائط واحتمل بعضهم الاستنجاء من المني في الجنابة لما اشير اليه في صحيحة الاحول المتقدمة بقوله وانا جنب وقول عليّ عليه السلام لا يكون الاستنجاء الا من غائط او بول او جنابة وهو مروي عن الصادق عليه السلام قال قال عليّ عليه السلام الحديث ولان العلة فيهما جارية في الاستنجاء من الجنابة فانه ايضا مما يعم به البلوى ورد بأن الاطلاق لا يشمله لندوره بالنسبة الى البول والغائط ولان نجاستهما لا تتعدي المخرج غالبا ومن ثم اذا تعدت قيل فيه ما قيل وهذا قد لا يخطر ( لا يحضر خ ) بالبال عند الخطاب بالاستنجاء ما لم يكن السؤال عنه ونجاسته غالبا ظاهرة بل قد تعم ما ثم ولان استهلاك نجاستهما اسهل اما البول فظاهر واما الغائط فلسرعة ذوبانه بخلاف المني فانه غليظ لزج لا يستهلك بسهولة ولا سيّما في قليل الا بمشقة واما رواية الاحول فمن كلام السائل فيجوز ان يكون ذكره للجنابة لتوهم انفعال الماء بمباشرة الجنب واما خبر دعائم الاسلام فلم يثبت عند اكثر العلماء انتسابه الى من نسب اليه حتى ان محمد باقر المجلسي (ره) في البحار كثيرا ما يروى عنه وقد ذكره وجعله اولا من كتب الصدوق ثم ذكر في الفصل الثاني في بيان الوثوق على الكتب المذكورة واختلافها في ذلك قال بعد ذكر كتب الصدوق وكتاب دعائمالاسلام الذي عندنا وهو الذي نقل منه هذا الحديث قال يحتمل عندي ان يكون تأليف غيره من العلماء الاعلام وصاحب الوسائل (ره) لم يذكره في الكتب الذي نقل عنها واذا لم يثبت انتسابه الى مصنفه لم يركن اليه لكثرة ما دس في الاخبار والكتب وما هذا سبيله لا يصلح ان يكون مؤسسا لحكم مخالف للاحتياط ويكون مخصصا للصحاح المستفيضة المقرونة بالاجماع على انه يحتمل ان يكون المراد منه حصر الاستنجاء في هذه الثلاثة ليخرج المذي والوذي والودي والريح فان المحل طاهر منها فلا يستنجي عنها كما توهمه العوام وليس المراد منه بيان الطهارة والنجاسة ولا يلزم من اطلاق الاسم عليه جريان الحكم فيه اذ ليس الحكم منوطا بالاسم دائما وان جرى في مواضع ولهذا قال الكاظم عليه السلام في صحيحة عليّ بن يقطين في الخمر ان الله تبارك وتعالى لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر انتهى والاصل في هذا ان الاحكام الشرعية مبناها على انحاء : منها انها تناط بالاسم وما هذا سبيله يقال فيه هذا وشبهه كما مر في احكام البئر ولهذا في النزح يدخل في الشيء ما يدخل في اسمه او حجمه لان الملحوظ منه نوع النجاسة او كمها ومنها ما تناط على العاقبة كما ذكر في صحيحة ابنيقطين في الخمر لان العلة تغطية العقل ولهذا قال سبحانه انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر الاية ومنها ما يكون بالاسم اي بالصورة كما في المتولد من الشاة التي نزا عليها كلب لان اصل المادة شيء واحد وتتمايز الاجناس بالصور الجنسية والانواع بالنوعية والافراد بالشخصية فلما كان الملحوظ منه الحقيقة النوعية وهي لا تتمايز من المادة الجنسية الا بالصورة النوعية اعتبرت ومنها ما سكت عنه وليس على المكلف البحث قال الله تعالى لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم الاية وقال عليه السلام اسكتوا عما سكت الله فاذا دعت الضرورة الى ما هذا سبيله تحري جهده من قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه لا يقال هذا دليل ما نحن فيه فعليكم ان تسكتوا عما سكت الله عنه لانا نقول اذا لم يثبت الدليل فعلينا ذلك واذا ثبت فليس علينا ان نسكت عما لم يسكت الله عنه وقد ثبت ان نتجنب النجاسة للعبادة بيقين خرج من ذلك ما خرج بيقين وهو الاستنجاء من البول والغائط وغيره نحتاج فيه الى يقين مثله يصرف عن ذلك اليقين على انا قلنا ان ما امرنا بالسكوت عنه اذا دعت الضرورة اليه كنا كالمضطر الى الميتة يتناول ما يسد به الرمق فعلينا الاحتراز منه ما امكن وما لا يمكن فهو كالمتناول من الميت ومنها ما ابهم حاله لمصالح اذا تتبعت بعض ما اسلفناه تعرف من ذلك اشياء قال عليه السلام ابهموا ما ابهمه الله وظني ان ما نحن فيه مما ابهمه الله فمن قعد به التمييز او اعوزه الدليل فهو في سعة ومن عرف فعليه التجنب ما امكن وعدم التنصيص منهم عليهم السلام تمهيد لبساط العذر وتوسعة للرعية على نحو ما قلنا سابقا لا ان التوسعة للتطهير فلاحظ ولا تقف على الاسماء فان لكلامهم عليهم السلام معان كما رواه الكشي في رسالة كتابه باسناده الى ابي عليّ محمد بن احمد المروزي المحمودي يرفعه قال قال الصادق عليه السلام اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يعرفون من رواياتهم عنا فانا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا فقيل له أيكون المؤمن محدثا قال يكون مفهما والمفهم المحدث والمحدث بفتح الدال المشددة ذو الحدس الصائب كأنه يحدث بالامر لكمال فطنته وحدة المعيته وقولهم عليهم السلام انتم افقه الناس ما عرفتم معاريض كلامنا وفي رواية داود بن فرقد معاني كلامنا ان الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب وعنهم عليهم السلام والله انا لا نعد احدا من شيعتنا فقيها حتى يلحن له ويعرف اللحن الى غير ذلك فلا تقف على الاسم ابدا
وثانيها الا يرد ماء الاستنجاء على نجاسة خارجة كما لو وقع على نجاسة في الارض او باشر نجاسة في البدن غير النجاسة المخصوصة في غير المحل المخصوص لانه لا يزيد على غيره من المياه القليل وهي تنفعل بذلك قيل وثالثها الا يخرج معهما او مع احدهما نجاسة اخرى كالدم مثلا لانه غير مراد في التبادر وهو حسن ورابعها الا تنفصل مع الماء اجزاء من النجاسة متميزة فان انفصلت معه حتى يمكن استبانتها نجس كغيره فيدخل تحت عموم النصوص ( النص خ ) والخصوص وزاد في الذكرى شرطا خامسا وهو انه اذا زاد وزنه نجس لان زيادته ليس الا من النجاسة وهذا يتم اذا لم نقل ( لم يقل خ ) ان بلة الماء عرض بل هي جزء الماهية فالماء ينقص ولم نجوز تحلل وسخ فيه من مثاني الفخذين وغيرهما او من الاناء الذي جمع فيه الماء واما ان قلنا بأن البلة عرض وان الماء لا ينقص ثم جوزنا حصول وسخ او شيء من الاناء فلم يكن زيادته مقتضية للنجاسة لجواز استناد الزيادة الى غير النجاسة واشترط بعضهم شرطا سادسا وهو الا يكون متعديا عن المخرج وهو حسن ان كان التعدي فاحشا لخروجه عن مسمي الاستنجاء الى الغسالة اما لو كان تعديا قليلا فلا بل الاخبار دالة عليه ولم يتعين الماء في الاستنجاء من الغائط الا معه واشترط اخرون شرطا سابعا وهو ان يسبق الماء اليد فلو سبقت اليد الموضع قبل ورود الماء عليه واصابها شيء نجس ماء الاستنجاء لاختلاطه بالغسالة وهو الماء الذي ازال نجاسة اليد وهو حسن ان كان قد رفع يده متلوثة ثم وضعها فانه يصدق عليه انه ماء غسالة واما اذا وضع اليد وصب الماء ولم يرفع يده قبل صب الماء فالذي يقتضيه اطلاق الاخبار وعبارات الاصحاب والاعتبار انه ماء استنجاء بحت ليس فيه ( ماء خ ) غسالة لان ما اصاب اليد من الموضع ليس بنجاسة خارجة ما لم تنفصل
تذنيب اذا حكمنا بطهارة ماء الاستنجاء فهل يرفع الحدث لانه ماء مطلق طاهر وليس كالمستعمل في رفع الاكبر عند مانع الطهورية منه ولا ماء غسالة بالمعنى العرفي لان له حكما غير حكمه واما صحة استثنائه منه فلدخوله فيه بالمعنى الاعم او لا لانه ماء غسالة لصدق ذلك وقد ادعي المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى الاجماع على عدم جواز رفع الحدث بما يزال به النجاسة مطلقا ولذا قال في المدارك فتنحصر فايدة الخلاف في جواز ازالة النجاسة به ثانيا والاصح الجواز تمسكا بالعموم ولصدق الامتثال باستعماله انتهى والذي تقتضيه ادلة الحكم بطهارته الحكم بطهوريته ولانه ماء مطلق فيدخل تحت عموم قوله عليه السلام الماء طهور وليس بداخل في المستعمل في الحدث الاكبر عند المانع من طهوريته وان شرك ( اشترك خ ) في الحكم ماء الغسالة عنده فانه يستثني منها ماء الاستنجاء واخراجه عليه السلام من حكم الغسالة بالامر بالغسل منها ونفي البأس عنه دليل على اخراجه له من الاسم ولو عرفا وعلى تقدير ثبوت الاجماع المدعي من هذين الفاضلين على ان ما تزال به النجاسة لا يرفع الحدث لا يتناوله ودعوى شموله له يحتاج الى دليل بل الدليل مقتضي لاخراجه وقد قال المولى الاردبيلي في شرحالارشاد والظاهر هو بقاء الطهارة والطهورية للاستصحاب وعدم الخروج بالاستعمال الموجب للنجاسة بادلة نجاسة القليل وللخبر بالاجماع فيبقى على حاله ( وخ ) لان النجاسة اذا لم يخرجه عن الطهارة للادلة فكذا عن الطهورية بطريق اولى انتهى وما قيل عليه من ان خبر عبد الله بن سنان المانع من الاستعمال مما يزال به النجاسة الخبيثة مما يشمل الاستنجاء ليس بشيء لاخراج الاخبار له من ذلك ودعوى الاجماع على عدم رفع الحدث بماء الغسالة مما يقوي حكمنا بنجاسته اذ مبناه على ثبوت النجاسة لا على ثبوت الطهارة مع ذلك لما علمت مما مر فلا يشمله الاجماع فبقي ( فيبقى خ ) لحكم الاصل معتضدا بالعمومات فالحكم بالطهورية قوي
الثالثة : غسالة الحمام نجسة ما لم يعلم خلوها من النجاسة اعلم ان غسالة الحمام هو مجمع غسالاته المستعملة في ازالة الاوساخ والاخباث والاحداث وقد اختلف في نجاستها فقال الشيخ في النهاية وغسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال وقال الصدوق في الفقيه ولا يجوز التطهير بغسالة الحمام لانه يجتمع فيه غسالة اليهودي والمجوسي والنصراني والمبغض لآل محمد صلى الله عليه وآله وهو شرهم وقال ابن ادريس في السرائر وغسالة الحمام وهو المستنقع الذي يسمى الجبة ( الجِيَّة خ جوامع ) لا يجوز استعمالها وهذا اجماع وقد وردت به عن الائمة عليهم السلام اثار معتمدة قد اجمع الاصحاب عليها لا احد خالف فيها ولا يخفي ان هذه العبارات منهم رضوان الله عليهم وان لم يكن فيها تصريح بالنجاسة الا ان الظاهر من عباراتهم هذه ذلك نعم صرح المصنف في هذا الكتاب وفي الارشاد بالنجاسة والمحقق في المعتبر قال ولا يغتسل بغسالة الحمام الا ان يعلم خلوها من النجاسة ثم ( نعم خ ) صرح بالنجاسة بعد فقال بعد ( في خ ) الاستدلال ولانه ماء يجتمع من مياه نجسة فيبقى على نجاسته لما بيناه فيما سلف وقال قبل هذا الكلام لنا ما روي عن ابي الحسن الاول عليه السلام قال ولا يغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا اهل البيت ومثل العبارات الاول عبارة القواعد والبيان وظاهر الشهيد الثاني في مسائله ما يقرب من ذلك حيث قال لا ينقض اليقين بالشك الا في ثلاث مسائل في غيبة الحيوان والبلل المشتبه وغسالة الحمام وقال المصنف في التحرير غسالة الحمام لا يجوز استعمالها وفي رواية عن الكاظم عليه السلام لا بأس ه وانت اذا نظرت الى عباراتهم رأيت اكثرها متناقضة فان الصدوق بعد كلامه المتقدم بلا فاصل قال وسئل ابو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب منه فقال لا بأس به وهذه رواية ابي يحيى الواسطي عن بعض اصحابنا حتّى ان بعض المعاصرين قال ان ظاهر ابن بابويه القول بطهارتها لنقله ( بالطهارة لقوله خ ) للرواية الدالة على نفي البأس اذا اصاب الثوب والظاهر منه بناء على ان ما يورده في كتابه حجة بينه وبين الله عدم رفعه للحدث لانه قال لا يجوز التطهر بغسالة الحمام ولم يقل التطهير فيبقى نفي البأس عنه الذي هو اعم من الطهارة والعفو ويبقى حكم الطهارة المسكوت عنه المستلزم لرفع الخبث داخلين تحت الاحتمال من كلاميه فتدبر وصاحب المعتبر بعد ان عنون المسئلة بعبارة المختصر السابقة التي فيها الا ان يعلم خلوها من النجاسة قال وقوله الا ان يعلم خلوها من النجاسة لان الحديث المانع من استعمالها علل المنع باجتماعه من النجاسة فينتفي التنجيس عند انتفاء السبب ولان الاصل في الماء الطهارة فلا يقضي بالنجاسة الا مع اليقين بوجود المقتضي ثم استشهد برواية الواسطي ثم قال وهي وان كانت مرسلة الا ان الاصل يؤيدها ثم اورد كلام ابن ادريس المتقدم ثم قال وهو خلاف الرواية وخلاف ما ذكره ابن بابويه ولم نقف على رواية بهذا الحكم سوى تلك الرواية ورواية مرسلة ذكرها الكليني قال بعض اصحابنا عن ابنجمهور وهذه مرسلة وابن جمهور ضعيف جدا ذكر ذلك النجاشي في كتاب الرجال فاين الاجماع واين الاخبار المعتمدة ونحن نطالب بما ادعاه وننظر في دعواه انتهى فناقض كلامه اخره اوله من وجهين : الاول انه قال ولا يغتسل بماء الحمام الا ان يعلم خلوه من النجاسة فدل كلامه على المنع من الاستعمال للنجاسة بقرينة ذكر خلوه من النجاسة وشنع على ابن ادريس بحكمه كحكمه بما يظهر من كلامه اختيار الطهارة كما دل اول كلامه على اختيار النجاسة والثاني انه قال الا ان يعلم خلوه من النجاسة فجعل الاصل فيه النجاسة فتستصحب الى ان يعلم عدمها فشرط في طهارته العلم بالعدم لا عدم العلم وقال بعد ذلك ولان الاصل في الماء الطهارة فلا تقتضي النجاسة الا مع العلم بوجود المقتضي واستشهد على الطهارة برواية ابي يحيى الواسطي ثم قال وهي وان كانت مرسلة الا ان الاصل يؤيدها فشرط في نجاسته العلم بحصول النجاسة ركونا الى استصحاب الاصل وهو الطهارة حتى يثبت الناقل وليس الا العلم بحصولها وبالجملة فبعد ما عرفت بعض اختلاف عباراتهم فهل المراد من ذلك الطهارة وحمل ما دل من الاخبار على النهي عن الاستعمال على الكراهة جمعا بينها وبين ما دل على نفي البأس او النجاسة والنهي عن الاستعمال للنجاسة لانه معلل بما يقتضيها فيكون النهي لها فتكون نجسة او على الطهارة وعدم الطهورية فنفي البأس لاثبات الطهارة والنهي عن الاستعمال لعدم الطهورية اقوال ثلاثة : فظاهر المحقق الاول لما سبق من بيانه وتضعيف مستند التنجيس وانكار الاجماع المدعي على النجاسة استصحابا للاصل حتى يثبت الناقل وليس ثم دليل صالح والثاني صرح به المصنف في الارشاد وفي هذا الكتاب وتبعه جماعة ممن تأخر عنه من الاصحاب لظاهر النهي عن استعماله كما دل عليه الاثر فمن ذلك رواية حمزة بن احمد عن ابي الحسن الاول عليه السلام قال سألته او سأله غيري عن الحمام قال ادخله بمئزر وغض بصرك ولا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل فيه الجنب وولدالزنا والناصب لنا اهل البيت وهو شرهم ورواية ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولدالزنا وهو لا يطهر الى سبعة اباء وفيها غسالة الناصب وهو شرهما قال في المنتهى ولم يصل الينا من القدماء غير حديثين ضعيفين يشير الى هذين الحديثين وقال فيهما هنالك في الاولى وهي مرسلة فان محمد بن محبوب رواها عن عدة من اصحابنا وايضا فان حمزة بن احمد لا اعرف حاله وقال في الثانية الثاني ما رواه محمد بن يعقوب في كتابه عن بعض اصحابنا عن ابن جمهور عن محمد بن القاسم عن ابن ابي يعفور ثم ذكر في السند نحوا مما ذكره المحقق سابقا ثم رجح الطهارة وبعد اقراره بانه لم يصل اليه غيرهما فلعل استناده في هذين الكتابين في النجاسة معهما الى الاجماع الذي نقله ابن ادريس والثالث ظاهر الصدوقين ومن تبعهما على ذلك حملا لهذين الخبرين من اشتمالهما على المنع للاستعمال انما هو لرفع الحدث الذي يتوقف على ثبوت الطهورية ولهذا صرح فيهما بالنهي عن الاغتسال وهو ظاهر في رفع الحدث ومثلهما ما رواه عليّ بن الحكم عن رجل من بنيهاشم عن ابي الحسن عليه السلام قال لا يغتسل بماء الحمام فانه يغتسل فيه من الزنا ويغتسل منه ولد الزنا والناصب لنا وهو شرهم وما رواه في العلل من الموثق عن ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله عليه السلام الى ان قال واياك ان تغتسل من غسالة الحمام ففيها ( فقد خ ) تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا اهل البيت وهو شرهم ولرواية ابي يحيى الواسطي المتقدمة التي اوردها اخيرا في الفقيه على الطهارة ولا ريب ان موضع الخلاف انما هو حالة الشك في اصابة النجاسة واما مع العلم بحصول النجاسة فلا شك في الحكم بالنجاسة على المشهور مطلقا وعندنا اذا لم يكن المجتمع من تلك الغسالات كرا ومع عدم العلم بعدم النجاسة فلا ريب في الطهارة فظهر ان المراد بموضع الخلاف حالة انتفاء العلم بالنجاسة وانتفاء العلم بعدمها وانت اذا نظرت الى الادلة المذكورة التي هي الاخبار فاح لك عدم النجاسة لقرينة تعليلها بما تحصل منه النفرة مما هو نجس كاليهودي والنصراني والناصب ومما ليس كذلك كولد الزنا وانه لا يطهر الى سبعة اباء ومعلوم من هذا المعنى ان المراد منه ( عدم خ ) النجابة لا النجاسة وكالاغتسال من الزنا وقد تقدم ما يدل على الطهارة فيه ورواية ابي يحيى الواسطي شاهدة بذلك وما قيل انها مع ضعفها لا تعارض ما هو اقوى منها واكثر ليس بشيء لانها نص معتضد بالاصل والعمل من اهل التحقيق مع قبول ما عارضها للتأويل من الحمل على الكراهة كما هو ظاهرها لا على نفي الطهورية كما ظن لان الجمع بالحمل على الكراهة اظهر من الحمل على نفي الطهورية لعدم تسليم انفكاكها عن ماء مطلق لم يتغير بالنجاسة وقد بينا في اول الكتاب انها احد جزئي الماهية للمطلق ولهذا نفينا منع المانع منها في كل ماء مطلق حكمنا عليها ( عليه خ ) بالطهارة ودعوى ابن ادريس الاجماع لم يثبت في مقام الخلاف وان كان منقولا فلا يزيد على مفاد واحد من تلك الاخبار وقد سمعت ما قيل فيها على انه ليس في قوله ما يدل على النجاسة صريحا ونفي جواز الاستعمال اعم من النجاسة ومن رفع الطهورية لورود استعمال مثل ذلك في صورة المكروه والاستعمال اعم من الحقيقة وهو وان لم يكن وحده مساويا لكنه مع ضم ذكر مستنده اليه وقد عرفت ما قيل في المستند وكثرة المخالف وارجحية الاصل يكون راجحا فضلا عن ان يكون مساويا فبطل الاستدلال به وما قيل من ان استثناء تلك الصور الثلاث وهي البلل المشتبه وغيبة الحيوان وغسالة الحمام من قاعدة انه لا ينقض اليقين بالشك ابدا يدل على النجاسة لتحققها بالاخراج كما تحقق حكم البلل وغيبة الحيوان فهو مدخول لان البلل المشتبه خرج من القاعدة بالنص الصريح والادلة اقتضته وكذلك الغيبة عند من يعتبرها واما هنا فالنص ليس بصريح بل محتمل للتأويل معارض باظهر منه دلالة وبعمل اهل التحقيق عليه وفهمهم لذلك فسلم الاصل هنا عن الناقل فرجح القول بالطهارة وهو اختيار المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى فانه قال فيه والاقوى عندي انه على اصل الطهارة وقد روي الشيخ عن ابي يحيى الواسطي ثم ذكر الرواية السابقة ثم قال وايضا روي في الصحيح عن حريز عن ابي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب وروي في الصحيح عن الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام قال في الماء الاجن يتوضأ منه الا ان يجد ماء غيره وهذان عامان انتهى واستدل المولي الاردبيلي على الطهارة بصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغتسل من مائه قال نعم لا بأس ان يغتسل منه الجنب ولقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتها الا لما لزق بها من التراب ومثلها صحيحته الاخرى قال رأيت ابا جعفر عليه السلام جائيا من الحمام وبينه وبين داره قذر فقال لولا ما بيني وبين داري ماغسلت رجلي ولا تحيت ماء الحمام واصل تحيت بتشديد التاء تحيدت من الحياد وهو العدول قلبت الدال تاء وادغمت في التاء وكذا موثقة زرارة قال رأيت ابا جعفر عليه السلام يخرج من الحمام فيمضي كما هو لا يغسل رجليه حتى يصلي وقيل وفيه ان مورد تلك الرواية ( الروايات خ ) غير مورد تلك فانه ( فان خ ) البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام والحاق ما يسيل من مائه في ارضه بذلك حتى يكون ما يثبت به احدهما يثبت به الاخر لا دليل عليه وليس بشيء اذ من المعلوم ان ما اجتمع هنالك انما هو من هذه المياه السائلة فلا يحدث في المجتمعة نجاسة ليست من السائلة بل ان لم يكن المجتمعة بكثرتها اطهر لم تكن انجس فاستدلال الاردبيلي (ره) متجه فالقول بالطهارة اظهر والاحتياط لا يخفى
الرابعة : الماء النجس لا يجوز استعماله في الطهارة ولا ازالة النجاسة ولا الشرب الا مع الضرورة حكم هذه المسئلة ثابت بالنص والاجماع سواء كان ذلك الماء نجسا بالتغير بالنجاسة او بانفعاله بالملاقاة للنجاسة لكونه اقل من الكر اذا حكمنا بالانفعال وسواء كانت تلك الملاقاة متحققة او محصورة في احد المشتبهين كذلك وبالجملة فحيث حصل الحكم بالنجاسة حرم الاستعمال مطلقا الا اذا ادى ترك الاستعمال الى هدم البدن فيقتصر على ما يندفع به الضرر نعم من لم ينفعل عنده القليل بالملاقاة من دون تغير فان جواز الاستعمال عنده لكونه طاهرا وكذا من قال من ان المنع من استعمال الانائين انما هو منع حكمي وتعبد شرعي للحكم بنجاستهما معا فلو اصاب ثوبا عنده ماء من احدهما لم يجب غسله لعدم العلم باصابة النجس واصالة الطهارة بل افرط صاحب المدارك فجوز الطهارة باحدهما والصلوة ثم غسل ما باشره الماء الاول من الاناء الثاني ثم الوضوء من الثاني ثم يصلي تلك الصلوة مرة ثانية ولا يخفي وقد مضي الكلام عليه وبالجملة فالماء النجس لا يجوز استعماله في حدث ولا ازالة خبث مطلقا ( اي خ ) سواء وجد الصعيد ام لا ولا في الشرب ولا في الاكل الا مع الضرورة ( الا لضرورة خ ) بالنصوص والاجماع والله اعلم ( بالصواب واليه المرجع والمئاب خ )
الباب الثاني في الوضوء وفيه فصول
قد تقدم في تعريف الباب الاول تعريف الباب والفصل في الاصطلاح وقد يرسم لغة بالمدخل والمخرج ويرسم الفصل بالقطع والحاجز بين الشيئين والوضوء بضم الواو اسم مصدر اي التوضؤ وفي التهذيب قال الشيخ والوضوء بضم الواو المصدر وكذلك التوضأ ومثل ذلك الوقود بفتح الواو اسم لما يوقد به النار والوقود بالضم المصدر مثل ( مثله خ ) التوقد ه والاول اولى مأخوذ من الوضاءة بمعنى النظافة والحسن يقال فلان وضيء الوجه قال الشاعر :
مساميح الفعال ذووا اناة مراجيح واوجههم وضاء
سمي هذا الفعل بذلك لانه ينقي الجسد من الاحداث التي هي نجاسات باطنية ( باطنة خ ) وينظف منها ويحسن وجه القلب ويبيضه عن سواد الذنوب ويطيب رائحته عن نتن الخطايا وروي الصدوق (ره) في العيون والعلل باسناده الى الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام الى ان قال فان قال قائل فلم امر بالوضوء وبدء به قيل لان يكون العبد طاهرا اذا قام بين يدي الجبار في مناجاته اياه مطيعا له فيما امره نقيا من الادناس والنجاسات مع ما فيه من طرد الكسل والنعاس الحديث
الفصل الاول في موجباته استعمل لفظ الموجبات للنواقض مجازا من حيث انها تكون اسبابا ( سببا خ ) لان يوجبه السبب المعنوي بسبب وجوب غاية مشروطة به لان من حصل على صفة يستباح له معها الدخول في الصلوة لا تجب عليه طهارة ثانية وذلك هو معنى الطهارة فاذا حصل لتلك الطهارة التي يباح له بها الدخول في الصلوة ناقض من النواقض الاتية وجبت الطهارة فسميت موجبات نظرا الى ترتب الوجوب عليها مع وجوب الغاية وبعض الاصحاب عبر عنها بالنواقض باعتبار انها طرئت على الطهارة فنقضت حكمها وبعضهم عبر عنها بالاسباب باعتبار انها يترتب عليها فعل يكون سببا لاستباحة ما هو مشروط بذلك الفعل والسبب هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم وهو السبب المعنوي وهو ما اشتمل على حكمة باعثة على شرعية الحكم المسبب والسبب الوقتي وهو كون الوقت مقتضيا لثبوت حكم شرعي وفي اصطلاح اكثر الاصوليين السبب وصف وجودي ظاهر دل الدليل الشرعي على كونه معرفا لحكم شرعي والاكثر على ارادة هذا من الاسباب والعلل الشرعية حيث ترد من الشارع والحق انها اسباب معنوية كما هي واردة عنه عليه السلام الا ان الاسباب قد تكون تامة وقد تكون ناقصة فاذا كان السبب الباعث على شرعية الحكم مركبا من اسباب وذكر الشارع عليه السلام شيئا منها لبيان الحكم المعلل بها وعثر عليه بعض من وقف عليه حكم بكونه معرفا بالمعنى الثاني وهو كونه وصفا للحكم واذا عثر عليه من يرويه ويدريه وهو الفقيه المحدث الذي يعرف اللحن ويفهم معاريض الكلام عرف بنور الله كونه سببا معنويا وربما عثر على جميعها فحكم بالحكم البات وليس عليه بيانه لكل مستخبر لعدم احتماله من كل سائل كما قال عليّ عليه السلام على ما رواه الصدوق في التوحيد قال عليه السلام وليس كل العلم ( علم خ ) يقدر العالم ان يفسره لان من العلم ما يحتمل ومنه ما لا يحتمل ومن الناس من يحتمل ومنهم من لا يحتمل ه وبالجملة فهذا مليء بالبيان وان تقاعدت عنه الاذهان فليس بضارة لان ( فان خ ) لكل حق حقيقة ولكل ( على كل خ ) صواب نورا وما احسن ما قال الشاعر :
فهب اني اقول الصبح ليلأ يعمى الناظرون عن الضياء
وقد تقدم كلام في هذا المقام والحاصل ان الموجبات والاسباب في مسئلة الوضوء ليست على هذا النحو بل باعتبار ما يترتب عليها فالتسمية مجاز وكذا تسميتها بالنواقض باعتبار طريانها على الطهارة لا مطلقا للتخلف فيما قبل التكليف بالطهارة كما في الصبي فلا معنى لكون العبارة عنها بالنواقض احسن العبارات كما قاله الشيخ المقداد في التنقيح اذ التسمية بالاعتبار ولكل اعتبار في التعبير عنها
انما يجب بخروج البول والغائط والريح من المعتاد البول هو فضلة مزاج الطعام من الماء سواء تحلل من الشراب من مطلق الماء او مما مازج الطعام في خلقته او بالمزج والغائط هو فضلة الطعام وهاتان الفضلتان تكونان من فضلتي الكيلوس في الطبخ الاول لا من فضلة الكيموس لان فضلة الكيموس صافي الكيلوس وفاضله هو الذي تقذفه الطبيعة الى الظاهر فتكون منه الشعر في اقطار الجسد ما لطف منه نبت ( ينبت خ ) في اعالي البدن وما كثف نبت في الاسافل وقوله من المعتاد قيد للثلاثة وهو صفة للموضع وظاهر العبارة شمولها للطبيعي وغيره مع انسداد الطبيعي او مطلقا تحت المعدة او لا ونقل المصنف الاجماع على نقض ما خرج من غير الطبيعي مع انسداد الطبيعي بل ظاهر كلامه ان خروج الحدث من غير الموضع المعتاد ينقض الطهارة اجماعا اذا اعتاد سواء انسد المعتاد ام لا لعطف الانسداد عليه قال في المنتهى لو اتفق المخرج في غير المعتاد خلقة انتقضت الطهارة بخروج الحدث منه اجماعا لانه مما انعم الله به عليك وكذا لو انسد المعتاد وانفتح غيره الخ وقال في التذكرة لو خرج البول والغائط من غير المعتاد فالاقوى عدم النقض سواء قلا او كثرا وسواء انسد المخرج او لا وسواء كانا من فوق المعدة او تحتها وبه قال احمد بن حنبل لقوله تعالى او جاء احد منكم من الغائط والاحاديث الخ وقال في النهاية وانما تنقض لو خرجت من المواضع المعتادة على الاقوى صرفا لللفظ الى المتعارف ويحتمل النقض للعموم لو خرج من غيرها سواء كان فوق المعدة او تحتها فحينئذ لو خرج الريح من القبل في النساء او من الذكر لادرة وغيرها نقض وعلى الاول لو انسد المعتاد وانفتح غيره نقض لان الانسان لا بد له في العادة من منفذ تخرج منه الفضلات التي تدفعها الطبيعة فاذا انسد ذلك قام ما انفتح مقامه ولا فرق بين ان ينفتح فوق المعدة او تحتها حتى لو قاء الغائط واعتاده نقض انتهى وقال الشهيد في الدروس من المعتاد طبيعيا او عرضيا وقال الشيخ المقداد في التنقيح في تعريف المعتاد هذا شامل لامرين : الاول ما هو معتاد بحسب الطبيعة كما هو معلوم لكل احد الثاني ما اتفق حصوله ثم صار معتادا فان الكل منهما اذا خرجت منه الفضلة نقضت سواء كان من فوق المعدة او لا وسواء كان جرحا او غيره لشمول النص لذلك كله ه اقول وانت اذا تتبعت عبارات الاصحاب وجدت اكثرها كما نقلنا لك منها دالا على ان مرادهم من المعتاد ما هو اعم من الطبيعي اذا تحقق كونه معتادا سواء كان ذلك بالعرف كما هو الاظهر او بالمرتين والثلاث كما قيل ولهذا المصنف في التذكرة عدم النقض لو خرجا من غير المعتاد وهذا هو الذي ادعى المصنف في المنتهى عليه الاجماع اذ يقول لو اتفق في غير المعتاد خلقة اذ الظاهر منه المعتاد بتكرر الخروج لا بالخلقة وعبارته في هذا الكتاب ظاهرة في العموم فعلي هذا لا فرق بين ان ينسد الطبيعي او لا وبين ان يكون المنفتح فوق المعدة او محاذيها او تحتها اذ المفروض ان الخارج بول او غائط لا طعام ولا شراب وقول الشيخ ان خرجا من فوق المعدة لم ينقضا لانه لا يسمى غائطا ليس بشيء لان تسميته بولا او غائطا ليس من المخرج وانما هو لذاته فاذا كان بالصفة المعروفة فهو غائط او بول سواء خرج من المعتاد ام لا من فوق المعدة ام لا وقول احدهما عليهما السلام ما يخرج من طرفيك الحديث وقول الصادق عليه السلام لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الاسفلين الحديث حصر للناقض في الخارج لا في موضع الخروج وذكر ( ذلك خ ) الموضع بيان للخارج على جهة الاغلبية بما هو المتعارف نعم يشترط الاعتبار ( الاعتياد خ ) لتحقق توجه الطبيعة الى قذفه من ذلك وان لم ينسد الطبيعي لانه مع الاعتياد يكون مما انعم الله به عليك لحصول الراحة والتخلي بذلك فيشمله قوله تعالى او جاء احد منكم من الغائط واشتراط الانسداد ليس بسديد لعدم الدليل عليه وتحقق المقتضي بدونه وصحة شمول الادلة بدونه ايضا وقال المصنف في المنتهى وكذا لو انسد الطبيعي وانفتح غيره يريد به انه ينتقض اجماعا وحمل المعتاد على الطبيعي هنا يخالف ما قبله الا ان نقول مراده من الاول سواء انسد الطبيعي ام لا لكن الظاهر ان هذا خلاف مذهبه اللهم الا ان يقال انه قائل بعدم الاشتراط لئلا يتناقض كلامه وانه مع الانسداد يكفي انفتاح غير الطبيعي وان لم يكن معتادا كما هو ظاهر اطلاق كلامه الثاني فيكون الاشتراط عنده لغير المعتاد وان عني بالمعتاد في الثاني الطبيعي فان ابقي المخرج المتفق في الاول على عمومه كان الثاني تكريرا نعم لو جعل تعريف المعتاد في الثاني للعهد الذكرى وقيد المخرج في الاول بالمعتاد ليكون هو المعهود استقام الكلام وبالجملة فالمعروف من مذهبه اشتراط الانسداد وهو الذي حكاه في التذكرة عن الشافعي حيث قال لان غير الفرج انما يعطي حكمه للضرورة وانما يحصل مع الانسداد لا مع عدمه انتهى وانت خبير بأن النقض المذكور ليس حكما للفرج اذ لو كان كذلك لنقض ما يخرج منه من دم غير الدماء الثلاثة ودود ومذي ووذي وودي بل الحكم للخارج كما قلنا سابقا فلا فائدة للانسداد الا توجه الطبيعة واعتيادها للقذف من ذلك المنفتح فاذا تحقق ذلك تحقق النقض وان لم يكن انسداد ولو انسد الطبيعي وانفتح غيره لم يعط حكمه فلا ينتقض الوضوء بمس باطنه كما ينتقض بمس باطن الفرج عند من يقول به واما تمشية الاستجمار فيه بالاحجار كالطبيعي على احد الاحتمالين فلان الاحجار منقية لغير المتعدي لا لان الموضع اعطي حكم الطبيعي ولهذا لا يلزم فيه الغسل بالايلاج فيه عند من يقول به بالايلاج في الطبيعي فلا معنى لاشتراط الانسداد اذا تحقق دفع الطبيعة للفضلة من الموضع المنفتح بالاعتياد اذ لا يجب في الموجب للنقض وحدة المخرج كما في الخنثى المشكل فانه ينقض عندنا من ايهما خرج وخلاف الشافعي فيه في احد قوليه بعدم النقض لجواز ان يكون ذلك المخرج ثقبة زائدة ضعيف يظهر ضعفه مما حققناه واما الريح فالكلام فيها كالبول والغائط اذا خرجت من غير المعتاد في النقض مطلقا بشرط ان تجد ريحها وهو رايحة الغائط لا غير ليتميز بتلك الرائحة من ( عن خ ) ساير انواع الرياح من الجشا وغيره والى نحو ما اشرنا اليه اشار الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة بقوله عليه السلام او فسوة تجد ريحها وبشرط الاعتياد ليتحقق الاحداث بكسر الهمزة بواسطه توجه دفع الطبيعة والاحداث هو حقيقة سبب النقض ولو قيل بعدم الاشتراط للاعتياد لم يكن بعيدا اذ ليس دفع الطبيعة ولا الاحداث بشرط في النقض على كل حال لان المقعدة لو خرجت وعليها شيء من الغائط نقض وان لم ينفصل للعموم وكذا الدود لو خرج وهو متلوث بشيء من الغائط نقض وليس في شيء منهما احداث ولا دفع طبيعة ولا اعتياد ولا خاصية في المخرج وانما هو للخارج فمهما تحقق انه غائط لا طعام ولا قيء او انه بول لا ماء ولا رطوبة من سائر الرطوبات وكذلك الريح بصفتها من الرائحة كما مر لا مثل الجشا نقض سواء كان من المخرج الطبيعي ام من غيره وذلك الغير معتادا ام لا وسواء انسد الطبيعي ام لا وسواء ساوي الطبيعي في الخروج على تقدير عدم الانسداد ام لا واما الريح الخارجة من ذكر الرجل وفرج المرأة فيحتمل عدم النقض صرفا لللفظ على المتعارف ولانهما ليس لهما اتصال بالمعدة التي هي وعاء الفضلات التي تحصل منها ريح الفضلة التي عجزت هاضمة المعدة عن احالته لان الذكر انما يتصل بها بواسطه المثانة وليست سبيلا للريح لانها سبيل الماء وسبيل الريح سبيل الغائط واما الفرج فبالكبد والكبد لا يصل اليها الا الكيلوس او الكيموس وهما طيبان طاهران بمعنى ان كلا منهما صفي عن الاحداث الغائطية والبولية والريحية فالريح الخارجة من احدهما اما ان تكون قد دخلت في المخرج عند انفتاحه في حال الجماع او الاستبراء وغير ذلك فانحبست ثم خرجت او تكون متحللة من تلك السبل لحركة او تمدد فاجتمعت وخرجت ( فخرجت خ ) وامثال ذلك وليس بشيء ( شيء خ ) من ذلك بمتصل بالمعدة ولا خارج عنها ولهذا لا تجد له تلك الرائحة المميزة للناقضة عن غيرها ويحتمل النقض عملا بالعموم والاول اولى لان الريح الخارجة من الذكر او الفرج لا تتبادر اليها الافهام عند اطلاق الخطاب ولا كثير الوقوع حتى يقبح من الحكيم اغفاله لعموم البلوى به والخطاب جرى على ما يحضر افهام المكلفين حال السؤال والتحمل فلا يشملها العموم
والنوم الغالب على السمع والبصر وما في معناه والاستحاضة القليلة الدم ولا يجب بغير ذلك اعلم ان الحكم بكون النوم الغالب على السمع والبصر ناقضا للطهارة مذهب علمائنا اجمع ما عدى الصدوقين وقد انعقد الاجماع بعدهما على ذلك وهو مذهب اكثر الجمهور لقوله (ص) العين وكاء السية ( السته خ ) فمن نام فليتوضأ والسية ( السته خ ) حلقة الدبر وصحيحة زرارة عن احدهما عليهما السلام قال لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك والنوم وقول ابن بابويه ان الرجل اذا رقد قاعدا لا وضوء عليه ما لم ينفرج ومثله قول الشافعي وزاد اشتراط ان يفضي بفرجه الى الارض ليس بشيء لامكان حمل ما دل على ذلك على النوم الذي لا يغلب العقل جمعا بينه وبين ما دل على ان الغالب على العقل ناقض كما صرحت به صحيحة زرارة الاتية وغيرها واستمساك النائم قاعدا يدل على ذلك لان الغالب في النائم المستغرق السقوط كما ان الغالب في الخفقة والسنة من القاعد الاستمساك فيكون ذلك امارة على عدم تحقق النوم الناقض بالغلبة المذكورة فاذا تحقق ذلك كذلك كان ناقضا على كل حال لاطلاق ما سبق من الاخبار وخصوص صحيحة عبدالحميد بن عواض عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من نام وهو راكع او ساجد او ماش على اي الحالات فعليه الوضوء ورواية انس ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا ينامون ثم يقومون يصلون ولا يتوضأون لا يصلح دليلا لعدم استنادها ( اسنادها خ ) الى حجة ولاحتمال السنة ولتضمنها النفي فلا حجة فيها ورواية ابنعباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ثم قلت صليت ولم تتوضأ وقد نمت فقال انما الوضوء على من نام مضطجعا فاول ما فيها ان ابنداود قال ذكر ابنالمنذر ان هذا الحديث لا يثبت لانه مرسل رواية عن ابي العالية وقال شعيب لم يرو عنه الا اربعة احاديث وهذا ليس احدها واما ثانيا فلا دلالة فيها على تقدير صحتها لاحتمال توهم ابنعباس انه صلى الله عليه وآله وسلم نام واجابه بما يوهم تصديقه حسما لمادة النزاع والدليل على ذلك ان المعروف من سنته صلى الله عليه وآله ان النوم اذا تحقق بذهاب الحاستين نقض للوضوء وبيان ذلك ان اهل بيته عليهم السلام الذين حفظوا شريعته كما هي على ما اراد كان مذهبهم ذلك وما ورد عنهم بما يطابق هذه الرواية جار مجرى التقية لان مذهبهم ومذهب اصحابهم الذين عليه يعملون هو ان النوم اذا غلب على الحاستين نقض للوضوء وان تستروا بالقول واذا قام الاحتمال بطل الاستدلال والاصل في ذلك ان النوم في نفسه حدث لا انه انما ينقض لاستلزامه ذلك والمصنف (ره) قال في النهاية في تعليل كونه ناقضا لكونه حدثا لا لاستلزامه قال ولان النوم انما اثر لانه مظنة الخروج من غير شعور وهذا المعنى لا يختلف في الصلوة وغيرها والسكر والاغماء والجنون يشبه النوم في انه قد يخرج الخارج من غير شعور بل المظنة عند هذه الاسباب ابلغ وكان الايجاب فيه اكمل ولو اخبره المعصوم عليه السلام بعدم الخروج انتقض وضوئه اقامة للمظنة مقام السبب كالمشقة مع السفر وعلى قول من جعله ناقضا بالعرض تكون طهارته باقية انتهى كلامه ولا يخفي ما في كلامه من التناقض فان قوله انما اثر لانه مظنة للخروج وكذا قوله اقامة للمظنة مقام السبب ينافي كونه حدثا في نفسه ويلزم منه عدم النقض عند عدم الخروج باخبار المعصوم عليه السلام وهو يستلزم كونه غير ناقض بنفسه بخلاف ما ذكر والحق انه حدث حقيقة بنفسه والدليل على ذلك صحيحة اسحق بن عبد الله الاشعري عن ابي عبد الله عليه السلام لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث فجعله عليه السلام حدثا فهو حدث لاصالة الاستعمال في الحقيقة اما شرعا فظاهر واما حقيقة فلما يأتي بيانه واورد على هذا الحديث اشكال لانه من ثاني الاشكال وشرطه اختلاف المقدمتين كيفا وكلية كبراه والاولى على ما يظهر منها مركبة من سالبة وهي لا ينقض الوضوء غير الحدث ومن موجبة وهي ينقض الوضوء حدث فلما تضمنت الصغرى المقدمتين المذكورتين تعذر على ظاهر ذلك الانتاج اما على الاولى فلعدم تكرر الوسط اذ غير الحدث ليس بحدث واما على الثانية فلعدم الشرط وهو الاختلاف كيفا والجواب انه ليس المراد بالحدث حدثا معينا ولا حدثاما بل المراد به كل حدث كما هو ظاهر فتكون في قوة كل حدث ناقض للوضوء فيصير من الشكل الرابع فحصل شرطه ايجاب المقدمتين وكلية الصغرى فينتج او يعكس فيكون من الاول فينتج على انه اذا اريد بمحمول الصغرى العموم كما هو المراد من كلامه عليه السلام كان محمول الكبرى احد افراده ويكون الوسط متكررا فلا حاجة الى رده الى الرابع و( او خ ) الاول لان النوم حدث في الحقيقة بحكم الكلية لاستغراق حرف التعريف والنوم في الحقيقة حدث كما ذكره عليه السلام وبيان ذلك ان النوم عبارة عن الوفاة الحادثة عن اجتماع النفس الحيوانية الحسية المتعلقة بالابخرة المتقومة بها الحرارة الغريزية في القلب وصرف وجهها الى جهتها العليا ويبقى شعاعها الذي هو الحرارة الغريزية متعلقا باقطار البدن وهو الرابطة ( الرابط خ ) للحيوة بالبدن حال النوم فاذا انصرف نظرها عن اقطار البدن واجتمع في القلب وتوجه الى العالم المثالي اظلمت تلك الاقطار وذبلت وبردت وهو الحدث الاصغر لخروج النفس الذي هو ظاهرها عن اقطار البدن واجتماعها في القلب وهو الموت الاصغر واذا خرجت مع الابخرة بجميع الحرارة الغريزية عن تلك الاقطار وعن القلب حصل البرد الكلي والذبول التام والظلمة الغاسقة وهو الحدث الاكبر لخروج الروح مع الحرارة الغريزية الكامنة في النطفة وتلك الابخرة المتقومة بها الحرارة الغريزية هي المعبر عنها بالنطفة التي خلق منها كما في حديث العلل وهو الموت الاكبر فكما ان خروج المني ودم الحيض مثلا اللذين هما صفو الغذاء ومركب الحرارة الغريزية موجب للحدث الاكبر وخروج البول والغائط اللذين هما ثفل الكيلوس موجب للحدث الاصغر لانهما ظاهر ذلك الصفو صفو الغذاء الذي هو الكيموس كذلك خروج الابخرة مع الحرارة الغريزية جميعها باصلها موجب للحدث الاكبر وخروج نظرها بوجه الحرارة التي ( الذي خ ) هو ظاهرها موجب للحدث الاصغر فالنوم حدث في نفسه مثل حدث البول والغائط فتفهم ما اشرنا اليه تفهم وعلى هذا المعنى من كون النوم الغالب على الحاستين ناقضا للطهارة انعقد الاجماع من الفرقة المحقة بعد الصدوقين هذا ما نقله اكثر العلماء عن الصدوقين والموجود في الفقيه في باب ما ينقض الوضوء من رواية زرارة عنهما عليهما السلام الى ان قال من غائط او بول او مني او ريح والنوم حتى يذهب العقل ولا ينقض الوضوء ما سوى ذلك وهذا صريح في ان ( بان خ ) النوم ناقض عنده لا سيّما ذكره لذلك في هذا الكتاب الذي هو اعتماده نعم اورد بعد ذلك رواية سماعة دالة على ما نقل عنه ظاهرا ولعله اراد منها ما لم يذهب عقله فانه في الغالب اذا ذهب عقله انفرج ولا يكاد يتمسك ( يستمسك خ ) بدليل ما ذكره في المقنع فانه قال فيه وان نمت وانت جالس في الصلوة فان العين قد تنام من العبد والاذن تسمع فاذا سمعت الاذن فلا بأس وهو شاهد لما قلنا له نعم ظاهر كلامه بعد هذا الكلام انما الوضوء مما وجدت ريحه او سمعت صوته يدل على ان النوم عنده ليس ناقضا وانما ينقض له لانه مظنة للناقض فلو قيل انه انما خالف الاصحاب في كونه ناقضا بنفسه لم يكن بعيدا كما في المقنع واما انه عنده ليس بناقض فلا كما نقلنا عنه ونقل بعض عنه انه ادعى في الخصال الاجماع على النقض به وبالجملة فهو ناقض بالاجماع فلاحظ واما السنة بكسر السين المهملة وهو ابتداء النوم اي الاخذ في الاجتماع المذكور فليست بنوم لعطفه عليها في الكتاب قال تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم والعطف يقتضي المغايرة ولان النوم الناقض محدود بزوال العقل كما في رواية زرارة فلا تكون السنة ناقضة ولا الخفقة حتى لا يحفظ حدثا يحدث منه وحتى يذوق لذة النوم كما في النصوص ويتحقق الناقض لانه على يقين من الطهارة لان اليقين لا ينقضه الا اليقين كما في صحيحة زرارة قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء توجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء قال يا زرارة قد تنام العين و( لا ينام خ ) القلب والاذن فاذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء قلت فان حرك الى جنبه شيء ولم يعلم به قال لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجيء من ذلك امر بين والا فانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين ابدا بالشك ولكن ينقضه بيقين اخر انتهى فابان عليه السلام انه لو شك في النوم لم ينتقض وضوئه لاصل الطهارة المتيقن وكذا لو تخيل له شيء كالرؤيا او حديث النفس فانه قد ينجر بالفكر ( به الفكر خ ) والهدو الى الغفلة عن المحسوسات فتظهر له بعض المتخيلات بل ربما يسمع صوت مخاطب له وربما رأي صورته في عالم الخيال اذا استغرق في الفكر وهو يقظان الا اذا تحققت الرؤيا وثبت المنام بان يجد طعم النوم كما في صحيحتي عبدالرحمن بن الحجاج والشحام عن ابي عبد الله عليه السلام قال عليه السلام فيهما ماادري ما الخفقة والخفقتان ان الله يقول بل الانسان على نفسه بصيرة ان عليا عليه السلام كان يقول من وجد طعم النوم قائما او قاعدا فقد وجب عليه الوضوء انتهى ليكون ناقضا ليقين اصل الطهارة بيقين طريان الناقض لها وقول المصنف (ره) وما في معناه اي معنى النوم الغالب على السمع والبصر المستلزم بذلك لغلبته على العقل لان النفس انما تستعمل العقل بواسطة الالات والاعوان فاذا غلب النوم على الواسطة منع من استعمال العقل فكان غالبا عليه يريد به الجنون والاغماء والسكر فانه ذكر في المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا بين اهل العلم وقال في النهاية كلما يزيل العقل من سكر او اغماء او جنون او نوم يوجب الوضوء وقال في التذكرة كلما ازال العقل من اغماء او جنون او سكر او شرب مرقد ناقض لمشاركته للنوم في المقتضي ولقول الصادق عليه السلام اذا خفي الصوت فقد وجب الوضوء وللشافعي في السكر قولان اضعفهما عدم النقض لانه كالصاحي في الحكم فينفذ طلاقه وعتقه واقراره وتصرفاته وهو ممنوع انتهى وذكر الشيخ في التهذيب اجماع المسلمين على نقض الجنون والاغماء واستدل عليه بصحيح معمر بن خلاد وفيه الاغفاء فقيل عليه انه مختص بالنوم واجيب بعموم الجواب بقوله عليه السلام اذا خفي عنه الصوت فقد وجب الوضوء عليه ورد برجوع ضمير عنه الى الرجل المخصوص واجيب بان هذا احتمال غير مساو والظاهر العموم واستدل المصنف (ره) على ذلك بما دل على النوم من طريق تنقيح المناط بل الاولوية كما تقدم قوله في النهاية قيل وفيه تأمل واقول في هذا التأمل تأمل اذ التحقيق اولويتها من النوم في العلة المنصوصة الموجبة للنقض فالحكم بكونها ناقضة مما لا ينبغي ان يرتاب فيه بعد وضوح البيان وتحقق الدليل وثبوت ذكر الاجماع عن الثقات فتدبر وتعليل المصنف (ره) ( ذلك خ ) في النهاية بقوله اقامة للمظنة الخ وكذا ما قبله يناقض حكمه بانها ناقضة بنفسها كما تقدم نقل كلامه في بحث النوم فلاحظه هناك ففيه بيان الناقض وقوله والاستحاضة القليلة الدم يعني به انه اذا كانت الاستحاضة قليلة الدم بحيث لا يثقب القطنة بأن يبقى منها قليل لم يصل اليه دم فانه يجب عليها الوضوء لكل صلوة ولكل مشروط بالوضوء لا غيره وهو قول علمائنا الا ما حكى عن ابنالجنيد من ايجابها لغسل واحد وانما اختصت بذلك من ( منه خ ) دون سائر اقسامها مع انها كلها موجبة للوضوء لان الكثيرة والمتوسطة لا توجب الوضوء لا غيره بل توجب الغسل ايضا على بعض الاحوال وفي بعض احوالهما كالظهرين والعشائين في المتوسطة وكالعصر والعشاء في الكثيرة مع الجمع يكونان داخلين ( مع الجمع داخلان خ ) في حكم القليلة لان الغالب فيهما في هذه الاحوال المخصوصة مساواتهما للقليلة في الخارج وانما كانت موجبة للوضوء خاصة لان الغالب فيهما ( فيها خ ) انه يخرج من العرق المسمى بالعاذل اصفر لكونه غالبا من لطيف فضلة الكيلوس التي يكون منها البول والغائط فلذا يكون قليلا واصفر باردا لقول الصادق عليه السلام في حسنة حفص بن البختري دم الاستحاضة اصفر بارد رقيق لقوة جذب المعدة والمثانة لما ثم وقد يصحبه من فضلة الكيموس ما لم تسعه مسام الجلد التي هي منابت الشعر لنوع ضعيف في بعض القوي فيكون كثيرا فيثقب الكرسف فيجب الغسل لانه من الاحداث الكبرى لكونه من الكيلوس الذي هو فضلة الكيموس او من بقايا الكيموس وهذا حكم اكثري والاحكام تناط بها وحيث لا تنكشف هذه الامور التي هي اسباب الحكم لعوام الناس بل ولا لاكثر خواصهم جعل لها الشارع عليه السلام ضابطة سهلة التناول فقسم الاحداث الى اصغر ويرفعه الوضوء والى اكبر ويرفعه الغسل وانما يرفع ذلك اذا انقطع الموجب واما اذا لم ينقطع وامر الشارع عليه السلام باستعمال ما من شأنه الرفع فانه يكون ذلك مبيحا للدخول في المشروط بتلك الطهارة وتأتي ان شاء الله تعالى تتمة لهذا الكلام في احكام الاستحاضة ثم ان كون الاستحاضة القليلة الدم المذكورة ناقضة للوضوء موجبة له لما يشترط الوضوء فيه مذهب علمائنا لم ينقل عنهم فيه خلاف الا عن ابن ابي عقيل (ره) فانه قال ما لم يظهر على القطنة فلا غسل ولا وضوء وخالف في ذلك من الجمهور مالك ايضا فقال ليس على المستحاضة وضوء والحق مذهب المشهور لقول النبي صلى الله عليه وآله المستحاضة تتوضأ لكل صلوة وقول الصادق عليه السلام فيما رواه معوية بن عمار وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت وصلت كل صلوة بوضوء وظاهر المصنف في التذكرة دعوى الاتفاق على ذلك الا من ابن ابي عقيل كما مر وكذلك غيره صرح بذلك الا انه ذكر في النهاية انه مذهب اكثر علمائنا ولا يبعد كون مراده منها مراده من التذكرة حيث قال وذهب اليه علمائنا الا ابن ابي عقيل والمحقق في المعتبر قال ومذهب علمائنا اجمع ايجاب الوضوء عدا ابن ابي عقيل فصرح بالاجماع لان خروج معلوم النسب لا يقدح فيه وبالجملة فالقول به متعين لصحاح الاخبار ولما تقدم من الاعتبار من انه حدث اصغر موجب للوضوء وقول المصنف (ره) ولا يجب بغير ذلك يريد به انه لا يجب الوضوء بغير ما ذكر سابقا لانه حصر موجبات الوضوء وحده بانما ثم اكد ذلك الحصر بقوله ولا يجب بغير ذلك يعني منفردا وفي هذا اشارة الى امور توهم بعض كونها ناقضة :
منها المذي قال في الصحاح المذي بالتسكين ماء يخرج عند الممازحة او التقبيل وقال ابن الاثير في النهاية انه البلل اللزج الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء وهو من مقدمات الشهوة والوذي بالمعجمة هو ماء يخرج من الذكر بعد الجماع وهو من معقبات الشهوة والمذي والوذي بكسر الذال المعجمة وتشديد الياء افصح من سكون الذال والودي بالمهملة وهو ماء كدر ابيض يخرج بعد البول قال ابنالاثير في النهاية وفي حديث ما ينقض الوضوء ذكر الودي هو بسكون الدال وبكسرها وتشديد الياء البلل اللزج الذي يخرج من الذكر بعد البول يقال اودي وقيل التشديد اصح وافصح من السكون انتهى وفي مرسل ابن رباط عن ابي عبد الله عليه السلام قال يخرج من الاحليل المني والمذي والوذي والودي فاما المني فهو الذي يسترخي له العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل واما المذي يخرج من الشهوة ولا شيء فيه واما الودي فهو الذي يخرج بعد البول واما الوذي يخرج من الادواء ولا شيء فيه ه وقال في الصحاح وقال المني والوذي والمذي مشددات ه قال المصنف في التذكرة المذي والودي وهو ما يخرج بعد البول ثخن ( ثخين خ ) كدر لا ينقضان الوضوء ذهب اليه علماؤنا اجمع للاصل ولقول الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام كان مذاء فاستحيي ان يسأل رسول الله صلى الله عليه واله لمكان فاطمة فامر المقداد ان يسأله فقال ليس بشيء انتهى فقال ابن الجنيد ان ما يخرج من المذي عقيب الشهوة يكون ناقضا وقال الشيخ في التهذيب بكون المذي عن شهوة ناقضا اذا خرج بكثرته عن المعهود المعتاد واستدل عليه برواية ابي بصير عن الصادق عليه السلام وصحيحة عليّ بن يقطين وقوية الكاهلي ثم قال لان المعهود المعتاد لا يجب منه اعادة الوضوء سواء خرج عن شهوة او عن غير شهوة او يكون المراد بها ضربا من الاستحباب انتهى وقال بالاستحباب في الاستبصار ايضا فقول المصنف في التذكرة هنا ذهب اليه علماؤنا اجمع وكذا قبل هذا في قوله لا يجب الوضوء بشيء سوى ما ذكرناه ذهب اليه علماؤنا اجمع يحتمل ان يكون ذلك الاجماع منعقدا بعدهما او لا يضران فيه لمعلوميتهما او انه اجماع مشهوري كما في مقبولة عمر بن حنظلة ورواية زرارة وبالجملة فالحكم بكونها غير ناقضة مما لا غبار فيه ولا شك يعتريه للاجماع المذكور المصرح به هو وغيره وللصحاح الصراح كما رواه الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان سال من ذكرك شيء من مذي او وذي فلا تغسله ولا تقطع له الصلوة ولا تنقض له الوضوء انما هو بمنزلة النخامة كل شيء خرج منك بعد الوضوء فانه من الحبائل وكما في حسنة محمد بن مسلم معللا ان المذي لم يخرج مما خرج ( يخرج خ ) منه المني انما هو بمنزلة النخامة وفي حسنة بريد بن معوية انما هو بمنزلة المخاط والبزاق وفي حسنة زرارة فانه من الحبائل او البواسير وليس بشيء وقول الشيخ في التهذيب في صحيحة السراد عن ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله عليه السلام والودي فمنه الوضوء لانه يخرج من دريرة البول بانه ( فانه خ ) محمول على انه اذا لم يكن قد استبرأ من البول بما سنذكره بعد وخرج منه الودي فيجب فيه الوضوء لا يتوهم منه انه قائل بنقض الودي بل صريح كلامه واستشهاده بتعليل الصادق عليه السلام دال على انه ناص على عدم النقض حيث يقول لا يخرج الا ومعه شيء من البول ألا ترى الى قوله عليه السلام لانه يخرج من دريرة البول تنبيها على انه يكون معه البول ولولا ذلك لماوجب منه اعادة الوضوء وهو ظاهر نعم لو قيل باستحباب الوضوء للمذي الكثير الخارج عن شهوة كان قريبا للنصوص الصريحة جمعا بينها وبين ما دل على عدمه ولا سيّما مع حصول العلة فيه من استرخاء العظام وفتور الجسد فانه يحصل ذلك احيانا وان لم يبلغ الى حد حصولهما من المني فتفقد تجد ما قلنا لك وقد استوجه الاستحباب صاحب المعتبر لصحيح ابن بزيع كما استوجهه الشيخ في الكتابين الا ان مرادهم ليس للنقض والا لوجب والذي استفدته من تتبع الاخبار في ( اخبار خ ) المسئلة بمعونة التلطف في احيان الوجدان انه قد تكون للمذي حال من الشهوة يحصل معها من الفتور والاسترخاء ما لولا ما سنذكره لحكمنا على من وجدها بالوضوء وجوبا ولاقمنا الاعتبار تحقيقا لتلك الاخبار لكن المانع وهو ما وعدنا بذكره وهو ان تلك الحال المشار اليها لا يكاد كل مكلف يفرق بينها وبين الحال التي لا وضوء فيها مع وجود الشهوة بل قد لا فرق بينهما ( لا يفرق بين خ ) عن شهوة او غير شهوة لعدم قوة احساس كل مكلف مع ندور وقوع تلك الحال المشار اليها اذ الغالب من الناس اذا كان ذلك يغلب عليه الشبق فلا يكاد يستمسك منيه ولما كان تعلق الاحكام الشرعية العامة للمكلفين مبنيا على ما يسهل ادراكه ويلزم حصوله في جميع افراده بحيث لا يعدم كل من طلبه وجد انه لوجوده وظهوره لم تجر الحكمة بالتكليف بتلك الحال الخاصة فكان الوضوء مستحبا لعدم تحقق تلك الحال في كل حال وكان مستحبا لدفع الوهن والاشكال عن اهل النظر والكمال واصحاب الاحتياط من الرجال فاذا توضأ مستحبا اتى على ذلك كله ممتثلا للنصوص المشتملة على الاوامر القحة واذا ترك اخذ بالرخصة والحنفية ( الحنيفية خ ) السمحة فالاستحباب حلية اولي الالباب والله اعلم بالصواب
ومنها المس والمشهور بين علمائنا عدم النقض به مطلقا اي من ذكر او انثي لقبل او دبر ظاهرا او باطنا بشهوة او لا من نفسه او من غيره محللا او محرما بظهر الكف او ببطنها اصلية او زائدة صحيحة او اشلاء وفي هذه الشقوق اختلف الجمهور ولا حاجة الى تفصيل ذلك وقال المصنف في التذكرة ذهب اليه يعني به عدم النقض بالمس مطلقا اكثر علمائنا ثم قال وقال الصدوق من مس باطن ذكره باصبعه او باطن دبره انتقض وضوؤه ومن مس ظاهر الفرج من غير شهوة تطهر ان كان محرما ومن مس باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحرم والمحلل لان عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال نقض وضوؤه والطريق ضعيف ومحمول على استصحاب نجاسته انتهى وقد قال قبل ذلك مسئلة لا يجب الوضوء بشيء سوى ما ذكرناه ذهب اليه علماؤنا اجمع وقد خالف الجمهور في اشياء نحن نذكرها ثم من جملة ما ذكر المس فادعى الاجماع من اصحابنا وانما خالف فيه الجمهور وما ذكرنا من كلامه قبل هذا الكلام مصرح بخلاف الصدوق كما سمعت وجعل عدم النقض قول الاكثر وهذا اضطراب ظاهر لكن نقل قول الصدوق من ظاهر كلامه يوجب الاضطراب لما فيه من الاختلاف فقد قال في الفقيه كما ذكرناه سابقا عنه من رواية زرارة لما سألهما عليهما السلام عما ينقض الوضوء فقالا له ما خرج من طرفيك الاسفلين الذكر والدبر من بول او غائط او مني او ريح والنوم حتى يذهب العقل ولا ينقض الوضوء ما سوى ذلك الخ قال محمد تقي المجلسي (ره) في الشرح الظاهر ان قوله ولا ينقض الوضوء الخ من كلام الصدوق وهذا صريح بعدم النقض بالمس وغيره سوى ما ذكر وبعد ذلك قال وقال ابو جعفر عليه السلام ليس في القبلة ولا في المباشرة ولا مس الفرج وضوء وهو صحيح زرارة وهو صريح ايضا ونحو ما ذكر في الفقيه ذكر في المقنع من عدم النقض بما سوى ما ذكر ثم قال في الفقيه بعد ذلك بقليل عن موثقة عمار الساباطي وان مس الرجل باطن دبره او باطن احليله فعليه ان يعيد الوضوء وان كان في الصلوة قطع الصلوة وتوضأ واعاد الصلوة وان فتح احليله اعاد الوضوء والصلوة الخ وهو كما ترى مضطرب موجب للاضطراب فدعوى المصنف الاجماع اولا اما لانعقاده بعد الصدوق او لكونه غير مضر لمعلوميته او انه اجماع مشهوري كما ذكرنا انفا او حملا لقوله بعدم النقض على انه مذهبه وبالنقض على الاستحباب وامثال ذلك والا فكيف يتجه دعوى الاجماع بل وعلى هذا كيف يتجه الدعوى والمشهور ان تيقن الطهارة والحدث مع جهل المتأخر مطلقا ناقض موجب للوضوء الا ان يراد بالناقض الحدث وهذا ناقض بالحكم لا بالحدث لكنه غير مسلم مع ان صاحب المعتبر نقل عن ابنالجنيد انه قال في المختصر ان من مس ما انضم عليه الثقبان نقض وضوئه وقال ايضا من مس ظاهر الفرج وغيره بشهوة تطهر ان كان محرما ومن مس باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحرم والمحلل ونقل غيره ايضا عنه والمصنف في النهاية وبالجملة فدعوى الاجماع على حصر الناقض فيما ذكر المصنف ان لم يكن على نحو ما ذكرنا او انه الاجماع المحصل او المنقول لم يثبت وقد تقدم كلام الشيخ في المذي واما عدم النقض بالمس فلا شك فيه بالنص والاجماع بانواعه الثلاثة المحصل والمنقول والمشهوري وما دل على النقض وهو موثقا ابي بصير وعمار الساباطي فمحمول على التقية كما هو ظاهر واما كلام الصدوق قدس سره فلا شك في اضطرابه ولو حمل كلامه في اول الكتاب وقوله ما افتى به واحكم بصحته واعتقد بانه ( فيه انه خ ) حجة الخ على صحة ( ورود خ ) تلك الاخبار وثبوتها عن اهل العصمة عليهم السلام فيما يعتقده ويراه وان كان فيها ما يفتى به ويعمل وفيها ما يحكم بصحته وان لم يفت به ولا يعمل به لكان اسلم لكلامه من الاضطراب والتهافت في هذه وغيرها والا فكيف يفتى بأن المس لا ينقض وان المس ينقض فتدبر وراجع كلامه
ومنها القى ذهب علماؤنا واكثر الجمهور الى ( على خ ) كونه غير ناقض سواء كان قيئا وهو ما خرج من الحلق وعاد او قلسا وهو ما خرج من الحلق ولم يعد لانه اذا عاد سمي قيئا كذا قاله الخليل للاجماع والنصوص خصوصا وعموما وخالف فيه ابو حنيفة فقال ان كان ملأ الفم نقض والا فلا والاوزاعي والثوري ان كان نجسا كالدم نقض والا فلا واحمد ان كان قطرة دم او قطرتين لم ينقض وان كان اكثر نقض وروي عنه رواية اخرى ان كان قدر ما يعفى عنه وهو قدر شبر لم يجب الوضوء وحجتهم ما رووه ان النبي صلى الله عليه وآله قال من قاء او قلس فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلوته ما لم يتكلم وهو محمول على غسل الفم والا لم يبن على ما مضى من صلوته لان الوضوء فعل كثير
ومنها القبلة واكثر العلماء على انها لا تنقض للاخبار الصريحة الصحيحة كصحيحتي زرارة وحسنته وصحيحة ابن ابي عمير الى غيرها من الاخبار وصحيح الاعتبار وقال ابن الجنيد قبلة المحرم اذا كان بشهوة تنقض الوضوء محتجا بخبر ابي بصير وهو مع تعين حمله على التقية لا يصلح لمعارضة الاخبار الصحيحة الكثيرة المؤيدة بالعمل مع ان في طريقه عثمن بن عيسى الرواسي الواقفي الخبيث الفاسق الذي امرنا بالتثبت عند خبره لانه من اوعية السوء وما يقال انه ممن اجمعت العصابة غير مسلم بل قال بعضهم ان الستة التي هي من اصحاب ابي ابرهيم عليه السلام وفيهم ( منهم خ ) الحسن بن محبوب ان مكانه فضالة بن ايوب وجعل بعضهم مكانه الحسن بن عليّ بن فضال وبعضهم مكان فضالة عثمان بن عيسى وجعل عد فضالة منهم قولا وعد عثمان قولا من بعده مرتبا عليه على ان هذا الاجماع المنقول من اصله فيه للمناقشة مجال وعثمان هذا لم يوثقه احد من علماء الرجال فدخوله في المجمع عليهم ( عليه خ ) كالمحال ولو سلم كل ذلك فان اصح الوجوه في معنى تصحيح ما يصح عنهم انه ارجح رواية ممن لم يكن كذلك والراوين المقابلين له كزرارة وابن ابي عمير وامثالهما فانقلب بروايته وسقط على وجهه في النار
ومنها القهقهة واكثر الاصحاب على عدم النقض بها لعمومات الاخبار الحاصرة لما ينقض الوضوء وخالف فيه ابنالجنيد فقال من قهقه في الصلوة متعمدا لنظر او سماع ما اضحكه قطع صلوته واعاد وضوئه محتجا بمرسلة ابن ابي عمير المضمرة وموثقة سماعة اما الاولى ففيها ان التبسم لا ينقض الصلوة ولا ينقض الوضوء وانما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة وحملها الشيخ في التهذيب على ان القطع المذكور راجع الى الصلوة لانه لم تجر العادة بأن يقال انقطع وضوئي وانما يقال انقطعت صلوتي وهو حسن واما الثانية ففيها الى ان قال والضحك في الصلوة وهي مع كونها مقطوعة مضمرة محمولة على التقية لان ذلك مذهب ابي حنيفة والحسن والنخعي والثوري ولا يبعد توجيهها بمثل ما في الاولى
ومنها الدم الخارج من السبيلين اذا شك في خلوه من النجاسة لا يوجب الوضوء كما مر في نظائره وقال ابنالجنيد اذا علم خلوه من النجاسة لم ينقض والا اوجب الوضوء لرواية عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام عن رجل اصابه دم سائل في الصلوة قال يتوضأ ويعيد لجواز ان يصحب النجاسة فلا يكون متيقنا للطهارة عند ذلك ولعموم الا ما خرج من طرفيك الاسفلين اللذين انعم الله بهما عليك والحق قول الاكثر لما مر ولحمل التوضئ في رواية عبيد على غسل الدم كما قال صلى الله عليه واله الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم والمراد به غسل اليد والاصل عدم مصاحبته للنجاسة فهو على يقين من الطهارة فلا ينتقض اليقين الا بيقين مثله وعموم ما خرج من طرفيك مخصص بالبول والغائط والمني كما مر وخالف ابنالجنيد ايضا في الحقنة والحق انها لا تنقض للعمومات ولا ينقض الوضوء ايضا الكلام ولا انشاد الشعر ولا اكل ما مسته النار ولا اكل لحم الابل ولا الردة ولا بظن الحدث وخالف في الاخير شيخنا الشيخ حسين بن الشيخ محمد الدرازي البحراني ايده الله فقال اذا دخل في الصلوة بيقين الطهارة وشك في اثنائها قطع الصلوة وتوضأ واستأنف وان كان بعد الفراغ من الصلوة صحت الصلوة وتوضأ وجوبا لما يستقبل من الصلوة الى اخر كلامه ثم قال ان هذا مستثني من القاعدة التي ذكرها الاصحاب للنص وكذا لا ينقض الوضوء لحلق الشعر وقص الاظفار ولا يوجب مسح موضعه بالماء واستحب الشيخ في التهذيب المسح في رواية الحلبي لرواية سعيد الاعرج ولا دلالة فيها ولا بما يخرج من البدن من دم او قيح او صديد وخالف في كل ما ذكر العامة والحق ما ذكرناه لما ذكرناه والحمد لله رب العالمين
قال قدس سره : الفصل الثاني في اداب الخلوة ويجب فيها ستر العورة على طالب الحدث الاداب جمع ادب كابطال جمع بطل والمراد بها الكمالات الشرعية لقاضي الحاجة من الواجبات والمحرمات والمندوبات والمكروهات والخلوة الخلاء بالمد اي المتوضأ او مكانه ويجب فيهما على مريد التخلي من البول او الغائط وهو طالب الحدث ستر العورة عن الناظر المحترم وهو ما عدا الزوجة والمتمتع بها وامة الرجل غير المزوجة وغير المعتدة بائنا وعدا الطفل الذي لا يميز والبهايم من ساير الحيوانات وكذا يجب ستر العورة في غير هذه الحال وانما ذكروها هنا دفعا لتوهم ان حالة الحدث لا بد من كشف العورة فيها فربما لا يجب الستر حينئذ وهذا الحكم ثابت اعني وجوب الستر عند وجود ناظر المحترم بالنص والاجماع وخالف ابن الجنيد في استثناء المذكورين فحكم بالوجوب مطلقا نظرا الى اطلاق الادلة هنا والمشهور هو الصحيح ومن النص الدال على الوجوب ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله احفظ عورتك الا عن زوجتك او ما ملكت يمينك ورووا عنه صلى الله عليه وآله لا ينظر الرجل الى عورة الرجل ولا المرأة الى عورة المرأة ومما روته الخاصة صحيح حريز عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا ينظر الرجل الى عورة اخيه ورواية حماد بن عيسى عن جعفر عن ابيه عن عليّ عليه السلام قال قيل له ان سعد ( سعيد خ ) بن عبدالملك يدخل مع جواريه الحمام قال ولا بأس اذا كان عليه وعليهن الازر ولا يكونون عراة كالحمر ينظر بعضهم الى سوأة بعض وعن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام يغتسل الرجل بارزا قال اذا لم يره احد فلا بأس والاخبار في ذلك كثيرة وانما اوردت بعضا منها لمقابلة ما ورد في بعضها مما يوهم منافاة هذا الحكم مثل رواية عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال نعم فقلت أعني سفليه فقال ليس حيث تذهب انما هو اذاعة سره وصحيح حذيفة بن منصور على الصحيح قال قلت لابي عبد الله (ع) شيء يقوله الناس عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال ليس حيث تذهب انما عنى عورة المؤمن ان يزل زلة او يتكلم بشيء يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما ما ورواية الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام في عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال ليس ان يكشف فتري منه شيئا انما هو ان تزدري عليه او تعيبه فان ورودها في العورة الباطنة لا ينافي تحريم العورة الظاهرة والحصر في بعضها للمبالغة في تعظيم الباطنة حتى كأن الظاهرة غير مرادة ولان الحصر في الباطنة ردع لمن يرى الحصر في الظاهرة عن حصر المراد بل الكل مراد على ان العورة الظاهرة اذا اطلع عليها من لا يحل له النظر اليها فقد اذاع سره والحق ان المراد بالعورة هو القبل والدبر للاجماع على انهما ( انها خ ) عورة المستند الى النصوص المتكثرة ولا دليل على ما زاد ناهض بالمقابلة مع قبول حمله على الاستحباب كخبر قرب الاسناد لعبد الله بن جعفر الحميري وكرواية النبال الضعيفة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن الحمام قال تريد الحمام قلت نعم قال فامر باسخان الحمام ثم دخل فاتزر بازار وغطى ركبتيه وسرته ثم امر صاحب الحمام فطلي جسده ما كان خارجا عن الازار ثم قال اخرج عني ثم طلى هو ما كان تحته بيده ثم قال هكذا فافعل جمعا بينهما ( بينها خ ) وبين ما دل على ان العورة هي الدبر والقضيب والبيضتان كما روي عن ابي الحسن الماضي عليه السلام قال العورة عورتان القبل والدبر والدبر مستور بالاليتين فاذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة وغيره وكما قال الصادق عليه السلام ان الفخذ ليست من العورة والاولى وجوب ستر العجان لدخوله في معنى العورة حيث تطلق عرفا بل ولغة لان العورة كل ما يستحي منه قاله في الصحاح وهي السوأة من ساءه اي احزنه لانه يحزنه الاطلاع عليها ويستحب ستر البدن كله والتستر كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام قولا وفعلا
قال قدس سره : ويحرم عليه استقبال القبلة واستدبارها في الصحارى والبنيان اعلم ان المشهور تحريم الاستقبال والاستدبار مطلقا وخالف في ذلك ابنالجنيد والمفيد وسلار واتباعهم وظاهر كلام الذكرى الكراهة في الصحاري والاباحة في البنيان واختلف النقل عنهم وعن اتباعهم فاذا تتبعت كتب الاصحاب ظهر لك الاختلاف ولا سيّما في النقل عن ابن الجنيد والمفيد وسلار وفي ( ففي خ ) المنتهى عن ابن الجنيد استحباب اجتناب استقبال القبلة في الصحراء خاصة وفي التذكرة عنه يستحب ترك الاستقبال والاستدبار واطلق ولم يذكر الصحراء ولا البنيان ونقل عنه في المعتبر كما في المنتهى وجعل في الدروس التحريم مطلقا خلافا لابن الجنيد مطلقا وللمفيد في الابنية ونقل عنه في التنقيح كما في التذكرة ونقل في المنتهى عن المفيد وسلار ان التحريم مختص بالصحاري وفي التذكرة عنهما يجوز الاستقبال والاستدبار وظاهر المعتبر عن المفيد التحريم مطلقا حيث يقول وقال الثلاثة واتباعهم يحرم استقبال القبلة واستدبارها ببول او غايط وقال في المعتبر بعد ذلك الى ان قال فاعلم انه يحرم في الصحاري والبنيان وقال سلار بن عبدالعزيز من اصحابنا يكره في البنيان وبه قال المفيد وهو اختيار الشافعي وفي التنقيح وقال المفيد بالكراهية في الابنية دون الصحاري ثم قال وقال سلار بالتحريم في الصحاري والكراهة في البنيان فاما عبارة ابنالجنيد على ما في المعتبر فهي قال ابنالجنيد في المختصر يستحب للانسان اذا اراد التغوط في الصحراء ان يجتنب القبلة او الشمس او القمر او الريح لغائط او بول وفي المنتهى كذلك وزيادة قوله ان يجتنب استقبال القبلة الخ وهذه صريحة فيما ادعياه عليه واما عبارة المفيد في المقنعة فهي ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ثم قال بعد ذلك فان دخل دارا قد بني فيها مقعد الغائط على استقبال القبلة او استدبارها لم يكن بالجلوس عليه بأس وانما يكره ذلك في الصحاري والمواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة قال المصنف في المختلف بعد حكاية هذا وهذا يعطي الكراهة في الصحاري والاباحة في البنيان قال في المدارك وهو غير واضح يعني به ما فهمه العلامة من كلام المفيد وهو جيد لان مفاد كلام المفيد انه يكره ذلك في الصحاري وفي المواضع التي لا يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة وان كان في البنيان واما سلار فعبارته في المراسم الشرعية هكذا وليجلس غير مستقبل القبلة ولا مستدبرها فان كان في موضع قد بني على استقبالها او استدبارها فلينحرف في قعوده هذا اذا كان في الصحاري والفلوات وقد رخص ذلك في الدور وتجنبه افضل وظاهر هذا الكلام مطابق لنقل المنتهى والتنقيح عنه ويؤيده قول صاحب المعتبر عن سلار في الكراهة ( بالكراهة خ ) في البنيان واستدل المجوزون بما رواه الجمهور ان ابن عمر استقبل القبلة وبال فقيل له ذلك قال انما نهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك في الفضاء فاذا كان بينك وبين القبلة ما يسترك فلا بأس وبما رواه الخاصة في الحسن عن محمد بن اسمعيل بن بزيع قال دخلت على الرضا عليه السلام وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وفي الحسن عن محمد بن اسمعيل بن بزيع ايضا عن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر وانحرف عنها اجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده حتى يغفر له لصراحة الاول واستلزام الثاني واشعار الثالث بالجواز لقرينة الترغيب في الاجتناب وتأدية الانحراف الى المغفرة والثواب ولا حجة في الجميع اما الاول فلأن مفاده انه شهادة نفي فلا تسمع مع انه معارض بما رووه عن ابيايوب عن النبي صلى الله عليه وآله اذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وبقوله صلى الله عليه وآله لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا او غربوا رواه البخاري ومسلم واما الثاني ففيه ان التحريم انما يتناول حال القعود للحاجة لا البقاء ( البناء خ ) وكون الكنيف على الاستقبال لا يدل على الاستعمال فلا حجة فيه بحال واما الثالث فلا منافاة بين الترغيب والوجوب بل هو اولى بذلك من الندب لانه استنهاض لقواعد الطباع وحث لخوالف النفوس عند بذل الاطماع والاصح تحريم استقبال القبلة واستدبارها مطلقا لما ورد ( رووه خ ) عن النبي صلى الله عليه وآله اذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره شرقوا او غربوا وعنه صلى الله عليه وآله اذا جلس احدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وعنه صلى الله عليه وآله انما انا لكم مثل الوالد فاذا ذهب احدكم الى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول ومن طرقنا ما رواه الشيخ عن ابن ابي عمير عن عبد الحميد بن ابي العلا او غيره رفعه قال سئل الحسن بن عليّ عليهما السلام ما حد الغائط قال ( لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها وخ ) لا تستقبل الريح ولا تستدبرها وعن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن ابيه عن جده عن عليّ عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله اذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولكن شرقوا وغربوا وفي الفقيه والمجالس عن النبي صلى الله عليه وآله في مناهيه قال اذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة وما رفعه عليّ بن ابرهيم كما في الكافي من قصة ابي حنيفة وسؤاله للكاظم عليه السلام عن حد الغائط فاجابه بما في الكافي وروى القصة الطبرسي في الاحتجاج بنحو اخر وانما اثرته بالذكر لشمولها للقصة قال روي انه قال دخل ابو حنيفة المدينة ومعه عبد الله بن مسلم فقال يا ابا حنيفة ان هيهنا جعفر بن محمد عليه السلام من علماء آل محمد صلوات الله عليه وعليهم فاذهب بنا نقتبس به منه علما فلما اتيا فاذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه او دخولهم عليه فبينما هم كذلك اذ خرج غلام حدث بعتبة له فالتفت ابوحنيفة فقال يا ابن مسلم من هذا قال هذا موسى ابنه قال والله لاجبهنه بان يرى ( بين يدي خ ) شيعته قال مه لنتقدر على ذلك قال والله لافعلنه ثم التفت الى موسى عليه السلام فقال يا غلام اين يضع الغريب ببلدكم هذه قال يتدرئ ( يتواري خ ) خلف الجدار ويتوقى اعين المار وشطوط الانهار ومسقط الثمار ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها فحينئذ يضع حيث شاء الخبر وغير ذلك من الاخبار المتطابقة المعنى في صحيح الاعتبار وما يقال فيها من الضعف في السند فمنجبر بالعمل من المشهور والمناهي فيها للتحريم وكذلك الاوامر للوجوب اذ الاصل في الاستعمال الحقيقة وهما حقيقة في التحريم والوجوب الا ما دلت عليه قرينة صارفة عن ارادة ذلك منهما ولما في ذلك من تعظيم شأن القبلة التي هي من اظهر شعائر الله ولتنزيهها عن الاستقبال بالاقبال في حالة التخلي وعن الاستدبار بالأدبار لا انه مستلزم لاستقبال بيتالمقدس فتكون كراهة الاستدبار مختصة بالمدينة كما احتمله المصنف في النهاية حيث يقول ويحتمل اختصاص نهي الاستدبار بالمدينة وما ساواها لان من استدبر الكعبة بالمدينة استقبل بيتالمقدس تعظيما لبيتالمقدس بل لان الاستدبار استقبال بالدبر ( الدبر خ ) ومن نظر الى الاخبار التي هي مستند هذا الحكم اعطته ان الاستدبار لاجلها لانه استقبال بالدبر حقيقة لا لاجل بيتالمقدس لانه قبلة منسوخة فلا يتعلق بها حكم ليس لاجلها وخبر معقل بن معقل الاسدي ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن استقبال القبلتين يعني الكعبة وبيتالمقدس خبر عامي لا يلتفت اليه ولا يعول عليه سيما في مقابلة اصل الاباحة والبراءة نعم لو قصد باستقباله في الغائط والبول جهة بيتالمقدس او استدباره فلا بأس بالحكم بالكراهة لشبهة خلاف بعض متأخري المتأخرين في التحريم لانه كان قبلة وان نسخ حكمه في الصلوة فلم ينسخ في غيرها ولانسخت حرمته ولا بأس به لقوله تعالى ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب الا انه صالح لاستحباب التجنب مع القصد كما هو ظاهر واما استقبال الريح واستدبارها فالمشهور الاصح كراهة ذلك حملا للنهي على الكراهة لان الاستعمال اعم من الحقيقة والمجاز وللاصل وقال المفيد بالتحريم حملا للنهي على التحريم اذ الاصل في الاستعمال الحقيقة ولان الريح ترد البول ولان مع الريح ملكا كما دلت عليه الاخبار والظاهر الاول لما قلنا ولان الريح لا يلزم من مقابلتها رد البول وان كان قد يتفق لانا انما حكمنا بالكراهة لاحتمال الرد وعدمه فلما لم يلزم الرد لم يتجه الحكم بالتحريم وكون الملك معها لا يلزم منه ذلك كما في البول في الماء وهنا تنبيهات :
الاول قد ورد في صحيحة معوية بن عمار ان ما بين المشرق والمغرب قبلة فهل يكون حكمه حكم القبلة في تحريم الاستقبال والاستدبار لانه قبلة قال بعض المحققين نعم لذلك وتمسكا بعموم ظاهر الامر في رواية عيسى بن عبد الله الهاشمي المتقدمة ام لا يحرم لانه انما يكون قبلة ( حال خ ) الاضطرار وفي تلك الحال ليس في الحقيقة قبلة والا لكان قبلة اختيارا ولو كان كل ما يجوز التوجه اليه في الصلوة مع الاضطرار قبلة يحرم استقباله لحرم استقبال جميع الجهات اذ كلها تكون قبلة على بعض الاحوال وهذا هو الحق فلا يحرم الاستقبال ولا الاستدبار ولا دلالة فيما استدلوا به على ما ادعوه لما ذكرنا ولان قوله عليه السلام ولكن شرقوا او غربوا ليس المراد منه نقطتي المشرق والمغرب خاصة ليبقي ما سواهما داخلا في النهي بل المراد به الانحراف عن القبلة وهي مع البعد ما يجوز كون الكعبة في كل جزء منه ويقطع بعدم خروجها عنه وليس ذلك بحاصل في مطلق ما بين المشرق والمغرب ولا ينافي ذلك جواز الصلوة اليه الا مع الاضطرار
الثاني ان المراد بالاستقبال والاستدبار المتعارفين وذلك يكون بمقاديم البدن لا بالعورة خاصة كما قاله المقداد في التنقيح اذ المقابلة المحرمة بالفرج لا بالوجه ولا بالبدن فلو ميل بفرجه وبال لم يكن فاعلا حراما ويمكن الاستدلال له بما في نوادر الراوندي وفي الجعفريات عن عليّ عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبول الرجل وفرجه باد للقبلة كما ظن وليس بشيء اذ المعروف من الاستقبال والمفهوم منه انما هو الاستقبال بمقاديم البدن ولا يفهم منه عند الاطلاق غير ذلك ولا دلالة في الخبر على المدعي المذكور اذ المراد من ذكر الفرج بيان فظاعة الفعل
الثالث هل المستلقي كهيئة المحتضر يحرم عليه مع امكان العدول عن هذه الحالة البول والغائط لان الجهة العليا حينئذ قبلة له والتغوط اليها استقبال ( الاستقبال خ ) به للقبلة ام لا لان ذلك ليس قبلة اختيارا ولا يتعلق حكم الاختيار على حالة الاضطرار نعم لو كان ذلك في الحالة التي يصلي اليها فالظاهر التحريم لانها حينئذ قبلة متعينة
الرابع المعروف من الاخبار وكلام العلماء الاخيار ان تحريم الاستقبال والاستدبار مختص بحالة البول والغائط دون حالة الاستنجاء واحتمال شموله له لرواية عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يريد ان يستنجي كيف يقعد قال كما يقعد للغائط ( حال الغائط خ ) ه خال عن صحيح الاعتبار اذ روايات المسئلة لا تتناوله وقصارى دلالة الرواية المذكورة على الاستحباب اذ قد يقع من المستنجي بعض الحدث فلاحتمال ذلك استحب له ترك الاستقبال والاستدبار لئلا يقع في بعض الاحوال في المحرم
الخامس لو اضطر الى احدى الاستقبال والاستدبار قدم الاستدبار او الى معنى ( معين خ ) منهما جاز ولو تعارض احدهما والناظر المحترم حيث لا مناص قدم احدهما ويقدم الاستدبار على الاستقبال كما قلنا
السادس لو لم تعلم الجهة ليجتنب الاستقبال والاستدبار وجب ان يجتهد في تحصيلها من باب مقدمة الواجب ويعول على الامارات الاقوى فالاقوى واحتمل بعضهم العدم للشك في المقتضى والحق الاول لوجود المقتضى وهو توقف الواجب عليه فيجب ولو تعذر الاجتهاد سقط الوجوب حينئذ من اصله
قال قدس سره : ويستحب له تقديم الرجل اليسرى عند الدخول الى الخلاء واليمنى عند الخروج لا اشكال في حكم الاصحاب رضوان الله عليهم في الحكم باستحباب تقديم الرجل اليسرى عند الدخول الى الخلاء الخ وعلى ذلك فالظاهر انه لا يختص بالبنيان والمعتبر في الصحاري بالمكان الذي يستقر فيه الرجل عند الجلوس للحاجة واما الدليل الخاص فلم نعثر عليه غير ما ذكروا من ان ذلك ليكون فرقا بين دخول المسجد والخروج منه قال في المعتبر لم اجد بهذا حجة غير ان ما ذكره الشيخ وجماعة من الاصحاب حسن نعم يمكن الاستدلال له على ما ذكره المصنف في مواضع من المختلف والشهيد في لباس المصلي من الذكرى والبهائي في حبلالمتين من جواز الرجوع عند عوز الدليل الى فتاوي عليّ بن الحسين بن بابويه وامثاله من المتقدمين ممن علم من حاله انه لا يفتي الا بالرواية وقد ذكر الصدوق في كتابه الهداية قال ومن السنة في دخول الخلاء ان يقدم الرجل الرجل اليسرى ويؤخر اليمنى وذلك يدل على وجود دليل لم يبلغنا واشار المفيد في المقنعة الى نحو ذلك ومنهم من اسقطه في الصحاري لعدم تشخص مكان بالتحديد كالبنيان يتوجه فيه اعتبار التقديم والمعتبر الاول لتعين المكان وتشخصه بارادة الجلوس فيتجه حينئذ التقديم
قال قدس سره : وتغطية الرأس والتسمية والاستبراء والدعاء عند الدخول والدعاء عند الخروج والاستنجاء وعند الفراغ منه والجمع بين الاحجار والماء اقول قوله وتغطية الرأس ليس على اطلاقه بل اذا كان مكشوفا لئلا تصل الرائحة الكريهة الى دماغه فيحدث عنه الضرر ولان ذلك من سنن النبي صلى الله عليه وآله وكذلك استحباب التسمية عليه اتفاق الاصحاب كما اتفقوا على استحباب تغطية الرأس ومما يدل على التغطية والتسمية بل والتقنع فوق العمامة ما رواه عليّ بن اسباط مرسلا عن ابي عبد الله عليه السلام كان اذا دخل الكنيف يقنع رأسه ويقول سرا في نفسه بسم الله وبالله وفي مجالس الشيخ ومكارم الاخلاق للفضل بن الحسن الطبرسي ( للطبرسي الحسن بن الفضل خ ) صاحب التفسير في وصية النبي (ص) لابي ذر يا ابا ذر استحي من الله فاني والذي نفسي بيده لا ظل حين اذهب الى الخلاء متقنعا ( مقنعا خ ) بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي وفي نوادر الراوندي وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله كان اذا دخل الخلاء تقنع وتغطي رأسه والذي يظهر من الاخبار ان التقنع فيها غير تغطية الرأس لان صاحب العمامة مغطي الرأس ويستحب له التقنع فيكون مستحبا اخر واكثرهم يطلقون واما استحباب التسمية فثابت في كل فعل كما دلت النصوص عليه ومنها في خصوص هذه الحال مثل صحيحة معوية بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول اذا دخلت المخرج فقل بسم الله واذا خرجت فقل بسم الله ويأتي الحديث وعن جعفر بن محمد عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله اذا انكشف احدكم لبول او غير ذلك فليقل بسم الله فان الشيطان يغض بصره وفي مرسل الفقيه عن الصادق عليه السلام انه كان اذا دخل الخلا يقنع رأسه ويقول في نفسه بسم الله وفي مرفوعة سعد الى الصادق عليه السلام انه قال من كثر عليه السهو فليقل اذا دخل الخلاء بسم الله وبالله والسر في مفاد هذه المرفوعة ان الخلاء لما كان مسكنا للشيطان الخبيث وكان السهو من لممه وكثيرا ما يتعلق بالانسان حيث يغتنم فيه الفرصة في بيته فيمسه منه طايف السهو والوسوسة فاذا سمي الانسان عند دخول الخلاء الذي هو بيته ومأواه غض عنه بصره فلا يرى عورته التي هي سلم الشيطان الى القاء السهو في قلبه فلا يحصل للسهو الذي في قلبه مدد وغذاء فيضمحل لانه مجتث الاصل ويطهره وردد الذكر الذي هو ثابت الاصل واما قوله والاستبراء فالمراد به الاستحباب على ما ذهب اليه المشهور ومعنى الاستبراء طلب براءة مجرى البول من بقاياه المتخلفة لانه حال ( حالة خ ) كثرته يتدافع فاذا قل عند انقطاعه لم يندفع لاتساع المخرج بالنسبة الى قلته فلا يتدافع وخفته فلا يندفع وربما تعرض له بعض الحركة او الضغط فيخرج فامر الشارع الحكيم عليه السلام بمسحه ارشادا وتعليما للمكلفين لئلا يلحقهم محذور من مثل نجاسة ونقض وضوئه ( وضوء خ ) والمشهور استحبابه اذ لا يلزم من كون خروج البلل المشتبه بدونه ناقضا للوضوء ومنجسا للثوب والبدن الحكم بوجوبه والامر به ارشادي مع انه لا يلزم الخروج اذا لم يستبرء اذ اكثر الاحوال لا يخرج شيء وان لم يكن استبراء وهو الحق ونسب العلامة الى الشيخ في الاستبصار القول بالوجوب ونقله ابن ادريس عن بعض الاصحاب ولعله يشير الى الشيخ وابن زهرة ايضا فانه قال في الغنية اما البول فيجب الاستبراء منه اولا الخ والى سلار فانه قال في كتابه المراسم الشرعية في استبراء الجنب فالواجب ان يستبرء بالبول وينتر القضيب فالنتر لا بد منه وهو يدل على ايجابه الاستبراء من البول بقوله فالنتر لا بد منه وناقش الشيخ حسن في المعالم في نسبة الوجوب الى الشيخ قائلا ان الشيخ يستعمل الوجوب تارة في المندوب المؤكد ولا يخفي ما في كلامه بل الظاهر من كلام الشيخ الوجوب فانه قال في الاستبصار في ترجمته ( ترجمة خ ) باب وجوب الاستبراء قبل الاستنجاء من البول واستدل بصحيحة حفص بن البختري وحسنة محمد بن مسلم ولفظهما خبر فالاولى ينتره والثانية يعصر ذكره ومعناهما طلب وانشاء وهو دليله على الوجوب فالنسبة اليه جيدة واحتمال الشيخ حسن ليس مساويا لان الاصل في الاستعمال الحقيقة فالقول بالوجوب ضعيف واختلفت كلمة الاصحاب ظاهرا في كيفيته فقال ابن بابويه ليمسح باصبعه من عند المقعدة الى الانثيين ثلاث مرات ثم ينتر ذكره ثلاث مرات فجعلها ( فجعل خ ) ست مرات وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه اذا بال فيستحب ان ينتر ذكره من اصله الى طرفه ثلث مرات ليخرج شيء ان كان بقي في المخرج ( المجرى خ ) ويمكن ان يستدل له بما رواه محمد بن مسلم في الحسن قال قلت لابي جعفر عليه السلام رجل بال ولم يكن عنده ماء قال يعصر اصل ذكره الى طرفه ثلث مرات ثم ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل واراد بالحبائل عروقا في الظهر الا ان في الرواية زيادة النتر ولصحيحة حفص بن البختري عن ابي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول قال ينتره ثلاثا ثم ان سال حتى بلغ ( يبلغ خ ) السوق ( الساق خ جوامع ) فلا يبالي الا انه ليس فيها كون ذلك من اصله الى طرفه وبما رواه هبةالله الراوندي في نوادره باسناده الى موسى بن اسمعيل بن موسى عن ابيه عن جده موسى بن جعفر عليهما السلام عن ابائه عليهم السلام قال كان النبي صلى الله عليه وآله اذا بال ينتر ذكره ثلاث مرات وهذا اظهر دلالة على قول ابنالجنيد فان الذكر اذا اطلق انما يراد به من الانثيين الى طرفه ولا يدخل العجان في اسمه وقال المفيد في المقنعة فاذا فرغ من حاجته واراد الاستبراء فليمس ( فليمسح خ ) باصبعه الوسطى تحت انثييه الى اصل القضيب مرتين او ثلاثا ثم يضع مسبحته تحت القضيب وابهامه فوقه ويمرهما عليه باعتماد قوي من اصله الى رأس الحشفة مرة او مرتين او ثلاثا ليخرج ما فيه من بقية البول وقال الشيخ في النهاية فاذا فرغ فليمسح باصبعه من عند مخرج النجو الى اصل القضيب ثلث مرات ثم يمر اصبعه على القضيب وينتره ثلاث مرات وقريب منه قوله في المبسوط ونقل عنه في المدارك اعتبار المسحات التسع المشهورة وعبارته لا تدل على ذلك بدون تأويل بل ظاهرها كقول ابن بابويه وقول المعتبر وكلام الشيخ ابلغ في الاستظهار كما في المدارك ونقل الفاضلان عن المرتضى نحو قول ابن الجنيد وقال ابنزهرة في الغنية اما البول فيجب الاستبراء منه اولا بنتر القضيب والمسح من مخرج النجو الى استه ( رأسه خ ) ثلاث مرات ليخرج ما لعله باق في المجرى الى اصل القضيب بالاصبع في الاستبراء ثلث مرات وينتر القضيب بين السبابة والابهام ثلاث مرات ثم يمر اصبعه على القضيب ويخرطه ثلاث مرات وفي الشرايع وكلام بعض المتأخرين ان المسح باليد من عند المقعدة الى اصل القضيب ثلاثا ومنه الى رأسه ثلاثا وينتره ثلثا وفي الدروس يمسح من المقعدة الى اصل القضيب ثم الى رأسه ثم عصر الحشفة ثلثا هذه ونحوها عبارات الاصحاب وزاد بعضهم والتنحنح ثلثا كما في البيان للشهيد والارشاد للعلامة وفي بعض كتبه بدون ذكر الثلث ونقل في الذكرى التثليث عن سلار وليس في ظاهر الاخبار ما ذكروه من التفصيل الا ان ذلك مستفاد منها مع ضم بعضها الى بعض وقال شيخنا الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عصفور في الرواشح شرح الكفاية ما مختصره ان المستفاد من الاخبار عدم المبالاة بعد حصول احد تلك الصور الثلث والجمع بينها موجب لطرحها ولعدم العمل بها لاستلزام الجمع عدم حصول الاستبراء بدونه وحصول المبالاة بما خرج قبله واما كون العلة ما ذكروه ويعني به قول الاصحاب ان لزيادة الاستظهار مدخلا في اخراج بقية البول فغير ظاهر من النصوص وانما هو من العلل المستنبطة ونحن في عويل من تعدية العلة المنصوصة فكيف لنا بالمستنبطة وتلك المدخلية ممنوعة اذ ليس الكلام والبحث في عدم جواز ما ذكروه وحرمته وانما الكلام في ايجابه واستحبابه وما يترتب عليه من اللوازم في بابه من نقض خارجه بدونه وغير ذلك انتهى وليس بجيد اذ الجمع بمثل هذا النحو ليس بمستغرب في ابواب الفقه وهو كثيرا ما يستعمل في كتبه مثله على ان الوارد عنهم عليهم السلام انا لانخاطب الناس الا بما يعرفون ولا نعرف الا انه ليس كل خبر يستوفي تمام حكم المسئلة بل المستوفي نادر جدا والامام عليه السلام اذا سئل اجاب السائل بما يجهل لا بما يعلم بل يكله اليه وباختلاف السائلين فيما علموا لو جهلوا ( علموا وجهلوا خ جوامع ) اختلفت الاجوبة لاختلاف الحاجات وعبارات الاصحاب وان كانت مختلفة الا ان معناها متقارب لان منهم من يجمل او يقتصر على ذكر بعض كابن الجنيد وابن بابويه والمرتضى وغيرهم ومنهم من يجمل ويفصل كابن زهرة ومنهم من يفصل كالمحقق والشهيد ثم عباراتهم انما اختلفت لفظا لاختلاف الفاظ الاخبار واتفقت معنى كاتفاق الاخبار فان فيها المسح والخرط والسلت والنتر والعصر والغمز وهو اختلاف لفظي يعرفه من نظر بصحيح البصيرة ففي حسنة عبدالملك بن عمر عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا بال وخرط ما بين المقعدة الى الانثيين ثلث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى فان سال حتى يبلغ السوق ( الساق خ جوامع ) فلا يبالي وفي نوادر الراوندي بسنده المتقدم عن النبي صلى الله عليه وآله قال من بال فليضع اصبعه الوسطى في اصل العجان ثم يسلتها ثلثا فدل هذان على مسح ما بين المقعدة والانثيين وحسنة محمد بن مسلم ورواية نوادر الراوندي المتقدمتان وما رواه مثلهما في السرائر دالات على المسح من اصل القضيب الى طرفه ومسح طرف الذكر تدل عليه حسنة محمد بن مسلم بقوله وينتر طرفه وقوله بمنع المدخلية غفلة عن المراد من النصوص فان قوله عليه السلام في الحسنة المذكورة فان خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل ينادي بما ذكروه قدس الله ارواحهم ولو قلنا بما ذكر ايده الله لكان اذا عملنا برواية الراوندي الثانية وهو سلت العجان وحدها لكنا خالفنا حسنة محمد بن مسلم لان الخارج حينئذ ليس من الحبائل وانما هو من البول لانه كان بعيدا عن الخروج متخلفا في العجان فقربناه بالسلت الى القضيب فيكون الخارج منه وانما ذكر عباراتهم لتعرف ما ذكرنا من ان الاختلاف انما هو راجع الى الاقتصار والاجمال على سبيل التنبيه والتمثيل والى الاستيفاء والتفصيل على سبيل البيان
فروع : الاول ذكر ايده الله في الرواشح ان عمه الشيخ عبد عليّ بن الشيخ احمد في الاحياء قال ان رجحان الاستبراء مقصور على فقد الماء استنادا الى قوله عليه السلام في الحسنة المذكورة جوابا للسائل في قوله (ع) رجل بال ولم يكن معه ماء فكان قوله عليه السلام يعصر ذكره الخ هو الجواب ولا بد ان يكون مطابقا للسؤال فيلزم منه بدلالة المفهوم انه مع وجود الماء لا يستحب الاستبراء لعدم ذكره مع وجود الماء في صحيحة جميل حيث قال عليه السلام اذا انقطعت درة البول فصب الماء لاعتبار السببية بين الشرط والجزاء ورواية داود الصيرفي قال رأيت ابا الحسن الثالث عليه السلام غير مرة يبول ويتناول كوزا صغيرا ويصب الماء عليه من ساعته ورواية روح بن عبدالرحيم قال بال ابو عبد الله عليه السلام وانا قائم على رأسه ومعي اداوة او كوز فلما انقطع شخب البول قال بيده هكذا وناولته الماء وتوضأ مكانه وهو قول مخترع في مقابلة المعروف من شعار الشيعة المتفق عليه حتى ان الشيخ حسين المذكور قال في كتابه المذكور ان المعروف من اصحابنا قديما وحديثا رجحان هذا الاستبراء مطلقا سواء كان الماء موجودا او معدوما ثم جعل ما اختاره عمه هو الظاهر من كثير من الاخبار وهو كما ترى اذ لا دلالة فيها على ما ادعياه اما ما في حسنة محمد بن مسلم فاثبات الشيء لا ينفي ما عداه ورواية جميل ورواية روح وداود المتقدمة فلا شاهد لهما فيها لانهم ذكروا انهما عليهما السلام بالا وصبا الماء ولم يقولوا انهما لم يستبريا ولو قالوا لم يقبل لانها شهادة نفي ولم يخبراهم بذلك وليس ذلك مما تمكن مشاهدتهم له ولعلهما فعلاه بل هو الحق من ربك حتى ان هذا الشيخ في كتابه الرواشح بعد الكلام بربع ورقة حمل صحيحتي ابن ابي يعفور وزرارة الاتيتين على حصول الاستبراء مع انه لم يذكر فيهما مع ان رواية عبدالملك بن عمرو دالة صريحا على المذهب فلا التفات الى الخلاف الذي ليس في موضعه مع ان في سقوطه من هذه الاخبار ظاهرا يحتمل انه لبيان الجواز لانه غير واجب واذا قام الاحتمال بطل الاستدلال
الثاني المشهور اختصاص الاستبراء بالرجل واما المرأة فلا يستحب لها لعدم الفائدة واحتمل بعضهم استحباب الاستبراء لها عرضا وفيه من جهة الاعتبار قوة لان التهيؤ للاستبراء تدفع به الطبيعة ما تخلف من بقايا البول في المجرى بين المثانة والمخرج وكذا الاستبراء عرضا بمعونة الضغط ولا بأس به وذكر ذلك في الاخبار للرجال لا يلزم منه الاختصاص ولا دليل على النفي الا توهم عدم الفائدة واذا كانت الفائدة متحققة انسحب الحكم اليها لانه منوط بها واما الخنثى المشكل فعلى المشهور ان خرج البول من القضيب استحب له لحصول الفائدة والا فلا الا على الاحتمال المذكور في المرأة فيكون ثابتا له مطلقا
الثالث البلل الخارج بعد الاستبراء والاستنجاء ليس بنجس ولا ناقض وهذا ظاهر واما قبل الاستنجاء فليس بناقض لانه من الحبائل وما رواه في التهذيب عن العبيدي قال كتب اليه رجل هل يجب الوضوء مما يخرج من الذكر بعد الاستبراء فكتب نعم محمول على التقية وهل هو نجس ام لا الحق الاول لمباشرته للمخرج المتنجس وان زالت عين النجاسة وما قيل من ان المتنجس لا ينجس للروايات الدالة على ذلك كصحيحة الحكم بن حكيم وغيرها ليس بشيء اذ لا دلالة فيها على ذلك وانما القائل حملها على مدعاه كما فعل الملا في المفاتيح مع انه حملها في الوافي على ما يطابق المشهور وهو اظهر واوفق بالاصول
الرابع الخارج قبل الاستبراء نجس وان كان بعد الاستنجاء لانه من البول كما هو المفهوم من النصوص وما في صحيحة ابن ابي يعفور قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل بال ثم توضأ وقام الى الصلوة فوجد بللا قال لا يتوضأ انما ذلك من الحبائل ومثلها صحيحة زرارة محمول على وقوع الاستبراء لشهادة مفاد الاخبار لا سيّما اخبار المجنب بالانزال اذا بال ولم يستبرء ووجد بللا مشتبها ان عليه الوضوء لانه من البول ولو كان من الحبائل لم يبال ولو بلغ السوق فيجب غسله والاستنجاء منه لانه بول نقل عليه ابن ادريس الاجماع لا يقال هذا ينافي القاعدة المقررة نصا وفتوى لا تنقض اليقين بالشك ابدا لانا نقول ان النص والفتوي قد حكما باستثنائها منها لانهم استثنوا منها ثلاث مسائل البلل المشتبه وغسالة الحمام وغيبة الحيوان في الحكم بالطهارة وقوله (ره) والدعاء عند الدخول والدعاء عند الخروج الخ يريد به مثل ما في صحيحة معوية بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول اذا دخلت المخرج فقل بسم الله اللهم اني اعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم واذا فرغت ( خرجت خ ) فقل الحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث واماط عني الاذى وفي رواية ابي بصير عن احدهما عليهما السلام اذا دخلت الغائط فقل اعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم واذا فرغت فقل الحمد لله الذي عافاني من البلاء واماط عني الاذى وروي في الفقيه كان رسول الله صلى الله عليه وآله اذا استوى جالسا للوضوء قال اللهم اذهب عني القذى والاذى واجعلني من المتطهرين واذا انزجر قال اللهم كما اطعمتنيه طيبا بعافية فاخرجه مني خبيثا بعافية وفيه كان عليه السلام يقول ما من عبد الا وبه ملك موكل يلوي عنقه حتى ينظر الى حدثه ثم يقول له الملك يا ابن ادم هذا رزقك فانظر من اين اخذته والى ما صار فينبغي للعبد عند ذلك يقول اللهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام وفيه كان امير المؤمنين عليه السلام اذا دخل الخلاء يقول الحمد لله الحافظ المؤدي وهو محمول على حالة ارادة القعود وكان عليه السلام اذا خرج مسح بطنه وقال الحمد لله الذي اخرج عني اذاه وابقي في قوته يا لها نعمة لا يقدر القادرون قدرها وروى قوله يا لها نعمة ثلاثا وقال الصدوق في الفقيه وينبغي للرجل اذا دخل الخلاء ان يغطي رأسه اقرارا بانه غير مبرء نفسه من العيوب ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى فرقا بين دخول الخلاء ودخول المسجد ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لان الشيطان اكثر ما يهم بالانسان اذا كان وحده واذا خرج من الخلاء اخرج رجله اليمنى قبل اليسرى انتهى قال محمد تقي المجلسي في شرح الفقيه هنا والظاهر انه خبر ايضا كما هو دأبه ولهذا تبعه الاصحاب والا فهو قياس ردي لا يليق بالاخباريين العاملين بالنصوص وساحتهم بريئة عنه ولهذا تبعه اجلاء الاصحاب فيه وفيما يقول من المندوبات بل في كثير من الواجبات الخ وقوله لا يليق بالاخباريين الخ ليس مراده ان غيرهم من الاصوليين يستعملون القياس كما يحتج بكلامه بعض الاخباريين بل لما كان مثله معتمدا عليه وهو قد ذكر في اول كتابه قال وصنفت له هذا الكتاب بحذف الاسانيد دل هذا الكلام مضافا الى قوله بعد ذلك وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول الخ على ان ما يورده خبر او معنى خبر فنبه على ان من هذا طريقه وهذا كلامه يكون القول منه بغير خبر قياسا رديا وهذا لا بأس به وقول الصدوق فرقا بينه وبين المسجد مشعر بالتساوي في تحقق الدليل فكما ان الحكم مسلم في المسجد بلا نكير فكذا هنا ويلزم منه وجود الدليل في المسجد كخبر يونس المروي في احكام المساجد من الكافي وخبر هداية الصدوق عن الصادق عليه السلام وغيرهما وجود الدليل هنا مضافا الى ما ذكره كثير من العلماء كالعلامة في مواضع من لف والبهائي في الحبلالمتين والشهيد في الذكرى في مباحث اللباس من الرجوع عند اعواز الدليل الى فتاوي بعض المتقدمين الذين علم من عادتهم العمل بالنصوص كعليّ بن الحسين بن بابويه وغيره ولا يذهب عليك ان مرادهم ان فتاوي المتقدمين نص او بحكم النص بحيث يصلح لتأسيس الحكم وانما يوردون ذلك في مقام الاستدلال والبيان لما ثبت لديهم حكمه واثبت الظن المعتبر المستند الى العمومات الشرعية والامارات المرعية اصله حيث لا يصرفهم عنه عدم خصوص الدليل وانما قلنا بذلك اللزوم صرفا لحكمه عن القياس ولا يلزم من وجود الدليل تحتم ذكره لان ذلك فيما يعرض له الاشتباه واحتمال العدم او وجود المخالف وهذا كثير النظير واما قوله وعند الفراغ منه فيشير به الى ما رواه معوية بن عمار قال اذا توضأت فقل اشهد ان لا اله الا الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين والحمد لله رب العالمين والى مثل ما مر كما في رواية عبد الله بن ميمون القداح وقوله والجمع بين الاحجار والماء عطف على ما قبله اي يستحب الجمع بينهما سواء تعين الماء كما في المتعدي ام لا والمستند ما رواه الشيخ عن احمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفعه الى ابي عبد الله عليه السلام قال جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة احجار ابكار ويتبع بالماء يشير عليه السلام بجريانها الى انه مسبب عن نزول قوله تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فروى انها نزلت في البراء بن معرور لما استنجى من الغائط بالماء وكذا قوله تعالى فيه رجال يحبون ان يتطهروا نزلت في اهل قبا روي عن الصادق عليه السلام يحبون ان يتطهر بالماء من الغائط وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال لهم ماذا تفعلون في طهركم فان الله قد احسن عليكم الثناء فقالوا نغسل اثر الغائط بالماء وفي كلامهم اشارة الى انهم قد ازالوا عين النجاسة بالحجر وازالوا الاثر بالماء ولهذا ورد في رواية انهم قالوا نتبع الغائط بالاحجار ثم نتبع الاحجار بالماء واعلم ان المتبادر من عبارته (ره) ارادة الاحجار المعتبرة كما يأتي من كونها احجارا ( ثلاثة احجار خ ) طاهرة جافة قالعة للنجاسة ابكارا او مطهرة ان كانت مستعملة ما لم تكن مكملة للوتر بعد النقاء وكونها ثلاثة ان نقي المحل بها او باقل والا فبما يحصل به من الزائد وهي التي تجزي في الاستنجاء من الغايط مع عدم التعدي اذ الظاهر من عبارته ان حرف التعريف في الاحجار للعهد الذهني فعلي هذا يكون مراده ان الاستحباب لا يتحقق بدونها كذلك مع الماء وان كان لا يشترط في استحباب الجمع عدم التعدي اذ مع التعدي يكون الاحجار لتجفيف ( لتخفيف خ ) النجاسة ومع عدمه يكون الماء لازالة الاثر فيكون على الحالين جمعا بين المطهرين وان كان احدهما في بعض الاحوال لا يكون مطهرا ويحتمل ارادة الاعم فيكون التعريف للجنس ويحصل الاستحباب بذلك للاكتفاء بالماء مطلقا بل هو افضل ( افرد خ ) الفردين مع عدم التعدي فتكون الاحجار مطلقا مخففة وهو مندوب اليه شرعا والاول هو الظاهر من كلامه في التحرير ايضا في قوله مع عدم التعدي يخير ( تخير خ ) بينها وبين الماء والماء افضل والجمع اكمل بل في اكثر كتبه والظاهر استحباب الجمع بين الماء والاحجار مطلقا ومع التعدي وعدمه وخص المصنف الاستحباب في القواعد بالمتعدي والتعميم اظهر لما قلنا
فرعان : الاول لو انسد المخرج الطبيعي وانفتح اخر فهل تجزى الاحجار مع عدم التعدي ام لا ويأتي ان شاء الله تحقيقه وعلى كل حال وهل يستحب حينئذ الجمع مطلقا ام على تقدير الاجزاء الظاهر استحباب الجمع للاستظهار والتخفيف مطلقا الثاني لا يتحقق استحباب الجمع الا بتقديم الاحجار لعدم الفائدة فيها مع تأخيرها لان استعمالها ان كان بعد تمام النقاء بالماء لا يرد على شيء لزوال العين والاثر وان كان قبل تمام النقاء لم تفد تخفيفا ولا استظهارا لانتشار النجاسة واستتارها بالذوبان
قال (ره) : ويكره الجلوس في الشوارع والمشارع ومواضع اللعن وتحت الاشجار المثمرة وفيء النزال واستقبال الشمس والقمر والبول في الارض الصلبة ومواطن الهوام وفي الماء واستقبال الريح به والاكل والشرب والسواك والكلام الا بذكر الله تعالى او الضرورة والاستنجاء باليمين وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى والانبياء او الائمة عليهم السلام اقول قد مر تعريف الكراهة في اول الكتاب في تعريف الاحكام الخمسة وان نهيها ليس متحقق الغاية ( المتعلق خ ) في كل فرد من افراد ما يتعلق به بل يجوز حصولها وعدمه نعم لا يخلو الجميع من تلك الغاية بالكلية والا لما حسن النهي والمراد بالجلوس للبول والغائط الذي تعلقت به الكراهة الفعل كما هو ظاهر عبارته ومكان الفعل وهو ضرب الخلاء على هذه المواضع كما يدل عليه ما رواه في التهذيب عن السكوني عن جعفر عن ابيه عن ابائه عليهم السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يضرب الخلاء على شفير بئر يستعذب فيها او نهر يستعذب الحديث والشوارع جمع الشارع وهو الطريق الاعظم على ما في الصحاح ومنزل شارع اي على طريق نافذة وهي دار شارعة ومنزل شارع اي على طريق نافذة كما في القاموس والاخبار متناولة لكل طريق مسلوكة للعلة المذكورة فيها كما رواه محمد بن عليّ بن ابرهيم بن هاشم القمي في كتابه العلل في حديث طويل الى ان قال وعلى جواد الطريق والعلة فيه انه ربما وطئه الناس في ظلمة الليل فيصيبهم ولا يعلمون الحديث ومستند ذلك اخبار كثيرة منها ما رواه الصدوق في المجالس والفقيه عن شعيب بن واقد عن الصادق عليه السلام عن ابيه عن ابائه عليهم السلام عن امير المؤمنين عليه السلام قال نهي رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبول تحت شجرة مثمرة او على قارعة الطريق وفي الخصال عنه عليه السلام عن امير المؤمنين عليه السلام قال ولا تبل على المحجة ولا تتغوط عليها وفي معانيالاخبار عن ابي خالد الكابلي قال قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام اين يتوضأ الغرباء فقال يتقون شطوط الانهار والطرق النافذة وهي متواردة متواترة معنى والمشارع جمع مشرعة وهي موارد المياه كشطوط الانهار ورؤس الابار وادلة ذلك كثيرة والعلة فيه مع النصوص تأذي الواردين بالنجاسة ورائحتها ونفرة النفوس من استعذابها وربما تلوثوا بالنجاسة من حيث لا يشعرون ومواضع اللعن جمع موضع واصله ما يلعن من كان فيه وربما فسر بابواب الدور كما رواه المشائخ الثلاثة في الكتب الثلاثة مرسلا عن ابي عبد الله عليه السلام وفيه ومواضع اللعن فقيل له واين مواضع اللعن فقال ابواب الدور وربما يطلق على ما هو اعم فيدخل فيها كل موضع يكون المحدث فيه معرضا وقد يدخل فيه الشوارع والمشارع على بعض الاحوال او على ما ورد فيه اللعن كفيء النزال كما في الكافي والتهذيب عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ثلث ملعون من فعلهن المتغوط في ظل النزال الخبر والظاهر ارادة التعميم فيدخل في ذلك من عرض نفسه بفعله لللعن ممن يشغل ذلك الموضع بتجاوز او جلوس فربما يلعنونه وربما تصيبه اللعنة كما لو قصد انكار الحكم او اهانة المؤمنين او التهاون بمناهي الله ووعيده ويدخل فيه من فعل ذلك في المواضع الملعون على الفعل فيها فاعل ذلك عمدا كفيء النزال ويدخل فيه فاعل ذلك في افنية المواضع المحترمة ( المحرمة خ ) كالمشاهد المشرفة والمساجد من حيطانها الخارجة تركا لتعظيم شعائر الله ومستند الكل وارد في الاثار عن الائمة الاطهار عليهم السلام وتحت الاشجار المثمرة والمراد بها على ما هو الظاهر عند الاطلاق ما له ساق والنخلة منها وظاهر عطفه على ما لا ساق له المقتضي للمغايرة في قوله تعالى والنجم والشجر يسجدان يقتضي ذلك فترتفع الكراهة في كل ما لا ساق له الا ما كان محترما وذلك غير ما نحن فيه والمراد بالمثمرة ما من شأنها ذلك سواء كان الثمرة بها موجودة ام لا وسواء اثمرت ام لا وقيل ( ان خ ) ذلك مخصوص بما كانت الثمرة فيها موجودة لصراحة الاخبار المتكثرة في ذلك مثل خبر السكوني المروي في الكافي والفقيه وفيها تحت شجرة فيها ثمرتها ومثل ما في الفقيه مرسلا في حديث طويل قال انما نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يضرب احد من المسلمين خلاءه تحت شجرة او نخلة قد اثمرت لمكان الملئكة الموكلين بها قال ولذلك تكون الشجرة والنخلة انسا اذا كان فيه حمله لان الملئكة تحضره ورواه في العلل صحيحا عن حبيب السجستاني ونظائرهما من الاخبار كثير وما ذكر الاولون من العموم تعويلا على ما ذكر بعض اهل الاصول واللغة من عدم اشتراط بقاء المعنى المشتق منه في صدق المشتق او عدم اشتراط اتصاف المبدأ بالمشتق فمعنى مجازي تأباه اصالة الاستعمال في الحقيقة ولا سيّما مع عدم الصارف عنها ولو سلم ذلك كله لكان لقائل ان يقول ان ما ذكرتم امارات الحكم الشرعي ولا يصار اليها مع صراحة النصوص الناصة بخلاف مقتضاها وانما يجوز التعويل عليها اذا فقد خصوص الدليل ولاصالة الاباحة فيما سوى المتفق عليه نصا وفتوى وقيل بل هو عام في كل شجرة اثمرت وجدت الثمرة فيها ام اخذت لتناول النصوص لها عموما كما في قصة ( قضية خ ) ابي حنيفة مع الكاظم عليه السلام وفيها ومساقط الثمار وغيرها من الاخبار فان المراد بالمساقط امكنة السقوط وهي باقية وان عدمت الثمرة لاحترامها ولصدق المساقط عليها مطلقا حقيقة ولا صراحة في النصوص على خصوص ارادة الثمرة بالفعل وذكر ذلك في الاخبار لا ينفي ما عداه لجواز ارادة شدة التأكيد في النهي مع وجود الثمرة ولا ضرر في تفاوت مراتب الكراهة وذكر تعليل ذلك فيها بمكان الملئكة وتأييد ذلك بحصول الانس بها حينئذ انما هو لشدة التأكيد وتنفير للطباع عن مظان المكروهات الشرعية تمرينا للمكلفين بالاداب الالهية وخصوصا كما في الفقيه والمجالس وغيرهما في مناهي النبي صلى الله عليه وآله وفيه تحت شجرة او نخلة قد اثمرت ولا ريب في تناولها لما اثمرت وان لم توجد الثمرة لعموم الماضي المحقق بقد وما لم تثمر خارجة به لصدق الاثمار على هذه حقيقة بخلاف ما لم تثمر فان الوصف باعتبار ما بالقوة مجاز والحق الاول وهو تعميم الكراهة وانما وردت اكثر الاخبار المعللة بما فيها الثمرة وورد في بعضها ما تناول ما اثمرت لاختلاف مراتب الكراهة لان ما فيها الثمرة ( فيها خ ) ثلاث مراتب من الكراهة لثلاث حرمات حرمة الشجرة وحرمة الثمرة وحرمة الشجرة المثمرة وحرمة اقتضائها للاثمار وهو الذي عبر عنه الاصحاب رضوان الله عليهم بقولهم ما من شأنها الاثمار وفي الثاني مرتبتان لحرمتين حرمة الاثمار وحرمة الاقتضاء وفي الثالث مرتبة لحرمة وهو الاقتضاء وبيان حرمة هذا الاقتضاء حتى لا يخفى ان المادة الكلية صالحة لكل جسم فميز بينها عز وجل بالصور الجنسية فظهر جنس النبات ممتازا بتلك الصورة عن سائر الاجسام ثم ميز بين افرادها بالصور النوعية فامتاز عما ( ما نسخة ) من شأنه الثمر عما ليس من شأنه ذلك بتلك الصورة النوعية التي هي منشأ الاقتضاءات المختلفة وان كانت مادة الجميع من العناصر الاربعة الا ترى ان السامري لما صنع العجل من ذهب ووضع قبضة التراب من اثر حافر فرس الحيوة حيزوم في فيه خار ولو صنع ذلك الذهب بنفسه كلبا نبح ولو صنعه فرسا صهل او حمارا نهق او انسانا تكلم ومن هنا يظهر لك ان حكمهم على المتولد من مني الكلب اذا نزا على شاة بأن الحكم منوط بالاسم الذي هو سمة الصورة انما هو لهذا السر فاختلفت المادة الواحدة باختلاف صور افرادها وانقسمت الى افراد مختلفة الحقايق باختلاف صورها النوعية فكان لما من شأنها الثمر من سائر الشجر شرف وحرمة لم تكن لما ليس من شأنها الثمر والاقتضاء المذكور هو شأن هذه الصورة النوعية التي بها تحققت الحقائق المختلفة فتمايزت وتباينت فما من شأنها ان تثمر وما اثمرت قبل وما فيها الثمر حقيقة واحدة والثمر من تلك الحقيقة كما ان حقيقة الانسان وهو الحيوانية والنطق موجودة في البالغ وفي الجنين بلا فارق وان كان هذا النطق الظاهر انما ظهر في البالغ فانه في الجنين كامن والنهي عن الاحداث منوط بتلك الحقيقة فهم من فهم على ان الاخبار قد اشارت اليه ففي حديث العلل لمحمد بن عليّ بن ابرهيم بن هاشم القمي قال ولا تحت شجرة لقول الصادق عليه السلام ما من ثمرة ولا شجرة ولا غرسة الا ومعها ملك يسبح الله تعالى ويقدسه ويهلله فلا يجوز ذلك لعلة الملك الموكل بها ولئلا يستخف بما احل الله ثمره انتهى فساوي عليه السلام بين الثمرة والشجرة والغرسة وهي التي لم تثمر وانما كان من شأنها الاثمار في مطلق الاحترام والتعليل بحضور الملك لذلك لما حققناه فان كان العلة مكان الملائكة فذلك موجود فيما من شأنها الثمرة كما سمعت في حديث العلل وان كان حصول الانس فموجود ايضا ولهذا امر الحكيم عليه السلام بوضع جريدة مما من شأنها الثمرة ( الثمر خ ) مع الميت ليندفع عنه عذاب الوحشة وكان الخلاف منها وانما حصل له مانع يطول الكلام ببيانه ولا محصل فيه ولهذا اشار الشاعر الى هذا المعنى بقوله :
توق خلافا ان سمحت بموعد لتسلم من ذم الورى وتعافا
فلو تمم الصفصاف من بعد زهره وايناعه مالقبوه خلافا
والصحيح الذي لا يحوم حوله الباطل عدم اشتراط بقاء المعنى المشتق منه في صدق المشتق امكن بقائه ام لم يمكن لصدق القائل والكاتب اليوم حقيقة على من قال وكتب امس وكذلك الصحيح عدم اشتراط اتصافه به في الصدق لما اشرنا اليه سابقا من صدق الناطق على الجنين والاخرس فافهم ما مر ينكشف لك الحال وكون الوصف حينئذ مجازيا لصحة النفي انما هو مع ملاحظة الاتصاف بظاهر المعنى في الحال وليس مرادا فيما نحن فيه بل الاصل ( النهي خ ) منوط على اصل المعنى المتحقق في الصورة النوعية كما ذكرنا للاخبار كما في حديث العلل والفقيه وللاعتبار كما حققناه فهو جار على حقيقة الاستعمال ولو سلمناه فلا نسلم ارادة الحقيقة لان الاستعمال اعم من الحقيقة وكفى بالنص قرينة صارفة عن الحقيقة ولا بأس بالامارات الشرعية المستندة الى الدليل والنصوص الخاصة محتملة لارادة شدة المبالغة واصالة الاباحة ارتفعت بالنهي المعتضد بالفتوى وما من شأنها الثمر لم تخرج بخصوص الماضي المحقق بقد لما حققناه ولخصوص الدليل على التعليق على ما بالقوة وعلى كل تقدير فالمراد بكراهة ذلك انما هو في الملك او ( وخ ) المباح اما كونه تحت ملك الغير فيحرم ذلك لانه تصرف في ملك الغير بغير اذنه وهو محرم اجماعا
وقوله وفيء النزال عطف على ما سبق مما يكره فيه ذلك والمراد به ما ينزل ( ينزله خ ) النزال في اسفارهم كظل شجرة او جبل او جدار وما اشبه ذلك ومستند هذا كثير في الاخبار كقول الكاظم عليه السلام لابي حنيفة اجتنب افنية المساجد الى ان قال ومنازل النزال وقد مر ان ذلك من الثلاث الملعون من فعلهن وفي كتاب العلل المذكور ولا في فيء النزال لانه ربما نزله الناس في ظلمة الليل فيطئونه ويصيبهم ولا يعلمون والظاهر ان هذه العلل اسباب لا معرفات خلافا للاكثر وقد اشرنا الى بعض ماخذ الدليل سابقا بل كل علل الشرعية ( الشريعة خ ) الا ان منها عللا ناقصة ومنها تامة ومنها ظاهرة قد تعمل ( عمل خ ) بها كثير من الاصحاب وهي العلة المنصوصة عندهم ومنها باطنة يعرفها من يعرفها ولقد اظهر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله على الدين كله فلا يكون الحجة المطلق الا عالما حكيما قادرا على التأدية والتفهيم بالحقيقة واحتمال التعريف والاستصغار ( التعريف والاقناعي استصغار خ ) لها على معلولاتها وهو جهل بسر الخليقة ومقتضياتها وشؤنها التي هي روابط الاحكام وقوابل متعلقاتها ( تعلقاتها خ ) ومن العجب العجاب ( العجيب خ ) حال كثير من الاصحاب يعتمدون على العلة المنصوصة ويجعلونها مستندا لكثير من الاحكام ويقولون ان علل الشرع معرفات لا اسباب والحامل على العمل اضطرار الفطرة الى قبول الحق والحامل لهم على ذلك القول بانسداد ( انسداد خ ) باب الادراك والفهم لتمشي مواردها في كثير من مقاصدها لخروج بعض افرادها المتناولة له بدليل خاص ولو استدلوا بما علموا منها مما عملوا به وتمشوا به الى كثير من الاحكام حتى جعلوه سببا يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم على ما لم يعلموا لهجموا على الصواب ان في ذلك لذكرى لاولي الالباب
واما استقبال الشمس والقمر فمكروه للنص والاجماع على مرجوحيته وظاهر المفيد في المقنعة التحريم لتعبيره عن ذلك بعدم الجواز الظاهر في ( لظاهر خ ) النهي ففي الكافي وروي لا تستقبل الشمس ولا القمر والمراد من استقبالهما استقبال جرمهما لا جهتهما لتخصيص ذلك بهما في النصوص والظاهر ان المراد من الجرمين الجسم الكري سواء كان مستنيرا ( مستترا خ ) ام لا لانهما ايتان وان كان نورهما ايضا اية للتبادر اليهما عند اطلاق التسمية وذلك امارة الحقيقة ولما رواه في العلل المذكورة قال عليه السلام ولا تستقبل الشمس والقمر لانهما ايتان من ايات الله ليس في السماء اعظم منهما لقول الله تعالى وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وهو السواد في القمر وجعلنا اية النهار مبصرة الاية واية اخرى فيهما نور مركب فلا يجوز ان يستقبل بقبل ولا دبر اذ كانت من ايات الله وفيهما نور من نور الله الخبر فجعل النور قسما ( قسيما خ ) للجرم في الاحترام عند الاستقبال بالبول والغائط وقوله عليه السلام ليس في السماء اعظم منهما جار على المعروف من الحجم المرئي لان المقرر في علم الهيئة ان كثيرا من النجوم اعظم من الشمس وان جميعها ما سوى عطارد والزهرة اعظم من القمر وقوله عليه السلام واية اخرى فيهما نور مركب يفيد انهما لو انكسفا لم تزل كراهة الاستقبال وهو كذلك لوجود الجرم وهو اية والنور اية اخرى فيكون استقبال الهلال ايضا مكروها لوجود الجرم وبطريق اولى لحصول بعض الاية الاخرى ايضا وهو النور ولما رواه في الفقيه مرسلا ولا تستقبل الهلال ولا تستدبره يعني في التخلي نعم لو حال مانع ( حائل خ ) يمنع من رؤية الجرم والحجم كالسحاب الساتر فالظاهر زوال الكراهة لعدم حصول السبب الموجب لذلك وهو استقبال شخص الكوكب بنفسه خلافا لبعض الاصحاب لعدم استثناء السحاب عند الاطلاق وظاهر الاخبار المفهوم من معنى الاستقبال نفي الكراهة ولعدم الفرق بين مفاد السحاب والجدار والمصنف في النهاية هنا قال لانه لو استتر عن عين القبلة بالانحراف جاز فهنا اولى والمراد بالمقابلة المقابلة بالفرج لا بسائر الجسد كما قيل في مسئلة استقبال القبلة لما رواه الكاهلي عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يبولن احدكم وفرجه باد للقمر يستقبل به والفرق بين ما هنا وبين القبلة تشخص المحترم هنا لمشاهدته وشيوع القبلة في الجهة فلو برزت الكعبة تعينت في الاستقبال وجوبا وتحريما لا جهتها وذهب المصنف ايضا الى اختصاص الكراهة بحال الاستقبال قال ولا يكره استدبارهما نظرا الى انه ابلغ في الاحترام والتعظيم وابلغ من الانحراف وهو ينفي الكراهة والمشهور العموم لتصريح النصوص المتكثرة بالخصوص وهو الصحيح لذلك ولان الاستدبار استقبال الغائط كما ان الاستقبال استقبال البول واحتمل بعضهم الاختصار ( بالاقتصار خ ) على البول دون الغائط لانه المذكور صريحا في الاخبار ولانه عند خروجه يخرج عرضا فيعقل مقابلته للجرم بخلاف الغائط فانه عند خروجه ينزل الى الجهة التحتية لا جهة الامام بفتح الهمزة كالبول والاكثر على التعميم لشمول الاحترام لحالته وكونه ينزل الى الجهة التحتية بمقتضي الطبيعة والعادة لا ينافي ذلك لانتفاء الاحترام بالمقابلة حالته ولقوله عليه السلام في حديث العلل المتقدم فلا يجوز ان يستقبل بقبل ولا دبر فان الظاهر ان المراد بالدبر حال الغائط ولقوله تعالى ومن يعظم شعائر الله وهو الاصح
وكذلك يكره البول في الارض الصلبة لما دل على وجوب التوقي من البول من اخبار ارتياد المكان المنخفض للبول او كثير التراب لئلا ينضح عليه قطرة من البول بمصادمته لصلابة الارض وعدم البعد اذا لم تكن الارض منخفضة ففي رواية ابنمسكان عن ابي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله اشد الناس توقيا من البول كان اذا اراد البول يعمد الى مكان مرتفع من الارض او الى مكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة ان ينضح عليه البول ومثله ما رواه سليمن الجعفري قال بت مع الرضا عليه السلام في سفح جبل فلما كان اخر الليل قام فتنحى وصار الى موضع مرتفع فبال وتوضأ وقال من فقه الرجل ان يرتاد لموضع بوله وبسط سراويله عليه وصلى صلوة الليل ويؤيده ( يؤيدها خ ) الاخبار الدالة على الحث على التحرز من البول وان جل عذاب القبر في البول وان من لا يبالي ان اصاب البول من جسده يؤذي اهل النار على ما بهم من الاذى وهذا ظاهر
وكذا يكره البول في مواطن الهوام لئلا يخرج منها شيء من الحيوان فينجسه او يؤذيه وقد يعلل بانه قد يقع البول على الحيوانات السمية وعلى انفاسها كالافاعي فيتصاعد بسخونة البول وحرارة طبعه ابخرة سمية فربما قتلت وربما اعمت كما حكى وقوع ذلك لبعض الاشخاص واغلب الثقوب يحتمل وجود الافعي فيها لانها لا جحر لها وانما تدخل في ثقوب الحيوانات ولهذا ضرب العرب بها المثل في قولهم اظلم من افعي وربما خرجت اذا احست بالبول فلدغت فنهي الشارع عليه السلام عن ذلك ارشادا للمكلفين عما يصيبهم من اذى او نجاسة قد لا يعلمها وقد لا يمكنه ( لا يمكن خ ) ازالتها في مثل الاسفار وحكى ان سعد بن عبادة بال في جحر بالشام فاستلقى ميتا فسمعت الجن تنوح عليه بالمدينة وتقول :
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهمين فلم تخط فؤاده
وقيل ان ثقوب الحيوان مساكن الجن اما على ظاهره كما حكى وان الجن كثيرا ما تتصور على صور الحيوانات ( في صور الحيات خ ) ولما روى الجمهور عن عبد الله بن حسن ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يبال في الجحر رواه المصنف في المنتهى وروى الحسن بن محمد الديلمي في اعلام الدين عن الباقر عليه السلام حيث قال لبعض شيعته وقد اراد سفرا فقال له اوصني فقال عليه السلام لا تسيرن شبرا وانت حاف ولا تنزلن عن دابتك ليلا الا ورجلاك في خف ولا تبولن في نفق الحديث رواه في البحار في اداب سفر الحج ثم انه في تعريف الاحكام وقد تقدم في تعريف المكروه التمثيل بهذا
وكذا يكره البول في الماء جاريا لما روي انه يورث السلس وراكدا لما روي انه يورث الحصر وروي ان البول في الماء الراكد يورث النسيان وروى الصدوق في الحديث عنه صلى الله عليه وآله ونهى ان يبول احد في الماء الراكد فانه منه يكون ذهاب العقل وروي ان للماء اهلا والماء له سكان فلا تؤذوهم ببول ولا غائط وروي ان الماء بالليل للجن فلا يبال فيه حذرا ( حذارا خ ) من اصابة اخذ من جهتهم وفي الكافي في صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام الى ان قال او بال في ماء قائم فاصابه شيء من الشيطان لم يدعه الا ان يشاء الله وقال الصدوق والمفيد بالتحريم في الراكد والكراهة في الجاري استنادا الى ظاهر النهي الدال على التحريم حقيقة لاصالة الاستعمال فيها والفرق بين الجاري ( والراكد خ ) مع اشتراكهما في النهي وان لكل منهما اهلا ان الجاري اسرع استهلاكا للبول لحركته وتدافعه وكثرته غالبا لاتصاله بالكثير ولصحيحة الفضيل عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان يبول الرجل في الماء الجاري وكره ان يبول في الماء الراكد وموثقة ابن بكير ( ابن بكر خ ) عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالماء الجاري وخبر سماعة بمعناهما وخبر عنبسة بن مصعب كذلك والاصح الاول فضعف القول بالتحريم في الراكد كما ضعف قول عليّ بن بابويه بعدم الكراهة في الجاري لدلالة بعض الاخبار على الجواز مطلقا وان كانت الكراهة في الراكد اشد مثل رواية حكم المرسلة عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث قال قلت له يبول ( أيبول خ ) الرجل في الماء قال نعم ولكن يتخوف عليه من الشيطان فانها دالة على الجواز واحتمال الخوف من لمم الشيطان دلالة الكراهة ( الكراهية خ ) ومثلها رواية مسمع عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام انه نهى ان يبول الرجل في الماء الجاري الا من ضرورة وقال ان للماء اهلا ومثل صحيحة ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال لا تشرب وانت قائم ولا تبل في ماء نقيع ولا تطف بقبر ولا تخل في بيت وحدك ولا تمش في نعل واحدة فان الشيطان اسرع ما يكون الى العبد اذا كان على بعض هذه الاحوال وقال انه مااصاب احدا شيء على هذه الحال فكاد ان يفارقه الا ان يشاء الله عز وجل وهذه وامثالها صريحة في الكراهة بما لا تحتاج الى البيان والمصير الى ظاهر النهي مع ظهور القرينة خلاف ما امروا به فانهم عليهم السلام قالوا انا لانخاطب الناس الا على ما يعرفون واصالة الاستعمال ينفيها عمومه لا سيّما مع قيام القرينة وان ابيتم الا ارجحية الاصالة وان احتمال العموم غير مساو ففي صحيحة الفضيل المتقدمة وكره ان يبول في الماء الراكد فالاصل في الاستعمال الحقيقة فنقول في الاول الاستعمال اعم للقرينة وللاخبار الدالة على الجواز بخلاف الثاني فان القرينة مع اصالته فافهم والظاهر انه لا فرق بين البول والغائط في حصول الكراهة بهما وقد ذكر ذلك بعض علمائنا نظرا الى العلة والى طريق الاولوية لانه افحش والقى ( ابقى خ ) وابعد استهلاكا فيكون اشد ايذاء لسكان الماء ولما رواه ابن ابي جمهور في غوالياللئالي عن النبي صلى الله عليه وآله قال البول في الماء القائم من الجفاء ( الجواز خ ) فنهى عنه وعن الغائط فيه وفي النهر وفي حديث اخر عنه صلى الله عليه وآله الماء له سكان فلا تؤذوهم ببول ولا غائط الحديث وروي مثله في الدعائم ولا يضر ضعف المستند وان لم يتساهل في ادلة السنن لانها مقوية والاعتماد على ما قدمناه والاكثر لم يتعرضوا لذكر الغائط ولا يلزم من عدم الذكر العدم ثم اعلم ان المراد بالبول في الماء حصوله فيه ابتداء كما لو بال فيه او بعد ان وقع على شيء وسال الى الماء كما لو بال على حافة النهر او الحوض فسال حتى وقع لحصول التأذي لسكانه فتتناوله الادلة لوجود العلة
ومثل ما تقدم من المكروهات استقبال الريح به اي بالبول من اي جهة كانت ما لم يكن حائل يمنع من رد ما ينضح من البول وهذا هو المشهور بين الاصحاب من الحكم بالكراهة ومن تخصيصه بالبول وفي الاستقبال دون الاستدبار نظرا الى العلة اما الاول فحيث لم يقطع باصابة ما ينضح للثياب او الجسد كما يأتي في حديث العلل بل ولا يقطع بنضح لم يجب التجنب لما ذكرناه مرارا من ان كلما لم تتحقق ( يتحقق خ ) في جميع افراده الغاية التي لاجلها توجه النهي او الامر لم يتحقق التحريم او الوجوب واما الثاني فظاهر لان الغائط لا ينضح منها شيء ترده الريح لتماسكه وعدم تحلله واما الثالث فلان الاستدبار يلزم منه محذور انما نهي عن الاستقبال لان الريح قد ترد ما عساه ان ينضح وهنا تكون الجسد والثياب حائلة عن الريح فزال المعلول بزوال العلة وذهب المفيد في الاول الى التحريم استنادا الى ظاهر النهي في رواية عبد الحميد بن ابي العلا او غيره قال سئل الحسن بن عليّ عليهما السلام ما حد الغائط فقال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها اذ الاصل في استعمال النهي التحريم كما يحكمون به في استقبال القبلة واستدبارها ومرسلة محمد بن يحيى عن ابي الحسن عليهما السلام مثلها وروي الاولى في الفقيه وروي في المقنع عن الرضا عليه السلام مرسلا مثله والصحيح المشهور وهو الكراهة لعدم تحقق العلة التي لاجلها جاء النهي اذ ليس كل من بال او ما بال نضح منه وليس كلما نضح رد وليس كلما رد اصاب وهذا ظاهر لا يقال ان هذا تعليل اجتهادي في مقابلة اطلاق النص لانا نقول بل انما هو تعليل النص روى محمد بن عليّ بن ابرهيم بن هاشم القمي في كتابه العلل المشار اليها سابقا قال ولا تستقبل الريح لعلتين احديهما ان الريح ترد البول فيصيب الثوب وربما لم يعلم الرجل ذلك او لم يجد ماء يغسله والعلة الثانية ان مع الريح ملكا فلا يستقبل مع العورة الحديث وليس استعمال النهي دالا على التحريم لعموم الاستعمال ووجود الصارف ولا ضمه مع امر القبلة بموجب ذلك للفارق ولجواز اختلاف الارادتين كما في نظائره على انه قائل في امر القبلة بالكراهة فهنا اولى لكثرة القائل هناك وندرته هنا واما الثاني فالظاهر كراهة الاستقبال بالغائط لظاهر الرواية المتقدمة للتصريح بالغائط فيها وان كان محتملا لشمول البول لكنه لا يخصه وذكره في رواية العلل للتمثيل ولكثرة محذوره وشدة الكراهة دون الغائط وللعلة الثانية في حديث العلل من استقبال الملك ولانه وان لم ترد الريح منه شيئا لكن الريح قد ترد الثياب فتقع على الغائط فيقع المحذور اذ ليس ذلك محصورا في رد الريح للغائط على انه قد يتفق ما يحصل منه ذلك كما لو كان انطلاق شديد في البطن وان كان نادرا قال الشهيد الثاني في روضالجنان فالرواية عن الحسن عليه السلام حين سئل ما حد الغائط قال لا تستقبل الريح ولا تستدبرها شامل ( شاملة خ ) لهما فلا وجه لاختصاصه بالبول وقال في شرحاللمعة بالبول والغائط لاطلاق الخبر وظاهر الشهيد الاول في متن اللمعة ذلك لعطفه على استقبال النيرين ولم يقيد بالبول واما الثالث وهو التخصيص بالاستقبال فالظاهر ان الاستدبار مكروه ايضا لخصوص الدليل وهو الرواية المتقدمة قال في الروض وخص المصنف في النهاية حالة استدباره بخوف الرد عليه ولا وجه له مع عموم الخبر ويلزم من كلامه ان الحكم بالكراهة انما هو للنص خاصة فلو علم عدم الرد باخبار معصوم عليه السلام كان مكروها وهو ليس بتحقيق بل التحقيق ان يقال ان العلة هو خوف الرد واستقبال الملك ايضا المدلول عليهما بالخبر المذكور فلو لم يلحظ استقبال الملك واخبر المعصوم عليه السلام بعدم الرد والاصابة وكان ذلك امرا لا يظهر قط ولا يطرد زالت الكراهة بلا شك لكنا لو حكمنا مع العلم بعدم الاصابة وعدم ملاحظة الملك بعدم الكراهة لجاز الحكم بعدمها ظاهرا كلما ( كما خ ) ظن ذلك او علم كما هو مبنى الاحكام وان لم يطابق الواقع بل بقي الواقع محتملا للامرين واذا كان كذلك كان الحال كما هو الان وذلك هو علة الكراهة فتخصيص المصنف في النهاية حالة استدباره بحال خوف الرد عليه له وجه لكنه مع قطع النظر عن استقبال الملك لعدم اعتماده على دليله ولتخصيصه لرواية عبد الحميد المتقدمة بحال خوف الرد يعني ان امكن تصوره ونحن نقول انه ممكن امكانا اغلبيا لا نادرا وهو انه اذا استدبر الريح جالت الريح ومرت بجانبيه واستدارت عليه حتى ضربته من وجهه فحينئذ يتصور رد ما ينضح عليه ألا ترى انك اذا استدبرت الريح وقد اثارت الغبار فانه يأتيك من وجهك وايضا اذا استدبرتها في تلك الحالة الحال ( تلك الحال خ ) وكانت شديدة ادخلت الثياب من تحتك والى جنبيك ( جانبيك خ ) الى النجاسة ولو عند الشروع في القيام فالحكم بالكراهة مطلقا اصح ومما يلحق بذلك البول قائما فانه مما اجمعوا على كراهته فانه اقرب لان ينضح البول عليه او ترده الريح اليه وكذلك يكره التخلي على القبر والتغوط بين القبور للاحترام لان حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا ولانه تتأذى الارواح عند زيارتها مواضع الحفر بروائح البول والغائط ولحضور الملائكة فتنصرف من رائحة النجاسة وتحضره الشياطين ولا سيما بعد طلوع الشمس وربما اصاب الفاعل لمم منهم لما بينه وبينهم من المناسبة وهي حالة الاحداث ومواضعها الا ترى انك تستعيذ بالله من الشيطان عند دخول الخلاء لانه مسكنه ولما في الكافي في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليهما السلام قال من تخلى على قبر او بال قائما او بال في ماء قائم او مشي في حذاء واحد او شرب قائما او خلى في بيت وحده او بات على غمر فاصابه شيء من الشيطان لم يدعه الا ان يشاء الله واسرع ما يكون الشيطان الى الانسان وهو على بعض هذه الحالات الحديث وروى ابرهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسن موسى عليه السلام ثلاثة يتخوف منها الجنون التغوط بين القبور والمشي في خف واحد والرجل ينام وحده وما رواه في التهذيب عن ابن ابي عمير عن رجل عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل يطلي فيبول وهو قائم قال لا بأس به لا ينافي كراهة البول قائما لان الكراهة تزول مع الضرورة والذي يطلي يكره له الجلوس لانه يورث داء الفتق ففي الفقيه قال روي ان من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق ولاحتمال نفي البأس لبيان الجواز فلا ينافي الكراهة وكذلك يكره التطمح بالبول وله تفسيران احدهما ان يرفعه في الهواء فيكره لان للهواء اهلا كما ان للماء اهلا ولانه لا يؤمن معه ان يرد عليه ولو بمعونة الهواء وثانيهما ان يطمح ببوله من مرتفع كالسطح والعلة فيه كالاول ومستند الحكم اخبار كثيرة كخبر مسمع عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله يكره للرجل او نهى ان يطمح ببوله من السطح ومثله خبر السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام قال نهي النبي صلى الله عليه وآله ان يطمح الرجل ببوله من السطح او شيء مرتفع في الهواء وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح او من شيء مرتفع وهي كثيرة ومن ذلك كراهة البول في الارض الصلبة واستحباب ارتياد مكان مرتفع بحيث لا يكون عاليا كالسطح او مكان كثير التراب والعلة فيه ما تقدم في غيره ومستند الحكم روايات منها ما في الكافي عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من فقه الرجل ان يرتاد موضعا لبوله وفي التهذيب عن ابي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله اشد الناس توقيا عن البول كان اذا اراد البول يعتمد ( يعمد خ ) الى مكان مرتفع من الارض او الى مكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة ( كراهية خ ) ان ينضح عليه البول
ومن ذلك كراهة طول الجلوس على الخلاء لانه يورث البواسير لانصباب المواد الى اسفل عند تهيأ الطبيعة لدفع الفضلات وعدم ما يلزم المقعدة من اعتماد على الارض ونحوها ومن جذب القوة لها الى داخل المعدة فتضعف منه الهاضمة عند اعتيادها لقوة ( لعلة خ ) الهضم لقوة الانجذاب الى اسفل وفي التهذيب عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول قال لقمن لابنه طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور قال فكتب هذا على باب الجش يعني انه كتب لقمن هذه ( الكلمة خ ) الحكمة على باب الخلاء ليتعظ بها من اراد دخوله لقضاء الحاجة وعنه قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول طول الجلوس على الخلاء يورث البواسير وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن ابائه عن عليّ عليه السلام مثل ذلك وذكر الطبرسي في مجمعالبيان عند ذكر حكم لقمن قال وقيل ان مولاه دخل المخرج فاطال فيه الجلوس فناداه لقمن فقال ان طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد ويورث منه الباسور ( البواسير خ ) ويصعد الحرارة الى الرأس فاجلس هونا وقم هونا قال فكتب حكمته على باب الجش وان كان الجلوس الطويل للبول ايضا للتهيأ المذكور وربما اورث بكثرة استدعائه للبول ( البول خ ) السلس ومن ذلك كراهة اعجاله قبل ان يأتي على حاجته لان الطبيعة اذا دفعت الفضلة او تهيأت لدفعها ولم يخرج ذلك فان رجع حصل لها كرب ( كؤب خ ) به لاعتياضها من غيره وان لم يرجع بل انتقل عن مقره اضعف القوة التي كانت تمسكه وحصل لها ارتخاء لتهيؤها لاخراجها بحيث لا تغفل ( لا تفعل خ ) ولطول بسط عضلها التي اغلب احوالها الانقباض ومستند الحكم ما رواه الصدوق عن عليّ عليه السلام قال لا يعجل الرجل عند طعامه حتى يفرغ ولا عند حاجته حتى يأتي على حاجته وغيره من الاخبار
ومن ذلك كراهة البول في الحمام لانه من بواعث الشيطان وتثبيطاته وانه يورث الفقر رواه الصدوق في الخصال عن امير المؤمنين عليه السلام قال البول في الحمام يورث الفقر
ومن ذلك كراهة استصحاب شيء من الدراهم البيض معه في الخلاء اذا لم تكن مصرورة وخصه بعضهم بما اذا عليه اسم الله او اسماء انبيائه واوليائه وهو جيد ( ايضا خ ) او لانها مظنة لذلك ومستند الحكم ما رواه الشيخ عن غياث بن ابرهيم عن جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كره ان يدخل الخلاء ومعه درهم ابيض الا ان يكون مصرورا
ومن ذلك كراهة ان يمس الرجل ذكره بيمينه قبل الاستنجاء لانها مستعملة حينئذ في الاسافل المنهى عنه تنزيها لها عن مباشرة ما هو مظنة النجاسة لما رواه الصدوق مرسلا قال قال ابو جعفر عليه السلام اذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه
واما الاكل والشرب والسواك فمكروهة ايضا اما الاول والثاني فلما فيه من مهانة النفس المدلول عليه باستقذار الفعل واستدلوا عليه بما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا قال دخل ابو جعفر الباقر عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فاخذها وغسلها ودفعها الى مملوك معه فقال تكون معك لاكلها اذا خرجت فلما خرج عليه السلام قال للمملوك اين اللقمة قال اكلتها يا ابن رسول الله فقال انها ما استقرت في جوف احد الا وجبت له الجنة فاذهب فانت حر فاني اكره ان استخدم رجلا من اهل الجنة ووجه استدلالهم انه عليه السلام انما اخر اكلها الى ان يخرج مع ما في ذلك من الاجر العظيم الذي حث عليه لعلمه عليه السلام بمرجوحية الاكل في الخلاء والا لماعلق الاكل على الخروج ولقائل ان يقول ( انه (ع) خ ) انما دفعها قبل الجلوس فلو كان العلة في التأخير كراهة الاكل على حال الخلاء لاكلها قبل ويحتمل ان الموجب انما هو كونه مدافعا فاخر لتتوجه الطبيعة الى هضم تلك الكسرة وان كانت قليلة لا يحتاج الطبيعة بمجرى العادة في هضمها الى توجه لقلتها بل لانها اذا كانت مشغولة كان هضمها اعدل وذلك لكمال حكمتهم عليهم السلام وضبط رياضتهم عليهم السلام بل قيل في التنظير يحتمل ان يكون حصول الثواب مترتبا على الخروج لا لكراهة ( كراهة خ ) الاكل في الخلاء والجواب ان العقلاء لا يختلفون في مرجوحية الاكل في تلك الحالة ( الحال خ ) وان فعلها دليل على خساسة النفس ودنائتها التي جرت الاداب الشرعية والكمالات الالهية والسنة النبوية بالتنزه عن امثالها فان ذلك اقبح واخس من الاكل في الطرق والاسواق مع ما هو عليه من الشهرة بل لا يكادون يختلفون فيه وانما يوردون مثل ذلك الدليل عليه لا لثبوته وانما هو في مقام الاستدلال كما هو شانهم في كثير مما لا يختلفون فيه ويمكن الاستدلال عليه زيادة على ما ذكر بما اشار اليه الكاظم عليه السلام فيما كتبه الى الرشيد على ما رواه المفيد في الاختصاص والصفار في البصائر من قوله عليه السلام او قياس تعرف العقول عدله على احد المعنيين المحتملين فيه حيث جعل ذلك مع الكتاب المجمع على تأويله وسنة عن النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيها معيارا واصلا لكل ما يحتمل غير ما يراد منه فان العقول حاكمة بذلك لا يختلف فيه على اني قد سمعت من بعض المشايخ انه مما يورث البخر كما في السواك هذا كله في الاكل والحقوا به الشرب للعلة الجامعة بينهما وانما جعلوا الشرب ملحقا لاخذهم رواية لقمة الخبز مستندا للحكم واما الثالث وهو كراهة السواك فلان السواك يلطف الريق والاسنان واللثة وربما اصاب ذلك تلك الرائحة فانفعلت بها تلك الاشياء الملطفة بالسواك سواء قلنا ان الرائحة المدركة هواء متكيف بها ام اجزاء تنبث في الهواء فعلىّ الاول تتكيف بالمتكيف وعلى الثاني تسري الاجزاء في سطوحها فتنفعل فيها القوى فيحصل البخر للفساد المذكور ولما رواه الصدوق عن موسى الكاظم عليه السلام الى ان قال والسواك في الخلاء يورث البخر ومثله رواية الحسن بن اشيم ( هاشم خ )
واما الكلام الا بذكر الله تعالى او الضرورة فمكروه لان الخلاء مسكن الشياطين فاذا تكلم بذكر الله فروا منه واذا كان لضرورة ( الضرورة خ ) فانه ايضا طاعة لله لان الله سبحانه امر بدفع الضرورة وكلما فيه طاعة لله فلا تقربه الشياطين لان الملئكة تطردهم عنها واذا تكلم بغير ذكر ولا ما يؤل الى الذكر تولته الشياطين فلا يتم مقتضاه مع انه شاغل عن ذكر الله ومستند هذا الحكم ما رواه الشيخ عن صفوان عن ابي الحسن الرضا عليه السلام انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يجيب الرجل اخر وهو على الغائط او يكلمه حتى يفرغ وروى الصدوق عن ابي بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام لا تتكلم على الخلاء فان ( فانه خ ) من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة ومستند عدم كراهة ذكر الله بل راجحيته كما حققناه في اجوبة مسائل الشيخ عبد الله بن محمد بن غدير (ره) ما رواه في الكافي عن ابي جعفر عليه السلام قال مكتوب في التورية التي لم تغير ان موسى عليه السلام سأل ربه فقال الهي انه يأتي على مجالس اعزك واجلك ان اذكرك فيها فقال يا موسى ان ذكري حسن على كل حال وعن الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام لا بأس بذكر الله وانت تبول فان ذكر الله حسن على كل حال فلا تسأم من ذكر الله والاخبار كثيرة ومن المستثنى قراءة اية الكرسي والمصنف (ره) لم يذكرها اما اقتصارا لان كتابه هذا مختصر فيذكر فيه من كل شيء ما يسنح بباله ان يذكره واما اختصارا بأن ادخلها في الذكر اما لكونها من القرءان وهو مسمي بذلك وذكر ايضا في نفسه او لانها ذكر في نفسها او لانها مستلزمة للذكر لما فيها منه او انها ذكر الله عبده على ما قيل ان شئت ان يخاطبك فاقرأ كتابه وليس في الاثر ما يدل صريحا على خصوص استثنائها نعم رواية عمر بن يزيد قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن التسبيح في المخرج وقراءة القرءان قال لم يرخص في الكنيف في اكثر من اية الكرسي وحمد الله واية ورواه الصدوق وقال او اية الحمد لله رب العالمين وقولي ليس صريحا لان بعضهم احتمل ان المستثنى هو مقدار اية الكرسي من القرءان سواء كان اياها او غيرها والمجلسي في شرح التهذيب رجح ذلك والظاهر ان المراد منها ما ذهب اليه المشهور واحتمال ارادة المقدار مرجوح ودعوى اعتضاد الاحتمال بالتردد في رواية الصدوق مردودة باحتمال ارادة استثنائها معها او ارادة التخيير او الشك من الراوي او ارادة الايهام او الابهام والمراد بالرخصة من نهي الكراهة لا نهي التحريم جمعا بينها وبين ما دل على الجواز كصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته اتقرء النفساء والحائض والجنب والرجل يتغوط القرءان فقال يقرؤن ما شاؤا وللمشهور ان يستدلوا بهذه الصحيحة على ان ما في رواية عمر بن يزيد ليس المراد به المقدار لاطلاق هذه الصحيحة فتخصيص اية الكرسي بعدم الكراهة وان كانت بعض القرءان اولى من بعض القرءان غيرها لتخصصها بالتعيين ويحتمل ذكر الحمد ان المراد به الثناء على الله او اية الحمد لله رب العالمين اما بخصوصها في الثناء او بقصد كونها اية كما هو ظاهر رواية الصدوق وظاهر رواية الشيخ في قوله حمد الله واية ان المراد من اية اية الحمد لله رب العالمين او اية غيرها على التخيير فتكون الاية مستثناة مع اية الكرسي من القراءة المكروهة ويحتمل على رواية الصدوق ان التخيير في المستثنى من المكروه بينها وبين اية الكرسي ثم ما المراد من اية الكرسي هل هي المعروفة عند عامة الناس من كونها الى خالدون وهو المشتهر بين المتأخرين كما ذكره البهائي في المفتاح والمجلسي في زادالمعاد وغيرهما محتجين بما رواه الشيخ في صلوة الغدير والمباهلة والتصدق بالخاتم من تعيينها الى خالدون ام الى وهو العلي العظيم واختاره الشيخ سليمن بن عبد الله الماحوزي في مراتبالجنان قال ما حاصله ان الظاهر ان اية الكرسي ( الظاهر انها خ ) الى وهو العلي العظيم كما يقتضيه النظم القرءاني واسلوبه الحكيم كيف وهي ايات لا اية ثم قال وان ( اما خ ) الامر بقرائتها الى وهم فيها خالدون في مثل صلوة الغدير والمباهلة كما روي لا يدل على شيء من ذلك قال الشيخ حسين في الرواشح عند نقله هذا الكلام وهذا هو الحق وهو الذي عليه علماء الفريقين ودلت عليه اخبار الائمة عليهم السلام مثل الخبر المروي في مجالس الشيخ الطوسي والحديث المروي في جمال الاسبوع لابن طاووس المستفيض فيهما عليها بانه الى وهو العلي العظيم نعم جاء في الاخبار استحباب قرائتها وايتين بعدها الى وهم فيها خالدون على ما في رواية المجالس والعياشي وهما اللتان اغتر بهما جملة من العلماء فادعوا اطلاق الترجمة والعنوان على ثلاث الايات لمزيد الحث على قرائتهما معها ولم يتأملوا في الاخبار التي اشرنا اليها انتهى
اقول روى الجمهور عنه صلى الله عليه وآله انها خمسون كلمة وانها الى وهو العلي العظيم ومبني اغلبهم في ما يتعلق بها على ذلك فيحتمل ان يكون ما دل على انها الى وهو العلي العظيم تقية او يكون لها اطلاقان والا فالظاهر انها الى هم فيها خالدون لما ذكر سابقا ولورودها في الثمانين الاية وعدها اية في التعاقيب ولا ينافي ذلك كونها ايات فانها اية كاية شهد الله واية الملك واية السخرة وان كانت ايات فانها تسمى اية وقول الشيخ سليمن كما يقتضيه النظم القرءاني واسلوبه الحكيم ليس بمتجه لانه لاحظ ان ذكر الكرسي انما في الاية التي اخرها وهو العلي العظيم وانما سميت اية الكرسي بذلك وما بعدها لا تعلق له بذلك وليس بشيء بعد ورود التسمية فيها الى خالدون وفي اية السخرة الى قريب من المحسنين واية الملك بل سورة البقرة وسورة الشعراء والنمل وغيرها من السور فانها تسمي بما ذكر فيها مرة واحدة وتعنون بها والاصل المحتمل في الزائد على وهو العلي العظيم مرفوع باصالة الاستحباب والراجحية وعدم المنع من ذلك الزائد ومن المستثني من الكلام المكروه حكاية الاذان للحث على حكايته خصوصا كصحيحة محمد بن مسلم على ما رواه الصدوق في الفقيه والعلل عن ابي جعفر عليه السلام قال يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي وانت على الخلاء فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول وصحة طريق هذه الرواية انما هي في العلل واما الفقيه فلا تعد من الصحاح عند الاكثر لان في طريقه الى محمد بن مسلم اولاد البرقي ولم يوثقهم علماء الرجال الا ان يلتجأ الى قوله في اول الفقيه بان جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول ولكن لقائل ان يقول ان اراد مشهورة عليها المعول في عمل اصحاب الحديث فغير مسلم كيف وهو يقول ولم اقصد قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه فان قلت انه عنى البعض قلت قد اورد فيه ان خطبة يوم الجمعة بعد الصلوة وان تقديمها على الصلوة بدعة فلانية نعم يمكن اعتضادها برواية ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام في العلل انه قال اذا سمعت الاذان وانت على الخلاء فاذكر الله عز وجل وقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله على ( في خ ) كل حال لان ذكر الله حسن على كل حال وبرواية سليمن بن مقبل المديني قال قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لأي علة يستحب للانسان اذا سمع الاذان ان يقول كما يقول المؤذن وان كان على البول والغائط قال لان ذلك يزيد في الرزق وجعل الشهيد الثاني في الروض والروضة استثناء حكاية الاذان من عموم استثناء ذكر الله فانه حسن على كل حال فقال وذكر الله لا يشمله اجمع لخروج الحيعلات منه لعدم النص عليه على الخصوص الا ان يبدل بالحولقة كما ذكره ( ذكر خ ) في حكايته في الصلوة وفيه ما سمعت من وجود النص بخصوصه وعمومه لكل فصوله لان الحيعلات مما يقوله المؤذن وتعليلها بانها من كلام الادميين مخصص اذ ليس كلما هو من كلام الادميين لا يصلح ان يكون ذكر الله فان من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله الحديث ولا ريب ان دعاء المؤذن الى الصلوة والفلاح وخير العمل نطق عن الله وعبادة لله والا لمااستحب قولها للمؤذن ولا للحاكي في غير الصلوة والخلاء واما تخصيصها فانما هو في الصلوة لانه اذا كان في الصلوة فلا معنى للدعاء اليها اذ ليس ذلك مخصوصا بغيره بل المؤذن والحاكي من المدعوين فافهم فلاجل هذا انسلخ ما يراد منها في الصلوة من الذكر وتمحض كونه من كلام الادميين فلاحظ ما اردناه ( اردنا خ ) بعين البصيرة يظهر لك ضعف قول الشهيد من عدم النص وعدم شمول الذكر لجميع الفصول ولا يخفي عليك ان ما ذكر من الادعية المستحبة في الخلاء سابقا مستثناة واما رد السلام فانه واجب وان كره التسليم عليه لما رواه الصدوق في الخصال عن السكوني عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابائه عليهم السلام قال ستة لا يسلم عليهم اليهودي والمجوسي والنصراني والرجل على غائطه وعلى موائد الخمر وعلى الشاعر الذي يقذف المحصنات وعلى المتفكهين بسب الامهات ومثله عن مصدق بن صدقة الا انه لا منافاة بين الوجوب والكراهة ولا معارضة اذ الكراهة على الاصح من جهة المسلم خاصة والوجوب على المتغوط وعلى الاحتمال الاخر فكذلك على ما قررنا في اجوبة مسائل الشيخ عبد الله بن غدير في مسئلة مكروه العبادة ولو رد غيره عنه فالظاهر رجحان رده وان لم يجب كغيره من سائر الاحوال
واما قوله (ره) والاستنجاء باليمين وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى والانبياء او الائمة عليهم السلام فانه ايضا مكروه اذا لم يمنع من استعمال اليسار مانع لانه وظيفتها لان اليمين عضو شريف لا يستعمل الا في الاعضاء الشريفة كغسل الوجه ففي الكافي عن يونس عن ابي عبد الله عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يستنجي الرجل بيمينه وفيه عن السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام قال الاستنجاء باليمين من الجفاء وغيرهما ومستند الجواز مع العذر ما رواه في الفقيه قال وروي انه لا بأس اذا كانت اليسار معتلة وقال شيخنا الشيخ حسين بن عصفور في الرواشح شرح كفاية الخراساني وظاهر الصدوق والمفيد التحريم وذكر الشيخ محمد تقي المجلسي في شرح الفقيه قال وذكر الكليني وروي انه اذا كان باليسار علة وظاهره الحرمة الا اذا كان باليسار علة ( الا في حال العلة خ ) ولم يظهر لي من كلامهم ما ظهر لهما وانما يظهر لي الكراهة والله اعلم بمرادهم نعم عبارة الصدوق في المقنع هكذا ولا تستنج بيمينك فانه من الجفاء فلعلهما استندا الى ظاهر النهي ولكن سياق كلامه قبله وبعده يأباه ويكره الاستنجاء باليسار وفيها خاتم عليه اسم الله الخ للاحترام ولئلا تصيبه نجاسة ولم يعلم اما لو علم او ظن الاصابة حرم وكذا يكره اذا كان ذلك الخاتم باليمين حيث لا يكره الاستنجاء بها للضرورة بل ينزعه والمراد من الاسم احد اسماء الله وصفاته وصفات افعاله سواء كان خاصا بالوضع والاستعمال كالله والرحمن ام بالتعريف كالرب ام بالمخصص كاضافة الى مخصص كرب الكعبة وخالق كل شيء ام بصفة كالحي الذي لا يموت والعالم الذي لا يجهل ام بقصد كالحي بقصد صفة الله التي هي عين ذاته وسواء كان ذلك الخط بالكتاب المساوية للحجر كالصبغ ام الظاهرة على سطحه ام المحفورة في جرمه ومستند ذلك اخبار كثيرة منها خبر ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام من نقش على خاتمه اسم الله فليحوله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضأ ومثله ما في الخصال وموثق الساباطي عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله تعالى ولا يستنجي وعليه خاتم عليه اسم الله تعالى ورواية الحسين بن خالد عن ابي الحسن الثالث عليه السلام قال قلت له انا روينا في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يستنجي وخاتمه في اصبعه وكذلك كان يفعل امير المؤمنين عليه السلام وكان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله الشهادتين ( محمد رسول الله خ ) قال صدقوا قلت وينبغي لنا ان نفعل ذلك قال ان اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى وانتم تتختمون في اليد اليسرى وروى الصدوق في المجالس والعيون مثله وزيادة في اخره فاتقوا الله وانظروا لانفسكم واما رواية وهب بن وهب عن ابي عبد الله عليه السلام قال كان نقش خاتم ابي العزة لله جميعا وكان في يساره يستنجي بها وكان نقش خاتم امير المؤمنين عليه السلام الملك لله وكان في يده اليسرى يستنجي بها فمحمولة على التقية لمخالفتها المعروف من المذهب وموافقتها لمذهبهم وبقرينة راويها فانه عامي او على بيان الجواز ونفي التحريم او على معنى انه كان يلبسه في يده اليسرى للتقية لان التختم باليمين من شعار الشيعة ويجوز انه ينزعه في حالة الاستنجاء ولا يدل قوله وكان يستنجي بها انه كان يستنجي بها وهو فيها بل كان فيها وكان يستنجي بها لانه لا يستنجي باليمين وكذلك يكره بخاتم كان عليه شيء من القرءان اما خاص او مخصص بالقصد لما رواه عليّ بن جعفر في الصحيح عن اخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم فيه ذكر الله او الشيء من القرءان أيصلح ذلك قال لا واما اسماء الانبياء فيمكن فيها الحكم بالكراهة لاجل الاحترام اذا كان مقصودا بها الاية ومن يعظم شعائر الله بل قيل انه قد وردت الاخبار بأن بعض الاسماء يكرهها الله وبعضها يحبها واسماء الانبياء من الاسماء المحبوبة وما اسم نبي اعجمي ولا عربي الا وهو اسم من اسماء الله او اسماء صفاته او صفات افعاله مع ما روي ما معناه ان الاسم من المسمى بمنزلة الصفة من الموصوف وصفاتهم عليهم السلام واجبة الاحترام واما اسم محمد صلى الله عليه وآله فالحديث القدسي شاهد بان اسمه مشتق من اسم الله المحمود وهذا لا اشكال فيه لان معناه كثير الخصال المحمودة ولهذا جعل بعض العلماء في كتابه بعد البسملة قال يا محمدا في افعاله صل على محمد واله ولم اقف على اطلاق هذا الاسم عليه تعالى بهذا اللفظ الا في عبارة هذا الرجل وبالجملة فالظاهر ان اسمه الشريف صلى الله عليه وآله واسماء خلفائه يجري فيها هذا الحكم لورود الاثر بأن اسمائهم مشتقة من اسماء الله تعالى وما ورد من انهم عليهم السلام اسماء الله فالظاهر ان المراد بذلك ذواتهم كما قال الصادق عليه السلام في قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها قال عليه السلام نحن اسماء الله الحسنى نعم اية ومن يعظم شعائر الله والنظر في بعض الاخبار الى بواطن تفسيرها وحديث دع ما يريبك الى ما لا يريبك وقوله عليه السلام لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به خوفا مما فيه بأس والاحتياط وطلب اليقين في الخروج عن العهدة تقتضي جريان حكم الكراهة فيها كلها رواية معوية بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيه اسم الله تعالى فقال مااحب ذلك قال فيكون اسم محمد صلى الله عليه وآله قال لا بأس فقال الشيخ المراد به لا بأس بادخاله الخلاء دون ان يستنجي وهو في يده ويحتمل ان يكون لبيان الجواز او رفع وهم المساواة بين الرب والعبد او لاختلاف مراتب الكراهة ولا منافاة في العبارة فلا تنافى ما ذكرناه ومن المكروه الاستنجاء باليد التي عليها خاتم فصه من حجارة زمزم او زمرد وان جاز الدخول به في الخلاء على ما رووه في التهذيب واكثر نسخ الكافي والفقيه قال قلت له ما تقول في الفص الذي يتخذ من احجار زمرد قال لا بأس به ولكن اذا اراد الاستنجاء نزعه واستشكل فيه من وجهين : الاول ان حجارة زمزم لا يستعمل منها فصوص ولم تجر العادة بذلك ولم ينقل في غير هذه الرواية بل في رواية الكافي زمرد في بعض نسخه ولهذا استوجهها ( استوجهه خ ) الملا في الوافي قال ولعل هو الصواب اذ لانعرف حجارة يؤتي بها من زمزم والشهيد في الذكرى قال وسمعناها مذاكرة يعني رواية الزمرد ورد هذه النسخة بعضهم حتى قال الظاهر ان الصواب ما عليه اكثر نسخ الكتاب واما هذه النسخة فمما اخطأت به الكتاب وقد اورده كذلك في كتبهم اعاظم السلف واثار الخلف وعدم معروفية فصوص تؤخذ من زمزم لا يوجب الخروج عما عليه المعظم ه والجواب ان الحكم منوط بذلك سواء استعمل ام لا لامكان الاستعمال وسواء كان جايزا ام لا الثاني ان حجارة زمزم من جملة المسجد فلا يجوز اخراج شيء منها ولانها تسبح والجواب قيل ان المراد منها ( ما يلقي منها خ ) للاصلاح كالقمامة المشوهة ويحتمل ان تكون صغيرة لا تخرج عن مسمي الكناسة عرفا ويكفي ذلك في مسمى الفص للتبرك وايضا فالحكم كما قلنا سابقا وعلى نسخة الزمرد فلشرفه لان خضرته من نور العرش على ما روي وفيه سر خفي حتى ان الحوت اذا رأته التقمته من بين سائر الاحجار ولشبهة النص ولما قدمنا في اسماء الائمة والانبياء عليهم السلام
قال قدس سره : ويجب عليه الاستنجاء وهو غسل مخرج البول منه بالماء لا غير وغسل مخرج الغائط مع التعدي وبدونه تجزي ثلثة احجار طاهرة او ثلث خرق اقول اما وجوب الاستنجاء من البول والغائط فمما اجمعت عليه الفرقة المحقة لا يختلف فيه اثنان وخالف فيه ابوحنيفة فلا يوجب ( فلم يوجب خ ) الاستنجاء من بول ولا غائط بماء ولا غيره وقدر النجاسة التي تصيب البدن والثوب بالدرهم البغلي وهو قدر موضع الاستنجاء فلم يوجب ازالة ذلك قياسا عليه ولمالك في وجوب الاستنجاء قولان واستدل ابو حنيفة على عدم وجوب الاستنجاء بما رواه ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من استجمر فليوتر من فعل فقد احسن ومن ( ترك ظ خ ) فلا حرج و( ففيه خ ) على تقدير تسليمه انه لا يدل على مطلوبه وانما يدل على نفي الحرج عمن لم يوتر ويرد قوله قول النبي صلى الله عليه وآله انما انا لكم مثل الوالد فاذا ذهب احدكم الى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وليستنج بثلاثة احجار وبالوجوب قال الشافعي واحمد والواجب غسل مخرج البول بالماء ولا يجزي غيره بالنص والاجماع منا سوى ما يلوح من عبارة المنتهى والمعتبر من الاكتفاء بالتمسح بالاحجار عند عدم الماء ويمكن ان يكونا ارادا التجفيف ( التخفيف خ ) للنجاسة فانه مطلوب شرعا وحصول العفو ما دام العذر نعم ورد في رواية زرارة ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام رخصة في عدم الغسل بالماء للنفساء اذا خافت الضرر قال سألته عن طهور المرأة في النفاس اذا طهرت وكانت لا تستطيع ان تستنجي بالماء لانها ان استنجت اعتقرت هل لها رخصة ان تتوضأ من خارج وتنشف بقطن او بخرقة قال نعم تنقي من داخل بقطن او بخرقة وظاهرها اغتفار ذلك للنفساء حتى ذهب اليه ذاهب وحملها على ما حملت عليه عبارة المنتهى والمعتبر ظاهر حتى انه اذا زال العذر وجب عليها الاستنجاء بالماء وغسل كلما اصابه شيء من نجاسة البول مما حكم بكونه من الظواهر كما تدل عليه صحيحة العيص بن القاسم الاتية واما موثقة عبد الله بن بكير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال كل شيء يابس ذكي فمحمولة على التقية او على عدم التنجيس باليابس لا الطهارة فاذا وجد الماء غسله وصحيحة حكم بن حكيم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام اني اغدو الى السوق واحتاج الى البول وليس عندي ماء ثم اتمسح واتنشف بيدي ثم امسحها بالحائط وبالارض ثم احك جسدي بعد ذلك قال لا بأس وصحيحة الاخرى قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ابول فلا اصيب الماء وقد اصاب يدي شيء من البول فامسحه بالحائط والتراب ثم تعرق يدي فامسح بها وجهي او بعض جسدي او يصيب ثوبي قال عليه السلام لا بأس به اما الاولى فكالموثقة في الحمل ( المحمل خ ) واما الثانية فقال الملا في المفاتيح ان النجاسة قد زالت بالمسح والمتنجس لا ينجس وليس بشيء وان كان يريد الحكم بنجاسته ووجوب غسله وذلك لا ينافي ما تقدم على انه ذكره في الوافي انه يحتمل عدم اصابة البول للوجه او الجسد اذ ليس فيه ( فيها خ ) ان جميع اجزاء اليد تنجست او ان جميع اجزائها عرقت او ان ما تنجس منها قد اصاب الوجه او الجسد برطوبة ومع تسليم ذلك كله فليست دالة على الاكتفاء بذلك المسح عن الاستنجاء لا من باب العفو ولا الطهارة ورواية سماعة قال قلت لابي الحسن عليه السلام اني ابول ثم اتمسح بالاحجار فيجيء مني البلل ما يفسد به سراويلي قال ليس به بأس فكالاولى في التوجيه ورواية حنان قال سمعت رجلا سأل ابا عبد الله عليه السلام فقال اني ربما بلت فلا اقدر على الماء فيشتد ذلك عليّ فقال اذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فاذا رأيت شيئا فقل هذا من ذلك ( ذاك خ ) يريد فيها ان ما يصيب جسدك مما تتوهمه انه بول او رطوبة بعد التمسح لا يضر لاحتمال التوهم وانما ذلك من برودة المحل لا من رطوبته والشيطان يوسوس الناس ( للناس خ ) ليشككهم في عباداتهم وطهاراتهم لان من اعتاد استنجاء البول بالماء اذا تمسح بغيره لا يزال يتوهم خروج الرطوبة فاذا اعتبر ذلك في كثير من الموارد لم يكن شيئا فلما كان هذا محتملا كان الاصل الطهارة حتى يثبت المتنجس ( المنجس خ ) فامر عليه السلام بأن تضع شيئا من ريقك لرفع هذه الواهمة ولا يلزم من ذلك انه يضع الشيء من ريقه على ما اصابه البول من ذكره بل لعله امره بما هو يعرفه بأن يضع الريق على موضع من الذكر خال من النجاسة وبالجملة فالنصوص باجمعها ليس مما يدل على الطهارة من البول بدون الماء بل هي صريحة في وجوب اعتباره وهي كثيرة جدا فمنها صحيحة العيص بن قاسم قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره وقد عرق ذكره وفخذاه قال يغسل ذكره وفخذيه وصحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام اما البول فلا بد من غسله والمراد به غسله بالماء كما في خبر بريد بن معوية ولا يجزي من البول الا الماء وقد تقدم خلاف المرتضى في جواز ازالة النجاسة بغير المطلق والجواب عنه في المياه وصحيحة جميل بن دراج المروية في الكافي بطريقين وفي التهذيب بطريق عن ابي عبد الله عليه السلام اذا انقطعت درة البول فصب الماء وكذلك النصوص الدالة على وجوب غسل الذكر واعادة الصلوة على من صلى ناسيا قبل غسل ( غسله خ ) ذكره بالماء والروايات بذلك مستفيضة والاجماع عليه قد نقله العلماء في كتبهم فلا ريب فيه ثم اعلم انهم قد اختلفوا في القدر المجزي من الماء في الاستنجاء من البول فقيل ما يحصل به النقا ونسب الى الحلبي والحلي واختاره المصنف في المختلف قال وهو الظاهر من كلام ابنالبراج لنا الاصل عدم وجوب الزائد على المزيل ووجوب المزيل وان افتقر الى الازيد من الضعف وما روي عنهم عليهم السلام وقد سئل هل للاستنجاء حد قال لا حتى ينقي ما ثمة يشير الى حسنة عبد الله بن المغيرة عن ابي الحسن عليه السلام وقال احتج الشيخ بما رواه نشيط بن صالح عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول فقال مثلا ما على الحشفة من البلل والجواب بعد سلامة السند انه مبني على الغالب وهو معارض بما رواه نشيط عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال يجزي من البول ان تغسله بمثله انتهى وقال في المنتهى بعد احتجاج الشيخ وفي طريق هذه الرواية مروك بن عبيد ولا اعرف حاله فنحن فيها من المتوقفين ولان الاجماع واقع على الاكتفاء في الغائط بالازالة ففي البول ( اولى خ ) لسرعة انفصاله بجميع اجزائه الى ان قال بعد ذكر رواية نشيط في المعارضة وهذا الخبر مرسل وفي طريقه مروك ولا نعرفه وقال في النهاية والضابط ما يزيل العين عن رأس الفرج وقال بعضهم ممن قال باجزاء المرة ان شرط المطهر الغلبة لما رواه الصدوق في العلل عن مؤمنالطاق في علة طهارة ماء الاستنجاء عنه عليه السلام انما صار كذلك لان الماء اكثر من القذر وغيره فذكر المثلين في الخبر المذكور بيان للكم لا للتعدد لتحصل الغلبة ولاطلاق كثير من الاخبار كما تقدم للاشتمال على الامر بصب الماء وغسله بالماء ولم يذكر التعدد في مقام البيان عند الحاجة اليه وقال الشيخان وابنا بابويه والمحقق بل اكثر المتأخرين باشتراط المثلين لما رواه نشيط كما مر وهو الحق لما ذكره ( ذكر خ ) الشيخ وقول المصنف في مروك لا يضر الرواية بعد اعتضادها بالعمل وقد قال الكشي قال محمد بن مسعود سألت عليّ بن الحسن عن مروك بن عبيد بن سالم بن ابيحفصة فقال ثقة شيخ صدوق ونقل هذا الكلام في صه واثبت اسمه في الجزء الاول منها الذي جعله للمعتبرين وبحمل روايته بالمثل على بيان الكم في الماء لا العدد قال الشيخ يحتمل ان يكون قوله بمثله راجعا الى البول لا الى ما بقي على الحشفة وذلك اكثر مما اعتبرناه مع ان هذه مرسلة بخلاف الاولى فانها حسنة بالهيثم بن ابي مسروق وهو ممدوح وبعد اعتضادها بكثير من الاخبار مثل حسنة الحسين بن ابيالعلا قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين رواه في الكافي ورواه الشيخ في التهذيب ومثلها صحيحة ابياسحق النحوي عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين وعن زرارة قال كان يستنجي من البول ثلث مرات والظاهر ان المراد به احدهما عليهما السلام وذكر صاحب المقنع ان ضمير كان عائد الى ابي جعفر عليه السلام وفي كتاب النوادر للبزنطي عنه عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين وهي صريحة في ان الطهارة من البول متوقفة على المرتين ولا فارق بين كونه في الاستنجاء وفي الجسد وهذه المقيدة حاكمة على المطلقة والاصل ارتفع بالنص فصار الاصل له حتى تثبت ارادة عدم التعدد وارادة الكناية عن الغلبة واحتمال ذلك او الاستحباب مرجوح وما روي في الكافي من انه ماء ليس بوسخ فيحتاج الى ان يدلك وما دل على ان حده النقاء كما تقدم لا ينافي ما قلناه اذ لنا ان نقول انه حسنة ابن المغيرة والظاهر ان المراد به هناك الغائط بقرينة قول السائل فانه ينقي ما ثمة ويبقى الريح قال عليه السلام الريح لا ينظر اليها ولما كان البول ليس بذي جرم او لون مغائر للماء كان النقاء المقدر فيه لا يحصل بدون المرتين على جميع الاحوال لتكون الاولى تنفصل بالنجاسة والثانية لنقاء المتنجس فان قيل بعد ما روي انه ماء ليس بوسخ فلا ريب انا اذا غسلنا البول مرة بماء يكون مثل ما تكتفون به في المرتين معا عشر مرات فانه انقى قلنا ليس ماء المرة محدودا بالكثرة ولا جرم للبول ولا لون ولا طعم يتوقف النقاء على زواله وانما هو ماء فلو جازت المرة الواحدة بقدر ثلث اكف وتعلق الحكم بالواحدة وان النقاء يحصل بها لجاز ذلك بالقطرة الواحدة ويحصل النقاء ظاهرا به بخلاف الغائط لثخنه ولونه ورائحته وعلى الحكم بالمرتين يحصل النقاء بالكفين وبالقطرتين لانه ليس بوسخ ولا جرم له ولا لون ولا رائحة كما قلنا الاولى لنقاء النجاسة والثانية لنقاء المتنجس فيحصل النقاء على جميع الاحوال اذ ليست احوال المتطهرين سواء في الاستعمال ولا في التمكن من الماء فاجروا الحكم عليهم السلام على ما يطابق احوال المكلفين وحقيقة التكليف ولانسلم ان الاطلاق في تلك الاخبار المطلقة كان ( كما خ ) في مقام البيان للعدد بل لبيان المستعمل وانه الماء لا غيره او الكيفية واما البيان فقد ذكره ( ذكروه خ ) (ع) في الاخبار المقيدة كما سمعت فلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة اذ الحاجة لذلك لم تتحقق لا سيّما مع شهرة اخبار التعدد في الطهارة من البول بل نقول انهم عليهم السلام قد بينوا ما في الاخبار المطلقة من الا يهام بما في اخبارهم المقيدة من البيان فتعين عند ملاحظة ما ذكرنا المرتان ثم اعلم ان كثيرا من المتأخرين اختلفوا في المراد من المثلين فقيل انه كناية عن وجوب غسل مخرج البول مرتين وانما عبر بالمثلين لتحديد اقل المجزي من الماء اذ الظاهر ان المراد بمثل ما على الحشفة مثل القطرة المتخلفة على الحشفة بعد انقطاع درة البول بكسر الدال اي سيلانه قيل ويمكن حمل كلام ابن بابويه في الفقيه عليه حيث قال ويصب على احليله من الماء مثلي ما عليه من البول قال الشيخ محمدتقي المجلسي في شرح الفقيه وظاهره انه يكفي قطرتان ( قطرتين خ ) من الماء لازالة البول بأن يصبه مرتين هذا هو المشهور وعليه العمل ه وقيل المراد بالمثلين تحديد مقدار اقل المجزي من الماء في كل مرة بأن يكون اقل كل مرة من الغسلتين من الماء مثلي ما على الحشفة فلا يحصل الاجزاء على المرة الا بمثلين وعلى المرتين الا باربعة امثاله لاشتراط الاستيلاء والغلبة على النجاسة قيل وهو المفهوم من عبارة ابن بابويه في الفقيه فان قوله يصب على احليله من الماء مثلي ما على الحشفة من البول يصبه مرتين هذا ادنى ما يجزي يدل على ذلك بجعل ضمير يصبه عايدا الى الماء الذي هو مثلا ما على الحشفة فيحصل الاجزاء باربعة امثال ما على الحشفة من بقية البول لا اقل منه فيكون المراد بالمثلين ما يعتبر في المرة الواحدة واما استفادة المرتين فمن الاخبار الدالة على وجوب المرتين في ازالة البول عن الجسد فيكون المغسول على القولين هو ما باشره البول من الحشفة وما يجب غسله من باب المقدمة فيثبت من دليل اخر وقيل المراد بالمثلين المغسول بأن يغسل ما على الحشفة للنجاسة ومثله محيطا ( محيط خ ) به من باب المقدمة فيكون قوله عليه السلام في خبر نشيط مثلا ما على الحشفة جوابا لقول السائل كم يجزي من الماء حذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه واصله غسل مثلي ما على الحشفة من البول اذ معمول فعل وقع صفة او صلة لما اي ما يغسله ( يغسل خ ) به مثلا ما على الحشفة من البول او صفة لماء بالمد فالعامل على المجهول او على المعلوم بنية تقدير المعنى وقد نسي اللفظ لمعلوميته ولملاحظة الاجزاء فقدر له فعل منه فارتفع به او مبتدأ منه وهذا خبره وقيل المراد بمثلي ما على الحشفة مثلا ما خرج منها من البول مبالغة في النقاء وطلبا لكمال الغلبة وهو كما ترى وقيل المراد بمثلي ما على الحشفة المرتان وبما على الحشفة من البول البلل بأن يجري ( عليه خ ) من الماء ما يباشر جميع تلك البلة فما يجري على قدر البلة يسمي مثلها لعدم اعتبار ما زاد عليها وعدم ملاحظته فهو حينئذ مثل وان كان الماء غير البلة ان قلنا انها عرض وان قلنا انها ماء فهي قليلة بالنسبة الى ما يجري لانها لا تجري وانما قلنا ان ما على الحشفة يراد به البلة لان اعتبار القطرة متوقف على لزوم حصولها وحصولها قليل وبناء الاحكام على الاغلب اغلب وهذا اظهر لما سمعت ولما يرد على تلك الاقوال ولا فائدة مهمة في ايراد ما يرد على اولئك القائلين ثم اذا قلنا بالمرتين فهل يعتبر الفصل الحسي بقطع الصب ثم الصب ثانيا ليتحقق ( لتتحقق خ ) التثنية ام يكفي الفصل التقديري الظاهر الاول لانه المعروف من معنى المرتين حيث لا حد للمرة معروف يتبادر الاطلاق اليه حتى لا يكون مجهولا ليكون ما زاد عليه للثانية اذ لا تعرف الاولى الا بالفصل الحسي لان ورود المثلين بل الثلاثة والاكثر دفعة ولو عرفية غسلة واحدة ولا يكفي القصد لعدم اعتباره في الازالة وعدم لزوم حضوره نعم لو غسله باكثر من المثلين بحيث يتراخي اجزاء الغسل بعد تحقق مقدار الاولى ثم يتعقبه ما يصلح ان يكون غسلة امكن ذلك والشهيد في الذكرى اعتبر الفصل بين المثلين مع انه اكتفى في تحقق المرتين بالانفصال التقديري في غير الاستنجاء ووجهه المحقق الثاني بأن اعتبار ذلك لتعدد الغسل حتما لان ( لا لان خ ) التعدد لا يتحقق الا بذلك بل لان التعدد المطلوب بالمثلين لا يوجد بدون ذلك وعلى كل تقدير فالتعدد التقديري هنا بل مطلقا لا دليل عليه في الحقيقة والاعتبار اذا لم يكن له مستند لم يكن معتبرا والاخبار ظاهرها التعدد بالفصل بل احتمال سواه اعتبار عليه غبار وان اردت ان تطلع فاستمع لما يوحي ففي حسنة الحسين بن ابي العلا المتقدمة صب عليه الماء مرتين ومثلها صحيحة ابي اسحق ونوادر البزنطي وكما في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في بحث الغسالة عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة فان المفهوم من الصب مرتين هو الفصل الحقيقي لان الصب بدون الفصل الحقيقي الحسي واحد في صب المثل وفي صب الف مثل لا يتعدد بدون القطع الحسي ولهذا فرق بين الغسل في المركن وفي الماء الجاري في صحيحة ابن مسلم لان التعدد المطلوب في استعمال القليل لا يحصل بدون الفصل لعدم استهلاكه للنجاسة بخلاف الكثير وهذا بحمد الله ظاهر ثم اعلم انه لا فرق بين البكر والثيب فلا يجب على الثيب الا غسل ما ظهر منها عند الجلوس كالبكر اذ لا غسل على البواطن واما الاقلف فان كان يمكنه اخراج الحشفة وقلب القلفة وجب تطهير ما اصابه منهما من البول والا فالظاهر انه كالمختتن ولا يكلف ما لا يقدر عليه وان كانت الحشفة في الاصل من الظواهر الا انها اذا تعذر اخراجها تكون بحكم البواطن لا ( الا خ ) انه معفو عنه للعذر بل محكوم بطهارته ما دام العذر لانه من البواطن حكما نعم لو زايلت بعد الحكم بالطهارة للتعذر وقد زالت عين النجاسة فهل يجب تطهيرها لانها متنجسة وانما حكمنا بالطهارة للتعذر فكان كالبواطن ام لا لان وجوب التطهير انما هو على القول بالعفو احتمالان والذي يظهر لي عدم الوجوب لانا انما حكمنا بالطهارة لحكمنا عليها بانها من البواطن حكما وانما كانت من الظواهر لما برزت بعد زوال عين النجاسة عما هو بحكم البواطن والاصل براءة الذمة من التكليف بذلك والاحوط الوجوب واعلم انه ورد في صحيح حريز عن زرارة قال كان ابي يستنجي عن ( من خ ) البول ثلث مرات الحديث والمراد الاستحباب وقال بعض العلماء الاحوط عدم الاقتصار على ما دون الثلاث بل في ساير النجاسات ولا بأس به من باب الاستحباب لوروده في بعض الاخبار ولتوقف بعض فيما دونها وان كان احتياطه استحبابيا قوله (ره) وغسل مخرج الغائط مع التعدي عطف على غسل مخرج البول منه يعني انه يجب غسل مخرج الغائط مع التعدي والمراد بالمخرج موضع الخروج والغائط لغة ما انخفض من الارض سمي الحدث المعلوم به لوقوعه فيه غالبا او لانه ينبغي ان يكون فيه من باب تسمية الحال باسم المحل والمراد بالمتعدى ما يتعدى حواشي الدبر وحده ما يسمى من الظواهر عرفا ويدخل في الظواهر التي يجب ازالة ما وصل اليها بالماء ما اعتادت الطبيعة المستوية بابرازه على نحو ما يبرز من الشفتين عند انطباق ( اطباق خ ) الفم ولا يشترط فيه ان يبلغ الالية ومرجع ذلك الى العادة كما رواه في المعتبر عن الجمهور عن عليّ عليه السلام قال يكفي احدكم ثلاثة احجار اذا لم يتجاوز محل العادة ومفهوم الشرط انه اذا تجاوز لا تكفي وانما يجب الماء اذ لا ثالث غيرهما وهو حجة على الاصح المشهور ما لم ينص ( لم ينصب خ ) الشارع على ما يصرف عن مفاده ونقل المصنف في التذكرة الاجماع على تعين الماء مع التعدي والشهيد الثاني في روضالجنان وغيرهما وهو ظاهر المعتبر حيث نسبه الى اهل العلم واستدل على ذلك الحكم ايضا بالرواية المتقدمة المنقولة عنه وبقول عليّ عليه السلام ايضا كنتم تبعرون بعرا وانتم اليوم تثلطون ثلطا فاتبعوا الماء بالاحجار وهما وان كانا عاميتين الا انهما كانا خاصيتين بعمل اصحابنا ولهذا استدل الشهيد الثاني في الروض بالاولى من غير تعرض لشيء بل قبلها كما قبلها غيره وهو في محله فقد قال جعفر بن محمد عليهما السلام ما معناه ان لنا اوعية نملأها علما لتنقلها الى شيعتنا فصفوها تجدوها نقية صافية واياكم والاوعية فانها اوعية سوء فتنكبوها ه والمراد من تصفيتها اخذ ما وافق عمل الفرقة المحقة او ما لم ينص ( لم ينصب خ ) الشارع عليه السلام ما يصرف عنها فانه لا يهمل عليه السلام ذلك فكيف وقد استدل به علماؤنا على انه قد روى الشيخ في العدة عن الصادق عليه السلام اذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما يروى عنا فانظروا الى ما رووه عن عليّ عليه السلام فاعملوا به وهو على نحو ما قلنا والا فقد ورد الامر بالاخذ بخلاف ما افتوا به فان الحق والرشد في خلافهم واحتج المصنف عليه في المنتهى بعموم الاخبار المتضمنة للامر بوجوب الغسل بالماء من الغائط خرج منه ما اتفق على الاكتفاء فيه بالاستجمار بالاحجار وهو غير المتعدي وبقي ما سواه ولعل هذه الادلة هي مستند الاجماع المذكور والائمة عليهم السلام حيث علموا ذلك من شيعتهم انهم يعرفون ذلك لم يحتاجوا في التبيين الى ازيد مما ذكروا في ( من خ ) العموم الا ما خرج بالاتفاق ومما ملأوا من الاوعية ومما حثوا على الاعتماد على ما عليه الفرقة المحقة فظهر لذي عينين مما ذكرناه ( ذكرنا خ ) تهافت ما تأمل فيه صاحب الكفاية من ان الدليل لا يساعد عليه والروايتان عاميتان ولولا الاجماع لم يبعد تفسيره بما ذكره صاحب المدارك من وصول النجاسة الى محل لا يعتاد وصولها اليه ويريدان به كالاليتين وازيد جمودا على ظاهر الحديث المتقدم وفيه ما سمعت وقال المجلسي في شرحالفقيه بذلك ايضا فانه قال وفي المتعدي يلزم الماء على ما اشتهر بين المتأخرين من اصحابنا وظاهر الاخبار الاطلاق الا ان يكون فاحشا يتعدى الى الاليتين مثلا فلا ريب في لزوم الماء لخروجه عن اسم الاستنجاء فانه من باب ازالة النجاسات والاحوط المشهور ه والاصح المشهور لما ذكرناه ( ذكرنا خ ) وظاهر كلامه انما صدق عليه اسم الاستنجاء تخير ( تخيير خ ) فيه بين الماء والاحجار مطلقا لاطلاق الاخبار وهو ممنوع اذ الدعوى ان الاستنجاء من المتعدي حكمه غير حكم الاستنجاء من غير المتعدي لما ذكرناه ( ذكرنا خ ) خرج منه ما اتفق على اجزاء الاستجمار فيه للدليل الخاص وبقي الباقي تحت العموم من الازالة بالماء مطلقا والفارق يحتاج الى الدليل ولا دليل على الفرق وفرق الغسالة ثبت بدليل خاص ويظهر لك ايضا تهافت قول من قال بالتخيير مطلقا ردا للاجماع لا من جهة عدم ثبوته بل من جهة عدم حجيته واسقاطا لما ذكر من الدليل وعملا بالاطلاق حتى بلغت به الغفلة الى ان ادعى ان صحيح زرارة دال على الاجتزاء بالمسح وان تعدى المخرج والمعتاد حيث قال جرت اثر الغائط ان يمسح العجان ولا يغسله قال فان العجان الواقع عليه المسح هو القبل والدبر وما بينهما قال كما في النهاية الاثيرية والقاموس العجان ككتاب الاست والعصب الممدود من القضيب الى الدبر ه ومن العجيب انه يستدل بما في كتب اللغة وفيها كما ( في خ ) ذكر العجان ككتاب الاست فاذا كان اسما للاست والعصب الممدود والدليل دل على ان الاستنجاء لا يكون للعصب الممدود كان المراد من العجان احد معنييه وهو الاست فسقط الاستدلال ( استدلاله خ ) وصار التخيير تخييرا فاما جوابه وجوابه مثله عن الاجماع فقد اوردناه في رسالتنا الموضوعة في الاجماع بما لا مزيد عليه واما عن الثاني فهنا قد اثبتناه بلا اشتباه واما عن الاطلاق فلأن المقيد حاكم على المطلق فان قال لم يكن مقيد قلنا ما استدلت به في كتابك الرواشح من حديث ابيخديجة عن ابي عبد الله عليه السلام قال كان الناس يستنجون بثلاثة احجار كانوا يأكلون البر ويبعرون بعرا فاكل رجل من الانصار الدبا فلان بطنه فاستنجى بالماء فبعث اليه النبي صلى الله عليه وآله قال فجاء الرجل وهو خائف ان يكون قد نزل فيه امر بشيء يسوءه او في استنجائه بالماء فقال (ص) هل عملت في يومك هذا شيئا قال نعم يا رسول الله اني عملت على ما حملني على الاستنجاء بالماء لاني اكلت طعاما فلان بطني فلم تغن عني الحجارة شيئا فاستنجيت بالماء فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله هنيئا لك قد انزل الله فيك اية فابشر فان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين الخبر ومن حديث الخصال بسند صحيح عن الحسن بن مصعب عن ابي عبد الله عليه السلام قال جرت في البراء بن معرور ثلث من السنن اما اوليهن فان الناس كانوا يستنجون بالاحجار فاكل البراء بن معرور الدبا فلان بطنه فاستنجى بالماء فانزل الله تعالى فيه ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فجرت السنة بالاستنجاء بالماء قال في كتابه المذكور وهي في هذا المعنى مستفيضة متكثرة ( متكررة خ ) في الاصول الاربعة وغيرها وبالجملة فاذا تأملت في دليله وجدته في التقييد اظهر منه في الاطلاق ولا سيّما اذا وقفت على ما اشرنا اليه في رسالتنا في الاجماع من ان الاصل في الاحكام عند اقترانها بالتكاليف الوضع وكذلك الحديث المتقدم عن عليّ عليه السلام كما رووه كنتم تبعرون بعرا وانتم اليوم تثلطون ثلطا فاتبعوا الماء بالاحجار فامرهم بالماء لاجل انهم يثلطون والغالب في الثلط التعدي ومعنى ثلط سلح رقيقا لأن من لان بطنه تعدي غائطه المخرج غالبا ولا سيّما على ما فسرنا به التعدي فافهم ثم اعلم ان العلماء اختلفوا في حد الاستنجاء فقيل هو النقاء لان ذلك هو المستفاد من الاخبار وليس في النصوص تفصيل بما ذكره بعضهم من ان حده في المتعدي ازالة العين والاثر وفي غير المتعدي ازالة العين خاصة بل فيها النقاء كما في حسنة عبد الله بن المغيرة المتقدمة لم يستثن فيها الا الريح وقال الشيخ في المبسوط وجماعة بل المشهور بين المتأخرين حده في المتعدي زوال العين والاثر ان كان بالماء وان كان بالاحجار كما في غير المتعدي فيكفي زوال العين لتعسر زوال الاثر بالاحجار ومنهم المصنف (ره) في سائر كتبه واختلفوا في تفسير الاثر فقيل هو الرسم الدال على العين فيجب ازالته ويعفي عنه في الاحجار لانها لا تتسلط على ازالته للطافته وكثافتها وقيل هو اللون وهو وان كان عرضا الا انه لا يقوم بنفسه فلا بد له من محل جوهر يقوم به وهو النجاسة اذ الانتقال على الاعراض محال فوجوده يدل على وجود العين فتجب ازالته فانه اذا زال لم تبق عين قطعا اذ الجواهر لا تنفك عن الاعراض وقال في شرح الشرايع المراد بالاثر هو الاجزاء اللطيفة التي تتعلق بالمحل تزول بالغسل ولا تزول بالمسح وقال سلار في حد الاستنجاء وتستنجي باليسرى حتى يصر الموضع يريد انه مع النجاسة لا يحصل الصرير والذي يظهر لي ان القول بالنقاء والقول بزوال العين والاثر متقاربان وان كان الاول فيه اجمال والثاني فيه تفصيل واحتياط وهو اولى وذلك لان الاحالة على النقاء قد تكون في بعض الاحوال احالة على غير متعين لانا ان قلنا انه اجزاء لطيفة معلقة ( تعلقت خ ) بالمحل فلا يحصل النقاء بدون ازالتها فيما يمكن به كالماء وان قلنا انه رسم فان اريد به بقايا من العين فكذلك وان اريد به العرض او قلنا ان الاثر لون اي عرض فعلي رأي من يقول انه لا يقوم بنفسه ولا بجوهر غير جوهره لاستحالة قيامه بنفسه واستحالة انتقاله فكذلك لتوقف حصول النقاء على زوال عين النجاسة وان قلنا انه عرض والعرض وان لم يقم بنفسه لكنه يجوز قيامه بجوهر غير جوهره كما في الاصباغ والروائح فحيث يجوز ان يكون عرضا قائما ببشرة المخرج الظاهرة في نفسها لا يتوقف حصول النقاء على زواله لكنه ( لكن خ ) لما كان الحق ان اللون يجوز قيامه بجوهره وبغير جوهره لم يحصل اليقين بالنقاء مع وجود اللون لجواز تعلقه باجزاء لطيفة من جوهره لا تدرك بحاسة اللمس ولا البصر الا بعرضها ( يعرضها خ ) فيتعارض اصل النجاسة واصل التكليف بازالتها وشغل الذمة بيقين مع اصل طهارة المخرج واصل عدم التكليف بما زاد على ازالة العين حتى تثبت العين بيقين فيرجح الاول وهو اصل النجاسة لاصالة عدم انتقاله الى غير جوهره ولشغل الذمة بعبادة مشروطة بطهارة متيقنة ولاخبار الاحتياط ولا يرد ان اللون مستثنى في ازالة النجاسات فهنا اولى لان الاستنجاء يغتفر فيه ما لا يغتفر هنالك لانا نمنع الاولوية لان انتقال الاعراض وان جوزناها لكنا نقول ان انتقالها الى الثياب اسهل واسرع من انتقالها الى الابدان فجاز ان يبنى هناك على الاكثر والاغلب وهنا لما كان الامر على العكس في الاكثرية والاغلبية عبر عن ذلك بالنقاء وهو احسن العبارات هنا اذ لا يتوقف النقاء ابدا على زوال الاعراض وان كان في بعض الاحوال يتوقف على بعض الاعراض ولما ضعفت علاقة التعلق في الرائحة لجواز حصولها بالمجاورة مع عدم الاتصال كتكيف الهواء استثناها الامام موسى عليه السلام كما في حسنة عبد الله بن المغيرة بقوله عليه السلام الريح لا ينظر اليها بخلاف اللون لقوة تعلقه بجوهره ولما كان النقاء قد يحصل مع وجود اللون قلنا ان الاحوط ازالة اللون لاحتمال تعلقه بجوهره واذا كان الاستنجاء بالاحجار لم نشترط ازالته لوجهين احدهما انه عسر كما لا يجري حكم الحنفية السمحة بالتكليف به ولو اريد ازالته لم يهمل الامام عليه السلام ذكره لانه لا يبهم ما يريد بيانه ولا يسكت غفلة بل امر عليه السلام بالسكوت عما سكت الله والابهام عما ابهم الله ( ابهمه خ ) وثانيهما انه انما اكتفي بزوال العين لان ذلك فيما لا يتعدى وهو لا يباشر من المخرج الا الباطن فامر بازالة العين بالمسح لئلا يتعدى الى الظاهر اذا حصل ضغط من مثل قيام او جلوس او يباشر الظاهر او ما هو بحكمه بخلاف الاثر سواء قلنا انها اجزاء لطيفة من النجاسة او عرض قائم بجوهره لان المسح بالاحجار يجففه ( يخففه خ ) وينشفه فلا يحصل منه محذور فاكتفي فيه بالتنشيف والتجفيف كما هو شأن البواطن في الاكتفاء فيها بزوال العين مع الامكان لا غير واما ما ذكره سلار من الصرير فليس بضابط ينطبق على النقاء المنصوص عليه لجواز حصوله ببعض المياه كماء البحر فانه قد يحصل الصرير قبل زوال العين وقد تزول العين والاثر ويتحقق النقاء ولم يكن صريرا ( صرير خ ) اذ لا يحصل الا اذا كان بين الجسمين المتماسين عند الدلك بالماء البارد نعومة وصرابة وليس ذلك بواجب الحصول في جميع الاشخاص ولا في جميع احوال من تحصل فيه فاذا كان ذلك كذلك لم يحسن الاحالة من الحكيم لجميع المكلفين على ما ليس بلازم الحصول ولا اغلبي الوقوع بخلاف زوال العين والاثر وتفسير ( تفسيره خ ) النقاء به ليس بنقي ثم اعلم ان استثناء الريح انما يتم مع حصولها في محل الاستنجاء لا مطلقا لان حصولها في ماء الاستنجاء اي غسالته يوجب الحكم بنجاستها وقد ذكرنا ذلك في ماء الاستنجاء وذكرنا هناك الاجماع عن محقق المعتبر على ذلك مع الاستدلال عليه فراجع
وقوله (ره) وبدونه يجزي ثلثة احجار طاهرة او ثلاث خرق بيان لحكم الاستنجاء من غير المتعدي وهذا الحكم كما ذكره غير واحد اجماعي بين الاصحاب نقل عليه المصنف في المنتهى الاجماع وغيره والمشهور ان المجزي في غير المتعدي كل جسم طاهر جاف صلب غير لزج وصقيل ولا محترم فهذه ستة قيود فخرج بقيد الطهارة النجس لان الاستنجاء ازالة النجاسة ولا يحصل بالنجس ( بالنجاسة خ ) لانه اذا قلع النجاسة باشرته منها رطوبة فباشر بها المحل فتحدث نجاسة اخرى واحتمال ان الجزء القالع لا يباشر المحل وانما يباشره جزء غيره يرده انه ذلك الغير لم يباشره جافا وان كان جافا فانما جف بالاول وان كان بالتراخي لم تزل العين بالمسح ولان حصول الازالة مشكوك فيه حينئذ وهو شرط في صحة الصلوة وتأمل صاحب الذخيرة في هذا فيه تأمل واستدل عليه المصنف في المنتهى بما روي عن ابي عبد الله عليه السلام جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة احجار ابكار قال وهذه الرواية وان كانت مرسلة الا انها موافقة للمذهب وقبل هذا الكلام قال وهو مذهب علمائنا اجمع واختيار الشافعي واحمد وقال ابو حنيفة يجزيه لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه اتاه ابنمسعود بحجرين وروثة يستجمر بها فاخذ الحجرين والقى الروثة وقال هذا رجس يعني نجسا وفي حديث اخر انها ركس وهذا تعليل منه عليه السلام انتهى قوله ركس اي رد كقوله تعالى كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها اي كلما دعاهم قومهم الى قتال المسلمين قلبوا فيها اقبح قلب فيكون معناه كالاول اي انها تنجس نعم تكفي الابكار غير المستعملة ( والمستعملة خ ) بعد النقاء استحبابا للايتار ( للارتياد خ ) او وجوبا لاتمام الثلاث على الاصح المشهور خلافا للمصنف وقبله بعد التطهير وعلى تقدير استعمال النجس ففي حكم المحل احتمالات ثلث احدها تحتم الماء لان الاحجار رخصة وتخفيف فيما تعم به البلوى فيجب قصر استعمالها على مورد النص وبه حكم الشهيدان وهو الاصح لانها نجاسة اجنبية والاطلاق لا يشملها وما قلنا سابقا من ان الاستجمار انما اكتفى فيه بزوال العين خاصة لانه من باب الازالة عن البواطن لا ينافي ما قلنا هنا لانا نحكم بطهارة المحل اذا كان المسح بالظاهر ( بالطاهر خ ) فلو برز او باشر لم ينجس وان كان بين المتماسين رطوبة وان لم يزل الاثر ما لم يعلم حينئذ بقاء اجزاء محسوسة من النجاسة للاصل بخلاف الاثر من هذا النجس لو كان للاصل فيتعين الماء للاستنجاء مطلقا وثانيها بقاء المحل على حاله فيمسح بثلاثة احجار طاهرة لان المحل قبل المسح نجس فلا يتأثر بالنجاسة ولا يزيد كيفا وزيادة الكم لو كان لا مدخل له لان الحد النقاء وزوال العين وهذا احتمال للمصنف في المنتهى والنهاية وهو ضعيف لخروجه عن محل الرخصة وعدم شمول الاطلاق له لعدم تبادره عند اهل العرف فلا يخاطب المكلفون بما لا يعرفون وللاصل وللشك في الطهارة المتوقف حصول البراءة على يقينها وثالثها التفصيل بأن كانت بغير الغائط تعين الماء لاختلاف النوع كما لو خرج الدم ولندوره فلا يشمله الاطلاق وان كانت بنجاسة الغائط اجزء المسح بثلاثة احجار غيره لدخوله في الاطلاق فيشمله الدليل وفيه انه ليس جواز المسح بالاحجار ( بالابكار خ ) منوطا بالغائط مطلقا بل بالخارج تخفيفا فيما تعم به البلوى فلو وضع في المخرج غايط ابتداء لم يكتف فيه بالاحجار حيث يكتفي بها في الخارج والندور جار هنا ولو في الغائط واتفاق النوع لا يقتضي ذلك اذ ليس الحكم منوطا بالنوع الا ترى الغائط اذا اصاب البدن لم يكف فيه المسح ولا بالموضع فيجب الماء اذا كان الخارج دما فاذا لم يكن منوطا بشيء منهما لذاته وانما هو منوط بالغائط الخارج من الموضع المعتاد كان الماء واجبا فيما سوى هذه الحالة فافهم وخرج بالجاف الرطب لان الرطوبة التي فيه اذا باشرت النجاسة نجست فتصيب المحل نجاسة اجنبية فهو كما لو استعمل الحجر النجس لما قلنا من ان الحكم ليس منوطا بنوع النجاسة من حيث هي ولان الرطب لا يزيل النجاسة بل يزيد التلويث والانتشار كما ذكره المصنف في النهاية وقال في التذكرة ولا الجسم الرطب لانه لا ينشف المحل خلافا لبعض الشافعية ه ولانه هو المتبادر الى الافهام لتوجهها الى ارادة قلع النجاسة بخلاف الرطب واهل العصمة عليهم السلام قالوا انا لا نخاطب الناس الا ( على خ ) قدر ما يعرفون واحتمل المصنف في النهاية الاجزاء وعلله بأن البلل ينجس بالانفصال كالماء الذي يغسل به النجاسة لا باصابة النجاسة ورد الشهيد الاول قول المصنف الاول بأن النجاسة العارضة للبلل من نجاسة المحل فلا تؤثر وبانه كالماء لا ينجس حتى ينفصل والحق الاول لما بينا من ان نجاسة البلل اجنبية حكما للحكم بنجاسته وكونها من نجاسة المحل فلا تؤثر مردود بما لو رجعت عليه بعد ما اخرجت فانها محكوم بكونها اجنبية كما قلنا سابقا في طهارة ماء الاستنجاء من ان اليد لو تنجست ثم رفعها ووضعها فان الماء حينئذ ماء غسالة لا استنجاء مع انها من نجاسة المحل وليس الا للحكم بكونها اجنبية ولان الرطب ليس في الحقيقة قالعا للنجاسة لان لين الرطوبة يمنع من الالتقاط بل يذيب اجزاء من النجاسة وتلطفها بحيث لا يتسلط الحجر على قلعها بخلاف ملاقاة النجاسة للجاف لانه ينشفها واطلاق الادلة لا يتناول الا المتعارف وقول المعاصر في الرواشح ان هذه توجيهات غير نافية مردود بردها الى النص فعلى ما قلنا لو استعمل الرطب هل يجزي بعده الحجر لانه لم يحدث نجاسة واما ما فيه من النجاسة فليست اجنبية حقيقة ام لا بد من الماء لانها نجاسة اجنبية حكما فلا يجزى فيها ما يجزى في نجاسة محل النجو والظاهر انه ان كان الاستعمال على جهة الالتقاط كفت الاحجار الجافة بعده لانه لم تحدث في المحل نجاسة من المتنجس وانما المنع منه لكونه غير قالع لان الرطوبة لا يجفف وانما تلين فتلصق في المحل الاجزاء اللطيفة بلين الرطوبة وان كان الاستعمال لا على جهة الالتقاط تعين الماء لمباشرة المتنجس الرطب للمحل ويحكم ( الحكم خ ) حينئذ بكونها نجاسة اجنبية فيتعين الماء كما مر فراجع لما خفي عليك والله الموفق وخرج بالصلب الرخو الغير المتصل كالتراب لانه لتفرقه لا يقلع النجاسة بل يمتزج به فلا يتأدى به الواجب وكذلك الفحم الرخو المتفتت نعم يجزى بعده الحجر لانه لم تحدث منه نجاسة كما في الرطب لاتصاله فينتقل منه جزء على جزئين من المحل فينجس بخلاف التراب لكن لو نقل كما في الحجر الرطب اذا ( او خ ) انتشرت به النجاسة حتى تعدت موضع الرخصة تعين الماء لما مر سابقا نعم لو اعتبر ما قاله المصنف في النهاية في الاستنجاء بالرطب من انه انما ينجس بالانفصال كالغسالة اعتبر هنا فيجزى في الموضعين الحجر عن الماء لكنه غير معتبر لما قلنا ولانه قياس مع الفارق والفارق ان القطرة في الغسالة وان ارتفعت في نفسها عن البشرة لكنها متصلة بالماء المطهر الجاري على البشرة والثوب اتصالا اعتبره الشارع عليه السلام بخصوصه بخلاف الجزء المنفصل من الشيء الرخو المتفتت فانه اذا باشر النجاسة وادير ( ازيل خ ) ذلك الشيء المتفتت انفصل عن محله ووقع على اخر انفصالا حقيقيا غير متصل بذلك الشيء فلا يعتبر الا بنص خاص لمخالفته للاعتبار ولا نص وخرج بغير اللزج اللزج والكلام عليه يقرب من الكلام على الرطب والرخو لجمعه لصفتيهما وحكمه كحكمهما وبغير الصقيل الصقيل فانه لا يقلع النجاسة بل يمدها وربما جعلها متعدية لكنه اذا لم تكن متعدية به كفت بعده الاحجار القالعة عن الماء وبغير المحرم المحرم ( المحترم المحترم خ ) وهو على انواع منه ما احترامه بالذات ومنه بالعرض ( بالعارض خ ) فالاول كالتربة الحسينية على مشرفها افضل الصلوة وازكى السلام ( بل سائر ترب ضرائح النبي والائمة صلى الله عليه وعليهم لدلالة النصوص عنهم عليهم السلام على ان طينتهم واحدة خ ) بل ضرائح ساير الانبياء عليهم السلام لاحترامها ولدلالة بعض الاخبار على مشاركتهم للنبي والائمة عليهم السلام في الطينة ولا ريب في مدلولها الا انها اخذت من فاضل طينة النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام صافية غير ممزوجة بشيء من طين اصحاب الشمال والمراد من التربة الحسينية والترب المذكورة المحترمة ما اخذ بذلك القصد او اختص بالقبر او ما يقرب منه بقصد القرب لا مطلقا فلو اخذ من نحو خمسة فراسخ او اربعة فراسخ من قبر الحسين عليه السلام بذلك القصد كان محترما ولو اخذ تراب من ذلك لا بذلك القصد لم يكن محترما ما لم يكن من الحضرة المشرفة فانها بحكم المسجد ما قرب من القبر فلاحترامه وما بعده فكذلك وللقصد الخاص ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب فيحرم الاستنجاء بالتربة لاستلزامه تنجيسها والاستهانة بها لاحترامها وتحقيرها المستلزم لتحقير صاحبها ودليل المنع ما دل على تعظيمها وتنزيهها عن كل اهانة واستهانة وقذر وعلى ذلك اجماع اصحابنا المعلوم من ضرورة المذهب وقد نقل الشيخ في اماليه كلاما طويلا حاصله ان موسى بن عيسى العباسي لما مرض مرضا شديدا وسمع ممن يدخل عليه للعيادة حديث شرف ( شريف خ ) التربة الحسينية والحث على الاستشفاء بها قال له هل عندك منها شيء قال نعم فاتى بها اليه فعمد اليها فوضعها في استه استهانة لها لما سمع من حديث الاستشفاء واستهزاءا بمن يتداوى بها وارغاما لانوف الشيعة واستصغارا واحتقارا بصاحبها ( لصاحبها خ ) الحسين عليه السلام فما استدخلها في دبره حتى صاح النار النار الطشت الطشت فنظر فاذا طحاله وكبده وريته وفؤاده خرجت منه في الطشت فعرض حاله على بعض الاطباء وكان من ائمة النصارى وقال كيف علاجي فمد نظره ( فمذ نظر خ ) الى ما في الطشت قال لو ان المسيح عيسى بن مريم حضر لم يقدر على علاجك ثم هلك من وقته وساعته هذا ملخص القصة وفضلها وفضل صاحبها لا يحصى حتى ان فاعل ذلك عامدا عالما كافر وكذلك في جميع احكام التربة هنا ما كان عليه كتابة قرءان او شيء من اسماء الله المختصة وكتب الفقه والحديث وذلك بالاجماع ولما دل في بعضها على تحريم مسه للمحدث فتنجسه بالطريق الاولى وكقوله ( لقوله خ ) لا يمسه الا المطهرون ومن ذلك المطعوم كالخبز والفواكه لان لها حرمة تمنع الاستهانة بها ولان طعام الجن كالعظم والروث منهى عنه فيكون طعام اهل الصلاح من المؤمنين اولى بذلك لفحوى الخطاب وقد جاءت الاثار متظافرة باحترام المطعوم كما روي عن ابي عبد الله عليه السلام لما دخل الخلاء وجد قطعة من خبز في القذر فغسلها ودفعها الى غلامه ليأكلها وكذلك الحسين عليه السلام وروي عن عليّ بن الحسين عليهما السلام انه دخل الى المخرج فنظر الى تمرة في العذرة ( القذر خ ) فغسلها وناولها غلامه وقال امسكها حتى اخرج فاخذها الغلام فاكلها فلما توضأ عليه السلام قال للغلام اين التمرة فقال اكلتها جعلت فداك فقال فاذهب فانت حر لوجه الله تعالى فقيل له في اكل التمرة ما يوجب عتقه فقال انه لما اكلها وجبت له الجنة ومثله في الاحترام الحديث النبوي في من وجد لقمة ملقاة ومثله واقعة الثرثار المستفيضة ففي الكافي عن عمرو بن شمر قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول اني لالحس اصابعي من اللون حتى اخاف ان يراني خادمي فيرى ان ذلك من التجشع وليس ( ذلك خ ) كذلك ان قوما افرغت عليهم النعمة وهم اهل الثرثار فعمدوا الى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء فجعلوا ينجون به صبيانهم حتى اجتمع من ذلك جبل عظيم قال فمر بهم رجل صالح فاذا امرأة وهي تفعل بصبي لها فقال لهم ويحكم اتقوا الله عز وجل ولا تغيروا ما بكم من نعمة فقالت له كانك تخوفني ما دام ثرثارنا يجري فانا لانخاف الجوع قال فانشفه الله تعالى فاضعف لهم الثرثار فحبس عنهم قطر السماء ونبات الارض فاحتاجوا الى ذلك الجبل وانه كان يقسم بينهم بالميازين وفي العياشي عن الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام ان اهل قرية كانوا مثلكم كان الله قد اوسع عليهم حتى طغوا فقال بعضهم لبعض لو عمدنا الى شيء من هذا النقي فجعلنا نستنجي به لكان الين علينا من الحجارة قال فلما فعلوا ذلك بعث الله على ارضهم دواب اصغر من الجراد فلم يدع لهم شيئا خلقه الله تعالى الا اكله من شجر وغيره فبلغ بهم الجهد الى ان اقبلوا الى الذي كانوا يستنجون به فاكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى ضرب الله مثلا قرية كانت امنة الى قوله بما كانوا يصنعون وروي في حديث بدل الخبز العجين وما ورد مما يدل على الاحترام كثير جدا الا ان بعضهم حصر الحكم في الخبز اقتصارا على النص والاصح تعدي الحكم الى سائر المطعومات المحترمة والاخبار منها ما سمعت قد دلت على غير الخبز كالتمر والعجين بل النصوص دالة على ساير المأكولات بدلالة تنقيح المناط على القطع بالتنبيه وهو على ما ذكره في المعتبر مع القطع حجة بل ما ورد في الخضر كالبقل والهندباء وغيرهما والفواكه يشير الى ذلك فراجعه ( فراجعها خ ) في باب الاطعمة والاشربة ايضا بل روي عنهم عليهم السلام انهم نهوا عن الاستنجاء بالعظم والتمر وكل طعام فذكروا العظم من طعام الجن والتمر من طعام الانس على سبيل التمثيل ولما كان مرادهم التعميم قالوا وكل طعام لئلا يتوهم بعض الخصوص بالذكر كما ذهب اليه بعضهم في هذه ونظائرها ومن المطعوم العظم والروث لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه جاءه ( جاء خ ) وفود من الجن من الجزيرة فاقاموا عنده ما بدا لهم ثم ارادوا الخروج الى بلادهم فسألوه ان يزودهم فقال ما عندي ما ازودكم به ولكن اذهبوا فكل عظم مررتم به فهو لكم لحم وكل روث ( مررتم به خ ) فهو لكم تمر ولهذا نهي ان يتمسح بالروث والرمات اي العظام فيحرم الاستنجاء بهما لانها طعام وكل طعام منهي عنه كما مر ولما رواه ليث المرادي عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن استنجاء الرجل بالعظم والبعر والعود فقال عليه السلام اما العظم والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يصلح بشيء من ذلك وعنه صلى الله عليه وآله في المناهي ونهى ان يستنجي الرجل بالروث والرمة وهو على ما ادعاه المصنف وصاحب المعتبر اجماعي ولا كلام في ذلك انما الكلام فيما لو استعمل ما نهى عنه من المذكورات هل يطهر بذلك لان ذلك ازالة نجاسة وليست عبادة وان كانت من شروطها فلا يستلزم النهي الفساد ام لا لان الصادق عليه السلام نفي الصلاح عنه ولو كان مطهرا لماحسن النفي ولماروي عن النبي صلى الله عليه وآله انهما لا يطهران يعني العظم والروث وبهذا قال الشيخ واستدل بذلك وبانه منهي عنه والنهي يدل على الفساد وبما روي ابوداود عنه صلى الله عليه وآله انه قال لرويفع بن ثابت اخبر الناس انه من استنجي من رجيع او عظم فانه بريء من محمد صلى الله عليه وآله فان ما يوجب البراءة لا يجوز استعماله بحال ولا منفعة فيه والطهارة منفعة وفصل بعض بين العالم العامد وغيره فيطهر في الثاني لرفع القلم عن الناسي وعدم الاستهانة في الجاهل وهتك الحرمة وان قصر في التعلم واخرون بين ما يوجب الكفر كالقرءان والتربة الحسينية فلا يتصور حينئذ التطهير وبين غيره وربما ادعي الاجماع على عدم الاجزاء مطلقا والظاهر انه يطهر وهو الذي استقربه المصنف في المنتهى وقواه في النهاية وجزم به في التذكرة لحصول حد الاستنجاء وهو النقاء كما في صحيحة عبد الله بن المغيرة المتقدمة عن ابي الحسن عليه السلام ولان ذلك ليس عبادة فلا يشترط فيها الاسلام ولا النية وانما هو ازالة نجاسة كما لو استنجي بالماء المغصوب وباليمين حيث يحرم الاستنجاء بها او يكره وبالحجر المغصوب وكبري الشيخ غير مسلمة لما ذكر فلا يستلزم النهي الفساد واحتمال كون عدم الاجزاء عقوبة لئلا تخف العقوبة على الفاعل مع حصول غرضه مدفوع بعدم الثبوت لعدم الدليل مع وجود الدليل العام الشامل لصورة النزاع واستصحاب منع النجاسة مرتفع بما دل على الاكتفاء بما حصل به النقاء مطلقا اذ ليس للاستنجاء حد غيره واحتمال ان النهي دليل حد اخر منتف بنفي ما سوى النقاء ونفي التطهير بالعظم والروث منفي بثبوت النقاء الذي هو الحد بهما ورواية النفي عامية رواها الدارقطني لا تعارض صحيحة النقاء كرواية البراءة مع عدم دلالتها على المطلوب وضعفها ودعوى ابن زهرة الاجماع مدخولة وحجة المحصل خاصة وكون الاستجمار رخصة فلا تناط بالمعاصي كسفر المعصية مردود بانتفاء الشرط في السفر وحصول النقاء هنا فالقول بالاجزاء هو الظاهر والاحتياط لا بأس به
فوائد : الاولى قال المصنف في النهاية ولا حرمة هنا في جزء الحيوان المتصل به كاليد والعقب من المستنجي وغيره وكذنب الحمار فلو استنجى بذلك جاز ولا فرق بين يده و( يد خ ) غيره لانه لا حرج على المرأ في تعاطي النجاسات وكذا يجوز بجملة الحيوان كما اذا استنجى بعصفورة حية وشبهها وقال في التذكرة ولو استنجى بجزء حيوان متصل اجزأه وللشافعي قولان وقال الشهيد في الذكرى اما جزء الحيوان فالاشبه لا ولو عقب نفسه او يده وكذا جملته كالعصفور ومنشأ الاحتمال ان الحيوان نفس محترمة فلا يجوز تلويثها بالنجاسة لغير علاج او ضرورة لها ولجواز تعدي النجاسة الى من لا يعلم فلا يمكنه التحرز ولانها لا يصدق عليها الجواز حيث يطلق الاستعمال بغير ما ذكر من المحرمات والظاهر عدم التحريم كما ذكره المصنف لما ذكره من التعليل وهو الذي يقتضيه المذهب ولهذا جعله في الذكرى اشبه واما الاجتزاء بها وحصول الطهارة فكما مر نعم اذا اعتبرنا التعدد في الممسوح به بالانفصال ولم يكتف ( لم نكتف خ ) بذي الشعب جاء الاشكال في اجزاء جزء الحيوان المتصل لا جملة الحيوان كالعصفور فانه يجزى عن الحجر الواحد
الثانية يشترط في الاحجار العدد وهو ثلاثة احجار فلا يجزى الاقل وان نقا به وهو مذهب الشيخ واتباعه قال في المعتبر لا يجزى اقل من ثلثة احجار وان نقا بدونها خلافا لداود ومالك فانهما اعتبرا النقاء لا العدد لنا ما رووه من قوله صلى الله عليه وآله لا يستنجي احدكم بدون ثلثة احجار وفي رواية ابن المنذر لا يكفي احدكم دون ثلثة احجار وما رواه الاصحاب عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال جرت السنة في اثر الغائط بثلاثة احجار ان يمسح العجان ولا يغسله ه وهو المشهور للاخبار المتكثرة كصحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام يجزيك من الاستنجاء ثلاثة احجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحته المتقدمة وروي عنه عليه السلام قال سألته عن التمسح بالاحجار فقال كان عليّ بن الحسين عليه السلام يتمسح بثلاثة احجار ومثله ما رواه احمد بن محمد الاشعري وروي عيسى الهاشمي عن ابيه عن جده عن عليّ عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اذا استنجي احدكم فليوتر بها وترا اذا لم يكن الماء وفي شرحالنفلية عنه عليه السلام اذا ذهب احدكم الى الغائط فليذهب معه بثلاثة احجار وفيه عن سلمان الفارسي قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله ان نستنجي باقل من ثلثة احجار وغير ذلك ولان ازالة النجاسة حكم شرعي فيتوقف على سببه الشرعي لان الازالة الحقيقية متعذرة الا بالحكم وهو متوقف على تحديد صاحب الشرع عليه السلام وقد حده بالثلث فلا يجزى دونها وبه قال الشافعي واحمد وذهب جماعة من اصحابنا منهم المفيد والعلامة في احد قوليه والقاضي والشيخ عليّ بن عبد العالي في شرح القواعد الى الاكتفاء بما يحصل به النقاء وان كان اقل من الثلاث واستحباب الاكمال لعموم صحيحة عبد الله بن المغيرة المتقدمة المحدودة بالنقاء واذا حصل بدون التثليث ( الثلاث خ ) لم يجب غيره لشيء الا مع الشك في النقاء واستقربه الخراساني في الكفاية وقال السيد في المدارك واختاره المفيد على ما نقل عنه والشيخ في ظاهر كلامه واستوجهه في المختلف وهو المعتمد اقول وهو الاقرب للصحيحة المذكورة ولان المطلوب انما هو النقاء والعدد لا غاية فيه الا استظهارا للنقاء لان الغالب انه لا يحصل بدونها وليست الثلاث حدا للاستنجاء والا لماوجب الزائد عليها مع عدم النقاء بها ولا حكم لتحقق الازالة المرادة من صحة الاستنجاء شرعا الا النقاء والحقيقة ( الحقيقية خ ) ليست مرادة والا لماكفتها العشرون بل لا بد من الماء او القشر المزيل لسطح الجسم المباشر لها وانما المراد منها الحكمية المحدودة بالنقاء ولان هذا المحل بحكم البواطن لانه اما باطن او ما هو بحكمه ولهذا يجب الماء مع التعدي والامر بالثلاث والنهي عما دونها لا يستلزم عدم الاجزاء مع النقاء بالاقل لكونه اعم مع ثبوت دليل الاجزاء كما قلنا في المحترم وليست عبادة والا لمااجزأ الماء والثلاثة المغصوبة واستصحاب المنع مرتفع بوجود الرافع وشغل الذمة بيقين الطهارة تتساقط ( ساقط خ ) بالنقاء فالقول بالاجزاء اوجه واشبه
الثالثة لو لم ينق بالثلث وجب الزايد الى ان يحصل النقاء اجماعا ويستحب ان يقطع على وتر للامر بذلك في الاخبار المتقدمة ولا سيّما في المصرحة به كقوله صلى الله عليه وآله فليوتر بها وترا وكحديث مكارم الاخلاق عنهم عليهم السلام اذا استجمرت فاوتر وروى مثله ابن طاووس في كتاب الاستخارات وللاجماع
الرابعة يكفي ذو الجهات الثلاث مع النقاء على المشهور لانه ان كان المراد النقاء او ( مع خ ) الثلاث المسحات فقد حصل وليس المراد من التعدد غير ذلك كما اذا قيل اضربه عشرة اسواط فان المراد عشرة ( عشر خ ) ضربات ولو بسوط واحد ولانها لو انفصلت لاجزأت ولم يحدث شيء غير الفصل وما كان المعتبر منه صحة تأثر مفعوله لم يختلف حكمه في ذلك مع اختلاف احوال ذاته وهيئته فعله ما لم يختلف ما كان هو المعتبر ولانه لو استعمله ثلثة كل واحد استعمل جهته ( جهة خ ) مع حجرين اجزأ بلا خلاف فكما كفت الجهة عن حجر تكفي الثلاث عن ثلاثة احجار وقول الشهيد في الروض وقياس الاتصال على الانفصال استبعاد غير مسموع مردود بأن التعدد لم يجعل حدا كما جعل النقاء والامر اعم من المدعي فلا يقتضي حصر امتثاله في التعدد مع الانفصال وقول قطب الدين الرازي تلميذ المصنف اي عاقل يحكم على الحجر الواحد انه ثلاثة فيه ان هذا مبني على ثبوت ارادة التعدد وهو محل النزاع ونقول مع هذا اي عاقل يحكم على الثلاث الجهات انها جهة واحدة ومستند ( سند خ ) ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله اذا جلس احدكم لحاجة فليتمسح ثلاث مسحات وذهب المحقق وجماعة من المتأخرين الى عدم الاجزاء واختاره الشهيد الثاني وابنه لادلة تقدم في ادلة المشهور نقضها ولمفهوم صحيحة زرارة يجزيك من الاستنجاء ثلاثة احجار والاظهر الاول لما تقدم والمفهوم انما يكون اذا انحصرت فيه فائدة التخصيص واذا جاز كون السبب تحقق النقاء غالبا بها او انها افضل الافراد ومع قيام الاحتمال نقيد ( تفقد خ ) حجة المفهوم وان قلنا بحجيته والفرق بين اضربه عشرة اسواط وبين اضربه بعشرة اسواط وان النص من الثاني دون ( لا من خ ) الاول فلا تصح ارادة المسحات منه لمكان ( الباء خ ) مردود بانه يلزم منه كونه حدا للاستنجاء لو كان مرادا واهل الذكر عليهم السلام لم يجعلوا للاستنجاء حدا الا النقاء ولو اعتبروا غيره لذكروه فالمعني الاول هو المراد والثاني انما اريد ارشادا للتسهيل لا حدا للاجزاء فلا بأس بالمجاز مع القرينة لان الاستعمال اعم وارادة ازالة النجاسة على وجه مخصوص قد مضي جوابها مرارا بانها لو اعتبرت تعددت الحدود والنص قد نفي التعدد
الخامسة لا يختص هذا الحكم بالحجر بل يجوز به وبغيره كالمدر والخرق والكرسف والصوف وكالقطعة الخشنة من الذهب والفضة والاحجار النفيسة كالياقوت وسائر المعادن المنطرقة وغيرها ما لم تكن صقيلة وبالديباج وبسائر الجلود الطاهرة المدبوغة وغيرها لا المشوية فانها طعام على الاصح المشهور فيحرم بها وقيل لا يجوز بغير المدبوغة لاجل ذلك والحق الاول لانها وان قلنا بحليتها ليست مأكولة عادة فلا تنهض ( فلا تتمحض خ ) لكونها طعاما الا بأن يشوي او يطبخ وكذا ( كذلك خ ) يجوز بالخشب والعود وساير الاشياء الجامدة الجافة بالشروط المتقدمة والمحكي عن سلار انه لا يجزى في الاستجمار الا ما كان اصله الارض وقال ابن الجنيد ان لم تحضر الاحجار تمسح بالكرسف او ما قام مقامه ثم قال ولا اختار الاستطابة بالاجر والخزف الا اذا لابسه تراب او طين يابس ويقرب من قول ابنالجنيد الاول قول داود لا يجوز بغير الاحجار لانها رخصة فوجب الاقتصار على موضع الترخيص وهو المحكي عن زفير لقوله استنج بثلاثة احجار ونهى عن الروث والبرمة يعني حجر البرام ولا حجة فيه لان تخصيص النهي يدل على تعميم الارادة في غير المنهي عنه ولما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وليستطب بثلاثة احجار او ثلاثة اعواد او ثلاثة ( ثلاث خ ) حثيات من تراب والاصح الجواز مطلقا وهو مذهب اكثر اهل العلم ونقل الشيخ عليه في الخلاف الاجماع من الفرقة المحقة وكذا ابنزهرة ولان المذكورات صالحة للازالة ولم ينه عنها فيتمسك بها ( به خ ) المانع ولعموم حسنة ابنالمغيرة المتقدمة وصحيحة حريز عن زرارة قال كان يستنجي من البول ثلاث مرات ومن الغائط بالمدر والخرق والظاهر ان الضمير يعود الى احدهما عليهما السلام وصحيح زرارة قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول كان الحسين بن عليّ عليهما السلام يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغسل وحسنة جميل عن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قال كانوا يستنجون بالكرسف والاحجار ثم احدث الوضوء وهو خلق كريم فامر به رسول الله صلى الله عليه وآله وصنعه فانزل الله في كتابه ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ولان اختلاف الالة لا اعتبار فيه حيثما تحقق النقاء والمفروض حصوله
السادسة الحجر النجس اذا تقادم عهده وزالت عين النجاسة فان كانت مائعة كالبول والماء النجس وجفت بالشمس فالاصح جواز استعماله لطهارته ولو قلنا بالعفو لم يجز وان كانت جامدة كالغائط او مائعة فجف بغير الشمس فالمشهور عدم الجواز لنجاسته فلو استعمله على هذا جاء ما مر من تعين الماء ولو زالت بطول المكث او بالارض بغير الحك فالمشهور المنع ولي هنا كلام طويل طويته لاجل توقفي في مثل هذا فلا فائدة فيه والاحوط المشهور
السابعة لو استجمر بحجر ثم غسله وتركه حتى يجف او كسر ما تنجس منه جاز على الاصح المشهور لصدق الالة عليه وزوال المانع قال المصنف في المنتهى ويحتمل على قول الشيخ عدم الاجزاء محافظة على صورة لفظ العدد وفيه بعد ه اقول قوله محافظة على صورة الخ ليس بشيء لان صورة لفظ العدد لا فائدة في اعتبارها لتكون المحافظة عليها دليلا يبتنى ( يبنى خ ) عليه حكم من الاحكام اذ ليس المقام عبادة وانما هو ازالة النجاسة وما اعتبرناه في الاستنجاء من البول بالماء اجبنا عنه سابقا فلاحظ
الثامنة اذا استنجي بالخرقة وكانت صفيقة لا تنفذ اجزاء النجاسة منها الى الوجه الاخر جاز استعمال ذلك الوجه السالم بناء على ما اخترناه من اجزاء ذي الشعب الثلاث ولو غسلها ويبسها فكما يقال في المسئلة التي قبلها
التاسعة لو انسد الطبيعي وانفتح اخر قيل لا يجزى فيه الاستجمار لانه مع الاطلاق لا ينصرف لغير المعتاد ولا سيّما نادر الوقوع فلا تناط به احكام الطبيعي وقيل بالتمشية فيجزى فيه الاستجمار لان الخارج من جنس المعتاد قال المصنف في المنتهى بعد حكاية القول الثاني بالجواز وعلى هذا لو بال الخنثى المشكل من احد المخرجين كان حكمه حكم المخرج انتهى والاصح الاول لان الاستجمار رخصة على خلاف الاصل فلا يتعدى محل الرخصة المخالفة للاصل بغير دليل صالح للنقل وليس مجرد زوال النجاسة علة دائما وانما يعتبر في محل مخصوص ولهذا القدم والنعل بزوال النجاسة بمجرد اصابة الارض يطهر ولا يطهر بمثل ذلك في غير المواضع المخصوصة ولهذا قيل بطهارة عصي الاعمي بذلك ولا يطهر ( لا تطهر خ ) عصي غيره به فافهم فلا يعترض بحصول النقاء كما قلنا سابقا لما قلنا هنا
العاشرة كيفما حصل النقاء بالاستجمار اجزأ سواء اتيت بكل واحد على جميع المحل او وزعت وهو قول الشيخ في المبسوط لصدق الامتثال على ذلك ولو اريد كيفية مخصوصة سواء ما يحصل به النقاء لما اهمل ذكرها صاحب الشريعة عند الحاجة بل نص على ما ينافي ارادة التخصيص من الحد بالنقاء وقال المصنف في المنتهى ومنع بعض الفقهاء لانه يكون ملفقا فيكون بمنزلة مسحة واحدة ولا يكون تكرارا وهو ضعيف لانا لو خلينا والاصل لاجتزينا بالواحدة المزيلة ( لكن خ ) لما دل النص على العدد وجب اعتباره وقد حصل والاصح الاول بل قيل ان المعروف بين الاصحاب ذلك وان المراد من قول المصنف بعض الفقهاء هم ( بعضهم خ ) اهل الخلاف وما يظهر من كلام جماعة من اصحابنا المتأخرين ان لاصحابنا قولا بذلك لعله انما نشأ من كلام المصنف ومن حكمه في التذكرة بانه احوط وكذا الشيخ في المبسوط ومع هذا فيحتمل انهما لما كانا في كثير من المواضع يكون كلامهما مع الجماعة محاكمة واستدلالا ناسب ذكر الاحتياط تقريبا الى التقريب ولهذا قال في المنتهى بعد ما نقلنا عنه والفرق بين الواحد والتعدد كون الواحد المنتقل الى الجزء الثاني من المحل بكونه نجسا بمروره على الجزء الاول اما المتكثر ففي الجزء الثاني يكون بكرا ومع الفرق لا يتم القياس انتهى اشارة الى قول المانع انه كما لا يجزى الواحد كذلك لا تجزي الثلاثة مع التوزيع لانها بحكمه فيقاس عليه فاجاب بانه قياس مع الفارق وهو يشعر بأن المستدل على المنع من العامة لاستدلاله بالقياس ولا ينافي حكمه بالاحتياط هو والشيخ لما قلنا الا ان المحقق في الشرايع قال ويجب امرار كل حجر على موضع النجاسة وقال الشهيد هنا هذا احد القولين والقول الثاني اجزاء التوزيع فيمسح بحجر بعض المحل بحيث تستوعب بالمجموع المجموع ويحصل النقاء مع ذلك والاول احوط انتهى وهذا ظاهر في ان القائل بالمنع من اصحابنا لجزم المحقق بذلك واحتمال ان المحقق وان حكم عن دليل ثبت عنده الا انه لا مانع من انه لم يقف عليه من قول الاصحاب مع معونة ما ذكره الشيخ من الاحتياط ولعل اصل التنبيه من العامة كما ذكر عن المرتضى في الفرق بين ورود الماء على النجاسة فلا ينجس ليس ببعيد اذ لم ينقل عن احد من علمائنا المتقدمين وكيف يصح غفلتهم عنه لو كان حقا مع عموم البلوى به وكثرة الحاجة اليه فالقول بالاجزاء اصح
الحادية عشرة ذكر المصنف في التذكرة ان الاحوط ان يمسح بكل حجر جميع الموضع بأن يضع واحدا على مقدم صفحة اليمنى ويمسحها به الى مؤخرها ويديره الى صفحة اليسرى فيمسحها من مؤخرها الى مقدمها ويرجع الى الموضع الذي بدأ منه ويضع الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ويفعل به عكس ما ذكرناه ويمسح بالثالث الصفحتين والوسط وان شاء وزع العدد على اجزاء المحل ه وقبل هذا قال وينبغي وضع الحجر على موضع طاهر لئلا تنتشر النجاسة لو وضعه عليها فاذا انتهى الى النجاسة ادار الحجر برفق ليرفع كل جزء منه جزء من النجاسة ولا يمر لئلا ينقل النجاسة ولو امر ولم ينقل فالوجه الاجزاء وللشافعي وجهان ه اقول ولا بأس بكلامه وقوله والاحوط لا يضر مع قوله وان شاء وزع لان ما دل عليه طريق ارشادي وصفة كاملة وقوله فالوجه الاجزاء لان الاستجمار رخصة واشتراط الادارة تضييق باب الرخصة نعم لو امر ونقل النجاسة وباشر بالحجر الناقل بعد تلويثه وبعد رفعه عن المحل تعين الماء وقوله وللشافعي وجهان يفيد ان اصل الخلاف منه في المسئلة الاولى لابتناء هذه عليها ونقل عن ابنالجنيد انه قال اذا اراد ان يستطيب بالثلاثة الاحجار جعل حجرين للصفحتين وحجرا للمشربة يدنيه ثم يقلبه والمشربة بفتح الراء وضمها مجري الحدث من الدبر اقول اما التفصيل الاول فلم نقف على مستنده الا ما ذكره الاصحاب ولا بأس به لانه يحصل به الالتقاط والاستظهار في النقاء الكامل وهو تحصيل لمراد الشارع واما الثاني فقيل انما ذكره ابنالجنيد مروي من طريق العامة وقد عمل به بعض اصحابنا بعد ابنالجنيد ولا بأس به اذا حصل النقاء لانه اكمل من التوزيع الذي جوزناه على ان الدم اذا انتقل الى جوف البعوضة ( البعوض خ ) طهر ولولا خوف الاطالة لبينت لك كثيرا من اخبارهم ممن عمل بها الاصحاب يجب قبول مقتضاها لعثور اصحابنا على العمل بها ولقد اشرنا الى كثير من سر هذا الحرف في رسالتنا الموضوعة في ( صحة خ ) الاجماع
الثانية عشرة قال المصنف في المنتهى شرط الشافعية في الاستجمار الا يقوم المتغوط من المحل لانه بقيامه تنتقل النجاسة من مكان الى اخر وهو جيد ( على خ ) اصلنا انتهى اقول يريد به انه اذا قام انضغط الموضع فيتعدي فلا يكفي الا الماء وفيه ان ذلك انما يتم لو لزم ذلك التعدي ولا نسلم اللزوم ولو سلمنا لما كان للشرط فائدة بعد اشتراطنا عدم التعدي الا ان يكون الانتقال بنفسه موجبا لذلك تعدي المخرج اولا لكنه لا يقول به هو فاشتراطهم ليس بجيد ثم قال بعد ما ذكرنا عنه وشرطوا بقاء الرطوبة في النجاسة لان الحجر لا يزيل النجاسة الجامدة ه وفيه ان سكوته على هذا الكلام بعد نقله يدل على انه لم يظهر له بطلانه فيحتمل على بعد انه ارتضاه ووجه البعد انه لا يرتضيه الا بالدليل ومن عادته ولا سيّما في هذا الكتاب ( كتابه هذا خ ) انه لا يهمل الاستدلال الا نادرا ويحتمل
( الرسالة الشريفة غير تامة )